المجموع : 6
وَعَد الخَيالُ بأنّا جيرةُ العامِ
وَعَد الخَيالُ بأنّا جيرةُ العامِ / حَقٌّ كَما قالَ أَم أَضغاث أَحلامِ
سَرى يُصانِعُ جَرَساً مِن خَلاخِلهِ / إِذا مَشى وَيُداري عَرفَ أَكمامِ
وَالشَذا جِنحُ الظَلام بِهِ / تَصريحُ واشٍ وَتَعريضاتُ نَمّامِ
نَفَسي العالي وَدلَّههُ / عِن مَضجعي فَرطُ اعلالي واِسقامي
وَلَم يَعُدنيَ من بَعد النَوى فَيَرى / سِوى هُيامي الَّذي خَلّا وَتهيامي
تَبقى الليالي الَّتي كانَ السُهادُ بِها / أَحلا مِن الغَمض في أَجفانِ نَوّامِ
بِتنا وَذَيلُ الدُجى مُرخىً عَلى كَرَمِ / في خُلوة خُلوةَ الأَرجاء مِن ذامِ
وَبَينَنا طيبُ عتب لَو تَسَمَّعَهُ / قُلتُ العِتابُ حَياةٌ بَينَ أَقوامِ
وَفاتِر الطَرفِ لَو إِنّي أَبوحُ بِهِ / إِذاً لأَوضحتُ عذري عند لُوّامي
يَرمي وَأُغضي وَقَد أَصمى فَقُلتُ لَهُ / أَعِد عَدلاً عَدِمتَ السَهم وَالرامي
أَخافُه حينَ أَخلو أَن أُكاشِفَهُ / وَجدي فأَستُر أَوجاعي وَآلآمي
وَأَخدَعُ الناسَ عَن حُبّي وَاكتُمُهم / جِراحَ قَلبيَ لَولا جفنيَ الدامي
وآهاً لَو أَنَّ الَّذي خَلَّفتُ مِن زَمَني / خَلفي أُصادِفُ شَيئاً مِنهُ قُدّامي
عَهدي بَليلي قَصيراً بالعِراقِ فَما / بالي أَبيتُ طَويلَ اللَيلِ بالشامِ
أَعاذَكَ اللَهُ مِن عَصر غَضارَتُهُ / وِزرٌ وَردَّكَ مِن أَيامِ أَيامِ
عَلَّ النَوى عَن قَريبٍ تَنقَضي وَعَسى / جُودُ ابنِ رُزِّيكَ يأتي بَعد اعدام
لَو لَم يُغَيبنيَ المَعروفُ ما عَلِمت / غُرُّ السَحائِب أَنّي نَحوَها ظامي
يا أَكرَم الخَلقِ من بدو وَمِن حَضَر / وَأَشجَعَ الناسِ مِن عُربٍ وَأَعجام
وَقائِماً بِشراءِ المَجدِ مُجتَهِداً / وَقَد تَقاعَد عنه كُلُّ قَوّامِ
أَغَرّ أَبلج مَيمونٌ نَقيبَتُهُ / سَهل الخَليقَةِ سامي الطَرفِ بَسّامِ
مُعطي الرَعيَّة أَيامَ النَدى كَرَماً / حامي الحَقيقةِ في يَومِ الوَغى الحامي
يَظَلُّ معتَنِقَ الأَبطالَ ضارِبَها / تَرَفُّعاً أَن يُقالَ الطاعِم الرامي
وَالبيضُ تقطر فَوقَ البيضِ لامِعَةً / كَأَنَّها عارِضٌ هامٍ عَلى الهامِ
بِباتِرٍ ناشِرٍ أَغنَت مَضارِبُه / عَن عاسِلِ المتنِ يَومَ الرَوع نَظّام
خلال مَجدٍ فَريدٍ ما تقبَّلَهُ / مِن البَريَّةِ إِلّا مجد الاسلامِ
في سَرجه البَدرُ وَالغَيثُ الغَمامُ لَهُ / جِسمٌ مِنَ الماءِ فيهِ قَلبُ ضِرغامِ
وَربَّ جَرداءَ فيها الأُسدُ مخدرَةٌ / تَحتَ الوَشيجِ عَلى
ما إشن تَكادَ صَرَّت وَلا نَظَرَت / إِلى السَماءِ بعين
