القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن غَلبون الصُّوري الكل
المجموع : 107
إنَّ خيالاً زارَنا وَهنا
إنَّ خيالاً زارَنا وَهنا / مِن عِندكُم هاجَ لنا حُزنا
ما زارَنا شَوقاً ولكن أتَى / ليُذكرَ الأبعدَ بالأدنَى
في كلِّ قَلبٍ سارَ في رَحلِكُم / مرتحلاً عن جَسَدٍ مُضنَى
رُدُّوا عَلينا ما أخَدتُم لنا / وعاودونا فيه إن عُدنا
ما دَامَتِ الأسرارُ مَكتُومةً / ما سَمِعَ الناسُ ولا قُلنا
أحبابَنا لا بَلغَت مِنكمُ / أيدي النَّوى ما بَلغَت منَّا
فلم يَغِب عَنكم عَلى بُعدِكُم / ما فَعلَت غَيبَتُكُم عَنَّا
أيسَرُ ما في أمرنا أنَّنا / لمَّا حَفِظنا عَهدكُم ضِعنا
كأنَّنا إذ فرَّقَتنا النَّوى / في كلِّ أرضٍ فَتَفَرَّقنا
ما جادَتِ السُّحب فَعمَّت بهِ / أو زَكَرِيَّاءُ ابنُ يُوحَنَّا
ذُو منظرٍ دلَّ على مَخبَرٍ / دَلالةَ اللَّفظِ على المعنَى
ولَّد حبُّ الحَمدِ ما بَينَه / وبينَ ما يَملِكُهُ الشَّحنا
فصارَ هَذا دأبَهُ فِيهما / لِعلمِهِ أيُّهما يُقنَى
مازالَ يَبني كَعبةً للعُلى / ويَجعَل الجُودَ لها رُكنا
حتَّى أتى الناسُ فَطافُوا به / واستَلمُوا راحَتهُ اليُمنَى
تُطربُكَ الأشعارُ في مَدحهِ / ولم يَصُغ قائِلُها لَحنا
فَلَستَ تَدري طَرَباً عِندَما / تسمَعُهُ أنشَدَ أم غَنَّى
بعَينِ اللَّهِ هجرُك لا بعَيني
بعَينِ اللَّهِ هجرُك لا بعَيني / لعلَّ الفَرقَ بينَ النَّظرتَينِ
تردُّكَ أو تَردُّ علَيَّ صَبري / عَليكَ فإنَّها إحدَى اثنَتَينِ
وشَت بَيني وبَينَكَ لامِعاتٌ / قَواطعُ بينَ لَذَّاتي وبَيني
كقُضبانِ اللُّجَينِ مُعلَّقاتٌ / وبِئسَ الحَليُ قُضبانُ اللُّجَينِ
رَمَتني الأربَعُونَ بها فأصمَت / فصارَت تَطرِفُ المرآةُ عَيني
وما مُترنِّمٌ يَعدُو فيَحدُو / ليَقطَعَ حِينَ سفرته بحَيني
تأنَّ فإنَّهنَّ غُصونُ بانٍ / مَنابتُ غَرسِهنَّ رِكابُ بَينِ
خَلَوتَ وقَد مَلأتَ يديك فَاعطِف / لِمَملُوءِ الحَشَى خِلوِ اليَدينِ
أتأمَنُ أن نكونَ عَلى سَقامي / وبرئِك مرَّةً مُتعاقبينِ
وأنتَ تَرى النَّهارَ وما يَليهِ / عَلى ما فيهما مُتَقلِّبَينِ
كأنَّكَ قد أخَذت عَلى اللَّيالي / عُهوداً مِن سِباعِ بن الحُسَينِ
فإن تَذهَب فأنتَ إذاً طَليقٌ / لطَلقِ الوَجهِ طَلقِ الرَّاحتَينِ
لماضِي الحَزمِ ماضِي العَزمِ فيها / إذا امتَنَعت منيعَ الجانِبَينِ
دنَت أخلاقُه وعَلَت عُلاهُ / مجالِسُنا جَليسُ الفَرقَدَينِ
لِشِيمتِه وهمتِه اختِلافٌ / وليسَ يَضرُّ جمعُ الضَرَّتينِ
أتاكَ أوانُ نُسكِكَ وهو يأتي / عليكَ بما يسرُّك حَقَّتينِ
