القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُقَرَّب العُيُونِي الكل
المجموع : 21
أَماراتُ سِرِّ الحُبِّ ما لا يُكَتَّمُ
أَماراتُ سِرِّ الحُبِّ ما لا يُكَتَّمُ / وَأَبيَنُ شَيءٍ ما يُجِنُّ المُتَيَّمُ
ظَنَنتُ نُحُولي وَاِصفِراري مِنَ الهَوى / وَذَلِكَ مِمّا يَقتَضيهِ التَوَهُّمُ
لَعَمرُكَ ما بي مِن هَوىً غَيرَ أَنَّني / بِغُرِّ المَعالي يا اِبنَةَ القَومِ مُغرَمُ
وَقَد عَرَضَت مِن دُونِ ذاكَ فَأَحرَضَت / أُمُورٌ لَها يُستَهلَكُ اللَحمُ وَالدَمُ
إِذا خُطَّةً أَنكَرتُ مِن ذِي عَداوَةٍ / أَتاني مِنَ الأَحبابِ أَدهى وَأَعظَمُ
عَلى أَنَّني النَدبُ الَّذي يُكتَفى بِهِ / إِذا غالَها خَطبٌ مِنَ الدَهرِ مُبهَمُ
وَعِندي لِشانِيها سُيُوفٌ ثَلاثَةٌ / لِسانٌ وَرَأيٌ لا يُفَلُّ وَمِخذَمُ
وَلَستُ بِهَجّامٍ عَلى ما يَسُوءُها / وَلا ناطِقٍ بِالعَيبِ مِنّي لَها فَمُ
وَلا قابِضٍ فَضلَ الغِنى عَن فَقيرِها / وَلا باسِطٍ كَفّاً لَها حينَ أُعدِمُ
وَإِنّي لَأَقصاها إِذا ثابَ مغنَمٌ / وَإِنّي لأَدناها إِذا نابَ مَغرَمُ
وَلِي في الغِنى سَهمٌ إِذا ما أَفَدتُهُ / وَلِلدَفعِ عَن أَحسابِها مِنهُ أَسهُمُ
وَيَمنَعُني كَيدَ العَدُوِّ اِحتِقارُهُ / وَكَيد المُداجي عِفَّتي وَالتَكَرُّمُ
وَأَصفَحُ عَن جُهّالِ قَومي حَمِيَّةً / وَإِن أَسرَجُوا في هَدمِ عِزّي وَأَلجَموا
وَإِن قَطَعُوا أَرحامَ بَيني وَبَينهُم / وَصَلتُ وَذُو العَليا أَبَرُّ وَأَرحَمُ
وَأُغضي عَلى عَوراءِ قَومي وَإِنَّني / لَأَبصَرُ مِنهُم لَو أَشاءُ وَأَعلَمُ
وَأَحفَظُ وُدَّ الأَصدِقاءِ وَإِن هُمُ / إِلَيَّ بِلا جُرمٍ أَساؤُوا وَأَجرَمُوا
وَقائِلَةٍ لي وَالرِكابُ مُناخَةٌ / بِكِيرانِها تَرغُو مِراراً وَتَزغمُ
وَقَد أَيقَنَت مِنّي الرَحيلَ فَدَمعُها / تَوامٌ كَما اِنفَضَّ الجُمانُ المُنَظَّمُ
دَعِ الحلَّ وَالتِرحالَ وَالشَدَّ وَاِصطَبِر / فَصَبرُ الفَتى لَو شَقَّ أَحرى وَأَحزَمُ
وَلا تَجزَعَن إِنَّ اللَيالي بِأَهلِها / تَقَلَّبُ وَالأَيّامُ بُؤسى وَأنعُمُ
وَقَد يُصطَفى العِيرُ اللَئيمُ لِحَظِّهِ / مِراراً وَيُخفى الأَعوَجِيُّ المَطَهَّمُ
وَعاقِبَةُ الصَبرِ المُمِضِّ حَلاوَةٌ / وَإِن كانَ أَحياناً يُمِضُّ وَيُؤلِمُ
فَقُلتُ لَها وَالنَفسُ في غُلَوَائِها / تَجيشُ وَأَفكاري تَغُورُ وَتُتهِمُ
ذَريني فَإِنَّ الحُرَّ لا يَأَلَفُ الأَذى / وَقَد أَكثَرَ النَسلَ الجَديلُ وَشَدقَمُ
وَمَن يَكُ مِثلي ضَيمُهُ مِن رِجالِهِ / فَتِرحالُهُ لَو مَسَّهُ الضُرُّ أَحزَمُ
لَعَمري لَقَد طالَ اِنتِظاري وَلا أَرى / سِوى نارِ شَرٍّ كُلَّ يَومٍ تَضَرَّمُ
تَقُولينَ عُقبى الصَبرِ حُلوٌ مَذاقُهُ / وَما هِيَ إِلّا مُرَّةُ الطَعمِ عَلقَمُ
أَأَصبِرُ إِمّا شاكِياً مُتَعَتِّباً / إِلى شامِتٍ أَو باكِياً أَتَظَلَّمُ
سَأُرحِلُها إِمّا لِداعي مَنِيَّةٍ / وَإِمّا لِعِزٍّ حَوضُهُ لا يُهَدَّمُ
فَفي شاطِئِ الزَوراءِ مِن آلِ هاشِمٍ / إِمامُ هُدىً يُؤوَى إِلَيهِ فَيَعصِمُ
تَطُوفُ المُلوكُ الصِيدُ حَولَ فِنائِهِ / كَما طافَ بِالرُكنِ اليَمانِيِّ مُحرِمُ
تُرَجِّي بِهِ دِيناً وَدُنيا لِأَنَّهُ / إِلى اللَهِ في الدُنيا وَفي الدينِ سُلَّمُ
وَهَل مِثلُهُ يَومَ المَعادِ وَسيلَةٌ / إِلى اللَهِ إِلّا رَهطُهُ المُتَقَدِّمُ
أُبُوَّتُهُ إِمّا نَبِيٌّ مُعَظَّمٌ / إِلى اللَهِ يَدعُو أَو إِمامٌ مُكَرَّمُ
هُمُ القَومُ إِن مالُوا أَمالُوا وَإِن دُعُوا / أَنالُوا وَإِن خَفَّت بَنُو الحَربِ أَقدَمُوا
وَإِن وَعَدُوا أَوفُوا وَإِن قَدَرُوا عَفَوا / وَإِن سُئِلُوا النَعماءَ جادُوا وَأَنعَمُوا
وَإِن عاهَدُوا عَهداً أَصَرُوا وَحافَظُوا / وَإِن عَقَدُوا عَقداً أَمَرّوا وَأَحكَمُوا
وَإِن حارَبُوا قَوماً أَقامُوا وَأَقعَدُوا / وَإِن خُوطِبُوا يَوماً أَحَرّوا وَأَفحَمُوا
هُمُ نَزَلُوا أَحياءَ مَكَّةَ فَاِبتَنَوا / بِبَطحائِها في حَيثُ شاؤُوا وَخَيَّمُوا
وَأَضحوا وَبَيتُ اللَهِ فيهِم وَسَلَّمَت / خُزاعَةُ كُلَّ الأَمرِ فيهِم وَجُرهُمُ
وَلَم يَبقَ حَيٌّ في تِهامَةَ تُتَّقى / عَداوَتُهُ إِلّا أَذَلُّوا وَأَرغَمُوا
وَحَسبُكُمُ بِالناصِرِ المُهتَدى بِهِ / فَخاراً إِذا ما الناسُ لِلحَجِّ وَسَّمُوا
بِهِ يَرفَعُ الصَوتَ المُلَبّي وَبِاِسمِهِ / عَلى اللَهِ في دَفعِ المُلِمّاتِ يُقسِمُ
تُقِرُّ مِنىً وَالمَأزِمانِ بِفَضلِهِ / وَيَشهَدُ جَمعٌ وَالمُصَلّى وَزَمزَمُ
وَكَعبَةُ بَيتِ اللَهِ تَعلَمُ أَنَّها / لَهُ وَكَذا البَيتُ المُقَدَّسُ يَعلَمُ
وَكُلُّ بِقاعِ الأَرضِ قَد جُعِلَت لَهُ / حَلالاً فَيُعطي مَن يَشاءُ وَيَحرِمُ
وَلا دينَ إِلّا ما اِرتَضاهُ وَقالَهُ / وَحَسبُ اِمرِئٍ يَأباهُ دِيناً جَهَنَّمُ
أَضاءَت بِهِ الدُنيا سُروراً وَبَهجَةً / فَأَيّامُها تِيهاً بِهِ تَتَبَسَّمُ
وَأَلقَت إِلَيهِ بِالمَقاليدِ بُلغَرٌ / وَعُربٌ وَأَكرادٌ وَتُركٌ وَدَيلَمُ
وَما الناسُ وَالأَملاكُ إِلّا عَبيدُهُ / صَريحُهُمُ إِن يُنسَبُوا وَالمُخَضرَمُ
وَأَضحى بِهِ الإِسلامُ غَضّاً وَأَصبَحَت / عُيونُ الأَذى عَن سِربِهِ وَهيَ نُوَّمُ
وَمُذ خَفِقَت راياتُهُ وَبُنُودُهُ / فَوَجهُ بِلادِ الشِّركِ بِالضَيمِ يُلطَمُ
لَها كُلَّ يَومٍ مِنهُ شَعواءُ لا تَني / تَؤُزُّ نَواحيها وَجَيشٌ عَرَمرَمُ
وَمُذ سَلَكَت فرسانُهُ مِن دِيارِها / مَحارِمَها لَم يَبقَ لِلشِركِ مَحرَمُ
أَعَزَّ بِهِ اللَهُ الرَعِيَّةَ فَاِغتَدَت / وَلا ظالِمٌ فيها وَلا مُتَظَلِّمُ
وَخَلّي الأَذى مَن كانَ لَولا اِنتِقامُهُ / يُشَمِّرُ عَن ساقٍ لَهُ وَيُصَمِّمُ
وَمَن أَلزَمَ الأُسدَ القِصاصَ فَهَل تَرى / أُوَيساً عَلى شاءٍ بِوادِيهِ يُقدِمُ
جَنَت ما جَنَتهُ وَهي تَحسِبُ أَنَّها / مِنَ العُجبِ إِذ كانَت سِماكٌ وَمِرزَمُ
فَلَمّا رَماها بِالعُقوبَةِ لَم تَرُح / مِنَ الغابِ إِلّا وَهيَ لَحمٌ مُوَضَّمُ
فَأَصبَحَ يَرعى آمِناً في جَنابِهِ / عَتُودٌ وَسِرحانٌ وَعِيرٌ وَضَيغَمُ
إِلَيكَ سَمِيَّ المُصطَفى وَاِبنَ عَمِّهِ / تَخَطَّت بِيَ البَيداءَ وَجناءَ عَيهمُ
وَخاضَ بِيَ الرَجّافَ عارٍ عِنانُهُ / يَبيتُ بِيُمنى فارِسٍ لا يُوَهّمُ
وَحُسنُ اِعتِقادي وَالوَلاءُ أَجاءَني / إِلَيكَ وَوُدٌّ خالِصٌ لا يُجَمجَمُ
وَأَفضَلُ ما يُرجى ثَوابُ زِيارَةٍ / يَؤُمُّ بِها أَكنافَ دارِكَ مُسلمُ
إِلى كَم مُدارَاةُ العِدى وَاِحتِرامُها
إِلى كَم مُدارَاةُ العِدى وَاِحتِرامُها / وَكَم يَعتَرينا ضَيمُها وَاِهتِضامُها
أَما حانَ يا فَرعَي رَبيعَةَ أَن أَرى / بَناتِ الوَغى يَعلُو الرَوابي قَتامُها
رِدوا الحَربَ وِردَ الظامِئاتِ حِياضَها / خَوامِسَ يَغتالُ الفِصالَ اِزدِحامُها
وَخُوضُوا لَظاها بِاِقتِحامٍ فَإِنَّما / يُكَشِّفُ غَمّاءَ الحُروبِ اِقتِحامُها
ولَوذوا بِبيضِ المَشرَفِيَّةِ إِنَّها / لَها عِزَّةٌ قَعساءُ وافٍ ذِمامُها
وَلا تَركَنُوا يَوماً إِلى ذِي عَداوَةٍ / وَإِن قِيلَ هَذا عِقدُها وَنِظامُها
فَإِنَّ عُرى الأَعداءِ قَد تَعلَمونَها / سَريعٌ بِأَيدي الماسِكينَ اِنفِصامُها
وَأُقسِمُ ما عَزَّت مُلوكُ قَبيلَةٍ / غَدَت وَبِأَسبابِ العَدُوِّ اِعتِصامُها
وَلا ظَفِرَت بِالنُجحِ طُلّابُ غايَةٍ / تَروحُ وَفي كَفِّ المُعادي زِمامُها
سَلُوا عَن مُلوكٍ مِنكُمُ هَل أَفادَها / قُعُودُ عُقَيلٍ بَعدَها أَو قِيامُها
وَهَل دَفَعَت عَن ماجِدِ بنِ مُحَمَّدٍ / وَقَد كانَ مِنهُ حِلُّها وَحَرامُها
وَهَل طَلَبَت ثارَ اِبنِ شُكرٍ وَهَل حَمى / أَبا ماجِدٍ خَطِّيُها وَحُسامُها
وَهَل عَن غُرَيرٍ طاعَنَت وَبِهِ اِحتَوَت / مُناها وَبِالبَحرَينِ جارَ اِحتِكامُها
وَهَل سالَمَت مَن كانَ يَحمي جَنابَها / وَتَرعى بِهِ في كُلِّ أَرضٍ سَوامُها
جَزاءُ سِنِمّارٍ جَزاءٌ بِهِ اِقتَدَت / وَمالَ إِلَيها كَهلُها وَغُلامُها
بَنى القَصرَ حَتّى اِستَحكَمَت شُرُفاتُهُ / وَأَيَّدها آجُرُّها وَرُخامُها
وَغُودِرَ مِن أَعلى ذُراها مُنَكَّساً / وَلا ذَنبَ إِلّا حُسنُها وَاِنتِظامُها
بَذَلنا لَها مِن مالِها كُلَّ صَهوَةٍ / يُشَدَّ عَلى مِثلِ القَناةِ حِزامُها
وَصُنّا بِأَنواعِ الحَريرِ جُسُومَها / وَمَلبَسُنا صُوفُ الرُعَينا وَخامُها
وَرُحنا وَدُخنُ القَريَتَينِ طَعامُنا / وَبُرُّهُما المَحضُ المُصَفّى طَعامُها
وَمَن يَعضِ ما يُهدى لَها مِن عَطائِنا / بَساتِينُ يَشدُو بِالأَغاني حَمامُها
وَكُلُّ نَفيسٍ كانَ حَشوَ قُصُورِنا / عَدَلناهُ عَنّا فَاِحتَوَتهُ خِيامُها
وَمِنّا عَوالِيها وَمِنّا دُرُوعُها / وَمِنّا مَواضيها وَفينا كِلامُها
ذَلَلنا وَقُلنا عَلَّ في الذُلِّ راحَةً / وَعَلَّ فُحُولَ الشَولِ تُروى حِيامُها
فَلَم يُغنِ عَنا ذُلُّنا وَخُضُوعُنا / غَناءً وَلا أَموالُنا وَاِقتِسامُها
أَفي كُلِّ يَومٍ يا لَقَومي بَلِيَّةٌ / وَخُطَّةُ خَسفٍ مِن عَدُوٍّ تُسامُها
أَما وَأَبيكُم إِنَّ قَلبي لَمُوجَعٌ / لِذاكَ وَعَيني لا يَجِفُّ اِنسِجامُها
وَما عَبَرَت بِي لَيلَةٌ مُنذُ مُدَّةٍ / كَما قالَ إِلّا لَيلَةٌ لا أَنامُها
وَما ذاكَ ذُلّاً بَل بَقايا حَمِيَّةٍ / عَلى حَدَثانِ الدَهرِ باقٍ عُرامُها
وَإِنّي مِنَ القَومِ الَّذينَ إِذا اِنتَدَت / رَبيعَةُ يَوماً كانَ مِنهُم هُمامُها
أَلا يا لَقَومي مِن عَلِيِّ بنِ عَبدَلٍ / وَلِلخَطبِ يُدعى أُسدُها لا نعامُها
أَلَستُم بَني الغُرِّ الأُلى عُرِفَت لَهُم / نُفوسٌ نَفيساتُ المَعالي مَرامُها
فَإِن نَزَلُوا أَرضاً فَمِنهُم مَلِيكها / وَإِن جَمَحَت قَومٌ فَمِنهُم شَكامُها
أَتَرضونَ ذا النَقصَ الَّذي ما وَراءَهُ / وَأَنتُم إِذا صالَت مَعَدٌّ سِطامُها
وَيُودى قَتيلٌ كانَ في كُلِّ ساعَةٍ / يُجَمِّعُ أَوباشاً كَثيرٌ طَغامُها
وَيَقطَعُ طُرقَ المُسلِمينَ نَهارَهُ / عِلاناً وَلا يَثنِيهِ عَنها ظَلامُها
فَكَم مِن حِمارٍ خَرَّ عَقراً بِسَيفِهِ / وَدَوخَلَّةٍ قَد فُضَّ عَنها خِتامُها
فَإِن غَضِبَت فيها عُقَيلٌ فَأَنتُمُ / بَنو الحَربِ إِذ يُذكي لَظاها ضِرامُها
وَما نِيلَ غَدراً بَل أَتى في عِصابَةٍ / قَليلٌ مِنَ الغَدرِ الشَنيعِ اِحتِشامُها
فَأُوجِرَها نَجلاءَ طَعنَةَ ثائِرٍ / كَجَيبِ قَميصٍ لا يُرَجّى اِلتِئامُها
أَراحَ بِها مِنهُ الحَميرَ فَأَصبَحَت / تَناهَقُ في المَرعى وَيَعلُو رُدامُها
فَواسوأَتا إِن كانَ يُودى قَتيلُها / عَلى ذا وَيُدنى في حِمانا مَقامُها
وَيُقتَلُ بِالغَدرِ الصَريحِ كِرامُنا / فَتُلغى لَقَد خِبنا وَفازَت سِهامُها
أُعِيذُكُمُ أَن تَقبَلُوا ذا وَأَنتُمُ / ذُؤابَةُ أَفصى كُلِّها وَسِنامُها
فَيابا سِنانٍ قُم فَأَنتَ زَعيمُها / وَأَنتَ مُرَجّاها وَأَنتَ هُمامُها
وَفي كَفِّكَ السَيفُ الَّذي لَو سَلَلتُهُ / لقِيلَ أَرى الأَعرابَ خَصَّبَ عامُها
وَخالَ سَناهُ مَن بِنَجدٍ عَقيقَةً / يُشَقَّقُ عَنها يَومَ دَجنٍ غَمامُها
وَحَولَكَ مِن أَبنائِكَ الصِيدِ فِتيَةٌ / كَثيرٌ لِأَرواحِ العَدُوِّ اِختِرامُها
وَمِن نَسلِ جَدَّيكَ العَلِيَّينِ غِلمَةٌ / نَشَت وَبِأَبكارِ المَعالي غَرامُها
وَمَن صُلبِ إِبراهيمَ جَدِّكَ عُصبَةٌ / يَسُرُّكَ في يَومِ التَلاقي مُقامُها
أَنا الضامِنُ الراعي عَلَيها وَإِن شَكَت / مِن الغَبنِ فَهيَ الأُسدُ يُخشى رِجامُها
وَما زالَ في أَبناءِ مُرَّةَ سَيِّدٌ / بِهِ في جَسيماتِ الأُمورِ اِئتِمامُها
وَمن ذا يُسامي مُرَّةً وَبِهِ سَمَت / بَنُو عامِرٍ عِزّاً وَجازَ اِغِتشامُها
وَكَم سَيِّدٍ في مالِكٍ ذِي نَباهَةٍ / إِذا فَقَدَتهُ الحَربُ طالَ أَيامُها
وَما مالِكٌ إِلّا الحُماةُ وَإِن أَبَت / رِجالٌ فَبالآنافِ مِنها رَغامُها
وَفي حارِثٍ وَاللَيثِ غُرٌّ غَطارِفٌ / يُبِرُّ عَلى الخَصمِ الأَلَدِّ خِصامُها
وَإِنَّ لَعَمري في بَقايا مُحارِبٍ / سُيُوفُ ضِرابٍ لا يُخافُ اِنثِلامُها
وَشَيبانُ شَيبانُ الفَخارِ فَإِنَّها / أُسُودُ شَرىً سُمرُ العَوالي إِجامُها
