المجموع : 8
هُرَيرَةَ وَدَّعها وَإِن لامَ لائِمُ
هُرَيرَةَ وَدَّعها وَإِن لامَ لائِمُ / غَداةَ غَدٍ أَم أَنتَ لِلبَينِ واجِمُ
لَقَد كانَ في حَولٍ ثَواءٍ ثَوَيتَهُ / تَقَضّي لُباناتٍ وَيَسأَمُ سائِمُ
مُبَتَّلَةٌ هَيفاءُ رَودٌ شَبابُها / لَها مُقلَتا رِئمٍ وَأَسوَدُ فاحِمُ
وَوَجهٌ نَقِيُّ اللَونِ صافٍ يَزينُهُ / مَعَ الحَليِ لَبّاتٌ لَها وَمَعاصِمُ
وَتَضحَكُ عَن غُرِّ الثَنايا كَأَنَّهُ / ذُرى أُقحُوانٍ نَبتُهُ مُتَناعِمُ
هِيَ الهَمُّ لا تَدنو وَلا يَستَطيعُها / مِنَ العيسِ إِلّا الناجِياتُ الرَواسِمُ
رَأَيتُ بَني شَيبانَ يَظهَرُ مِنهُمُ / لِقَومِيَ عَمداً نِغصَةٌ وَمَظالِمُ
فَإِن تُصبِحوا أَدنى العَدُوُّ فَقَبلَكُم / مِنَ الدَهرِ عادَتنا الرِبابُ وَدارِمُ
وَسَعدٌ وَكَعبٌ وَالعِبادُ وَطَيِّئٌ / وَدودانُ في أَلفافِها وَالأَراقِمُ
فَما فَضَّنا مِن صانِعٍ بَعدَ عَهدِكُم / فَيَطمَعَ فينا زاهِرٌ وَالأَصارِمُ
وَلَن تَنتَهوا حَتّى تَكَسَّرَ بَينَنا / رِماحٌ بِأَيدي شُجعَةٍ وَقَوائِمُ
وَحَتّى يَبيتَ القَومُ في الصَفِّ لَيلَةً / يَقولونَ نَوَّر صُبحُ وَاللَيلُ عاتِمُ
وُقوفاً وَراءَ الطَعنِ وَالخَيلُ تَحتَهُم / تُشَدُّ عَلى أَكتافِهِنَّ القَوادِمُ
إِذا ما سَمِعنَ الزَجرَ يَمَّمنَ مُقدَماً / عَلَيها أُسودُ الزارَتَينِ الضَراغِمُ
أَبا ثابِتٍ أَو تَنتَمونَ فَإِنَّما / يَهيمُ لِعَينَيهِ مِنَ الشَرِّ هائِمُ
مَتى تَلقَنا وَالخَيلُ تَحمِلُ بُزَّنا / خَناذيذَ مِنها جِلَّةٌ وَصَلادِمُ
فَتَلقَ أُناساً لا يَخيمُ سِلاحُهُم / إِذا كانَ حَمّاً لِلصَفيحِ الجَماجِمُ
وَإِنّا أُناسٌ يَعتَدي البَأسَ خَلفُنا / كَما يَعتَدي الماءَ الظِماءُ الحَوائِمُ
فَهانَ عَلَينا ما يَقولُ اِبنُ مُسهِرٍ / بِرَغمِكَ إِذ حَلَّت عَلَينا اللَهازِمُ
يَزيدُ يَغُضُّ الطَرفَ دوني كَأَنَّما / زَوى بَينَ عَينَيهِ عَلَيَّ المَحاجِمُ
فَلا يَنبَسِط مِن بَينِ عَينَيكَ ما اِنزَوى / وَلا تَلقَني إِلّا وَأَنفُكَ راغِمُ
فَأُقسِمُ بِاللَهِ الَّذي أَنا عَبدُهُ / لِتَصطَفِقَن يَوماً عَلَيكَ المَآتِمُ
يَقُلنَ حَرامٌ ما أُحِلَّ بِرَبِّنا / وَتَترُكُ أَموالاً عَلَيها الخَواتِمُ
أَبا ثابِتٍ لا تَعلَقَنكَ رِماحُنا / أَبا ثابِتٍ أُقعُد وَعِرضُكَ سالِمُ
أَفي كُلِّ عامٍ تَقتُلونَ وَنَتَّدي / فَتِلكَ الَّتي تَبيَضُّ مِنها المَقادِمُ
وَذَرنا وَقَوماً إِن هُمُ عَمَدوا لَنا / أَبا ثابِتٍ وَاِجلِس فَإِنَّكَ ناعِمُ
طَعامُ العِراقُ المُستَفيضُ الَّذي تَرى / وَفي كُلِّ عامٍ حُلَّةٌ وَدَراهِمُ
أَتَأمُرُ سَيّاراً بِقَتلِ سَراتِنا / وَتَزعُمُ بَعدَ القَتلِ أَنَّكَ سالِمُ
أَبا ثابِتٍ إِنّا إِذا تَسبِقُنَّنا / سَيُرعَدُ سَرحٌ أَو يُنَبَّهُ نائِمُ
بِمُشعِلَةٍ يَغشى الفِراشَ رَشاشُها / يَبيتُ لَها ضَوءٌ مِنَ النارِ جاحِمُ
تَقُرُّ بِهِ عَينُ الَّذي كانَ شامِتاً / وَتَبتَلُّ مِنها سُرَّةٌ وَمَآكِمُ
وَتُلقى حَصانٌ تَخدُمُ اِبنَةَ عَمِّها / كَما كانَ يُلقى الناصِفاتُ الخَوادِمُ
إِذا اِتَّصَلَت قالَت أَبَكرَ بنَ وائِلٍ / وَبَكرٌ سَبَتها وَالأُنوفُ رَواغِمُ
أَلا قُل لِتَيّا قَبلَ مِرَّتِها اِسلَمي
