المجموع : 35
إن المعارفَ للمعالي سلمٌ
إن المعارفَ للمعالي سلمٌ / وألو المعارفِ يجهدونَ لينعموا
والعلمُ زينةُ اهلهِ بين الورى / سيانَ فيه أخو الغنى والمعدمُ
فالشمسُ تطلعُ في نهارٍ مشرقٍ / والبدرُ لا يخفيهِ ليل مظلمُ
لا فخرَ في نَسبٍ لمن لم يفتخرْ / بالعلمِ لولا النابُ ذلَّ الضيغمُ
وأخو العلا يَسعى فيدركُ ما ابتغى / وسواهُ من أيامهِ يتظلمُ
والخاملونَ إذا غدوتَ تلومهم / حسبوكَ في أسماعهم تترنمُ
في الناسِ أحياءٌ كأمواتِ الوغى / وخز الأسنةِ فيهم لا يؤلمُ
فاصدمْ جهالتهم بعلكَ إنما / صدمُ الجهالةِ بالمعارفِ أحزمُ
واخدم بلاداً أنتَ من أبنائها / إن البلادَ بأهلها تتفدمُ
واملأ فؤادكَ رحمةً لذوي الأسى / لا يرحم الرحمنُ من لا يرحمُ
بلادي هواها في لساني وفي دمي
بلادي هواها في لساني وفي دمي / يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ / ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم
ومن تؤوِهِ دارٌ فيجحدُ فضلها / يكن حيواناً فوقه كل أعجمِ
ألم ترَ أنَّ الطيرَ إن جاءَ عشهُ / فآواهُ في أكنافِهِ يترنم
وليسَ من الأوطانِ من لم يكن لها / فداء وإن أمسى إليهنَّ ينتمي
على أنها للناس كالشمس لم تزلْ / تضيءُ لهم طراً وكم فيهمُ عمي
ومن يظلمِ الأوطان أو ينسَ حقها / تجبه فنون الحادثات بأظلم
ولا خيرَ فيمنْ إن أحبَّ دياره / أقام ليبكي فوقَ ربعٍ مهدم
وقد طويتْ تلك الليالي بأهلها / فمن جهلَ الأيامَ فليتعلم
وما يرفع الأوطانَ إلا رجالها / وهل يترقى الناسُ إلا بسلم
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلهِ / على قومهِ يستغنَ عنه ويذمم
ومن يتقلبْ في النعيم شقيْ بهِ / إذا كان من آخاهُ غيرُ منعم
لكمُ سادتي أجلُّ احترامي
لكمُ سادتي أجلُّ احترامي / وعليكمْ تحيتي وسلامي
وإليكم أسوقُ عني حديثاً / حكماً جلَّ قدرها في الكلام
كنتُ في حجرِ والديَّ رضيعاً / همتي في البكاء أو في المنام
ثم أصبحتُ بعد ذلكَ طفلاً / لا أقاسي سوى عذاب الفِطام
ثم لما شببتُ أنطقني الله مف / يضُ الجميل والإنعام
واهِبُ السمعِ والبصائرِ والأَبصا / رِ معطي العقولِ والإفهام
ثم ميزتُ كل شيءٍ أراه / وعرفتُ الضيا ولونَ الظلام
ورأى الله أن يقدرَ لي الخيرَ / وأحظى بأوفرِ الأقسام
فأتى بي إلى المدارسِ أهلي / وجعلتُ العلومَ فيها مرامي
دفتري صاحبي ولوحي رفيقي / وكتابي في كلِ فنٍ أمامي
فتعلمتُ ما تعلمت مما / أتباهى بعلمه في الأنام
