المجموع : 24
شَغَلْتُ قلبي وَسَمْعي في مَودَّتِكُمْ
شَغَلْتُ قلبي وَسَمْعي في مَودَّتِكُمْ / لا خَلَّصَ اللّهُ قلبي مِنْ مَحَبَّتِكُمْ
ولا رُزِقْتُ حياةً بَعْدَ بَيْنِكُمُ / إِنْ لَم أَمُتْ نَدَماً مِنْ بَعْدِ فُرْقَتِكُمْ
هَا قَدْ غَضِبْتُ عَلَى رُوحي لِأَجْلِكُمُ / حتى جَفَوتُ حَياتي عِند جَفوَتِكُمْ
إذا تَلَهَّبَ جمرُ الشوقِ في كَبِدي / أَطْفاهُ ماءُ التَّلاقي عِنْدَ رُؤْيَتِكُمْ
تَظَلَّمَ الوَرْدُ مِنْ خَدَّيهِ إِذْ ظَلَما
تَظَلَّمَ الوَرْدُ مِنْ خَدَّيهِ إِذْ ظَلَما / وَعَلَّمَ السُّقْمُ مِنْ أَجْفَانِهِ السَّقَما
وَلَمْ أرِدْ بِلِحاظِي ماءَ ناظِرِهِ / إِلا سَقى ناظِرِي مِنْ رِيِّهِ بِظَما
أَسْكَنْتُ مِنْ بَعْدِهِ صَبْري ثَرى جَلَدِي / فَماتَ فِيهِ وَلَمْ أَعْلَمْ بِما عَلِما
مَا سَوَّدَ الحُزْنُ مُبْيَضَّ السُّرُورِ بِهِ / إِلا وَدَيَّمَ دَمْعي فَوْقَهُ دِيمَا
أَمَا وَأَحْمَر دَمْعي فَوْقَ أَبْيَضِهِ / وَمَا بَنى الشَّوْقُ مِنْ صَبْري وَما هَدَما
لا رُعْتُ بِالبَيْنِ مِنْهُ مَا يُرَوِّعُنِي / وَلا حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِالَّذي حَكَما
يَا رُبَّ يَوْمٍ حَجَرْنا في مَحاجِرِنا / مَاءَ العُيُونِ وَأَمْطَرْنا الخُدودَ دَمَا
في مَوْقِفٍ يَسْتَعِيذُ البَيْنُ مِنْهُ بِهِ / فَما يُقَبِّلُ قِرْطَاسٌ بِهِ قَلَما
كَتَبْتُهُ بِيَدِ الشَّكْوى إِلَيْكَ وَقَدْ / أَقْسَمْتُ فِيهِ عَلَى ما قُلْتُهُ قَسَما
هَذانِ طَرْفانِ لا واللَهِ ما عَزَمَا / إِلا عَلَى سَقَمِي أَوْ لا فَلِمْ سَقِما
وَيَوْمِ دَجْنٍ أَرَاقَ الغَيْمُ رَائِقَهُ / كَأنَّما شَمْسُهُ مَكْحُولَةٌ بِعَمَى
تَمَلْمَلَتْ سُحْبُهُ مِنْ طُولِ مَا سَحَبَتْ / وَهَمْهَمَ الرَّعْدُ مِنْها فِيهِ حِينَ هَمَى
بَكى عَلَيْهِ النَّدى لَيلاً فَعَبَّسَ لِي / مَا كَانَ لِي فِي نَهارٍ مِنْهُ مُبْتَسِما
لا زَالَ مُنْقَطِعاً ما كانَ مُتَّصِلاً / مِنْهُ وَمُنْتَثِراً مَا كانَ مُنْتَظِما
كَمْ لي بِمَحْواهُ رَسْمٌ قَدْ مَحَوْتُ بِهِ / بِغَيْرِ كَفِّ البِلى رَسْماً وَما رَسَمَا