وأنتَ تَصونُ هَذا الثَّغر فيه / وصَونُكَ فائِزٌ بالحُسنَيَينِ
وما أنا مُقتَضيكَ الرِّزقَ إلا / وقد أنفقتُ جُملتَه بدَينِ
فإنَّك إن سَدَدتَ خِلالَ حالي / سَدَدتُ بما أقولُ الخافِقَينِ
أتُرَى بثارٍ أم بدينِ
أتُرَى بثارٍ أم بدينِ / عَلقَت مَحاسِنُها بعَيني
في خَصرِها وقَوامِها / ولحاظِها ما في الرُّدَيني
وبوَجهِها ماءُ الشَّبا / بِ خَليطُ نارِ الوَجنَتَينِ
بكرَت عَليَّ وقالَت اخ / تَر خَصلَة من خَصلتينِ
إمَّا الصُّدُود أو الفِرا / ق فليسَ عندِي غيرُ ذَينِ
فأجَبتُها ومَدامِعي / تَنهلُّ فوقَ الوَجنَتَينِ
لا تفعَلي إن حانَ صَد / دُكَ أو فِراقُكِ حان حَيني
فكأنَّني قُلتُ انهَضِي / فَمضَت مُسارِعةً لِبَيني
ثم استَقَلَّت أين حَلَّت / عِيسُها رُميَت بأينِ
ونوائبٍ أظهَرنَ أي / يامي إليَّ بِصُورَتَينِ
سَوَّدنَها وأطَلنَها / فرأيتُ يوماً لَيلَتَينِ
هَل بعدَ بَينِكِ مَن يُعَر / رِفُني النُّضارَ من اللُّجَينِ
ولَقَد جَهلتُهما لبُع / دِ العَهدِ بَينهما وبَيني
مُتَصرِّفاً بالشِّعرِ يا / بئسَ البِضاعَةِ في اليَدينِ
كانَت كذلِكَ قبلَ أن / يَأتي عَليُّ ابنُ الحُسَينِ
فاليومَ حالُ الشِّعرِ ثا / لِثةً كَحَالِ الشِّعرَيَينِ
أغنَى وأعفَى مَدحَه ال / عافينَ من كَذبٍ ومَينِ
فتَمتَّعُوا من مالِهِ / وصِفاتِه بالحُسنَيَينِ
وإذا لَقيتَ لَقِيتَ سَم / حَ الخُلق سَمحَ الرّاحتَينِ
فيكادُ يَبكي رَحمَةً / للعُدمِ بينَ سَماحَتَينِ
ولرُبَّ ذي مالٍ وَلَي / سَ يَداهُ بالمَبسُوطَتَينِ
إنَّ الإمامَ إذا رَمَى / بكَ ما وراءَ الرّقَّتَينِ
علِمَ العِراقُ وأهلُهُ / أن ليسَ خَطبهُما بهَينِ
ماذا أؤثِّرُ في ثَنا / ئِكَ وهوَ مِلءُ الخافِقَينِ
أَأُحِيطُ بِالبَحرِ المُحي / طِ بعيد بَينَ السَّاحِلَينِ
أم أرتَقي حتَّى أثا / لِثَ بالمَديحِ الفَرقَدَينِ
مَن لطُولِ الهمِّ والحَزنِ
مَن لطُولِ الهمِّ والحَزنِ / ففُؤادي ليسَ يَصحَبُني
خانَه الصَّبر الجَميلُ عَلى / ما يُقاسِيهِ ولم يَخُنِ
ليتَهُ طَرفي فأُبدِلُه / شَجوَهُ بالمَنظَرِ الحَسَنِ
ليُقاسِي ناظِري كَمَداً / لم يَكن لَولاهُ يكمِدُني
ويَرى قَلبي مَحاسِنَ مَن / كانَ يَهواهُ فَيَعذِرُني
وعَلى الحالَينِ خُلفُهما / لم يَعد إلا عَلى بَدَني
كلَّما أمَّلتُ جارِحَةً / لي عَلى الكِتمانِ تُسعِدُني
نَثرَت عَيني مُراغِمَةً / فوقَ خدِّي بُردَةَ اليَمَنِ
جَهدُ سُقمي يا مَدامِعَها / أن تَبُوحي بي فتكتُمني
وأسيلِ الخَدِّ شاحِبهِ / كُحِلَت عَيناهُ بالفِتَنِ
تركَت حُمَّاهُ وَجنَتَهُ / في اصفِرارِ اللَّونِ تُشبِهُني