وَمَن كانَ مِنّا مِن جَماهيرِ خِندِفٍ / وَقَيسٍ فَأَترابُ الوَغى وَنِدامُها
وَما في بَني قَحطانَ إِن شُنَّتِ الوَغى / تَوانٍ وَلا يَنبُو لَدَينا حُسامُها
وَإِنَّ لَها لَلسابِقاتِ وَإِنَّها / ليُطرِبُها طَعنُ العِدى وَاِلتِزامُها
فَيالكِرامٍ مِن نِزارٍ وَيَعرُبٍ / وَلَيسَ يُجيبُ الصَوتَ إِلّا كِرامُها
صِلُوا بِالخُطا قُصرَ السُيوفِ فَإِنَّها / تَطُولُ وَلا يُغني غَناءً كَهامُها
فَلَم يَبقَ يُرضي القَومَ إِلّا حُدودُها / وَقد طالَ فَاِسقُوها بِرِيٍّ أُوامُها
فَضَرباً وَطَعناً بِالصَوارِمِ وَالقَنا / فَلا عُذرَ حَتّى يَخضِبَ السَيفَ هامُها
وَلا تَهِنُوا وَاِستَشعِرُوا الصَبرَ جُنَّةً / وَعَزماً فَما لِلحَربِ إِلّا اِعتِرامُها
فَإِنَّكُمُ إِن تَألَمُوا فَعَدُوُّكُم / كَذاكَ وَلِلأَمرِ العَظيمِ عِظامُها
وَقد طالَ هَذا الذُلُّ وَالمَوتُ رائِحٌ / وَغادٍ وَيَأتي كُلَّ نَفسٍ حِمامُها
وَإِنَّ حَياةً هَكَذا لَذَمِيمَةٌ / يُسِرُّ المُعادي لِلمُعادي دَوامُها
وَمِن أَعجَبِ الأَشياءِ وَالدَهرُ كُلُّهُ / عَجائِب يَأتي فَذُّها وَتَوامُها
إِذا نَحنُ زِدنا في عَطايا قَبيلَةٍ / لِكَفِّ أَذاها زادَ مِنّا اِنتقامُها
هِيَ النارُ إِن شَبَّهتَها وَعَطاؤُنا / لَها حَطَبٌ ما زادَ زادَ اِضطِرامُها
فَيا ضَيعَةَ المَسعى وَكَم مِن صَنيعَةٍ / غَدَت ضَلَّةً لَم يَبقَ إِلّا مَلامُها
فَحامُوا عَنِ البِيضِ الحِسانِ فَأَنتُمُ / كَتائِبُ يَغشى ناظِرَ الطَرفِ لامُها
فَكَم قَد رَأيتُم مِن عَقيلَةِ مَعشَرٍ / يَرُوقُ عُيُوناً فَرعُها وَقَوامُها
تُباعُ وَتُشرى بِالكَسادِ ذَليلَةً / وَقَد كانَ لا يَبدُو لِخَلقٍ كَلامُها
فَإِن أَنتُمُ لَم تَمنَعُوهُنَّ فَاِصبِرُوا / لِآبِدَةٍ يَبقى عَلى الدَهرِ ذامُها
وَمَن ذَلَّ لَم يَعدَم غَشُوماً يَسُومُهُ / أَذىً فَيُرِيهِ النَبعَ خَوفاً ثُمامُها
وَهَل مَنَعت يَوماً فَتاةً كَريمَةً / قلائِدُها أَو وُشحُها أَو خِدامُها
وَهَل هُوَ إِلّا المَوتُ وَالمَوتُ فَاِعلَمُوا / يَهُونُ وَلا تَحكِيمُها وَاِصطِلامُها
وَإِلّا فَشدُّوا لِلجَلاءِ فَلَم يَعُد / سِواهُ فَعِندَ الضَيمِ تُجلى كِرامُها
فَإِن كانَ في البَحرَينِ ضيقٌ فلم تَضِق / مَنازِلُ بَكرٍ عَنكُمُ وَشَآمها
وَلا خَيرَ في دارٍ يَعيشُ بِها الفَتى / مَهيناً وَلَو جادَتهُ دُرّاً غَمامُها
كِتابُ مَشُوقٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ
كِتابُ مَشُوقٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ / مِنَ الوُرقِ إِلّا حَنَّ شَوقاً إِلَيكُمُ
مُقيمٍ بِأَرضِ المَجزَرِيِّ وَقَلبُهُ / رَهينٌ بِجَرعاءِ الشَمالِ لَدَيكُمُ
يَحِنُّ إِذا هَبَّت شَمالٌ لِأَنَّها / تُؤَدّي إِلَيكُم أَو تَمُرُّ عَلَيكمُ
أَلَم يَأنِ أَن تَنسى عَسى وَلَعَلَّما
أَلَم يَأنِ أَن تَنسى عَسى وَلَعَلَّما / وَتَترُكَ لَيتاً لِلمُعَنّى وَرُبَّما
أَمَ اِنتَ اِمرُؤٌ كَالضَبِّ قَد عَلِقَت بِهِ / حَبائِلُ عَصٍّ حالَفَ الفَقرَ أَرشَما
يَرى نَفسَهُ في كَفِّهِ وَشِفارُهُ / تُحَدُّ وَجَزلُ النارِ يَعلُو تَضَرُّما
وَيَرجُو اِنتِعاشاً إِذ يَقُولُ لِحِسلِهِ / أَرى أَنَّنا في هَذِهِ الحالِ نُوَّما
وَذا مِن هُرُوجِ اللَيلِ لا دَرَّ دَرُّها / فَكَم قَد أَخافَت آمِناً حينَ هوَّما
فَقُم غَيرَ وانٍ وَاِخلَعِ العَجزَ وَاِدَّرِع / قَميصاً مِنَ الظَلماءِ بِالنَجمِ مُعلَما
وَصاحِب لِأَحداثِ اللَيالي ثَلاثَةً / حُساماً وَنِضواً وَالقَطيعَ المُحَزَّما
وَلا تَتَعَلَّل بِالأَمانيّ ضَلَّةً / فَلَو كانَ حَيّاً صاحِبي لَتَكَلَّما
وَلا تَثنِ عِطفاً لِلدِيارِ وَكُن فَتىً / يَهُمُّ فَيَمضي في المُهِمّاتِ مُقدِما
فَما كُلُّ آفاقِ البِلادِ يَسُوسُها / لِأَربابِها مَن كانَ أَعمى وَأعَدما
فَبِع بِالتَنائِي دارَ قَومٍ تَشَبَّهُوا / بِصَبٍّ فَأَمّوا في النُهى حَيثُ يَمَّما
فَلَو لَم يَكُونوا شِبهَهُ ما تَوَهَّمَت / عُقُولُهُمُ في أَمرِهِم ما تَوَهَّما
فَمَن مُبلِغٍ قَومي عَلى أَنَّ دارَها / قَريبٌ ولَكِن لَم أَجِد مُتَكَلّما
بَنِي عَمِّنا كَم يَضبَعُ الرَحمُ شاكِياً / إِلَيَّ وَكَم يُبدي لَدَيَّ التَظَلُّما
بَني عَمِّنا مَن ذا يَسُدُّ مَكانَنا / إِذا يَومُ نَحسٍ بِالعَوالي تَأَجَّما
تَبَدَّلتُمُ الأَعداءَ مِنّا سَفاهَةً / فَيا لَأَبيكُم ما أَعَقَّ وَأَظلَما
وَأَلغَيتُمُ أَيّامنا وَاِستَمَعتُمُ / غُرورَ الأَماني وَالحَديثَ المُرَجَّما
وَكُلَّ بَني عَمٍّ سِوانا وَضِيمَةً / يُعَدُّ لَدى النُسّابِ أَصلاً مُخَضرَما
فَيا لَيتَ شِعري لَو عَرَت مُصمَئِلَّةٌ / وَفَرَّ البَلا عَن نابِهِ فَتَجَهَّما
وَآضَ التَشاكي في نِزارٍ وَأَعلَنَت / ذَوُو يَمَنٍ ما كانَ سِرّاً مُكَتَّما
أَتُغني غِنانا عَنكُمُ خُرَّمِيَّةٌ / سَواسِيَةٌ تَدعُو عَتُوداً مُزَنَّما
فَهَلّا تَرَكتُم ما اِرتَكَبتُم وَزُعتُمُ / إِلى الرُشدِ فَاِستَصلَحتُمُ ما تَرَدَّما
بَني عَمِّنا لا تَظلِمُوا الحَقَّ أَهلَهُ / وَلا تَفتَحُوا باباً إِلى الشَرِّ لَهجَما
فَأَيُّ يِدٍ لَو تَعلَمُونَ قَطَعتُمُ / فَبُدِّلتُمُ باعاً عَنِ المَجدِ أَجذَما
ضَرَبتُم بِها قِدماً عِداكُم وَصُنتُمُ / بِها المُلكَ وَاِقتَدتُم بِها مَن تَجَهضَما
بِذا يَشهَدُ القَصرُ المُشيدُ الَّذي غَدا / بِنا حَرَماً عَمَّن سِواكُم مُحَرَّما
ضَرَبنا بَني بَهرامَ عَنهُ فَأَذعَنُوا / وَكانُوا لِباعِ العِزِّ كَفّاً وَمِعصَما
وَمِلنا عَلى الأَزدِ بنِ غَوثٍ فَأصبَحَت / تُصارِعُ مَوجاً يَرجُفُ اليَمَّ أَعجَما
فَخَلّوا لَنا عَنهُ جَميعاً وَسَلَّمَت / مُلُوكُهُمُ الآرا إلَينا لِتَسلَما
وَنَحنُ حَمَيناهُ الأَعاجِمَ بَعدَما / أَقامَت تَرُومُ المُلكَ حَولاً مُحَرَّما
ضَرَبنا وُجُوهَ الشَرسَكيَّةُ دُونَهُ / وَأَقفاءَها بِالسَيفِ حَتّى تَثَلَّما
وَقَد غَرَّرتهُم مِن نِزارٍ وَيَعرُبٍ / لِشَنآنِكُم قَومٌ وَقَومٌ تَبَرُّما
فَعدنا بِبيضٍ ذَكَّرَتهُم حُدُودُها / بِما كانَ مِن أَخبارِ كِسرى وَرُستُما
فَوَلّوا وَراحَ الرُكنُ مِنهُم كَأَنَّهُ / صَريعُ عُقارٍ باتَ مِنها مُجَشَّما
وَحَولَ اِبنِ يَحيى لَم تَصاهَل جيادُنا / وَقَد كانَ بَحراً ذا عُبابٍ قَلَهذَما
أَذَالَ لَنا الأَموالَ دُرّاً وَعَسجَدا / وَتِبراً وَنَخلاً يانِعاً وَمُكَمَّما
فَعِفنا سَنِيّاتِ العَطايا حَمِيَّةً / عَلَيكُم وَدُسنا الشَرَّ حَتّى تَشَرَّما
وَحَتّى مَلَكتُم مُلكَهُ وَاِقتَصَرتُمُ / مَقاصِيرَهُ اللّاتي بَناها فَأَحكَما
وَقَد كانَ يُزجي كُلَّ يَومٍ كَتيبَةً / إِلَيكُم وَجَيشاً ذا زهاءٍ عَرَمرَما
وَقادَ إِلَيهِ الناسَ بَأسٌ وَرَغبَةٌ / وَعِزٌّ يُناصي يَذبُلاً وَيَلملَما
وَسارَ إِلَيهِ مِنكُمُ مَن عَلِمتُمُ / فَكانَ لَنا لَو نَبتَغي ذاكَ سُلَّما
وَلَكِنَّنا كُنّا لَكُم خَيرَ إِخوَةٍ / يَلُوذُ بِها الجاني وَيَرمي إِذا رَمى
فَكَم تَمضُغُ الأَيّامُ لَحمي وَأَنتُمُ / نُيوبٌ لَها تَستَهلِكُ اللَحمَ وَالدَما
بِكُم بَلَغَت مِنّي الأَعادي وَمِنكُمُ / لَقِيتُ البَلايا السُودَ فَذّاً وَتَوأَما
وَجُرِّعتُ في أَيّامِكُم بِأَكُفِّكُم / كُؤُوساً أَرَتني العَيشَ صاباً وَعَلقَما
وَمِلتُم مَعَ الدَهرِ الخَؤونِ فَكادَني / وَحَلَّلَ في نَفسي وَمالي وَحَرَّما
وَلَو لَم تَكُونُوا جُندَهُ لَتَقَطَّعَت / مَعاقِمُهُ دُوني فَأَخذى وَأَجحَما
وَرَأَّمتُمُوني كُلَّ ذِي عَيدَهِيَّةٍ / بَعِيدَ الرِضا إِن أُعطِهِ الحَقَّ بَرشَما
يَرى نَفسَهُ عُوجاً وَلَولا اِستِماعُكُم / أَباطِيلَهُ كانَ المَهينَ المُقَرقَما
أَقولُ لَهُ أَنتَ الرَشيدُ وَقَد أَرى / قُداراً بِعَيني في قباهُ وَمَنشَما
هَدَمتُم صَياصي قومِكُم وَبَنيتُمُ / صَياصِيَ قَومٍ حَقُّها أَن تُهَدَّما
سَأَرحَلُ لا مُستَوحِشاً لِفِراقِكُم / وَلا أَسَفاً يَوماً وَلا مُتَنَدِّما
فَإِن حَنَّ قَلبي نَحوَكُم أَو شَكا جَوىً / فَصادَفَ مِن زُرقِ الأَسِنَّةِ لَهذَما
وَإِن دَمَعَت عَينايَ سَوقاً إِلَيكُمُ / فَعَوَّضتُها مِن ذَلِكَ الدَمعُ بِالعَمى
وَإِن عارِض الرُكبانِ يَسأَلُ عَنكُمُ / لِساني فَوافَيتُ القِيامَةَ أَبكَما
وَلا جَمَعَتنا آخِرَ الدَهرِ نِيَّةٌ / إِلى أَن يَضُمَّ البَعثُ عاداً وَجُرهُما
فَما فُرقَةُ القالِينَ عِندي رَزِيَّةٌ / أُقيمُ لَها في نَدوَةِ الحَيِّ مَأتَما
وَإِنَّ الكَريمَ الحرَّ يَشنَى مُقامَهُ / بِأَرضٍ يَرى فيها السَلامَةَ مَغنَما
وَما خَيرُ أَرضٍ لا يَزالُ كَريمُها / مُهاناً وَنَذلُ القَومِ فيها مُكَرَّما
صُعُودُ العُلا إِلّا عَلَيكَ حَرامُ
صُعُودُ العُلا إِلّا عَلَيكَ حَرامُ / وَعَيشٌ سِوى ما أَنتَ فيهِ حِمامُ
وَكُلُّ غَمامٍ لَم تُثِر غادِياتِهِ / رِياحُ نَدى كَفَّيكَ فَهوَ جَهامُ
وَما المَجدُ إِلّا ما بَنَيتَ وَشادَهُ / بِعَزمِكَ بَأسٌ صادِقٌ وَحُسامُ
وَلا سَعيَ إِلّا دُونَ سَعيِكَ فَليَنَم / وَيَدري اِمرُؤٌ ناواكَ كَيفَ يَنامُ
وَأُقسِمُ لَولا صِدقُ بَأسِكَ لَاِغتَدَت / قوى مُررِ العَلياءِ وَهيَ رِمامُ
وَلَو لَم تُلافِ المُلكَ مِن صَرعَةِ الرَدى / لَكُشِّمَ عِرنِينٌ وَجُبَّ سَنامُ
لِيَرقَ غَبيٌّ رامَ شَأوَكَ في العُلا / عَلى ظلعِهِ فَالنَجمُ لَيسَ يُرامُ
وَكَيفَ تُغاليكَ السِيادَةَ مَعشَرٌ / سَهِرتَ لَها اللَيلَ الطَويلَ وَنامُوا
بِكَ العِزُّ أَضحَت شَمسُهُ مُستَنيرَةً / وَكانَ عَلَيها لِلخُمُولِ قَتامُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ أَنتَ إِذا غَدا / فِئامٌ تُساقيهِ الحُتُوفَ فِئامُ
وَرِثتَ العُلى عَن أَحمَدٍ وَمُحَمَّدٍ / وَفَضلٍ وَكُلٌّ في العَلاءِ إِمامُ
وَإِنَّ لِمَسعُودٍ إِذا اِشتَجَرَ القَنا / لَطَعنٌ يَردُّ الجَيشَ وَهوَ لُهامُ
وَما الناسُ إِلّا آلُ فَضلِ بنِ عَبدَلٍ / إِذا جَلَّ خَطبٌ أَو تَنَكَّرَ عامُ
مَقالهُمُ فَذٌّ إِذا وَعَدُوا الغِنى / وَضَربُهُمُ تَحتَ العَجاجِ تَوامُ
مَساميحُ طَعّانُونَ وَالخَيلُ تَدَّعي / وَطَيرُ المَنايا وُقَّعٌ وَحُيامُ
وَما مِنهُمُ إِلّا هُمامٌ أَتى بِهِ / أَعَزُّ مِنَ اِولادِ المُلوكِ هُمامُ
يَرُوحُ الفَتى لِلكَدِّ مِنهُم وَما لَهُ / سِوى البَدرِ خِدنٌ وَالنُجُومِ نُدامُ
وَلا مالَ إِلّا ذابِلٌ وَمُهَنَّدٌ / وَسَرجٌ عَلى ذي أَولَقٍ وَلِجامُ
وَدِرعٌ كَأنَّ البيضَ وَالقُضبَ وَالقَنا / إِذا صافَحتَها بُورَقٌ وَثُمامُ
نَكالٌ لِجانٍ غَيرِهِم فَإِذا جَنَوا / فَبَردٌ عَلَيهِم ما جَنوا وَسلامُ
هُمُ القَومُ إِن حامَ المُحامُونَ أَقدَمُوا / وَإِن حَبَسَ القَومُ السَوامَ أَسامُوا
وَإِن رَحَلَ الأَحياءُ عَن قُربِ مَنزِلٍ / لِخَوفٍ بَنوا في جَوِّهِ وَأَقامُوا
وَإِنَّ لَهُم بِالأَريحِيِّ مُحَمَّدٍ / لَفَخراً لَهُ فَوقَ الأَنامِ مصامُ
فَتى الحَربِ يَومَ البيضُ في الهامِ تَنحَني / وَيَومَ العَوالي في الصُدورِ تُقامُ
وَلِلطَيرِ مِن نَقعِ المَذاكي مَواكِنٌ / وَلِلأرضِ مِن قاني الدِماءِ ذِمامُ
هَديرُ فُحُولِ الشَولِ حينَ تُحِسُّهُ / كَشِيشٌ وَزَأرُ المُخدراتِ بُغامُ
إِذا هَمَّ أَمضى هَمَّهُ لَو تَساقَطَت / أَكُفٌّ وَأَقدامٌ لِذاكَ وَهامُ
أَخُو الطَعنَةِ النَجلاءِ تَحسبُها فَماً / تَثَأَّبَ في حَيثُ الكَلامِ كَلامُ
لِصَمصامِهِ هامُ العِدى وَلِرُمحِهِ / كُلاها وَلِلبَوغا دَمٌ وَعِظامُ
ذُراهُ حَياةٌ لِلصَديقِ شَهِيَّةٌ / وَلُقياهُ مَوتٌ لِلعَدُوِّ زُؤامُ
تَفِرُّ كُماةُ الحَربِ مِنهُ كَأَنَّها / وَإِيّاهُ بازي مَرقَبٍ وَحَمامُ
حِذارَ فَتىً لَو صَكَّ بِالسَيفِ ضارِباً / شَماماً لَقال الناسُ أَينَ شَمامُ
صَوارِمُهُ مُذ لَم تَزَل وَرِماحُهُ / بِهِنَّ إِلى ماءِ النُحورِ أُوامُ
أَبَت عِزَّةً أَن تَقبَلَ الضَيمَ نَفسُهُ / وَذُو العِزَّةِ القَعساءِ كَيفَ يُضامُ
وَآلى وَلَم يَستَثنِ أَن ضاعَ نَبلُهُ / وَلَو حالَ عامٌ دُونَ ذاكَ وَعامُ
سَما لِلعلا رَتاً سُمُوَّ اِبنِ حُرَّةٍ / نَجيبٍ نَمتهُ مُنجِبُونَ كِرامُ
وَسامَ حِمى الأَعداءِ خَسفاً وَسَوَّمَت / بِهِ المالَ سامٌ في البِلادِ وَحامُ