أَجْرَيْتُ مُذْهَبَ دَمْعِي فَوْقَ مَذْهَبِهِ / حَتَّى تَرَكْتُ بِهِ مَوْجُودَهُ عَدَمَا
لا أَجَّلَ اللَهُ آجالَ الدُّمُوعِ إِذا / مَا لَمْ يَكنَّ لأَبْنَاءِ الهَوى خَدَمَا
يا هذِهِ هَذِهِ رُوحي مَتَى أَلِمَتْ / مِنَ المَلامِ بِكُمْ قَطَّعْتُها أَلَمَا
كَمْ قَدْ تَدَيَّرَ قَلْبي مِنْ دِيارِكُمُ / دَاراً فَما سَئِمَتْ مِنْهُ وَلا سَئِمَا
ثَنَيْتُهُ وَعِنَانُ الشَّوْقِ يَجْمَحُ بِي / إِلَى الَّذي رَاحَتَاهُ تُنْبِتُ النِّعَمَا
إِلى ابْنِ مَنْ فُتِحَتْ أُمُّ الكِتَابِ بِهِ / وَبِالصَّلاةِ عَلَى آبائِهِ خُتِما
إِلى الَّذي افْتَخَرَتْ أَرْضُ العَقِيقِ بِهِ / وَمَنْ بِهِ أَصْبَحت بَطْحاؤُها حَرَمَا
إِلى فَتَىً تَضْحَكُ الدُّنْيا بِغُرَّتِهِ / فَما تَرى باكِياً فيها إِذا ابْتَسَما
سَمَا بِهِ الشَّرَفُ السَّامِي فَصَارَ بِهِ / مُخَيِّمَاً فَوْقَ أَطْبَاقِ العُلى خِيَما
لَوْ أَنَّ لِلْبُخْلِ أَغْصاناً وَقابَلَها / بِوَجْهِهِ أَنْبَتَتْ مِنْ وَقْتِها كَرَمَا
أَزْرَى عَلى الغَيْثِ غَيْثٌ مِنْ أَنَامِلِهِ / فِي رَوْضَةِ الشُّكْرِ لمَا بَخَّلَ الدِّيمَا
مَا إِنْ دَجَا لَيْلُ نَقْعٍ في نهارِ وَغىً / إِلا وَأَمْطَرَهُ مِنْ سَيْبِهِ نِقَما
تَأتِي المَنَايا إِلَى أَسْيافِهِ فِرَقاً / كَأَنَّمَا تَجْتَدِي مِنْ خَوْفِهِ سَلَمَا
لا يَخْطُرُ الفَرُّ فِي كَرٍّ بِخاطِرِهِ / وَلا يُؤَخِّرُ عَنْ إِقدَامِهِ قَدَمَا
كَمْ قَالَ خَطْبُ الرَّدى فِيمَا يُنَازِلُهُ / هَذا الَّذِي لَوْ رُمِي بِالدَّهْرِ مَا انْهَزَمَا
صَبٌّ إِلى شُرْبِ مَاءِ الطَّعْنِ فِيهِ فَمَا / نَراهُ إِلا بِصَيْدِ الصِّيْدِ مُلْتَزِمَا
هَذا ابْنُ خَيْرِ الوَرى مِنْ بَعْدِ خَيْرِهِمُ / هَذا الَّذي كَتَبَتْ لا كَفُّهُ نَعَما
هَذا الَّذي لا يُرى في جِيدِ مَكْرُمَةٍ / عِقدٌ مِنَ المَجْدِ إِلا بِاسْمِهِ نُظِما
يا مُلْزِمي غُرْمَ صَبْري بَعْدَ فُرْقَتِهِ / مَا إِن عَلى مُجْرِمٍ جُرْمٌ إِذا اجْتَرَمَا
ذَرِ الصَّوارِمَ فِي أَغْمادِهَا فَلَقَدْ / أَمْسَتْ نُفُوسُ المَنَايا في حِمَاهُ حِمىَ
