القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الأَبّار الكل
المجموع : 25
أَمَّتْكَ أبْكَارُ الفُتُوحِ إمَاما
أَمَّتْكَ أبْكَارُ الفُتُوحِ إمَاما / تَكْفِي المُلِمَّ ولا تَزُورُ لِمَامَا
طَلَعَتْ زَوَاهِرَ بَلْ أزاهِرَ أُودِعَتْ / بِيضَ المَهَارِقِ والطّروسِ كِمَاما
فَأَقِمْ لِسُلْطَانٍ أقَامَ صَغَا الهُدَى / واسْلَمْ لِمَلْك أيَّدَ الإسْلاما
آيَاتُ نَصْرِكَ لَم تُغَادِرْ مِرْيَةً / كَالصُّبْحِ لاَ يُلْفِي سَنَاهُ ظَلاما
هَذِي العُدَاةُ مُجَدَّلٌ ومُكَبَّلٌ / واسْأَل بِها الأَسْيافَ والأَقلاما
حَنِقَ الحَدِيدُ عَلَيْهِمُ فَسَطَا بِهِمْ / يَبْرِي الطُّلَى ويُقَيِّدُ الأَقْداما
أُسَلِّمُ لِلْمَقدورِ ثُمَّ أسَلِّمُ
أُسَلِّمُ لِلْمَقدورِ ثُمَّ أسَلِّمُ / ويَظْعَنُ جُثْمانِي وقَلْبي مُخَيِّمُ
تَجَاذَبَهُ أمْرَانِ مُرَّانِ فاعْجَبَا / غَرَامٌ صُراحٌ واعْتِزامٌ مُصَمِّمُ
بِعَيْشِكُما لا تُثْقِلاهُ مَلامَةً / فَمَا خَفَّ حَتَّى طالَ منْهُ تَلَوَّمُ
وَلا تُوئِسَاهُ مِنْ نَجَاحِ رَجائِهِ / فَلِلدَّهْرِ فِي عُقْبَى العُبوسِ تَبَسُّمُ
وَإنَّ لَهُ بالنَّاصِرِيَّةِ نَاصِراً / يَفُلُّ خَميسَ البُؤْسِ وَهوَ عَرَمْرَمُ
وَتَمضِي كَما تَمْضِي السُّيوفُ سُيوبُهُ / فَتَنْكُلُ عَنْهُ النَّائِباتُ وتُحْجِمُ
بِرَغْمِيَ أزْمَعْتُ المَسِيرَ عَنِ العُلَى / وَصَرْفُ الليالي لِلْمُحِبيِّنَ مُرْغِمُ
فَما حَسَدَ التَّبْريحَ إلا تَلَهُّفٌ / وَلا غَبَطَ التَّوْديعَ إِلا تَنَدُّمُ
دَعانِي لِتَرْحالي اضْطِرارٌ وَلَمْ يَزَلْ / يُحَلِّلُ مَا أضْحَى عَلَى المَرْءِ يَحْرُمُ
ولَوْلا أُطَيْفَالٌ طَواهُم طَواهُمُ / فَأعْظَمُ مَا يَبْقَى جُلودٌ وَأَعْظُمُ
أَسَا في الأَسَى عادَتهم والدَتُهم / فَمَا مِنْهُمْ إلا يَتِيمٌ وَأَيِّمُ
هُمُ أبَداً هَمِّي فَلَيْلِي ألْيلٌ / بِمعْجزَتِي عَنْهُمْ ويَوْمِيَ أيْوَمُ
جَوَانِحُهُم تَذْكُو لَهيباً وتَلْتَظِي / وأعْيُنُهُم تَهْمِي نَجيعاً وتَسْجُمُ
تَخَالُهُمُ في شَجْوِهِم وانْتِحَابِهِمْ / حَمَاماً عَلى أفْنَانِهَا تَتَرَنَّمُ
وَزَجَّيْتُ أيَّامي وَرَجَّيتُ فُرْجَةً / ولَمَّا يَسِرْ مُسْرىً بِرَحْلِي ومُلْجَمُ
كَفانِي الرّضى والإذْنُ زاداً لِطيَّتِي / هُما لِيَ مَغْنىً حَيْثُ كُنْتُ وَمَغْنَمُ
وَكَمْ رُمْتُ في دارِ الخِلافَةِ أُيِّدَتْ / قَرَاراً فَأعْيَا والْمَوَاهِبُ أسْهُمُ
وكَمْ لُحْتُ مَصْدُوداً يُلَوِّحُنِي الصَّدى / وبَحْرُ نَداها مُزْبِدُ المَوْجِ خِضْرِمُ
فَإِنْ آنَ لي مِنْ بَعْد فيها تَأَخُّرٌ / فَقَدْ كَانَ لِي مِنْ قَبْل فيها تَقَدُّمُ
عَلى أَنَّنِي مِنْهَا إليَهْا تَنَقُّلي / ليُفْرَجَ بَابٌ في التَّكَسُّبِ مُبْهَمُ
ألَيْسَ وَلِيُّ العَهْدِ قِبْلَتِيَ التي / أوَجِّهُ وَجْهِي نَحْوَها وأُيَمِّمُ
عَسَى لانْتِقَالِ الحالِ نَادَتْنِيَ المُنَى / فَلا مِرْيَةٌ أَنِّي مُنادىً مُرَخَّمُ
وحَسْبِي بِهِ أَنْ يَنْعَمَ المَلِكُ الرّضى / ومازِلْتُ في شَتَّى أَيادِيهِ أنْعَمُ
خِطابٌ مِنَ الخَطْبِ الجَليلِ مُؤَمِّن / وطِرْسٌ عَلى الرّأْيِ الجَميلِ مُتَرْجِمُ
إِمَامَ الهُدْى عَطْفاً ورُحْمَى ورِقَّةً / فَشَأنُ المَوَالِي أنْ يَرِقُّوا ويَرْحَموا
وفِي مَوْرِدِي كَانَ التِفَاتُكَ وَاصِلِي / أَفِي مَصْدَرِي حاشاهُ حاشاهُ يَصْرِم
وقَدْ حَكَمَ المَجْدُ المُؤَثَّلُ والعُلى / بأَنَّ الذِي يَرْجُو نَدَاكَ مُحَكَّمُ
يَقيني هُوَ الَمَأمُولُ فِيكَ مُحَقَّقٌ / وفِي سَائِرِ الأَمْلاكِ ظَنٌّ مُرَجَّمُ
ويَا أَيُّها المَوْلَى عَلَيْكَ تَحِيَّةٌ / مُؤَبَّدَةٌ عن طِيبِها الرَّوْضُ يَنْسَمُ
بَقِيتَ تَرَى البُقْيا وكُلٌّ مِنَ الوَرَى / بِشُكْرِكَ مُغْرىً أو بِحُبِّكَ مُغْرَمُ
كَفَانِي الحَرُّ مُنْتَجَعُ الغَمَامِ
كَفَانِي الحَرُّ مُنْتَجَعُ الغَمَامِ / فَشُكْراً ثُمَّ شُكرْاً للإمَامِ
أيادٍ ما أعَمَّتْ في ازْدِيادٍ / كَما انْتَثَرَ الفَرِيدُ منَ النِّظامِ
كَأَنَّ أرِيجَهَا زَهْرُ الرَّوابِي / يُمَزِّقُ ضَاحِكاً جَيْبَ الكمَامِ
كأنَّ حَديثَهَا شَدْوُ الغَوانِي / مُطَارِحَةً أغارِيدَ الحَمَامِ
هَزَزْتُ لَهَا مَعَاطِفِيَ ارْتِيَاحاً / كَمَا طَرِبَ النَّزيفُ مِنَ المُدامِ
وَبِتُّ لِدرِّها كَهْلاً رَضِيعاً / وَلَكِنْ آمِناً عُقْبَى الفِطَامِ
فَمَنْقُودٌ مِنَ الإعْطَاءِ هَامٍ / ومَوْعُودٌ مِنَ الإحْظَاء نَامِ
وكَائِن مِنْ يَدٍ بَيْضَاءَ فِيما / أُؤَمِّلُ مِن سَلامٍ واسْتِلامِ
جَدِيرٌ أنْ يَجُودَ بِكُلِّ حُسْنَى / وإِحْسانٍ مَقَامٌ كَالْمَقَامِ
يُرَاعُ الدّهْرُ مِن أيْدِي لأَنِّي / بِفَيْضِ لُهَاهُ في جَيْشٍ لُهَامِ
أَلَيْسَتْ شِكَّتِي لا شَكَّ مِنْها / مِجَنِّي أوْ سِنَاني أَوْ حُسَامِي
فَلَوْ رُمْتُ الكَواكِبَ ظَاهَرَتْنِي / سَعَادَتُهُ عَلى نَيْلِ المَرامِ
وَمَنْ خَدَمَ الخَلِيفَةَ فالليالي / خَوادِمُهُ إلى غَيْرِ انْصِرامِ
إمامُ هُدىً أَبَى غَيْرَ افْتِتاحٍ / بِإرْداءِ الضَّلالَةِ واخْتِتَامِ
بِمَطْلَعِهِ تَجَلَّتْ كُلُّ جُلَّى / كَنورِ الصُّبْحِ يَذْهَبُ بالظَّلامِ
وأَعظَمُ مَا تُشاهِدُهُ مَنَاباً / إذا ما قامَ بالنُّوَبِ العِظَامِ
