المجموع : 14
ما ضاع من أياّمنا هل يُغرَمُ
ما ضاع من أياّمنا هل يُغرَمُ / هيهات والأزمانُ كيف تقوَّمُ
يومٌ بأرواحٍ يباعُ ويشتَرى / وأخوه ليس يُسامُ فيه دِرهمُ
سيان قلبي في المشيب وفي الصِّبا / لو يستوى شَعرٌ أغرُّ وأسحمُ
لي وقفةٌ في الدار لا رجعت بما / أهوى ولا يأسِى عليها يُقدِمُ
لا تحسب الآثارَ لُعبةَ هازلٍ / نار ادكارِك في المعالم تُضرمُ
أو ما رأيتَ عِمادَها في نؤيها / مثلَ السِّوار يجول فيه المِعصمُ
وكفَاك أنى للنواعبِ عاتبٌ / ولصُمِّ أحجارِ الديار مكلِّم
ومن البلادةِ في الصبابة أنني / مستخبرٌ عنهنَّ من لا يفهمُ
وأنا البليغُ شكا إليها بثَّه / عبثا فما بالُ المطايا تُرزِمُ
كلٌّ كنَى عن شوقِه بلغاتهِ / ولربّما أبكَى الفصيحَ الأعجمُ
ترجُو سُلوَّكَ في رسومٍ بينها ال / أغصانُ سَكرَى والحمامُ متَّيُم
هذى تميلُ إذا تنسَّمت الصَّبا / والوُرق تذكر إلفَها فترَنَّم
فمتى تروع العيسُ غزلانَ النقا / بعصابةٍ سئمَ العواذلُ منهمُ
النُّسكُ عند عفيفهم دينُ الهوى / والنصح عند لبيبهم لا يُفهَمُ
حتّام أرعىَ وردةً لا تُجتنَى / في الخدِّ أو تُفّاحةً لا تُلثمُ
أيُذادُ عن تلك المحاسنِ ناظرى / وتريد مني أن يسَوَّغَها الفمُ
في كلّ يومٍ للعيون وقائعٌ / إنسانُها الطمَّاحُ فيها يُكلَمُ
لو لم تكن جَرْحَى غداةَ لقائهم / ما كان يجرى من مآقيها الدمُ
ولو اقتدرتُ قسمتُها يومَ النوى / عينا تلاحظهم وأخرَى تَسْجُمُ
دع لمحةً إ تستطع عُلَقَ الهوى / فبذاك تعلمُ كيف نام النوَّمُ
ولطالما اعتقب العواذل مسمعى / فزجرنَ منه مُصْعَبا ولا يُخطَمُ
ما كنتُ أولَ من عصاهُ فؤادُه / وجنَى عليه مقَنَّعٌ ومعمَّمُ
لم أدر أنَّ الحبَّ حوَمةُ مأزِقٍ / تُصلىِ ولا أنّ اللواحظَ أسهمُ
أصفُ الأحبّةَ واللسان يقول لي / وصفُ الوزير أبى المعالى أعظمُ
المستجير من المذمَّة بالنَّدَى / والمستجار إذا أظلَّك مَغْرمُ
في كلِّ يوم للمكارم عندَه / سوقٌ عُكاظٌ دونَها والموسِمُ
وكأنّما أموالُه من بَذلها / نَهبٌ بأيدى الغانمين مقسَّمُ
فلو أنها وَجدتْ عليه ناصرا / لرأيتها من كفّهِ تتظلّمُ
أسمعتَ قبلَ يمينه وشماله / بسحائبٍ أو أبحرٍ تتختَّمُ
فيهنَّ من قِصدِ اليراع أراقمٌ / تَقضِى وتَمضِى والقنا يتحطَّمُ
ما هنَّ إلا موردٌ من فوقهِ / طيرُ الرغائبِ والمطالبِ حُوَّمُ
الجِدُّ من عزماتهِ متلقِّنٌ / والمجدُ من أخلاقه متعلِّمُ