قُلْ لِلَّتي وَدَّعَتْ بِالْجِزْعِ مِنْ جَزَعٍ / مَا إِنْ ظَلَمْتِ بَلِ البَيْنُ الَّذي ظَلَمَا
لا وَالهَوى وَحَياةِ الشَّوقِ مَا تَرَكَتْ / لِيَ النَّوى مِنْ فُؤَادي غَيْرَ مَا ثَلِمَا
مَتَى تَحَكَّمَ هَجْرِي في مُواصَلَتِي / جَعَلْتُ أَحْمَدَ فِيما بَيْنَنَا حَكَما
يَا مُعْلِماً بِطِرازِ الحُسْنِ نِسْبَتَهُ / وَمَنْ غَدا بَيْنَ أَبْنَاءِ العُلى عَلَمَا
وَمَنْ هُوَ الشَّمْسُ فِي أُفْقٍ بِلا فَلَكٍ / وَمَنْ هُوَ البَدْرُ في أَرْضٍ بِغَيْرِ سَمَا
هذِي يَمِينُكَ في الآجالِ صائِلَةٌ / فَاقْتُلْ بِسَيْفِ رَدَاها الخَوْفَ وَالعَدَمَا
بِذِمَامِ عَهْدِكَ في الهَوى أَتَذَمَّمُ
بِذِمَامِ عَهْدِكَ في الهَوى أَتَذَمَّمُ / يا مَنْ بِحُرْمَةِ وِدِّهِ أَتَحَرَّمُ
أَسْلَمْتَنِي لِلْوَجْدِ في دَارِ الأَسى / لَمَّا سَلِمْتَ وَخِلْتَ أَنِي أَسْلَمُ
كَمْ قَدْ شَرِقْتُ بِماءِ ذِكْرِكَ مَرَّةً / فَنَسِيتُ مِنْ ذِكْرِ الهَوى مَا أَفْهَمُ
يا دارُ مَا لِخَطِيبِ رَبْعِكِ ساكِتاً / فَكأَنَّهُ عَمَّا بِنا يَتَكلَّمُ
هَا نَحْنُ أَبْناءُ الغَرامِ وَهذِهِ / أَجْسامُنا بِرُسُومِها نَتَرَسَّمُ
وَكأنَّما اشْتَمَلَتْ رِدَاءً مِنْ بِلىً / وَكأَنَّهُ مِنْ دَمْعِ عَيْني مُعْلَمُ
وَكَأَنَّ وَشْيَ رُباكِ يا دَارَ الهَوى / مِنْ عَبْرَتي مُسْتَعْبِرٌ مُسْتَعْلِمُ
تَاللَهِ لا عَلِمَ السًّلُوُّ بِحُبِّ مَنْ / أَنا في هَواهُ مُعَذَّلٌ وَمُلَوَّمُ
وَحَيَاةِ مَا أَبْقى الهَوى مِنْ مُهْجَتي / لاَ قُلْتُ إِنِّي فِي هَواهُ مُسَلَّمُ
لَوْ بَيْنَ أَجْفَاني تَجَافاهُ الكَرى / مَا كَانَ يَحْلُمُ أَنَّهُ بِيَ يَحْلُمُ
يا نازِحاً لَعِبَ القِلى بِعُهُودِهِ / مَا الصَّبْرُ عَنْكَ أَقَلُّ مِمَّا تَعْلَمُ
لِي وَالهَوى مَا بَيْنَ أَجْنِحَةِ الكَرى / لَيْلانِ نَوْمُهُما عَلَيَّ مُحَرَّمُ
مَا الليْلُ طَالَ عَلَيَّ دُونَ ذَوي الهَوى / لكِن بَعُدْتَ فَكُلُّ دَهْرِي مُظْلِمُ
وَاهاً لأَيَّامِي الَّتي في ظِلِّها / ظَلَّتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ فينَا تَحكُمُ
أَيَّامَ أيقَظَنا الهَوى لمَواقِفٍ / فيها عُيونُ الدَّهرِ عَنَّا نُوَّمُ
