القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 65
أمّا الشّبابُ فقد مضت أيّامُهُ
أمّا الشّبابُ فقد مضت أيّامُهُ / وَاِستُلّ من كفّي الغداةَ زِمامُهُ
وتنكّرتْ أيّامُهُ وتَغيّرتْ / جاراتُه وتقوّضتْ آطامُهُ
ولقد درى من في الشبابِ حياتهُ / أنّ المشيبَ إذا علاه حِمامُهُ
عوجا نحيّي الرَّبعَ يدللنا الهوى / فلربّما نفع المحبَّ سَلامُهُ
واِستعبرا عنّي به إنْ خانني / جَفني فلم يمطرْ عليه غمامُهُ
فمن الجفون جوامِدٌ وذوارفٌ / ومن السّحاب رُكامُهُ وجَهامُهُ
دِمَنٌ رضعتُ بهنّ أخلافَ الصِّبا / لو لم يكن بعد الرَّضاعِ فطامُهُ
ولقد مررتُ على العقيق فشفّني / أنْ لم تغنّ على الغصون حَمامُهُ
وكأنّه دَنِفٌ تجلّد مؤنساً / عُوّادَه حتّى اِستَبان سَقامُهُ
من بعد ما فارقتُه فكأنّه / نشوانُ تمسح تربه آكامُهُ
مَرِحٌ يهزّ قناتَه لا يأتلي / أَشَرُ الصِّبا وغرامُهُ وعُرامُهُ
تندى على حرّ الهجير ظِلالُهُ / وَيضيء في وقت العشيّ ظَلامُهُ
وكأنّما أطيارُه ومياهُهُ / للنّازليه قِيانُه ومُدامُهُ
وكأنّ آرامَ النّساءِ بأرضه / للقانِصِي طَرْدِ الهوى آرامُهُ
وكأنّما برد الصّبا حَوْذانُه / وكأنّما ورق الشّباب بَشامُهُ
وَعَضيهةٍ جاءتك من عَبِقٍ بها / أزرى عليك فلم يجُزه كلامُهُ
ورماك مجترئاً عليك وإنّما / وافاك من قعر الطَّوِىّ سِلامُهُ
وكأنّما تَسْفِي الرّياحُ بعالِجٍ / ما قال أو ما سطّرتْ أقلامُهُ
وكأنّ زُوراً لفّقتْ ألفاظُهُ / سِلْكٌ وَهى فَاِنحلّ عنه نظامُهُ
وَإِذا الفتى قعدتْ به أخوالُهُ / في المجدِ لَم تَنهض به أعمامُهُ
وإذا خصالُ السّوءِ باعَدْن اِمرءاً / عن قومه لم تُدنِهِ أرحامُهُ
وَلكَمْ رماني قبل رَمْيكِ حاسدٌ / طاشتْ ولم تخدش سواه سهامُهُ
ألقى كلاماً لم يَضِرْني وَاِنثَنى / وندوبهُ في جلده وكِلامُهُ
هَيهاتَ أَن أُلفى رَسيلَ مُسافِهٍ / ينجو به يوم السّبابِ لِطامُهُ
أو أن أُرى في معركٍ وسلاحُهُ / بدلَ السّيوف قِذافُهُ وعِذامُهُ
ومن البلاء عداوةٌ من خاملٍ / لا خلفه لعُلىً ولا قُدَّامُهُ
كَثُرتْ مَساويه فصارَ كَمدحه / بين الخلائق عيبُهُ أوْ ذامُهُ
والخُرْقُ كلُّ الخُرق من متفاوت ال / أفعالِ يتلو نقضَه إبرامُهُ
جَدِبِ الجَناب فجارُهُ في أزْمةٍ / والضّيفُ موكولٌ إليه طعامُهُ
وإذا علقتَ بحبله مستعصماً / فكفقعِ قَرْقَرَةٍ يكون ذِمامُهُ
وإذا عهودُ القومِ كنّ كنبعهمْ / فالعهد منه يَراعُهُ وثُمامُهُ
وَأَنا الّذي أَعييتُ قبلك مَن رَسَتْ / أَطوادُه واِستشرفتْ أعلامُهُ
وتتبّع المعروفَ حتّى طُنِّبتْ / جوداً على سَنَنِ الطّريقِ خِيامُهُ
وتناذرتْ أعداؤه سطواتِهِ / كاللّيث يُرهب نائباً إرزامُهُ
وترى إذا قابلته في وجههِ / كالبدر أشرق حين تمّ تمامُهُ
حتّى تذلّل بعد لأْيٍ صعبُهُ / وَاِنقادَ مَنبوذاً إليَّ خِطامُهُ
يُهدى إليّ على المغيب ثناؤُهُ / وإذا حضرتُ أظَلَّنِي إكرامُهُ
فمضى سليماً من أداة قوارصي / وَاِستام ذمّي بعده مستامُهُ
والآن يوقظني لنحتِ صَفاتِهِ / مَن طال عن أخذ الحقوق نيامُهُ
وَيَسومني ما لم أزلْ عن عزّةٍ / ونزاهةٍ آباه حين أُسامُهُ
ويلُسُّنِي ولئنْ حَلَوْتُ فإّنني / مَقِرٌ وفي حنكِ العدوّ سِمامُهُ
فلبئسما منّتْه منِّي خالياً / خطراتُه أو سوّلتْ أحلامُهُ
أمّا الطّريفُ من الفخار فعندنا / ولنا من المجد التّليد سنامُهُ
ولنا من البيت المحرّم كلّما / طافتْ به في موسم أقدامُهُ
ولنا الحَطِيمُ وزَمْزَمٌ وتراثنا / نِعْمَ التّراثُ عن الخليل مَقامُهُ
ولنا المشاعر والمواقفُ والّذي / تهدي إليه من مِنىً أنعامُهُ
وبجَدّنا وبصنْوِه دُحِيَتْ عن ال / بيت الحرامِ وزُعزعتْ أصنامُهُ
وهما علينا أطلعا شمس الهدى / حتّى اِستَنارَ حلالُهُ وحرامُهُ
وَأَبى الّذي تَبدو على رغم العِدا / غُرّاً محجَّلةً لنا أيّامُهُ
كالبدر يكسو اللّيلَ أثواب الضّحى / والفجرُ شُبّ على الظلام ضِرامُهُ
وَهو الّذي لا يقتضي في موقفٍ / إِقدامُهُ نُكْصٌ به أقدامُهُ
حتّى كأنّ حياتَه هي حتفُه / ووراءَه ممّا يخاف أمامُهُ
ووقى الرّسول على الفراش بنفسه / لمّا أرادَ حِمامَه أقوامُهُ
ثانِيهِ في كلّ الأمور وحصنُه / في النّائباتِ وركنُه ودِعامُهُ
للَّه دَرُّ بلائه ودفاعِه / واليومُ يغشي الدّارعين قَتامُهُ
وكأنّما أُجمُ العوالي غِيلُهُ / وكأنّما هو بينها ضِرغامُهُ
وترى الصّريعَ دماؤه أكفانُه / وحَنوطُه أحجارُه ورَغامُهُ
والموْت من ماء التّرائب وِرْدُه / ومن النّفوسِ مَرادُه ومَسامُهُ
طلبوا مداه ففاتهمْ سبقاً إلى / أمَدٍ يشقّ على الرّجالِ مَرامُهُ
فمتى أجالوا للفخارِ قِداحَهمْ / فالفائزاتُ قداحُهُ وسهامُهُ
وَإِذا الأمور تَشابَهت واِستَبهمتْ / فَجِلاؤها وشفاؤها أحكامُهُ
وَتَرى النديَّ إِذا اِحتَبى لقضيّةٍ / عوجاً إليها مُصْغِياتٍ هامُهُ
يُفْضِي إلى لُبّ البليد بيانُهُ / فيعِي ويُنشئُ فهمَه إِفهامُهُ
بغريبِ لفظٍ لم تُدِرْهُ أَلْسُنٌ / وَلِطيفِ معنىً لم يُفضّ ختامُهُ
وَإِذا اِلتفتّ إلى التُّقى صادقْتَه / من كلِّ بِرٍّ وافراً أقسامُهُ
فاللّيلُ فيه قيامُه متهجّداً / يتلو الكتابَ وفي النّهارِ صيامُهُ
يطوِي الثلاثَ تعفُّفاً وتكرُّماً / حتّى يُصادفَ زادَه معتامُهُ
وتراه عُريانَ اللّسانِ من الخَنا / لا يهتدي للأمر فيه ملامُهُ
وعلى الّذي يُرضي الإلهَ هجومُه / وَعلى الّذي لا يَرتَضي إحجامُهُ
فمضى بريئاً لم تَشِنْهُ ذنوبُه / يوماً ولا ظفِرتْ به آثامُهُ
ومفاخرٍ ما شئتَ إن عدّدتَها / فالسّيلُ أطبق لا يعدّ زهامُهُ
تعلو على مَن رام يوماً نيْلَها / من يَذْبُلٍ هَضَبَاتُهُ وإكامُهُ
ألا ربّ أمرٍ بتّ أحذر غِبَّهُ
ألا ربّ أمرٍ بتّ أحذر غِبَّهُ / وقد نابني فيه العناءُ المُجَشِّمُ
غدا وهو سِرٌّ لا يُرامُ اِطّلاعُهُ / وعادَ مساءً وهو نَهْبٌ مُقَسَّمُ
تندّمتُ في أعجازه حين لم يكنْ / وقد فاتَ مِن كفّيَّ إلّا التّندُّمُ
