المجموع : 92
يا من أرومهمُ بكل مرامِ
يا من أرومهمُ بكل مرامِ / وأراهمُ في يقظتي ومنامي
وأنا بهم في جنة متنعم / منهم بأنواع من الإنعام
كيف التفتُّ رأيت طلعة وجههم / تزهو خلال ستائر الأوهام
ولقد حظيت بهم على فُرُشِ التقى / وأنا وإياهم لفيف قوام
ولقد تعانقنا فصرنا واحداً / وطفت مياهُ الوصل نار أوامي
وعلي قد جادوا بما فوق المنى / والغير ينتظر انكشاف لثام
أو ما ترى ذكري لهم متنوعاً / وبهم عليهم صار شكري نامي
ومدحتهم بجميع ألسنة الورى / في كل مرتبة وكل مقام
ونظمت ديوان التغزل كله / فيهم بلفظ معجب ونظام
وأتيت فيه بكل معنى رائق / في كل جارية وكل غلام
ومورَّد الخدين فاق بجيده / وبطرفه الساجي على الآرام
يثني معاطفَه الدلالُ كأنه / غصن وفي أعلاه بدر تمام
وذكرت كل لطيفة في روضةٍ / وهزار دوحٍ مطرب الترنام
وجداول الأنهار والنسمات في / حركاتها والزهر في الأكمام
الغصن يرقص والنواعير التي / بالجنك قارنها غناء حمام
ومجالس الندمان قمت بوصفها / والدن والساقي وكأس مدام
وكشفت بالآلات عن ألحانها / وشرحت فرط صبابةٍ وغرام
وجيمع ذاك مقصدي أنتم به / وأجل ما مولى وكل مرامي
لا غيركم أربي وإن حوّلته / عنكم بلفظي في الورى وكلامي
أنتم هم المعنى المراد بكل ما / قد قلت عنكم والجميع أسامي
وكذاك ديوان المديح جميعه / فيكم نشرت به صفات كرام
ورسائل الإخوان فيما بيننا / مشمولة بتحية وسلام
وصفات أهل العلم فيه شرحتها / ومدحت كلَّ محقق علام
وجمعت أوصاف القضاة وفضلهم / في مقتضى نظري بغير تعامي
والقصد أنتم بالجميع وذكرهم / هو ذكركم عندي على الإبهام
وكذاك ديواني بمدح المصطفى / والآل والأصحاب ذي الإكرام
قصدي به أنتم وفي لغتي لكم / عندي الكلام بسائر الأقسام
فأسير سير الغافلين بقولهم / أبداً وأقصد مقصد الأقوام
وأنا الذي في ظاهري متمسك / بشريعتي في سائر الأحكام
وأنا الذي في باطني متحقق / بحقائق التوحيد والإلهام
أنا مجمع البحرين موسى ظاهرٌ / والباطن الخضر الأجل السامي
هيهات أن تنجو فراعين العدا / مني وبحري بالمعارف طامي
وعليَّ من عين السرادق أعين / للحق تحفظني مدى الأيام
وأنا لأطيار الحقيقة مخرس / وأنا الإمام بها لكل إمام
وأنا البلاد وأهلها أنا لا سوى / والشام من دون البرية شامي
والعارفون رعيتي في قبضتي / والغوث والأقطاب من خدامي
فافتح عيونك في وجوه قلوبنا / وانظر إلى الأحوال يا متعامي
واصدق وصادقنا ولا تنظر إلى / ما يقتضي منها فهوم عوام
نحن الشموس وما خفافيش الورى / تسطيع تبصر غير محض ظلام
عن يمين الحيِّ من إِضَمِ
عن يمين الحيِّ من إِضَمِ / سربُ غزلانٍ تبيحُ دمي
يا لقومي من لواحظهم / أسرت في الحب كلَّ كمي
والوجوه الغر طالعة / أوجدوا وجدي من العدم
