القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمّد سَعيد الحَبّوبي الكل
المجموع : 14
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ / بَينَ سَلعٍ وَالكَثيبِ الأَيمنِ
دَبَّجَت تُربَك وَطفاءُ سُكوب /
يَضحَكُ البَرقُ بِها وَهيَ قُطوب /
ثَرَّةُ الآماقِ تَهمي وَتَصوب /
لَزِمَت جَوَّكَ لا تَعدو ثَراك / تَهزِمُ المَحلَ بِجَيشِ المُزُنِ
وَكَساكَ الرَوضُ مِن وَشيِ الأَقاحِ /
مِطرَفاً تَصقُلُهُ كَفُّ الرِياحِ /
إِنَّما الزَهرُ جَلابيبُ البِطاحِ /
كَم حَكى مَنسوجُهُ لَمّا كَساكَ / وَشيَ مَصنوعٍ بَصَنعا اليَمَنِ
وَتَغَنّى في رُباكَ العَندَليبْ /
يَرقُصُ الغُصنُ لَهُ وَهوَ رَطيبْ /
وَثَراكَ اِختالَ في بُردٍ قَشيبْ /
مِن أَنيقِ الوَردِ وَالرَندِ يُحاكْ / فَيوَشّي نَسجَهُ بِالسَوسَنِ
فيكَ ميعادُ التَداني وَالوِصالِ /
وَاِقتِضاءُ الدينِ مِن بَعدِ المَطالِ /
وَمَلاهينا بِرَبّاتِ الحِجالِ /
فَرَعاكَ اللَهُ مَغنىً وَسَقاكْ / واكَفُ الغَيثِ بِهامٍ هَتِنِ
مُذ وَميضَ البَرقِ مِنكَ اِئتَلَقا /
ضَرَبتَ أَسماءَ وَعدِ المُلتَقى /
فيكَ لي لا بِأَثيلاتِ النَقا /
هُنا يا سَعدُ فقِفْ بي لا هُناكْ / فَهُنا عَرَّجَ بي مُرتَهِني
حَبَّذا تُربِكُ لا المِسكُ الفَتيقْ /
حَبَّذا واديكَ لا وادي العَقيقْ /
كَم حَجَجنا لَكَ مِنْ فَجٍّ عَميقْ /
فَوقَ عيسٍ حَلَّ مَسراها سِواكَ / صَبَغتَ لاحِبَها بالفَرْسَنِ
لِيَ غَزالٌ فيكَ لَم يَأوِ الكِناسِ /
يَرتَعُ القَلبُ وَلا يَرتَعُ آسِ /
ريقُهُ صَهباءٍ وَالمَبسِمُ كاسِ /
قامَ بِالحُسنِ مَليكاً وَمَلاكِ / ناعِسُ العَينَينِ صَلتَ المَرسَنِ
زارَني وَهناً إِذا اللَيلُ سَجا /
بَمُحيّا قَد بَدا فَاِنبَلَجا /
كُلَّما مَزَّقَ جِلبابَ الدُجى /
ظَلَّ في أَصداغِهِ السودُ يُحاكِ / وَيوشيهِ بِكَحلِ الأَعيُنِ
زارَني بِالسَفحِ مِن رَملِ الكَثيبُ /
فَتَعانَقنا وَقَد غابَ الرَقيبُ /
مِثلَما اِلتَفَّ قَضيبٌ بِقَضيبُ /
كُلَّما قَبَّلتُهُ قالَ كَفاكَ / قُلتُ مِن خَدَّيكِ وَرداً أَجتَني
فَاِنثَنى وَاِزوَرَّ مِن تَقبيلِهِ /
نادِماً مِنّي عَلى تَنويلِهِ /
فَرَأَيتُ الشَكلَ مِن إِنجيلِهِ /
قُلتُ يا أَقصى المُنى روحي فِداكَ / ما جَرى قالَ أَما قَبَّلتَني
قُلتُ خُذ عَن قُبلَةٍ مِنّي قَبلُ /
قالَ ما كُلُّ رَوىً يَشفي الغُلَلُ /
قُلتُ مَن لي بِسَجاياكَ الأُوَلُ /
قالَ لي هَيهاتَ مَن يَسمَعُ ذاكَ / أَم أَوفى لا تُباري مَظعَني
شَهِدَت لي بِالهَوى تِلكَ القُدودِ /
فَقَضى الحُسنُ لِتَعديلِ الشُهودِ /
وَمُذ اِستَشهَدَت في تِلكَ الخُدودِ /
قيلَ لي كَذِبٌ وَزورُ مَدعاكَ / أَنَّها مَجروحَةً بِالأَعيُنِ
يا غَزالُ السَفحِ مِن وادي زَرودِ /
كُن كَما شِئتَ بِوَصلٍ أَو صُدودِ /
سَلَفَت مِن أَهلِ تَيماءِ العُهودِ /
لَستُ أَشكو لِزمانٍ مِن نَوالِ / لِيَدٍ بَلَغَتها مِن زَمَني
يَومَ تَزويجِ فَتى المَجدِ حُسَينِ /
طَيِّبُ العِرقِ شَريفُ الحُسبَينِ /
وَخَتّانَ النَجبُ اِبنُ الأَنجُبَينِ /
مَن تَرَبّى وَهوَ في حِجرِ السِماكِ / وَهوَ مِن دَوحِ العُلى كَالفِنَنِ
قُل بِيَومٍ فازَ فيهِ النَيِّرانِ /
ذاكَ في عُرسٍ وَهَذا في خَتّانِ /
سَعدُ ما أَسعَدَ هَذا مِن قَرانِ /
رَصَدَت عَينُ العُلى هَذا وَذاكَ / فَهُما مِنهُما بِمَرأى بَينِ
يا حُسَينُ نِلتَ غاياتَ المُنى /
بِمَسَرّاتٍ جَلَت عَنّا العَنا /
فَأُهنيكَ كَما شاءَ الهَنا /
وَأَهني يا أَخا البَدرَ أَخاكَ / بِالَّذي سَرَّكُم بَل سَرَّني
ذاكَ مَن عَمَّهُم جودُ يَدِهِ /
ذاكَ مَن سادَهُم في مَحتِدِهِ /
ذاكَ مَن ساغَ الوَرى مِن مَورِدِهِ /
ذاكَ مَن ذاكَ وَهلُ تَعرِفُ ذاكَ / ذاكَ مَن أَضحى سَمِيَّ الحُسنِ
نَجعَةَ المُسنِتِ وَالدَوحُ سَليبُ /
وَثَمالُ الوَفدِ وَالعامُ جَديبُ /
لَم يَزَل بَينَ بَعيدٍ وَقَريبُ /
فيهِ مِن أَسرِ يَدِ الضُرِّ فِكاكُ / عارِضٌ لِلمُجتَدي وَالمُجتَني
بَحرُ جودٍ في وُرودٍ وَصُدورِ /
عِب حَتّى جازَ أَوكارَ النُسورِ /
تَغرَقُ الشِعري بِهِ وَهيَ العُبورِ /
وَتَسامى سَمكٌ فيهِ السِماكُ / سايِغُ مَورِدُهُ لَم يَأجِنِ
عَقَدَ الفَخرُ لَهُ تاجُ الفِخارِ /