راجياً أن أكونَ بالعلمِ يوماً / في بلادي من الرجال العظام
فأَشيدُ المدارس الشمَّ فيها / لبني البائسينَ والأيتام
وأربي على محبتها القو / مَ لترقى بهم على الأقوام
سادتي انشروا العلوم لتشفي / ما بِجسم البلادِ من أسقام
إنها روحها وما بسوى الرو / حِ تكون الحياة بالأجسام
إذا ما دعاكَ الحقُّ للظلمِ مرّةً
إذا ما دعاكَ الحقُّ للظلمِ مرّةً / وقد كنتَ ذا حلمٍ فلا تَكُ ذا حلمِ
فإن من الإشفاقِ إن زَاغَتِ النّهى / عن الحقِّ ميلُ المشفقينَ من الظلمِ
فديتكَ زائراً في كلِّ عامٍ
فديتكَ زائراً في كلِّ عامٍ / تحيِّ بالسلامةِ والسلامِ
وتُقبِلُ كالغمامِ يفيضُ حيناً / ويبقَ بعدَهُ أثرُ الغَمامِ
وكم في الناسِ من دَنِفٍ مَشوقٍ / إليكَ وكمْ شجيِّ مُستهامِ
رمزتُ لهُ بألحاظِ الليالي / وقد عيَّ الزمانُ عنِ الكلامِ
فظلَّ يعدُّ يوماً بعدَ يومٍ / كما اعتادوا لأيَّامِ السِّقامِ
ومدَّ لهُ رواقُ الليلِ ظِلاً / ترفُّ عليهِ أجنحَةُ الظلامِ
فباتَ وملءَ عينيهِ منامٌ / لتنْفُضَ عنهُما كَسَلَ المَنامِ
ولم أرَ قبلَ حبَّكِ من حبيبٍ / كفى العُشاقَ لوعاتِ الغرامِ
فلو تدرِ العوالمُ ما درينا / لحنتْ للصلاةِ وللصيامِ
بني الإسلامَ هذا خيرُ ضيفٍ / إذا غَشَيَ الكرِيمُ ذرى الكِرامِ
يلُمكمْ على خيرِ السجايا / ويجمعكُم على الهِمَمِ العِظامِ
فشُدُّوا فيهِ أيديكُم بعزمٍ / كما شدَّ الكَمِيُّ على الحُسامِ
وقوموا في لياليهِ الغوالي / فما عاجتْ عليكُم للمُقامِ
وكم نفرٍ تغرهمُ الليالي / وما خُلقوا ولا هيَ للدَوامِ
وخلوا عادةَ السفهاءِ عنْكم / فتِلكَ عوائدُ القَومِ اللئامِ
يُحلُّونَ الحَرَامَ إذا ما أرَادوا / وقد بَانَ الحلالُ منَ الحرامِ
وما كلُّ الأنامِ ذوي عُقولٍ / إذا عدَّوا البَهائِمَ في الأَنامِ
ومن روتْهُ مرضَعةُ المعاصي / فقد جاءَتهُ أيَّامُ الفِطامِ
يا غلامُ ارقبِ الفجرَ حتى
يا غلامُ ارقبِ الفجرَ حتى / يتجلى فنادي للمدامِ
بينَ شمسٍ تدورُ في كفِّ بدرٍ / وعيونٍ من الزهورِ نيامِ
تترامى بها الصَّبا عن يميني / ويساري وتنثني من أمامي
وإذا ما شربتَ خديهِ فاملأ / واسقنيها كخدِهِ يا غلامي
وأدرها تروني فلو أني / غيرُ مضنىً سكبتها في عظامي
واطرح الهمّ للعواذلِ حتى / يَقضيَ اللهُ بيننا بسلامِ
تضربُ كالقلبِ شفَّهُ السقمُ
تضربُ كالقلبِ شفَّهُ السقمُ / كأن فيها الهمومَ تصطدِمُ
ذاتُ محيا أظلُ أقرأ من / خطوطهِ ما يخطهُ القلمُ
