القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دُنَينِير الكل
المجموع : 19
لهم طلل ما بين يبرين والحمى
لهم طلل ما بين يبرين والحمى / غدا يستجيش الدمع حولا مجرّما
أهاب يثاويه النوى فتقوّضت / معالمهُ واستعجمت أن تكلّما
ديار أجدت حين أخلقها البلى / لقلبي غراما جار لما تحكّما
وقفت بها أخفي الغرام فأظهرت / كوامنه إذ فاض دمعي بها دما
وما ذاك من حبّ الخيام وإنما / غرام بمن قد كان فيها مخيّما
سرى البرق نجدبا فبتّ من الجوى / سليماً وقدماً كنت منه مسلّما
فاذكرني دارا بمنعرج اللوى / نعمت بها إذ كنت واصلت تنعما
أيا برق إن جاوزت برقةَ منشدٍ / فبلّغ سلامي ساكني أبرق الحمى
وقل لهم إن فرّقَ الدهر بيننا / فإن ودادي فيكم ما قصرّ ما
لذكركم بين الأضالع زفرة / أبت طول هذا الدهر إلا تضرّما
فيا ليتكم لما بعد تم بعثتمُ / خيالاً ليوافي في الرقاد مسلّما
وهل ذا يرى طيف الخيال وقد أبت / جفوني على طول النوى أن تهوّما
منازلهم بين الفرات وجلّقٍ / أبى الله أن أبكيك إلا تذمّما
وإنّي لا أخلي من الشوقِ دائباً / فؤادي ولا من طيب ذكرك لي فما
عرفت سطورا منك أخلفها البلى / وما راجع العرفان إلا توهّما
تذكّرت أيامي وأهلك جيرة / وعيشا بكلتي ساحتيك منعّما
فرحت بها أطوي الضلوع على أسى / علائقه طول المدى لن تصرّما
إلى كم يروع الخطب قلبي بفرقةٍ / ووشك نوى يبتزّ لحما وأعظُما
أفارق أوطانا ويسرا وأسرة / وقوما كراما عشت فيهم مكرّما
وأعناض أرض الشام دارا وإنما / بها الفضل منّاع الفتى أن تقدّما
أجلق إن قاسيت فيك خصاصة / فحسبك عارا أن أرى فيك معدما
ولكنما غفرا لذنبك بعد ما / رأيت بمعناك الليل العظّما
فتى لا يُرى منه السؤال مذمّة / ولم تلقهُ إن جئتهُ متبرّما
همى فهو جود للعفاة وإنّما / عنى قاصديه إذ همى لهم منمى
أحق بأن يدعى المعظم وحدهُ / وأولى البرايا أن يقال له ابنما
أفي كلّ يوم نعمة وصنيعة / تعُمُّ الورى عدلا وبذلاً مقسّما
وعلمّا يدقّ الفهم عنه وإنّما / فخارُ الفتى إن جاءهُ متعلّما
إذا استكثرا الأجوادُ جوداً أفادهُ / رأى عنده منه أجلّ وأعظما
فيستصغر الأمر العظيم لنفسه / وينظر تقصيرا إذا كان منعما
له عسكرا جيشٍ وجأشٍ إذا رمى / بها الدهر أضحى خشية منه مهجما
إذا همّ لم يترك مدى غير حاضرٍ / وإن قال يرتدّ البليغ مجمجما
لقد ملّ سيف الهند من ضربه الطلى / وملّ القنا الخطّيّ أن يتحطّما
وقد سئمت منه الليالي إغارةً / وعاود وجه الصبح بالنقع مظلما
تأخّر عن ترك التقدّم إذ رأى / حياة الفتى في الدهر أن يتقدّما
لقد خجِلَت منه السحائبُ فانزوَت / فلمّا أتى جاءته تهمى تزعّما
فيا أيّها المخنى عليه زمانهُ / ويا من له وجه الخطوب تجهّما
إذا ما أتاك الدهر يوما بنكبةٍ / فجىء باسمه يرتدّ دهرك منعما
ضلالاً لمن يبغي سوى جود كفّه / وهديا لمن يرجوه من حيثُ يمّما
