المجموع : 11
جنيت من خدها وردا ونسرينا
جنيت من خدها وردا ونسرينا / ومن مراشفها شهدا وزرجونا
غداة زارت بلا وعد ولا أمل / يوما لقد كان عيد الدهر ميمونا
صافحتها فرأت يمناي راجفة / والوجد اظهر في وجهي تلاوينا
ورمت رمانتيها فانثنت غضباً / وقطبت حاجباً كالنون مقرونا
فنبهتني لحفظ الحب من دنس / وذكرتني عهداً قط ما شينا
لكن اضل رشادي سحر مقلتها / يا رب ثبت علي العقل والدينا
افدى عفافاً تحتله شمائلها / صان الجمال وزاد الحسن تحسينا
هيفاء يحسد بدر التم طلعتها / ويعشق الغصن من أعطافها اللينا
رخيمة الدل كحلاء الجفون حوت / ملك الجمال وزادت فيه تمكينا
يحار في وصفها فكري ولا عجب / ان حيرت بمعانيها المحبينا
ان قلت حورية ابدت لواحظها / معنى من الغنج يسبي الخُرد العينا
أو قلت بدر رأيت البدر ذا كلف / حلف السرار وبالنقصان مرهونا
أو قلت درة غواص فمبسمها / مازال يخجل عقد الدر مكنونا
لكنها فتنة للناس مرسلة / تبلو الشجي وتستهوى الخليينا
حتى متى يا فؤادي انت منعكف / على الهوى لاتزال الدهر مفتونا
هو الغرام فسل عنه معانيه / كم ذا تعنى وذاق الذل والهونا
كثير عزة غال الحب عزته / وقيس ليلي دعاه الناس مجنونا
فخل عنك التصابي واتئد فلقد / لاح المشيب يجلي فودي الجونا
واستغفر اللَه مما قد ولعت به / أيام كان الصبا يا قلب يغرينا
شنف بذكر مفاخر العربان
شنف بذكر مفاخر العربان / سمعي وانعش خاطري وجناني
فحديث آباء الفتى ينشي به / عزماً كنفخ الروح في الجثمان
ولرب آثار لهم تذكارهم / يهب الضمائر قوة الايمان
هم منبع الدين القويم ومطلع الن / ور العظيم ومنجع اللهفان
تتفاخر الأجيال في أخبارهم / والشمس لا تحتاج للبرهان
والكون يزهر في مكارمهم وما / أدراك فعل الوابل الهتان
أهل الشجاعة والبراعة والوفا / والصدق والإيثار والاحسان
جعلوا الممالك تحت ظل سيوفهم / متظللين ذوائب المران
واستقبلوا الزمن العبوس بأوجه / غر اضاءت غرة الأحيان
وتوطنوا رحب الفلا فتعلموا / سعة الصدور ورقة الغدران
خلقوا ألي بأس ومن أخلاقهم / رعي الذمام ونصرة الجيران
تأبى قبول الضيم أنفسهم ولو / طاحت رؤوسهم عن الأبدان
والجود شنشنة متى ذكروا بها / خضع الوجود واذعن الثقلان
بسطوا الأكف به فنالوا سؤدداً / عقدت عليه خناصر الأعيان
وكفاهم شرفاً عظيماً أنهم / عرب ومنهم سيد الأكوان
قوم ترى نور البصيرة طافحاً / ما بينهم في الشيب والشبان
ملكوا الفراسة والخفايا عندها / كالصبح جلت قدرة المنان
سل عنهم الشعر البليغ كأنه / وحي تنزل من عظيم الشان
وسل الفصاحة هل يضئ بغيرهم / إنسانها في العالم الإنساني
تخذوا المفاخر حلية بضيائها / سطع الوجود واشرق الملوان
وتنافسوا بمحاسن اللغة التي / ألفاظها كالهيكل النوراني
لغة بفضل جلالها وجمالها / شهدت شواهد محكم الفرقان
لغة إذا أدركت سحر بيانها / أدركت معنى السحر في الأجفان