واستباحوا يوم جفوتهم / مهجتي شوقاً لوصلهم
واستهانوا بي وقد قهروا / ثم صالوا صول منتقم
ليت لو جادوا ولو سمحوا / لي ولو بالطيف في الحلم
أيها العذال في شغفي / لومكم من أخبث الكلم
لو شهدتم ما أشاهده / من حبيبي ذقتمو ألمي
لكن الألباب زائغة / لا تعي والطرف عنه عمي
قربوا منا مسامعكم / علَّكم أن تسمعوا حكمي
واعلموا أني نصحتُ لكم / لو عقلتم ما يقول فمي
غير أني في نصيحتكم / ناثر درّاً على غنم
كيف تصغي العاذلون لنا / وهم الأعدا من القِدَم
كل مغرور بغير هدىً / ربُّه ناشٍ من الوَهَم
عابد من فكره صنماً / هائمٌ بالجهل في الصنم
محض تشبيه عقيدته / في سوى التجسيم لم يَهِم
جاهل بالطبع لذته / لذة الثيران والنَعَم
وعلى تشبيهه حذرٌ / خائفٌ منّا عليه ظمي
إن نقل تنزيهُ خالقنا / قال هذا زلة القدم
وإذا بالفتح فهتَ لَهُ / حلَّ مني ساحة التهم
يا بني قومي ومن ألِفوا / نصرتي في كل مزدحم
ذاكروني في مواجدكم / عل أن يشفى بكم سقمي
واسألوا برق الحمى كرماً / عن لويلات بذي سلم
هل له في عودهنَّ لنا / إذ له التصريف في الحرم
ليت أهل المنحنى عطفوا / لي وراعوا حرمة الذمم
أغمضوا عنا لواحظكم / قد مزجتم دمعتي بدمي
واعملوا أني شغفت بكم / وأنا من جملة الخدم
هائم صبٌ كثيرُ جوى / في الهوى لحمٌ على وَضَم
كل أحوالي بكم ظهرت / وغرامي غير منكتم
كل دينٍ إن فاتك الإسلامُ
كل دينٍ إن فاتك الإسلامُ / فمحالٌ لأنه أوهامُ
إن من في الوجود طوعاً وكرهاً / دينهم كلهم هو الإسلام
ظهر الحي والعوالم موتى / وبدا النور والجميع ظلام
وفنون التجليات علينا / كثرت والعيون عنها نيام
وسرت نسمة الحمى فأسرَّت / أهل ذاك العهد القديم فهاموا
يا إشارات من أحب رويداً / منك في القلب صبوةٌ وغرام
رحت منها سكران لا القوم قوم / في عيوني ولا الخيام خيام
سلمت حين أسلمت خطراتي / وعليها من السلام سلام
والذي في قلوبنا أوثان / والذي في عيوننا أصنام
ووراء الجميع محض وجود / هم على وجهه الجميل قتام
وهو مشهودنا وشاهدنا في / شاننا حيث يقظة ومنام
وأتم الأمور أنك ثوب / بك تختال غادة وغلام
وله منك كيف ما شاء حال / وله منك كيف شئت مقام
وفؤاد المحب إن هام وجداً / في المعاني فإنه لا يلام
ولقد جاء بالجميع ركون / وانقياد إليه واستلام
قضى الأمر وجف القلمُ
قضى الأمر وجف القلمُ / وبدت نار الحمى والعلمُ
ونزلنا عُرْبَ وادي سلمٍ / واحتوانا ضالُهم والسلَم
يا رعى الله قباباً بقِباً / عادها عادت ورامت إرم
وسقى ثَمَّ لويلاتٍ بها / لم يَضِمْني في هواها إِضَم
أيها النازل في كاظمةٍ / لي لسان فيك حيٌّ وفم
بثَّ للجيرة عني شغفاً / لم يزل بين الحشى يضطرم
وتنصَّت للغواني سحراً / ربما هاجك ذاك النغم
واستمع صوت حماماتِ اللوى / عندما تأتي عليها الظُلَم
