المجموع : 7
أمِنْ تَذَكُّرِ جِيران بِذِي سَلَمٍ
أمِنْ تَذَكُّرِ جِيران بِذِي سَلَمٍ / مَزَجْتَ دَمْعاً جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ
أمْ هَبَّتْ الريحُ مِنْ تِلْقاءِ كاظِمَةٍ / وأوْمَضَ البَرْقُ فِي الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
فما لِعَيْنَيْكَ إنْ قُلْتَ اكْفُفاهَمَتا / وَما لِقَلْبِكَ إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ / ما بَيْنَ مُنْسَجِمٍ منهُ ومُضْطَرِمِ
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعَاً عَلَى طَلَلٍ / ولا أَرِقْتَ لِذِكِرِ البَانِ والعَلَمِ
فكيفَ تُنْكِرُ حُبّاً بعدَ ما شَهِدَتْ / بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ وَالسَّقَمِ
وَأَثْبَتَ الوجِدُ خَطَّيْ عَبْرَةِ وضَنىً / مِثْلَ البَهارِ عَلَى خَدَّيْكَ وَالعَنَمِ
نَعَمْ سَرَى طَيفُ مَنْ أهوَى فَأَرَّقَنِي / والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالألَمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً / مِنِّي إليكَ ولو أَنْصَفْتَ لَمْ تَلُمِ
عَدَتْكَ حالِي لا سِرِّي بِمُسْتَتِرٍ / عَنِ الوُشاةِ وَلا دائي بِمُنْحَسِمِ
مَحَّضْتَنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ / إنَّ المُحِبِّ عَنْ العُذَّالِ في صَمَمِ
إنِّي اتهَمْتُ نَصِيحَ الشَّيْبِ في عَذَلٍ / والشِّيْبُ أَبْعَدُ في نُصِحٍ عَنْ التُّهَمِ
فإنَّ أمَّارَتِي بالسُّوءِ ما اتَّعَظَتْ / مِنْ جَهْلِهَا بنذيرِ الشِّيْبِ وَالهَرَمِ
ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَى / ضَيفٍ ألمَّ بِرَأْسِي غيرَ مُحْتَشِمِ
مَنْ لِي بِرَدِّ جِماحٍ مِنْ غَوايَتِها / كما يُرَدُّ جِماحُ الخَيْلِ باللُّجُمِ
فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها / إنَّ الطعامَ يُقَوِّي شَهْوَةَ النَّهِمِ
والنَّفْسُ كالطِّفْلُ إنْ تُهْمِلُهُ شَبَّ عَلَى / حُبِّ الرِّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ
فاصْرِفْ هَواها وَحاذِرْ أنْ تُوَلِّيَهُ / إنَّ الهَوَى ما تَوَلَّى يُصْمِ أَوْ يَصِمِ
وَراعِها وهِيَ في الأعمالِ سائِمَةٌ / وإنْ هِيَ اسْتَحَلَتِ المَرعَى فلا تُسِمِ
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةًً لِلْمَرْءِ قاتِلَةً / مِنْ حَيْثُ لَمْ يّدْرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِنْ جُوعٍ وَمِنْ شَبَعٍ / قَرَبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ
واسْتَفْرِغِ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأَتْ / مِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ
وخالِفِ النُّفْسَ والشَّيْطَانَ واعْصِهِمِا / وإنْ هُمَا مَحَّضَاكَ النُّصْحَ فاتَّهِمِ
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكَماً / فأَنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الخَصْمِ والحَكَمِ
أسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ / لقد نَسَبْتُ به نَسْلاً لِذِي عُقُمِ
أمَرْتُكَ الخَيْرَ لكنْ ما ائْتَمَرْتُ به / وما اسْتَقَمْتُ فما قَوْلِي لَكَ اسْتَقِمِ
ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلةً / ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ
ظَلَمْتُ سُنَّةَ مَنْ أَحْيا الظَّلامَ إلَى / أنِ اشْتَكَت قَدَماهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَمِ
وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَى / تَحْتَ الحِجَارَةِ كَشْحَاً مُتْرَفَ الأَدَمِ
وَرَاوَدَتْهُ الجِالُ الشُّمُّ مِنْ ذَهبٍ / عَنْ نَفْسِهِ فأراها أيُّما شَمَمِ
وَأَكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرُورَتُهُ / إنَّ الضَّرُورَة لا تَعْدُو على العِصَمِ
وَكَيْفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورُةُ مَنْ / لولاهُ لَمْ تُخْرِجِ الدُّنيا مِنَ العَدَمِ
مُحَمَّدُ سَيِّدَ الكَوْنَيْنِ والثَّقَلَيْنِ / والفَرِيقَيْنِ مِنْ عُرْبٍ ومِنْ عَجَمِ
نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهِي فلاَ أَحَدٌ / أبَّرَّ فِي قَوْلِ لا مِنْهُ وَلا نَعَمِ
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ / لِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ
دَعا إلى اللهِ فالمُسْتَمْسِكُونَ بِهِ / مُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلٍ غيرِ مُنْفَصِمِ
فاقَ النَّبِيِّينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ / وَلَمْ يُدانُوهُ في عِلْمٍ وَلا كَرَمِ
وَكلُّهُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ مُلْتَمِسٌ / غَرْفاً مِنَ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ
ووَاقِفُونَ لَدَيْهِ عندَ حَدِّهِمِ / مِنْ نُقْطَة العِلْمِ أَوْ مِنْ شَكْلَةِ الحِكَمِ
فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه / ثمَّ اصْطَفَاهُ حَبيباً بارِىءُ النَّسَمِ
مُنَزَّهٌ عَنْ شَرِيكٍ في محاسِنِهِ / فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيه غيرُ مُنْقَسِمِ
دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ / وَاحْكُمْ بما شْئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ
وانْسُبْ إلى ذانه ما شئْتَ مِنْ شَرَفٍ / وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَمِ
فإنَّ فَضْلَ رسولِ الله ليسَ لهُ / حَدُّ فيُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بِفَمِ
لو ناسَبَتْ قَدْرَهُ آياتُهُ عِظَماً / أحْيا اسمُهُ حِينَ يُدْعَى دَارِسَ الرِّمَمِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمل العُقولُ بِهِ / حِرْصاً علينا فلمْ ولَمْ نَهَمِ
أعْيا الوَرَى فَهْمُ معْناهُ فليس يُرَى / في القُرْبِ والبُعْدِ فيهِ غيرُ مُنْفَحِمِ
كالشِّمْسِ تَظْهَرُ لِلْعَيْنينِ مِنْ بُعُدٍ / صَغِيرةً وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أُمَمِ
وَكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنيا حَقِيقَتَهُ / قَوْمٌ نِيَامٌ تَسَلَّوْا عنهُ بالحُلُمِ
فمبْلَغُ العِلْمِ فيهِ أنهُ بَشَرٌ / وأنهُ خَيرُ خَلْقِ اللهِ كلِّهِمِ
وَكلُّ آيٍ أتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها / فإنما اتَّصَلَتْ مِنْ نُورِهِ بهِمِ
فإنَّه شّمْسُ فَضْلٍ هُمْ كَواكِبُها / يُظْهِرْنَ أَنْوَارَها للناسِ في الظُّلَمِ
أكْرِمْ بِخَلْقِ نَبِيٍّ زَانَهُ خُلُقٌ / بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بِالبِشْرِ مُتَّسِمِ
كالزَّهْرِ في تَرَفٍ والبَدْرٍ في شَرَفٍ / والبَحْر في كَرَمٍ والدَّهْرِ في هَمَمِ
كأَنَّهُ وَهْوَ فَرْدٌ مِنْ جلالَتِهِ / في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقَاهُ وفي حَشَمٍ
كَأنَّما اللُّؤلُؤُ المَكْنُونُ في صَدَفٍ / مِنْ مَعْدَنَيْ مَنْطِقٍ منهُ ومَبْتَسَمِ
لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضّمَّ أَعظُمَهُ / طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ وَمُلْتَثِمِ
أبانَ مَوْلِدُهُ عَنْ طِيبِ عُنْصُرِِ / يا طِيبَ مُبْتَدَإٍ منه ومُخْتَتَمِ
يَوْمٌ تَفَرَّسَ فيه الفُرْسُ أنَّهمُ / قد أُنْذِرُوا بِحُلولِ البُؤْسِ والنَقَمِ
وباتَ إيوانُ كِسْرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ / كَشَمْلِ أَصْحَابِ كِسْرَى غَيْرَ مُلْتَئِمِ
والنَّارُ خامِدَةُ الأنفاسِ مِنْ أَسَفٍ / عليهِ والنَّهْرُ ساهي العَيْنِ مِنْ سَدَمِ
وساءَ ساوَةَ أنْ غاضَتْ بُحَيْرَتُها / ورُدَّ وارِدُها بالغَيْظِ حينَ ظَمِي
كأنَّ بالنارِ ما بالماءِ مِنْ بَلَلٍ / حُزْناً وَبالماءِ ما بالنَّارِ مِنْ ضَرَمِ
والجِنُّ تَهْتِفُ وَالأَنْوارُ ساطِعَةٌ / وَالحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنَى ومِنْ كَلِمِ
عَمُوا وَصَمُّوا فإعْلانُ البَشائِرِ لَمْ / تُسْمَعْ وَبارِقَةُ الإِنْذَارِ لَمْ تُشَمِ
مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْ / بأنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ
