القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 131
كَم موقف للحب فيه تكلمت
كَم موقف للحب فيه تكلمت / بعيونها الفَتيات وَالفتيانُ
فتن الجَميع الحسن في ريعانه / وَالحسن في ريعانه فتّان
يا مَنزِلاً فيه تعاطينا الهَوى / لا أَنتَ أَنتَ وَلا الزَمان زَمان
جاءَ الخَريف مبكراً فَتَجَرَّدَت / في الدوح من أَوراقها الأغصان
قَد كانَ ريحان وَكانَت روضة / وَاليَوم لا روض وَلا ريحان
يبني الهزار عَلى الغصون لنفسه / عشاً فتهدم عشه الغُربان
ظفرت بالمنى
ظفرت بالمنى / في ليلة هنا
في لَيلة بدت / بَيضاء بالسنى
كانَت سعادة / فَلَم تَدُم لَنا
إِذ كانَ ساكِباً / لنوره القَمَر
وكانَ تحته / يَحلو لَنا السَمَر
لَيلى تنيلني / أَو أَجتَني أَنا
أَجني لذاذة / ما أَطيب الجنى
فيضحك الرضى / وَتبسم المنى
يا لَهفَتي عَلى / عيشى الَّذي غبر
وَحَسرَتي عَلى / أَوقاته الغرر
إِذ كنتَ عائشاً / في دولة الغنى
أَروح رافِلاً / في مطرف الهنا
لا أَشتَكي الأذى / لا أَعرِف الونى
قد بدل الزَما / ن الانس بالضجر
وَالوَصل بالنَوى / وَالصفو بالكدر
قد كنتُ واثِقاً / بالعَهدِ بَينَنا
من ذا أَضاعه / أَأَنتِ أَم أَنا
أَم الَّذي حبا / هُوَ الَّذي جنى
هَذا الَّذي جَرى / ما كانَ ينتظر
لا عتب لي عَلى ال / أيام وَالقدر
آه من الآسى / أوهٍ من الضنى
المَوت راعَني / في اللَيلِ إِذ رَنا
من ذا يرده / من بعد ما دَنا
للدهر لا تلم / فالدَهر ما غدر
حظي هُوَ الَّذي / من العمى عثر
لا يَعلَم الغرثانَ في آلامه
لا يَعلَم الغرثانَ في آلامه / إلا الَّذي هُوَ مثله غرثانُ
ما إِن يعينك مثل عقلك وحده / في مَوقف قلت به الأعوان
افعَل بغيرك ما تُريد ليفعَلوا / بك مثله وَكما تُدينُ تُدان
الكذب راقك إنه متجمل / وَالصدق ساءَك إنه عَريان
ظهر اللَّئيم عَلى الكَريم بأَرضه / وَسلاحه في حربه البهتان
العقد منفرط بأَيدي عابِث / لكنما ذاكَ الجمان جمان
اعمَل لأن تبقى الحَياة لَذيذَة / لك وَليكن من بعدك الطوفان
من ساءَ من مرض عضال طبعه / يَستقبح الأيام وَهيَ حسان
قالوا اِعتمر يفرح أَبوك بقبره / هَذا لعمر أَبي هو الهذيان
رمنا حَياة ما بها من حادِث / وإذا الحَياة جَميعها حدثان
ما إِن يريد حَياة
ما إِن يريد حَياة / في الذُّلِّ إلا الجَبانُ
نَخشى المنون وَشرٌّ / من المنون الهوان
لَنا نريد أَماناً / منه وَفيه الأمان
الأرض لَيسَت بدار / فيها الحقوق تصان
بين الَّذين عليها / يحيون حرب عوان
لا تلحني إن تأخر / تُ يوم جد الرهان
فَقَد أَردت لحاقاً / وَما أَرادَ الزَمان
إنَّ السَماء لَتَبغي / في كل يوم شَهيدا
والأرض تعلن للنا / ظرين قبراً جديدا
لا يوم إلا وَفيه ال / إنسان يَبكي فَقيدا
ماتَ الوحيد لأم / فالأم تَبكي الوَحيدا
لَقَد شَجاني صبيٌّ / يَلوي من اليتم جيدا
كَم قد طلبت سَعيداً / فَما وجدت سَعيدا
إِن نيل بالعسف عيش / فَلا يَكون رَغيدا
قَد أَطبق الموت عيني / نِ من فتاة رداح
هوت بها وَهي بكر / يد بغير جناح
ماتَت فَنامَت بقبر / أعد غير فساح
ما للمقيم به بع / دَ أَن ثَوى من براح
يأَتي عَلى المَرء فيه / ليل لغير صباح
فَزاره صاحب كا / نَ نضو حب صراح
يَهدي الى القبر زَهراً / من نرجس وأقاحي
غنت حَمامة أَيك / غني لنا يا حَمامه
وَبعد ذلك طيري / خَفيفة بالسَلامه
البرق يضحك في جو / وه وَتَبكي الغَمامه
أَكُلَمّا قلت شِعراً / قامَت عليَّ القيامه
ندمت من كل ما قل / تُه أَثير الشَهامه
