المجموع : 6
كُلَّما قُلتُ سُرَّ قَلبي الحَزينُ
كُلَّما قُلتُ سُرَّ قَلبي الحَزينُ / ثارَ مِن عَسكَرِ الهُمومِ كَمينُ
فَكَأَنَّ السُرورَ في وَسطِ حِصنٍ / حَولَهُ مِن صُروفِ دَهري حُصونُ
أَيُّها النَفسُ بِالمُشَفَّعِ لوذي / فَسَيَأتيكِ مِنهُ فَتحٌ مُبينُ
أَحمَدُ المُصطَفى مُحَمَّدٌ المُخ / تارُ هادي الوَرى النَبِيُّ الأَمينُ
خَيرُ عَبدٍ لِلّهِ سادَ جَميعَ ال / خَلقِ فَضلاً مَن كانَ أَو مَن يَكونُ
إِنَّ ظَنّي فيهِ جَميلٌ وَهَذا الظ / ظنُّ لَفظٌ مَعناهُ عِلمٌ يَقينُ
سَيّدي يا أَبا البَتولِ دَهَتني / أَيُّ حَربٍ مِن الخُطوبِ زَبونُ
وَذُنوبي قَد أَثقَلتني وَديني / بِحقوقٍ لَم أقضِهِنَّ رَهينُ
هَذِهِ حالَتي وَما لي لَدى اللَ / هِ تَعالى سِواكَ رُكنٌ مَتينُ
فَاِرضَ عَنّي وَكُن شَفيعي إِلَيهِ / كُلُّ صَعبٍ إِذا رَضيتَ يَهونُ
كلَّما قلتُ سرَّ قَلبي الحزينُ
كلَّما قلتُ سرَّ قَلبي الحزينُ / ثارَ مِن عسكرِ الهموم كمينُ
فَكأنَّ السرورَ في وسط حصنٍ / حولهُ مِن صروف دَهري حصونُ
أيُّها النفسُ بالمشفّع لوذي / فَسَيأتيكِ منه فتحٌ مبينُ
أَحمدُ المُصطفى محمّدٌ المخ / تار هادي الورى النبيّ الأمينُ
خيرُ عبدٍ للَّه سادَ جميع ال / خلقِ فضلاً من كان أو من يكونُ
إنّ ظنّي فيه جميلٌ وهذا الظ / ظنُّ لفظٌ معناه علمٌ يقينُ
سيّدي يا أبا البتولِ دَهتني / أيُّ حَربٍ من الخطوب زبونُ
وذُنوبي قد أثقَلَتني وديني / بحقوقٍ لم أقضهنّ رهينُ
هذهِ حالَتي وما لي لدى اللَ / هِ تعالى سواك ركنٌ متينُ
فاِرضَ عنّي وكُن شَفيعي إليهِ / كلّ صَعبٍ إذا رضيت يهونُ
ولمّا رأيتُ الدهرَ قَد حاربَ الورى
ولمّا رأيتُ الدهرَ قَد حاربَ الورى / جعلتُ لنفسي نعل سيّده حِصنا
تحصّنتُ منهُ في بديع مثالها / بسورٍ منيعٍ نلت في ظلّه الأمنا
باِسم الإلهِ وبهِ بدينا
باِسم الإلهِ وبهِ بدينا / وَلَو عَبدنا غيره شَقينا
يا حبّذا ربّاً وحبَّ دينا / وحبَّذا محمّدٌ هادينا
لولاهُ ما كنّا ولا بقينا /
اللهمّ لولا أنتَ ما اِهتدينا / وَلا تصدّقنا ولا صلّينا
فَأَنزلن سَكينةً علينا / وَثبّت الأقدامَ إن لاقَينا
نحنُ الأُلى جاؤوكَ مُسلِمينا /
وَالمُشركونَ قَد بَغوا علينا / إِذا أرادوا فِتنةً أَبينا
وَقَد تَداعى جَمعُهم عَلينا / طبقَ الأحاديثِ الّتي رَوَينا
فَاِردُدهم اللهمّ خاسِرينا /
اللَّه يا رحمنُ يا رحيمُ / اللَّه يا حيّ ويا قيّومُ
اللَّه يا قويّ يا قديمُ / اللَّه يا عليُّ يا عظيمُ
لا يَنبَغي لِلقوم أَن يَعلونا /