لغة هي البحر الخضم وكيف لا / وبها مغاص الدر والمرجان
ضاق المجال على مبارى فضلها / فكأنما هو فوق رأس سنان
وغدا المفكر في دقائق سرها / متضائلاً كالتائه الحيران
قل للألى جهلوا مكانتها وقد / كادوا لها في السر والاعلان
عاديتم ما تجهلون ولم يعب / قدر الورود كراهة الجعلان
واللَه يأبى ان تهان فبشروا / من رام ذلتها بكل هوان
ام البلاغة لا عدمنا درها / روح العقول وراحة الاذهان
للّه ما أحلاك يا عربيتي / في ذوق أهل الذوق والعرفان
كل اللغات لديك يالغة الهدى / خدم وأنت مليكة الايوان
ظلموك أهلك بالجفاء فأصبحوا / والكل يمشي مشية السرطان
لم يحفظوا لك ذمة وتعلقوا / بهوى السوى ورموك بالهجران
لو أتقنوا فيك العلوم لأدركوا / شأو العلى وعلوا على الأقران
لكنهم غروا بغيرك حقبة / من دهرهم والدهر ذو الوان
حتى إذا انكشف الغطاء وايقظت / مقل الرجال حوادث الأزمان
نهضوا وكل يستعيذ بربه / مما انتشى ويسب بنت الحان
وراقصة هاجت بنا حركاتها
وراقصة هاجت بنا حركاتها / لواعج نفس ما لهن سكون
لقد صاغها من عنصر اللطف من إذا / أراد مراداً قال كن فيكون
لها مقلتا ريم وقد أراكة / وطلعة شمس والهلال جبين
تناءى وتدنو نحونا عند رقصها / فتقسو علينا تارة وتلين
تمد ذراعيها وتخطر تارة / وفي معصميها للحلي رنين
كما نشر الطير الجناحين صادحاً / على الروضة الغناء وهو ركين
وتقفز حيناً مثل ظبي مروع / على غرة منه دهاه كمين
وتحكي قضيب البرق ساعة تلتوي / فليس تباريها قنا وغصون
ولو مال غصن البان ميلة عطفها / تردى فهل يا عطف أنت عجين
فنون من الرقص البديع تهزنا / وكم كان في تلك الفنون فتون
وكم أدهشت منا العقول رشاقة / لها البرق خدن والنسيم قرين
أشاهد معناها بكل جوارحي / كأن حواسي كلهن عيون
يا عين مالك كلما ذُكَرَ اللوى
يا عين مالك كلما ذُكَرَ اللوى / تكفينَ دمعاً كالعقيق هتونا
اغرقتني وكشفت سر صبابتي / وفضحت ويحك سرى المكنونا
قد كنت أخفي العشق طيَّ جوانحي / خوفاً لما قد كان ان سيكونا
ويلاه من لحظات جارات الغضا / كم ذا قضت نفسي بهن شجونا
لم أدر ما نوح الحمائم والبكا / حتى استبحن فؤادي المفتونا
غنين وِرقاً والتفتن جآذرا / وسفرن أقماراً ومسن غصونا
وبرزن يصطدن القلوب فهل ترى / تنجو قلوب باللحاظ رمينا
مِن كل ناهدة إذا حسرت لنا / عن صدرها انقلب الغرام جنونا
ومن العجائب انهن أوانس / لكنهن على النفار ربينا
ما ان يلّن لعاشق قد غرّه / منهن أعطاف ألفن اللينا
اني دريت الحب من بدء الصبا / ودرست من علم الغرام فنونا
فتفقهوا يال الصبابة بالهوى / عندي لتجنوا علمه تلقينا
لا تعشقوا إلا الكواعب بُكرا / اهدى الدلال لحسنها تحسينا
وكسى الحياء جمالها بجلالة / تدع الفؤاد بحبها مرهونا
كم من معان للعذارى من درى / اسرارها ازرى بمن عذلونا
جهلوا المحبة وازدروا أربابها / ولو أنهم عقلوا اذن عذرونا
انا وان شبنا وذبنا في الهوى / حسن الصبايا لم يزل يصيبنا
