المجموع : 18
شُكراً على ما بدا من صِدقِ وُدِّكُم
شُكراً على ما بدا من صِدقِ وُدِّكُم / فَإِنَّني من صَميم القَلب مَمنونُ
وَاللَهِ ما بِعتُكم حُبّا بِغَيرِكُم / وَلو فعلتُ إذاً إِنّي لِمَغبونُ
وَإِنَّما قد قَضى أَمرُ المَليك بذا / وَكلُّ عبدٍ بِأَمر المَلكِ مَرهونُ
وَبعدُ فَالقَلب إِن أَجسامُنا اِفتَرَقَت / مقيَّدٌ بحبال الوُدِّ مَقرونُ
فَأَسأَلُ اللَهَ إِبقاءَ الهناءِ لكم / إِنَّ الهناء بحمد اللَهِ مَضمونُ
شَمسُ المَعالي كَعُقودِ الجُمان
شَمسُ المَعالي كَعُقودِ الجُمان / قَد نَظِّمَت في صَدرِ هذا المَكان
وَلِلمَسَرّاتِ بِأَنحائِهِ / حُسنُ قِرانٍ يا لَهُ من قِران
يَستَقبِلُ العَينَ بما تَشتَهي / مِن طُرَفِ النَقشِ اللِطافِ الحِسان
تَدنو قُطوفُ الأُنسِ فيه إِلى / أَضيافِ عَبّاسٍ عَزيزِ الزَمان
لا زالَ ناديهِ مقَرَّ القِرى / وَمجدهُ الباذِخُ حِلفَ الضَمان
تَرتَعُ مِصرُ العُمرَ من ظِلِّهِ / في نَضرَةِ الرَوضِ وَطيبِ الجِنان
وَتَكتَسي الأَيّامُ من نورهِ / طلاقَةً يَغبِطُها النَيِّران
ما أَوضَحَ الحقَّ إِذا ما اِنجَلى / في حُلَّةِ الحُسنِ وَحليِ البَيان
يَحُجُّ ذو الرَاي بهِ خَصمَهُ / مِن قَبلِ أَن تَعمَلَ فيه السِنان
فهو بلا شَكٍّ ولا ريبَةٍ / إِلهُ ربِّ السَيفِ وَالطَيلَسان
وَالعَدلُ يُعلى المُلكَ فَوقَ السُها / وَيُلبِسُ الدُنيا ثِيابَ الأَمان
إِقامَةُ القِسطاسِ من شَرطِه / وَرُكنُهُ رَدعٌ بلا عُنفُوان
فَاِستَعمِل الرَحمَةَ في أَهلِها / لا تَضَع العُنفَ مكانَ الحَنان
لا تَسأَل المالِكَ عن مُلكِه / فَعَدلُه عن مُلكهِ تَرجُمان
حُبُّ الرَعايا خيرُ ما يُقتَنى / وَخيرُ ما يَصبو إِلَيهِ الجَنان
كم ظَلَّ منهُ المَرءُ في جَحفَلٍ / وَباتَ في حِصنٍ رَفيعِ العِنان
فَاِحرِص عليه الدَهرَ من عُدَّةٍ / يَعنو لَها الكَونُ وَيُصغى الزَمان
يا غرَّةَ العامِ جوزي الأُفقَ صاعدةً
يا غرَّةَ العامِ جوزي الأُفقَ صاعدةً / إلى السماءِ بآمالِ المحبّينا
إِنّي سَأَلتُ لكِ الأَيّامَ صافيةً / يا مَيُّ قولي معي بِاللَهِ آمينا
أَسَّسَت هذا على أُسِّ التُقى
أَسَّسَت هذا على أُسِّ التُقى / أُمُّ عبّاسٍ ملاذُ المُعوزين
أَيُّها الظامِىءُ قِف نِلتَ المُنى / في حمى جَدَّةِ أُمِّ المُحسِنين
