القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عَبد الحَمِيد الرّافِعي الكل
المجموع : 11
جنيت من خدها وردا ونسرينا
جنيت من خدها وردا ونسرينا / ومن مراشفها شهدا وزرجونا
غداة زارت بلا وعد ولا أمل / يوما لقد كان عيد الدهر ميمونا
صافحتها فرأت يمناي راجفة / والوجد اظهر في وجهي تلاوينا
ورمت رمانتيها فانثنت غضباً / وقطبت حاجباً كالنون مقرونا
فنبهتني لحفظ الحب من دنس / وذكرتني عهداً قط ما شينا
لكن اضل رشادي سحر مقلتها / يا رب ثبت علي العقل والدينا
افدى عفافاً تحتله شمائلها / صان الجمال وزاد الحسن تحسينا
هيفاء يحسد بدر التم طلعتها / ويعشق الغصن من أعطافها اللينا
رخيمة الدل كحلاء الجفون حوت / ملك الجمال وزادت فيه تمكينا
يحار في وصفها فكري ولا عجب / ان حيرت بمعانيها المحبينا
ان قلت حورية ابدت لواحظها / معنى من الغنج يسبي الخُرد العينا
أو قلت بدر رأيت البدر ذا كلف / حلف السرار وبالنقصان مرهونا
أو قلت درة غواص فمبسمها / مازال يخجل عقد الدر مكنونا
لكنها فتنة للناس مرسلة / تبلو الشجي وتستهوى الخليينا
حتى متى يا فؤادي انت منعكف / على الهوى لاتزال الدهر مفتونا
هو الغرام فسل عنه معانيه / كم ذا تعنى وذاق الذل والهونا
كثير عزة غال الحب عزته / وقيس ليلي دعاه الناس مجنونا
فخل عنك التصابي واتئد فلقد / لاح المشيب يجلي فودي الجونا
واستغفر اللَه مما قد ولعت به / أيام كان الصبا يا قلب يغرينا
شنف بذكر مفاخر العربان
شنف بذكر مفاخر العربان / سمعي وانعش خاطري وجناني
فحديث آباء الفتى ينشي به / عزماً كنفخ الروح في الجثمان
ولرب آثار لهم تذكارهم / يهب الضمائر قوة الايمان
هم منبع الدين القويم ومطلع الن / ور العظيم ومنجع اللهفان
تتفاخر الأجيال في أخبارهم / والشمس لا تحتاج للبرهان
والكون يزهر في مكارمهم وما / أدراك فعل الوابل الهتان
أهل الشجاعة والبراعة والوفا / والصدق والإيثار والاحسان
جعلوا الممالك تحت ظل سيوفهم / متظللين ذوائب المران
واستقبلوا الزمن العبوس بأوجه / غر اضاءت غرة الأحيان
وتوطنوا رحب الفلا فتعلموا / سعة الصدور ورقة الغدران
خلقوا ألي بأس ومن أخلاقهم / رعي الذمام ونصرة الجيران
تأبى قبول الضيم أنفسهم ولو / طاحت رؤوسهم عن الأبدان
والجود شنشنة متى ذكروا بها / خضع الوجود واذعن الثقلان
بسطوا الأكف به فنالوا سؤدداً / عقدت عليه خناصر الأعيان
وكفاهم شرفاً عظيماً أنهم / عرب ومنهم سيد الأكوان
قوم ترى نور البصيرة طافحاً / ما بينهم في الشيب والشبان
ملكوا الفراسة والخفايا عندها / كالصبح جلت قدرة المنان
سل عنهم الشعر البليغ كأنه / وحي تنزل من عظيم الشان
وسل الفصاحة هل يضئ بغيرهم / إنسانها في العالم الإنساني
تخذوا المفاخر حلية بضيائها / سطع الوجود واشرق الملوان
وتنافسوا بمحاسن اللغة التي / ألفاظها كالهيكل النوراني
لغة بفضل جلالها وجمالها / شهدت شواهد محكم الفرقان