وأرَى خَدَّيهِ وَردهُما / ما جَنَى ذَنباً فكيفَ جُنِي
نُهِبا حتَّى كأنَّهما / ما حَوَت يُمنَى أبي الحَسَنِ
لم يَدَعها الجُودُ تَملِكُه / والنَّدى وَقتاً من الزَّمَنِ
تَتَبارَى سُحبُها مُزناً / في أوانِ المَحلِ والمُزُنِ
ذو جُفونٍ تَشتَري أبَداً / عَبرات النقع بالمُزنِ
وَيَدٍ تُبدي ندىً ورَدىً / تَجمعُ الضِّدَّينِ في قَرَنِ
للعُفاةِ اللائِذِينَ بِها / وَذَوي الأحقادِ والضَّغنِ
فإِذا مَا الخيلُ أورَثَها / كَرُّهُ شَوقاً إلى الوَطَنِ
ظَلَّ يَثني من أعنَّتِها / عَن عَليٍّ ما إِليهِ ثُنِي
يا عليَّ الخَيلِ إن رَكضَت / سُربا بِالبيضِ واللُّدُنِ
أسَجايا مُلهَمٍ وَرِثَت / أم رَضاعاً كنَّ في اللَّبنِ
ما كَذا كانَ الكِرامُ فسِر / لا عَلى حَدٍّ ولا سَنَنِ
أنتَ تأتي المَجدَ مُبتَدِعاً / لا بتَمثيِلٍ عَليهِ بُنِي
مُذ ولِيتَ الجُودَ معتَزِماً / ما عدا مَنٌّ عَلى مِنَنِ
لَستُ بِدعاً في مَدِيحكَ بَل / جاءَ كلٌّ فِيهِ يَقدُمُني
فَلِساني إذ أتاكَ بهِ / إنَّما يَروِيهِ عَن أُذنِي
إذا ما تَمنَّيتَ المَنايا فلم تَنَل
إذا ما تَمنَّيتَ المَنايا فلم تَنَل / مُناكَ ولَم تَظفَر بِها في المَعادِنِ
فَدونَكَ أصداغَ الظِّباءِ فإن خَلَت / فَما هِيَ إلا في العُيُونِ الفَواتِنِ
فَمن مُبلغٌ عنِّي المحسَّنَ ذا النَّدى
فَمن مُبلغٌ عنِّي المحسَّنَ ذا النَّدى / وإخوَتَه الجارِينَ مَجرَى المُحسنِ
أراني وإيَّاكُم كظَمآن خامِسٍ / إلى الماءِ تَجري تَحتَه خَمس أعيُنِ
كذلِكَ أنتُم خَمسَةٌ فاضَ جُودُكم / فعمَّ وبالتَّسويفِ والمطلِ خصَّني
وفي أيِّ وقتٍ كانَ ذا وقت ما جَرى / فجارَت عَلى حالي نَوائبُ أزمُني
ألم أجمَع الأسماعَ ثمَّ تَركتُها / مَساكِنَ أقوالٍ رَهائِن ألسُنِ
فكَم خالَفت حالي مَقالي وإنَّه / ثَناءٌ عَليكم ليسَ يُثنَى فينثَني
وإنِّي عَلى ما كانَ منِّي لَمِنكُمُ / فيا نَفثةَ المَصدُورِ قَد هجتِ فاسكُني
والنَّاسُ لم يَعرِفُوا لي ما خُصِصتُ به
والنَّاسُ لم يَعرِفُوا لي ما خُصِصتُ به / مِن دُونِهم مثلَ ما خُصُّوا بِهِ دُوني
رأوا مَنازِلَهم بالمالِ قَد جَعلَت / تَعلُو ومَنزِلَتي بالفَقرِ تُدنِيني
وأيَقنوا أنَّ ما ضَمَّت أكفهُّمُ / عَليهِ أصلحُ لِلدُّنيا ولِلدِّينِ
شَدُّوا عَليهِ وسَدُّوا دُونَه وأبَوا / أن يُفرِجُوا عَنه في شَدٍّ وفي لِينِ
فحينَ ضَنُّوا بما يَفنَى ضَنَنتُ بِما / يَبقَى فقَد صارَ بُخلُ القَومِ يُعديني
إلاَّ بَقيَّةَ جُودٍ من ألَمَّ بِها / في الحِينِ أغنَتهُ عن جُودٍ إلى حِينِ
مِن طالِبِيها أنا المَطلُوبُ مِن زَمَني / قَصداً ومِن أهلِها مُوسىَ بن هارونِ