اللَّه يا لطيفُ يا عليمُ / اللَّه يا رؤوفُ يا حكيمُ
اللّه يا توّابُ يا حليمُ / اللَّه يا وهّابُ يا كريمُ
هَبنا العُلا واِجعل عِدانا الدونا /
اللَّه يا مالكُ يا منيرُ / اللَّه يا مليكُ يا قديرُ
اللَّه يا مولى ويا نصيرُ / اللَّه أنتَ الملكُ الكبيرُ
ليسَ عِدانا لك مُعجزينا /
اللَّه يا شاكرُ يا شكورُ / اللَّه يا عفوُّ يا غفورُ
اللَّه يا عالمُ يا خبيرُ / اللَّه يا فتّاح يا بصيرُ
لا تَحرمنّا فتحكَ المُبينا /
اللَّه يا ظاهرُ يا جليلُ / اللَّه يا باطنُ يا وكيلُ
اللَّه يا صادقُ يا جميلُ / اللَّه يا حافظُ يا كفيلُ
كُن حافظاً لنا وكُن مُعينا /
اللَّهُ يا غنيُّ يا حميدُ / اللَّه يا مُغني ويا رشيدُ
اللَّه يا مُبدئُ يا معيدُ / اللَّه يا عزيز يا مجيدُ
لعزّك التوحيدُ يَشكو الهونا /
اللَّه يا قادرُ يا مقتدرُ / اللَّه يا قاهرُ يا مؤخّرُ
اللَّه يا فاطرُ يا مصوّرُ / اللَّه يا مُحصي ويا مدبّرُ
دبّر لنا ودمّرِ العادينا /
اللَّه يا دائمُ لا يموتُ / اللَّه يا قائمُ لا يفوتُ
اللَّه يا محيي ويا مميتُ / اللَّه يا مغيثُ يا مقيتُ
كُن غوثَنا وحِصنَنا الحصينا /
اللَّهُ يا باسطُ أنت الواسعُ / اللَّه يا قابضُ أنت المانعُ
اللَّه يا خالقُ أنت الجامعُ / اللَّه يا خافضُ أنت الرافعُ
اِرفع مَعالينا لعلّيّينا /
اللَّه ذو المعارجِ الرفيعُ / اللَّه يا وافي ويا سريعُ
اللَّه يا كافي ويا سميعُ / يا نورُ يا هادي ويا بديعُ
أدّبتنا بِما جَرى يَكفينا /
اللَّهُ ذو الجلالِ والإكرامِ / اللَّه ذو الطَولِ على الدوامِ
اللَّه يا ذا الفضلِ والإنعامِ / وَالسيّد المطلق للأنامِ
اِرحَم عَبيداً لك عابدينا /
اللّه يا أوّل أنت الواحدُ / اللَّه يا آخر أنت الراشدُ
يا وترُ يا متكبّر يا واجدُ / يا برُّ يا متفضّلٌ يا ماجدُ
بِفضلك اِقبَلنا على ما فينا /
اللَّه يا مبينُ يا ودودُ / اللَّه يا محيطُ يا شهيدُ
اللَّه يا متينُ يا شديدُ / يا مَن هو الفعّال ما يريدُ
إنّا ضِعافٌ لك قد لَجينا /
اللَّه يا معزُّ يا مقدّمُ / اللَّه يا مُذلُّ يا منتقمُ
البادئُ الباقي فلا ينعدمُ / المُحسنُ الوالي الحفيظ الأكرمُ
ليسَ لنا سواكَ مَن يَحمينا /
اللَّه يا وارثُ أنت الأبدُ / اللَّه يا باعثُ أنت الأحدُ
يا مالكَ الملكِ الإله الصمدُ / لا كفؤٌ لا والدٌ لا ولدُ
كفَّ العِدا عنّا فقد أوذينا /
اللَّه يا غالبُ يا قهّارُ / اللَّه يا نافعُ أنت الضارُّ
اللَّه يا بارئُ يا غفّارُ / يا ربّ يا ذا القوّة الجبّارُ