تُسامُ بهِ الأَعادِي كُلَّ خَسْفٍ / ولَيْثُ الغِيلِ مُغْتَالُ السَّوامِ
كَأَنَّ بَنِي أَبي حَفْصٍ نُجُومٌ / وَيَحْيَى المُرْتَضَى بَدْرُ التَّمامِ
إذا عَقَدَ الحُبَى في مُنْتَداهُ / فَما الشّمّ الهَوادِجُ مِنْ شَآمِ
وإنْ وُكِلَ الحِبَاءُ إلى نَداهُ / فَما البَحْرانِ عَبّا في الْتِطامِ
تُقَصِّرُ عَنْهُ أمْلاكُ البَرَايا / وعُودُ النَّبْعِ لَيْسَ مِنَ الثِّمامِ
لأَنْفُسِهمْ بِغايته غرامٌ / وَآنُفُهُمْ لَوَاصِقُ بِالرَّغامِ
أَمَولانا أقِمْ عُذْرَ القَوَافِي / إلَيْكَ وإنْ جَلَتْ حُرَّ الكَلامِ
وَفَضَّتْ من ثَنَاكَ بِكُلِّ نَادٍ / كَعَرْف المِسْكِ مَفْضُوضَ الخِتامِ
أَتُحْصِي مَا لَدَيْكَ منَ المَعَالي / وقَدْ أرْبَتْ عَلَى قَطْرِ الغَمامِ
أمَولايَ ومَا أوْلَيْتَنِيهِ / فأتْمِمْهُ مِنَ النِّعَمِ الجِسَامِ
وَسَوِّغْنِي التَشَفُّعَ في الرِّضَى مِنْ / بَنِيكَ بكُلِّ جَحْجَاحٍ هُمامِ
بَرانِي طُولُ إقْصَاءٍ عَرَاني / وفي يُمْناكَ بُرْءٌ للْكلامِ
ولَوْ أَنِّي لَثَمْتُ الجودَ مِنْها / عَفَتْ بالرِّيِّ آثارُ الأوَامِ
مُحَيَّاكَ المُبَشِّرُ بالأمَاني / ومَحْيَاكَ المُبَصِّرُ للأَنَامِ
وأنْتَ ابْنُ المُلوكِ الصِّيدِ لَكِنْ / خِلالُكَ للْمَلائِكَةِ الْكِرَامِ
بِيني ثَلاثاً سَلْوَةَ الأَيَّامِ
بِيني ثَلاثاً سَلْوَةَ الأَيَّامِ / أوْدَى الحِمامُ بِنَاصِرِ الإسْلامِ
وَدَعا دِعَامَتَهُ إِلى تَعْوِيضِها / تَأْسِيسُهُ بالتُّرْبِ دَارَ مُقَامِ
ودَهى الوَرَى مِنْ ثُكْلِ هَادِيهِم بِما / أعْيَا عَلَى الأفْهامِ والأَوْهامِ
هَذِي الشُّجونُ الجُونُ قَدْ أخَذَتْ عَلى / وَفْدِ العَزَاءِ مَطَالِع الإلْمَامِ
وَتَفَاضَتِ الأجْفَانَ حُمْرُ دُموعِها / فَمِنَ القُلوبِ عَلى الخُدودِ دَوامِ
مَا رَاعَهُم إلا نَعِيّ وُجودِهِ / فِي حَيْثُ لا أَمْنٌ منَ الأعْدامِ
فَلَوِ الْتَفَتَّ لَقُلْتَ شُرْبُ مُدَامِ / ولَوِ اسْتَمَعْتَ لَقُلْتَ سِرْبُ حَمَامِ
أَنْوَارُهُ هامُوا لَها فَذَكَرْتُ مَا / نَسِيَتْ نَوَارٌ مِن هَوىً وهُيَامِ
تَاللَّهِ لَوْ قَتَلُوا عَلَيهِ نُفُوسَهُمْ / أسَفاً لَمَا وَفَّوْا قَضاءَ ذِمامِ
خَطْبُ الخُطُوبِ أباحَ مُحْتَكِماً حِمَى / مَلِكِ المُلوكِ فَطاحَ دُونَ مُحامِ
أَنَّى ومِنْ أيْنَ اسْتَدارَ لَهُ الرَّدَى / والجَيْشُ مِلْءُ عَمائِرٍ ومَوامِ
فِيهِ الكُماةُ إذا هُمُ اعْتَقَلوا القَنا / وافَوْك بِالآسادِ والآجامِ
أصْماهُ رَامٍ كَمْ ثَنَى عَنْهُ العِدَى / صَرْعَى يُنَاضلُ دُونَهُ ويُرامِي
نُورُ الوُجودِ أُتِيحَ مِنْ إِطْفائِهِ / مَا ألْبَسَ الدُّنْيا مَسوحَ ظَلامِ
سَيْفُ الهُدى أوْدى بِهِ سَيْفُ الرَّدَى / قَدْ يَفْتِكُ الصّمْصامُ بِالصّمْصَامِ
مَا لِلنُّجُوم طَوالِعا مَا للْجِبا / لِ رَواسِياً ما لِلبِحارِ طَوامي
لِمْ لَمْ تَغُرْ لِمْ لَمْ تَزُلْ لِمْ لَمْ تَغُض / مِنْ شِدَّة الحَسَراتِ وَالآلامِ
في بُونَةٍ بانَتْ حَياةُ المُرْتَضَى / يَحْيَى وقِيدَ إِلى الثَّرى بِزِمَامِ
وهُناكَ خُطَّ ضَريحُهُ سَقْياً لَه / هَلا بأفْئِدَةٍ عَلَيهِ حِيامِ
لَمَّا ثَوَى دَارَ السَّلامِ تَرَحَّلَتْ / عَنَّا مَحَاسِنُ دَهْرِنَا بِسَلامِ
لا طِيبَ في الأَسْحارِ والآصالِ مُذْ / طَابَ الثَّرَى مِنْهُ بِخَيْرِ إِمامِ
عَطَلَتْ ظُهُورُ الأَرْضِ مِنْ تِلْكَ الحُلَى / إذْ حُلِّيَتْ مِنْها بُطُونُ رِجامِ
كانَ الزَّمانُ يَضِيقُ عَنْهُ جَلالَةً / فَإِذَا بِهِ في تُرْبَةٍ وسلامِ
هَبْ عَيْنُهُ ذَهَبَتْ بِيَوْمِ حِمَامِهِ / ما ذَاهِبٌّ أثَرٌ لَهُ بِحِمَامِ
سَلْ عَنْ ظُباهُ مَشارِقاً ومَغارِباً / تُنْبِئْكَ عَنْ إغْمَادِها في الْهامِ
وانْظُرْ إليهِ مُسالِماً ومُحَارِباً / تَجِدِ الهِدَايَةَ أُسْوَةَ الإلْهَامِ
غَلَبَتْهُ صادِمَةُ المَنُونِ وطَالَما / هابَتْهُ أغْلَبَ مَاضِيَ الإقْدامِ
وانْجَابَتِ الحَرَكاتُ عَنْ إسْكانِهِ / ما بَيْنَ أجْداثٍ وبَيْنَ رِمَامِ
وَاهاً وآهاً لَوْ شَفَى تَرْدَادُهَا / مِنْ زَفْرَةٍ مَشْبُوبَةٍ كضِرَامِ
أتْهِمْ وَأنْجِدْ يَا نَجِيبُ فَقَد قَضَى / نَحْباً أَخُو الإنْجَادِ وَالإتهامِ
كَيْفَ احْتِسَابِي ما ألمَّ وَإنَّمَا / حَسَنَاتُ صَبْرٍ فيهِ كالآثَامِ
لا تَحْسِبُوني صَاحِياً مِنْ خَمْرَةٍ / لِلْحُزْنِ فِيهَا العَالَمُونَ نَدَامِي
أمِنَ الوَفَاءِ وَفَاتُهُ وَحَيَاتُنا / أُفٍّ لِكُفَّارٍ يَدَ الإِنْعامِ
سَوْأَى مِنَ الأَحْدَاثِ وَافَتْ بَعدَها / حُسْنَى لهَا فِي اللَّهِ حسنُ مَقَامِ
لَمَّا انْتَأى مَلأَ الهُدَى أثْنَاءَها / فَكَفَى عَظَائِمهَا اكْتفَاءَ عِظامِ
يَا فَوْزَهُم بِخِلافةٍ تَعْنُو لهَا / خُلَفَاءُ بَيْتَيْ هَاشِمٍ وَهِشَامِ
وتَدُومُ في الأَعقَابِ ليسَ لِحُكْمِها / نَسْخٌ مدَى الأَحْقَابِ والأَعْوَامِ
أرْضَوْا إمَامَهُمُ فَأَمْضَوْا عَهْدَهُ / وَوَفَوْا لأَنْفِ الْبَغْيِ بِالإرْغَامِ
قَسَماً بِهِ لَوْلا إمَارَةُ نَجْلِهِ / لَغَدَا الهُدَى نَثْراً بِغَيْرِ نِظَامِ
أتَرَاهُ كُوشِفَ بالذِي هُوَ كَائِنٌ / فَاعْتَامَهُ مِنْ جَوْهَرٍ مُعْتَامِ
وَأقَامَهُ للنَّاسِ يَجْمَعُهُمْ عَلَى / سُلْطَانِهِ وَرَآهُ خَيْرَ قِوَامِ
دَهَمَتهُمُ دُهْمُ الخُطوبِ فَشَدَّ ما / جَلَّى دُجَاهَا مِنْهُ بَدْرُ تَمَامِ