أَلا قُل لِتَيّا قَبلَ مِرَّتِها اِسلَمي / تَحِيَّةَ مُشتاقٍ إِلَيها مُتَيَّمِ
عَلى قيلِها يَومَ اِلتَقَينا وَمَن يَكُن / عَلى مَنطِقِ الواشينَ يَصرِم وَيُصرَمِ
أَجِدَّكَ لَم تَأخُذ لَيالِيَ نَلتَقي / شِفاءَكَ مِن حَولٍ جَديدٍ مُجَرَّمِ
تُسَرُّ وَتُعطى كُلَّ شَيءٍ سَأَلتَهُ / وَمَن يُكثِرِ التَسآلَ لا بُدَّ يُحرَمِ
فَما لَكَ عِندي نائِلٌ غَيرُ ما مَضى / رَضيتَ بِهِ فَاِصبِر لِذَلِكَ أَو ذَمِ
فَلا بَأسَ إِنّي قَد أُجَوِّزُ حاجَتي / بِمُستَحصِدٍ باقٍ مِنَ الرَأيِ مُبرَمِ
وَكَورٍ عِلافِيٍّ وَقِطعٍ وَنُمرُقٍ / وَوَجناءَ مِرقالِ الهَواجِرِ عَيهَمِ
كَأَنَّ عَلى أَنسائِها عِذقَ حَصلَةٍ / تَدَلّى مِنَ الكافورِ غَيرَ مُكَمَّمِ
عَرَندَسَةٍ لا يَنفُضُ السَيرُ غَرضَها / كَأَحقَبَ بِالوَفراءِ جَأبَ مُكَدَّمِ
رَعى الرَوضَ وَالوَسمِيَّ حَتّى كَأَنَّما / يَرى بِيَبيسِ الدَوِّ إِمرارَ عَلقَمِ
تَلا سَقبَةً قَوداءَ مَشكوكَةَ القَرا / مَتى ما تُخالِفهُ عَنِ القَصدِ يَعذِمِ
إِذا ما دَنا مِنها اِلتَقَتهُ بِحافِرٍ / كَأَنَّ لَهُ في الصَدرِ تَأثيرَ مِحجَمِ
إِذا جاهَرَتهُ بِالفَضاءِ اِنبَرى لَها / بِإِلهابِ شَدِّ كَالحَريقِ المُضَرَّمِ
وَإِن كانَ تَقريبٌ مِنَ الشَدِّ غالَها / بِمَيعَةِ فَنّانِ الأَجارِيِّ مُجذِمِ
فَلَمّا عَلَتهُ الشَمسُ وَاِستَوقَدَ الحَصى / تَذَكَّرَ أَدنى الشِربِ لِلمُتَيَمِّمِ
فَأَورَدَها عَيناً مِنَ السَيفِ رِيَّةً / بِها بُرَأٌ مِثلُ الفَسيلِ المُكَمَّمِ
بَناهُنَّ مِن ذَلّانَ رامٍ أَعَدَّها / لَقَتلِ الهَوادي داجِنٌ بِالتَوَقُّمِ
فَلَمّا عَفاها ظَنَّ أَن لَيسَ شارِباً / مِنَ الماءِ إِلّا بَعدَ طولِ تَحَرُّمِ
وَصادَفَ مِثلَ الذِئبِ في جَوفِ قُترَةَ / فَلَمّا رَآها قالَ يا خَيرَ مَطعَمِ
وَيَسَّرَ سَهماً ذا غِرارٍ يَسوقُهُ / أَمينُ القُوى في صُلبَةِ المُتَرَنِّمِ
فَمَرَّ نَضيءُ السَهمِ تَحتَ لَبانِهِ / وَجالَ عَلى وَحشِيِّهِ لَم يُثَمثِمِ
وَجالَ وَجالَت يَنجَلي التَربُ عَنها / لَهُ رَهَجٌ في ساطِعِ اللَونِ أَقتَمِ
كَأَنَّ اِحتِدامَ الجَوفِ في حَميِ شَدِّهِ / وَما بَعدَهُ مِن شَدِّهِ غَليُ قُمقُمِ
فَذَلِكَ بَعدَ الجَهدِ شَبَّهتُ ناقَتي / إِذا ما وَنى حَدُّ المَطِيِّ المُخَرَّمِ
فَدَع ذا وَلَكِن ما تَرى رَأيَ كاشِحٍ / يَرى بَينَنا مِن جَهلِهِ دَقَّ مَنشِمِ
أَراني بَريئاً مِن عُمَيرٍ وَرَهطِهِ / إِذا أَنتَ لَم تَبرَأ مِنَ الشَرِّ فَاِسقَمِ
إِذا ما رَآني مُقبِلاً شامَ نُبلَهُ / وَيَرمي إِذا أَدبَرتُ ظَهري بِأَسهُمِ
عَلى غَيرِ ذَنبٍ غَيرَ أَنَّ عَداوَةً / طَمَت بِكَ فَاِستَأخِر لَها أَو تَقَدَّمِ
وَكُنتُ إِذا نَفسُ الغَويِّ نَوَت بِهِ / صَقَعتُ عَلى العِرنينِ مِنهُ بِمَيسَمِ
حَلَفتُ بِرَبِّ الراقِصاتِ إِلى مِنىً / إِذا مَخرَمٌ جاوَزتُهُ بَعدَ مَخرَمِ
ضَوامِرَ خوصاً قَد أَضَرَّ بِها السُرى / وَطابَقنَ مَشياً في السَريحِ المُخَدَّمِ
لَئِن كُنتَ في جُبٍّ ثَمانينَ قامَةً / وَرُقّيتَ أَسبابَ السَماءِ بِسُلَّمِ
لَيَستَدرِجَنكَ القَولُ حَتّى تَهِرُّهُ / وَتَعلَمَ أَنّي عَنكَ لَستُ بِمُلجَمِ
وَتَشرَقَ بِالقولِ الَّذي قَد أَذَعتَهُ / كَما شَرِقَت صَدرُ القَناةِ مِنَ الدَمِ
