القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 32
تَذكَّر بالحِمى رشأً أَغنّا
تَذكَّر بالحِمى رشأً أَغنّا / وَهاجَ له الهوى طَرَباً فغنّى
وحنَّ فؤادُه شَوقاً لنجدٍ / وأَينَ الهندُ من نجدٍ وأَنّى
وغنَّت في فروع الأَيكِ ورقٌ / فجاوبها بزفرتِه وأَنّا
وَطارحَها الغَرامَ فحين رنَّت / له بتنفُّس الصُعداء رنّا
وأَورى لاعجَ الأَشواق منه / بريقٌ بالأبيرق لاح وَهنا
معنّىً كلَّما هبَّت شَمالٌ / تذكَّر ذلك العيش المهنّا
إذا جنَّ الظَلامُ عليه أَبدى / من الوَجدِ المبرِّح ما أَجَنّا
سَقى وادي الغَضا دَمعي إذا ما / تهلّل لا السحاب إذا اِرجَحنّا
فَكَم لي في رُباهُ قضيبَ حُسنٍ / تفرَّد بالملاحة إِذ تثنّى
كَلِفتُ به وما كُلِّفت فرضاً / فأَوجبَ طرفُه قَتلي وسنّا
وأَبدى حبَّه قَلبي وأَخفى / فصرَّح بالهوى شَوقاً وكنّى
تفنَّنَ حسنُه في كُلِّ معنىً / فصار العَيشُ لي بهواه فنّا
بدا بدراً ولاح لنا هلالاً / وأَشرق كوكباً واِهتزَّ غصنا
وَثَنّى قدّه الحسن اِرتياحاً / فهام القَلبُ بالحَسن المُثنّى
ولو أَنَّ الفؤاد على هَواه / تمنّى كان غايَةَ ما تَمَنّى
بَكيتُ دماً وحنَّ إِليه قَلبي / فخضَّب من دَمي كفّاً وحَنّا
أَلا يا صاحبيَّ ترفَّقا بي / فإنَّ البينَ أَنصبني وعنّا
وَلَم تُبقِ النَوى لي غيرَ عزمٍ / إذا حفَّت به المحنُ اِطمأَنّا
وأُقسِمُ ما الهَوى غرضي ولكن / أُعلِّل بالهَوى قَلباً مُعنّى
وأَصرفُ بالتأنّي صَرفَ دَهري / وأَعلم أَن سيظفرُ من تأَنّى
وأَدفعُ فادحاتِ الخطب عنّي / بِتَفويضي إذا ما الخَطبُ عنّا
وَلا واللَهِ لا أَرجو ليُسري / وَعُسري غيرَ من أَغنى وأَقنى
وَما قَصدي بتحبيرِ القَوافي / سوى لفظٍ أُحبِّرُه وَمَعنى
لأَستَجني ثمارَ القول مَدحاً / لمن أَضحى بطيبةَ مُستَجِنّا
وَمَدحُ محمَّدٍ شَرفي وفخري / وَهَل شَرَفٌ وَفَخرٌ منه أَسنى
إِمامُ الأنبياء وَخَيرُ مولىً / به سَعِد الوَرى إِنساً وجِنّا
رَقى بكماله رُتبَ المَعالي / وحلَّ من العُلى سهلاً وحَزنا
هدى اللَهُ الأَنامَ به وأَهدى / لمن والاه إِيماناً وأَمنا
وَكَم قد نالَ من يُسراهُ يسراً / أَخو عُسرٍ ومن يُمناه يُمنا
وَكَم وافاهُ ذو كربٍ وحُزنٍ / ففرَّج كربَه وأَزال حُزنا
وَأَغنى بائساً وَكَفاه بؤساً / وأَنجد صارخاً وأَصحَّ مُضنى
ختامُ جميع رسل اللَه حقّا / وَمبدأ كلِّ إِحسانٍ وحُسنى
بمولده أَضاءَ الكونُ نوراً / وأَشرقَ في البسيطةِ كُلُّ مغنى
وَفاخرت السماءَ الأَرضُ لمّا / غدت بقدومِه السامي تُهنّى
فَخارٌ لا يساويهِ فخارٌ / مَناطُ النَجم من أَدناهُ أَدنى
تَبيدُ له اللَيالي وهو باقٍ / وَيَفنى الواصِفون وليس يَفنى