لغة إذا أدركت سحر بيانها / أدركت معنى السحر في الأجفان
لغة هي البحر الخضم وكيف لا / وبها مغاص الدر والمرجان
ضاق المجال على مبارى فضلها / فكأنما هو فوق رأس سنان
وغدا المفكر في دقائق سرها / متضائلاً كالتائه الحيران
قل للألى جهلوا مكانتها وقد / كادوا لها في السر والاعلان
عاديتم ما تجهلون ولم يعب / قدر الورود كراهة الجعلان
واللَه يأبى ان تهان فبشروا / من رام ذلتها بكل هوان
ام البلاغة لا عدمنا درها / روح العقول وراحة الاذهان
للّه ما أحلاك يا عربيتي / في ذوق أهل الذوق والعرفان
كل اللغات لديك يالغة الهدى / خدم وأنت مليكة الايوان
ظلموك أهلك بالجفاء فأصبحوا / والكل يمشي مشية السرطان
لم يحفظوا لك ذمة وتعلقوا / بهوى السوى ورموك بالهجران
لو أتقنوا فيك العلوم لأدركوا / شأو العلى وعلوا على الأقران
لكنهم غروا بغيرك حقبة / من دهرهم والدهر ذو الوان
حتى إذا انكشف الغطاء وايقظت / مقل الرجال حوادث الأزمان
نهضوا وكل يستعيذ بربه / مما انتشى ويسب بنت الحان
وراقصة هاجت بنا حركاتها
وراقصة هاجت بنا حركاتها / لواعج نفس ما لهن سكون
لقد صاغها من عنصر اللطف من إذا / أراد مراداً قال كن فيكون
لها مقلتا ريم وقد أراكة / وطلعة شمس والهلال جبين
تناءى وتدنو نحونا عند رقصها / فتقسو علينا تارة وتلين
تمد ذراعيها وتخطر تارة / وفي معصميها للحلي رنين
كما نشر الطير الجناحين صادحاً / على الروضة الغناء وهو ركين
وتقفز حيناً مثل ظبي مروع / على غرة منه دهاه كمين
وتحكي قضيب البرق ساعة تلتوي / فليس تباريها قنا وغصون
ولو مال غصن البان ميلة عطفها / تردى فهل يا عطف أنت عجين
فنون من الرقص البديع تهزنا / وكم كان في تلك الفنون فتون
وكم أدهشت منا العقول رشاقة / لها البرق خدن والنسيم قرين
أشاهد معناها بكل جوارحي / كأن حواسي كلهن عيون
يا عين مالك كلما ذُكَرَ اللوى
يا عين مالك كلما ذُكَرَ اللوى / تكفينَ دمعاً كالعقيق هتونا
اغرقتني وكشفت سر صبابتي / وفضحت ويحك سرى المكنونا
قد كنت أخفي العشق طيَّ جوانحي / خوفاً لما قد كان ان سيكونا
ويلاه من لحظات جارات الغضا / كم ذا قضت نفسي بهن شجونا
لم أدر ما نوح الحمائم والبكا / حتى استبحن فؤادي المفتونا
غنين وِرقاً والتفتن جآذرا / وسفرن أقماراً ومسن غصونا
وبرزن يصطدن القلوب فهل ترى / تنجو قلوب باللحاظ رمينا
مِن كل ناهدة إذا حسرت لنا / عن صدرها انقلب الغرام جنونا
ومن العجائب انهن أوانس / لكنهن على النفار ربينا
ما ان يلّن لعاشق قد غرّه / منهن أعطاف ألفن اللينا
اني دريت الحب من بدء الصبا / ودرست من علم الغرام فنونا
فتفقهوا يال الصبابة بالهوى / عندي لتجنوا علمه تلقينا
لا تعشقوا إلا الكواعب بُكرا / اهدى الدلال لحسنها تحسينا
وكسى الحياء جمالها بجلالة / تدع الفؤاد بحبها مرهونا
كم من معان للعذارى من درى / اسرارها ازرى بمن عذلونا
جهلوا المحبة وازدروا أربابها / ولو أنهم عقلوا اذن عذرونا