فَما أَنتَ مِن أَهلِ الحُجونِ وَلا الصَفا / وَلا لَكَ حَقَّ الشُربِ مِن ماءِ زَمزَمِ
وَما جَعَلَ الرَحمَنُ بَيتَكَ في العُلى / بِأَجيادِ غَربِيِّ الصَفا وَالمُحَرَّمِ
فَلا توعِدَنّي بِالفَخارِ فَإِنَّني / بَنى اللَهِ بَيتي في الدَخيسِ العَرَمرَمِ
عَجِبتُ لَآلِ الحُرقَتَينِ كَأَنَّما / رَأوني نَفِيّاً مِن إِيادٍ وَتُرخُمِ
وَغَرَّبَني سَعدُ بنُ قَيسٍ عَنِ العُلى / وَأَحسابِهِم يَومَ النَدى وَالتَكَرُّمِ
مَقامَ هَجينٍ ساعَةً بِلِوائِهِ / فَقُل في هَجينٍ بَينَ حامٍ وَسِلهِمِ
فَلَمّا رَأَيتُ الناسَ لِلشَرِّ أَقبَلوا / وَثابوا إِلَينامِن فَصيحٍ وَأَعجَمِ
وَصيحَ عَلَينا بِالسِياطِ وَبِالقَنا / إِلى غايَةٍ مَرفوعَةٍ عِندَ مَوسِمِ
دَعَوتُ خَليلي مِسحَلاً وَدَعوا لَهُ / جَهَنّامَ جَدعاً لِلهَجينِ المُذَمَّمِ
فَإِنّي وَثَوبي راهِبِ اللُجِّ وَالَّتي / بَناها قُصَيٌّ وَالمُضاضُ بنُ جُرهَمِ
لَئِن جَدَّ أَسبابُ العَداوَةِ بَينَنا / لَتَرتَحِلَن مِنّي عَلى ظَهرِ شَيهَمِ
وَتَركَبُ مِنّي إِن بَلَوتَ نَكيثَتي / عَلى نَشَزٍ قَد شابَ لَيسَ بِتَوأَمِ
فَما حَسَبي إِن قِستَهُ بِمُقَصِّرٍ / وَلا أَنا إِن جَدَّ الهِجاءُ بِمُفحَمِ
وَما زالَ إِهداءُ الهَواجِرِ بَينَنا / وَتَرقيقُ أَقوامٍ لِحَينٍ وَمَأثَمِ
وَأَمرُ السَفى حَتّى اِلتَقَينا غُدَيَّةً / كِلانا يُحامي عَن ذِمارٍ وَيَحتَمي
تُرِكنا وَخَلّى ذو الهَوادَةِ بَينَنا / بِأَثقَبِ نيرانِ العَداوَةِ تَرتَمي
حَباني أَخي الجِنِّيُّ نَفسي فِدائُهُ / بِأَفيَحَ جَيّاشِ العَشِيّاتِ خِضرِمِ
فَقالَ أَلا فَاِنزِل عَلى المَجدِ سابِقاً / لَكَ الخَيرُ قُلِّد إِذ سَبَقتَ وَأَنعِمِ
وَوَلّى عُمَيرٌ وَهوَ كابٍ كَأَنَّما / يُطَلّى بِحُصٍّ أَو يُغَشّى بِعِظلِمِ
وَنَحنُ غَداةَ العَينِ يَومَ فُطَيمَةٍ / مَنَعنا بَني شَيبانَ شِربَ مُحَلِّمِ
جَبَهناهُمُ بِالطَعنِ حَتّى تَوَجَّهوا / وَهَزّوا صُدورَ السَمهَرِيِّ المُقَوَّمِ
وَأَيّامَ حَجرٍ إِذ يُحَرَّقُ نَخلُهُ / ثَأَرناكُمُ يَوماً بِتَحريقِ أَرقَمِ
كَأَنَّ نَخيلَ الشَطِّ غِبَّ حَريقِهِ / مَآتِمُ سودٌ سَلَّبَت عِندَ مَأتَمِ
وَنَحنُ فَكَكنا سَيِّدَيكُم فَأُرسِلا / مِنَ المَوتِ لَمّا أُسلِما شَرَّ مُسلَمِ
تَلافاهُما بِشرٌ مِنَ المَوتِ بَعدَما / جَرَت لَهُما طَيرُ النُحوسِ بِأَشأَمِ
فَذَلِكَ مِن أَيّامِنا وَبَلائِنا / وَنُعمى عَلَيكُم إِن شَكَرتُم لَأُنعُمِ
فَإِن أَنتُمُ لَم تَعرِفوا ذاكَ فَاِسأَلوا / أَبا مالِكٍ أَو سائِلوا رَهطَ أَشيَمِ
وَكائِن لَنا فَضلاً عَلَيكُم وَمِنَّةً / قَديماً فَما تَدرونَ ما مَنُّ مُنعِمِ
بَني عَمَّنا لا تَبعَثوا الحَربَ بَينَنا
بَني عَمَّنا لا تَبعَثوا الحَربَ بَينَنا / كَرَدِّ رَجيعِ الرَفضِ وَاِرموا إِلى السِلمِ
وَكونوا كَما كُنّا نَكونُ وَحافِظوا / عَلَينا كَما كُنّا نُحافِظُ عَن رُهمِ
نِساءِ مَوالينا البَواكي وَأَنتُمُ / مَدَدتُم بِأَيدينا حِلافَ بَني غَنمِ
فَلا تَكسِروا أَرماحَهُم في صُدورِكُم / فَتَغشِمَكُم إِنَّ الرِماحَ مِنَ الغَشمِ
أَلَمَّ خَيالٌ مِن قُتَيلَةَ بَعدَما