وما خانني التّدبير فيه وإنّما / قضاءٌ جرى فيما سخطتُ مبرَّمُ
ولو كان لا يَكْدِي أخو الحزمِ مرّةً / ويُشوى لما مات الصّحيحُ المُسَلَّمُ
وَمَن ذا الّذي يُعطي الإدارةَ كلَّها / ومَن ذا الّذي في الأمر لا يُتَلَوَّمُ
إذا شئتَ أنْ تلقَ السَّلِيمَ عَدِمْتَه / وأكثرُ مَن تلقى المُرَزَّى المُكَّلَمُ
وأغبنُ مَن تلقى من النّاس جاهلٌ / يظنّ الّذي يُخفيه لا يُتَعَلَّمُ
ومسترسلٍ في فعله بعد ما بدا / لعينيه جهراً ما يَزِمّ ويَخطمُ
أَلا للّه ما صنع الحِمامُ
أَلا للّه ما صنع الحِمامُ / وما وارَتْ بساحتها الرِّجامُ
طوى مَن لا سبيلَ إلى لقاهُ / وإنْ جدّ التّطَلُّبُ والمَرامُ
وكيف لقاءُ مَن دهتِ اللّيالي / وغرّبه صباحٌ أو ظلامُ
وهيهات المطامعُ في أُناسٍ / أقاموا حيث لا يُغني المقامُ
ثَوَوْا متجاورين ولا لقاءٌ / وناجَوْا واعظين ولا كلامُ
خُلقنا للفناءِ وإنْ غُرِرْنا / بإيماضٍ من الدُّنيا يُشامُ
ونُبصِرُ مِلْءَ أعيننا فعالَ الر / رَدى وكأنّنا عنه نِيامُ
وتحلو مَذْقَةُ الدّنيا لحيٍّ / له من بعدها كأسٌ سِمامُ
غمامٌ من مواعدها جَهامٌ / وأسبابٌ لِجدْواها رِمامُ
وما الأحزانُ والأفراحُ فيها / وَإِنْ طاوَلنَنا إلّا مَنامُ
وَلَو علم الحَمامُ كما علمنا / من الدّنيا لما طَرِب الحَمامُ
سلامُ اللَّه غادٍ كلَّ يومٍ / على مَن ليس يبلغه السّلامُ
على عَبِقِ الثّرى خَضِلِ النّواحي / وإنْ لم يُستَهلَّ له الغَمامُ
مضى صِفْرَ الحقيبةِ من قبيحٍ / غريباً في صحيفته الأثامُ
نقيَّ الجيبِ عَفَّ الغيبِ بَرٌّ / حرامٌ ليس يألفه الحرامُ
من القومِ الأُلى دَرَجوا خِفافاً / وزادُهُم صلاةٌ أو صيامُ
لهمْ في كلّ مَأْثُرَةٍ حديثٌ / كما طابتْ لناشقها المُدامُ
مضوا وكأنّهمْ من طيبِ ذكرٍ / تراه مخلّداً لهمُ أقامُوا
تعزَّ أبا عليٍّ فالرّزايا / مَتى تَعدوك لَيسَ لها اِحتِرامُ
وما صابتْ سهامُ الموت خلقاً / إذا طاشتْ له عنك السّهامُ
وغيرُك مَن تُثقّفه التّعازي / ويعدِلُ من جوانبه الكلامُ
فإنّك مَن تَجافى العَتْبُ عنه / وأَعْوَزَ في خلائقه الملامُ
ما للقلوب غداةَ السّبتِ مزعجةً
ما للقلوب غداةَ السّبتِ مزعجةً / وللدّموع غداةَ السّبت تنسجمُ
وللرّجالِ يحلّون الحُبا وَلَهاً / من أنّهمْ علموا في ذاك ما علموا
تجري دموعُ عيونٍ ودّ صاحبُها / لو أنّهنّ على حرّ المصابِ دمُ
كَأنّنا اليّوم من همٍّ تَقسَّمنا / نَهْبٌ بأيدي ولاة السّوءِ مُقتَسَمُ
نثني الأكفَّ حياءً عن ملاطمنا / وفي الحشا زفراتُ الحزنِ تلتطمُ
ونكتم النّاسَ وَجْداً في جوانحنا / وكيف نكتم شيئاً ليس ينكتمُ
يا موتُ كم لكريمٍ فيك من تِرَةٍ / أعيا بها الرّمحُ والصُّمصامةُ الخَذِمُ
وكم وَلَجتَ وما شاورتَ صاحبَه / قصْراً على بابه الحرّاسُ والخدمُ
وكم عظيمِ أُناسٍ قد سطوتَ به / لم يُغنِ عنه فتيلاً ذلك العِظَمُ
وما نجا منك لا صُغْرٌ ولا كِبَرٌ / ولا شبابٌ ولا شيبٌ ولا هرمُ
هيهات مُكِّن من أرواحنا حَنِقٌ / فظٌّ وحُكِّمَ في أجسامنا قَرِمُ
أَين الّذين على هذي الثّرى وطأوا / وحُكِّموا في لذيذ العيش فاِحتكموا
ومُلِّكوا الأرضَ من سهلٍ ومن جبلٍ / وخُوِّلوا نعماً ما مثلها نِعَمُ
حتّى إذا بلغ الميقاتُ غايَتَه / لَم يسلموا ولشيءٍ طالما سلموا
لم يبق منهمْ على ضنّ القلوب بهمْ / إلّا رسومُ قبورٍ حشوُها رِمَمُ
مسنّدين إلى زَوْراءَ موحشة / ظلماءَ لا إِرَمٌ فيها ولا عَلَمُ
كأنّما طبّقتْ أجفانَهمْ سِنَةٌ / أو شَفّهمْ لبِلى أجسادهمْ سَقَمُ
يُغضون من غير فكرٍ يرتأون له / ويأْزِمون على الأَيدي وما نَدِموا
فلا يغرّنْك في المَوْتى وجودُهمُ / فإنّ ذاك وجودٌ كلُّه عدمُ
قُل للوَزيرِ وإن جلّتْ مصيبتُه / هيهات فاتَكَ ما يجري به القلمُ
إنّ الّتي أنت ملآنٌ بِلَوعتها / مضتْ كما مضتِ الأحياءُ والأُمَمُ
مُلِّيتَ دَهراً بها من غير مَحْسَبَةٍ / وغيرُ مَن رَجَعَ الموهوبَ مُتّهَمُ
وَحزنُك اليوم عُقبى ما سُررتَ به / حيناً وعقبى الّذي تلتذّه الألمُ
وما خُصِصتَ بمكروهٍ تجلّلنا / ونحن قبلك بالبَأْساءِ نَسْتَهِمُ
فَاِصبِرْ فَصبرُك موصولٌ بموهبةٍ / تَبقى وكلُّ الّذي أعطيتَ مُنصرمُ
وَكُنْ كَمَن أنت مشغوفٌ بسيرتهِ / ممّن أصابهمُ المكروه فاِحتزموا
لا يَألَمون بشيءٍ مِن مَصائبهمْ / حتّى إذا أُولِمُوا في دينهمْ أَلِموا
وَقَد مَضى ما اِقتَضاه الرّزءُ من جزعٍ / فَأينَ ما يَقتضيه العلم والكرمُ
بقاءٌ ولكنْ لو أتى لا أذمُّهُ
بقاءٌ ولكنْ لو أتى لا أذمُّهُ / ووِرْدٌ ولكنْ لو حلا لِيَ طعمُهُ
خَطوتُ عدا العشرين أَهزأ بالصّبا / فلمّا نأى عنّي تضاعف همُّهُ
فيا ليت ما أبقى الشّبابُ وجازَهُ / سَريعاً على عِلّاتِهِ لا يؤُمُّهُ
وليت ثرائي من شبابٍ تعجّلتْ / بشاشتُهُ عنّى تأبّد عُدْمُهُ
مشيبٌ أطار النّومَ عنّي أَقلُّه / فكيف به إن شاع في الرَّأسِ عِظْمُهُ
تعاقبني بؤسُ الزّمانِ وخَفضُهُ / وأَدَّبني حربُ الزّمانِ وسِلمُهُ
وقد علم المغرورُ بالدّهر أنّه / وراءَ سرور المرء في الدّهر غَمُّهُ
فَكيفَ سروري بالكثير أنالُهُ / وحكم قليلِ الوجدِ في القصدِ حُكمُهُ
وَما المَرءُ إلّا نَهْبُ يَوْمٍ وليلةٍ / تخُبُّ به شُهْبُ الفناء ودُهْمُهُ
يُعلّلهُ بَرْدُ الحياةِ يَمَسُّهُ / ويغترّه رَوْحُ النَّسيمِ يشمُّهُ
وكان بعيداً عن منازعةِ الرّدى / فألْقَتْهُ في كفّ المنيّة أُمُّهُ
عَلى أَنّنا نبغي النّجاءَ وكلُّنا / يُلاقيه مِن أمرِ المنيّةِ حتمُهُ
أَلا إِنّ خيرَ الزّاد ما سدّ فاقةً / وخيرُ تِلاديَّ الّذي لا أَجُمُّهُ
وَإنّ الطَّوى بالعزِّ أحسنُ بالفتى / إذا كان من كسب المذلّةِ طعمُهُ
إذا وَطَرٌ لم أنْضُ فيه عزيمةً / فسِيّانِ عندي صحّتاه وسُقمُهُ
وإنّي لأَنْهَى النّفسَ عن كلِّ لذَّةٍ / إِذا ما اِرتقى منها إلى العِرضِ وَصْمُهُ
وأُعرِضُ عن نيل الثَّراء إذا بدا / وفي نيله سوءُ المقالِ وذمُّهُ