وبَعْدَ ما عايَنُوا في الأُفْقِ مِنْ شُهُبٍ / مَنْقَضَّةِ وفْقَ ما في الأرْضِ مِنْ صَنَمِ
حَتى غدا عَنْ طَرِيقِ الوَحْيِ مُنْهَزِمٌ / من الشياطِينِ يَقْفُو إثْرَ مَنْهَزِمِ
كأنَّهُمْ هَرَباً أَبطالُ أَبْرَهةٍ / أَوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
نَبْذاً بهِهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهِما / نَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ
جاءتْ لِدَعْوَتِهِ الأشْجارُ ساجِدَةً / تَمْشِي إليهِ عَلَى ساقٍ بِلا قَدَمِ
كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ / فُرُوعُها مِنْ بَدِيعِ الخَطِّ في اللَّقَمِ
مِثْلَ الغَمَامَة أنَّى سَارَ سائِرَةٌ / تَقِيهِ حَرَّ وطِيسٍ لِلْهَجِيرِ حَمي
أقْسَمْتُ بالقَمَرِ المُنْشَقِّ إنَّ لَهُ / مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَةٌ مَبْرُورُةَ القَسَمِ
ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيرٍ وَمِنْ كَرَمٍ / وكلُّ طَرْفٍ مِنَ الكُّفَّارِ عنه عَمِي
فالصِّدْقُ في الغارِ والصِّدِّيقُ لَمْ يَرِمِا / وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرِمِ
ظَنُّوا الحَمامِ وظَنُّوا العَنْكَبُوتَ على / خَيْرِ البَرِيِّةِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُمِ
وِقاية اللهِ أغنَتْ عَنْ مُضَاعَفَةٍ / مِنَ الدُّرُوعِ وَعَنْ عالٍ مِنَ الأُطُمِ
ما سامَنِي الدَّهْرُ ضَيْماً وَاسْتَجَرْتُ به / إلاَّ اسْتَلَمتُ النَّدَى مِنْ خَيْرِ مُسْتَلَمِ
لا تُنْكِرِ الوَحْيَ مِنْ رُؤْيَاهُ إنَّ لهُ / قَلْباً إذا نامتِ العَيْنانِ لَمْ يَنَمِ
وذاكَ حينَ بُلوغِ مِنْ نُبُوَّتِهِ / فليسَ يُنْكِرُ فيهِ حالٌ مُحْتَلِمِ
تَبَارَكَ اللهُ ما وحْيٌ بِمُكْتَسَبٍ / وَلا نَبِيٌّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
كَمْ أبْرَأْتَ وَصِباً باللَّمْسِ راحَتُهُ / وأَطْلَقَتْ أرِباً مِنْ رِبْقَةِ اللَّمَمِ
وأحْيَتِ السُنَّةُ الشَهْبَاءُ دَعْوتُهُ / حتى حَكضتْ غُرَّةَ في الأعْصُرِ الدُّهُمِ
بعارِضٍ جادَ أَوْ خِلْتَ البِطاحَ بها / سَيْبٌ مِنَ اليَمِّ أَوْ سَيْلٌ مِنَ العَرِمِ
دَعْنِي وَوَصْفِي آياتٍ لهُ ظَهَرَتْ / ظُهورَ نارِ القِرَى لَيْلاً عَلَى عَلَمِ
فالدُّرُّ يَزدادُ حُسْناً وَهْوَ مَنْتَظِمٌ / وَليسَ يَنْقُصُ قَدْراً غيرَ مَنْتَظِمِ
فما تَطَاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلى / ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأخلاقِ والشِّيَمِ
آياتُ حَقٍّ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثَةٌ / قَدِيمَةٌ صِفَةُ المَوصوفِ بالقِدَمِ
لَمْ تَقْتَرِنْ بِزمانٍ وَهْيَ تُخْبِرُنا / عَنِ المعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ
دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَةٍ / مِنَ النَّبِيِّينَ إذْ جاءَتْ ولَمْ تَدُمِ
مُحَكَّماتٌ فما تُبْقِينَ مِنْ شُبَهٍ / لذِي شِقاقٍ وما تَبْغِينَ مِنْ حَكَمِ
ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّعادَ مِنْ حَرَبٍ / أَعُدَى الأعادي إليها مُلْقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بَلاغَتُها دَعْوَى مُعارِضِها / رَدَّ الغَيُورِ يَدَ الجَاني عَنِ الحُرَمِ
لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْرِ في مَدَدٍ / وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْنِ والقِيَمِ
فما تُعَدُّ وَلا تُحْصى عَجَائِبُها / ولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ بالسَّأَمِ
قَرَّتْ بها عَيْنُ قارِيها فَقُلْتُ لهُ / لقد ظَفِرتَ بِحَبْلِ اللهِ فاعْتَصِمِ
إنْ تَتْلُها خِيفَةً مِنْ حَرِّ نارِ لَظىً / أَطْفَأْتَ نارَ لَظىً مِنْ وِرْدِها الشَّبِمِ
كَأَنَّها الحَوْضُ تَبْيَضُّ الوجوهُ به / مِنَ العُصاةِ وقد جاءُوهُ كَالحُمَمِ
وَكَالصَِراطِ وكالمِيزانِ مَعْدِلَةً / فالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناسِ لَمْ يَقُمِ