وَلَكُم طاوِلُهُ قَرمُ فِخارِ /
أَينَ شُهبُ اللَيلِ مِن شَمسِ النَهارِ /
فَليَخفِض إِنَّهُ لَيسَ هُناكَ / وَليَعرُج لِلحَضيضِ الأَحزَنِ
لا تَقسِهِ في دَكاءِ باياسِ /
وَبِمَعنِ كَرَماً إِذ لا يُقاسِ /
خالِصُ التِبرِ بِقُطرٍ وَنُحاسِ /
أَو يُساوي التاجَ نَعلٍ وَشِراكٍ / أَم سَنا الشَمسُ كَلَيلٍ أَدكَنِ
عاشَرَ الأَقرانَ في خَفضِ الجَناحِ /
ذاكَ عَن خَلقٍ رَضِيَ وَصَلاحِ /
أَنتَ في السَملِ كَمَن خافَ الكِفاحِ /
فَإِذا نَبَّهَكَ الهَولُ رَآكَ / أَرقَماً سابَ لَهُ مِن مَكمَنِ
يَرشَحُ السُمُّ شَواظاً في شَواظِ /
نافِثُ اللَدغَةِ مِزوَرُّ اللِحاظِ /
وَكِلَّتُهُ نَفسُ حَرٍّ بِالحِفاظِ /
فَهوَ في شَوكٍ هوانٍ لا يُشاكِ / وَكَذا مَن لَم يَهِن لَم يَهِنِ
يَئِستُ مِن طَيشِهِ قِوسُ الزَمانِ /
يَأسٌ مَن جاراهُ في حَوزِ الرِهانِ /
أَطلَقوا في جَريِهِم فَضلَ العِنانِ /
فَكَبَّت أَرجُلَهُم دونَ مَداكِ / وَاِستَكانوا بَعدَ جَيشٍ أَرعَنِ
قُل لِمَن جاراهُ فَليَلوِ القِيادِ /
رامَ ما مِن دونِهِ خَرطُ القَتادِ /
وَالسَواري لا تُباريها الوُهّادِ /
بَل إِذا ما المُشتَري رامَ عُلاكَ / قَعَدَت هِمَّتُهُ بِالثَمَنِ
أَنتُما في أُفُقِها كَالفَرقَدَينِ /
كَثُرَ النَجمُ وَكانا أَوحَدَينِ /
لا يُواخي حُسناً إِلّا حُسَينِ /
بِالتِزامٍ لا يُوازيهِ اِنفِكاكَ / أَبدَ الدَهرِ وَعُمرَ الزَّمَنِ
فَاِسمَعا غَرّاءَ مِن سَرحِ القَصيدْ /
لَو رَآها الحَرثُ يَوماً أَو لَبيدْ /
وَزِيادٌ وَجَريرٌ وَالوَليدْ /
وَهيَ تَجري بِاِنسِكابِ وانسِباكْ / لَغَدا مِصقَعُهُم كَالأَلكَنِ
زَهرُ رَملٍ جادَهُ الطَلُّ السَقيطُ /
لَو رَآها مَن بِهِ مالِ الغَبيطُ /
ظَلَّ مِن غُرِّ المَعاني يَستَشيطُ /
وَرَآها وَقفا نَبكِ هُناكَ / مِثلَ شَمسٍ وَظَلامٍ مُردَنِ
هِيَ بَكرٌ قَد وَهى بُرقُعُها /
تَصدَعُ الشّاني وَلا يَصدَعُها /
بَل هِيَ الشَمسُ غَدا مَطلَعُها /
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ / بَينَ سَلعٍ وَالكَثيبِ الأَيمنِ
هزت الزوراء أعطاف الصفا
هزت الزوراء أعطاف الصفا / وصفت لي رغدة العيش الهني
فارع من عهدك ما قد سلفا / وأعد يا فتنة المفتتن
عارض الشمس جبيناً وجبين / لنرى أيكما أسنى سنا
واسب في عطفك عطف الياسمين / وانثن إذا غصناً إذا الغصن انثنى
حبذا لو قلبك القاسي يلين / إنما قدك كان الألينا
فانعطف غصناً إذا ما انعطفا / قدك المهزوز هز الغصن
إن في خديك روضاً شغفا / مقلة الرائي وكف المجتني
يا غزال الكرخ وأوجدي عليك / كاد سري فيك أن ينهتكا
هذه الصهباء والكاس لديك / وغرامي في هواك احتنكا
فاسقني كأساً وخذ كأساً إليك / فلذيذ العيش أن نشتركا
أترع الأقداح راحاً قرقفا / واسقني واشرب أو اشرب واسقني
ولماك العذب أحلى مرشفا / من دم الكرم وماء المزن
من طلا فيها الندي ابتسما / إذ سرت تارج في نشر العبير
أطلعت شمس سماها أنجما / من حباب ولها البدر مدير
فاسما أرض أو الأرض السما / إذ غدت تلك كهذي تستنير
في ربوع ألبستها مطرفا / أنمل الزهر من الوشي السني
وحمام البشر فيها هتفا / معرباً في لحنه لم يلحن
وحميا الكاس لما صفقت / أخذت تجلى عروساً بيديه
خلتها في ثغره قد عتقت / زمناً واعتصرت من وجنتيه
من بروق بالثنايا ائتلقت / في عقيق الجزع أعني شفتيه
كشفت ستر الدجى فانكشفا / وانجلى الأفق بصبح بين
أكسبتنا سقتنا نطفا / خفة الطبع وثقل الألسن
سلها حمراء من إبريقه / بسنا تحسبها نار الفريق
وغدا يمزحها من ريقه / حبذا مزج رحيق برحيق
رقصت بالدن من تصفيقه / حبباً كالدر في ذوب العقيق
رسب الياقوت فيها وطفا / فوقه لؤلؤه الرطب السني
ما رآها البرق إلا انشغفا / بسناها شغف المفتتن
أنت يا روح المنى روحي فداك / مسقمي حباً ومبرمي سقمي
أتشكي لك من سيف جفاك / لا تبح يا مانع الريق دمي
قد شربت الخمر لكن كلماك / ما رأت عيني ولا ذاق فمي
لو به ابتل غليلي لا نطقا / لا بدمعٍ حره أشعلني
كلما كفكفت منه وكفا / فوق خدي وكيف المزن
أصبحت روحي في مثل الخلال / إذا تلاشى الجسم في علته
وأنا أصبحت روحي في مثل الخلال / إذ تلاشى الجسم في علته
وأنا أصبحت عن شخصي مثال / بارزاً للناس في صورته