هذه النشأة فيها عِبَرٌ / للورى عنها تضيق الكلم
وثياب الكون شفت فشفت / مهجةً للبعد فيما ألم
صوت دفِّ الجسم عالٍ وبه / نفخ ناي الروح لا ينكتم
وشجانا رقص بانات النقى / حين غنَّتها الصَبا والديم
حيث كاسات الهوى دائرة / ويَلي كلَّ وجودٍ عدم
ونسيم الأمر فينا عابق / وأزاهير الربا تبتسم
والحمى طلقٌ وأصحاب الحمى / لم يزالوا فيه والقوم هم
والذي قد كان لا زال على / ما به كان وتلك النعم
غير أن القلب لا قلب له / وذووا الأفكار صموا وعموا
لو أزيلت عن عيون حجبٌ / وتنحّى عن قلوب وهَم
لرأوا الجهل الذي حف بهم / وعلت منهم إليه همم
وبدا الكل غروراً عندهم / ولودّوا أنهم ما علموا
لكن الوسواس قد آيسهم / أن منهم ليس تحيى الرمم
فتراهم وطّنوا أنفسهم / أن منهم ليس يرقى القدم
قد بذلت النصح يا قوم لكم / حسب جهدي فانجلى المنبهم
وشرحت الدين شرحاً واضحاً / بلسان ما اعتراه بَكَم
وزجرت العيس منكم للسرى / فهمو أهل المعاني فهموا
نفع الله بما فهت به / وبما أسفر عنه القلم
وبخير ختم الأمر لنا / أننا للدين نحن الخدم
ولأهل الأرض طراً ولمن / بالتقى تحفظ منه الذمم
وصلاة الله مني دائماً / مع سلام منه لا ينصرم
لنبي الله طه المصطفى / ما توالى من إلهي كرم
حوتٌ تعاظمَ فالتقمْ
حوتٌ تعاظمَ فالتقمْ / لهبَ التولُّع والسقمْ
لولا أكون مسبحاً / في بطنه كان انتقمْ
حتى إذا تمت كتا / بة لوح صدري والرقم
ألقى بساحل أمره / كلّي وعرَّفني اللَقَم
فلمحت يونسَ حكمةٍ / زالت بها عني النقم
عالم الدنيا كفجر كاذبٍ
عالم الدنيا كفجر كاذبٍ / إن تبدّى يعقب الضوءَ ظلامْ
ونهار الحشر فجر صادق / ليس فيه إن تحققت كلامْ
وطلوع الشمس في أفلاكها / أن ترى ربك في دار السلام
فهي أطوار ثلاث جمعت / دائماً فيك على هذا النظام
فاعتبرها منك بالجسم وبال / نفس والروح تجدها والسلام
هوىً قد أذاب الروح والنفس والجسما
هوىً قد أذاب الروح والنفس والجسما / فلم يبق عيناً للمشوق ولا رسما
وبعض اصطبارٍ أنفقته يد النوى / وقد حسمت داء التسلِّي لنا حسما
سلونا على سلمى نفوساً نفيسة / وأَسْمَاً لَنا لم نبق ذاتاً ولا إسما
هي الكنز والجسم الكثيف جدارها / إذا جَهِلَ الداعي بها يمتلي علما
وما القرب إلا البعد عنها لأنها / على الضد منا حيث كنّا بها وهما
هي العقل بل وهي المعاني جميعها / هي الحس والمحسوس إن خَصَّ أو عمّا
فإن رمت أن تدنو إليها فكن بها / بعيداً ودع إن رمت فهماً لها فهما
وقف عندها واترك وقوفك تاركاً / لتركك تكشف عن هلال بها تما
وإياك والإقبال بالنفس نحوها / وإياك والإعراس عنها بها زعما
وصلها بما منها ومل نحو حانها / بميل تراه جاء من نحوها حتما
وكن ناظراً آثارها بعيونها / وإلا فعن آثارها لم تزل أعمى