وفخراً على كلّ البلاد لجلّقٍ / ومعلمها إذ راح بالجود معلَما
لا تطلبَنّ الصديق يوما
لا تطلبَنّ الصديق يوما / فإسمه ما له مسمّى
من رام من دهره صديقاً / أخاو دادٍ يموت همّا
إذا سقيت الخليلَ شهداً / على صفاء سقاك سمّا
لا تعجبي لمشيب نودي إنه
لا تعجبي لمشيب نودي إنه / وسم من الأيام غير وسيم
فلو استطعت نضوت جدة برده / ورميت شهب نجومه برجوم
إن اسوداد مغارقي لوسيلة / عند المها للقرب والتسليم
وأرى المشيب طليعة من بعدها / يأتي مشتّت شمل كلّ حميم
وإذا نظرت إلى الزمان وجدتهُ / تعب الكريم وراحة للئيم
عقت دارها إلا ثلاثا بها سحما
عقت دارها إلا ثلاثا بها سحما / فلا أثراً أبصرت منها ولا رسما
وجرّت عليها الرامسات ذيولها / فعفّينها حتى لقد طسمت طسرا
عهدت بها الحيّ الجميع وعيشةً / أخذت بحسن من بشاشتها قسما
ديار خلت ثم اضمحلت ومحّصت / فلست ترى منها ملجا ولا وشما
وقفت والدمع ينهلّ صوبهُ / كما انجمت وطفاء هطّالة سجما
اسائل وهما والديار إذا غدت / مشخّصةً ألقيتُها همّداً عجما
وراجعت حلمي وارتجعت عن الصبا / ومن يصحب الأيام تحدث له حلما
وما برحت نحوي تهرّ كلابهم / ولم أجترم فيهم على أحد جرما
ومالي من ذنب سوى الفضل والندى / وتعظيم قدري إذ ألقّب أو أسمى
عجبت لطرف فيهم كيف ماكبا / وطرف رآهم دائما كيف لا يعمى
فلا فتئت تفلي عليّ صدورهُم / بما قد حباني اللّه من فضله علما
وما خصّني من حسن خلق وخلقةٍ / ومنطق فصل أستطيش به الحلما
ولطف إذا لو طفت تعلم أنّه / من الهضبات الشمّ يستنزل العصما
وكلّ تراه نجل جون موقّع / أزبّ وتلقى لي أياما جدا قرما
تفنّن في كلّ العلوم وإنّني / قفوتُ له غثراً وأشبهته عظما
ونحن بنو ماء السماء سمت به / على الناس أنساب غدت شهرةً أدما
فتتناكبود الحاسدين بمجدنا / فعضّوا على أستاههم في الورى رغما
ولم يك فينا من تلين فناتهُ / ولما تجد منا جهولا ولا فحما
وقومي هم المستحدثون بفضلهم / خلائق تبقى في جباه العلا وسما
ألو الله والدين القويم إذا اعتزا / وأهل النديّ والندى غذ غدا جما
علومهم الأعلام للرشد والهدى / وحوض عطاياهم غدا مجفراً فعما
إذا نامت الأقوام يوما عن القرى / رأيت الثرى للضيف بعد القرى جهما
وأبناء علّات رموني فلم تصب / سهامهم لكنّ سهمي لهم أصمي
عووا وتمادوا في العُويّ تحاشداً / فلم أكترث حتى أمنّهم غمّا
رأوا بينهم للفرس ليث عرينةٍ / هو الموت ضربا بالمخالب أو ضغما
هزبرا إذا ما زت يوما بغيله / رأيت فريساً أو سمعتَ لهُ فهما
يرى الموت في أظفاره ونبوبه / بأدنى شطاه يعرقُ اللحم والعظما
ضلالاً لمن يسعى ليدرك شأونا / وهل يدرك الساعي بمسعاته النجما
فخلّوا سبيلا لن تطيقوا سلوكه / ومورد فضل عنكم أبدا يحمى
أشاقتك من أطلال ليلى معالمُ
أشاقتك من أطلال ليلى معالمُ / فأبدت شؤون الدمع ما أنت كاتمُ
أم القلبُ إثر الظاعنين صبابةً / دعا فأجابتهُ الدموع السواجم
