المجموع : 6
يَا خَلِيلَيَّ بِالعَقِيقِ سَلاَمَا
يَا خَلِيلَيَّ بِالعَقِيقِ سَلاَمَا / صَدَّ عَنِّي الَّذِينَ أَهْوَى سَلاَمَا
وَاحْذَرَا اللَّحْظَ والحُسَام بِنَجْدٍ / فَهُمَا مَا يُبْقِيَانِ هُمَامَا
وَاحْفَظَا الرَّوْضَ مِنْ تَلَهُّفِ وَجْدِي / وَحِطَا مَا أَخَافُ يَغْدُو حُطَامَا
وَانْصُرَانِي عَلَى غَزَالٍ سَطَا بِي / وَلِجَا مَا حَمَى وَشُدَّا لِجَامَا
وَاقْنِصَا مَا رَمَى بِأَسْهُمِ لَحْظٍ / وَصِدَاما فِي الحَرْبِ أَبْدَى صِدَامَا
وَأَدِيرَا الكُؤُوسَ فَخْراً بِنَصْرِي / وَاسْقِيَا مَا يَسُرُّ شُرْبِي قِيَامَا
وَاضْرِبَا بالسُيُوفِ وَجْهَ حُسُودِي / وَسِمَا مَا إِخَالُ فِيهِ سِمَامَا
وَانْشِدَا أُسْرَتِي بِحَقِّ المَعَالِي / وَعِظَا مَا جَفَوْا أُنَاساً عِظَامَا
وَلَقَدْ كَانَ بِالرَّجَاءِ اعْتِصَامِي / فَاعْتِصَاماً رَجَوْتُ أَنْأَ اعْتِصَامَا
وَغَدَا فِي الرَّغَامِ نِضْوِي مُلْقى / فَرَغَاماً شَكَا إِلَيَّ رَغَامَا
وَرُعَاةُ السَّوَامِ رَقُّوا لِحَالِي / فَثَغَامَا قَدْ كَانَ يَرْعَى ثَغَامَا
وَعَهِدْتُ الحِمَامَ فِي سَرْحَتَيْهِ / فَحَمَى مَا عَهِدْتُ فِيهِ حِمَامَا
وَإِذَا مَا شَكَوْتُ دَاءً لِهَجْرٍ / فَالدَّوَا مَا يُعْطِي وِصَالِي الدَّوَامَا
يَا رَعَى اللَّهُ بِالخِيَامِ زَمَاناً / قَدْ مَرَى مَا حَلَى وَسَنَّ مَرَامَا
وَلِعَذْبِ الرُّضَابِ كَانَ طِلاَبِي / فَسَقَى مَا قَدْ ظَلَّ يَشْفِي سَقَامَا
وَعَلَى ذَاكَ سَالَ مَاءُ دُمُوعِي / فَطَغَى ما ثَنَى لِلَوْمِي طَغَامَا
وَلَدَى الحَيِّ غَيَّرُوا قَلْبَ حِبِّي / فَقَسَا مَا قَدْ كَانَ يُبْدِي قَسَامَا
وَنَعَمْ فِي الكَلاَمِ إِنْ بَثَّ وَعْداً / لِي كَلاَماً أَعَادَ ذُلاًّ كِلاَمَا
لاَ كَمَوْلى مُحَتِّفِ حُكْمَ لاَهٍ / فِي حِمَى مَا يَدُورُ عَنِّي حَمَامَا
مُنْجِزٌ وَعْدَهُ بِجُودٍ كَغَيْثٍ / قَدْ وَشَى مَا رَعَى البُرُوق وَشَامَا
رَائِعٌ فِي حُسَامِهِ لِلأَعَادِي / بِسَنَا مَا لِلْكُفْرِ جَبَّ سَنَامَا
وَمَدَى خَوْفِهِ أَتَتْ كُلَّ شِرْبٍ / فَمَدَى مَا أَظَلَّ أَنْسَى مُدَامَا
