المجموع : 110
هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ
هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ / وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ / هَذا التَقِيُّ النَقِيُّ الطاهِرُ العَلَمُ
هَذا اِبنُ فاطِمَةٍ إِن كُنتَ جاهِلَهُ / بِجَدِّهِ أَنبِياءُ اللَهِ قَد خُتِموا
وَلَيسَ قَولُكَ مَن هَذا بِضائِرِهِ / العُربُ تَعرِفُ مَن أَنكَرتَ وَالعَجَمُ
كِلتا يَدَيهِ غِياثٌ عَمَّ نَفعُهُما / يُستَوكَفانِ وَلا يَعروهُما عَدَمُ
سَهلُ الخَليقَةِ لا تُخشى بَوادِرُهُ / يَزينُهُ اِثنانِ حُسنُ الخَلقِ وَالشِيَمُ
حَمّالُ أَثقالِ أَقوامٍ إِذا اِفتُدِحوا / حُلوُ الشَمائِلِ تَحلو عِندَهُ نَعَمُ
ما قالَ لا قَطُّ إِلّا في تَشَهُّدِهِ / لَولا التَشَهُّدُ كانَت لاءَهُ نَعَمُ
عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإِحسانِ فَاِنقَشَعَت / عَنها الغَياهِبُ وَالإِملاقُ وَالعَدَمُ
إِذا رَأَتهُ قُرَيشٌ قالَ قائِلُها / إِلى مَكارِمِ هَذا يَنتَهي الكَرَمُ
يُغضي حَياءً وَيُغضى مِن مَهابَتِهِ / فَما يُكَلَّمُ إِلّا حينَ يَبتَسِمُ
بِكَفِّهِ خَيزُرانٌ ريحُهُ عَبِقٌ / مِن كَفِّ أَروَعَ في عِرنينِهِ شَمَمُ
يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ / رُكنُ الحَطيمِ إِذا ما جاءَ يَستَلِمُ
اللَهُ شَرَّفَهُ قِدماً وَعَظَّمَهُ / جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ
أَيُّ الخَلائِقِ لَيسَت في رِقابِهِمُ / لَأَوَّلِيَّةِ هَذا أَو لَهُ نِعَمُ
مَن يَشكُرِ اللَهَ يَشكُر أَوَّلِيَّةَ ذا / فَالدينُ مِن بَيتِ هَذا نالَهُ الأُمَمُ
يُنمى إِلى ذُروَةِ الدينِ الَّتي قَصُرَت / عَنها الأَكُفُّ وَعَن إِدراكِها القَدَمُ
مَن جَدُّهُ دانَ فَضلُ الأَنبِياءِ لَهُ / وَفَضلُ أُمَّتِهِ دانَت لَهُ الأُمَمُ
مُشتَقَّةٌ مِن رَسولِ اللَهِ نَبعَتُهُ / وَفَضلُ أُمَّتِهِ دانَت لَهُ الأُمَمُ
يَنشَقُّ ثَوبُ الدُجى عَن نورِ غُرَّتِهِ / كَالشَمسِ تَنجابُ عَن إِشراقِها الظُلَمُ
مِن مَعشَرٍ حُبُّهُم دينٌ وَبُغضُهُمُ / كُفرٌ وَقُربُهُمُ مُنجىً وَمُعتَصَمُ
مُقَدَّمٌ بَعدَ ذِكرِ اللَهِ ذِكرُهُمُ / في كُلِّ بِدءٍ وَمَختومٌ بِهِ الكَلِمُ
إِن عُدَّ أَهلُ التُقى كانوا أَئمَّتَهُم / أَو قيلَ مَن شَيرُ أَهلِ الأَرضِ قيلَ هُمُ
لا يَستَطيعُ جَوادٌ بَعدَ جودِهِمُ / وَلا يُدانيهِمُ قَومٌ وَإِن كَرُموا
هُمُ الغُيوثُ إِذا ما أَزمَةٌ أَزَمَت / وَالأُسدُ أُسدُ الشَرى وَالبَأسُ مُحتَدِمُ
لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً مِن أَكُفِّهِمُ / سِيّانِ ذَلِكَ إِن أَثرَوا وَإِن عَدِموا
يُستَدفَعُ الشَرُّ وَالبَلوى بِحُبِّهِمُ / وَيُستَرَبُّ بِهِ الإِحسانُ وَالنِعَمُ
يا ظَميَ وَيحَكِ إِنّي ذو مُحافَظَةٍ
يا ظَميَ وَيحَكِ إِنّي ذو مُحافَظَةٍ / أَنمي إِلى مَعشَرٍ شُمُّ الخَراطيمِ
مِن كُلِّ أَبلَجَ كَالدينارِ غُرَّتُهُ / مِن آلِ حَنظَلَةَ البيضِ المَطاعيمِ
يا لَيتَ شِعري عَلى قيلِ الوُشاةِ لَنا / أَصَرَّمَت حَبلَنا أَم غَيرَ مَصرومِ
أَم تَنشَحَنَّ عَلى الحَربِ الَّتي جَرَمَت / مِنّي فُؤادَ اِمرِئٍ حَرّانَ مَهيُومِ
أَهلي فِداؤُكِ مِن جارٍ عَلى عَرَضٍ / مُوَدَّعٍ لِفِراقٍ غَيرَ مَذمومِ
يَومَ العَناقَةِإِذ تُبدي نَصيحَتَها / سِرّاً بِمُضطَمِرِ الحاجاتِ مَكتومِ
تَقولُ وَالعيسُ قَد كانَت سَوالِفُها / دونَ المَوارِكِ قَد عيجَت بِتَقويمِ
أَلا تَرى القَومَ مِمّا في صُدورِهِمُ / كَأَنَّ أَوجُهَهُم تُطلى بِتَنّومِ
إِذا رَأَوكَ أَطالَ اللَهُ غَيرَتَهُم / عَضّوا مِنَ الغَيظِ أَطرافَ الأَباهيمِ
إِنّي بِها وَبِرَأسِ العَينِ مَحضَرُها / وَأَنتَ ناءٍ بِجَنبي رَعنَ مَقرومِ
لا كَيفَ إِلّا عَلى غَلباءَ دَوسَرَةٍ / تَأوي إِلى عَيدَةٍ لِلرَحلِ مَلمومِ
صَهباءَ قَد أَخلَفَت عامَينِ باذِلَها / تَلُطُّ عَن جاذِبِ الأَخلافِ مَعقومِ
إِحدى اللَواتي إِذا الحادي تَناوَلَها / مَدَّت لَها شَطَنَ القودِ العَياهيمِ
حَتّى يُرى وَهوَ مَحزومٌ كَأَنَّ بِهِ / حُمّى المَدينَةِ أَو داءَن مِنَ المومِ
صَيداءَ شَأمِيَّةٍ حَرفٍ كَمُشتَرِفٍ / إِلى الشِخاصِ مِنَ التَضغانِ مَبحومِ
