المجموع : 14
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ / بَينَ سَلعٍ وَالكَثيبِ الأَيمنِ
دَبَّجَت تُربَك وَطفاءُ سُكوب /
يَضحَكُ البَرقُ بِها وَهيَ قُطوب /
ثَرَّةُ الآماقِ تَهمي وَتَصوب /
لَزِمَت جَوَّكَ لا تَعدو ثَراك / تَهزِمُ المَحلَ بِجَيشِ المُزُنِ
وَكَساكَ الرَوضُ مِن وَشيِ الأَقاحِ /
مِطرَفاً تَصقُلُهُ كَفُّ الرِياحِ /
إِنَّما الزَهرُ جَلابيبُ البِطاحِ /
كَم حَكى مَنسوجُهُ لَمّا كَساكَ / وَشيَ مَصنوعٍ بَصَنعا اليَمَنِ
وَتَغَنّى في رُباكَ العَندَليبْ /
يَرقُصُ الغُصنُ لَهُ وَهوَ رَطيبْ /
وَثَراكَ اِختالَ في بُردٍ قَشيبْ /
مِن أَنيقِ الوَردِ وَالرَندِ يُحاكْ / فَيوَشّي نَسجَهُ بِالسَوسَنِ
فيكَ ميعادُ التَداني وَالوِصالِ /
وَاِقتِضاءُ الدينِ مِن بَعدِ المَطالِ /
وَمَلاهينا بِرَبّاتِ الحِجالِ /
فَرَعاكَ اللَهُ مَغنىً وَسَقاكْ / واكَفُ الغَيثِ بِهامٍ هَتِنِ
مُذ وَميضَ البَرقِ مِنكَ اِئتَلَقا /
ضَرَبتَ أَسماءَ وَعدِ المُلتَقى /
فيكَ لي لا بِأَثيلاتِ النَقا /
هُنا يا سَعدُ فقِفْ بي لا هُناكْ / فَهُنا عَرَّجَ بي مُرتَهِني
حَبَّذا تُربِكُ لا المِسكُ الفَتيقْ /
حَبَّذا واديكَ لا وادي العَقيقْ /
كَم حَجَجنا لَكَ مِنْ فَجٍّ عَميقْ /
فَوقَ عيسٍ حَلَّ مَسراها سِواكَ / صَبَغتَ لاحِبَها بالفَرْسَنِ
لِيَ غَزالٌ فيكَ لَم يَأوِ الكِناسِ /
يَرتَعُ القَلبُ وَلا يَرتَعُ آسِ /
ريقُهُ صَهباءٍ وَالمَبسِمُ كاسِ /
قامَ بِالحُسنِ مَليكاً وَمَلاكِ / ناعِسُ العَينَينِ صَلتَ المَرسَنِ
زارَني وَهناً إِذا اللَيلُ سَجا /
بَمُحيّا قَد بَدا فَاِنبَلَجا /
كُلَّما مَزَّقَ جِلبابَ الدُجى /
ظَلَّ في أَصداغِهِ السودُ يُحاكِ / وَيوشيهِ بِكَحلِ الأَعيُنِ
زارَني بِالسَفحِ مِن رَملِ الكَثيبُ /
فَتَعانَقنا وَقَد غابَ الرَقيبُ /
مِثلَما اِلتَفَّ قَضيبٌ بِقَضيبُ /
كُلَّما قَبَّلتُهُ قالَ كَفاكَ / قُلتُ مِن خَدَّيكِ وَرداً أَجتَني
فَاِنثَنى وَاِزوَرَّ مِن تَقبيلِهِ /
نادِماً مِنّي عَلى تَنويلِهِ /
فَرَأَيتُ الشَكلَ مِن إِنجيلِهِ /
قُلتُ يا أَقصى المُنى روحي فِداكَ / ما جَرى قالَ أَما قَبَّلتَني
قُلتُ خُذ عَن قُبلَةٍ مِنّي قَبلُ /
قالَ ما كُلُّ رَوىً يَشفي الغُلَلُ /
قُلتُ مَن لي بِسَجاياكَ الأُوَلُ /
قالَ لي هَيهاتَ مَن يَسمَعُ ذاكَ / أَم أَوفى لا تُباري مَظعَني
شَهِدَت لي بِالهَوى تِلكَ القُدودِ /
فَقَضى الحُسنُ لِتَعديلِ الشُهودِ /
وَمُذ اِستَشهَدَت في تِلكَ الخُدودِ /
قيلَ لي كَذِبٌ وَزورُ مَدعاكَ / أَنَّها مَجروحَةً بِالأَعيُنِ
يا غَزالُ السَفحِ مِن وادي زَرودِ /
كُن كَما شِئتَ بِوَصلٍ أَو صُدودِ /
سَلَفَت مِن أَهلِ تَيماءِ العُهودِ /
لَستُ أَشكو لِزمانٍ مِن نَوالِ / لِيَدٍ بَلَغَتها مِن زَمَني
يَومَ تَزويجِ فَتى المَجدِ حُسَينِ /
طَيِّبُ العِرقِ شَريفُ الحُسبَينِ /
وَخَتّانَ النَجبُ اِبنُ الأَنجُبَينِ /
مَن تَرَبّى وَهوَ في حِجرِ السِماكِ / وَهوَ مِن دَوحِ العُلى كَالفِنَنِ
قُل بِيَومٍ فازَ فيهِ النَيِّرانِ /
ذاكَ في عُرسٍ وَهَذا في خَتّانِ /
سَعدُ ما أَسعَدَ هَذا مِن قَرانِ /
رَصَدَت عَينُ العُلى هَذا وَذاكَ / فَهُما مِنهُما بِمَرأى بَينِ
يا حُسَينُ نِلتَ غاياتَ المُنى /
بِمَسَرّاتٍ جَلَت عَنّا العَنا /
فَأُهنيكَ كَما شاءَ الهَنا /
وَأَهني يا أَخا البَدرَ أَخاكَ / بِالَّذي سَرَّكُم بَل سَرَّني
ذاكَ مَن عَمَّهُم جودُ يَدِهِ /
ذاكَ مَن سادَهُم في مَحتِدِهِ /
ذاكَ مَن ساغَ الوَرى مِن مَورِدِهِ /
ذاكَ مَن ذاكَ وَهلُ تَعرِفُ ذاكَ / ذاكَ مَن أَضحى سَمِيَّ الحُسنِ
نَجعَةَ المُسنِتِ وَالدَوحُ سَليبُ /
وَثَمالُ الوَفدِ وَالعامُ جَديبُ /
لَم يَزَل بَينَ بَعيدٍ وَقَريبُ /
فيهِ مِن أَسرِ يَدِ الضُرِّ فِكاكُ / عارِضٌ لِلمُجتَدي وَالمُجتَني
بَحرُ جودٍ في وُرودٍ وَصُدورِ /
عِب حَتّى جازَ أَوكارَ النُسورِ /
تَغرَقُ الشِعري بِهِ وَهيَ العُبورِ /
وَتَسامى سَمكٌ فيهِ السِماكُ / سايِغُ مَورِدُهُ لَم يَأجِنِ
عَقَدَ الفَخرُ لَهُ تاجُ الفِخارِ /
وَلَكُم طاوِلُهُ قَرمُ فِخارِ /
أَينَ شُهبُ اللَيلِ مِن شَمسِ النَهارِ /