ولا تسمع الأصوات إلا بسمعها / فإنك إن تسمع بها تُسمِعِ الصما
وناد بها في الناس واستمع الندا / تُجِبْك رجالٌ نحوها ألفوا الهما
وحوِّل لها عن وجه ذاتك حجبَها / ترى الشمس تهدي من سنا عقلك النجما
ولا تحتفل بالكل إن ضل أو غوى / فما فائزٌ إلا بما خصَّه سهما
هوى أفنى الوجودَ فزال رسمُ
هوى أفنى الوجودَ فزال رسمُ / ولا روحٌ ولا ولأبيك جسمُ
وشخصٌ في المحبة ما له إسمُ / وهذا من جنون العشق قسمُ
بما بجفون عينك من فتورِ / وما بالخد من نار ونورِ
دع الهجران واسمح بالحضورِ / وهذا من جنون العشق قسمُ
قوامك إن مشى يحكي العوالي / وأنت على ملاح الكون والي
أما ترثي أما ترثي لحالي / وهذا من جنون العشق قسمُ
محبٌّ قد أمات النفسَ قتلا / ولم يقبل بمن يهواه عدلا
وشدَّ على خناق الجسم حبلا / وهذا من جنون العشق قسمُ
له كبدٌ من الأشواق ذابت / وفطنته غراماً فيك غابت
ونفس بعد ذلك منه خابت / وهذا من جنون العشق قسمُ
شهيد الحب تقتله العيونُ / وقد منت عليه بها المنونُ
وغير قضاء ربي لا يكونُ / وهذا من جنون العشق قسمُ
إذا اجتمع المحب مع الحبيبِ / فقد وصل البعيد إلى القريبِ
وجاء الموت بالعجب العجيبِ / وهذا من جنون العشق قسمُ
سلَّم إن جئتَ أرضَ وادي سلمِ
سلَّم إن جئتَ أرضَ وادي سلمِ / واقصد قوماً على يمين العلمِ
واشرح وجدي لهم عسى أن يَرْثوا / إني فيهم مزجت دمعي بدمي
غب عن وجودكْ ترى في وسط قلبكْ رسمْ
غب عن وجودكْ ترى في وسط قلبكْ رسمْ / به حبيبك قسمْ لكْ من شهودُهْ قسمْ
واخرج عن الفكرْ واحسمْ داءْ فكركْ حسمْ / واعلم بأن التفكُّرْ من بقايا الرسمْ
بقاب قوسين قم يا صاح وارمي سهمْ
بقاب قوسين قم يا صاح وارمي سهمْ / إن كنت مقدامْ في حرب الأعادي شهمْ
وافهم معاني حروف الخلق أقوى فهمْ / وارفع قناع الحجى واخرق حجاب الوهمْ
أُمّي جميع المقل يا مقلتي أُمّي
أُمّي جميع المقل يا مقلتي أُمّي / في رؤية الحب من قاري ومن أُمّي
ولا تؤمي السوى والغير بل أُمّي / أبي الذي تعرفي من قبل أو أُمّي
إن عين الوجود ليس تنامُ
إن عين الوجود ليس تنامُ / فتأمل ما تظهر الأيامُ
وفم الكائنات ينطق لكن / نحن قومٌ أسماعُنا الأفهامُ
ولنا في معارج القرب حال / ولنا في ذرى الكمال مقام
والمعالي والفخر والمجد فينا / والمزايا والعز والإحتشام
وبنا تعرف المعارف حتى / يستبين الضيا ويخفى الظلام
والرجال الرجال منا وعنا / يُحفظُ النثرُ في الهدى والنظام
وإلينا مراتب الفضل تعزى / في البرايا وينسب الإكرام
كل علم نفيده ذاك علم / وكلام نقول ذاك الكلام
والذي عندنا يقين وحق / والذي عند غيرنا أوهام
وعلينا من المهيمن عين / من رعته فإنه لا يضام
وكفى المنكرين حرمانهم عن / وردنا العذب حيث زاد الأوام