لا تَعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنْكِرُها / تَجاهُلاً وهْوَ عَيْنُ الحاذِقِ الفَهِمِ
قد تُنْكِرُ العيْنُ ضَوْءَ الشِّمْسِ من رَمَدٍ / ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماءِ كم سَقَمٍ
يا خيرَ منَ يَمَّمَ العافُونَ ساحَتَهُ / سَعْياً وفَوْقَ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ
وَمَنْ هُوَ الآيَةُ الكُبْرَى لَمُعْتَبِرٍ / وَمَنْ هُوَ النِّعْمَةُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ
سَرَيْتَ مِنْ حَرَمٍ لَيْلاً إلَى حَرَمٍ / كما سَرَى البَدْرُ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ
وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً / مِنْ قَابِ قَوْسَيْنِ لَمْ تُدْرَكْ وَلَمْ تُرَمِ
وَقَدَّمتْكَ جَميعُ الأنبياءِ بِها / والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخُدُومٍ عَلَى خَدَمِ
وأَنْتَ تَخْتَرِقُ السَّبْعَ الطَّباقَ بهِمْ / في مَوْكِبِ كُنْتَ فيهِ صاحِبَ العلَمِ
حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْوَاً لِمُسْتَبِقٍ / مِنَ الدُّنُوِّ وَلا مَرْقَىً لِمُسْتَنِمِ
خَفَضْتَ كلَّ مَقامِ بالإِضافَةِ إذْ / نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَمِ
كَيْمَا تَفُوزَ بِوَصْلٍ أَيِّ مُسْتَتِرٍ / عَنِ العُيُونِ وَسِرٍّ أَيِّ مُكْتَتِمِ
فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ / وَجُزْتَ كلَّ مَقامٍ غيرَ مُزْدَحَمِ
وَجَلِّ مِقْدَارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍ / وعَزَّ إدْرَاكُ ما أُولِيتَ مِنْ نِعَمِ
بُشْرَى لَنَا مَعْشَرَ الإِسِلامِ إنًّ لنا / مِنَ العِنَايَةِ رُكْناً غيرَ مُنْهَدِمِ
لَمَّا دَعا اللهَ داعِينا لَطَاعَتِهِ / بأَكْرَمِ الرُّسْلِ كُنَّا أَكْرَمَ الأُمَمِ
راعِتْ قلوبَ العِدا أَنباءُ بِعْثَتِهِ / كَنَبْأَةٍ أَجْفَلَتْ غَفْلاً مِنَ الغَنَمِ
ما زالَ يَلْقاهُمَ في كلِّ مُعْتَرَكٍ / حتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً على وَضَمِ
وَدُّوا الفِرارَ فكادُوا يَغْبِطُونَ بهِ / أَشْلاَءَ شالَتْ مَعَ العِقْبَانِ والرَّخَمِ
تَمْضِي اللَّيالِي وَلا يَدْرُونَ عِدَّتها / ما لَمْ تَكُنْ مِنْ لَيالِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
كأنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْ / بِكلِّ قَرْمٍ إلَى لَحْمِ العِدا قَرِمِ
يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فوقَ سابِحَةٍ / يَرْمِي بِمَوجٍ مِنَ الأبطالِ مُلْتَطِمِ
مِنْ كلِّ مُنْتَدِبٍ للهِ مُحْتَسِبٍ / يَسْطو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصْطَلِمِ
حتَّى غَدَتْ مَلَّةُ الإسلامِ وهِيَ بِهِمْ / مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَةَ الرَّحِمِ
مَكْفُولَةً أَبَداً مِنهمْ بِخَيْرِ أَبٍ / وخيرِ بَعلٍ فَلَمْ تَيْتَمْ وَلَمْ تَئِمِ
همُ الجِبالُ فَسَلْ عنهمْ مُصادِمَهُمْ / ماذا رأى مِنْهُمُ في كلِّ مُصطَدَمِ
وسَلْ حُنَيْناً وسَلْ بَدْراً وَسَلْ أُحُداً / فُصُول حَتْفٍ ملهُمْ أَدْهَى مِنَ الوَخَمِ
المُصْدِرِي البِيضَ حُمْراً بعدَ ما وَرَدَتْ / مِنَ العِدا كُلَّ مُسْوَدٍّ مِنَ اللِّمَمِ
وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ مَا تَرَكَتْ / أقْلامُهُمْ حَرْفَ جِسْمٍ غَيْرَ مُنْعَجِمِ
شاكِي السِّلاحِ لهمْ سِيمَى تُمِيِّزُهُم / والوَرْدُ يَمْتازُ بالسِّمَى عَنِ السَّلَمِ
تُهْدِي إليكَ رِياحُ النَّصْرِ نَشْرَهُمُ / فَتَحْسَبُ الزَّهْرَ في الأكمامِ كلَّ كَمِي
كأنَّهمْ في ظُهُورِ الخَيْلِ نَبْتُ رُباً / مِنْ شَدَّةِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّةِ الحُزُمِ
طارَتْ قلوبُ العِدا مِنْ بَأْسِهِمْ فَرْقاً / فما تُفَرِّقُ بينَ البَهْمِ والبُهَمِ
ومَنْ تَكُنْ بِرَسُولِ اللهِ نُصْرَتُهُ / إنْ تَلْقَهُ الأُسْدُ في أجامِها تَجِمِ