متهلّلٌ للوفد يُحسَب أنه / بدرٌ أحاط بجانبيهِ الأنجُمُ
تُثنِى عواذله عليه بعذلهم / ولربّما نشَرَ الثناءَ اللُّوَّمُ
خلعتْ عليه المكرُماتُ ملابسا / ما يزال ينقُشها المديح ويرقُمُ
عِشق المعالىَ فهْو من شغفٍ بها / عند الرقاد بغيرها لا يَحلُمُ
بصوابه في الرأى ثُقِّف القنا / وبعزمه صُقلِ الحسامُ المِخذَمُ
يحمِى بسطوته مسارحَ لحظهِ / فالعزُّ في أبياته مستخدَمُ
وإذا تلمَّح قلت صقرٌ ناظرٌ / وإذا تغاضَى قلت أطرقَ أرقمُ
ثَبْتُ الجَنانِ كأنّما في بُرده / يومَ الزعازع يذبُلٌ ويلَملَمُ
رفَعتْ له هِمّاتُه وزَماعُه / بنيانَ مجدٍ ركنُه لا يُهدَمُ
طَوْلٌ تشرَّد في البلادِ فمنِجدٌ / يَروِى الذي يَرويه آخرُ متهِمُ
لله أنتَ إذا تسلَّبت الرُّبَى / وشكا الأُحاحَ سِماكُها والمِرْزَمُ
لِيرُدَّ مَن جاراك رأسَ طِمِرةٍ / ما كلُّ طِرْفٍ في السّباقِ مطهَّمُ
للمجد أثقالٌ تعِجُّ إفالهُم / منها وينهَزها الفنيقُ المقُرَمُ
حاشاك أن يَثنِى طباعَك في الندى / ثانٍ وينقُضَ من خِلالكَ مُبرِمُ
إن تَصنع الحسنَى فإنك زائدٌ / أو تُسبغ النُّعمَى فأنت متمّمُ
وأنا الذي سيرَّتُ شكرك في الدُّنَى / حتى تلاه مُعرِقٌ أو مُشئمُ
وجلبتُ من بحر الثناءِ لآلئا / في نحرِ ما أو ليتنيه تُنظَّمُ
أوردتُ آمالى غديرَك آمنا / من أن يكون وراءَ شهدٍ عَلقمُ
ورضعتُ ثدىَ نداك من دون الهوى / ثقةً بأنّ رصيعَه لا يُفطَمُ
أهَدى لك النيروزُ في أغصانهِ / زَهرا بأوراقِ العلاء يُكمَّمُ
في كلِّ يومٍ خيلُه وركابُه / جَبَهاتُهنَّ بطيب ذكرك تُوسمُ
لا زالت النَّعماءُ عندك حَلْبُها / ملءُ الإناء وبطنُها لا يُعقَمُ
والدهر مجنوبٌ وراءك كلّما / وأتاك أسعده القضاءُ المبرَمُ
كالنِّقسِ ليلتُه وطِرسٍ يومُهُ / والنُّجحُ يَكتبُ والسعادةُ تختِمُ
أبَى اللهُ إلا أن تجودَ وتُنعِما
أبَى اللهُ إلا أن تجودَ وتُنعِما / خلائقُك اللائى تَفيضُ تكرُّما
لك المَثلُ الأعلى بكلِّ فضيلةٍ / إذا ملأ الراوى بها النَّجدَ أتهما
لآلىءُ من بحر الفضائلِ إن بدت / لغائِصها صلَّى عليها وسلَّما
ولو ملَكتْها الغانياتُ بحيلةٍ / لِزنَّ بها جِيدا وحَلَّين مِعصما
وكم لك في غُمّاتِها من عزيمةٍ / تُسابق بالنصر الخميسَ العَرمرَما
يُقلِّل حدَّاها الحسامَ مصمِّما / ويُخجِل عِطفاها الوشيج مقوَّما
وما الجودُ إلا ما قتلتَ به اللُّهَى / فلم تُبق دينارا ولم تُبق درهما
فما يتعاطاك السحابُ إذا همى / ولا البحرُ يحكىِ ضَفَّتيك وإن طما