لكَ أَلفاظٌ إذا احتَجتَ إِلى
لكَ أَلفاظٌ إذا احتَجتَ إِلى / خَيِّرٍ كانت شِراكَ الخَيِّرين
فَإِذا اِستَغنَيتَ كانَت أَسهُماً / نافِذاتٍ في قُلوبِ المُحسِنين
لو دَرى رَبُّ المُروءاتِ رمى / لكَ ما رَجَّيتَ من حِصنٍ حَصين
قَد فَضَحتَ الطينَ والماءَ معاً / يا سَليلَ الطينِ والماءِ المَهين
إِذا فَتحَ العداةُ عليكَ حرباً
إِذا فَتحَ العداةُ عليكَ حرباً / وَخِفتَ بوادِرَ المُتَحَزِّبينا
فَقُل وَاِرفَع عَقيرَةَ من يُنادي / فلا يجِدُ المؤازِرَ وَالمُعينا
أعِرني يابنَ إبراهيمَ صُدغاً / أخوضُ به غمارَ الصافِعينا
فإن هوَ قد أعارَك ما تُرَجّى / رايتَهُمُ أمامَكَ هارِبينا
كما هرَبَ الفَتى الصَفاعُ يوما / أَمامَ الكاتبِ ابنِ الكاتِبينا
وخَلَّف ثمَّ ربَّ الحانِ يجلو / على المَغلوبِ كأسَ الغالِبينا
ويَغبطُ ذلك الصُدغَ المُفَدّى / على إرغامِ كفِّ الضارِبينا
أَيُّها المَولى الذي عَوَّدَنا
أَيُّها المَولى الذي عَوَّدَنا / حكمَةَ الرِفقِ بحالِ البائِسين
إِنَّ شهرَ الصَومِ قد حلَّ فَفُز / فيه بِالأَجرِ وَشُكرِ الشاكِرين
قَد كَفاني كلُّ ما قد حلَّ بي / فاعفُ عنّي يا أَبرَّ القادِرين
ابنَ إِبراهيمَ طِب إِنّا وَإِن
ابنَ إِبراهيمَ طِب إِنّا وَإِن / قد اِذَقناكَ جزاءَ الظالِمين
لَكِرامٌ إن غَضِبنا رَدَّنا / عن أَذى مِثلكَ طَبعُ الكاظِمين
إنَّ هذا الشَهرَ شهرٌ يَجتَنى / فيه أَمثالُكَ صَفحَ الصافِحين
قَد مَحَونا آيةَ الكفِّ وها / نحنُ نَتلو اليومَ آيَ الراحمين
فَاِلزَمِ العُرفَ تَعِش في ظِلِّنا / في عدادِ الكاتِبين المُكرَمين
وَاكتُبِ الخَيرَ وَقُلهُ تُرضِنا / وَاِستَقِم تُرضِ إلهَ العالَمين
يا فتاةَ الحيِّ قد أَذكَرتِنا
يا فتاةَ الحيِّ قد أَذكَرتِنا / نَضرةَ الرَوضِ وَمَيلَ الغُصُن
أَيُّ لحنٍ تَرجَمَت تِلكَ الخُطا / عنه لِلعَينِ هناء الأُذُنِ
عارِضي البَدرَ إذا لم يَعتَرِف / لكِ بِالحُسنِ بوَجهٍ حَسَن
أَقصِر فُؤادي فما الذِكرى بِنافِعةٍ
أَقصِر فُؤادي فما الذِكرى بِنافِعةٍ / ولا بِشافِعَةٍ في رَدٍّ ما كانا
سلا الفُؤادُ الذي شاطَرتهُ زمناً / حملَ الصَبابَةِ فاِخفِق وَحدكَ الآنا
ما كان ضَرَّك إِذ عُلِّقتَ شمسَ ضُحىً / لو ادَّكَرتَ ضَحايا العِشقِ أَحيانا
هلّا أخَذتَ لهذا اليَومِ أُهبَتَهُ / من قَبلِ أَن تُصبِحُ الأَشواقُ أَشجانا