من كلِّ جَفنٍ بين عَيني بَين
من كلِّ جَفنٍ بين عَيني بَين / وإنَّما تَسهرُ عَينٌ لِعَين
أيامُ هَجرٍ ولَيالي نَوىً / مُقَدَّراتٌ كلُّ حِينٍ لِحَين
وقَد ثَوى بَينَ الأسَى والجَوى / قَلبي فَما يَصنعُ ذا بَينَ ذَين
واتَّهمُوا عَينَكَ في سِحرِها / ولم تَزل عَيناكَ مَتهُومَتَين
إذا رَمَتني بِهما مُقلَتي / فمَن يَكونُ السَّاحِر المُقلَتَين
فَاسقِ كَما تَشرَبُ وَردِيَّةً / تُنقَلُ من كأسٍ إلى وَجنَتَين
كأنَّما إذ أصبَحَت فِيهما / مُخَضرَمٌ قد شَهِدَ الملَّتَين
في سَنةٍ لاحَت تباشِيرُها / فابتَكرَ الغَيثُ وجادَ الحُسَين
وأيُّ خُلفٍ بَينَنا بعدَ ما / وافقَ صَوبُ الغَيثِ صَوب اليَدَين
فلتَخلع الأيَّام عَنِّي فَكَم / أرفلُ في أثوابِ عُدمٍ وَدَين
حالانِ إن وقَّعت لي حالةً / فرُبَّ خَطٍّ دفع الخُطَّتَين
وراعَهم أن لم يَرَوا قَبلَها / يَراعَة في يَدِ ذي لِبدَتَين
مِن قَصَباتِ الخَطِّ فتَّاكَةٍ / في قَصَباتِ الخطِّ غَرسِ اليَدَين
كلُّ مكانٍ مِن نَداها نَدىً / عَمَّ فَما يُسألُ عَنهُ بِأَين
نَظَرنَ بأَسيافٍ عَليها جُفُونُها
نَظَرنَ بأَسيافٍ عَليها جُفُونُها / قَواطِعُ في أيدي هَوىً لا تَخُونُها
سَواكِنُ إلا أنَّ بينَ جَوانِحي / لَها حَركاتٌ يَقتَضِيها سُكونُها
هُو السُّقمُ إمَّا في قُلوبٍ يُذيبُها / كقَلبي وإمَّا في جُفُونٍ يَزينُها
فإن تَكُ ألحاظُ الغَواني ضَعِيفةً / فَلي نظَرٌ فيها قَوِيٌّ يُعِينُها
ومَن عَبدَ الأهواءَ مثلَ عِبادَتي / فَليسَ يُبالي أيّ دِينٍ يَدينُها
وحَمراءَ كَالمرِّيخِ لَوناً وَقِدمَةٌ / أتَت عَينُها لمَّا مَضَى عَربُونُها
فجاءَ بِها القِسِّيسُ يُوصي بِصَونِها / وما أبتَغي ما كنتُ ممَّن يَصُونُها
لهَا حَبَبٌ يُنبِيكَ عَن طُولِ عُمرِها / ألستَ تَراها كيفَ شابَت قُرونُها
أقولُ لِساقِيها عَلى الظنِّ إنَّها / تَدورُ وقَد رقِّت فَما أستَبِينُها
ألا عَدِّها عَنِّي حَياءً فإنَّني / أراها تَراني والحَبابُ عُيونُها
يُلَقِّحُها الشَّادِي وإن لم يَمَسَّها / فَينشُو سُرُوراً في النُّفُوسِ جَنينُها
طَرقتُ بها دارَ الهُمومِ وكيفَ لي / هِي الأرضُ جَمعاً أو تكادُ تكُونُها
ولكنني أحبُو عقُولاً بشُربِها / فَتَنسى نُفُوسٌ كيفَ تَجري شُؤونُها
فكلُّ فتىً يَسمو إلى حَيثُ نَفسُهُ / علواً بأخلاقٍ له يَستَعِينُها
كَما الدَّولةُ الزَّهراءُ حيثُ مكانُها / مِن الأُفُقِ الأَعلَى يَكونُ مكِينُها
أبو عَزَماتٍ كلُّ مَن جاءَ بَعدَه / أخُوها إِذا جانَبنَه وخَدينُها
