المجموع : 15
قَد كُنتَ لَستَ بِناطِقٍ فَتَكَلَّمِ
قَد كُنتَ لَستَ بِناطِقٍ فَتَكَلَّمِ / إِنَّ الكَلامَ عَلَيكَ غَيرُ مَحرَّمِ
لَم يَبقَ شَيءٌ غَيرُ شُكرِ صَنائِعٍ / عَظُمَت وَجَلَّت لِلأَجَلِّ الأَعظَمِ
وَإِذا الفَتى ظَفِرَت يَداهُ بِنِعمَةٍ / فَدَوامُها بِدَوامِ شُكرِ المُنعِمِ
مَلِكٌ بَنى عِزّي وَأَسبَغَ نِعمَتي / وَأَجَلَّ مَنزِلَتي وَأَزهَفَ أَسهُمي
وَاِختَصَّني بِصَنايعٍ مَشهورَةٍ / شُكِرَت لَهُ في المَحلِ شُكرَ المُرزِمِ
خُتِمَ الكِرامُ بِهِ وَتَمَّمَ فَضلُهُ / نُقصانَ كُلِّ فَضيلَةٍ لَم تتمِمِ
وَتَمَهَّدَت سُبُلُ البِلادِ وَفُوجِئَت / مِنهُ الأَعادي بِالنآدِ الصَيلَمِ
وَتَجَمَّلَت حَلَبٌ وَأَصبَحَ أَهلُها / في مِثلِ باكِرَةِ الرَبيعِ المُرهمِ
وَتَهَدَّلَت تِلكَ الغُصونُ وَأَشرَقَت / بِأَغَرَّ مِثلِ البَدرِ غَيرَ مُذَمَّمِ
خَضَعَت لَهُ صِيدُ المُلوكِ وَأَذعَنَت / بِالخَوفِ مِن وَلَدِ الهِزَبرِ الضَيغَمِ
وَتَهَيَّبَت مَلِكاً يَعِزُّ نَزيلُهُ / في ظِلِّهِ المَمدودِ عِزَّ الأَعصَمِ
ماضي الجَنانِ إِذا تَقَلَّدَ مِخذَماً / أَلقى النِجادَ عَلى نَظيرِ المِخذَمِ
جَلدٌ عَلى نُوبَ الزَمانِ كَأَنَّما / رِيحٌ تَهُبُّ عَلى هِضابِ يَلَملَمِ
يَلقى العَرَمرَمَ وَحدَهُ فَكَأَنَّما / يَلتَفُّ مِنهُ عَرَمرَمٌ بِعَرَمرَمِ
سَمحُ اليَدَينِ يُلامُ في سَرَفِ النَدى / فَيَزيدُهُ سَرَفاً مَلامُ اللَوَمِ
أَفنى الكُنوزَ فَلَيسَ يَبرَحُ مُعدِماً / مِمّا تَسُدُّ يَداهُ خَلَّةَ مُعدِمِ
كَرَماً مَحا ذِكرَ الكِرامِ وَوَصفَهُم / حَتّى كَأَنَّ كَريمَهُم لَم يُكرِمِ
يا مَن بِهِ حَسُنَ الزَمانُ وَأَهلُهُ / حُسنَ الظَلامِ بِنِّيراتِ الأَنجُمِ
فَرَطَ الكِرامُ وَجِئتَ أَنتَ مُؤَخَّراً / فَأَخَذتَ شَأوَ الفارِطِ المُتَقَدِّمِ
بِمَكارِمٍ دَرَسَت مَكارِمَ حاتَمٍ / وَمَحَت حَديثَ رَبيعَةَ بنِ مُكَدَّمِ
فَمُقَدَّمٌ في الفَضلِ مِثلُ مُؤَخَّرٍ / وَمُؤَخَّرٌ في الفَضلِ مِثلُ مُقَدَّمِ
يابانياً بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا / بَيتاً مِنَ العَلياءِ غَيرَ مُهَدَّمِ
كَثَّرتَ حُسّادي لَدَيكَ فَزِدُهُمُ / حَسَداً وَأَولَيتَ الجَميلَ فَتَمِّمِ
وَاعذُر بِفَضلِكَ غائِباً عَن خِدمَةٍ / فَأَنا المُحِبُّ خَدَمتُ أَو لَم أَخدِمِ
أُثني عَلَيكَ مُحَدِّثاً في مَجلِسٍ / أَو خاطِباً بِقَصيدَةٍ في مَوسِمِ
فَيَظَلُّ شُكري مُنجِداً مَع مُنجِدِ / في الخافِقَينِ وَمُتهِماً مَع مُتهِمِ
كَالرَوضَةِ الغَنّاءِ باتَ نَسيمُها / مُتَضَوِّعاً غِبَّ الرَبابَ المُحشِمِ
وَعِصابَةٍ قَطَعوا إِلَيكَ مِنَ الفَلا / غُبرَ المَعالِمِ مَعلَماً عَن مَعلَمِ
بِنَجائِبٍ جَدَلَ الوَجيفُ مُتونَها / في البيدِ مِن نَسلِ الجَديلِ وَشَدقَمِ
جَنَبوا الجِيادَ إِلى المَطيِّ فَسَطَّروا / في البيدِ سَطراً مِن حُروفِ المُعجَمِ
فَتَرى بِها عَيناً بِوَطأَةِ حافِرٍ / وَتَرى بِها هاءً بِوَطأَةِ مَنسِمِ
أَمِنُوا بِطَلعَتِكَ الضَلالَ وَأَمَّمُوا / فَوقَ الأَسِرَّةِ مِنكَ خَيرَ مُؤَمَّمِ
وَمَضَوا وَقَد أَصدَرتَهُم عَن مَورِدٍ / جَمِّ الوُرودِ وَبَحرِ جُودٍ مُفعَمِ
قَد غَرَّمُوكَ وَغَنَّمُوكَ مَحامِداً / تَبقى فَفُزتَ بِمَغنَمٍ عَن مَغرَمِ
يا مَن إِذا وَقَفَ المُلوكُ بِبابِهِ / سَجَدوا وَخَرَّ مُتَوَّج لِمُعَمَّمِ
العِيدُ أَنتَ وَأَنتَ أَدوَمُ بَهجَةً / مِنهُ فَبُورِكَ مِنكُما في الأَدوَمِ
وَالعيدُ يُعدِمُ حُجَّةً وَبِواجِبٍ / أَن يُحمَدَ العِيدُ الَّذي لَم يُعدَمِ
فَاِسعَد بِهِ واسلَم لِحِفظِ مَعاقِلٍ / لَولا بَقاؤُكَ سالِماً لَم تَسلَمِ
أَلَمَّ الخَيالُ بِنا مَوهِنا
أَلَمَّ الخَيالُ بِنا مَوهِنا / فَأَهلاً بِهِ مِن خَيالٍ أَلَم
سَرى كاتِماً نَفسَهُ وَالضِيا / ءُ يَدُلُّ عَلى أَنَّهُ ما انكَتَم
رَعى اللَهُ طَيفَكُمُ راعِياً / لِتِلكَ العُهودِ وَتِلكَ الذِمَم
تَأَوَّبَ يَشكو إِلَينا العَنا / وَنَشكو إِلَيهِ الضَنا وَالأَلَم
خَليلي هَل تَحمِلانِ السَلا / مَ مِنّا إِلى ساكِناتِ السَلَم
وَمَن حَلَّ بِالنَشَمِ المُستَطيلِ / بِرُوحي رَبارِبُ ذاكَ النَشَم
إِذا نَزَلوا عَلَماً بِالحِجازِ / بَعَثنا السَلامَ لِذاكَ العَلَم
وَقُلنا سَقَتكَ غَوادي الجُفونِ / إِذا لَم تَجُدكَ غَوادِيَ الرِهَم
وَرُوِّضَ مَغناكَ حَتّى يَئوبَ / نَسيمُكَ أَذكى نَسيمٍ يُشَم
وَظامِئَةٍ مثلِ مَتنِ الحُسامِ / كَأَنَّ عَلَيها مِنَ الآلِ يَم
طَوَينا بِها سُرُرَ الناجِياتِ / طَيّ الأَساودِ تَحتَ الرُجَم
أَقُولُ لِصَحبي وَقَد جَفَّلوا / بِناتِ الظَليمِ بِخبطِ الظُلَم
وَنَحنُ يَكادُ السُرى أَن يَمَس / مَقادِمَ كيرانِنا بِاللِمَم
أَزيلوا النُعاسَ وَأُمُوا بِنا / وَبِالعيس أَكرَمَ خَلقِ يُؤَم
فَإِن أَوصَلَتنا الفَتى المُدرِكيّ / فَقَد أَوصَلَتنا الوفِيَّ الذِمَم
رَأَيتُ الكِرامَ فَلَمّا رَأَيت / ثِمالاً رَأَيتُ نَبِيَّ الكَرَم
أَشَمُّ يُوازِنُ شُمَّ الجِبالَ / وَلا يَبلُغُ الشُمُ وَزنَ الأَشَم
نَذُمُّ الزَمانَ وَما يُستَحَقُّ / زَمانٌ حَبانا بِهِ أَن يُذَم
كَريمٌ تَهَدَّمَتِ المَكرُماتُ / فَما زالَ حَتّى بَنى ما اِنهَدَم
وَحَطَّمَ تَحتَ العَجاجِ البَهيمِ / صُدورَ القَنا في صُدورِ البُهَم
لَقَد حَلَّ في حَلَبٍ عادِلٌ / مَحا الظُلمَ عَن أَهلِها وَالظُلَم
وَحاطَهُمُ مِن صُروفِ الزَمانِ / فَنامُوا وَراعيهمُ لَم يَنَم
إِذا عَدِموا الغَيثَ شامُوا نَداهُ / فَقامَ نَداهُ مَقامَ الدِيَم
أَبا صالِحٍ أَنتَ حُسنُ الزَمانِ / وَحُسنُ الرِداءِ بِحُسنِ العَلَم
إِذا نَظَمَ المَدحَ فيكَ امرؤٌ / وَجَدناكَ أَشرَفَ مِمّا نَظَم
أَمِنّا بِقُربِكَ صَرفَ الزَمانِ / فَنَحنُ الحَمامُ وَأَنتَ الحَرَم