وَثَنَى المَعْشَرَ الكُمَاةَ حَيَارَى / بِالْتِقَامَا سَامَ الكُمَاةَ إلْتِقَامَا
وَلَقَدْ قَبَّلَ النَّدَامَى يَدَيْهِ / فَنَدَامَا قَدْ قِيلَ أَغْنَى نَدَامَا
وَلَقَدْ أَبِهَجَت ضُرُوبُ المَعَالِي / بِانْتِقَامٍ سَامَ الحَسُودَ انْتِقَامَا
وَأَتَتْهُ المَطِيُّ تُثْنِي عَلَيْهِ / فَلُغَى مَا آتَاهُ هَاجَتْ لُغَامَا
وَيَدَاهُ أَحَسَّتَا مُمْتَطِيهَا / بِلُهَى مَا قَدْ فَضَّ جَيْشاً لُهَامَا
وَأَتَتْهُ عَوَاقِلُ العُرْبِ سَعْياً / فَوَدَى ما جَنَى عَلَيْهِمْ وَدَامَا
وَرَمَى الطَّرْفَ تَحْتَ كُلِّ مَلِيكٍ / فَنَعَى مَا فِي الفَقْرِ حَاكَى نَعَامَا
وَبِمَاضِي الحُسَامِ فِي كُلِّ حَرْبٍ / قَدْ فَرَا مَا رَأَى المَرَامَ فَرَامَا
وَلِسَارِي النُّجُومِ أَحْدَثَ رُعْباً / فَوَنَى مَا خَلَى السُّهَادَ وَنَامَا
لَيْسَ يَرْضَى عَدُوُّهُ مِنْهُ فِعْلاً / بِالحَرَا مَا يُدْنِي إِلَيْهِ الحَرَامَا
وَبِبَحْرِ الوَعِيدِ أَوْعَى عَدُوًّا / فَوَعَى مَا وَعَاهُ خَوْفاً وَعَامَا
وَسَقَى السَّيْفَ مِنْ دِمَاءٍ فَأَمْلَى / بِوَحَى مَا قَدْ أَمَّ وِرْداً وَحَامَا
مُنْهِدُ الجَيْشِ رَاعَ كُلَّ عَدُوٍّ / بِوَغَى مَا أَثَارَ نَقْعاً وَغَامَا
يَا ابْنَ نَصْرٍ قَدْ جَلَّ فِيكَ مَدِيحِي / فَوَهَى مَا بَنَاهُ قِدْماً وَهَامَا
وَهَنِيئاً بِخَيْرِ عِيدٍ أَرَى النَّعْ / مَى وسَامَى الَّذِينَ رَاقُوا وَسَامَا
دُمْتَ تُصْلِي العَدُوَّ نَارَ حُرُوبٍ / وَتَرَى مَا يَسُوءُ مَنْ قَدْ تَرَامَا
رَعَى اللَّهُ نَجْداً وَحَيَّا الخِيَامَا
رَعَى اللَّهُ نَجْداً وَحَيَّا الخِيَامَا / وَإِنْ هِيَ هَاجَتْ لِقَلْبِي غَرَامَا
وَرَوَّى بِعَيْنِينِ مِنْ دَمْعِ عَيْنِي / وَصَوْبِ السَّحَائِبِ دَارَيْ أَمَامَا
وَقَدَّسَ دُونَ الحِمَى أَرْبُعا / حَمَتْ مُقْلَتِي أَنْ تَذُوقَ المَنَامَا
وَبِالأَجْرَعِ الفَرْدِ مِنْ حَاجِرٍ / مَنَازِلُ هَامَتْ بِمَنْ فِيهِ هَامَا
وَقَفْتُ عَلَيْهَا أَنَا وَالنَّسِيمُ / سَقِيمَيْنِ هَذَا وَذَا قَدْ تَرَامَى
كَأَنَّ اللَّوَاحِظَ أَعْدَاؤُنَا / فَكُلُّ الثَّلاَثَةِ تُبْدِي سَقَامَا