فَليَخفِض إِنَّهُ لَيسَ هُناكَ / وَليَعرُج لِلحَضيضِ الأَحزَنِ
لا تَقسِهِ في دَكاءِ باياسِ /
وَبِمَعنِ كَرَماً إِذ لا يُقاسِ /
خالِصُ التِبرِ بِقُطرٍ وَنُحاسِ /
أَو يُساوي التاجَ نَعلٍ وَشِراكٍ / أَم سَنا الشَمسُ كَلَيلٍ أَدكَنِ
عاشَرَ الأَقرانَ في خَفضِ الجَناحِ /
ذاكَ عَن خَلقٍ رَضِيَ وَصَلاحِ /
أَنتَ في السَملِ كَمَن خافَ الكِفاحِ /
فَإِذا نَبَّهَكَ الهَولُ رَآكَ / أَرقَماً سابَ لَهُ مِن مَكمَنِ
يَرشَحُ السُمُّ شَواظاً في شَواظِ /
نافِثُ اللَدغَةِ مِزوَرُّ اللِحاظِ /
وَكِلَّتُهُ نَفسُ حَرٍّ بِالحِفاظِ /
فَهوَ في شَوكٍ هوانٍ لا يُشاكِ / وَكَذا مَن لَم يَهِن لَم يَهِنِ
يَئِستُ مِن طَيشِهِ قِوسُ الزَمانِ /
يَأسٌ مَن جاراهُ في حَوزِ الرِهانِ /
أَطلَقوا في جَريِهِم فَضلَ العِنانِ /
فَكَبَّت أَرجُلَهُم دونَ مَداكِ / وَاِستَكانوا بَعدَ جَيشٍ أَرعَنِ
قُل لِمَن جاراهُ فَليَلوِ القِيادِ /
رامَ ما مِن دونِهِ خَرطُ القَتادِ /
وَالسَواري لا تُباريها الوُهّادِ /
بَل إِذا ما المُشتَري رامَ عُلاكَ / قَعَدَت هِمَّتُهُ بِالثَمَنِ
أَنتُما في أُفُقِها كَالفَرقَدَينِ /
كَثُرَ النَجمُ وَكانا أَوحَدَينِ /
لا يُواخي حُسناً إِلّا حُسَينِ /
بِالتِزامٍ لا يُوازيهِ اِنفِكاكَ / أَبدَ الدَهرِ وَعُمرَ الزَّمَنِ
فَاِسمَعا غَرّاءَ مِن سَرحِ القَصيدْ /
لَو رَآها الحَرثُ يَوماً أَو لَبيدْ /
وَزِيادٌ وَجَريرٌ وَالوَليدْ /
وَهيَ تَجري بِاِنسِكابِ وانسِباكْ / لَغَدا مِصقَعُهُم كَالأَلكَنِ
زَهرُ رَملٍ جادَهُ الطَلُّ السَقيطُ /
لَو رَآها مَن بِهِ مالِ الغَبيطُ /
ظَلَّ مِن غُرِّ المَعاني يَستَشيطُ /
وَرَآها وَقفا نَبكِ هُناكَ / مِثلَ شَمسٍ وَظَلامٍ مُردَنِ
هِيَ بَكرٌ قَد وَهى بُرقُعُها /
تَصدَعُ الشّاني وَلا يَصدَعُها /
بَل هِيَ الشَمسُ غَدا مَطلَعُها /
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ / بَينَ سَلعٍ وَالكَثيبِ الأَيمنِ
هزت الزوراء أعطاف الصفا
هزت الزوراء أعطاف الصفا / وصفت لي رغدة العيش الهني
فارع من عهدك ما قد سلفا / وأعد يا فتنة المفتتن
عارض الشمس جبيناً وجبين / لنرى أيكما أسنى سنا
واسب في عطفك عطف الياسمين / وانثن إذا غصناً إذا الغصن انثنى
حبذا لو قلبك القاسي يلين / إنما قدك كان الألينا
فانعطف غصناً إذا ما انعطفا / قدك المهزوز هز الغصن
إن في خديك روضاً شغفا / مقلة الرائي وكف المجتني
يا غزال الكرخ وأوجدي عليك / كاد سري فيك أن ينهتكا
هذه الصهباء والكاس لديك / وغرامي في هواك احتنكا
فاسقني كأساً وخذ كأساً إليك / فلذيذ العيش أن نشتركا
أترع الأقداح راحاً قرقفا / واسقني واشرب أو اشرب واسقني
ولماك العذب أحلى مرشفا / من دم الكرم وماء المزن
من طلا فيها الندي ابتسما / إذ سرت تارج في نشر العبير
أطلعت شمس سماها أنجما / من حباب ولها البدر مدير
فاسما أرض أو الأرض السما / إذ غدت تلك كهذي تستنير
في ربوع ألبستها مطرفا / أنمل الزهر من الوشي السني
وحمام البشر فيها هتفا / معرباً في لحنه لم يلحن
وحميا الكاس لما صفقت / أخذت تجلى عروساً بيديه
خلتها في ثغره قد عتقت / زمناً واعتصرت من وجنتيه
من بروق بالثنايا ائتلقت / في عقيق الجزع أعني شفتيه
كشفت ستر الدجى فانكشفا / وانجلى الأفق بصبح بين
أكسبتنا سقتنا نطفا / خفة الطبع وثقل الألسن
سلها حمراء من إبريقه / بسنا تحسبها نار الفريق
وغدا يمزحها من ريقه / حبذا مزج رحيق برحيق
رقصت بالدن من تصفيقه / حبباً كالدر في ذوب العقيق
رسب الياقوت فيها وطفا / فوقه لؤلؤه الرطب السني
ما رآها البرق إلا انشغفا / بسناها شغف المفتتن
أنت يا روح المنى روحي فداك / مسقمي حباً ومبرمي سقمي
أتشكي لك من سيف جفاك / لا تبح يا مانع الريق دمي
قد شربت الخمر لكن كلماك / ما رأت عيني ولا ذاق فمي
لو به ابتل غليلي لا نطقا / لا بدمعٍ حره أشعلني
كلما كفكفت منه وكفا / فوق خدي وكيف المزن
أصبحت روحي في مثل الخلال / إذا تلاشى الجسم في علته
وأنا أصبحت روحي في مثل الخلال / إذ تلاشى الجسم في علته
وأنا أصبحت عن شخصي مثال / بارزاً للناس في صورته
من رآني خالني طيف الخيال / واعتراه الشك في يقظته