أطاع الهوى لما عصى الصبر معلنا / بأنّ فؤادي من جوى البين هائم
الأربّ دار باللوى قد تقوّضت / لبعدهم أركا نها والدعائم
وقفت بها أذري دموعاً تسعّرت / بها نار حزن ضمّنتها الحيازمُ
وقد محّصت اطلالها فكأنها / ظباء باقطار الفلاة جواثم
أقول إذا ذكرى عهودي تعّرضت / سقى عرصتيها عارض متراكم
وأنّى جفتها المزن لا زال صائبا / من الجفن صوب بالمدامع ساجم
وعاذلةٍ باتت تقول ملحّة / أمثلك يبكى الربع والربع طاسم
فقلت لها كفّي الملام فإنها / هي الدار أقوت آياتها والمعالم
عهدت بها شرخ الشباب بوصل من / هويتُ وغصنُ العيش أخضر ناعم
بحيث امتناع الغانيت ممنّعُ / لدينا ولون الرأس اسود فاحمُ
وما فوّقت أيدي البعاد لشملنا / سهام النهوى والخطبُ وسنان نائمُ
وقد طلعت بعد الفراق بمغرقي / نجوم مشيب إثرها الموت ناجمُ
فأنبأنني أنّ الصّبا غيرُ راجعٍ / إليّ وأنّ الشيبَ للمرء لعادمُ
ولم أر دهري غارماً ما أضاعهُ / وكلّ زعيمٍ بالذي ضاع غارمُ
فوا عجباً من سوء خطي وقد سرى / لفضلي عرف مخطم الدهر فاغم
إذا جئتُ وردا للمعالي ارودهُ / فإن الرزايا فوق وردي حوائمُ
وما فرقي والحادثات تلمّ بي / من الدهر والملك المعظّمُ عاصم
مليك به وجه الخطوب مقطّب / وثغر الندى والدين والعدل باسم
حسام أمير المؤمنين وما سمي / بذلك إلا وهو للخطب حاسم
به نصر الإسلام في كل توطن / وحلّت بأهل الزيغ منه القواصمُ
لئن عجزت وطف الغوادي بجودهِ / لقد خجلت منه البحار الخضارم
فمن مجدهِ حوض المدائح مترع / ومن جودهِ البحر المنائح راسم
مليك له الأقدار تجرى على الورى / فليس فضاءً غير ما هو حاكمُ
تجليب منه الدهر ثوبا من العُلا / ففي عصره كلّ الزمانِ مواسمُ
إذا عجز الوصّافُ عن حصر مدحه / وأوصافه أثنت عليه المكارم
وما انصفوه بالمعظّم إذ غدا / عظيما وقد هانت لديه العظائم
ومن أين يُلغى للمظفّر شبه / إذا احتدمت بالدار عين الملاحم
وكم سوق حرب للأعادي أقمتهُ / وموت لهم ايظقته وهو حالم
ولم شهدت منك الفرنج مواقفاً / وبحر المنايا موجده متلاطمُ
دعوت بها بيض السيوف فأذعنت / تجيبك في هام الكماة الصوارم
لدى معرك لم يلف في جنباتهِ / إذ الروع إلّا صارم أو ضبارمُ
وما زلت في جيشين جيش مقاتل / وجيش على القتلى من الطير حائم
ولو سئّلت أرض الفرنج شهادة / أجابتكم صيدا ويافا وحارم
فكم خدلت فيها لدى الحرب أنفس / وكم قسمت إذ ذاك منها الغنائمُ
وكم من صريع من مخافة بأسم / وما فقعت فيه الرقى والعزائم
وليس لكم في حرب فارس مفخر / لقد صفُرت عن مثل ذاك الأعاجم
دعاك أمير المؤمنين فأذعنت / له عزمة قلّت لديها العزائم
فألفاك سيفا في الأعادي مجرّراً / وفي شفرتيه الموت إن شام شائم
تميت وتحيي بالصوارم والندى / كأنك للآجالِ والرزق قاسمُ
مليك الورى عزّ العزاء لحادثٍ / وجوهُ المعالي إذ ألمّ سواهمُ
وقد جلّ رزء المؤمنين كأنّما / عليّ عليّ فالدموع رواذم