لَهفي عَلَيكَ قَضَيتَ العُمرَ مُقتَحِماً / في الوَصلِ ناراً وفي الهِجرانِ نيرانا
يا مَورِداً كنتُ أَغنى ما أَكونُ بهِ
يا مَورِداً كنتُ أَغنى ما أَكونُ بهِ / عن كلِّ صافٍ إذا ما باتَ يُرويني
عندي لمائكَ والأَقداحُ طَوعُ يدي / ملآي من الماء شَوقٌ كادَ يُرديني
يا مقرَّ الغزالِ قد صحَّ عندي ال
يا مقرَّ الغزالِ قد صحَّ عندي ال / يومَ أَنّي اقتَحَمتُ منكَ عرينا
رابَني فيكَ ما أَرى من عُيونٍ / باتَ يُغرى بها السَوادُ عُيونا
وَضلوعٍ جاءَتكَ وهيَ خوالٍ / ثم عادَت ملآى هوىً وشُجونا
ما الذي يَبتَغي غزالُكَ مِنّي / بعد كوني عبداً له أَن أَكونا
كُلَّما قُلتُ قد أَبلَّ فؤادي / ساوَرَته الذِكرى فَجنَّ جُنونا
يا مَن أقامَ إذ تملَّكَه
يا مَن أقامَ إذ تملَّكَه / ما بين نارَين من شَوقٍ ومن شجَنِ
تَفديكَ أعيُنُ قَومٍ حولَكَ ازدحَمَت / عَطشى إلى نَهلَةٍ من وَجهِكَ الحسنِ
وَتَستَعيذُ إذا أَلفَتكَ مُبتَسماً / عن لؤلؤٍ بِالنُهى حِرزا من الفِتنِ
جرَّدتَ كلَّ مليحٍ من ملاحتِه / لم تَتَّقِ اللَهَ في ظبيٍ وَلا غُصنِ
فَاِستَبقِ لِلبَدرِ بينَ الشُهبِ رُتبَته / تملِكهُ في أوجهِ عبداً بلا ثمَنِ
يا وامِضَ البَرقِ كم نبَّهتَ من شجَنٍ
يا وامِضَ البَرقِ كم نبَّهتَ من شجَنٍ / في أَضلُعٍ ذَهَلت عن دائِها حينا
فالماءُ في مُقلٍ وَالنارُ في مهجٍ / قد حارَ بينَهُما أمرُ المُحِبّينا
لولا تذَكُّرُ أَيّامٍ لنا سَلَفت / ما باتَ يَبكى دماً في الحَيِّ باكينا
يا آل وُدِّيَ عودوا لا عدِمتُكُمُ / وَشاهِدوا وَيحَكُم فعلَ النَوى فينا
يا نسمَةً ضَمَّخت أذيالها سحراً / أَزهرُ أَندَلُسٍ هُبّي بوادينا
يا دواةُ اجعَلي مدادَكِ ورداً
يا دواةُ اجعَلي مدادَكِ ورداً / لِوفودِ الأَقلامِ حيناً فحينا
وَليَكُن كَالزَمانِ حالاً فحالا / تارةً آسِناً وأخرى معينا
أكرمي العِلمَ وامنَحي خادميهِ / ماءَكِ الغاليَ النَفيسَ الثَمينا
وَابذُلي الصافِيَ المُطهَّر منهُ / لهُداةِ السَرائِرِ المُرشِدينا
وَإذا الظُلمُ وَالظَلامُ استَعانا / يومَ نحسٍ بأجهلِ الجاهِلينا
وَاستَمدّا من الشُرورِ مداداً / فاجعَليهِ من قسمةِ الظالمينا
وَاِقذفي النُقطةَ التي بات فيها / غَضبُ القاهرِ المُذِلِّ كمينا