وبهم حيرة وفرط اندهاش / إن رأونا وقد علاهم قتام
هذه حالهم ونحن على ما / نحن فيه لا نرعوي والسلام
حق بدا في صورة الموهومِ
حق بدا في صورة الموهومِ / لما تسمَّى فيه بالقيومِ
وتتابعت أوصافه وترادفت / أسماؤه في أنفس وجسوم
وتبينت أفعاله فتعاكست / أحكامها في أمره المحكوم
نحن الكواكب في سموات الهدى / نرمي شياطين العدى برجوم
صور شربناها حلاوة كوثر / والجاهلون تعبُّ من زقّوم
قرأوا الوجود وساوساً وزخارفاً / وشكوك أوهامٍ وقبح فهوم
ولقد قرأناه صحائف نُشِّرَت / بالحق بين معارف وعلوم
ظل ظليل للذين به اهتدوا / وعلى الذين جفوه من يحموم
ضاءت سموات القلوب بشمسنا / وعلى الورى كانت طلوع نجوم
والآن نوبته انقضت بظهورنا / وخصوصنا مستجمع لعموم
أزل له ما قبلنا ولنا به / أبد وليس الفرق غير رسوم
نحن الذين يضيء نور علومنا / بين الورى في غيبة المعصوم
الله أكبر ما أعز مقامنا / وأجل وافر حظنا المقسوم
على رغم أنف الحاسدين مقامي
على رغم أنف الحاسدين مقامي / وما الكل إلا خادمي وغلامي
أنا النور أبدو في الزيادة كلما / تقابلني منها العدى بظلام
وأمسيت طوداً في البرية شامخاً / وأصبحت بحراً في الحقيقة طامي
وعندي علوم لو وجدت لها وِعاً / لأفرغتها فيه بحسن كلامي
ولكن صدور الكون ضاقت فلم تجد / مساغاً لقولي فانثنت بملام
أبَى الفردُ إلا أن أكون بعلمه / أنا الفرد حقاً والخواص عوامي
ومازلت يقظاناً لسر فهمته / وأهل زماني عند أسر منام
أكلت لبوب الإهتدا وتركتهم / على قشرها غرثَى البطون ظوامي
فؤادي قد أضر به الغرامُ
فؤادي قد أضر به الغرامُ /
وجسمي قد تناهبه السقامُ /
فيا من قد سهرت بهم وناموا /
لغير جمالكم نظري حرامُ / وغير كلامكم عندي كلامُ
سمعت من العواذل كل لومٍ /
وكنت عن السوى في حال صومٍ /
سعدنا أن رأيناكم بنومٍ /
وعمر النسر معكم بعض يومٍ / وساعة غيركم عام فعامُ
جرى منكم لموعدنا مطالُ /
فليت بكم يكون لنا وصالُ /
وكم هجر أراه وكم دلالُ /
وصبري عنكمو شيء محالُ / وما لي قاتل إلا الفطامُ
لشمس جمالكم سترت غيومي /
فأوصافي بها أنا في غمومِ /
ويا من قد أنيط بهم علومي /
إذا عاينتكم زالت همومي / وإن غبتم دنا مني الحِمامُ
تذكُّرُكم أهاج بنا رسيسا /
وأسكرنا فأشبهَ خندريسا /
وهل ألقى سواكم لي أنيسا /
أود بأن أكون لكم جليسا / ويُنصبَ لي بربعِكمو خيامُ
على ليل الجفا منّوا بفجرِ /
وكفوا بالعطا عن فرط حجرِ /
وإن رمتم بأن تحظا بأجرِ /
فداووا بالوصال مريض هجرِ / يهيم بكم إذا جن الظلامُ
هنا صبٌّ متى وافى نسيمُ /
يهيج به لكم وجدٌ مقيمُ /
ومشتاق له صبر عديمُ /
حديث غرامه فيكم قديمُ / وملبسه من الحب السقامُ
لنوعٍ من محبتكم وفصلِ /
رُمينا من لواحظكم بنصلِ /