وهل يقدِر الأقوامُ أن يتكلَّفوا / مكارمَ قد أعيتْ سِماكا ومِرزَما
نهضتَ بأثقالِ المعالي ولو دُعِى / إلى حملها العَودُ الدِّيافىُّ أرزما
فسيّان من يبغى عُلاك وطالبٌ / ليبلغَ أسبابَ السمواتِ سُلَّما
وما المدحُ مستوفٍ علاك وإنما / حقيقٌ على المنطيق أن يتكلَّما
ألم ترَ أنّ الأرضَ رحبٌ فسيحةٌ / ونحن نولِّيها قلائصَ سُهَّما
أتتني عميدَ الدولة المِنَّةُ التي / نفختَ بها رُوحا وأحييتَ أعظما
كأنّ الرسولَ المُسمِعِى نَغماتِها / رسولٌ تلا وحْياً من الله مُحكما
فأُلِبستُ منها صِحّةً هي جُنَّتىِ / إذا ما قِسِىُّ الدهرِ فوَّقنَ أسهُما
ودارتْ بها كأسُ الشفاء وعُلِّقتْ / علىَّ رُقىً منها تُداوِى المتيّما
فقد كدتُ في عَجزى عن الشكرِ إن أرى / لسانىَ مجروما وقلبي مُفحَما
ولكنّها ريحُ الثناءِ إذا جرت / بذكرِك لم أملِكْ لسانا ولا فما
وأفضالُك الروضُ الربيعىُّ إن دعا / بزَهرته وُرقَ الحمام ترنَّما
فلا ضحِك الإصباحُ إلا نَحلْتَهُ / ببهجِتك الغرّاءِ ثغرا ومبِسما
ولا دجتِ الظلماءُ إلا أعرتَها / شمائَلك الغُرَّ اللوامعَ أنجُما
تطيعك أيام الزمان مصيخَةً / بأسماعِها حتى تقول وتَرسُما
ستأتيك من مدحى قوافٍ بديعةٌ / ينافس فيها الجاهلىُّ المُخَضرَما
وإني بمنثورِ الكلام لعالِمٌ / ولكنَّ الدرّ في أن يُنظَّما
وعيشِكم لا ورَد الحُوَّمُ
وعيشِكم لا ورَد الحُوَّمُ / مناهلا غُدرانُها تبِسمُ
ولا رعت هُمَّلُ أبصارِهم / في روضةٍ نُوّارُها أسهمُ
رويدكم إن الهوى مَعَركٌ / يُعدَم فيه ألأجرُ والمغنمُ
وإنما تأويلُنا أنّه / يحِلُّ للمضطرّ ما يحرُمُ
إنّ أبيّاتِ النفوس التي / أحلَى مناها الحادثُ الأعظمُ
فخوضُها في غَمراتِ الهوى / لأنّه يندُرُ فيها الدَّمُ
من ذا الذي أفتَى عيونَ المها / بأنّ ما تُتِلف لا يُغرَمُ
ساروا بقلبي دون جسمي فما / تنفعنى الجلدةُ والأعظُمُ
واستعذبوا ظلمى فمن أجلهم / أستغفر اللهَ لمن يظلِمُ
ما ضرّهم لو سفَروا ريثما / يَقْبَل عُذرى فيهم اللوّمُ
قال ليَ الأحورُ من بينهم / وما به ألأجرُ ولا المأثمُ
داؤك هذا مَن جناه وَمن / يُبرئه قلتُ الذي تعلَمُ
كم في خيام البدوِ من ظبيةٍ / سِوارها يُشبعه المِعصمُ
حاذرت العَينَ فما إن تُرَى / وخافت السمعَ فما تَبغِمُ
لو فاخرتْ في الليل بدرَ الدجى / لكان بالفضل لها يُحَكمُ
لأنها قد فتنَتْ قومَها / والبدرُ لم تُفتَن به الأنجمُ