أَو أَخدَرِيَّ فَلاةٍ ظَلَّ مُرتَبِئاً / عَلى صَريمَةِ أَمرٍ غَيرِ مَقسومِ
جَونٌ يُؤَجِّلُ عاناتٍ وَيَجمَعُها / حَولَ الخُدادَةِ أَمثالَ الأَناعيمِ
رَعى بِها أَشهُراً يَقرو الخَلاءَ بِها / مُعانِقاً لِلهَوادي غَيرَ مَظلومِ
شَهرَي رَبيعٍ يَلُسُّ الأَرضَ مونِقَةً / إِلى جُمادى بِزَهرِ النورِ مَعمومِ
بِالدَحلِ كُلَّ ظَلامٍ لا تَزالُ لَهُ / حَشرَجَةٌ أَو سَحيلٌ بَعدَ تَدويمِ
حَتّى إِذا أَنفَضَ البُهمى وَكانَ لَهُ / مِن ناصِلٍ مِن سَفاها كَالمَخاذيمِ
تَذَكَّرَ الوِردَ وَاِنضَمَّت ثَميلَتُهُ / في بارِحٍ مِن نَهارِ النَجمِ مَسمومِ
أَرَنَّ وَاِنتَظَرَتهُ أَينَ يَعدِلُها / مُكَدَّحاً بِجَنينٍ غَيرِ مَهشومِ
غاشي المَخارِمِ ما يَنفَكُّ مُغتَصِباً / زَوجاتِ آخَرَ في كُرهٍ وَتَرغيمِ
وَظَلَّ يَعدِلُ أَيَّ المَورِدَينِ لَها / أَدنى بِمُنخَرِقِ القيعانِ مَسؤومِ
أَضارِجاً أَم مِياهِ السَيفِ يَقرِبُها / كَضارِبٍ بِقِداحِ القَسمِ مَأمومِ
حَتّى إِذا جَنَّ داجي اللَيلِ هَيَّجَها / ثَبتُ الخَبارِ وَثَوبٌ لِلجَراثيمِ
يَلُمُّها مُقرِباً لَولا شَكاسَتُهُ / يَنفي الجِحاشَ وَيُزري بِالمَقاحيمِ
حَتّى تَلاقى بِها في مُسيِ ثالِثَةٍ / عَيناً لَدى مَشرَبٍ مِنهُنَّ مَعلومِ
خافَ عَلَيها بَحيراً قَد أَعَدَّ لَها / في غامِضٍ مِن تُرابِ الأَرضِ مَدمومِ
نابي الفِراشِ طَرِيُّ اللَحمِ مُطعَمَهُ / كَأَنَّ أَلواحَهُ أَلواحُ مَحصومِ
عاري الأَشاجِعِ مَسعورٌ أَخو قَنَصٍ / فَما يَنامُ بَحيرٌ غَيرَ تَهويمِ
حَتّى إِذا أَيقَنَت أَن لا أَنيسَ لَها / إِلّا نَئيمٌ كَأَصواتِ التَراجيمِ
تَوَرَّدَت وَهيَ مُزوَرٌّ فَرائِصُها / إِلى الشَرايِعِ بِالقودِ المَقاديمِ
وَاِستَروَحَت تَرهَبُ الأَبصارَ أَنَّ لَها / عَلى القُصَيبَةِ مِنهُ لَيلَ مَشؤومِ
حَتّى إِذا غَمَرَ الحَوماتُ أَكرُعَها / وَعانَقَت مُستَنيماتِ العَلاجيمِ
وَساوَرَتهُ بِأَلحَيها وَمالَ بِها / بَردٌ يُخالِطُ أَجوافَ الحَلاقيمِ
تَكادُ آذانُها في الماءِ يَقصِفُها / بيضُ المَلاغيمِ أَمثالُ الخَواتيمِ
وَقَد تَحَرَّفَ حَتّى قالَ قَد فَعَلَت / وَاِستَوضَحَت صَفَحاتِ القُرَّحِ الهيمِ
ثُمَّ اِنتَحى بِشَديدِ العَيرِ يَحفِزُهُ / حَدُّ اِمرِئٍ في الهَوادي غَيرِ مَحرومِ
فَمَرَّ مِن تَحتِ أَلحَيها وَكانَ لَها / واقٍ إِلى قَدَرٍ لا بُدَّ مَحمومِ
فَاِنقَعَرَت في سَوادِ اللَيلِ يَغصِبُها / بِوابِلٍ مِن عَمودِ الشَدِّ مَشهومِ
فَآبَ رامي بَني الحِرمانِ مُلتَهِفاً / يَمشي بِفَوقَينِ مِن عُريانِ مَحطومِ
فَظَلَّ مِن أَسَفٍ أَن كانَ أَخطَأَها / في بَيتِ جوعٍ قَصيرِ السِمكِ مَهدومِ
مَحكانُ شَرُّ فُحولِ الناسِ كُلِّهِمِ / وَشَرُّ والِدَةٍ أُمُّ الفَرازيمِ
فَحلانِ لَم يَلقَ شَرُّ مِنهُما وَلَداً / مِمَّن تَرَمَّزَ بَينَ الهِندِ وَالرومِ
يا مُرُّ يا اِبنَ سُحَيمٍ كَيفَ تَشتِمُني / عَبدٌ لِعَبدٍ لَئيمِ الخالِ مَكرومِ
ما كُنتَ أَوَّلَ عَبدٍ سَبَّ سادَتَهُ / مُوَلَّعٍ بَينَ تَجديعٍ وَتَصليمِ
تُبنى بُيوتُ بَني سَعدٍ وَبَيتُكُمُ / عَلى ذَليلٍ مِنَ المَخزاةِ مَهدومِ
فَاِهجُر دِيارَ بَني سَعدٍ فَإِنَّهُمُ / قَومٌ عَلى هَوَجٍ فيهِم وَتَهشيمِ
مِن كُلِّ أَقعَسَ كَالراقودَ حُجزَتُهُ / مَملوأَةٌ مِن عَتيقِ التَمرِ وَالثومِ
إِذا تَعَشّى عَتيقَ التَمرِ قامَ لَهُ / تَحتَ الخَميلِ عِصارٌ ذو أَضاميمِ
وَقائِلَةٍ وَالدَمعُ يَحدُرُ كُحلَها
وَقائِلَةٍ وَالدَمعُ يَحدُرُ كُحلَها / لَبِئسَ المَدى أَجرى إِلَيهِ اِبنُ ضَمضَمِ
غَزا مِن أُصولِ النَخلِ حَتّى إِذا اِنتَهى / بِكِنهِلَ أَدّى رُمحُهُ شَرَّ مَغنَمِ
فَلَو كُنتَ صُلبَ العودِ أَو ذا حَفيظَةٍ / لَوَرَّيتَ عَن مَولاكَ في لَيلِ مُظلِمِ
لَجُرتَ بِهادٍ أَو لَقُلتَ لِمُدلِجٍ / مِنَ القَومِ لَمّا يَقضِ نَعسَتَهُ نَمِ
وَكُنتَ كَذِئبِ السوءِ لَمّا رَأى دَماً / بِصاحِبِهِ يَوماً أَحالَ عَلى الدَمِ
لَقَد خُنتَ قَوماً لَو لَجَأتَ إِلَيهِمِ / طَريدَ دَمٍ أَو حامِلاً ثِقلَ مَغرَمِ
لَأَلفَيتَ فيهِم مُطعِماً وَمُطاعِناً / وَراءَكَ شَزراً بِالوَشيجِ المُقَوَّمِ
