القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ذو الرّمَة الكل
المجموع : 28
خَليلَيَّ عوجا عَوجَةً ثُمَّ سَلِّما
خَليلَيَّ عوجا عَوجَةً ثُمَّ سَلِّما / عَسى الرَبعُ بِالجَرعاءِ أَن يَتَكلَّما
تَعَرَّفتُهُ لَمّا وَقفتُ بِرَبعِهِ / كَأَنَّ بَقاياهُ تَماثيلُ أَعجَما
دِياراً لِمَيٍّ قَد تَعَفَّت رُسومُها / أُرى نَواحيها كِتاباً مُعَجَّما
دَعاني الهَوى مِن حُبِّ مَيَّةَ وَالهَوى / إِذن غالبٌ مِنّي الفُؤادَ المُتَيَّما
فَلَم أَرَ مِثلي يَومَ بَيَّنَ طائِرٌ / غَدا غُدوَةً وَحفَ الجَناحَينِ أَسخَما
وَلا مِثلَ دَمعِ العَينِ يَومَ أَكُفُّهُ / وَتَأبى سَواقيهِ العُلى أَن تَصَرَّما
فَفيمَ وَلَولا أَنتِ لَم أُكثِرِ الأَسى / عَلى مَن وَرائي مِن فَصيحٍ وَأَعجَما
فَرُبًّ بِلادٍ قَد قَطَعتُ لِوَصلِكُم / عَلى ضامِرٍ مِنها السَنامَ المُحَطَّما
كَكُدرِيَّةٍ أَوحَت لِوِردٍ مُباكِرٍ / كَلاماً أَجابَت داجِناً قَد تَعَلَّما
إِذا القَومُ قالوا لا عَرامَةَ عِندَها / فَساروا لَقوا مِنها أُساهِيَّ عُرَّما
نَضَت في السُرى مِنها أَظَلّاً وَمَنسِما / بِزيزاءَ وَاِستَبقَت أَظَلّاً وَمَنسِما
عَلَيكُنَّ يا أَطلالَ مَيٍّ بِشارِعٍ
عَلَيكُنَّ يا أَطلالَ مَيٍّ بِشارِعٍ / عَلى ما مَضى مِن عَهدِكُنَّ سَلامُ
وَلا زالَ نَوءُ الدَلوِ يَبعَقُ وَدقُهُ / بِكُنَّ وَمِن نَوءِ السِماكِ غَمامُ
بِكُلِّ جَدِيٍّ غَيرِ ذاتِ بُرايَةٍ / عَلَيكُنَّ مَجرى جارِحٍ وَمَنامُ
عَلامَ سَأَلناكُنَّ عَن أُمِّ سالِمٍ / وَمَيٍّ فَلَم يَرجِع لَكُنَّ كَلامُ
هَوىً لَكِ ما يَنفَكُّ يَدعوكِ ما دَعا / حَماماً بِأَجزاعِ العَقيقِ حَمامُ
إِذا هَمَلَت عَيني لَها قالَ صاحِبي / بِمِثلِكَ هذا فِتنَةٌ وَغَرامُ
عَلامَ وَقَد فارَقتَ مَيّاً وَفارَقَت / وَمَيَّةُ في طولِ البُكاءِ تُلامُ
أَطاعَت بِكَ الواشينَ حَتّى كَأَنَّما / كَلامُكَ إِيّاها عَلَيكَ حَرامُ
أَلا ظَعنَت مَيٌّ فَهاتيكَ دارُها
أَلا ظَعنَت مَيٌّ فَهاتيكَ دارُها / بِها السُحمُ تَردي وَالحَمامُ المُوَشَّمُ
كَأَنَّ أُنوفَ الطَيرِ في عَرَصاتِها / خَراطيمُ أَقلامِ تَخُطُّ وَتَعجُمُ
أَلا لا أَرى مِثلي يَحَنُّ مِنَ الهَوى / وَلا مِثلَ هذا الشَوقِ لا يَتَصَرَّمُ
وَلا مِثلَ ما أَلقى إِذا الحَيُّ فارَقوا / وَلا أَثَرَ الأَظعانُ يَلقاهُ مُسلِمُ
كَفى خَزَناً في الصَدرِ يا مَيُّ أَنَّني / وَإِيّاكِ في الأَحياءِ لا نَتَكَلَّمُ
أَدورُ حَوالَيكِ البُيوتَ كَأَنَّني / إِذا جِئتُ عَن إِتيانِ بَيتِكِ مُحرِمُ
وَنِقضٍ كَريمِ النَجرِ ناجٍ زَجَرتُهُ / إِذا العَينُ كادَت مِن سُرى اللَيلِ تَعسِمُ
وَلَم يَكُ في أُفقِ السَماءِ لِمُدلِجٍ / كَمِثلِ الَّذي يَعلو مِنَ الأَرضِ مُعلَمُ
جُلالٌ خَفيفُ الحِلمِ حينَ تَروعُهُ / إِذا جَعَلَت هوجُ المَراسيلِ تَحلُمُ
إِذا لَحمُهُ لَم يَبقَ إِلّا سَوادُهُ / وَسادَ القَرا عَظمُ السَراةِ المُقَدَّمُ
إِذا عُجتُ مِنهُ لَجَّ وَهمٌ وَمُشرِفٌ / طَويلُ الجِرانِ أَهدَلُ الشِدقِ شَيظَمُ
صَموتٌ إِذا التَصديرُ في صُعدائِهِ / تَصَعَّدَ إِلّا أَنَّهُ لا يَتَبَغَّمُ
وَخَوصاءَ قَد كَلَّفتُها الهَمَّ دونَهُ / مِنَ البُعدِ شَهراً لِلمَراسيلِ مُجذِمُ
مَصابيحُهُ خوصُ العُيونِ كَأَنَّها / قَطاً خامِسٌ أَسرى بِهِ مُتَيَمِّمُ
حَراجيجُ مِمّا ذَمَّرَت في نِتاجِها / بِناحِيَةِ الشِحرِ الغُرَيرُ وَشَدقَمُ
قَليلٌ عَلى أَكوارِهِنَّ اِتِّقاؤُنا / صَلا القَيظِ إِلّا أَنَّنا نَتَلَثَّمُ
إِذا ما الأُرَيمُ الفَردُ ظَلَّ كَأَنَّهُ / زُمَيلَةُ رُتّاكٍ مِنَ الجونِ يَرسِمُ
يَهماءُ هَيماءُ وَخَرقٌ أَهيمُ
يَهماءُ هَيماءُ وَخَرقٌ أَهيمُ / هَورٌ عَلَيهِ هَبَواتٌ جُثَّمُ
لِلريحِ وَشيٌ فَوقَهُ مُنَمنَمُ / نَسجانِ هذا مُسحَلٌ وَمُبرَمُ
أَعَن تَرَسَّمتَ مِن خَرقاءَ مَنزِلَةً
أَعَن تَرَسَّمتَ مِن خَرقاءَ مَنزِلَةً / ماءُ الصَبابَةِ مِن عَينَيكَ مَسجومُ
كَأَنَّها بَعدَ أَحوالٍ مَضَينَ لَها / بِالأَشيَمَينِ يَمانٍ فيهِ تَسهيمُ
أَودى بِها كُلُّ عَرّاصٍ أَلَثَّ بِها / وَجافِلٌ مِن عَجاجِ الصَيفِ مَهجومُ
وَدِمنَةً هَيَّجَت شَوقي مَعالِمُها / كَأَنَّها بِالهِدَملاتِ الرَواسيمُ
مَنازِلَ الحَيِّ إِذ لا الدَارُ نازِحَةٌ / بِالأَصفِياءِ وَإِذ لا العَيشُ مَذمومُ
كادَت بِها العَينُ تَنبوا ثُمًّ ثَبَّتَها / مَعارِفُ الدَارِ وَالجونُ اليَحاميمُ
هَل حَبلُ خَرقاءَ بَعدَ الهَجرِ مَرمومُ / أَم هَل لَها آخِرَ الأَيّامِ تَكليمُ
أَم نازِحُ الوَصلِ مِخلافٌ بِشيمَتِهِ / لَونانِ مُنقَطِعٌ مِنهُ فَمَصرومُ