وَساسَ رَعاياهُ بِرَأفَةِ وَالِدٍ / وَسَطوَةِ لَيثٍ هَيَّجَتهُ سَوامُ
حَليمٌ إِذا ما الحِلمُ كانَ نَباهَةً / وَفيهِ غَرامٌ إِن يُهَج وَعُرامُ
إِذا فَحلُ قَومٍ هاجَ وَاِنحَلَّ قَيدُهُ / فَفي سَيفِهِ قَيدٌ لَهُ وَخِزامُ
وَإِن نَبَّ في حَيٍّ عَتُودٌ فَعِندَهُ / حَصاةٌ بِها تُوجا الخُصى وَفِطامُ
فَيا مُفرِغاً في كَيدِهِ جُهدَ نَفسِهِ / لخَيرٌ مِنَ السَعيِ الغَوِيِّ نُوامُ
وَيا طامِعاً في نَيلِ ما نالَ مِن عُلاً / مَتى صَدَقَ الظَنَّ الكَذوبَ مَنامُ
وَيا باسِطاً كَفّاً لِإِدراكِ شَأوِهِ / بِكَفِّكَ فَاِضمُمها إِلَيكَ جُذامُ
وَيا مُضمِراً بَغضاءَهُ جُنَّ أَو فَمُت / فَداؤُكَ لا عُوفيتَ مِنهُ عُقامُ
لَهُ هَيبَةٌ مِلءُ الصُدُورِ وَعَزمَةٌ / تُريهِ الجِبالَ الشُمَّ وَهيَ إِكامُ
وَما زالَ يُغضي وَالمُلوكُ تَهابُهُ / وَيَقعُدُ وَالأَعداءُ مِنهُ قِيامُ
فَيا لائِماً في بَسطِ كَفِّ مُحمَّدٍ / مَتى لِيمَ في أَن يَستَهِلَّ غَمامُ
عَدا الذَمَّ عَنهُ وَالمَلامَ مُحمَّدٌ / وَمُنتَجَبُ الآباءِ كَيفَ يُلامُ
أَلا أَيُّها الملَكُ الَّذي لا جَنابُهُ / بِوَعرٍ وَلا مَن في خِباهُ يُضامُ
إِلَيكَ خَدَت بِي عَوهَجٌ شَدقَمِيَّةٌ / لَها السَوطُ عَن رَعيِ الخَميمِ كِعامُ
تَضِلُّ فَيَهدِيها سَناكَ كَأَنَّما / سَناكَ لَها دُونَ الزِمامِ زِمامُ
وقَد أَصبَحَت في خَيرِ دارٍ مُناخَةً / لَدى خَيرِ مَلكٍ في الأَنامِ يُشامُ
فَأَنتَ الَّذي لَولاهُ ما عُرِفَ النَدى / وَلا فُضَّ لِلفِعلِ الجَميلِ خِتامُ
وَلا كانَ لِلعَلياءِ أُمٌّ وَلا أَبٌ / نِصابٌ وَلا لِلمَكرُماتِ نِظامُ
أَيَجمُلُ أَن أُجفى وَأُنفى وَعِندَكُم / لِمَن لَيسَ مِثلي عِيشَةٌ وَمُقامُ
وَيُقبَلُ قَولُ الخَصمِ فِيَّ تَحامُلاً / وَأَسهَرُ خَوفاً مِنكُمُ وَيَنامُ
وَتُقطَعُ أَرحامي وَتُلغى مَوَدَّتي / وَيُقعَدُ بِي ما بَينَكُم وَيُقامُ
وَتُذنِبُ أَقوامٌ فَتُعزى ذُنوبُها / إِلَيَّ وَأُلحى عِندَكُم وَأُلامُ
هَبُونِيَ جاراً لِاِبنِ عَمٍّ مُصافِياً / فَلِلجارِ مِنكُم حُرمَةٌ وَذِمامُ
فَكَم مِن هُمامٍ قَد عَفا وَهوَ مُحرَجٌ / وَجادَ بِصَفحٍ وَالذُنوبُ عِظامُ
وَذُو المَجدِ لا يَستَغرِقُ الجَهلُ حِلمَهُ / وَلَو قَعَدَ الواشُونَ فيهِ وَقامُوا
لَقَد كُنتُ أَرجُو أَن أُرى في جَنابِكُم / وَلِي مِن نَداكُم سابِقٌ وَحُسامُ
إِذا كُنتُ أَخشاكُم وَأَخشى عَدُوَّكُم / فَإِنَّ حَياتي شِقوَةٌ وَغَرامُ
فَإِن كانَ ذَنبٌ فَاِترُكُوهُ لِما مَضى / وَهَل هُوَ إِلّا إِذ يُعَدُّ كَلامُ
وَوَاللَهِ ما أَوضَعتُ فيما يُريبُكُم / وَلا شُدَّ لِي يا قَومِ فيهِ حِزامُ
وَإِنّي لمنكُم سُؤتُمُ أَو سُرِرتُمُ / إِلى أَن يُوارِيني ثَرىً وَرِجامُ
أَلَستُ الَّذي سَيَّرتُ فيكُم غَرائِباً / لِكُلٍّ إِلَيها إذ تَمُرُّ هُيامُ
أَلَيسَ أَبي في الإِنتِسابِ أَباكُمُ / عَلى أَنَّني عَبدٌ لَكم وَغُلامُ
أَما اِجتيحَ مالي في هَواكُم وَأُسهِرَت / بِذا السِجنِ عَيني وَالعُيونُ نِيامُ
فَراعُوا ذِمامي قدرَ ظَنِّي فَكُلُّنا / صَدىً عَن قَريبٍ في التُرابِ وَهامُ
فَلَم يَبقَ إِلّا أَن تُزَمَّ رَكائِبي / وَيُصبِحَ كَيدٌ بَينَنا وَسَنامُ
فَخَيرٌ مِنَ الأَحساءِ إِن دامَ عُتبُكُم / أُشَيٌّ وَوادِى مَنهَمٍ وَنَعامُ
وَما ذاكَ مِنّي بِاِختيارٍ وَلا رِضاً / وَلَكِن يَحِلُّ الشَيءُ وَهوَ حَرامُ
وَلَم أَرَ أَشقى مِن كَريمٍ بِبَلدَةٍ / يَجُرُّ وَيَجني غَيرُهُ وَيُلامُ
وَإِنَّكُمُ دِرعي وَسَيفي وَساعِدي / وَتُرسي إِذا ضَمَّ الكُماةَ زِحامُ
وَما لي لِسانٌ غَيركُم إِن تَطاوَلَت / عَلَيَّ رِجالٌ وَاِستَمَرَّ خِصامُ
فَلا تَسمَعُوا فِيَّ الوُشاةَ فَإِنَّهُم / لَأَكذبُ مِن آلٍ رَأتهُ حِيامُ
فَإِنّيَ سَيفٌ قاطِعٌ مِن سُيُوفِكم / وَبَعضُ السُيوفِ المُنتَقاةِ كَهامُ
وَمِن أَجلِ قُرباكُم حُسِدتُ وَسُدِّدَت / إِلَيَّ نِصالٌ لِلعِدى وَسِهامُ
فَبُورِكتُمُ يا آلَ فَضلٍ فَإِنَّكُم / ضِياءٌ وَبَعضُ المالِكينَ ظَلامُ
وَلا زالَ يُهدى كُلَّ يَومٍ إِلَيكُمُ / عَلى القُربِ مِنّي وَالبعادِ سَلامُ
أَيدي الحَوادِثِ في الأَيّامِ وَالأُمَمِ
أَيدي الحَوادِثِ في الأَيّامِ وَالأُمَمِ / أَمضى مِنَ الذَكَرِ الصَمصامَةِ الخَذِمِ
فَلا يَظُنَّنَّ مَن طالَت سَلامَتُهُ / أَنَّ المَقادِيرَ أَعطَتهُ عُرى السَلمِ
كُلٌّ بِما تُحدِثُ الأَيّامُ مُرتَهَنٌ / وَكُلُّ غايَةِ مَوجُودٍ إِلى عَدَمِ
مَن سَرَّهُ الدَهرُ صِرفاً سَوفَ تَمزُجُهُ / لَهُ تَصارِيفُهُ مِن صَفوَةِ النِقَمِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُنيا وَزِينَتُها / وَلَو حَبَتكَ بِحُمرِ الخَيلِ وَالنَعَمِ
فَما اللَذاذَةُ في عَيشٍ وَغايَتُهُ / مَوتٌ يُؤَدِّيكَ مِن قَصرٍ إِلى رُجَمِ
يا غافِلاً لَعِبَ الظَنُّ الكَذُوبُ بِهِ / خَفِ العَواقِبَ وَاِحذَر زَلَّةَ القَدَمِ
وَاِنظُر إِلى حَسَنٍ في حُسنِ صُورَتِهِ / جاءَت إِلَيهِ صُروفُ الدَهرِ مِن أُمَمِ
لَم يَحمِهِ صارِمٌ قَد كانَ يَخضِبُهُ / يَومَ النِزالِ مِنَ الأَعناقِ وَالقِمَمِ
وَلا جَوادٌ أَقَبُّ الظَهرِ مُنجَرِدٌ / يَهوي بِهِ كَهُوِيِّ الأَجدَلِ القَطِمِ
وَلا الغَطارِفُ مِن بَكرٍ وَإِخوَتِها / مِن تَغلِب الغُلبِ أَهلِ البَأسِ وَالكَرَمِ
كانُوا يُفَدُّونَهُ بِالخَيلِ مُسرَجَةً / وَالمالِ وَالآلِ وَالأَولادِ وَالحَشَمِ
إِيهاً بَني وائِلٍ قَد ماتَ لَيثُكُمُ / فَاِبكُوا عَلَيهِ بِدَمعٍ وَاكِفٍ وَدَمِ
قَد كانَ إِن نَزَلَت دَهياءُ مُظلِمَةٌ / وَخامَ عَنها حُماةُ القَومِ لَم يَخِمِ
وَإِن نَبا زَمَنٌ أَو عَضَّ ناجِذُهُ / أَعطي العُفاةَ بِلا مَنٍّ وَلا سَأَمِ
مَضى وَلَم يَدرِ ما سُكرُ الشَبابِ وَلا / أَمالَهُ الغَيُّ عَن رُشدٍ إِلى أَثَمِ
وَلا تَخَطّى بُيُوتَ الحَيِّ مُبتَجِحاً / جَذلانَ يَخطُرُ مُختالاً عَلى قَدَمِ
وَلَم يَكُن هَمُّهُ شُربَ المُدامِ وَلا / شَدُوَ المَزاهيرِ بِالأَوتارِ وَالنَغَمِ
لَكِنَّ هِمَّتَهُ مالٌ يُقَسِّمُهُ / عَلى العُفاةِ وَإِقدامٌ عَلى البُهُمِ
وَلَم يَزَل صائِماً طَوعاً لِخالِقِهِ / وَبِالدُجى قائِماً في حِندِسِ الظُلَمِ
فَيا أَبا جَعفَرٍ لا زِلتَ في دَعَةٍ / لا تَجزَعَن فَقَضاهُ غَيرُ مُتَّهَمِ
وَيا أَبا حَسَنٍ صَبراً فَكُلُّ فَتىً / مُفارِقٌ وَحَياةُ المَرءِ كَالحلُمِ
وَالمَوتُ كُلُّ اِمرِئٍ لا بُدَّ ذائِقُهُ / تَقاصَرَ العُمرُ أَو أَدّى إِلى الهرَمِ
أَينَ المُلوكُ وَأردافُ المُلوكِ وَمَن / سادَ القبائِلَ مِن عادٍ وَمِن إرَمِ
وَأَينَ طَسمٌ وَأَولادُ التَبابِعِ مِن / أَولادِ حِميَرَ وَالساداتُ مِن عَمَمِ
وَأَينَ آلُ مُضاضٍ في قَبائِلِها / مِن جُرهُمٍ ساكِني بَحبوحَةِ الحَرمِ
أَفناهُمُ وَأَدارَ الكَأسَ مُترَعَةً / في وائِلٍ فَسَقاها غَيرَ مُحتَشِمِ
أَردى اِبنَ مُرَّةَ هَمّاماً وَكانَ لَهُ / عَقدُ الرِئاسَةِ عَن آبائِهِ القِدَمِ
وَمانِعَ الجارِ جَسّاساً أُتيحَ لَهُ / سَهمُ المَنونِ عَلى عَمدٍ فَلَم يَرُمِ
وَالحَوفَزانَ الَّذي كانَت تَنُوءُ بِهِ / بَكرٌ سَقاهُ بِكاساتٍ مِنَ النِقَمِ
وَفارِسَ العَرَبِ العَرباءِ إِن ذُكِرَت / بسطامَ مَدَّ إِلَيهِ كَفَّ مُختَرِمِ
فَاِبتَزَّهُ مُلكَهُ غَصباً وَأَنزَلَهُ / فَوقَ التُرابِ عَفيرَ الخَدِّ والقَسِمِ
وَعافرَ الفِيلِ يَومَ القادِسِيَّةِ قَد / سَقاهُ كاسَ الرَدى صِرفاً بِغَيرِ فَمِ
وَقَد أَذاقَ شَبيباً في شَبيبَتِهِ / كَأسَ الحُتُوفِ بِلا سَيفٍ وَلا سَقَمِ
والمَزيَدِيِّينَ غالَتهُم غَوائِلُهُ / وَاِجتَاحَهُم مُزبِدٌ مِن سَيلِهِ العَرِمِ
وَلَم تَدع هانِئاً وَهوَ الَّذي اِنتَصَفَت / بِهِ الأَعارِيبُ وَاِستَولَت عَلى العَجَمِ
وَالحارِثَ بنَ عُبادٍ غالَهُ وَسَطا / بِجَحدَرٍ فارِسِ التَحلاقِ لِلَّمَمِ
وَالحارِثَ بنَ سَدُوسٍ لَم يَهَب عَدَداً / فِيهِم بَنُوهُ وَلَمّا يَكتَرِث بِهِمِ
وَالجعدَ مَسلَمَةً لَم يَحمِهِ فَدَنٌ / بَناهُ والِدُهُ إذ كانَ ذا هِمَمِ
وَهَوذَةَ بنَ عَلِيٍّ حَطَّ مُنتَزِعاً / عَن رَأسِهِ التاجَ عَمداً غَيرَ مُحتَشِمِ
وَشيخَ عِجلٍ أَبا مَعدانَ عاجَلَهُ / مِنهُ الحِمامُ فَلَم يُطلَب لَهُ بِدَمِ
وَفارِسَ العَرَبِ العَربا وَسَيِّدَها / أَعني كُلَيباً قَريعَ العُربِ وَالعَجَمِ
لَم يَحمِهِ عَدَدٌ مَجرٌ وَلا دَفَعَت / عَنهُ المَنِيَّةَ إِذ جاءَت بنُو جُشَمِ
وَلَم يَكُن لِعَدِيٍّ بَعدَهُ عِصَمٌ / مِنهُ وَكانَ عَدِيٌّ أَيَّ مُعتَصِمِ
وَآلَ كُلثُومَ ساداتِ الأَراقِمِ لَم / يَترُك لَهُم مِن حِمى حامٍ ولا حَرَمِ
أُولَئِكَ الغُرُّ مِن ساداتِ قَومِكُما / أَهلُ النُهى وَاللُهى وَالعَهدِ وَالذِّمَمِ
وَهَذِهِ شِيَمُ الدُنيا وَعادَتُها / فِيمَن مَضى أَو بَقى مِن سائِرِ الأُمَمِ
إِلامَ أُناجي قَلبَ حَيرانَ واجِمِ
إِلامَ أُناجي قَلبَ حَيرانَ واجِمِ / وَأَنظُرُ عُودي بَينَ لاحٍ وَعاجِمِ
أُقَضِّي نَهارِي بِالزَفيرِ وَأَنَّةٍ / وَأَقطَعُ لَيلي بِالدُموعِ السَواجِمِ
كَأَنّي لِأَحداثِ اللَيالي رَذِيَّةٌ / أُقيمَت سَبيلاً لِلخُطوبِ الهَواجِمِ
وَفي الأَرضِ لِي مَندُوحَةٌ وَمُراغَمٌ / تقرُّ بِهِ عَيني وَتَحلُو مَطاعِمي
بِحَيثُ يَراني الدَهرُ سَعداً وَأَغتَدي / وَقَد حُذِيَت رِجلايَ مِنهُ بِسالِمِ
وَأَسطُو عَلى أَحداثِهِ مِثلَ ما سَطا / عَلَيَّ فَتَبقى وَاهِياتِ الدَعائِمِ
وَأَجتابُ مِن ظِلِّ الخِلافَةِ وارِفاً / يَقي الضُرَّ فَيناناً وَحَرَّ السَمائِمِ
بِمَغنى أَميرِ المُؤمِنينَ الَّذي غَدا / لَهُ مَنسِمٌ يَعلُو جَميعَ المَخاطِمِ
سَمِيُّ النَبيِّ المُصطَفى وَاِبنُ عَمِّهِ / وَمالِكُ أَعناقِ المُلوكِ الخَضارِمِ
نَماهُ أَبُو الفَضلِ الَّذي لَم تَزَل بِهِ / بَنُو الجَذبِ تُسقى في السِنينِ العَقائِمِ
وَحَلَّ الذُرى مِن شَيبَةِ الحَمدِ وَاِرتَقى / إِلى ضِئضئِ العَلياءِ مِن صُلبِ هاشِمِ
وَأَحيا خِلالاً سَنَّها في زَمانِهِ / قُصَيٌّ أَبو ساداتِها وَالبَراجِمِ
لَيالِيَ يُدعى في قُرَيشٍ مُجَمِّعاً / بِجَمعِ ذَويها في فنونِ المَحارِمِ
إِمامُ هُدىً يَدعُو إِلى اللَهِ مُرشِداً / لِكُلِّ البَرايا عُربِها وَالأَعاجِمِ
بِعَدلٍ وَإِحسانٍ وَنُصحٍ وَرَأفَةٍ / وَزُهدٍ وَبُرهانٍ وَكَفٍّ وَصارِمِ
تَناحَلَهُ آباءُ صِدقٍ تَوارَثُوا / كِرامَ المَساعي عَن جُدُودٍ أَكارِمِ
فَما اِحتَلَّ إِلّا صُلبَ كُلِّ خَلِيفَةٍ / مُحِيطٍ بِأَحكامِ الشَريعَةِ عالِمِ
إِذا العَرَبُ العَرباءُ يَوماً تَفاخَرَت / بِذي العِزِّ مِن ساداتِها وَالقُماقِمِ
وَجاؤُوا بِقَيسٍ وَاِبنِهِ وَبِمَعبَدٍ / وَكَعبٍ وَأَوسٍ وَاِبنِ سَلمى وَحاتِمِ
سَماهُم جَميعاً ثُم لمت بِفَترَةٍ / إِلى جُودِ بَحرٍ مِنكُمُ مُتلاطِمِ
إِذا جُدتُم أَفضَلتُمُ فَبِفَضلِكُم / نَجُودُ فَمِنكُم فَضلُ تِلكَ المَكارِمِ
فَلولاكُمُ لَم يُدعَ فَضلٌ وَجَعفَرٌ / بِجُودٍ وَلا اِنهَلَّت نَدىً كَفُّ قاسِمِ
وَلا عَرَفَ الناسُ اِبنَ سَهلٍ وَلا شَدا / بِمَدحِ اِبنِ وَهبٍ ناظِمٌ بَعدَ ناظِمِ
يَقُولُونَ هُم أَرضٌ وَأَنتُم سَماؤُها / وَأَيمانُكُم فِيها مَكانُ الغَمائِمِ
فَإِن أَنتُمُ أَمطَرتُموها تَحَدَّثَت / وَجادَت وَآتَت أُكلَها كُلَّ طاعِمِ
وَإِن أَنتُمُ أَغفَلتُمُوها تَضاءَلَت / وَلَم يَنتَفِع فيها أُوَامٌ لِحائِمِ
بِكُم يُؤمِنُ اللَهُ البِلادَ وَيُصلِحُ ال / عِبادَ وَيَعفُو عَن ثِقالِ الجَرائِمِ
وَأَنتُم مَصابيحُ الظَلامِ وَقادَةُ ال / أَنامِ وَسَدٌّ لِلبلا المُتفاقِمِ
وَفِيكُم أَقامَ اللَهُ أَعلامَ دِينِهِ / وَلَولاكُمُ كُنّا مَعاً كَالبَهائِمِ
تَخَيَّرَكُم رَبُّ العُلا وَاِصطَفاكُم / وَطَهَّرَكُم مِن كُلِّ ذَمٍّ وَذائِمِ
وَآتاكُمُ فَصلَ الخِطابِ وَمُحكَمَ ال / كِتابِ وَمُلكاً زاهِياً غَيرَ زائِمِ
فَأَوضَحتُمُ سُبلَ الهُدى وَكَشَفتُمُ / عَنِ الحَقِّ أَغشاءَ العَمى المُتراكِمِ
وَقَوَّمتُمُ بِالسَيفِ مَن مالَ خَدُّهُ اِص / عِراراً وَلَم يَشمَخ بِأَنفٍ لِخاصِمِ