حالَت وَمَا حُلْنا لَها عَنْ حَالِها / فَكأَنَّها بِشَقَائِنا تَتَنَعَّمُ
ثُمَّ انْثَنَتْ تَثْنِي إِلَيْنا عِطْفَها / فَكَأَنَّهُ مِنْ ظُلْمِها يَتَظَلَّمُ
فَرَمَيْتُ غَفْلَتَها بِذِكْرِ تَفَرُّقٍ / فَابْيَضَّ مِنْ خَوْفِ الفِراقِ لَهُ الدَّمُ
قَالتْ وَقَدْ شَرِبت مُدامَ جُفُونِها / وَلِسانُها مِنْها فَصِيحٌ أَعْجَمُ
يَا ناعِياً رُوحي إِلَيَّ بِبَيْنِهِ / بانَتْ وَلَمْ تَعْلَمْ بِأَنِّيَ أَعْلَمُ
أَشَغَلْتَ قَلْبَكَ بِالغَرامِ عَنِ الَّذي / في كلِّ عُضْوٍ مِنْهُ قَلْبٌ مُغْرَمُ
جَهْدُ الشِّكايَةِ أَنَّ أَلْسُنَنا بِها / خَرِسَتْ وَأَنَّ جُفُونَنا تَتَكَلَّمُ
لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ سِرَّ مَنْ كَتَمَ الهَوى / يَوْمَ النَّوى لَكَتَمْتُ مَا لا يُكْتَمُ
ما حُكِّمَ البَيْنُ إِلا جارَ مُحْتَكِما
ما حُكِّمَ البَيْنُ إِلا جارَ مُحْتَكِما / وَلا انْتَضى سَيْفَهُ إِلا أَراقَ دَما
يا دَارَهُمْ خَبِّرِينا مَا الَّذي صَنَعُوا / فَرُبَّما جَهِلَ المُشْتَاقُ مَا عُلِما
قَدْ سَرَّني أَنَّهُمْ قَدْ سَرَّهُمْ سَقَمِي / فَازْدَدْتُ كَيْما يُسَرُّوا بِالضَّنى سَقَما
اللَهُ يَعْلَمُ أَنِّي يَوْمَ بَيْنِهِمُ / نَدِمْتُ إِذْ لَمْ أَمُتْ فِي إِثْرِهِمْ نَدَمَا
أَسْتَرْزِقُ اللَهَ لي صَبْراً أَعِيشُ بِهِ / يَكُونُ مَوْجُودُهُ مِنْ بَعْدِهِمْ عَدَمَا
سَأَلْتُ مَنْ شَفَّنِي هَواهُ وَمَنْ
سَأَلْتُ مَنْ شَفَّنِي هَواهُ وَمَنْ / هَاجَرَني مُذ هَوِيتُهُ النَّوْمُ
أَأَفْطَرَ النَّاسُ قالَ مُبْتَسِماً / زِيدَ عَلَيْهِمْ في صَوْمِهِمْ يَوْمُ
فَقُلْتُ يا مَنْ خَسِرْتُ آخِرَتي / فيهِ وَلَمْ يُغْنِ عَنِّيَ الْلَّوْمُ
إِنْ لَمْ أَكُنْ مُفْطِراً عَلَى قُبَلٍ / مِنْكَ فَدَهْرِي بِأَصْلِهِ صَوْمُ
قٌمْ يا غُلامُ إِلى المُدامِ
قٌمْ يا غُلامُ إِلى المُدامِ / قُمْ دَاوِني مِنْها بِجَامِ
فَالصُّبْحُ يَنْتَهِبُ الدُّجى / وَالبَدْرُ يَضْحَكُ في الظَّلامِ
قُمْ فَاسْقِني بَرْقَ الثُّغُو / رِ فَقَدْ مَضى بَرْقُ الغَمامِ
بادِرْ إِلَى شُرْبِ الحُمَيَّا / قَبْلَ بادِرَةِ الحِمَامِ