من رآني خالني طيف الخيال / واعتراه الشك في يقظته
لا تسلني عن نحولي فجفا / ناحل الأجفان قد أنحلني
من لذي جسم عليل نحفا / بالهوى ليت الهوى لم يكن
من رشاً لما تبدى رايعاً / أشرق افتر تثني نفرا
قمراً تماً وبرقاً لامعاً / وقناً لدناً وظبياً أغفرا
إن بدا الربيع اليانعا / وعن الزهر المندى أسفرا
خده والصدغ فيه اكتنفا / وردة محفوفة في سوسن
أو شقيق فوقه الآس ضفا / أو كمي متقٍ في جوشن
أو هو الديباج زرته الحسان / في قميص من حرير أخضر
أو هو الياقوت في عقد الجمان / ناطه الزنجي فوق المنجر
أو هو الجمر ذكا بين الدخان / أو هو الكافور تحت العنبر
أو هو الدينار حين انصرفا / في يمين الحبشي الأدكن
أو هو المريخ شق السدفا / وتراءى في الظلام المردن
قرطوه بالثريا والأثير / ولووا في جيده طوق الهلال
وكسوه دون موشي الحرير / قمص العز وأبراد الدلال
وجلوه جلوة البدر المنير / قمراً يشرق في برج الجمال
كسروي الشكل رومي القفا / يوسفي الحسن صلت المرسن
قلبه ينحت من صم الصفا / وجنى وجنته الورد الجني
أنا أساد الشر دون الشرى / تتقيني فلماذا أتقيه
من مريض الجفن كم قد شهرا / صارماً فيه حمى رشفة فيه
ودمي طل لديه هدرا / أتراه أن ودي القتل يديه
ما له ساق لجسمي التلفا / وهو في شرع الهوى لم يضمن
لا تقل يحكم فينا جنفا / إنه أدرى بهذي السنن
وافر الأرداف أبدت نقصه / بدقيق الخصر إذ رجت لديه
ما تأملت بعيني شخصه / غيرةً من نظرة العين عليه
ولو استطاعت لكانت قمصه / أعين ما نظرت إلا إليه
إنها منذ تولى وجفا / هجرت حتى لذيذ الوسن
أنا أهوى أنا يراها مألفاً / لتقيه أعيني من أعيني
ملك بالحسن أضحى معجباً / وهو لا يحكم إلا في القلوب
إن جنى ذنباً تجنى مغضبا / وله من ذنبه نحن تنوب
من رأى قبلك يا غض الصبا / مذنباً يجزي بريئاً بالذنوب
قلت إذ مر بقد أهيفا / ومن الدهشة ما يخرسني
أيها الساكن قلبي مألفا / كيف ترضى بحريق المسكن
فاحد بالركب إذا الركب حدا / فيه يوماً وأقم ما أن أقام
يممن نجداً إذا ما أنجدا / وإذا أتهم فالمسرى تهام
وهو أن يشهد فأم المشهدا / وسلام لك من دار السلام
إن ثوى جسمي فحل النجفا / ففؤادي عنده لم يظعن
أين من حلو بجمع والصفا / من مقيم بالغري الأيمن
أيها العذال كفو عذلكم / بالهوى العذري عذري اتضحا
وامنحوا يا أهل نجد وصلكم / مستهاماً يتشكى البرحا
واذكروني من ذكراي لكم / رب ذكرى قلبت من نزحا
الوفا يا عرب يا أهل الوفا / لا تخونوا عهد من لم يخن
لا تقولوا صدع عنا وجفا / عندكم روحي وعندي بدني
أنا ما حولت عند شغفي / لا ولا من سكرتي فيكم صحوت
عنكم لم أسل في شيءٍ وفي / قربكم عن كل شيء قد سلوت
ليس في الدنيا صفي أو وفي / أنا قد جربت جيلي وبلوت
فلكم جبت إليكم نفنفا / طالباً أو انكم من وطني
فحفت عيسي ومن بعد الحفا / لم تجد بالربع غير الدمن
يا معيسيل اللمى خذ بيدي / أنا في حبك مشبوب غريق
بت أستشفي بدمعي كبدي / كيف يستشفى حريق بحريق
فخذوا دمعي وردوا كمدي / ليس لي فيكم رفيق أو فريق
أسفاً من أهل نجد أسفا / كيف أهواهم وهم من زمني
وإذا نبت البطاح اختلفا / غلب الشوك على الورد الجني
لا تخل ويك ومن يسمع يخل / أنني بالراح مشغوف الفؤاد
أو بمهضوم الحشا ساهي المقل / أخلجت قامته سمر الصعاد
أو بربات خدور وكلل / يتفنن بقرب وبعاد
إن لي من شرفي برداً ضفا / هو من دون الهوى مرتهني
غير أني رمت نهج الظرفا / عفة النفس وفسق الألسن
لست بالغيد مشوقاً مغرما / لا ولا استسقيتهن الأكؤسا
أو تصبيني الغواني بعدما / حاك لي مبيض فودي برنسا
فابغ من حزمك طرفاً ملجما / إذ غدت خيل التصابي شمسا
وإله واسل ويك عمن سلفا / عهده حتى كأن لم يكن
أن يخنك الصبر فالأنس وفى / يوم تزويج الفتى عبد الغني
سعد بالسعد انجلى قطر العراق / مالئاً بالبشر أقطار الملا
وحميا الكاس تجلو الرفاق / وبها مجلس أنسي كملا
فاسقني أسقيت بالكأس الدهاق / أننا اليوم بلغنا الأملا
فاتل من غر القوافي صحفا / ما يعيها القلب قبل الأذن
حاليات بتهاني المصطفى / وأخي الحمد أخيه الحسن
عارضاً عافٍ وروضاً رائد / نبتاً من قبل نبت العارضين
أملاً راجٍ وغيظاً حاسد / من رأى الغيظين كانا أملين
ما تعدى واحد ع واحد / باقتران كاقتران الفرقدين
