المجموع : 88
أَلَستَ تَرى ما في العُيونِ مِنَ السُقمِ
أَلَستَ تَرى ما في العُيونِ مِنَ السُقمِ / لَقَد نَحَلَ المَعنى المُدَفَّقُ مِن جِسمي
وَأَضعَفُ ما بِيَ بِالخُصورِ مِنَ الضَنا / عَلى أَنَّها مِن ظُلمِها غَصَبَت قِسمي
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّ يَومَ وَداعِنا / لَقَد غَفَلَت عَينُ الرَقيبِ عَلى رُغمِ
ضَمَمتُ ضَنا جِسمي إِلى ضُعفِ خِصرِها / لِجِنسِيَّةٍ كانَت لَهُ عِلَّةَ الضَمِّ
رَبيبَةُخِدرٍ يَجرَحُ اللَحظُ خَدَّها / فَوَجنَتُها تَدمى وَأَلحاظُها تُدمي
يُكَلِّمُ لَفظي خَدَّها إِن ذَكَرتُهُ / وَيُؤلِمُهُ إِن مَرَّ مَرآهُ في وَهمي
إِذا اِبتَسَمَت وَالفاحِمُ الجَعدُ مُسبَلٌ / تُضِلُّ وَتَهدي مِن ظَلامٍ وَمِن ظَلمِ
تَغَزَّلتُ فيها بِالغَزالِ فَأَعرَضَت / وَقالَت لَعَمري هَذِهِ غايَةُ الذَمِّ
وَصَدَّت وَقَد شَبَّهتُ بِالبَدرِ وَجهَها / نِفاراً وَقالَت صِرتَ تَطمَعُ في شَتمي
وَكَم قَد بَذَلتُ النَفسَ أَخطُبُ وَصلَها / وَخاطَرتُ فيها بِالنَفيسِ عَلى عِلمِ
فَلَم تَلِدِ الدُنيا لَنا غَيرَ لَيلَةٍ / نَعِمتُ بِها ثُمَّ اِستَمَرَّت عَلى العُقمِ
فَيا مَن أَقامَتني خَطيباً لِوَصفِها / أُرَصِّعُ فيها اللَفظَ في النَثرِ وَالنَظمِ
خُذي الدُرَّ مِن لَفظي فَإِن شِئتِ نَظمَهُ / وَأَعوَزَ سِلكٌ لِلنِظامِ فَها جِسمي
فَفيكِ هَجَرتُ الأَهلَ وَالمالَ وَالغِنى / وَرُتبَةَ دَستِ المُلكِ وَالجاهِ وَالحُكمِ
وَقُلتِ لَقَد أَصبَحتَ في الحَيِّ مُفرِداً / صَدَقتِ فَهَلّا جازَ عَفوُكِ في ظُلمي
أَلَم تَشهَدي أَنّي أُمَثَّلُ لِلعِدى / فَتَسهَرَ خَوفاً أَن تَرانِيَ في الحُلمِ
فَكَم طَمِعوا في وِحدَتي فَرَمَيتُهُم / بِأَضيَقَ مِن سُمٍّ وَأَقتَلَ مِن سُمِّ
وَكَم أَجَّجوا نارَ الحُروبِ وَأَقبَلوا / بِجَيشٍ يَصُدُّ السيلَ عَن مَربَضِ العُصمِ
فَلَم يَسمَعوا إِلّا صَليلَ مُهَنَّدي / وَصَوتَ زَئيري بَينَ قَعقَعَةِ اللُجمِ
جَعَلتُهُمُ نَهباً لِسَيفِيَ وَمِقوَلي / فَهُم في وَبالٍ مِن كَلامي وَمِن كَلّمي
تَوَدُّ العِدى لَو يُحدِقُ اِسمُ أَبي بِها / وَأَلّا تُفاجا في مَجالِ الوَغى بِاِسمي
تُعَدَّدُ أَفعالي وَتِلكَ مَناقِبٌ / فَتَذكُرُني بِالمَدحِ في مَعرِضِ الذَمِّ
وَلَو جَحَدوا فِعلي مَخافَةَ شامِتٍ / لَنَمَّ عَلَيهِم في جِباهِهِمُ وَسمي
فَكَيفَ وَلَم يُنسَب زَعيمٌ لِسِنبِسٍ / إِلى المَجدِ إِلّا كانَ خالِيَ أَو عَمّي
وَإِن أَشبَهَتهُم في الفَخارِ خَلائِقي / وَفِعلي فَهَذا الراحُ مِن ذَلِكَ الكَرمِ
فَقُل لِلأَعادي ما اِنثَنَيتُ لِسَبِّكُم / وَلا طاشَ في ظَنّي لِغَدرِكُمُ سَهمي