لا تسلني عن نحولي فجفا / ناحل الأجفان قد أنحلني
من لذي جسم عليل نحفا / بالهوى ليت الهوى لم يكن
من رشاً لما تبدى رايعاً / أشرق افتر تثني نفرا
قمراً تماً وبرقاً لامعاً / وقناً لدناً وظبياً أغفرا
إن بدا الربيع اليانعا / وعن الزهر المندى أسفرا
خده والصدغ فيه اكتنفا / وردة محفوفة في سوسن
أو شقيق فوقه الآس ضفا / أو كمي متقٍ في جوشن
أو هو الديباج زرته الحسان / في قميص من حرير أخضر
أو هو الياقوت في عقد الجمان / ناطه الزنجي فوق المنجر
أو هو الجمر ذكا بين الدخان / أو هو الكافور تحت العنبر
أو هو الدينار حين انصرفا / في يمين الحبشي الأدكن
أو هو المريخ شق السدفا / وتراءى في الظلام المردن
قرطوه بالثريا والأثير / ولووا في جيده طوق الهلال
وكسوه دون موشي الحرير / قمص العز وأبراد الدلال
وجلوه جلوة البدر المنير / قمراً يشرق في برج الجمال
كسروي الشكل رومي القفا / يوسفي الحسن صلت المرسن
قلبه ينحت من صم الصفا / وجنى وجنته الورد الجني
أنا أساد الشر دون الشرى / تتقيني فلماذا أتقيه
من مريض الجفن كم قد شهرا / صارماً فيه حمى رشفة فيه
ودمي طل لديه هدرا / أتراه أن ودي القتل يديه
ما له ساق لجسمي التلفا / وهو في شرع الهوى لم يضمن
لا تقل يحكم فينا جنفا / إنه أدرى بهذي السنن
وافر الأرداف أبدت نقصه / بدقيق الخصر إذ رجت لديه
ما تأملت بعيني شخصه / غيرةً من نظرة العين عليه
ولو استطاعت لكانت قمصه / أعين ما نظرت إلا إليه
إنها منذ تولى وجفا / هجرت حتى لذيذ الوسن
أنا أهوى أنا يراها مألفاً / لتقيه أعيني من أعيني
ملك بالحسن أضحى معجباً / وهو لا يحكم إلا في القلوب
إن جنى ذنباً تجنى مغضبا / وله من ذنبه نحن تنوب
من رأى قبلك يا غض الصبا / مذنباً يجزي بريئاً بالذنوب
قلت إذ مر بقد أهيفا / ومن الدهشة ما يخرسني
أيها الساكن قلبي مألفا / كيف ترضى بحريق المسكن
فاحد بالركب إذا الركب حدا / فيه يوماً وأقم ما أن أقام
يممن نجداً إذا ما أنجدا / وإذا أتهم فالمسرى تهام
وهو أن يشهد فأم المشهدا / وسلام لك من دار السلام
إن ثوى جسمي فحل النجفا / ففؤادي عنده لم يظعن
أين من حلو بجمع والصفا / من مقيم بالغري الأيمن
أيها العذال كفو عذلكم / بالهوى العذري عذري اتضحا
وامنحوا يا أهل نجد وصلكم / مستهاماً يتشكى البرحا
واذكروني من ذكراي لكم / رب ذكرى قلبت من نزحا
الوفا يا عرب يا أهل الوفا / لا تخونوا عهد من لم يخن
لا تقولوا صدع عنا وجفا / عندكم روحي وعندي بدني
أنا ما حولت عند شغفي / لا ولا من سكرتي فيكم صحوت
عنكم لم أسل في شيءٍ وفي / قربكم عن كل شيء قد سلوت
ليس في الدنيا صفي أو وفي / أنا قد جربت جيلي وبلوت
فلكم جبت إليكم نفنفا / طالباً أو انكم من وطني
فحفت عيسي ومن بعد الحفا / لم تجد بالربع غير الدمن
يا معيسيل اللمى خذ بيدي / أنا في حبك مشبوب غريق
بت أستشفي بدمعي كبدي / كيف يستشفى حريق بحريق
فخذوا دمعي وردوا كمدي / ليس لي فيكم رفيق أو فريق
أسفاً من أهل نجد أسفا / كيف أهواهم وهم من زمني
وإذا نبت البطاح اختلفا / غلب الشوك على الورد الجني
لا تخل ويك ومن يسمع يخل / أنني بالراح مشغوف الفؤاد
أو بمهضوم الحشا ساهي المقل / أخلجت قامته سمر الصعاد
أو بربات خدور وكلل / يتفنن بقرب وبعاد
إن لي من شرفي برداً ضفا / هو من دون الهوى مرتهني
غير أني رمت نهج الظرفا / عفة النفس وفسق الألسن
لست بالغيد مشوقاً مغرما / لا ولا استسقيتهن الأكؤسا
أو تصبيني الغواني بعدما / حاك لي مبيض فودي برنسا
فابغ من حزمك طرفاً ملجما / إذ غدت خيل التصابي شمسا
وإله واسل ويك عمن سلفا / عهده حتى كأن لم يكن
أن يخنك الصبر فالأنس وفى / يوم تزويج الفتى عبد الغني
سعد بالسعد انجلى قطر العراق / مالئاً بالبشر أقطار الملا
وحميا الكاس تجلو الرفاق / وبها مجلس أنسي كملا
فاسقني أسقيت بالكأس الدهاق / أننا اليوم بلغنا الأملا
فاتل من غر القوافي صحفا / ما يعيها القلب قبل الأذن
حاليات بتهاني المصطفى / وأخي الحمد أخيه الحسن
عارضاً عافٍ وروضاً رائد / نبتاً من قبل نبت العارضين
أملاً راجٍ وغيظاً حاسد / من رأى الغيظين كانا أملين
ما تعدى واحد ع واحد / باقتران كاقتران الفرقدين
جريا مجراهما ما اختلفا / مستقلين معاً في سنن