لَكانوا كَرُكنٍ مِن عَمايَةَ مِنهُمُ / مَنيعِ الذُرى صَعبٍ عَلى المُتَظَلِّمِ
فَلا شَرِبوا إِلّا بِمِلحٍ مُزَلَّجٍ / وَلا نَسَكوا الإِسلامَ إِن لَم تَنَدَّمِ
أَلَم تَذكُروا يا آلَ مَروانَ نِعمَةً
أَلَم تَذكُروا يا آلَ مَروانَ نِعمَةً / لِمَروانَ عِندي مِثلُها يَحقُنُ الدَما
بِها كانَ عَنّي رَدُّ مَروانُ إِذ دَعا / عَلَيَّ زِياداً بَعدَما كانَ أَقسَما
لِيَقتَطِعَن حَرفَي لِساني الَّذي بِهِ / لِخِندِفَ أَرمي عَنهُمُ مَن تَكَلَّما
وَكُنتُ إِلى مَروانَ أَسعى إِذا جَنى / عَلَيَّ لِساني بَعدَما كانَ أَجرَما
وَما باتَ جارٌ عِندَ مَروانَ خائِفاً / وَلَو كانَ مِمَّن يَتَّقي كانَ أَظلَما
يَعُدّونَ لِلجارِ التَلاءِ إِذا اِلتَوى / إِلى أَيِّ أَقتارِ البَرِيَّةِ يَمَّما
وَقَد عَلِموا ما كانَ مَروانُ يَنتَهي / إِذا دَأَبَ الأَقوامُ حَتّى تُحَكَّما
وَأَيَّ مُجيرٍ بَعدَ مَروانَ أَبتَغي / لِنَفسِيَ أَو حَبلٍ لَهُ حينَ أَجرَما
وَلَم تَرَ حَبلاً مِثلَ حَبلٍ أَخَذتُهُ / كَمَروانَ أَنجى لِلمُنادي وَأَعصَما
وَلا جارَ إِلّا اللَهُ إِذ حالَ دونَهُ / كَمَروانَ أَوفى لِلجِوارِ وَأَكرَما
فَلا تُسلِموني آلَ مَروانَ لِلَّتي / أَخافُ بِها قَعرَ الرَكِيَّةِ وَالفَما
وَلا تورِدوني آلَ مَروانَ هُوَّةً / أَخافُ بِجاري رَحلِكُم أَن تُهَدَّما
وَمِن أَينَ يَخشى جارُ مَروانَ بَعدَما / أَناخَ وَحَلَّ الرَحلُ لَمّا تَقَدَّما
وَمِن أَينَ يَخشى جارُكُم وَالحَصى لَكُم / إِذا خِندِفٌ هَزّوا الوَشيجَ المُقَوَّما
فَطامَنَ نَفسي بَعدَما نَشَزَت بِها / مَخافَتَها وَالريقُ لَم يَبلُلِ الفَما
وَما تَرَكَت كَفّا هِشامٍ مَدينَةً / بِها عِوَجٌ في الدينِ إِلّا تَقَوَّما
يُؤَدّي إِلَيهِ الخَرجَ مَن كانَ مُشرِكاً / وَيَرضى بِهِ مَن كانَ لِلَّهِ مُسلِما
أَبوكُم أَبو العاصي الَّذي كانَ يَنجَلي / بِهِ الضَوءُ عَمَّن كانَ بِاللَيلِ أَظلَما
وَكانَت لَهُ كَفّانِ إِحداهُما الثَرى / ثَرى الغَيثِ وَالأُخرى بِها كانَ أَنعَما
ضَرَبتَ بِها النُكّاثَ حَتّى اِهتَدَوا بِها / لِمَن كانَ صَلّى مِن فَصيحٍ وَأَعجَما
بِسَيفٍ بِهِ لاقى بِبَدرٍ مُحَمَّدٌ / إِذا مَسَّ أَصحابَ الضَريبَةِ صَمَّما
سَقى أَريِحاءَ الغَيثُ وَهيَ بَغيضَةٌ
سَقى أَريِحاءَ الغَيثُ وَهيَ بَغيضَةٌ / إِلَيَّ وَلَكِن بي لِيُسقاهُ هامُها
مِنَ العَينِ مُنحَلُّ العَزالي تَسوقُهُ / جَنوبٌ بِأَنضادٍ يَسُحُّ رُكامُها
إِذا أَقلَعَت عَنها سَماءٌ مُلِحَّةٌ / تَبَعَّجَ مِن أُخرى عَلَيكَ غَمامُها
فَبِتُّ بِدَيرَي أَريِحاءَ بِلَيلَةٍ / خُدارِيَّةٍ يَزدادُ طولاً تَمامُها
أُكابِدُ فيها نَفسُ أَقرَبِ مَن مَشى / أَبوهُ لِنَفسٍ ماتَ عَنّي نِيامُها
وَكانَ إِذا أَرضٌ رَأَتهُ تَزَيَّلَت / لِرُؤيَتِهِ صَحراؤُها وَإِكامُها
تَرى مَزِقَ السِربالِ فَوقَ سَمَيدَعٍ / يَداهُ لِأَيتامِ الشِتاءِ طَعامُها
عَلى مِثلِ نَصلِ السَيفِ مَزَّقَ غِمدَهُ / مَضارِبُ مِنهُ لا يُفَلَّ حُسامُها
وَكانَت حَياةَ الهالِكينَ يَمينُهُ / وَلِلنَيبِ وَالأَبطالِ فيها سِمامُها
وَكانَت يَداهُ المِرزَمَينِ وَقِدرُهُ / طَويلاً بِأَفناءِ البُيوتِ صِيامُها
تَفَرَّقُ عَنها النارُ وَالنابُ تَرتَمي / بِأَعصابُها أَرجاؤُها وَاِهتِزامُها
جِماعٌ يُؤَدّي اللَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ / إِلَيها إِذا وارى الجِبالَ ظَلامُها
يَتامى عَلى آثارِ سودٍ كَأَنَّها / رِئالٌ دَعاها لِلمَبيتِ نَعامُها
لِمَن أَخطَأَتهُ أَريِحاءُ لَقَد رَمَت / فَتىً كانَ حَلّالَ الرَوابي سِهامُها
لَئِن خَرَّمَت عَنّي المَنايا مُحَمَّداً / لَقَد كانَ أَفنى الأَوَّلينَ اِختِرامُها
فَتىً كانَ لا يُبلي الإِزارَ وَسَيفُهُ / بِهِ لِلمَوالي في التُرابِ اِنتِقامُها
فَتىً لَم يَكُن يُدعى فَتىً لَيسَ مِثلَهُ / إِذا الريحُ ساقَ الشَولَ شَلّاً جَهامُها
فَتىً كَشِهابِ اللَيلِ يَرفَعُ نارَهُ / إِذا النارُ أَخباها لِسارٍ ضِرامُها
وَكُنّا نَرى مِن غالِبٍ في مُحَمَّدٍ / خَلايِقَ يَعلو الفاعِلينَ جِسامُها
تَكَرُّمَهُ عَمّا يُعَيَّرُ وَالقِرى / إِذا السَنَةُ الحَمراءُ جَلَّحَ عامُها
وَكانَ حَياً لِلمُمحِلينَ وَعِصمَةً / إِذا السَنَةُ الشَهباءُ حَلَّ حَرامُها