تذكرني ما يمرُ من عمري / فكلُّ يومٍ يجدُّ لي ندمُ
وليسَ إما سعتْ عقاربها / يدبُّ في غير مهجتي الألمُ
ولا إذا عجلت فجائعها / في غيرِ ضيقِ القلوبِ تزدحمُ
ما إن تراعي لأهلها ذمما / إن رعيت عند أهلها الذممُ
وما أراها سوى الزمان أما / يدورُ فيها النعيمُ والنقمُ
يا أختَ ذاتِ البروجِ هل حجبتْ / طوالعُ السعدِ هذهِ الظلمُ
وهل تعودُ الجدودُ ثانيةً / من بعدِ هذا العبوسِ تبتسمُ
وما أثبتَ الهمّ في الصدورِ إذا / أمستْ ليالي الحياةِ تنهزمُ
ألا لا تلمهُ اليومَ أن يتألما
ألا لا تلمهُ اليومَ أن يتألما / فإن عيونَ الحي قد ذرفتْ دما
رأى من صروفِ الدهرِ في الناسِ ما أرى / وعلمه الدهر الأسى فتعلما
ولم يكُ ممن يملكُ الهمُ قلبَهُ / ولكنْ أتاهُ الهم من جانبِ الحمى
هنالكَ حيٌّ كلما عنَّ ذكرهُمْ / تقسمَ من أحشائهِ ما تقسما
يمثلهم في قلبهِ كلُّ لاعجٍ / وترمي بهِ ذكراهم كل مرتمى
فمن مرسلٍ عينيهِ يبكي وقد جرتْ / مدامعهُ بينَ الغضا لتضرما
ومن واجدٍ طاوٍ على حسراتهِ / ولو انها في شامخٍ لتهدما
ومن ذي غنىً يشكو إلى الله أمرهُ / وقد باتَ محتاجاً إلى الناسِ معدما
ومن ذاتِ خدرٍ لم تجدْ غيرَ كفِها / نقاباً ولم تترك لها النارُ محتمى
جرتْ في مآقيها الدموعُ غفيفةً / وقد كشفتْ للناسِ كفاً ومعصما
وباتتْ وباتَ القومُ عنها بمعزلٍ / مناجيةً رباً أبرَّ وأرحما
وعذراء زفتها المنونُ فلم تجدْ / سوى القبر من صهرٍ أعفَ وأكرما
فحطَّتْ أكفَّ الموتِ عنها لثامها / وهيهاتَ بعدَ الموتِ أن تتلثما
ومن والدٍ برٍّ وأمٍّ رحيمةٍ / تنوحُ على من غالهُ الموتُ منهما
فجيعانِ حتى لا عزاءَ سوى الرِّضا / وكانَ قضاءُ اللهِ من قبلُ مبرما
فإن رأيا طفلاً تجشمتِ البكا / على طفلها بعدَ الرضا وتجشما
وإن هجعا أرضاهما الوهمُ في الكرى / وساءَهما بعد الكرى ما توهما
ووالدةٌ ثكلى وزوجٌ تأيمتْ / ومرضعةٌ حسرى وطفلٌ تيتما
وقومٌ وراءَ الليلِ لا يطرقُ الكرى / عيونهمُ إن باتتِ الناسُ نوّما
فمن مطرقٍ يروي الثرى بدموعهِ / كأنَّ الثرى يشكو إليهِ من الظما
ومن طامحٍ للأفقِ حتى كأنهُ / على العدمِ يستجدي من الأفقِ أنجما
حنانيكَ يا رباهُ كم باتَ سيدٌ / يمدُّ يديهِ يسألُ الناسَ مطعما
وكم من أشمِّ الأنفِ أرغمَ أنفهُ / وما كانَ يوماً يطرقُ الرأسَ مرغما
إذا همَّ بالتسآلِ أمسكَ بعدها / حياءً فلم يفتح بمسألةٍ فما
وكم من فتىً غلتْ يداهُ عن العلا / وقد كانَ مجدولَ الذراعينِ ضيغما