لا يزل شملهما مؤتلفا / أبد الدهر وعمر الزمن
قل لشاني المصطفى كنت الفدا / للذي ترهب من أنصله
ملك ما إن تجلى أو بدا / سجد الدهر على أرجله
وإذا غاضت ينابيع الندى / أخذت تمتاح من أنمله
والحيا من راحتيه اغترفا / فسقى الأرض بغيث هتن
تحسب التبر لديه خزفا / باذلاً ما يقتنه المقتني
يتبع الهمة ماضي عزمه / فيرى الأبعد أدنى ما ينال
ونزاه هينا في سلمه / وإذا ناضل يصمي بالنضال
لا تهال الحرب إلا باسمه / وهو من حرب الضواري لا يهال
يسم الصعب إذا ما أرجفا / سمة الذل إلى أن ينثني
لو بشم الراسيات اعتكفا / واختفى خائفه لم يأمن
وأخوه القرم وقاد الذكا / كاد أن يهتك أستار الغيوب
كلما صوب فكراً أدركا / خالص الرأي من الرأي المشوب
قد براه اللَه ملكاً ملكا / طيب الأعراق تهواه القلوب
جاء في الحلم يضاهي الأحنفا / وحجىً رضوى به لم يوزن
وذكاءً وتقىً ما عرفا / لأياس و أويس القرني
ترجمت خلقك لي ريح الصبا / مذ سرى طبعك في أنفاسها
فسرت تفضح أزهار الربى / بشذىً فاق الشذى من آسها
كاد لولا شأنه أن يشربا / طبعك المصبي الطلا في كاسها
بمراس لك لو لان الصفا / ملمساً ملمسه لم يلن
وشبا عزم يفل المرهفا / ويقود الصعب قود المذعن
أنتما من أسرة المجد الأثيل / ما تخطى بعضهم عن بعضهم
ورثوا المجد قبيلاً عن قبيل / وتعاطوه تعاطي فرضهم
وإذا ما أجدب الربع المحيل / أخصبت جوداً مغاني أرضهم
هذه العلياء لا ما زخرفا / من أسانيد دنيٌّ لدني
شرفاً آل المعالي شرفا / فيكم أشرق وجه الزمن
كانت الدنيا جماداً يبسا / فسقوها وهم أندى المزن
بيد قد عم حين انبجسا / سيبها أهل الصحاري والمدن
وأبي لولاكم لا ندرسا / مربع العلياء لا بل لم يكن
وغدا المعروف قاعاً صفصفا / ليس في مغناه غير الدمن
نتم جددتموه مذ عفا / وأبنتم منه ما لم يبن
أنتم الناس بلى ثم بلى / والأيادي البيض أقوى حجج
أنتم الناس فخاراً وعلا / وسواكم من سوام الهمج
عطل الأجياد من كل حلى / لم يسيروا للعلى في منهج
حاولوا العز فنالوا الصلفا / وتولوا باشتباه بين
سيري الرائي إذا ما انكشفا / ذلك السر انكشاف العلن
فرس العلياء مانفكت جموح / لم ترض ظهراً لمن يركبها
كم رأت من جسد ما فيه روح / فرمته ما دري مذهبها
لا تغرنك أجساد إلا خزفا / أي ومن في فضله سددني
سل عن العسجد مني صيرفا / إنني أدري بما في معدني
لا تؤمل من لئيم كرما / ليس للطرف دخان طيب
وإذا استجديت يوماً ديما / فاختبر أي الغمام الصيب
دع أناساً قد تصدوا برما / وهم في جب جهل غيبوا
قد تود الأرض أن تنخسفا / وهم في ظهرها كالبدن
لم تجد فلي مائهم قط صفا / لا ولا في الكأس غير الدرن
أنتم القوم الذين اتسعا / في معاليهم مجال الشعرا
حاولوا حصراً لها فامتنعا / وأبت شهب السما أن تحصرا
سلم الفضل لكم لو أنصفا / مستبد بلجاج بين
ذاك لو أصغى لشعري انكسفا / وتلوي كتلوي المحجن
يا أبا الهادي وما أملحها / كنيةً تحلو مذاقاً بفمي
هاكها غراء قد وشحها / لؤلؤ لولاك لم ينتظم
أملت منك بأن تمنحها / بقبول منك يا ذا الشيم
لم أقل ما قلت إلا شغفا / بك يا حلية جيد الزمن
ليس قصدي وقصيدي اختلفا / أنا من وافق سري علني
طرز خديك العذران
طرز خديك العذران / تطريزة الورد بريحان
خداك من ورد ومن نرجس / عيناك والقامة من بان
مرائر العشاق شققتها / فاخضر منك الأحمر القاني
لو كنت في دار كمصر وفي / حي مدانٍ حي كنعان
ما كنت إلا يوسفا يا رشا / أو فقته يا يوسف الثاني
أغيذ كالدمية أقراطه / قد علقت تعليق أوثان
يا من رأى في الأرض بدر السما / أشرق في صورة إنسان
جال فؤادي إن مشى مثلما / في خصره جال الوشاحان
ووافى وقد شع صباح الدجى / فقلت قد شع صباحان
طاف ومن فيه ومن كفه / كاسان للنادي وخمران
وزهوة اللهو استطارت به / نغمة أوتار والحان
يروح مرتاحاً وأيدي الصبا / تهزه هزة جذلان
والراح في راحته شعلة / تؤجج الليل بنران
خفف طبعي شربها مثلما / دبيبها ثقل أجفاني
يا لائمي اليوم في حبه / مهلاً فما شأنكما شاني
هاموا هيامي فيك لو أنهم / قد عرفوا معناك عرفاني
لكن تجليت فأعشيتهم / بفرط أنوار ونيران
لولاك لم أهجر لذيذ الكرى / ولم أهون هجر أوطاني
واللَه لا أسلوك يوماً ولا / أملك لو حاولت سلواني