أَعِفُّ وما الفحشاءُ منّي بعيدةٌ / وحسبِيَ من صَدٍّ عن الأمرِ إثْمُهُ
وَما العَفُّ مَن ولّى عن الضّرب سيفه / ولكنّ مَن ولّى عن السُّوءِ حزمُهُ
وَهبتُ اِهتِمامي للعُلا ومآربي / وللمرء يوماً إنْ حبا ما يَهُمُّهُ
وما ضرّ مسلوبَ العزيمةِ إنْ وَنى / عن السَّعىِ والأرزاقُ حِرْصاً تؤُمُّهُ
يفوت طِلابي مشربٌ لا أعافُهُ / ويُعْوِزُ فحصي صاحبٌ لا أَذمُّهُ
إذا كان هذا الغدرُ في النّاس شيمةً / فَأَنفسُ شيءٍ صاحبَ المرءَ عزمُهُ
ولمّا نبا زيدٌ عن الطّيبِ عهدُه / نبوتُ وفي قلبي من الوَجْدِ جَمُّهُ
وداويته بالهجر والهجرُ داؤه / وخير دوائيْ مُعضِلِ الدّاء حسمُهُ
ومن يك من قبل الوشاةِ بمسمعٍ / تقاصر عن نيل الحقيقةِ علمُهُ
وأروعَ لم تَمْلَ النّوائبُ ذرعَه / ولا ضلّ في ليلِ السّفاهةِ حلمُهُ
ثقيلٌ على جنب العدوّ وإن غدا / خفيفاً على ظهر المطيّةِ جسمُهُ
شددتُ يدي مه بحُجْزةِ حازمٍ / مصيبٍ لأغراض العواقب سهمُهُ
وماضٍ على الشّحناء في غير زلّةٍ / وَقَد ملّ إلّا مِن عتابك جُرمُهُ
له الدّهر منّي إنْ ألمّ خلاله / وَأعوزه منّي مكانٌ يلمُّهُ
وأتعبُ مَن عاداك مَن لا تنالُهُ / ولم يرتبطْ يوماً بعِرْضك وسْمُهُ
وَعَيشٍ كما شاء الحسود صحبتهُ / حوى غُنمَه قومٌ وعندِيَ غُرْمُهُ
تُحَلّا عَن الطَّرْقِ الأجاجِ قُرومُهُ / وتكرعُ من عذب المشارب بَهْمُهُ
وحُقّ لما لا يُبهجُ النّفسَ قربُهُ / على وصله أن يُبهج النّفس صَرْمُهُ
سأركبها بَزْلاءَ ذاتَ مخاوفٍ / متى يُخبر المرغوب عنها تضمّهُ
وأترك ما بيني وبين حبائبي / وحظّهُمُ منّي على الغيبِ رَجمُهُ
فَلا عيش إلّا مَن تحامتْ نعيمَه / صروفُ اللّيالي أو تجافى مُلِمُّهُ
وجيشٍ كما مدّ الظّلامُ رِواقَه / سواءٌ به هَضْبُ العريك وهَضْمُهُ
إِذا ما سَرى يَبغي الفِرارَ مُشَمِّراً / فأنْفَسُ خوّاضِ الكريهةِ غُنْمُهُ
يضمّ رجالاً من قريشٍ إذا دُعُوا / ليومِ نزالٍ أشبعَ الطّيرَ لحمُهُ
بنفسِيَ مَن ولّى تسايُرهُ المُنى / حميداً وما ولّى عن القلب وَهْمُهُ
أَغارُ عليه من فلاةٍ تُقِلُّهُ / وأحسدُ فيه جِزْعَ وادٍ يضمُّهُ
وَما غاب إلّا أَحضر البدر وجهُهُ / وليس له في منتهى الهُشِّ قِسْمُهُ
أرأيتَ ما صنعتْ بنا الأيّامُ
أرأيتَ ما صنعتْ بنا الأيّامُ / ضاع العزاءُ وضلّتِ الأحلامُ
نبأٌ تُفَكّ له الصدور عن الحِجى / وتُهانُ أخطارُ النُّهى وتُضامُ
ومصيبةٍ وَلَجَتْ على ملك الورى / أبوابَه والذّائدون نيامُ
حلّ الرّجال بأمرها عُقَدَ الحُبا / فكأنّهمْ وهمُ القعودُ قيامُ
واِستَوهلتْ آراؤهمْ فتراهمُ / لا نَقْضَ عندهُم ولا إبرامُ
حاروا فليس لديهمُ إنْ خوطِبوا / أو خاطبوا فَهْمٌ ولا إفهامُ
كالغِمْدِ فارق نَصْلَه في معركٍ / والسِّلْكُ مُلْقىً ليس فيه نِظامُ
يا أَيّها الملكُ الّذي لجلاله / يُتَعَلَّمُ التّوقيرُ والإعظامُ
صَبراً فَبِالأدبِ الّذي أسلفتَه / في النّائباتِ تَأَدَّبَ الأقوامُ
أين التَّشَرُّزُ للخطوب وأين ذا / ك الصّبرُ والإطراقُ والإزمامُ
فالثِّقْلُ لا يسطيعه من شارفٍ / كوماءِ إلّا غاربٌ وسنامُ
والنّبعُ تسلبه النَّجابةُ فرعَهُ / ونجا بلؤمٍ خِرْوَعٌ وثُمامُ
والثَّلْمُ ليس يَكون إِلّا في ظُبا ال / ماضى ويخلو منه وهْوَ كَهامُ
والبُخل يتّرِك النّفيسَ وإِنّما / فقد النّفائسَ ما جدون كِرامُ
والحربُ تقتنص الشّجاعَ وآمِنٌ / فيها المَنونَ الواهنُ المِحجامُ
شِبْلٌ محا فيه الرّزيّةَ إِنّه / باقٍ لنا من بعده الضّرغامُ
وثنيّةٍ من يَذْبُلٍ جُدنا بها / إِذْ يَذْبُلٌ خَلَفٌ له وشَمامُ
أخذ الرّدى نفساً وغادر أنفساً / فاِذهَبْ حمامُ فما عليك مَلامُ
وأحقُّ منّا بالبكاء على الّذي / سلب الزّمانُ الفضلُ والإنعامُ
والخيلُ قانيةُ النّحورِ كأنّما / بجلودها الحِنّاءُ والعُلّامُ
لم يدنُ منهنّ النُّزول ولم يَغِبْ / عنهنّ إِسراجٌ ولا إِلجامُ
ولْيَبكِهِ الرّمحُ الأصمُّ تعطّلَتْ / حركاتُهُ والباترُ الصُّمْصامُ
ومؤمِّلون أَناخَ شعْثَ رِكابهمْ / بفِنائِهِ الإنفاضُ والإعدامُ
بكروا ليستلبوا الغِنى ويروّحوا / فحلا لهمْ ثمرُ النّدى فأقاموا
يا نازحاً فَضَلَ الأكابر ناشئاً / وجنى ثمارَ السِّنِّ وهْوَ غلامُ
تَزْوَرُّ عن صَبَواته سُنَنُ الصِّبا / وتطيح عن خَلَواته الآثامُ
وَقَضى ولم تقض اللبانةُ رِيبةً / منه ولا عَلِقَتْ به الأَجرامُ
أمّا القلوبُ فإِنّهنّ رواجِفٌ / حزناً ليومك والدّموعُ سِجامُ
ماذا على الجَدَثِ الّذي أُسكنتَهُ / أَلاّ يمرَّ على ثراه غمامُ
يكفيه منك السّكبُ إِنْ جَمَدَ الحَيا / والمستهلّ إِذا السّحابُ جَهامُ
أو لا يجاورَ روضةً وضريحُهُ / منه بعَرْفِك روضةٌ ومُدامُ
أو لا يُحيّيه الرّفاقُ وعاكفٌ / للَّه منه تحيّةٌ وسلامُ
قبرٌ تُشَقُّ له القلوبُ وقبله / عند القبور تُشقّق الأهدامُ
وتُعَقَّرُ المُهجُ الحرامُ حِيالَهُ / وسواه تُعقر عنده الأنعامُ
ما نَحنُ إِلّا للفناءِ وإِنّما / تغترّنا بمرورها الأيّامُ
ومتى تأمّلْتَ الزّمانَ وجَدْتَهُ / أَجَلاً وأَيّامُ الحياةِ سَقامُ
نُضحِي ونُمسي ضاحكين وإِنّما / لبكائنا الإصباحُ والإظلامُ
ونُسَرُّ بالعام الجديد وإنّما / تسري بنا نحو الرّدى الأعوامُ
في كلّ يومٍ زَوْرَةٌ من صاحبٍ / منّا إلى بطن الثّرى ومقامُ
لا تُرتجى منه إيابةُ قادمٍ / هيهات أعوزَ من ردىً قَدّامُ
فاِسلَمْ لنا ملكَ الملوكِ مُحَصَّناً / في راحتيك من الخطوب زِمامُ
تأبى المقادرُ ما أبَيْتَ ولا تزلْ / تجري بما تختاره الأقلامُ
ولمن هَويتَ نجاحةٌ وفلاحةٌ / ولمنْ شَنِئتَ الكَبْتُ والإرغامُ
فالملك مذْ رُفعتْ إليك أُمورُه / حَرَمٌ على كلّ الرّجالِ حرامُ
أرِقْتُ للبرق بالعلياء يضطرمُ
أرِقْتُ للبرق بالعلياء يضطرمُ / وحبّذا ومضُهُ لو أنّه أَمَمُ
أمسى يشُنُّ على الآفاقِ صِبغتَه / كأنّما الجوّ منه عَنْدَمٌ ودمُ