جريا مجراهما ما اختلفا / مستقلين معاً في سنن
لا يزل شملهما مؤتلفا / أبد الدهر وعمر الزمن
قل لشاني المصطفى كنت الفدا / للذي ترهب من أنصله
ملك ما إن تجلى أو بدا / سجد الدهر على أرجله
وإذا غاضت ينابيع الندى / أخذت تمتاح من أنمله
والحيا من راحتيه اغترفا / فسقى الأرض بغيث هتن
تحسب التبر لديه خزفا / باذلاً ما يقتنه المقتني
يتبع الهمة ماضي عزمه / فيرى الأبعد أدنى ما ينال
ونزاه هينا في سلمه / وإذا ناضل يصمي بالنضال
لا تهال الحرب إلا باسمه / وهو من حرب الضواري لا يهال
يسم الصعب إذا ما أرجفا / سمة الذل إلى أن ينثني
لو بشم الراسيات اعتكفا / واختفى خائفه لم يأمن
وأخوه القرم وقاد الذكا / كاد أن يهتك أستار الغيوب
كلما صوب فكراً أدركا / خالص الرأي من الرأي المشوب
قد براه اللَه ملكاً ملكا / طيب الأعراق تهواه القلوب
جاء في الحلم يضاهي الأحنفا / وحجىً رضوى به لم يوزن
وذكاءً وتقىً ما عرفا / لأياس و أويس القرني
ترجمت خلقك لي ريح الصبا / مذ سرى طبعك في أنفاسها
فسرت تفضح أزهار الربى / بشذىً فاق الشذى من آسها
كاد لولا شأنه أن يشربا / طبعك المصبي الطلا في كاسها
بمراس لك لو لان الصفا / ملمساً ملمسه لم يلن
وشبا عزم يفل المرهفا / ويقود الصعب قود المذعن
أنتما من أسرة المجد الأثيل / ما تخطى بعضهم عن بعضهم
ورثوا المجد قبيلاً عن قبيل / وتعاطوه تعاطي فرضهم
وإذا ما أجدب الربع المحيل / أخصبت جوداً مغاني أرضهم
هذه العلياء لا ما زخرفا / من أسانيد دنيٌّ لدني
شرفاً آل المعالي شرفا / فيكم أشرق وجه الزمن
كانت الدنيا جماداً يبسا / فسقوها وهم أندى المزن
بيد قد عم حين انبجسا / سيبها أهل الصحاري والمدن
وأبي لولاكم لا ندرسا / مربع العلياء لا بل لم يكن
وغدا المعروف قاعاً صفصفا / ليس في مغناه غير الدمن
نتم جددتموه مذ عفا / وأبنتم منه ما لم يبن
أنتم الناس بلى ثم بلى / والأيادي البيض أقوى حجج
أنتم الناس فخاراً وعلا / وسواكم من سوام الهمج
عطل الأجياد من كل حلى / لم يسيروا للعلى في منهج
حاولوا العز فنالوا الصلفا / وتولوا باشتباه بين
سيري الرائي إذا ما انكشفا / ذلك السر انكشاف العلن
فرس العلياء مانفكت جموح / لم ترض ظهراً لمن يركبها
كم رأت من جسد ما فيه روح / فرمته ما دري مذهبها
لا تغرنك أجساد إلا خزفا / أي ومن في فضله سددني
سل عن العسجد مني صيرفا / إنني أدري بما في معدني
لا تؤمل من لئيم كرما / ليس للطرف دخان طيب
وإذا استجديت يوماً ديما / فاختبر أي الغمام الصيب
دع أناساً قد تصدوا برما / وهم في جب جهل غيبوا
قد تود الأرض أن تنخسفا / وهم في ظهرها كالبدن
لم تجد فلي مائهم قط صفا / لا ولا في الكأس غير الدرن
أنتم القوم الذين اتسعا / في معاليهم مجال الشعرا
حاولوا حصراً لها فامتنعا / وأبت شهب السما أن تحصرا
سلم الفضل لكم لو أنصفا / مستبد بلجاج بين
ذاك لو أصغى لشعري انكسفا / وتلوي كتلوي المحجن
يا أبا الهادي وما أملحها / كنيةً تحلو مذاقاً بفمي
هاكها غراء قد وشحها / لؤلؤ لولاك لم ينتظم
أملت منك بأن تمنحها / بقبول منك يا ذا الشيم
لم أقل ما قلت إلا شغفا / بك يا حلية جيد الزمن
ليس قصدي وقصيدي اختلفا / أنا من وافق سري علني
طرز خديك العذران
طرز خديك العذران / تطريزة الورد بريحان
خداك من ورد ومن نرجس / عيناك والقامة من بان
مرائر العشاق شققتها / فاخضر منك الأحمر القاني
لو كنت في دار كمصر وفي / حي مدانٍ حي كنعان
ما كنت إلا يوسفا يا رشا / أو فقته يا يوسف الثاني
أغيذ كالدمية أقراطه / قد علقت تعليق أوثان
يا من رأى في الأرض بدر السما / أشرق في صورة إنسان
جال فؤادي إن مشى مثلما / في خصره جال الوشاحان
ووافى وقد شع صباح الدجى / فقلت قد شع صباحان
طاف ومن فيه ومن كفه / كاسان للنادي وخمران
وزهوة اللهو استطارت به / نغمة أوتار والحان
يروح مرتاحاً وأيدي الصبا / تهزه هزة جذلان
والراح في راحته شعلة / تؤجج الليل بنران
خفف طبعي شربها مثلما / دبيبها ثقل أجفاني
يا لائمي اليوم في حبه / مهلاً فما شأنكما شاني
هاموا هيامي فيك لو أنهم / قد عرفوا معناك عرفاني
لكن تجليت فأعشيتهم / بفرط أنوار ونيران
لولاك لم أهجر لذيذ الكرى / ولم أهون هجر أوطاني
واللَه لا أسلوك يوماً ولا / أملك لو حاولت سلواني