روحي في روحك ممزوجة / وبما تمرج روحان
حتى كأني منك في وحدة / لو صح أن يتحد اثنان
أصبحت من حبك في جنة / تبهج في حور وولدان
ومن حصى حصبائها راقني / ما راق من در ومرجان
هل شاقك الحي الذي شاقني / حلوا بأعلى رمل نعمان
يشتبه البان بقاماتهم / مثل اشتباه البان بالبان
أهواهم لم أهو إلا هم / هوى تلاشى فيه جثماني
أفرح أن يدن أهيل الحمى / وأن نأوا كابدت أحزاني
لا الدار داري بعقيق الحمى / كلا ولا الجيران جيراني
أغضبني فيهم زماني وفي / عبد الحسين المجد أرضاني
أبيض في هاشم كالغرة ال / بيضاء في جبهة عدنان
لشيبة الحمد وعمرو العلي / والغر من شيب وشبان
فرع نما من أصل جرثومة / تنبت في هامة كيوان
مخايل المجد به بشرت / عاقدة أصدق أيمان
أن سوف يرقى درجات العلى / لا مبطئاً ريثا ولا واني
من يره يعرف ذرى مجده / والكتب تستقصي بعنوان
والفجر قبل الشمس مستقدم / والنور قبل الثمر الداني
زفت إليه خير مزفوفة / للطهر ينميها الكريمان
أهي زليخا يوسف لا ولا / ويحك بلقيس سليمان
لا بل سليل الوحي زفت إلى / أربعة سورة قرآن
يا راكب الوجناء زيافة / تلف غيطاناً بغيطان
عنس كتيس القاع جفالة / في دوها إجفال ظلمان
تطوي الدياميم بأخفافها / طيا كمنشورة قمصان
عرج على يثرب واحبس بها / والتثم والترب بأجفان
مسلماً أعظم تسليمة / على عظيم القدر والشان
أحمد من صلى مليك السما / عليه واختص برضوان
وهن في فرحة أبنائه / مقامه واسجع بألحان
فيا علي القدر يا حائزاً / رهن العلى في كل ميدان
السابق الول أنت الفتى / وجعف لاحقك الثاني
تفاوت السن تفاوتما / وأنتما في المجد سيان
يا جعفر الفضل وبحر الندى / كفاك للوافد بحران
أتحفت في سيبك كل الورى / جنسين من إنس ومن جان
بلى وبالهادي اهتدت للعلى / وللندى مقلة حيران
يهوي قرى الضيف ولو لم يجد / ضيفاً لقاسى وجد ولهان
فتى كغصن البان حتى إذا / صال فمن آساد خفان
أخف من طبع الصبا طبعه / وحلمه أخشب ثهلان
لا تك محتجاً على فضله / ما احتاجت الشمس لبرهان
أولئك القوم بحور الندى / يجلون للقاصي وللداني
رف الرجا حول عطاياهم / رفيف عشب حول غدران
بنوا وأعلوا بيت أكرومة / والكل من معلٍ ومن باني
عذراً لكم إن مزاياكم / لم يحصها محص بتبيان
والشهب من حاول تعدادها / حاولها من غير أمكان
كم من جديد العيش في عزة / تدوم ما كر الجديدان
بشرى العراق بمن وافاه بشرانا
بشرى العراق بمن وافاه بشرانا / بطلعة عاد فيها المجد جذلانا
إذ شع نور شعاع في مطالعه / وطبق الأرض إنجاداً وغيطانا
سرت بمقدمك الأيام فابتدرت / تزجي بشائرها مثنى ووحدانا
قد كنت كالغيث لا ترفض عن بلد / إلا وطبقتها سهلاً وأحزانا
قد أذنب الدهر ذنباً جاء معتذراً / منه إليك يرجى منك غفرانا
اليوم أصبح وجه الدهر مبتسما / وعاد طلق المحيا مثلما كانا
فالبدر قد تم بدراً في تنقله / ولو أقام ببرج زاد نقصانا
من نازح يحدو العراق ظعونه
من نازح يحدو العراق ظعونه / قلب سرى لما أهاج شجونه
ومودع للركب ود بأنه / لو قد أسال مع الدموع عيونه
لم تقطع الأظعان ميلاً في السرى / إلا وكحل بالسهاد جفونه
قطعت بهم سهل الغميم وحزنه / فسقى الغميم سهوله وحزونه
من كل أوطف ما تغنى رعده / إلا وأرخص بالدموع شؤونه
فترى الدموع تخالها بحراً طمى / وترى الحمول تخالهن سفينه
وذكرت في ذي البان ميس قدودهم / فغدوت من شغف أضم غصونه
قالوا أشاب البين مفرق رأسه / كذبوا ولكن قد أشاب عيونه
يا قلب حسبك بالغرام رهينة / شط الغريم وما قضاك ديونه
لم يسلني عنه السرور بعودتي / إن سر من خلق الهوى محزونه
كلا ولا النكبات تطرق ساحتي / إذا ليس ما لاقيت إلا دونه
وكأنني من حي ليلى سامر / حسب النقا بالأجرعين حجونه
وإذ لثمت الترب فيه تسليا / عمن به سحب الدلال قرونه
فلأنهكن القلب من حسراته / يوم الترحل أو يجن جنونه
ما عاطش أورى الأوام بقلبه / لهباً وقد شرب الأوام عيونه
حتى إذا وجد المعين بقربه / وجد الركي وقد أضل معينه
فغدا يعض على الأنامل حسرة / ندماً ويصفق بالشمال يمينه
ظمآن ظن حياته مشمونة / فغدا يكذب بالحياة ظنونه
يوماً بأوجد من فؤادي لوعة / لما حدا حادي الظعون ظعونه
أجرت سحاب دموعك الدمن
أجرت سحاب دموعك الدمن / فاليوم سرك في الهوى علن