يَنزو خلال الدّجى واللّيلُ مُعتكرٌ / نَزْوَ الشّرارةِ من أرجائها الغممُ
ولامعٌ قابعٌ طَوراً إِخالُ به / اللّيلُ يضحك والآفاق تبتسمُ
قَد شاقني وبلادي منه نازحةٌ / إلى وجوهٍ بهنّ الحسنُ يعتصمُ
قومٌ يَضِنّون بالجَدوى فإن بذلوا / من غير عمدٍ لشيءٍ في الهوى ندموا
ويأمرونا بصبرٍ عن لقائِهمُ / وكيف نصبرُ والألبْابُ عندهُمُ
وعيّرتني مشيبَ الرَأس خُرْعُبَةٌ / وربّ شيبٍ بدا لم يجنه الهرمُ
لا تَتَشكَّي كُلوماً لم تُصِبْكِ فما / يَشكو أذى الشّيب إلّا العُذرُ واللِّمَمُ
شيبٌ كما شُنّ في جُنحِ الدّجى قَبَسٌ / أَو اِنجَلَتْ عن تباشير الضّحى ظُلَمُ
ما كنتُ قبل مشيبٍ بات يظلمني / لظالمٍ أبَدَ الأيّامِ أنْظَلِمُ
يا صاحبيَّ على نَعْمانَ دونكما / قلباً تَذَكُّرُ نَعْمانٍ له سَقَمُ
كم فيه من قاتلٍ عمداً ولا قَوَدٌ / وظالمٍ لمحبّيهِ ولا حَكَمُ
وماطِلٍ ما اِقتضيناهُ مَواعدَنا / إلّا وفي سمعه عن قولنا صَمَمُ
وسلِّما فَهناك الحبُّ مجتمعٌ / على شعابٍ بهنّ الضّالُ والسَّلَمُ
يَلحَى العذولُ وما اِستنصحتُه سَفَهاً / وكلُّ من يبتديك النُّصْحَ مُتَّهَمُ
وما على مثله لولا تكلُّفُهُ / من الأَحِبَّةِ لَمُّوا الحَبْلَ أمْ صَرَموا
يا مَنزل الغيثِ مرخىً من ذَلاذِلِهِ / يحثّه صَخَبُ التّغريدِ مهتزمُ
كأنّما سُحْبُهُ سُحْماً مهدَّلَةً / زالتْ بها الصُّمُّ أو شُلَّتْ بها النَّعَمُ
سقى المنازلَ من أرْجانَ ما اِحتَملتْ / رَفهاً فلا حاجةٌ تبقى ولا سَأَمُ
مواطنٌ أُبّهاتُ الملك ثاويةٌ / فيهنّ والسُّؤددُ الفّضفاضُ والكرمُ
المَوْرِدُ العَذْبُ مبذولاً لواردِهِ / والمالُ يُظلمُ بالجَدْوى ويُهتَضَمُ
وجانبٌ لا يُخاف الدّهرُ فيه ولا / يهابُ من نَفَجاتٍ عنده العَدَمُ
للنّازلين محلُّ القاطنين به / والأقربون لأضيافِ القِرى خَدَمُ
وواهبٌ سالبٌ ما شاء من عَرَضٍ / ومنعمٌ محسنٌ طوراً ومنتقمُ
يُلقي على كُثُبِ النُّعْمى شَراشِرَهُ / فالحمدُ مجتمِعٌ والمالُ مُقتَسَمُ
أمّا قناتُك يا مَلكَ الملوك فما / زالتْ تردّ نُيوبَ القومِ إذْ عَجَموا
صُمّاً يُرجَّعُ عنها الغامزون لها / وفي أناملهمْ من غمزها ألَمُ
وقد بَلَوْك ونارُ الحربِ موقَدَةٌ / واليومُ ملتهبُ القُطرين محتدمُ
يومٌ كأنّ أُسودَ الغاب ضاريةٌ / فرسانُهُ وقنا فرسانِهِ الأَجَمُ
في ظهرِ مَعروقةِ اللَّحيَينِ ثائرةٍ / كأنّما مسّها من طيشها لَمَمُ
مَعقولةٌ باِزدِحامِ الخيل تُعثِرها / ولا عِثارَ بها الأحشاءُ والقِمَمُ
وفِتْيَةٌ كقِداحِ النّبعِ تَحمِلُهمْ / على خِطارِ الرّدى الأخطارُ والشِّيَمُ
بَينَ القَنا والظُّبا مسلولةً نشأوا / وَفي ظهورِ الجِيادِ القُرَّحِ اِحتَلموا
من كلّ مُلتَبِسٍ بالطّعنِ منغمسٍ / يَعْتمُّ بالدمِ طَوراً ثمّ يلتثمُ
تراهُمُ كيفما لاقوا أعادِيَهمْ / لا يَغنَمون سوى الأرواح إنْ غنموا
محجّبين عن الفحشاء قاطبةً / كأنّهمْ بسوى المعروف ما علموا
إِنْ ظاهَروا البدرَ في ثوبِ الدّجى ظهروا / أو ظالموا اللّيثَ في عِرِّيسهِ ظَلموا
كم أوْهنوا من جراثيمٍ وما وهنوا / وأَرغموا من عرانينٍ وما رُغِموا
وأرهقوا من عظيمٍ خُنْزُوانَتَه / يئِطُّ في القِدِّ أو تهفو به الرَّخَمُ
تقيّلوا منك أخلاقاً تثبّتُهمْ / في مأزقٍ هزّه الشّجعانُ فاِنهَزموا
وَأَقدموا بَعدَ أَنْ ضاق المَكَرُّ بهمْ / لمّا رأوك على الأهوالِ تَقتحمُ
مَن مُبلغٌ مالكَ الأطرافِ مَأْلُكَةً / فَإنّما العِيُّ في الأقوالِ مُحتَشَمُ
بعدتُمُ فحسبتمْ بُعْدَكمْ حَرَماً / والأمنُ دون النّوى منكم هو الحَرَمُ
وكلُّ ناءٍ وإنْ شطّ الِبعادُ به / تناله من بهاءِ الدّولةِ الهِممُ
كالشّمس في الفلك الدّوّار قاصيةٌ / ويصطلي حرَّها الأقوامُ والأُمَمُ
وإنّما غرّكْم بالجهلِ أنَّكم / سرقتمُ ما ظننتمْ أنّه لكمُ
تغنّموا سِلْمَه واِخشَوْا صريمَته / فالسِّلْمُ من مثلِهِ يا قومُ مُغتَنَمُ
وَاِستَمسكوا بذمامٍ من عقوبتِهِ / فَليسَ تَنفع إلّا عنده الذّممُ
بني بُوَيْهٍ أتمّ اللَّهُ نِعمَتكمْ / ولا يزلْ منكُم في الملكِ محتكِمُ
وأنتَ يا ملك الأملاك عشْ أبداً / فما سلمتَ لنا فالخلقُ قد سلموا
وَاِنعمْ نعمتَ بذا النَّيْروزِ مُرتقباً / إلى المحلّ الّذي لم تَرْقَهُ قَدَمُ
مُبَلَّغاً كلّما تهوى وإنْ قَصُرَتْ / عنه الأمانِيُّ موصولاً لك النِّعمُ
أشاعرةٌ بما نلقى ظَلومُ
أشاعرةٌ بما نلقى ظَلومُ / فما نلقى وإنْ حَقَرَتْ عظيمُ
ولو صدق الوشاةُ إليك عنّي / لقالوا إِنّه دَنِفٌ سقيمُ
أفاقوا من هوىً فلَحَوْا عليه / ومن لا يعرف البَلْوى يلومُ
يلوم على الهوى مَن ليس يدري / بأنّ ضَنَى الهوى داءٌ قديمُ
وناموا والهوى سَقَمٌ دَخيلٌ / طويلٌ لا ينام ولا يُنِيمُ
وليلةَ زارنا منكمْ خيالٌ / وجِلْدُ اللّيل من وَضَحٍ بَهيمُ
وأَحسبُهُ الضّجيعَ على وسادي / وما رام اللّقاءَ ولا يرومُ
وكيف يزور من بلدٍ بعيدٍ / ولا عَنَقٌ هناك ولا رسيمُ
ومعشوقٍ له نطقٌ رخيمٌ / يُدِلُّ به ومُنْتَطَقٌ هضيمُ
لنا من لفظهِ درٌّ نَثيرٌ / ومن ثَغرٍ له درٌّ نظيمُ
خلوتُ به وباطنه سليمٌ / بلا دَنَسٍ وظاهره كليمُ
لمنْ طَلَلٌ وقفتُ به سُحيراً / أُصَيحابي وقد هَوَتِ النّجومُ
وللظّلماء في الخضراءِ بُرْدٌ / وُشومٌ بالكواكب أَو رُقومُ
وعُجنا نحوه والشّوقُ حادٍ / قلائصَ في مغانيها القَصيمُ
وكيف سؤالُ رسمٍ عن فريقٍ / ولم تعرف فتخبرك الرّسومُ
لفخر الملك في شرف المعالي / محلٌّ لا يُرامُ ولا يَرِيمُ
وفضلٌ حلّ ساحته خصوصٌ / وأفضالٌ تجلّلنا عُمومُ
خلائقُ كالزّلالِ العَذْبِ أضحى / يزعزعه لدى سَحَرٍ نسيمُ
وصدرٌ لا يبيت عليه حِقْدٌ / ولا تَسرِي بساحته السَّخيمُ
وبشْرٌ قبل أنْ تكفِ العطايا / يُشاهده فيستغني العديمُ
وإنْ قِسناه فالتّبريزُ نقصٌ / لمن يَعدوه والتّبذيرُ لُومُ
ألا قلْ للأُلى ملكوا البرايا / وعشعش في ديارهمُ النّعيمُ
وحلّوا كلَّ شاهقةِ المباني / من العلياء يسكنها الكريمُ