يُجيرُ عَلى الأيَّام وهيَ تَوَدُّهُ / فَصارَ شَجاها عِندَه وشُجُونُها
وتَلقاهُ فيما يَقبلُ الشُكرَ حائِزاً / عَلى فَعَلاتٍ كلُّ شُكرٍ رَهينُها
فقَد جُدِّدَ الطُّوفانُ في الأرضِ والتَقَى / بجُودِ يَدَيهِ مُزنُها ومَعينُها
إِذا ما بِحارُ النَّائِباتِ تَغَطمَطَت / فإنَّ المذاكي السَّابِحاتِ سَفِينُها
عَلى مثلِ هبَّاتِ الرِّياحِ اعتِسافُها / إلى كلِّ خَطبٍ والرِّياحُ شُطُونُها
تَهونُ عَلَيهِ والجَبانُ يُعِزُّها / وليسَ يُعِزُّ النَّفسَ إلا مُهِينُها
وإن بعَّدَت آراؤهُ البِيضَ قَبلَهُ / فَأتباعُها حُمرُ المَنايا وجُونُها
يؤلِّفُ بينَ الأسدِ تحتَ لِوائِه / وكلُّ مكان حَلَّ فيهِ عَرِينُها
عَوادٍ ولا في كُلِّ حِينٍ وإنَّما / إذا شاءَ أن يَعدُو بِها جاءَ حِينُها
كَساها كَما تُكسَى الرِّجالُ فأشكَلَت / وشَكَّت نُفُوسٌ ثمَّ صحَّ يَقينُها
أخَذنا أحاديثَ الكِرامِ بِقسمَةٍ / أسانِيدُها فينا وفيهم مُتُونُها
إذا سُرِّحَت لي في الثَّناءِ قَصِيدةٌ / فَليتكَ في طُولِ البَقاءِ قَرينُها
خَلِّ عَينيَّ والكَرى
خَلِّ عَينيَّ والكَرى / ما كَذا كانَ بَينَنا
أو فَإن لاحَ مِنهُما / في البُكا بَعضُ سِرِّنا
مَن يَكونُ الَّذي أذا / عَ الهَوى أنتَ أم أنا
ولَيلةٍ أضمَرتُ مِن طُولِها
ولَيلةٍ أضمَرتُ مِن طُولِها / إن فَضلَت لي مُدَّةٌ عَنها
ووُرِّخَت في الكُتبِ من شَهرِها / ورختُ وَجدي شَهرَها مِنها
هَويتُها فَنَهَتني عَن زِيارَتِها
هَويتُها فَنَهَتني عَن زِيارَتِها / زِيارَةُ النَّاسِ من فَوقي ومن دُوني
لا أشرَبُ الماءَ أروَى كلَّ ذي ظمأٍ / قَبلي وإن كانَ يُرويهِ ويُرويني
جُد بحُسنِ التَّوفيقِ ما شِئتَ مِنه
جُد بحُسنِ التَّوفيقِ ما شِئتَ مِنه / واكفِني ما غَفلتُ يا ربِّ عَنهُ
يا مُطيعَ العَذولِ في عِصياني
يا مُطيعَ العَذولِ في عِصياني / ومُذيقي حَرارَة الهجرانِ
اتَّقي اللَّهَ لا تَرعنِيَ بالصَّد / دِ وَجازِ الإحسانَ بالإِحسانِ
كيفَ أبقَى عَلى الزَّمانِ وهجرا / نُكَ ممَّا جَنَت صروفُ الزَّمانِ
صرتُ أجفوكَ مُكرَهاً وعلى ال / حُبِّ دليلٌ من ناظِري ولِساني
فإِذا عذتُ بالتجلُّدِ عنكُم / كذَّبتني نواظرُ الأجفانِ
كيفَ تَجني ولا تخافُ عقاباً / وفُؤادي مُعاقبٌ غيرُ جاني
خلِّ ما بينَ مقلتَيكَ وقلبي / فعَلينا يدٌ من السُّلطانِ
لا تكونَنَّ ثالِثاً لِقَوِيَّي / نِ فَلو كانَ واحِداً لَكفاني
لكَ واللَّهِ في صَميم فُؤادي / لذَّةُ الماءِ في فَم العَطشانِ
إنَّ النَّوائبَ في جوا
إنَّ النَّوائبَ في جوا / رِك قد جَرَت وعَلى مَنِ
مَن طالَ فيكَ لِسانُهُ / فأَطالَ شُغلَ الألسُنِ