روحي في روحك ممزوجة / وبما تمرج روحان
حتى كأني منك في وحدة / لو صح أن يتحد اثنان
أصبحت من حبك في جنة / تبهج في حور وولدان
ومن حصى حصبائها راقني / ما راق من در ومرجان
هل شاقك الحي الذي شاقني / حلوا بأعلى رمل نعمان
يشتبه البان بقاماتهم / مثل اشتباه البان بالبان
أهواهم لم أهو إلا هم / هوى تلاشى فيه جثماني
أفرح أن يدن أهيل الحمى / وأن نأوا كابدت أحزاني
لا الدار داري بعقيق الحمى / كلا ولا الجيران جيراني
أغضبني فيهم زماني وفي / عبد الحسين المجد أرضاني
أبيض في هاشم كالغرة ال / بيضاء في جبهة عدنان
لشيبة الحمد وعمرو العلي / والغر من شيب وشبان
فرع نما من أصل جرثومة / تنبت في هامة كيوان
مخايل المجد به بشرت / عاقدة أصدق أيمان
أن سوف يرقى درجات العلى / لا مبطئاً ريثا ولا واني
من يره يعرف ذرى مجده / والكتب تستقصي بعنوان
والفجر قبل الشمس مستقدم / والنور قبل الثمر الداني
زفت إليه خير مزفوفة / للطهر ينميها الكريمان
أهي زليخا يوسف لا ولا / ويحك بلقيس سليمان
لا بل سليل الوحي زفت إلى / أربعة سورة قرآن
يا راكب الوجناء زيافة / تلف غيطاناً بغيطان
عنس كتيس القاع جفالة / في دوها إجفال ظلمان
تطوي الدياميم بأخفافها / طيا كمنشورة قمصان
عرج على يثرب واحبس بها / والتثم والترب بأجفان
مسلماً أعظم تسليمة / على عظيم القدر والشان
أحمد من صلى مليك السما / عليه واختص برضوان
وهن في فرحة أبنائه / مقامه واسجع بألحان
فيا علي القدر يا حائزاً / رهن العلى في كل ميدان
السابق الول أنت الفتى / وجعف لاحقك الثاني
تفاوت السن تفاوتما / وأنتما في المجد سيان
يا جعفر الفضل وبحر الندى / كفاك للوافد بحران
أتحفت في سيبك كل الورى / جنسين من إنس ومن جان
بلى وبالهادي اهتدت للعلى / وللندى مقلة حيران
يهوي قرى الضيف ولو لم يجد / ضيفاً لقاسى وجد ولهان
فتى كغصن البان حتى إذا / صال فمن آساد خفان
أخف من طبع الصبا طبعه / وحلمه أخشب ثهلان
لا تك محتجاً على فضله / ما احتاجت الشمس لبرهان
أولئك القوم بحور الندى / يجلون للقاصي وللداني
رف الرجا حول عطاياهم / رفيف عشب حول غدران
بنوا وأعلوا بيت أكرومة / والكل من معلٍ ومن باني
عذراً لكم إن مزاياكم / لم يحصها محص بتبيان
والشهب من حاول تعدادها / حاولها من غير أمكان
كم من جديد العيش في عزة / تدوم ما كر الجديدان
بشرى العراق بمن وافاه بشرانا
بشرى العراق بمن وافاه بشرانا / بطلعة عاد فيها المجد جذلانا
إذ شع نور شعاع في مطالعه / وطبق الأرض إنجاداً وغيطانا
سرت بمقدمك الأيام فابتدرت / تزجي بشائرها مثنى ووحدانا
قد كنت كالغيث لا ترفض عن بلد / إلا وطبقتها سهلاً وأحزانا
قد أذنب الدهر ذنباً جاء معتذراً / منه إليك يرجى منك غفرانا
اليوم أصبح وجه الدهر مبتسما / وعاد طلق المحيا مثلما كانا
فالبدر قد تم بدراً في تنقله / ولو أقام ببرج زاد نقصانا
من نازح يحدو العراق ظعونه
من نازح يحدو العراق ظعونه / قلب سرى لما أهاج شجونه
ومودع للركب ود بأنه / لو قد أسال مع الدموع عيونه
لم تقطع الأظعان ميلاً في السرى / إلا وكحل بالسهاد جفونه
قطعت بهم سهل الغميم وحزنه / فسقى الغميم سهوله وحزونه
من كل أوطف ما تغنى رعده / إلا وأرخص بالدموع شؤونه
فترى الدموع تخالها بحراً طمى / وترى الحمول تخالهن سفينه
وذكرت في ذي البان ميس قدودهم / فغدوت من شغف أضم غصونه
قالوا أشاب البين مفرق رأسه / كذبوا ولكن قد أشاب عيونه
يا قلب حسبك بالغرام رهينة / شط الغريم وما قضاك ديونه
لم يسلني عنه السرور بعودتي / إن سر من خلق الهوى محزونه
كلا ولا النكبات تطرق ساحتي / إذا ليس ما لاقيت إلا دونه
وكأنني من حي ليلى سامر / حسب النقا بالأجرعين حجونه
وإذ لثمت الترب فيه تسليا / عمن به سحب الدلال قرونه
فلأنهكن القلب من حسراته / يوم الترحل أو يجن جنونه
ما عاطش أورى الأوام بقلبه / لهباً وقد شرب الأوام عيونه
حتى إذا وجد المعين بقربه / وجد الركي وقد أضل معينه
فغدا يعض على الأنامل حسرة / ندماً ويصفق بالشمال يمينه
ظمآن ظن حياته مشمونة / فغدا يكذب بالحياة ظنونه
يوماً بأوجد من فؤادي لوعة / لما حدا حادي الظعون ظعونه
أجرت سحاب دموعك الدمن
أجرت سحاب دموعك الدمن / فاليوم سرك في الهوى علن