وَدُونَ الغَضَا جِيرَةٌ خِلْتُهُمْ / يشبُّونَهُ بِفُؤَادِي ضِرَامَا
وَغِيد لَدَى الحَيِّ عَارَضْنَنَا / وَمَا عَرَفَ اللَّثْمُ إِلاَّ اللِّثَامَا
وَرَاقَ الكَلاَمُ فَيَا لَيْتَ لَوْ / جَعَلْنَ مَكَانَ العُقُودِ الكَلاَمَا
أَزَاهِرُ حُسْنٍ بِرَوْضِ الصِّبَا / فَتَقْنَ الهَوَادِج عَنْهَا كِمَامَا
وَفَاتِنَةٌ إِنْ تَشَأْ يَوْمَ طَعْنٍ / رَمَتْ كُلَّ رُمْحٍ وَهَزَّتْ قَوَامَا
مِنَ السَّالِبَاتِ عُقُولَ الرِّجَالِ / عَلَى سُرْعَةِ الحُبِّ مَاتُوا كِرَامَا
إِذَا مَا أَرَادَتْ بِنَا نَشْوَةً / سَقَتْنَا شَمَائِلَهَا لاَ المُدَامَا
وَقَالُوا حَكَى الخَصْرَ مِنْهَا فُؤَادِي / صَدَقْتُمْ وَلَكِنْ حَكَاهُ انْعِدَامَا
وَمِمَّا أَثَارَ لِيَ الوَجْدَ بَرْقٌ / ظَنَنَّاهُ بَيْنَ الثَّنَايَا ابْتِسَامَا
وَنَفْحَةُ رِيحٍ أَتَتْ مِنْ زَرُودٍ / بِهَبَّتِهَا الرَّكْبُ مَاتُوا هُيَامَا
إِلَى اللَّه أَشْكُو وَإِنَّ العَذَابَ / عَذَابُ التَّفَرُّقِ مَاتُوا كِرَامَا
وَكَالْقَلْبِ مِنِّي بِذِي البَانِ طَارَتْ / مُطَوَّقَةٌ قَدْ رَعَتْ لِي ذِمَامَا
وَقَدْ هَيَّجَتْنِي وَهَيَّجْتُهَا / فَأَبْكِي حَمِيماً وَتَبْكِي حِمَامَا
وَقَدْ تَعِبَ الغُصْنُ مَا بَيْنَنَا / فَيَهْفُو وَرَاءً وَتَهْفُوا أَمَامَا
وَعَرَّسَ بِالجَفْنِ رَكْبُ السُّهَادِ / فَمَا سَارَ لَكِنْ أَطَالَ المُقَامَا
وَمَا الدَّمْعُ عَذْبٌ وَلَكِنَّهُ / عَلَى مَوْرِدِ الدَّمْعِ وَالَى ازْدِحَامَا
وَحَقِّ الهَوَى وَالزَّمَانِ الَّذِي / هُوَ القَصْدُ لِلصَّبِّ لَوْ كَانَ دَامَا
لَقَدْ بَلَّلَ الدَّمْعُ إِلاَّ غَلِيلِي / وَأَنْأَى التَّفَرُّقُ إِلاَّ الهُيَامَا
وَقَدْ عِيلَ صَبْرِي وَيَا رُبَّ صَبْرٍ / جَعَلْتُ لَهُ مِسْكَ لَيْلَي خِتَامَا
بِنَفْسِي حَبِيبٌ أَطَالَ انْتِزَاحِي / وَأَسْهَرَنِي طُولَ لَيْلِي وَنَامَا
هُوَ الحُبُّ جَدَّ بِنَا هَازِلاً / بِيَ الدَّهْر قلْ لِي هَوَانِي عَلَى مَا
وَيَا عَاذِلَ الصَّحْبِ كُنْ رَاحِماً / وَإِلاَّ فَابْدِلْ لِيَ المِيمَ لاَمَا
