المجموع : 4
لَقَد عَلِمَت أُمُّ الأُدَيبِرِ أَنَّني
لَقَد عَلِمَت أُمُّ الأُدَيبِرِ أَنَّني / أَقولُ لَها هَدّي وَلا تَذخَري لَحمي
فَإِنَّ غَداً إِن لا نَجِد بَعضَ زادِنا / نُفِىء لَكِ زادا أَو نُعَدِّكِ بِالأَزمِ
إِذا هِيَ حَنَّت لِلهَوى حَنَّ جَوفُها / كَجَوفِ البَعيرِ قَلبُها غَيرُ ذي عَزمِ
فَلا وَأَبيكِ الخَيرَ لا تَجِدينَهُ / جَميلَ الغِنى وَلا صَبوراً عَلى العُدمِ
وَلا بَطَلاً إِذا الكُماةُ تَزَيَّنوا / لَدى غَمَراتِ المَوتِ بِالحالِكِ الفَدمِ
أَبَعدَ بَلائي ضَلَّتِ البَيتَ مِن عَمىً / تُحِبُّ فِراقي أَو يَحِلُّ لَها شَتمي
وَإِنّي لَأُثوى الجوعَ حَتّى يَمَلَّني / فَيَذهَبَ لَم يَدنَس ثِيابي وَلا جِرمى
وَأَغتَبِق الماءَ القَراحَ فَأَنتَهى / إِذا الزادَ أَمسى لِلمُزَلَّجِ ذا طَعمِ
أَرُدُّ شُجاعَ البَطنِ قَد تَعلَمينَهُ / وَأوثِرُ غَيري مِن عِيالِكِ بِالطُعمِ
مَخافَةَ أَن أَحيا بِرَغمٍ وَذِلَّةٍ / وَلَلمَوتُ خَيرٌ مِن حَياةٍ عَلى رَغمِ
رَأَت رَجُلاً قَد لَوَّحَتهُ مَخامِصٌ / وَطافَت بِرَنّانِ المَعَدَّينِ ذي شَحمِ
غَذِيِّ لِقاحٍ لا يَزالُ كَأَنَّهُ / حَميتٌ بِدَبغٍ عَظمُهُ غَيرُ ذي حَجمِ
تَقولُ فَلَولا أَنتَ أُنكِحتُ سَيِّدا / أُزَفُّ إِلَيهِ حُمِلتُ عَلى قَرمِ
لَعَمري لَقَد مُلِّكتِ أَمرَكِ حِقبَةً / زَمانا فَهَلّا مِستِ في العَقمِ وَالرَقمِ
فَجاءَت كَخاصي العَيرِ لَم تَحلَ جاجَةً / وَلا عاجَةً مِنها تَلوحُ عَلى وَشمِ
أَفاطِمَ إِنّي أَسبِقُ الحَتفَ مُقبِلاً / وَأَترُكُ قِرني في المَزاحِفِ يَستَدمي
وَلَيلَةِ دَجنٍ مِن جُمادى سَرَيتُها / إِذا ما اِستَهَلَّت وَهِيَ ساجِيَةٌ تَهمي
وَشَوطٍ فِضاحٍ قَد شَهِدتُ مُشايِحاً / لِأُدرِكَ ذَحلاً أَو أُشيفَ عَلى غُنمِ
إِذا اِبتَلَّت الأَقدامُ وَالتَفَّ تَحتَها / غُثاءٌ كَأَجوازِ المُقَرَّنَةِ الدُهمِ
وَنَعلٍ كَأَشلاءِ السُمانى نَبَذتُها / خِلافَ نَدىً مِن آخِرِ اللَيلِ أَورِهمِ
إِذا لِم يُنازِع جاهِلُ القَومِ ذا النُهى / وَبَلَّدَت الأَعلامُ بِاللَيلِ كَالأُكمِ
تَراها صِغارا يَحسِرُ الطَرفُ دونَها / وَلَو كانَ طَوداً فَوقَهُ فِرَقُ العُصمِ