نعم ندمت وَلكن / ماذا تفيد الندامه
إذا هجرت بِلادي / فَما علي ملامه
لا شيء يَبقى عَلى ما / شهدته مستمرا
فالبَحر يطغى لمد / والمد يعقب جزرا
كَم غير الأرض من حا / دث عَلى الأرض مرا
فَصير البر بحراً / وَصير البحر برا
الأرض تضمر ناراً / وَالنار تضمر شرا
فَقَد تشق أَديماً / لها وَتُحدث أَمرا
وَتَجعَل الظهر بطناً / وَتَجعَل البطن ظهرا
لِلكَون فيما بدا لي / ظواهر وَخَفايا
ما قامَ فينا حَكيم / يحل بعض القَضايا
إِنَّ المَدينة حي / وَالناس فيها خَلايا
ما بالذَكاء يَسود ال / إنسان بل بالسَجايا
وَالمَرء يعرف منه ال / ضَمير عند الرَزايا
ما زالَ في البعض من أم / يال الوحوش بَقايا
أَطماعه لَيسَ تَمضي / حَتّى تَجيء المَنايا
إِذا أهين لَبيب / بالسب قال سلاما
وإن أفاد سكوت / كانَ السكوت كلاما
يود من سيم خسفاً / لَو اِستَطاع اِنتقاما
قَد بلل الدمع عند ال / مَساء خبز اليَتامى
أَشكو إِلى اللَه عيشاً / مراً وَداء عقاما
لَيسَ النواميس في عا / لَم الوجود لزاما
فَقَد وجدت نظاماً / وَما وجدت نظاما
الأَرض للشمس بنت / وَالشمس بنت الفضاء
تَجري ذكاء حَثيثاً / والأرض حول ذَكاء
والأرض ترضع من أم / مها لبان الضياء
من ذا يصدق أنا / نطير وسط السَماء
إن الصباح شَبيه / في لونه بالمَساء
وَقَد أَرى شفقاً قا / نياً كَلَون الدماء
كأنما هو رَمز / إلى دم الشهداء
ما لِلفَضيلة تأتي / بِها الفَتاة رواجُ
اليَوم للناس في خط / بة الثَراء لجاج
تزوجت فأَتاها / بما يَسوء الزواج
بَكَت فَلا تمنعوها / إن البكاء اِحتياج
بنى العروسان بيتاً / له الشَقاء سياج
لا ترج فيها اِمتزاجاً / فَما هناكَ اِمتزاج
إذا تَناكر زوجا / ن فالفراق علاج
لَقَد صمت وَصمتي / ما كانَ مني عيا
أَتحسب الغي رشداً / وَتحسب الرشد غيّا
تريد جاهاً وَمالاً / دثراً وَعَيشاً رضيا
وَبسطة وَمَكاناً / من الحَياة علِيا
هَيهات ما أنتَ إلا / ميت وإن كنت حيا
يا شيخ هيا لنَسعى / معاً إلى القبر هَيّا
فَقَد بلغنا كلانا / من الحَياة عتيّا
في الكَون بعد عصور
في الكَون بعد عصور / يَكون ما لا يَكونُ
هناك تصدق مني / فيما يتم الظنون
سيرتقي العلم فوق ار / تقائه وَالفنون
حَتّى تحار عقول / فيما تراه العيون
وَسَوف يأتي زَمان / تَموت فيه المنون
تَقنو الحَياة خلوداً / وَالمشكلات تَهون
وَللطَبيعة في هَ / ذه الحَياة شؤون
نبتت مثل زهرة الأقحوانِ
نبتت مثل زهرة الأقحوانِ / في رَبيع الهوى بروض الأماني
نبتت فيه وَهي ذات ابتسامٍ / فَسقيت ابتسامها بحناني
كُلَمّا طال خوطها بشرت قَل / بي بقرب اتساقه العينان
كَم ضممت ابنَتي إِلى الصدر مني / أَبتَغي أَن أَردها لجناني
وَشممت السوالف الغر منها / أَتَسلّى بها من الأشجان
ثم أَبعدتها لأنظر فيها / ثم أَدنيتها إلى أحضاني
ثم أَجلستها إلى الجنب مني / ثم قلبت شعرها ببناني
ثم كلمتها فردت كَلامي / بابتسام تَلوح فيه المَعاني
ثم قبلتها بملء شفاهي / ثم غذيتها بمحض لباني
ابنتي زهرتي فَيا ربيَ احفظ / زهرتي من كوارث الأزمان
يا ابنتي أَنتِ سلوَتي وَرَجائي / وَسراجي في لَيلة الأحزان
حُلُمي أَنتَ في مَنامي وَذِكري / حين أَدنو من يقظتي في لساني
إن الرَّبيع لسيد الأزمانِ
إن الرَّبيع لسيد الأزمانِ / فيه تتم لذاذة الإنسانِ
كَم فيه من زهر يروقك لونه / كَم فيه من روح ومن ريحان
الروض يَزهو نوره في فصله / بِبَدائع الأشكال والألوان