ما أصعبَ الإذنَ على منزلٍ / بوّابُه الخَطّىّ واللَّهْذَمُ
لا برِح الوسمىّ عن أرضهم / ولا نأَى عن جوّها المِرزَمُ
أو أُبصرَ الكُثبانَ قد ظُلِّتْ / رَقْما كما يصطنع المُحرِمُ
وبلَّغ اللهُ المنَى فتيةً / نديمُهم في الصبح لا يندمُ
عاطيتهم صهباءَ داريَّةً / قالوا واين الصابُ والعلقمُ
عزُّوا فلو تفِقد أذوادُهم / حاميَها خفَّرها المِيسمُ
وهي على عزّتها بينهم / يُبغَتُ فيها الفدُّ والتوأمُ
ما تبرح الأكوارُ معمورةً / بهم ونيرانُ الوغى تُضرَمُ
سقياً لهم لو أنّ أُمّاتِهم / لا تُطَعم الثُّكلَ ولا تعُقَمُ
تودُّ ذاتُ الحمل لو أنها / يوما بأمثالهم تُتئِمُ
فلست أدرى أُنجبوا شمسةً / أم شِنشِنٌ ورّثَهم أخزمُ
بل من زعيم الرؤساء اقتنوَا / مكارمَ الأخلاق لا منهمُ
إن تُسئل العلياءُ عن نفسها / نقلْ أبو القاسمِ بى أعلمُ
قد أَنزلتْ فيه العلا سُورةً / دقَت معانيها فما تُفهمُ
كأنّما في صدر ديوانه / داودُ في مِحرابه يحكُمُ
بلاغةٌ من حسن إيضاحها / لا تُشكل الخطَّ ولا تُعِجمُ
والفصلُ أن يُنشَرَ قرطاسُهُ / وتَنْبَهَ المُرِّيَّةُ النُّوَّمُ
إذا تحدَّى الغيبَ أفكارُه / فليس بابٌ دونها مُبهَم
كُفيتِ يا سُحْبُ فلا تنصَبى / حسْبُ الثرى تيّارُه الخضِرمُ
قد علِم العُشبُ وضيفُ القِرَى / أيُّكما في الأزمةِ الأكرمُ
تطاولى يا هضَباتِ المُنَى / فهو إلى ذِروتك السُّلَّمُ
محسَّدٌ يغبِط أقلامَه / على يديه الرمحُ والمِخذَمُ
وما الذي بينَهما جامعٌ / هذان بؤسَى وهما أنعمُ
ليس بمحتاجٍ إلى شِكَّةٍ / سلاحُه من ذاته الضيغمُ
إنّ قِداح النَّبع مبرّيةً / لغير مَنْ وَقْصَتُه شَيْهَمُ
وهو إذا هزَّ قنَا كيدِهِ / شاطَ عليها البطلُ المعلِمُ
وقالت الدرعُ لمُجتابها / ما هُزَّ إلآ القدرُ المبرَمُ
وما كُلوم الدهر محذورة / ورأيُه الأعلى لها مِرَهمُ
ولو تشاءُ اصطنعت خيلُه / وليمةً يَشهدُها القَشعمُ
قد صُبغتْ بالنقع ألوانُها / فاشتبه الأشهبُ والأدهمُ
من أُسرةٍ بيت معاليهمُ / يزوره الكافرُ والمسلمُ
مستلَمُ الأركان طُوّافُهُ / بحمدهم لبَّوا كما أنعموا
شُيِّد بالإحسان بنيانُهُ / فكلُّ بيتٍ غيرَه يُهدَمُ
يزدحِم الوفدُ بأرجائه / فعامُهم أجمعه مَوسمُ
لو نحتَتْ صخرتَه آلةٌ / لاستُنبِطتْ في تُربهِ زمزمُ
يا خاتم الأجواد قَولى الذي / به الكلامُ المصطفَى يُختَمُ
بدُرِّ أوصافكِ أمددتَنى / فيه فما بالَىِ لا أنِظمُ
تحيّة النيروز مفروضة / بقدرِ ما يملِكه المعدِمُ