كَأَنَّ المُعِزَّ لَنا كَعبَةٌ / وَراحَتُهُ الرُكنُ وَالمُستَلم
نُهنِّيهِ لَما بَرا صالِحٌ / وَذاكَ الهَناءُ لِكُلِّ الأُمَم
فَيا عَجَباً كَيفَ يُخشى السَقا / مُ عَلَيكَ وَأَنتَ شِفاءُ السَقَم
وَقَد كانَ قَطَّبَ وَجهُ الزَمانِ / فَقُلنا بَرا صالِحٌ فَاِبتَسَم
لَئِن سَرَّنا بُرؤُهُ لِلنَدى / لَقَد ضَرَّ أَعمارَ كُومِ النَعَم
لِسَفرٍ تَأَوَّبَ في لَيلَةٍ / يَبيتُ العَمودُ بِها يُلتَزَم
إِذا سَمِعَ الصَوتَ فيها البَخيلُ / تَصامَمَ وَهوَ قَليلُ الصَمَم
وَأَقبَلَ يَمشي وَفي نَفسِهِ / هُمُومٌ تُفَنِّدُهُ لا هِمَم
وَيَلقى بِها المُدرِكيّ النَجاحَ / يَشِبُّ سَنا النارِ فَوقَ الأَكَم
لِيَهدي الوُفودَ إِلى مَنزِلٍ / تَبيتُ الوُفودُ بِهِ في النِعَم
سَجِيَّةُ قَومٍ كِرامِ الوُجوهِ / كِرامِ الأُصولِ كِرامِ الشِيَم
جَزى اللَهُ خَيراً ظُهورَ الرِكاب / وَأَحسَنَ عَنِيّ جَزاءَ القَلَم
فَقَد كُنتُ أَلتَمِسُ الأَكرَمينَ / وَأَطلُبُ لِلمَدحِ أَهلَ القِيَم
فَلَمّا وَجَدتُ بَني صالِحٍ / وَجَدتُ الغِنى وَعَدِمتُ العَدَم
وَثَمَّرتُ مِن فَضلِهِم نِعمَةً / وَجاهاً وَمالاً وَلَحماً وَدَم
مُلوكٌ إِذا ما عَدَدتَ المُلوكَ / عَدَدتَ المُلوكَ لَهُم في الحشَم
خَدَمتُهُمُ في قَميصِ الشَبابِ / وَأَخدِمُهُم في قَميصِ الهَرَم
فَإِن مِتُّ قامَت بِشكري لَهُم / مُحَبَّرَةٌ مِن بَناتِ الكَلِم
تَداوَلَها ساكِنُ الخافِقينِ / إِمّا العُرَيبُ وَإِمّا العَجَم
أَبَلّ خَيرُ المُلوكِ مِن أَلَمِه
أَبَلّ خَيرُ المُلوكِ مِن أَلَمِه / وَصَحَّ جِسمُ الزَمانِ مِن سَقَمِه
لا العِزُّ أَمسى قَفرَ الجَنابِ وَلا المُل / كُ غَدا مائِلاً عَلى دَعَمِه
إِن غابَ في قَصرِه فَلا عَجَبٌ / مَغيبُ لَيثِ العَرينِ في أَجَمِه
قَد تَكمُنُ الشَمسُ في الغَمامِ وَقَد / يَحتَجِبُ الصُبحُ في دُجى ضلَمِه
ثالِمٌ ما زَرى الأَميرَ وَفَخرُ السَي / فِ ما في ظُباهُ مِن ثُلَمِه
صَحَّ فَصَحَّ النَدى وَقامَ بِهِ / رُكنُ العُلا بَعدَ رَجفِ مُدَّعَمِه
كَأَنَّما المَجدُ باتَ مُمتَزِجاً / بلَحمِه طِيبُ لَحمِهِ وَدَمِه
وَتَحتَ مُلقى نجادِه مَلِكٌ / أَمسَت مُلوكُ الزَمانِ مِن خَدَمِه
إِن تَلقَه تَلقَ مِنهُ كَنفَ نَدىً / يُبري نَداهُ العَديمَ مِن عَدَمِه
يَملا يَدَي جارِهِ وَيَمنَعُهُ / كَأَنَّما جارُهُ أَخو حُرَمِه
أَمَّنَ أَهلَ البِلادِ قاطِبَة / كَأَنَّ أَهلَ البِلادِ في حَرَمِه
كُلُّ جَوادٍ تَجُودُ راحَتُهُ / يَجودُ مِن جُودِهِ وَمِن كَرَمِه
لا تَحمَدِ العُشبَ في مَنابِتِهِ / وَاحمَد غَماماً سَقاه مِن دِيَمِه
شَيَّد بِالمُرهَفَين مُنذَ نَشا / مَجدَينِ مِن سَيفِهِ وَمِن قَلَمِه
يَحتَقِرُ النائِلَ الجَسيمَ وَيَس / تَصغِرُ قَدرَ العَظيمِ مِن عِظَمِه
كَالجَبَلِ الشاهِقِ الهِضاب إِذا / أَشرَفتَ مِن رُعنِهِ عَلى أَكَمِه
لا يُفسِدُ الوَعدَ بِالمِطالِ وَلا / يُخِلُّ عَقدَ الوَفاءِ مِن ذِمَمِه
يُقسِمُ مَن قالَ لا شَبيهَ لَهُ / يَمينَ بَرِّ اليَمينِ مِن قَسَمِه
أَكرَمُ مَن في زَمانِهِ وَأَعفُّ ال / خَلقِ مِن عُربِهِ وَمِن عَجَمِه
يُنهِلُ مِن فَضلِهِ وَنائِلِهِ / ثَناءَ نَبتِ الحَيا عَلى رِهَمِه
وَيُصدِرُ العِيسَ غَيرَ ظامِئَةٍ / عَن مَورِدٍ بارِدِ النَدى شَبِمِه
مُعطَّراتِ الرِحالِ قَد عَبِقَت / بِالمِسكِ مَما يُفَتّ في خِيَمِه
يَأرِجُ في الحَزنِ مِن حَقائِبها / ما فاحَ مِن رَندِهِ وَمِن نَشَمِه
يَقولُ صَحبي وَقَد كُسِيَت بِالن / نورِ غُبرُ الفِجاجِ مِن أُمَمِه
هَذا جَنابُ المُعِزِّ لاحَ لَنا / قَد رُفِعَت نارُه عَلى عَلَمِه
فَقُلتُ سِيروا فَإِنَّه مَلِكٌ / يَضيقُ وُسعُ الزَمانِ عَن هممِه
كَأَنَّ ريحَ الصَبا إِذا نَفَحَت / تَنفَحُ مِن خُلقِهِ وَمِن شِيَمِه
كَأَنَّما ماتَ أَحمَدٌ وَغَدا / مُخلِفَهُ بِالجَميلِ في أُمَمِه
وَأَبلَجٌ مِثلُ الصَباحِ رُؤيَتُهُ / تَشفي حَليفَ السَقامِ مِن سَقَمِه
مُلتَزِمٌ بِالجَميلِ يَفعَلُهُ / وَغَيرُهُ باتَ غَيرَ مُلتَزِمِه
يُفديهِ في الدَهرِ كُلُّ ذي صَعَرٍ / مَن لا يُساوي الشِراكِ في قَدَمِه
تَراهُ لا يَطلُبُ العَلاءَ وَلا / يَبرَحُ عَبداً لِفَرجِهِ وَفَمِه
يُعرِضُ عَن ضَيفِهِ وَيُعجِبُهُ / ما زادَ في ذَودِهِ وَفي غَنَمِه
ما شافَ شَوفَ المُعِزِّ ناظِرُهُ / وَلا اِهتَدى أَن يَسِيرَ في لَقَمِه
مُتَوّجٌ مِن بَني المُلوكِ لَهُ / كَفٌّ تَكُفُّ الظُنونَ عَن تُهَمِه
وَهِمّةٌ في الزَمانِ ما اِشتَغَلَت / إِلّا بِصَوتِ الرئبالِ مِن قُحَمِه
يا مَلِكاً كُلُّ حِكمَةٍ نَطَقَت / بِها البَرايا تُعدُّ مِن حِكَمِه
كَم لَيلَةٍ بِتُّ لا أَذُوقُ كَرىً / حَتّى أَبَلَّ الأَليمُ مِن أَلمِه
حُبّاً قَسَمناهُ في القُلوبَ فَأَع / طَتني لُهاكَ الجَزيلَ مِن قِسَمِه
ما كُلُّ حُبٍّ يَموتُ صاحِبُهُ / وَهوَ مُبَقّىً عَلَيكَ في رِمَمِه
فَاسلم وَلا زِلتَ خالِداً أَبَداً / خُلودَ ما صاغَ فيكَ مِن كَلِمِه
بِصِحَّةِ العَزمِ يَعلُو كُلُّ مُعتَزِمِ
بِصِحَّةِ العَزمِ يَعلُو كُلُّ مُعتَزِمِ / وَما جَلا غَمَراتِ الهَمِّ كَالهِمَمِ
وَالعِزُّ يُوجَدُ في شَيئَينِ مَوطِنُهُ / إِمّا شَباةُ حُسامٍ أَو شَبا قَلَمِ
وَأَعرَفُ الناسِ بِالدُنيا أَخُوفِطَنٍ / لا يَنظُرُ اليُسرَ إِلّا مَنظَرَ العَدَمِ
غِنى اللَئيمِ الَّذي يَشقى بِهِ عَنَتٌ / وَفاقَةُ الحُرِّ مَنجاةٌ مِنَ السَقَمِ
يَزدادُ ذُو المالِ هَمّاً بِالغِنى وَأَذىً / كَالنَبتِ زادَت أَذاهُ كَثرَةُ الرِهَمِ
كُن مَن تَشاءُ وَنَل حَظاً تَعيشُ بِهِ / فَالخِصبُ في الوُهدِ مِثلُ الخِصب في الأَكَمِ
لَيسَ الحُظُوظُ وَإِن كانَت مُقَسَّمَةً / بِناظِراتٍ إِلى جَهلِ وَلا فَهَمِ