ألم به صرف الحوادث عنوةً / ولكنما من بعدها الدهر نادم
سقى قبره سحّ السحاب فطالما / سقى الناس غيث من أياديه ساجم
ولا فارق التقديس أرضا ثوى بها / ولا رحمة واللّه إذ ذاكَ راحم
أيا ملكاً لولا فواضل جودهِ / لضنّت علينا أن تجود الغمائم
دعوتك لما أن ألم بيَ الأذى / وعدّت فما صحّت عليّ الجرائم
فخذ بيدي ثمّ اصطنعني فإنما / نمتني إلى العلياء قوم أكارم
فما راق لي لمّا سمعت مشارب / ولا هنأتيني بعد ذاك مطاعمُ
لديّ فنون من علومٍ غزيرةٍ / لساني لها في جبهة الدهر واسمُ
تفنّنت في الآداب حتى أخالها / نهابا ولم يحرزه إلّايَ غانم
وجاهدت في علم القراءة بعدما / قرأت بما لم يقر ورش وعاصم
ولي بأحاديث الرسول رواية / تقصّرُ عنها في العلوّ العمائمُ
وسقراط ما أوعى من العلم ما وعى / فؤادي ولكن عصره متقاوم
وأنبئت من لي في رضاه مصالح / تهدّدني إذ رأيه في واهم
ولم اقترف ذنبا وأجن جناية / ولكن سعت للسع في الأراقم
فإن كنت بي يا مالك الأرض محسنا / سعدت ولم تحدث عليّ الجوازم
وإلا فإني طائح الدم هالك / وعما قليل أنت لا شك عالم
ظبي الصريم حبالي في الهوى صرما
ظبي الصريم حبالي في الهوى صرما / حتى أراق دموعي بالفراق دما
وعلّم الجفن أن يذري الدموع أسى / فهل تراه بقتلي في الهوى علما
حلّمتهُ فيّ حتى ظلّ من سفهٍ / يضني فؤادي ألا يا بئس ما حكما
اصموا الفؤاد بسهم من تباعدهِ / وأورث السمع من بعد النوى صمما
يا دار سلمى سلام من حليف ضنىً / من لسعة البعد والتفريق ما سلما
أضحت ربوعك من بعد الأنميس بها / قفرا فأصبحَ حبل الوصلِ منجذما
لا مرّ وفد نسيم الريح بعدهمُ / إلا حدا ليروي ربعهم وبما
قد أوطنوا بعدك الجرعاء من إضمٍ / علما بأنهم قد انكروا العلما
واستبدلوا من ديار الحي كاظمة / وما الموا ولكن أغصبوا ألما
وليلة طاف فيها الطيف بي سحرا / فما لبثت ونجم الصبح قد نجما
فما قضيت به للنفس مأربة / لكنّما زاد جسمي في الهوى سقما
أتى وقد هزّني شوق لزورته / مولي سلام وتوديع قد التزما
آهاً على طيب أيامي بوصلهمِ / وللشبابِ الذي كنا مذ التأما
واحبّذا مربع حاك الربيع به / برود وشي تخال الأرضُ منه سما
من أصفرٍ فاقع يحكي المحبّ إذا / ما شتّت الدهر شملاً منه ملتئما
ومنه احمر قافٍ كالجيب غدا / عند الكفاء حياء مطرقا وجما
وأخضر مثل ما ينوي لعاشقه / من الوصالِ غدا في الحر ملتهما
وأبيض قد كسا وجه الثرى حللاً / من نوره وتغشّى القور والألما
فالروض يضحك إذ يبكي السحاب به / حسنا ويفترّ ثغر النبت مبتسما
فاشرب من الراح من حمراء صافية / تخال بالمزج في كاساتها خدما
من قهوة لم تزل موجودة قدما / قبل الزمان وقد كان الورى عدما
من كفّ أغيد ممشوق القوام غدت / نحكيه خدّا وريقا طيبا وفما
والدهر في غفلةٍ عنا ومن غفلت / عنه صروف الليالي ظلّ مغتنما
وما تحكّم صرف الدهر في أحد / أضحى بدولة عز الدين معتصما