لَمَّا ارْتَضَاهُ نَضَاهُ عَضْباً حاسِماً / غُدِرَ العِدَى مِنْ رَأْيهِ بِحُسَامِ
أَوْلى ذِمَامٍ بالرِّعَايَةِ عِنْدَهُ / مَا لَمْ يُجَاوِزْهُ سُؤالُ مُضامِ
للَّهِ زَحْفُ خَمِيسهِ بِزَعِيمِهِ / تَحْتَ اللوَاءِ لعُبَّدِ الأَصْنَامِ
مِنْ كُلِّ مورد رُمْحَهُ أَدرَاعَهُم / فَتَرَى بِهِ ألِفاً مُخالِطَ لامِ
رَجَفَتْ بلادهُمُ لِبَيْعَتِهِ التِي / مَرَّتْ بهَا الأرْوَاحُ في الأجْسَامِ
وعَنِ القُلوبِ تَفَقَّأَتْ أضْلاعُهُم / فَكأَنَّها الأزْهَارُ دُونَ كِمَامِ
لمُحَمَّدٍ وُعِدَتْ رعَايَا أحمَدٍ / ألا تَزَالَ زَوَاهِرَ الأَيَّامِ
وكأنَّ بِشْراً سَاطِعاً إشْرَاقُهُ / في وَجْهِهَا مِنْ وَجْهِهِ البسَّامِ
مَلِكٌ نَمَتْهُ في المُلوكِ عِصَابَةٌ / هِيَ مَفْخَرُ الأسْيَافِ والأقْلامِ
بُشْرَى الأَنامِ بِدَوْلَةٍ حَفْصِيَّةٍ / مَنْصُورَةِ الرَّايَاتِ والأَعْلامِ
أبَداً تُوافِي مِنْهُمُ بأئِمَّةٍ / زُهْرِ المَنَاقِبِ رُجَّحِ الأَحْلامِ
في يَوْمِهِم أحْيَوْا خَليفَةَ أمْسهِم / شَبَهاً بِهِ في النَّقْضِ والإبْرَامِ
تِلْكَ الشَّمَائِلُ كَالشَّمائِلِ قَد سَمَتْ / بِأَبِي غَمَام مُقْلِعٌ بغَمَامِ
يا خَجْلَتِي لِلْفِكْر أقْعَدَهُ الأسَى / عَنْ نَهْضَةٍ بحقُوقِها وقِيامِ
كُنْتُ المُطيلَ مُهَنِّئاً ومُعَزِّياً / لَكِنْ كفانِيها أبُو تَمَّامِ
تِلْكَ الرّزِيَّةُ لا رَزِيَّةَ مِثْلُها / والقسْمُ لَيْسَ كَسَائِر الأقْسامِ
هَنِيئاً لَهُ عَادَى أَعَادِي إِمَامِهِ
هَنِيئاً لَهُ عَادَى أَعَادِي إِمَامِهِ / مُكَاثَرَةً وَقْعَ الحَيَا مِنْ غَمَامِهِ
قَصِيّ دَنا مِن مَشْرَعِ الجُودِ والنَّدى / فَحَيَّاهُ شامي الرّيِّ قَبلَ حِيَامِهِ
وَيَمَّمَ دَارَ المُلْكِ مُعْتَصِماً بِها / عَلَى ثِقَةٍ مِن فَوْزِهِ بِاعْتِصَامِهِ
فَلا عَجَبٌ أنْ رَاحَ يَومَ سَلامِهِ / إلَى سِلْمِ دَهْر شَجَّه بسلامِهِ
حَدَتْهُ إِلى البَابِ الكَريمِ كَرَامةٌ / تَعَرّفَهَا في سَيْرِهِ بِسَلامِهِ
أحَلَّتْهُ أعلَى تُرْعَةٍ بِاضْطِرابِهِ / وَعَلَّتْهُ أحْلَى شِرْعَةٍ في اضْطِرَامِهِ
صَنَائِعُ مَوْلىً أَصْبَحَ الدَّهْرُ عَبْدَهُ / وأَصْحَبَ حَتَّى قَادَه بِزِمَامِهِ
إِذا الشِّعْرُ لاقَى جَيْشَهَا وهو جائِشٌ / كَفَاهُ اعتِذاراً أَنَّهُ في انْهِزامِهِ
تكُفُّ القَوافي عَن تَعَرُّضِها لَه / وَهَيْهَاتَ يُحْصَى القَطْرُ عِنْدَ انْسِجامِهِ
سَحابُ نَدىً تُزْجِيهِ رِيحُ ارْتِياحِهِ / وَيُغْرِيهِ بالإلْثاثِ بَرْقُ ابْتِسامِهِ
هُوَ المَلِكُ المَيْمونُ وَجْهاً وَدَوْلَةً / يدينُ لَه بالقُرْبِ أقْصَى مَرَامِهِ
تَلَقَّتْ لِوَاءَ المَجْدِ راحتُهُ التِي / تَوَلَّتْ بِناءَ الجُودِ عِنْدَ انْهِدامِهِ
مُطَهَّرَةٌ أعْراقُهُ عُمَرِيَّةٌ / لَهَا مِنْ سِنَانِ الفَخْرِ أعْلَى سَنَامِهِ
عَلى المَجْدِ والعَليْا بَهَاءُ اعتِزازِهِ / وَللدّينِ والدّنْيَا مَضاءُ اعْتِزامِهِ
يَسُوءُ طُغاةَ الكُفْرِ كافِي فِعالِهِ / ويَأْسُو كُلومَ الدَّهرِ شافِي كَلامِهِ
عَوَاقِبَ ما يَأتِي وَما هُوَ تَارِكٌ / يَذُمُّ الذِي لَم يَعْتَلِق بِذِمَامِهِ
كَفَانِي افْتِخاراً أَنَّني مِن جَنابِهِ / بِحَيثُ تَنالُ النجم كَفُّ عُلامِهِ
أَرَى مِنْهُ بَدْرَ المُلْكِ دُونَ سِرارِهِ / وأبْصر بَحْرَ الجُودِ غَيْرَ غَرَامِهِ
حَبَا وحَمَى في عُسْرَةٍ ومَخافَةٍ / فَها أنا ذا في كَلِّهِ واحْتِرامِهِ
أَسيرُ إلَى إقْطاعِهِ في ثِيابهِ / علَى طرْفِهِ مِنْ دارِهِ بِحُسامِهِ
أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما
أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما / فَما لَبِثَ الكافورُ أن عَادَ عِنْدَما
وأنْثُرُهُ وَرْدَا علَى الخَدِّ نَرْجساً / فَتَرْنُو إِلَى نَوْرَيهِ للرّوْضِ مِنْهُما
حَنيناً لِعَهْدِ المُنْحَنَى أنْبَأَ الضّنَى / بِما قَرَّ في الأَحْنَاءِ مِنْهُ وَتَرْجَما
وَذِكْرى كَسَقْطِ الزَّنْدِ رُدّدَ قَدْحُهُ / بِسَقْطِ اللِّوَى تَثْنِي الخَلي مُتَيَّما
تَهافَتُّ فِي أعْقابِها أَريحِيَّةً / فَقالوا فَتىً فَضَّ الرّحيقَ مُخَتَّما
ألَمْ يَقْتُلُوا عِلْماً يَقيناً تَحَرُّجِي / فَكيفَ أَجَالُوا فيهِ ظَنَّاً مُرَجَّمَا
كأنِّي ولا راحٌ سِواها مُدارَةٌ / سُقِيتُ بِها الأَكْوَاب فَذّاً وتَوْأَما
أَميدُ وَيَنْهانِي الحِجَى فأطيعُهُ / كَما كَبَّتِ النَّكْبَاءُ غُصْناً مُنَعَّما
وَقيذاً رَمانِي مِن جَآذِرِ رَامَةٍ / مُصَادِفُ حَبَّاتِ القُلوبِ إِذا رَمى
كأَنَّ له ثَأراً لَدى كُلِّ رامِقٍ / فَيَنْضو لَه عَضْباً منَ اللَّحْظِ مِخْذَما
من الهِيفِ بالصَّبِّ الشّجِيِّ مُهانِفٌ / إِذا ما بَكَى وَجْداً لَدَيْهِ تَبَسَّما
يَصولُ بِسُلْطَانٍ منَ الحُسْنِ قاهِرٍ / ويَزْحَفُ في جَيْشِ الجُفونِ عَرَمْرَما
أتَى شارِعاً في الحُبِّ ما شاءَ ناسِخاً / عَلَى رَغْمِ أبناءِ الغَرَامِ ومُحْكِما
فَحَرَّمَ مِنْ بذل الشِّفاءِ مُحَلِّلاً / وحَلَّلَ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ مُحَرَّما
كَلِفْتُ بِهِ مَلآنَ مِنْ صَلَفِ الصِّبا / أُغازِلهُ ظَبْياً وأَخْشَاه ضَيْغَما
وَمَا الحُبُّ إِلا ما طَوَيْتُ جَوانِحي / عَلَيْهِ فَأبْدَتْهُ المَدَامِعُ سُجَّما