وَقَد كانَ مِتعابَ المَطِيِّ عَلى الوَجا / وَبِالسَيفِ زادُ المُرمِلينَ اِعتِيامُها
وَما مِن فَتىً كُنّا نَبيعُ مُحَمَّداً / بِهِ حينَ تَعتَزُّ الأُمورُ عِظامُها
إِذا ما شِتاءُ المَحلِ أَمسى قَدِ اِرتَدى / بِمِثلِ سَحيقِ الأُرجُوانِ قِتامُها
أَقولُ إِذا قالوا وَكَم مِن قَبيلَةٍ / حَوالَيكَ لَم يُترَك عَلَيها سِنامُها
أَبى ذِكرَ سَوراتٍ إِذا حُلَّتِ الحُبى / وَعِندَ القِرى وَالأَرضُ بالٍ ثُمامُها
سَأَبكيكَ ماكانَت بِنَفسي حُشاشَةٌ / وَما دَبَّ فَوقَ الأَرضِ يَمشي أَنامُها
وَما لاحَ نَجمٌ في السَماءِ وَما دَعا / حَمامَةَ أَيكٍ فَوقَ ساقٍ حَمامُها
فَهَل تَرجِعُ النَفسَ الَّتي قَد تَفَرَّقَت / حَياةُ صَدىً تَحتَ القُبورِ عِظامُها
وَلَيسَ بِمَحبوسٍ عَنِ النَفسِ مُرسَلٌ / إِلَيها إِذا نَفسٌ أَتاها حِمامُها
لَعَمري لَقَد سَلَّمتُ لَو أَنَّ جِثوَةً / عَلى جَدَثٍ رَدَّ السَلامَ كَلامُها
فَهَوَّنَ وَجدي أَنَّ كُلَّ أَبي اِمرِئٍ / سَيُثكَلُ أَو يَلقاهُ مِنها لِزامُها
وَقَد خانَ ما بَيني وَبَينَ مُحَمَّدٍ / لَيالٍ وَأَيّامٌ تَناءى اِلتِئامُها
كَما خانَ دَلوَ القَومِ إِذ يُستَقى بِها / مِنَ الماءِ مِن مَتنِ الرِشاءِ اِنجِذامُها
وَقَد تَرَكَ الأَيّامُ لي بَعدَ صاحِبي / إِذا أَظلَمَت عَيناً طَويلاً سِجامُها
كَأَنَّ دَلوحاً تُرتَقى في صُعودِها / يُصيبُ مَسيلَي مُقلَتَيَّ سِلامُها
عَلى حُرِّ خَدّي مِن يَدَي ثَقَفِيَّةٍ / تَناثَرَ مِن إِنسانِ عَيني نِظامُها
لَعَمري لَقَد عَوَّرتُ فَوقَ مُحَمَّدٍ / قَليباً بِهِ عَنّا طَويلاً مَقامُها
شَآمِيَّةً غَبراءَ لا غولَ غَيرُها / إِلَيها مِنَ الدُنيا الغَرورِ اِنصِرامُها
فَلِلَّهِ ما اِستَودَعتُمُ قَعرَ هُوَّةٍ / وَمِن دونِهِ أَرجاؤُها وَهِيامُها
بِغورِيَّةِ الشَأمِ الَّتي قَد تَحُلُّها / تَنوخُ وَلَخمٌ أَهلُها وَجُذامُها
وَقَد حَلَّ داراً عَن بَنيهِ مُحَمَّدٌ / بَطيئاً لِمَن يَرجو اللِقاءَ لِمامُها
وَما مِن فِراقٍ غَيرَ حَيثُ رِكابُنا / عَلى القَبرِ مَحبوسٌ عَلَينا قِيامُها
تُناديهِ تَرجو أَن يُجيبَ وَقَد أَتى / مِنَ الأَرضِ أَنضادٌ عَلَيهِ سِلامُها
وَقَد كانَ مِمّا في خَليلَي مُحَمَّدٍ / شَمائِلُ لا يُخشى عَلى الجارِ ذامُها
أَلِمّا عَلى أَطلالِ سُعدى نُسَلِّمِ
أَلِمّا عَلى أَطلالِ سُعدى نُسَلِّمِ / دَوارِسَ لَمّا اِستُنطِقَت لَم تَكَلَّمِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ وَإِنَّما / عَرَفتُ رُسومَ الدارِ بَعدَ التَوَهُّمِ
يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَلَقَد بَدَت / لَهُم عَبَراتُ المُستَهامِ المُتَيَّمِ
فَقُلتُ لَهُم لا تَعذُلوني فَإِنَّها / مَنازِلُ كانَت مِن نَوارَ بِمَعلَمِ
أَتاني مِنَ الأَنباءِ بَعدَ الَّذي مَضى / لِشَيبانَ مِن عادِيِّ مَجدٍ مُقَدَّمِ
غَداةَ قَرَوا كِسرى وَحَدَّ جُنودِهِ / بِبَطحاءِ ذي قارٍ قِرىً لَم يُعَتَّمِ
أَباحوا حِمىً قَد كانَ قِدماً مُحَرَّماً / فَأَضحى عَلى شَيبانَ غَيرَ مُحَرَّمِ
مِنِ اِبنَي نِزارٍ وَاليَمانَينَ بَعدَهُم / أَيادي سَبا وَالعَقلُ لِلمُتَفَهِّمِ
فَخُصَّت بِهِ شَيبانُ مِن دونِ قَومِها / عَلى راضِياتٍ مِن أُنوفٍ وَرُغَّمِ
فَصارَت لِذُهلٍ دونَ شَيبانَ إِنَّهُم / ذَوُو العِزِّ عِندَ المُنتَمى وَالتَكَرُّمِ
فَآلَت لِحَمّامٍ فَفازوا بِصَفوِها / وَمَن يُعطِ أَثمانَ المَكارَمِ يُعظَمِ
فَأَبلِغ أَبا عَبدِ المَليكِ رِسالَةً / يَمينَ وَفاءٍ لَم تَنَطَّف بِمَأثَمِ
سَتَأتيكَ مِنّي كُلَّ عامٍ قَصيدَةٌ / مُحَبَّرَةٌ نوفيكَها كُلَّ مَوسِمِ
فَهَذي ثَلاثٌ قَد أَتَتكَ وَبَعدَها / قَصائِدَ إِلّا أودِ لا تَتَصَرَّمِ
جَزاءً بِما أَولَيتَني إِذ حَبَوتَني / بِجابِيَةِ الجَولانِ ذاتِ المُخَرَّمِ
وَإِن أَكُ قَد عاتَبتُ بَكراً فَإِنَّني / رَهينٌ لِبَكرٍ بِالرِضا وَالتَكَرُّمِ
تَصَرَّمَ عَنّي وَدُّ بَكرَ اِبنِ وائِلٍ
تَصَرَّمَ عَنّي وَدُّ بَكرَ اِبنِ وائِلٍ / وَما كادَ عَنّي وُدُّهُم يَتَصَرَّمُ
قَوارِصُ تَأتيني فَيَحتَقِرونَها / وَقَد يَملَأُ القَطرُ الأَتِيَّ فَيَفعُمُ
وَما عَن قِلىً عاتَبتُ بَكرَ اِبنَ وائِلٍ