أَلَمَّ خَيالٌ مِن قُتَيلَةَ بَعدَما / وَهى حَبلُها مِن حَبلِنا فَتَصَرَّما
فَبِتُّ كَأَنّي شارِبٌ بَعدَ هَجعَةٍ / سُخامِيَّةً حَمراءَ تُحسَبُ عَندَما
إِذا بُزِلَت مِن دَنِّها فاحَ ريحُها / وَقَد أُخرِجَت مِن أَسوَدِ الجَوفِ أَدهَما
لَها حارِسٌ ما يَبرَحُ الدَهرَ بَيتَها / إِذا ذُبِحَت صَلّى عَلَيها وَزَمزَما
بِبابِلَ لَم تُعصَر فَجاءَت سُلافَةً / تُخالِطُ قِنديداً وَمِسكاً مُخَتَّما
يَطوفُ بِها ساقٍ عَلَينا مُتَوَّمٌ / خَفيفٌ ذَفيفٌ ما يَزالُ مُفَدَّما
بِكَأسٍ وَإِبريقٍ كَأَنَّ شَرابَهُ / إِذا صُبَّ في المِصحاةِ خالَطَ بَقَّما
لَنا جُلَّسانٌ عِندَها وَبَنَفسَجٌ / وَسيسِنبَرٌ وَالمَرزَجوشُ مُنَمنَما
وَآسٌ وَخيرِيٌّ وَمَروٌ وَسَوسَنٌ / إِذا كانَ هِنزَمنٌ وَرُحتُ مُخَشَّما
وَشاهَسفَرِم وَالياسَمينُ وَنَرجِسٌ / يُصَبِّحُنا في كُلِّ دَجنٍ تَغَيَّما
وَمُستُقُ سينينٍ وَوَنٌّ وَبَربَطٌ / يُجاوِبُهُ صَنجٌ إِذا ما تَرَنَّما
وَفِتيانُ صِدقٍ لا ضَغائِنَ بَينَهُم / وَقَد جَعَلوني فَيسَحاهاً مُكَرَّما
فَدَع ذا وَلَكِن رُبَّ أَرضٍ مُتيهَةٍ / قَطَعتُ بِحُرجوجٍ إِذا اللَيلُ أَظلَما
بِناجِيَةٍ كَالفَحلِ فيها تَجاسُرٌ / إِذا الراكِبُ الناجي اِستَقى وَتَعَمَّما
تَرى عَينَها صَغواءَ في جَنبِ مُؤقَها / تُراقِبُ في كَفّي القَطيعَ المُحَرَّما
كَأَنّي وَرَحلي وَالفِتانَ وَنُمرُقي / عَلى ظَهرِ طاوٍ أَسفَعِ الخَدِّ أَخثَما
عَلَيهِ دَيابوذٌ تَسَربَلَ تَحتَهُ / أَرَندَجَ إِسكافٍ يُخالِطُ عِظلِما
فَباتَ عَذوباً لِلسَماءِ كَأَنَّما / يُوائِمُ رَهطاً لِلعَزوبَةِ صُيَّما
يَلوذُ إِلى أَرطاةِ حِقفٍ تَلُفُّهُ / خَريقُ شَمالٍ تَترُكُ الوَجهَ أَقتَما
مُكِبّاً عَلى رَوقَيهِ يَحفِرُ عِرقَها / عَلى ظَهرِ عُريانِ الطَريقَةِ أَهيَما
فَلَمّا أَضاءَ الصُبحُ قامَ مُبادِراً / وَحانَ اِنطِلاقُ الشاةِ مِن حَيثُ خَيَّما
فَصَبَّحَهُ عِندَ الشُروقِ غُدَيَّةً / كِلابُ الفَتى البَكرِيُّ عَوفِ بنِ أَرقَما
فَأَطلَقَ عَن مَجنوبِها فَاِتَّبَعنَهُ / كَما هَيَّجَ السامي المُعَسِّلُ خَشرَما
لَدُن غُدوَةً حَتّى أَتى اللَيلُ دونَهُ / وَجَشَّمَ صَبراً رَوقَهُ فَتَجَشَّما
وَأَنحى عَلى شُؤمى يَدَيهِ فَذادَها / بِأَظمَأَ مِن فَرعِ الذُؤابَةِ أَسحَما
وَأَنحى لَها إِذ هَزَّ في الصَدرِ رَوقَهُ / كَما شَكَّ ذو العودِ الجَرادَ المُخَزَّما
فَشَكَّ لَها صَفحاتِها صَدرُ رَوقِهِ / كَما شَكَّ ذو العودِ الجَرادَ المُنَظَّما
وَأَدبَرَ كَالشَعرى وُضوحاً وَنُقبَةً / يُواعِنُ مِن حَرِّ الصَريمَةِ مُعظَما
فَذَلِكَ بَعدَ الجَهدِ شَبَّهتُ ناقَتي / إِذا الشاةُ يَوماً في الكِناسِ تَجَرثَما
تَؤُمُّ إِياساً إِنَّ رَبّي أَبى لَهُ / يَدَ الدَهرِ إِلّا عِزَّةً وَتَكَرُّما
نَماهُ الإِلَهُ فَوقَ كُلَّ قَبيلَةٍ / أَباً فَأَباً يَأبى الدَنِيَّةَ أَينَما
وَلَم يَنتَكِس يَوماً فَيُظلِمَ وَجهُهُ / لِيَركَبَ عَجزاً أَو يُضارِعَ مَأثَما
وَلَو أَنَّ عِزَّ الناسِ في رَأسِ صَخرَةٍ / مُلَملَمَةٍ تُعيّ الأَرَحَّ المُخَدَّما
لَأَعطاكَ رَبُّ الناسِ مِفتاحَ بابِها / وَلَو لَم يَكُن بابٌ لَأَعطاكَ سُلَّما