تُهدَى إلى مثلك في مثله ال / أشعَارُ لا الدينارُ والدرهمُ
يَروُحُ ويغدو علينا الحِمامُ
يَروُحُ ويغدو علينا الحِمامُ / وكلُّ النواظرِ عنه نيامُ
على شِيمَ النَّعَم الراتعا / تِ يُعقَر هذا وهذا يُسامُ
ولا فرقَ ما بيننا في القيا / سِ إلاّ العقولُ وهذا الكلامُ
كفى بالممات لنا مُفنياً / فَمن أجل ماذا تُراشُ السهامُ
وتُعتقَلُ الذابلاتُ الطِّوالُ / ويُحملُ ذو الشَّفرتَين الحُسام
كأنّا خُلقنا لرَيبِ المنونِ / شرابٌ يَلذُّ به أو طَعامُ
ستُطوَى مسافةُ مَن عمرُهُ / يسيرُ صباحٌ به أو ظلامُ
ليالٍ تمرّ كمرِّ السحا / بِ والصبحُ فيهنَّ برقٌ يشامُ
جناياتُهنَّ علينا البِلَى / وأعذارُهنَّ إلينا السَّقامُ
لها كلَّ يوم بنا وقعةٌ / فهلاَّ تناوبَ عامٌ وعامُ
نلوم الطبيبَ وما جُرمُهُ / وداءُ المنيَّة داءٌ عُقامُ
إذا فَذْلكَ العيشُ عمرَ الفتىَ / فسيّانِ ما خلفه والأمامُ
وما يعصِمُ المرءَ من حتفهِ / عِراقٌ يَحُلُّ به أو شآمُ
بأَىِّ حمىً مانعٍ يُستجارُ / إذا لم يُجِر زمزمٌ والمَقامُ
ظِباءُ البطاح لها مَصَرعٌ / وعُصْمٌ لها بالجبالِ اعتصامُ
إذا الدَّوحُ مالت به العاصفاتُ / فلا ريبَ أن سمّيلُ الثُّمامُ
وهل نافعٌ لك طولُ الجِماحِ / وفي يدِ صَرف الزمانِ الزّمامُ
يحدّثُنا بالفَناء البقاءُ / ويُخبرنا بالرحيلِ المقامُ
بهذا قضى الدهرُ في أهلهِ / تمرُّ فِئامٌ وتأتى فِئامُ
يعلّلنا برَضاع المنَى / وعمّا قليلٍ يكون الفِطامُ
تذُمُّ حذارا بلوغَ المشيبِ / كأنَّ لعصرِ التصابى ذِمامُ
وما يحذَر اليَفَنُ العُدْمُلِ / ىُّ إلا الذي يتقيه الغلامُ
عذَرنا الزمانَ بموت اللئامِ / فما عذرهُ أن يموتَ الكرامُ
علينا يحرَّمُ قتلُ النفوس / فكيف أُحِلَّ عليه الحرامُ
مَناسكُ منهوجةٌ بالوجَى / يُجَبُّ على إثرهن السَّنامُ
لعمرُك ما المرءُ إلا خَيالٌ / ولا لذّة العيش إلا منامُ
ألا أيّهذا اللبيبُ اتئدْ / ومثلُك من رامَ مالا يرامُ
ترفَّق رويدكَ إن السّلَّو / مُراحٌ إليه يعودُ الأنامُ
وعادتك الصبرُ إن قعقعتْ / صواعقَهنَّ الخطوبُ الجِسامُ
تمرُّ عليك مرورَ الريا / ح زاحمها يَذُبلٌ أو شَمامُ
تلوثُ الرداء وتُرخى الإزا / ر في موقفٍ شُدَّ فيه الحِزامُ
يعزِّيك عقلُك عمّن مضى / وعلمُك أن ما لشيء دوامُ
ونفسُك أبلغُ من واعظٍ / وأكبرُ أن يزدهيها الغرامُ
وأنت تعلِّم كيف الثبا / تُ إن زعزعتنا الخطوبُ الجِسامُ
تحمَّلُ أثقالَها مُهْوِنا / وللبزُلِ لو حَملتهْا بُغامُ