زهر به ثغر الروابي باسم / والجو منه معطر الأردان
في مثل ذلك من زمان مبهج / تَمشي ثلاث كواعب أخدان
لَيلى وَترباها سعادُ وَزينبٌ / يمرحن فوق مناكب الكثبان
مثل الدمى بل فائقات للدمى / في منطق عذب وحسن بيان
من أرفع الأبيات منزلة وقد / جمَّعن كُل محاسن النسوان
فرجحن في الحي النساء صباحة / وَالحي يعبدهن كالأوثان
أَحببن شرح الصدر من أوصابه / فبرزن للصحراء باستئذان
متلاعبات فوق أذيال الربى / وَشعابها كتلاعب الغزلان
ينظمن في سمط الحَرير أزاهراً / فينطنها بالرأس كالتيجان
وَيَضَعنَ منها في الرقاب قَلائداً / تزري بعقد الدرِّ وَالمرجان
لَيلى تغرد أو سعاد وَزينب / تترنمان بأَطيَب الألحان
في روضة غناء يبسم زهرها / عَن أبيضٍ يققٍ وأحمرَ قاني
يَمشين في مرح عَلى أعشابها / مشى القطا الكدري للغدران
من نسوة لعب الصبا بقدودها / لعب الصبا بمعاطف الأغصان
غادرن في المَشي الخيام بعيدة / ما إِن تَرى أَشباحَها العَينان
وَلهون بالأزهار إعجاباً بها / وَجهلن ما أَخفت يد الحدثان
حَتّى التقين عَلى الأباطح بغتة / بمدججين ثلاثةٍ فرسان
فرأوا نساءً كالمها من غير ما / حامٍ بأَبعَد موضع وَمَكان
فأثارهم طمعٌ هناك فهاجَموا / مثل الذئاب تعيث في الحملان
فَعلا الصراخ وَزادهن مخافة / أن لَيسَ ثمَّة من نصير داني
راع المقام فؤادَ لَيلى فاِختفت / في ظهر زينب وَهي في رجفان
تَرنو العيون الى السماء كأَنَّها / تَرجو هبوطَ مفرِّج رباني
وَتذكرت سعد العَشير خَطيبها / نجل الرَئيس عَلى بني حردان
وإذا بنقع ثائر من جنبهم / يَدنو كَزوبعة بغير تواني
وَرأوا هنالك فارساً فإذا به / فرد أَتى يَعدو بلا أعوان
وَعلمن حين نظرن لون جواده / أن ذاكَ سعدٌ فارس الدهمان
فهدأْنَ عند وصوله في وقته / وَشكرن بعد الخوف للرحمن
لما أتاه أن لَيلى قد نحت / مع جارتيها البرَّ للسلوان
رجَّى اللقاء فسار يطلب ظاهراً / بركوبه متصيدَ الغزلان
وَرأى فوارس من بعيد قصدها / غصب النساء فشدَّ في العدوان
قالَت أغث يا سعد إنا نَحتَمي / بك من أولاء الطغمة الخوان
فازورّ من غضب وأوقف طرفه / في القرب يَزفر زفرة الغيران
طلبوا إليه أن يسير لوجهه / وَيكف مدخله بهذا الشان
فأبى وأبدى النصح أَن يتجبنوا / فِعلاً يَسوء صداه في البلدان
واستحقروه إِذ رأوه أمرداً / غرّاً وعدّوه من الصبيان
وَرَماه منهم فارس برصاصة / أشوت فكر يجول في الميدان
وَهوى إليه طاعناً في ظهره / بسنان رمح لان كالثعبان
وارتد يفتقد النساء فأطلقا / ناراً عليه وَلَيسَ كالنيران
فخلا لها لكن أَصابَت رمية / لَيلى قضَت منها لبضع ثواني
صرخت لمصرعها سعادُ وَزينبٌ / جزعاً يذيب القَلب بالأحزان
فهناك شد عليهما بعزيمة / سعد كليث خادر غضبان
فاستأنفا رمياً وكان يداهما / من خوف ما شهداه ترتجفان
فدنا ففرّا فاِستحث جواده / وَهوى هويَّ جوارح العقبان
حتّى إذا لحق الجواد تَضَرَّعَا / متوسلينِ إليه في استئمان
فأبى وَجاشَ بغيظه متذكراً / لَيلى وَمصرعها عَلى التربان
وَسطا وجدَّل واحداً بقناته / وأَطار بالصمصام رأس الثاني
نظر العروس وسيفه متصببٌ / علقاً فظل يجيش في غليانِ
لَم يَدرِ لما راءَها مصروعة / تَبدو بأَحسن منظر مزدان
أَهُناكَ جسم فارقته روحه / للموت أَم روح بلا جثمان
الخد موضوع بجانب زهرة / وَالشعر منبسط عَلى الريحان
يَحلو لِعَين المرء مدُّ يمينها / وَتَروق منها فترة الأجفان
أشجاه منظرها فأسبل عبرة / وَمشى يردد زفرة الوَلهان