عسى ولعل منكم بعض وصلِ /
فأنتم للوجود أجل أصلِ / إذا شئتم تحصَّل لي المرامُ
بكم علمُ السوى قد صار جهلا /
ولست أرى لكم في الكون أهلا /
متى منكم يذوق الصب نهلا /
بكم صعب الأمور يعود سهلا / فبالإحسان جودوا يا كرامُ
شربت شرابكم طفلاً وكهلا /
وعانيت الهوى صعباً وسهلا /
فمهلاً يا كرام الحي مهلا /
وليس سواكمو للجود أهلا / فكيف نزيل ساحتكم يضامُ
أتعبتني بقرُ الشامِ
أتعبتني بقرُ الشامِ / وهي في نقضٍ وإبرامِ
وا عنائي كم أعلمهم / ثم ألقى جهلهم نامي
زبلُهُم في الماء صيَّرهم / شربُهُ من غير أفهام
لم يرقوا بالمواعظ إذ / ماؤهم من حجر هامي
كلهم لا يعرفون سوى / قبح أفعال وآثام
بطنهم والفرج أهلكم / مثل ثيران وأنعام
فتراهم لا عقول لهم / إنما هم أسر أوهام
عصبة البهتان ضلوا ولم / يختشوا زلات أقدام
فيَّ قد زادت وساوسهم / وابتُلوا في داء برسام
فلذا هم يخلطون بنا / فرطَ تحقيرٍ بإكرام
بعضهم للبعض متَّبعٌ / حذوَ أقدام بأقدام
حاولوا بالإستهانة أن / يخفضوا مرفوع أعلامي
وأرادوا في تعنُّتهم / أن يذلوا قدريَ السامي
ويهينوني ويحتقروا / علم تحقيقي وإلهامي
ولقد خاضوا ولم يَخَفوا / غرقاً في بحريَ الطامي
والإله الحق مطَّلعٌ / بأموري خير علام
قادرٌ في الحال يأخذهم / بي على قهر وإرغام
ما أنا من جنسهم وبنو / آدم هم مثل أصنام
فكأني بينهم وأنا ال / عربيْ من نسل أعجام
ينكروني كلما جهلوا / فيزيد الله إنعامي
وأنا من خبث عصبتهم / بين عذال ولوام
مولدي فيهم ولا عجب / جوهر في صدف كامي
لست منهم لانفراديَ في ال / بيت عنهم منذ أعوام
قسوة فيهم وفرط جفا / لم يخف مرميهم رامي
وابتُلوا بالبغي من حسد / مثل أمراض وأسقام
قد أتى في مسند ابن عديْ / خبرٌ عن جُلِّ أقوام
قال خير الخلق سيدُنا / الجفا والبغيُ في الشام
علم عظيم النفع للعالمِ
علم عظيم النفع للعالمِ / جل عن المفهوم والفاهمِ
وكيف لا ينكر وهو الذي / يجهله إبليس في آدم
حتى أبى عن أن يُرى ساجداً / لربه من قوة الواهم
والتبس الأمر عليه ولم / يقدر على التمييز في العالم
كم عدم أخفى وجوداً وكم / من زائلٍ غطَّى على دائم
يا ويحه والنهر في داره / من حائرٍ صادي الحشى حائم
وكل ذا من قسوة عنده / وحسد في نفسه قائم
لم يسلم الأمر إلى ربه / ولم يشاهد حكمة الحاكم
وعاند الخالق في خلقه / معترضاً سيف القضا القاصم
فاحذره واحذر أن تحاكي له / ترجع بحالِ الخاسر النادم
يا أيها الإنسان قم وانتبه / من لي بهذا الغافل النائم
ويحك قد أشقى إلهُ الورى / إبليس من أجلك يا آدمي
فكن سعيداً أنت واسبق إلى / نيل العلى واعرض عن اللائم
وكتْبَ محيي الدين طالعْ لها / بخاطرٍ عن غيرها صائم
معتقداً في حقها قاطعاً / بأنها دين أبي القاسم
ولا تكن في ذاك مستعملاً / علوم رسمٍ للبنا هادم