وَتَغَنَّمِ الغَفَلاتِ مِنْ / دَهْرٍ يَجُورُ عَلى الكِرَامِ
قُمْ فَاجْلُ هَمِّي يا غُلامُ
قُمْ فَاجْلُ هَمِّي يا غُلامُ / بِالرَّاحِ إِذْ ضَحِكَ الظَّلامُ
وَجَلا الثُّرَيَّا في مُلا / ءةِ نُورِهِ البَدْرُ التَّمامُ
فَكَأَنَّها كَأسٌ يُدي / رُ بِها الدُّجى وَالبَدْرُ جَامُ
وَكأنَّ زُرْقَ نُجُومِها / حَدَقٌ مُفَتَّحَةٌ نِيَامُ
وَأَظُنُّها مِنْ صِحَّةٍ / مَرِضَتْ وَلَيْسَ بِها سَقَامُ
فَكأَنَّها وَكأَنَّهُ / إِذْ حَانَ بَيْنَهُما انْصِرامُ
وَهَوَتْ لِتغْرِبَ فَانْثَنى / عَنْها بِمَغْرِبِها ابْتِسامُ
خَوْدٌ هَوى مِنْ أُذْنِها / قُرْطٌ فَقَبَّلَهُ غُلامُ
وَالفَجْرُ في غَسَقِ الدُّجى / كالمَاءِ خَالَطَهُ المُدامُ
لَمْ يَدَعْ سُكْرُ الغَرامِ
لَمْ يَدَعْ سُكْرُ الغَرامِ / فِيَّ حَظّاً لِلْمُدامِ
أَمَرَتْ عَيْناكَ عَيْنَيَّ / بِهِجْرانِ المَنامِ
أَيُّها البَدْرُ الَّذي يَحْ / سُدُهُ بَدْرُ التَّمامِ
هَلْ يُطِيقُ الهَجْرُ أَنْ يَبْ / لُغَ بِي فَوْقَ الحِمَامِ
بَاحَ بِما قَدْ كَتَما
بَاحَ بِما قَدْ كَتَما / لَمَّا جَرى الدَّمْعُ دَمَا
رَمَاهُ رِيمٌ فَأَصَا / بَ القَلْبَ مِنْهُ إِذْ رَمَى
وَاحْتَجَّ في قَتْلَتِهِ / بِأَنَّهُ مَا عَلِمَا
يا مَعْشَرَ النَّاسِ أَمَا / يُنْصِفُني مَنْ ظَلَمَا
عَلَّمَ سُقْمُ طَرْفِهِ / جِسْمِيَ مِنْهُ سَقَمَا
فَسُقْمُ جِسْمِي في الهَوى / مِنْ طَرْفِهِ تَعَلَّمَا
لَوْ قِيلَ لِي ما تَشْتَهِي / مُخَيَّراً مُحَكَّما
لَقُلْتُ أَنْ أَلْثِمَهُ / نَحْراً وَخَدّاً وَفَمَا
قَالوا لَهُ بِأَنَّهُ / فِي هَجْرِهِ قَدْ أَثِمَا
حَلَّلَ في هِجْرانِهِ / لِي في الهَوى ما حُرِّمَا
كَمْ عَاشِقٍ قَابَلَهُ / يَبْكِي عَلَيْهِ نَدَمَا
اللَهُ يَعْلَمُ أَنِّي هائِمٌ قَلِقٌ
اللَهُ يَعْلَمُ أَنِّي هائِمٌ قَلِقٌ / عَلَيَّ ثَوْبانِ مِنْ ضُرٍّ وَمِنْ سَقَمِ
وَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَا كانَ مِنْ زَلَلي / وَأَنْتَ أَعْظَمُ مَنْ يُرْجى مِنَ الأُمَمِ
فَاغْفِرْ لِعَبْدِكَ يا مَوْلايَ زَلَّتَهُ / أَوْ لاَ فَحُكْمُكَ فِينا غَيْرُ مُحْتَكِمِ