فَكَم هامَةٍ لِلكُفرِ راحَت وَهامُها / نِعالاً لِأَيدي خَيلِكُم في المَلاحِمِ
فَقُل لِدُعاةِ الشَرقِ وَالغَربِ أَقصِرُوا / وَكُفّواً وَإِلّا تَقرَعُوا سِنَّ نادِمِ
فَما الحَقُّ إِلّا دَعوَةٌ هاشِميَّةٌ / هِيَ الحَقُّ لا دَعوى غَوِيٍّ وَغاشِمِ
بِها أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ / يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَقد الدَعائِمِ
أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً / تَرى الشِركَ مِن شَدّاتِها في مَآتِمِ
تَبيتُ طَواغِيتُ النِفاقِ لِهَمِّهِ / كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورُ الشَياهِمِ
تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَهابَةٌ / ثَوَت وَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ
فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى / سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ
فَتُزعِجُها حَتّى كَأَن قَد أَصابَها / مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ
فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ / إِذا النَومُ سَلّى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ تَجَشَّمَت / بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ
فَكَم مَتنِ ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتُهُ / عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرِ واهِ العَزائِمِ
وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا / بِهِمَّةِ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ
فَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً / بِنُعماكَ مِن أَيدي الزَمانِ الغَواشِمِ
وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ / يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي
فَأَعرانِيَ الوَالي المَشُومُ وَفاتَني / بِما حُزتُهُ مِن ضَيعَةٍ وَدَراهِمِ
فَمالَ عَلى حالي وَمالي وَثَروَتي / مَآلي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ
وَبِتُّ عَزائي السِجنُ في مُدلَهِمَّةٍ / يُجاوِبُني فِيها ثِقالُ الأداهِمِ
وَأَخرَجَني مِن بَعدِ يَأسٍ وَقَد أَتى / عَلى نَشبي أَشكُو إِلى غَيرِ راحِمِ
وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي / رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتَراكِمِ
وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ / عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ
فَبورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ / تَزيدُ عَلى فَيضِ البُحُورِ الخَضارِمِ
وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً / لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ
فَناجَيتُ نَفسي خَالياً حَيثُ لَم أَجِد / مِنَ القَصدِ بُدّاً وَاِستَشَرتُ عَزائِمي
وَمِلتُ إِلى بَعضِ المُلوكِ فَأَجهَشَت / إِلَيَّ وَجاشَت فَوقَ مِلءِ الحَيازِمِ
فَسَكَّنتُها بِالشَدِّ مِنّي بِرحلَةٍ / إِلَيكَ فَأَبدَت ثَغرَ جَذلانَ باسِمِ
وَبَشَّرتُ أَهلي بِالغِنى حَيثُ مَرجِعي / إِلَيهِم عَلى أَنفٍ مِنَ الدَهرِ راغِمِ
فَجِئتُ وَقَد نالُوا السَماءَ وَأَيقَنُوا / بِأَنَّ الغِنى أَضحى كَضَربَةِ لازِمِ
وَلَم أَمتَدِح خَلقاً سِواكَ لِمالِهِ / فَأَحظى بِنَيلٍ أَو بِعَضِّ الأَباهِمِ
وَإِنّي لَأَرجُو مِن أَياديكَ نَفحَةً / عَلى الدَهرِ يَبقى ذِكرُها في المَواسِمِ
أُفيدُ بِها مَجداً وَأكبِتُ حاسِداً / وَأَعلُو بِها هامَ المُلوكِ الغَوانِمِ
وَكَم عاشَ مِثلي في نَداكَ مُؤَمِّلاً / عَظيماً يُرَجّى لِلأُمُورِ العَظائِمِ
عَنّي إِلَيكِ حَوادِثَ الأَيّامِ
عَنّي إِلَيكِ حَوادِثَ الأَيّامِ / ما كُلُّ يَومٍ يُستَطاعُ خِصامي
لا تَحسَبي الصَحبَ الَّذينَ عَهِدتِهِم / صَحبي وَلا تِلكَ الخِيامَ خِيامي
أَنا مَن عَرَفتِ فَأَوقِدي نارَ الوَغى / ما بَينَنا وَتَعَرَّفي إِقدامي
إِن كانَ قَد أَدمى حُسامُكِ مَفرقي / ظُلماً لَسَوفَ تَرَينَ وَقعَ حُسامي
لا يُطمِعَنَّكِ فِيَّ هُلكُ مُقَدَّمٍ / فَالقَوسُ قَوسي وَالسِهامُ سِهامي
وَمُقَدَّمٌ لا شَكَّ طَودٌ باذِخٌ / يَعلُو عَلى الهَضَباتِ وَالآكامِ
وَلَقَد فَقَدنا مِنهُ أَروَعَ ماجِداً / سَهلَ الجَنابِ مُؤَدَّبَ الخُدّامِ
كَم مُقلَةٍ ذَرَفَت عَلَيهِ وَكَم حَشىً / لِمَماتِهِ حُشِيَت بِنارِ غَرامِ
يا طِيبَ دَولتِهِ الَّتي أَيّامُها / شِيَةُ الزَمانِ وَغُرَّةُ الأَيّامِ
لَو كانَ يَفدِيهِ الرَدى لَفَدَيتُهُ / بِأَكارمِ الأَخوالِ وَالأَعمامِ
يا شامِتاً جَهلاً بِيَومِ وَفاتِهِ / صَبراً فَما الدُنيا بِدارِ مُقامِ
إِن كانَ ذَاكَ العَرشُ ثُلَّ فَقَد رَسى / في إِثرِهِ عَلمٌ مِنَ الأَعلامِ
أَو كانَ ذاكَ السَيفُ فُلَّ فَقَد أَتى / سَيفٌ إِذا ما سُلَّ غَيرُ كَهامِ
في أَيِّ يَومٍ لَم نُصَب بِمُتَوَّجٍ / ضَخمِ الدَسيعَةِ صادِقِ الإِقدامِ
لَكِنَّ فينا عِندَ كُلِّ مُصيبَةٍ / تَستَوكِفُ العَبَراتِ صَبرُ كِرامِ
وَإِذا مَضى مِنّا هُمامٌ ماجِدٌ / لَم يَمضِ إِلّا عَن طَريقِ هُمامِ
هَل شَدَّ عَقدَ التاجِ بَعدَ مُقَدَّمٍ / إِلّا فَتى قَومي وَسِلكُ نِظامي
مَن في المُلوكِ إِذا تُعَدُّ كَفاضِلٍ / لِعَطا الرَغائِبِ أَو لِضَربِ الهامِ
مَلِكٌ إِذا قابَلتَ غُرَّةَ وَجهِهِ / مُستَجدِياً قابَلتَ بَدرَ تَمامِ
وَإِذا نَظَرتَ إِلى اِنهِلالِ يَمينِهِ / يَومَ النَوالِ رَأَيتَ فَيضَ غَمامِ
وَإِذا اِنتَضى العضبَ المُهَنَّدَ وَاِعِتَزى / أَيقَنت أَنَّ اليَومَ يَومُ صِدامِ
لَو لَم يَقُم في المُلكِ ضاعَ وَلَم يَعُد / عُمرَ السِنينِ وَمُدَّةَ الأَعوامِ
يَوماهُ يَومُ نَدىً وَيَومُ وَغىً فَما / دامَت صَوارِمُهُ فَهُنَّ دَوامِ
وَالكَرُّ بَعدَ الفَرِّ عادَتُهُ إِذا / ضاقَ المَكَرُّ وَقيلَ بِالإِحجامِ
كَم وَقعَةٍ تَرَكَ العِدى وَجِباهُها / لِلسَيفِ ساجِدَةٌ عَلى الأَقدامِ
وَلَطالَما خَلّى الرُؤوسَ كَأَنَّها / لِلبُعدِ ساخِطَةٌ عَلى الأَجسامِ
طَودٌ إِذا ما الحِلمُ كانَ نَباهَةً / وَإِذا يُهاجُ فَأَيُّ لَيثِ زِحامِ
أَمضى عَلى الأَهوالِ مِن ذي رَونَقٍ / صافي الحَديدَةِ مِخذَمٍ صَمصامِ
مُتَوَقِّدُ العَزَماتِ تَأبى نَفسُهُ / لَغوَ الحَديثِ وَمَجلِسَ الآثامِ
لَو أَنَّ لِلعَضبِ المُهَنَّدِ عَزمَهُ / لَأَراكَ كَالشَمّامِ صَخرَ شَمامِ
لَو أَنَّ لِلضِرغامِ بَعضَ إِبائِهِ / لَاِستَبدَلَ الآكامَ بِالآجامِ
لَو أَنَّ لِلبَحرِ الخِضَمِّ سَماحَهُ / لَغَدا مَقِيلَ العِينِ وَالآرامِ
ما حاتِمٌ في الجُودِ يَعدِلُهُ وَلا / كَعبٌ وَلا قَيسٌ أَبُو بِسطامِ
إِقدامُ جَسّاسٍ وَعِزَّةُ هانِئٍ / وَعَفافُ بِسطامٍ وَنَفسُ عِصامِ
مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجُوهِ أَعِزَّةٍ / سُمحٍ عَلى العِلّاتِ غَيرِ لِئامِ
وَقِرى النُفوسِ إِذا تَحَطَّمَتِ القَنا / في الدارِعينَ وَفَرَّ كُلُّ مُحامِ
لا يَفزَعُونَ إِذا الصَريخُ دَهاهُمُ / إِلّا إِلى الإِسراجِ وَالإِلجامِ
وَإِذا الرِجالُ تَحَلَّلَت آراؤُها / كانُوا وُلاةَ النَقضِ وَالإِبرامِ
وَإِذا السُنونُ تتَابَعَت أَلفَيتَهُم / كَنزَ العُفاةِ وَكافِلي الأَيتامِ
مَلَكُوا الأَقاليمَ العِظامَ وَأَهلَها / بِالمُرهَفاتِ البيضِ لا الأَقلامِ
وَتَفَيَّحُوا كُلَّ البِلادِ وَسُيِّرَت / أَخبارُهُم في مَغرِبٍ وَشَآمِ
إِن فُوخِرُوا جاؤُوا بِفَضلٍ ذي النَدى / وَبِجَعفَرٍ وَشَبِيبٍ القَمقامِ
وَأَبى سِنانٍ وَاِبنِهِ وَمُحمَّدٍ / مُدني اليَسارِ وَمُبعِدِ الإِعدامِ
يا اِبنَ المُلوكِ النازِلينَ مِنَ العُلى / في كُلِّ ذِروَةِ غارِبٍ وَسَنامِ
يَفديكَ لِلعَلياءِ كُلُّ مُضَلَّلٍ / أَعمى عَنِ المَعرُوفِ أَو مُتَعامِ
وَليَهنِكَ المُلكُ الَّذي أَسَّستَهُ / بِالكُرهِ مِن شانيكَ وَالإِرغامِ
وَاِرفَع وَضَع وَاِقطَع وَصِل وَاِمنَع وَهَب / وَاِنفَع وَضُرَّ وَقُم وَسامِ وَرامِ
وَاِخفِض جَناحَكَ لِلعَشيرَةِ وَاِرعَها / بِرِعايَةِ الإِجلالِ وَالإِعظامِ
وَاِشدُد يَداً بِأَبي قِناعٍ إِنَّهُ / نِعمَ المُحامي دُونَها وَالحامي
وَاِشكُر لَهُ السَعيَ الَّذي اِنقادَت بِهِ / لَكَ وُلد سامٍ حَيثُ شِئتَ وَحامِ
وَاِرضَ الَّذي يَرضى وَقَدِّم أَمرَهُ / وَأَطِعهُ طاعَةَ مُقتَدٍ لِإِمامِ
وَأَبُو قِناعٍ غَيرُ نِكسٍ إِن عَرى / خَطبٌ شَديدُ الأَخذِ بِالأَكظامِ
الطاعِنُ الفُرسانَ كُلَّ مُرِشَّةٍ / تَنثاعُ مِن خَلفٍ وَمِن قُدّامِ
وَالمُطعِمُ الضِيفانَ مِن قَمَعِ الذُرى / عَبطاً إِذا ما ضُنَّ بِالجُلّامِ
أَحيا جُرَيّاً في السَماحَةِ وَاِبتَني / شَرَفاً أَنافَ عُلىً عَلى بَهرامِ
لَم يَبقَ في حَيّي نِزارٍ مِثلُهُ / لِسَدادِ ثَغرٍ أَو لِعَقدِ ذِمامِ
يُنمى إِلى الشُمِّ الغَطارِفِ وَالذُرى / مِن حارِثٍ وَالسادَةِ الحُكّامِ
وَلِحارِثٍ عُرِفَت رِئاسَةُ عامِرٍ / في جاهِلِيَّتِها وَفي الإِسلامِ
لَيسُوا كَقَومٍ كُلُّ ما عُرِفُوا بِهِ / ثِقلُ النُفوسِ وَخِفَّةُ الأَحلامِ
لا زلتَ مَحرُوسَ الجَنابِ مُؤَيَّداً / بِالنَصرِ مَحبُوّاً بِكُلِّ مَرامِ
تَسَلطَنَ بِالحَدباءِ عَبدٌ بِلُؤمِهِ
تَسَلطَنَ بِالحَدباءِ عَبدٌ بِلُؤمِهِ / بَصِيرٌ بَلى عَن نَيلِ مَكرُمَةٍ عَمِ
إِذا أَيقَظَتهُ لَفظَةٌ عَرَبِيَّةٌ / إِلى المَجدِ قالَت أَرمَنِيَّتُهُ نَمِ
قالُوا الدُبَيثِيُّ ذُو قُوافٍ
قالُوا الدُبَيثِيُّ ذُو قُوافٍ / مُحكَمَةُ النَظمِ مُستَقِيمَه
فَقُلتُ بُعداً لَكُم وَسُحقاً / فَكُلُّ أَفهامِكُم سَقِيمَه
شِعرُ الدُبَيثِيِّ لَو عَقلتُم / أَبرَدُ مِن أُمِّهِ اللَئِيمَه
هُوَ الَّذي تَعلَمُونَ كَلبٌ / فَهَل لِنَبحِ الكِلابِ قِيمَه
إِنّا إِلى اللَهِ مِن طَغامٍ / تَعتَقِدُ الفَضلَ في بَهِيمَه
وَاللُؤمُ وَالشُؤمُ مِنهُ جُزءٌ / وَالغَدرُ وَالإِفكُ وَالنَميمَه
وَيُنسَبُ العارُ وَالدَنايا / طُرّاً إِلى أُمِّهِ القَديمَه
مَتى يَمُت تَصرُخُ المَخازِي / يا أَبَتا واشَقا اليَتِيمَه
بَعدكَ حَلَّت بِنا أُمُورٌ / مُقعِدَةٌ لِلعُوا مُقِيمَه
راحَت جُيُوشُ الضَلالِ فَوضى / قَد هُزِمَت أَسوَأَ الهَزيمَه
وَأَدرَكَ الحَقُّ بَعدَ ذُلٍّ / مِنّا بِآثارِهِ المُنِيمَه
مِن أَينَ لِلظُلمِ باطِنِيٌّ / مثلُكَ يَستَصغِرُ العَظِيمَه
يَومُكَ أَبقى أَخاكَ ديناً / إِبليسَ مُستَهلَكَ العَزيمَه
قَد كُنتَ رِدءاً لَهُ تُساوي / كُلَّ شَياطِينِهِ الرَجيمَه
مَن كُنتَ أَوصَيتَ بِالمَعاصي / مِن هَذِهِ العُصبَةِ الأَثِيمَه
مَن لأَذى ماجِدٍ كَريمٍ / خَلَّفتَ أَو حرَّةٍ كَريمَه
بَعدَكَ ما فُتِّشَت حَصانٌ / وَلا اِشتَكي مُوهَنٌ هَضِيمَه
وَأَطلَقُوا الحُضرَ وَالبَوادي / وَالعُزلَ وَالبيضَ عَن صَريمَه
يُظَنُّ أَنَّ الإِلَهَ أَهدى / لِذا الوَرى نَظرَةً رَحيمَه
يا فَرحَةَ النارِ يَومَ تَأتي / إِلى دِيارِ البَلا وَذِيمَه
كَم يَتَلَقّاكَ مِن زَبانٍ / قَساوَةُ الطَبعِ فيهِ شِيمَه
مِثلَ تَلَقّيكَ سُفنَ ماءٍ / تَحمِلُ مِن بابلٍ لَطِيمَه
إِنَّ بَغِيّاً غَذَتكَ طِفلاً / فَيما أَتَتهُ لَمُستَلِيمَه
لِأَنَّها قَد رَأَت عِياناً / شُؤمَكَ مُذ أَنتَ في المَشيمَه
كَم عِثتَ في بَظرِها بِعَضٍّ / أَورَثَها الشَهوَةَ الذَميمَه
تَطلُبُ مِنها المَنِيَّ قُوتاً / وَلَيسَ بِالصُورَةِ الوَسيمَه
فَهيَ تُنادي الزُناةَ هُبّوا / إِلى حِرٍ يُشبِهُ الأَطِيمَه
وَلَيسَ يَرويكَ غَيرُ ماءٍ / يَنصَبُّ فيها اِنصِبابَ دِيمَه
وَساعَةَ الوَضعِ جِئتَ بَثناً / غادَرتَ وَجعاءَها كَلِيمَه
وَحينَ أَكمَلتَهُنَّ سَبعاً / ملتَ إِلى الصَنعَةِ الذَميمَه
كَسَّدتَ سُوقَ العُلوقِ حَتّى / تَرَكتَ أَبوابَها رَديمَه
حَتّى لَقَد راحَ كُلُّ عِلقٍ / عَلَيكَ في قَلبِهِ سَخِيمَه
كَم مارِدٍ في صِباكَ عاتٍ / صِدتَ بِنَغماتِكَ الرَخيمَه
وَكَم لَعَمري مِن أَلفِ صادٍ / سَطَت بِها مِنكَ فردَ مِيمَه