نَظَرنا خَطاياكُم فَأَغرَيتُمُ بِنا / كَذا مَن أَعانَ الظالِمينَ عَلى الظُلمِ
أَسَأتُم فَإِن أَسخَط عَلَيكُم فَبِالرِضى / وَإِن أَرضَ عَنكُم مِن حَيائي فَبِالرَغمِ
لَجَأتُ إِلى رُكنٍ شَديدٍ لِحَربِكُم / أَشُدُّ بِهِ أَزري وَأُعلي بِهِ نَجمي
وَظَلتُ كَأَنّي أَملِكُ الدَهرَ عِزَّةً / فَلا تَنزِلُ الأَيّامُ إِلّا عَلى حُكمي
بِأَروَعَ مَبنِيٍّ عَلى الفَتحِ كَفُّهُ / إِذا بُنِيَت كَفُّ اللَئيمِ عَلى الضَمِّ
مَلاذي جَلالُ الدينِ نَجلُ مَحاسِنٍ / حَليفُ العَفافِ الطَلقِ وَالنائِلِ الجَمِّ
فَتىً خُلِقَت كَفّاهُ لِلجودِ وَالسَطا / كَما العَينُ لِلإِبصارِ وَالأَنفُ لِلشَمِّ
لَهُ قَلَمٌ فيهِ المَنِيَّةُ وَالمُنى / فَديمَتُهُ تَهمي وَسَطوَتُهُ تُصمي
يَراعٌ يَروعُ الخَطبَ في حالَةِ الرِضى / وَيُضرِمُ نارَ الحَربِ في حالَةِ السِلمِ
وَعَضبٌ كَأَنَّ المَوتَ عاهَدَ حَدَّهُ / وَصالَ فَأَفنى جِرمُهُ كُلَّ ذي جِرمِ
فَيا مَن رَعانا طَرفُهُ وَهُوَ راقِدٌ / وَقَد قَلتِ النُصّارُ بِالعَزمِ وَالحَزمِ
يَدُ الدَهرِ أَلقَتنا إِلَيكَ فَإِن نُطِق / لَها مَلمَساً أَدمى بِراجِمِها لَثمي
أَطَعتُكَ جُهدي فَاِحتَفِظ بي فَإِنَّني / لِنَصرِكَ لا يَنفَلُّ جَدّي وَلا عَزمي
فَإِن غِبتَ فَاِجعَل لي وَلِيّاً مِنَ الأَذى / وَهَيهاتَ لا يُغني الوَلِيُّ عَنِ الوَسمي
مُذ تَسامَت بِنا النُفوسُ السَوامي
مُذ تَسامَت بِنا النُفوسُ السَوامي / أَصغَرَت قَدرَ مالِنا وَالسَوامِ
فَلَنا الأَصلُ وَالفُروعُ النَوامي / إِنَّ أَسيافَنا القِصارِ الدَوامي
صَيَّرَت مُلكَنا طَويلَ الدَوامِ /
كَم فِناءٍ بِعَدلِنا مَعمورِ / وَمَليكٍ بِجودِنا مَغمورِ
وَأَميرٍ بِأَمرِنا مَأمورِ / نَحنُ قَومٌ لَنا سَدادُ أُمورِ
وَاِصطِدامُ الأَعداءِ مِن وَسطِ لامِ /
كَم فَلَلنا شَبا خُطوبٍ جِسامِ / بِيَراعٍ أَو ذابِلٍ أَو حُسامِ
فَلَنا المَجدُ لَيسَ فيهِ مُسامِ / وَاِقتِسامُ الأَموالِ مِن وَقتِ سامِ
وَاِقتِحامُ الأَهوالِ مِن وَقتِ حامِ /
لَئِن لَم أَبَرقِع بِالحَيا وَجهَ عِفَّتي
لَئِن لَم أَبَرقِع بِالحَيا وَجهَ عِفَّتي / فَلا أَشبَهَتهُ راحَتي في التَكَرُّمِ
وَلا كُنتُ مِمَّن يَكسُرُ الجَفنَ في الوَغى / إِذا أَنا لَم أَغضُضهُ عَن رَأيِ مَحرَمِ
بَلِّغي الأَحبابَ يا ري
بَلِّغي الأَحبابَ يا ري / حَ الصَبا عَنّي السَلاما
وَإِذا خاطَبَكِ الجا / هِلُ بي قَولي سَلاما
أَنا مَن لَم يَذمُمِ النا / سُ لَهُ يَوماً ذِماما
يَحفَظُ العَهدَ وَلا يَس / مَعُ في الخِلِّ المَلاما
مِن أُناسٍ صَيَروا العِ / ضَ عَلى الذَمَّ حَراما