لا يُنقِصُ الحُرَّ ما يَعدُوهُ مِن جِدَةٍ / وَلا تَحُطُّ كَريماً قِلَّةُ القِسَمِ
فَخرُ الفَتى كَثرَةُ الأَرزاءِ تَطرُقُهُ / وَالسَيفُ يَفخَرُ في حَدَّيهِ بِالثُلَمِ
مَن ذَمَّ عَيشاً فَإِنّي شاكِرٌ زَمَني / وَالشُكرُ ما زالَ قَوّاماً عَلى النِعَمِ
طَلَبتُ مِنهُ كَريماً أَستَجِنُّ بِهِ / فَخَصَّني بِنَبيِّ الجُودِ وَالكَرَمِ
بِماجِدٍ مِن بَني الشَدادِ شَدَّ بِهِ / أَزري وَأَحيا بِهِ ما ماتَ مِن حِكَمي
وَصانَ وَجهي فَلَم يُبذَل إِلى أَحَدٍ / وَصَونُهُ ماءَ وَجهي مِثلُ صَونِ دَمي
مَولىً بَداني بِنُعماهُ وَأَلبَسَني / ثَوبَ الصَنيعَةِ قَبلَ الناسِ كُلِّهِمِ
وَكُنتُ مَيتاً فَما زالَت مَواهِبُهُ / تَرُدُّ حَو بايَ حَتّى أَنشَرَت رَمَمي
فَتَى يَكرُّ عَلى الإِقتارِ نائِلُهُ / وَالكَرُّ في الجُودِ مِثلُ الكَرِّ في البُهَمِ
مُجَرِّدٌ لِلهَوادي مُرهَفاً خَذِماً / وَبَينَ جَنبَيهِ مِثلُ المُرهَفِ الخَذِمِ
حَيثُ الذوابِلُ مُحمَرٌّ أَسِنَّتُها / كَأَنَّما صَبَغُوا الخُرصانَ بِالعَنَمِ
يَعلو السَريرَ فَيَعلُو ظَهرَهُ مَلِكٌ / يَداهُ أَنفَعُ في الدُنيا مِنَ الدِيَمِ
شِم كَفُّهُ فَهِيَ كَفٌّ كَفَّ نائِلُها / بَوائِقَ السَنواتِ الغُبرِ وَالقُحَمِ
إِنَّ اللِثامَ الَّذي مِن تَحتِهِ قَمَرٌ / عَلى فَتىً خَيرِ مُعتَمٍّ وَمُلتَثِمِ
مُبارَكُ الوَجهِ يُستَسقى بِرُؤيَتِهِ / وَيَهتَدي بِسَناهُ الرَكبُ في الظُلَمِ
حَمى العَواصِمَ بِالخَطِّيِّ فَامتَنَعَت / وَالأُسدُ تَمنَعُ ما تَأوي مِنَ الأَجَمِ
وَأَمَّنَ الشامَ حَتّى الناسُ في دَعَةٍ / كَأَنَّهُم مِن صُروفِ الدَهرِ في حَرَمِ
مُرَدَّدُ الحَمدِ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ / كَما تَرَدَّدَتِ الأَسماءُ في الأُمَمِ
مِن مَعشَرٍ خَلُصَت أَعراضُهُم وَزَكَت / أُصُولُهُم مِن قَبيحِ الظَنِّ وَالتُهَمِ
شُمِّ العَرانينِ وَهّابينَ ما كَسَبُوا / مِنَ الصَوارِمِ ضَرّابينَ لِلقِمَمِ
بَنى الأَميرُ لَهُم عِزّاً إِذا اِنهَدَمَت / قَواعِدُ الدَهرِ أَمسى غَيرَ مُنهَدِمِ
نامَ المُلوكُ عَنِ العَلياءِ وَهوَ فَتىً / مُذ هَمَّهُ طَلَبُ العَلياءِ لَم يَنَمِ
لَو كُنتُ أَنصَفتُ لَمّا جِئتُ مادِحَهُ / لَكانَ خَدّي مَشى بِالطِرسِ لاقَدَمي
جَهِلتُ حَقَّ المَعالي أَن أَقُومَ بِها / لَدى الأَمِيرِ وَلَيسَ الجَهلُ مِن شِيَمي
سَرَينا وَهَضبٌ مِن سَنِيرٍ أَمامَنا
سَرَينا وَهَضبٌ مِن سَنِيرٍ أَمامَنا / وَمِن خَلفِنا غُبرُ القِنانِ التَنائِمِ
فَلَمّا تَوسَّطنا اليَفاعَ وَأَشرَقَت / مَذانِبُ مِن لُبنانَ بيضُ العَمائِمِ
وَلاحَ لَنا مِيماسُ حِمصٍ وَأَعرَضَت / قُرونُ حَماة بِالحِرارِ الأَساحِمِ
وَجازَت كَفرَ طابَ بِلَيلٍ فَأَصبَحَت / بِسَرمينَ أَمثالَ الشِنانِ الهَزائِمِ
كَأَنّ تُرابَ الجَرزِ مِمّا تُثِيرُهُ / خَلوقٌ عَلى لَبّاتِها وَالقَوائِمِ
فلَمّا وَصَلنا المُدرِكيَّ ابنَ صالِحٍ / وَصَلنا إِلى باني عُروشِ المَكارِمِ
إِلى مَلِكٍ سَمحِ اليَمينَينِ سالِمٍ / مِنَ الذَمِّ لَكِن مالُهُ غَيرُ سالِمِ
لَهُ بَأسُ بِسطام وَنَخوَةُ حاجِبٍ / وَحِكمَةُ لُقمانٍ وَهباتُ حاتِمِ
مَناقِبُ شَتّى في كَريمٍ حَديثُهُ / عَلى الدَهرِ باقٍ بَعدَ ذِكرِ الأَكارِمِ
سَلامٌ كَنَشرِ المِسكِ فُضَّ خِتامُهُ
سَلامٌ كَنَشرِ المِسكِ فُضَّ خِتامُهُ / عَلى مَلِكٍ بالرقَتَينِ خِيامُهُ
مُشَيَّعُ ما يُلقى عَلَيهِ نِجادُهُ / مُبارَكُ ما يَحوِي عَلَيهِ لِثامُهُ
كَأَنَّ الرَدى تَلقى بِهِ كُلَّما التَقَت / أَنامِلُهُ في مَعرَكٍ أَو حُسامُهُ
إِذا سُمتَهُ الغالي عَلَيهِ سَخا بِهِ / وَهانَ عَلَيهِ سامُهُ أَو سَوامُهُ
كَريمُ زَمانٍ قَد تَقَدَّمَ قَبلَهُ / زَمانٌ فَزادَت عَن نَداهُ كِرامُه
رَبيعٌ يَعُمُّ الناسَ لَيسَ بِمُجدِبٍ / إِذا الناجِعُ المُستافُ أَجدَبَ عامُهُ
إِذا حَلَّ أَرضاً حَلَّها الخَيرُ وَاِنجَلى / بِهِ البُؤسُ عَنها فَرَدُهُ وَتُوآمُهُ
دَنا مِن مَكانٍ فَاعتَراهُ سُرورُهُ / وَخَلى مَكاناً فَاعتَراهُ عُرامُهُ
فَأَظلَمَ في ذاكَ المَكانِ نَهارُهُ / وَأَشرَقَ في ذاكَ المَكانِ ظَلامُهُ
لَئِن باتَ مَهجورَ المَحَلِّ عِراقُهُ / فَقَد باتَ مَأنوسَ المَحَلِّ شآمُهُ
وَهَل هُوَ إِلّا الغَيثُ حَلَّت رِهامُهُ / مَكاناً وَمالَت عَن مَكانٍ رِهامُهُ
فَلا يُبعِدِ اللَهُ الهُمامَ فَإِنَّهُ / يَغِيبُ وَلَكِن لا يَغِيبُ اِهتِمامُهُ
سَقى كُلَّ دارٍ حَلَّها كُلُّ مُدجِنِ / كَأَنَّ ابتِسامَ البَرقِ فيها اِبتِسامُهُ
يَسِحُّ شِمالِيَّ المُصَلّى فَيَستَوي / بِما سَحَّ مِنهُ خَلفُهُ وَأَمامُهُ
وَيُمرِعُ بابُ الشامِ أَو تَكتَسي الحَيا / رُباهُ اللَواتي حَولَهُ وَإِكامُهُ
وَيُصبِحُ مَيدانُ القُصورِ مُرَوَّضاً / يَضُوعُ نَسيماً رَندُهُ وَبَشامُهُ
وَيُكسى بِهِ سُورُ المَدينَةِ مِطرَفاً / مِنَ النَورِ لَم يَنسُجهُ إِلّا غَمامُهُ
إِذا اعتَمَّ بِالنَوّارِ بُرجٌ ظَنَتَهُ / مِنَ البُزلِ عَوداً شابَ مِنهُ سَنامُهُ
لَقَد حَلَّ تِلكَ الأَرضَ مَن لَو رَأَى بِها / مَكارِمَهُ المَنصورُ طالَ اِحتِشامُهُ
بَنى ذاكَ بُنياناً تَهَدَّمَ بَعدَهُ / وَهَذا بَنى ما لا يُخافُ اِنهِدامُهُ
وَلَو شاهَدَ المَأمُونُ بَعضَ زَمانِهِ / لَما كانَ مَأمُوناً عَلَيهِ حِمامُهُ
وَمُعتَصِمٌ بِاللَهِ لَو عاشَ لَم يَكُن / بِغَيرِ ثِمالٍ في الخُطوبِ اعتِصامُهُ
وَقد وُصِفَ الفَضلُ بنُ يَحيى بن خالِدِ / وَأَفضَلُ مِنهُ عَبدُهُ وَغُلامُهُ
مَلِيكٌ تَلاهُم وَهوَ أَفضَلُ مِنهُمُ / وَجَمرُ الغَضا يَتلُو الدُخانَ ضِرامُهُ
وَبِالرقَةِ البَيضاءِ مِن آلِ صالِحٍ / فَتىً مِثلُ حَدِّ المَشرَفِي اعتِزامُهُ
يُرَجىّ كَما تُرجى الغَمامَةُ عَفوُهُ / وَيُخشى كَما يَخشى الحِمامَ اِنتِقَمُهُ