انا وان شبنا وذبنا في الهوى / حسن الصبايا لم يزل يصيبنا
نحيا على حب الجمال وان نمُت / فتحية من أهله تحيينا
رأى الطليان ان الليث ساكن
رأى الطليان ان الليث ساكن / فخالوا أنها خَلَتِ المساكن
وما علموا بان الشرق غاب / وذاك الليث ذاك أبو البراثن
فاضحوا في طرابلسٍ خزايا / ولم تُفد الدوارع والسفائن
وابصر جيشهم في البر بحرا / من الانجاد حاسرة الجواشن
تنادت بالجهاد مكبرات / وقامت بالدفاع عن المواطن
فحول العرب أبطال المغازى / حُماة العرض حراس الضعائن
الا يا يوم بنغازي فعجل / وطهر منهم تلك المعاطن
ولا تبطيء سقيت دم الأعادي / يصوب لديك كالسحب الهواتن
فانا بانتظارك في قلوب / على جمر الغضا والصبر واهن
وان وعدتهم الأحلام نصرا / فقل لهم اخسأوا فالوعد مائن
وخيّب ظنهم واعكس رجاهم / لتنسيهم بشائر كل كاهن
لعمر اللَه لو ملكوا لجاروا / ولم يدعوا بعقر الدار آمن
وقامت دعوة الطاغوت جهرا / وهُدّمت المساجد والمآذن
وابدوا في كفاح الدين ما لا / يُطاق من الفواتك والفواتن
فيا قومي النيام الا فهبوا / فقد بدأ الشرار من الكوامن
اعدوا ما استطعتم للأعادي / لتعلم ان كسرى في المدائن
ومدوا للمحارب كل عضب / ولا تثقوا بأقوال المهادن
يلين ويستعد إلى وثوب / متى لاحت له منّا المطاعن
وحالات المقافل ليس تخفى / وان سُترت باقنعة المخادن
على أنا بنو الهيجاء نذكى / لظاها يوم تحتدم الضغائن
فروع المنجبين وليس بدعا / إذا أبدت جواهرها المعادن
وللغارات ربّتنا الغيارى / وحضَّتنا على الصبر الحواضن
أعز رفاقنا البيض المواضى / وخير لداتنا السُمر اللوادن
لنا الأيام تسطع مشرقات / وراء سيوفنا والنقع داجن
لهف قلبي على الصبا وزمانه
لهف قلبي على الصبا وزمانه / وليالٍ مضين في ريعانه
كان ليل الصبا ضياءً لعيني / ونهارُ المشيب في عكس شانه
ويح ذاك البياض سوّد قلبي / عندما زارني بغير اوانه
نفر الغانيات عني وماذا / ضر لو غرّهن في لمعانه
ليته لم يكن لهن بغيضاً / فارى النحر يزدهي بجمانه
ان يكن في عيونهن ظلاما / فهو نور للمرء في ابانه
ووقار للمؤمنين وما اب / هى ابتسام الوجوه عن اقحوانه
لست أنسى مليحة قد دعتني / عمها والغرام في عنفوانه
فغدا قولها نذيراً لقلبي / واسترحنا يا سعد من خفقانه
وسلونا الهوى وذاك التصابي / واستفاق الشجيّ من أشجانه
وهجرنا الحسان هجراً جميلا / وخلعنا الصبا على أخدانه
ورجعنا إلى التقى فعلى الشي / ب سلام إذ كان من أعوانه
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى / غرام يصد النوم ان يطرق الجفنا
نفورٌ نفت عنا الرقاد بينها / فيا ليت ذاك الحسن يشفع بالحسنى
نود سلوا كلما شفنا الهوى / وألحاظها تدعو القلوب هلمّنا
نبية حسن بالظبى من جفونها / دعتنا فأسلمنا النفوس وآمنا
نهيم بفرع نحو وردة خدها / دنا فتدلى قاب قوسين أو أدنى
نحنُّ لها وجداً ونشكو ملالها / وكم دِنف منا إذا ذكرت أنا