أتتهمم وراءَ النارِ كلُّ فجيعةٍ / تسوقُ لهم في ميت غمرٍ جهنما
إذا عصفتْ شدَّت إلى الناسِ شدّةً / فلم تبقَ بينَ البائسينَ منعما
وإن زفرتْ شابَ الوليدُ لهولها / وكانَ خليقاً أن يشيبَ ويهرما
يحومُ عليها الموتُ من كلِّ جانبٍ / وقد نطرَ الأرواح أقبلتَ حوّما
فلو كانَ يستسقى الغمامُ بمثلها / لأغرقنا من صيّبِ الغيثِ ما هما
سلامٌ على تلكَ الديارِ وقد غدتْ / طلولاً تناجيها الدموعُ وأرسُما
فكم طللٍ قد باتَ يرثي لصحبهِ / ولو أنهُ استطاع الكلامَ تكلما
وكم منزلٍ قد باتَ قبراً لأهلهِ / وباتوا بهِ جلداً رفاةً وأعظما
سلامٌ على الباكينَ مما دهاهم / على حينِ لا تجدي دموعُ ولا دما
سلامٌ عليهم إن في مصرَ عصبةٌ / سراعاً إلى دفعِ الردى أين خيّما
فكم فرجوا عن كلِّ نفسٍ حزينةٍ / فما غبسَ المحزونُ حتى تبسما
وخليلٍ ضممتهُ فتأبى
وخليلٍ ضممتهُ فتأبى / وانثنى نافراً كظبيِ الصريمِ
قالَ نارُ الخليلِ في القلبِ شبَّتْ / قلتُ أقبلْ فتلكَ نارُ الكليمِ
إذا ما بكيتُ فنحْ يا حمامْ
إذا ما بكيتُ فنحْ يا حمامْ / وطارحْ أخاكَ شجونَ الغرامْ
ويا نفحاتُ الصباحِ احملي / بجيبِ الصبا نفحاتِ السلامْ
ومرِّي بتلكَ الديارِ التي / بكيتُ عليها بكاءَ الغمامْ
فكم زمنٍ هامَ فيها الفؤادُ / بينَ الفتاةِ وبينَ الغلامْ
بكيتَ لصحبي فابكيتهمْ / وكم مستهامٍ بكى مستهامْ
وذو الشوقِ يرثي لأخوانهِ / كذي السقمِ يرحمُ أهلَ السقامْ
الا فرعى اللهُ ذاكَ الأنيسَ / وإن كانَ روَّعنا بالخصامْ
هو البدرُ لكنهُ ظالمٌ / وذلكَ يكشفُ عنا الظلامْ
وقالَ صحابي خذ في المنى / فقلتُ أراهُ ولو في المنامْ
ومن لي بذاكَ الرضابِ الذي / أرى كلَّ خمرٍ سواهُ حرامْ
لقد هجرَ الحبُّ جلَّ القلوب / ولكنهُ في ضلوعي أقامْ
هجروكَ بعدَ صبابةٍ وغرامِ
هجروكَ بعدَ صبابةٍ وغرامِ / وأراكَ لا تنسى هوى الآرامِ
أتبعتهمْ نفساً عليكَ عزيزةً / وطويتَ جنبيها على الآلامِ
كم تحتَ جنحِ الليلِ مثلكَ مدنفاً / أنسى الليالي عروةَ بن حزامِ
يجري مع الأوهامِ حتى أنهُ / لتكادُ تحسبهُ من الأوهامِ
يا قلبُ كم لكَ في الهوى من صبوةٍ / ضربتْ بكَ الأمثالَ في الأقوامِ
عدوا عليَّ مآثماً لم أجنِها / والحبُّ يا قلبي من الآثامِ
فدعِ الهوى يجري كما شاءَ الهوى / إن الحسانَ كثيرةُ اللوامِ
كم بتُّ أحلمُ بالمنامِ وما أرى / تجدي عليَّ لذاذةُ الأحلامِ
فادرأ همومَ العيشِ بالكأسِ التي / تحكي عجائزها عن الأقوامِ