لا غَيرَ أَنّا كَأَنّا مِن تَذَكُّرِها / وَطولِ ما قَد نَأَتنا نُزَّعٌ هيمُ
تَعتادُني زَفَراتٌ مِن تَذَكُّرِها / تَكادُ تَنفَضُّ مِنهُنَّ الحَيازيمُ
كَأَنَّني مِن هَوى خَرقاءَ مُطَّرَفٌ / دامي الأَظَلِّ بَعيدُ السَأوِ مَهيومُ
دانى لَهُ القَيدُ في دَيمومَةٍ قُذُفٍ / قَينَيهِ وَاِنحَسَرَت عَنهُ الأَناعيمُ
هامَ الفُؤادُ بِذِكراها وَخامَرَهُ / مِنها عَلى عُدَواءِ الدَارِ تَسقيمُ
فَما أَقولُ اِرعَوى إِلّا تَهَيَّضَهُ / حَظٌّ لَهُ مِن خَبالِ الشَوقِ مَقسومُ
كَأَنَّها أُمُّ ساجي الطَرفِ أَخدَرَها / مُستَودَعٌ خَمَرَ الوَعساءِ مَرخومُ
تَنفي الطَوارِفَ عَنهُ دِعصَتا بَقَرٍ / وَيافِعٌ مِن فِرنَدادَينِ مَلمومُ
كَأَنَّهُ بِالضُحى تَرمي الصَعيدَ بِهِ / دَبّابَةٌ في عِظامِ الرَأسِ خُرطومُ
لا يَنعَشُ الطَرفَ إِلّا ما تَخَوَّنَهُ / داعٍ يُناديهِ بِاِسمِ الماءِ مَبغومُ
كَأَنَّهُ دُملُجٌ مِن فِضَّةٍ نَبَهٌ / في مَلعَبٍ مِن عَذارى الحَيِّ مَفصومُ
أَو مُزنَةٌ فارِقٌ يَجلو غَوارِبَها / تَبَوُّجُ البَرقِ وَالظَلماءُ عُلجومُ
تِلكَ الَّتي أَشبَهَت خَرقاءَ جَلوَتُها / يَومَ النَقا بَهجَةٌ مِنها وَتَطهيمُ
تَثني النِقابَ عَلى عِرنينِ أَرنَبَةٍ / شَمّاءَ مارِنُها بِالمِسكِ مَرثومُ
كَأَنَّما خالَطَت فاهاً إِذا وَسِنَت / بَعدَ الرُقادِ فَما ضَمَّ الخَياشيمُ
مَهطولَةٌ مِن خُزامى الرَملِ حَرَّكَها / مِن نَفحِ سارِيَةٍ لَوثاءَ تَهميمُ
حَوّاءُ قَرحاءُ أَشراطِيَّةٌ وَكَفَت / فيها الذِهابُ وَحَفَّتها البَراعيمُ
أَو نَفحَةٌ مِن أَعالي حَنوَةٍ مَعَجَت / فيها الصَبا مَوهِناً وَالرّوضُ مَرهومُ
تِلكَ الَّتي تَيَّمَت قَلبي فَصارَ لَها / مِن وَدِّهِ ظاهِرٌ بادٍ وَمَكتومُ
قَد أَعسِفُ النازِحَ المَجهولَ مَعسِفَهُ / في ظِلِّ أَغضَفَ يَدعو هامَهُ البومُ
بِالصُهبِ ناصِبَةِ الأَعناقِ قَد خَشَعَت / مِن طولِ ما وَجَفَت أَشرافُها الكومُ
مَهرِيَّةٌ رَجَفَت تَحتَ الرّحالِ إِذا / شَجَّ الفَلا مِن نَجاءِ القَومِ تَصميمُ
تَنجو إِذا جَعَلَت تَدمى أَخِشَّتُها / وَاِعتَمَّ بِالزَبدِ الجَعدِ الخَراطيمُ
قَد يُترَكُ الأَرحَبِيُّ الوَهمُ أَركُبَها / كَأَنَّ غارِبَهُ يَأفوخَ مَأمومُ
بَينَ الرَجا وَالرَجا مِن جَنبِ واصِيَةٍ / يَهماءَ خابِطُها بِالخَوفِ مَكعومُ
لِلجِنِّ بِاللَيلِ في حافاتِها زَجَلٌ / كَما تَجاوَبَ يَومَ الريحِ عَيشومُ
هَنّا وَهِنّا وَمِن هُنا لَهُنَّ بِها / ذاتَ الشَمائِلِ وَالأَيمانِ هَينومُ
دَوِّيَّةٌ وَدُجى لَيلٍ كَأَنَّهُما / يَمٌّ تَراطَنَ في حافاتِهِ الرومُ
أَمرَقتُ مِن جَوزِهِ أَعناقَ ناجِيَةٍ / وَاللَيلُ مُختَلِطٌ بِالأَرضِ دَيمومُ
حَتّى اِنجَلى اللَيلُ عَنّا في مُلَمَّعَةٍ / مِثلِ الأَديمِ لَها مِن هَبوَةٍ نيمُ
كَأَنَّنا وَالقِنانَ القودَ تَحمِلُنا / مَوجُ الفُراتِ إِذا اِلتَجَّ الدِياميمُ
وَالآلُ مُنفَهِقٌ عَن كُلِّ طامِسَةٍ / قَرواءَ طائِقُها بِالآلِ مَحزومُ
كَأَنَّهُنَّ ذُرى هَديٍ مُجَوَّبَةٌ / عَنها الجِلالُ إِذا اِبيَضَّ الأَياديمُ
وَالرَكبُ تَعلو بِهِم صُهبٌ يَمانِيَةٌ / فَيفاً عَلَيهِ لِذَيلِ الريحِ نَمنيمُ
كَأَنَّ أُدمانَها وَالشَمسُ جانِحَةٌ / وَدعٌ بِأَرجائِها فَضٌّ وَمَنظومُ
يُضحي بِها الأَرقَشُ الجَونُ القَرا غَرِدا / كَأَنَّهُ زَجِلُ الأَوتارِ مَخطومُ
مِنَ الطَنابيرِ يَزهى صَوتَهُ ثَمِلٌ / في لَحنِهِ عَن لُغاتِ العُربِ تَعجيمُ
مُعرَورِياً رَمَضَ الرَضراض يَركُضُهُ / وَالشَمسُ حَيرى لَها بِالجَوِّ تَدويمُ
كَأَنَّ رِجلَيهِ رِجلاً مُقطِفٍ عَجِلٍ / إِذا تَجاوَبَ مِن بُردَيهِ تَرنيمُ
وَخافِقِ الرَأسِ فَوقَ الرَحلِ قُلتُ لَهُ / زُع بِالزِمامِ وَجَوزُ اللَيلِ مَركومُ
كَأَنَّهُ بَينَ شَرخَي رَحلِ ساهِمَةٍ / حَرفٍ إِذا ما اِستَرَقَّ اللَيلُ مَأمومُ
تَرمي بِهِ القَفرَ بَعدَ القَفرِ ناجِيَةٌ / هَوجاءُ راكِبُها وَسنانُ مَسمومُ
هَيهاتَ خَرقاءُ إِلّا أَن يُقَرِّبَها / ذو العَرشِ وَالشَعشَعاناتُ العَياهيمُ
هَل تَدنِيَنَّكَ مِن خَرقاءَ ناجِيَةٌ / وَجناءُ يَنجابُ عَنها اللَيلُ عُلكومُ
كَأَنَّ أَجلادَ حاذَيها وَقَد لَحِقَت / أَحشاؤُها مِن هَيامِ الرَملِ مَطمومُ
كَأَنَّما عَينُها مِنها وَقَد ضَمَرَت / وَاِحتَثَّها السَيرُ في بَعضِ الأَضاميمُ
يَستَرجِفُ الصِدقُ لِحيَيها إِذا جَعَلَت / أَواخِرَ المَيسِ تَغشاها المَقاديمُ
مَهرِيَّةٌ بازِلٌ سَيرُ المَطِيِّ بِها / عَشِيَّةَ الخِمسِ بِالمَوماةِ مَزمومُ
إِذ قَعقَعَ القَرَبُ البَصباصُ أَلحِيَها / وَاِستَرجَفَت هامَها الهيمُ الشَغاميمُ