وأراكَ مَشغُوفاً بِمَج / دِكَ هائِماً لا تَنثَني
فإِذا بَنَيتَ فَلا يُضَي / يِع ما يُشيّدُ ما بُنِي
وإذا نَظَرتَ لمُستَجِي / رٍ من صُروفِ الأَزمُنِ
مُلقٍ بِبابِكَ رَحلَهُ / فانظُر لِعَبدِ المُحسِنِ
إن تَخَطَّاني زَماني
إن تَخَطَّاني زَماني / نافِذاً بالحَدَثانِ
نَمَّ بي حبُّكَ خَوفا / مِنهُما أن يَنسَياني
أينَ أستَخفي وقَد / دلَّهما أينَ مَكاني
وهُما مادامَ لا يَب / رَحُنِي لا يَبرَحانِ
وتجارِيبي عَليهِ / باطِّراحي وامتِهاني
أفَما كُنتَ تراني / بَعضَ ما كنتَ تَراني
لا تَدَع سِرَّكَ رهناً / بينَ طَرفي ولِسانِي
أو فَقُل إنَّك لا تُل / زِمني ما يَفعَلانِ
أيُّها الراكِبُ من قَلبي / جَمُوحاً ذا حِرانِ
لا تُغَرِّر إنَّه لَي / سَ بِمَملُوكِ العِنانِ
وله وَجهُ سُلوٍّ / واضِحٌ ذُو لَمعانِ
مُستَمدٌّ مِن عَطِيَّا / تِ أبي عَمروٍ بَنانِ
ذي الأَيادي البيض تمشي / تَوأمَين في العِيانِ
فهيَ لَولا القُربُ منها / أنجمٌ ذاتُ قرانِ
ليسَ يبدُو أوَّلٌ منِ / ها لَنا إِلا بِثانِ
لا لِما تَجري يَداهُ / بيَدِ الجُودِ يَدانِ
ربَّ شَأنٍ عِندَه / أفسَدَهُ إِصلاحُ شاني
جَمَعَت حَضرَتُه العا / فِينَ مِن ناءٍ ودانِ
وهِجانُ البُزلِ لا تَب / رُكُ إلا بهِجانِ
ذي امتِنانٍ لم يكُن / قَطُّ عَليهِ ذا امتِنانِ
نظرَ الدُّنيا بِعَينَي / زاهدٍ في الحِرصِ وانِ
فهيَ دارٌ أنزلتها / كفُّه دارَ هوانِ
كَيفَ تَسييرُ ثَنائي / ضاقَ عَنه الخافِقانِ
بالمَعالي لم يَزَل أو / لَى بأبكارِ المَعاني
إِن أَطاعَ الشِّعر فيه / بَعدَ ما كانَ عَصاني
وإلى مَن وقَد استَو / سَقَ مِنه الثَّقلانِ
أرَى طارِقاً يَصبُو إليَّ ويُصبِيني
أرَى طارِقاً يَصبُو إليَّ ويُصبِيني / ويُذكرُني ما كانَ هجرُكَ يُنسِيني
وما الجُودُ من ذي البُخلِ إلا مَكيدَةٌ / تُراكُم طَرقتُم في الكَرى لِتكيدُوني
وأهيفَ طالَت بينَ صُدغَيهِ فُرقَةٌ / وعندَ التَّداني مِنهما فهوَ يُدنِيني
أُراقبُ منه مَوعِداً بلِقائه / إذا التَقَيا والعمرُ ليسَ بِمَضمُونِ
بذلتُ لَه صَبري ونَومي بمَوعِدٍ / وأجدِر بهِ أن يقتَضِيني ويُقضِيني
وأسلَفتُ فيما لا أرَى ما رَأيتُه / على الظَّنِّ فَانظُر هِمَّتي أينَ تُلقِيني
وتغتنم الأيَّامُ شُغلي بحبِّه / وتأمنُ من أن أتَّقِيها فَتَرمِيني
وعندَ أبي سَعدٍ من الجُودِ جُنَّةٌ / تُحصِّنُ مَن يَلقَى بِها أيَّ تَحصِينِ
وَها أنا فِيها كلُّ شيءٍ يُصِيبُني / بهِ الدَّهرُ من نَبلِ الحَوادثِ يُخطِيني
أبثُّكَ ما لِلعِيد عِندي وأبتَدي / أُهنِّيكَ باليَوم الَّذي ليسَ يَهنِينِي