حَوى الفَضلَ طِفلاً وَهوَ في المَهدِ وَالتَقى / عَلى غَيرِ طَيشٍ حِلمُهُ وَاحتِلامُهُ
بِصِحَّةِ عَزمٍ لا تُفَلُّ غُروبُهُ / وَثاقِبِ رَأيٍ لا تَطيشُ سِهامُهُ
إِذا داسَ وَجهَ الأَرضِ أَصبَحَ لُؤلُؤَاً / حَصاهُ وَمِسكاً تُبَّتِيّاً رُغامُهُ
هَنيئاً لَهُ الشَهرُ الَّذي بُرَّ سَعيُهُ / بِهِ وَزَكا عِندَ الإِله صِيامُهُ
إِذا قامَ فيهِ لِلصَلاةِ وَلِلنَدى / حَوى الأَجرَ وَالذِكرَ الجَميلَ قِيامُهُ
وَلَيلٍ وَهَبتُ النَومَ فيهِ لِماجِدٍ / قَليلٍ عَلى ضَيمِ العَدُوِّ مَنامُهُ
وَنظَّمتُ دُرّاً في عُلاهُ وَإِنَّهُ / لَأَسنى مِنَ الدُرِّ الثَمينِ نِظامُهُ
يَدُومُ عَلى مَرِّ اللَيالي وَإِنَّما / يُرادُ مِنَ الشَيءِ النَفِيسِ دَوامُهُ
زارَهُ الطَيفُ زَورَةً في مَنامِه
زارَهُ الطَيفُ زَورَةً في مَنامِه / غَرَّمَتهُ ما فاتَهُ مِن غَرامِه
كانَ خِلواً مِنَ السَقامِ فَلَمّا / زارَهُ الطَيفُ عادَ حِلفَ سَقامِه
لَم يَزُرهُ طَيفُ المَنامِ وَلَكن / زارَهُ مَن نَفى لَذيذَ مَنامِه
عَجَباً أَن يُلِمَّ طَيفٌ لِأَسما / ءَ عَلى غَيرِ مَوعِدٍ مِن لِمامِه
زائِراً مِن لِوى الشَآمِ وَرَيّا / هُ كَرَيّا عَرارِهِ وَبَشامِه
طَرَقَ الرَكبَ وَالدُجا مِثلُ فَودَيْ / هِ وَوَلّى وَالصُبحُ مِثلُ اِبتِسامِه
وَتَخَطّى وادي الأَراكِ فَما لا / نَت غُصونُ الأَراكِ لِينَ قَوامِه
كُلَّما مَرَّ مَوهِناً هَيَّجَت لِي / لَوعَةً بِالهَديلِ وُرقُ حَمامِه
وَتَذَكَّرتُ ساكِناً بِرِجامِ النْ / نَبْرِ سَقياً لِساكِنٍ بِرِجامِه
يُضرِمُ النارَ بِاليَفاع وَقَلبي / فيهِ ما في يَفاعِهِ مِن ضِرامِه
جُؤذَرٌ مِن جَآذِرِ الحَيِّ لا يُو / في بِمِيعادِهِ وَلا بِذِمامِه
فَضَحَ البَدرَ وَالدُجى فَسَناهُ / كَسَناهُ وَفَرعُهُ كَظَلامِه
يا خَلِيلَيَّ سَقِّياني حَرامَ الر / راحِ صِرفاً وَاستَغفِرا مِن حَرامِه
بِنتَ كَرمٍ تَفُضُّ هَمَّ أَخي الهَم / مِ إِذا فُضَّ دَنُّها مِن خِتامِه
سَلَكَت مَسلَكَ الحَياةِ وَدَبَّت / بَينَ لَحمِ الفَتى وَبَينَ عِظامِه
مِثلَ حُبِّ المُعِزِّ تَشرَبُهُ الأَنْ / فُس شُربَ الثَرى لِدَرِّ غَمامِه
مَلِكٌ واضِحُ الجَبينِ كَأَنَّ الشْ / شَمسَ ما بَينَ تاجِهِ وَلِثامِه
مُحسِنٌ نَستَفيدُ مِن يَدِهِ الثَر / وَةَ فَضلاً وَحِكمَةً مِن كَلامِه
ذَهَبَ الدَهرُ بِالكِرامِ وَقَد رُدْ / دَ بِهِ كُلُّ ذاهِبٍ مِن كِرامِه
مُتلِفٌ مُخلِفٌ وَسَهلٌ إِذا سُو / لِمَ أَهلٌ وَأَيِّدٌ في خِصامِه
لَم يَحُز قَيصَرٌ مَداهُ وَلا قا / مَ اليَمانِيُّ تُبَّعٌ في مَقامِه
عارِضٌ مُسبِلٌ إِذا تُمحِلُ الأَر / ضُ كَفى القَطرَ قَطرَةٌ مِن رِهامِه
مُلهَجٌ بِالنَدى تَراهُ يَرى السا / ئِلَ مِن حُبِّهِ لَهُ في مَنامِه
قامَ بِالمُلكِ بَعدَ أَن هَبَطَ المُل / كُ إِلى أَن أَقامَهُ بِقِيامِه
وَهَوَت ذُروَةُ العُلى فَبَناها / بِالصَقِيلَينِ عَزمِهِ وَحُسامِه
فَرَّغَت كَفُّهُ الكُنوزَ وَأَفنى / بِعَطا الطارِقِينَ بُزلَ سَوامِه
يَتَّقي اللَهَ مِثلَ ما يَتَّقي الذَم / م وَيُمسي وَالحَمدُ جُلُّ اغتِنامِه
مَلِكٌ يَغرَقُ المُلوكُ ذَوو التِي / جانِ في فَضلِهِ وَفي إِنعامِه
يَطلُعُ البَدرُ في السَماءِ فَيَلقا / هُ بِوَجهٍ وَسامُهُ كَوَسامِه
يُشرِقُ اللَيلُ مِن سَناهُ كَما تُش / رِقُ ظَلماؤُهُ بِبَدرِ تَمامِه
وَتَفوحُ الصَبا بِرائِحَةِ العَن / بَرِ مِن نَحوِ قَصرِهِ وَخِيامِه
مُفلِحٌ مُنجِحٌ يَسيرُ وَلِلإِق / بالِ جَيشٌ مِن خَلفِهِ وَأَمامِه
كُلَّما رامَ مَطلَباً يَسَّرَ الل / ه لَهُ ما يَرُومُهُ مِن مَرامِه
خَيَّمَ السَعدُ في ذَراهُ وَما اِستَس / عَدَ إِلّا بِحُبِّهِ لِإِمامِه
مُحسِنٌ بِالعِبادِ مَن سَأَلَ الل / هَ لَهُم في بِقائِهِ وَدَوامِه
دافِعٌ مانِعٌ عَن الثَغرِ لا يَأ / لُو اجتِهاداً في حِفظِهِ وَاهتِمامِه
قَصرُهُ كَعبَةٌ وَيُمناهُ كَالرُك / نِ لَنا وِاستِلامُها كَاستِلامِه
بَشَّرَت نَفسَها المَكارِمُ لَمّا / بَشَرُوها بِشُربِهِ لِمُدامِه
وَاستَفَزَّ السُرورُ مَغناهُ وَاهتَز / ز بِمَن فَوقَ أَرضِهِ مِن ندامه
مَنزِلٌ يَشتَهي الزَمانُ بِأَن يَب / سُطَ خَدَّيهِ في مَكانِ رِجامِه
كادَت الراحُ أَن تَطيرَ مِنَ الدَسْ / تِ ارتِياحاً إِلى يَمينِ هُمامِه
إِنَّما يَفرَحُ الزَمانُ بِأَن يَف / رَحَ فيهِ وَغَمُّهُ بِاغتِمامِه
مَدَّهُ اللَهُ بِالسُعودِ وَأَعطا / هُ المُنى في مَسيرِهِ وَمُقامِه
طَرَقَت أُمامَةُ وَالعُيُونُ نِيامُ
طَرَقَت أُمامَةُ وَالعُيُونُ نِيامُ / كَلِفاً يُعَنَّفُ في الهَوى وَيُلامُ
لا حَمدَ إِلّا لِلرُقادِ فَإِنَّها / بَخِلَت وَما بَخِلَت بِها الأَحلامُ
زارَتكَ زُوراً في الظَلامِ فَلَيتَها / زارَتكَ صادِقَةَ المَزارِ أُمامُ
كَذبَت وَكِذبُ الغانِياتِ فَضِيلَةٌ / ووِصالُهُنَّ وَصِدقُهُنَّ حَرامُ
في لَيلَةٍ بَسَطَ القَوادِمَ نَسرُها / وَانباعَ تَحتَ ظَلامِها الضِرغامُ
طَيفٌ أَلَمَّ بِنا فَهاجَ صَبابَةً / بَينَ الجَوانِحِ ذَلِكَ الإِلمامُ
أَهلاً بِذَلِكُمُ الخَيال يَضُمُّهُ / بَعدَ الإِكامِ تَنائِفٌ وَإِكامُ
أَسرى وَمَنزِلُهُ العِراقُ وَمَنزِلي / حَلَبٌ بِحَيثُ الفَضلُ وَالإِنعامُ
في ظِلِّ وَضّاحِ الجَبينِ كَأَنَّه / قَمَرٌ عَلى طَرَفِ السَريرِ يمامُ
طالَت بِهِ مُضَرٌ وَعَزَّ بِسَيفِهِ / أَهلُ العَمُودِ وَأُيِّدَ الإِسلامُ
مِن صَفوَةِ العُربِ الَّذي فَخَرَت بِهِ ال / أَجدادُ وَالأَخوالُ وَالأَعمامُ
سَبَقَ المُلوكَ إِلى الثَناءِ فَلَم يَدَع / حَمداً وَلا عُلىً تُستَامُ
أَعطى وَأَلهَمَ بِالمَكارِمِ نَفسَهُ / إِنَّ المَكارِمَ لِلفَتى إِلهامُ
لَم أَنسَهُ عَزمَ المَسيرَ وَحَولَهُ / جَيشٌ يَسُدُّ الخافِقينِ لُهامُ