كم تسأل الدمن التي درست / عنهم وليس تجيبك الدمن
ظعنوا أهيل محجر سحراً / سحراً أهيل محجر ظعنوا
فاليوم طرفك كله أرق / منهم وقلبك كله شجن
تبدي الحنين وراءهم ولهاً / كالنيب عن لقلبها الوطن
فالقلب في الأحمال مرتحل / والجسم بالأطلال مرتهن
لك بالحدوج وأهلها رشأٌ / رشأٌ أقل صفاته الحسن
غصن ولكن وجهه قمر / قمر ولكن قده غصن
النقع يحجب حجبه أبدا / وتمد ظلا فوقه البدن
قد خان عهدي في لقاه رشا / أبدا على الأرواح مؤتمن
زار وطرف الشهب سهران
زار وطرف الشهب سهران / أحوى غضيض الطرف وسنان
خاض الدجى والليل مسودة / أرجاؤه والنجم حيران
قد راقب الغفلة حتى أتى / مذ كان للغفلة إمكان
ونحن بالجرعاء من عالج / تضمناً بيدٌ وغيطان
للراح في راحتنا أكؤسٌ / كأنها يا سعد تيجان
يطوف فيها رشأ أغيد / أحوى رشيق القد وسنان
مفلج المبسم معسوله / فهو بما في فيه نشوان
والفرع يحمي الذرع عن ثغره / عقارب منه وثعبان
حتى تولت خطوات الدجى / وبان للورقاء ألحان
قام لتوديعي وفي خده / للدمع من عينيه نهران
فالدمع من عيني ومن عينه / كأنه در ومرجان
في أول الليل بظلمائه / وصل وبالآخر هجران
فهل عسى ينكر ما قد مضى / وهل يرى لي عنه سلوان
ماحيلتي والكرخ دار له / ودارنا يا صاح كوفان
من لي بنائية المزار قريبة
من لي بنائية المزار قريبة / مني قد اتخذ فؤادي مسكنا
رجراحة الأعطاف لو هز الصبا / أعطافها لرأيت رجراج القنا
عيناء لو نظرت إليك بأعين / وسنانة تجد الصوارم أعينا
وردية الوجنات إلا أنها / بسوى اللواحظ وردها لا يجتني
وبمهجتي منها لئالئ مبسم / فالبرق ينتهب الدجى ما بينا
جاء معطرة الثياب كأنما / نشر الربيع الطلق فاح بها لنا
شاهدت منها ورقة قد أتلعت / لي جيدها ورأيت غصناً لينا
لم أنس قولتها ورقة لفظها / والعيس نحو الخيف قافلة بنا
لولا المواثيق التي ما بيننا / ما إن لقيت سوى القطيعة عندنا
ماذا هدوك في الدجى وأخو الهوى / قلق الوسادة لا يقر من الضنى
فوجمت عن رد الجواب تلجلجا / والوجد ما أعيا الفصيح الألسنا
فتبينت حالي وهل يخفى الجوى / الداء يظهر للطبيب مبينا
نفسي بفتانة الألحاظ متونه
نفسي بفتانة الألحاظ متونه / بدرةٍ من فريد الدهر مكنونه
وردية لبست مخضر سندسها / كالجلنارة تزهر فوق زيتونه
وافت وأردافها ترتج تحسبها / دعصاً من الرمل والأحشاء موهونه
يا أيها المنتحيات فوق جسرته / قف لي بمنزلها إن جئت أو دونه
سئمت قناة الدهر منك طعانها
سئمت قناة الدهر منك طعانها / فلو استطعت إذن نزعت سنانها
ألقيت سلمك للنوائب عن يد / جذاء قد قطع الزمان بنانها
إن كنت أخشن ملمساً فلطالما / عرك الزمان عريكة فألانها
خفض عليك فلست واجد حيلة / تكفيك من نوب القضا حدثانها
ومهون بلوى المنية أنها / بلوى يعم طروقها حيوانها
فلو أن هذا الموت يفجع أسرة / ويعف عن أخرى فيرعى شانها
ما استل من حرم الكرام خبيئة / حجبت فما شهد الحمام مكانها
كيف اهتدى نظر الحمام الى التي / قد حفها ستر الكمال وصانها
إن غيبت بالقفر في ملحودة / فالغيث كان شهودها وعيانها
أو راعها شخص الردى فلطالما / كانت أظلته تروع جنانها
قطعت بنيل الخير مدة عمرها / وطوت بمنشور التقى أزمانها
فليهنها أن مقامها / فلقد أتت لما أتته جنانها
وضريحها قلب الضراح وإنما / دفنوا ببوغاء الثرى أكفانها
وغدت لها لها دار الإمامة دارة / وغدت ملائكة السما جيرانها
يا لا عدت قدسي تربك ديمة / ابكت عليك يد الردى أجفانها
وردت من الرضوان ألطف نهلة / فسقت ثراك مديمة هملانها
نجاجةٌ تحكي يد ابنك صالح / تلك التي جذ الزمان بنانها
الممتطي للمجد كل طمرةٍ / أبداً تصرف كفه أرسانها
العليم العلم الذي فخرت به / أم الفخار فشيدت أركانها
من لا يجاريه الكرام بحلبةٍ / فأقول حاز لدى السباق رهانها
وكفى الأمين من المفاخر أنه / ألقت إليه المكرمات عنانها
وله أيادٍ جمة لم يستطع / قس الفصاحة في النشيد بيانها
فتعز يا لا ساورتك مصيبة / نشرت بمطوي الجوى أشجانها
وعليك بالصبر الجميل فإنه / خلقٌ لنفسك في الرزية زانها
وإليكها ممن أحبك حكمة / زارت بك الزوراء يا لقمانها
وأسلم رغيد العيش بين عصابة / عقد لها كف العلى تيجانها
دام الربيع الغض في أوطانها / مما تجود بسيبها أوطانها