حَتّى إِذا نَشَت بَعدَ حينٍ / وَطالَتِ اللِّحيَةُ اللَئيمَه
أَصبَحتَ عَشّارَ أَرض سُوءٍ / ما بَرِحَت أَرضُها مَضيمَه
أَسَّسَها شَرُّ آدَمِيٍّ / بِذاكَ كُلُّ الوَرى عَليمَه
قَومُهُ بَعضُهُم بِبَعضٍ / وَأَنتَ مِنهُم أَقَلُّ قِيمَه
قاتَلَكَ اللَهُ كَم تَعامى / وَتَعكِسُ السُنَّةَ القَويمَه
تُلزِمُ زادَ الغَريبِ مَكساً / وَثَوبَهُ يا لَها عَظيمَه
مَهلاً فَلِلظّالِمينَ حَتماً / مَصارِعٌ كُلُّها وَخِيمَه
لِقاؤُكَ عامُهُ يَومٌ قَصيرٌ
لِقاؤُكَ عامُهُ يَومٌ قَصيرٌ / لَدَيَّ وَيَومَ لا أَلقاكَ عامُ
وَما هَذا التَفَرُّقُ بِاِختِياري / وَلَكِن طالَما عَزَّ المَرامُ
عَداني أَن أَزُورَكَ حادِثاتٌ / إِذا ذُكِرَت تَذوبُ لَها العِظامُ
مَتى رُمتَ النُهوضَ تَعَلَّقَت بي / هُمُومٌ لا تُنيمُ وَلا تَنامُ
إِذا هَمٌّ أَطَقتُ بِهِ قِياماً / أَتى ما لا يُطاقُ بِهِ قِيامُ
فَلا تَتَوَهَّمَن لِيَ عَنكَ صَبراً / مَتى صَبِرَت عَنِ الماءِ الحيامُ
فَلَو في الخُلدِ كُنتُ وَلَم أُمَتَّع / بِقُربِكَ لَم يَلَذَّ لِيَ المُقامُ
عَلَيكَ وَكُلِّ أَرضٍ أَنتَ فيها / مِنَ اللَهِ التَحِيَّةُ وَالسَلامُ
بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ
بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ / بِناءُ المَعالي وَاِقتِناءُ المَكارِمِ
وَفي صَهَواتِ الخَيلِ تَدمى نُحُورها / شِفاءٌ لِأَدواءِ القُلوبِ الحَوائِمِ
وَلَيسَ بِبِسمِ اللَهِ قُدّامَ بلغَةٍ / فَخارٌ لِجَعدِ الكَفِّ جَعدِ المَلاغِمِ
وَما الفَخرُ إلّا الطَعنُ وَالضَربُ وَالنَدى / وَرَفضُ الدَنايا وَاِغتِفارُ الجَرائِمِ
وَلَفُّ السَرايا بِالسَرايا تَخالُها / حِرارَ الحِجازِ أَو بِحارَ اللَواطِمِ
تَقَحَّمَها قُدماً إِلى المَوتِ فِتيَةٌ / تَرى عِيشَةً في الذُلِّ حَزَّ الغَلاصِمِ
خَلِيلَيَّ مِن عَمرِو بنِ غَنمِ بنِ تَغلِبٍ / ذَراني فَإِنّي لِلعُلا جِدُّ هائِمِ
وَما السُمرُ عِندي غَيرُ خَطِّيَّةِ القَنا / وَما البيضُ عِندي غَيرُ بِيضِ اللَهازِمِ
وَلا تَذكُرَا الصَهباءَ ما لَم تَكُن دَماً / وَلا مُسمِعاً ما لَم يَكُن صَوتَ صارِمِ
فَإِنّي أُحِبُّ الشُربَ في ظِلِّ قَسطَلٍ / مَجالِسُهُم فيهِ ظُهورُ الصُلادِمِ
وَأَهوى اِعتِناقَ الدارِعينَ وَأَجتَوي / عِناقَ بُنَيّاتِ الخُدورِ النَواعِمِ
وَمَن طَلَبَ العَلياءَ جَرَّدَ سَيفَهُ / وَخاضَ بِهِ بَحرَ الرَدى غَيرَ وَاجِمِ
فَما عُظِّمَت قِدماً قُرَيشٌ وَوائِلٌ / عَلى الناسِ إِلّا بِاِرتِكابِ العَظائِمِ
وَمَن لَم يَلِج بِالنَفسِ في كُلِّ مُبهَمٍ / يَعِش عَرَضاً لِلذُلِّ عَيشَ البَهائِمِ
وَمَن لَم يَقُدها ضامِراتٍ إِلى العِدى / تُقَد نَحوَهُ عُوجُ البُرى وَالشكائِمِ
فَما اِنقادَتِ الأَشرارُ إِلّا لِغاشِمٍ / لَهُ فيهِمُ فَتكُ الأُسُودِ الضَراغِمِ
فَمَن رامَ أَن يَستَعبِدَ الناسَ فَليَمِل / عَلَيهِم بِأَطرافِ القَنا غَيرَ راحِمِ
فَأَكثَرُ مَن تَلقى لِسانُ مُسالِمٍ / وَتَحتَ جَآجي الصَدرِ قَلبُ مُصادِمِ
كَلامٌ كَأَريِ النَحلِ حُلوٌ وَإِنَّهُ / لَأَخبَثُ غِبّاً مِن لُعابِ الأَراقِمِ
فَيا خاطِبَ العَلياءِ لَيسَ مَنالُها / بِرَفعِ الغَواشي وَاِتِّخاذِ التَراجِمِ
فَدَع عَنكَ ذِكراها فَبَعضُ صَداقِها / وَرُودُ المَنايا وَاِحتِمالُ المَغارِمِ
وَلا تَبسُطَن كَفّاً إِلَيها وَخَلِّها / لِأَروَعَ يُغلي مَهرَها غَيرَ نادِمِ
وَخَف سَيفَ بَدرِ الدِينِ وَاِحذَر فَإِنَّهُ / لَأَغيَرُ مِن لَيثٍ جَرِيِّ المَقادِمِ
فَلَيسَ لَها كُفؤٌ سِواهُ فَإِن تَكُن / يَسارَ الغَواني تُخصَ ضَربَةَ لازِمِ
أَلا إِنَّ بَدرَ الدّينِ تَأبى طِباعُهُ / نَظيراً وَفي هِندِيِّهِ فَضلُ قائِمِ
هُوَ المَلِكُ السَامي إِلى كُلِّ غايَةٍ / مَراهِصُها لا تُرتَقى بِالسَلالِمِ
إِذا هَمَّ أَمضى عَزمَهُ بِكَتائِبٍ / حِمى المَلِكِ المُردى بِها غَيرُ سالِمِ
جَرى وَجَرَت كُلُّ المُلوكِ إِلى العُلى / فَجَلّى جَلاءَ الأَعوَجِيِّ المُتائِمِ
جَوادٌ إِذا ما الخُورُ عامَت فِصالُها / وَلَم يَبقَ في أَخلافِها فُطرُ صائِمِ
يُسَرُّ بِمَرأى النازِلينَ بِبابِهِ / سُرورَ أَبٍ بِاِبنٍ مِن الغَزوِ قادِمِ
هُوَ البَحرُ إِذ لَو زاحَمَ البَحرُ مَدَّهُ / لَأَربى عَلَى تَيّارِهِ المُتَلاطِمِ
هُوَ السَيفُ بَل لَو أَنَّ لِلسَيفِ عَزمَهُ / لَشَقَّ الطُلا وَالهامَ قَبلَ التَصادُمِ
هُوَ الشَمسُ بَل لَو قابَلَ الشَمسَ بشرُهُ / لَما اِستوضحَت إِلّا كَحَلقَةِ خاتِمِ
عَلا في النَدى أَوساً وَفي الزُهدِ وَالتُقى / أُوَيساً وَفي الإِغضاءِ قَيسَ بنَ عاصِمِ
وَأَولى الرَعايا عَدلَ كِسرى وَساسَها / سِياسَةَ مَيمُونِ النَقيبَةِ حازِمِ
تَهادى رَعاياهُ اللَطيمَةَ بَينَها / وَكَم مِثلها في مِثلِ حَرِّ الأَطايِمِ
وَيُمسي قَريرَ العَينِ مَن في جَنابِهِ / وَإِن كانَ نَائي الدارِ جَمَّ الدَراهِمِ
إِذا جادَ لَم يُذكَر لِفَضلٍ وَجَعفَرٍ / سَماحٌ وَلَم يُحفَل بِكَعبٍ وَحاتِمِ
وَإِن قالَ أَلغى الناسُ سَحبانَ وائِلٍ / وُقسّاً وَما فاها بِهِ في المَواسِمِ
وَإِن صالَ أَنسى حارِساً وَمُهَلهِلاً / وَعَمراً وَبسطاماً وَحار بنَ ظالِمِ
سَلِ الخَيلَ عَنهُ وَالكُماةُ كَأَنَّها / قِيامٌ عَلى مَوجٍ مِنَ النارِ جاحِمِ
أَلَم يَكُ أَمضاها جَناناً وَصارِماً / وَلِلبيضِ وَقعٌ في الطُلا وَالجَماجِمِ
وَكَم هامَةٍ حَسناءَ راحَت جِباهُها / نِعالاً لِأَيدي خَيلِهِ في المَلاحِمِ
لَقَد أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ / يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَبلِ الدَعائِمِ
أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً / يُقيمُ اِصعِرارَ الأَبلَجِ المُتَضاخِمِ
دَعاهُ لِنَصرِ الدِّينِ خَيرُ خَليفَةٍ / وَما زالَ يُدعى لِلأُمورِ العَظائِمِ
فَلَبّى مُطيعاً لِلإِمامِ وَحَسبُهُ / بِذا مَفخَراً في عُربِها وَالأَعاجِمِ
فَقادَ إِلى الإِفرَنجِ جَيشاً زُهاؤُهُ / عَديدُ الحَصا ذا أَزمَلٍ وَزَمازِمِ
وَجَيشاً يُواري الشَمسَ رَيعانُ نَقعِهِ / إِلى التُركِ إِذ جاؤُوا لِهَتكِ المَحارِمِ
إِذا التَترُ الباغُونَ ذاقُوا لِقاءَهُ / تَمَنّوا بِأَن كانُوا دَماً في المَشائِمِ
جُيوشٌ هِيَ الطُوفانُ لا رَملُ عالِجٍ / وَلا جَبَلُ الأَمرارِ مِنها بِعاصِمِ
مُعَوَّدَةٌ نَصرَ الإِلَهِ فَما غَزَت / مَنيعَ حِمىً إِلّا اِنثَنَت بِالغَنائِمِ
إِذا ما دَعَت يابا الفَضائِلِ أَرعَدَت / فَرِيصَ الأَعادي فَاِتَّقَت بِالهَزائِمِ
سَتَبقى بِهِ الإِفرِنجُ وَالتُركُ ما بَقَت / كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورَ الشَياهِمِ
تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَخافَةٌ / ثَوَت فَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ
فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى / سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ
فَتُزعِجُها حَتّى كَأن قَد أَصابَها / مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ
فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ / إِذا النَومُ أَسرى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ
إِلَيكَ طَوَت يابا الفَضائِلِ وَاِمتَطَت / بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ
فَكَم مَتن ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتهُ / عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرَ وَاهي العَزائِمِ
وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا / بِعَزمَةٍ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ
وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ / يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي
فَمالَ عَلَى مالي وَحالي وَثَروَتي / وَجاهي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ
وَظَلتُ أُعاني السِجنَ في قَعرِ هُوَّةٍ / سَماعي وَأَلحاني غِناءُ الأَداهِمِ
وَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً / بِنعماكَ مِن أَيدي الخُطوبِ الغَواشِمِ
وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي / رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتراكِمِ
وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ / عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ
فَبُورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ / تُبِرُّ عَلى فَيضِ البِحارِ الخَضارِمِ
وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً / لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ
أَبَت لَكَ العِزَّةُ القَعساءُ وَالكَرَمُ
أَبَت لَكَ العِزَّةُ القَعساءُ وَالكَرَمُ / أَن تَقبَلَ الضَيمَ أَو تَرضى بِما يَصِمُ
وَطالَبَتكَ العُلى إِنجازَ ما وَعَدَت / فِيكَ المَخائِلُ طِفلاً قَبلَ تَحتَلِمُ
وَأَقبَلَت نَحوَكَ الأَيّامُ مُذعِنَةً / طَوعاً لِأَمرِكَ وَاِنقادَت لَكَ الأُمَمُ
فَاِنهَض وَسِر وَاِفتَحِ الدنيا فَقَد ضَمِنَت / لَكَ المَهابَةُ ما تَهوى وَتَحتَكِمُ
فَالبِيضُ ماضِيَةٌ وَالسُمرُ قاضِيَةٌ / وَالخَيلُ خاضِبَةٌ أَطرافها زَلَمُ
خَيلٌ مَتى صَبَّحتَ حَيّاً بِيَومِ وَغىً / فَما لِمُستَعصِمٍ مِن بَأسِها عِصَمُ
قَد عُوِّدَت كُلَّ يَومٍ خَوضَ مَعرَكَةٍ / ضيوفُ أَبطالِها العِقبانُ وَالرَخَمُ
وَوَسَّمَتها العَوالي في مَناخِرِها / طَعناً كَما وَسَّمَت آنافَها الحَكَمُ
يَحمي فَوارِسَها يَومَ الوَغى مَلِكٌ / حامي الذِمارِ لَهُ في الغايَةِ القدَمُ
رَحبُ الذِراعِ إِذا ما هَمَّ أَنجَدَهُ / عَزمٌ بِهِ جَوهَرُ العَلياءِ مَنتَظِمُ
كَأَنَّهُ مِن تَمامِ الخَلقِ جاءَ بِهِ / عادٌ أَبُو السَلَفِ الماضِينَ أَو إِرَمُ
عَفُّ السَريرَةِ حَمّالُ الجَريرَةِ وَل / لاجُ الظَهيرَةِ وَالمَعزاءُ تَضطَرِمُ
أَرسى قَواعِدَ مُلكٍ كانَ أَسَّسَها / قِدماً أَبُوهُ وَبَحرُ المَوتِ يَلتَطِمُ
مِن قَبلِ أَن قِيلَ رَثَّ المَجدُ وَاِنفَصَمَت / عُرى المَعالي وَماتَ العَهدُ وَالذِّمَمُ
وَقالَ قَومٌ تَوَلّى المُلكَ مُنصَرِفاً / عَن آلِ فَضلٍ لَقَد ضَلّوا وَقَد وَهِمُوا
وما دَرَوا أَنَّ فَضلَ الجُودِ يُكذِبُهُم / عَمّا قَليلٍ بِما في زَعمِهِم زَعَمُوا
وَيَجلِبُ الخَيلَ كَالعِقبانِ يَقدُمُها / عَلَيهِمُ القُورُ وَالغِيطانُ وَالأَكَمُ
سَواهِماً لَم تَزَل تَدمى شَكائِمُها / مِمّا تَصَلصَلُ في أَشدَاقِها اللُجُمُ
يا آلَ فَضلٍ أَماتَ اللَهُ حاسِدَكُم / غَيظاً ثِبُوا في ذُرى العَلياءِ وَاِعتَزِمُوا
فَفيكُمُ البَيتُ مِن عَدنانَ تَعرِفُهُ / إِذا اِلتَقت لِلفخارِ العربُ والعَجَمُ
بَيتٌ سَما فَرعُهُ فَوقَ السَما وَرَسى / في التُربِ حَتّى اِنتَأَت عَن أَصلِهِ التُخُمُ
بَناهُ صادِقُ بَأسٍ في الوَغى وَنَدىً / غَمرٌ فَلَيسَ عَلى الأَيّامِ يَنهَدِمُ
عِمادُهُ الفَضلُ وَاِبناهُ وَمَركَزُهُ / مُحمَّدٌ خَيرُ مَن نِيطَت بِهِ الأُدُمُ
جَرّارُ كُلِّ كَثيفِ النَقعِ ذِي لَجَبٍ / كَأَنَّما السُمرُ في حافاتِهِ أَجَمُ
تَساقَطَ الطَيرُ رَزحى في جَوانِبِهِ / وَالوَحشُ تَخطِفُها الأَيدي فَلا تَرِمُ
خابَت ظُنون رِجالٍ بايَعُوا وَسَعوا / في قَتلِهِ وَهَفَت أَحلامُهُم وَعَمُوا
بِئسَ الأَمانِيُّ مَنَّتهُم نُفُوسُهُمُ / جَهلاً وَيا قُربَ ما فاجاهُمُ النَدَمُ
مُنُوا بِأَروع تَتلُوهُ خَضارِمَةٌ / أَماجِدٌ مارَسُوا الهَيجا وَما اِحتَلَمُوا
مُستَرعِفٍ بِلِواءِ النَصرِ يَحمِلُهُ / نَهدُ المَراكِلِ مَمسُودُ القَرى زَهِمُ
مِمّا حَباهُ أَميرُ المُؤمِنينَ بِهِ / لما أَتَتهُ بِهِ الوَخّادَةُ الرَسَمُ
مُستَعصِماً وَاثِقاً بِالنَصرِ مِنهُ وَهَل / يَخيبُ مَن بِالإِمامِ البَرِّ يَعتَصِمُ
أَجابَهُ حينَ ناداهُ وَقَرَّبَهُ / أَشَمُّ في راحَتَيهِ لِلنَدى دِيَمُ
أَغَرُّ أَبلَجُ مِن آلِ النَبِيِّ بِهِ / يُستَدفَعُ البُؤسُ وَالضَرّاءُ وَالنِّقَمُ