حملوا عَلى ظهر المطهم جسمها / وَنحوا منازلَهم بذي سعدان
لما دنوا من حيهم وفشا الَّذي / قَد كانَ قامَت ضجة النسوان
فأقمن من أسف عليها مأتماً / فَتَّتْنَ فيه مرارة الإنسان
ولطمن وجهاً صين من مسِّ الأذى / وَشققنَ جيبَ الواجد الثكلان
وَنشرنَ شعراً للرزية صاغراً / وَخمشنَ خداً ذل للحدثان
والأم بين نوائح وَنوادب / شمطاء تزفر من أحر جنان
تحثو التراب عَلى جوانب رأسها / وَتَصيح من قلب لها حران
فَتَقول وَيلي بل وويل عشيرتي / للرزء يا لَيلى وَللخسران
لَهفي عليك فَقَد تجرعت الردى / ومن الشَبيبة أنت في ريعان
لِلَّه أَنتِ وَما ملكت من النهى / وَجمعت من حسن ومن إحسان
عجلت في الترحال يا لَيلى وَما / قبلت أمك آه من حرماني
ووددتُ أني في مَكانك للردى / غرض وأنك عنه كنت مكاني
وَحرمت عيني أن تراك بملئها / فتركتها وقفاً عَلى الهملان
أطوي الضلوع عَلى فؤاد خافق / وأعض من أسف عليك بناني
أَنتِ العَروس دنا زَمانُ زفافها / لِلَّه ذلك مِن زَفاف داني
أَسَفي عليك يَطول من مقتولة / برصاص أَهل البغي وَالعدوان
أَدرجن بعد الغسل ناعم جسمها / فيما أَطابوه من الأكفان
وَسعى العَشيرة كلهم في حملها / للقبر آخر منزل الإنسان
ما بين باك شارق بدموعه / وَممزق لثيابه وَلهان
دفَنوا العَروس بحفرة وَتَقهقَروا / متأسفين مقرَّحي الأجفان
وَتَبينوا أَحد الرؤوس فأَيقَنوا / أن ذاك رأس معدد الديران
قَد جاءَ متخذاً وَظيفته من ال / والي وَكيل جلالة السلطان
ما زالَ مذ ورد القضاء معدداً / مَع حارسين ملازم الدوران
فَجَرى القَضاء بأن يموت بخبثه / موتاً يخازيه مَدى الأزمان
أَقول لِقَومي أَين أَحفاد يعرب
أَقول لِقَومي أَين أَحفاد يعرب / وَأَينَ بَنو فهر وأبناء عدنانِ
وأين الألى يوم الدفاع عهدتهم / عَلى صهوات الخَيل أشباه عقبان
خذوا ثار من قَد طاحَ من شهدائكم / فإن صعيد الأرض من دمهم قاني
لَقَد طلعت شمس النهار مضيئة / عَلى أَوجه تَحكي صحائف أَحزان
قرأت بها ما سطر اليأس والأسى / قراءة من يَتلو الحروف بإمعان
فقلت لقرن الشمس بوركت إنني / رأَيتك للمكروب أحسن سلوان
فدى لك يا جيش المحاماة مهجَتي / فَقَد جئت تَرعى اليوم ديني وأوطاني
إنِ الخصمُ لم يذعن الى ما تقيمه / من القسط كانَ السيف أَصدق برهان
تَراها بكت لما رأَتني باكياً / أكفكف عَن عيني الدموع بأرداني
ما كنت أَعلم أَن يجيء زَمانُ
ما كنت أَعلم أَن يجيء زَمانُ / يرقى إلى السروات فيه هوانُ
ثقل المَريض وَلا أَقول ببرئه / حتىّ يَزول هنالك البحران
الحرب أَول ما تثور عجاجة / وَالنار أَول ما تشب دخان
ثارَت عَلى شرق الفرات وَغربه / حربٌ كَما شاءَ الدفاع عوان
الناس طراً في العراق تقاربوا / من بعد ما اِبتعدت بهم أضغان
كانوا خصوماً ثم حاقَت فتنةٌ / وإذا الخصوم كأَنهم إخوان
هلعت قلوب القوم في اليابانِ
هلعت قلوب القوم في اليابانِ / للبحر حين طغى وَللنيرانِ
جُزُرٌ غلين كمرجلٍ فتهدَّمت / أَعلامُها من شدَّة الغَليان
وكأن أَسباب السماء تقطعت / وكأن قلب الأرض ذو خفقان
عرت البلاد زلازلٌ فتقوَّضت / فيها بهنَّ منازلٌ وَمَغاني
سل من أَلَمَّ بها يقيس خرابها / ماذا يرى فيها من العمران
وكأَنَّما اِعتاضَت جحيماً تَلتَظي / عَن جنة ملتفة الأغصان
أَرأَيتُما يا أَيُّها القَمرانِ / في الحادِثات كنكبة اليابان
صعقت تخر إِلى الوجوه حلولها / للصيحة الكبرى بكل مَكان
مُنيَ القُلوب وكل حي عندها / والأرض ذات العرض بالرجفان