أَيتَموا الأَطفالَ في الحَر / بِ وَهُم كَهفُ اليَتاما
وَإِذا مَرّوا بِلَغوٍ / في الوَرى مَرّوا كِراما
فَلَكَم ذُقتُ عَذاباً / لِلهَوى كانَ غَراما
إِنَّ نارَ الشَوقِ سا / ءَت مُستَقَرّاً وَمَقاما
قُل لِلمَلِيّ الَّذي قَد نامَ عَن سَهَري
قُل لِلمَلِيّ الَّذي قَد نامَ عَن سَهَري / وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
تَنامُ عَنّي وَعَينُ النَجمِ ساهِرَةٌ / وَاَحَرُّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
فَالحُبُّ حَيثُ العِدى وَالأُسدُ رابِضَةٌ / فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
فَهَل تُعينُ عَلى غَيٍّ هَمَمتُ بِهِ / في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ
حُبُّ السَلامَةِ يَثني عَزمَ صاحِبِهِ / إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
فَإِن جَنَحتَ إِلَيهِ فَاِتَّخِذ نَفَقاً / لَيَحدُثَنَّ لِمَن وَدَّعتُهُم نَدَمَ
رِضى الذَليلِ بِخَفضِ العَيشِ يَخفِضُهُ / وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ
إِنَّ العُلى حَدَّثَتني وَهيَ صادِقَةٌ / إِنَّ المَعارِفَ في أَهلِ النُهى ذِمَمُ
أَهَبتُ بِالحَظِّ لَو نادَيتُ مُستَمِعاً / وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
لَعَلَّهُ إِن بَدا فَضلي وَنَقصُهُمُ / أَدرَكتُها بِجَوادٍ ظَهرُهُ حَرَمُ
أُعَلِّلُ النَفسَ بِالآمالِ أَطلُبُها / لَو أَنَّ أَمرُكُمُ مِن أَمرِنا أَمَمُ
غالى بِنَفسي عِرفاني بِقيمَتِها / حَتّى ضَرَبتُ وَمَوجُ المَوتِ يَلتَطِمُ
ما كُنتُ أُثِرُ أَن يَمتَدَّبي زَمَنٌ / شُهبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ وَالرَخَمُ
أَعدَى عَدُوَّكَ أَدنى مِن وَثِقتَ بِهِ / فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ يَبتَسِمُ
وَحُسنُ ظَنِّكَ بِالأَيّامِ مُعجِزَةٌ / أَن تَحسُبَ الشَحمَ فيمَن شَحمَهُ وَرَمُ
إِن كانَ يَنجَعُ شَيءٌ في ثَباتِهِمُ / فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ
يا وارِداً سُؤرَ عَيشٍ صَفوُهُ كَدَرٌ / وَشَرُّ ما يَكسَبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ
فَيما اِعتِراضُكَ لُجَّ البَحرِ تَركَبُهُ / وَاللَهُ يَكرَهُ ما تَأتونَ وَالكَرَمُ
وَيا خَبيراً عَلى الأَسرارِ مُطَّلِعاً / فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ
قَد رَشَّحوكَ لِأَمرٍ لَو فَطِنتَ لَهُ / تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللَمَمُ
فَاِفطَن لِتَضمينِ لَفظٍ فيكَ أَحسُبُهُ / قَد ضُمِّنَ الدُرَّ إِلّا أَنَّهُ كَلِمُ
خَطبٌ لِسانُ الحالِ فيهِ أَبكَمُ