صهباءُ إن مستْ فؤادي مرةً / غسلتْ بجنبي كلَّ جرحٍ دامي
سموا أباها الكرمَ حينَ تبذلتْ / في فتيةٍ شمِّ الأنوفِ كرامُ
وتراوحوا كاساتها فكأنما / عادتْ بها الأرواحُ للأجسامِ
يا رحمةَ العشاقِ من أحبابهمْ / ناموا وباتوا الليلَ غيرَ نيامِ
حتى إذا انطفأتْ مصابيحُ الدجى / وأضاءَ فودُ الليلِ ظلامِ
خبأوا الهوى بينَ القلوبِ وأصبحوا / وتوارتِ الأزهارُ في الأكمامِ
اراكَ نسيتَ يا ظبي الصريم
اراكَ نسيتَ يا ظبي الصريم / ليالي ذلكَ الأنسِ القديمِ
ولجَّ بكَ الجفاءُ فما تبالي / بما ألقى من الوجدِ الأليمِ
وطالَ عليَّ همُّ الهجرِ حتى / لقدء سئمتْ ملازمتي همومي
وكنتُ أرى لهذا الدهرِ حلماً / ولكن ضاقَ بي صدرُ الحليمِ
وعهدي بالهوى ملكاً رحيماً / فأينَ تعطفُ الملكِ الرحيمِ
ليالي والصبا غصنٌ رطيبٌ / يكادُ يمجُّ من ماءِ النعيمِ
فكم من ليلةٍ بتنا نشاوى / كما شاءتْ لنا بنتُ الكرومِ
وقد أوحتْ إليَّ بكلِّ معنىً / أخفَّ عليكَ من مرِّ النسيمِ
فمن غزلٍ كأنَّ السحرَ فيهِ / ومن عتبٍ كعافيةِ السقيمِ
ولا غيٌّ سوى غيِّ التَّصابي / ولا عبثٌ سوى عبثِ النديمِ
وبتنا والكؤوسُ مصففاتٌ / تباهي الجيدَ بالعقدِ النظيمِ
إذا رُحنا لها تحنو علينا / حنوَّ المرضعاتِ على الفطيمِ
وتخدعنا مدامتُها فتُغضي / كما يُغضي الحميمُ عن الحميمِ
جلوناها وعينُ الفجرِ توحي / لواحظَها إلى الليلِ البهيمِ
وكانَ الروضُ مطلولَ الحواشي / وذاكَ النهرُ مصقولَ الأديمِ
تعرضَ للنجومِ على جفاها / فزارتهُ خيالاتُ النجومِ
ويومٍ قد قطعناهُ حديثاً / ألذُّ من الأماني للعديمِ
على إفكِ العواذلِ واللواحي / وظنة كلّ أفاكٍ أثيمِ
يلاحظني وألحظهُ كلانا / كما نَظَرَ اليتيمُ إلى اليتيمِ
وما أنسى مواعدهُ وقولي / عسى يومٌ أهنأُ بالعقيمِ
ولا أنسى بكائي يومَ غنى / إذا غضبتْ عليكَ بنو تميمِ
فيا ريحانَ كلِّ فتىً شجيِّ / حبيبٍ أو خليلٍ أو كليمِ
ويا ملكَ القلوبِ وقد أراهُ / علا منها على العرشِ العظيمِ
لقد عذبتني بالهجرِ ظلماً / فهل لي من يعينُ على الظلومِ
وما أبقيتَ يومَ صددتَ روحي / فما تبقى من الجسدِ الرميمِ
أحاطَ بكَ الوشاةُ وكنتَ تدري / غوايةَ كلِّ شيطانٍ رجيمِ
فما لكَ حلتَ عن عهدِ التصابي / وما عهدُ التصابي بالذميمِ
تباركَ من أعدَّ لكلِّ صبٍّ / عذولاً من لئيمٍ أو كريمِ
هلال الشكِ لا تعجبْ إذا ما
هلال الشكِ لا تعجبْ إذا ما / رأيتَ كما أرى هرجَ الأنامِ