كَم مرضعٍ ذهلت لها عَن طفلها / فرمت به عنها من الأحضان
وَكَم استجار أَبٌ عَليل بابنه / فأَشاح بالإعراض وَالخذلان
كل اِفتراقٍ لا أبا لك هينٌ / إلا افتراق الروح والجثمان
ما للأعزة في مناعة أَرضهم / هانوا وَما خلقوا بها لهوان
أَرأَيتُما يا أَيُّها القَمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
نار وَطوفان وَزلزال معا / لَم تُبق من صرحٍ ومن إيوان
أكئبْ بهاتيك الطلول وَما بها / من مشهدٍ يدعو إلى الأشجان
تَبكي العيونُ عَلى عفاء ربوعها / وَمصارع الفتيات وَالفتيان
يا للشقاء وَنكبة نزلت بمن / نَزلوا بتلك الأرض من سكان
أَرأَيتما يا أَيُّها القمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
أَخذت تصب بها الطَبيعة غيظها / وَتَثور حانقة عَلى الإنسان
ماذا أَثار الأرض حتى أَصبحت / تَرنو إلى الإنسان بالعدوان
النار شبت في البلاد فأَحرقت / فيها الَّذين نجوا من الطغيان
وَالماء أَغرق من نجوا بفرارهم / من تلكم النيران في البلدان
عصفت بهم في اللَيل عاصفة الردى / فَبَدا الحَريق بجانِب الطوفان
إن صُدَّ عَن بحر فنار قد بَدَت / أَو صد عَن نار فَلُجٌّ داني
النار تدفعهم إلى أَمواجه / وَالموج يقذفهم إلى النيران
الماء وَالنيران قَد فَتكا بهم / وَالماء وَالنيران يستبقان
النار تَشوي وَجههم بشواظها / وَالماء يغرقهم بلا تحنان
أَرأَيتما يا أَيُّها القمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
الأرض تقصف كالمدافع تحتهم / وَالجو يلمع باللَهيب القاني
وَتَرى البروق وَقَد تتابع وَمضُها / تَبدو ضواحك في سحاب دخان
وإذا الصواعق أَرزَمَت من فوقهم / خروا لخشيتها إلى الأذقان
بل كُلَّما سمعوا هزيمَ رعودها / وَضعوا أَصابعَهم عَلى الآذان
وَإِذا أَضاءَت أَغمضوا حذر الردى / أَو خطفها الأبصار باللمعان
إنَّ الغشمشم وَالجبان كلاهما / في مثل تلك الحال يستَويان
وكأنما تلك الجَزيرَة كلها / لَيسَت عَلى وسع سوى بركان
قَد كانَ في اليابان يا لشقائها / ما لَم يكن في الظن والحسبان
أكبر بها من نكبةٍ سوداء قد / أَخنت عَلى الآباء والولدانِ
أَما الوجوه فإنها قد بدلت / ألوانهن بأَسوأ الألوان
مسودة بالنار تحسب أَنَّها / مطلية بالقار وَالقطران
أَرأَيتما يا أَيُّها القمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
الرجَّة الأولى وَكانَت بغتةً / أَودَت بأكثرهم ببضع ثوان
ماتوا وَماتوا ثم ماتوا ثم لم / يسلم سوى القاصي من الموتان
أَما الألى ظنوا النجاة لنفسهم / فالظن صار بهم إلى الخذلان
لا يعرفون أَأبعدوا عَن حتفهم / أَم أَنَّ ساعات الحمام دواني
لَم يطو من أَسَفي عليهم كونهم / متوارثين عبادة الأوثان
بل كلنا بشر أَبوهم مِن أَبي / عند الرجوع وَكلهم إخواني
ما تلك إلا أُمَّة شرقية / قامَت قيامتها بغير أوان
كَم كانَ فيهم من خَطيب مصقع / طلب البيان ولات حين بيان
أَرأَيتما يا أَيُّها القمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
خطب جسام لَم يشاهد مثله / وَلَقَد مضت حقب من الأزمانِ
لَو أنهم كانوا أَمام جحافل / طَلَبوا النزال وَسارعوا لطعان
لكنهم عرفوا بأن عدوهم / لا يَنتَهي بشجاعة الشجعان
أَرأَيتُما يا أَيُّها القَمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
أَما الخسار فإنه في نفسه / لأَجلُّ من وصفٍ ومن تبيان
بل ليس يَدري غير زائر جزرهم / ما قَد أَصابَ القوم من خسران