ليراعِ امرىءٍ إذا خطَّ سطراً / نَبذَ الحقَّ وارتَضى المَينَ دينا
وَإذا كان فيكِ نُقطةً سوءُ / كُوِّنَت من خباثةٍ تكوينا
فَاِجعَليها قِسطَ الذين استَباحوا / في السِياساتِ حرمةَ الأَضعفينا
وَإذا خفتِ أن يكونَ منَ اللَف / ظِ جلاميدُ ترجمُ السامِعينا
فاِبخَلي بالمدادِ بُخلاً وَإن أُع / طيتِ فيه المئينَ ثمَّ المئينا
فَإذا أعوَزَ المدادُ طَبيباً / يَصفُ الداءَ دائِباً مُستَعينا
فَاِمنَحيه المدادَ منّاً وعرفاً / وَاِستَطيبي معونةَ المُحسِنينا
وَإذا مهجةُ الحمائمِ أَسدت / نُقطةً سرَّها الزَكِيَّ المَصونا
فاجعَليها على المودّاتِ وَقفا / وَهَبيها رسائِلَ الشَيِّقينا
فإذا لم يكن بقَلبكِ إلا / ما أعدَّ الإِخلاصُ لِلمُخلصينا
فاجعَليه خطّي لِأَكتُبَ منه / شرحَ حالي لِسَيِّدِ المُرسَلينا
لا القَومَ قَومي وَلا الأَعوانُ أَعواني
لا القَومَ قَومي وَلا الأَعوانُ أَعواني / إذا وَنى يومَ تحصيلِ العُلا وَاني
وَلَستُ إن لم تُؤَيِّدني فَراعِنَةٌ / منكم بِفِرعَون عالي العَرشِ وَالشانِ
وَلستُ جبّارَ ذا الوادي إِذا سَلِمَت / جبالُه تلك من غاراتِ أَعواني
لا تَقرَبوا النيلَ إن لم تَعمَلوا عملاً / فَماؤهُ العذبُ لم يُخلَق لِكَسلانِ
رِدوا المَجرَّةَ كَدّاً دونَ مَورِدِهِ / أو فَاِطلُبوا غَيرَهُ رِيّاً لِظَمآنِ
وَاِبنوا كما بَنتِ الأَجيالُ قَبلَكمُ / لا تَترُكوا بعدَكم فخراً لإِنسانِ
أَمَرتُكُم فَأَطيعوا أَمرَ رَبِّكُمُ / لا يَثنِ مُستَمِعاً عن طاعةٍ ثاني
فَالمُلكُ أمرٌ وَطاعاتٌ تُسابِقهُ / جَنباً لِجَنبٍ إلى غاياتِ إحسانِ
لا تَترُكوا مُستَحيلاً في اِستِحالتِهِ / حتّى يُميطَ لكُم عن وجهِ إمكانِ
مقالةٌ هبَطَت من عرشِ قائِلِها / على مناكبِ أَبطالٍ وَشُجعانِ
مادَت لها الأَرضُ من ذُعرٍ ودانَ لها / ما في المقطَّمِ من صَخرٍ وَصَوّانِ
لو غيرُ فِرعَونَ أَلقاها على ملإٍ / في غيرِ مِصرَ لعُدَّت حُلمَ يَقظانِ
لكنَّ فِرعَونَ إن نادى بها جَبَلاً / لَبَّت حجارتُه في قَبضَةِ الباني
وآزَرَتهُ جماهيرٌ تَسيلُ بها / بِطاحُ وادٍ بماضي القَومِ ملآنِ
يَبنونَ ما تَقِفُ الأَجيالُ حائِرَةً / أمامَه بين إعجابٍ وَإذعانِ
من كُلِّ ما لَم يَلِد فكرٌ وَلا فُتِحَت / على نَظائِرِهِ في الكَونِ عَينانِ
وَيُشبِهونَ إذا طاروا إلى عملٍ / جِنّاً تَطيرُ بِأَمرٍ من سُلَيمانِ