يُصبِحنَ يَنهَضنَ في عِطفَي شَمَردَلَةٍ / كَأَنَّها أَسفَعُ الخَدَّينِ مَوشومُ
طاوي الحَشا قَصَرَت عَنهُ مُحَرَّجَةٌ / مُستَوفَضٌ مِن بَناتِ القَفرِ مَشهومُ
ذو سُفعَةٍ كَشِهابِ القَذفِ مُنصَلِتٌ / يَطفو إِذا ما تَلَقَّتهُ الجَراثيمُ
أَو مُخطَفُ البَطنِ لاحَتهُ نَحائِصُهُ / بِالقُنَّتَينِ كِلا لِيَتيِهِ مَكدومُ
حادي مُخَطَّطَةٍ قُمرٍ يُسَتِّرُها / بِالصَيفِ مِن ذِروَةِ الصَمّانِ خَيشومُ
جادَ الرَبيعُ لَهُ رَوضَ القِذافِ إِلى / قَوَّينِ وَاِنعَدَلت عَنهُ الأَصاريمُ
حَتّى كَسا كُلَّ مُرتادٍ لَهُ خَضِلٌ / مُستَحلَسٌ مِثلُ عَرضِ اللَيلِ يَحمومُ
وَحَفٌ كَأَنَّ النَدى وَالشَمسُ ماتِعَةٌ / إِذا تَوَقَّدَ في أَفنانِهِ التومُ
ما آنَسَت عَينُهُ عَيناً تُفَزِّعُهُ / مُذ جادَهُ المُكفَهِرَّاتُ اللَهاميمُ
حَتّى اِنجَلى البَردُ عَنهُ وَهوَ مُحتَقِرٌ / عَرضَ اللِوى زَلِقُ المَتنَينِ مَدمومُ
تَرميهِ بِالمورِ مِهيافٌ يَمانِيَةٌ / هَوجاءُ فيها لِباقي الرُطبِ تَجريمُ
ما ظَلَّ مُذ وَجَفَت في كُلِّ ظاهِرَةٍ / بِالأَشعَثِ الوَردِ إِلّا وَهوَ مَهمومُ
مِمّا تَعالَت مِنَ البُهمى ذَوائِبُها / بِالصَيفِ وَاِنضَرَجَت عَنَهُ الأَكاميمُ
حَتّى إِذا لَم يَجِد وَغلاً وَنَجنَجَها / مَخافَةَ الرَمي حَتّى كُلُّها هيمُ
ظَلَّت تَفالى فَظَلَّ الجَأبُ مُكتَئِباً / كَأَنَّهُ مِن سَرارِ الرَوضِ مَحجومُ
حَتّى إِذا حانَ مِن خُضرِ قَوادِمُهُ / ذي جُدَّتَينِ يَكُفُّ الطَرفَ تَغييمُ
خَلّى لَها سَربَ أولاها وَهَيَّجَها / مِن خَلفِها لاحِقُ الصُقلَينِ هِمهيمُ
راحَت يَشُجُّ بِها الآكامَ مُنصَلِتاً / فَالصُمُّ تُجرَحُ وَالكَذّانُ مَحطومُ
فَما اِنجَلى اللَيلُ حَتّى بَيَّتَت غَلَلاً / بَينَ الأَشاءِ تَعَلّاهُ العَلاجيمُ
وَقَد تَهَيَّأَ رامٍ عَن شَمائِلِها / مُجَرَّبٌ مِن بَني جِلّانَ مَعلومُ
كَأَنَّهُ حينَ تَدنو وِردَها طَمَعاً / بِالصَيدِ مِن خَشيَةِ الإِخطاءِ مَحمومُ
إِذا تَوَجَّسَ رِكزاً مِن سَنابِكِها / أَو كانَ صاحِبَ أَرضٍ أَو بِهِ المومُ
حَتّى إِذا اِختَلَطَت بِالماءِ أَكرُعُها / هَوى لَها طامِعٌ بِالصَيدِ مَحرومُ
وَفي الشِمالِ مِنَ الشَريانِ مُطعِمَةٌ / كَبداءُ في عَجسِها عَطفٌ وَتَقويمُ
يَؤودُ مِن مَتنِها مَتنٌ وَيَجذِبُهُ / كَأَنَّهُ في نِياطِ القَوسِ حُلقومُ
فَبَوَّأَ الرَميَ في نَزعٍ فَحُمَّ لَها / مِن ناشِباتِ أَخي جِلّانَ تَسليمُ
فَاِنصاعَتِ الحُقبُ لَم تَقصَع صَرائِرِها / وَقَد نَشَحنَ فَلا رِيٌّ وَلا هيمُ
وَباتَ يَلهَفُ مِمّا قَد أُصيبَ بِهِ / وَالحُقبُ تَرفَضُّ مِنهُنَّ الأَضاميمُ
أَحادِرَةٌ دُموعَكِ دارُ مَيٍّ
أَحادِرَةٌ دُموعَكِ دارُ مَيٍّ / وَهائِجَةٌ صَبابَتَكَ الرُسومُ
نَعَم سَرِباً كَما نَضَحَت فَرِيٌّ / أَو الخَلقُ المُبينُ بِها الهُزومُ
بِها عُفرُ الظِباءِ لَها نَزيبٌ / وَآجالٌ مَلاطِمُهُنَّ شيمُ
كَأَنَّ بِلادَهُنَّ سَماءُ لَيلٍ / تُكَشَّفُ عَن كَواكِبِها الغُيومُ
عَفَت وَعُهودُها مُتَقادِماتٌ / وَقَد يَبقى لَكَ العَهدُ القَديمُ
وَقَد يُمسي الجَميعُ أولو المَحاوي / بِها المُتَجاوِرُ الحِلَلَ المُقيمُ
بِعَقوَتِها الهِجانُ وَكُلُ طِرفٍ / كَأَنَّ نِجارَ نُقبَتِهِ أَديمُ
وَأَمثالُ النِعاجِ مِنَ الغَواني / تُزَيِّنُها المَلاحَةُ وَالنَعيمُ
كَأَنَّ عُيونَهُنَّ عُيونُ عينٍ / تُرَبيها بِأَسنُمَةِ الجَميمُ
جَعَلنَ الحَليَ في قَصَبٍ خِدالٍ / وَأَزَّرَهُنَّ بِالعَقَدِ الصَريمُ
وَساجِرَةِ السَرابِ مِنَ المَوامي / تَرَقَّصُ في عَساقِلِها الأَرومُ
تَموتُ قَطا الفَلاةِ بِها أُواماً / وَيَهلِكُ في جَوانِبِها النَسيمُ
بِها غُدُرٌ وَلَيسَ بِها بِلالٌ / وَأَشباحٌ تَحولُ وَلا تَريمُ
قَطَعتُ بِفِتيَةٍ وَبِيَعمَلاتٍ / تُلاطِمُهُنَّ هاجِرَةٌ هَجومُ
نَلوثُ عَلى مَعارِفِنا وَتَرمي / مَحاجِرَنا شَآمَيَةٌ سَمومُ
وَنَرفَعُ مِن صُدورِ شَمَردَلاتٍ / يَصُكُّ وُجوهَها وَهَجٌ أَليمُ
تَلَثَّمَ في عَصائِبَ مِن لُغامٍ / إِذا الأَعطافُ ضَرَّجَها الحَميمُ
وَقَد أَكَلَ الوَجيفُ بِكُلِّ خَرقٍ / عَرائِكَها وَهُلِّلَتِ الجُرومُ
وَقَطعُ مَفازَةٍ وَرُكوبُ أُخرى / تَكِلُّ بِها الضُبارِمَةُ الرَّسومُ
وَمُعتَقِلَ اللِسانِ بِغَيرِ خَبلٍ / يَميدُ كَأَنَّهُ رَجُلٌ أَميمُ
تَبَلَّغَ بارِحِيٌّ كَراهُ فيهِ / وَآخَرُ قَبلَهُ فَلَهُ نَئيمُ
أَقَمتُ لَهُ سَراهُ بِمُدلَهِمٍّ / أَمَقَّ إِذا تَخاوَصَتِ النُجومُ
مَلِلتُ بِهِ الثَواءَ وَأَرَّقَتني / هُمومٌ لا تَنامُ وَلا تُنيمُ