فَما نيلُ مِصرٍ إِذ تَسامى عُبابُهُ / وَلا بَحرُ بانِقيا إِذا راحَ مُفعَما
بِأَجوَدَ مِنهُ نائِلاً إِنَّ بَعضَهُم / إِذا سُئِلَ المَعروفَ صَدَّ وَجَمجَما
هُوَ الواهِبُ الكومَ الصَفايا لِجارِهِ / يُشَبَّهنَ دَوماً أَو نَخيلاً مُكَمَّما
وَكُلَّ كُمَيتٍ كَالقَناةِ مَحالُهُ / وَكُلَّ طِمِرٍّ كَالهِراوَةِ أَدهَما
وَكُلَّ مِزاقٍ كَالقَناةِ طِمِرِّةٍ / وَأَجرَدَ جَيّاشَ الأَجارِيِّ مِرجَما
وَكُلَّ ذَمولٍ كَالفَنيقِ وَقَينَةٍ / تَجُرُّ إِلى الحانوتِ بُرداً مُسَهَّما
وَلَم يَدعُ مَلهوفٌ مِنَ الناسِ مِثلَهُ / لِيَدفَعَ ضَيماً أَو لِيَحمِلَ مَغرَما
عَرَفتَ اليَومَ مِن تَيّا مُقاما
عَرَفتَ اليَومَ مِن تَيّا مُقاما / بِجَوٍّ أَو عَرَفتَ لَها خِياما
فَهاجَت شَوقَ مَحزونٍ طَروبٍ / فَأَسبَلَ دَمعَهُ فيها سِجاما
وَيَومَ الخَرجِ مِن قَرماءَ هاجَت / صِباكَ حَمامَةٌ تَدعو حَماما
وَهَل يَشتاقُ مِثلَكَ مِن رُسومٍ / عَفَت إِلّا الأَياصِرَ وَالثُماما
وَقَد قالَت قُتَيلَةُ إِذ رَأَتني / وَقَد لا تَعدَمُ الحَسناءُ ذاما
أَراكَ كَبِرتَ وَاِستَحدَثتَ خُلقاً / وَوَدَّعتَ الكَواعِبَ وَالمُداما
فَإِن تَكُ لِمَّتي يا قَتلُ أَضحَت / كَأَنَّ عَلى مَفارِقِها ثَغاما
وَأَقصَرَ باطِلي وَصَحَوتُ حَتّى / كَأَن لَم أَجرِ في دَدَنٍ غُلاما
فَإِنَّ دَوائِرَ الأَيّامِ يُفني / تَتابُعُ وَقعِها الذَكَرَ الحُساما
وَقَد أَقري الهُمومَ إِذا اِعتَرَتني / عُذافِرَةً مُضَبَّرَةٌ عُقاما
مُفَرَّجَةً يَإِطُّ النِسعُ فيها / أَطيطَ السَمهَرِيَّةِ أَن تُقاما
إِذا ما رُعتَها بِالزَجرِ أَجَّت / أَجيجَ مُصَلَّمٍ يَزفي نَعاما
تَشُقُّ اللَيلَ وَالسَبَراتِ عَنها / بِأَتلَعَ ساطِعٍ يُشري الزِماما
وَتَقتالُ النُسوعَ بِجَوزِ قَرمٍ / مُواشِكَةً إِذا ما اليَومُ صاما
إِذا ما الآثِماتُ وَنَينَ حَطَّت / عَلى العِلّاتِ تَجتَرِعُ الإِكاما
وَأَدكَنَ عاتِقٍ جَحلٍ سِبَحلٍ / صَبَحتُ بِراحِهِ شَرباً كِراما
مِنَ اللاتي حُمِلنَ عَلى الرَوايا / كَريحِ المِسكِ تَستَلُّ الزُكاما
مُشَعشَعَةً كَأَنَّ عَلى قَراها / إِذا ما صَرَّحَت قِطَعاً سَهاما
تَخَيَّرَها أَخو عاناتَ شَهراً / وَرَجّى أَولَها عاماً فَعاما
يُؤَمِّلُ أَن تَكونَ لَهُ ثَراءً / فَأَغلَقَ دونَها وَعَلا سِواما
فَأَعطَينا الوَفاءَ بِها وَكُنّا / نُهينُ لِمِثلِها فينا السَواما
كَأَنَّ شَعاعَ قَرنِ الشَمسِ فيها / إِذا ما فَتَّ عَن فيها الخِتاما
وَبَيضاءِ المَعاصِمِ إِلفِ لَهوٍ / خَلَوتُ بِشَكرِها لَيلاً تَماما
حَلَفتُ لَكُم عَلى ما قَد نَعَيتُم / بِرَأسِ العَينِ إِن نَفَضَ السِقاما
وَشيكاً ثُمَّ ثابَ إِلَيهِ جَمعٌ / لِيَلتَمِسَن بِلادَكُمُ إِلى ما
لِيَلتَمِسَن بِلادُكُمُ بِمَجرٍ / يُثيرُ بِكُلِّ بَلقَعَةٍ قَتاما
عَريضٍ تَعجِزُ الصَحراءُ عَنهُ / وَيَشرَبُ قَبلَ آخِرِهِ الجِماما
يَقودُ المَوتَ يَهديهِ إِياسٌ / عَلى جَرداءَ تَستَوفي الحِزاما
تُباري ظِلَّ مُطَّرِدٍ مُمَرٍّ / إِذا ما هُزَّ أَرعَشَ وَاِستَقاما
أَخو النَجَداتِ لا يَكبو لِضُرٍّ / وَلا مَرِحٌ إِذا ما الخَيرُ داما
لَهُ يَومانِ يَومُ لِعابِ خَودٍ / وَيَومٌ يَستَمي القُحَمَ العِظاما