خَطبٌ لِسانُ الحالِ فيهِ أَبكَمُ / وَهَوىً طَريقُ الحَقِّ فيهِ مُظلِمُ
وَقَضِيَّةٌ صَمَتَ القُضاةُ تَرَفُّعاً / عَن فَصلِها وَالخَصمُ فيها يَحكُمُ
أَمسى الخَبيرُ بِها يُسائِلُ مَن لَها / فَأَجَبتُهُ وَحُشاشَتي تَتَضَرَّمُ
إِن كُنتَ ما تَدري فَتِلكَ مُصيبَةٌ / أَو كُنتَ تَدري فَالمُصيبَةُ أَعظَمُ
أَشكو فَيَعرِضُ عَن مَقالي ضاحِكاً / وَالحُرُّ يوجِعُهُ الكَلامُ وَيُؤلِمُ
ما ذاكَ مِن فَرطِ العَياءِ وَإِنَّما / لِهَوى القُلوبِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ
فَلَئِن عَلا رَأسي المَشيبُ فَلَم يَكُن / كِبَراً وَلَكِنَّ الحَوادِثَ تُهرِمُ
فَاللَهُ يَحرُسُ مارِدينَ فَإِنَّها / بَلَدٌ يَلَذُّ بِها الغَريبُ وَيَنعَمُ
أَرضٌ بِها يَسطو عَلى اللَيثِ الطَلا / وَيَعوثُ في غابِ الهِزَبرِ الأَرقَمُ
حالَت بِها الأَشياءُ عَن عاداتِها / فَالحَيلُ تَنهَقُ وَالحَميرُ تُحَمحِمُ
يَجني بِها الجاني فَإِن ظَفِروا بِهِ / يَوماً يُحَلَّفُ بِالطَلاقِ وَيُرحَمُ
شَرطُ الوُلاةِ بِها بِأَن يَمضي الَّذي / يَمضي وَيَسلَمُ عِندَهُم ما يَسلَمُ
لا كَالشَآمِ فَإِنَّ شَرطَ وُلاتِها / اللِصُّ يَجني وَالمُقَدَّمُ يَغرَمُ
وَمُعَنِّفٍ في الظَنِّ قُلتُ لَهُ اِتَّئِد / فَأَقصِر فَبَعضُ الغَيبِ غَيبٌ يُعلَمُ
مَن أَينَ يَدري اللِصُّ أَنَّ دَراهِمي / لَم يَبقَ مِنها في الخِزانَةِ دِرهَمُ
صَبَروا وَمالي في البُيوتِ مُقَسَّمٌ / حَتّى إِذا اِكتَمَلَ الجَميعُ تَسَلَّموا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي في عَصرِهِ / كُلُّ المُلوكِ لِعَدلِهِ تَتَعَلَّمُ
لا تُطمِعَنَّ ذَوي الفَسادِ بِتَركِهِم / فَالنَذلُ تَطغى نَفسُهُ إِذ تُكرَمُ
إِن كانَ مَن يَجني مِراراً لَم يَخَف / قَطعاً فَلا أَدري عَلى ما يَندَمُ
أَيَجوزُ أَن تَخفى عَلَيكَ قَضِيَّتي / وَالناسُ في مُضَرٍ بِها تَتَكَلَّمُ
فَإِذا شَكَوتُ يُقالُ لَم يَذهَب لَهُ / مالٌ وَلَكِن ظالِمٌ يَتَظَلَّمُ
أَيَجوزُ أَن يُمسي السَقيمُ مُبَرَّأً / مِنها وَصِبيانُ المَكاتِبِ تُتهَمُ
وَأُجيلُ عَيني في الحُبوسِ فَلا أَرى / إِلا اِبنَ جاري أَو غُلاماً يَخدُمُ
أَيُزارُ في بابِ البُوَيرَةِ راهِبٌ / لَيلاً فَيَدري في الصَباحِ وَيَعلَمُ
وَتَزُفُّ داري بِالشُموعِ جَماعَةٌ / غُلبٌ فَيُستَرُ عَن عُلاكَ وَيُكتَمُ
قَومٌ لَهُم ظَهرٌ شَديدٌ مانِعٌ / كُلٌّ بِهِ يَدري عَلى ما يُقدِمُ
لا يَحفِلونَ وَقَد أَحاطَ عَديدُهُم / بِالدارِ أَيقاظٌ بِها أَو نَوَّمُ
إِن يَظفَروا فَتَكوا وَإِن يُظفَر بِهِم / كُلٌّ عَلَيهِ يُنابُ أَو يُستَخدَمُ