ولَنْ تَرَى مِنْ وَلِيٍّ غَيْرَ مُنْتَصِرِ / بهِ ولا مِنْ عَدُوٍّ غيْرَ مُنْقَصِمِ
أحَلَّ أُمَّتَهُ في حِرزِ مِلَّتِهِ / كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبالِ في أُجَمِ
كَمْ جَدَّلَتْ كلماتُ اللهِ مِنْ جَدِلٍ / فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِنْ خَصِمِ
كفاكَ بالعِلْمِ في الأُمِيِّ مُعْجِزَةً / في الجاهِليَّةِ وَالتَّأْدِيبِ في اليُتُمِ
خَدَمْتُهُ بِمَدِيحٍ أسْتَقِيلُ بِهِ / ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَمِ
إذْ قَلَّدانِيَ ما تُخْشَى عَواقِبُهُ / كأنَّني بِهِما هَدْيٌ مِنَ النَّعَمِ
أطعتُ غيَّ الصَبَا في الحَالَتينِ وَما / حَصَلْتُ إلاَّ عَلَى الآثَامِ والنَّدَمِ
فيا خَسَارَةَ نَفْسٍ في تِجَارَتِها / لَمْ تَشْتَرِ الدِّينَ بالدُّنيا ولَمْ تَسُمِ
وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً منهُ بِعاجِلِهِ / بَيْنَ لهُ الغَبْنُ في بَيْعٍ وَفي سَلَمِ
إنْ آتِ ذَنْباً فما عَهْدِي بِمُنْتَقِضٍ / مِنَ النبيِّ وَلا حَبْلِي بِمُنْصَرِمِ
فإنَّ لِي ذِمَّةً منهُ بِتَسْمِيَتي / مُحمداً وَهْوَ أَوْفَى الخَلْقِ بالذِّمَمِ
إنْ لَمْ يَكُنْ في مَعادِي آخِذاً بِيَدِي / فَضْلاً وَإلاَّ فَقُلْ يا زَلَّةَ القَدَمِ
حاشاهُ أنْ يَحْرِمَ الرَّاجِي مَكارِمَهُ / أَوْ يَرْجِعُ الجارُ منهُ غيرَ مُحَتَرَمِ
وَمُنْذُ ألزَمْتُ أفكارِي مَدائِحَهُ / وَجَدْتُهُ لِخَلاَصِي خيرَ مُلْتَزِمِ
وَلَنء يَفُوتَ الغِنَى مِنْهُ يَداً تَرِبَتْ / إنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأُكَمِ
وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَةَ الدُّنيا التي اقتَطَفَتْ / يَدَا زُهَيْرٍ بما أَثْنَى عَلَى هَرَمِ
يا أكْرَمَ الرُّسْلِ مالِي مَنْ أَلوذُ به / سِواكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ اللهِ جاهُكَ بي / إذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ
فإنَّ مِنْ جُودِكَ الدنيا وضَرَّتَها / وَمِنْ عُلُومِكَ عِلمَ اللَّوْحِ والقَلَمِ
يا نَفْسُ لا تَقْنُطِي مِنْ زَلَّةٍ عَظُمَتْ / إنَّ الكَبَائِرَ في الغُفْرانِ كاللَّمَمِ
لَعَلَّ رَحْمَةَ رَبِّي حينَ يَقْسِمُه / تأْتي عَلَى حَسَبِ العِصْيانِ في القِسَمِ
يارَبِّ وَاجْعَلْ رَجائي غَيرَ مُنْعَكِسِ / لَدَيْكَ وَاجْعَلْ حِسابِي غَيْرَ مُنْخَرِمِ
وَالْطُفْ بِعَبْدِكَ في الدَّاريْنِ إنَّ لَهُ / صَبْراُ مَتى تَدْعُهُ الأهوالُ يَنْهَزِمِ
وَائْذَنْ لِسُحْبِ صلاةٍ مِنكَ دائِمةً / عَلَى النَّبيِّ بِمُنْهَلٍّ ومُنْسَجِمِ
ما رَنَّحَتْ عَذَباتِ البانِ ريحُ صَباً / وأطْرَبَ العِيسَ حادي العِيسِ بِالنَّغَمِ
عَرِّجْ بِرامَة إنها لَمرامِي
عَرِّجْ بِرامَة إنها لَمرامِي / وبِجيرةٍ فيها عَلَيَّ كِرامِ
نَزَلُوا العَقِيقَ فأَدْمُعِي شَوْقاً إلَى / تِلْكَ الرُّبا مِثْلُ العَقِيقِ دوامِ
ما لِلدِّيارِ وِلِلْمُحِبِّ كَأنَّما / مُزِجَتْ حمائمُها لهُ بحِمامِ
عَهْدِي بها وَكأنَّ مُنَهَلَّ الحَيا / دَمْعِي وَمُصْفَرَّ البَهارِ سَقامِي
وشَدَا الحَمامُ عَلَى الثُّمامِ وَما لِمَنْ / مَرَّ الصِّبا وحَكَتْهُ عُودُ ثُمامِ
وذُهِلْتُ لا أدْرِي بمَا أنا ماثلٌ / بِشَذا نَسِيمٍ أَوْ بِشَدْوِ حَمامِ
نَمَّ الوَشاةُ بِنا إلاَ إنَّ الهَوَى / لَمْ يَخْلُ مِنْ وَاشٍ ولا نَمَّامِ
وتَحَدَّثوا أنِّي سَلَوْتُ هَواكُمُ / كيفَ السُّلُوُّ مِنَ الزُّلالِ الطَّامِي
وَضَرَبْتُمُ بَيْنِي وَبينَ جَمالِكُمْ / حُجُباً مِنَ الإِجْلاَلِ والإِعظامِ
وَقَضَتْ مَهَابَتُكُم بِتَرْكِ زيارَتِي / مَنْ ذَا يَزُورُ الأُسْدَ في الآجامِ
وَلَو أَنَّني حاوَلْتُ نَقْضَ عُهُودِكُمْ / لأَبًَى جَمالُكُمْ وَحِفْظُ ذِمامي
ما ضَرَّكُمْ وَحَسْبُهُ / ما تَلْتَقِ في مِنْ آلامِ
وَلقد خَلَوْتُ بِذِكْرِكُمْ وَلِعَبْرَتي / بِتَسَهُّدِ في الجَفنِ أَيُّ زِحامِ
وَقَرَأْتُ سُلْوَانَ السَّلامِ فليسَ مِنْ / رَوْمٍ لهُ مِنِّي وَلا إِشْمامِ