ملك رأى الله أن الحق ركبّه / فيه فملّكه الأرضين والأمما
فأصبحت سطوة الجبار خاضعة / لديه إذ راح للرحمان منتقما
ان جئته نلت ما قد كنت تطلبهُ / وعُمتَ بحرا عذا بالجود ملتطما
وحزتَ من سعد مسعود عظيم منى / تضحي الليالي لما قد نلتهُ خدما
بنى له الفضل والإفضال بيت علا / أضحى به ركن من ناواة منهدما
لله أيّ يدٍ من أمّ نائلها / رأيت بحر ندى من كفّه انسجما
وإن ألمّ بحربٍ ظلّ جاحمها / من شدّة الرعب بالأبطال مضطرما
يفري الكلى بالقنا طورا وآونةً / بالمشرفيّة يبري الهام والهمما
ماذا أرسم من مدحي لسؤدده / والدهر ممتثل في الأمر ما رسما
من معشر جمعوا شمل العلى لهمُ / حقّا وقد كان منها الشمل مقتسما
وشيّدوا الدين بالخرصان والتزموا / منه عراه وكان الدين مهتضما
إيه مليك الورى مرىءً ومختبراً / لم يطمعا في العلى عربا ولا عجما
لك العطايا التي أمت فواصلها / منك الاعادي لما عمّت الأمما
ومنك سار الندى بين الورى مثلا / سيّرت جوداً فعلّمت الورى الكرما
يغنى الزمان ولا تغنى مناقبكُم / والمأثراتُ فلا زلتم لنا حرَما
سفها بكيت بدمع عين هام
سفها بكيت بدمع عين هام / بمرابع أقوت من الأرآم
وأطلت في الأطلال وقفة حائر / لا يرعوي عن دمنة وخيام
أضللت حلمك في الديار ولم يجز / تخيبك ذلك منك في الأحلام
ما الربع مما يرعوي لملامةٍ / كلا ولا يصغي لرجع كلام
للّه أيّ سوالفٍ عرضت لنا / بلوى الكثيب بسالف الأيام
أقبلن في خفر الدلال وإنّما / لم يسمموا بتحية وسلام
يا عاذلي أزعمت أنّك ناصحي / مهلا اسأت الفعل في الإفهام
إن رحت في إثر الخليط فطالما / خلط التفرّقُ صحبتي بسقام
وحمائمٍ غردنّ في غسق الدجى / فبعثن شوقي إذ اعدن غرامي
أذكرنني زمنَ العقيق وإنما / نوح الحمام مفاجىء بحمامي
يا قاتل الله النوى فلكم ونى / في إثرها متعثّرُ الأفهام
أأذُمّ بارح طيرها أم اشتكي / زمني فقد أقصى بلوغ مرامي
ما أصفت الأيام ورد مشاربي / كلا ولا نقعت غليل أوامي
رفّعَن ما أسأرن لي من مشربي / ونزلن بي بمزلّة الأقدام
أتروم خفضي حين تأبى همتي / إلا ارتفاع محلّتي ومقامي
أفمن ملوك الخافقين عزيمة / تنتاشُني من ضيغم الإعدامِ
قومي الذين تسموا قللَ العلا / بالفضلِ والإفضالِ والإكرامِ
طلعت نجوم علومهم زمناً وقد / سحب الضلال عليه فعل ظلالم
وسمضوا وقد وسَموا حباه مكارمٍ / نزلت بهم بمنازل الإعظام
وأنا الذي علمَ الفضائلَ يافعا / حقا فشبّه ذاك بالإلهام
أدركت ما لو طال عمر مؤمّلٍ / ما قام فيبعض العلوم قامي
أنا فارسُ الفرسان إن علم جرى / لكن لساني في النزال حسابي
أبقيت للعلماء بعد ذهابهم / شرفا بنى شرفا على بهرامِ
شهدت لي الأيام كلّ فضيلةٍ / وأضاعني زمني بنقض ذمامي
فالعقر أيتّها الجيادُ فإنه / يشفيك من عقرٍ ومن آلامِ
وإذا عماد الدين جئت فشيمتي / لثم الصعيد وقد حسرت لثامي