فقد حسبوا نحولكَ من نحولي / فخيفَ عليكَ عاقبةُ الغرامِ
أرى المُعدمَ المسكينَ في الناسِ هالكا
أرى المُعدمَ المسكينَ في الناسِ هالكا / وما حيلةُ العرجاءِ بينَ المزاحمِ
كأن لم تكنْ حواءُ في الناسِ أمهُ / ولم يكن بينَ الناطقينَ ابنُ آدمِ
فقولوا لعبادِ الدنانيرَ ويحهمْ / ألا ذكروا يوماً عبيدَ الدراهمِ
رأيتُ ذا الكونَ كلهُ تعبُ
رأيتُ ذا الكونَ كلهُ تعبُ / سيانَ فيهِ الوجودُ والعدمُ
والناسُ كالنائمينَ ما لبثوا / فكلُّ ما يشهدونهُ حلمُ
أبدعَ ذاتُ العمادِ مبدعُها / فأينَ راحت بأهلها إرمُ
قد أتعبَ الهمُ قلبي
قد أتعبَ الهمُ قلبي / وشرّدَ الحزنُ نومي
وسامني عنتُ الده / رِ وبعضَ ما سامَ قومي
وقد أرى العيشَ لكن / إلى لقا اللهِ صومي
يخيفني الناسُ بالمو / تِ ما على الناسِ لومي
وكيفَ يخشى المنايا / من ماتَ في كلِّ يومِ
يداكِ أبرُّ بهذا السوار
يداكِ أبرُّ بهذا السوار / فإن صارَ في يدِ أخرى انفصمْ
وصدركِ أولى بمن هو منهُ / فؤاداً ونفساً ولحماً ودمْ
ومن فيكِ تُبعثُ فيهِ الحياة / ويسقمهُ غيرهُ كلُّ فمْ
وما الطفلُ لا زيادةُ بطن / لجدٍّ وأبٍّ وخال وعمْ
فإن تعطِ طفلكِ للخادمين / فما زدتِ إلا عديدَ الخدمْ
أُجثُ خضوعاً واحتراماً لمنْ
أُجثُ خضوعاً واحتراماً لمنْ / أمك في حواءَ من أمها
الا ترى الجنةَ فيما رووا / مطلوبةٌ من تحتِ أقدامها
نعسَ النجمُ ولم أنمْ
نعسَ النجمُ ولم أنمْ / فصفوا لي لذةَ الحلمِ
ليتَ شعري هل أنا ملكٌ / حاكمٌ في النورِ والظلمِ
ما تراني إن قعدتُ لها / وقفَ الليلُ على قدمِ
يا نديمي عد لتذكرنا / عودةَ الأرواحِ للرممِ
لمْ يدعِ فيَّ الغرامُ دماً / وأرى في الكاسِ مثل دمي
راحةٌ في دنّها انعدمتْ / وكذا الأشياءُ من عدمِ
وإذا رقرقتها سطعتْ / نفخةُ الوقَّادِ في الضرمِ
وكأنَّ المزجَ يفرعها / شيبةٌ في عارضي هَرِمِ
وهي والكاسُ على شفتي / قبلاتُ من فمٍ لفمِ
حاربتْ آلامَ عصبتها / ولكم يشكونَ من ألمِ
فلهم في كلِّ آونةٍ / ضجةٌ من خلفِ منهزمِ
يا رجالَ الشعرِ لستُ فتىً / إن أنا لم يطوكم علمي
كيفَ لا تعيي مناظرتي / وهي حبري والهوى قلمي
وأنا في وصفها غَرِدٌ / ترقصُ الدنيا على نغمي
ألا ترى الزهرَ في رباهُ
ألا ترى الزهرَ في رباهُ / كأنهُ قلبي السليمُ
كأنَّ أغصانهُ الحواني / هذا وليٌّ وذا يتيمُ
تعاشقتْ مثلما ترانا / هذا صحيحٌ وذا سقيم
وكلما تنثني غِضاباً / يُصلحُ ما بينهما النسيمُ