قَسَماً بِحُسْنِكُمُ المَصُونِ وإنَّهُ / عندَ المُحِبِّ لأَكْبَرُ الأقسامِ
لأُعَفِّرَنَّ بأَرْضِكُمْ خَدِّي مِنْ / مَمْشَى المَهَا وَمَراتِعِ الآرامِ
وَلأَبْكِيَنَّ عَلَى زَمانٍ فاتَنِي / مِنْكُمْ بَعَيْنَيْ عُرْوةَ بنِ حِزامِ
وَلأَهْدِيَنَّ إلى الوَزِيرِ وآلِهِ / درَّ المدائحِ في أَجَلِّ نِظامِ
هُدِيَ الأَنامُ بهِمْ إلى طُرُقِ العُلا / لَمَّا غَدَوْا في الفَضْلِ كالأَعْلاَمِ
صانَ النَّدَى أَعْراضَهُمْ وَزَهَتْ بهمْ / فكأَنما الأَزْهارُ في الأَكْمامِ
وَتَأَثَّلَتْ لِلدِّينِ وَالدُّنيا بهِمْ / عَلْيا تُخَلِّقُ جِدَّةَ الأيَّامِ
وَحَمَى الوَزِيرُ الصاحِبُ بن مُحَمَّدٍ / جَنَباتِها مِنْ رَأْيِهِ بِحُسامِ
لَمَّا أَصابَ بها مَقاتِلَ العِدا / عِلِمُوا بأنَّ القَوْسَ في يَدِ رامِ
اللهُ وَفَّقَهُ فَوَفَّقَ كُلَّ ما / يَنْوِيهِ مِنْ نَقْضٍ وَمِنْ إبْرَامِ
فكأنَّما الأَقْدَارُ في تَصْرِيفِها / مُنْقادَةٌ لِمُرَادِهِ بِزِمامِ
وَصَلَ النَّهَارَ بِلَيْلِهِ في طَاعَةٍ / وصَلاتُهُ مَوصُولَةٌ بِصِيامِ
كُحِلَتْ بِتَقْوَى اللهِ مُقْلَتُهُ التي / لَمْ تَكْتَحِلْ أجْفانُها بِمَنَامِ
يُمْسِي وَيُصبِحُ طاوِياً أحْشاءَهُ / كَرَماً عَلَى سَغَبٍ وحَرِّ أُوَامِ
عَجَباً لهُ يَطْوِي حَشاهُ عَلَى الطَّوَى / وَتَحُضُّهُ التَّقْوَى على الإِطْعامِ
نَزَعَتْ ومَا هَمَّتْ بهِ النُّفْسَ الَّتي / نَزَعَتْ عنِ الشَّهَوَاتِ نَزْعَ هُمامِ
فَتَنَعُّمُ الأَرْواحِ ليسَ بِمُدْرَكِ / إلاَّ بِتَرْكِ تَنَعُّمِ الأَجْسامِ
قَرَنَ الوزارةَ بالوِلايَةِ فهْوَ فِي / حِلٍّ مِنَ التَّقْوَى وَمِنْ إحْرَامِ
فافَتْ مناقِبُهُ العُقُولَ فَوَصْفُهُ / ما ليسَ يُدْرَكُ في قُوَى الأفهامِ
فَقَرائحي فِيما أَتَتْ مِنْ مَدْحِهِ / كالنَّحْلِ يَأتِي الزَّهْرَ بالإلهامِ
أوَما تَراها رِيقُها يُحلِي الجَنَى / وبِناؤُها في غايَةِ الإِحْكَامِ
وَإذا رَعَتْ كَرَمَ المكارِم أُخْرَجَتْ / شَهْدَ المَدَائِحِ فيهِ وسُكْرَ مُدامِ
تَكْسُو مَحاسِنُه المدِيحَ جلالَة / فَيَجِلُّ فِيها قدرُ كلِّ كَلامِ
يَهْتَزُّ لِلْمَجْدِ اهْتِزَازَ مُثَقَّفٍ / كَرَماً وَيَنْتَدَبُ انْتِدابَ حُسامِ
كَلِفٌ بإِسْداءِ الصَّنائِعِ مُغْرَمٌ / لا زالَ ذا كَلفٍ بها وغَرامِ
يَرْتَاحُ إنْ سُئِلَ النَّوالَ كَأنَّما / وَرَدَتْ عليه بِشارَةٌ بِغُلامِ
تَفْدِيهِ أَقْوَامٌ كَأنَّ وُجُوهَهُم / عندَ السَُؤَالِ صَحائِفُ الآثامِ
كَمْ بَيْنَ ضِكْرِ الصَّاحِبِ بنِ مَحَمَّدٍ / فينا وذِكْرِ أُولئكَ الأقوامِ
شَوْقاَ لِما مَسَّتْ أَنامِلُهُ فَيا / هَوْنَ النُّضارِ وَعِزَّةَ الأُقلامِ
أَكْرِمْ بأَقلامٍِ غَدا قَسَمِي بها / مِنْ كلِّ خَيْرٍ أَوْفَرَ الأَقسامِ
فكَمِ ارتَزَقْتُ بِغَيْرِها لِضَرُورَةٍ / فَكأنَّما اسْتَقْسَمْتُ بالأَزْلاَمِ
وَعَكَفْتُ آمالِي عَلَيها جاهِلاً / فكأنَّما عَكَفَتْ عَلَى الأَصْنامِ
وَرَجَعتُ عنها آيساً فكأنما / رَجَعَ الرَّضِيعُ مُرَوَّعاً بِفِطامِ
زانَ الوُجودَ بِخَمْسَةٍ سَمَّاهُمُ / مِنْ أَحْمَدٍ وَمُحَمَّدٍ بأَسامِي
فَتَشابَهَتْ أَسماؤُهُمْ وَصِفاتُهُمْ / وَغَنُوا عَنِ التَّعْرِيفِ بالأَعْلاَمِ
فَثَناءُ واحِدِهمْ ثَناءُ جَمِيعِهِمْ / في الفَضْلِ لِلتَّفْخِيمِ وَالإدْغامِ
مِثْلُ الثُّرَيَّا وَهْيَ عِدَّةُ أَنْجُمٍ / يَدْعُونها بالنَّجَمِ للإِعْظامِ
أَبَنِي عَلِيٍّ كلُّكُمْ حَسَنٌ أتى / في الفَضْلِ مَنْسُوبَ لِخَيْرِ إِمامِ
فُتِحَتْ به سُنَنُ العُلا وفُرُوضُها / فكأنَّهُ تكبِيرةُ الإِحْرامِ
وكَأنَّكُمْ في فَضْلِكُمْ رَكَعاتُها / مَخْتُومَةً بِتَحِيَّةٍ وَسَلامِ
إنَّ العُلا لَمْ تَسْتَقِمْ إلاَّ بِكُمْ / يا خَمْسَةً كَدَعائِمِ الإِسْلامِ
أَنْتمْ أَنامِلُها وليسَ لها غِنىً / عَنْ خِنْصَرٍ منكُمُ وَلا إبْهامِ
أنتم قُوَى الإِدْراكِ مِنْ إحْساسِها / لَمْ تَفْتَقِرْ مَعَكُمْ إلى استفهامِ
وَلَكُمْ بأَصْحَابِ العَباءَةِ نِسْبَةٌ / تَبَعِيَّةٌ بِتَناسُبِ الإِقْدَامِ