أَبيتُ بِها أُراعي كُلَّ نَجمٍ / وَشَرُّ رِعايَةِ العَينِ النُجومُ
أَلا حَيِّ المَنازِلَ بِالسَلامِ
أَلا حَيِّ المَنازِلَ بِالسَلامِ / عَلى بُخلِ المَنازِلِ بِالكَلامِ
لِمَيٍّ بِالمِعا دَرَجَت عَلَيها / رِياحُ الصَيفِ عاماً بَعدَ عامِ
سَحَبنَ ذُيولَهُنَّ بِها فَأَمسَت / مُصَرَّعَةً بِها دِعَمُ الخِيامِ
رَجَحنَ عَلى بَوارِحِ كُلِّ نَجمٍ / وَطَيَّرَتِ العَواصِفُ بِالثُمامِ
تُجاوِرُهُنَّ بِالعَرَصاتِ شُعثٌ / عَواطِلُ قَد خُلِعنَ مِنَ الرِمامِ
كَأَنَّ مَغانِيَ الأَصرامِ فيها / مُلَمَّعَةٌ مَعالِمُها بِشامِ
أَلا يا لَيتَنا يا مَيُّ نَدري / مَتى نَلقاكِ في عُوَجِ اللِمامِ
أَلَمَّ خَيالُ مَيَّةَ بَعدَ وَهنٍ / بِظامي الآلِ خاشِعَةِ السَنامِ
رَمى الإِدلاجُ أَيسَرَ مَرفِقَيها / بِأَشعَثَ مِثلَ أَشلاءِ اللِجامِ
أَناخَ فَما تَوَسَّدَ غَيرَ كَفٍّ / لَوى بِبَنانِها طَرَفَ الزِمامِج
صَريعُ تَنائِفٍ وَرَفيقُ صَرعى / تُوُفّوا قَبلَ آجالِ الحِمامِ
سَرَوا حَتّى كَأَنَّهُمُ تَساقَوا / عَلى راحاتِهِم جُرَعَ المُدامِ
بِأَغبرَ نازِحٍ نَسَجَت عَلَيهِ / رِياحُ الصَيفِ شُبّاكَ القَتامِ
وَساهِمَةِ الوُجوهِ مِنَ المَهارى / سَقَيتُ بِآجِنِ السَمَلاتِ طامِ
تَرى عُصَبَ القَطا هَمَلاً إِلَيهِ / كَأَنَّ رِعالَهُ قَزَعُ الجَهامِ
بِكُلِّ مُلَمَّعِ القَفَراتِ غُفلٍ / بَعيدِ الماءِ مُشتَبِهِ المَوامي
كَأَنَّ دَوِيَّهُ مِن بَعدِ هَدءٍ / دَوِيُّ غِناءِ أَروَعَ مُستَهامِ
أَلا حَيِّيا بِالزُرقِ دارَ مُقامِ
أَلا حَيِّيا بِالزُرقِ دارَ مُقامِ / لِمَيٍّ وَإِن هاجَت رَجيعَ سَقامي
عَلى ظَهرَ جَرعاءِ الكَثيبِ كَأَنَّها / سَنِيَّةُ رَقمٍ في سَراةِ قِرامِ
إِلى جَنبِ مَأوى جامِلٍ لَم تَدَع بِهِ / مِن العُنَنِ الأَرواحُ غَيرَ حُطامِ
كَأَنَّ بَقايا حائِلٍ في مُراحِهِ / لُقاطاتُ وَدعٍ أَو قُيوضُ يَمامِ
تَرائِكُ أَيأَسنَ العَوائِدَ بَعدَها / أَهَفنَ وَطارَ الفَرخُ بَعدَ رُزامِ
خَلاءً تَحِنُّ الريحُ أَو كُلَّ بُكرَةٍ / بِها مِن خَصائِصِ الرِمثِ كُلَّ ظَلامِ
وَلِلوَحشِ وَالجَنّانِ كُلَّ عَشِيَّةٍ / بِها خِلفَةٌ مِن عازِفٍ وَبُغامِ
كَحَلتُ بِها إِنسانَ عَيني فَأَسبَلَت / بِمُعتَسِفِ بَينَ الجُفونِ تُؤامِ
تُبَكي عَلى مَيٍّ وَقَد شَطَّتِ النَوى / وَما كُلُّ هذا الحُبِّ غَيرُ غَرامِ
لَيالِيَ مَيٌّ مَوتَةٌ ثُمَّ نَشرَةٌ / لِما أَلمَحَت مِن نَظرَةٍ وَكَلامِ
إِذا اِنجَرَدَت إِلّا مِنَ الدِرعِ وَاِرتَدَت / غَدائِرَ مَيّالِ القُرونِ سُخامِ
عَلى مَتنَةٍ كَالنِسعِ تَحبو ذُنوبُها / لأَحقَفَ مِن رَملِ الغِناءِ رُكامِ
أَلا طَرَقَت مَيٌّ وَبَيني وَبَينَها / مَهاوٍ لأَصحابِ السُرى وَتَرامي
فَتىً مُسلَهِمَّ الوَجهِ شارَكَ حُبَّها / سَقامُ السُرى في جِسمِهِ بِسَقامِ
أَلا يا اسلَمي يا مَيُّ كُلَّ صَبيحَةٍ / وَإِن كُنتُ لا أَلقاكِ غَيرَ لِمامِ
وَأَنّى اِهتَدَت مَيٌّ لِصُهبٍ بِقَفرَةٍ / وَشُعثٍ بِأَجوازِ الفَلاةُ نِيامِ
أَناخوا وَنَجمٌ لاحَ بارِقُ ضَوئِهِ / يُخالِفُ شَرقِيَّ النُجومِ تِهامِ
وَلَم تَستَطع مَيٌّ مُهاواتَنا السُرى / وَلا لَيلَ عيسٍ في البُرينِ سَوامِ
فَإِن كُنتِ إِبراهيمَ تَنوينَ فَاِلحَقي / نَزُرهُ وِإِلّا فَاِرجِعي بِسَلامِ
صَفِيَّ أَميرِ المُؤمِنينَ وَخالَهُ / سَمِيَّ خَليلِ اللَهِ وَاِبنَ هِشامِ
أَغَرَّ كَضَوءَ البَدرِ يَهتَزُ لِلنَدى / كَما اِهتَزَّ بِالكَفَّينِ نَصلُ حُسامِ
فِدىً لَكِ مِن حَتفِ المَنونِ نُفوسُنا / وَما كانَ مِن أَهلٍ لَنا وَسَوامِ
أَبوكَ الَّذي كانَ اِقشَعَرَّ لِفَقدِهِ / ثَرى أَبطَحٍ سادَ البِلادَ حَرامِ
سَما بِكَ آباءٌ كَأَنَّ وُجوهَهُم / مَصابِيحُ تَجلو لَونَ كُلِّ ظَلامِ
وَأَنتُم بَنو ماءِ السَماءِ وَأَنتُمُ / إَلى حَسَبٍ عِندَ السَماءِ جُسامِ
إِلَيكَ اِبتَعَثنا العيسَ وَاِنتَعَلَت بِنا / فَيافِيَ تَرمي بَينَها بِسِهامِ
قِلاصاً رَحَلناهُنَّ مَن حَيثُ تَلتَقي / بِوَهبينَ فَوضى رَبرَبٍ وَنَعامِ
يُراعينَ ثيرانَ الفَلاةِ بَأَعيُنٍ / صَوافي سَوادِ المَأقِ غَيرِ ضِخامِ
وَآذانِ خَيلٍ في بَراطيلَ خَشِّشَت / بُراهُنَّ مِنها في مُتونِ عِظامِ
إِذا ما تَجَلَّت لَيلَةُ الرَكبَ أَصبَحَت / خَراطيمُها مَغمورَةٌ بِلُغامِ
فَكَم واعَسَت بِالرَكبِ مِن مُتَعَسَّفٍ / غَليظٍ وَأَخفافُ المَطِيِّ دوامِ
سَباريتَ إِلّا أَن يَرى مُتَأَمِّلٌ / قَنازِعَ أَسنامٍ بِها وَثَغامِ
وَمِن رَملَةٍ عَذراءَ مَن كُلِّ مَطلَعٍ / فَيُمرُقنَ مِن هاري التُرابِ رُكامِ