مَدَّت قَنا الخَطِّ أَظفاراً إِلى ظَفَرٍ / بُرجاً فَقلَّم مِنها خَطُّ أَقلامِ
أَمنت صرفَ زَماني إِن يُفَوِّقَ لي / سِهامَ صَرف فأَنتَ الذائِدُ الحامي
وان أَمَدّ الى الأَوشال مِن ظَمأٍ / كفّي وَبَحرُ نَداكَ الفائِض الطامي
وَما اِفترشتُ حَيّاً عِندي لَهُ غُدُرٌ / مَلآى المَذائِب فيها شربُ أَعوامِ
وَقَد تقدمتَ بالنَعى الَّتي غَمَرَت / قِدماً وَأَعدَمَت قَبلِ اليومِ اِعدامي
لَكِنَّ اِنعامَكَ الوافي بَنوهُ بالقَد / رِ الَّذي ضاعَ دَهراً بين اِنعامِ
وَرُبَّ أَربابِ احسانٍ تَجاوَزَهُم / مَدحي إِلى أَهلِ أَحسابٍ وأفهامِ
وَلَيسَ مَن قالَ بالانعامِ مرحمتي / مثل الَّذي رامَ بالانعامِ اكرامي
طَوى دارَها طيَّ الكِتابِ المُنَمنَمِ
طَوى دارَها طيَّ الكِتابِ المُنَمنَمِ / وَمَرَّ عَلى الأَطلالِ غَيرَ مُسَلِّمِ
يُخادِعُ امّا عَن جَوى مِن تَذَكَّر / بِها الرَكب أَو عَن عبرة مَن توسِّم
وَكَم وَقفَةٍ فيها أَقَلَّ مُساعِدي / عَلى الدَمعِ اسعادي وَأَكثَر لومّي
إِذا ما بَلَوتُ العَيشَ قالَت عِراصُها / لِدَمعيَ لَيسَ الفَضلُ لِلمُتَقَدِّم
وَسارٍ أَتاني العَرفُ عَنهُ مُبَشِّراً / فَقُمتُ إِلَيهِ أَهتَدي بِالتَنَسُّمِ
أَتى بعد وَهَنٍ عاطِلاً مُتَلَثِّماً / مَخافَةَ حَليٍ أَو مَخافَةَ مَيسَمِ
وَناوَلَني كأساً أَراكَ فِدامَها / وَرَدَّ فَمي عَن لَثمِ كأس مُفدَّمِ
فَلَيتَكَ إِذ حَلأتني عَن مُحَلّل / مِن الخَمرِ ما عَلّلتَني بِمُحَرَّمِ
أَيا لَذَّةَ الدُنيا ومنه بَلاؤُها / وَيا جَنَّةً فيها عَذابُ جَهَنَّمِ
وَكُنّا اِغتَنَمنا لَذَّةَ العَيشِ ليتَها / لَذّاتُها لَم تصرَّم
تُلامُ وَنُدعى الأَشقياءَ خَلاعَةً / وَمَن من يودي ابتِداء التَنَعُّمِ
فَقَد عادَ أَيقاظاً عَلَينا صُروفُهُ / فَما نَلتَقي أَحبابنا غَيرَ نُوَّمِ
أَيا مَلِكاً ما مَدَّ كَفّاً لِعِلَّتي / وَما زلَ مَخضوبَ الأَنامِل مِن دَمي
وَكانَ قَديماً طائِشاتٍ سِهامُهُ / فَأَصبح يَرمينا بأنفذ أَسهُم
وَأَرهفَ حَدّيهِ لحزّي كَأَنَّما / تَوَهَّم انعامَ ابنِ رزِّيكَ مُسلِمي
هُوَ المَلجأُ المأمولُ وَالوَزَرُ الَّذي / أَجازَ عَلى أَحداثِهِ كُلَّ مُعدَمِ
سَليمُ نَواحي العِرضِ لَم يُعطَ خَشيَةً / وَلَم يُخفِ عيباً تَحتَ ذَيل التَكَرُّمِ
تَوضَّح في الدَهرِ البَهيم كَأَنَّه / سَنا غُرَّةٍ سالَت عَلى وَجه أَدهَم
وَأَعطى وَلا مُعطٍ وَأَضحى مُمدَّحاً / وَما فَوقَ وَجهِ الأَرضِ غَيرُ مُذمَّم
