المجموع : 19
رزقُ العباد براحتيك مقسَّمُ
رزقُ العباد براحتيك مقسَّمُ / فلذاكَ ترزق من تشاء وتحرمُ
وإليك ترتدُّ الأمورُ بأسرها / ثقةً بعدل قضَاك فيما تحكُمُ
أُلبَستَ ثوب المجد ما بين الورى / وعلى عَواتقكَ الطرازُ المُعلَمُ
أصبحتَ بالإِحسان فينا مالكاً / أعناقنا وندا يديك مُتَمِّمُ
واعذر فتىً حَسَدَ المجوس لبرده / في دينهم وهوَ الحنيف المسلمُ
إذ يعبدون النارَ طول حياتهم / ومصيرهُم بعد الممات جهنَّمُ
إن كنتُ ممن راعني هجركم
إن كنتُ ممن راعني هجركم / أو ضاق صدري بتَجَنيِّكُم
فلا أدام اللَه لي سلوةً / وردَّ قلبي عاشِقاً فيكُم
للّه ما بَلَغَت أربابَها الهمَمُ
للّه ما بَلَغَت أربابَها الهمَمُ / من رُتبَةٍ عجزَت عن نَيلها الأُمَمُ
هي العزائمُ ما زالت مؤسِّسةً / أركان مجدٍ بناها السيفُ والقَلَمُ
جاهُ الأمانةِ عُقبَاهُ السُّرور كما / جاهُ الخيانة عُقبى أمره النَّدَمُ
وكلُّ من عَفَّ عن ظلم الوَرَى ورَعاً / جاءته قَصداً إلى أبوابه النَعَمُ
يُهنى الأجلَّ رشيد الدين حين غَدَت / تُعزى لخدمته بين الورى الخِدَمُ
بُشرَاهُ إذ نال ما قد كان يَبلُغُهُ / طَولا ولم ينلِ الأعداءُ ما زعموا
كم قد أرادوا به سوءاً فما ظفروا / إن الرشيد بحبَلِ اللَه مُعتَصِمُ
مولاي إن رام شتمي معشرٌ فلقد / صَدَّقتُهُم بقريضي في الذي شَتَمُوا
أقررت أني جَزَّارُ كما ذكروا / عَنِّي فهل غَيرُ هذا القول عندَهُمُ
وإن يكن أحمدُ الكنديُّ متَّهماً / بالفخر قبلي فإني لستُ أُتَّهَمُ
فاللحمُ والعظمُ والسكِّين تَعرِفني / والخَلعُ والقَطعُ والسَّاطورُ والوَضَم
عادت لنا الأعيادُ والمواسمُ
عادت لنا الأعيادُ والمواسمُ / وصَحَّت العَليَاءُ والمكارمُ
وأضحت الأرضُ عروساً تُجتَلى / فَنَقطتَهَا بالنَّدا الغمائمُ
ومالت الأغصان فيها طرَباً / لما تَغَنَّت فوقها الحمائمُ
واحمرَّ خَدُّ الوردِ إذ قَبلَّه / الطلُّ وثَغرُ الأقحَوانِ باسمُ
لما تَوَلَّى حِلمُهُ قلنا لَهُ / مما رَأينا أنت موسى الكاظمُ
إني وإن كنتَ حبيباً عنده / فإنه للرِّزقِ عندي قاسمُ
ولا تَغرنك منه جُوخَةٌ / فصَّلَها وهوَ عليها نادِمُ
كم أعجَبَتهُ نفسه فيها إلى / أن نَفدَت من كُمّه الدراهم
وبَيعُها في البَردِ غيرُ ممكن / ورهنُها لا يرتضيه الحازمُ
وحَسبُ من كاتمَ ما يَسُوءُهُ / خَوفُ أعاديه الذي يُكاتِمُ
لولا الجنون لم يكن ذو فاقةٍ / مثلي لأرباب الغِنَى يُزاحِمُ
سار والقلبُ في يديه مقيمُ
سار والقلبُ في يديه مقيمُ / فله منه مُقعِدٌ ومُقيمُ
بانَ عني فكدت أفنى اشتياقاً / كيف تَبقى بعد النفوس الجسومُ