وَكَم نَفَّرَت مِن رامَحٍ مُتَوَضِّحٍ / هِجانِ القَرا ذي سُفعَةٍ وَخِدامِ
لَياحِ السَبيبِ أَنجَلِ العَينِ آلِفِ / لِما بَينَ غُصنٍ مُعبِلٍ وَهُيامِ
وَكَم حَنَشٍ ذَعفِ اللُعابِ كَأَنَّهُ / عَلى الشَرَكِ العادِيِّ نِضوُ عِصامِ
بِأَغبَرَ مَهزولِ الأَفاعي مَجَنَّةٍ / سَخاوِيَّةٍ مَنسوجَةٍ بِقَتامِ
وَكَم خَلَّفَت أَعناقُها مِن نَحيزَةٍ / وَأَرعَنَ مِن قودِ الجِبالِ خُشامِ
يُشَبِّهُهُ الراؤونَ وَالآلُ عاصِبٌ / عَلى نِصفِهِ مِن مَوجِهِ بِحِزامِ
سَماوَةَ جَونٍ ذي سَنامَينِ مُعرِضٍ / سَما رَأسُهُ عَن مَرتَعٍ بِحِجامِ
إِلَيكَ وَمِن فَيفٍ كَأَنَّ دَوِيَّهُ / غِناءُ النَصارى أَو حَنينُ هِيامِ
وَكَم عَسَفَت مِن مَنهَلٍ مُتَخَطَأٍ / أَفَلَّ وَأَقوى بِالجِمامِ طَوامِ
إِذا ما وَرَدنا لَم نُصادِف بِجَوفِهِ / سِوى وارِداتٍ مِن قَطاً وَحَمامِ
كَأَنَّ صِياحَ الكُدرِ يَنظُرنَ عَقبَنا / تَراطُنُ أَنباطٍ عَلَيهِ قِيامِ
إِذا ساقِيانا أَفرَغا في إِزائِهِ / عَلى قُلُصٍ بِالمُقفِراتِ حِيامِ
تَداعَينَ بِاِسمِ الشَيبِ في مُتَثَلِّمٍ / جَوانِبُهُ مِن بَصرَةٍ وَسَلامِ
زَهاليلُ أَشباهٌ كَأَنَّ هَوِيَّها / إِذا نَحنُ أَدلَجنا هَوِيُّ جَهامِ
كَأَنّا عَلى أَولادِ أَحقَبَ لاحَها / وَرَميُ السَفا أَنفاسَها بِسِهامِ
جَنوبٌ ذَوَت عَنها التَناهي وَأَنزَلَت / بِها يَومَ ذَبّاتِ السَبيبِ صِيامِ
كَأَنَّ شُخوصَ الخَيلِ هامٍ مَكانَها / عَلى جُمَدِ رَهبى أَو شُخوصُ خِيامِ
يُقَلِّبنَ مِن شُعَراءِ صَيفٍ كَأَنَّها / مَوارِقَ لِلَدغِ اِنخِزامُ مَرامِ
نُسوراً كَنَقشِ العاجِ بَينَ دَوابِزٍ / مُخَيَّسَةٍ أَرساغُها وَحَوامِ
فَلَمّا اِدَّرَعنَ اللَيلَ أَو كُنَّ مُنصَفاً / لِما بَينَ ضَوءٍ فَاسِحٍ وَظَلامِ
تَوَخى بِها العَينَينِ عَينَي غُمازَةٍ / أَقَبُ رَباعٍ أَو قُوَيرِحِ عامِ
طَوي البَطنِ زَمّامٌ كَأَنَّ سَحيلَهُ / عَلَيهِنَّ إِذ وَلّى هَديلُ غُلامِ
يَشُجُ بِهِنَّ الصُلبَ شَجاً كَأَنَّما / تَحَرَّقنَ في قيعانِهِ بِضرامِ
خَليلَيَّ عوجا اليَومَ حَتّى تُسَلّما
خَليلَيَّ عوجا اليَومَ حَتّى تُسَلّما / عَلى طَلَلٍ بَينَ النَقا وَالأَخارمِ
كَأَنَّ لَم يَكُن إِلّا حَديثاً وَقَد أَتى / لَهُ ما أَتى لِلمُزمِنِ المُتَقادِمِ
سَلامَ الَّذي شَقَّت عَصا البَينِ بَينَهُ / وَبَينَ الهَوى مِن إِلفِهِ غَيرِ صارِمِ
وَهَل يَرجِعُ التَسليمَ رَبعٌ كَأَنَّهُ / بِسائِفَةٍ قَفرٍ ظُهورُ الأَراقِمِ
دِيارٌ مَحَتها بَعدَنا كُلُّ ذَبلَةٍ / دَروجٍ وَأَحوى يُهذِبُ الماءَ ساجِمِ
أَناخَت بِها الأَشراطُ وَاِستَوفَضَت بِها / حَصى الرَملِ راداتُ الرِياحِ الهَواجِمِ
ثَلاثُ مُرِبّاتٍ إِذا هِجنَ هَيجَةً / قَذَفنَ الحَصى قَذفَ الأَكُفِّ الرَواجِمِ
وَنَكباءُ مِهيافٌ كَأَنَّ حَنينَها / تَحَدُّثُ ثَكلى تَركَبُ البَوَّ رائِمِ
حَدَتها زُبانى الصَيفَ حَتّى كَأَنَّما / تَمُدُّ بِأَعناقِ الجِمالِ الهَوارِمِ
لِعِرفانِها وَالعَهدُ ناءٍ وَقَد بَدا / لِذي نُهيَةٍ أَن لا إِلى أُمِّ سالِمِ
جَرى الماءُ مِن عَينَيكَ حَتّى كَأَنَّهُ / فَرائِدُ خانَتها سُلوكُ النَواظِمِ
عَشِيَّةَ لَو تَلقى الوُشاةَ لَبَيَّنَت / عُيونُ الهَوى ذاتَ الصُدورِ الكَواتِمِ
عَهِدنا بِها لَو تُسعِفُ العوجُ بِالهَوى / رِقاقِ الثَنايا وَاضِحاتِ المَعاصِمِ
هَجانٌ جَعَلنَ السورَ وَالعاجَ وَالبُرى / عَلى مِثلِ بَردِيِّ البِطاحِ النَواعِمِ
إِذا الخَزُّ تَحتَ الأَتحَمِيّاتِ لُثنَهُ / بِمُردَفَةِ الأَفخاذِ ميلِ المَآكِمِ
لَحَفنَ الحَصى أَنيارَهُ ثُمَّ خُضنَهُ / نُهوضَ الهِجانِ الموعِثاتِ الجَواشِمِ
رُوَيداً كَما اِهتَزَّت رِماحٌ تَسَفَّهَت / أَعالِيَها مَرُّ الرِياحِ النَواسِمِ
إِذا غابَ عَنهُنَّ الغَيورانِ تارَةً / وَعَنّا وَأَيّامُ النُحوسِ الأَشائِمِ
أَرَينَ الَّذي اِستَودَعنَ سَوداءَ قَلبَهُ / هَوىً مِثلَ شَكِّ الأَيزَني النَواجِمِ
عُيونَ المَهى وَالمِسكَ يَندى عَصيمُهُ / عَلى كُلِّ خَدٍّ مُشرِقٍ غَيرِ واجِمِ
وَحُواً تُجَلّي عَن عِذابٍ كَأَنَّها / إِذا نَغمَةٌ جاوِبنِها بِالهَماهِمِ
ذُرى أُقحُوانِ الرَملِ هَزّت فُروعَهُ / صَبا طَلَّةٌ بَينَ الحُقوفِ اليَتائِمِ
كَأَنَّ الرِقاقَ المُلحَماتِ ارتَجَعنَها / عَلى حَنوَةِ القُريانِ تَحتَ الهَمآئِمِ
وَريحِ الخُزامى رَشَّها الطَلُّ بَعدَ ما / دَنا اللَيلُ حَتّى مَسَّها بِالقَوادِمِ
أُولائِكَ آجالُ الفَتى إِن أَرَدنَهُ / بِقَتلٍ وَأَسبابُ السَقامِ المُلازِمِ
يُقَرِّبنَ حَتّى يَطمَعَ التابِعُ الصِبى / وَتَهتَزَّ أَحشآءُ القُلوبِ الحَوائِمِ