حَجَبَ الغَزالَةَ نُورُهُ وَتَشابَهَت / فيهِ البُروقُ وَوَجهُهُ البَسّامُ
مَلأَ الفِجاجَ بِهِ وَسارَ أَمامَهُ / مَلِكٌ عَلَيهِ مَهابَةٌ وَوَسامُ
فَغَمَ الفَلا طِيباً وَأَصبَحَ رِمثَها / وَكَأَنَّما هُوَ عَبهَرٌ وَبَشامُ
حَتّى إِذا نَزَلَ الرُصافَةَ شُيِّدَت / فيها قِبابٌ حَولَهُ وَخِيامُ
وَدَنا مِنَ البَيتِ الكَريمِ وَحَولَهُ / عَركٌ لِفُرسانِ الوَغى وَزِحام
وَالنُورُ قَد حَسَرَ الظَلامَ كَأَنَّما / عُدِمَ الظَلامُ فَما يُحَسُّ ظَلامُ
حَتّى لَهَمَّ بِأَن يَقُوم مُسَلِّما / مِن قَبرِهِ شوقا إِلَيكَ هِشام
فَاسلَم عَلى الأَيّامِ إِنَّكَ واحِدٌ / حَسُنَت بِحُسنِ حَديثِكَ الأَيّامُ
لا فارَقَت يَدُكَ العَطاءَ وَلا اِنقَضى / مِن خَيلِكَ الإِسراجُ وَالإِلجامُ
عُج بِالدِيارِ دَوارِسَ الأَعلامِ
عُج بِالدِيارِ دَوارِسَ الأَعلامِ / قَفراً وَحيِّ رُسومَها بِسَلامِ
مَن في الرُصافَةِ وَالأَحَصِّ وَسِربِهِ / وَالدَيرِ وَالزَرقاءِ وَالحَمامِ
وَمَلاعِبٍ بَينَ المَعانِ وَماسِحٍ / لَعِبَت بِهِنَّ حَوادِثُ الأَيّامِ
وَخَلَت مِنَ النَفَرِ الكِرامِ وَعُوِّضَت / مِن أَهلِها بِنَوافِرِ الآرامِ
سَقياً لَها مِن دِمنَةٍ وَلِأَهلِها / مِن مَعشَرٍ غُرِّ الوُجوهِ كِرامِ
حَلُّوا بِها زَمَناً فَأَغنَوا أَرضَها / بِنَداهُمُ عَن صَوبِ كُلِّ غَمامِ
وَتَنافَسُوا في المَكرُماتِ وَشَيَّدُوا / أَبياتَ عِزٍّ لِلفَخُورِ سَوامي
أَولادُ مِرداسٍ وَأَيَّةُ أُسرَةٍ / رامُوا مِنَ العَلياءِ كُلَّ مَرامِ
شمُّ الأُنوفِ كَريمَةٌ أَحسابُهُم / لا يَلبَسُونَ مَلابِسَ الآثامِ
يَتَعَطَّفُونَ عَلى المُجاوِرِ بَينَهَم / وَيَرَونَ كَسبَ الحَمدِ غَيرَ حَرامِ
يَتَوارَثُونَ مَكارِماً أَزَلِيَّةً / لَهُمُ عَن الأَخوالِ وَالأَعمامِ
صاحَبتُهُم فَصَحِبتُ أَكبَرَ مَعشَرٍ / وَسَأَلتُهُم فَسَأَلتُ غَيرَ لِئامِ
مِن كُلِّ فَيّاضِ اليَدَينِ كَأَنَّما / جادَت يَداهُ مَجادَ غَيثٍ هامِ
وَتَنائِفٍ كَاليَمِّ يَترُكُ نَصُنا / فِيهِنَّ أَخفافَ المَطِيِّ دَوامي
قَفرٍ كَأَنَّ الرَكبَ مِن سِنَةِ الكَرى / فِيها نَشاوى مِن كُؤُوسِ مُدامِ
يَتَأَمَّمُونَ مُعِزَّ دَولَةِ عامِرٍ / كَهفَ الطَريدِ وَطارِدَ الإِعدامِ
مَلِكاً رَأَيتُ يَمينَهُ وَجَبِينَهُ / فَرَأَيتُ بَحرَ نَدى وَبَدرَ تَمامِ
فاقَ الأَنامَ وَزَادَ جُودُ يَمينِهِ / عَن حاتِمِ الطائِيِّ وَابنِ أُمامِ
سَلهُ وَحاذِر مِن أَنامِلِ كَفِّهِ / غَرَقاً فَإِنَّ نَداهُ بَحرٌ طامي
يا بنَ الكِرامِ الصِيدِ غَيرَ مُدافَعٍ / فِيهِم عَنِ الإِجلالِ وَالإِعظامِ
كُنتُم لِقَومٍ نِعمَةً كَفَرُوكُمُ / فِيها فَقامُوا في أَذَلِّ مَقامِ
كَفَرَوا وَلَو شَكَروا لَدَامَت فِيهِمُ / لَكِنَّهُم ما مُتِّعُوا بِدَوامِ
وَبِفَضلِهِم رَكِبُوا الجِيادَ وَثَمَّرُوا / أَموالَ ماشِيَةٍ لَهُم وَسَوامُ
وَتَمَلَّكُوا الشامَ الأَغَرَّ وَصالِحٌ / أَجرى لَهُم يَنبُوعَ ذاكَ الشامِ
حَتّى إِذا دارَ الزَمانُ عَلَيكُمُ / وَأَراكُمُ اليَقَظاتِ كَالأَحلامِ
قَلَّ الصَديقُ لَكُمُ وَضاعَ جَميلَكُمُ / في الأَبعَدِينَ وَفي ذَوي الأَرحامِ
وَصَبَرتُمُ فَقَدِرتُمُ وَسُعِدتُمُ / فَرَدَدتُمُ الأَرواحَ في الأَجسامِ
وَمُلوكُ طَيٍّ زُحزِحُوا عَن مُلكِهِم / في البَدوِ وَاستَنَدُوا إِلى بَهرامِ
وَهُمُ المُلوكُ بَنُوُ المُلوكِ رَمَتهُمُ / عَن قَوسِها الدُنيا بِغَيرِ سِهامِ
ثَمَّ اِنثَنَوا فَبَنَوا بُيُوتَ مَكارِمِ / صَحُّوا بِها في المَجدِ بَعدَ سَقامِ
وَمُحَمَّدٌ حَمِدَ المُقامَ بِيَثرِبٍ / جاراً وَخَلّى كَعبَةَ الإِسلامِ
زَمَناً وَعادَ إِلى قُرَيشٍ عَودَةً / عَزت بِقُدرَةِ خالِقٍ عَلّامِ
وَأَبُو عَلّيٍ عُطِّلَت أَفراسُهُ / زَمَناً مِنَ الإِسراجِ وَالإِلجامِ
في ظَهرِ شاهِقَةٍ تَساوى عِندَهُ / في قَعرِها الإِصباحُ بِالأَضلامِ
حَتّى أَتاهُ النَصرُ يَخفِق سَعدُهُ / مِن تَحتِ ظِلِّ ذَوائِبِ الأَعلامِ
وَحَوى بِلادَ الشامِ غَصباً وَاِنثَنى / يَقتادُ كُلَّ مُعانِدٍ بِزِمامِ
لا تَيَأسَنَّ فَلَيسَ كُلُّ غَمامَةٍ / نَشَأَت مُمَتَّعَةً بِطُولِ دَوامِ
يا آلَ مِرداسٍ لَقَد أَعلَيتُمُ / ذِكرِي بِذِكرِكُم الرَفيعِ السامي
نَوَّلتُمُوني نائِلاً ما نالَهُ / لا البُحتُرِيُّ وَلا أَبُو تَمّامِ
فَلألبِسَنَّكُمُ بُرُودَ محاسِنٍ / أَبهى وَأَسنى مِن بُرُود رئام
وَلَأَشكُرَنَّكُمُ عَلى ما نِلتُهُ / مِن فَضلِكُم حَتّى يُحَمَّ حِمامي
لا تَكنِزُوا إِلّا كَلاماً صُغتُهُ / لَكُمُ فَلَيسَ الكَنزُ غَيرَ كَلامِي
يَبقى بَقاءَ النَيِّرَينِ مُخَلَّداً / لَكُمُ عَلى الأَحقابِ وَالأَعوامِ
لا زِلتُمُ غُرَرَ الزَمانِ وَبَهجَةَ / الدُنيا وَزَينَ مَجالِسِ الأَقوامِ
مالي وَلِلفُصَحاءِ لا تَتَكَلَّمُ
مالي وَلِلفُصَحاءِ لا تَتَكَلَّمُ / كَثُرَ الجُمانُ فَمالُه لا يُنظَمُ
قَد أَنطَقَتنا المُرهَفاتُ وَأَظهَرَت / ما كانَ يُخزَنُ في الصُدُورِ وَيُكتَمُ
أَينَ الَّذينَ تَفَوَّهَت شُعَراؤُهُم / بِالمَينِ وَافتَخَرُوا بِما لَم يَعلَمُوا
زَعَمُوا بِأَنا طَعمَةٌ لِسُيُوفِهِم / في كُلِّ أَرضٍ أَنجَدُوا أَو أَتهَمُوا
إِن يَصدُقُوا فَسُيُوفُ مَن تَرَكتُهُمُ / صَرعى تَهُزُّهُمُ النُسُورُ الحُوَّمُ
بِخَرابِ حِمصٍ وَالجِبابُ خَبِيثَةٌ / مِنهُم كَأَنَّ مِياهَهُنَّ العَندَمُ
لا يَنجَحَنَّ الدِزبِريُّ بِما جَرى / قِدِماً فَقَد وَضَحَ الطَريقُ الأَقوَمُ
هَل فَخرُهُ إِلّا بِمَوتِ سَمادِعٍ / أَنِفُوا وَقَد عَرَفُوا الرَدى أَن يُحجِمُوا
لَم يَلقَهُم في مَعرَكٍ وَلَو التَقَوا / لَعَرَفت أَيُّهُمُ أَشَدُّ وَأَكرَمُ
ماتُوا بِغَيرِ حُسامِهِ وَحُسامُهُ / ما سالَ فَوقَ شِفارِهِ مِنهُم دَمُ