نلام عليها في الغرام وربما / شفى اللوم ان تذكر به كبدا مضنى
نطيب بذكراها وتحيى قلوبنا / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
نهيت فؤادي أن يهيم بقدها / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
محمد يا سراج العالمينا
محمد يا سراج العالمينا / وتاج الأنبيا والمُرسَلينا
اغثني بانتصارك وانتشلني / بعزمك من أسار الظالمينا
نفيت لطيبة الغرا وما بي / سوى أني أُساق لها سجينا
وفي ساقي من الاغلال قيد / ثقيل من قيود المجرمينا
وما لي قط من ذنب ولكن / أبى الحكام ان لا يظلمونا
تغالوا في مجافاة الرعايا / وظنوا في بني العرب الظنونا
وما نقموا علينا غير أنا / من القوم الكرام المنجينا
لئن من جيشهم قد فر ابني / بعيداً عن عيون الناصحينا
فقد وثقوا بأن لا علم عند / ولا اعددت نوقاً أو سفينا
ولكن قد أبوا إلا اعتسافاً / علينا يرصدون بنا الفتونا
على انا وحقك ما أسأنا / لهم يوماً ولم نعد السكونا
بذلنا الطاعة العميا اليهم / وما كنا من القوم العمينا
ولكنا رأينا الخُلف أمرا / يفرق من جموع المسلمينا
كظمنا غيظ أنفسنا عليهم / ولم نرهم لكيظ كاظمينا
أبانوا بغض جنس العرب طرا / وراموا ان يقروا الظلم فينا
نعاني كل يوم من أذاهم / فنوناً لم تكن إلا جنونا
وقد فتكوا بأحرار كرام / أرادوا بعض عدل ان يكونا
صفت منهم نواياهم فحطوا / على شرك بناه الماكرونا
وما علموا وذو الإيمان غر / كريم أنهم متملقونا
وفي أحشائهم للحقد نار / يكاد ضرامها يشوى البطونا
وكم نهبوا وكم سلبوا وجاروا / على الأمراء والمستضعفينا
وما أبقوا هماماً يعربيا / خليا من تعديهم مصونا
فغوثاً يا رسول اللَه غوثاً / ولا تسمح بقومك ان تهونا
لئن يك آل عثمان تباهوا / زماناً بالملوك الصالحينا
فقد غصبتهم الثوّار ملكاً / غدا الغوبة للغاصبينا
ولم يدعوا لهم في كل حكم / سوى اسم لم يكن إلا طنينا
وماذا يستفيد من اسم مُلك / بلا حكم أمير المؤمنينا
تضعضت الخلافة واستبدت / بها القوم الغواة الغاشمونا
صغار السن والاحلام ضاعوا / عن السنن القويم وضيعونا
لقد ضاق الخناق وكل منا / جميل الصبر واخترنا المنونا
وقد طال الزمان وكل يوم / من اللأواء نحسبه سنينا
فيا رب الأنام بجاه طه / أبي الزهرا شفيع المذنبينا
أجرنا من بلائك واعف عنا / وعاملنا بألطافٍ تقينا
فليس لنا على الضيم اصطبار / وان عظمت اجر الصابرينا
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى / غرام يصد النوم أن يطرق الجفنا
نفور نفت عنا الرقاد ببينها / فيا ليت ذاك الحسن يشفع بالحسنى
نود سلوا كلما شفنا للهوى / وألحاظها تدعو القلوب هلمنا
نبية حسن بالظبا من جفونها / دعتنا فأسلمنا النفوس وآمنا
نهيم بفرع نحو وردة خدها / دنى فتدلى قاب قوسين أو أدنى
نعم سج الدرا ليتيم بثغرها / وحن العظام الباليات لها منا
نحن لها عشقا ونشكو ملالها / وكم دنف منا إذا ذكرت أنا
نلام عليها في الغرام وربما / شفى اللوم أن تذكر به كبدا مضنى