وطالتْ فيهمُ أيدٍ إذا ما / تمنَّوْه كما طالتْ جُسومُ
ملوكٌ ما لهمْ طرفٌ دَنِيُّ / يعابُ به ولا خُلُقٌ ذميمُ
أَرونا مثلَ فخرِ الملك فيكمْ / يقوم من الأمور بما يقومُ
ومَن خضعتْ لغُرّتِهِ النّواصي / وقِيدَتْ في أزمّتِهِ القُرومُ
فللّهِ اِنبِعاثُك كلَّ يومٍ / تسوم من العظيمة ما تسومُ
على جرداءَ إنْ حُبِسَتْ فقصرٌ / وإنْ ركضتْ لِهَمٍّ فالظّليمُ
وحَولك في مُلَملمةٍ رجالٌ / رُكودٌ في سُروجِهمُ جُثومُ
وفي أيديهمُ أَسَلٌ طِوالٌ / لهَاذِمَةٌ إلى الأَرواح هِيمُ
إذا غضبوا رأيتَ الموتَ صِرفاً / على مُهَجِ الكرامِ بهمْ يحومُ
وعِيدُ النّحْرِ يُخبر أنّ ظِلّاً / مَنَنْتَ به على الدّنيا يدومُ
وقد جادتْ سحائبه سعوداً / ونُعْمى لا تجود بها الغيومُ
فنلْ منه الطِّلابَ فكلُّ يومٍ / أَنَالَكَ ما طلبتَ أخٌ حميمُ
فعيشٌ لا تكون به مماتٌ / ودهرٌ لست عاذرَه مَلومُ
وأُمُّ الدّهر ناسلةٌ ولكنْ / لمثلك أنْ يكون لها عقيمُ
وما نخشى صُرُوفَ الدّهرِ جَمْعاً / وأنّك من بوائقها حريمُ
ما أَرادتْ إلّا الجفاءَ ظَلومُ
ما أَرادتْ إلّا الجفاءَ ظَلومُ / يوم رامتْ عنّا ولسنا نَرِيمُ
روّعتْ بالفراقِ قلباً إذا رِي / ع بِذكر الفراق كاد يهيمُ
وأرادتْ قصدَ الغَمِيمِ ولو أن / نا اِستَطَعنا كان المحلَّ الغميمُ
وكتمنا وَجْداً بها ساعةَ البَيْ / نِ ولكنْ دَمْعُ العيونِ نَمومُ
لم يَطُلْ بيننا غداةَ اِفترقنا / من حِذارٍ ضمٌّ ولا تسليمُ
ضاعَ مِنّا بينَ الوشاةِ ببينٍ / ما اِحتَسبناه سِرُّنا المكتومُ
أيُّ دمعٍ جرى ونحن بنَجْرا / نَ لنا والدّيارُ ثَمَّ رسومُ
دِمَنٌ لو رَنَتْ إليهنّ عينا / كَ قُبَيْلَ الفراقِ قلت النُّجومُ
ومغانٍ من النّحولِ كأروا / حٍ ولكنْ ليستْ لهنّ جُسومُ
ما مررنا إلّا بهنّ ومنهن / نَ قفاراً سِيقتْ إلينا الهُمومُ
ما على مَن ينامُ ليلَ مُحبِّي / ه طويلاً لو كان فيه يُنيمُ
وَعَجيبٌ وهْوَ المَلِيء ثراءً / كيف يُلوي عن جانبيه الغَريمُ
طلعتْ فالهلالُ يُبصَرُ منها / ورَنَتْ نحونا فقيلَ الرِّيمُ
وشككنا في دمعها وهو منهل / لٌ أَدَمْعٌ أم لؤلؤٌ منظومُ
رحل النّاكثون بالعهد عن دا / ر حفاظٍ وأنتَ فيها مقيمُ
وتناهَوْا عن الوفاء وهذا الْ / غَدْرُ داءٌ بين الأنام قديمُ
وملامٌ سمعته لا يُرى في / ه لَجوجاً إلّا المُريبُ المُليمُ
لا أُبالي متى اِستَقمتُ إذا كا / ن جميعُ الأنامِ لا يستقيمُ
وإذا كنتُ لا يطورُ بِيَ الذّم / مُ فما ضرّني مَنِ المذمومُ
وَإِذا سُمتُها كما اِشترط المج / دُ فنادِ الرّجالَ لا لا تسوموا
قلْ لفخر الملوك عَنِّيَ والقو / لُ صحيحٌ بني الورى وسقيمُ
قد رأينا بك الملوك وإنْ رُمْ / تَ من المأثُراتِ ما لم يروموا
لك من فوقهمْ إذا نحن قسنا / همْ إلى مجدك المحلُّ العظيمُ
إنّ في بلدة السّلامِ هُماماً / لَيس يُهدى إلّا له التّسليمُ
من أُناسٍ لهمْ إلى سَوْرَة الجه / لِ أَناةٌ وفي السَّفاهِ حُلومُ
ونراهم لا يعزفون عن العِبْءِ / كَما يعزف الملولُ السَّؤومُ
وإذا ما دُعوا لحومةِ حربٍ / وطيورُ الرّدى هناك تحومُ
وهبوا العذرَ للجبانِ وعاصوا / مَن على مكرعِ الحِمامِ يلومُ
وأتَوْا في ظهور هُوجٍ كما هِي / جَ على صَحْصَانِ أرضٍ ظَليمُ
قد لبسن الدّماءَ فالبُلْقُ كُمْتٌ / ما توضّحْنَ والأغرُّ بَهيمُ
والرّدى بالظُّبا الرّقاقِ وبالسُّمْ / رِ العوالي بين العدا مقسومُ
زار أرضَ الزَّوْراءِ لمّا اِقشعرّتْ / مثلما زارتِ المُحولَ الغيومُ
جاءَها حين لا يمرّ بها السّا / ري دُثوراً ولا يُسيم المُسيمُ
ليس يُغضي عنها وتَمضي قضايا / ه عليها إلّا الغَشومُ الظَّلومُ
فهي الآن كالصَّفاةِ اِستَدارتْ / ليس فيها لمجتليها ثُلومُ
روضةٌ غَضّةٌ فأمّا نداها / فرذاذٌ وريحُها فنسيمُ
فَإِلى بابهِ مُناخُ المطايا / وعليه وَفْدُ الرّجاء مقيمُ
حرمٌ آمنٌ به يُنصَفُ المظ / لومُ عفواً ويُمنحُ المحرومُ
بلغوا عنده الرّجاء وكم با / توا وأُمُّ الرّجاءِ فيهمْ عقيمُ
دَرّ دَرٌّ الّذي فَضَلْتَ به النّا / سَ عطاءٌ دَثْرٌ وخُلْقٌ كريمُ
وسجايا مَلَكْنَ كلَّ فؤادٍ / هنّ فيه عند الصَّميمِ صَميمُ
أيّها المنعمُ الّذي أعوزَ الفق / رُ على جوده وأعيَا العديمُ
لك مِن شكرِ كلِّ مَنْ سَطَرَ الشكْ / رَ قديماً خُصوصُهُ والعُمومُ
أنت تُعنى به وإنْ لم يَقُلْ في / ك ومَن قيل فيه فَهوَ المَلومُ
وإذا ما مدائحُ المرءِ لم يَصْ / دُقن في نعته فهنّ خصومُ
وإذا ما أُعيرَ وصفاً محالاً / فهو قذفٌ لعِرضِه ورُجومُ
إنّ هذا التّحويلَ جاء وقد عا / هَدَنا أنّه الدُّهورَ يدومُ
وهوَ يُهدِي إليك ما أنتَ تهوا / ه وما نحن في هواك نرومُ
فخذِ السّعدَ منه فالفَلَكُ الدَّو / وارُ منه سُعودُه والنُّجومُ
لا قَلاك الّذي علاك من السَّعْ / دِ ملالاً ولا جفاك النَّعيمُ
وَاِبقَ مستخدِمَ الزّمان فخير ال / عيشِ عيشٌ به الزّمان خَدومُ
جسيمةٌ حمّلها جسيمُ
جسيمةٌ حمّلها جسيمُ / على العظيم يصبر العظيمُ
مصيبةٌ خفّ بها الحليمُ / مسكنُها من الفتى الصّميمُ
ليس بها غمضٌ ولا تهويمُ / كأنّها بكرعِكِ الخُرطومُ
رامك من دهرك ما ترومُ / واِرتُجعَ الرِّفْدُ فمنْ تلومُ
مضتْ إِفالٌ وثَوَتْ قُرومُ / وَالبدرُ باقٍ فلتَبن نجومُ
فلتسلُ عنه إنّك السَّليمُ / ساوَى السخيَّ في الرّدى اللّئيمُ
وذاقه المرزوق والمحروم / نحن على طرق الرّدى جُثومُ
ونحوه الإيجافُ والرّسيمُ / لولا الرّدى وإنّه الهَجومُ
ما شمتتْ بناتجٍ عقيمُ / ولا اِستوى الصّحيحُ والسّقيمُ
الموتُ داءٌ للورى قديمُ / سِيطَ به الممدوحُ والمذمومُ
ما عنه تعريجٌ ولا تحويمُ / وليس تأخيرٌ ولا تقديمُ
لا تَشكُوَنْ وغيرُك المظلومُ / كلٌّ بما لاقيتَهُ أميمُ
صبراً وإِنْ أوجعتِ الكُلومُ / ولْتَنأَ عن جانبك الهمومُ
ففي البلاءِ يُعرفُ الكريمُ / خيرٌ من الزّائل ما يدومُ
لك النّعيمُ إِنْ يَفُتْ حميمُ / لا كان منك جانبٌ مثلومُ