قَوّم لَنا الدنيا وقوّ الدينا /
اللَّه ربّ العزّة السلامُ / المؤمنُ المهيمنُ العلّامُ
ذو الرحمةِ الأعلى الأعزّ الثام / مَن دينهُ الحقُّ هو الإسلامُ
قيّض لَهُ اللهمّ ناصرينا /
اللَّه أنتَ المُتعالي الحكمُ / الفردُ ذو العرش الوليّ الأحكمُ
الغافرُ المُعطي الجواد المنعمُ / العادلُ العدلُ الصبور الأرحمُ
مكّن لنا في أرضِنا تَمكينا /
اللَّه يا قدّوس يا برهانُ / يا بارُّ يا حنّان يا منّانُ
يا حقُّ يا مقسطُ يا ديّانُ / تبارَكت أسماؤك الحسانُ
بِها قَرعنا بابكَ المصونا /
اللَّه يا خلّاق يا منيبُ / اللَّه يا رزّاق يا حسيبُ
اللَّه يا قريب يا رقيبُ / المُستعانُ السامع المجيبُ
إنّا دَعوناكَ اِستَجِب آمينا /
لَستُ أَنسى زَمناً قَد سَلفا
لَستُ أَنسى زَمناً قَد سَلفا / فيكِ يا مكّة بالعيشِ الهني
إِذ منَ المَروةِ أَسعى للصفا / وَبذاتِ الخالِ وَجدي عمّني
حينَ أَغدو طائِفاً من حولِها / أَتَهادى مثلَ صبٍّ ثملِ
أَبتَغي عارِفةً من نولِها / وهيَ تَرعانيَ تحتَ الحللِ
وَمَتى تمّت مَساعي طَولها / بَلَّغتني مِن رِضاها أمَلي
أَدخَلَتني في مقامٍ شَرُفا / كلُّ مَن يَدخلهُ في مأمنِ
واصَلتني ولَكم قبلُ هفا / نَحوَها قَلبي وزادَت شَجني
أَجلَسَتني كَرماً في حجرها / بعدَ تَقبيلِ فَمي مِنها اليمني
وَلَقد منّت بِأوفى برّها / إِذ دَعَتني أدخلُ البيتَ الأمين
فَلِساني عاجزٌ عن شُكرها / وَإِليها لم يزل منّي حَنين
قرّبتني بعدَما طالَ الجفا / وَبَدَت تَزهو بوجهٍ حسنِ
فَمَضى همّي وَصافاني الصفا / وَأَتى أُنسي وولّى حَزَني
أَشربُ الخمرةَ شربَ النهمِ / دونَ إِثمٍ غيرَ سكران ملوم
إنّما أَعني سُلافَ زمزم / صانَها الرحمنُ لا بنت الكروم
فَأَراني كالمليكِ الأعظمِ / مِن سُروري وتُجافيني الهموم
قَد أَزالَت وهيَ طعمٌ وشفا / سَقَمي عنّي وَزادت سِمَني
مَن رَمى الدُنيا وَمِنها رشفا / مرّةً في عمرهِ لم يُغبَنِ
وَالمُنى تمّت لدَينا في مِنى / حينَ نَرمي مِن هَوانا الجمَرات
وَاِجتَمعنا بِسرورٍ وهنا / عندَ جمعٍ وعرَفنا عرَفات
ذاكَ يَومٌ كلّ ما الدهرُ جنى / قَد مَحاه بالأيادي الطائلات
غَيرَ أنّي لَم أزَل مُلتهفا / لِنوى مَن حبُّها تيّمني
حيِّ يا برقُ أثيلاتِ العقيق / وَرُبوعاً في النَقا وَالمُنحنى
وَاِسق سَلعاً وَقُباً خيرَ رحيق / مِن سُلافِ الغيثِ موصول الهنا
آهِ مَن لي ثمَّ سكرٌ لا أفيق / منهُ بالعذراءِ لا يُبقي عنا
فَمَتى فيها أَرى لي مَوقفا / تنعمُ العين به كالأذنِ
وَمَتى أُمنحُ فيها زلفا / وأَراها دونَ أَرضي وطني