إِذا لَقَحَ الراياتِ رأياً تَمَخَّضَت / بِنَصر عَلى الأَيامِ فَذّ وَتَوأمِ
لَهُ كُلَّ يَومٍ مغنَمٌ مِن عَدوِّهِ / يَرى بَذلَهُ لِلمجتدي نَيلَ مَغنَم
ثَقيلٌ عَلَيهِ حَملُ أَيسَر مِنَّة / خَفيفٌ عليهِ حَملُ أَعظَمِ مَغرم
أَعَدَّ لِنَصرِ الحَقِّ كُلَّ مطهَّرٍ / يَغُذُّ إِلى الأَعداءِ فَوقَ مُطَهَّم
لَهُ شَرَفٌ الاقدامِ في الحَربِ شِيمَةٌ / َما يَبتَغي غَيرَ الكميِّ المُقَدَّمِ
وَولهى من التَوديع لَم تَرَ مُنجِداً / مِن الدَمع يُعديها عَلى بَينِ مُشأمِ
فَقالَت وَقَد أَجرَت سَوابِقَ عَبرة / أَفي كُلِّ يَومٍ أَنتَ بِالبُعدِ مُؤلِمي
أَتَجمَعُ لي فَقراً وَبيناً وَكِبرَةً / لَكَ اللَهُ ما تُثنيكَ خيفَةُ مأثمِ
فَقُلتُ لَها هَذا فِراقٌ يَردُّنا / جَميعاً وَيُعدينا عَلى الدَهر فاِعلَمي
أَعدّي العيابَ وَالمَرابطَ واخطبي / كَريمةَ قَومٍ وارقبي نجح مقدمي
سَأجهدُ نَفسي في اِبتِكارِ قَصيدَةٍ / فَتونِ المَعاني لَذَّةِ المُتَرَنِّمِ
تَقول إِذا أَبصَرتِ حسنَ بَديعها / لَكَم تَرَكَ الماضونَ مِن مُتَرَدَّمِ
وَأَبعَثُها غَرّاءَ بِكراً عَقيلَةً / لِكفؤٍ بأَبكارِ المَعالي مُتَيَّمِ
مُعشَّقةً زَفَّ التميميُّ دونَها / إِلى دون مَولاكُم بأَلفِ
سَيَبلُغ بَغداداً فَيهجم قائِلٌ / أَقِم يا حُسامي في صَوائِل واهجم
أَيا بَحر إِنّي لَم أَسَل غيركَ النَدى / وَلَم أَرَ أَهلَ الأَرض أَهلاً لمكرمِ
هُم الحَمأُ المَسنون لا ماءَ عِندَهُم / وَلَيسوا صَعيداً طَيِّباً لِلتَيَمُمِ
عبرتُ أُلاقي خَيرَهُم خَيرَ مادِح / لَهُ وَأَراهُ دَهره غَيرَ مُنعَمِ
غَنيّاً بِما تُوليهِ غَيرَ مُكلَّفٍ / طَلاقَة بِشرِ الوَجهِ أَو مُتَجَهِّمِ
دَعَوتُكَ بعد الجود أُخرى وَلَم يَزَل / أَخو المحل يَدعو السُحب
وَصلتَ المَعالي فَوقَ وَصلِ مُتَيّم / أَخاهُ فَلا ذاقَت فِراقَ مُتَيَّمِ
كَم بَينَ أَجفانِك مِن صارِم
كَم بَينَ أَجفانِك مِن صارِم / يسُلُّه اللَحظُ عَلى الهائِمِ
يا ظالِماً حَكَّمتُه فاِعتَدى / اليكَ أَشكو مِنكَ يا ظالِمي
ما أَبعَدَ المَظلومَ مِن حَقِّهِ / إِن كانتِ الدَعوى عَلى الحاكِمِ
لَم أَدرِ مِن أَينَ دَهاني الهَوى / وَجار بي عَن خَطِّهِ السالمِ
مِن طَرفِكَ الأَكحَلِ أَم ثغ / ركَ الباسِم أَمِ مِن شعرك الفاحمِ
حكمتَ في العشاقِ فاِحكم كَما / مُحَمَّدٌ حُكَّم في العالِم
لَو حَثَّ غيثاً عَلى اِسعادِهِ قَسَمُ
لَو حَثَّ غيثاً عَلى اِسعادِهِ قَسَمُ / لَواصَلت مَنزِلاً بالموصل الديَم