ولا مشتْ في صدرك الغُمومُ / ولا عراك القَدَرُ الغَشومُ
سقى ثراه الهاطلُ السَّجومُ / وجادَه هَيْدَبُه المركومُ
وَاِعتُصِرتْ في قبره الغيومُ / ففيه نجمٌ ثاقبٌ مقيمُ
ومن سَفَهٍ لمّا مررتُ على الحِمى
ومن سَفَهٍ لمّا مررتُ على الحِمى / بكيتُ وهل يُبكي الجليدَ المعالِمُ
شربتُ به لمّا رأيتُ خشوعَه / دُموعي وغنَّتني عليه الحَمائِمُ
ولمّا رأينا الدّارَ قفرى من الهوى / وَليسَ بِها إِلّا الرّياحُ السَّمائِمُ
كَرَعنا الجَوى صِرْفاً بأيدي رسومها / فلم ينجُ منّا يوم ذلك سالمُ
وَما برحتْ أيدي المطيّ مكانَنا / كأنّ المطايا ما لهنّ قوائمُ
كأنِّيَ لم أعصِ الهوى وهو غالبٌ / ولم يقلِ الأقوامُ إنّك حازمُ
ولم أكُ صلبَ العودِ يوم يقودني / أكفٌّ شِدادٌ أو نيوبٌ عواجمُ
فَإنْ يكُ لي دمعٌ بسرِّيَ بائِحٌ / فلي مَنطقٌ للوَجْدِ مِنّيَ كاتمُ
فللّه يومُ الشَّعْبِ ما جنتِ النّوى / علينا وما ضمّتْ عليه الحيازمُ
عَشيّةَ رُحنا وَالغرامُ يقودنا / وَليسَ لنا إلّا الدّموعُ السّواجمُ
نُطارُ إلى داعي الهوى فكأنّنا / جيادٌ سراعٌ ما لهنّ شكائِمُ
نظرتُ وظعنُ الحيّ تُحدى بذي النَّقا / وأيدي المطايا بالحدوجِ رواسِمُ
وقد رثّ شملٌ بالفراقِ وحولنا / من الوَجْدِ لَوّامٌ لنا ولوائمُ
فلاهٍ تخطّاه التجلّدُ مُفحَمٌ / وساهٍ توخّاه التبلُّدُ واجمُ
فَلَم تُلفِني إلّا عيونٌ فواتِرٌ / وإلّا خدودٌ للعيون نواعمُ
غُذين الصِّبا حتّى اِرتَوَيْنَ من الصِّبا / سنينَ كما تغذو الصبيّ المطاعمُ
وَمُشتكياتٌ ليسَ إلّا أَناملٌ / يشرن إلى شكوى النّوى ومعاصمُ
وَنادمةٌ كيف اِستَجابت لِبَينِنَا / وقد شَقِيَتْ بالعضّ منها الأباهمُ
وَأَعرضَ عنّا بالخدودِ وَما لَنا / إِلَيهنّ لولا بَغيُهنّ جرائمُ
وَما كنتُ أَخشى أَنّ قَلبي تَنوشه / محكّمَةً فينا النّساءُ الظّوالمُ
وَلا أَنَّ شَوقي لا يزال يَهيجُه / ثَرىً مُقفرٌ أو منزلٌ متقادمُ
صَمَت العواذلُ في أَساكِ وسلّموا
صَمَت العواذلُ في أَساكِ وسلّموا / لمّا رأوْا أنّ العزاءَ محرَّمُ
لاموا وكم من فائهٍ بملامةٍ / هو عند نُقّادِ الملامةِ ألْوَمُ
ما أغفلَ العذّالَ عمّا في الحشا / مِن لاذعاتٍ جَمرها يتضرّمُ
لو أَنصفوا اِعتذروا وقد عاصيتهمْ / وأبَيْتُ نصحَهمُ بأنِّيَ مُغرَمُ
كم بيننا تتنعّمون وأُبتَلى / أوْ تسلمون من الكُلومِ وأُكْلَمُ
في القلب من حرّ المصيبة لوعةٌ / لا تعلمون بها وقلبي أعلمُ
لا يستوي بكُم وما من ثَلمةٍ / بصَفاتِكْم شَعِثُ الصَّفاةِ مُثَلَّمُ
ذاوي القضيب له بَنانةُ آسفٍ / يَجري لطولِ عضاضِها منها الدّمُ
يا للرّجالِ لهاجمٍ بيد الرّدى / أعيا فقيلَ هو القضاءُ المبرَمُ
ومصيبةٍ ليلي وقد ساوَرْتُها / ليلُ اللّديغِ بها ويومي أيْوَمُ
ركبتْ منَ الأثباجِ ما لا يُرتَقى / وتهضّمتْ في القومِ ما لا يُهضَمُ
شوطِرتُ نصفي واِقتسمتُ وأنتُمُ / أشطارُكمْ موفورةٌ لا تُقسَمُ
فَمَتى عَطَستُ فإنّ أنفِيَ أجدعٌ / وإذا بَطَشْتُ فساعِدٌ لِيَ أجذَمُ
وإذا نظرتُ فليس لِي من بعد مَنْ / خُولستُهُ إلّا السوادُ المظلِمُ
وهو الزّمانُ فوافِدٌ ومودَّعٌ / ومؤخَّرٌ فاتَ الرّدى ومقدَّمُ
ومبلَّغٌ آمالُهُ ومُخيَّبٌ / ومُجرِّرٌ ذيلَ الثّراءِ ومُعْدِمُ
لا تَعجَبوا لمُرَزَّءٍ ومُكلَّمٍ / إنّ العجيبَ مُصَحَّحٌ ومُسَلَّمُ
قُلْ للّذي يَبني البناءَ كأنّه / لَم يدرِ أنّ بناءهُ مُتَهدِّمُ
مَهلاً فَما الدّنيا وإنْ طالتْ لنا / إلّا كَظِلّ غَمامةٍ يتصرَّمُ
هلْ حظُّنا منها وإن عظمتْ بها الن / نَعماء إلّا مَشْربٌ أو مطعمُ
أَرِنِي بها صَفْواً بغيرِ تكدُّرٍ / وحلاوةً ما سِيطَ فها العلقمُ
أو لذّةً نِيلتْ وليس يحفُّها / أبدَ الزّمان تكلّفٌ وتجشُّمُ
عُج بالمطيِّ على الدّيار فنادِها / أَينَ الأُلى برُباكِ دهراً خيّموا
مِن كلّ مرهوبِ الشّذاةِ كأنّه / ليثٌ إذا ضغط الفريسةَ يَرزُمُ
يقظان ينتهز الفخارَ إذا خَلَتْ / سُبُلُ الفخار ونام عنها النُّوّمُ
ومُحجَّبون من القِذاعِ كأنّهمْ / بسوى جميلِ الذّكرِ لمّا يعلموا
ومهذّبون وكم يفوت معاشراً / شتّى الشّعوب مهذَّبٌ ومقوَّمُ
وتراهمُ متهجّمين على الرّدى / وإذا رأوا سُبُلَ العَضِيهةِ أَحجموا
الشّاهدين اليومَ وهو عَصَبْصَبٌ / والهازمين الجيشَ وهو عَرَمْرَمُ
والفالقين الهامَ في يوم الوَغى / فمُتَوَّجٌ يهوي ردىً ومُعَمَّمُ
أَخْنى على إثْرائهمْ فأبادَهُ / جودٌ لَهم لا يَنثنِي وتكرُّمُ
وأبى لهمْ كرمُ العروق إذا جَنَوْا / يوماً على أموالهمْ أن يندموا
وَيصونُ عِرضَهمُ الّذي شحّوا به / دينارُهمْ في بذلِهِ والدِّرْهَمُ
وإذا هُمُ سلموا وبات وليُّهمْ / مستهلكاً فكأنّهمْ لم يسلموا
كم فيهمُ قَرِمٌ إلى بذل القِرى / صَبٌّ بأسبابِ العَلاءِ مُتَيَّمُ
متقدِّمٌ واليومُ مسوَدُّ الدّجى / إذ قَلَّ مَن نحو الرّدى يتقدّمُ
في موقفٍ فيه الحسامُ مُثَلَّمٌ / والرّمحُ في طعنِ الكُلى متحطِّمُ
والطّعن يفتق كلَّ نَجْلاءٍ لَها / قَعْرٌ كما فَغَرَ البعيرُ الأعْلمُ
والخيل تُخضَبُ بالنّجيعِ فشُهبُها / محمرّةٌ والوَرْدُ منها أدهمُ
كانوا البدور وبعد أن عصف الرّدى / بهمُ همُ رِمَمُ الثّرى والأَعْظُمُ
سَكَنوا العَراءَ وَطالما اِمتَلأتْ وقد / جُعلتْ لهمْ تلك الأسرّةُ منهمُ
يا ربّةَ البيتِ المحرَّمِ تُربُهُ / عن أنْ يلمّ به فعالٌ يحرُمُ
قطن العَفافُ به وعرّس عنده / كرمٌ كعمر الدّهرِ لا يتثلّمُ
ما إنْ به صبحاً وكلَّ عشيّةٍ / خَشْناءَ إلّا صُوَّمٌ أو قُوَّمُ
ومسهّدون كأنّما حسناتُهمْ / في ليلهمْ ذاك البهيمِ الأنجمُ
ما لي أراكِ وكنتِ جِدَّ حَفِيّةٍ / لا نلتقي أبداً ولا نتكلّمُ
بيني وبينكِ شاسعٌ متباعدٌ / أو حالكٌ شَحِبُ الجوانبِ مظلمُ
آب الرّجالُ الرّاحلون ودوننا / سَفَرٌ طويلٌ ليس منه مَقْدَمُ
ما كان عندي والبلايا جَمَّةً / أَنّي أصابُ بكمْ وأُعرى منكمُ