فَأَقِم حُدودَ اللَهِ فيهِم إِنَّهُم / وَثَقوا بِأَنَّكَ راحِمٌ لا تَنقِمُ
إِن كُنتَ تَخشى أَن تُعَدَّ بِظالِمٍ / لَهُم فَإِنَّكَ لِلرَعِيَّةِ أَظلَمُ
فَالحِلمُ في بَعضِ المَواطِنِ ذِلَّةٌ / وَالبَغيُ جُرحٌ وَالسِياسَةُ مَرهَمُ
بِالبَطشِ تَمَّ المُلكُ لِاِبنِ مَراجِلٍ / وَتَأَخَّرَ اِبنُ زُبَيدَةَ المُتَقَدِّمُ
وَعَنَت لِمُعتَصِمِ الرِقابُ بِبَأسِهِ / وَدَهى العِبادَ بِلينِهِ المُستَعصِمُ
ما رَتَّبَ اللَهُ الحُدودَ وَقَصدُهُ / في الناسِ أَن يَرعى المُسيءَ وَيَرحَمُ
لَو شاءَ قال دَعوا القِصاصَ وَلَم يَقُل / بَل في القِصاصِ لَكُم حَياةٌ تَنعَمُ
إِن كانَ تَعطيلُ الحُدودِ لِرَحمَةٍ / فَاللَهُ أَرأَفُ بِالعِبادِ وَأَرحَمُ
فَاِجزِ المُسيءَ كَما جَزاهُ بِفِعلِهِ / وَاِحكُم بِما قَد كانَ رَبُّكَ يَحكُمُ
عَقَرَت ثَمودُ لَهُ قَديماً ناقَةً / وَهُوَ الغَنِيُّ عَنِ الوَرى وَالمُنعِمُ
فَأَذاقَهَم سَوطَ العَذابِ وَإِنَّهُم / بِالرَجزِ يَخسِفُ أَرضَهُم وَيُدَمدِمُ
وَكَذاكَ خَيرُ المُرسَلينَ مُحَمَّدٌ / وَهُوَ الَّذي في حُكمِهِ لا يَظلِمُ
لَمّا أَتَوهُ بِعُصبَةٍ سَرَقوا لَهُ / إِبِلاً مِنَ الصَدَقاتِ وَهوَ مُصَمِّمُ
لَم يَعفُ بَل قَطَعَ الأَكُفَّ وَأَرجُلاً / مِن بَعدِ ما سَمَلَ النَواظِرَ مِنهُمُ
وَرَماهُمُ مِن بَعدِ ذاكَ بِحَرَّةٍ / نارُ الهَواجِرِ فَوقَها تَتَضَرَّمُ
وَرَجا أُناسٌ أَن يَرِقَّ عَليهِمُ / فَأَبى وَقالَ كَذا يُجازى المُجرِمُ
وَكَذا فَتى الخَطّابِ قادَ بِلَطمَةٍ / مَلِكاً لِغَسّانٍ أَبوهُ الأَيهَمُ
فَشَكا وَقالَ لَهُ أَتَلطِمُ سوقَةٌ / مَلِكاً فَقالَ أَجَل وَأَنفُكَ مُرغَمُ
هَذي حُدودُ اللَهِ مَن يَخلُل بِها / فَجَزاؤُهُ يَومَ المَعادِ جَهَنَّمُ
وَاِنظُر لِقَولِ اِبنِ الحُسَينِ وَقَد رَأى / حالاً يَشُقُّ عَلى الأَبيِّ وَيَعظُمُ
لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى / حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ
هَذا فَعالُ اللَهِ ثُمَّ نَبِيِّهِ / وَالصَحبُ وَالشُعَراءُ فَيما نَظَّموا
فَافتُك بِهِم فَتكَ المُلوكِ وَلا تَلِن / فَيَصِحَّ ما قالَ السَوادُ الأَعظَمُ
وَاِعذِر مُحِباً لَم يُسِئ بِقَريضِهِ / أَدَباً وَلَكِنَّ الضَرورَةَ تَحكُمُ
وَاللَهِ ما أَسَفي عَلى مالٍ مَضى / إِلّا عَلى اِستِلزامِ بُعدي عَنكُمُ
فَالمالُ مُكتَسَبٌ عَلى طولِ المَدى / وَالذِكرُ يُنجِدُ في البِلادِ وَيُتهِمُ
هَذي العِبارَةُ لِلمُحَقِّقِ عِبرَةٌ / وَاللَهُ أَعلَمُ بِالصَوابِ وَأَحكَمُ
يا عِترَةَ المُختارِ يا مَن بِهِم
يا عِترَةَ المُختارِ يا مَن بِهِم / يَفوزُ عَبدٌ يَتَوَلّاهُمُ