كم تسأل الدمن التي درست / عنهم وليس تجيبك الدمن
ظعنوا أهيل محجر سحراً / سحراً أهيل محجر ظعنوا
فاليوم طرفك كله أرق / منهم وقلبك كله شجن
تبدي الحنين وراءهم ولهاً / كالنيب عن لقلبها الوطن
فالقلب في الأحمال مرتحل / والجسم بالأطلال مرتهن
لك بالحدوج وأهلها رشأٌ / رشأٌ أقل صفاته الحسن
غصن ولكن وجهه قمر / قمر ولكن قده غصن
النقع يحجب حجبه أبدا / وتمد ظلا فوقه البدن
قد خان عهدي في لقاه رشا / أبدا على الأرواح مؤتمن
زار وطرف الشهب سهران
زار وطرف الشهب سهران / أحوى غضيض الطرف وسنان
خاض الدجى والليل مسودة / أرجاؤه والنجم حيران
قد راقب الغفلة حتى أتى / مذ كان للغفلة إمكان
ونحن بالجرعاء من عالج / تضمناً بيدٌ وغيطان
للراح في راحتنا أكؤسٌ / كأنها يا سعد تيجان
يطوف فيها رشأ أغيد / أحوى رشيق القد وسنان
مفلج المبسم معسوله / فهو بما في فيه نشوان
والفرع يحمي الذرع عن ثغره / عقارب منه وثعبان
حتى تولت خطوات الدجى / وبان للورقاء ألحان
قام لتوديعي وفي خده / للدمع من عينيه نهران
فالدمع من عيني ومن عينه / كأنه در ومرجان
في أول الليل بظلمائه / وصل وبالآخر هجران
فهل عسى ينكر ما قد مضى / وهل يرى لي عنه سلوان
ماحيلتي والكرخ دار له / ودارنا يا صاح كوفان
من لي بنائية المزار قريبة
من لي بنائية المزار قريبة / مني قد اتخذ فؤادي مسكنا
رجراحة الأعطاف لو هز الصبا / أعطافها لرأيت رجراج القنا
عيناء لو نظرت إليك بأعين / وسنانة تجد الصوارم أعينا
وردية الوجنات إلا أنها / بسوى اللواحظ وردها لا يجتني
وبمهجتي منها لئالئ مبسم / فالبرق ينتهب الدجى ما بينا
جاء معطرة الثياب كأنما / نشر الربيع الطلق فاح بها لنا
شاهدت منها ورقة قد أتلعت / لي جيدها ورأيت غصناً لينا
لم أنس قولتها ورقة لفظها / والعيس نحو الخيف قافلة بنا
لولا المواثيق التي ما بيننا / ما إن لقيت سوى القطيعة عندنا
ماذا هدوك في الدجى وأخو الهوى / قلق الوسادة لا يقر من الضنى
فوجمت عن رد الجواب تلجلجا / والوجد ما أعيا الفصيح الألسنا
فتبينت حالي وهل يخفى الجوى / الداء يظهر للطبيب مبينا
نفسي بفتانة الألحاظ متونه
نفسي بفتانة الألحاظ متونه / بدرةٍ من فريد الدهر مكنونه
وردية لبست مخضر سندسها / كالجلنارة تزهر فوق زيتونه
وافت وأردافها ترتج تحسبها / دعصاً من الرمل والأحشاء موهونه
يا أيها المنتحيات فوق جسرته / قف لي بمنزلها إن جئت أو دونه
سئمت قناة الدهر منك طعانها
سئمت قناة الدهر منك طعانها / فلو استطعت إذن نزعت سنانها
ألقيت سلمك للنوائب عن يد / جذاء قد قطع الزمان بنانها
إن كنت أخشن ملمساً فلطالما / عرك الزمان عريكة فألانها
خفض عليك فلست واجد حيلة / تكفيك من نوب القضا حدثانها
ومهون بلوى المنية أنها / بلوى يعم طروقها حيوانها
فلو أن هذا الموت يفجع أسرة / ويعف عن أخرى فيرعى شانها
ما استل من حرم الكرام خبيئة / حجبت فما شهد الحمام مكانها
كيف اهتدى نظر الحمام الى التي / قد حفها ستر الكمال وصانها
إن غيبت بالقفر في ملحودة / فالغيث كان شهودها وعيانها
أو راعها شخص الردى فلطالما / كانت أظلته تروع جنانها
قطعت بنيل الخير مدة عمرها / وطوت بمنشور التقى أزمانها
فليهنها أن مقامها / فلقد أتت لما أتته جنانها
وضريحها قلب الضراح وإنما / دفنوا ببوغاء الثرى أكفانها
وغدت لها لها دار الإمامة دارة / وغدت ملائكة السما جيرانها
يا لا عدت قدسي تربك ديمة / ابكت عليك يد الردى أجفانها
وردت من الرضوان ألطف نهلة / فسقت ثراك مديمة هملانها
نجاجةٌ تحكي يد ابنك صالح / تلك التي جذ الزمان بنانها
الممتطي للمجد كل طمرةٍ / أبداً تصرف كفه أرسانها
العليم العلم الذي فخرت به / أم الفخار فشيدت أركانها
من لا يجاريه الكرام بحلبةٍ / فأقول حاز لدى السباق رهانها
وكفى الأمين من المفاخر أنه / ألقت إليه المكرمات عنانها
وله أيادٍ جمة لم يستطع / قس الفصاحة في النشيد بيانها
فتعز يا لا ساورتك مصيبة / نشرت بمطوي الجوى أشجانها
وعليك بالصبر الجميل فإنه / خلقٌ لنفسك في الرزية زانها
وإليكها ممن أحبك حكمة / زارت بك الزوراء يا لقمانها
وأسلم رغيد العيش بين عصابة / عقد لها كف العلى تيجانها
دام الربيع الغض في أوطانها / مما تجود بسيبها أوطانها