بِرّاً بِذي الأَمرِ لا خَوفاً وَلا طَمعاً / لكنَّهُم خُلِقوا طُلّابَ إتقانِ
أهرامُهُم تلك حيّ الفَنِّ مُتَّخِذاً / من الصُخورِ بُروجاً فوقَ كيوانِ
قَد مرَّ دهرٌ عليها وهيَ ساخرةٌ / بما يُضَعضَعُ من صَرحٍ وَإيوانِ
لم يَأخُذِ اللَيلُ منها وَالنَهارُ سِوى / ما يَأخُذُ النَملُ من أَركانِ نَهلانِ
كَأنَّها وَالعوادي في جوانِبِها / صَرعى بناءُ شياطينٍ لِشَيطانِ
جاءَت إِلَيها وُفودُ الأَرضِ قاطِبةً / تَسعى اشتِياقاً إلى ما خلَّدَ الفاني
فَصَغَّرت كلَّ موجودٍ ضَخامَتُها / وَغضَّ بُنيانُها من كلِّ بُنيانِ
وعادَ مُنكِرُ فَضلِ القَومِ مُعتَرِفاً / يُثنى على القَومِ في سِرٍّ وَإعلانِ
تِلكَ الهَياكِلُ في الأَمصارِ شاهِدَةً / بِأَنَّهُم أهلُ سَبقٍ أهلُ إمعانِ
وَأنَّ فِرعَونَ في حولٍ وَمَقدِرَةٍ / وَقومَ فِرعَونَ في الإِقدامِ كُفؤانِ
إذا أقامَ عَلَيهم شاهِداً حجرٌ / في هَيكَلٍ قامَتِ الأُخرى بِبُرهانِ
كَأنَّما هيَ وَالأَقوامُ خاشِعَةٌ / أمامَها صُحُفٌ من عالمٍ ثاني
تَستَقبِلُ العينَ في أَثنائِها صُوَرٌ / فَصيحةُ الرَمزِ دارَت حولَ جُدران
لو أَنَّها أُعطِيَت صوتاً لكانَ له / صدىً يُرَوِّعُ صُمَّ الإِنسِ وَالجانِ
أَينَ الأُلى سَجَّلوا في الصَخرِ سيرَتَهُم / وَصَغَّروا كلَّ ذي مُلكٍ وَسُلطان
بادوا وَبادَت على آثارِهِم دُوَلٌ / وَادرِجوا طَيَّ أخبارٍ وَأكفانِ
وَخَلفوا بعدَهُم حرباً مُخَلَّدَةً / في الكونَ ما بينَ أحجارٍ وأزمانِ
يا نائِما والقَنا غابٌ تَحُفُّ به / أفِق فَرُبَّ أمانٍ غيرِ مَأمون
وَاِنظُر حَوالَيكَ مِن خوفٍ وَمن حذَرٍ / فَالغابُ مُذ خُلِقَت مَأوى السَراحينِ
لَم تَأمَن الشَمس وهي الشَمسُ ما خَبَأَت / لها المَقاديرُ في طيِّ الأَحايينِ
عبد الحميد سَيُحصى ما صَنَعتَ غداً / بين الأَنامِ وَيُلقى في المَوازينِ
إن يَرجَحِ الخيرُ نعمَ الخيرُ من عملٍ / دَخَلتَ في زُمرَةِ الغرِّ المَيامينِ
أو يَغلِبِ الشرُّ لا كانَت عصابَتُه / عُدِدتَ في صَرحهِ أقوى الأَساطينِ
إن لم تكُن لا ثناكَ الدهرُ عَن أَمدٍ / شَيخَ السَلاطينِ كُن شَيخَ الفَراعين
إِنّا عهِدناكَ لا تَرضى إِذا اِستَبَقَت / صيدُ المُلوكِ إلى الغاياتِ بِالدونِ
لا يُرهِقَنَّكَ حكمُ الناسِ فهوَ غداً / مُستَأنَفٌ عند سُلطانِ السَلاطين