أُلامُ عَلى لَيِّ العِنانِ إِلى اللِّوَى / وأُعْذَلُ في حَوْمِ الجَنانِ علَى الحِمَى
وحَيْثُ الِقبابُ الحُمْرُ بَيْضاءُ غادَةٌ / عَقَدْتُ بِها حَبْلَ الهَوى فَتَصَرّما
أُحَلأُ عَن سَلْسَالِهَا مُتَعَطِّشاً / وأُحرَمُ مِنْ أَظْلالِها مُتَضَرِّما
ولا ذَنْبَ إلا أنْ كَتَمْتُ عَلاقَتِي / فَبَاحَتْ بِهِ نُجْلُ الكُلومِ تَكَلُّما
كَشَمْسِ الضُّحَى أرْعَى بِها أنْجُمَ الدُّجَى / وأهْجُرُ مِنْ جَرَّائِها البيضَ كالدُّمَى
تَعَلَّقْتُ مِنْها للْمَحاسِنِ رَوْضَةً / تَكَمَّنَ فيها مُرْسَلُ الشّعْرِ أَرْقَما
خَلِيلَيَّ لا أهْوَى الخَلِيَّ مِنَ الهَوَى / يُفَنِّدُ عُشَّاقاً ويُسْعِدُ لُوَّما
حُرِمْتُ وِصالَ الغِيدِ إنْ كُنْتُ لَم أَبِتْ / بِرَمْلَةَ مُغْرىً أوْ بِخَوْلَةَ مُغْرَمَا
وخِلْتُ عُهودَ الحُبِّ إنْ رُمْتُ سَلْوَةً / لِساناً مُبيناً أو ضَمِيراً تَجَمْجَما
رَعَى اللَّهُ دَهْراً خَوَّلَ الأمْنَ والمُنى / أيَادِيَ أَوْحَتْ في دُجَى العُسْرِ أنْجُما
حَدانِي إلَى نَيْلِ السَّعَادَةِ مُقتَنىً / وبَوّأنِي دَارَ الإمارَةِ مَعْلَمَا
فَلِلْغَايَةِ القُصْوَى سَمَوتُ تَشَرُّفاً / وبِالعُرْوَةِ الوُثْقَى اعْتَصَمْتُ تَحَرُّما
وشِمْتُ بِساطَ العِزِّ إذ قُمْت ماثِلاً / بِه وتَسَلَّمْتُ الفَخَارَ مُسَلِّما
أَما وإِمامٍ ما رَمَيْتُ بِنَظْرَةٍ / لِحَبْوَتِهِ إِلا رَأيْتُ يَلَمْلَما
تَجَلَّى لنا مِن حُجْبِهِ البَدْر نَيِّراً / وحَفَّ بِنَا منْ نَيْلِهِ البَحْرُ خِضْرِما
مُباركَةٌ أزْمَانُهُ وَبَنَانُهُ / تَسُحُّ نَعِيماً لا يَشُحُّ وأنْعُما
فَقُلْ في الرّبيعِ النَّضْر بِشْراً ومَبْسَماً / وقُلْ في الصَّباحِ الطَّلْقِ نَشْراً ومَيْسَما
تَعَجَّبُ مِنْهُ الطَّامِياتُ إذا حَبا / وتَنْكُل عَنْهُ الضَّارِياتُ إذا حَمَى
إلَى المُرْتَضَى يَحْيى ونَاهيكَ مَنْتَهىً / لِحَضْرَتِهِ العَلْيا وناهيكَ مُنْتَمَى
سَمَا بالمُلوكِ الصِّيد هَمٌّ أَحَلَّها / سَمَاءَ التَّرَقِّي مِنْ لَدُنْه تَهَمُّما
تُنَبِّهُ مِنْهُ في مُسهدِ خَطْبِها / سَليلَ أبي حَفْصٍ وَتَهْدَأُ نُوَّما
مُجيلُ قِداح الفَوْزِ في السِّلْمِ والْوَغَى / لِيُبْرِمَ مَنْقوضاً ويَنْقُضَ مُبْرَما
مُطِلاً عَلى الدّنيا بأوضَح غُرّة / هِي الصّبح في لَيْلِ الحَوَادِثِ مُظْلِما
تَأَلَّمَ للدّينِ الشَّعاعِ فَلَمَّهُ / أرَقَّ عَلَيْه مِنْ ظُباهُ وَأَرْحَما
فَإنْ نَظَمَ التَّوْحِيدَ عقْداً مُنَثَّراً / فَقَدْ نَثَرَ التَّجسيمَ عَقْداً مُنَظَّما
كَأنَّ سِرَاجاً ساطِعاً في جَبِينِه / إِذا مُسْرَجٌ في الحَرْبِ سَاعَدَ مُلْجَما
يُديرُ رَحاها بَاسِماً متهَلِّلاً / بِرَأْدِ ضُحاها عَابِساً مُتَجَهِّما
وأكْثَرَ ما نَلْقاهُ جَذْلانَ ضاحِكاً / إِذا ما بَكَى الخَطِيُّ في كَفِّه دَما
نَطوفُ بِمَثواه المُقَدَّسِ كَعْبَةً / فَيَمْحو خَطايانا مجلاً مُعَظَّما
ونَرْوِي أَحاديثَ الفُتوحِ مَدارُها / عَلَيْهِ صِحاحاً عَنْ قَناهُ مُحَطَّما
أَحالَ عَلى أعْدَائِهِ حَالَ دَهْرِهِم / عَجَاجاً وَراياتٍ وَنَصْلاً ولَهْذَما
فَراحَ عَلَيْهِمْ أدْهَم الليل أشْهباً / وأَضْحَى إلَيْهِم أشْهَبُ الصّبْحِ أدْهَما
لَه راحَةٌ يُعْدي مُقَبِّلَ ظَهْرِها / نَدَى بَطْنِهَا حَتَّى يَفيضَ تَكَرُّما
وإلا فَما لي باتَ مالِي مُجَمَّعاً / وَأَصْبَحَ في أيْدِي العُفاةِ مُقَسَّما
يُفيدُ فُنونَ العِلْمِ والْحِلمِ والنَّدَى / وأَحْظَى المَوَالي عِنْدَهُ مَن تَعَلَّما
إمامَ الهُدى نَاضَلْتَ عَنْ دَعوةِ الهُدَى / وقُمْتَ بِما آدَ الوَشيحَ المُقَوَّما
لَكَ الدّيْن والدّنْيا لَكَ المَجْدُ والعُلَى / تُعافِي مُنِيباً أو تُعَاقِبُ مُجْرِما
تَطَلَّعْتَ في عيدِ الأَضاحِي مُيَمِّماً / ومازِلْتَ في كُلِّ النَّواحِي مُيَمَّما
وَسَمْتَ مُحَيَّاهُ الجَميلَ بِسِيمَةٍ / صَنائِعِ إِجْمالٍ فَلِلَّهِ مَوْسِما
وأَسْرَفْتَ ما أسْرَفْتَ فيهِ تَطَوّلاً / فَأعْلَنَهُ ثَغْرُ الثَّناءِ تَرَنُّما
تَمُدُّ مُلوك الأرْضِ أعْيُنُها إلى / يَدَيْكَ تُرَجِّي ما سَحَابُكَ مُثجِما
وَتَرْكَبُ ظَهْر البَرِّ والْبَحْرِ جُنَّحاً / مَرَاكِبُها طَوْراً إلَيْك وعُوَّما
فَمِنْ مُعْرقٍ لاقَى بِبَابِكَ مشْئماً / وَمِنْ مُنْجِدٍ لاقَى بِبابِكَ مُتْهِما
وَهذِي مُلوكُ الرّومِ تُشْخِصُ رسْلَها / بِسِلْمِكَ تَبْغِي للسَّلامَةِ سُلَّما
بِطاغِيَةِ الكُفَّارِ أبْرَح ذِلَّةٍ / تُجَشِّمُهُ مِنْ حَمْلِهَا مَا تَجَشَّما
تَوَهَّمَ أنّ البَدْرَ يَحْميهِ ظِلُّهُ / وهَيْهَاتَ مَا للْكُفْرِ دُونَكَ مُحْتَمَى
وأيْقَنَ أنَّ الأمْرَ مُؤْتَمَنٌ بهِ / فَحادَ إِلى الإيقانِ عَمَّا تَوَهَّما
تَصَوّرَ تَجْهِيزَ الأَساطيلِ نَحْوَهُ / فَحَيْعَلَ بِالْمَنْجَاةِ مِنْهَا وهَلْمَمَا
وأفْصَحَ يَثْنِي خاطِباً في خِطَابِهِ / وما انْفَكَّ لَوْلا السَّيْفُ أعْجَمَ طِمْطِما
فَها هُوَ إنْ لَمْ يَحْظَ مِنْكَ بِذِمَّة / تَعَلَّقَهُ ظُفْرُ المَنَايَا مُذَمَّما
وأَخْلِقْ بِهِ ألا يَعِزَّ مُتَوَّجاً / إِذا لَمْ يَنَلْ مِنْكَ الأَمانَ مُعَمَّما
سَيَأتِي برَأسِ الكافرِ الكافِرُ الذي / يَطُمُّ عَلَيْهِ المُنْشَآتُ إذا طَما