رَشَأُ كلما بَدا وتثنَّى / قلتُ بدرٌ يُبديه غُصنٌ قويمُ
ريقُهُ خمرةٌ ومن فمه الكأ / سُ وخدَّاه الوردُ وهوَ النديمُ
ساحرُ المقلتينِ فاعجب لقلب / نفذَ السحرُ فيه وهو الكليمُ
يا غنياً بالحسن ها أنا في الحبِّ / فقيرٌ من السلوِّ عديمُ
عجبي منك كيف تسألُ عما / حَلَّ بي في الهوى وأنت عليم
يا زمانَ الوصال ما كان أحلا / كَ فمن لي لو كنتَ شيئاً يدوم
أينَ أيامنا التي سلفت وهي / يجيدِ الزمان عِقدٌ نظيمُ
وثغورُ الرياض تَبسمُ بالنَّور / وإذ ما بكتَ عليها الغيومُ
والليالي كأنما هي أسحا / رٌ فكلُّ الهواء فيها نسيمُ
زمنٌ مَرَّ وهوَ حُلوٌ وعَيشٌ / فاتَ فيه من المُنَى ما أرُومُ
شَغَلَت فيه مسمعي نغمَةُ العيدانِ / عمّضن يَلحى وعَمَّن يلومُ
كان صدري به كأيام صدرِ الدين / لا تَهتدي إليه الهمومُ
الرئيسُ المذكور والسيِّدُ المشكورُ / حكماً والصاحبُ المخدومُ
والإمامُ الذي هو البحرُ لكن / هُوَ عَذبٌ والموجُ فيه العلومُ
صاحبُ السَّطوة التي يقعد الدهرُ / امتثالاً لأمرها ويَقُومُ
رَبُّ جودٍ للقاصدين لمغنا / هُ جِنَانٌ فيها نعيمٌ مقيمُ
بَيتُهُ كعبة ومن بابه للوفد / رُكنٌ مُقبَّلٌ مَلثُومُ
ولهم من ولائه العُروَةُ الوُثقى / التي عقدُ غيرها مَفصُومُ
كَفُّهُ زمزمٌ تفيضُ على العَّا / فين جودا والمال فيها الحَطيمُ
هو أولى بالرفعِ إن أعرَبَ الدهرُ / وعُمرُ العِدا به مَجزُومُ
نثرَ المال واغتدى ينظمُ المجد / فمنه المنثورُ والمنظومُ
عارفٌ بالبديع لم يَخفَ عنه النَّقصُ / مناً يوماً ولا التَّتميمُ
ويُجيز الإيطاءَ في الجود لكن / شَأنُنا نحن في المديح اللزوم
وإذا ما اعتمدتُ نَقدَ بيوت الناس / أضحى لبيته التَّقديمُ
شاد مَجداً بناه والدهُ المر / جوُّ فينا وجَدُّهُ المرحومُ
لا تَسلني عما لقيتُ من البَي / نِ فحالُ الغريب حالٌ ذميمُ
كنتُ في كلَّةٍ تطيرُ بِقَلعٍ / وهي طوراً على المنايا تَخُومُ
أَنظُرُ الموجَ حولها فأخال ال / جيمَ تاءً لخيفتي وهيَ جيمُ
لم أجد لي فيها صديقاً حميماً / غير أني بالماء فيها حَمِيمُ
شَنَقوا قلعَهَا مراراً على الريح / ولا شكَّ أنه مظلومُ
وإذا ما دنت إلى البرِّ أمسى / عندنا منه مُقعدٌ ومُقيمُ
يَسجُدُ الجُرفُ كلما ركع المَو / جُ فَدأبي هنالك التَّسليمُ
وقبيحٌ عليَّ أن أشتكي بَرا / وبحراً وأنت برٌّ رَحِيمُ
وله زوجةٌّ متى نظرتهُ / حَبلت ليتها عجوزٌ عقيمُ
ظلَّ في أسرِها لأجلٍ كتابٍ / مُعلمِ يقتضي به المعلومُ
فهوَ يخشى الطلاق فقداً وإن دارَ / وراها يَصُدُّهُ التَّحريمُ
وثيابي قد بتُّ أندُبُها خوفَ / قدومِ الشتاءِ وهيَ رسومُ
وزيرٌ ما تقلَّدَ قطُّ وزراً