وأُذادُ حين أُذادُ عن أمواهكمْ / وأُصدّ عن باب اللّقاءِ وأُحْرَمُ
كانَ اِبتِهالُكِ جُنَّةً فإذا رمى / جهتي العِدا تَزْوَرّ عنّي الأسهمُ
ودُعاؤكِ المرفوعُ مصلحُ دائماً / ما أَفسدوا أو ناقضٌ ما أبْرموا
فالآن لِي من بعد فقدك جانبٌ / عارٍ وظُفرٌ في العدوِّ مُقَلَّمُ
لم يمضِ ماضٍ بان وهو محمّدٌ / وَنأى أَشدَّ النّأي وهو مذمَّمُ
لكِ جَنَّةٌ مأهولةٌ فاِستبشري / بِدخلولها فلآخرين جهنَّمُ
وإذا وصلتِ إلى النّعيمِ فهيّنٌ / من قبله ذاك البلاءُ الأعظمُ
صلّى الإلهُ على ضريحك واِلتقتْ / فيه عليك كما يشاء الأنعُمُ
وجرى النّسيمُ عليه كلَّ عشيَّةٍ / وَاِعتاده نَوْءُ السِّماكِ المُرْزِمُ
فالغيثُ فيه ناشجٌ مستعبرٌ / والبرقُ منه ضاحكٌ متبسّمُ
وتروَّضَتْ جَنَباتُهُ فكأنّه / بُرْدٌ تَنشّرَ بالفَلاةِ مُسَهَّمُ
وَإِذا المطيُّ بنا بلغن مكانه / فمكلِّمٌ منّا له ومسلِّمُ
ومن الشَّجا أنّا نكلّم في الثّرى / من لا يُصيخُ لنا ولا يتكلّمُ
من ذا عذيريَ من قومٍ أذاقَهم
من ذا عذيريَ من قومٍ أذاقَهم / ضغنُ العداوةِ حتّى ما لها عَلَمُ
مُكَتَّمٌ كلُّ ما بيني وبينهمُ / وَلَيسَ كلُّ الّذي نأباه ينكتمُ
وقد رضيتُ اِتقاءً أنْ أكاشِحها / أن يظلمونِيَ أحياناً فأنظلمُ
أطوادُ عزّك لا تُرامُ
أطوادُ عزّك لا تُرامُ / ولَصِيقُ بيتك لا يُضامُ
ولك المكارمُ قصّرتْ / عن نيل غايتها الكرامُ
وإذا حللتَ ببلدةٍ / فكأنّما حلَّ الغمامُ
ولقد درى كلّ الملو / كِ بأنّك الملك الهمامُ
وإذا هُمُ قِيدوا إلي / ك فأنت رضوى أو شَمامُ
وكأنّما أنتَ الضّيا / ءُ لمبصرٍ وهمُ الظّلامُ
وَإِذا اِقتَسمتم فالشَّوى / لهُمُ وحصّتُك السّنامُ
وسلا الملوكُ عن العَلا / ءِ وأنت صبٌّ مستهامُ
فمتى رأوك مشمّراً / لعظيمةٍ قعدوا وقاموا
ولربّ معضلةٍ يُقَض / ضُ لبُعدِ مطلبها المنامُ
ضاقوا بها ووسعتَها / ورأوك يقظاناً فناموا
للَّه دَرُّك في مُقا / مٍ لا يطيب به المقامُ
والرّمحُ يَنطُفُ في يمي / نِك من نجيعٍ والحسامُ
والخيلُ تعثر في الجما / جم والشّفيع لها القَتامُ
لم يبقَ فوق جلودها / بالطّعنِ سرجٌ أو لجامُ
والدمّ ملءُ فروجها / وإهابُهُ موتٌ زُؤامُ
والأرضُ حمراءُ القَرا / حصباؤها جُثَثٌ وهامُ
يهتزّ فوقهمُ وقد / طُرحوا ثُغامٌ أو بَشامُ
لهمُ بطونُ الطّير أج / داثٌ وأكفانٌ رَغامُ
لاموك في حسدٍ وكمْ / من لائمٍ فيه الملامُ
ورأوا قعودَك في أمو / رٍ والصّوابُ بها القيامُ
وتوهّموا جهلاً بأن / نك مغمداً سيفٌ كَهامُ
حتّى رأوك وقد نَهضْ / تَ بِعبْئِها وهمُ رغامُ
وركبتها متوفّراً / خرقاءَ ليس لها زِمامُ
وملكت منها ما وهبْ / تَ وفي يديك لها اِنتِقامُ
لك من إلهكِ والعُلو / قُ بِحَبلِهِ جيشٌ لُهامُ
والنّصرُ منه وحده / إنْ خان نُصَّارٌ وخاموا
كَم أَخرَجَتك عَن المضا / ئقِ منه أفعالٌ كرامُ
كم ذا أجار ولا مجي / رٌ أو أذمّ ولا ذمامُ
كم أوْقدوا ناراً لها / في كلّ ناحيةٍ ضَرامُ
فنجوتَ منها وهي بَرْ / دٌ لا يَضيرك أو سلامُ
إنّي أودّك والمود / دَةُ خيرُ ما حُبِيَ الأنامُ
وولايتي لك عروةٌ / وثُقى فليس لها اِنفِصامُ
وإذا ذكرتُك عرّجتْ / عن ساحتي الخططُ العظامُ
وقصائدٌ لِي في أبي / ك وفيك زين بها الكلامُ
راقتْ فجُنّ بها رُوا / ةُ الشّعر أوْ غنّى الحَمامُ
فكأنّما هي روضةٌ / بالحَزْنِ جاد بها غَمامُ
أو دِيمةٌ وطْفاءُ ضا / حكها نسيمٌ مُستهامُ
ولها بكلّ مفازةٍ / رَتَكٌ كما رَتَكَ النّعامُ
وصحائحٌ وَلَرُبَّ شِع / رٍ لا يفارقه السَّقامُ
فاِفطرْ فَقد أثني بما / أوْلَيْتَه ذاك الصّيامُ
شهرٌ يمرّ وليس في / ه نزاهةً فعلٌ حرامُ
وصحائفٌ يرفعنها ال / أملاك ليس بها أَثامُ
وكأنّما أَرَجُ الجمي / لِ بها عَبيرٌ أو مُدامُ
فدُمِ الدّهورَ فبعض ما / ذخر الإلهُ لك الدّوامُ
وبناؤك المرفوع في ال / عَيّوق ليس له اِنهِدامُ
وعليك تجتاز الشُّؤو / نُ مخلّداً عامٌ فعامُ
وإذا ألمَّ ردىً فلي / س له لداركُم لِمامُ
وَكَفى به اللَّه الكفا / يةَ كلّما فَغَرَ الحَمامُ
قل لقومٍ لا أُبالي
قل لقومٍ لا أُبالي / فيهمُ مَن ذا ألومُ
رحلوا نجداً وقلبي / في ثرى نجدٍ مقيمُ
أنَا وحدي دائمٌ وَجْ / داً بمن ليس يدومُ
إنّ من يسلف في الحب / بِ ولا يقضي كريمُ
قل لمن يعذل دعْ عَذْ / لِيَ فالخَطْبُ جسيمُ
ما اِستوى منك ومن قلْ / بي صحيحٌ وسليمُ
لا تسلني عن المشيبِ فمذ جَل
لا تسلني عن المشيبِ فمذ جَل / لَلَ رأسي كرهاً جفاني الغرامُ
ليس للّهو والصَّبابة واللّذ / ذاتِ في أربُعِ المشيب مُقامُ
ما جنى الشيبَ في المفارق إلّا / عَنَتُ الغانياتِ والأيّامُ
هو مقصٌ عند الحسان كما أن / نَ شباباً مكانَ شيبٍ تَمامُ
وَسقامٌ وما اِستوتْ لك في ني / ل أمانيك صحّةٌ وسقامُ
ومتى رمتُ عَرجةً عنه قالتْ / لِي التّجاريبُ رُمتَ ما لا يُرامُ
طريقُ المعالي عامرٌ لِيَ قَيِّمُ
طريقُ المعالي عامرٌ لِيَ قَيِّمُ / وقلبي بكشفِ المعضلاتِ مُتيَّمُ
ولي همّةٌ لا تحمل الضّيمَ مرّةً / عزائمها في الخَطْب جيشٌ عَرَمْرَمُ
أُريدُ من العلياءِ ما لا تنالُهُ الس / سيوفُ المواضي والوشيجُ المقوَّمُ
وأُورِدُ نفسي ما يُهابُ ورودُهُ / ونارُ الوغى بالدّارعين تضرّمُ
ألا ربّ مرهوبٍ جلوتُ ظلامَه / ووجهِيَ من ماءِ النُّحورِ مثلَّمُ
وعُدتُ وقد أبليتُ ما جلّ قدرُه / ورأسي بتاج النّصرِ فيه معمَّمُ
يطيب بِفيَّ الموتُ ما شجر القنا / وكلُّ فمٍ فيه من الموتِ علقمُ
وَقَد عَجَمَتْ منّي اللّيالي اِبنَ هِمّةٍ / يهون عليه ما يجلّ ويعظمُ
صليبٌ على الأيّامِ لا يستنفزّه / وعيدٌ ولا يجري عليه تَحكّمُ
نظرتُ إلى هذا الزّمان بعينِه / فثغرِيَ في أحداثهِ مُتبسّمُ
إذا المالُ ذلّتْ دونه عنقُ كادحٍ / تَطاول منّي ما جناه المُذمَّمُ
سَقى اللَّه أيّاماً نَعِمنا بظلّها / وكلٌّ إلى كلٍّ حبيبٌ مكرَّمُ
وكم ليلةٍ بِتنا برغم رقيبنا / علينا من التّقوى رداءٌ مسهَّمُ