بَل كانَ يَنظُرُ مِن بَعيدٍ وَالظُبى / تَفري الجَماجِمَ وَالقَنا يَتَحَطَّمُ
لا يَفخَرُ الرَجُلُ الَّذي نَظَرَ الوَغا / بَل يَفخَرُ البَطَلُ الَّذي يَتَقَحَّمُ
شَتّانَ بَينَ الدِزبرِيِّ وَبَينَ مَن / نَصَحَ الإِمامَ نَصيحَةً لا تَسقَمُ
هَذا يَعُقُّ وَقَد أَطاعَ وَذا عَصى / مِن بَعدِ أَن أَضحى يُعَزُّ وَيُكرَمُ
عَمرِي لَقَد صَدَقَ الَّذي هُوَ قائِلٌ / فِينا وَفيهِ مَقالَةً لا تُخرَمُ
أَفعالُ مَن تَلِدُ الكِرامُ كَريمَةٌ / وَفَعالُ مَن تَلِدُ الأَعاجِمُ أَعجَمُ
عَدَّدتُمُ أَيّامَكُم وَعَلَيكُم / فيها النَقِيصَةُ لا عَلَينا فاعلَمُوا
يَومَ الأُبَيَّضِ كانَ جُلُّ نِهابَكُم / ما كانَ يُسقاهُ الرِجالُ وَيُطعَمُ
وَنِهابُنا مِنكُم مَعاقِلُ حَظّكُم / مِنها المُثَقَّف وَالحُسامُ المِخذَمُ
أَمّا العَواصِمُ وَالثُغورُ فَلَم تَزَل / تُحمى بِنا دُونَ المُلوكِ وَتُعصَمُ
لَولا صَوارِمُنا لَكانَت تُبَّلٌ / دَهَمَتكُمُ بِأَشَدِّ خَطب يدهمُ
وَلَسَحَّ مِنها عارِضٌ يَطمُو بِهِ / مِمّا وَراءَ السَدِّ بَحرٌ خِضرِمُ
لَكِن تَجَشَّمنا العَظيمَ بِأَنفَسٍ / عَظُمَت فَسُدَّ بِها المُلِمُّ الأَعظَمُ
عَنكُم وَعَن أَهلِ البِلادِ وَأَنتُمُ / أَدرى بِما دَفَعَ الإِلهُ وَأعلَمُ
فَعَلامَ تُصبَحُ كُلَّ يَومٍ أَرضُنا / تُغزى وَتُصبِحُ بِالعَداوَةِ تُلزَمُ
أَفَما عَلِمتُم أَن دُونَ حَرِيمِنا / قُضُباً تُشامُ وَمُقرَباتٍ تُلجَمُ
وَفَوارِساً سُودَ الجُلُودِ لِطُولِ ما / يَصدا عَلَيها السابِريُّ المُحكَمُ
بِأَكُفِّهِم بِيضٌ تَطِنُّ شِفارُها / حَتّى كَأَنَّ شِفارَها تَتَكَلَّمُ
يَومَ المَشاهِدِ وَالقَنا مُتَضايِقٌ / ما بَينَهُ وَالرِيحُ خُرقٌ تَنسِمُ
وَحُماتُكُم أَسرى تُقادُ وَمِنهُمُ / شَرقٌ بِما شَرِقَ السِنانُ اللَهذَمُ
قَد كانَ في العامِ المُقُدَّمِ عِبرَةٌ / لَكمُ وَعلِمٌ لِامرِئٍ يَتَعَلَّمُ
لَم تَنزِلُوا حِمصاً وَلَم تَتَأَمَّلُوا / قِمَماً تُداسُ بِها وَدُوراً تُهدَمُ
وَعَظَتكُم تِلكَ المَصارِعُ حَولَها / لَو أَنَّ مَن سَمِعَ المَواعِظَ يَفهَمُ
وَعَلى كَفَر طابَ بِمَصرَعِ جَعفَرٍ / حِرتُم فَكَيفَ جَسَرتُمُ أَن تُقدِمُوا
لا يَنفَعُ الرَجُلَ الَّذي هُوَ حازِمٌ / يَوماً إِذا نَزَلَ القَضاءُ المُبرَمُ
هَجَم الخَصِيُّ بِكُم عَرِينَ ضَراغِمٍ / خَطَرُ الهُجُومِ عَلى الَّذي يَتَهَجَّمُ
وَكَأَنَّما كُنتُم وَكانَ فَرِيسَةً / فَرَّت فَأَدرَكَها الهِزَبرُ الضَيغَمُ
مَرَةٌ مُخَدَّرَةً تَسِيرُ وَحَولَها / لَجِبٌ يَسُدُّ الخافِقَينِ عَرَمرَمُ
حَكَمَت عُقُولُ ذَوي العُقولِ بِأَنَّهُم / لا يَسلَمُونَ وَأَنَّها لا تَسلَمُ
يا رِفقُ رِفقاً رُبَّ فَحلٍ غَرَّةُ / ذا المَشرَبُ الأَهنى وَهَذا المَطعَمُ
حَلَبٌ هِيَ الدُنيا تُحَبُّ وَطَعمُها / طَعمانِ حُلوٌ في المَذاقِ وَعَلقَمُ
قَد رامَها صَيدُ المُلوكِ وَعاوَدُوا / عَنها وَما غَنِمُوا وَلَكِن غُنِّموا
شُرِيت بِنَصرٍ وَالحُلا حِلِ صالِحٍ / فِيمَن يُباعُ لِسائِمٍ يَتَسَوَّمُ
ما أَنتَ أَهلاً أَن تَكونَ لِسَنبَرٍ / كُفؤاً وَلا مَلِكُ الزُنُوجِ الأَعظُمُ
لَكِن إِذا حَضَرَ الفِداءُ فَإِنَّما / تُفدى بِما يُفدى الغَرابُ الأَسحَمُ
رُمتَ الصُعُودَ فَقَد صَعِدتَ مُعَمَّماً / بالسَيفِ أَحسَنَ عِمَّةٍ تَتَعَمَّمُ
وَجَلَستَ ما بَينَ المُلوكِ مُكَرَّماً / تُرعى كَما يُرعى الصَديقُ وَتُخدَمُ
وَثَوَيتَ لا خَيراً حَويتَ وَلا نَوى / ما قَد نَوَيتَ لَنا الإِمامُ الأَكرَمُ
يابانياً بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا / بَيتاً مِنَ العَلياءِ لا يَتَهَدَّمُ
إِن فُزتَ بِالشرَفِ الَّذي لا آخِرٌ / في الدَهرِ فازَ بِهِ وَلا مُتَقَدِّمُ
فَلِأَجلِ أَنَّكَ ما حَيِيتَ وَإِنَّما / يُخشى عَلَيكَ مَدى الزَمانِ وَيُحكَمُ
خُلُقاً كَأَندِيَةِ الغَمامِ وَهِمَّةً / مِثلَ الحُسامِ وَعَزمَةً لا تَكهَمُ
لا زِلتَ مُخضَرَّ الجَنابِ مُؤَيّداً / بِالنَصرِ ترزُقُ مَن تَشاءُ وَتَحرِمُ
يَهنِي إِمامَ الفَضلِ فَضلُ إِمامِهِ
يَهنِي إِمامَ الفَضلِ فَضلُ إِمامِهِ / وَسِجِلُّهُ بِعِراقِهِ وَبِشامِهِ
إِنَّ الَّذي قَد فاضَ مِن غُفرانِهِ / أَضعافُ ما قَد فاضَ مِن إِنعامِهِ
خَيرٌ لَهُ مِن رِفدِهِ وَعَطائِهِ / إِخلاصُ نِيَّتِهِ وَعَقدُ ذِمامِهِ
لا شَيءَ أَنفَعُ مِن تَعَطُّفِ قَلبِهِ / وَرُجُوعِهِ عَن عَتبِهِ وَمَلامِهِ
يا فَخرَ مُلكِ بَني الفَواطِمِ وَالَّذي / أَولاهُمُ في المَهدِ قَبلَ فِطامِهِ
لا يَبعُدَنَّ مُرسَلٌ أَرسَلتَهُ / فَأَتى يَقُودُ لَكَ الغِنى بِزِمامِهِ
ما كانَ مِن طَلَبَ النجاحَ تَبَجُّجاً / في قَولِهِ وَفَعالِهِ وَمَرامِهِ
إِنَّ الَّذي يَرمي السِهامَ نَوافِذاً / يَرمي وَلَيسَ تُصِيبُ كُلُّ سِهامِهِ
مُستَوجِبٌ ساعٍ يَزيدُكَ سَعيُهُ / نَفعاً إِذا ما زِدتَ في إكرامِهِ
وَمِنَ الرِجالِ ذَوِي المَحَبَّةِ ساهِرٌ / يُلهِيهِ مَدحُكَ عَن لَذيذِ مَنامِهِ
لَو ماتَ وَانكَشَفَ الثَرى عَن رَمسِهِ / لَوَجَدتَ حُبَّكَ في رَميمِ عِظامِهِ
أَولَيتَهُ الحَسَنَ الجَميلَ فَشُكرُهُ / لَكَ واجِبٌ كَصَلاتِهِ وَصِيامِهِ
يُثني بِفَضلِكَ ما اِستَطاعَ وَمالَهُ / شَيءٌ يُساعِدُهُ سِوى أَقلامِهِ
سِر حَيثُ شِئتَ مِنَ البِلادِ تَجد بِها / لَكَ عِقدَ حَمدٍ مِن غَريبِ نِظامِهِ
أَذكى نَسيماً في الفَلا مِن رَندِهِ / وَعَرارِهِ وَبَهارِهِ وَبَشامِهِ
إِنَّ البِلادَ إِذا أَرادَ مُلُوكُها / عِطراً يَدُومُ تَعَطَّرُوا بِكَلامِهِ
وَعَلى سَريرِ المُلكِ أَروَعُ ماجِدٌ / تُغَضي لَهُ الأَبصارُ مِن إِعظامِهِ
أَلشُّهبُ ما زادَت عَلى أَوصافِهِ / وَالأُسدُ ما قَدِرَت عَلى إِقدامِهِ
لَو أَنَّ هَمّاماً رَآهُ لَصَدَّهُ / عَن بِشرِهِ وَوَليدِهِ وَهِشامِهِ