وَلَمَّا غَدا وَرْدُ الخُدُودِ بَنَفْسَجاً
وَلَمَّا غَدا وَرْدُ الخُدُودِ بَنَفْسَجاً / وَرَاحَ عَقِيقُ الخَدِّ في الدَّمْعِ يَنْهَمِي
تَصَدَّتْ لَنا والبَيْنُ عَنَّا يَصُدُّها / بِإِقْبالِ ودٍّ دُونَ إِعْراضِ لُوَّمِ
وَقَدْ حُلِّيَتْ أَجْفانُها مِنْ دُمُوعِها / كَما حُلِّيَتْ لَيْلاً سَمَاءٌ بِأَنْجُمِ
فَقُلْتُ لأَصْحابٍ عَلَيَّ أَعِزَّةٍ / يَعِزُّ عَلَيْنا مَا بِكُمْ مِنْ تَأَلُّمِ
خُذُوا بِدَمي ذَاتَ الوِشَاحِ فَإِنَّني / رَأَيْتُ بِعَيْنِي في أَنامِلِها دَمِي
وَسَاقٍ حَكَى البَدْر وَالغُصْن لِي
وَسَاقٍ حَكَى البَدْر وَالغُصْن لِي / فَذَا بِالتَّمامِ وَذَا بِالقَوامْ
سَقَاني بِكأْسَيْنِ في مَجْلِسٍ / بِكأسِ المُدامِ وَكأسِ الغَرامْ
بَطِيءِ الإِفَاقَةِ مِثْلِي وَقَدْ / شَرِبْتُ المُدَامَيْنِ شُرْبَ اغْتِنامْ
أَنا أَفْدي مَكْتُومَةً لا تُسَمَّى
أَنا أَفْدي مَكْتُومَةً لا تُسَمَّى / هَامَ قَلْبي بِها هُياماً وَهَمَّا
حُلْوَةُ الخَلْقِ مُرَّةُ الخُلْقِ قَدْ أَصْ / بَحْتُ مِنْها فِي الحُبِّ أَعْمى أَصَمَّا
أَقْبَلَتْ في تَمامِها فَنَسِينا / حُسْنَ بَدْرِ التَّمامِ سَاعَةَ تَمَّا
تَتَمَشَّى وَثِقْلُ رَانِفَتَيْها / قَدَّمَتْ صَدْرَها مِنَ المَشْيِ قُدْما
ثُمَّ طَالَ العِتابُ والعَضُّ وَالقَر / صُ ومَصُّ اللسانِ مِنها فَلَمَّا
مَنَعَتنِي مِنْ تِكَّةٍ ثُمَّ قَالتْ / تِهْ عَلَى الفَدْمِ مَا ظَنَنْتُكَ فَدْمَا
قُلْتُ جُودي بِحَلِّها لِي وَإِلا / قَطْعُها هَيِّنٌ كَما أَشْرَبُ الْمَا
فَهْيَ وَقْفٌ مَا بَيْنَ حَلٍّ وَقَطْعٍ / وَإِلَيْكِ الخِيارُ إِمَّا وَإِمَّا
قَالَتِ احْلُمْ فَقُلْتُ لِلْحِلْمِ وَقْتٌ / أَنا لا أَسْتَطيعُ في الحُبِّ حِلْما
قُلْتُ لا بُدَّ أَنْ يُدَمَّى غَزَالٌ / ثُمَّ يُكْفى مِنَ الغَزالِ المُدَمَّى
فَتَلَقَّيْتُها بِرُوحي وَقَلْبِي / لا بِجِسْمِي مِنْ أَيْنَ أَمْلِكُ جِسْما
أَخْفَتْ عَنِ القَوْمِ مَا أَبْدَتْ عَزِيمَتُهُمْ
أَخْفَتْ عَنِ القَوْمِ مَا أَبْدَتْ عَزِيمَتُهُمْ / وَأَظْهَرَتْ لِلنَّوى وَالْبَيْنِ مَا كُتِما