مَلابسُ لي فِيهنَّ دِرسُ عِمامةٍ / تحدِّثُني عَن لابسِيها فَتُلهيني
كأنَّ كتابَ المُبتَدى في سُلوكها / بتاريخهِ مِن كلِّ حينٍ إلى حِينِ
مَتى حُرِّكت غنَّت ولكن يسُوؤُني / إِذا لَم يَكُن لي غَيرُها أن تُغنِّيني
فلمَّا أقامَ الناسُ فَضلَكَ بَينهُم / مِثالاً وساواني بذلِكَ مَن دُوني
مَحوتُ به ما كانَ لي من نُفُوسِهم / وصرتُ إِذا جاوَزتُ حدَّكَ رَدُّوني
فقلتُ احتِجاجاً للنَّدى وحَمِيَّةً / وغَيرةَ مَشعُوفٍ بمَجدِكَ مَفتُونِ
ألستُم تَرَونَ الأرضَ تُمطرُ كلُّها / وفيها سِباخٌ نَفعُها غيرُ مَظنونِ
فكيفَ يكونُ الغَيثُ غيرَ مُمَيّزٍ / ويُوجَدُ بالتَّمييزِ جُودُ ابنِ هارُونِ
ببَعضِ الدُّمى قامَ بعضُ الفِتَن
ببَعضِ الدُّمى قامَ بعضُ الفِتَن / فلَولا التَّثَنِّي لَقُلنَا وَثَن
تناسَيتُه حينَ أخفَيتُهُ / فَبي شَغفٌ لستُ أدري بِمَن
وعُلِّقتُه شادِناً شادِياً / علَيه الشَّجَى وعَليَّ الشَّجَن
إِذا ما التَقَينا فمِن جُد وزِد / وصِل وتَعَطَّف ومِن لا ولَن
ومِن مُهجَةٍ مذ نَأت ما ثَوَت / بأرضٍ ومِن سَكنٍ ما سكن
قِفُوا تَعرِفُوا ما أسَرَّ الهَوى / فأعلَن لما أسَرَّ العَلَن
أسرَّ الجسُومَ بسُقم الجُفو / نِ فَأصبَحَ في كلِّ جَفنِ بَدَن
فَلا يَخدَعنَّكَ عزمُ السُّلو / وِ وَغَلِّب عَلى الظَنِّ فيه الظَّنَن
فَلو قَد حلَفتَ وردَّ الهوَى / يقُودُكَ ردَّ عَليه الوَسَن
ودِمنةِ جُود عَفا رسَمُها / وما صِرتُ أعرفُ وصفَ الدِّمَن
ومِن أجلِ ذلكَ قالُوا بَخِل / تَ عَلَينا وهُم بَخِلُوا والزَّمَن
وكم يَلبثُ الجُودُ مِن حاتِمٍ / إلَيهم تَغيَّرَ لمَّا أسَن
سأمسِكُ إلا عَنِ المكرُما / تِ وإن كانَ عِندي لكلّ ثَمَن
وأصِبرُ أو يَحكم اللَّهُ لي / ويَحكمَ حَيدَرةُ بنُ الحَسَن
لقَد هَتنَت بيضُ أخلاقِهِ / ولَم أرَ قطُّ جَهاماً هَتَن
وكانَ أخَا الجودِ حتَّى عَلا / فَصارَ أباً واحتَوى واحتَضَن
فقُوموا انظُرُوا عجَباً في العُلى / أبُوها مراضِعُها في اللَّبَن
حَكمتَ فصاحبَكَ الحقُّ في / فُروضِ حكُوماتِهِ والسُّنَن
وأمسَى رِشاءُ الرُّشا بالِياً / بِبابكَ مُطَّرَحاً مُمتَهَن
فأصبَحتَ مُؤتَمَناً آِمناً / وبالحَقِّ أن يأمنَ المُؤتَمَن
ثَناءٌ تُظنُّ قَراطِيسهُ / إذا نُشِرَت مِن بُرود اليَمَن
قَلائِدُه في رِقابِ الرِّجا / لِ مُعلَّقةٌ كلُّها بالمِنَن
تيقَّظتَ حيثُ عُيونُ الوَرى / مُكحَّلةٌ أبَداً بالوَسَن
فأبصَرتَني كَيفَ أمسَيتُ في / يَد الدَّهرِ مُرتَبِكاً مُرتَهَن
فَجُد واسبِقِ الدهرَ إنِّي أَرى / هُموماً تُجَنُّ إِذا اللَّيلُ جَن