حَديثاً كَطَعمِ الشَهدِ حُلواً صُدورُهُ / وَأَعجازُهُ الخُطبانُ دونَ المَحارِمِ
وَهُنَّ إِذا ما فارَقَ القَولُ ريبَةً / ضَرَحنَ الخَنا ضَرحَ الجِيادِ العَواذِمِ
تَجَوَّزَ مِنها زائِرٌ بَعدَ ما دَنَت / مِنَ الغَورِ أَردافُ النُجومِ العَوائِمِ
إِلى هاجِعٍ في مُسلَهِمّينَ وَقَّعوا / إِلى جَنبِ أَيدي يَعمَلاتٍ سَواهِمِ
فَكائِن نَضَت مِن جَوزِ رَملٍ وَجاوَزَت / إِلَيكَ المَهارى مِن رِعانِ المَخارِمِ
وَمَجهولَةٍ تَيهاءَ تُغضي عُيونُها / عَلى البُعدِ إِغضاءَ الدَوى غَيرِ نائِمِ
فَلاةٍ مَرَوراةٍ تَرامى إِذا مَرَت / بِها الآلَ أَيدي المُصغِياتِ الرَّواسِمِ
قَطَعتُ بِصَهباءِ العَثانينِ أَسأَرَت / سُرى اللَيلِ مِنها آلَ قَرمٍ ضُبارِمِ
تَراهُنَّ بِالأَكوارِ يَخفِضنَ تارَةً / وَيَنصِبنَ أُخرى مِثلَ وَخدِ النَعائِمِ
مِن الأُدَمى وَالرَملِ حَتّى كَأَنَّها / قِسِيٌّ بَرايا بَعدَ خَلقٍ ضُبارِمِ
وَرحلي عَلى عَوجاءَ حَرفٍ شِمِلَّةٍ / مِنَ الجُرشُعِّياتِ الضِخامِ المَحازِمِ
غُرَيرِيَّةٍ صَهباءَ فيها تَعَيُّسٌ / وَسوجٍ إِذا اِغبَرَّت أُنوفُ المَخارِمِ
كَأَنَّ اِرتِحالَ الرَكبِ يَرمي بِرَحلِها / عَلى بازِلٍ قَرمٍ جُلالٍ عُلاكِمِ
طَوي البَطنِ عافي الظَّهرِ أَقصى صَريفُهُ / عَن الشَّولِ شَذّانَ البِكارِ العَوارِمِ
إِذا شَمَّ أَنفَ البَردِ أَلحَقَ بَطنَهُ / مِراسُ الأَوابي وَاِمتِحانُ الكَوتَمِ
أَقولُ لِدَهناوِيَةٍ عَوهَجٍ جَرَت / لَنا بَينَ أَعلى عُرفَةٍ بِالصَرائِمِ
أَيا ظَبيَةَ الوَعساءِ بَينَ جُلاجِلٍ / وَبَينَ النَقا أَأَنتِ أَم أُمُّ سالِمِ
هِيَ الشِّبهُ إِلّا مِدرَيَيها وَأُذَنَها / سواءً وَإِلّا مَشَقَةً في القَوائِمِ
أَعاذِلُ أَن يَنهَض رَجائي بِصَدرِهِ / إِلى ابنِ حُرَيثٍ ذي النَدى وَالمَكارِمِ
فَرُبَّ اِمرِئٍ تَنزو مِنَ الخَوفِ نَفسُهُ / جَلا الغَمَّ عَنهُ ضَوءُ وَجهِ المُلازِمِ
أَغَرُّ لُجَيمِيٌّ كَأَنَّ قَميصَهُ / عَلى نَصلِ صافي نُقبَةِ اللَونِ صارِمِ
يُوالي إِذا اِصطَكَ الخُصومُ أَمامَهُ / وُجوهَ القَضايا مِن وُجوهِ المَظالِمِ
صَدوعٌ بِحُكمِ اللَهِ في كُلِّ شُبهَةٍ / تَرى الناسَ في إِلباسِها كَالبَهائِمِ
سَقى اللَهُ مِن حَيٍّ حَنيفَةَ إِنَّهُم / مَساميحُ ضَرّابونَ هامَ الجَماجِمِ
أُناسٌ أَصَدّوا الناسَ بِالضَربِ عَنهُمُ / صُدودَ السَواقي مِن أُنوفِ المَخارِمِ
وَمِن فِتيَةٍ كانَت حَنيفَةُ بُرءَها / إِذا مالَ حَنوا رَأسِها المُتَقادِمِ
هُمُ قَرَنوا بِالبَكرِ عَمراً وَأَنزَلوا / بِأَسيافِهِم يَومَ العَروضَ اِبنَ ظالِمِ
مَقارٍ إِذا العامُ المُسمّى تَزَعزَعَت / بِشَفّانِهِ هوجُ الرِياحِ العَقائِمِ
أَحارِ بنَ عَمرٍو لِاِمرِءِ القَيسِ تَبتَغي / بِشَتمِيَ إِدراكَ العُلى وَالمَكارِمِ
كَأَنَّ أَباها نَهشَلٌ أَو كَأَنَّهُم / بِشِقشِقَةٍ مِن رَهطِ قَيسِ بنِ عاصِمِ
وَغَيرُ اِمرِئِ القَيسِ الرَوابي وَغَيرُها / يُداوى بِهِ صَدعُ الثَأى المُتَفاقِمِ
عَذَرتُ الذُرى لَو خاطَرَتني قُرومُها / فَما بالُ أَكّارينَ فُدعِ القَوائِمِ
بَني آبِقٍ مِن أَهلِ حَورانَ لَم يَكُن / ظَلوماً وَلا مُستَنكِراً لِلمَظالِمِ
لَعَمري وَما عُمري عَلَيَّ بِهَيِّنٍ
لَعَمري وَما عُمري عَلَيَّ بِهَيِّنٍ / لَقَد نالَ أَصحابُ العَصا شَرَّ مَغنَمِ
فَإِنَّ لَم يَرُدّوها عَلَينا نَدَع بِهِم / هِجاءً كَكَيِّ الناحِزِ المُتَلَوِّمِ
وَإِلّا يَدَعني عَرَجَلٌ أُنزِ عَرجَلا / عَلى أُمِّهِ نَزوَ العَريضِ المُزَلَّمِ
أَلا أَيُّهَذا المَنزِلُ الدارِسُ اِسلَمِ
أَلا أَيُّهَذا المَنزِلُ الدارِسُ اِسلَمِ / وَسُقّيتَ صَوبَ الباكِرِ المُتَغَيّمِ
وَلا زالَ مَسنوّا تُرابُكَ تَستَقي / عَزاليَ بَرّاقِ العَوارِضِ مُرزِمِ
وَإِن كُنتَ قَد هَيَّجتَ لي دونَ صُحبَتي / رَجيعَ هَوىً مِن ذِكرِ مَيَّةَ مُسقِمِ
هَوىً كادَتِ العَينانِ يَفرُطُ مِنهُما / لَهُ سَنَنٌ مِثلُ الجُمانِ المُنَظَّمِ
وَماذا يَهيجُ الشَوقَ مِن رَسمِ دِمنَةٍ / عَفَت غَيرَ مِثلِ الحِميَريّ المُسَهَّمِ
أَرَبَّت بِها الأَمطارُ حَتّى كَأَنَّها / كِتابُ زَبورٍ في مَهاريقَ مُعجَمِ
وَكُلُّ نَؤوجٍ يَنبَري مِن جُنوبِها / بِتَسهاكِ ذَيلٍ مِن فُرادى وَمُتئِمِ
أَضَرَّت بِها الأَرواحُ أَو كُلُّ ذَبلَةٍ / دَروجٍ مَتى تَعصِف بِها الريحُ تَرسُمِ
لِمَيَّةَ عِندَ الزُرقِ لَأياً عَرَفتُها / بِجُرثومَةِ الآريّ وَالمُتَخَيَّمِ
وَمُستَقوِسٍ قَد ثَلَّمَ السَيلُ جُدرَهُ / شَبيهٍ بِأَعضادِ الخَبيطِ المُهَدَّمِ