وَما عَن قِلىً عاتَبتُ بَكرَ اِبنَ وائِلٍ / وَلا عَن تَجَنّي الصارِمِ المُتَجَرِّمِ
وَلَكِنَّني أَولى بِهِم مِن حَليفِهِم / لَدى مَغرَمٍ إِن نابَ أَو عِندَ مَغنَمِ
وَهَيَّجَني ضَنّي بِبَكرٍ عَلى الَّذي / نَطَقتُ وَما غَيبي لِبَكرٍ بِمُتهَمِ
وَقَد عَلِموا أَنّي أَنا الشاعِرُ الَّذي / يُراعي لِبَكرٍ كُلِّها كُلَّ مَحرَمِ
وَإِنّي لِمَن عادَوا عَدُوٌّ وَإِنَّني / لَهُم شاكِرٌ ما حالَفَت ريقَتي فَمي
هُمُ مَنَعوني إِذ زِيادٌ يَكيدُني / بِجاحِمِ جَمرٍ ذي لَظى مُتَضَرِّمِ
وَهُم بَذَلوا دوني التِلادَ وَغَرَّروا / بِأَنفُسِهِم إِذ كانَ فيهِم مُرَغِّمي
أَتَرضى بَنو شَيبانَ لِلَّهِ دَرُّهُم / وَبَكرٌ جَميعاً كُلَّ مُثرٍ وَمُعدَمِ
بَأَزدِ عُمانٍ إِخوَةٌ دونَ قَومِهِم / لَقَد زَعَموا في رَأيِهِم غَيرَ مَرغَمِ
فَإِنَّ أَخاها عَبدُ أَعلى بَنى لَها / بِأَرضِ هِرَقلٍ وَالعُلى ذاتُ مَجشَمِ
رَفيعاً مِنَ البِنيانِ أَثبَتَ أُسَّهُ / مَآثِرُ لَم تَخشَع وَلَم تَتَهَدَّمِ
هُمُ رَهَنوا عَنهُم أَباكَ وَما أَلَوا / عَنِ المُصطَفى مِن قَومِهِم بِالتَكَرُّمِ
إِذا المَرءُ لَم يَحقُن دَماً لِاِبنِ عَمِّهِ
إِذا المَرءُ لَم يَحقُن دَماً لِاِبنِ عَمِّهِ / بِمَخلولَةٍ مِن مالِهِ أَو بِمُقحَمِ
فَلَيسَ بِذي حَقٍّ يُهابُ لِحَقِّهِ / وَلا ذي حَريمٍ تَتَّقيهِ لِمَحرَمِ
فَخَلِّ عَنِ الحَيّاتِ إِن نَهَدَت لَهُ / وَلا تَدعُوَن يَوماً بِهِ عِندَ مُعظَمِ
أَبى حَكَمٌ مِن مالِهِ أَن يُعينَنا / عَلى حَلِّ حَبلِ الأَبيَضِيِّ بِدِرهَمِ
وَقُلتُ لَهُ مَولاكَ يَدعو يَقودُهُ / إِلَيكَ بِحَبلٍ ثائِرٌ غَيرُ مِنعِمِ
بَكى بَينَ ظَهرَي رَهطِهِ بَعدَما دَعا / ذَوي المُخِّ مِن أَحسابَهُم وَالمُطَعَّمِ
فَقالَ لَهُم راخوا خِناقي وَأَطلِقوا / وِثاقي فَإِنّي بَينَ قَتلٍ وَمَغرَمِ
وَمِن حَولِهِ رَهطٌ أَصابَ أَخاهُمُ / بِهازِمَةٍ تَحتَ الفِراشِ المُحَطَّمِ
بَنو عِلَّةٍ مُستَبسِلونَ قَدِ اِلتَوَت / قُواهُم بِثَأرٍ في المَريرَةِ مُسلَمِ
وَلَم يَدعُ حَتّى مالَهُ عِندَ طارِقٍ / وَلا سائِرِ الأَبناءِ مِن مُتَلَوَّمِ
فَقالوا اِستَغِث بِالقَبرِ أَو أَسمِعِ اِبنَهُ / دُعاءَكَ يَرجِع ريقُ فيكَ إِلى الفَمِ
فَأَقسَمَ لا يَختارُ حَيّاً بِغالِبٍ / وَلَو كانَ في لَحدٍ مِنَ الأَرضِ مُظلِمِ
دَعا بَينَ آرامِ المَقَرِّ اِبنَ غالِبٍ / وَعاذَ بِقَبرٍ تَحتَهُ خَيرُ أَعظُمِ
فَقُلتُ لَهُ أُقريكَ عَن قَبرِ غالِبٍ / هُنَيدَةَ إِذ كانَت شِفاءً مِنَ الدَمِ
يَنامُ الطَريدُ بَعدَها نَومَةَ الضُحى / وَيَرضى بِها ذو الإِحنَةِ المُتَجَرِّمِ
فَقامَ عَنِ القَبرِ الَّذي كانَ عائِذاً / بِهِ إِذ أَطافَت عيطُها حَولَ مُسلَمِ
وَلَو كانَ زَبّانُ العُلَيمِيُّ جارَها / وَآلُ أَبي العاصي غَدَت لَم تُقَسَّمِ
وَفيمَ اِبنُ بَحرٍ مِن قِلاصِ أَشَذَّها / بِسَيفَينِ أَغشى رَأسَهُ لَم يُعَمَّمِ
وَلَم أَرَ مَدعُوَّينِ أَسرَعَ جابَةً / وَأَكفى لِراعٍ مِن عُبَيدٍ وَأَسلَمِ
أَهيبا بِها يا اِبنَي جُبَيرٍ فَإِنَّها / جَلَت عَنكُما أَعناقُها لَونَ عِظلِمِ
دَفَعتُ إِلى أَيديهِما فَتَقَبَّلا / عَصا مِئَةٍ مِثلَ الفَسيلِ المُكَمَّمِ
فَراحا بِجُرجورٍ كَأَنَّ إِفالَها / فَسيلٌ دَماً قِنوانُهُ مِن مُحَلِّمِ
أَلا يا اِخبِروني أَيُّها الناسُ إِنَّما / سَأَلتُ وَمَن يَسأَل عَنِ العِلمِ يَعلَمِ
سُؤالَ اِمرِئٍ لَم يُغفِلِ العِلمَ صَدرُهُ / وَما العالِمُ الواعي الأَحاديثَ كَالعَمي
أَلا هَل عَلِمتُم مَيِّتاً قَبلَ غالِبٍ / قَرى مِئَةً ضَيفاً وَلَم يَتَكَلَّمِ
أَبي صاحِبُ القَبرِ الَّذي مَن يَعُذ بِهِ / يُجِرهُ مِنَ الغُرمِ الَّذي جَرَّ وَالدَمِ
وَقَد عَلِمَ الساعي إِلى قَبرِ غالِبٍ / مِنَ السَيفِ يَسعى أَنَّهُ غَيرُ مُسلَمِ
وَإِذ نَحَّبَت كَلبٌ عَلى الناسِ أَيُّهُم / أَحَقُّ بِتاجِ الماجِدِ المُتَكَرِّمِ
عَلى نَفَرٍ هُم مِن نِزارٍ ذُؤابَةٌ / وَأَهلُ الجَراثيمِ الَّتي لَم تُهَدَّمِ
عَلى أَيِّهِم أَعطى وَلَم يَدرِ مَن هُمُ / أَحَلَّ لَهُم تَعقيلَ أَلفٍ مُصَتَّمِ
فَلَم يَجلُ عَن أَحسابِهِ غَيرُ غالِبٍ / جَرى بِعِنانَي كُلِّ أَبلَجَ خِضرِمِ