عَجِبْتُ لِبَرْقٍ مِنَ الشَّوْقِ مَا إِنْ / يَغِبُّ وَمِيضاً إِذَا البَرْقُ شَامَا
وَسُحْبٍ مِنَ الدَّمْعِ قَدْ أَنْبَتَتْ / بِجَنْبِي قَتَاداً وَرَأْسِي ثَغَامَا
لَحَى اللَّهُ مِثْلِي أَيَرْضَى الهَوَى / وَمَا صَنَعَ الوَجْدُ عَامَا فَعَامَا
وَقَدْ حَالَ حَالُ الحَبِيبِ الَّذِي / مَحَبَّتُهُ الدَّهْرَ كَانَتْ لِزَامَا
وَأَدْبَرَ لَيْلُ الشَّبَابِ الَّذِي / عَهِدْتُ بِهِ لِلتَّصَابِي اكْتِتَامَا
وَقَدْ بَيَّنَ الصُّبْحُ صُبْحُ المَشِيبِ / لِغَيْرِ امْرِىءٍ عَنْ هَوَاهُ تَعَامَى
وَكَمْ حَجَّةٍ لِيَ قَدْ أَصْبَحَتْ / تَحجُّ خَصِيماً بِهَا ما اسْتَقَامَا
فَاهاً عَلَى الخيفِ آهاً وآهاً / وَطِيبِ النَّعِيمِ بِعَرْفِ النُّعَامَا
وَمَا فِي مِنىً مِنْ مُنىً أَيْقَظَتْ / عُيُونَ الزَّمَانِ وَكَانَتْ نِيَامَا
وَكَمْ لِيَ فِي مَكَّةٍ مِنْ عُهُودٍ / نَشَدْتُ بِهَا زَمْزَماً وَالمَقَامَا
أَلَهْفِي وَقَدْ بَانَ عَنِّي الحَطِيمُ / فَلاَ كَانَ جَمْعِي لِدُنْيَا حُطَامَا
كَأَنِّيَ لَمْ أَصْحَبِ الرَّكْبَ وَهْناً / مُطِيلاً لِطيبِ النَّسِيمِ انْتِسَامَا
بِعُوجٍ ضَوَامِرَ مِثْلِ القِسِيِّ / تُسَرَّدُ لِلْبِيدِ مِنَّا سِهَامَا
وَفِتْيَانِ صِدْقٍ إِذَا مَا سَرَوْا / أَثَارُوا إِدِّكَاراً وَخَلُّوا زِمَامَا
تَرَاهُمْ سُكَارَى كَأَنَّ الصَّبَا / أَدَارَتْ عَلَيْهِمْ مُدَامَا مُدَامَا
وَدَائِمَةِ السَّيْرِ أَرْمِي بِهَا / أَمَامَ الحُدَاةِ عِرَاقاً وَشَامَا
وَمِنْ أَجْلِ قَصْدِي لِبَيْتٍ حَرَامٍ / خَلَعْتُ المَنَامَ عَلَيْهَا حَرَامَا
وَكم هَاجَتِ الشَّوْقَ بِالمُنْحَنَى / فَفِي مِثْلِهِ مِنْ ضُلُوعِي أَقَامَا
وَشَامَتْ عَلَى بَارِقٍ بَارِقاً / سَدَى الخَدَّ مِنِّي وَحَلَّى الحِزَامَا
وَحَيْثُ العَقِيقُ وَقَدْ صُغْتُهُ / مِنَ الدَّمْعِ وَالَى عَلَيْهِ انْسِجَامَا
وَلاَحَتْ قُبَا وَالنَّخِيلُ الَّتِي / يُطِيلُ النَّسِيمُ لَهُنَّ انْتِشَامَا
كَمِثْلِ العَرَائِسِ حَلَّيْتُهَا / بِدَمْعِي نِثَاراً وَشِعْرِي نِظَامَا
وَبَانَ البَقِيعُ الَّذِي كَانَ وَارَى / مِنَ الطَّيِّبِينَ عِظَامَا عِظَامَا