يا قومَ عُثمانَ حَيّوا في معاهِدِكُم / عصرَ الرَشادِ وَريشوا البَأسَ باللينِ
إن تَنصُروهُ تَرَوا تحقيقَ ما طَمحَت / إليه أَنفُسُ هاتيكَ المَلايين
الحقُّ أَبلَجُ سُلّوا دونَ بَيضَتِه / قبل السُيوفِ سُيوفا مِن بَراهينِ
لا تَلبَسوا ثَوبَهُ بين الأَنام غداً / مُلَطَّخاً بِدَمِ القَومِ المَساكين
يا مُقفِرَ المُلكِ إِلّا من جلالتِهِ / وَمُلبِسَ القومِ ثوبِ العِزِّ وَالهونِ
وَجاعِلَ الأَمرِ وَالأَحكامِ بينَهمُ / سِرَّ الملائكِ أو سِرَّ الشَياطينِ
بَعضَ هذا الجفاءِ وَالعُدوانِ
بَعضَ هذا الجفاءِ وَالعُدوانِ / راقِبي اللَهَ أُمَّةَ الطُليانِ
قد مَلأتِ الفَضاءَ غَدراً وَجهلاً / وَتَسَنَّمتِ غارِبَ الطُغيانِ
وَبَعثتِ السَفينَ تَرمى طَرابُل / سَ بحَربٍ مَشبوبَةِ النيرانِ
تَخرِقُ البَحرَ وَالمَواثيقَ وَالعَه / دَ جِهاراً وَذِمَّةَ الجيرانِ
سَيَّرَتها أضغانُ قومٍ لِقَومٍ / سَلِموا من دناءةِ الأَضغانِ
مَن رَآها تَجري تَوَهَّمَ أَنَّ ال / قومَ هبّوا لِلثَّأرِ للأَوطان
لا وَرَبِّ الأُسطولِ ما حمَل الأُس / طولُ جَيشا إلى حمى الحُبشانِ
إنَّ قومَ الطُليانِ أحرَصُ من أن / يُفضَحوا مَرَّتَين في مَيدان
لَيست الحَربُ لِلعَدُوِّ الذي با / تَ عزيزاً بِالرَجلِ وَالفُرسانِ
إِنَّما الحربُ لِلأُلى حَفِظوا العَه / دَ فنامَت جيرانُهُم في أمانِ
وَأَباحوا اَبوابَهُم حاتِمِيّا / تٍ لمَن أَمَّهُم من الضيفانِ
وَأَنالوهُم حُقوقَ بَنيهِم / فِعلَ أَهل المَعروفِ بِاللَهفان
وَيحَهُم ما لِصُنعهِم أَبطَرَ القَو / مَ فَعَقّوا ما كان مِن إِحسانِ
وَلِماذا تَمَخَّضَ السِلمُ عَن حَر / بٍ لَظاها يَشوي الوجوهَ عَوانِ
مِنَحٌ قد بُذِرنَ في شَرِّ أَيدٍ / كُنَّ مُذ كُنَّ مَنبِتَ الكُفران
هكَذا فَلتَكُ المروءاتُ في عَص / رِ البَهاليلِ من بَني الرومان
لا يَثِق بَعضُنا بِبَعضٍ وَهذا / ما أَعدَّ الإِنسانُ لِلإِنسانِ
إن تُسَلِّم على الغَريبِ فَسَلِّم / في ظِلالِ السُيوفِ وَالمُرّان
رُبَّما أَصبَحَ العِناقُ صِراعاً / في زَمانِ الآدابِ وَالعِرفان
تعالى اللَهُ لا يَعل
تعالى اللَهُ لا يَعل / مُ كُنهَ اللَهِ إنسانُ
أَتَبحَثُ عنه في وادٍ / وَمنهُ الكونُ مَلآنُ
أَتُنكِرُه وَأَنتَ عَلَي / هِ لَو فَكَّرتَ بُرهانُ