أُعرَفُ في الحَشرِ بِحُبّي لَكُم / إِذ يُعرَفُ الناسُ بِسيماهُمُ
ياعِترَةَ المُختارِ يا مَن بِهِم
ياعِترَةَ المُختارِ يا مَن بِهِم / أَرجو نَجاتي مِن عَذابٍ أَليم
حَديثُ حُبّي لَكُم سائِرٌ / وَسَرُّ وُدّي في هَواكُم مُقيم
قَد فُزتُ كُلَّ الفَوزِ إِذ لَم يَزَل / صِراطُ ديني بِكُم مُستَقيم
فَمَن أَتى اللَهَ بِعِرفانِكُم / فَقَد أَتى اللَهَ بِقَلبٍ سَليم
وَلائي لِآلِ المُصطَفى عِقدُ مَذهَبي
وَلائي لِآلِ المُصطَفى عِقدُ مَذهَبي / وَقَلبِيَ مِن حُبِّ الصَحابَةِ مُفعَمُ
وَما أَنا مِمَّن يَستَجيزُ بِحُبِّهِم / مَسَبَّةَ أَقوامٍ عَليهِم تَقَدَّموا
وَلَكِنَّني أُعطي الفَريقَينِ حَقَّهُم / وَرَبّي بِحالِ الأَفضَلِيَّةِ أَعلَمُ
فَمَن شاءَ تَعويجي فَإِنّي مُعَوَّجٌ / وَمَن شاءَ تَقويمي فَإِنّي مُقَوَّمُ
أَطلَقتَ نُطقي بِالمَحامِدِ عِندَما
أَطلَقتَ نُطقي بِالمَحامِدِ عِندَما / قَيَّدتَني بِسَوابِقِ الإِنعامِ
فَليَشكُرَنكَ نِيابَةً عَن مَنطِقي / صَدرُ الطُروسِ وَأَلسَنُ الأَقلامِ
تَهَنَّ بِعيدِكَ يا اِبنَ الكِرامِ
تَهَنَّ بِعيدِكَ يا اِبنَ الكِرامِ / وَعِش لِتَهانيهِ في كُلِّ عامِ
فَإِن يَكُ غُرَّةَ وَجهِ الزَمانِ / فَإِنَّكَ غُرَّةُ وَجهِ الأَنامِ
وَرُبَّ يَومٍ أَدكَنِ القَتامِ
وَرُبَّ يَومٍ أَدكَنِ القَتامِ / مُمتَزِجِ الضِياءِ بِالظَلامِ
سِرنا بِهِ لِقَنَصِ الآرامِ / وَالصُبحُ قَد طَوَّحَ بِاللِثامِ
كَراقِدٍ هَبَّ مِنَ المَنامِ / بِضُمَّرٍ طامِيَةِ الحَوامي
مُعتادَةٍ بِالكَرِّ وَالإِقدامِ / تُحجِمُ في الحَربِ عَنِ الإِحجامِ
حَتّى إِذا آنَ ظُهورُ الجامِ / وَالبِرُّ بِالآلِ كَبَحرٍ طامِ
عَنَّ لَنا سِربٌ مِنَ النَعامِ / مُشرِقَةَ الأَعناقِ كَالأَعلامِ
فاغِرَةَ الأَفواهِ لِلهِيامِ / كَأَينُقٍ فَرَّت مِنَ الزِمامِ
وَحشٌ عَلى مُثنىً مِنَ الأَقدامِ / بِالطَيرِ تُدعى وَهيَ كَالأَنعامِ
تَطيرُ بِالأَرجُلِ في المَوامي / كَأَنَّما أَعناقُها السَوامي
أَراقِمٌ قَد قُمنَ لِلخِصامِ / فَحينَ هَمَّ السِربُ بِاِنهِزامِ
أُلجِمَتِ القِسِيُّ بِالسِهامِ / فَأُرسِلَ النَبلُ كَوَبلٍ هامِ
فَعَنَّ رَألٌ عارِضٌ أَمامي / كَأَنَّما دُرِّعَ بِالظَلامِ
نيطَت جَناحاهُ بِعُنقٍ سامِ / كَأَنَّها مِن حُسنِ الاِلتِئامِ
هاءُ شَقيقٍ وُصِلَت بِلامِ / عارَضتُهُ تَحتَ العَجاجِ السامي
بِسابِقٍ يَنقَضُّ كَالقَطامي / خِلوِ العِنانِ مُفعَمِ الحِزامِ
يَكادُ يَلوي حَلَقَ اللِجامِ / ذي كَفَلٍ رابٍ وَشِدقٍ دامِ
وَصَفحَةٍ رَيّا وَرِسغٍ ظامِ / فَحينَ وافى عارِضاً قُدامي
أَثبَتُّ في كَلكَلِهِ سِهامي / فَمَرَقَت في اللِحمِ وَالعِظامِ