وَلَو قَبِلَت سَيدانُ مِنّي حَليفَتي / شَفَيتُ بِها ما يَدَّعي آلُ ضَمضَمِ
لَأَعطَيتُ ما أَرضى هُبَيرَةَ قائِماً / مِنَ المُعلَنِ البادي لَنا وَالمُجَمجَمِ
وَكُنتُ كَمَسؤولٍ بِأَحداثِ قَومِهِ / لِيُصلِحَها مَن لَيسَ فيها بِمُجرِمِ
وَلَكِن إِذا ما المُصلِحونَ عَصاهُمُ / وَلِيٌّ فَما لِلنُصحِ مِن مُتَقَدَّمِ
لا يُبعِدُ اللَهُ اليَمينَ الَّتي سَقَت
لا يُبعِدُ اللَهُ اليَمينَ الَّتي سَقَت / أَبا اللَيلِ تَحتَ اللَيلِ سَجلاً مِنَ الدَمِ
جَلَت حُمَماً عَنها صُباحٌ فَأَصبَحَت / لَها النِصفُ مِن أُحدوثَتي كُلَّ مَوسِمِ
هُمُ القَومُ إِلّا حَيثُ سَلّوا سُيوفَهُم / وَضَحّوا بِلَحمٍ مِن مُحِلٍّ وَمُحرِمِ
هُمُ فَرَّقوا قَبرَيهِما بَعدَ مالِكٍ / وَمَن يَحتَمِل داءَ العَشيرَةِ يَندَمِ
غَدَت مِن هِلالٍ ذاتُ بَعلٍ سَمينَةٍ / فَآبَت بِثَديٍ باهِلِ الزَوجِ أَيِّمِ
لَو أَنَّ حَدراءَ تَجزيني كَما زَعَمَت
لَو أَنَّ حَدراءَ تَجزيني كَما زَعَمَت / أَن سَوفَ تَفعَلُ مِن بَذلٍ وَإِكرامِ
لَكُنتُ أَطوَعَ مِن ذي حَلقَةٍ جُعِلَت / في الأَنفِ ذَلَّ بِتَقوادٍ وَتَرسامِ
عَقيلَةٌ مِن بَني شَيبانَ يَرفَعُها / دَعايِمُ لِلعُلى مِن آلِ هَمّامِ
مِن آلِ مُرَّةَ بَينَ المُستَضاءِ بِهِم / مِن رُؤَساءٍ مَصاليتٍ وَأَحكامِ
بَينَ الأَحاوِصِ مِن كَلبٍ مُرَكَّبُها / وَبَينَ قَيسِ اِبنِ مَسعودٍ وَبِسطامِ
إِنّي كَتَبتُ إِلَيكَ أَلتَمِسُ الغِنى
إِنّي كَتَبتُ إِلَيكَ أَلتَمِسُ الغِنى / بِيَدَيكَ أَو بِيَدَي أَبيكَ الهَيثَمِ
أَيدٍ سَبَقنَ إِلى المُنادي بِالقِرى / وَالبَأسِ في سَبَلِ العَجاجِ الأَقتَمِ
الشاعِباتِ إِذا الأُمورُ تَفاقَمَت / وَالمُطعِماتِ إِذا يَدٌ لَم تُطعَمِ
وَالمُصلِحاتِ بِمالِهِنَّ ذَوي الغِنى / وَالخاضِباتِ قَنا الأَسِنَّةِ بِالدَمِ
إِنّي حَلَفتُ بِرافِعينَ أَكُفَّهُم / بَينَ الحَطيمِ وَبَينَ حَوضَي زَمزَمِ
لِتَأتِيَنَّكَ مِدحَةٌ مَشهورَةٌ / غَرّاءُ يَعرِفُها رِفاقُ المَوسِمِ
أَلَم تَرَ قَيساً قَيسَ عَيلانَ شَمَّرَت
أَلَم تَرَ قَيساً قَيسَ عَيلانَ شَمَّرَت / لِنَصري وَحاطَتني هُناكَ قُرومُها
فَقَد حالَفَت قَيسٌ عَلى الناسِ كُلِّهِم / تَميماً فَهُم مِنها وَمِنها تَميمُها
وَعادَت عَدُوّي أَنَّ قَيساً لَأُسرَتي / وَقَومي إِذا ما الناسُ عُدَّ قَديمُها
لَنا المِنبَرُ الغَربِيُّ وَالناسُ كُلُّهُم / يَدينُ لَهُم جُهّالُها وَحَليمُها
تُبَكّي عَلى المَنتوفِ بَكرُ اِبنُ وائِلٍ
تُبَكّي عَلى المَنتوفِ بَكرُ اِبنُ وائِلٍ / وَتَنهى عَنِ اِبنَي مِسمَعٍ مَن بَكاهُما
قَتيلَينِ تَجتازُ الرِياحُ عَلَيهِما / مُجاوِرُ نَهرَي واسِطٍ جَسَداهُما
وَلَو أَصبَحا مِن غَيرِ بَكرِ اِبنِ وائِلٍ / لَكانَ عَلى الجاني ثَقيلاً دِماهُما
غُلامانِ نالا مِثلَ ما نالَ مِسمَعٌ / وَما وَصَلَت عِندَ النَباتِ لِحاهُما
وَلَو كانَ حَيّاً مالِكٌ وَاِبنُ مالِكٍ / لَقَد أَوقَدا نارَينِ عالٍ سَناهُما
وَلَو غَيرُ أَيدي الأَزدِ نالَت ذَراهُما / وَلَكِن بِأَيدي الأَزدِ حُزَّت طُلاهُما
إِذا زَخَرَت قَيسٌ وَخِندِفُ وَاِلتَقى
إِذا زَخَرَت قَيسٌ وَخِندِفُ وَاِلتَقى / صَميماهُما إِذ طاحَ كُلُّ صَميمِ
وَكَيفَ يَسيرُ الناسُ قَيسٌ وَراءَهُم / وَقَد سُدَّ ما قُدّامَهُم بِتَميمِ
فَلا وَالَّذي تَلقى خُزَيمَةُ مِنهُمُ / بَني أُمِّ بَذّاخينَ غَيرِ عَقيمِ
فَما أَحَدٌ مِن غَيرِهِم بِسَبيلِهِم / وَما الناسُ إِلّا مِنهُمُ بِمُقيمِ
إِذا مُضَرُ الحَمراءُ حَولي تَعَطَّفَت / عَلَيَّ وَقَد دَقَّ اللِجامَ شَكيمي
أَبَوا أَن أَسومَ الناسَ إِلّا ظُلامَةً / وَكُنتُ اِبنَ مِرغامِ العَدُوِّ ظَلومِ
أَلَم تَرَ ما قالَت نَوارُ وَدونَها
أَلَم تَرَ ما قالَت نَوارُ وَدونَها / مِنَ الهَمِّ لي مُستَضمَرٌ أَنا كاتِمُه
تَقولُ وَعَيناها تَفيضانِ هَل تَرى / مَكانَكَ مِمَّن لا أَراكَ تُخاصِمُه
تَنَحَّ عَنِ الحَجّاجِ إِنَّ زِحامَهُ / شَديدٌ إِذا أَغضى عَلى مَن يُزاحِمُه
وَمَن يَأمَنُ الحَجّاجَ وَالجِنُّ تَتَّقي / عُقوبَتَهُ إِلّا ضَعيفٌ عَزائِمُه
أَتاني بِها وَاللَيلُ نِصفانِ قَد مَضى