وَيُغْزَى جَنابٌ طَالَ بِالْغَزْوِ عَهْدُهُ / ويُفْتَحُ باب كانَ للْكُفْرِ مُبْهَما
فَدُمْ أيُّها المَولى مُعاناً مُؤَيَّداً / مَتَى رُمْتَ مَغْنىً حازَهُ السَّيْفُ مَغْنَما
وسُلَّ عَلى العَادِينَ سَيْفَكَ مُنْدِماً / وَسُحّ عَلى العافِينَ سَيْبَكَ مُنْعِما
لِمُبَشِّري بِرِضاكَ أنْ يَتَحَكَّما
لِمُبَشِّري بِرِضاكَ أنْ يَتَحَكَّما / لا المالَ أسْتَثْنِي عَلَيْهِ ولا الدِّما
تاللَّهِ لا غُبِنَ امْرُوءٌ يَبْتاعُهُ / بِحَيَاتِهِ فَوُجودهُ أنْ يُعْدَما
أَيّ المَعاذِرِ أرْتَضِي لِجِنايَةٍ / عَظُمَتْ وَلَكِن ظَلَّ عَفْوُكَ أَعْظَما
نَدَمِي عَلَى ما نَدَّ مِنِّي دائِمٌ / وعَلامَةُ الأوَّابِ أنْ يَتَنَدَّما
يَا طُولَ بُؤْسِيَ مُبْسَلاً بِجَريرَةٍ / إنْ لَمْ تُجِرْنِي بالتَّجاوُزِ مُنْعِما
مَوْلايَ رُحْماكَ التي عَوَّدْتَنِي / إنِّي اعْتَمَدْتُكَ خَاضِعاً مُسْتَرْحِما
فَأحَقُّ مَنْ تُولِي الإقَالَةَ عاثِرٌ / لَمْ يَسْتَحِبَّ عَلى الهُدى قطُّ العَمَى
أقْصاهُ عَنْكَ تَزَلُّفٌ بِخَطِيئَةٍ / خَالَ الصَّوابَ خِلالَها وَتَوَهَّما
ولَقَدْ تَحَفَّظَ في المَقَالَةِ جُهْدَه / لَكِنَّهُ نُمِيَ الحَديثُ ونُمْنِما
مَوْلايَ عَبْدُكَ مَا لَه مِنْ مَعْدِلٍ / عَنْ دارِ عَدْلِكَ منْذُ حَلَّ وَخَيَّما
لَوْ أنَّهُ يَجِدُ الحَيَاةَ كَريمَةً / في غَيْرِها لَرَأى المَنِيَّةَ أكْرَما
إِنْ يَنْتَزِحْ نادِيكَ عَنْهُ يَقْتَرِبْ / منْهُ وإِلا تَحْمِهِ يَلجِ الحِمَى
مُتَهافِتاً مُتَرامِياً مُتَطارِحاً / مُتَواصِلاً مُتَوَسِّلاً مُتَحَرِّما
قَد عَلَّمَتْهُ تَجَنُّبَ الجَهْلِ العُلَى / يَكْفِيهِ أَن قَوَّمْتَهُ فَتَقَوَّما
هَيْهاتَ يَصْحُو أَوْ يُواقِعُ سَلْوَةً / مَنْ لَمْ يَزَلْ برضاك مُغْرىً مُغْرَما
أهْوِنْ بِما لاقاه مِنْ هُونٍ إِذا / لاقَاكَ مُرْتاحاً له مُتَرَنِّما
وجَثَا يُقَبِّل قَبْلَ راحَتِكَ الثَّرَى / غَرِداً بِما أوْلَيْتَهُ مُتَرَنِّما
بِمَثَابَةٍ رَسَخَ الهُدَى أثْنَاءَها / عَلَماً وقَام الحَقُّ فيها مُعْلَما
ألِمَّا بأَشْلاء العُلى والمَكَارِمِ
ألِمَّا بأَشْلاء العُلى والمَكَارِمِ / تُقَدُّ بأَطْرَافِ القَنَا والصَّوَارِمِ
وعُوجا عَلَيها مأْرَباً وَحفَاوَةً / مَصَارِعَ غَصَّتْ بالطُّلى والجَماجِمِ
نُحَيِّي وُجُوهاً في الجِنَانِ وَجيهَةً / بمَا لَقِيَتْ حُمْراً وُجُوهَ المَلاحِمِ
وَأجْسَادَ إيمانٍ كَساها نَجيعُهَا / مَجاسِدَ منْ نَسْجِ الظُّبَى واللهاذِمِ
مُكَرَّمَةٌ حَتَّى عَنِ الدّفْنِ في الثَّرَى / وَما يُكْرِمُ الرَّحْمَنُ غَيْرَ الأَكَارِمِ
هُمُ القَوْمُ رَاحُوا للشَّهادَةِ فاغْتَدَوا / وَما لَهُم في فَوْزِهِم مِنْ مُقَاوِمِ
تَسَاقَوْا كُؤُوسَ الْمَوْتِ في حَوْمَةِ الوَغَى / فَمَالَتْ بِهمْ مَيْلَ الغُصونِ النَّواعِمِ
مَضَوْا في سَبيلِ اللَّهِ قُدْماً كَأنَّما / يَطِيرُونَ في إقْدَامِهِمْ بقَوادِمِ
يَرَوْنَ جِوَارَ اللَّهِ أكْرَمَ مَغْنَمٍ / كَذَاكَ جِوارُ اللَّهِ أسْنَى المَغانِمِ
عَظَائِمُ رامُوها فَخَاضُوا لِنَيْلها / ولا رَوْعَ يَثْنيهِم صُدُورَ العَظَائِمِ
وهَانَ عَلَيْهِم أنْ تَكُونَ لُحُودُهُم / مُتُونَ الرَّوابِي أو بُطُونَ التَّهائِمِ
أَلا بِأبِي تِلكَ الوُجُوه سَوَاهِماً / وَإنْ كُنَّ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرَ سوَاهِمِ
عَفا حُسْنُها إلا بَقايَا مَبَاسِمٍ / يَعِزُّ عَليْنا وَطْؤُها بالمَنَاسِمِ
وسُؤْرُ أسَاريرٍ تُنيرُ طَلاقَةً / فَتَكْسِفُ أنوارَ النُّجومِ العَواتِمِ
لَئِنْ وَكَفَتْ فيها العُيونُ سَحَائِباً / فَعَنْ بَارِقَاتٍ لُحْنَ مِنْها لِشَائِمِ
ويَا بِأبِي تلْكَ الجُسوم نَواحِلاً / بإِجْرائِها نَحْوَ الأجُورِ الجَسائِمِ
تَغَلْغَلَ فيها كُلُّ أسْمَرَ ذَابلٍ / وجَدَّلَ منْها كُلَّ أبْيَضَ نَاعِمِ
فَلا يُبْعِدِ اللَّهُ الذينَ تَقَرَّبُوا / إلَيهِ بإِهْدَاءِ النُّفوسِ الكَرائِمِ
مَواقِفُ أبْرارٍ قَضَوْا مِنْ جِهَادِهِمْ / حُقُوقاً عَلَيْهِمْ كَالفُرُوضِ اللوازِمِ
أصيبُوا وكانُوا في العِبَادَةِ أُسْوَةً / شَبَاباً وشيباً بالغَوَاشِي الغَوَاشِمِ
فَعَامِلُ رُمْحٍ دُقَّ في صَدْرِ عامِلٍ / وقَائِمُ سَيْفٍ قَرَّ في رَأسِ قَائِمِ
وَيا رُبَّ صَوَّامِ الهَواجِرِ وَاصِلٍ / هُنَالِكَ مَصْرومُ الحَياةِ بصَارِمِ
ومُنْقِذ عَانٍ في الأَداهِمِ راسِفٍ / يَنُوءُ بِرِجْلَيْ راسِفٍ في الأداهِمِ
أَضَاعَهُم يَوْمَ الخَميسِ حِفاظُهُم / وكَرهُمُ في المَأزَقِ المُتَلاحِمِ
سَقَى اللَّهُ أَشْلاءً بِسَفْحِ أَنِيشَةٍ / سَوَافِحَ تُزْجِيها ثِقَالُ الغَمائِمِ
وصَلَّى عَلَيها أنْفُساً طَابَ ذِكْرُها / فَطَيَّبَ أنْفَاسَ الرِّيَاحِ النَّواسِمِ
لقَد صَبروا فيها كِراما وصَابَرُوا / فَلا غَرْو أن فَازُوا بِصَفْو المكَارِمِ
وما بَذَلُوا إلا نُفُوساً نَفِيسَةً / تَحِنُّ إلى الأُخْرَى حَنِينَ الرَّوائِمِ
ولا فارَقوا والمَوْتُ يُتْلِعُ جِيدَهُ / بِحَيْثُ التَقَى الجَمْعَانِ صِدْقَ العَزائِمِ
بِعَيْشِكَ طَارِحْنِي الحَدِيثَ عن التي / أُراجَعُ فيها بالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ
وَما هِيَ إِلا غادِياتُ فَجائِعٍ / تُعَبِّرُ عَنْها رَائِحاتُ مآثِمِ
