المجموع : 7
اِشرَب فَقَد طابَتِ المُدامُ
اِشرَب فَقَد طابَتِ المُدامُ / وَاِفتَرَّ عَن ثَغرِهِ الغَمامُ
مِن قَهوَةٍ حُرِّمَت عَلَينا / وَالصَبرُ عَن مِثلِها حَرامُ
جَلَّت عَنِ الوَصفِ فَهيَ شَيءٌ / يَدِقُّ عَن شَأنِها الكَلامُ
إِذا اِستَذَمَّ الأَسى إِلَيها / فَما لَهُ عِندَها ذِمامُ
طَوَّقَها الماءُ سِمطَ دُرٍّ / لَيسَ لِمَنثورِهِ نِظامُ
كَأَنَّها تَحتَهُ كُمَيتٌ / عَلَيهِ مِن فِضَّةٍ لِجامُ
إِذا بَدَت لِلهُمومِ ظَلَّت / وَهيَ لِإِعظامِها قِيامُ
تَلوذُ مِنها فَلا لِواذٌ / يَنفَعُ مِنها وَلا اِعتِصامُ
في فِتيَةٍ كُلُّهُم كَريمٌ / وَخَيرُ مَن يَصحَبُ الكِرامُ
يَكسَدُ سَوقُ الفَتاةِ فيهِم / ظَرفاً وَلا يَكسَدُ الغُلامُ
أَئِمَّةٌ كُلُّهُمْ عَليمٌ / بِكُلِّ ما فِعلُهُ أَثامُ
لكِنَّني فيهِمُ عَلى ما / وَصَفتُ مِن فَضلِهِم إِمامُ
وَعِندَنا شادِنٌ غَريرٌ / في لَحظِ أَجفانِهِ سَقامُ
لِلحُسنِ قُدّامَهَ جُيوشٌ / لِلصَّبرِ قُدّامَها اِنهِزامُ
يَخِفُّ في حُبِّهِ التَصابي / كَمِثلِ ما يَثقُلُ المَلامُ
ذا العَيشُ فَاِفطُن لَهُ وَبادِر / مِن قَبلِ أَن يَفطُنَ الحِمامُ
وَاِنعَم فَعامُ السُرورِ عِندي / يَومٌ وَيَومُ الهُمومِ عامُ
أَلَستَ تَرى وَشيَ الرَبيعِ المُنَمنَما
أَلَستَ تَرى وَشيَ الرَبيعِ المُنَمنَما / وَما رَصَّعَ الرَبعِيُّ فيهِ وَنَظَّما
فَقَد حَكَتِ الأَرضُ السَماءَ بَنَورِها / فَلَم أَدرِ في التَشبيهِ أَيُّهُما السَما
فَخُضرَتُها كَالجَوِّ في حُسنِ لَونِهِ / وَأَنوارُها تَحكي لِعَينَيكَ أَنجُما
فَمِن نَرجِسٍ لَما رَأى حُسنَ نَفسِهِ / تَداخَلَهُ عُجبٌ بِها فَتَبَسَّما
وَأَبدى عَلى الوَردِ الجِنِيِّ تَطاوُلاً / فَأَظهَرَ غَيظُ الوَردِ في خَدِّهِ دَما
وَزَهرٍ شَقيقٍ نازَعَ الوَردَ فَضلَهُ / فَزادَ عَلَيهِ الوَردُ فَضلاً وَقَدَّما
وَظَلَّ لِفَرطِ الحُزنِ يَلطِمُ خَدَّهُ / فَأَظهَرَ فيهِ اللَطمُ جَمراً مُضَرَّما
وَمِن سَوسَنٍ لِما رَأى الصِبغَ كُلَّهُ / عَلى كُلِّ أَنوارِ الرِياضِ تُقُسِّما
تَجَلبَبَ مِن زُرقِ اليَواقيتِ حُلَّةً / فَأَغرَبَ في المَلبوسِ مِنهُ وَأَعلَما
وَأَلوانِ مَنثورٍ تَخالَفَ شَكلُها / فَظَلَّ بِها شَكلُ الرَبيعِ مُتَمَّما
جَواهِرُ لَو قَد طالَ فينا بَقاؤُها / رَأَيتَ بِها كُلَّ المُلوكِ مُخَتَّما
فَقُم فَاِسقِني ما حَرَّموهُ فَما أَرى / مِنَ العَيشِ حُلواً غَيرَ ما قيلَ حُرِّما
فَهِمٌ غالَطَ مِنى فَهِما
فَهِمٌ غالَطَ مِنى فَهِما / جاءَني يَسأَلُ عَمّا عَلِما