وَلاَحَتْ بُدُورٌ تُسَمَّى وُجُوهاً / بِأُفْقِ سَمَاءٍ تُسَمَّى خِيَامَا
وَجِئْتُ لأَدْخُلَ بَابَ السَّلاَمِ / فَأُسْمِعْتُ قِيلاً سَلاَماً سَلاَمَا
وَزُرْتُ النَّبِيَّ الكَرِيمَ الَّذِي / بِرَوْضَتِهِ قَدْ جَمَدْتُ احْتِشَامَا
أَجَلُّ النَّبِيئِينَ وَالرُّسْلِ طُرًّا / وَخَيْرُهُمُ أُمَّةً وَائْتِتَامَا
نَمتهُ بهاليل من هاشم / وَزَهْرُهَ أَزْهَرَ نَدْباً هُمَامَا
لِمَوْلِدِهِ قَدْ أَضَاءَ الدُّجَى / وَإِيوَانُ كِسْرَى أَرَاهُ انْهِزَامَا
وَفِي أَوَّلِ الأَمْرِ يَدْرِي اللَّبِيب / بَقَاءً لِدَوْلَتِهِ وَانْصِرَامَا
كَأَنَّ الشَّرَارِيفَ هَامُ العِدَا / بَرَتْهَا السُّيُوفُ فَلَمْ تُبْقِ هَامَا
وَمَاءُ البُحَيْرَةِ لِلْفُرْسِ غَاضَ / وَأُطْفِئَتِ النَّارُ دَامَتْ دَوَامَا
كَأَنَّ الَّذِي غَاضَ مِنْ مَائِهِمْ / بِنَابِعِهِ هَيْكَلُ النَّارِ عَامَا
وَإِلاَّ فَنَارُهُمُ انْتَقَلَتْ / لأَضْلُعِهِمْ حَسْرَةً واغْتِمَامَا
وَقَدْ عُوِّضُوا المَاءَ بِالدَّمْعِ كَيْ / يُزِيلَ الأَوَامَ فَزَادَ الأَوَامَا
وَرَامُوا انْطِفَاءً لِنَارِ الشُّجُونِ / فَمَا زَادَهَا الدَّمْعُ إِلاَّ احْتِدَامَا
لَطِيْفَةُ سِرِّ الجَمَالِ الَّذِي / بِبَهْجَتِهِ الكَوْنُ رَاقَ ابْتِسَامَا
وَلَوْلاَهُ مَا كَانَ هَذَا الوُجُودُ / وَلاَ انْقَسَمَ الحُسْنُ فِيهِ انْقِسَامَا
وَلاَ ارْتَسَمَتْ فِي طُرُوسِ العُقُولِ / حُرُوفُ الحَقَائِقِ مِنْهُ ارْتِسَامَا
لَهُ القَمَرُ انْشَقَّ فِي مَكَّةٍ / كَقَلْبِ العَدُوِّ الَّذِي فِيهِ لاَمَا
وَلَكِنْ هَذَا عَرَاهُ انْضِمَامٌ / وَمَا انْضَمَّ قَلْبُ العَدوِّ انْضِمَامَا
وَلَمَّا دَعَا اللَّهَ جَادَتْ سَحَابٌ / بِوَدْقٍ تَخَلَّلَ مِنْهَا رُكَامَا
وَأَلْحَفَهَا فِي مَلاَءِ النَّسِيمِ / جَوَارِيَ مُزْنٍ تَبَارَتْ سِجَامَا
وَقَدْ قَتَلَ المَحْلَ سَيْفُ البُرُوقِ / وَوَالَتْ عَلَيْهِ الغَوَادِي اقْتِحَامَا
كَنَبْعِ أَنَامِلِهِ قَدَّمَتْ / إِلَى العَدَدِ الجَمِّ مِنْهَا جَمَامَا
وَفِي الشَّامِ قَدْ ظَلَّلَتْهُ الغَمَامُ / فَيَا شَرَّفَ اللَّهُ تِلْكَ الشَّآمَا