لمعجزِهِ أَقرَّ الضدُّ عجزاً / وَظلَّت عنده الفُصحاء لُكنا
مَثاني تقشعرُّ له جُلودٌ / وَيَغدو كُلُّ قَلبٍ مطمئنّا
فَيولي كلَّ مَن والاهُ ربحاً / وَيُعقب كلَّ من ناواه غبنا
وَزالَت مُعجزاتُ الرُسل معهم / وَمعجزُ أَحمِدٍ يَزدادُ حُسنا
هُوَ المختارُ من أَزلٍ نَبيّاً / وَما زالَت له العَلياء تُبنى
براهُ واِصطَفاهُ اللَهُ قِدماً / وَأَعلاهُ وأَسماهُ وأَسنى
وَأَرضعَه ثُديَّ المجد دَرّاً / وآواه من العَلياء حضنا
وَصيَّره حَبيباً ثم أَسرى / به لَيلاً فقرَّبه وأَدنى
كذلك كُلُّ محبوب يوافي / أَحبَّته إذا ما اللَيلُ جَنّا
سَما السبعَ الطِباق وبات يَسمو / إلى رُتبٍ هناكَ له تسَنّا
فراح يجرُّ أَذيالَ المَعالي / وَيسحبُ فوق هام المجد رُدنا
فمن كمحمَّدٍ إن عُدَّ فخرٌ / سَما بالفخر منفرداً وضِمنا
أَجلُّ المرسَلين عُلاً وَقَدراً / وأَرجحهُم لدى التَرجيح وَزنا
وأَعظمُهم لدى البأساء يُسراً / وأَسمحُهم إذا ما جاد يُمنى
وأَشرفُ من تقلَّد سيفَ حقّ / وهزَّ مثقَّفَ الأَعطاف لَدنا
فَجلّى في رِهان الفضل سَبقاً / وَجلّى عن سَماء الحقِّ دَجنا
وَطهَّر بالمواضي رجسَ قومٍ / جفته قلوبُهم حسداً وضِغنا
وخُيِّرَ فيهمُ أَسراً ومَنّاً / فأَطلق أَسرَهم وعفا ومَنّا
وراموا منه إِحساناً وفضلاً / فأَوسعهم بنائله وأَغنى
وَكَم للهاشميِّ جميلَ وصفٍ / عليه خناصرُ الأشهاد تُثنى
وَماذا يبلغُ المُثني على من / عليه إلَهُهُ في الذِكرِ أَثنى
أَلا يا سيِّد الكونين سَمعاً / لداعٍ سائلٍ أَمناً ومنّا
وَغوثاً يا فدتكَ النَفسُ غَوثاً / فقد شفَّ الأَسى جِسمي وأَضنى
فَما في الخلقِ أَسرعُ منك نَصراً / لملهوفٍ وأَسمعُ منكَ أذنا
وَها أَنا فيك قد أَحسنتُ ظَنّي / فحاشا أَن تخيِّبَ فيكَ ظنّا
وَكَيفَ يَخافُ ريبَ الدهر عَبدٌ / تَكونُ له من الحدثانِ حِصنا
أَرومُ فكاك أَسري من زَمانٍ / عَلقتُ بكفِّه الشلّاءِ رَهنا
وَأَرجو النَصرَ منكَ على عدوٍّ / متى اِستقبلتُه قَلبَ المِجَنّا
رَكنتُ إليكَ في أَسري ونَصري / وَحَسبي جاهُك المأمول رُكنا
وَكَم لي فيكَ من أَملٍ فسيحٍ / ستُنجحُهُ إذا ما الدَهرُ ضنّا
وَقَد طالَ البِعادُ وَزاد شوقي / إليكَ وعاقَني دهري وأونى
فأَبدلني بِبُعدِ الدار قُرباً / وبوِّئني بتلكَ الدارِ سُكنى
وَجُد لي بالشَفاعة يَومَ حشري / وأَسكنّي من الجنّاتِ عَدنا
عَلَيكَ صَلاةُ رَبِّك ما تَغنّى / حمامُ الأيك في فَنَنٍ وحَنّا
وآلِك وَالصحابةِ خيرِ آلٍ / وَصَحبٍ ما شدا شادٍ وغنّى
اِشرب هَنيئاً عليك التاج مرتفقا
اِشرب هَنيئاً عليك التاج مرتفقا / بصوت شادٍ ودضع شاذاً وغمدانا