لَهفي عَلى طيب عَيش كلّه عَجَبٌ / وَلّى وَأَعقَبَ ذِكراً كلّه نَدَمُ
عَيشٌ لَبِسناهُ لَم تَسلِب سَوابِغُهُ / نُهىً وَلا قَصَّرت أَذياله التُهَمُ
لا أَرتَجي عَودَهُ في يَقَظَة أَبَداً / فَلَيتَهُ زادَني إِن كانَ لي حُلُمُ
وَنازِحي الدارَ صَبري عَنهُمُ طَبع / وَالصَبرُ عَن بَعضِ ما فارقتُهُ كَرَمُ
قَد شَفَّني السَقمُ وَالأَشواقُ بَعدهم / وَصحَّهُ الودُّ حَيث الشَوقُ وَالسَقَم
ما لِلزَمان يُغاديني وَيطرُقني / بالخطب يعرقُني ظُلماً وَيهتضِم
اليكِ عَنّي صُروفَ الدَهرِ صاغِرَةً / انّي بجود جَمالِ الدين مُعتَصِمُ
هُوَ الَّذي مَلأَ الدُنيا بِنائِلِهِ / حَتّى اِرتَوَت مِن نَداهُ العُرب وَالعَجَم
مَن حاتِمٌ حينَ تَهوي بِالنَدى يَدُهُ / مَن ابنُ مامةَ مَن كَعب وَمَن هرِم
لا تُخدَعَنَّ بِما تَحكي فَلا صَعب / مِن جودِد جود مَخلوقٍ وَلا
إِذ نَبا السَيفُ أَوكَلَّت مَضارِبُهُ /
يُسِرُ مَعروفَه عَمداً لِيُخفيه / هَيهاتَ لِلعُرفِ عرب
وَمُستَقِل عَطاياهُ وَان كَثُرَت / مَستقرِب
إِذا ما أَزمَة كَلَحَت / أَنيابُها وَهوَ طَلق الوَجهِ مُبتَسِمُ
لا تَتركنّي بَعيدَ الدارِ مُغتَرِباً / أَظمى وَفي وَطَني مِن جُودِكَ الدِيَمُ
انظر إِليَّ بِعَين مِنكَ راحمةٍ / ففيَّ أَجرٌ لِباغي الأَجرِ مُغتَنِمُ
مُضَيَّع الفَضلِ وَالآداب في نَعَم / لا يَنفُقُ الفَضلُ وَالآدابُ عِندَهُم
أَيدٍ شحاحٌ عَن الخَيراتِ مُقفَلَةٌ / وَأَوجهٌ بِرِداء اللُؤمِ تَلتَثِمُ
مِن كُلِّ ذي أُذُنٍ لِلفُحشِ واعيَةٍ / بِها عَن المُبتَغى مَعروفها صَمَمُ
يَرى السَماحَةَ عَيباً لَيسَ يُشبِهُ / عَيبٌ وَيَحسَبُ أَنَّ البخل لا يَصِم
إِن يَعدُ دَهري بِلا جُرمٍ عَلى أَدَبي / فَجودُ كَفِّكَ فيما بَينَنا حَكَمُ
حلفت أُسعِدُ وَلهى ما تَذكّرني / إِلّا وَدمعَتُها في الخَدِّ تَنسَجِمُ
كَريمة هَدَّها فَقدي وَأَتلَفَها / بُعدي وَأَوهى قِواها الفَقرُ وَالهَرَمُ
أَشتاقُها وَعَوادي الدَهرِ قاطِعَةٌ / عَساكَ تَعدى عَلى دَهري فَنلتَئِمُ
ما أَنهَضَتني إِلَيها صَبوَةٌ وَهَوىً / إِلّا وَأَقعَدَني الاقتارُ وَالعَدَمُ
يُضحي يُجانبني مُجانَبَةَ العِدى
يُضحي يُجانبني مُجانَبَةَ العِدى / وَيَبيتُ وَهوَ إِلى الصَباح نَديمُ
وَيمرّ بي يَخشى الرَقيبَ وَلفظُهُ / شَتمٌ وَغنجُ لحاظِه تَسليمُ
وَفستقة شبهتُها إِذ رأَيتُها
وَفستقة شبهتُها إِذ رأَيتُها / وَقَد عايَنتَها مُقلَتي بِنَعيمِ
زبرجدة خَضراء وَسط حَريرة / بحقّة عاجٍ في غلاف أَديم