سَرَتْ بَيْنَ شَمْسَيْنِ كِلْتَاهُمَا / بِنُورٍ وَهَدْيٍ يَسُرُّ الأَنَامَا
وَلَكِنَّ ذَاتَ النَّبِيِّ الشَّرِيفِ / مِنَ الشَّمْسِ أَجْلَى وَأَعْلَى مَقَامَا
وَقَلَّلَ فِي النَّاسِ عَدَّ الطَعَامِ / وَكَثَّرَ بِاللَّمْسِ مِنْهُ الطَّعَامَا
وَحَنَّ لَهُ الْجِذْعُ مِنْ فُرْقَةٍ /
وَلَوْ أَوْرَقَ الجِذْعُ مِنْ فَرْحَةٍ / لأَوْرَقَ لَما رَآهُ الْتِزَامَا
وَلَكِنَّهُ فِي جِنَانِ الخُلُودِ / سَيُورِقُ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مَا
وَيَا لَكَ مِنْ عَاقِبٍ حَاشِرٍ / يُطِيلُ بِحَبْلِ الإِلهِ اعْتِصَامَا
لأَنْصَارِهِ الفَخْرُ جَدَّ الْتِحَافاً / بِزُهْرِ النُّجُومِ وَجَلَّ الْتِحَامَا
هُمُ مَا هُمُ وَالقَنَا شُرَّعٌ / بِحَيْثُ الحِمَامُ يَدُعُّ الحِمَامَا
هُمُ مَا هُمُ وَالشَّرَى ظَامِىءٌ / إِذَا الأَرْضُ بالمَحْلِ عَادَتْ قَتَامَا
وَلِلَّهِ سَعْدٌ وَمَنْ عَادَهُ / رَسُولُ الإلهِ وَأَبْدَى إِلاَّ احْتِرَامَا
وَقَدْ قَالَ قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ / فَلاَ شَخْصَ فِي القَوْم إلاَّ وَقَامَا
وَلِلَّهِ قَيْسُ الكِرَامِ ابْنُهُ / أَمِيرٌ سَمَا هِمَّةً وَاهْتِمَامَا
هما المنتجان لخَيْرِ المُلُوكِ / ضِخَاماً تَفُوقُ المُلُوكَ الضِّخَامَا
بِأَنْدَلُسٍ أَثَّلُوا دَوْلَةً / لأَرْكَانِهَا السَّعْدُ وَالَى اسْتِلاَمَا
بَنُو نَصْرٍ النَّاصِرُونَ الأُلَى / مِنَ الكَافِرِينَ أَطَالُوا انْتِقَامَا
وَوَالُوا بِبِيضِ الظُّبا وَالعَوَالِي / ضِرَاباً فُرَادَى وَطَعْناً تَوَامَا
هُمُ القَوْمُ أَفْضَلُهُمْ يُوسُفٌ / إِمَامٌ صُعُود السُّعُودِ اسْتَدَامَا
وَمِنْ بَعْدِهِ خَيْرُ أَمْلاكِهِمْ / مُحَمَّدٌ الصَّعْبُ فِيهِمْ مَرَامَا
أَجَلُّ السَّلاَطِينِ شَرْقاً وَغَرْباً / وأَصْدَقَهُمْ فِي الحُرُوبِ الْتِزَامَا
إِذَا مَا شَكَتْ خَيْلُهُ غُلَّةً / أَرَاقَ المِيَاهَ وَسَلَّ الحُسَامَا
نَوَالٌ كَمَا بَاكَرَتْ دِيمَةٌ / فَوَشَّتْ أَبَاطِحَهَا وَالأَكَامَا