هيَ واللَّه مُنى قلبي الحزين / إِن تكُن تقربُ أَو تَنأى الديار
يا تُرى أَحظى ولَو مِن بعد حين / بحِماها وأَرى فيها القَرار
ثاوِياً ثمّة في الحرزِ الأمين / في جوارِ المُصطفى أكرمِ جار
خيرة الأخيارِ أَوفى مَن وفى / الكريم ابن الكرام المحسنِ
كلُّ خَلقٍ مِن نداهُ اِغتَرفا / وَهوَ باللَّه وهم خير الجدود
وَجميعُ الرسلِ عيسى والكليم / وَسِواهم وَمَشاهيرُ الوجود
فازَ منهُ الكلُّ بالحظِّ العظيم / وَحَباهم كلّ فضلٍ وسعود
وَبهِ جبريلُ نالَ الشرَفا / إِذ سرَى نحوَ العلا لا ينثني
وَبِخفضِ القدرِ عنهُ اِعترفا / حينَما قالَ لهُ لا تنسَني
شاهدَ اللَّهَ بلا كيفٍ وأين / بِقوىً أعطى له المولى العلي
قَد رآهُ بفؤادٍ وبعين / مِنحةٌ خُصَّ بها في الأزلِ
قِس بهِ صعقةَ موسى دونَ مين / للتجلّي حينَ دَكِّ الجبلِ
تجدِ المُختارَ منه أشرفا / وَأحبَّ الخلق للَّه الغني
لَو حَباهم مِن عُلاه طرَفا / أغرقَ الكلّ ببحر المننِ
نالَ قدراً مِن رضى المولى الكريم / جُزء جزءٍ منه ما نال الكرام
وَسُقي بَحراً من اللَّه العليم / لَو سُقي القطرةَ منهُ الكونُ هام
ثمَّ في الليلِ اِنثَنى نحوَ الحطيم / فَأتاهُ قبلَ إسفارِ الظلام
بِعروجِ العرشِ فاقَ المُصطفى / كلّ عبدٍ كانَ لو لم يكنِ
عَرفَ الحقَّ لهُ مَن عرَفا / وَسِواهم في ضلالٍ بيّنِ
إنّما ذلكَ مِن فعلِ القدير / مَن برا كلّ الورى عزّ وجل
يَستوي كلُّ صغيرٍ وكبير / عندهُ في الخلقِ ما شاءَ فعَل
فَلديهِ العرشُ كالنملِ الصغير / عِندَنا وَالأمرُ أعلى وأجل
وَهوَ مِن كلِّ البريّاتِ اِصطَفى / عبدَهُ الهادي لأَسنى سننِ
أحمدَ المُختار طهَ ذا الوفا / خيرَ مَبعوثٍ له مؤتمنِ
ما لهُ بينَ البَرايا مِن مثيل / كلُّهم لَولاه ما نالوا الوجود
وَلِما أَعطاهمُ المَولى الجليل / قسمةٌ منهُ على قدرِ الجدود
شرَّفَ الأشرافَ جيلاً بعد جيل / وَبهِ الأعقابُ تسمو والجدود
خَصَّهُ اللَّه بما قد لطفا / علمهُ عَن دركِ أهل الفطنِ
كلُّ مَن نظّم أَو قَد صنّفا / لَم يفُز منه بسرٍّ صيّنِ
لَيسَ يَدري كنههُ غير الإله / واِستوى في جهلهِ كلّ الورى
وَعَلت فوقَ عُلا الخلقِ علاه / شَرَفاً أينَ الثريّا والثرى
زانَتِ الكونَ وأهليهِ حُلاه / وَبِكلّ نورهُ الساري سرى
جاءَ وَالكونُ مريضٌ فَشفى / بِهُداه كلَّ عبدٍ مؤمنِ
وَلقَد أسمعَ لمّا هتَفا / مَن مَضى أَو مَن أتى في الزمنِ
كَم لهُ مِن مُعجزاتٍ باهرات / ما لَها بينَ البرايا من نظير