نحيا على حب الجمال وان نمُت / فتحية من أهله تحيينا
رأى الطليان ان الليث ساكن
رأى الطليان ان الليث ساكن / فخالوا أنها خَلَتِ المساكن
وما علموا بان الشرق غاب / وذاك الليث ذاك أبو البراثن
فاضحوا في طرابلسٍ خزايا / ولم تُفد الدوارع والسفائن
وابصر جيشهم في البر بحرا / من الانجاد حاسرة الجواشن
تنادت بالجهاد مكبرات / وقامت بالدفاع عن المواطن
فحول العرب أبطال المغازى / حُماة العرض حراس الضعائن
الا يا يوم بنغازي فعجل / وطهر منهم تلك المعاطن
ولا تبطيء سقيت دم الأعادي / يصوب لديك كالسحب الهواتن
فانا بانتظارك في قلوب / على جمر الغضا والصبر واهن
وان وعدتهم الأحلام نصرا / فقل لهم اخسأوا فالوعد مائن
وخيّب ظنهم واعكس رجاهم / لتنسيهم بشائر كل كاهن
لعمر اللَه لو ملكوا لجاروا / ولم يدعوا بعقر الدار آمن
وقامت دعوة الطاغوت جهرا / وهُدّمت المساجد والمآذن
وابدوا في كفاح الدين ما لا / يُطاق من الفواتك والفواتن
فيا قومي النيام الا فهبوا / فقد بدأ الشرار من الكوامن
اعدوا ما استطعتم للأعادي / لتعلم ان كسرى في المدائن
ومدوا للمحارب كل عضب / ولا تثقوا بأقوال المهادن
يلين ويستعد إلى وثوب / متى لاحت له منّا المطاعن
وحالات المقافل ليس تخفى / وان سُترت باقنعة المخادن
على أنا بنو الهيجاء نذكى / لظاها يوم تحتدم الضغائن
فروع المنجبين وليس بدعا / إذا أبدت جواهرها المعادن
وللغارات ربّتنا الغيارى / وحضَّتنا على الصبر الحواضن
أعز رفاقنا البيض المواضى / وخير لداتنا السُمر اللوادن
لنا الأيام تسطع مشرقات / وراء سيوفنا والنقع داجن
لهف قلبي على الصبا وزمانه
لهف قلبي على الصبا وزمانه / وليالٍ مضين في ريعانه
كان ليل الصبا ضياءً لعيني / ونهارُ المشيب في عكس شانه
ويح ذاك البياض سوّد قلبي / عندما زارني بغير اوانه
نفر الغانيات عني وماذا / ضر لو غرّهن في لمعانه
ليته لم يكن لهن بغيضاً / فارى النحر يزدهي بجمانه
ان يكن في عيونهن ظلاما / فهو نور للمرء في ابانه
ووقار للمؤمنين وما اب / هى ابتسام الوجوه عن اقحوانه
لست أنسى مليحة قد دعتني / عمها والغرام في عنفوانه
فغدا قولها نذيراً لقلبي / واسترحنا يا سعد من خفقانه
وسلونا الهوى وذاك التصابي / واستفاق الشجيّ من أشجانه
وهجرنا الحسان هجراً جميلا / وخلعنا الصبا على أخدانه
ورجعنا إلى التقى فعلى الشي / ب سلام إذ كان من أعوانه
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى / غرام يصد النوم ان يطرق الجفنا
نفورٌ نفت عنا الرقاد بينها / فيا ليت ذاك الحسن يشفع بالحسنى
نود سلوا كلما شفنا الهوى / وألحاظها تدعو القلوب هلمّنا
نبية حسن بالظبى من جفونها / دعتنا فأسلمنا النفوس وآمنا
نهيم بفرع نحو وردة خدها / دنا فتدلى قاب قوسين أو أدنى
نحنُّ لها وجداً ونشكو ملالها / وكم دِنف منا إذا ذكرت أنا
نلام عليها في الغرام وربما / شفى اللوم ان تذكر به كبدا مضنى