وَبَأْسٌ كَمَا لَفَحَتْ جَمْرَةٌ / مِنَ القَاضِيَاتِ تَزِيدُ اضْطِرَامَا
وَحِلْمٌ لَوِ الخَمْرُ شِيبَتْ بِهِ / لَمَا أَسْكَرَتْ بِالكُؤُوسِ النَّدَامَى
هُمَامٌ كَرِيمٌ أَنَالَ اللُّهَى / وَجَهَّزَ لِلْحَرْبِ جَيْشاً لُهَامَا
وَخَاصَمَ بِالسَّيْفِ فِي حَقِّهِ / فَيَا فَوْزَهُ عِنْدَ ذَاكَ احْتِكَامَا
وَلَمْ تَرَ عَيْنِي كَمِثْلِ السُّيوفِ / مُخَاصَمَةً إِنْ أَرَادَتْ خِصَامَا
وَقَدْ غَابَ فِي الغَرْبِ مِثْلَ النُّجُومِ / وَلَكِنَّهُ عَادَ بَدْراً تَمَامَا
وَصَيَّرَ غَرْنَاطَةَ المُلْكِ نُوراً / وَكَانَتْ بِجُورٍ وَظُلْمٍ ظَلاَمَا
هُوَ البَحْرُ لَكِنْ لَهُ الدُّرُّ مِنْ / كَلاَمٍ يَفُوقُ العُقُودَ انْتِظَامَا
هُوَ البَدْرُ لَكِنْ لَهُ الأُفْقُ مِنْ / بِسَاطٍ يُسَامِي وَمَا إِنْ يُسَامَى
بِسَاطٌ شَرِيفٌ تَوَدُّ النُّجُومُ / حُلُولاً بِهِ مَا ثِلاتٍ قِيَامَا
يُلاَمُ عَلَى الجُودِ لَكِنَّهُ / مَلاَمٌ يُفِيدُكَ أَنْ لاَ يُلاَمَا
عَجِبْتُ لِكَفِّ لَهُ وَهُوْ نَارٌ / لَدَى حَرْبِهِ كَيْفَ أَبْقَتْ ضِرَاما
إِمَامٌ حَمَى الدِّينَ مِنْ بَعْدِ أَنْ / رَأَى مِنْ عِدَاهُ الطُّغَاةِ اهْتِضَامَا
وَعَادَ بِهِ مَوْلِدُ المُصْطَفَى / يُقَامُ وَحُقَّ لَهُ أَنْ يُقَامَا
أَعَدَّ لَهُ مَشْوَراً خِلْتُهُ / سَمَاءً مَنِ احْتَلَّهَا لَنْ يُضَامَا
تُنُوبُ الشُّمُوعُ مَنَابَ النُّجُومِ / بِهِ وَالوُجُوهُ تَبَدَّتْ وَسَامَا
كَمَا نَابَ وَجْهُ الإمَامِ ابنِ نَصْرٍ / عَنِ القَمَرِ التَّمِّ هَابَ الإِمَامَا
وَقُلْتُ هُوَ الغَابُ قَدْ حَلَّهُ / مَعَ الشِّبْلُ لَيْثٌ عَنِ الشِّبْلِ حَامَا
وَمَا الشِّبْلُ إِلاَّ أَمِيرٌ نَجِيبٌ / وَمَا اللَّيْثُ إِلاَّ إِمَامٌ تَسَامَى
وَفَرْعٌ كَرِيمٌ وَأَصْلٌ زَكِيٌّ / لِشَمْلِهِمَا المُلْكُ أَبْدىَ التئامَا
وَيَا لَكَ مِنْ مَشْوَرٍ أُفْقُهُ / بِدُخْنَةِ عَنْبَرِهِ قَدْ أَغَامَا
بِهِ قُبَّةُ النَّصْرِ مَشْهُودَةٌ / وَتِلْكَ الَّتِي قُرْبُهَا لَنْ يُرَامَا
تَطَلَّعَ مِنْهَا إِمَامٌ شُجَاعٌ / أَقَامَ الحُرُوبَ لِمَنْ كَانَ قَامَا
وَأَنْهَدَ مِنْهَا لأَهْلِ الخِلاَفِ / جُيُوشاً كَمَوْجِ البِحَارِ التِطَامَا