إِن كانَ أَلبسَت العليا ابنَ ذي يَزنٍ / تاجاً فقد أَلبستك اليومَ تيجانا
أَيا ماجِداً قد أَتقنَ اللَّفظَ وَالمعنى
أَيا ماجِداً قد أَتقنَ اللَّفظَ وَالمعنى / وَمَعهُ من الإحسان ما لم يكن مَعنا
إليكَ فقد صيَّرتَ سَحبان مُفحماً / وأَخجلتَ بالإفضال يا سيِّدي مَعنا
بانوا فَليت غَرامي بعدَهم بانا
بانوا فَليت غَرامي بعدَهم بانا / واِستشعر القَلبُ بعد البَين سُلوانا
لا بل سَروا بفؤادي قبلَ سيرهم / وأَبدَلوا من جَميلِ الصَبرِ أَحزانا
هَل يَعلَم الصَحبُ أَنّي بعد فُرقتِهم / أَبيتُ أَرعى نجومَ اللَيل سَهرانا
أَقضي الزَمانَ ولا أَقضي به وَطَراً / وأَقطعُ الدَهرِ أَشواقاً وأَشجانا
ولا غَريبَ إِذا أَصبَحتُ ذا حَزَنٍ / إنَّ الغَريبَ حزينٌ حيثما كانا
أَرى فؤادي وإِن ضاقَت مسالكُه / بمدح نَجل رَسول اللَهِ جَذلانا
عمّار أَبنيةِ المجد الَّذي رَفَعت / آباؤُه الغرُّ من ناديه أَركانا
السيِّدُ الماجدُ النَدبُ الشَريفُ ومن / قد بذَّ بالفضل أَكفاءً وأَقرانا
سما به النسبُ الوضّاح فاِجتمعت / فيه المَحامدُ أَشكالاً وأَلوانا
يا واسعَ الخُلق إِفضالاً ومكرُمةً / وموسعَ الخَلق إِنعاماً وإِحسانا
فُقتَ الكرامَ بما أَولَيتَ من كَرَمٍ / لِلَّه درُّك مِفضالاً ومِعوانا
ما قلتَ في المجدِ قَولاً يوم مُفتخر / إِلّا أَقمتَ عليه منك بُرهانا
لا زلتَ في الدَهر مرضيَّ العُلى أَبَداً / وَنائلاً من إِلَه الخَلق رِضوانا
عَلَيكَ منّي سَلامُ اللّه ما صَدحت / ورقُ الحمام وهزَّ الريحُ أَغصانا
شَوقي إليكم يا أَهل ودّي
شَوقي إليكم يا أَهل ودّي / أَلَّف بينَ الأَسى وَبَيني
هَذا وَشَوقي لكم أَراه / شَوقاً لِنَفسي من غير مَينِ
وصدقُ ما أَدَّعيه فيكم / أَنَّ عليّاً أَبو الحُسَينِ
يا بارِقاً صَدَع الدُجى لمعانُهُ
يا بارِقاً صَدَع الدُجى لمعانُهُ / وَسَرى يهلُّ على الحِمى هتّانُهُ
باللَه إن يمَّمت منزلَنا الَّذي / بانَت وَما بانَ الهوى سُكّانهُ
بلِّغ تحيَّتيَ العَفيفَ أَخا العُلى / أَصفى الأَخلّاءِ المعظَّم شانُهُ
واِشرح له شَوقي إليه وصِف له / وَجدي الَّذي يَقضي به وجدانُهُ
واِحذر عليه أَن تبثَّ جميعَ ما / قاسيتُه كيلا يَذوبَ جَنانُهُ
وأَجبه عمّا قد حَواه كتابُه / من عِقد نظمٍ فصِّلت عِقيانُهُ
لا يحسَبَن أَنّي سَلوتُ جنابَه / هَيهات عزَّ أَخا الأَسى سلوانُهُ
لَم أَنس أنساً كان لي بِلقائِه / طابَت معاهدُه وطاب زمانُهُ
أَيّامَ روضُ العيش يشرق نَورُه / وَتميسُ من طربٍ به أَغصانهُ
يا أَيُّها الشَهمُ الَّذي أَثنى على / فتكاته يومَ الطِعان سنانُهُ