نطيب بذكراها وتحيى قلوبنا / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
نهيت فؤادي أن يهيم بقدها / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
محمد يا سراج العالمينا
محمد يا سراج العالمينا / وتاج الأنبيا والمُرسَلينا
اغثني بانتصارك وانتشلني / بعزمك من أسار الظالمينا
نفيت لطيبة الغرا وما بي / سوى أني أُساق لها سجينا
وفي ساقي من الاغلال قيد / ثقيل من قيود المجرمينا
وما لي قط من ذنب ولكن / أبى الحكام ان لا يظلمونا
تغالوا في مجافاة الرعايا / وظنوا في بني العرب الظنونا
وما نقموا علينا غير أنا / من القوم الكرام المنجينا
لئن من جيشهم قد فر ابني / بعيداً عن عيون الناصحينا
فقد وثقوا بأن لا علم عند / ولا اعددت نوقاً أو سفينا
ولكن قد أبوا إلا اعتسافاً / علينا يرصدون بنا الفتونا
على انا وحقك ما أسأنا / لهم يوماً ولم نعد السكونا
بذلنا الطاعة العميا اليهم / وما كنا من القوم العمينا
ولكنا رأينا الخُلف أمرا / يفرق من جموع المسلمينا
كظمنا غيظ أنفسنا عليهم / ولم نرهم لكيظ كاظمينا
أبانوا بغض جنس العرب طرا / وراموا ان يقروا الظلم فينا
نعاني كل يوم من أذاهم / فنوناً لم تكن إلا جنونا
وقد فتكوا بأحرار كرام / أرادوا بعض عدل ان يكونا
صفت منهم نواياهم فحطوا / على شرك بناه الماكرونا
وما علموا وذو الإيمان غر / كريم أنهم متملقونا
وفي أحشائهم للحقد نار / يكاد ضرامها يشوى البطونا
وكم نهبوا وكم سلبوا وجاروا / على الأمراء والمستضعفينا
وما أبقوا هماماً يعربيا / خليا من تعديهم مصونا
فغوثاً يا رسول اللَه غوثاً / ولا تسمح بقومك ان تهونا
لئن يك آل عثمان تباهوا / زماناً بالملوك الصالحينا
فقد غصبتهم الثوّار ملكاً / غدا الغوبة للغاصبينا
ولم يدعوا لهم في كل حكم / سوى اسم لم يكن إلا طنينا
وماذا يستفيد من اسم مُلك / بلا حكم أمير المؤمنينا
تضعضت الخلافة واستبدت / بها القوم الغواة الغاشمونا
صغار السن والاحلام ضاعوا / عن السنن القويم وضيعونا
لقد ضاق الخناق وكل منا / جميل الصبر واخترنا المنونا
وقد طال الزمان وكل يوم / من اللأواء نحسبه سنينا
فيا رب الأنام بجاه طه / أبي الزهرا شفيع المذنبينا
أجرنا من بلائك واعف عنا / وعاملنا بألطافٍ تقينا
فليس لنا على الضيم اصطبار / وان عظمت اجر الصابرينا
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى
نأت وبنا من سحر مقلتها الوسنى / غرام يصد النوم أن يطرق الجفنا
نفور نفت عنا الرقاد ببينها / فيا ليت ذاك الحسن يشفع بالحسنى
نود سلوا كلما شفنا للهوى / وألحاظها تدعو القلوب هلمنا
نبية حسن بالظبا من جفونها / دعتنا فأسلمنا النفوس وآمنا
نهيم بفرع نحو وردة خدها / دنى فتدلى قاب قوسين أو أدنى
نعم سج الدرا ليتيم بثغرها / وحن العظام الباليات لها منا
نحن لها عشقا ونشكو ملالها / وكم دنف منا إذا ذكرت أنا