أَضمُّ حشىً قَد أَنهش السيرُ بُرْدَها / إلى مَنْ حَشاه مطمئنٌّ منعَّمُ
وأُدني بَناناً دأْبُها سلُّ قائمٍ / إلى مَن له كفٌّ رطيبٌ ومِعْصَمُ
فإنْ أبْلَتِ الأيّامُ ناظرَ بَهْجَتي / فلم تُبل مِنّي ما به أتقدّمُ
فغُرّتُهُ من أبيضِ النّصرِ نُورها / وصهوتُه إلى المآثرِ سُلَّمُ
أبا حسنٍ لا غاض ما فاض بيننا / من الصّفوِ ما تصبو إلى الماءِ حُوَّمُ
تضاءل ما نسمو به من ولادةٍ / بمحضِ ودادٍ لم يَشُبْهُ تجرُّمُ
أطال لساني في ثنائك أنّه / ثناءٌ عليَّ ما حَييتُ يُنَظَّمُ
وقدّمتُ قولاً من مديحي مصدِّقاً / طرازُ اِفتخاري منه بالحسنِ يُعلَمُ
وَهَذا جوابٌ عنه لمّا اِستطعته / فبحرِيَ منه الآنَ ملآنُ مُفعَمُ
قَباءٌ لها أعلى الرُّبى وخيامُ
قَباءٌ لها أعلى الرُّبى وخيامُ / تُرامُ وهل في الباخلين مَرامُ
وقفنا فجَفنٌ ماؤه متحدّرٌ / وجَفْنٌ جفاه الماءُ فهوَ جَهامُ
وأعجلنا حادى المطايا فما لنا / علَيهنّ إلّا أَنّةٌ وسلامُ
وما الدّار من بعد الّذين تحمّلوا / عن الدّار إلّا يَرْمَعٌ وسِلامُ
فما لَكِ يا لَمْياءُ في جانب النّوى / تُطيعينَها فينا وأنتِ غَرامُ
وهجرُكِ صِرْفٌ لا لقاءَ يشوبُهُ / فإنْ عَنَّ يوماً فاللّقاءُ لِمامُ
تصدّين عنّا ساهراتٍ عيونُنا / وَما زرتنا إلّا ونحن نيامُ
لِقاءٌ بجنحِ اللّيلِ طَلْقٌ محلُّهُ / وفي الصّبحِ محظورٌ عليَّ حَرامُ
فخيرٌ من اليقظان مَن بات نائماً / وخيرٌ من الصّبحِ المنير ظلامُ
ألا قلْ لمن ملَّ الطّريق إلى العِدا / وَقَد ملّ من مسِّ الرِّحال سَنامُ
وللعيس من طولِ الوجيفِ مع الوَجى / على كلّ ملحوبِ السَّراةِ بُغامُ
لهنّ وأيديهنّ تستلب المدا / طلىً مائلاتٌ بينهنّ وهامُ
أنيخوا بركن الدّين شُعْثَ مَطِيّكمْ / وحُلّوا فما بعد الهُمامِ هُمامُ
وقولوا لسُوّاقِ المطايا تنازحوا / بعيداً فهذا منزلٌ ومُقامُ
أقيموا على مَنْ وجهُهُ الشّمسُ بهجةً / وكفّاه من فيض النوالِ غمامُ
فَللجود إلّا في نواحيه كُلْفَةٌ / وَللمالِ إلّا في يديه زمامُ
فَتىً يَهب الأموال طَلْقاً وإنّما / تَجود سماءُ القطر حين تُغامُ
ولا ضيمَ للجار المقيم ببابه / وإنْ كانتِ الأموالُ فيه تُضامُ
وكم موقفٍ صعب الوقوف شهدتَه / وللشّمس من نسج الكُماةِ لِثامُ
وَللأرضِ رَيٌّ مِن سيول نجيعِهِ / وللطّير من لحم الجسومِ طعامُ
وما لبث الأعداءُ حتّى نثرتَهمْ / كما اِنحلَّ منعقد الفتاةِ نظامُ
كأنّهمُ صَرْعى بمدرجةِ الصَّبا / إكامٌ بقاعٍ ليس فيه إكامُ
وظنّوا وكم ذا للرّجال طماعةٌ / نجاحاً فخابوا يوم ذاك وخاموا
وَكَم حاملٍ يومَ الكريهة قاطعاً / وساعدُه عند الضّرابِ كَهامُ
وحولك ولّاجون كلَّ مضيقةٍ / نحافٌ ولكنّ النّفوسَ ضِخامُ
وَما بَذلوا الأرواحَ إلّا لأنّهمُ / كرامٌ وما كلُّ الرّجالِ كرامُ
وقد علموا لمّا عرا الملك ما عَرا / ولجّ به داءٌ وطال سَقامُ
بأنّك أصبحتَ الدّواء لدائه / وما لك في شيءٍ صنعت مَلامُ
وأصلحتها ما هُزّ رمحٌ لطعنةٍ / ولا سُلّ فيها للقِراعِ حسامُ
ولُذْتَ بحلمٍ عنهمُ يوم طيشهمْ / ينافس فيه يَذْبُلٌ وشمامُ
وَلولا اِعتبارُ النَّصْف عندك لم تكنْ / تُسام خلاف النَّصْف حين تُسامُ
أعِذْنِيَ من قول الوشاة ومعشرٍ / لهمْ كلماتٌ حشوهنّ كِلامُ
فلو شئتَ لم يخدُشْنَ جلدي وطالما / وَقَيْتَ فلم تَخْلُصْ إليَّ سهامُ
فشبهُ سقيمٍ من حديثٍ مُصحَّحٌ / وصدقٌ وكذبٌ في المقال كَلامُ
فَما أنَا ممّنْ يَركب الأمرَ يُجْتَوى / عليه ويُلحى عنده ويُلامُ
وما لِيَ تعريجٌ بدارِ خيانةٍ / ولا لِي على غير الوفاءِ مقامُ
نفذتَ بدَرٍّ من هوائك أَعظُمِي / فليس لها عمرَ الزّمانِ فِطامُ
فَما لِيَ إلّا مِن هواك علاقةٌ / وَلا لِيَ إلّا في يديك زِمامُ
وما كنتُ لولا أنّك اليومَ مالِكِي / أُرامُ ونجمُ الأُفقِ ليس يُرامُ
وكم لي بمدحي في علاك قصائدٌ / لهنّ بأفواهِ الرُّواةِ زِحامُ
مُرقِّصَةٌ للسّامعين نشيدُها / كما رقصتْ بالشّاربين مُدامُ
هَدَجْنَ على القيعان شرقاً ومغرباً / كما هيج في دوّ الفلاةِ نَعامُ
فَلا تَخش من جحدٍ لنُعماك في الورى / فنُعماك أطواقٌ ونحن حَمامُ
وَلا تُدنِ إلّا مَنْ خبرتَ مغيبَه / ففي النّاس نبعٌ منجبٌ وثُمامُ
فلا عبثتْ منك اللّيالِي بفُرصةٍ / ولا عاث في رَبْعٍ حللتَ حِمامُ
ولا خصمتْ أيّامنا لك دولةً / فلم يك في حقٍّ أبَنْتَ خصامُ
وهُنِّئتَ بالعيد الجديد ولم تزلْ / يعودك فِطْرٌ بعده وصيامُ
فما كُتبتْ فيه عليك خطيئةٌ / ولا شان من بِرٍّ أتيتَ أثامُ
وأعطاك يومُ المِهْرَجانِ مسرّةً / لها يوم نقصان العطاء تمامُ
وطالتْ لنا أيّامُك الغُرُّ سَرْمداً / ودام لها بعد الدّوام دوامُ
ولا زال فينا نورُ وجهك ساطعاً / فإنّك شمسٌ والأنامُ قَتامُ
نضوتُ ثياب اللّهو عنّي فقلّصَتْ
نضوتُ ثياب اللّهو عنّي فقلّصَتْ / وشّيبني قبل المشيب همومُ
وقد كنتُ في ظلّ الشّباب بنعمةٍ / وأيُّ نعيمٍ للرّجال يدومُ
وقد علم الأقوام إنْ لم يغالطوا / بأنّ صحيحاً بالمشيب سقيمُ
وإنّ غنيّاً في الهوى ونزيلُهُ ال / مشيبُ فقيدُ الرّاحتين عديمُ
فطيّب رَيّاها المقامُ وضوّأَتْ
فطيّب رَيّاها المقامُ وضوّأَتْ / بإشرافها بين الحطيم وزمزما
فيا ربِّ إنْ لقّيتَ وجهاً تحيّةً / فحيّ وجوهاً بالمدينةِ سُهَّما
تجافين عن مسّ الدَهان وطالما / عصمن عن الحِنّاءِ كفّاً ومِعْصَما
وَكم مِن جليدٍ لا يُخامره الهوى / شَنَنَّ عليه الوَجْدَ حتّى تتيّما
أَهانَ لهنّ النّفسَ وهي كريمةٌ / وألقى عليهنّ الحديثَ المُكَتّما
تسفَّهْتَ لمّا أنْ مررتَ بدارها / وعوجلتَ دون الحِلْمِ أنْ تتحلّما
فعُجْتَ تقرّي دارساً مُتَنكّراً / وتسأل مصروفاً عن النُّطقِ أعجما
وَيومَ وَقفنا للوداع وكلُّنا / يَعُدّ مُطيعَ الشّوقِ مَن كان أحزما
نُصِرتُ بقلبٍ لا يُعَنَّف في الهوى / وَعيناً متى اِستَمْطَرْتُها مَطَرَتْ دما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025