أَو كانَ في زَمَن ابنِ أَوسٍ ما سَما / بِفَعالِ حاتِمِهِ وَلا ابنِ أُمامِهِ
كَرَماً مَحا ذِكرَ الكِرامِ فَلَم يَدَع / في كُلِّ عَصرٍ قِيمَةً لِكِرامِهِ
أَوفى عَلى لُقمانِهِ وَعَلا عَلى / نُعمانِهِ وَسَطا عَلى بِسطامِهِ
وَهُمُ المُلوكُ الضارِبُونَ مِنَ العُلى / بِأَكُفِّهِم في غَرزِهِ وَسَنامِهِ
أُنظُر إِلَيهِ تَرَ الضِياءَ مُشَعشِعاً / في دَستِهِ مِن حُسنِهِ وَوَسامِهِ
لَبِسَ العِمامَةَ لا يُشَكُّ بِأَنَّها / تاجٌ عَلى كِسراهُ أَو بِهرامِهِ
زَحَمَ السَماءَ بِها فَوَدَّ هِلالُها / لَو كانَ مَوضِعَ طَوقِهِ وَلِثامِهِ
طَوقٌ عَلى عُنُقِ السِماكِ يُقِلُّهُ / جَبَلٌ يَرى الأَجبالَ مِن آطامِهِ
هُوَ هالَةٌ كَالبَدرِ بَدرِ عَشِيرَةٍ / أَمِنُوا غَياهِبَ ظُلمِهِ وَظَلامِهِ
صاغُوهُ مِن سامِ النُضارِ لِماجِدٍ / كَفّاهُ حَربٌ مُنذُ كانَ لِسامِهِ
وَالدُرُّ مُشتَبِكٌ عَلَيهِ كَأَنَّهُ / حَبَبٌ طَفا مِن فَوقِ كاسِ مُدامِهِ
كَم في الرِقابِ مِنَ الصَنائِعِ مِثلُهُ / لِأَغَرَّ يَبني عزَّهُ بِحُسامِهِ
وَتَقَلَّدَ الصَمصامَ أَروَعُ سَعدُهُ / يُغنِيهِ في الهَيجاءِ عَن صَمصامِهِ
وَهَفَت عَلَيهِ عَلامَةٌ مَعقُودَةٌ / بِالعِزِّ وَالتَأييدِ مِن عَلّامِهِ
كَالرَوضَةِ الغَنّاءِ إِن نُشِرَت وَإِن / طُوِيَت فَمِثلُ النَورِ في أَكمامِهِ
بَيضاءُ مِن صافي اللُجَينِ كَأَنَّها / عِرضُ الأَميرِ مُنَزَّهاً عَن ذامِهِ
وَتَهادَتِ النُجُبُ الضِخامُ تَهادِياً / بِفِنائِهِ مِن خَلفِهِ وَأَمامِهِ
وَرَأَيتُ سَبعَةَ أَنجُمٍ في وَسطِها / بَدرٌ يَفُوقُ البَدرَ عِندَ تَمامِهِ
لَمَعَ الطَميمُ عَلَيهِمُ فَكَأَنَّهُ / خَمرٌ يُحَسَّرُ عَنهُ ثَوبُ قَتامِهِ
مُتَوَقِّداً لَولا سَحابُ أَكُفِّهِم / يُطفيهِ لالتَهَبُوا بِلَفحِ ضِرامِهِ
سَجَدُوا لأَعلامِ الإِمامِ وَإِنَّما / سَجَدُوا لِما كَتَبُوا عَلى أَعلامِهِ
يَومٌ أَغَرُّ وَنِعمَةٌ مَشكُورَةٌ / عَضَّ الحَسُودُ بِها عَلى إِبهامِهِ
لا يَعدَمُوهُ بَنُو أَبِيهِ فَإِنَّهُم / في نِعمَةٍ وَدَوامُها بَدَوامِهِ
لَولا الفَخارُ بِما أَتاهُ لَخِلتُها / تُحَفاً تَقِلُّ لِعَبدِهِ وَغُلامِهِ
لَكِنَّها تُحَفُ الإِمامِ وَبَعضُها / كافٍ وَلَو لَم يَأتِ غَيرُ سَلامِهِ
أَليَومَ عَزَّ المُسلِمونَ وَنَكَّبَت / أَعداءُ هَذا الغِيلِ عَن ضِرغامِهِ
وَأَظَنُّ مَلكَ الرُومِ لَيسَ يَرى لَهُ / حِصناً يُحَصِّنُهُ سِوى إِسلامِهِ
يا مَن يَجُودُ عَلى الوُفُودِ بِمالِهِ / جُودَ السَحابِ عَلى الرُبى بِرهامِهِ
تَمِّم جَميلَكَ بِاستاعِ غَرائِبي / إِنَّ الجَميلَ جَمالُهُ بِتَمامِهِ
وَانهَ الحَوادِثَ أَن تُلِمَّ بِساحَتي / فَالنَبتُ لا يَسقِيهِ مِثلُ غَمامِهِ
يا سامِعَ الأَصواتِ بقِّ عَدُوَّهُ / في هَذهِ الدُنيا بَقاءَ سَوامِهِ
وَأَمِت بِلُطفِكَ ضِدَّهُ وَحَسُودَهُ / يا رَبِّ مَوتَ البُخلِ في أَيّامِه
وَاحرُسهُ لَلإِسلامِ في يَقظاتِهِ / وَمَنامِهِ وَمَسيرِهِ وَمَقامِهِ
مُتَمَتِّعاً طُولَ الحَياةِ بِيَومِهِ / وَبَأمسِهِ وَبِشَهرِهِ وَبِعامِهِ
قَدِمتَ سَعِيداً فائِزاً خَيرَ مَقدَمِ
قَدِمتَ سَعِيداً فائِزاً خَيرَ مَقدَمِ / وَأُبتَ حَمِيداً غانِماً كُلَّ مَغنَمِ
تُظِلُّكَ راياتُ السُعُودِ كَأَنَّها / مِنَ الطَيرِ إِلّا أَنَّها غَيرُ حُوُّمِ
إِذا سِرتَ أَخفَيتَ النَهارَ بِقَسطَلٍ / يَلُفُّكَ في جُنحٍ مِنَ اللَيلِ مُعتمِ
كَأَنَّكَ فِيهِ وَالقَنا تَزحَمُ القَنا / هِلالُ سَماءٍ طالِعٌ بَينَ أَنجُمِ
وَهَل أَنتَ إِلّا رَونَقُ الصُبحِ مُذ بَدا / غَدا كُلُّ فَجٍّ مُظلمٍ غَيرَ مُظلِمِ
وَمُذ غِبتَ غابَ الخَيرُ عَن كُلِّ مَوطِنٍ / وَغابَ الكَرى عَن كُلِّ جَفنٍ مُهَوِّمِ
وَما التَذَّ حَتّى عُدتَ خَلقٌ بِمَشرَبٍ / ولا التَذَّ حَتّى عُدتَ خَلقٌ بِمَطعَمِ
إِذا مَرَّ يَومٌ لا أَراكَ مُمَثّلاً / بِهِ كانَ مَحسُوباً بِحَولٍ مُحَرَّمِ
تَضِيقُ عَلَيَّ الأَرضُ حَتّى كَأَنَّها / إِذا غِبتَ عَن عَينَيَّ في دَورِ دِرهَمِ
فِدىً لِمَطاياكَ العُيونُ وَقَد سَرَت / ثِقالاً تُباري مَعلَماً بَعدَ مَعلَمِ
بِأَسَعدِ رَكبٍ رائِحٍ وَمُهَجِّرٍ / وَأَكرَمِ سَفرٍ ظاعِنٍ وَمُخَيِّمِ
تَمَنَّيتُ لَو أَنّي نَزَلتُ كَرامَةً / فَقَبَّلتُ مِنها كُلَّ خُفٍّ وَمَنسِمِ
وَصَيَّرتُ خَدِّي في التَنُوفَةِ مَبرَكاً / وَطِيئاً لِأَعضادِ المَطِيِّ المُحَرَّمِ
لَقَد كَرُمَت تِلكَ الرِكابُ وَرَكبُها / وَحازَت جَميلَ الذِكرِ مِن كُلِّ مُسلِمِ
تَوَلَّت وَخَلَّت قَلبَ رَحبَة مالِكٍ / لِفُرقَتِها قَلبَ الشَجِيِّ المُتَيَّمِ
وَأَضحَت مِنَ الضاحِي تَبِضُّ كَأَنَّما / قِسِيٌّ رَمَت أَكبادُها حُرَّ أَسهُمِ
مُيَمِّمَةً في كُلِّ مُمسىً وَمُصبَحٍ / مِنَ الوَطَنِ التاجِيِّ خَيرَ مُيَمَّمِ
وَلَمّا عَلَت نَشرَ الرُصافَةِ بُشِّرَت / بِعارِضِ مُزنِ باكِرِ الوَبلِ مُثجِمِ
تَباشَرَ أَهلُ الشامِ حَتّى كَأَنَّهُم / سَوامٌ أَحَسَّت بِالرَبِيعِ المُوَسَّمِ
أَغاث بِكَ اللَهُ البِلادَ وَأَهلَها / وَرَدَّكَ رَدَّ المُفضِلِ المُتَكَرِّمِ
رَأَوكَ فَضَجُّوا بِالدُعاءِ كَما دَعا / إِلى اللَهِ حُجاجُ الحَطِيمِ وَزَمزَمِ
فَبُورِكَ شَهرٌ أَنتَ فِيهِ مُسَلَّماً / وَلَكِنَّ بَيتَ المالِ غَيرُ مُسَلَّمِ
تَضاعَفَتِ الأَعيادُ فِيهِ فَقَد غَدا / لَنا عَيدُ فِطرٍ تابِعاً عِيدَ مَقدَمِ
جَزى اللَهُ خَيراً هِمَّةً لَكَ لَم تَزَل / تَضُرُّ بِأَطرافِ الوَشِيجِ المُقَوَّمِ
حَمَلت بِها الأَثقالَ في كُلِّ حادِثٍ / وَخُضتَ بِها الأَهوالَ في كُلِّ صَيلَمِ
وَما زِلتَ كَسّاباً بِها العِزَّ مُتعِباً / بِها كُلَّ يَعبُوبٍ مِنَ الخَيلِ شَيظَمِ
إِذا اشتَدَّتِ اللأواءُ نَفَّست كَربَها / بِهِمَّةِ لاوانٍ وَلا مُتَلَوِّمِ