نلام عليها في الغرام وربما / شفى اللوم أن تذكر به كبدا مضنى
نطيب بذكراها وتحيا قلوبنا / فبالله يا لوام من ذكرها زدنا
نهيت فؤادي أن يهيم بقدها / فهلا نهيت الطير أن يعشق الغصنا
نشأت وفي جفني لها كف حاتم / على أنه يوم الوغى ربما ضنا
نمتني إلى عليا قريش أماجد / أصاروا الأيادي راحة والسخا دنا
نجوم بأنوار العلوم سواطع / وقد اتخذوا عرش الوقار لهم مغنى
نصال يجلى الدجن نور فرندهم / إذا ما الخطوب الداجيات ادلهمنا
نبت ماضيات الدهر عن درع صبرهم / ولم يشتكوا يوما لنا زلة وهنا
نفوس لمن أحببن ذات تواضع / ولكن عن الضيم اعتزاز ترفعنا
نهضت بعلياهم ولما سلكت في / طريق الرفاعي زدتهم في العلى شأنا
نهلت حميا العز منها وطاب لي / غرام بها في منحنى أضلعي كنا
نمير الهدى من وردها يمحق الصدا / فدونك يا صادي الحشا وردها الأهنى
نفت عن عقول السالكين بنورها / دياجر قد كانت لألبابهم سجنا
نما سرها في الكون حتى تفاخرت / بأبنائها العلياء بالحسن والمعنى
نهجت لنا يا ابن الرفاعي منهجا / زهى بسراج الرشد من نورك الأسنى
نسير وذاك السر منك محلق / بنا فلنا الغايات أيان ما سرنا
نداك لنا عذب وجودك سائغ / وفضلك موفور لنا حيثما كنا
نيمم من ناديك كعبة عزة / غدت من صروف النائبات لنا حصنا
نعم أنت من ساد الشيوخ جلالة / ومدت له من جده المصطفى اليمنى
نقر عيونا في معانيك كلما / ذكرنا فهمنا أو نظرنا فأبصرنا
نظمنا لك الدر الثمين مدائحا / بأقراطها العلياء شنفت الأذنا
نرجي قبولا فيه نظفر بالمنى / ونبلغ في الدنيا وضرتها الأمنا
جر الدموع على عرض الميادين
جر الدموع على عرض الميادين / حُزناً لفقد رجال العلم والدين
واجعل دم القلب ان جفت لها مددا / عساك تعرب عن أشجان محزون
جددت واللَه يا ناعي الحسين بنا / حزناً يزيد على مر الاحايين
مهلاً لقد رعت احشاء الأنام فما / قلب بجلد ولا دمع بمخزون
قد رن صوتك في الفيحا ومنتزحي / اقصى العراق فكاد الوجد يصميني
هيهات ما لفؤادي قط مصطبر / من بعد جوهرة الغر الميامين
شيخي ومرشدي العالي ومنتجعي / من كان فضلاً بكأس العلم يرويني
فرد به اجتمعت زُهر الخلال فوا / لهفي لفرد يفدى بالملايين
دارت على المأ العالين سيرته / رحا يفوق شذاها مسك دارين
اضحت تآليفه كالروض تزهر في / كل الفنون غريبات الأفانين
فكم لعلياه في نصر الشريعة من / رسائل اخضعت هام الاساطين
من كل صادعة بالحق مشرقة / كالشمس تنشر اضواء البراهين
افدي شمائله اللاتي عرفت بها / لطف الصبا حملت عرف الرياحين
مجسم من سنا الأخلاص مدرع / بُردَ التقى معرِض عن كل مفتون
وهكذا الزهد في اهليه يقنعهم / عن مال كسرى وعن أموال قارون
لم يحو وفرا من الدنيا وهمته / على الخُصاصة ايثار المساكين
عزيز نفس ابت إلا السلوك على / نهج الجدود اباة الذل والهون
فليس بدعا إذا ما بت اندبه / والحزن ينشرني طوراً ويطويني
اساجل الشهب في ذكرى مآثره / في العالمين فأبكيها وتبكيني