إذا الحزن لم يُعد الذاهبينَ / فما هو إلا الجوى والأثامُ
فراقُ الشقيقة أشجى فراقٍ / أذيلت عليه الدموعُ السِّجامُ
وفقدُ الفتى صِنوَه فادحٌ / على الحزن في مثله لايلامُ
ولكن يريك الثنايا الجليدُ / وفي حبّة القلب منه ضِرامُ
وعينُك إن غلِطتْ بالبكاء / فقد علّمتها يداك الغمامُ
فسَقياً لمودَعةٍ في الصَّعيدِ / تُعزَّى الخدورُ بها والخِيامُ
ولم نر دُرًّا ولا زهرةً / من التُّرب أصدافُها والكِمامُ
أنلتمس السُّحبَ تسقى ثرِاك / وجُود أخيك الغيوثُ الرِّهامُ
وتُسَحب فيه ذيولُ النسيم / ومن عَرفِه تَستَمِدُّ المُدامُ
لِفقدانها ما تحنُّ القِلاصُ / وتندبُ فوق الغصون الحمَامُ
فيا جبل الطُّورِ لا فارقتكَ / سحائبُ يُشفَى بهنَّ الأُوامُ
يَقِفْنَ حوافلَ في عرصتي / ك حتى تُساوى الوِهادَ الإِكامُ
تخصُّك بالماخضاتِ العشارِ / وغير رباكَ لهنَّ الجَهامُ
ولو كنتِ آثبةً بالخصام / لما عزَّ فينا الخميسُ اللُّهامُ
وخيلٌ تَكدَّسُ بالدارعين / مقابرُ فُرسانهنَّ القَتامُ
ولكنها حالةٌ فرضُها / علينا تحيّتُنا والسلامُ
عساها تنجلى وخلاك ذمٌّ
عساها تنجلى وخلاك ذمٌّ / وماءُ الوجه في الوجَناتِ جَمُّ
ولم يَجرِ السؤالُ على لسانى / ولا ندَّى يدى بحرٌ خِضمٌ
سيحرُسنى التجمُّل من أناس / هُمُ عنّى بداء البُخْل صُمُّ
حمانى زادَهم بطنٌ خميصٌ / على الجُلَّى وعِرنينٌ أشَمُّ
فقد سقَّيتُ بَرْدَ اليأسِ منهم / فؤادا من رجائهمُ يُحَمُّ
وكيف أكلَّف المعروفَ قوما / سواءٌ عندهم مدحٌ وذمُّ
تُلاقِى المكرماتُ بهم هوانا / كما يلقَى بذى الرَّوِق الأجَمُّ
إذا ضحِكوا الىَّ رأَوْه بِرًّا / أكلُّ البِرّ تقبيلٌ وضمَُّ
يرَوْنَ عقوقَ ما كنزَوا حراما / هل العَرَض المسومُ أبٌ وأُمُّ
وكم من شيمةٍ دفراءَ فيهم / تفوح لو أنّ أخلاقاً تُشَمُّ
ستأتيهم قوافٍ شارداتٌ / بأنساعِ المخازى لا تُزمُّ
مقالٌ في النفوسِ له دبيبٌ / وبعض القول في الأعراض سُمُّ
فإعرابُ الفَمِ المِنطبقِ فتحٌ / متى أضحى بناءُ الكفّ ضمُّ
أيا بؤسَ قومٍ حسانِ الشخو
أيا بؤسَ قومٍ حسانِ الشخو / صِ لكن حُشُوا بطباع النَّعَمْ
يزينيهمُ في جفون الغبىِّ / حُلِىُّ الغِنىَ وثياب النِّعَمْ
حدوناهمُ بفصيح القريِض / فما استحسنوا منهُ غيرَ النغمْ
وكان الذي خاض أسماعَهم / سواءً ونقراتُ زِير وبَمّْ
وقد جعلوا عذَر حرماننا الثَّ / وابَ خلَّوهُمُ من فَهمْ