يَزِيدُكَ مَرُّ الدَهرِ أَيداً وَقُوَّةً / كَأَنَّكَ لَم تُخلَق مِنَ اللَحمِ وَالدَمِ
أَرى الناسَ لا يَسعَونَ مَسعاكَ لِلعُلى / وَلا يَفعَلُونَ الخَيرَ فِعلَ التَكَرُّمِ
وَما يَركَبُ الأَخطارَ في كُلِّ حادِثٍ / وَيَكشِفُها غَيرُ الخَطِيرِ الغَشَمشَمِ
كَأَنتَ وَمَن يَفعَل فَعالَكَ يَتَّخِذ / جَميلاً وَمَن يَحفَظ حِفاظَكَ يَغنَمِ
خُلِقتَ كَرِيماً لا نَداكَ مُقَصِّرٌ / وَلا غَيثُكَ الهامِي عَلَينا بِمُنجِمِ
وَهَيهاتَ أَن يَعلو عُلُوَّكَ مَن سَعى / لِيَعلُو وَلَو نالَ السَماءَ بِسُلَّمِ
مَكارِمُ لا ذُو التاجِ كِسرى بنُ هُرمُزٍ / حَواها وَلا أَقيالُ عادٍ وَجُرهُمِ
وَما حاتِمٌ عِندِي بِنِدٍّ أَقِيسُهُ / إِلَيكَ وَلا كَعبٌ وَلا ابنُ مُكَدَّمِ
لِأَنَّ أَبا العُلوانِ إِن كانَ آخِراً / فَقَد حازَ شأوَ الفارِطِ المُتَقَدِّمِ
كَذا النارُ أُولاها شَرارَةُ قابِسٍ / وَآخِرُها وَهجُ السَعِيرِ المُضَرَّمِ
أُعِيذُكَ بِاللَهِ السَميعِ وِبالقَنا / تَشَعشَعَ في أَطرافِها كُلُّ لَهذَمِ
فَأَنتَ جَمالٌ كُنتَ في صَدرِ مَجلِسٍ / لَدى السَلمِ أَو في صَدرِ جَيشٍ عَرَمرَمِ
إِذا نَظَرَت عَينايَ وَجهَكَ مُقبِلاً / تَأَمَّلتُ وَجهَ الرِزقِ في وَجهِ ضَيغَمِ
أَهابُكَ حَتّى لَيسَ يَمتَدُّ ناظرِي / إِلَيكَ وَلا يَستَأنِسُ النُطقُ في فَمِي
فَوا عَجَباً أَنّي إِذا قُمتُ مُنشِداً / أَمامَكَ لَم أَحصَر وَلم أَتَلَعثَمِ
وَلَكِنَّ قَلبِي واثِقٌ بِكَ عالِمٌ / بِكُلِّ جَمِيلٍ مِنكَ غَيرِ مُعَتِّمِ
خَدَمتُكَ وَالفَودانِ سُحمٌ كَأَنَّها / حَياةُ مُعادِيكَ الشَقِيِّ المُذَمَّمِ
وَها هِيَ بِيضٌ ناصِعاتٌ كَأَنَّها / بَياضُ ثَنايا دَهرِكَ المُتَبَسِّمِ
فَلَم أَرَ أَندى مِنكَ كَفّاً بِنائِلٍ / جَسِيمٍ وَلا أَقوى عَلى حَملِ مَغرَمِ
فَتَحتَ عَلَيَّ الرِزقَ مِن كُلِّ وِجهَةٍ / وَأَنقَذتَنِي مِن كُلِّ فَجٍّ وَمَخرِمِ
وَأَغنَيتَنِي عَمَّن سِواكَ فَلَم أَبِت / بِنُعماكَ مُحتاجاً إِلى فَضلِ مَنعِمِ
وَإِن نالَنِي خَيرٌ فَمِنكَ أَساسُهُ / وَما النَبتُ إِلّا بِالغَمامِ المُدَيِّمِ
وَواأَسَفا أَنّي تَخَلَّفتُ لَم أَقُم / بِحَقٍّ وَلَم أَنشُر ثَناءً بِمَوسِم
وَلَكِن عَدانِي سُوءُ حَظّي وَعاقَنِي / عَنِ الواجِبِ المَفروضِ فَرطُ التَأَلُّمِ
وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ ما انضَرَّ نُورُها / بِصَمتِي وَلا زادَت عُلىً بِتَكَلُّمي
لَقَد عَزَّ قَومٌ وَاصَلُوكَ وَحاوَلُوا / دنُوَّكَ حَتّى مازَجُوا الدمَ بِالدَمِ
نَصَرتَهُمُ حَتّى بِرَأيِكَ فاتِحاً / لَهُم كُلَّ مُستَدٍّ مِنَ الأَمرِ مُبهَمِ
وَما خِندِفٌ إِلّا نُجُومٌ زَواهِر / تَخَيَّرتَ مِنها بَيتَ غَفرٍ وَمِرزَمِ
وَكانُوا يَرَونَ الفَخرَ قَبلَكَ غائِراً / فَفُزتَ وَفازُوا بِالفَخارِ المُتَمَّمِ
إِذا مُضَرٌ طالَت بِذِكراك أَشرَفَت / عَلى الناسِ إشرافَ الذُرى مِن يَلَملَمِ
هَنيئاً لَكَ التَوفِيقُ فابقَ مُوَفَّقاً / طَوالَ اللَيال وَاعلُ في المُلكِ واسلَمِ
فَإِن بَنِي الدُنيا وَإِنَّكَ فِيهِمُ / لَكا لغُرَّةِ البَيضاءِ في وَجهِ أَدهَمِ
ظَهَرَ الهُدى وَتَجَمَّلَ الإِسلامُ
ظَهَرَ الهُدى وَتَجَمَّلَ الإِسلامُ / وَابنُ الرَسولِ خَلِيفَةٌ وَإِمامُ
مُستَنصِرٌ بِاللَهِ لَيسَ يَفُوتُهُ / طَلَبٌ وَلا يَعتاصُ عَنهُ مَرامُ
حاطَ البِلادَ وَباتَ تَسهَرُ عَينُهُ / وَعُيونُ سُكّانِ البِلادِ نِيامُ
قَصرُ الإِمامِ أَبِي تَمِيمٍ كَعبَةٌ / وَيَمِينُهُ رُكنٌ لَها وَمَقامُ
لَولا بَنُو الزَهراءِ ما عُرِفَ التُقى / فِينا وَلا تَبِعَ الهُدى الأَقوامُ
يا آلَ أَحمَدَ ثُبِّتَت أَقدامُكُم / وَتَزَلزَلَت بِعِداكُم الأَقدامُ
لَستُم وَغَيرُكُم سَواءً أَنتُمُ / لِلدِّينِ أَرواحٌ وَهُم أَجسامُ
يا آلَ طَهَ حُبُّكُم وَوَلاؤُكُم / فَرضٌ وَإِن عَذَلَ الوُشاةُ وَلامُوا
مِن عَظيمِ البَلاءِ مَوتُ العَظيمِ
مِن عَظيمِ البَلاءِ مَوتُ العَظيمِ / لَيتَنِي مِتُّ قَبلَ مَوتِ الزَعيمِ
يا جُفُوني سُحّي دَماً أَو فُحُمّي / صَحنَ خَدِي بِعَبرَةٍ كَالحَميمِ
بَعدَ خِرقٍ مِنَ المُلوكِ كَرِيمٍ / ما زَمانٌ أَودى بِهِ بِكَرِيمِ
جَعَفرِيُّ النِصابِ مِن صَفوَةِ الصَف / وَةِ وَالفَخرِ في الصَميمِ الصَميمِ
يا أَبا كامِلٍ بِرَغمِي أَن تُش / قِيكَ سُكنى التُرابِ بَعدَ النَعِيمِ
أَو تَبِيتُ القُصُورُ خالِيَةً مِن / كَ وَمِن وَجهِكَ الوَضِيءِ الوَسيمِ
وَانقِراضُ الكِرامِ مِن شِيَمِ الدَه / رِ وَمِن عادَةِ الزَمانِ اللَئِيمِ
قَد بَكَت حَسرَةً عَلَيهِ المَذاكِي / وَشَكَت فَقَدَهُ بَناتُ الرَسِيمِ
تَشتَكِي غَيبَةَ الزَعِيمِ إِلى اللَ / هِ فَتُشكى إِلى رَؤُوفٍ رَحِيمِ
أَمِثلُ قِرواشٍ يَذوقُ الرَدى
أَمِثلُ قِرواشٍ يَذوقُ الرَدى / يا صاحِ ما أَوقَحَ وَجهَ الحِمام
حاشا لِذاكَ الوَجهِ أَن يَعرِف ال / بُؤسَ وَأَن يُحثى عَلَيهِ الرَغام
وَلِلجَبِينِ الصَلتِ أَن يُسلَبَ البَه / جَةَ أَو يَعدَمَ حُسنَ الوَسام
يا أَسَفَ الناسِ عَلى ماجِدٍ / ماتَ فَقالَ الناسُ ماتَ الكِرام
غَيرُ بَعِيدٍ يا بَعِيدَ المَدى / وَلا ذَميمٍ يا وَفِيَّ الذِمام
زُلتَ فَلا القَصرُ بِهِيُّ وَلا / بابُكَ مَعمُورٌ كَثِيرُ الزِحام
وَلا الخِيامُ البِيضُ مَنصُوبَةٌ / بُورِكتَ يا ناصِبَ تِلكَ الخِيام
قُبحاً لِدُنيا حَطَّمَت أَهلَها / وَآخَذَتهُم بِاكتِسابِ الحُطام
تَأخُذُ ما تُعطي فَما بِالُنا / نُكثِرُ فِيما لا يَدُومُ الخِصام
يا قَبرَ قَرواشٍ سُقِيتَ الحَيا / وَلا تَعَدَّتكَ غَوادِي الرِهام
قَضى وَلَم أَقضِ عَلى إِثرِهِ / إِنّي لِمَن مَعرُوفِهِ ذُو احتِشام
أَقُولُ شِعراً وَالجَوى شاغِلِي / يا عَجَباً كَيفَ اِستَقامَ الكَلام