أَتاني بِها وَاللَيلُ نِصفانِ قَد مَضى / أَمامي وَنِصفٌ قَد تَوَلَّت تَوائِمُه
فَقالَ تَعَلَّم إِنَّها أَرحَبِيَّةٌ / وَإِنَّ لَكَ اللَيلَ الَّذي أَنتَ جاشِمُه
نَصيحَتُهُ بَعدَ اللُبابِ الَّذي اِشتَرى / بِأَلفَينِ لَم تُحجَن عَلَيها دَراهِمُه
وَإِنَّكَ إِن يَقدِر عَلَيكَ يَكُن لَهُ / لِسانُكَ أَو تُغلَق عَلَيكَ أَداهِمُه
كَفاني بِها البَهزِيُّ جُملانِ مَن أَبى / مِنَ الناسِ وَالجاني تُخافُ جَرائِمُه
فَتى الجودِ عيسى ذو المَكارِمِ وَالنَدى / إِذا المالُ لَم تَرفَع بَخيلاً كَرائِمُه
تَخَطّى رُؤوسَ الحارِسينَ مُخاطِراً / مَخافَةَ سُلطانٍ شَديدٍ شَكائِمُه
فَمَرَّت عَلى أَهلِ الحُفَيرِ كَأَنَّها / ظَليمٌ تَبارى جُنحَ لَيلٍ نَعائِمُه
كَأَنَّ شِراعاً فيهِ مَثنى زِمامِها / مِنَ الساجِ لَولا خَطمُها وَبَلاعِمُه
كَأَنَّ فُؤوساً رُكِّبَت في مَحالِها / إِلى دَأيِ مَضبورٍ نَبيلٍ مَحازِمُه
وَأَصبَحتُ وَالمُلقى وَرائي وَحَنبَلٌ / وَما صَدَرَت حَتّى تَلا اللَيلَ عاتِمُه
رَأَت بَينَ عَينَيها رَوِيَّةَ وَاِنجَلى / لَها الصُبحُ عَن صَعلٍ أَسيلٍ مَخاطِمُه
إِذا ما أَتى دوني الفُرَيّانَ فَاِسلَمي / وَأَعرَضَ مِن فَلجٍ وَرائي مَخارِمُه
بِفي الشامِتينَ الصَخرُ إِن كانَ مَسَّني
بِفي الشامِتينَ الصَخرُ إِن كانَ مَسَّني / رَزِيَّةُ شِبلي مُخدِرٍ في الضَراغِمِ
هِزَبرٍ إِذا أَشبالَهُ سِرنَ حَولَهُ / تَشَظَّت سِباعُ الأَرضِ مِن ذي النَحائِمِ
أَرى كُلَّ حَيٍّ لا يَزالُ طَليعَةً / عَلَيهِ المَنايا مِن فُروجِ المَخارِمِ
وَما أَحَدٌ كانَ المَنايا وَراءَهُ / وَلَو عاشَ أَيّاماً طِوالاً بِسالِمِ
فَلَستُ وَلَو شَقَّت حَيازيمَ نَفسِها / مِنَ الوَجدِ بَعدَ اِبنَي نَوارَ بِلائِمِ
عَلى حَزَنٍ بَعدَ اللَذَينِ تَتابَعا / لَها وَالمَنايا قاطِعاتُ التَمائِمِ
يُذَكِّرُني اِبنَيَّ السِماكانِ مَوهِناً / إِذا اِرتَفَعا بَينَ النُجومِ التَوائِمِ
فَقَد رُزِئَ الأَقوامُ قَبلِيَ بِاِبنِهِم / وَإِخوانِهِم فَاِقني حَياءَ الكَرائِمِ
وَمِن قَبلُ ماتَ الأَقرَعانِ وَحاجِبٌ / وَعَمرٌ وَماتَ المَرءُ قَيسُ اِبنُ عاصِمِ
وَماتَ أَبي وَالمُنذِرانُ كِلاهُما / وَعَمروُ اِبنُ كُلتومٍ شِهابُ الأَراقِمِ
وَقَد ماتَ خَيراهُم فَلَم يُهلِكاهُمُ / عَشِيَّةَ بانا رَهطَ كَعبٍ وَحاتِمِ
وَقَد ماتَ بِسطامُ اِبنُ قَيسٍ وَعامِرٌ / وَماتَ أَبو غَسّانَ شَيخُ اللَهازِمِ
فَما اِبناكِ إِلّا اِبنٌ مِنَ الناسِ فَاِصبِري / فَلَن يَرجِعَ المَوتى حَنينُ المَآتِمِ
لَعَمري لَقَد كانَ اِبنُ ثَورٍ لِنَهشَلٍ
لَعَمري لَقَد كانَ اِبنُ ثَورٍ لِنَهشَلٍ / غَروراً كَما غَرَّ السَليمَ تَمائِمُه
فَدَلّاهُمُ حَتّى إِذا ما تَذَبذَبوا / بِمَهواةِ نيقٍ أَسلَمَتهُم سَلالِمُه
فَأَصبَحَ مَن تَحمي رُمَيلَةُ وَاِبنُها / مُباحاً حِماهُ مُستَحَلّاً مَحارِمُه
وَمِثلُكَ قَد أَبطَرتُهُ قَدرَ ذَرعِهِ / إِذا نَظَرَ الأَقوامُ كَيفَ أُراجِمُه
فَمَن يَزدَجِر طَيرَ اليَمينِ فَإِنَّما / جَرَت لِاِبنِ مَسعودٍ يَزيدَ أَشائِمُه
تَسَمَّع وَأَنصِت يا يَزيدُ مَقالَتي / وَهَل أَنتَ إِن أَفهَمتُكَ الحَقَّ فاهِمُه
أُنَبِّئكَ ما قَد يَعلَمُ الناسُ كُلُّهُم / وَما جاهِلٌ شَيئاً كَمَن هُوَ عالِمُه
أَلَم تَرَ أَنّا نَحنُ أَفضَلُ مِنكُمُ / قَديماً كَما خَيرُ الجَناحِ قَوادِمُه
وَما زالَ باني العِزِّ مِنّا وَبَيتُهُ / وَفي الناسِ باني بَيتِ عِزٍّ وَهادِمُه
قَديماً وَرِثناهُ عَلى عَهدِ تُبَّعٍ / طِوالاً سَواريهِ شِداداً دَعائِمُه
وَكَم مِن أَسيرٍ قَد فَكَكنا وَمِن دَمٍ / حَمَلنا إِذا ما ضاجَ بِالثِقلِ غارِمُه
بَني نَهشَلٍ لَن تُدرِكوا بِسِبابِكُم / نَوافِذَ قَولي حَيثُ غَبَّت عَوارِمُه
مَتى تَكُ ضَيفَ النَهشَلِيَّ إِذا شَتا / تَجِد ناقِصَ المِقرى خَبيثاً مَطاعِمُه
أَلَم تَعلَما يا اِبنَي رِقاشٍ بِأَنَّني / إِذا اِختارَ حَربي مِثلُكُم لا أُسالِمُه
غَنِمنا فُقَيماً إِذ فُقَيمٌ غَنيمَةٌ / أَلا كُلُّ مَن عادى الفُقَيمِيَّ غانِمُه
فَجِئنا بِهِ مِن أَرضِ بَكرِ اِبنِ وائِلٍ / نَسوقُ قَصيرَ الأَنفِ حُرداً قَوادِمُه
أَنا الشاعِرُ الحامي حَقيقَةَ قَومِهِ / وَمِثلي كَفى الشَرَّ الَّذي هُوَ جارِمُه