جَلائِلُ دَقَّ الصّبْرُ فيها فَلَمْ نُطِقْ / سِوَى غَضِّ أجْفانٍ وعَضِّ أبَاهِمِ
أَبِيتُ لَها تَحْتَ الظَّلامِ كَأَنَّنِي / رَمِيُّ نِصَالٍ أو لَديغُ أراقِمِ
أُغازِلُ مِنْ بَرْحِ الأَسى غَيْرَ بَارِحٍ / وأَصْحَبُ مِنْ سامِي البُكَا غَيْرَ سائِمِ
وأَعْقدُ بالنَّجْمِ المُشَرِّق نَاظِري / فَيَغْرُب عَنِّي سَاهِراً غَيْرَ نَائِمِ
وأَشْكُو إِلى الأيامِ سُوءَ صَنِيعِها / ولَكِنَّها شَكْوى إِلى غَيْرِ رَاحِمِ
وَهَيْهاتَ هَيْهاتَ العَزَاءُ ودُونَهُ / قَواصِمُ شَتَّى أرْدِفَتْ بِقَواصِمِ
ولَوْ بَرَّدَ السُّلْوانُ حَرَّ جَوانِحِي / لآثَرْتُ عَنْ طَوْعٍ سُلُوَّ البَهائِمِ
وَمَنْ لِي بسُلْوان يَحُلُّ مُنَفِّراً / بِجاثٍ مِن الأَرْزاءِ حَوْليَ جاثِمِ
وبَيْنَ الثَّنايَا والْمَخَارِمِ رِمَّةٌ / سَرَى في الثَّنايا طِيبُها والمَخَارِمِ
بَكَتْها المَعَالي والْمَعَالِمُ جهدَها / فَلَهْفَ المَعَالِي بَعْدَها والمَعَالِمِ
سَعيدٌ صَعيدٌ لَمْ تَرُمْهُ قَرَارَة / وأعْظمْ بِها وَسْطَ العِظامِ الرّمائِمِ
كَأَنَّ دَماً أذْكَى أَديم تُرَابِها / وقَدْ مَازَجَتْهُ الرّيحُ مِسْكُ اللطائِمِ
يَشُقُّ علَى الإسْلامِ إسْلامُ مِثْلِها / إلَى خَامِعَاتٍ بِالفلا وقَشَاعِمِ
كَأَنْ لَمْ تَبِتْ يَغْشَى السُّراةُ قِبَابَها / ويَرْعَى حِماها الصِّيدُ رَعْيَ السَّوائِمِ
سَفَحْتُ عَلَيْهَا الدّمْعَ أحْمَرَ وارِساً / كَمَا نَثَرَ الياقُوتَ أيْدِي النَّواظِمِ
وَسامَرْتُ فيها الباكِياتِ نَوادِباً / يُؤَرِّقْنَ تَحْتَ الليْلِ وُرْقَ الحَمَائِمِ
وَقاسَمْتُ فِي حَمْلِ الرّزِيَّة قَوْمَها / ولَيْسَ قَسيمُ البرِّ غَيْرَ المُقاسِمِ
فَوا أسَفَا للدِّينِ أعْضَلَ دَاؤُهُ / وأَيْأَسَ مِنْ آسٍ لِمَسْرَاهُ حَاسِمِ
وَيا أَسَفا لِلْعِلْمِ أقْوَت رُبوعُهُ / وأصْبَحَ مَهْدُودَ الذُّرَى والدَّعائِمِ
قَضَى حَامِلُ الآثارِ مِنْ آلِ يَعْربٍ / وَحامِي هُدى المُخْتارِ مِن آلِ هاشِمِ
خَبا الكَوْكَبُ الوَقَّادُ إذْ مَتَعَ الضُّحَى / لِنَخْبطَ في لَيْلٍ مِنَ الجَهْلِ فاحِمِ
وَخابَتْ مَساعِي السامِعينَ حَديثَه / كَما شاءَ يَوْم الحادِثِ المُتَفَاقِمِ
فَأَيُّ بَهاءٍ غارَ لَيْسَ بِطالِعٍ / وأَيُّ سَناءٍ غابَ ليسَ بِقادِمِ
سَلامٌ علَى الدُّنْيا إِذا لَم يَلُح بِها / مُحَيَّا سُلَيْمَانَ بْنِ موسى بن سالِمِ
وهَلْ في حَياتي مُتْعَةٌ بعدَ مَوْتِهِ / وَقَد أسْلَمَتْنِي للدَّواهِي الدَّواهِمِ
فَهَا أَنا ذَا في خَوْفِ دَهْرٍ مُحَارِبٍ / وكُنْتُ بِهِ في أمْنِ دَهرٍ مُسَالِمِ
أَخو العِزَّةِ القَعْساء كَهْلاً وَيافِعاً / وأكْفاؤُهُ مَا بَيْنَ راضٍ وَراغِمِ
تَفَرَّدَ بِالعَلْياءِ عِلْماً وسُؤْدَدا / وحَسْبُكَ مِنْ عالٍ عَلى الشُّهْبِ عالِمِ
مُعَرَّسُه فَوْقَ السُّهى ومَقِيلُهُ / ومَوْرِدُهُ قَبْلَ النُّسورِ الحَوائِمِ
بَعيدٌ مَداهُ لا يُشَقُّ غُبارُهُ / إِذا فَاهَ فاضَ السِّحْرُ ضَرْبةَ لازِمِ
يُقَوِّضُ مِنه كُلَّ نادٍ ومنْبَرٍ / إلَى ناجِحٍ مَسْعاهُ في كُلِّ ناجِمِ
مَتَى صادَمَ الخَطْبَ المُلِمَّ بِخُطْبَةٍ / كَفَى صادِماً مِنْهُ بأكْبَر صادِمِ
لَهُ مَنْطِقٌ سَهْلُ النَّواحي قَريبُها / فَإْن رُمْتَه ألْفَيْتَ صَعْبَ الشَكَائِمِ
وسِحْرَ بَيَانٍ فاتَ كُلَّ مُفَوَّهٍ / فباتَ عَلَيه قارِعاً سِنَّ نادِمِ
وَمَا الرّوْضُ حَلاهُ بِجَوْهَرِهِ النَّدَى / ولا البُرْدُ وَشَّتْهُ أكُفُّ الرّوَاقِمِ
بِأبْدَع حُسْناً من صَحائِفِهِ التِي / تُسَيِّرُها أقْلامُهُ في الأَقالِمِ
يَمَانٍ كلاعِيٌّ نَماهُ إلى العُلَى / تَمامٌ حَواهُ قَبْلَ عَقْدِ التَّمائِمِ
يَرُوقُ رُواقَ المُلْكِ في كُلِّ مَشْهَدٍ / ويَحْسُنُ وَسْماً في وُجوهِ المَواسِمِ
وَيَكْثُرُ أعْلامَ البَسيطَةِ وَحْدَهُ / كَمَالَ مَعَالٍ أو جَمالَ مقَاوِمِ
لَعاً لِزَمانٍ عاثِرٍ من جَلالِهِ / بِواقٍ منَ الجُلَّى أُصيبَ بوَاقِمِ
مُنادىً إلى دارِ السَّلام مُنادِمٍ / بِها الحُورُ واهاً لِلْمُنادِي المُنادِمِ
أَتاهُ رَداهُ مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ / لِيَحْظَى بِإقْبالٍ مِنَ اللَّهِ دائِمِ
إِماماً لِدين أو قِواماً لِدَوْلَةٍ / تَقَضَّى ولَم تَلْحَقْهُ لَوْمَةُ لائِمِ
وإنْ عابَهُ حُسَّادُهُ شَرقاً بهِ / فلَم تَعْدَمِ الحَسنَاءُ ذاماً لِذائِمِ
فَيَا أيُّها المَخدومُ عالٍ مَحَلُّهُ / فِدىً لكَ من سَاداتِنا كُلُّ خادِمِ
ويا أيُّها المَخْتُومُ بالفَوْزِ سَعْيُهُ / ألا إنَّما الأعْمَالُ حُسْنُ الخَواتِمِ
هَنِيئاً لَكَ الحُسْنَى منَ اللَّهِ إنَّها / لِكُلِّ تَقِيٍّ خيمُهُ غَيْرُ خَائِمِ
تَبَوَّأْتَ جَنَّاتِ النَّعيمِ وَلَمْ تَزَلْ / نَزيلَ الثُّرَيَّا قَبْلَهَا والنَّعَائِمِ
وَلَمْ تَألُ عَيْشاً رَاضِياً أَو شَهادَةً / تَرَى مَا عَدَاها مِنْ عِدَادِ المَآثِمِ
لَعَمْرُكَ ما يُبْلَى بَلاؤُكَ في العِدَى / وَقَدْ جَرَّتِ الأَبْطَالُ ذَيْلَ الهَزَائِمِ
وَتاللَّهِ لا يَنْسَ مَقَامَكَ في الوَغَى / سِوَى جاحِدٍ نُورَ الغَزالَةِ كاتِمِ
لَقِيتُ الرَّدَى في الرَّوْعِ جَذْلانَ بَاسِماً / فبُورِكْتَ من جَذْلانَ في الرَّوْعِ بَاسِمِ