مُقسِمٌ ما بَلَغَتهُ عِلَّتي / كاذِبٌ وَاللَهِ فيما زَعَما
كَيفَ لَم يَبلُغهُ عَنّي سَقَمي / وَهُوَ المُهدي إِلِيَّ السَقما
رُزِقَ المَظلومُ مِنّا رَحمَةً / ثُمَّ لا أَدعو عَلى مَن ظَلَما
يا باعِثاً لِدَعوَتي غُلامَهُ
يا باعِثاً لِدَعوَتي غُلامَهُ / وَعاتِباً مِن تَركِنا إِلمامَهُ
إِذا أَرَدتَ أَن تُزارَ في غَدِ / فَلا تُغالِ في الطَعامِ وَاِقصِدِ
وَاِعمِد إِلى ما أَنا مِنهُ واصِفُ / فَإِنَّني بِالطَيِّباتِ عارِفُ
اِبعَث فَخُذ عَشراً مِنَ الرُقاقِ / تَلَذُّها نَواظِرُ الأَحداقِ
تَكادُ مِمّا رَقَّ مِن خِرشائِها / تَشِفُ لِلأَعيُنِ مِن صَفائِها
أَرَقَّها الصانِعُ حَتّى خَفَّتِ / وَلَطُفَت أَجسامُها وَمُدَّتِ
تَكادُ لَولا حِذقُهُ في صَنعَتِهْ / تُطيرُها أَنفاسُهُ مِن راحَتِهْ
حَتّى أَتَت في صورَةِ البُدورِ / اَو مِثلَ جاماتِ مِن البَلّورِ
حَتّى إِذا فَرَغتَ مِنها مُتقِنا / وَلَم يَرَ العائِبُ فيها مَطعَنا
فَاِعمِد إِلى مُدَوَّرٍ مِنَ البَصَلْ / فَإِنَّهُ أَكبَرُ أَعوانِ العَمَلْ
يَحكي لِعَينَيكَ اِخضِرارُ قِشرِهِ / إِذا رَماهُ ناظِرٌ بِفِكرِهِ
غَلائِلاً خُضراً عَلى جَسومِ / بيضٍ رِطابٍ مِن بَناتِ الرومِ
حَتّى إِذا أَحكَمتَهُ تَقطيعا / وَقُلتَ قَد جَوَّدَتُهَ صَنيعا
خَلَطتَهُ بِاللَحمِ خَلطاً جَيِّداً / وَلَم تَزَل تَخلِطُهُ مُرَدِّدا
حَتّى إِذا أَنتَ أَجَدتَ فِعلَهُ / ثُمَّ جَمَعتَ في الرُقاقِ شَملُهُ
صَيَّرتَهُ يا ذا العُلا السَنِيَّهْ / شابورَةً لَيسَت لَها سَمِيَّهْ
ثُمَّتَ أَغلِ الشَبرِقَ المُقَشَّرا / مِن فَوقِهِ حَتّى تَراهُ أَحمَرا
مُكتَسِياً حُلَّتَهُ الخَمرِيَّهْ / مِن بَعدِ ما عَهِدتَها فِضِّيَهْ
ثُمَّ أَدِر كَأسَ الشَمولِ مُنعِما / أَكرِم بِهذا مَشرَباً وَمَطعَما
فَلَستَ في فِعلِكَ ذا مُبَذِّرا / كَلّا وَلا في حَقِّنا مُقَصِّرا
لا تَحسُدَنَّ صَديقاً
لا تَحسُدَنَّ صَديقاً / عَلى تَزايُدَ نِعمَهْ
فَإِنَّ ذلِكَ عِندي / سُقوطُ نَفسٍ وَهِمَّهْ
ضِحِكَ الفَجرُ ساخِراً بِالظَلامِ
ضِحِكَ الفَجرُ ساخِراً بِالظَلامِ / حينَ فُلَّت جُيوشُهُ بِاِنهِزامِ
لاحَ في الحِندِسِ البَهيمِ يُحاكي / مَلِكَ الرومِ بَينَ أَبناءِ حامِ
فَدَعِ اللَومَ وَاِسقِنيها كُمَيتا / سَبَكَت تِبرَها يَدُ الأَيّامِ
زارَني في دُجى الظَلامِ البَهيمِ
زارَني في دُجى الظَلامِ البَهيمِ / قَمَرٌ باتَ مُؤنِسي وَنَديمي
بِحَديثٍ كَأَنَّهُ عَودَةُ الصِحَّ / ةِ في الجِسمِ بَعدَ يَأسِ السَقيمِ
تَتَلَقّى القُلوبُ مِنهُ قَبولاً / كَتَلَقّي المَخمورِ بَردَ النَسيمِ