حامَيْتُمُ عنهمْ وَحَامَوْا عنكُمُ / إنَّ الكَرِيمَ عَنِ الكَرِيمِ يُحامِي
فاللهُ حَسْبُكَ يا مُحَمَّدُ صَاحِباً / ومُؤازِراً في رِحْلَةٍِ وَمُقامِ
يا مَنْ أَعارَ البَدْرَ مِنْ أَوْصافِهِ / حُسْنَ المُحَيّا المَحَلَّ السَّامِي
جَعَلَ الإلهُ بِكَ الخَميسَ مُبارَكَ الْ / حَرَكاتِ في الإِنْجادِ وَالإِتْهامِ
مُتَنَقِّلاً مِثْلَ البُدُورِ وسائراً / بِنَدَاكَ في الآفاقِ سَيْرَ غَمَامِ
جادَتْ عَلَى سُكانِ مِصْرَ غُيُومُهُ / وَدَهَتْ صَواعِقُهُ فَرَنْجَ الشَّامِ
صَدَقَتْ سواحِلُهُمْ بُرُوقُ سُيُوفِهِم / وتعاهَدَتْ منها حِصادَ الهامِ
وَعَقَدْتَ رأْيَكَ فيهِمُ فَلَقِتَهُمْ / فَرْداً بِجَيْشٍ لا يُطاقَ لُهامِ
أَطْفَأْتَ نِيرانَ الوغَى بِدِمائِهِمْ / ولها بِقَرْعِ النَّبْعِ أَيُّ ضِرامِ
وَأَذَقْتَ بالرُّمْحِ الصَّمِيمِ كُماتَها / طَعْمَ الرَّدَى واالصَّارِمِ الصَّمْصَامِ
ولَبِسْتَ فيها سابِغاتِ عزائِمٍ / تُغْنِي الكُماةَ عَنِ ادِّراعِ الَّلامِ
فُتِحَتْ بَهِمَّتِكَ القِلاعُ وحُصِّنَتْ / فأبى نَظْمُ العُلا وَمَفاتِحُ الإِظْلامِ
نَسَجَتْ بُرودَ بلاغَتَيْهِ / وَأَبْدَتِ الإِبْدَاعَ في الآسادِ والآجامِ
فالنَّظْمُ مِثلَ جَوَاهِرٍ بِقَلائِدٍ / والنُّثْرُ مِثْلَ أَزاهِرٍ بِكِمامِ
وَإذا نَظَرْتَ إلى مواقِعِ نَقْشِها / في الطِّرْسِ قلتَ أَخِلَّةُ الرَّمَّامِ
وَرِثَتْ مَكارِمُهُ بَنُوهُ فَحَبَّذا / كَرمُ السَّجايا مِنْ تُراثِ كِرامِ
ما كانَ إلاَّ الشِّمْسَ فَضْلاً أُعْقِبَتْ / مِنْ وارِثِيهِ بِكلِّ بَدْرِ تَمامِ
أَوَ لَيْسَ أَحْمَدُ بَعْدَهُ ومُحَمَّدٌ / بَلَغا مِنَ العَلْياءِ كلَّ مَرامِ
فَلْيَهْنِ هذا أنَّ هذا صِنْوُهُ / وَكِلاهُما لإِبيهِ حَدُّ حُسامِ
ضاهَتْكُما في المَكْرُماتِ بَنُوهُما / والشِّبْلُ فيما قيلَ كالضِّرْغامِ
بأبيهِ كُلٌّ يَقْتَدِي وَبِعَمِّهِ / مِنْ أكْرَمِ الآباءِ وَالأَعْمامِ
مَوْلاَيَ زَيْنَ الدِّينِ يا مَنْ جُودُهُ / كَنزُ العُفاةْ ومُهْلِكُ الإعْدامِ
أمَّا مَقامُكَ في الصَّلاحِ فإنَّهُ / فيما عَلِمْناهُ أَجَلُّ مَقامِ
بمَ زادَ عنْكَ أَبو يَزِيدَ وقد / غَدَتْ مِصْرٌ مُفَضَّلَةً عَلَى بسْطامِ
لَمَّا عَمِلْتَ بما عَلِمْتَ مُراقباً / للهِ في الإِقدامِ والإحْجامِ
طَوَّحْتَ بالدُّنيا وقُلْتَ لها الْحَقِي / بِمَعاشِرِ الوُزراءِ وَالحُكَّامِ
وَنَسِيتَ ما لَمْ يُنْسَ مِنْ لَذَّاتِها / وَعَدَتْتَها مِنُ جُمْلَةِ الآثامِ
مَوْلايَ عُذْراً في القَرِيضَ فليسَ لِي / في النَّظْمِ بَعْدَ الشِّيْبِ مِنْ إلْمَامِ
لوْ لم أَرُضْ عَقْلِي بِمَكْتَبِ صِيْبَةٍ / حَمِيَتْ عَلَيَّ عَوارِضُ البرِسامِ
ما زِلْتُ أَرْغَبُ أَنْ أَكونَ مُعَلِماً / فيكونَ فَضْلِي مُكمِلَ الإِعْلامِ
قدْ صارَ كُتَّابي وَبَيْتِيَ مِنْ بَنِي / غَيْرِي وأبنائي كَبُرْجِ حَمامِ
أَعْطَيْتُهُمْ عَقلِي وآخُذُ عَقْلَهُمْ / فأَبِيعُ نورِي منهمُ بظَلامِ
لوْ أَنَّ لِي عَنْ كلِّ طِفْلٍ منهمُ / أَوْ طِفلةٍ شاةً مِنَ الأَنعامِ
لَضَرَبْنَ لِلأمْثالِ لابنِ نِفايَةٍ / مِنْ كثرةِ الأَبقارِ والأَغْنامِ
وَبَلِيَّتِي عِرسٌ بُلِيتُ بِمَقْتِها / والبَغْلُ مَمْقُوتٌ بغَيرِ قيامِ
جَعَلَتْ بإِفْلاسي وَشيْبِي حُجَّة / إذا صِرْتُ لا خَلْفِي ولا قُدَّامِي
بَلَغَتْ مِنَ الكِبَرِ العِتَّي ونُكِّسَتْ / فِي الخَلْقِ وَهْيَ صَبِيَّةُ الأَرحامِ
إنْ زُرْتُها في العامِ يَوْماً أَنْتَجَتْ / وَأَتَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرُ بالقَوَّامِ
وَأَظُنُّ أنَّهُم لِعُظْمِ بَلِيَّتي / حَمَلَتْ بِهِمْ لاشَكَّ ليسَ بالقَوَّامِ
أَوَ كُلَّ ما حَلِمَتْ به حَمَلَتْ به / مَنْ لِي بِأنَّ الناسَ غيرُ نيامِ
يا لَيْتَها كَانَتْ عَقِيماً آيساً / أَوَ لَيْتَنِي مِنْ جُمْلةِ الخُدَّامِ
أَوَ لَيْتَنِي مِنْ قَبْلِ تَزْوِيجي بها / لو كنتُ بِعْت حلالها بِحَرامِ
أَوَ لَيْتَنِي بعضُ الذينَ عَرَفْتُهُمْ / مَمَّنْ يُحَصِّنُ ينَهُ بِغُلامِ
كيفَ الخَلاصُ مِنَ البَنينَ ومِنهُمُ / قومُ وَرايَ وَآخَرُونَ أمامِي