ورضيت عن زمني بحسن صنيعه / وغفرت عظم إساءة الأيّام
قرّبنني من بحر جود قطرة / منه يبرّ على السحاب الهامي
ملك إذا أثنت علاه بجوده / ثنت المقاول فيه بالإفحام
ملك لأحكام القضاء مقدّر / في الحالتين النقض والإبرام
فكحاتم في جوده وكأصنف / في الحلم بل عمر ولدى الإقدام
تنميه في العلياء غرّ مكارم / يغنى بها عن هاشم وهشام
لو سئلت عنه المكارم والعلا / نطقت بما أولى منَ الإنعام
فلسيفه ولسيبه ببن الورى / حكمان حكمُ صواعق وغمام
ولذكره في قلب كلّ مخالفٍ / وموافق فرق من الأقوام
وإذا الكريهة أخمدت أخدمتها / بمثقّف وبصارم خذّام
فلسيفه وسنانه وبنانه / حكم يشقّ على الطلى والهام
واخالفته أعزّة إلّا عذَت / منه رؤوسهم بلا أجسام
يا أيها الملك الذي من عدلهِ / ثبتت دعائم قبّة الإسلام
أثّلتَ مجدا لم يطل لصفاته / شعري فقصّر عنه شأو كلامي
ورعيت هذا الملك منك بمقلةٍ / لم تكتحل أجفانها بمنام
وبنيتَ داراً للمناقب والعلا / سُمكت قواعدها بخير دعام
شيدت كما شيدت بهّمتك العلل / ورست لديك قواعد الأحكام
أسكنتها الكرم التلاد فما انضوى / إلا إليها منتهى الأفهام
وكسوتها من نور مجدك بهجةً / فجلوت منه حنادس الإظلام
ورفعت في شرفاتها شرفا لها / علما وفي عن ذروة الأعلام
بعزيمة أركانها بركونها / ثبتت فآذن سعدها بدوام
احجارها من مرمر ونقوشها / من جوهر فاعجب الحسن نظام
وكأنّ منها الشيد قد كحلت به / أجفانُنا بمراود الإعظام
ما بال دجلة إذ أطلّ بناؤُها / متشرّفا في خجلة وغرام
تبدو بتجعيدٍ وحقّ لمثلها / حقا يغار من الخضمّ الطامي
فالجود في عرصاتها والأمن في / أبوابها بالفضل والإكرام
فهي الأحقّ بأن تسمى جنّةً / أو أن يقال الدهر دار سلام
يا ابن الغطارفة الذين أكفّهم / موت لحيّ الجور والأعدام
إنّي اتخذتّك شافعا لي في الدُنا / وتخذت حيدر شافعا لأثامي
ولأنت في دنيايَ خير مؤمّلٍ / ولحيدر في الحشر خير إمام
فبقيت يا خير الورى ما غرّدت / في مورق الأغصان ورقُ حمام
هي بشرى الإسلام والأيّام
هي بشرى الإسلام والأيّام / والليالي والدهر والأعوام
أسفر المجد والمكارم من بع / د عبوس منها وطول غرام
واغتدى الدين مستنيرا ومذول / ليت أضحى في سدفة من ظلام
أصبحت بعدك النفوس ظماء / تتلظّى وبابها من أوام
سرت والجود سائر حيث يمّر / ت فاضت بالفخر دار السلام
وتحلّت مذ زرت أربعها الزو / راء من عزّة بكم واحتشام
واستظلّت من بعد بعدكم الح / دباء من وحشة بذيل القتام
أنت فيها روح وليس حياة / بعد فقد الأرواح للأجسام
زرت في روضة العراق ذرى المل / ك وحيّيت بات خير إمام
ثقة الله وابن عمّ رسول ال / له عدك في سائر الأحكام
فعلى أحمد وأحمد منّي / صلوات مقرونة بسلام
يا أبا طالبٍ لقد شدت ما وط / د منه في النقض والإبرام
وقفوت الرسول في كلّ أمرٍ / ومنه في النقضِ والإبرام
لك بالأحمدين عزّ رفيع / بممل علا على بهرام