قد فلت لما أرخوا فليهنها / قد شاهدت وادي السلام مكانها
ابن لي نجوى لو تطيق بيانا
ابن لي نجوى لو تطيق بيانا / الست لعدنان فماً ولسانا
وابلغ خطاباً فالبلاغة سلمت / لكفيك منها مقوداً وعنانا
وجل يا جواد السبق في حلباتها / فهاشم سامت للسباق رهانا
أغيث الأيادي قد تقشع غيثها / وحين المعادي كيف حينك حانا
صرعت وما خلت الردى يصرع الردى / لعمري وما يفني الزمان زمانا
فيا صارماً لاقى من الموت صارما / بلى وسناناً ذاق منه سنانا
رماك الردى فينا بماضي سهامه / فأصمى لأحشاء الكمال جنانا
لقد حسرت فيه مقاتل غالب / وكم أفرغته نثرة لتصانا
أجوهرة الدنيا التي قد تزينت / به واكتسبت من بشره اللمعانا
حملت على الجيد الذي زتنه ثناً / لتجمع فيه جوهراً وجمانا
حجى حملت منك الرقاب وسؤددا / يعدان في الشم الرعان رعانا
بنعشك رضوى أم بنعشك يذيل / وما شأن ذين عز شأنك شانا
كأن رواسي الهضب أجنحة القطا / عليك لما ألزمتها الخفقانا
كأن مجاري الدمع أودية الحيا / تديم عليك الوكف والهملانا
تولي زمان الوصل لم نشعرن به / أجدك جدد للوصال زمانا
وما خلت أن الفضل آخر عهده / صبيحة عاتبنا بك الحدثانا
أرى لمثار الحزن زفة لاعج / لو اعترضت أقسى الأخاشب لانا
فإن مسحت كفي دموعي عذلتا / وقلت لمحزون خضبت بنانا
فيا صعدة قد أقصدت فتقصدت / بمن بعدك العليا تؤم طعانا
لقد أكبروا فيك النعي فكبروا / كما سمع الركب الهجود آذانا
أمستنهض الحي الحلال لغارة / ثويت ولم ترض الثواء زمانا
فكم لك إذ تدعو ابن أحمد ندبة / تزلزل رضوى أو تزيل إبانا
أطلت ولم تملل بكاك عليهم / فطال ولم نملل عليك بكانا
تمنيت أنت تبقى فتدرك ثارهم / منانا ولسنا بالغين منانا
لقد سرت عنا والغيوب فخلطت / خواطر وهمٍ أنفس تنفاني
فكم خلت أمراً كائناً ثم لم يكن / وكم خلت أمراً لا يكون فكانا
يذكرني النسران كفيك طائراً / علا في السما أو واقعاً يتدانى
وكم قولة أتبعتها صدق فعلة / وكم قائل قال الصواب فمانا
لقد كنت في الدنيا مقارن سعدها / عقيدين لكن قد وفيت وخانا
أمنت عليك الحتف أنك حتفه / وهل تركت كف المنون أمانا
بلى نحن في طيف الكرى وتخالنا / من السكر يقظى لا بطيف كرانا
بمعشوقة لم ترع ذمة عاشق / وشنآنة لم نولها الشنآنا
نرى وصلها وهو المحال فرضة / كما أوجبت هجراننا وجفانا
أجدك علمني لوصلك حيلة / فانت الذي علمتني الهيمانا
وهب أن سمعي قانع بحديثكم / أللعين معنى أو تراك عيانا
وما آسفاً ما إن مضي الدهر كله / هباء إذا أبصرت وجهك آنا
إلى النزوات العيس تلوي أعنة / وهيهات ليست تملك النزوانا
وليست تشيم البرق من أبرق الحمى / بلى قد تشم الشيح والعلجانا
وليست تنال الري عباً وعلها / إذا ظمئت أن تبلغ الرشفانا
فيا أخوي المدلجين كليهما / إذا جزتما الجرعاء فانتظرانا
ويا صاحبي لا تلو عنها معرقا / هلم لننعى من نحب كلانا
ولا تدع للنهج الذي أنت ناهج / سوى من يرى نار الحبيب عيانا
وقم نجتل النار التي قال خابط / من الناس حسبي أن رأيت دخانا
وإن لمعت فاقصد لمشرق ضوئها / وأم شروق الضوء لا اللمعانا
ولا يختلسك الوهم دون مكانها / فثم وإلا لا تحل مكانا
فمن للقوافي الغر بعدك حيدر / يساجل فيها دائناً ومدانا
فكم من كريم ألبست تاج مفرق / وكم من لئيم ألبسته عرانا
وكم درر أهديتها لمحمد / فكنت كمن حلى الجمان جمانا
فتى ساكت إلا عليه فم الثنا / ولا مسلس إلا إليه عنانا
هو ابن أبي شيخ الأباطح طالب / فقر مكيناً في العلى ومكانا
يعد صواباً كل مدح يزوره / وإن جازه أعددته الهذيانا
نحت بيته العليا فقر قرارها / ولولاه فرت تألف الجولانا
أناخت بمغناه مناخ إقامة / حميداً وألقت كلكلاً وجرانا
وهل غارب الوجناء يمسك كورها / إذا أنت لم تشدد عليه بطانا
ولن يملك العلياء إلا موفق / أعين على علاتها وأعانا
قد أطرح الناس العلى وطلابها / سواه فأضحى دائناً ومدانا
تناخ عجافاً عنده عيس وفده / فيقريهم أضعافهن سمانا
بما تسع البيد القفار موائداً / من الجزر استصغرتهن جفانا
لئن كان عن ريح الصبا خف طبعه / لما أدركت رضوى حجاه وزانا
رأى الغيب حقاً رأي غير مشاهد / فاعر عن مكنونه وأبانا
رأى بذله أن جاءه مستحقه / وأبصر من عنه يصان فصانا
وحسب حسين أنه من محمد / كما هو منه خبرة وعيانا