أَهديتَ من غررِ المَعاني مُعجزاً / بهرَ العقولَ بديعُه وبيانُهُ
لِلَّه درُّك ناطقاً يَقضي على / حُرِّ الكَلام بما يَشاءُ لسانُهُ
ومحبِّراً وشيَ القَريض إذا اِمتطى / متنَ البراعَة للبَيانِ بَنانُهُ
ومبرّزاً إِن رام سَبقاً أَقصَرت / عن أَن تحاولَ شأوَه أَقرانُهُ
قَسَماً بأَيمان الفتوَّة والوَفا / وَقَديم عَهدٍ أسِّست أَركانُهُ
إِنَّ الوداد كما عهِدت وإنَّما / هَذا الزَمانُ تلوَّنت أَلوانُهُ
والعذرُ في تركي دعاءَك مسرعاً / عذرٌ وحقِّك واضحٌ برهانُهُ
لكن عَسى قد آن إِبّانُ اللِقا / والشيء يُقبِلُ إِن أَتى إِبّانُهُ
فيلين من دَهري بذلك ما قسا / وَيَعودَ بعد إِساءَةٍ إِحسانُهُ
يا راحلينَ وهم في القَلب سكّانُ
يا راحلينَ وهم في القَلب سكّانُ / هَل غَيرُ قَلبي لكم مأوى وأَوطانُ
خذوا من الأَرض أَنّى شئتم نُزُلاً / فأَنتم في سويدا القَلب قُطّانُ
وأَنتَ يا حاديَ الظُعن الَّتي ظعنت / فيها العشيَّةَ أَقمارٌ وأَغصانُ
باللَه إِن لم يكن بدٌّ لمن ظعنوا / من منزل بالحِمى تأويه أَظعانُ
فعُج بشرقيِّ وادي الرَمل من إضم / حيثُ الغضا والأَضى والرندُ والبانُ
لعلَّهم أَن يَحلّوا منه منزلةً / كانوا يحلُّونها والدهرُ جَذلانُ
أَيّامَ أَختالُ في برد الصِبا مَرَحاً / والعمرُ غضٌّ وصفو العيش فَينانُ
لا أَوحشَ اللّهُ من ناءٍ تؤرِّقُني / ذكراه وهو خليُّ البال وَسنانُ
أَذوى وَريق شَبابي بعدَه ظمأٌ / وَغصنُه من مياهِ الحُسن ريّانُ
حَيّا به اللَهُ يَوماً روحَ عاشقه / فإنَّما هو للأَرواح رَيحانُ
قد جلَّ في حُسنه عن أَن يقاسَ به / ظبيٌ وَبَدرٌ وأَغصانٌ وكثبانُ
لِلَّه كَم فيه مِن حُسنٍ يُدِلُّ به / لو كانَ يشفعُ ذاك الحسنَ إِحسانُ
يا عاذلي في هَواه لا ترم شططاً / دَعني فعذلُك شانٌ والهوى شانُ
وَاللَه ما جادَل العذالَ عاشقُه / إلّا وقام له بالحسنِ بُرهانُ
وأَين من سمعيَ اللاحي وزُخرفُهُ / ولي من الحُبِّ سُلطانٌ وَشيطانُ
وَلَيلةً بات بَدري وهو مُعتنقي / فيها سُروراً وبدرُ الأُفق غَيرانُ
فظلَّ يَنقَعُ من قَلبي غَليلَ جوىً / إذ كانَ من قبل إِعراضٌ وهجرانُ
حتّى بدا الفَجرُ فاِرتاعت كواكبُها / كأَنَّها نَقَدٌ وَالفَجرُ سرحانُ
فَقامَ يَثني قواماً زانَه هَيَفٌ / كأَنَّه بِمُدام الوصل نَشوانُ
وَراحَ وَالدَمعُ من أَجفانِه دُرَرٌ / وَرحتُ والدَمعُ مِن جفنيّ عِقيانُ
لِلَّه أَزمانُ وَصلٍ قد مَضَت وقضت / أَن لا تَعودَ بها ما عشتُ أَزمانُ
مرَّت فَلَم يَبقَ لي إلّا تذكُّرُها / وذكرُ ما قد مَضى للوجد عنوانُ
فَيا زَمانَ اللِوى حيِّيتَ من زَمَنٍ / ولا أَغبَّ اللِوى وَالسَفحَ هتّانُ
تُبدي السلوَّ وأَنتَ مُرتهَنُ