وَإِنّي لَأَهدي القَومَ في لَيلَةِ الدُجى / وَأَرمي إِذا ما قيلَ هَل مِن فَتىً يَرمي
وَعادِيَةٍ تُلقي الثِيابَ وَزَعتُها / كَرِجلِ الجَرادِ يَنتَحي شَرَفَ الحَزمِ
رَفَوني وَقالوا يا خُوَيلِدُ لا تُرَع
رَفَوني وَقالوا يا خُوَيلِدُ لا تُرَع / فَقُلتُ وَأَنكَرتُ الوُجوهَ هُمُ هُمُ
فَعَدَّيتُ شَيئاً وَالدَريسُ كَأَنَّما / يُزَعزِعُهُ وِردٌ مِنَ المومِ مُردِمُ
تَذَكُّرَ ما أَينَ المَفَرُّ وَإِنَّني / بِغَرزِ الَّذي يُنجي مِنَ المَوتِ مُعصِمُ
فَوَاللَهِ ما رَبداءَ أَو عِلجُ عانَةٍ / أَقَبُّ وَما إِن تَيسُ رَبلٍ مُصَمِّمُ
وَبُثَّت حِبالٌ في مَرادٍ يَرودُهُ / فَأَخطَأَهُ مِنها كِفافٌ مُخَزَّمُ
يَطيحُ إِذا الشَعراءَ صاتَت بِجَنبِهِ / كَما طاحَ قِدحُ المُستَفيضِ المُوَشَّمُ
كَأَنَّ المُلاءَ المَحضَ خَلفَ ذِراعِهِ / صُراحِيُّهُ وَالآخِنِيُّ المُتَحَّمُ
تَراهُ وَقَد فاتَ الرُماةَ كَأَنَّهُ / أَمامَ الكِلابِ مُصغِيَ الخَدِّ أَصلَمُ
بِأَجوَدَ مِنّي يَومَ كَفَّتُّ عادِياً / وَأَخطَأَني خَلفَ الثَنِيَّةِ أَسهُمُ
أُوائِلُ بِالشَدِّ الذَليقِ وَحَثَّني / لَدى المَتنِ مَشبوحُ الذِراعَينِ خَلجَمُ
تَذَكَّرَ ذَحلاً عِندَنا وَهُوَ فاتِكٌ / مِنَ القَومِ يَعروهُ اِجتِراءٌ وَمَأثَمُ
فَكِدتُ وَقَد خَلَّفتُ أَصحابَ فائِدٍ / لَدى حَجَرِ الشَغرى مِنَ الشَدِّ أُكلَمُ
تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَتني عَشِيَّةً / سَلِمتَ وَما إِن كِدتَ بِالأَمسِ تَسلَمُ
وَلَولا دِراكُ الشَدِّ قاظَت حَليلَتي / تَخَيَّرُ مِن خُطّابِها وَهِيَ أَيِّمُ
فَتَقعُدُ أَو تَرضى مَكاني خَليفَةً / وَكادَ خِراشٌ يَومَ ذلِكَ يَيتَمُ
أَرِقتُ لِهَمٍّ ضافَني بَعدَ هَجعَةٍ
أَرِقتُ لِهَمٍّ ضافَني بَعدَ هَجعَةٍ / عَلى خالِدٍ فَالعَينُ دائِمَةُ السَجمِ
إِذا ذَكَرَتهُ العَينُ أَغرَقَها البُكى / وَتَشَرَقَ مِن تَهمالِها العَينُ بِالدَمِّ
فَباتَت تُراعي النَجمَ عَينٌ مَريضَةٌ / لِما عالَها وَاِعتادَها الحُزنُ بِالسُقمِ
وَما بَعدَ أَن قَد هَدَّني الدَهرُ هَدَّةً / تَضالَ لَها جِسمي وَرَقَّ لَها عَظمي
وَما قَد أَصابَ العَظمَ مِنّي مُخامِرٌ / مِنَ الداءِ داءٌ مُستَكِنٌّ عَلى كَلمِ