قد فلت لما أرخوا فليهنها / قد شاهدت وادي السلام مكانها
ابن لي نجوى لو تطيق بيانا
ابن لي نجوى لو تطيق بيانا / الست لعدنان فماً ولسانا
وابلغ خطاباً فالبلاغة سلمت / لكفيك منها مقوداً وعنانا
وجل يا جواد السبق في حلباتها / فهاشم سامت للسباق رهانا
أغيث الأيادي قد تقشع غيثها / وحين المعادي كيف حينك حانا
صرعت وما خلت الردى يصرع الردى / لعمري وما يفني الزمان زمانا
فيا صارماً لاقى من الموت صارما / بلى وسناناً ذاق منه سنانا
رماك الردى فينا بماضي سهامه / فأصمى لأحشاء الكمال جنانا
لقد حسرت فيه مقاتل غالب / وكم أفرغته نثرة لتصانا
أجوهرة الدنيا التي قد تزينت / به واكتسبت من بشره اللمعانا
حملت على الجيد الذي زتنه ثناً / لتجمع فيه جوهراً وجمانا
حجى حملت منك الرقاب وسؤددا / يعدان في الشم الرعان رعانا
بنعشك رضوى أم بنعشك يذيل / وما شأن ذين عز شأنك شانا
كأن رواسي الهضب أجنحة القطا / عليك لما ألزمتها الخفقانا
كأن مجاري الدمع أودية الحيا / تديم عليك الوكف والهملانا
تولي زمان الوصل لم نشعرن به / أجدك جدد للوصال زمانا
وما خلت أن الفضل آخر عهده / صبيحة عاتبنا بك الحدثانا
أرى لمثار الحزن زفة لاعج / لو اعترضت أقسى الأخاشب لانا
فإن مسحت كفي دموعي عذلتا / وقلت لمحزون خضبت بنانا
فيا صعدة قد أقصدت فتقصدت / بمن بعدك العليا تؤم طعانا
لقد أكبروا فيك النعي فكبروا / كما سمع الركب الهجود آذانا
أمستنهض الحي الحلال لغارة / ثويت ولم ترض الثواء زمانا
فكم لك إذ تدعو ابن أحمد ندبة / تزلزل رضوى أو تزيل إبانا
أطلت ولم تملل بكاك عليهم / فطال ولم نملل عليك بكانا
تمنيت أنت تبقى فتدرك ثارهم / منانا ولسنا بالغين منانا
لقد سرت عنا والغيوب فخلطت / خواطر وهمٍ أنفس تنفاني
فكم خلت أمراً كائناً ثم لم يكن / وكم خلت أمراً لا يكون فكانا
يذكرني النسران كفيك طائراً / علا في السما أو واقعاً يتدانى
وكم قولة أتبعتها صدق فعلة / وكم قائل قال الصواب فمانا
لقد كنت في الدنيا مقارن سعدها / عقيدين لكن قد وفيت وخانا
أمنت عليك الحتف أنك حتفه / وهل تركت كف المنون أمانا
بلى نحن في طيف الكرى وتخالنا / من السكر يقظى لا بطيف كرانا
بمعشوقة لم ترع ذمة عاشق / وشنآنة لم نولها الشنآنا
نرى وصلها وهو المحال فرضة / كما أوجبت هجراننا وجفانا
أجدك علمني لوصلك حيلة / فانت الذي علمتني الهيمانا
وهب أن سمعي قانع بحديثكم / أللعين معنى أو تراك عيانا
وما آسفاً ما إن مضي الدهر كله / هباء إذا أبصرت وجهك آنا
إلى النزوات العيس تلوي أعنة / وهيهات ليست تملك النزوانا
وليست تشيم البرق من أبرق الحمى / بلى قد تشم الشيح والعلجانا
وليست تنال الري عباً وعلها / إذا ظمئت أن تبلغ الرشفانا
فيا أخوي المدلجين كليهما / إذا جزتما الجرعاء فانتظرانا
ويا صاحبي لا تلو عنها معرقا / هلم لننعى من نحب كلانا
ولا تدع للنهج الذي أنت ناهج / سوى من يرى نار الحبيب عيانا
وقم نجتل النار التي قال خابط / من الناس حسبي أن رأيت دخانا
وإن لمعت فاقصد لمشرق ضوئها / وأم شروق الضوء لا اللمعانا
ولا يختلسك الوهم دون مكانها / فثم وإلا لا تحل مكانا
فمن للقوافي الغر بعدك حيدر / يساجل فيها دائناً ومدانا
فكم من كريم ألبست تاج مفرق / وكم من لئيم ألبسته عرانا
وكم درر أهديتها لمحمد / فكنت كمن حلى الجمان جمانا
فتى ساكت إلا عليه فم الثنا / ولا مسلس إلا إليه عنانا
هو ابن أبي شيخ الأباطح طالب / فقر مكيناً في العلى ومكانا
يعد صواباً كل مدح يزوره / وإن جازه أعددته الهذيانا
نحت بيته العليا فقر قرارها / ولولاه فرت تألف الجولانا
أناخت بمغناه مناخ إقامة / حميداً وألقت كلكلاً وجرانا
وهل غارب الوجناء يمسك كورها / إذا أنت لم تشدد عليه بطانا
ولن يملك العلياء إلا موفق / أعين على علاتها وأعانا
قد أطرح الناس العلى وطلابها / سواه فأضحى دائناً ومدانا
تناخ عجافاً عنده عيس وفده / فيقريهم أضعافهن سمانا
بما تسع البيد القفار موائداً / من الجزر استصغرتهن جفانا
لئن كان عن ريح الصبا خف طبعه / لما أدركت رضوى حجاه وزانا
رأى الغيب حقاً رأي غير مشاهد / فاعر عن مكنونه وأبانا
رأى بذله أن جاءه مستحقه / وأبصر من عنه يصان فصانا