ذاكَ الثراء الوفر من مجهودهم / لَم يغنهم شيئاً عَن الحدثان
وَهَل الحَياة اذا أَلَمَّت نكبة / ما يَشترى بالأصفر الرنّان
أَهُناك من نفس المساوم مانع / أَم حيل بين العير وَالنزوان
أَرأَيتما يا أَيُّها القمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
يا زهرة الشرق الَّتي قد أزهرت / حيناً كأحسن كوكب نوراني
قَد كانَ وجهك فاتني لمعانه / لَهفي عَلى لَمعانه الفتان
أَي الصروف عرا يسومك ذلة / وَهَل النجوم تذل للصرفان
الشرق لَيسَ وإن تعدد رزؤه / عَن نكبة اليابان ذا سلوان
أَرأَيتما يا أَيُّها القمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
وَلَقَد يريك الدهر في حدثانه / ما للطَبيعة فيه من سلطان
لا يسلم الإنسان من عدوانها / فالوَيل كل الوَيل للإِنسان
إِنَّ الطَبيعة لا تُسالِم أَهلها / في كل أَرض أَو بكل زَمان
تأَتي الكوارِث يتّبعن كوارثاً / فتلمُّ بالإنسان وَالحَيوان
الأرض تَحتَ المرء يَغلي جأَشها / وَينام ملء العين في اطمئنان
لَيسَ الَّذي تأَتيه عند هدوِّها / مثل الَّذي تأَتيه في الثوران
في جوفها النيران تذكو وهي لا / تنفك حول الشمس عن دوران
إِنّا من الأرض الفضاء ببقعة / لَيسَ الحَياة بها سوى حدثان
أَرأَيتما يا أَيُّها القمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
إن الزَلازِل لا تَزال خفيَّة / أَسباب ثورتها عَن الأذهان
كثرت ظنون العقل في تَعليلها / وَالكل مفتقر إلى برهان
وَلَقَد تَكون الكَهرباء يثيرها / في الأرض طبق ظروفها القمران
الكَون نسج الكَهرباء وإنها / هي هذه الحركات في الأكوان
وَهُناك ناس جاهِلون يَرون في / أمر الزَلازل أصبع الشَيطان
وَالبَعض يزعم أن جملة أَرضه / حملت عَلى ثور له قرنان
فإذا تعمد أن يحرك قرنه / أَخذت جَميع الأرض بالرجفان
أَرأَيتما يا أَيُّها القمران / في الحادِثات كنكبة اليابان
أَكل يوم نعيّ يقرع الأذنا
أَكل يوم نعيّ يقرع الأذنا / وَصاحب لي يأَتي أَنه دُفنا
خلت حماة بصنع الموت من حسنٍ / أَيَعلَم الموت ماذا في حماة جنى
ما كنت أَحسب أَنَّ الموت من سغبٍ / يأَتي فيخطف من أَبنائها حسنا
كأنني بشباب في حماة جثوا / يَبكون حول ضَريح ضمه حزنا
يؤبنون حَكيماً في حفيرته / مغيَّباً زارها فاِختارها سكنا
لَهفي عَلى الناس فيها أنهم دفنوا / لهم أَمانيَّ في ملحودة وَمُنَى
قَد كانَ للشعر ماء في مناهله / يسيل وَاليَوم ذاكَ الماء قَد أسنا
سَعى فَلَم ين يوماً في هدايتهم / وَغيره قَد سَعى من قبله فونى
إنّا لَفي زمنٍ ما للشعوب به / يوماً عَن العلماء المصلحين غنى
لَو كانَ يفدى فَقيد من مَنيته / لكنت أَول من يفدي الفَقيد أَنا
يا راحلاً لديار أَهلُها اِعتزلوا / أخبر هناك بحق ما لَقيت هنا
أُريد علماً بأسرار الحياة فَهَل / أستنطق الروح أَم أستنطق البدنا
أَكبِرْ بحرٍّ يَقول الحق ينصره / وَلا يُبالي أَسرّاً قال أَم علنا
وَهَل يضر حَكيماً ماتَ عَن أَدَبٍ / أن لا يَكون لقبر نام فيه سنى
إليك يا نفس عني لا تلوميني
إليك يا نفس عني لا تلوميني / إن الملام عَلى ما جئت يؤذيني
يا نفس لومك هَذا مكثر شجني / أَلَيسَ ما بي من الأشجان يَكفيني
يا نَفس إني عَلى ما قد تعاورني / من المصائب مَفجوعٌ فَسليني
نشرت لِلقَوم آراء أريد بها / إصلاح دنياهم لا الطعن في الدين
فإن أَصبت فَهَذا نافع حسنٌ / أَو كنت أَخطأت فيها فليردوني