وزيرٌ ما تقلَّدَ قطُّ وزراً / ولا داناهُ في مثوىً أثامُ
وجلُّ فعاله صَاداتُ بِرٍّ / صِلاتٌ أو صَلاةٌ أو صِيَامُ
بيننا على كسرى سماءُ مدامةٍ
بيننا على كسرى سماءُ مدامةٍ / مكلَّلة حافَاتُها بنجوم
فلو رُدَّ في كسرى بن ساسان روحهُ / إذاً لاصطفاني دون كلِّ نديم
أتخذُلُني إذ كُنتُ أُخفي وأكتُمُ
أتخذُلُني إذ كُنتُ أُخفي وأكتُمُ / غراماً غَدَت عنهُ العُيونُ تترجمُ
وسرُّ الهوى لا يُمكنُ الحرَّ كتمهُ / وأيسر معنى فيه بالعين يُفهمُ
لَعُمركَ لو ذُقتَ الذي أنا ذائقٌ / تألَّمت لي لو كان يُجدى التألُّمُ
دَع الصبَّ يُبدي ما يلاقي منَ الهوى / على أنَّه يشكو لمن ليسَ يرحَمُ
أتامرُ بالسُّلوانِ قلباً متيَّماً / وهيهاتَ يسلو الحبَّ قلبٌ متيَّمُ
وبي رشأٌ فأرقت من طيب وصله / رَبيعاً فصبرى مذنايتُ مُحرَّمُ
أقام لتعذيبي بقلبي لأنَّه / غدا مالكاً والقلبُ منَّي جَهنَّمُ
رَمَيتُ فؤادي في يديه وطالما / تندَّمت لكن ما أفادَ التندُّمُ
فهلُ منصفٌ أشكُو إلى عدل حُكمه / حبيباً على ضعفٍ يجورُ ويَظلِمُ
ويسحرُ عيني والعيون قريرةٌ / ويسهرني في الليل والناسُ نومُ
وألبَسَني ثوباً من السُّقمِ سَاذجاً / فطرَّزه دمعي فوجدي مُعلَمُ
أجدُّ به وجداً وأُصَبحُ هَاذياً / وأشكو إليه وهو بالحال أعلمُ
وأبكي لتذكارِ العُذَيبِ وبَارق / وما القصدُ إلا رِيقُهُ والتَّبسُّمُ
وَليلةِ وَصلٍ منهُ باتَ يُعيدُها / بفكري ظنٌّ كاذبٌ وتوهُّم
فلو كان طرفي ذاق من بعدها الكرى / تَخيَّلتُ أني منه بالطَّيفِ أحلُمُ
ليت شعري أيقظةً أم مناما
ليت شعري أيقظةً أم مناما / نَظَرت مُقلَتاي هذا المقاما
بلَّغَتني الأيامُ ما كنتُ أرجوهُ / فشأني أن أشكرَ الأيَّاما
وقَّفَتني ببَيتِ مَن كانتِ الأملاكُ / قدماً لبيتهِ خُدَّاما
بِبَني جَعفر بن عمِّ رسول اللَه / أرجو من الخطوب اعتِصاما
مَعشَر أشرِّقَت بهم سبُل الحقّ / ولولاهُم لكانت ظلاما
طالما جاءهم من اللَه جبريلُ / فأهدى تحيَّةً وسلاما
علَّمونا كيف الطريقُ إلى كلِّ / رشاد وبَيَّنُوا الأحكاما
لُذتُ منهم بباسم الثغرِ طَلق الوجه / يَرعَى للمُعتفين الذماما
لستُ أخشى خَطباً وجَدباً وقد قا / بَلتُ بدراً منه وزدتُ غَمَاما
شاقَني ما سمعتُهُ من عطاياهُ / فوافيتُ البحرَ أشكو الأُوَاما
حاز سبَقَ الفضيلتين مَتَى ما / شاءَ هَزَّ السيوفَ والأقلاما
فتَراه عُطَارِداً وإِذا ما / حَلَّ خَطبٌ رَأَيتَه بَهراما
يعجَبُ السامعون في الصَّوم لما / قُمتُ أجلو منها عليهم مُداماً
يا جمال الدين لي حَقٌ
يا جمال الدين لي حَقٌ / على المولى وحُرمَه
وولاءٌ أكَّدَتَّهُ / خِدمةٌ تتبعُ خدمَه