مُنيرٌ يَحسُرُ الغَمَراتِ عَنهُ / وَيَجلو ضَوءُ غُرَّتِهِ الظَلاما
إِذا ما عاجِزٌ رَثَّت قُواهُ / رَأى وَطءَ الفِراشِ لَهُ فَناما
كَفاهُ الحَربَ إِذ لَقِحَت إِياسٌ / فَأَعلى عَن نَمارِقِهِ فَقاما
إِذا ما سارَ نَحوَ بِلادِ قَومٍ / أَزارَهُمُ المَنِيَّةُ وَالحِماما
تَروحُ جيادُهُ مِثلَ السَعالي / حَوافِرُهُنَّ تَهتَضِمُ السِلاما
كَصَدرِ السَيفِ أَخلَصَهُ صِقالٌ / إِذا ما هُزَّ مَشهوراً حُساما
يَظُنُّ الناسُ بِالمَلِكَي
يَظُنُّ الناسُ بِالمَلِكَي / نِ أَنَّهُما قَدِ اِلتَأَما
فَإِن تَسمَع بِلَأمِهِما / فَإِنَّ الخَطبَ قَد فَقِما
وَإِنَّ الحَربَ أَمسى فَح / لُها في الناسِ مُحتَلِما
حَديداً نابُهُ مُستَد / لِقاً مُتَخَمِّطاً قَطِما
أَتانا عَن بَني الأَحرا / رِ قَولٌ لَم يَكُن أَمَما
أَرادوا نَحتَ أَثلَتِنا / وَكُنّا نَمنَعُ الخُطُما
وَكانَ البَغيُ مَكروهاً / وَقَولُ الجَهلِ مُنتَحِما
فَباتوا لَيلَهُم سَمَراً / لِيُسدوا غِبَّ ما نَجَما
فَغَبّوا نَحوَنا لَجِباً / يَهُدُّ السَهلَ وَالأَكَما
سَوابِغَ مُحكَمِ الماذِي / يِ شَدّوا فَوقَها الحُزُما
فَجاءَ القَيلُ هامَرزٌ / عَلَيهِم يُقسِمُ القَسَما
يَذوقُ مُشَعشَعاً حَتّى / يُفيءَ السَبيَ وَالنَعَما
فَلاقى المَوتَ مُكتَنِعاً / وَذُهلاً دونَ ما زَعَما
أُباةَ الضَيمِ لا يُعطو / نَ مَن عادَوهُ ما حَكَما
أَبَت أَعناقُهُم عِزّاً / فَما يُعطونَ مَن غَشَما
عَلى جُردٍ مُسَوَّمَةٍ / عَوابِسَ تَعلُكُ اللُجُما
تَخالُ ذَوابِلَ الخَطِّي / يِ في حافاتِها أَجَما
قَتَلنا القَيلَ هامَرزاً / وَرَوَّينا الكَثيبَ دَما
أَلا يا رُبَّ ما حَسرى / سَتُنكِحُها الرِماحُ حَما
صَبَحناهُم مُشَعشَعَةً / تَخالُ مَصَبَّها رَذَما
صَبَحناهُم بِنُشّابٍ / كَفيتٍ قَعقَعَ الأَدَما
هُناكَ فِدى لَهُم أُمّي / غَداةَ تَوارَدوا العَلَما
بِضَربِهِمُ حَبيكَ البَي / ضِ حَتّى ثَلَّموا العَجَما
بِمِثلِهِمُ غَداةَ الرَو / عِ يَجلو العِزَّ وَالكَرَما
كَتائِبُ مِن بَني ذُهلٍ / عَلَيها الزَغفُ قَد نُظِما
فَلاقَوا مَعشَراً أُنُفاً / غِضاباً أَحرَزوا الغَنَما
أَتَهجُرُ غانِيَةً أَم تُلِم
أَتَهجُرُ غانِيَةً أَم تُلِم / أَمِ الحَبلُ واهٍ بِها مُنجَذِم
أَمِ الصَبرُ أَحجى فَإِنَّ اِمرَأً / سَيَنفَعُهُ عِلمُهُ إِن عَلِم
كَما راشِدٍ تَجِدَنَّ اِمرَأً / تَبَيَّنَ ثُمَّ اِنتَهى أَو قَدِم
عَصى المُشفِقينَ إِلى غَيِّهِ / وَكُلَّ نَصيحٍ لَهُ يَتَّهِم
وَما كانَ ذَلِكَ إِلّا الصَبى / وَإِلّا عِقابَ اِمرِئٍ قَد أَثِم
وَنَظرَةَ عَينٍ عَلى غِرَّةٍ / مَحَلَّ الخَليطِ بِصَحراءِ زُم
وَمَبسِمَها عَن شَتيتِ النَبا / تِ غَيرِ أَكَسٍّ وَلا مُنقَضِم
فَبانَت وَفي الصَدرِ صَدعٌ لَها / كَصَدعِ الزُجاجَةِ ما يَلتَإِم
فَكَيفَ طِلابُكَها إِذ نَأَت / وَأَدنى مَزاراً لَها ذو حُسُم
وَصَهباءَ طافَ يَهودِيُّها / وَأَبرَزَها وَعَلَيها خُتُم
وَقابَلَها الريحُ في دَنِّها / وَصَلّى عَلى دَنِّها وَاِرتَسَم
تَمَزَّزتُها غَيرَ مُستَدبِرٍ / عَنِ الشَربِ أَو مُنكِرٍ ما عُلِم
وَأَبيَضَ كَالسَيفِ يُعطي الجَزي / لَ يَجودُ وَيَغزو إِذا ما عَدِم
تَضَيَّفتُ يَوماً عَلى نارِهِ / مِنَ الجودِ في مالِهِ أَحتَكِم