وهبْ أنهم جهِلوا ما نقولُ / فأين السخاءُ واينَ الكَرمْ
أغرَّعمُ كَتبُنا في الرِّقا / عِ نحنُ العبيدُ ونحنُ الخدَمْ
ومن دون ذلك تُشوَى الوجوهُ / وتُقذَى العيونُ ويُفرَى الادَمْ
فإن هم أنابوا ببذل النوالِ / وصلنا الثناءَ كوصل الرِحمْ
وإن هم أصرُّوا على لؤمهم / وهبنا ثناياهمُ للندّمْ
إذا جاوزوا الحدّ في منعهم / خلعنا الحياء وجزنا اللَّمَمْ
يسأئلني ما حاجتي في دياره
يسأئلني ما حاجتي في دياره / غزالٌ بأوطار الفؤاد عليمُ
ستشهدُ لي عيناه أنهما الهوى / ومبسمُه أنىّ عليه أحومُ
أتُظهِرُ في عرفانِ ما بي جهالةً / وما أَحدٌ في الناس منك سليمُ
وكيف يداوِى داءَ قلبىَ باخلٌ / على طَرِفهِ بالبُرء وهو سقيمُ
أرقِّع فيك الودَّ وهو ممزَّقٌ / وأرعَى ذمامَ العهدِ وهو ذميمُ
وفي دون ما لاقيتُ للمرء زاجرٌ / ولكنَّ عِرْقى في الوفاء قديمُ
يقولون راجعْ صاحبَ الرأى واطَّرحْ
يقولون راجعْ صاحبَ الرأى واطَّرحْ / هواكَ فما تُغنى الدموعُ السواجم
ولو أنه بالعقل يَعشَق عاشقٌ / لما ازدوجتْ أطيارُها والبهاتمُ
أليست على أُلاّقها بجهالةٍ / يحاربُ شِبْهٌ شِبهَهُ ويخاصِمُ
يا ماءَ لِينَةَ لو نقعتَ أُوامى
يا ماءَ لِينَةَ لو نقعتَ أُوامى / كانت حياضُك لي كئوسَ مُدامِ
لا يعدِلُ المشغوفُ عن سَنَن الهوى / ولو أنَّ العذل غَربُ حسامِ
كيف السلُّو وليس يسلك سمعه / إلا حنين أو بكاء حمام
حتى كأن القلب مد حجابه / ليرد عنه طوارق اللوام
لقد عرضت على السلو جوانحي ال / حرَّى فلم يَرهنَّ دارَ مقامِ
ما ضَّر من زار الغيورَ أمامَهُ / لو زار في ثوبٍ من الأحلامِ
جُزْ باللوى إن كنتَ تُؤثر أن تَرى / حَدَق المها وسوالفَ الآرامِ
وتأنَّ في نظرِ الخدور فبينها / صورةٌ تبيحُ عبادةَ الأصنامِ
ناضلننا بنوافذٍ مسمومةٍ / ووددتُ لو قبَّلتُ سهمَ الرامى
وكنَنَّ في الأيدى خضابا ناميا / ونظيره في القلب حبٌّ نامِ
ليس البراقعُ كاسمها لكنها / يومَ الوداع كنائنٌ لسهامِ
بينى وما بين الكواعب موعدٌ / يُلقِى إلى كفّ المشيب زِمامى
لا ينتهى الطيفُ المزاورُ مضجعى / عنّى وفي فَوْدىَّ جُنحُ ظلامِ
والدهرُ ذو شيئين يصبغ لِمتَّى / كلتاهما بالصبح والإظلامِ
قد كنتَ بُهْمَى جَعدة خسّيّة / فبأىّ ماء صرتَ نَوْرَ ثَغامِ
أعلَّى تقترعُ الليالي بعد ما / غلَّت يديْها شِرَّتى وعُرامى
تلهو بحَوْذان العراق ركائبى / وعزائمى ترعَى رياضَ الشامِ
لي في بطون اليعمَلات مَزادةٌ / تُروِى إذا غدَر رياضَ الطامى