وبمملوكك هَمٌّ / لا يُطيق الآن كَتمه
هجم البردُ عليه / هجمةُ من بعد هجمه
لا تسل عنه فقد فصل / هذا الفَصلُ عظمه
وله أثرٌ لحاف / مَحتِ الأيامُ رَسمه
ماتَ بَرداً والذي وا / راهُ ما أتقنَ رَدمه
فَهوَ إذ يُنجَشُ منه / في بَقايا القُطن رِمَّه
أنت في الجود نبيٌّ / وهو في حُبِّك أُمَّه
وصَلَ الجِسمُ منذ بِنتُم سقَامَه
وصَلَ الجِسمُ منذ بِنتُم سقَامَه / وجَفَا الجَفن مذ هَجَرتُم منامَه
فارحموا عاشقاً عَصَى النصح في الحبِّ / عليكم لما أطاع غرامَه
لا تظنوا أني سلوتُ فأين الصبر / من مُهجَةٍ بكم مُستَهامَه
بين قلبي وبين صَبري عنكم / مثلُ ما بين مسمَعي والملامَه
غير أني إذا ذكرتُ زمان الوَصل / قال المُنَى عليَّ الغَرَامَهن
أطمَعَتني الآمالُ إذ كل ما اشتَقتُ / زماناً يثعِيدُ لي أيَّامَه
حَمدَ النَّوَى إذ بَلَّغَتهُ مرامَهُ
حَمدَ النَّوَى إذ بَلَّغَتهُ مرامَهُ / وقَضَا المَسيرُ بأن يَذُمَّ مقامَهُ
ونهتهُ هِمَّتُهُ عن العَجز الذي / قد كان سَلَّمَ للخمول زِمامَهُ
فالآن لا يرجو النسيمُ إذ سرى / سَحَراً يُبَلِّغُ للحبيب سلامَهُ
كلا ولا يشتاقُ من أوطانه / ربعاً يذكِّرُهُ الهَوَى وهُيَامَهُ
فقد استراحَ من الغرام وأَسرِهِ / وأراحَ من تَعنيفِهِ لُوَّامَهُ
حَسبٌ المحبِّ من الهوى وهَوَانِهِ / أن يَستَلذَّ سهادَهُ وسقَامَهُ
ويرى بأنَّ الطَّيفَ أعظمُ مِنحَةٍ / إن صادف الجفنُ القريحُ منامَهُ
وَهمٌ يُسَمِّيهِ الجهولُ صَبَابةً / إن الجهولَ لتابعٌ أوهامَهُ
كم من محبٍ ذلَّ بعد تَعَزُّزٍ / جَهلاً فأقعَدَهُ الهوى وأقامه
لستُ الذي يَهتزُّ وجداً كلما / هَزَّ الحبيبُ من الدَّلال قوامَهُ
أو يَغتَدى كَلَفاً بلَثم عذاره / يَومَ الوداع وقد أماط لثَامَهُ
ما كان أغنى البين عن رمى امرئٍ / ما زال يرمى في الفؤاد سهامَهُ
ما ملَّني وطني لطول إقامتي / قل لي متى مَلَّ القِرابُ حُسامَهُ
لكنني جَرَّدتُ مني عَزمَةً / قطعت من الزمن البخيل لِثامَهُ
ورحَلتُ رِحلَةَ من يُعَلِّلُ بالمُنى / قَلباً وينقعُ بالرجاء أُوَامَهُ
وعَلِمت أنَّ الجَدبَ ليس يروعُ مَن / أَضحت يمينُ ابنِ الزُّبيرِ غمامَهُ
تتفاخر الكتَّابُ منه بسيدٍ / لا يَرتضي عَبدَ الحميد غلامَه
خَطّ كوشي الروض حَيَّاهُ الحَيَّا / فأدَارَ بالمعنى عليكَ مُدامَه
فتكاد تَدهش إن رَأيتَ بَنانَهُ / وتكاد تَسكرُ إن سَمعت كَلامَهُ
السَّطرُ يَحكى الغُصنَ إذ هو مُثمِرٌ / وإذا سَجَعتَ به حَكَّيت حَمَامَهُ
وافاكَ في شَهرِ الصِّيام وما أَتى / أو مَلَّ من شُحِّ النفوس صيامَهُ
وأبيك لولا ذاك لم يَرحَل ولم / يُظهر لحادثة النَّوى أقدامَهُ