فَلَو يَشاءُ لَزَجّاها مُلَملَمَةً / لا مَعقلٌ عاصِمٌ مِنها وَلا أُطُمُ
تَحوي مِنَ التُركِ وَالأَعرابِ كُلَّ فَتىً / كَأَنَّهُ أَجدَلٌ مُستَلحِمٌ قَطِمُ
لَكِنَّهُ اِختارَ إِبقاءً وَعارِفَةً / وَهَكَذا تَفعَلُ الأَخلاقُ وَالشِيَمُ
فَنالَ ما كانَ يَرجُوهُ وَأَيَّدَهُ / بِالنَصرِ عَدلٌ قَضاهُ لَيسَ يُتَّهَمُ
فَاِسلم وَعِش لِلعُلا ما ناحَ ذُو شَجَنٍ / وَما تَعاقَبَتِ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
وَليَهنك المُلكُ يا تاجَ المُلوكِ وَلا / زالَت تُباكِرُك السَرّاءُ وَالنِعَمُ
فَأَنتَ حِصنٌ لَنا عالٍ نَلُوذُ بِهِ / إِن عَضَّنا الدَهرُ أَو زَلَّت بِنا القَدَمُ
وَهَذِهِ دَولَةٌ لَولا الرَجاءُ لَها / لَما اِنجَلَت كُربَةٌ عَنّا وَلا غُمَمُ
عِشنا بآمالِها دَهراً وَبَلَّغَنا / إِدراكَها وَاحِدٌ فَردٌ لَهُ القِدَمُ
فَالحَمدُ وَالشُكرُ مِنّا وَاجِبانِ لَهُ / لا يَنفَدانِ جَميعاً ما جَرى القَلَمُ
قُمُ فَاِشدُدِ العِيسَ لِلتِرحالِ مُعتَزِماً
قُمُ فَاِشدُدِ العِيسَ لِلتِرحالِ مُعتَزِماً / وَاِرمِ الفِجاجَ بِها فَالخَطبُ قَد فَقِما
وَلا تَلَفَّت إِلى أَهلٍ وَلا وَطَنٍ / فَالحرُّ يَرحَلُ عَن دارِ الأَذى كَرَما
كَم رِحلَةٍ وَهَبَت عِزّاً تَدينُ لَهُ / شُوسُ الرِجالِ وَكَم قَد أَورَثَت نِعَما
وَكَم إِقامَةِ مَغرُورٍ لَهُ جَلَبَت / حَتفاً وَساقَت إِلى ساحاتِهِ النِقَما
وَاِسمَع وَلا تُلغِ ما أَنشَأتُ مِن حِكَمٍ / فَذُو الحِجا لَم يَزَل يَستَنبِطُ الحِكَما
لَم يَبكِ مَن رَمِدَت عَيناهُ أَو سُبِلَت / جفناهُ إِلّا لِخَوفٍ مِن حُدوثِ عَمى
إِنَّ المَنِيَّةَ فَاِعلَم عِندَ ذِي حَسَبٍ / وَلا الدَنِيَّةَ هانَ الأَمرُ أَو عَظُما
مَن سالَمَ الناسَ لَم تَسلَم مَقاتِلُهُ / مِنهُم وَمَن عاثَ فيهِم بِالأَذى سَلِما
لا يَقبَلُ الضَيمَ إلّا عاجِزٌ ضَرِعٌ / إِذا رَأى الشَرَّ تَغلي قِدرُهُ وَجَما
وَذُو النَباهَةِ لا يَرضى بِمَنقَصَةٍ / لَو لَم يَجِد غَيرَ أَطرافِ القَنا عِصَما
وَذُو الدَناءَةِ لَو مَزَّقتَ جِلدَتَهُ / بِشَفرَةِ الضَيمِ لَم يَحسِس لَها أَلَما
وَمَن رَأَى الضَيمَ عاراً لَم تَمُرَّ بِهِ / شَرارَةٌ مِنهُ إلّا خالَها أُطُما
وَكُلُّ مَجدٍ إِذا لَم يُبن مَحتِدُهُ / بِاليَأسِ نَقَّرَهُ الأَعداءُ فَاِنهَدَما
لا يَضبطُ الأَمرَ مَن في عُودِهِ خَوَرٌ / لَيسَ البُغاثُ يُساوي أَجدَلاً قَطِما
وَلِلبُيوتِ سِطاعاتٌ تَقُومُ بِها / لا خِروَعاً جُعِلَت يَوماً وَلا عَنَما
ما كُلُّ ساعٍ إِلى العَلياءِ يُدرِكُها / مَن حَكّمَ السَيفَ في أَعدائِهِ حَكَما
مَن أَرعَفَ السَيفَ مِن هامِ العِدى غَضَباً / لِلمَجدِ حُقَّ لَهُ أَن يُرعِفَ القَلَما
لا تَطلُبِ الرَأيَ إِلّا مِن أَخي ثِقَةٍ / لا يُصدِرُ القَومَ مَن لا يُورِدُ العَلَما
وَلا يُعَدُّ كَريماً مَن مَواهِبُهُ / تُمسي وَتُصبِحُ في أَعدائِهِ دِيما
وَالبُخلُ خَيرٌ مِنَ الإِحسانِ في نَفَرٍ / أَبَرُّهُم بِكَ مَن أَغرى وَمَن شَتَما
وَواضِعُ الجُودِ في أَعداءِ نِعمَتِهِ / كَمُودِعِ الذِئبِ في بَرِّيَّةٍ غَنَما
مَنِ اِستَخَفَّ بِأَربابِ العُلى سَفَهاً / وَسامَها الخَسفَ أَدمى كَفَّهُ نَدَما
أَلا فَسَل عَن كُلَيبٍ كَيفَ جَدَّلَهُ / جَسّاسُ هَل كانَ إِلّا أَن حَمى فَرَمى
وَلا يعزُّ الفَتى إِلّا بِأُسرَتِهِ / لَو كانَ في البَأسِ عَمراً وَالنَدى هَرِما
لا تَرضَ بِالهُونِ في خِلٍّ تُعاشِرُهُ / فَلَن تَرى غَيرَ جارِ الذُلِّ مُهتَضَما
وَأَخسَرُ الناسِ سَعياً رَبُّ مَملَكَةٍ / أَطاعَ في أَمرِهِ النِسوانَ وَالخَدَما
وَقائِلٍ قالَ لي إِذ راقَهُ أَدَبي / وَالمَرءُ قَد رُبَّما أَخطَا وَما عَلِما
وَذاكَ بَعدَ سُؤالٍ مِنهُ عَن خَبَري / وَالصِدقُ مِن شيمتي لَو أَورَثَ البَكَما
هَلّا اِمتَدَحتَ رِجالاً بِالعِراقِ لَهُم / مالٌ رُكامٌ وَجُودٌ يَطرُدُ العَدَما
فَجاشَتِ النَفسُ غَبناً بَعدَ أَن شَرِقَت / عَينايَ بِالدَمعِ حَتّى فاضَ وَاِنسَجَما
فَقُلتُ كَلّا وَهَل مِثلي يَليقُ بِهِ / مَدحُ الرِجالِ فَكَم جُرحٍ قَدِ اِلتَأَما
إِنّي عَلى حادِثاتِ الدَهرِ ذُو جَلَدٍ / تَجلُو الحَوادِثُ مِنّي صارِماً خَذِما
وَلَستُ أَوَّلَ ذِي مَجدٍ لَهُ ظَلَمَت / صُرُوفُ أَيّامِهِ العَوصاءُ فَاِنظَلَما
يَأبي لِيَ الشَرَفُ العاليُّ مَنصِبهُ / أَن أَورِدَ النَفسَ حِرصاً مَورِداً وَخِما
أَنا اِبنُ أَركانِ بَيتِ المَجدِ لا كَذِباً / وَالنازِلينَ ذُرى العَلياءِ وَالقِمَما
قَومي هُمُ القَومُ في بَأسٍ وَفي كَرَمٍ / إِنِ اِدَّعى غَيرُهُم ما فيهِمُ وَهِما
في الجاهِلِيَّةِ سُدنا كُلَّ ذي شَرَفٍ / بِالمَأثُراتِ وَسُدنا العُربَ وَالعَجَما
وَصارَ كُلُّ مَعَدّيٍّ لَنا تَبَعاً / يَرعى بِأَسيافِنا الوَسمِيَّ حِيثُ هَمى
حُطنا نِزاراً وَذُدنا عَن مَحارِمِها / وَلَم نَدَع لِمُناوي عزِّها حَرَما
حَتّى أَتى اللَهُ بِالإِسلامِ وَاِفتَتَحَت / كُلَّ البِلادِ وَأَضحَت لِلأَنامِ سَما
وَفَضلُ آخِرنا عَن فَضلِ أَوَّلِنا / يُغني ولَكِنَّ بَحراً هاجَ فاِلتَطَما
شِدنا مِن المَجدِ بَيتاً لا تُقاسُ بِهِ / ذاتُ العِمادِ وَلَكِن لَم نَكُن إِرَما
سَلِ القَرامِطَ مَن شَظّى جَماجِمَهُم / فَلقاً وَغادَرَهُم بَعدَ العُلا خَدَما
مِن بَعدِ أَن جَلَّ بِالبَحرَينِ شَأنُهُمُ / وَأَرجَفُوا الشامَ بِالغاراتِ وَالحَرَما
وَلَم تَزَل خَيلُهُم تَغشى سَنابِكُها / أَرضَ العِراقِ وَتَغشى تارَةً أَدَما
وَحَرَّقُوا عَبدَ قَيسٍ في مَنازِلها / وَصَيَّروا الغُرَّ مِن ساداتِها حُمَما
وَأَبطَلوا الصَلواتِ الخَمس وَاِنتَهَكُوا / شَهرَ الصِيامِ وَنَصُّوا مِنهُمُ صَنَما
وَما بَنَوا مَسجِداً لِلّهِ نَعرِفُهُ / بَل كُلُّ ما أَدرَكُوهُ قائِماً هُدِما
حَتّى حَمَينا عَلى الإِسلامِ وَاِنتَدَبَت / مِنّا فَوارِسُ تَجلُو الكربَ وَالظُلما
وَطالَبَتنا بَنُو الأَعمامِ عادَتَنا / فَلَم تَجِد بَكَماً فينا وَلا صَمَما
وَقَلَّدُوا الأَمرَ مِنّا ماجِداً نَجداً / يَشفي وَيَكفي إِذا ما حادِثٌ دَهَما
ماضي العَزيمَةِ مَيمُونٌ نَقيبَتُهُ / أَعلا نِزارٍ إِلى غاياتِها هِمَما
فَصارَ يَتبَعُهُ غُرٌّ غَطارِفَةٌ / لَو زاحَمَت سَدَّ ذي القَرنَينِ لاِنثَلَما
إِذا اِدَّعَوا يالَ إِبراهيمَ ظَلَّ لَهُم / يَومٌ يُشَيِّبُ مِن هامِ العِدى اللِّمَما
حَتّى أَناخَ بِبابِ الحِصنِ يَصحَبُهُ / عَزمٌ يَهُدُّ الجِبالَ الشُمَّ وَالأَكَما
فَشَنَّها غارَةً شَعواءَ ناشِئَةً / كَسى بِها العُمَّ مِن حيطانِها قَتَما
فأَقبَلَت وَرِجالُ الأَزدِ تَقدُمُها / كَالأُسدِ قَد جَعَلَت سُمرَ القَنا أَجَما
فَصادَفَت كُلَّ لَيثٍ لَو يُحِسُّ بِهِ / لَيثٌ بِعَثَّرَ أَو خَفّانَ ما زَحَما
فَكَم صَرِيعٍ هَوى عَفصاً بِشِكَّتِهِ / مِنهُم وَآخَرَ وَلّى الدُبرَ مُنهَزِما
وَنَثرَةٍ أَخفَرَ الهِندِيُّ ذِمَّتَها / إِنَّ السُيُوفَ المَواضي تَخفِرُ الذِمما
فَاِستَنجَدَت عامِراً مِن بَأسِها فَأَتَت / مُغِذَّةً لا تَرى في سَيرِها يَتَما
ذُكُورُ خَيلِهِمُ أَلفٌ مُصَتَّمَةٌ / وَرَجلُهُم يُفعِمُ الوَادِيَّ إِذ زَحَما
وَجَمعُنا في مِئينٍ أَربَعٍ حَضَرَت / عَدّاً وَلَكِنَّها أَعلا الوَرى قَدَما
وَلَم نَزَل نَرِدُ الهَيجاءَ يَقدُمُنا / ماضٍ على الهَولِ وَرّادٌ إِذا عَزَما
أَبُو عَلِيٍّ وَفَضلُ ذُو النَدى وَأَبُو / مُسَيَّبٍ وَهُما تَحتَ العَجاجِ هُما
وَمِسعَرُ الحَربِ مَسعُودٌ إِذا خَمَدَت / وَماجِدٌ وَاِبنُ فَضلٍ خَيرُها شِيما
هُمُ بَنُوهُ فَلا ميلٌ وَلا عُزُلٌ / وَلا تَرى فيهمُ وَهناً وَلا سَأَما
كُلٌّ يُعَدُّ بِأَلفٍ لا يَضيقُ بِها / ذَرعاً وَيُوسِعُها طَعناً إِذا أَضِما
وَمالِكٌ حينَ تَدعُوهُ وَأَيُّ فَتى / حَربٍ إِذا ما اِلتَقى الزَحفانِ فَاِصطَدَما
وَمِن بَني الشَيخِ عَبدِ اللَهِ كُلُّ فَتىً / يُخالُ في الرَوعِ فَحلَ الشَولِ مُغتَلِما
يُنمى لِفَضلٍ وَصبّارٍ وَإِخوَتِهِ / بَني عَلِيٍّ كِعامِ الخَطبِ إِذ هَجَما
وَلَم تَكُن وُلدُ غَسّانٍ إِذا حَمِيَت / لَوافِحُ الحَربِ أَنكاساً وَلا قُرُما
تِلكُم بَناتُ العُلا لا قَولُ مُنتَحِلٍ / كُنّا وَكانَ وَلا باعاً وَلا قَدَما
سَقَوا صُدُورَ القَنا عَلّا وَقد نَهِلَت / وَأَكرَهُوا المازِنَ الخَطِّيَّ فَاِنحَطَما
وَفَلَّلَ البِيضَ في الهاماتِ ضَربُهُمُ / مِن بَعدِ أَن أَنهَلُوها في المَكَرِّ دَما
بَزُّوا ثَمانينَ دِرعاً مِن سُراتِهِمُ / في حَملَةٍ تَرَكَت هاماتِهِم رِمَما
وَكَم لَنا مِثلُها لَم تُبقِ باقِيَةً / إِلّا الزَعانِفَ وَالأَطفالَ وَالحَرَما
فَسَلَّمَ الأَمرَ أَهلُ الأَمرِ وَاِنتَزَحُوا / عَن سَورَةِ المُلكِ لا زُهداً وَلا كَرَما
وَأَصبَحَت آلُ عَبدِ القَيسِ قَد ثَلَجَت / صُدُورُها فَتَرى المَوتُورَ مُبتَسِما
ثُمَّ اِنتَحَينا لِعَوفٍ بَعدَما وَرِمَت / أُنُوفُها فَفَشَشنا ذَلِكَ الوَرَما
دُسناهُمُ دَوسَةً مِرِّيَّةً جَمَعَت / أَشلاهُمُ وَضِباعَ الجَوِّ وَالرَخَما
لَم يَنجُ غَيرُ رَئيسِ القَومِ تَحمِلُهُ / خَيفانَةٌ كَظَليمٍ رِيعَ تَحتَ سَما
ثُمَّ اِنثَنَينا بِجُردِ الخَيلِ نَجنِبُها / نَقائِذاً وَأَفَأنا السَبيَ وَالنَعَما
وَسَل بِقارُونَ هَل فازَت كَتائِبُهُ / لَمّا أَتَتنا وَهَل كُنّا لَهُم غُنَما
وَالشَرسَكِيَّة إِذ جاءَت تُطالِبُنا / دَمَ النُفوسِ وَفينا تقسِمُ القِسَما
بَيتانِ عِندَهُما كانَت رَعِيَّتُنا / عَوناً عَلَينا ضَلالاً مِنهُمُ وَعَمى
فَفَرَّجَ اللَهُ وَالبِيضُ الحِدادُ لَنا / وَعِزَّةٌ لَم تَكُن يَوماً لِمَن غَشَما
وَأَصبَحَت حاسِدُونا في قَبائِلِنا / لَحماً أَقامَ لَهُ جَزّارُهُ وَضَما
لَكِن عَفَونا وَكانَ العَفوُ عادَتَنا / وَلَم نُؤاخِذ أَخا جُرمٍ بِما اِجتَرَما
وَلَم يُنَجِّ اِبنَ عَيّاشٍ بِمُهجَتِهِ / يَمٌّ إِذا ما يَراهُ الناظِرُ اِرتَسَما
أَتى مُغِيراً فَوافَى جَوَّ ناظِرَةٍ / فَعايَنَ المَوتَ مِنّا دُونَ ما زَعَما
فَراحَ يَطرُدُ طَردَ الوَحشِ لَيسَ يَرى / حَبلَ السَلامَةِ إِلّا السَوطَ وَالقَدَما
فَاِنصاعَ نَحوَ أَوالٍ يَبتَغي عِصَماً / إِذ لَم يَجِد في نَواحي الخَطِّ مَعتَصما
فَأَقحَمَ البَحرَ مِنّا خَلفَهُ مَلِكٌ / مازالَ مُذ كانَ لِلأَهوالِ مُقتَحما
فَحازَ مُلكَ أَوالٍ بَعدَ ما تَرَكَ ال / عَكرُوتَ بِالسَيفِ لِلبَوغاءِ مُلتَزِما
فَصارَ مُلكُ اِبنِ عَيّاشٍ وَمُلكُ أَبي ال / بَهلُولِ مَع مُلكِنا عِقداً لَنا نُظِما
مَن ذا يُقاسُ بِعَبدِ اللَهِ يَومَ وَغىً / في بَأسِهِ أَو يُباري جُودهُ كَرَما
مِنّا الَّذي جادَ بِالنَفسِ الخَطيرَةِ في / عِزِّ العَشيرَةِ حَتّى اِستَرحَلَ العَجَما
مِنّا الَّذي قامَ سُلطانُ العِراقِ لَهُ / جَلالَةً وَالمَدى وَالبُعدُ بَينَهُما
مِنّا الَّذي حازَ مِن ثاجٍ إِلى قَطَرٍ / وَصَيَّرَ الرَملَ مِن مالِ العَدُوِّ حِمى
مِنّا الَّذي حينَ عَدَّ الأَلفَ خازِنُهُ / لِضَيفِهِ قالَ ضاعِفها أَرى أَمَما
مِنّا الَّذي مِن نَداهُ ماتَ عامِلُهُ / غَمّاً وَأَصبَحَ في الأَمواتِ مُختَرَما
مِنّا الَّذي جادَ إِيثاراً بِما مَلَكَت / كَفّاهُ لا يَدَ يَجزِيها وَلا رَحِما
مِنّا الَّذي أَنهَبَ اِصطَبلاتِهِ كَرَماً / وَهيَ الجِيادُ اللَواتي فاتَتِ القِيَما
وَكانَ إِن سارَ فَالعِقيانُ تَتبَعُهُ / لِسائِلٍ رُدَّ أَو مُستَرفِدٍ حُرِما
مِنّا الَّذي فَضَّ أَموالَ الخَزائِنِ في / غَوثِ الرَعِيَّةِ لا قَرضاً وَلا سَلَما
وَأَهمَلَ الدَخلَ ذاكَ العامَ فَاِنتَعَشَت / بِهِ الرَعِيَّة حَتّى جازَتِ القُحَما
مِنّا الَّذي جَعَلَ الأَقطاعَ مِن كَرَمٍ / إِرثاً تَوَزَّعُهُ الوُرّاثُ مُقتَسَما
وَجادَ في بَعضِ يَومٍ وَهوَ مُرتَفِقٌ / بِأَربَعينَ جَواداً تَعلُكَ اللُجُما
وَمُطعِم الطَيرِ عامَ المَحلِ فَاِسمُ بِهِ / مِنّا إِذا صَرَّ خِلفُ الغَيثِ فَاِنصَرَما
مِنّا الَّذي أَنفَقَ الأَموالَ عَن عَرضٍ / حَتّى رَأَى شِعبَ شَملِ العِزِّ مُلتَئِما