نطيب بذكراها وتحيا قلوبنا / فبالله يا لوام من ذكرها زدنا
نهيت فؤادي أن يهيم بقدها / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
نشأت وفي جفني لها كف حاتم / على أنه يوم الوغى ربما ضنا
نمتني إلى عليا قريش أماجد / أصاروا الأيادي راحة والسخا دنا
نجوم بأنوار العلوم سواطع / وقد اتخذوا عرش الوقار لهم مغنى
نصال يجلى الدجن نور فرندهم / إذا ما الخطوب الداجيات ادلهمنا
نبت ماضيات الدهر عن درع صبرهم / ولم يشتكوا يوما لنا زلة وهنا
نفوس لمن أحببن ذات تواضع / ولكن عن الضيم اعتزاز ترفعنا
نهضت بعلياهم ولما سلكت في / طريق الرفاعي زدتهم في العلى شأنا
نهلت حميا العز منها وطاب لي / غرام بها في منحنى أضلعي كنا
نمير الهدى من وردها يمحق الصدا / فدونك يا صادي الحشا وردها الأهنى
نفت عن عقول السالكين بنورها / دياجر قد كانت لألبابهم سجنا
نما سرها في الكون حتى تفاخرت / بأبنائها العلياء بالحسن والمعنى
نهجت لنا يا ابن الرفاعي منهجا / زهى بسراج الرشد من نورك الأسنى
نسير وذاك السر منك محلق / بنا فلنا الغايات أيان ما سرنا
نداك لنا عذب وجودك سائغ / وفضلك موفور لنا حيثما كنا
نيمم من ناديك كعبة عزة / غدت من صروف النائبات لنا حصنا
نعم أنت من ساد الشيوخ جلالة / ومدت له من جده المصطفى اليمنى
نقر عيونا في معانيك كلما / ذكرنا فهمنا أو نظرنا فأبصرنا
نظمنا لك الدر الثمين مدائحا / بأقراطها العلياء شنفت الأذنا
نرجي قبولا فيه نظفر بالمنى / ونبلغ في الدنيا وضرتها الأمنا
جر الدموع على عرض الميادين
جر الدموع على عرض الميادين / حُزناً لفقد رجال العلم والدين
واجعل دم القلب ان جفت لها مددا / عساك تعرب عن أشجان محزون
جددت واللَه يا ناعي الحسين بنا / حزناً يزيد على مر الاحايين
مهلاً لقد رعت احشاء الأنام فما / قلب بجلد ولا دمع بمخزون
قد رن صوتك في الفيحا ومنتزحي / اقصى العراق فكاد الوجد يصميني
هيهات ما لفؤادي قط مصطبر / من بعد جوهرة الغر الميامين
شيخي ومرشدي العالي ومنتجعي / من كان فضلاً بكأس العلم يرويني
فرد به اجتمعت زُهر الخلال فوا / لهفي لفرد يفدى بالملايين
دارت على المأ العالين سيرته / رحا يفوق شذاها مسك دارين
اضحت تآليفه كالروض تزهر في / كل الفنون غريبات الأفانين
فكم لعلياه في نصر الشريعة من / رسائل اخضعت هام الاساطين
من كل صادعة بالحق مشرقة / كالشمس تنشر اضواء البراهين
افدي شمائله اللاتي عرفت بها / لطف الصبا حملت عرف الرياحين
مجسم من سنا الأخلاص مدرع / بُردَ التقى معرِض عن كل مفتون
وهكذا الزهد في اهليه يقنعهم / عن مال كسرى وعن أموال قارون
لم يحو وفرا من الدنيا وهمته / على الخُصاصة ايثار المساكين
عزيز نفس ابت إلا السلوك على / نهج الجدود اباة الذل والهون
فليس بدعا إذا ما بت اندبه / والحزن ينشرني طوراً ويطويني
اساجل الشهب في ذكرى مآثره / في العالمين فأبكيها وتبكيني