أَيُقيمُ في أوطانه مُتَأَدِّبٌ / ما خلفَهُ مالٌ ولا قُدَّامهُ
خَلِّني من ملامةِ اللُّوَّامِ
خَلِّني من ملامةِ اللُّوَّامِ / وأَدر في الدُّجَى كئوسَ المُدَامِ
وتَيقَّظ للَّهو مذ نام طَرفُ الد / دهر وارتَع في غفلة الأيامِ
وإنما العيشُ أن يُوَافيك في الليل / بشمس النهار بَدرُ التَّمَامِ
حَيِّها بالقبول منك كما حَيَّتك / والقَ ابتسامها بابتسامِ
ذاتُ لُطفٍ حَلت وإن تَكُ ما حلَّت / محلَّ الأرواح في الأجسامِ
فاسقنيها صرفاً ونَزَه حَلال الماء / عن أن تَشُوبَهُ بحَرام
وَالهُ عن رامة ونَجدٍ وعن وَصفٍ / أراك لديهما وبَشَامِ
خَلِّ رَبعاً عَفا وباكر رَبيعاً / أنتجته مُقدِّماتُ الغَمَامِ
إنما العمر هَجمَةٌ ومسراتُ / الليالي تمرُّ كالأحلامِ
وإذا خفت من أثامِ فعَفوُ اللَه / لا يُرتَجى لغير الاثامِ
تُب عن التَّوبَةِ التي سَوَّلَتها / لك في النفس كثرة الأوهامِ
وانسَها طول شهر شعبانَ واذكُر / ها إذا ما استهلَّ شهرُ الصيامِ
وتناول رَطلاً عَتيقاً من الخمر / عَقِيبَ الغذاء والحَمَّامِ
واجعل النَّقلَ لَثمَ خَدٍ وثَغرٍ / من هلالٍ أبدَاه غُصنُ قَوَام
صِفَةٌ تشهد الجماعة إني / لست أرضى فيها ابنَ سينا غلامي
شَرُفَت بك العلياءُ يا شرف العُلا
شَرُفَت بك العلياءُ يا شرف العُلا / لمَّا علوتَ بها جميعَ العالَمِ
والكاملُ الملكُ ارتضاكَ لعَزمةٍ / اغنتهُ عن سُمرٍ وبثيضٍ صَوَارِمِ
فاحرس برأيك مَجدَ دولته الذي / مُذ شدتهُ لا يستطاعُ لهادِمِ
واجمَع به شَملَ الفخارَ فإِنما / بمحمَّدٍ كَمُلَ الفَخَارُ لهاشِمِ
ما زلتُ في الدنيا من الهَمِّ
ما زلتُ في الدنيا من الهَمِّ / طولَ زماني وافِرَ القسمِ
فالحمدُ للَه الذي حُكمُهُ / حَيَّرَ في أفقٍ السَّما نَجمي
أصبَحتُ لحَّاماً وفي البيت لا / أعرِفُ ما رائحة اللَّحمِ
وليس حظي منه إلا اسمُهُ / قَنِعتُ من ذلك بالإِسمِ
واعتَضتُ من فَقري ومن فاقَني / عن التذاذ الطَّعمِ بالشَّمِّ
جَهِلتُهُ فَقراً فكنتُ الذي / أضلَّه اللَه على عِلمِ
عاقَبَتني بالصَّدِّ من غير جُرم
عاقَبَتني بالصَّدِّ من غير جُرم / ومَحَا هَجرُها بَقية رَسمي
وشكوت الظَّما إلى ريقها العَذبِ / فجادت ظُلماً بمنع الظَّلمِ
ورَأتني أصبُو إلى ذلك الخَصر / فأهدت منه السقامَ لجسمي
أنا حَكَّمتُها فجارت وشرع الحُبِّ / يَقضي بأن أحكَّم خصمي
ذاتُ ثَغر يحميه من طَرفها الفَتَّانِ / سحرٌ يُصبى الفؤادَ ويُصمي
حِدتُ عنها لما انتَضَت صارمَ الجَفنِ / حذاراً من أن تَبُوءَ بإثمي
يا رعى اللَه ليلةً بتُّ فيها / بين ضَمٍ إلى الصباح ولَثمِ
حبذا عيشي الذي قد تَوَلَّى / والليالي ومن أُحِبُّ بحكمي