وَيَهماءَ تَعزِفُ جِنّانُها / مَناهِلُها آجِناتٌ سُدُم
قَطَعتُ بِرَسّامَةٍ جَسرَةٍ / عَذافِرَةٍ كَالفَنيقِ القَطِم
غَضوبٍ مِنَ السَوطِ زَيّافَةٍ / إِذا ما اِرتَدى بِالسَراةِ الأَكَم
كَتومِ الرُغاءِ إِذا هَجَّرَت / وَكانَت بَقِيَّةَ ذَودٍ كُتُم
تُفَرِّجُ لِلمَرءِ مِن هَمِّهِ / وَيُشفى عَلَيها الفُؤادُ السَقِم
إِلى المَرءِ قَيسٍ أُطيلُ السَرى / وَآخُذُ مِن كُلِّ حَيٍّ عُصُم
وَكَم دونَ بَيتِكَ مِن مَعشَرٍ / صُباةِ الحُلومِ عُداةٍ غُشُم
إِذا أَنا حَيَّيتُ لَم يَرجِعوا / تَحِيَّتَهُم وَهُمُ غَيرُ صُم
وَإِدلاجِ لَيلٍ عَلى خيفَةٍ / وَهاجِرَةٍ حَرُّها يَحتَدِم
وَإِنَّ غَزاتَكَ مِن حَضرَمَوتَ / أَتَتني وَدوني الصَفا وَالرَجَم
مَقادَكَ بِالخَيلِ أَرضَ العَدو / وَجُذعانُها كَلَفيظِ العَجَم
وَجَيشُهُمُ يَنظُرونَ الصَبا / حَ فَاليَومَ مِن غَزوَةٍ لَم تَخِم
وُقوفاً بِما كانَ مِن لَأمَةٍ / وَهُنَّ صِيامٌ يَلُكنَ اللُجُم
فَأَظعَنتَ وِترَكَ مِن دارِهِم / وَوِترُكَ في دارِهِم لَم يُقِم
تَؤُمُّ دِيارَ بَني عامِرٍ / وَأَنتَ بِآلِ عُقَيلٍ فَغِم
أَذاقَتهُمُ الحَربُ أَنفاسَها / وَقَد تُكرَهُ الحَربُ بَعدَ السَلَم
تَعودُ عَلَيهِم وَتُمضيهِمُ / كَما طافَ بِالرُجمَةِ المُرتَجِم
وَلَم يودِ مَن كُنتَ تَسعى لَهُ / كَما قيلَ في الحَيِّ أَودى دَرِم
وَكانَت كَحُبلى غَداةَ الصَبا / حِ كانَت وِلادَتُها عَن مُتِمّ
يَقومُ عَلى الوَغمِ في قَومِهِ / فَيَعفو إِذا شاءَ أَو يَنتَقِم
أَخو الحَربِ لا ضَرَعٌ واهِنٌ / وَلَم يَنتَعِل بِقِبالٍ خَذِم
وَما مُزبِدٌ مِن خَليجِ الفُرا / تِ جَونٌ غَوارِبُهُ تَلتَطِم
يَكُبُّ الخَلِيَّةَ ذاتَ القِلا / عِ قَد كادَ جُؤجُؤُها يَنحَطِم
تَكَأكَأَ مَلّاحُها وَسطَها / مِنَ الخَوفِ كَوثَلَها يَلتَزِم
بِأَجوَدَ مِنهُ بِما عِندَهُ / إِذا ما سَمائُهُم لَم تَغِم
هُوَ الواهِبُ المِئَةَ المُصطَفا / ةَ كَالنَخلِ طافَ بِها المُجتَرِم
وَكُلَّ كُمَيتٍ كَجِذعِ الطَري / قِ يَردي عَلى سَلِطاتٍ لُثُم
سَنابِكُهُ كَمَداري الظِبا / ءِ أَطرافُهُنَّ عَلى الأَرضِ شُم
يَصيدُ النَحوصَ وَمِسحَلَها / وَجَحشَهُما قَبلَ أَن يَستَحِمّ
وَيَومٍ إِذا ما رَأَيتُ الصِوَا / رَ أَدبَرَ كَاللُؤلُؤِ المُنخَرِم
تَدَلّى حَثيثاً كَأَنَّ الصِوَا / رَ أَتبَعَهُ أَزرَقِيٌّ لَحِم
فَإِنَّ مُعاوِيَةَ الأَكرَمينَ / عِظامُ القِبابِ طِوالُ الأُمَم
مَتى تَدعُهُم لِلِقاءِ الحُرو / بِ تَأتِكَ خَيلٌ لَهُم غَيرُ جُمّ
إِذا ما هُمُ جَلَسوا بِالعَشِي / يِ فَأَحلامُ عادٍ وَأَيدي هُضُم
وَعَوراءَ جاءَت فَجاوَبتُها / بِشَنعاءَ نافِيَةٍ لِلرَقِم
بِذاتِ نَفِيٍّ لَها سَورَةٌ / إِذا أُرسِلَت فَهيَ ما تَنتَقِم
تَقولُ اِبنَتي حينَ جَدَّ الرَحيلُ / أَرانا سَواءً وَمَن قَد يَتِم
أَبانا فَلا رِمتَ مِن عِندِنا / فَإِنّا بِخَيرٍ إِذا لَم تَرِم
وَيا أَبَتا لا تَزَل عِندَنا / فَإِنّا نَخافُ بِأَن تُختَرَم
أَرانا إِذا أَضمَرَتكَ البِلا / دُ نُجفى وَتُقطَعُ مِنّا الرَحِم
أَفي الطَوفِ خِفتِ عَلَيَّ الرَدى / وَكَم مِن رَدٍ أَهلَهُ لَم يَرِم
وَقَد طُفتُ لِلمالِ آفاقَهُ / عُمانَ فَحِمصَ فَأوريشَلِم