رضيعي لبان ثدي أم تحفالفا / إلا طاب ذياك اللبان لبانا
توركتما يا سيدي كلاكما / شوارف مجد لم يزلن هجانا
توركتماها واجديها نواعماً / إذا ما رآها الناكصون خشانا
وأحببتما حب المديح فسدتما / ولم تهجراه غفلة وهوانا
فلو دان ملك للثناء لدنتما / بلى لكما زان الثناء ودانا
وبالأنجبين الطيبين تعزيا / أجل بهما عظم الرزية هانا
عنيت حسيناً والأغر ابن عمه / جوادي رهان حائزين رهانا
فما جف ذاك السيل بل عاد ماؤه / غديرين من سلساله سقيانا
كقرطين حلي عاطل المجد فيهما / فزينا بدري النظام وزانا
هلالين في برج العلى قد تطلعا / فوافها برج الكمال قرانا
سقى مستهل العفو تربة حيدر / وإن حل منها روضة وجنانا
ودونكماها وردة في أوانها / فإن لأثمار القريض أوانا
وحسناء قد وافت أمام كواكب / تطلعن في وشي الجمال حسانا
مهذبة ألفاظها عربية / مذهبة أبياتها تتدانى
عراقية بكر المعاني تخالها / لهلهةٍ في لفظهن عوانا
شرود القوافي لم تطع كف لامس / فما برحت خلف الحجاب حصانا
تضيف إلى علم المعاني معانيا / وتنسق من علم البيان بيانا
ألا واملكوا رق الزمان بقيتم / بقية ما أبقى المليك زمانا
نكد الإقامة إن أقيم وتظعنا
نكد الإقامة إن أقيم وتظعنا / وعناي أني لا أشاطرك العنا
متحمل عن واجد تشتاقه / من قبل أن يلقاك تزمع مظعنا
أأبيح الحان القصيد مراثيا / من بعد أن كانت تعود بالهنا
قد كان في ضح المنى وبقاعها / أمد ولكن الزمان تلونا
وتصفت أغصان كل مسرة / من بعد ما أخضرت وراقت مجتنى
يا بدر عاكرة الظلام ولم يكن / للبدر ما لك من سناء أو سنى
فرقت ما بين الرقاد وناظري / وجمعت ما بيني وما بين الضنى
غادرت أيامي علي ليالياً / وتركت لي عد الكواكب ديدنا
يا جيرتي الغادين صرح ركبهم / بالبين فانقطع التزوار بيننا
فبأدمعي لكم العقيق وسفحه / وبأضلعي لكم الغضا والمنحنى
ما خلت قبلك أن ركن متالع / للقبر ينقل كي يضم ويدفنا
لم أرض عيني أن تبل حشاشتي / ولو أن فيك اليوم عادت أعينا
لك جثة لو أن موسى زارها / ما أم من واديه طوراً أيمنا
ولو أن في رمل الغري وشعبه / نادى شعيباً ما استقل المدينا
فكأن قبرك يوم ذلك كعبة / كل بقبلتها أقام وأذنا
عرست والعليا يحالفك الهدى / ورحلت والتقوى يشيعك السنا
حفت بنعشك كي تؤمن جأشها / إذ لم تجد من بعد موتك مأمنا
إنيرزء القمر التمام فحسبه / بأبي الغني وعن سواه به الغنى
وأبيك لا ينهد سمك دعامة / بالمصطفى أضحت مشيدة البنا
ملك تحوك له المفاخر مطرفا / ويبيت مضطجعاً على شوك القنا
فهو الصفي إذا يسمى المصطفى / لصفائه وأبا الغنى إذا اكتنى
يرنو الرجاء إلى بحرو نواله / فإذا بلغت إليه بلغت المنى
أيقنت وجهك مصحفاً فقرأته / فوجدته بالبينات معنونا
تبدو طلاقتك لكل مؤمل / منه كأن البشر منه تكونا
وتصول منه بواضح متبلج / ما إن ألم الخطب أو حان الحنا
لم أحص فضلك في بديع مقالتي / ولو أن عندي من لساني ألسنا
صبراً بني البيت الرفيع عماده / فالدهر عبدكم أساء وأحسنا
ألقى الإله عليكم عن أسهم إلا / حداث من نسج الحماية جوشنا
فعليك بالصبر الجميل فإنه / خلق المهذب إن أسر وأعلنا
فالصبر أجمل بالحليم عواقباً / من أن يطيل مناحة أو يحزنا
نفساً مهذبة وأصلاً رائقاً / ويداً مقبلةً وفضلاً بينا
بعيني من يروق العين حسناً
بعيني من يروق العين حسناً / رشا من وجنتيه الورد يجنى
ثقيل الردف رجرجه التثني / بنفسي ما ترجرج أو تثني
إذا خف القوام به نهوضاً / تقول له روادفه تأنا
ترنحه النسائم حيث هبت / ويرقصه الحمام إذا تغنى
فإما لاح فهو يلوح شمسا / وأما ماس فهو يميس غصنا
فإن عبدتك رهبان النصارى / فقد الفوا لديك جليل معنى
وأن أقض بحبك مستهاما / فكم قبلي قضى صبح معنىً
قضى القيسان قبلي قيس ليلى / من الهجر الطويل وقيس لبنى
شجاني إن شممت رياحا نجد / وشمت بها وميض البرق هنا
أما والبيت والسبع المثاني
أما والبيت والسبع المثاني / لقد حكم الغرام على جناني
وفي برج الجمال من الحسان /
لنا قمر سماوي المعاني / تشكل للعيون بشكل ريم
تملك بالجمال على البرايا / وأصبحت القلوب لها رعايا
به اختلفت عناوين القضايا /
على عينيه عنوان المنايا / وفي خديه ترجمه النعيم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025