فَلَما رَأَيتُ الدارَ غَشَّيتُ عِمَّتي / شَآبيبَ دَمعٍ لِبسَةَ المُتَلَّثِمِ
مَخافَةَ عَيني أَن تَنُمَّ دُموعُها / عَلَيَّ بِأَسرارِ الضَميرِ المُكَتِّمِ
أُحِبُّ المَكانَ القَفرَ مِن أَجلِ أَنَّني / بِهِ أَتَغَنّى بِاِسمِها غَيرَ مُعجِمِ
وَلَم يَبقَ إِلّا أَنَّ مَرجوعَ ذِكرِها / نَهوضٌ بِأَحشاءِ الفُؤادِ المُتَيَّمِ
إِذا نالَ مِنها نَظرَةً هيضَ قَلبُهُ / بِها كَاِنهياضِ المُتعَبِ المُتَتَمِّمِ
تَغَيَّرتِ بَعدي أَم وَشى الناسُ بَينَنا / بِما لَم أَقُلهُ مِن مُسَدّى وَمُلحَمِ
وَمَن يَكُ ذا وَصلٍ فَيَسمَع بِوَصلِهِ / أَحاديثَ هَذا الناسِ يَصرِم وَيُصرَمِ
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ تَعَسَّفَت / بِنا البُعدَ أَولادُ الجَديلِ وَشَدقَمِ
نَواشِطُ مِن يَبرينَ أَو مِن حِذائِهِ / مِنَ الأَرضِ تَعمي في النُحاسِ المُخَزَّمِ
بِأَبيَضَ مُستَوفي الخُطومِ كَأَنَّهُ / جَنى عُشَرٍ أَو نَسجُ قَزٍّ مُخَذَّمِ
إِذا هُنَّ عاسَرنَ الأَخِشَّةَ شُبنَها / بِأَشكَلَ آنٍ مِن صَديدٍ وَمِن دَمِ
وَكائِن تَخَطَّت ناقَتي مِن مَفازَةٍ / إِلَيكَ وَمِن أَحواضِ ماءٍ مُسَدَّمِ
بِأَعطانِهِ القِردانُ هَزلى كَأَنَّها / نَوادِرُ صَيصاءِ الهَبيدِ المُحَطَّمِ
إِذا سَمِعَت وَطءِ الرِكابِ تَنَغَّشَت / حُشاشاتُها في غَيرِ لَحمٍ وَلا دَمِ
جَشَمتُ إِلَيكَ البُعدَ لا في خُصومَةٍ / وَلا مُستَجيراً مِن جَريرَةِ مُجرِمِ
وَلَو شِئتُ قَصَّرتُ النَهارَ بِطَفلَةٍ / هَضيمِ الحَشا بَرّاقَةِ المُتَبَسَّمِ
كَأَنَّ عَلى أَنيابِها ماءَ مُزنَةٍ / بِصَهباءَ في إِبريقِ شَربٍ مُقَدَّمِ
إِذا قَرِعَت فاهُ القَواريرِ قَرعَة / يَمُجُّ لَها مِن خالِصِ اللَونِ كَالدَمِ
تَروحُ عَلَيها هَجمَةٌ مَرتَعُ المَها / مَراتِقُها وَالقَيظُ لَم يَتَجَرَّمِ
بِوَعساءَ دَهناويَّةِ التُربِ طَيّبٍ / بِها نَسَمُ الأَرواحِ مِن كُلِّ مَنسَمِ
تَحِنُّ إِلى الدَهنا بِخَفّانَ ناقَتي / وَأَنّى الهَوى مِن صَوتِها المُتَرَنِّمِ
إِلى إِبِلِ الزُرقِ أَوطانِ أَهلِها / يَحُلّونَ مِنها كُلَّ عَلياءَ مُعلَمِ
مَهاريسَ مِثلِ الهَضبِ تَنمي فُحولُها / إِلى السِرِّ مِن أَذوادِ رَهطِ اِبنِ قِرضِمِ
كَأَنَّ عَلى أَلوانِها كُلَّ شَتوَةٍ / جِسادَينِ مِن صِبغَينِ وَرسٍ وَعَندَمِ
يُثَوِّرُ غِزلانَ الصَريمِ اِطِّرادُها / خُطوطَ الثَرى مِن كُلِّ دَلوٍ وَمِرزَمِ
بِلا ذِمَّةٍ مِن مَعشَرٍ غَيرِ قَومِها / وَغَيرِ صُدورِ السَمهَريّ المُقَوَّمِ
لَها خَطَراتُ العَهدِ مِن كُلِّ بَلدَةٍ / لِقَومٍ وَإِن هاجَت لَهُم عِطرُ مَنشِمِ
نَجائِبُ لَيسَت مِن مُهورِ أَشابَةٍ / وَلا ديَةٍ كانَت وَلا كَسبِ مَأثَمِ
وَلَكِن عَطاءُ اللَهِ مِن كُلِّ رِحلَةٍ / إِلى كُلِّ مَحجوبِ السُرادِقِ خِضرِمِ
كَريمِ النَثا رَحبِ الفِناءِ مُتَوَّجٍ / بِتاجِ بَهاءِ المُلكِ أَو مُتَعَمَّمِ
تُبَرَّكُ بِالسَهلِ الفَضاءِ وَتَتَّقي / عُداها بِرَأسٍ مِن تَميمٍ عَرَمرَمِ
تَحَدَّبُ سَعدٌ وَالرِبابُ وَراءَها / عَلى كُلِّ طَرفٍ أَعوَجيٍّ مُسَوَّمِ
وَإِن شاءَ داعيها أَتَتهُ بِمالِكٍ / وَشُهبانِ عَمروٍ وَكُلُّ شَوهاءَ صِلدِمِ
وَإِن ثَوَّبَ الداعي بِها يا لَخِندِفٍ / فَيا لَكَ مِن داعٍ مُعَزٍّ مُكَرَمِ
وَإِن تَدعُ قَيسا قَيسَ عَيلانَ يأتِها / بَنو الحَربِ يُستَعلى بِهِم كُلُّ مُعظَمِ
كَثيرُ الحَصى عالٍ لِمَن فَوقَ ظَهرِها / بِهامَةِ مُلكٍ يَفنَخُ الناسَ مُقرَمِ
لَها كُلُّ مَشبوحِ الذِراعَينِ تُتَّقى / بِهِ الحَربُ شَعشاعٍ وَأَبيَضَ فَدغَمِ
إِذا اِستَرسَلَ الراعي رَعَتها مَهابَةٌ / إِلى كُلِّ مَيّاسٍ إِلى المَوتِ مُعلِمِ
مَرَرنا عَلى دارٍ لِمَيَّةَ مَرَّةً
مَرَرنا عَلى دارٍ لِمَيَّةَ مَرَّةً / وَجاراتِها قَد كادَ يَعفو مَقامُها
فَلَم يَدرِ إِلّا وَاللَهُ ما هَيَّجَت لَنا / أَهِلَّةُ أَناءِ الديارِ وَشامُها
وَقَد زَوَّدَت مَيٌّ عَلى النَأي قَلبَهُ / عَلاقاتِ حاجاتٍ طَويلٍ سَقامُها
فَأَصبَحتُ كَالهَيماءِ لا الماءُ مُبرِئٌ / صَداها وَلا يَقضي عَلَيها هُيامُها
كَأَنّي غَداةَ الزُرقِ يا مَيُّ مُدنَفٌ / يَكيدُ بِنَفسٍ قَد أَجَمَّ حِمامُها
حِذارَ اِجتِذامِ البَينِ أَقرانَ طِيَّةٍ / مُصيبٍ لِوَقراتِ الفُؤادِ اِنجِذامُها
خَليليَّ لَمّا خِفتُ أَن تَستَفِزَّني / أَحاديثُ نَفسي بِالنَوى وَاِحتِمامُها
تَداوَيتُ مِن مَيٍّ بِتَكليمَةٍ لَها / فَما زادَ إِلّا ضَعفَ دائي كَلامُها
أَناةٍ كَأَنَّ المِسكَ أَو نَورَ حَنوَةٍ / بِمَيثاءَ مَرجوعٌ عَلَيهِ التِثامُها
كَأَنَّ عَلى فيها تَلألُؤَ مُزنَةٍ / وَميضاً إِذا زانَ الحَديثَ اِبتِسامُها