تُبدي السلوَّ وأَنتَ مُرتهَنُ / وَخفيُّ سرِّك في الهَوى علنُ
هَذي شهودُ الحبِّ ناطقة / لا الروحُ تُكذبُها ولا البَدنُ
إِن رمتَ تكتمُ ما تكابدُه / بعدَ النَوى فلرأيكَ الغَبَنُ
ما زالَ يُجهدُك الغَرامُ أَسىً / حتّى جَفا أَجفانَكَ الوسنُ
في كُلِّ حين للفؤادِ شجىً / يُوهي العزاءَ وَللهَوى شجنُ
أَنّى لِقَلبكَ أَن يُقالَ صحا / وَثَنى جُموحَ ضَلالِهِ الرَسَنُ
قَد كانَ أَولاكَ النصوحُ هُدىً / لَو أَنَّه في النُصح مؤتَمَنُ
لكن تَعامى عن نصيحتِه / منك الفؤادُ وَصُمَّت الأذنُ
وغدوتَ تخطرُ في بُلهنيَةٍ / من صفوِ عيشكَ والهَوى فِتَنُ
يُصيبكَ كُلُّ مهفهفٍ نَضِرٍ / من قَدِّه يَتَعلَّمُ الغُصنُ
فتنَ القلوبَ بحسن طلعتِه / فَكأَنَّهُ في حُسنه وثنُ
وأَراكَ من باهي محاسِنِه / مِنحاً ولكن دونَها مِحَنُ
أَمّا الغَرامُ فقد مُنيتَ به / فَعلامَ يرهنُ عزمَك الوَهنُ
قَد طالَ مُكثُكَ حيث لا وَطَرٌ / يَصفو به عَيشٌ ولا وَطَنُ
وأَضرَّ قَلبكَ طولُ مُغتَرَبٍ / لا مَسكَنٌ يَدنو ولا سَكَنُ
فإلامَ تَرضى لا رَضيتَ بأَن / يُنمى إِليك العجزُ والجُبُنُ
أَحلا لِنفسِكَ أَن يُقالَ لَها / هَذا عليٌّ حَطَّه الزَمَنُ
حصل الجَهولُ على مآربه / وَمَضى بغير طِلابِه القَمنُ
حتّى مَتى قولٌ ولا عَمَلٌ / وإلى مَتى قصدٌ ولا سَنَنٌ
ما شانَ شأنَك قطُّ منتقِصٌ / أَنتَ العليُّ وذكركَ الحَسَنُ
فاِقطَع برحلكَ حيث لا عَتَبٌ / واِربأ بعرضِكَ حيث لا دَرَنُ
واِفخر بسَبقكَ لا بِسَبق أَبٍ / فخراً فأَنتَ السابق الأرِنُ
إِن يبلَ ثوبُك فالنُهى جنَنٌ / أَو تودَ خَيلُك فالعُلى حُصُرُ
لا تَبتَئِس لملمَّة عرضَت / لا فرحة تَبقى ولا حَزَنُ
ذكرَ الخَيفَ والحِمى وَحَجونَه
ذكرَ الخَيفَ والحِمى وَحَجونَه / فَذرى دمعَه وأَبدى مَصونَه
وَأَعادَ الهوى له عيدَ وجدٍ / منع النوم بالبُكاءِ جفونَه
لا تَلوموه إِن بَكى من جَواهُ / وأَجدَّ الأَسى عليه جنونَه
كُلُّ صبٍّ إذا تذكَّرَ يوماً / هَيَّج الذكرُ وجدَه وشجونَه
يا نَزولاً ببطن مكَّةَ عَطفاً / بمحبٍّ أَبَحتُمُ اليومَ هونَه
مولَعٍ بالأَسى عزيزِ تأَسٍّ / قرَّح الدمعُ خدَّه وشؤونَه
قد أَطلتم مطلَ المحبِّين فاِقضوا / دَين صَبٍّ أَذقتموه مَنونَه
ثم إِن شئتُمُ صِلوا أَو فصدّوا / ما عليه إذا قضيتم ديونَه
لَولا اِزديارُكِ في الكَرى وَهنا
لَولا اِزديارُكِ في الكَرى وَهنا / كانَ السهادُ لطرفِه أَهنا
أَلَطيفُ كانَ أَرقَّ منك له / لَولا الصَباحُ لزارَه مَثنى
إِن تمنعي يَقظى زيارتَه / فَلَقَد أَبحتِ وصالَه وَسنى
يا ظبيةً بالسَفح راتعةً / تَشتو الغضا وتربَّعُ الحزَنا