أَتَيتُ النَجاشِيَّ في أَرضِهِ / وَأَرضَ النَبيطِ وَأَرضَ العَجَم
فَنَجرانَ فَالسَروَ مِن حِميَرٍ / فَأَيَّ مَرامٍ لَهُ لَم أَرُم
وَمِن بَعدِ ذاكَ إِلى حَضرَمَوتَ / فَأَوفَيتُ هَمّي وَحيناً أَهُم
أَلَم تَرَيِ الحَضرَ إِذ أَهلُهُ / بِنُعمى وَهَل خالِدٌ مَن نَعِم
أَقامَ بِهِ شاهَبورُ الجُنو / دَ حَولَينِ يَضرِبُ فيهِ القُدُم
فَما زادَهُ رَبُّهُ قُوَّةً / وَمِثلُ مُجاوِرِهِ لَم يُقِم
فَلَمّا رَأى رَبُّهُ فِعلَهُ / أَتاهُ طُروقاً فَلَم يَنتَقِم
وَكانَ دَعا رَهطَهُ دَعوَةً / هَلُمَّ إِلى أَمرِكُم قَد صُرِم
فَموتوا كِراماً بِأَسيافِكُم / وَلِلمَوتِ يَجشَمُهُ مَن جَشِم
وَلِلمَوتِ خَيرٌ لِمَن نالَهُ / إِذا المَرءُ أُمَّتُهُ لَم تَدُم
فَفي ذاكَ لِلمُؤتَسِي أُسوَةٌ / وَمَأرِبُ قَفّى عَلَيها العَرِم
رُخامٌ بَنَتهُ لَهُم حِميَرٌ / إِذا جاءَهُ ماؤهُم لَم يَرِم
فَأَروى الزُروعَ وَأَعنابَها / عَلى سَعَةٍ ماؤهُم إِذ قُسِم
فَعاشوا بِذَلِكَ في غِبطَةٍ / فَجارَ بِهِم جارِفٌ مُنهَزِم
فَطارَ القُيولُ وَقَيلاتُها / بِيَهماءَ فيها سَرابٌ يَطِم
فَطاروا سِراعاً وَما يَقدِرو / نَ مِنهُ لِشُربِ صَبِيٍّ فَطِم
يا لَقَيسٍ لِما لَقينا العاما
يا لَقَيسٍ لِما لَقينا العاما / أَلِعَبدٍ أَعراضُنا أَم عَلى ما
لَيسَ عَن بَغضَةٍ حُذافَ وَلَكِن / كانَ جَهلاً بِذَلِكُم وَعُراما
لَم نَطَأكُم يَوماً بِظُلمٍ وَلَم نَه / تِك حِجاباً وَلَم نُحِلَّ حَراما
يا بَني المُنذِرِ بنِ عَبيدانَ وَالبِط / نَةُ يَوماً قَد تَأفِنُ الأَحلاما
لِم أَمَرتُم عَبداً لِيَهجُوَ قَوماً / ظالِميهِم مِن غَيرِ جُرمٍ كِراما
وَالَّتي تُلبِثُ الرُؤوسَ مِنَ النُع / مى وَيَأتي إِسماعُها الأَقواما
يَومَ حَجرٍ بِما أُزِلَّ إِلَيكُم / إِذ تُذَكّي في حافَتَيهِ الضِراما
جارَ فيهِ نافى العُقابَ فَأَضحى / آئِدُ النَخلِ يَفضَحُ الجُرّاما
فَتَراها كَالخُشنِ تَسفَحُها الني / رانُ سوداً مُصَرَّعاً وَقِياما
ثُمَّ بِالعَينِ عُرَّةٌ تَكسِفُ الشَم / سَ وَيَوماً ما يَنجَلي إِظلاما
إِذ أَتَتكُم شَيبانُ في شارِقِ الصُب / حِ بِكَبشٍ تَرى لَهُ قُدّاما
فَغَدَونا عَلَيهِمُ بَكَرَ الوِر / دِ كَما تورِدُ النَضيحَ الهِياما
بِرِجالٍ كَالأَسدِ حَرَّبَها الزَج / رُ وَخَيلٍ ما تُنكِرُ الإِقداما
لا نَقيها حَدَّ السُيوفِ وَلا نَأ / لَمُ جوعاً وَلا نُبالي السُهاما
ساعَةً أَكبَرَ النَهارِ كَما شَل / لَ مُخيلٌ لِنَوئهِ أَغناما
مِن شَبابٍ تَراهُمُ غَيرَ ميلٍ / وَكُهولاً مَراجِحاً أَحلاما
ثُمَّ وَلّوا عِندَ الحَفيظَةِ وَالصَب / رِ كَما يَطحَرُ الجَنوبُ الجَهاما
ذاكَ في جَبلِكُم لَنا وَعَلَيكُم / نِعمَةٌ لَو شَكَرتُمُ الإِنعاما
وَإِذا ما الدُخانُ شَبَّهَهُ الآ / نُفُ يَوماً بِشَتوَةٍ أَهضاما
فَلَقَد تُصلَقُ القِداحُ عَلى النَي / بِ إِذا كانَ يَسرُهُنَّ غَراما
بِمَساميحَ في الشِتاءِ يَخالو / نَ عَلى كُلِّ فالِجٍ إِطعاما
وَقِبابٍ مِثلِ الهِضابِ وَخَيلٍ / وَصِعادٍ حُمرٍ يَقينَ السِماما
في مَحَلٍّ مِنَ الثُغورِ غُزاةٍ / فَإِذا خالَطَ الغِوارُ السَواما
كانَ مِنّا المُطارِدونَ عَنِ الأُخ / رى إِذا أَبدَتِ العَذارى الخِداما