أَلا خَيَّلَت مَيٌّ وَقَد نامَ صُحبَتي / فَما نَفَّرَ التَهويمَ إِلّا سَلامُها
طُروقاً وَجِلبُ الرَحلِ مَشدودةٌ بِهِ / سَفينَةُ بَرٍّ تَحتَ خَدي زِمامُها
أُنيخَت فَأَلقَت بَلدَةً فَوقَ بَلدَةٍ / قَليلٍ بِها الأَصواتُ إِلّا بُغامُها
يَمانيَةٌ في وَثبِها عَجرَفيَّةٌ / إِذا انضَمَّ إِطلاها وَأَودى سَنامُها
وَدَوّيَّةٍ تَيهاءَ يَدعو بِجَوزِها / دُعاءَ الثَكالى آخِرَ اللَيلِ هامُها
أَطَلتُ اِعتِقالَ الرَحلِ في مُدلَهِمِّها / إِذا شَرَكُ المَوماةِ أَودى نِظامُها
وَلَستُ بِمِحيارٍ إِذا ما تَشابَهَت / أَماليسُ مُخَضرُّ عَلَيها ظَلامُها
أُقيمُ السُرى فَوقَ المَطايا لِفِتيَةٍ / إِذا اِضطَرَبوا حَتّى تَجَلّى قَتامُها
عَلى مُستَظِلّاتِ العُيونِ سَواهِمٍ / شُوَيكيَّةٍ يَكسو بُراها لُغامُها
يُطَرِّحنَ حيراناً بِكُلِّ مَفازَةٍ / سِقابا وَحولاً لَم يُكَمَّل تَمامُها
تَرى طَيرَها في كُلِّ عافٍ وَحاجِلٍ / إِلى حَيَّةِ الأَنفاسِ مَوتى عِظامُها
وَأَشعَثَ قَد سامَيتُهُ جَوزَ قَفرَةٍ / سَواءٌ عَلَينا ضَحوُها وَظَلامُها
تَهاوى بِهِ حَرفٌ قِذافٌ كَأَنَّها / نَعامَةُ بيدٍ ضَلَّ عَنها نَعامُها
خَليلَيَّ عوجا حَيّيا رَسمَ دِمنَةٍ
خَليلَيَّ عوجا حَيّيا رَسمَ دِمنَةٍ / مَحَتها الصَبا بَعدي وَطارَ ثُمامُها
وَغَيَّرَها نَأجُ الشَمالِ فَشَبَّهَت / وَمَرُّ الجَنوبِ الهَيفِ ثُمَّ اِنتِسامُها
فَعاجا عَلَندى ناجياً ذا بُرايَةٍ / وَعَوَّجتُ مِذعانا لَموعا زِمامُها
غُرَيريَّةً في مَشيها عَجرَفيَّةٌ / إِذا اِنضَمَّ إِطلالها وَجالَ حِزامُها
تَخالُ بِها جِنّاً إِذا ما وَزَعتُها / وَطارَ بِمَربوعِ الخِشاشِ لُغامُها
هَلِ الدارُ إِن عُجنا لَكَ الخَيرَ ناطِقٌ / بِحاجاتِنا أَطلالُها وَخيامُها
أَلا لا وَلَكِن عائِجُ الشَوقِ هاجَهُ / عَلَيكَ طُلولٌ قَد أَحالَ مَقامُها
مَنازِلُ مِن مَيٍّ بِوَهبينَ جادَها / أَهاضيبٌ طَلٍّ دَجنُها وَاِنهِمامُها
لَياليَ لا مَيٌّ خَروجٌ بِذيَّةٌ / وَلَكِن رَداحٌ لَم يَشِنها قَوامُها
أَسيلَةُ مَجرى الدَمعِ هَيفاءٌ طَفَلةٌ / شَموسٌ كَإِيماضِ الغَمامِ اِبتِسامُها
كَأَنَّ عَلى فيها وَما ذُقتُ طَعمَهُ / زُجاجَةَ خَمرٍ طابَ فيها مُدامُها
أَزارَتكَ مَيٌّ بَعدَ ما قُلتَ ذاهِلٌ / فَهاجَ سَقاماً مُستَكِنّاً لِمامُها
أَلَمَّت بِنا وَالعيسُ حَسرى كَأَنَّها / أَهِلَّةُ مَحلٍ زالَ عَنها قَتامُها
أَنَخنَ فَمُغفٍ عِندَ دَفِّ شِمِلَّةٍ / شَمَردَلَةِ الأَلواحِ فانٍ سَنامُها
وَمُرتَفِقٌ لَم يَرجُ آخِرَ لَيلِهِ / مَناماً وَأَحلى نَومَةٍ لَو يَنامُها
أَتَعرِفُ دارَ الحَيّ بادَت رُسومُها
أَتَعرِفُ دارَ الحَيّ بادَت رُسومُها / عَفَت بَعدَنا جَرعاؤُها وَهُشومُها
وَأَقفَرَ عَهدُ الدارِ مِن أُمِّ سالِمٍ / وَأَقصَرَ عَن طولِ التَقاضي غَريمُها
أَطَلتِ عَلَينا كُلَّ يَومٍ مَقالَةً / عَذائِرَ لا يُقضى لِخَيرٍ صَريمُها
لَكِ الخَيرُ كَم كَلَّفتِ عَينَيَّ عَبرَة / إِذا اِنحَدَرَت عادَت سَريعا جُمومُها
وَكَلَّفِتني مِن سَيرِ ظَلماءَ وَالدُجى / يَصيحُ الصَدى فيها وَيَضبَحُ بُومُها
بِمائِرةِ الضَبعَينِ مُعوَجَّةِ النَسا / يَشُجُّ الفَلاةَ تَجويدُها وَرَسيمُها
وَخوداً إِذا ما الشاةُ لاذَ مِنَ اللَظى / بِعُبرِيَّةٍ أَو ضالَةٍ لا يَريمُها
يَلوذُ حِذارَ الشَمسِ فيها وَيَتَّقي / بِهِ الريحَ إِذ هَبَّت عَلَيهِ سَمومُها
كَأَنَّ القَومَ عُشّوا لَحمَ ضَأنٍ
كَأَنَّ القَومَ عُشّوا لَحمَ ضَأنٍ / فَهُم نَعِجونَ قَد مالَت طِلاهُم
كَأَنَّها خاضِبٌ زُعرٌ قَوادِمُهُ
كَأَنَّها خاضِبٌ زُعرٌ قَوادِمُهُ / أَجنى لَهُ بِاللِوى آءٌ وَتَنّومُ
خَليلَيَّ عوجا بارَكَ اللَهُ فيكُما
خَليلَيَّ عوجا بارَكَ اللَهُ فيكُما / عَلى دارِ مَيٍّ أَو أَلِمّا فَسَلِّما
كَما أَنتُما لَو عُجتُما بي لِحاجَةٍ / لَكانَ قَليلاً أَن تُطاعا وَتُكرَما
أَلِمّا بِمَحزونٍ سَقيمٍ وَأَسِعِفا / هَواهُ بِمَيٍّ قَبلَ أَن تَتَكَلَّما
أَلا فَاِحذَرا الأَعداءَ وَاِتَّقِياهُما / وَرَسّا إِلى مَيٍّ كَلاماً مُتَمَّما
بِئسَ المُناخُ رَفيعٌ عِندَ أَخبِيَةٍ
بِئسَ المُناخُ رَفيعٌ عِندَ أَخبِيَةٍ / مِثلِ الكُلى عِندَ أَطرافِ البَراعيمِ
بِها مُكَنَّفَةٌ أَكنافُها قَسَبٌ
بِها مُكَنَّفَةٌ أَكنافُها قَسَبٌ / فَكَّت خَواتيمَها عَنها الأَبازيمُ
أَلا لا تُبالي العيسُ مِن شَدِّ كورِها
أَلا لا تُبالي العيسُ مِن شَدِّ كورِها / عَلَيها وَلا مِن زاعَها بِالخَزائِمِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025