وليس مني ومنها من يكاد يفي / ثناء علياه في وصف وتأبين
أرثي معاليه والاقلام راجفةٌ / بين الأنامل اشكوها وتشكوني
كأنني قد نقثت الوجد مستعرا / في جوفها عند املائي وتلقيني
فما استطعت ولا اسطاعت تعبر عن / مقدار شجوى وقد حال البكار دوني
ولو أطاقت لبثت ما أبث لها / من حرّ قلب لدى الأحزان مرهون
لذاك قصرت فيما رمت من كلم / توفي الرثا حقه من غير توهين
ان يدفن الجسم منه في الثرى لمدى / فان فضل علاه غير مدفون
وان يغب شخصه عنا فسيرته / ورد لكل نقي القلب ميمون
لم ينتصب قط ديوان لأهل تقى / إلا وذكراه نبراس الدواوين
تطيب أسمار اخوان الصلاح به / ناهيك في سمَر بالاجر مقرون
لازال صوب الرضا دوما يفيض على / مثواه فيض السحاب المُطبق الجون
وجاده في ربى عدن بكل ندى / من أمر الأمر بين الكاف والنون
يا والدي قد جفانا بعدك الوسن
يا والدي قد جفانا بعدك الوسن / وغال افلاذنا التبريح والحزن
كنا على حذر من طول بينك يا / مولاي حتى دهانا بالاسى الزمن
سريت تقصد حجّ البيت ممتلئاً / شوقاً تهيج به الأحشاء والبدن
وبعد أن نلت ما ترجو وقد قُضيت / تلك الفروض ببيت الله والسنن
وافاك ثم قضاء اللَه وا أسفي / عليك يا سيداً تُمحى به الأحن
ما زلت تذكر أحباباً هناك قضوا / حتى توسّدت في المعلى الذي قطنوا
لك الهناء بذياك الجوار فكم / تهمي العطايا على من فيه قد دفنوا
لكن لنا من نواك الحزن اجمعه / يغشى ضمائرنا والوجد والشجن
أشكو نواك وما الشكوى بنافعة / ما بعد بينك إلا الكرب والمحن
صَبَرت قلبي وما يجدي تَصبُّرهُ / ان الحزين بفقد الصبر ممتحن
وكيف يملك صبراً واجد دنِف / قد غاله المتلِفان الهمّ والوهن
لو يقبل الموت منا فدية لغدا / لك الفدا معي الاهلون والوطن
لكنما الكون مجراه إلى عدم / محض فلا زخرف يبقى ولا سكن
والموت حتم على كل الأنام فما / ينجي من الموت أقدام ولا جُبُن
ولا حصون منيعات مشيدة / ولا سهول وسيعات ولا قنن
يا منتقى علماء الأرض قاطبة / ومن به يتباهى الفضل والفِطَن
لِلّه كل لك في نشر العلوم يد / بشكرها يتواصى السر والعلن
وكم لعلياك في الفتيا مآثر لا / تفنى وكم لك في فصل القضا مِننَ
وكم وكم لك في الأحكام من حكم / بذكرها يتناغى الشام واليمن
لك العدالة طبع والتقى خلق / وعزة النفس برد ما به درن
وإنما الفخر كل الفخر يجمعه / علم به العلم المبرور مقترن
قد كنت بين رجال العلم منفرداً / بنصرة الدين إذ عاثت به الفتن
لم تخش في اللَه يوماً لوم لائمة / ولم يشب أبداً اخلاصك الضَغَن
وكيف تبغي هوى نفس وانت على / شريعة المصطفى الغرّاء مؤتمن
وكنت أجود من صوب الغمام يدا / والكون عندك شيء ما له ثمن
ما ينفع المرء ما يجنيه من نشب / والقلب مفتقر والمال مختزن
لم يُخلق المال إلا للنوال ومن / ينفقه في الخير فهو الكيس الفطِن
شمائل جدكَ الفاروق اورثها / بحسنها كل من في الكون مفتتن