فإن محيي الدين شمس الهدى / وهو الإمام العارف الحاتمي
عليه رضوان من الله ما / تنعم المرحوم بالراحم
في كل جنس من الأجناس معلومِ
في كل جنس من الأجناس معلومِ / لا بد من خادم فيهم ومخدومِ
وثالثٍ هو بالإفساد بينهما / يسعى بعقل من الخيرات معدومِ
وكل طائفة تخشى أفاضلهم / تبدو أراذلهم بالقبح والشوم
فكم رأيت أناساً لا خلاق لهم / وظالماً ظاهراً في زيِّ مظلوم
وكم عرفت بربي مشكلاً قصرت / عنه العقول عقول العرْب والروم
وكم بليت بأقوام سواسية / في حكم أمر بعين الحس موهوم
وليس من يأكل الأكوان عذْبَ جنىً / كمثل آكلها أشجارَ زقوم
كل امرئ عقله ميزان حالته / فليس صوت هزار الدوح كالبوم
كلامنا الحق لا تخفى فوائده / إلا على منكرٍ للحقِّ محروم
به نخاطب أهل الإتفاق على / سر عظيم من الأسرار مكتوم
هم المراد به لا غيرهم أبداً / بالقول في كل منطوق ومفهوم
مَنُّ العلومِ وسلوَى الغيرِ أهلُهُما / في الشكلِ من عصبةِ القثَّاءِ والثوم
أبو هريرة حيث الإختلاف رأى / في الحق ما بين ممدوح ومذموم
لو قال ما عنده من علم خالقه / عن النبي دهاه قطعُ بلعوم
ومثلُه شعرُ زين العابدين أتى / يا ربَّ جوهرِ علمٍ قولَ منظوم
فلتترك القاصرون الخوض في كلمي / هم أهل عقل من الأغيار مكلوم
ونحن قلنا عن السر المصون وعن / نطق الوجود وأمر منه معلوم
لا عن خيال ولا فكر وشاهده / كنت اللسان له في قرب قيوم
يعلم الحق نفسه بالذي قد
يعلم الحق نفسه بالذي قد / علم العبد نفسه عندما همّْ
وبه الحق يعلم العبد والعب / د به صار يعلم الحق فافهمْ
نُسَبٌ أربعٌ وهنَّ لشيء / واحد أين من لها يتفهمْ
وبها كل نسبة ظهرت في / كل عقل أيان أنجد أتهمْ
وهي ذات لديك وهي ذوات / فتحقق بها ولا تتوهمْ
أربع مثل ما دللتك فاسلك / منهج الصدق إنما الله ألهمْ
واشرب الغيب بالشهادة مزجاً / وكلِ الكلَّ من إنائك وانهمْ
واستمع أيها الجهول كلامي / إن عندي لداء جهلك مرهمْ
هي أنت الذي له وحدة الذا / ت وبالوصف كثرة فتفهمْ
وهي عين علت وعزت وجلت / عن سواها فأمرها عنك مبهمْ
ألبست غيرها على كل عقل / وهي لا غيرها وذو اللب يفهمْ
ورأينا شئونها ولكلٍّ / وجهة حيثما تُفاض وتُلهمْ
عبد ذات وعبد وصف وعبد ال / وهم والفهم ثم عبد الدرهمْ
واعتبر أوهنَ البيوت لبيت ال / عنكبوت الذي لعقلك أوهمْ
هذه لمحة من العلم بالذا / ت لها أوضَحَ التجلي وأبهمْ
سكنت ديرَها الأكابر منا / وانجلى كاسها على كل ملهمْ
فاعتقل رمحَها الطويل إليها / واقتحمها واركب من الليل أدهمْ
طف بها كعبة وقبِّل سناها / حجراً والتزم بها كلَّ أشهمْ
واستهمها حظاً ودع كل حظٍّ / فلها الحق كل شيء أسهمْ
إنها ما هموا الجميع عليه / وتغنَّى الهزار والليث هَمْهمْ