دامَ مِنها حكمهُ بعد الممات / وإِلى الحشرِ الكتابُ المُستنير
كلُّه آيات حقٍّ بيّنات / دلّتِ الناسَ على صدقِ البشير
أَعجَزَتهم سَلفاً والخلفا / فاِستَوى الفدمُ وأذكى لسنِ
وَهَدَتهم غيرَ قلبٍ أغلفا / وَالعَمى في القلب لا في الأعينِ
بحرُ علمٍ ما لهُ من ساحل / جاءَ تَفسيراً له قول الرسول
وَأَتى عن كلّ حبرٍ فاضل / لَهُما شرحٌ من العلمِ يَطول
رُبَّ مجنونٍ بدعوى عاقل / لا يَرى فضلَ الأئمّةِ الفحول
دَعهُ لا تحفَل بهِ مَهما جفا / وَغدا في القولِ أذكى فطنِ
كانَ هادينا عَلينا أخوفا / مِن سَفيهٍ حاز علم اللسَنِ
فَعَليه اللَّه صلّى من شفيق / حذّر الأمّةَ أسبابَ الضلال
لَم يَدع في الدينِ وَالدُنيا طريق / لهُدانا ما له فيها مقال
أيُّها المفتونُ كَم لا تستفيق / وَتَرى ما أنتَ فيهِ مِن وبال
اِتّبع واِسلُك سبيلَ الحُنَفا / مَن سَعى في نَهجهم لم يفتنِ
هُم بِقولِ اللَّه كانوا أعرَفا / مِن سِواهم وَمعاني السننِ
خلِّ هذا فبهِ القولُ فضول / عندَ مَن سُقتُ لهم هذا الكلام
لَم تؤثِّر فيهمُ بيضُ النقول / أَتُرى يَردَعُهم منّي الملام
خَلِّهم واِرجِع إِلى مدحِ الرَسول / صَفوةِ الرَحمنِ من كلِّ الأنام
دُم عَلى المدحِ لهُ مُعتَكفا / وَاِتّخذه لكَ أَقوى جوشنِ
وَتَقلّدهُ حُساماً مُرهفا / قاطِعاً أَعناقَ كلِّ المحنِ
هوَ سُلطانُ النبيّينَ الكرام / وَعَليهم أخذَ اللَّه العهود
فَهمُ نوّابهُ بينَ الأنام / نُشِرت فيهِم لعلياه البنود
إنَّما الدهرُ لهُ مثل الغلام / كَم له عبدٌ على الناس يسود
هَكذا اللَّه بهِ قَد شرَّفا / خَلقهُ مَن دانَ أو لم يدنِ
وَعَفا عن آدمٍ لمّا هفا / وَسِواه مِن ذوي القدرِ السني
وَبيومِ الحشرِ ترضاه العباد / شافِعاً إِذ يُحجمُ الرسلُ الكرام
رَبُّه يُعطيه فيهِ ما أراد / فَيَرى التفريجَ عَن كلِّ الأنام
ثمَّ في الأمَّةِ يُرضيه الجَواد / وَينالُ الخلدُ في أعلى مقام
سَوفَ يُعطيهِ علاً لن توصفا / تعجزُ الأفكارَ عجزَ الألسنِ
يَسكنُ الفِردوسَ يُعطى غُرفا / تحتَها للرسلِ أعلى موطنِ
سيِّدي يا أيُّها المولى الملاذ / يا حبيبَ اللَّه يا خير رسول
كلُّ جاهٍ في البَرايا ذي نفاذ / فَعليهِ جاهكَ الضافي يطول
لَيسَ لي غيركَ في الخلقِ معاذ / وَلِحالي سيّدي شَرحٌ يَطول
أَدرك اِدركني فصَبري قد عفا / وَغَدا ربعُ الصَفا كالدمنِ
عَبدُكَ الدهرُ بحقّي أجحفا / وَنَفى عنِّي لذيذ الوسنِ
وَلَكم مِن حاجةٍ في خلدي / أَنتَ تَدريها وما عنكَ اِستِتار
أَنا في الدارينِ أَبغي رَشَدي / منكَ في الدُنيا وفي دارِ القرار