أنتم دوحة المكارم والمنين / بة تقضي بوصلة الأرحام
لا أختراق ما بينكم في المعالي / وسواء فخراً بنو الأعمام
قد تفّننت في العلوم فأصبر / عنه زلّت مواطىءُ الأقدام
وبرعت الغداة في كل فن / عنه زلّت موطىء الأقدام
بك نهدى في كل أمر وآرا / ؤك تقضى في حلمنا والحرام
ولك الجود لا لغيرك في الحد / باء ظلّت غيوثه في انسجام
لو يباري نوالك الغيث اخجل / ت بفيض الاكف صوب الغمام
أو يوازي برأيك الشم أخجل / ت من الرأي والحجا ابني شمام
قد كفلت الأيتام بالجودش حتى / أتمنّى أنّي منَ الأيتام
سيدي إنّني محضتُك وداً / لم يغيّرهُ حادثُ الأيّام
وعجيب إذ لا يقابل مدحي / في معاليك بالعطايا الجسام
والحظي لديكمُ في انتقاض / ومديحي لمجدكم في تمام
ولكم من قصائد سائراتٍ / هي درّ أبرزتها في نظام
تليت في البلا في كل ماد / بين أهل النهى وبن العوام
لم يكن بالهنيّ تعجيل مدحٍ / يصل الرفد عنه من بعد عام
وعجيب وأنت رب السجايا / والعطايا الجود والإنعام
لا عدت ربعك المسرات ما لا / ح ضياء مكشّف لظلام
شكراً لما تولى من الإنعام
شكراً لما تولى من الإنعام / أبداً على الأيّام والأعوام
يا ابن النبي ومن يجود أكفّه / غفرت إساءة سالف الأيام
خلقت طباعك للذي من طينة / جبلت على الإحسان والإكرام
أعطيت فوق منى النفوس فأبهجت / بجزيل ما تولي من الإنعام
فنهاية الآمال عندك قطرة / من ذلك البحر الخضمّ الطامي
شيدت ركن المكرمات وإنما / سمكت قواعدها بخير دعام
فبجدّك المبعوث في هذا الورى / ثبتت دعائم قبّةِ الاسلام
وبحيدر ختمت فواتح دينه / يا حبذا دين بخير ختام
إذ أنت سرهما ونورهما الذي / صبّت مجاجته إلى الأرحام
فعليك يا نجل النبيّ وصنوهُ / متأرجات تحيّة وسلام
نظرا الآنام إلى علاك بأعينٍ / مكحولةٍ بمراود الإعظام
عمرت بجودك يا معمّر أنفس / طويت لغيركم على الأوغام
فقحتم فكر المديح لمجدكم / منّي وكنت عقلت بالإفحام
فمتى غدوت مقصر في مدحكم / فحرمت من جدوى يديك مرامي
وبأصلك الزاكي وثقت وإنكم / تصفون لي ورداً من الإكرام
عمّ الندى وتواتر الإنعام
عمّ الندى وتواتر الإنعام / والجود لما وطد الإسلام
وافتر ثغر المكرمات وأشرقت / من بعد ظلمتها بك الأيّام
يا ابن النبي وخير من عذقت به ال / آمال أو لجأت به الأقوام
لو أن بيت الله ينطق لم تزل / منه إليك تحيّة وسلام
أو كانت الأقدار تسعى ما انثنى / إلا إليك من القضاء زمام
بكم اهتدى هذا الأنام ودينكم / نطقت به من قبله الأحكام
أنتم ثقات الله في تفضيلكم / يا سين والفرقانُ والأنعامُ
فقديمكم يتلوه فضل حديثكم / في المكرمات فتستوى الأقدام
شكراً لدهرٍ خصّني بلقائكم / إذ عمّني التبجيل والإعظام
ولقد حللت من العلاء بمنزل / ما حلّه في سعده بهرام
ولقد شكرت صنيع دهري عالما / إن الزمان له عليّ ذمام
إني عجبت وجودكم عم الورى / كيف اغتدى في حالي الإعدام