وحسب حسين أنه من محمد / كما هو منه خبرة وعيانا
رضيعي لبان ثدي أم تحفالفا / إلا طاب ذياك اللبان لبانا
توركتما يا سيدي كلاكما / شوارف مجد لم يزلن هجانا
توركتماها واجديها نواعماً / إذا ما رآها الناكصون خشانا
وأحببتما حب المديح فسدتما / ولم تهجراه غفلة وهوانا
فلو دان ملك للثناء لدنتما / بلى لكما زان الثناء ودانا
وبالأنجبين الطيبين تعزيا / أجل بهما عظم الرزية هانا
عنيت حسيناً والأغر ابن عمه / جوادي رهان حائزين رهانا
فما جف ذاك السيل بل عاد ماؤه / غديرين من سلساله سقيانا
كقرطين حلي عاطل المجد فيهما / فزينا بدري النظام وزانا
هلالين في برج العلى قد تطلعا / فوافها برج الكمال قرانا
سقى مستهل العفو تربة حيدر / وإن حل منها روضة وجنانا
ودونكماها وردة في أوانها / فإن لأثمار القريض أوانا
وحسناء قد وافت أمام كواكب / تطلعن في وشي الجمال حسانا
مهذبة ألفاظها عربية / مذهبة أبياتها تتدانى
عراقية بكر المعاني تخالها / لهلهةٍ في لفظهن عوانا
شرود القوافي لم تطع كف لامس / فما برحت خلف الحجاب حصانا
تضيف إلى علم المعاني معانيا / وتنسق من علم البيان بيانا
ألا واملكوا رق الزمان بقيتم / بقية ما أبقى المليك زمانا
نكد الإقامة إن أقيم وتظعنا
نكد الإقامة إن أقيم وتظعنا / وعناي أني لا أشاطرك العنا
متحمل عن واجد تشتاقه / من قبل أن يلقاك تزمع مظعنا
أأبيح الحان القصيد مراثيا / من بعد أن كانت تعود بالهنا
قد كان في ضح المنى وبقاعها / أمد ولكن الزمان تلونا
وتصفت أغصان كل مسرة / من بعد ما أخضرت وراقت مجتنى
يا بدر عاكرة الظلام ولم يكن / للبدر ما لك من سناء أو سنى
فرقت ما بين الرقاد وناظري / وجمعت ما بيني وما بين الضنى
غادرت أيامي علي ليالياً / وتركت لي عد الكواكب ديدنا
يا جيرتي الغادين صرح ركبهم / بالبين فانقطع التزوار بيننا
فبأدمعي لكم العقيق وسفحه / وبأضلعي لكم الغضا والمنحنى
ما خلت قبلك أن ركن متالع / للقبر ينقل كي يضم ويدفنا
لم أرض عيني أن تبل حشاشتي / ولو أن فيك اليوم عادت أعينا
لك جثة لو أن موسى زارها / ما أم من واديه طوراً أيمنا
ولو أن في رمل الغري وشعبه / نادى شعيباً ما استقل المدينا
فكأن قبرك يوم ذلك كعبة / كل بقبلتها أقام وأذنا
عرست والعليا يحالفك الهدى / ورحلت والتقوى يشيعك السنا
حفت بنعشك كي تؤمن جأشها / إذ لم تجد من بعد موتك مأمنا
إنيرزء القمر التمام فحسبه / بأبي الغني وعن سواه به الغنى
وأبيك لا ينهد سمك دعامة / بالمصطفى أضحت مشيدة البنا
ملك تحوك له المفاخر مطرفا / ويبيت مضطجعاً على شوك القنا
فهو الصفي إذا يسمى المصطفى / لصفائه وأبا الغنى إذا اكتنى
يرنو الرجاء إلى بحرو نواله / فإذا بلغت إليه بلغت المنى
أيقنت وجهك مصحفاً فقرأته / فوجدته بالبينات معنونا
تبدو طلاقتك لكل مؤمل / منه كأن البشر منه تكونا
وتصول منه بواضح متبلج / ما إن ألم الخطب أو حان الحنا
لم أحص فضلك في بديع مقالتي / ولو أن عندي من لساني ألسنا
صبراً بني البيت الرفيع عماده / فالدهر عبدكم أساء وأحسنا
ألقى الإله عليكم عن أسهم إلا / حداث من نسج الحماية جوشنا
فعليك بالصبر الجميل فإنه / خلق المهذب إن أسر وأعلنا
فالصبر أجمل بالحليم عواقباً / من أن يطيل مناحة أو يحزنا
نفساً مهذبة وأصلاً رائقاً / ويداً مقبلةً وفضلاً بينا
بعيني من يروق العين حسناً
بعيني من يروق العين حسناً / رشا من وجنتيه الورد يجنى
ثقيل الردف رجرجه التثني / بنفسي ما ترجرج أو تثني
إذا خف القوام به نهوضاً / تقول له روادفه تأنا
ترنحه النسائم حيث هبت / ويرقصه الحمام إذا تغنى
فإما لاح فهو يلوح شمسا / وأما ماس فهو يميس غصنا
فإن عبدتك رهبان النصارى / فقد الفوا لديك جليل معنى
وأن أقض بحبك مستهاما / فكم قبلي قضى صبح معنىً
قضى القيسان قبلي قيس ليلى / من الهجر الطويل وقيس لبنى
شجاني إن شممت رياحا نجد / وشمت بها وميض البرق هنا
أما والبيت والسبع المثاني
أما والبيت والسبع المثاني / لقد حكم الغرام على جناني
وفي برج الجمال من الحسان /
لنا قمر سماوي المعاني / تشكل للعيون بشكل ريم
تملك بالجمال على البرايا / وأصبحت القلوب لها رعايا
به اختلفت عناوين القضايا /
على عينيه عنوان المنايا / وفي خديه ترجمه النعيم