لا تُخَصّصني بخيرٍ سيّدي / عُمَّ أَهلي واِحبُنا منكَ الجوار
وَأَبِحنا مِن حِماكُم كَنَفا / واقِياً مِن شرِّ كلِّ الفتنِ
حَسبُنا اللَّه إِلهاً وكفى / بِكَ لِلمَحسوب أَقوى ركنِ
يا نَسيماً سرى إلى قاسيونا
يا نَسيماً سرى إلى قاسيونا / حيِّ حَبراً بسفحهِ مَدفونا
حيِّ عنّي بالصالحيّةِ بحراً / مَلأ الكونَ لؤلؤاً مكنونا
حيِّ عنّي شَمساً هنالك صينت / طبّقَ الشامَ نورُها والصينا
هيَ تحتَ الثَرى بجلّق غابت / وَعلا نورُها لِعِلّيّينا
ذلكَ الحاتميّ مولايَ محيي الد / دين أكرم به إماماً أمينا
فازَ مِن فتح ربّه بعلومٍ / عرّفتهُ الأكوانَ والتكوينا
كَم حَكى من علوم غيبٍ بكشفٍ / عَن شُهودٍ لَم يَحكِها تَخمينا
كانَ فيها اليقينُ ظنّاً فلمّا / جاءَها صيّر الظنونَ يقينا
رُبّ قَومٍ لم يَعرفوهُ فَعاشوا / عَن سَنا فضلهِ المُنيرِ عمينا
مثل ناموسةٍ تريدُ لنور الش / شمسِ سِتراً عن أعينِ الناظرينا
كلُّ فردٍ مِن كتبه خيرُ كنزٍ / بَين أهليهِ لا يزالُ مَصونا
في فتوحاتهِ الفتوحُ فَمنها / كَم وليٍّ نال فَتحاً مُبينا
غَير أنَّ الأبوابَ فيها اِنغلاقٌ / وَمَفاتيحُها همُ العارِفونا
إِن تَكُن عارفاً فبادِر إليها / تَلقَ فيها ما شئتَ دُنيا وَدينا
وَإِذا جئتَها بغيرِ دليلٍ / عُدتَ في شرّ صفقةٍ مغبونا
أَلفُ فنٍّ في كلّ سطرٍ وزد ما / شِئتَ عدّاً فلستَ تُحصي الفُنونا
هيَ لَيست تأليفَ فكرٍ ولكن / وارداتٌ للمتّقينَ حُبينا
أَوَ ما جاء واِتّقوا اللَّه نصّاً / فَاِتّقوهُ يا أيّها المنكرونا
هَكذا كذّبوا بما لَم يُحيطوا / مِن قديمٍ بعلمهِ الجاهلونا
أَحمدُ اللَّه أن حبانيَ حبّاً / وَاِعتقاداً بسادَتي العارفينا
رَضيَ اللَّه والنبيّ وأهل ال / حقّ عنهم ومن بهم يَقتدونا
فَاِعتِراضٌ من بعد هذا عليهم / لَيسَ يَرضى بفعلهِ المُؤمنونا
فَاِقصِدوهم ولو بشدِّ رحالٍ / وَاِرتِحالٍ يا أيّها الزائرونا
وَاِستَغيثوا بِهم إلى اللَّه واِدعوا / وَدَعوا الفاسقينَ والمارقينا
فَهُم خيرُ معشرٍ عرفوا اللَ / هَ وكانوا لخلقهِ مرشدينا
وَعَليكُم بقصدِ تُربةِ محيي الد / دينِ تُلفوا المُنى وتكفوا المنونا
كانَ خَتماً للأولياءِ تَبيعاً / بِهُداهُ لخاتمِ المرسلينا
سيّدُ الخلقِ صفوةُ الحقّ مِن كل / لِ البَرايا ورحمة العالمينا
أَفضلُ الأنبياء والرسل والأم / لاك طرّاً ممدّهم أجمعينا
مَن رِضاه فيهِ رضا اللَّه والسخ / ط لسخط الإله دام قرينا
فعليهِ يا ربِّ صلّ وسلّم / وَاِعفُ عنّا واِغفر لَنا آمينا