مِلءَ المُسُوكِ قَناطيراً مُقَنطَرَةً / ما خافَ في جَمعِها حُوباً وَلا أَثَما
مِنّا المُسَوَّرُ تَعظيماً وَوالِدُهُ / كَذاكَ كانَ فَنَحنُ السادَةُ العُظَما
مِنّا الَّذي كُلَّ يَومٍ فَوقَ دارَتِهِ / داعٍ يُنادي إِلَيهِ الجائِعَ الضَرِما
مِنّا الَّذي لَم يَدَع ناراً بِساحَتِهِ / تذكى سِوى نارِهِ لِلضّيفِ إِن قَدِما
وَصاحِبُ البَيتِ مِنّا حِينَ تَنسِبُهُ / لَو لَم نَجِد غَيرَهُ سُدنا بِهِ الأمَما
مِنّا الَّذي عامَ حَربِ النائِليِّ حَلا / يَومَ السُبَيعِ وَيَومَ الخائِسِ الغُمَما
مِنّا الَّذي مَنَعَ الأَعداءَ هَيبَتهُ / حَربَ البِلادِ فَما شَدّوا لَهُ حُزُما
وَماتَ يَطلُبُ يَوماً يَستَلِذُّ بِهِ / يُطَبِّقُ الأَرضَ نَقعاً وَالحَضيضَ دَما
مِنّا الَّذي ضُرِبَت حُمرُ القِبابِ لَهُ / بِالمَشهَدَينِ وَأَعطى الأَمنَ وَاِنتَقَما
لَولا عِياذُ بَني الجَرّاحِ مِنهُ بِهِ / لَصاحَبَت دَهمَشاً أَو أُلحِقَت دَرِما
مِنّا الَّذي أصحَبَ المُجتازَ مِن حَلَبٍ / إِلى العِراقِ إِلى نَجدٍ إِلى أَدَما
مِنّا الَّذي كُلَّ عامٍ بِالعِراقِ لَهُ / رَسمٌ سَنِيٌّ إِلى أَن ضُمِّنَ الرُجَما
مِنّا الَّذي رَكَزَ الرُمحَينِ ضاحِيَةً / وَجَوّزَ العَرَبَ العَرباءَ بَينَهُما
حَتّى اِحتَوى ما اِصطَفاهُ مِن عَقائِلَها / غَصباً وَهانَ عَلَيهِ رَغمُ مَن رَغِما
وَيَومَ سُترَةَ منّا كانَ صاحِبُهُ / لاقَت بِهِ شامَةٌ وَالحاشِكُ الرَقِما
أَلفَينِ غادَرَ مِنهُم مَع ثَمانِ مئىٍ / صَرعى فَكَم مُرضَعٍ مِن بَعدها يَتُما
مِنّا أَبُو يُوسُفٍ وَالمُرتَجى حَسَنٌ / وَاِبنُ الإِمارَةِ وَالبَيتِ المُنيفِ هُما
وَيُوسُفٌ وَأَبُو شُكرٍ وَإِخوَتُهُ / حَليُ العُلا وَكِعامُ الدَهرِ إِن عَزَما
مِنّا الَّذي أَبطَلَ الماشُوشَ فَاِنقَطَعَت / آثارُهُ وَاِنمَحى في الناسِ وَاِنطَسَما
مِنّا الأَميرُ أَبو فَضلٍ مَتى اِختَصَمَت / بَنُو الوَغى كانَ في أَرواحِها الحَكَما
ما قابَلَ الأَلفَ إِلَّا وَاِنثَنَت هَرَباً / كَأَنَّها الوَحشُ لاقَت ضَيغَماً قَرِما
منّا الأَميرُ حَوارِيٌّ وَوالِدُهُ / فَاِذكُرهُما فَلَقد طابا وَقَد كَرُما
وَفي سُليمٍ لَنا عِزٌّ وَمُفتخَرٌ / وَمُفلِحٌ وَهُما لِلّهِ دَرُّهُما
وَفي أَمِيرٍ وَسُلطانٍ لَنا شَرَفٌ / نَسمو بِهِ وَاِبنُ بَدرِ اللَيثُ بَعدَهُما
مِنّا أَبو فاضِلٍ وَاللَوذَعيُّ أَبُو / مَذكُورٍ القرمُ فَلنَفخَر بِمثلِهِما
وَما حُسَينٌ وَبَدرٌ إِن ذَكَرتُهُما / إِلّا هُمامانِ فاقَ الناسَ مَجدُهُما
مِنّا الَّذي حَطَّ زُهداً عَن رَعِيَّتهِ / كُلَّ المُكُوسِ فَأَضحى الجَورُ مُنحَسِما
وَكَم لَنا مِن بَني البَيعِيِّ مِن بَطَلٍ / إِذا رَأى مِن عَدُوٍّ هامَةً صَدَما
مِنّا الثَلاثَةُ وَالفردُ الَّذينَ لَقُوا / كَتائِباً كَأبي السَيّالِ حِينَ طَما
تَدعُو عَجِيبَةَ أَحياناً وَآوِنَةً / أُمُّ العَجرَّشِ وَالحَجّافِ بَينَهُما
يَومَ الجُرَيعاءِ ما خامُوا وَما جَبُنوا / بَل كُلُّهُم يَصطَلي نِيرانَها قَدَما
مِنّا الرِجالُ الثَمانُونَ الَّذينَ هُمُ / يَومَ القَطيعَةِ أَوفى مَعشَرٍ ذِمَما
لاقُوا ثَلاثَةَ آلافٍ وَما جَبُنُوا / عَنهُم وَلا اِستَشعَرُوا خَوفاً وَلا بَرَما
فَطاعَنُوهُم إِلى أَن عافَ طَعنَهُمُ / مَن كانَ يَحسِبُهُم غُنماً إِذا قَدما
أَفعالُ آبائِهِم يَومَ الرُكَينِ وَمَن / يُشبِه أَبَاهُ فَلا وَاللَهِ ما ظَلَما
إِذ طَيَّرَ التَلَّ يَومَ القَصرِ كَرُّهُمُ / عَلى الأَعاجِمِ حَتّى بادَ بَينَهُما
نَحنُ الثِمالُ فَمَن يَكفُر بِنِعمَتِنا / كُنّا المُثَمَّلَ يُدني الحَتفَ وَالسَقَما
أَبياتُنا لِذَوي الآمالِ مُنتَجَعٌ / إِذا الزَمانُ يُرى كَالعِيرِ أَو عَرَما
وَما عَدَدتُ عَشيراً مِن مَناقِبِنا / وَمَن يَعُدُّ ثرَى يَبرِينَ مُرتَكِما
أَنِخ فَهَذِي قِبابُ العِزِّ وَالكَرَمِ
أَنِخ فَهَذِي قِبابُ العِزِّ وَالكَرَمِ / وَقِل فَكُلُّ العُلا في هَذِهِ الخِيَمِ
وَاِعفِ النَجائِبَ مِن نَصٍّ وَمِن عَنقٍ / فَقَد بَلَغتَ مُلُوكَ العُربِ وَالعَجَمِ
فَما وَراءَ بَني فَضلٍ فَتَطلُبَهُ / غِنىً لِراجٍ وَلا عِزٌّ لِمُهتَضَمِ
هُمُ المُلوكُ وَساداتُ المُلوكِ هُمُ / وَما رَبى المُلكُ إِلّا في بُيوتِهِمُ
وَقَد نَزَلتَ بِأسراهُم وَأَنبَلِهِم / عَلى سَراواتِهِم فِينا وَنُبلِهِمُ
فَاِنظُر بِعَينِكَ هَذا فَهوَ سَيِّدُهُم / طُرّاً وَسَيِّدُ عَدنانٍ وَغَيرِهِمُ
هَذا الهُمامُ عِمادُ الدِّينِ أَكرَمُ مَن / يُدعى وَيُرجى وَخَيرُ الناسِ كُلِّهِمُ
هَذا هُوَ المَلِكُ المَيمونُ طائِرُهُ / هَذا المُؤَمَّلُ هَذا كاشِفُ الغُمَمِ
هَذا هُوَ المُخجِلُ الأَنواءَ نائِلُهُ / فَما يُشائِمُهُ فَقرٌ إِلى الدِّيَمِ
هَذا هُوَ السالِبُ الجَبّارَ مُهجَتَهُ / غَصباً وَتارِكُهُ لَحماً عَلى وَضَمِ
هَذا الَّذي لَو رَأى قُسٌّ فَصاحَتَهُ / لَقالَ هَذا لَعَمري مَعدِنُ الحِكَمِ
هَذا الَّذي لَو رَآهُ في جَلالَتِهِ / كِسرى لَفَدّاهُ مِن مَوتٍ وَمِن أَلَمِ
هَذا الَّذي لَو زُهَيرُ الشِعرِ أَدرَكَهُ / يَوماً لَعَدّى إِلَيهِ القَولَ عَن هَرِمِ
فَحَيِّهِ بَعدَ تَقبيلِ الصَعيدِ وَقُل / أَهلاً وَسَهلاً بِمُحيي البَأسِ وَالكَرَمِ
أَهلاً بِسَيِّدِ أَهلِ الأَرضِ قاطِبَةً / وَخَيرِ أَملاكِ أَهلِ الحِلِّ وَالحَرَمِ
أَهلاً وَسَهلاً بِمَن في نُورِ غُرَّتِهِ / غِنىً عَنِ البَدرِ لِلسارِينَ في الظُلمِ
أَهلاً بِهِ وَبِهَذا اليَومِ إِنَّهُما / إِن فُوضِلا أَفضَلُ الأَيّامِ وَالأُمَمِ
وَكَبِّرِ اللَهَ وَاِشكُرهُ لِذاكَ وَقُل / اللَهُ أَكبَرُ وَاِسجُد غَيرَ مُحتَشَمِ
لِلّهِ دَرُّ عِمادِ الدِّينِ مِن مَلِكٍ / ما فِيهِ مِن كَرَمِ الأَخلاقِ وَالشِّيَمِ
سَكِينَةٌ لَو سَرَت في البَحرِ ما اِضطَرَبَت / بِرِيحِ عادٍ أَواذِيهِ وَلا إِرَمِ
وَهَيبَةٌ لَو سُلَيمانُ النَبيُّ أَتى / بِها الشَياطِينَ أَهلَ المَسِّ وَاللَمَمِ
لَأَوغَلُوا في البِناءِ المُقرَنينَ لَهُ / وَالغَوصِ أَو تُبعَثُ المَوتى مِنَ الرِّمَمِ
وَنَجدَةٌ لَو لِلَيثِ الغابِ أَيسَرُها / عَلا البِقاعَ وَلم يَستَذرِ بِالأُجُمِ
مَلِكٌ حَمى جَنَباتِ المُلكِ مُعتَزِماً / بِالسَيفِ لا بِيَراعٍ غُطَّ في جَمَمِ
وَشَكلَةُ السَيفِ أَمضى في العَدُوِّ وَإِن / فُلَّت مَضارِبُهُ مِن شَكلَةِ القَلَمِ
مِن بَأسِهِ تَذهَبُ الفُرسانُ شارِدَةً / شُرُودَ سِربِ القَطا مِن أَجدَلٍ قَطِمِ
كَم سَيِّدٍ في ظَلامِ النَقعِ غادَرَهُ / شِلواً بِأَبيضَ أَو زَرقاءَ كَالضَرَمِ
في وَقعَةٍ صاحَ فيها مَن نَجا هَرَباً / يا خِصبَ عامِكَ لا هُنِّيتَ مِن رَخَمِ
فَالخَيلُ تَعرِفُ في الهَيجاءِ صَولَتهُ / بِحَيثُ يَأخُذُ سامي النَقعِ بِالكَظَمِ
فَما أَحَسَّت بِهِ إِلّا اِنثَنَت هَزَماً / وَنَكهَةُ الذِئبِ لا تَخفى عَلى الغَنَمِ
كَم صَكَّ بِالسَيفِ وَالأَبطالُ جائِلَةٌ / مِن مُعلَمٍ في نَدِيِّ الحَيِّ كَالعَلَمِ
لَم يَشكُلِ الخَيلَ مُذ جالَت بِشَكلَتِهِ / إِلّا بِشَعرِ لِحى الأَبطالِ وَاللِّمَمِ
لَقَد زَهَت خُطَطُ البَحرَينِ وَاِفتَخَرَت / بِهِ عَلى مَأرِبٍ في الأَعصُرِ القِدَمِ
بعَدلِهِ وَالدَمِ المُهراقِ حَصَّنَها / وَلا يَقِرُّ دَمٌ إِلّا بِسَفكِ دَمِ
لِلّهِ حَدسُ أَبِيهِ إِذ تَأَمَّلَهُ / في المَهدِ لَمّا يُبن عَن لا وَلا نَعَمِ
قَد قالَ وَهوَ يُناغِيهِ لِأُسرَتِهِ / ثِقُوا بِأَبلَجَ عالي الذِكرِ وَالهِمَمِ
أَعطى اللَهى وَعَلَت في المَجدِ هِمَّتُهُ / قَبلَ اِختِطاطِ عِذارٍ وَاِثِّغارِ فَمِ
وَقادَها لِتَمامِ العَشرِ تَحسِبُها / آذِيَّ بَحرٍ زَفَتهُ الرِيحُ مُلتَطِمِ
فَداسَ كُلَّ بِلادٍ لِلعَدُوِّ بِها / دَوسَ اليَمانِيِّ ما يَخلى مِن الأَدَمِ
وَما أَلَمَّ إِلى أَن لَم يَدَع مَلِكاً / لَهُ بِها مِن حِمى حامٍ وَلا حَرَمِ
أَعطَتهُ مَملَكَةَ الأَحساءِ هِمَّتهُ / وَعَزمُ مُستَبصِرٍ بِالرَأيِ غَيرُ عَمِ
فَإِن يَقُولُوا اِختِياراً كانَ ذاكَ فَهَل / يُختارُ لِلضَربِ غَيرُ الصارِمِ الخَذِمِ
فَغَيرُ لايٍ وَزَجّاها مُلَملَمَةً / تَدافُعَ السَيلِ سَيلَ اليَأمَنِ العَرِمِ
فَما أَناخَت إِلى أَن غالَ عِثيَرُها / ما شيدَ بِالخَطِّ مِن حِصنٍ وَمِن أُطُمِ
وَما نَضا الدِّرعَ حَتّى حازَ حَوزَتَها / قَهراً وَآخى بِها الأًحساءَ مِن أَمَمِ
وَلَم يَمُدَّ إِلى هَرمُوزَ مِنهُ يَداً / وَحاركٌ لَم يَمُدُّوا كَفَّ مُعتَصِمِ
يا آلَ فَضلٍ أَماتَ اللَهُ حاسِدَكُم / بِغَيظِهِ وَكَفاكُم زَلَّةَ القَدَمِ
كَم يَمضُغُ الدَهرُ فِيما بَينَ أَظهُرِكُم / لَحمي وَيَشرَبُ شُربَ الهيمِ فَضلَ دَمي
أَفي المُروءَةِ أَن أَظمى وَحوضُكُمُ / لِلكَلبِ وَالذِئبِ وَالجِرذانِ وَالبُهَمِ
وَيُصطَفى مَن أَبُوهُ كانَ عَبدَ أَبي / دُوني وَيُقطَعُ فِيما بَينَكُم رَحِمي
حاشا اِبنَ مَسعُودٍ المَلكَ المُعَظَّمَ أَن / أُجفى وَيُقفى بَنُو الداياتِ وَالخَدَمِ
فَتىً نَماهُ إِلى العَلياءِ كُلُّ فَتىً / حامي الذِّمارِ وَفِيِّ العَهدِ وَالذِّمَمِ
مَن مِثلُ مَسعُودٍ القَرمِ الهُمامِ وَمَن / كَأَحمَدَ المُرتَجى في البَأسِ وَالكَرَمِ
وَمَن يُباري اِبنَ فَضلٍ في مَكارِمِهِ / أَبا سِنانٍ غِياثَ الناسِ في القُحَمِ
وَخَيرُ قَيسِ بنِ عَيلانٍ خُؤُولَتُهُ / فَمَن بَغى الفَخرَ فَليَفخَر بِمثلِهِمُ
قَومٌ أَبُوهُم سِنانٌ خَيرُ ما حَمَلَت / أُنثى وَمَن قادَها تَختالُ في اللُجُمِ
يابا عَلِيٍّ أَجِب مِن غَيرِ نَأنَأَةٍ / صَوتَ اِمرِئٍ في عُلاكُم غَير مُتَّهَمِ
إِلَيكَ شَدّاً مِنَ الأَحساءِ أَنهَضي / عَزمُ المُلوكِ وَحَظٌّ غَيرُ ذِي كَشَمِ
وَقَد تَحَقَّقتُ أَنَّ الرُشدَ يَصحَبُني / فَما أُحاذِرُ قَرعَ السِنِّ مِن نَدَمِ
كَم جُبتُ دُونكَ مِن تيهٍ يَتِيهُ بِها / قَلبُ الدَليلِ مِنَ الإِشفاقِ وَالسَأَمِ
وَمُزبِدٍ يَتَراءى المَوتُ راكِبَهُ / يَرمي بِمُقلَولبِ الأَمواجِ مُرتَطِمِ
قَد قُلتُ لِلنَفسِ فيهِ وَهيَ مُجهِشَةٌ / وَالمَوجُ مِن هازِمٍ فيهِ وَمُنهَزِمِ
قِرّي فَلَو شاءَ أَمراً فَهوَ بالِغُهُ / وَالمَوتُ آتٍ وَما تَلقَينَ كَالحُلُمِ
وَمَن تَكُن صُحبَةُ الأَملاكِ هِمَّتُهُ / مَضى على الهَولِ مَمضى البازِلِ السَدِمِ
وَغَيرُ مُستَنكَرٍ لَو زُرتُ حَضرَتَهُ / سَعياً عَلى الرَأسِ لا سَعياً عَلى القَدَمِ
وَقَد بَلَغتُ وَما في المالِ مِن ضَعَفٍ / وَقَد دَعَوتُ وَما في السَمعِ مِن صَمَمِ
وَها أَنا اليَومَ يا خَيرَ المُلوكِ أَنا / وَأَنتَ أَنتَ وَشَيءٌ قَطُّ لَم يَدُمِ
وَلَيسَ إِلّاكَ نَدعُوهُ وَنَندُبُهُ / لِما يُقابِلُنا مِن دَهرِنا الحُطَمِ
فَلا خَلَت مِنكَ آفاقُ البِلادِ وَلا / خَلَوتَ مِن نِعَمٍ تَأتي عَلى نِعَمِ
رُوَيداً بَعضَ نَوحِكَ يا حَمامُ
رُوَيداً بَعضَ نَوحِكَ يا حَمامُ / أَجِدَّكَ لا تُنِيمُ وَلا تَنامُ
أَكُلَّ الدَهرِ تَذكاراً وَنَوحاً / أَما فَنِيَ اِشتِياقكَ وَالغَرامُ
هَتَفتَ فَهِجتَ لي شَوقاً فَقُل لِي / حَمامٌ أَنتَ وَيحَكَ أَم حِمامُ
وَرِفقاً إِنَّ جارَكَ مِن غَرامٍ / وَمِن قَلَقٍ لَيُؤلِمُهُ الكَلامُ
أَتَذكُرُ هالِكاً مِن عَهدِ نُوحٍ / مَضى وَالدَهرُ حِينَئِذٍ غُلامُ
وَأَنسى خِلَّتِي وَالعَهدُ مِنّي / قَرِيبٌ لَم يَمُرَّ عَلَيهِ عامُ
شُفيتَ وَلا شَقيتَ بِفَقدِ إِلفٍ / فَنِعمَ العَهدُ عَهدُكَ وَالذِمامُ
وَلَكِنّي أَراكَ ضَنينَ عَينٍ / وَعَيني ماؤُها أَبَداً سَجامُ
رَعى اللَهُ الثُلَيمَ وَساكِنِيهِ / وَأَجرَاعاً تَكنَّفَها الثلامُ
وَجادَ مِنَ الجَديدِ إِلى المُصَلّى / إِلى الحِصنَينِ وَكّافٌ رُكامُ
فَمَسرَحُ لَذّتي وَمَراحُ لَهوِي / هُنالِكُمُ وَجِيرَتِيَ الكِرامُ
وَمَلعَبُ كُلِّ غانِيَةٍ كَعابٍ / مُخَدَّمَةٍ يَزينُ بِها الخِدامُ
يَراها القابِسُ العَجلانُ لَمحاً / فَيَبقى لا وَراءُ وَلا أَمامُ
وَتُرسِلُ مِن لَواحِظِها سِهاماً / فَتَمضي حَيثُ لا تَمضي السِهامُ
مَضى ذاكَ الزَمانُ فَلَيتَ أَنّي / صَدىً مِن قَبلِ مَمضاهُ وَهامُ