فَخَرَّ مَصروعاً عَلى الرُغامِ / قَد ساقَهُ الخَوفُ إِلى الحِمامِ
فَأَعجَبَ الصَحبَ بِهِ اِهتِمامِ / حَتّى اِغتَدى كُلٌّ مِنَ الأَقوامِ
يَقولُ لا شَلَّت يَمينُ الرامي /
وَوادٍ تَسكَرُ الأَرواحُ فيهِ
وَوادٍ تَسكَرُ الأَرواحُ فيهِ / وَتَخفِقُ فيهِ أَرواحُ النَسيمِ
بِهِ الأَطيارُ قَد قالَت وَقالَت / كَلاماً شافِياً داءَ الكَليمِ
تَسَلسَلُ في خَمائِلِهِ مِياهٌ / يُقَدُّ أَديمُها قَدَّ الأَديمِ
مُروجٌ لِلقُلوبِ بِها اِمتِزاجٌ / كَأَنَّ عُيونَها أَيدي الكَريمِ
لَها أَرَجُ اللَطيمَةِ حينَ يَنشا / وَرِقَّةُ مَنظَرِ الحَدِّ اللَطيمِ
بِنَوّارٍ عَنِ الأَنوارِ يُغني / وَزَهرِ النَجمِ عَن زُهرِ النُجومِ
نَزَلنا فيهِ وَالأَكبادُ حَرّى / فَنَجّانا مِنَ الكَربِ العَظيمِ
فَرَوَّحَ ظِلُّهُ روحَ الأَماني / وَأَخمَدَ بَردُهُ نَفسَ السَمومِ
وَنَفَّسَ إِذ تَنَفَّسَ مِن كُروبي / وَفَرَّجَ حينَ أَرَّجَ مِن هُمومي
وَأَفرَشنا مِنَ الأَزهارِ بُسطاً / مُسَردَقَةً بِأَستارِ الغُيومِ
جَمَعنا لِلمَسامِعِ في ذَراهُ / هَديلَ حَمائِمٍ وَهَديرِ كومِ
وَقَضَينا بِهِ بِاللَهوِ يَوماً / بِهِ سَمَحَت حَشا الدَهرِ العَقيمِ
وَعودٍ بِهِ عادَ السُرورُ لِأَنَّهُ
وَعودٍ بِهِ عادَ السُرورُ لِأَنَّهُ / حَوى اللَهوِ قِدماً وَهوَ رَيّانُ ناعِمُ
يُغَرِّبُ في تَغريدِهِ فَكَأَنَّهُ / يُعيدُ لَنا ما لَقَّنَتهُ الحَمائِمُ
عودٌ حَوَت في الأَرضِ أَعوادُهُ
عودٌ حَوَت في الأَرضِ أَعوادُهُ / كُلَّ المَعاني وَهوَ رَطبٌ قَويم
فَحازَ شَدوَ الوُرقِ في سَجعِهِ / وَرِقَّةَ الماءِ وَلُطفَ النَسيم
لِلَّهِ وادي الغَرسِ حينَ حَلَلتُهُ
لِلَّهِ وادي الغَرسِ حينَ حَلَلتُهُ / زَمَناً كَأَنَّ العَيشَ فيهِ مَنامُ
وادٍ حَريريُّ الرِياضِ فَكَم بِهِ / مِن حارِثٍ يَغدو بِهِ وَهُمامُ
مُمتَدُّ أَودِيَةِ الظِلالِ فَقَعرُهُ / باكي العُيونِ وَثَغرُهُ بَسّامُ
فَالشَمسُ فيهِ مَدى النَهارِ فَطيمَةٌ / وَالظِلُّ كَهلٌ وَالنَسيمُ غُلامُ
كَتَبتَ فَما عَلِمتُ أَنورُ نَجمِ
كَتَبتَ فَما عَلِمتُ أَنورُ نَجمِ / بَدا لِعُيونِنا أَم نَورُ نَجمِ
فَأَسرَحَ ناظِري في وَشيِ رَوضٍ / وَأَلقَحَ خاطِري مِن بَعدِ عُقمِ
وَقَسَّمتُ التَفَكُّرَ فيهِ لَمّا / أَخَذتُ بِهِ مِنَ اللَذّاتِ قِسمي
فَلَم أَعجَب لِذَلِكَ وَهوَ دُرَّ / إِذا ما جاءَ مِن بَحرٍ خِضَمِّ
أَشَمسَ الدينِ كَم مِن شَمسِ فَضلٍ / بِها جَلَّت يَداكَ ظَلامَ ظُلمِ
نَظَمتَ مِنَ المَعالي وَالمَعاني / بِدائِعَ حُزنَ عَن نَثرٍ وَنَظمِ
لَكَ القَلَمُ الَّذي قَصُرَت لَدَيهِ / طِوالُ السُمرِ في حَربٍ وَسِلمِ