ما إن إردت بها إلا إقالتهم / فَهَل يَليق بِقَومي أن يهينوني
رَدُّوا بسبِّيَ ما يعزى إلى قَلَمي / كأنما السب من بعض البراهين
أَلَستُمُ يا بُني بغداد فادَّكروا / أَبناء قوم خلوا شم العرانين
أبناء قوم بنوا للعلم أَندية / كأنهن مَقاصير الخواقين
وأكرموا العلماء المصلحين لما / أَبدوه بالصدق من رأَيٍ وَتلقين
ما بالكم قد سلكتم غير منهجهم / مبدِّلين قساوات من اللين
المال للعلم مُدْن فاشتروه به / لَيسَ الَّذي يَشتَري علماً بمغبون
خذوه مَهما تناءى عَن مواطنكم / من كل مملكة حتى من الصين
كأنهم من شعاع الشمس قد جبلوا / وأكثر الناس مجبولون من طين
ماتوا وَفي الأرض ذات العرض قد دفنوا / إلا اسمهم فهو فيها غير مدفون
راجحت أعلامهم في كل ما وَضَعوا / من العلوم فما خفت موازيني
أَلَم أَكُن قبلما الدستور ينشلكم / أَذبّ عَن حقكم حيف السَلاطين
أَلَم أُحارِب لكم عبد الحَميد وَقَد / عتا فألبسكم ثوباً من الهون
له من الأنس شَيطانٌ يضللكم / وكانَ شيطانه شرَّ الشَياطين
أَلَم أَحام بشعري عَن حقائقكم / فصانه أَهل مصر في الدواوين
نعم بنيت بشعري في البلاد لكم / مجداً يَدوم جزاء غير ممنون
إن الأكف الَّتي قد كنت آملها / للذود صارَت مع الأيام ترميني
أَمسَت رماح بَني عمي وَقَد غضبوا / تَنوش جِسمي وَكانَت شُرَّعاً دوني
بقيت وَالحق مهجورين في نكد / أبيت في الدار أَبكيه وَيَبكيني
للجهل حقٌّ رعاة الجهل تضمنه / له وَللعلم حق غير مضمون
بِاللَه يا أَرض أَوطاني ابلَعي جسدي / وَيا سَماء بِلادي لا تُظلّيني
أرجو من الشمس أن تزوي أَشعتها / عني فإني أَراها اليوم تؤذيني
وَمن نَسيم الصبا أن لا يصافحني / ومن أريج الحمى أن لا يُحييني
كأن دجلة إذ بارحت ضفتها / ضاقَت عَلى رحبها في عين محزون
يضيق صَدري فأمشي في الفضاء خطى / أَروِّح النفس من حينٍ إِلى حينِ
قَد كانَ بالشعر لي في الهم تَسليةٌ / وَاليوم أَصبح شعري لا يسليني
رأَيت بالأمس تَبكي ذات أسورة
رأَيت بالأمس تَبكي ذات أسورة / وَتَشتَكي من محب واعدٍ خانا
قالَت وَقَد بادرتها عبرة خنقت / دَعني فإن لِنَفسي في البكا شانا
يمد عيني عَلى إسبال عبرتها / قَلب أبى الحب أَن يَسطيع سلوانا
أَحببته بعد أَن أَبدى مودته / وَظل يضرم منها فيَّ نيرانا
دنا إليَّ بأيمان مغلظة / حتى إذا ما قَضى أَوطاره بانا
روض وَبستانُ
روض وَبستانُ / ورد وَريحانُ
بلابل تَشجو / منهنَّ أَلحانُ
تَمشي زرافات / حور وولدانُ
الكل مرتاح / الكل جذلانُ
الناس في رغد / إِلّا أَنا وَحدي
تَزداد آلامي / عاماً عَلى عامِ
أَهَكَذا أَشقى / في كُلِّ أَيامي
فأَينَ آمالي / وأَينَ أَحلامي
إِذا دَنا حَتفي / تَزول أَسقامي
فَلَيسَ لي شيء / سوى الردى يجدى
لِلقَوم أَحقادُ / عليّ تَزدادُ
كَم كال لي سباً / في الصحف أَضداد
كأَنَّ قومي عَن / نَهج الهدى حادوا
إني وإن جارَت / عليَّ بَغداد
أهدي لها حبي / هَذا الَّذي عندي
بِنايَتي اِنهارَت / تِجارَتي بارَت
سَعادتي وَلَّت / تَعاسَتي زارَت
جسارتي قلت / جلادتي خارَت
عصفورَتي أَودت / حَمامَتي طارَت
لَقَد أَتى نحسي / وَقَد مَضى سعدي
ما كنت في الماضي / أَشقى بأمراض
أَبلى بإخفاق / أَمنى بإنفاض
بل كنت في عهد / لِلعَيش فضفاض
أَفديه من عهد / عنه أَنا راضي
يا حبذا الذكرى / لذلك العهد
إِنَّ اللَياليَ والايام في عجلٍ
إِنَّ اللَياليَ والايام في عجلٍ / لنا تجدّان أَفراحاً وأحزانا
يا علم يا راحلاً عَن أَرض نشأته / هَل أَنتَ مدكر أَهلاً وأَوطانا