أبثُّكَ ما سَهِرتُ له خُطوبا
أبثُّكَ ما سَهِرتُ له خُطوبا / مُوكَّلةً نَوائِبُها بِعَيني
كأنَّ اللَّيلَ حينَ دَجا غُراب / وليسَ على الغُرابِ غرابُ بَينِ
وقَد أصبَحتَ تحكمُ في بِلادٍ / عَلى القاضِي بهنَّ قَضاءُ دَينِ
فَسَل عَنها تَجدها سنَّةً لي / مُؤكدةً تقومُ بشاهِدَينِ
وأُخرى من صَنِيع أبيكَ عندي / تأوَّل فيَّ إحدَى السُنَّتَينِ
فما بَعُدت مسافةُ مَن دَعاهُ / صنيعُ أبي الحُسينِ إلى الحسَينِ
وليسَ يَطيبُ ذكرُ النَّفسِ حتَّى / تَطيبَ النَّفسُ عمَّا في اليَدَينِ
تَعوَّدَ أن يَحُولَ وأن يَخونا
تَعوَّدَ أن يَحُولَ وأن يَخونا / إذا أعطَى بزَورَتِه يَمِينا
فَصافَحَني ليجعلها ضَماناً / أيَقبلُ ذاكَ من عَرفَ الضَّمِينا
زيارتُه بحيثُ الصَّبر عَنها / قد اتَّخذَتهُ من دُوني قَرِينا
وغادِيةٍ تَسير أمامَ حادٍ / يَرى الحركاتِ مِن عَجلٍ سُكُونا
ليَقطعني لقد أسرَفتِ حتَّى / حُداتُكِ بالعَداوةِ يَقصِدونا
أما يُقضَى الغريمُ وكيفَ يُقضَى / وأنتِ تَرَين مَطلَ الدّينِ دِينا
وتَعتَقدينَ ذاكَ فليتَ شِعري / إلى أيِّ المَذاهِب تَذهَبِينا
عَرفتُ لطُولِ ما جرَّبتُ دَهري / بنَاتِ الدَّهرِ أجمعَ والبَنِينا
فَصِرتُ إِذا رأيتُ أخا خُطوبٍ / يُعِدُّ لَها التجلُّدَ والسِّنِينا
أبينُ ولا أكونُ المرءَ المرءَ يَبقَى / علَيها صابِراَ حتَّى تَبينا
ولكِن ليسَ لي في كلِّ أرضٍ / أحاولُها نَدى بنجوتَكينا
أجل حيثُ اعتَمدتُ وجَدت منه / هَزِيمَ الودقِ ثَجَّاجاً هَتُونا
وإن سحَّت سَحائِبُه اختِصاصاً / بأرضٍ أنبع الأخرى مَعِينا
وبيضٍ خِلتُهنَّ رُقادَ صَبٍّ / غَداةَ عَدونَ يَهجرنَ الجُفونا
تَرى ماءَ الشَّباب يَجولُ فيها / وقَد أفنَت من النَّاسِ القرُونا
شَفا بصدُورها منَّا صُدوراً / أقامَت تحملُ الأحقادَ حِينا
فواعَجَبا ضَرائبُها صُموتٌ / ويُسمعُ من مَضارِبها الرَّنينا
وربَّ كتائبٍ كتبَت يَداهُ / علَيهنَّ المنيَّةَ أجمَعِينا
بأقلامٍ من الخَطِّيِّ خَطَّت / صحائِفَ ما فُهمنَ ولا قُرِينا
أجِدَّكَ كلَّما عَميَت قُلوبٌ / تصوِّرُ بالرِّماحِ لها عُيُونا
إماراتٌ دُعِيت لها أمِيراً / ولم تحتَج إلى لقَبٍ سُكُونا
وقمتَ بحقِّها قَولاً وفِعلاً / هنالك صِرتَ صاحبها يَقينا
رآكَ اللَّهُ مَوضعَها فكانَت / وحُقَّ لما رآهُ أن يَكونا
وبالتَّوفيقِ أنزَلَها عَلينا / وألهَمَها أميرَ المُؤمِنينا
قَصَرنا عَن صِفاتِكَ ثم طالَت / وما عَجزَت وبانَ العجزُ فِينا
ألا فَاصفَح لنَا عمَّا تَرَكنا / مخافَةَ أن نُطيلَ وما نَسِينا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025