وحُمْتَ عَلى الفِرْدَوسِ حَتَّى وَرَدْتَهُ / فَفُزْتَ بأَشتَاتِ المُنَى فَوْزَ غَانِمِ
أجِدّكَ لا تَثْنِي عَنَاناً لأَوْبَةٍ / أُداوِي بِها بَرْحَ الغَليلِ المُدَاوِمِ
وَلا أَنْتَ بَعْدَ اليَوْمِ واعِدَ هَبَّةٍ / مِنَ النَّوم تَحْذُوني إلى حالِ حالِمِ
لَسُرْعانَ مَا قَوَّضْتَ رَحْلَكَ ظاعِناً / وَسِرْتَ عَلى غَيْرِ النَّواجِي الرَّواسِمِ
وخَلَّفْتَ مَنْ يَرْجُو دِفَاعَكَ يَائِساً / مِنَ النَّصْرِ أَثْنَاءَ الخُطُوبِ الضَّوَائِمِ
كأنِّيَ لِلأَشْجَانِ فَوْقَ هَوَاجِرٍ / بِما عاَدَنِي مِنْ عادِياتٍ هَوَاجِمِ
عَدِمْتُكَ مَوْجوداً يَعِزُّ نَظِيرُهُ / فيا عِزَّ مَعْدُومٍ ويا هُونَ عَادِمِ
ورُمْتُكَ مَطْلُوباً فَأَعْيا مَنَالهُ / وكيفَ بِما أَعْيا مَنالاً لِرائِمِ
وإنِّي لَمَحْزُونُ الفُؤَادِ صَديعُهُ / خِلافاً لِسَالٍ قَلْبُهُ عَنْك سالِمِ
وَعِنْدِي إلى لُقْيَاكَ شَوْقٌ مُبَرِّحٌ / طَوَانِيَ مِنْ حَامي الجَوى فَوْقَ جَاحِمِ
وَفي خَلَدِي واللَّهِ ثكلك خالِدٌ / أَلِيَّةَ بَرٍّ لا ألِيَّةَ آثِمِ
ولَوْ أنَّ في قلْبِي مَكاناً لِسَلْوَةٍ / سَلَوْتُ ولَكِنْ لا سُلُوَّ لِهَائِمِ
ظَلَمْتُكَ إنْ لَمْ أقْضِ نُعْمَاكَ حَقَّهَا / ومِثْلِيَ في أمْثَالِهَا غَيْرُ ظَالِمِ
يُطَالِبُنِي فيكَ الوَفَاءُ بِغَايَةٍ / سَمَوْتُ لَها حِفْظاً لِتِلْكَ المَوَاسِمِ
وأَبكِي لِشِلْوٍ بالعَرَاءِ كَمَا بَكَى / زِيادٌ لِقَبْرٍ بَيْنَ بُصْرَى وجاسِمِ
وأعْبَدُ أن يَمْتَازَ دُونِيَ عَبْدَةٌ / بِعَلْيَاءَ في تأْبِينِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمِ
وَهَذِي المَراثِي قَد وَفَيْتُ بِرَسْمِهَا / مُسهمَةً جُهْدَ الوَفِيِّ المُسَاهِمِ
فَمُدَّ إلَيْهَا رافِعاً يَد قابِلٍ / أكَبَّ عَلَيها خَافِضاً فَمَ لاثِمِ
ورُبَّ حَديقَةٍ بَرَزَتْ عَروساً
ورُبَّ حَديقَةٍ بَرَزَتْ عَروساً / فَتَوَّجَها وطَوَّقها الغَمامُ
يُشَقُّ بِجَدْوَلٍ فيها غَديرٌ / كَما يُنْضَى عَلى دِرْعٍ حُسامُ
يا حامِلاً في قِمَاطِ الغِمْدِ مُكْتَهِلاً
يا حامِلاً في قِمَاطِ الغِمْدِ مُكْتَهِلاً / مِنَ الظُّبى نَيِّراً كَالنَّجْم في الظُّلَمِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ كالوَليدِ الطِّفْلِ في صِغَرٍ / مَا أوْضَعوهُ دَمَ الأَبْطال والهِمَمِ
وحَمَامَةٍ ناحَتْ فَنُحْتُ إِزاءَها
وحَمَامَةٍ ناحَتْ فَنُحْتُ إِزاءَها / فَلَوِ اسْتَمَعْتَ لَقُلْتَ هَذا المأْتَمُ
أَبْكِي وتَبْكِي غَيرَ أنِّي مُعْرِبٌ / عَمَّا أُكِنُّ مِنَ الغَرَام وتُعْجِمُ
وأرَدِّدُ الزَّفَرَاتِ أثْنَاءَ البُكَا / وَتَظَلُّ فَوْقَ أَراكِها تَتَرَنَّمُ
فَإِذا أصَاخَ لِشَدْوِها وتَأَوُّهي / وَاعٍ يَقُولُ خَلِيَّةٌ ومُتَيَّمُ
يَا رِيم قَصْرٍ بِه أهِيمُ
يَا رِيم قَصْرٍ بِه أهِيمُ / الصّبْحُ ما لَمْ تَلُحْ بَهِيمُ
سَرَتْ ولَمَّا يَسْرِ غَرامِي / لا غَرْوَ أنْ يُلْزَمَ الغَرِيمُ
يَا حَبَّذَا مَنْزِل خَصِيبٌ / أَلْوَى بهِ مُنْزَلٌ خَصِيمُ
طَابَتْ بأرْجَائِهِ الأَمَانِي / كأَنَّهُ الرُّكْنُ والحَطِيمُ
إذ نَحْنُ في ظِلِّهِ جَمِيعٌ / وَرَوْضُ آمالِنَا حَمِيمُ
وَلي بحُكْمِ الهَوى نَسِيبٌ / كَأَنَّهُ رِقَّة نَسِيمُ
فَاليومَ لا حالِق رَحيبٌ / يُغَشى ولا آلِفٌ رَحيمُ
لَعَلَّ قَسيمَ الفَضْلِ مِنْ آلِ قاسِمٍ
لَعَلَّ قَسيمَ الفَضْلِ مِنْ آلِ قاسِمٍ / يُصِيخُ إلَيْهَا نُدْبَةً مِنْ مُقاسِمِ
تَقَيَّلَ فِيهَا رَأْيُهُ غَيْرَ آثِمٍ / وكَمْ نادِبٍ مُسْتَصْحِبٌ حَالَ نادِمِ
وأَحْسَنُ مَا أُعْطِيتَهُ عِلْمُ زاهدٍ / وأزْيَنُ ما رُدِّيتَه زُهْدُ عالِمِ
وَطُولُ اعْتِبارٍ في الليالي وحُكْمِهَا / عَلى كُلِّ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ وحَاكِمِ
خليلَيَّ ما هَذِي الأَسَاةُ التِي أَرى / وتِلْكَ عُرَى الأَعْمارِ في يَدِ قاصِمِ
ألَمْ تَعْلَما أنَّ النّفوسَ فَرَائِسٌ / تُزَجَّى لآسادِ المَنايا الهَوَاجِمِ
فَأَيْنَ التَّوَخِّي لِلسَّعادَةِ في غَدٍ / وَأَيْنَ التَّوَقّي للدَّواهِي الدَّواهِمِ
كَفَى حَزَناً أنَّ الحِمَامَ مُسَلَّط / وأنَّا عَلى اسْتِبْصَارِنا فِي الجَرَائِمِ
نَسيرُ إِلى الأجْداثِ رَكْضاً وما لَنا / من الزَّادِ إلا موبِقاتُ المَآثِمِ
وَما الكَهْلُ بِالنَّاجِي وَلا الطِّفْلُ مِنْ يَدَي / زَمَانٍ لأهْليهِ مُصَادٍ مُصادِمِ
سَلامٌ عَلى الدَّارِ التي ليسَ رَبُّهَا / وإنْ سالَمَتْهُ الحادِثَاتُ بِسَالِمِ
فَأَطْوَلُ عُمْرِ المَرْءِ خَطْفَةُ بارِقٍ / وأَحْلَى مُنَى الإنسانِ أَحْلامُ نائِمِ
سَقَى اللَّه قَبْراً أودِعَ البِرّ والتُّقَى / كَما تُودَعُ الأَزْهارُ طَيَّ الكَمَائِمِ
ويَمَّمَهَا الرِّضْوَانُ أُماً كَرِيمَةً / لأَوْحَدَ مَخصوصٍ بِغُرِّ الْمَكَارِمِ
تَخَلَّتْ عَنِ الدُّنْيَا وخَلَّتْ مُسَامِياً / لَها طِيب أنْفاسِ الرِّياحِ النَّواسِمِ
فَإِنْ وَكَفَتْ سُحْم الغَمائِمِ بَعْدَها / فَقَدْ هَتَفَتْ بالنَّوْحِ وُرْقُ الحَمَائِمِ
مُبَارَكَة جاءَتْ بِنَجْلٍ مُبَارَكٍ / لَهُ في المَعَالي سامِيَاتُ المَعَالِمِ
نَهوضٌ بِأَعْباءِ الدِّيانةِ مُقْدِمٌ / عَلى الحَقِّ إِقدامَ الليوثِ الضَراغِمِ
تَنَسَّكَ لا يَرْجُو زَمَاناً مُلائِماً / ولا يَتَّقِي في اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمِ
وأَسْلَمَ دُنْيَا النَّاسِ للنَّاسِ غانِما / مِن الدِّينِ في الدّارَيْنِ أُنْسَ المَغَارِمِ
فَلَيْسَ إِذا صَامَ النَّهَارَ بِمُفْطِرٍ / ولَيْسَ إذا قامَ الظَّلامَ بِنَائِمِ
لَهُ بَسْطَةٌ في العِلمِ والحلْمِ زَانَها / بِقَبْضِ الخُطَى إلا لِكَفِّ المَظَالِمِ
وحُسْنِ عَزَاءٍ في الأَسى وتَمَاسُكٍ / سِوَى عَبْرَةٍ لم تَعْدُ عادَةَ راحِمِ
وَمَنْ كَأبِي عَبدِ الإلَهِ بْنِ قاسِمٍ / لِصَبْرٍ وَتَفْوِيضٍ لَدَى كُلِّ قاصِمِ
وحَسْبُكَ مِنْ هادٍ إلَى الخَيْرِهَدْيُه / ومِنْ ناجِحٍ مَسْعاهُ في كُلِّ نَاجِمِ
لَكَ الخَيْرُ خُذْها مُغْضِياً عَنْ قُصورِها / قَوَافِيَ أعْيَا وَصْفُهَا كُلَّ نَاظِمِ
بَعَثْتُ بِهَا أبْقِي رِضاكَ مُسَاهِماً / ومِثْلُكَ مَنْ أرْضَاهُ سَعْيُ المُسَاهِمِ
تَقَدَّمَ يَحْيَى المُرْتَضَى كُلَّ مَنْ مَضَى
تَقَدَّمَ يَحْيَى المُرْتَضَى كُلَّ مَنْ مَضَى / كَمَالاً فَصارَ النَّقْصُ لِلْمُتَقَدِّمِ
وأحْرَزَ مِنْ إِرْثِ الهِدَايَةِ حَقَّهُ / فَمَا مِنْ مُلوكِ الأَرْضِ غَيْرُ مُسَلِّمِ
وَرَدْتُ نَدَاهُ الغَمْرَ غَيْرَ مُصَرَّدٍ / ونِلْتُ رِضَاهُ الجَمَّ غَيْرَ مُصَرّمِ
فَهَا أَنَا مِنْهُ في حِبَاءٍ مُنَثَّرٍ / وها هُوَ مِنِّي في ثَنَاءٍ مُنَظَّمِ
لَهَا مُلْكُ نُعْمَانٍ وعِزَّةُ تُبَّعٍ / وَصَوْلَةُ بِسْطَامٍ وحِكْمَةُ أكْثَمِ
ولِي وَجْدُ خَنْسَاء وَرِقَّةُ عُرْوَةٍ / وتَهْيَامُ غِيلانٍ وحُزْنُ مُتَمِّمِ
يُفَنِّدُنِي في العَامِرِيَّةِ لُوَّمِي
يُفَنِّدُنِي في العَامِرِيَّةِ لُوَّمِي / وَلَيْسَ هَوَاها بالحَديثِ المُرَجَّمِ
يُرِيدُونَ بِي عَن شِرْعَةِ الحُبِّ رِدّةً / ومِنْ دُونِهَا إخْلاصُ قلْبٍ مُصَمِّمِ
ولِي عِنْدَ لُبْنَى لَوْ تَسَنَّى لُبَانَةٌ / أزَجِّي إلَى مَاذِيِّهَا كُلَّ عَلْقَمِ
إِذا رُمْتُ لُقْياها عَدَانِي مُرَاقِبٌ / فَأَقْنَعُ مِنْهَا بالخَيَالِ المُسَلِّمِ
أَطُوفُ بِهَا شَوْقاً وأُمْسِكُ عِفَّةً / فَأَحْسَبُنِي بَيْنَ المَقامِ وَزمْزِمِ
قَضَى رَبُّهَا رَعْيَ الكَواكِبِ إنَّنِي / مَتَى سِمْتُ كانَت لِي قَضايَا مُنَجِّمِ
مِنَ العَرَبِيَّاتِ الرَّعابِيبِ تَنْتَمِي / لأشْرَفِ بَيْتٍ في هِلالٍ وَأكْرَمِ
مُحَجَّبَةٌ مِن دونِهَا ذُبُلُ القَنَا / تَأَطَّر مِنْهَا فَوْقَ غُصْنٍ مُنَعَّمِ
لَئِنْ ضُمِّخَتْ دِيباجَتَاها بِمِسْكَةٍ / لقَد ضُرِّجَت كافورَتاها بِعَنْدَمِ
كَتَمْتُ الهَوَى عَنْها فَمِنْ مُتَشَابِهٍ / تَفَهَّمْتُهُ عِنْدَ الوَدَاعِ ومُحْكَمِ
أَقَمْتُ وسَارَتْ غَيْرَ قَلْبٍ مُشَيِّعٍ / رَكائِبهَا بَيْنَ الخِيامِ مخَيِّمِ
تُنَازِعُهَا فيها الجَوَانِح ضِلَّةً / ومَنْ يَخْصِمِ البِيضَ الكَواعِب يُخْصَمِ
وَعَيْنُ الحِجَى ألا يُقامَ بِحُجَّةٍ / لَدَى حَكَمٍ مِنْ حُسْنِهَا مُتَحَكِّمِ
تُحَلِّلُ للأَحْدَاقِ قَتْلَ بَنِي الهَوَى / كَأنَّ دَمَ العُشَّاقِ غَيْرُ مُحَرَّمِ
ومَاذَا عَلَيْهَا لَوْ تَلافَتْ حُشَاشَتِي / وعَاجَتْ على هَيْمَانَ غَيْرِ مُهَوِّمِ
وفي لَثْمِ مَا لاثَتْ عَلَيْهِ لِثَامَهَا / شِفَاءٌ لِتَبْريجِ الفُؤَادِ المُتَيَّمِ
ولَكِنَّهُ يُحْمَى بِسَاجٍ ونَاهِدٍ / كَأمْضَى غِرارٍ أوْ كأَنْفَذ لَهْذَمِ
إنَّ البَشَائِرَ كُلَّها جُمِعَتْ
إنَّ البَشَائِرَ كُلَّها جُمِعَتْ / للدِّينِ والدّنيا ولِلأُمَمِ
في نِعْمَتَيْنِ جَسِيمَتَيْنِ هُمَا / بُرْءُ الإمَامِ وبَيعَةُ الحَرَمِ
صُرِفَتْ صَرْفاً سِوى مِدَحٍ
صُرِفَتْ صَرْفاً سِوى مِدَحٍ / مَلأَتْهَا عَذْبَة الكَلِمِ
ولَقَدْ أهْدَتْ جَنَى شَجرٍ / فِي عُبوسِ المَحْلِ مُبْتَسِمِ
لأخٍ أَشْهَى علَى كَبِدِي / ذِكْرُهُ مِنْ سَلْسَلٍ شَبِمِ
منْ زُهَيْرٍ في الإجَادَةِ أَوْ / فِي فِنَاءِ الجُودِ مِنْ هَرِمِ
راحَت الآدابُ حِينَ غَدَتْ / عِنْدَهُ مَوْصُولَةَ الرَّحِمِ
ونَهْرٍ كَما ذابَتْ سَبَائِكُ فِضَّةٍ
ونَهْرٍ كَما ذابَتْ سَبَائِكُ فِضَّةٍ / حَكَتْ بِمَحانيهِ انْعِطافَ الأراقِمِ
إذَا الشَّفَقُ اسْتَوْلى عَلَيْهِ احْمِرَاره / تبدَّى خَضيباً مِثْلَ دَامِي الصَّوارِمِ
وتَحْسِبُهُ سُنَّتْ عَلَيْهِ مُفَاضَةٌ / لإِرْهابِ هَبَّاتِ الرِّياحِ النَّواسِمِ
وتَطْلَعُهُ في دُكْنَةٍ بعدَ زُرْقَةٍ / ظِلالٌ لأَدْواحٍ عَلَيْهِ نَوَاعِمِ
كَما انْفَجَرَ الفَجْرُ المُطِلُّ عَلى الدُّجى / ومِنْ دُونِهِ في الأُفْقِ سُحْمُ الغَمَائِمِ
لامَ المُحِبُّونَ الفِرَاقَ ولُمْتُهُ
لامَ المُحِبُّونَ الفِرَاقَ ولُمْتُهُ / لَكِنَّهُم سَئِمُوا ولَمَّا أَسْأَمِ
ظَعَنُوا وَهُمْ قَدْ وَدَّعُوا أوْ سَلَّمُوا / وَظَعَنْتُ غَيْرَ مُوَدِّعٍ وَمُسَلِّمِ
فَعَلَيَّ فَلْتَبكِ البَوَاكِي إنَّنِي / أُخْرِجْتُ مِنْ وَطَنِي وَلَسْتُ بِمُجْرِمِ
وأُضِعْتُ يَوْمَ وُضِعْتُ في أرْضٍ بِهَا / يَغْدُو الْفَصيحُ مُعَظِّماً للأَعْجَمِ
لا أَسْتَريحُ بِغَيْرِ لَيْلٍ أَلْيَلٍ / أَشْكُو تَطَاوُلَهُ ويَوْمٍ أيْوَمِ
جَارَ مَن أَهْوَى عَلَى لُبْ
جَارَ مَن أَهْوَى عَلَى لُبْ / نَى كَمَا جَار مسَمَّى
وَإِذا صُحِّفَ بَعْدَ ال / قَلْبِ لَمْ يَخْفَ مُعَمَّى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025