وَأَن قَد بَدا مِنّي لِما قَد أَصابَني / مِنَ الحُزنِ أَنّي ساهِمُ الوَجهِ ذو هَمِّ
شَديدُ الأَسى بادي الشُحوبِ كَأَنَّني / أَخو جِنَّةٍ يَعتادَهُ الخَبلُ في الجِسمِ
بِفَقدِ اِمرىءٍ لا يَجتَوي الجارُ قُربَهُ / وَلَم يَكُ يُشكى بِالقَطيعَةِ وَالظُلمِ
يَعودُ عَلى ذي الجَهلِ بِالحِلمِ وَالنُهى / وَلَم يَكُ فَحّاشاً عَلى الجارِ ذا عَذمِ
وَلَم يَكُ فَظّاً قاطِعاً لِقَرابَةٍ / وَلكِن وُصولاً لِلقَرابَةِ ذا رُحمِ
وَكُنتَ إِذا ساجَرتَ مِنهُم مُساجِراً / صَفَحتَ بِفَضلٍ في المُروءِ وَالعِلمِ
وَكُنتَ إِذا ما قُلتَ شَيئاً فَعَلتَهُ / وَفُتَّ بِذاكَ الناسَ مُجتَمِعَ الحَزمِ
فَإِن تَكُ غالَتكَ المَنايا وَصَرفُها / فَقَد عِشتَ مَحمودَ الخَلائِقِ وَالحِلمِ
كَريمَ سَجِيّاتِ الأُمورِ مُحَبَّباً / كَثيرَ فُضولِ الكَفِّ لَيسَ بِذي وَصمِ
أَشَمَّ كَنَصلِ السَيفِ يَرتاحُ لِلنَّدى / بَعيداً مِنَ الآفاتِ وَالخُلُقِ الوَخمِ
جَمَعتَ أَموراً يُنفِذُ المَرَّ بَعضُها / مِنَ الحِلمِ وَالمَعروفِ وَالحَسَبِ الضَخمِ
أَتَتهُ المَنايا وَهوَ غَضٌّ شَبابُهُ / وَما لِلمَنايا عَن حِمى النَفسِ مِن عَزمِ
وَكُلُّ اِمرىءٍ يَوماً إِلى المَوتِ صائِرُ / قَضاءً إِذا ما حانَ يُؤخَذُ بِالكَظمِ
وَما أَحَدٌ حَيٌّ تَأَخَّرَ يَومُهُ / بِأَخلَدَ مِمَّن صارَ قَبلُ إِلى الرَجمِ
سَيَأتي عَلى الباقينَ يَومٌ كَما أَتى / عَلى مَن مَضى حَتمٌ عَلَيهِ مِنَ الحَتمِ
فَلَستُ بِناسيهِ وَإِن طالَ عَهدُهُ / وَما بَعدَهُ لِلعَيشِ عِندي مِن طَعمِ
إِنَّكِ لَو أَبصَرتِ مَصرَعَ خالِدٍ
إِنَّكِ لَو أَبصَرتِ مَصرَعَ خالِدٍ / بِجَنبِ السِتارِ بَينَ أَظلَمَ فَالحَزمِ
لَأَيقَنتِ أَن البَكرَ لَيسَ رَزِيَّةً / وَلا النابَ لا اِنضَمَّت يَداكِ عَلى غُنمِ
تَذَكَّرتُ شَجواً ضافَني بَعدَ هَجعَةٍ / عَلى خالِدٍ فَالعَينُ دائِمَةُ السَجمِ
لَعَمرُ أَبي الطَيرِ المُرِبَّةِ بِالضُحى / عَلى خالِدٍ لَقَد وَقَعنَ عَلى لَحمِ
كُليهِ وَرَبّي لا تَجيئينَ مِثلَهُ / غَداةَ أَصابَتهُ المَنِيَّةُ بِالرَدمِ
فَلا وَأَبي لا تَأكُلُ الطَيرُ مِثلَهُ / طَويلَ النِجادِ غَيرَ هارٍ وَلا هَشمِ