بانُوا فَلَمْ يَبْقَ لِي في يَوْمِ بَيْنِهِمُ / قَلْبٌ أُحَمِّلُهُ مِنْ بَعْدِهِمْ أَلَمَا
فَالْبَيْنُ يَعْشَقُهُمْ وَالشَّوْقُ يَعْشَقُني / وَالجِسْمُ مُذْ فَارَقُوني يَعْشَقُ السَّقَما
يا لَيْتَني كُنْتُ أَعمى يَوْمَ صَاحَ بِهِمْ / حَادِي الرَّحِيلِ فَما لِلْبَيْنِ مَا رَحِمَا
هَذا كِتابي إِلَيْكُمْ فِيهِ مَعْذِرَتي
هَذا كِتابي إِلَيْكُمْ فِيهِ مَعْذِرَتي / يُنْبِيكُمُ اليَوْمَ عَنْ شَوْقي وَعَنْ سَقَمِي
أَجْلَلْتُ ذِكْرَكُمُ عَنْ أَنْ يُدَنِّسَهُ / لَوْنُ المِدَادِ فَقَدْ حَبَّرْتُهُ بِدَمِي
وَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى جَفْني لأَجْعَلَهُ / طِرْسِي وَأبْرِي عِظامِي مَوْضِعَ القَلَمِ
لَكانَ ذَاكَ قَلِيلاً في مَحَبَّتِكُمْ / وَمَا وَجَدْتُ لَهُ واللَهِ مِنْ أَلَمِ
لا تَلُمْهُ فَلَيْسَ فِيهِ مَلامُ
لا تَلُمْهُ فَلَيْسَ فِيهِ مَلامُ / لَوْمُهُ في الهَوى عَلَيْكَ حَرامُ
لَمْ يَعِشْ أَنَّهُ جَلِيدٌ وَلكِنْ / دَقَّ حَتَّى مَا إِنْ يَرَاهُ الحِمَامُ
نَشْوانُ مِنْ خَمْرِ الصِّبا
نَشْوانُ مِنْ خَمْرِ الصِّبا / وَأَرَقُّ طَبْعاً مِنْ نَسِيمِ
مَاءُ الدَّلالِ شَرابُهُ / وَغِذَاؤُهُ تَرَفُ النَّعِيمِ
أَضْحى غَرَامِي في هَوَا / هُ عَلَى مَحَبَّتِهِ غَرِيمِي
وَوَصَفْتُ نِعْمَةَ جِسْمِهِ / فَنَعِمْتُ في صِفَةِ النَّعِيمِ
يا حَاكِماً قَدْ جَارَ في حُكْمِهِ
يا حَاكِماً قَدْ جَارَ في حُكْمِهِ / وَهْوَ إِذَا يُنْصِفُني خَصْمِي
تَرَكْتُ جِسْمِي عَرَضاً قَائِماً / لَمْ يَبْقَ لِي مِنْهُ سِوى اِسْمِي
لَهُ ضاحِكٌ بَرْقُهُ خَاطِفٌ
لَهُ ضاحِكٌ بَرْقُهُ خَاطِفٌ / عُقُولَ الرِّجالِ إِذا مَا ابْتَسَمْ
أَقولُ لَهُ إِذْ بَدَا دُرُّهُ / شَهِدْنا لِصَانِعِهِ بِالحِكَمْ
أَرى الدُّرَّ يَثْقُبُهُ النَّاظِمُونَ / وَما ثَقَبُوا ذَا فَكَيْفَ انْتَظَمْ
كَأَنَّ نُجُومَ الليْلِ مِنْ خَوْفِ فَجْرِها
كَأَنَّ نُجُومَ الليْلِ مِنْ خَوْفِ فَجْرِها / وَقَدْ جَدَّ مِنْها لِلْغُرُوبِ عَزائِمُ
جُفُونٌ حَماها الشَّوْقُ أَنْ تَطْعَمَ الكَرى / فَأَعْيُنُها مُسْتَيْقِظَاتٌ نَوائِمُ