يَراعٌ راعَ بِالخُطَبِ الزَواهي / جَسيمَ الخَطبِ وَهوَ نَحيفُ جِسمِ
فَفي يَومِ النَدى يَجري فَيُجدي / وَفي يَومِ الرَدى يَرمي فَيُصمي
وَيُرسِلُ في الوَرى وَسمِيَّ جودٍ / وَيَنفُثُ في العُداةِ زُعافَ سُمِّ
وَيُطلِعُ في سَماءِ الطُرسِ شُهباً / ثَواقِبُها لَأُفقِ المُلكِ تَحمي
إِذ رامَ اِستِراقَ السَمعِ يَوماً / رَجيمُ الكَيدِ عاجَلَهُ بِرَجمِ
فَيا مَن سادَ في فَضلٍ وَلَفظٍ / كَما قَد زادَ في عَمَلٍ وَعِلمِ
لَقَد بَسَمَت لَنا الأَيّامُ لَمّا / بَذَلتَ لَنا مُحَيّاً غَيرَ جَهمِ
وَشاهِدَ ناظِري أَضعافَ ما قَد / تَفَرَّسَ قَبلَ ذَلِكَ فيكَ فَهمي
فَكَيفَ أَرومُ أَن أَجزيكَ صُنعاً / وَأَيسَرُ صُنعُكَ التَنوَيهُ بِاِسمي
فَعَلَّكَ أَن تُمَهِّدَ بَسطَ عُذري / لِمَعرِفَتي بِتَقصيري وَجُرمي
فَمِثلُكَ مَن تَرَفَّقَ بِالمَوالي / وَغَضَّ عَنِ المُقَصِّرِ جَفنَ حِلمِ
وَدُم في سَبقِ غاياتِ المَعالي / تُصَوِّبُ لِلفَخارِ جَوادَ عَزمِ
لَو بَعَثتُم في طَيِّ نَشرِ النَسيمِ
لَو بَعَثتُم في طَيِّ نَشرِ النَسيمِ / بِسَلامٍ راقٍ لِقَلبي السَليمِ
لَاِلتَقَينا قَبولَها بِقَبولٍ / وَشُفينا مِنها وَلَو بِالسُمومِ
وَلَوَ اَنَّ الرَسولَ جاءَ بِطِرسٍ / لِمُحِبٍّ مِن بَينِكُم في جَحيمِ
قُلتُ عِندَ الإِيابِ يا نارُ بَرداً / وَسَلاماً كوني لِإِبراهيمِ
هُدهُدٌ هَدَّ قَوَّتي حينَ لَم يُل / قِ إِلى العَبدِ مِن كِتابٍ كَريمِ
جاءَ يَسعى بِكُلِّ طِرسٍ نَضيدٍ / جاءَ مِن لَفظِهِ بِدُرٍّ نَظيمِ
بِمَعانٍ مِنَ الجَزالَةِ كَالصَخ / رِ وَلَفظٍ مِن رِقَّةٍ كَالنَسيمِ
فَتَوَسَّمتُهُ فَكانَت مَعاني / هِ لِقاحاً لِكُّلِ فِكرٍ عَقيمِ
سَيِّدي بَل سَمِعتُ عَنكَ كَلاماً / هُوَ في مُهجَتي شَبيهُ الكُلومِ
إِنَّ مَولايَ قَد تَوَلَّعَ جَهلاً / بَعدَ سِقطِ اللَوى بِوادي الصَريمِ
وَرَوَوا عَنهُ أَنَّ ذاكَ زَواجٌ / ثابِتٌ يَقتَضي شُروطَ اللُزومِ
ثُمَّ قيلَ اِهتَدى فَيالَيتَهُ دا / مَ عَلى ذَلِكَ الضَلالِ القَديمِ
فَتَنَفَّستُ حَسرَةً وَتَعَوَّذ / تُ مِنَ الشَرِّ بِالسَميعِ العَليمِ
رَبُّ رُشدٍ مُلَقَّبٍ بِضَلالٍ / وَشَقاءٍ مُلَقَّبٍ بِنَعيمِ
رَعى اللَهُ مَن وَدَّعتُهُ فَكَأَنَّما
رَعى اللَهُ مَن وَدَّعتُهُ فَكَأَنَّما / أُوَدَّعُ رَوحاً بَينَ لَحمي وَأَعظُمي
وَقُلتُ لِقَلبي حينَ فارَقتُ مَجدَهُ / فِراقٌ وَمَن فارَقتَ غَيرَ مُذَمَّمِ
لَم تَخلُ مِنكَ خَواطِري وَنَواظِري
لَم تَخلُ مِنكَ خَواطِري وَنَواظِري / في حالِ تَسهادي وَحينَ أَنامُ
فَبِطيبِ ذِكرٍ مِنكَ تَبدَأُ يَقظَتي / وَبِشَخصِ طَيفِكَ تُختَمُ الأَحلامُ