إن ينأَ حيُّك فالهَوى أمَمٌ / أَو تَقصَ دارُك فالحَشى مَغنى
ما كُنتُ أَحسبُ قبل فُرقتنا / أن سوفَ تغلقُ مُهجَتي رَهنا
وَلَقَد سأَلتُ عَريفَ ركبِهمُ / عنها فقال ترحَّلت مَعنا
لِلَّه مسكنُها على إِضمٍ / لَو دامَ لي وَلهاً به السُكنى
إِذ كانَ رَوضُ صَبابَتي نَضِراً / غضّاً وغصنُ شَبيبَتي لُدنا
أَيّامَ تُسعدني بزورتِها / سُعدى وَكُلُّ لُبانتي لُبنى
لَم أَنسَها وَالبينُ يُزعجها / تُبدي العزاءَ وتكتم الحُزنا
حتّى إِذا جدَّ الرَحيلُ بها / بلَّت سجالُ دموعِها الرُدنا
واهاً لَها من غادةٍ سكنت / منّي الحشى إِذ حاولت ظَعنا
قد بعتُها روحي بلا ثَمَنٍ / لا أَشتَكي في صفقتي غَبنا
غَرّاء يَحكي الصبحُ غرَّتها / لكنَّ صبحَ جبينها أَسنى
تَربو على أَترابها حَفَراً / وَتَفوقُ غرَّ لِداتها حُسنا
نشرت ذوائبَها عَلى قَمَرٍ / وَثَنَت على حِقفِ النَقا غُصنا
لِلَّه أَيُّ محاسنٍ جُليت / لَو كانَ يَشفعُ حسنَها حُسنى
وَمؤنِّبٍ فيها يُزخرفُ لي / نُصحاً وَلَيسَ لنُصحه مَعنى
ما ضرَّه همّي ولا وَصَبي / قَلبي الكَئيبُ وجسمي المُضنى
هَيهات يُسلي العذلُ لي كَلَفاً / ويطرِّقُ التأنيبُ لي أذنا
أَمعلنَ النَوح في أَغصانِه شجناً
أَمعلنَ النَوح في أَغصانِه شجناً / خفِّض عليك فقد أَودى بك الشجنُ
هَذي غصونُك لا تنفكُّ مائسةً / وَذاكَ إِلفُكَ لم يَعصِف به الزَمَنُ
فَكَيفَ بي لا أَزالُ الدهرَ منفرداً / جافي المضاجِع لا إِلفٌ ولا سَكَنُ
ألوى بحادثِ عَهدي حادِثٌ جللٌ / وَشفَّني مِن زَماني الهمُّ والحَزَنُ
إِلهي أَنتَ ذو فَضلٍ ومنِّ
إِلهي أَنتَ ذو فَضلٍ ومنِّ / وإِحسانٍ يزيدُ على التَمنّي
وَعفوك شاملٌ أَهلَ الخَطايا / وإِنّي ذو خَطاءٍ فاِعفُ عنّي
وظنّي فيك يا ربّي جَميلٌ / وَعادتك الجَميلُ بغير ضَنِّ
وَها أَنا فيك قد أَحسنت ظنّاً / فحقِّق يا إلهي حُسنَ ظَنّي
أَيا سُحبَ نيسانَ روّي الكروم
أَيا سُحبَ نيسانَ روّي الكروم / لترويَ خمرتها الأَكرَمينا
إذا القَطرُ أَمكنَه أَن يَكون / سُلافاً فَلا كان دُرّاً ثَمينا
وَاللَّه لَو رمتُ في غَرامي
وَاللَّه لَو رمتُ في غَرامي / إِلزامَ من عنه قد نَهاني
أَقمتُ من حاجبَي حبيبي / عليه بُرهانا اِقتراني
يَقول تفّاحُنا الزاهي بنضرته
يَقول تفّاحُنا الزاهي بنضرته / وَقَد جنته يَدُ الجاني من الفَنَنِ
وَقلَّدته يدُ الحسناءِ عاتقَها / ما أبتُ من غُصنٍ إلّا إلى غصنِ
لمّا جَنى الطرفُ وردَ وجنتِهِ
لمّا جَنى الطرفُ وردَ وجنتِهِ / عذَّب قَلبي بنارِ هجرانِ
فَقُلتُ قد جرتَ يا فديتُك بي / عذَّبتَ قَلبي وطرفيَ الجاني
ذهبت فنونُ مسرَّتي فتنوَّعت