وإذا الجِفانُ الغُرُّ طلّقت الضحى / حَنَت الظُّبىَ من غارب وسَنامِ
كم بازلٍ كوماءَ أخطأها القِرىَ / رُدَّت فريضتُها إلى الأَزلامِ
إن القناعة مذ خَطمتُ بحبلها / طمعى تساوت رحلتى ومقامى
فالبِيدُ عندى كالقصور ونهضتى / كتثبُّطى والوُجْدُ كالإِعدامِ
ألقَى بنى هذا الزمانِ مُهجهجا / زجرَ الحُداةِ بهميةَ الأنعامِ
أشخاصُهم لا حِسَّ في عَرَصاتها / وقلوبُهم ثكَلى من الأفهامِ
حسبي وقد أصبحتُ فذًّا بينهم / بك يا أبا الحسَن الشقيقِ تؤامى
حَمَلتْ بنا في ليلةٍ مزؤدةٍ / أمُّ الخِلال الغرّ حملَ تَمامِ
وتكفَّلت ظِئرُ العلا برَضاعنا / حوْلَين ما تحصيهما لفطامِ
حتى إذا الآداب شُّدَ نِطاقُها / زُفَّت إلى شُمّ الأنوف كرامِ
يَسْبون أبكارَ المعاني حيثما / شنُّوا الإغارةَ وهي غيرُ حرامِ
هذا هو النسبُ الصريحُ وغيرنا / يختال بالأخوال والأعمامِ
لو كان نصلُ إِخاىَ يصدئه النوى / لصقلتُه بالوصل والإلمامِ
لكننى والبينُ يَحرُق نابَه / أفترُّ عن ثغرِ الهوى البسّامِ
أنتَ النهارَ تذكُّرى وتفكُّرى / والليلَ أحلامى وطيفُ منامى
إن كان أقوامٌ نظام فرائدٍ / كنتَ النظامَ وسِلكَ كلّ نظامِ
أنا عن سوابقك الجيادِ مقصّرٌ / زمسلِّم يومَ الرِّهَانِ لجامى
لا مجدَ إلا للإمام القائِم
لا مجدَ إلا للإمام القائِم / وإن ادّعتهُ عصابةٌ من هاشمِ
نرضَى لدينِ الله والدنيا الذي / رضِىَ النبىُّ لبُرْدِه والخاتمِ
يا ليتهم حين صَيَّروا خَدَما
يا ليتهم حين صَيَّروا خَدَما / عُمَّالَ كمل حُكما
جَرَوا على ذلك القياسِ بأن / تصيرَ عُمّالُهم لهم خَدما
بعينيك إضرامُهم للأكمْ
بعينيك إضرامُهم للأكمْ / بحمُرِ القِبابِ وحُمرِ النَّعَمْ
تَخَيّلها الضيفُ نارَ القِرىَ / وما هي إلا قلوبُ الأممْ
ورقَّ الحُداةُ لإنصاتِهم / فأبدلْنَها بالسياطِ النَّغَمْ
لقد كذَب الفالُ لما زجرتُ / ظباءَ سُليمٍ بوادى السَّلمْ
فما كنَّ إلا الجوى والسى / وطولَ السهادِ وفرطَ السَّقَمْ
أترجو لمن قد هَوِى صحّةً / وما علَّة الحبِّ إلا لَمَمْ
ولما رأى البُرءَ في عَذْله / رماه الهوى بالعمى والصَّمَمْ
تظنُّ السحائبَ أجفانَهُ / لو أنَّ السحائبَ تهِمى بدمْ
ولولا الغرامُ لما شاقَه / حَمامٌ دَعَا أو غزالٌ بَغَمْ
شَككتُ وقد زارنى غَلطةً
شَككتُ وقد زارنى غَلطةً / أفى يقْظةٍ ما أرى أم مَنامْ
لا يهُنْ عندك اختلالٌ بجسمى
لا يهُنْ عندك اختلالٌ بجسمى / فقِوامُ الأرواحِ بالأجسامِ