فَسُرْعَانَ مَا فَرَّقَتْ شَمْلَهُمُ / وَسَامَتْهُمُ بِالسُّيُوفِ انْهِزَامَا
وَقَدْ أَخْفَرُوا عَهْدَ خَيْرِ المُلُوكِ / وَمَنْ يَخْفِرِ العَهْدَ يَلْقَ أَثَامَا
وَمِنْ عَهْدِ سَعْدٍ وَنَصْرٍ مَعاً / لِمَنْ أَنْجَبَا السَّعْدُ والنَّصْرُ دَامَا
أَمَوْلاَيَ خُذْهَا تَرُوقُ افْتِتَاحاً / بِمَدْحِ الرَّسُولِ وَتَزْهَى اخْتِتَامَا
مِنَ العَاطِرَاتِ الشَّذَى خِلْتُهَا / خَمِيلَةَ زَهْرٍ أَظَلَّتْ نَدَامَا
وَمَنْ يَغْتَنِمْ بِالمَدِيحِ العَطَايَا / فَإِنِّي اغْتَنَمْتُ الأُجُورَ اغْتِنَامَا
بَقِيتَ مَدَى الدَّهْرِ فِي دَوْلَةٍ / تُنِيلُكَ فِي الرُّومِ مَا السَّيْفُ رَامَا
وَصَلَّى الإلهُ عَلَى المُصْطَفَى / صَلاَةً تَدُومُ وَوَالَى السَّلاَمَا
بَكَتْ شَجَناً فَفَاضَ الدَّمْعُ يَحكِي
بَكَتْ شَجَناً فَفَاضَ الدَّمْعُ يَحكِي / يَتَامَى الدُّرِّ إِذْ يَهْمِي تُؤَامَا
وَسَلَّتْ مِنْ مَحَاجِرِهَا سُيُوفاً / فَخِفْتُ عَلَى المَحَاجِرِ وَاليَتَامَى
نَوَى النَّوَى عَلَمُ الدِّينِ الرِّضَى فَأَنَا
نَوَى النَّوَى عَلَمُ الدِّينِ الرِّضَى فَأَنَا / مِنْ بَعْدِ فُرْقَتِهِ بِالشَّامِ ذُو أَلَمِ
فَلاَ تَلُمْنِي عَلَى حُبِّي دِمَشْقَ فَقَدْ / أَصْبَحْتُ فِيهَا زَمَاناً صَاحِبَ العَلَمِ
نَوَى النَّوَى عَلَمُ الدِّينِ الرِّضَى فَذَكَتْ
نَوَى النَّوَى عَلَمُ الدِّينِ الرِّضَى فَذَكَتْ / نَارُ اشْتِيَاقِيَ حَتَّى اسْتَعْظَمُوا أَلَمِي
فَقُلْتُ إِنِّي مِنْ قَوْمٍ شِعَارُهُمُ / جُودٌ فَلاَ تُنْكِرُوا نَارِي عَلَى العَلَمِ
أَلاَ مُعْصِمٌ لِلصَّبِّ مِنْ وَشْيِ مِعْصَمٍ
أَلاَ مُعْصِمٌ لِلصَّبِّ مِنْ وَشْيِ مِعْصَمٍ / أَطَلْتُ إِلَيْهِ نَظْرَةَ المُتَوَسِّمِ
فَأَبْقَتْ بِهِ عَيْنِي حُلى مِنْ سَوَادِهَا / وَبَعْضَ سَوَادٍ وَسْطَ قَلْبِي المُتَيَّمِ
وَلَيْسَ خِضَاباً مَا عَلاَهُ وَإِنَّمَا / جَرَى فِيهِ بَعْدَ الدَّمْعِ مَا عَزَّ مِنْ دَمِي
وَلَمْ يُعْدِ مِنِّي اللَّوْنَ لَوْنُ سَوادِهِ / خَلاَ أَنَّنِي أَشْقَى وَقِيلَ لَهُ انْعَمِ