وَكُنتُ إِذا عادَيتُ قَوماً حَمَلتُهُم / عَلى الجَمرِ حَتّى يَحسِمَ الداءَ حاسِمُه
وَجَيشٌ رَبَعناهُ كَأَنَّ زُهاءَهُ / شَماريخُ طَودٍ مُشمَخِرٌّ مَخارِمُه
كَثيرِ الحَصى جَمِّ الوَغى بالِغِ العِدى / يُصَمُّ السَميعَ رَزُّهُ وَهَماهِمُه
لُهامٍ تَظَلُّ الطَيرُ تَأخُذُ وَسطَهُ / تُقادُ إِلى أَرضِ العَدُوِّ سَواهِمُه
مَطَونا بِهِ حَتّى كَأَنَّ جِيادَهُ / نَوىً خَلَّقَتهُ بِالضُروسِ عَواجِمُه
قَبائِلُهُ شَتّى وَيَجمَعُ بَينَها / مِنَ الأَمرِ ما تُلقى إِلَينا خَزائِمُه
إِذا ما غَدا مِن مَنزِلٍ سَهَّلَت لَهُ / سَنابِكُهُ صُمَّ الصُوى وَمَناسِمُه
إِذا وَرَدَ الماءَ الرَواءَ تَظامَأَت / أَوائِلُهُ حَتّى يُماحَ عَيالِمُه
دَهَمنا بِهِم بَكراً فَأَصبَحَ سَبيُهُم / تُقَسَّمُ بِالأَنهابِ فينا مَغانِمُه
غَزَونا بِهِ أَرضَ العَدُوِّ وَمَوَّلَت / صَعاليكَنا أَنفالُهُ وَمَقاسِمُه
وَعِندَ رَسولِ اللَهِ إِذ شَدَّ قَبضَهُ / وَمُلِّئَ مِن أَسرى تَميمٍ أَداهِمُه
فَرَجنا عَنِ الأَسرى الأَداهِمَ بَعدَما / تَخَمَّطَ وَاِشتَدَّت عَلَيهِم شَكايِمُه
فَتِلكَ مَساعينا قَديماً وَسَعيُنا / كَريمٌ وَخَيرُ السَعيِ قِدماً أَكارِمُه
مَساعِيَ لَم يُدرِك فُقَيمٌ خِيارَها / وَلا نَهشَلٌ أَحجارُهُ وَنَوايِمُه
إِنّي لَيَنفَعُني بَأسي فَيَصرِفُني
إِنّي لَيَنفَعُني بَأسي فَيَصرِفُني / إِذا أَتى دونَ شَيءٍ مُرَّةُ الوَذَمِ
وَالشَيبُ شَرُّ جَديدٍ أَنتَ لابِسُهُ / وَلَن تَرى خَلَقاً شَرّاً مِنَ الهَرَمِ
ما مِن أَبٍ حَمَلَتهُ الأَرضُ نَعلَمُهُ / خَيرٌ بَنينَ وَلا خَيرٌ مِنَ الحَكَمِ
الحَكَمُ اِبنُ أَبي العاصي الَّذينَ هُمُ / غَيثُ البِلادِ وَنورُ الناسِ في الظُلَمِ
مِنهُم خَلائِفُ يُستَسقى الغَمامُ بِهِم / وَالمُقحِمونَ عَلى الأَبطالِ في القَتَمِ
رَأَت قُرَيشٌ أَبا العاصي أَحَقَّهُمُ / بِاِثنَينِ بِالخاتَمِ المَيمونِ وَالقَلَمِ
تَخَيَّروا قَبلَ هَذا الناسِ إِذ خُلِقوا / مِنَ الخَلائِقِ أَخلاقاً مِنَ الكَرَمِ
مِلءَ الجِفانِ مِنَ الشيزى مُكَلَّلَةً / وَالضَربَ عِندَ اِحمِرارِ المَوتِ لِلبُهَمِ
ما ماتَ بَعدَ اِبنِ عَفّانَ الَّذي قَتَلوا / وَبَعدَ مَروانَ لِلإِسلامِ وَالحُرَمِ
مِثلُ اِبنِ مَروانَ وَالآجالُ لاقِيَةٌ / بِحَتفِها كُلَّ مَن يَمشي عَلى قَدَمِ
إِن تَرجِعوا قَد فَرَغتُم مِن جَنازَتِهِ / فَما حَمَلتُم عَلى الأَعوادِ مِن أَمَمِ
خَليفَةً كانَ يُستَسقى الغَمامُ بِهِ / خَيرَ الَّذينَ بَقَوا في غابِرِ الأُمَمِ
قالوا اِدفُنوهُ فَكادَ الطَودُ يُرجِفُهُ / إِذ حَرَّكوا نَعشَهُ الراسي مِنَ العَلَمِ
أَمّا الوَليدُ فَإِنَّ اللَهَ أَورَثَهُ / بِعِلمِهِ فيهِ مُلكاً ثابِتَ الدِعَمِ
خِلافَةً لَم تَكُن غَصباً مَشورَتُها / أَرسى قَواعِدَها الرَحمَنُ ذو النِعَمِ
كانَت لِعُثمانَ لَم يَظلِم خِلافَتَها / فَاِنتَهَكَ الناسُ مِنهُ أَعظَمَ الحُرَمِ
دَماً حَراماً وَأَيماناً مُغَلَّظَةً / أَيّامُ يوضَعُ قَملُ القَومِ بِاللِمَمِ
فَرَّقتَ بَينَ النَصارى في كَنائِسِهِم / وَالعابِدينَ مَعَ الأَسحارِ وَالعَتَمِ
وَهُم مَعاً في مُصَلّاهُم وَأَوجُهُهُم / شَتّى إِذا سَجَدوا لِلَّهِ وَالصَنَمِ
وَكَيفَ يَجتَمِعُ الناقوسُ يَضرِبُهُ / أَهلُ الصَليبِ مَعَ القُرّاءِ لَم تَنَمِ
فُهِّمتَ تَحويلَها عَنهُم كَما فَهِما / إِذ يَحكُمانِ لَهُم في الحَرثِ وَالغَنَمِ
داوُدُ وَالمَلِكُ المَهدِيُّ إِذ حَكَما / أَولادَها وَاِجتِزازَ الصوفِ بِالجَلَمِ
فَهَمَّكَ اللَهُ تَحويلاً لِبَيعَتِهِم / عَن مَسجِدٍ فيهِ يُتلى طَيِّبُ الكَلِمِ
عَسَت فُروغُ دِلائي أَن يُصادِفَها / بَعضُ الفَوائِضِ مِن أَنهارِكَ العُظُمِ
إِمّا مِنَ النيلِ إِذ وارى جَزائِرَهُ / وَطَمَّ فَوقَ مَنارِ الماءِ وَالأَكَمِ
أَو مِن فُراتِ أَبي العاصي إِذا اِلتَطَمَت / أَثباجُهُ بِمَكانٍ واسِعِ الثَلَمِ
تَظَلُّ أَركانُ عاناتٍ تُقاتِلُهُ / عَن سورِها وَهوَ مِثلُ الفالِجِ القَطِمِ
يَخشَونَ مِن شُرُفاتِ السورِ سَورَتَهُ / وَهُم عَلى مِثلِ فَحلِ الطَودِ مِن خِيَمِ
القاتِلُ القِرنَ وَالأَبطالُ كالِحَةٌ / وَالجوعَ بِالشَحمِ يَومَ القِطَطِ الشَبِمِ