وليس مني ومنها من يكاد يفي / ثناء علياه في وصف وتأبين
أرثي معاليه والاقلام راجفةٌ / بين الأنامل اشكوها وتشكوني
كأنني قد نقثت الوجد مستعرا / في جوفها عند املائي وتلقيني
فما استطعت ولا اسطاعت تعبر عن / مقدار شجوى وقد حال البكار دوني
ولو أطاقت لبثت ما أبث لها / من حرّ قلب لدى الأحزان مرهون
لذاك قصرت فيما رمت من كلم / توفي الرثا حقه من غير توهين
ان يدفن الجسم منه في الثرى لمدى / فان فضل علاه غير مدفون
وان يغب شخصه عنا فسيرته / ورد لكل نقي القلب ميمون
لم ينتصب قط ديوان لأهل تقى / إلا وذكراه نبراس الدواوين
تطيب أسمار اخوان الصلاح به / ناهيك في سمَر بالاجر مقرون
لازال صوب الرضا دوما يفيض على / مثواه فيض السحاب المُطبق الجون
وجاده في ربى عدن بكل ندى / من أمر الأمر بين الكاف والنون
يا والدي قد جفانا بعدك الوسن
يا والدي قد جفانا بعدك الوسن / وغال افلاذنا التبريح والحزن
كنا على حذر من طول بينك يا / مولاي حتى دهانا بالاسى الزمن
سريت تقصد حجّ البيت ممتلئاً / شوقاً تهيج به الأحشاء والبدن
وبعد أن نلت ما ترجو وقد قُضيت / تلك الفروض ببيت الله والسنن
وافاك ثم قضاء اللَه وا أسفي / عليك يا سيداً تُمحى به الأحن
ما زلت تذكر أحباباً هناك قضوا / حتى توسّدت في المعلى الذي قطنوا
لك الهناء بذياك الجوار فكم / تهمي العطايا على من فيه قد دفنوا
لكن لنا من نواك الحزن اجمعه / يغشى ضمائرنا والوجد والشجن
أشكو نواك وما الشكوى بنافعة / ما بعد بينك إلا الكرب والمحن
صَبَرت قلبي وما يجدي تَصبُّرهُ / ان الحزين بفقد الصبر ممتحن
وكيف يملك صبراً واجد دنِف / قد غاله المتلِفان الهمّ والوهن
لو يقبل الموت منا فدية لغدا / لك الفدا معي الاهلون والوطن
لكنما الكون مجراه إلى عدم / محض فلا زخرف يبقى ولا سكن
والموت حتم على كل الأنام فما / ينجي من الموت أقدام ولا جُبُن
ولا حصون منيعات مشيدة / ولا سهول وسيعات ولا قنن
يا منتقى علماء الأرض قاطبة / ومن به يتباهى الفضل والفِطَن
لِلّه كل لك في نشر العلوم يد / بشكرها يتواصى السر والعلن
وكم لعلياك في الفتيا مآثر لا / تفنى وكم لك في فصل القضا مِننَ
وكم وكم لك في الأحكام من حكم / بذكرها يتناغى الشام واليمن
لك العدالة طبع والتقى خلق / وعزة النفس برد ما به درن
وإنما الفخر كل الفخر يجمعه / علم به العلم المبرور مقترن
قد كنت بين رجال العلم منفرداً / بنصرة الدين إذ عاثت به الفتن
لم تخش في اللَه يوماً لوم لائمة / ولم يشب أبداً اخلاصك الضَغَن
وكيف تبغي هوى نفس وانت على / شريعة المصطفى الغرّاء مؤتمن
وكنت أجود من صوب الغمام يدا / والكون عندك شيء ما له ثمن
ما ينفع المرء ما يجنيه من نشب / والقلب مفتقر والمال مختزن
لم يُخلق المال إلا للنوال ومن / ينفقه في الخير فهو الكيس الفطِن
شمائل جدكَ الفاروق اورثها / بحسنها كل من في الكون مفتتن

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025