لَمْ يُرْزَقِ الرِّزْقَ المُقِيمُ بِأَهْلِهِ / فَشَكَوْأ عَنا بُعْدِي وَفَقْرَ مُقامِي
فارَقْتُهُمْ طَلَباً لِرِزْقِهِمُ فلا / صَرْفِي يَسُرُّهُمُ وَلا اسْتِخْدَامِي
مَنْ كانَ مِثْلِي لِلْعيالِ فإنَّهُ / بَعْلُ الأَراملِ أَوْ أَبُو الأَيْتامِ
أًصْبَحْتُ مِنْ حَمْلِي هُمُومَهُمُ عَلَى / هَرَمِي كأني جامِلُ الأَهْرامِ
فإنْ اعْتَذَرْتُ لَهُمْ عَنِ التَّقْصِيرِ في / مَدْحِي الوَزِيرَ فَحُجَّةُ الأَقْدامِ
كالشِّيْبِ يُغْدِقَ بالهُمومِ ذَنُوبَهُ / والذَّنْبُ فيهِ لكَثْرَةِ الأَعْوامِ
لا بَلْ رَكِبْتُ لهمِ جَوادَ خلاعَةٍ / ما زالَ يَجْمَحُ بي بغَيرِ لِجَامِ
إني امْرُؤٌ ما مَدَّ عينَ خَلاعَتي / طَمْعٌ لِدِينارٍ وَلا دِرْهامِ
وَإذا مَدَحْتُ الأُكْرَمِينَ مَدَحْتُهُمْ / بِجَوائِزِ الإِعْزازِ وَالإكْرامِ
فاصفَحْ بِحِلْمِكَ عَنْ قَوَافِيَّ التي / حَظِيَتْ لَدَيْكَ بِأوْفَرِ الأَقْسامِ
إنْ يُحْيي جُودُكَ لِي أبا دُلَفٍ غَدا / حَيَّا لَهُ فَضْلي أَبَا تَمَّامِ
أَرَى المُسْتَخْدَمِينَ مَشَوْا جميعاً
أَرَى المُسْتَخْدَمِينَ مَشَوْا جميعاً / عَلَى غَيْرِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ
مَعَاشِرُ لوْ وَلُوا جَنَّاتِ عَدْنٍ / لَصَارَتْ منهمُ نَارَ الجَحِيمِ
فمَا مِنْ بَلْدَةِ إلاَّ ومنهمُ / عليها كلُّ شَيْطانٍ رَجِيمِ
فلوْ كانَ النُّجُومُ لها رُجُوماً / إنْ خَلَتِ السَّماءُ مِنْ النُجُومِ
كُونُوا مَعِي عَوناً عَلَى الأيَّامِ
كُونُوا مَعِي عَوناً عَلَى الأيَّامِ / لا تَخْذُلُونِي يا بَنِي عرَّامِ
إنْ كانَ يُرضِيكَمْ وحاشا فَضلَكُمْ / ضُرِّي فَحَسْبِي زَلْقَةُ الحَمَّامِ
ما فِي الزَّمانِ جَوادٌ
ما فِي الزَّمانِ جَوادٌ / يُرْجَى لِدَفْعِ العَظائِمْ
وَلا لِنَيْلِ مُرادٍ / ولا لِبَذلِ المَكارِمْ
سِواكَ يا خَيرَ والٍ / يُدْعَى ويا خَيْرَ حاكِمْ
انْظرْ بِحَقِّكَ حالِي / فأنتَ بالحال عالمْ
إنْ العِمادَ أرانا / بأنَّه الْيَوْمَ صائِمْ
وَليسَ يَرْجُو ثَواباً / وَلا يَخافُ مآثِمْ
وليسَ يَخْفَى عليه / أنْ لا صِيامَ لظالِمْ
وصَوْمُنا في اتِّباعٍ / لهُ صِيامُ البَهائمْ
فَخُذْ لنا اليَوْمَ منهُ / غَداءَنا وهْوَ رَاغِمْ
مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ
مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ / مُحَمَّدٌ خَيْرٌ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ
مُحَمَّدٌ باسِطُ المَعْرُوفِ جَامِعَةً / مُحَمَّدٌ صاحِبُ الإِحْسانِ والكَرَمِ
مُحَمَّدٌ تاجُ رُسْلٍ اللهِ قاطِبَةً / مُحَمَّدٌ صادِقُ الأٌقْوَالِ والكَلِمِ
مُحَمَّدٌ ثابِتُ المِيثاقِ حافِظُهُ / مُحَمَّدٌ طيِّبُ الأخْلاقِ والشِّيَمِ
مُحَمَّدٌ خُبِيَتْ بالنُّورِ طِينَتُهُ / مُحَمَّدٌ لَمْ يَزَلْ نُوراً مِنَ القِدَمِ
مُحَمَّدٌ حاكِمٌ بالعَدْلِ ذُو شَرَفٍ / مُحَمَّدٌ مَعْدِنُ الإنْعامِ وَالحِكَمِ
مُحَمَّدٌ خَيْرُ خَلْقِ اللهِ مِنْ مُضَرٍ / مُحَمَّدٌ خَيْرُ رُسْلِ اللهِ كُلِّهِمِ
مُحَمَّدٌ دِينُهُ حَقَّ النَّذِرُ بِهِ / مُحَمَّدٌ مُجْمَلٌ حَقَاً عَلَى عَلَمِ
مُحَمَّدٌ ذِكْرُهُ رُوحٌ لأَنْفُسِنَا / مُحَمَّدٌ شُكْرُهُ فَرْضٌ عَلَى الأُمَمِ
مُحَمَّدٌ زِينَةُ الدُّنْيَا ومُهْجَتُها / مُحَمَّدٌ كاشِفُ الغُمَّاتِ وَالظُّلَمِ
مُحَمَّدٌ سَيِّدٌ طابَتْ مناقِبُهُ / مُحَمَّدٌ صاغَهُ الرَّحْمنُ بِالنِّعَمِ
مُحَمَّدٌ صَفْوَةُ البارِي وخِيرَتُهُ / مُحَمَّدٌ طاهِرٌ ساتِرُ التُّهَمِ
مُحَمَّدٌ ضاحِكٌ لِلضَّيْفِ مَكْرُمَةً / مُحَمَّدٌ جارُهُ واللهِ لَمْ يُضَمِ
مُحَمَّدٌ طابَتِ الدُّنيا ببِعْثَتِهِ / مُحَمَّدٌ جاءَ بالآياتِ والْحِكَمِ
مُحَمَّدٌ يَوْمَ بَعْثِ النَّاسِ شَافِعُنَا / مُحَمَّدٌ نُورُهُ الهادِي مِنَ الظُّلَمِ
مُحَمَّدٌ / مُحَمَّدٌ خَاتِمَ لِلرُّسْلِ كُلِّهِمِ
مُسافِرٌ سارَتْ أحادِيثُهُ
مُسافِرٌ سارَتْ أحادِيثُهُ / ما بَيْنَ كَلِّ العُرْبِ والعَجَمِ
سَرَى عَلَى النَّجْم وَلا غَرْوَ في / مُسافِرِ يَسْرِي عَلَى النَّجْمِ