أَما الرَبيع فإنا مغرمون به / فَهَل يَعود إلينا مثلما كانا
إني حمدت من الدستور طلعته / وَمن شَبيبته شرخاً وَغيدانا
وَقَد أُؤمل أن تشتد أيكته / وأن تمد إلى الأطراف أغصانا
وأن تَطوف عَلى الأغصان طائرة / بَلابل تملأ الأسماع ألحانا
يَسوء تاللَه عيني أن ترى بدلاً / من البَلابل في البُستان غربانا
لِلَّه قَومي مَتى يَستَنكِفونَ وَقَد / ذاقوا من الخسف أشكالاً وألوانا
جاؤوا قَبائح وَالعادات قاهرة / قد كنّ في جسد العمران أدرانا
يا شعب إنك طفل طال رَقدته / متى أَراك مَع الشبان يقظانا
قم من ضريحك يا مأمون واشك الى
قم من ضريحك يا مأمون واشك الى / أبيك حامي ذمار الشعر هارون
وقل عنادل بغداد قد اكتأبت / على المعالي فماتَت في البساتين
إلا شقيَّين هذا طار مرتحلاً / وَذا أقام طَريداً للشواهين
له ببغداد عشّ لا يفارقه / بناه في دوحها بين الأفانين
وقد يغرد في الوادي على وجل / مرفرفاً فوق أوراق الرياحين
ولا يحوم إذا ما طارَ منتجعاً / إلا على نرجس غضّ ونسرين
إن الطيور إذا أوديت من أسف / تَبكي على شاعر فذ فترثيني
وقد تطير إلى قبري مغردة / كأن تغريدها شعر لتأبيني
لي من دموعي قصيد جئت أنظمها
لي من دموعي قصيد جئت أنظمها / وأجعل البث والأشجان عنوانا
أَلَيسَ يشجيك شعر أنت تقرأ في / عنوان أسطره بثاً وأشجانا
لَقَد تلونا به للَه ناظمه / شعراً بكى رقة منه فأبكانا
بكى وأبكى وظني أن قائله / يَشكو من الناس بغضاءً وعدوانا
كأن شعري عذراء مفجعة / تبل منها بدمع العين أردانا
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا / بعد عز أو أن يكون جبانا
هو إن سالموه نادى بسلم / وهو إن حاربوه خار الطعانا
إنه تارة يكون حماماً / يتغنى وتارة أفعوانا
وإذا ضيم عند قوم عَداهم / مبدلاً من ذاك المكان مكانا
أحسن الشعر ما يكون عن القل / بِ وآلامه لنا ترجمانا
إن أردت الغناء كان غناء / أو أردت البيان كان بيانا
إنه بلبل يغرد شجواً / جعلوا أقفاصاً له الأوزانا
يحسن الشاعر المبرز شدواً / مثلما الطير يحسن الألحانا
إن ميزان الشعر في كل قوم / مارسوه أن يجذب الإنسانا
وهو إن لم يعرب لهم عن شعور / كان ممن يقوله هذيانا
لعمرك ليس الشعر شيئاً هو الوَزنُ
لعمرك ليس الشعر شيئاً هو الوَزنُ / وَلا هو لفظ ضاق عن فهمه الذهنُ
بل الشعر معنى رائق يوقظ الهوى / ولفظ رقيق مثلما يطلب الفنّ
إذا كانَ معنى الشعر ينظمه الفَتى / جميلاً ورق اللفظ تم له الحسن
إذا ما به غنى المغنون هاجني / فثار بما غنوا سروري والحزن
إن الشعر لم ينهض بآداب أُمة / إذاً خابَت الآمال في الشعر والظن
لقد دفنوا الشعر الجميل بحفرة / وَللشعر حسن لا يغيره الدفن
شدا يتغنّى العندليب بلحنه / على فنن لدن فأطربني اللحن
لقد راق قَلبي العندليب وشدوه / وراق عيوني تحته الفنن اللدن
شدا فدنت منه الطيور كأنه / خطيب ينادي الطير والمنبر الغصن
يقولون إن الشعر نحن عماده / فمن أنتم حتى يكون لكم نحن
لقد جاهَروا بالسب يخفون نفسهم / لعمر أبي تلك السفاهة والجبن
ومن لم يزن عند التكلم نفسه / فمن حقه أن لا يقام له وزن
إلى أين نأوى حين يظلم ليلنا / إذا هدموا ما قد بنينا ولم يبنوا
أنحى على الشعر ناس يبتغون له
أنحى على الشعر ناس يبتغون له / نقداً فأعوزهم علم وعرفانُ
قد يكثر الشعر ذو جهل بصنعته / حَتى يقال له شعر وديوان

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025