يا زماني أراك مَع بُخلِكَ المفرط / وفَّرتَ من خطوبك قَسمي
لستُ ممن يُرَى بذَمِّ بني الدهر / لمنعي والدهرُ أَولَى بذَمَّي
قَصَدتني أيامهُ ولياليه / بشُهبٍ تَغدُو عليَّ ودُهمِ
أنتَ موسى وقد تَفَرعنَ ذا الخطبُ / فَغَرِّقهُ من نَدَاك بِيَمِّ
لا تكلني إلى سواك فما أصنَعُ / إلا لديك نثري ونظمي
يا رئيسَ الدَّهرِ كن لي مُنصفاً
يا رئيسَ الدَّهرِ كن لي مُنصفاً / من خطوب الدهرِ إن الدهر خَصمي
أيُّ دهر كَرَّ من أيامه / ولياليه بشُهبٍ وبدُهم
ولعمري لو درى أني من / بعض غلمانك ما همَّ بظُلمي
أَقبَلَ مثلَ البدر في تَمامهِ
أَقبَلَ مثلَ البدر في تَمامهِ / تَحُفُّهُ الهالةُ من لِثامهِ
ومَزَّقَت أنوارُهُ ثَوبَ الدُّجَى / مذ أطلَعَ الأنجُمَ بابتسامهِ
وماسَ فاشتاقت غصونُ البان أن / تَنقُل ذاك اللِّينَ عن قَوَامهِ
أصمَى قلوبَ العاشقين طَرفُهُ / ظُلماً بما فوقَ من سِهامِهِ
يا جَفنَهُ رفقاً بصبٍ مُدنَف / سُقمُكَ أضحى الأصلَ في سقامِهِ
وأنتِ يا أعطافَه هل عَطفَةٌ / على مَشُوقِ القَلبِ مُستَهَامهِ
مَن لي بمن في خَدِّه ماءُ حَياً / فوق لهيب دامَ في اضطرامِهِ
كم ليلة أسكرني بريقهِ / أغنَت بكأسِ الثَّغرِ عن مُدَامهِ
وبتُّ لا أجزعُ من حُرَّاسِهِ / إذ فَرعُهُ أبدى دُجى ظلامهِ
وبيننا طيبُ عناقٍ طالما / ألزمني شوقي بالتزِامهِ
هذا هو العيشُ الذي وَدِدتُ لو / ساعدني الدهر على دَوَامِهِ
صَدرٌ به لله سِرٌّ مودَعٌ / تُذيعُهُ الحِكمَةُ من أحكامهِ
واخجلَةَ البيض ويا وَيحَ القَنا / السُّمرِ بما يُبديهِ من اقلامهِ
عزائمٌ رَدَّ بها الأيامَ من / أعوانهِ والدَّهرَ من خُدَّامِهِ
ويقظةٌ قد خصةَّ الله بها / توحى إليه الغيبَ من إلهامهِ
وسَطوَةٌ لو نظر اللَّيثُ لها / لأعمَلَ الحِيلة في إحجامهِ
متى تبلغُ النفسُ المشوقُ سؤالَها
متى تبلغُ النفسُ المشوقُ سؤالَها / بإنشاد مدحي في أجلِّ مَقَامِ
مَقامِ رسول اللَه حيَّاهُ ربُّه / بكل تَحيَّاتٍ وكلّ سَلامِ
مرامى أنِّي لو بلغتُ لقبرِهِ / فمن لي لو أنِّي بلغتُ مَرامي
محمدٌ المُختارُ من آل هاشمٍ / فقل في كريمِ الأَصلِ نجلِ كِرَامِ
مناقبةُ تُربى على الرَّملِ والحَصَى / وراحتُه أزرَت بكلِّ غَمامِ
محيَّاهُ مثلُ البَدر ليلةَ تمِّهِ / فقد زانَ فيه الأفقَ بدر تمامِ
محلُّ رسولِ اللَه عندَ إلاههِ / عظيمٌ فمن ذا في الفخار كسَامي
مكارمُه تُنسي المكارم كُلها / فأكرم بغيثٍ في المواهب هَامِ
مدائحه أرجو بها الأَمن في غد / فما أختَشي والنارُ ذاتُ ضرامِ
من اللَه أرجو أن أفوزَ بمدحة / تجاه ضريحٍ منه وهُوَ أمامي