ذهبت فنونُ مسرَّتي فتنوَّعت / في القَلب من وَجدٍ فنونُ شجونِ
يا من بُكاه لفقد فنٍّ واحدٍ / إنّي اِمرؤ أَبكي لفقد فنونِ
أَيا بانياً عُليا القُصور مؤمّلاً
أَيا بانياً عُليا القُصور مؤمّلاً / أَماناً من الدنيا ونيلَ أَمانِ
أَقلَّ البنا فالدَهرُ يومٌ وَلَيلَةٌ / عجولانِ للأَعمار ينتهبانِ
وَقُل للَّذي لا يَنتَهي عن بنائِها / مَتى يأتِ أَمرُ اللَه ينتهِ بانِ
قِف بالعُذيب وحيِّ حيَّ قطينِه
قِف بالعُذيب وحيِّ حيَّ قطينِه / واِستسق عَينَك في مراتع عينِهِ
واِحذر هنالكَ من ظِباءِ كناسِه / إِن كنتَ لا تخشى أسودَ عَرينِهِ
وإِن اِدَّعيتَ خلوَّ قلبك في الهَوى / فمن اِبتَلاهُ بوجدِه وحنينِهِ
هَيهات لا يُغني الحذارُ إذا بَدَت / تلك الدُمى بين الحِمى وحجونِهِ
ومحجَّبٍ إِن لاح تحت ردائِه / أَبصرتَ بدرَ التمِّ فوق جَبينِهِ
ما هزَّ ذابلَ قدِّه إلّا غدت / شغفاً تسيل عليه نفسُ طعينِهِ
لا يخدعنَّكَ منه لينُ قوامه / هَذا الَّذي صَدَع القُلوبَ بلينِهِ
قد أَخجل المرّانَ حالي قدِّهِ / وَالبيضَ في الأَجفان سود جفونِهِ
لَولا تلوّنُ ودِّه ما كانَ لي / طَرفٌ يَحار الدَمعُ في تَلوينِهِ
عابَ الكواشحُ مَينَه في وعده / هبهُ يَمينُ أَلَستُ ملكَ يمينهِ
ما هيَّمت قَلبي فنونُ هيامه / حتّى رأى في الحسن حسنَ فنونِهِ
وَكتمتُ عَن نَفسي حَديثَ غرامه / حذراً عليه ولَم أفُه بمصونِهِ
فالقَلبُ لا يَدري بعلَّة وجده / وَالعَقلُ يَجهَلُ من قَضى بجنونِهِ
وَمؤنِّبٍ لي في البكاءِ كأَنَّني / أَبكي إذا جدَّ الأَسى بعيونِهِ
ظنَّ الهَوى سهلَ المرام وما درى / أنَّ المنى في الحُبِّ دون منونِهِ
ماذا عليه وما شجاه ولوعُهُ / إِن باتَ قَلبي مولَعاً بشجونِهِ
زعم النصيحةَ حين أَرشَدني إلى / ترك الهوى من جدِّه ومُجونِهِ
كلّا وعيشِك لو أَراد نصيحتي / لَم يَرضَ لي أَني أَعيشُ بدونِهِ
لِلَّه مدرسةٌ علا بنيانُها
لِلَّه مدرسةٌ علا بنيانُها / وَسَما على فَرق السماء مكانُها
قد شادها ملكُ المُلوك بهمَّةٍ / عَليا فأَصبح في علوٍّ شانُها
سلطانُ شاهِ حسينٍ الملك الَّذي / طابَت به الدُنيا وطاب زَمانُها
فغدت تنافسها السَماوات العُلى / إِذ زاحمت أَفلاكها أَركانُها
آوى بها كلَّ العلوم فأَصبحت / وَطناً لها إذ أَقفرت أَوطانُها
فَلِذا أَتى تاريخُ عامِ تمامها / مغنى هدىً فحوى الهدى بنيانُها
لا زالَ بانيها المَليكُ مؤيَّداً / باللَه ما أَحيا العلومَ بيانُها
وعليٌّ بن نظامٍ الداعي له / بدوام دولته السَعيدِ قِرانُها
هو ناظم الأَبيات يُزري نظمُها / بلآلئ الجيد البهيِّ جُمانُها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025