وَأَسلَمَني الشَقاءُ إِلى زَمانٍ / مَصائِبُهُ كَما اِنهَلَّ الغَمامُ
نَهارٌ لا أُسَرُّ بِهِ وَلَيلٌ / يَنامُ بِهِ السَليمُ وَلا أَنامُ
تَلاعَبُ بِيَ خَواطِرُ مِن هُمُومٍ / كَما لَعِبَت بِشارِبها المُدامُ
إِذا ما قُلتُ أَهجَعُ بَعضَ لَيلي / أَتَت ذِكَرٌ يُقَضُّ لَها المَنامُ
فَعَزماً صاحِبَي رَحلي وَإِلّا / فَشاعَكُما وَخِلَّكُما السَلامُ
فَكَم أُبلى بِصُحبَةِ كُلِّ نَذلٍ / خَسيسٍ ما لِصُحبَتِهِ دَوامُ
أَقُولُ لَهُ فَيَحسِبُ ذاكَ هَزلاً / وَبَعضُ القَولِ تَجهَلُهُ الطَغامُ
لعَمرُكَ ما لَؤُمت أَباً وَلَكِن / أُناسٌ سَوَّدُوكَ هُمُ اللِّئامُ
فَمَسُّ الأَرضِ أَو أَلقى عَلِيّاً / عَلى رَحلي وَراحِلَتي حَرامُ
فَيَومَ أَرى عَلِيّاً لا أُبالي / أَإِعوَجَّ اللِئامُ أَمِ اِستَقامُوا
أَغَرُّ الوَجهِ مَن يَصحَبهُ يصحَب / جَواداً لا يُليمُ وَلا يُلامُ
تُرَجِّيهِ العُفاةُ وَتَتَّقِيهِ / هِجانُ المالِ وَالجَيشُ اللُهامُ
تَفُلُّ السَيفَ عَزمَتُهُ وَيُحيي / نَداهُ ما نَبا عَنهُ الغَمامُ
نَفُورٌ عَن مُداناةِ الدَنايا / وَصَبٌّ بِالمَكارِمِ مُستَهامُ
تَرى عِندَ المَديحِ لَهُ اِهتِزازاً / كَما يَهتَزُّ لِلضَربِ الحُسامُ
يُقِرُّ بِفَضلِهِ قارٍ وَبادٍ / وَيَحسِدُ مِصرهُ يَمَنٌ وَشامُ
يَحُلُّ المَجدُ أَرضاً حَلَّ فيها / وَتُضرَبُ لِلعُلا فِيها الخِيامُ
إِذا ما الحِلمُ عُدَّ فَما ثَبيرٌ / وَما حَضَنٌ لَدَيهِ وَما شَمامُ
يُقَصِّرُ حاتِمٌ في الجُودِ عَنهُ / وَكَعبٌ وَالبَرامِكَةُ الكِرامُ
وَعَمرٌو في اللَقاءِ عَلَيهِ كَلٌّ / وَعَوفٌ في الوَفاءِ لَهُ غُلامُ
لُكَيزِيُّ المَناسِبِ عامِرِيٌّ / مَلِيكٌ لِلمُلُوكِ بِهِ اِعتِصامُ
سَليلُ عُلاً له مِن كُلِّ مَجدٍ / ذُرى العَلياءِ مِنهُ وَالسَنامُ
تَرى لِلخَيلِ في الهَيجاءِ عَنهُ / شُرُوداً مِثلَما شَرَدَ النَعامُ
لَئِن نَفَرَت كُماةُ الحَربِ عَنهُ / إِذاً فَلَها بِعَقوَتِهِ اِزدِحامُ
نَماهُ إِلى ذُرى العَليا غَريرٌ / وَإِبراهيمُ والِدُهُ الهُمامُ
وَإِن تَذكُر أَبا جَروانَ غُضَّت / لَهُ الأَبصارُ وَاِنقَطَعَ الكَلامُ
عَلِيٌّ أَنتَ هَذِي الشَمسُ نُوراً / إِذا طَلَعَت وَذا الناسُ الظَلامُ
وَأَنتَ أَجَلُّ حينَ يَنُوبُ خَطبٌ / وَأَعظَمُ أَن يُقاسَ بِكَ الأَنامُ
إِذا أَهلُ المَكارِمِ ضَيَّعُوها / فَأَنتَ لِكُلِّ مَكرُمَةٍ نِظامُ
عَداني أَن أَزُورَكَ حادِثاتٌ / إِذا ذُكِرَت تَذُوبُ لَها العِظامُ
وَأَسبابٌ جَرَينَ وَكَيدُ أَمرٍ / قُعُودي في النَدِىِّ لَهُ قِيامُ
وَما تَركي زِيارَتَكَ اِختِياراً / وَلَكِن طالَما مُنِعَ المَرامُ
فَداكَ مِنَ الرَدى جَهمُ المُحَيّا / سَحابُ سَمائِهِ أَبَداً جَهامُ
عَبُوسٌ إِذ يُقابِلُ وَجهَ حُرٍّ / وَبَينَ المُومِساتِ لَهُ اِبتِسامُ
جَوادٌ حينَ يُلعَنُ وَالِداهُ / وَتُقرَعُ أَنفُهُ وَكَذا اللِئامُ
يُعِزُّ مُهِينَهُ وَيُهينُ لُؤماً / مُكَرِّمهُ كَذا النُطَفُ الحَرامُ
يَخافُ الضَيفَ يَقرِضُ حاجِبَيهِ / وَلا سِيما إِذا حَضَرَ الطَعامُ
ليَهنِكَ ما مَنَحتُكَ مِن ثَناءٍ / بِهِ لا غَيرِهِ يَجِبُ القِيامُ
وَلَستُ بِمادِحٍ سَفسافَ قَومٍ / وَإِن قالُوا لَهُ مالٌ رُكامُ
أَبى لي ذاكَ أَنّي مِن قُرومٍ / صَهاميمٍ تُسِيمُ وَلا تُسامُ
هَديرُ البُزلِ عِندَهُمُ كَشيشٌ / وَزَأرُ الأُسدِ عِندَهُمُ بُغامُ
وَقَولُهُمُ لَدى الإِعطاءِ فَذٌّ / وَضَربُهُمُ لَدى الهَيجا تُؤامُ
وَنَفسٌ لا تُريعُ لِوردِ سُوءٍ / وَلَو بَلَغَ الفَناءَ بِها الحيامُ
وَإِنّي لَلغَنيُّ وَإِن نَبا بِي / زَمانُ السُوءِ وَاِختُلِجَ السَوامُ
وَأَنتَ أَديمُ سَعدِكَ مِن أُناسٍ / أَخيرُهُمُ لِغَيرِهِمُ إِمامُ
وَلَولا ذاكَ عَن قُربى وَوُدٍّ / لَكانَ عَنِ المَديحِ لِيَ اِحتِشامُ
فَطُل مَجداً وَزِد شَرَفاً وَفَخراً / عَلى شَرَفٍ وَفَخرٍ لا يُرامُ
وَعِش في نِعمَةٍ وَدَوامِ عِزٍّ / بِمَنعَةِ مَن يُضيمُ وَلا يُضامُ
أَلقَت إِلَيكَ مَقادَها الأَيّامُ
أَلقَت إِلَيكَ مَقادَها الأَيّامُ / وَأَمَدَّكَ الإِجلالُ وَالإِعظامُ
وَمَشى إِلَيكَ الدَهرُ مِشيَةَ خاضِعٍ / وَقَضى بِما تَختارُهُ العَلّامُ
وَبَقيتَ ما بَقِيَ الزَمانُ مُخَلَّداً / في حَيثُ تَقعُدُ وَالأَنامُ قِيامُ
وَحباكَ رَبُّكَ بِالكرامَةِ وَالرِضا / وَالبِرِّ ما نَسَخَ الضِياءَ ظَلامُ
فَلأَنتَ حينَ تُعَدُّ عَينُ زَمانِنا / وَبِصِدقِ قَولي يَشهَدُ الإِسلامُ
بِكَ يا مُحِبَّ الدِّينِ طالَت فَاِعتَلَت / شَرَفاً عَلى الخَطِّيَّةِ الأَقلامُ
أَحيَيتَ بِشراً وَالجُنَيدَ وَعامِراً / زُهداً وَكُلٌّ إِذ يُعَدُّ إِمامُ
وأَقَمتَ لِلقُرَشِيِّ في آرائِهِ / حُجَجاً يُقَصِّرُ دُونَها النُظّامُ
لَو رادَكَ الثَورِيُّ أَعلَنَ قائِلاً / أَنتَ الغَمامُ وَمَن سَواكَ جَهامُ
لِلّهِ دَرُّكَ أَيُّ مَوضِحِ مُشكِلٍ / أَضحى وَمِن شُبَهٍ عَلَيهِ خِتامُ
حَسَنُ الإِنابَةِ مُخلِصٌ أَعمالَهُ / لِلّهِ لا يَسري إِلَيهِ أَثامُ
إِن يَجحَدِ العُظماءُ فَضلَكَ فيهِمُ / فَبَنُوا السَبيلِ تُقِرُّ وَالأَيتامُ
لَكَ حينَ يَعتَكِرُ الظَلامُ صَنائِعٌ / تَغشى الأَرامِلَ وَالعُيونُ نِيامُ
قَسَماً لَوَ اِنّكَ في الغِنى في بَسطَةٍ / لَم يَدرِ أَهلُ الفَضلِ ما الإِعدامُ
لِلّهِ مِن خَفَقانِ قَلبي كُلَّما / قَعَدُوا لِتَجهيزِ الحُمولِ وَقامُوا
فَليَفرَحِ البَيتُ العَتيقُ وَزَمزَمٌ / بِقُدُومِهِ وَالحِلُّ وَالإِحرامُ
يا وَحشَتا وَالعِيسُ لَم يُرفَع لَها / رَحلٌ وَلا نُشِرَت لَها أَعلامُ
لا كانَ هَذا السَيرُ آخِرَ عَهدِنا / فَهِيَ اللَيالي رِحلَةٌ وَمَقامُ
وَكَلاكَ رَبُّكَ حَيثُ كُنتَ وَلا عَدا / أَرضاً تَحُلُّ بِها حَياً وَرِهامُ
وَرَعاكَ مَن لَو كُنتَ راعِيَ خَلقِهِ / لَم يُرعَ إِلّا لِلحَنيفِ ذِمامُ
أَنعِم عَلَينا بِالدُعاءِ إِذا اِلتَقى / بِحُجُونِ مَكَّةَ مَشرِقٌ وَشآمُ
وَعَلَيكَ مِنّا ما حَييتَ وَما بَدَت / شَمسُ النَهارِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ
قُم فَاِسقِنيها قَبلَ صَوتِ الحَمام
قُم فَاِسقِنيها قَبلَ صَوتِ الحَمام / كَرمِيَّةً تَجمَعُ شَملَ الكِرام
صَهباءَ مِمّا عَتَّقَت بابِلٌ / مِزاجُها الأَريُ وَماءُ الغَمام
مِمّا أُدِيرَ الكَأسُ مِنها عَلى / كِسرى وَنُمرُوذَ بنِ كُوشِ بنِ حام
لَوِ اِحتَساها اِبنُ الزُبَيرِ اِغتَدى / أَكرَمَ مِن كَعبٍ وَأَوسِ بنِ لام
تَذهَبُ بِاليَأسِ وَتُدني المُنى / وَتَنشُرُ اللَهوَ وَتَطوي الغَرام
أَو ذاقَها المَنزُوفُ ضَرطاً لَما / هابَ اِبنَ ذي الجَدَّينِ يَومَ الزِحام
وَحَرِّكِ الأَوتارَ وَاِذكُر لَنا / أَيّامنا الغُرَّ بَدارِ السَلام
وَتِلكُمُ الغُزلانُ بَينَ المَها / تَمشي إِلى الشَطِّ فِئاماً فِئام
مِن كُلِّ أَظمى فاتِرٍ طَرفُهُ / تُروى بِمَرآهُ القُلوبُ الحِيام
وَغَنّنا بِالوَترِ صَوتاً وَقُل / المَوتُ أَحلى مِن سُؤالِ اللِئام
أَرى المَعالي تَقتَضي عَزمَتي / تَعَسُّفَ البِيدِ وَخَوضَ الطَوام
بِكُلِّ مَطلِيِّ المِلاطَينِ لَم / يَجرَب وَلَم يَرعَ بِمَرعى السَوام
تَسُوقُهُ الرِيحُ وَتَحتَثُّهُ ال / جَلُّ وَفي الوَجعاءِ مِنهُ الزِمام
لا يَعرِفُ الإِعياءَ في سَيرِهِ / وَلا يُبالي أَمضى أَم أَقام
وَقَد تَساوى عِندَهُ في المَدى / يَومٌ وَأُسبوعٌ وَشَهرٌ وَعام
إِذا يَمَسُّ الأَرضَ في جَريِهِ / خِيفَ عَلى راكِبِهِ الاِصطِلام
أَو كُلِّ رَوعاءَ عَزِيزِيَّةٍ / تَزِفُّ بِالرَحلِ زَفيفَ النَعام
يَصحَبُها أَجرَد عَرض النَسا / قَصيرُ الأَرساغِ طَويلُ الحِزام
كَيما أُلاقِي مَلِكاً عِندَهُ / لِلماجِدِ الأَحسابِ مِثلي مُقام
مُطَهَّرَ الأَخلاقِ تَسمُو بِهِ / إِلى المَعالي هِمَمٌ لا تُرام
أَموالُهُ مِن ضَيمِهِ تَشتَكي / وَجارُهُ في نَجوَةٍ لا يُضام
مَن يَلقَ شَمسَ الدِّينِ يَلقَ اِمرَءاً / يَقعُدُ وَالأَعداءُ مِنهُ قِيام
نَبَّهَ طُلّابَ النَدى جُودُهُ / إِلَيهِ تَنويهاً وَكانُوا نِيام
لَولاهُ لَم يَعرِف بَنُو عَصرِنا / مِن مَلِكٍ شَيئاً سِوى الإِنتِقام
يُجانِبُ اللَهوَ وَيَهوى التُقى / وَيَحفَظُ العَهدَ وَيَرعى الذِمام
لَم يَنطِقِ العَوراءَ في مَجلِسٍ / يَوماً وَلا أَصغى لِزُورِ الكَلام
لا بَرقُهُ في حالَةٍ خُلَّبٌ / وَلا سَحابُ الجُودِ مِنهُ جَهام
أَرضى إِلَهَ العَرشِ في خَلقِهِ / مُذ وَلِيَ الأَمرَ وَأرضى الإِمام
عَفٌّ فَما باتَ أَخُو ثَروَةٍ / يَلصِقُ مِنهُ صَدرَهُ بِالرَغام
كَم رَدَّ مِن حالِ مَخيفٍ وَقَد / صارَ مِن الهَمِّ كَذاتِ الوِحام
إِذا رَأى ما نالَ إِخوانَهُ / مِنَ البَلايا صاحَ صمّي صَمام
فَظَلَّ مُنكَبّاً عَلى وَجهِهِ / وَذابَ غَمّاً وَتَمَنّى الحِمام
مُنذُ تَوَلّى لَم يَبِت مُسلِمٌ / مِنهُ عَلى نِعمَتِهِ ذا اِهتِمام
راشَ ذَوي الفَقرِ وَأَحياهُمُ / وَاِحتَرَمَ المُثرِينَ أَيَّ اِحتِرام
وَغَيرُهُ لَمّا تَوَلّاهُمُ / لَم يُبقِ تَحتَ الجِلدِ غَيرَ العِظام
بِالضَربِ وَالصَلبِ وَحَلقِ اللِحا / وَقَلعِ الأَظفارِ وَشَمّ الأُيام
لَم يَرثَ لِلشَيخِ حَياءً مِن الش / شَيبِ وَلَم يَرحَم شَبابَ الغُلام
وَكَم حَصانٍ أُبرِزَت جَهرَةً / تُساقُ لِلجَلدِ بِغَيرِ اِحتِشام
وَما أَتَت فاحِشَةً تَقتَضي / حَدّاً وَلا تُوجِبُ سَلبَ الخِدام
لا تَدعُ شَمسَ الدِينِ يا ذا الحِجا / مُخاطِباً إِلّا غياثَ الأَنام
فَإِنَّ ذا الإِسمَ بِهِ لائِقٌ / لا بِالمشائِيمِ الطَغامِ اللِئام
يا أَيُّها البَصرَةُ تِيهي بِهِ / فَإِنَّهُ المَلكُ الأَغَرُّ الهُمام
وَإِنَّهُ أَوحَدُ هَذا الوَرى / حِلماً وَعِلماً وَنَدىً وَاِعتِزام
بَثَّ بِها الأَمنَ وَرَدَّ المُنى / غَضّاً وَكانا آذَنا بِاِنصِرام
وَلَم يُصَعِّر خَدَّهُ مُعرِضاً / كِبراً وَلَم يَفضُض لِجُورٍ خِتام
يابا شُجاعٍ يا ثِمالَ الوَرى / يا طاهِراً مِن كُلِّ ذَمٍّ وذام
يا شِبهَ ذي القَرنَينِ مَن رَهطِهِ ال / غُرِّ بَني العِيصِ المُلوكِ الكِرام
كَأَنَّما البَصرَةُ مُذ جُزتَها / أَشلاءُ غِمدٍ سُلَّ مِنهُ الحُسام
بُدِّلَتِ الوَحشَة مِن أُنسِها / وَأُلبِسَت بَعدَ الضِياءِ الظَلام
وَكُلُّ أَرضٍ فَقَدَت شَمسَها / غَشّى الدُجى ساحاتِها وَالخِيام
وَالآنَ إِذ عُدتَ إِلَيها زَهَت / وَاِبتَسَمَت بِالبِشرِ أَيَّ اِبتِسام
فَلا خَلَت مِنكَ الرَعايا وَلا / زِلتَ لِمُرفَضِّ المَعالي نِظام
يا مالِكَ الخَيرِ عَلَيكَ السَلام
يا مالِكَ الخَيرِ عَلَيكَ السَلام / أَتاكَ شَيخٌ مِن أَضَلِّ الأَنام
فَأجِّجِ النارَ وَاِفتح لَهُ / أَبوابَها وَاِنعم لَهُ بِالقِيام
وَاِجعَلهُ بِالتابُوتِ مِن خَلفِهِ / إِبليسُ يَمشي حافِياً في فِئام
وَقُل لَهُ يَختارُ في جَوفِهِ / بَيتاً وَزَيِّنهُ بِغَبنٍ وَلام
وَزُفَّهُ تَرقُصُ مِن حَولِهِ / عَقارِبٌ كَالبُختِ أَو كَالنَعام
وَقُل لِأَهلِ النارِ حُفّوا بِهِ / فَهوَ لِمَن سَنَّ المَعاصي إِمام
حَتّى إِذا أَكمَلَ في قَعرِها / مِنَ المَدى يا مالِكاً أَلفَ عام
فَأمُر بِهِ يَخرُجُ لَو مُكرَهاً / مِنها إِلى الخُلدِ وَدارِ السَلام
أَلا قُل لِمَن أَرهَقَتهُ الذُنوبُ
أَلا قُل لِمَن أَرهَقَتهُ الذُنوبُ / وَخافَ مِن الدَهرِ خَطباً جَسيما
عَلَيكَ الهَدِيَّةَ إِنّي رَأيتُ / لَها عِندَنا اليَومَ شَأناً عَظِيما
تُجِيرُ لِذي الحُمقِ أَنّى أَرا / دَ حَمقاتِهِ وَتُعِزُّ اللَئيما
وَتبري السَخائِمَ حَتّى ترِي / كَ أَعدى عَدُوٍّ وَلِيّاً حَميما
وَأَيسَرُ شَيءٍ يَحُلُّ العُقودَ / وَيُصبِحُ مُهديهِ مُوسى الكَلِيما
فَبالشاةِ يَصفَعُ زَيدٌ أَخا / هُ في مِصرِنا وَيُفَرّي الأَديما
وَيُضحي الَّذي أَنفُهُ في التُخُومِ / يُطاوِلُ مَن يَتَمَطّى النُجُوما
فَكَم مِن بُطَيطِيخَةٍ بَرَّدَت / لَوافِحَ مِن قَبلُ كانَت سُمُوما
وَكَم حُلَّةٍ عَمَّرَت مَنزِلاً / وَأَبقَت مَنازِلَ قَومٍ رُسُوما
فَلا تَحقِرَنَّ قَليلَ الرُشا / فَريحُ الدَواءِ تُحيطُ الكُلوما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025