ويسوؤني نظر اللئام وإنما / نظر اللئام على الكرام حرام
أكرمتني ولأنت خير مؤمّل / من شأنه الإحسانُ والإكرام
مولايَ محي الدين يا من رأيه / ماض يفلّ السيف وهو حسام
غوّدتني بندي يديك فصار لي / في مدحكمُ أمد الزمان غرام
في كلّ وقتٍ من عطائك نائل / يولي ويمطر من نداك غمام
وتعمّ منك فواضل وفضائل / فصُرت إذا عن كنهها الإفهام
أحرزت أخلاق النبيّ كأنما / حسن التخلق فيكم إلهام
كتب الإله لك المكارم والعلا / في اللوح حتى جفّت الأقلام
فلك الزمان من الحوادث جنّة / ولك القضاء لما تشاء غلام
أنخ أيّها الحادي المطيّ وسلّم
أنخ أيّها الحادي المطيّ وسلّم / فقد نلت أقصى غاية لميمّم
وبلّغت ما قد كنت ترجو ويختفي / فرد بحر جودٍ بالفواضل مفعم
وشمّر سواما من رجائك ترتع / رياض العطايا بالنوال المقسّم
لوارث هدي المصطفى وخلاله / وخير البرايا من محلّ ومحرم
لذي الفضل محي الدين من جود كفّه / غنى لفقير أو يسار لمعدم
مجيد متى ما جئته تلق عنده / بشاشة وجه زانها بالتبسّم
به أخضبت روض الأماني وجاءها / سحاب ندى من جود كفّيه مثجم
وأسفر وجه المجد من فرح به / ووطّد أركان الندى والتكرم
تحمّل عبء المكرمات وثقلها / وطوّف منها مغرما بعد مغرم
فما همّه إلّا المعالي وغيره / من الناس لم تهطر له في توهّم
آيا ابن البتول الطهر فيك تقاصرت / فصاحة نطقى عن مديح مقسّم
ولكنّني رصّعت من درّ وصفكم / قصائد شعر بالثناء منظمّ
لكم من رسول الله اشرف فتية / ومن حيدر أوفى فخار معظّ
وفيكم أتى القرآن يتلو مديحكم / فلي مؤدّ مدحكم في تكلّم
وأنتم هداة الخلق حقّا وأنتم / أولو اللّه والبيت العتيق المحرّم
فأقسم بالبيت الحرام وما حوى / وبالركن حقّا والحطيم زمزم
لأنتم من النور الإلهي خلقكم / مجاجةُ وحي أودعت ظهر آدم
ولولاكم أضحى الورى في عمايةٍ / وراحوا بليل في الضلالة مظلم
بنوركم شمس النهار تهوّرت / وعلمكم هاد لكلّ معلّم
وما مدحي في غيركم عن جهالة / ولا أن طرفي عن مدائحكم عمي
ولكن إذا لم ألق ماء مطهّراً / بكلّ زمان أرتضي بالتيمّم
لكم في ضمير القلب ودّ مؤكد / وحبّ على الأيام غير مصرّم
وإن أنا لم أصدق بدعواي فيكم / فيؤتُ بما باء اللعين ابن ملجمِ
سلام على الربع من ذي سلم
سلام على الربع من ذي سلم / ودامت تروّي ثراه الديم
فقد هيّج الشوق تذكارهُ / وعلّم جفيني البكاء العلم
أقام بتلك الرسوم الهوى / وخيذم ما بين تلك الخيم
وقد كلف القلب مستسلما / بسلمى وأعجب به إن سلم
وما ألم القلب بعد النوى / وشوّقه غير طيفٍ ألم
أجدك لي في ظباء الصريم / ظبيّ حبال وصالي صرم
أروم الوصال فيابى له / نعيم الدلال بقولٍ نعم
أنوح كنوح الحمام اغتدى / ترنّمهُ بالضحى يغتنم
يهيّجُ شوقاً قديماً غدا / لقلبيَ في ساحتيه قدم
واصبوا إذا مرّ وفد النسيم / عسى يجمع الشمل باري النسم
فيا عاذلي في هواه اتئّد / فقد كلّم القلب منك الكلِم
وقد أظهر البين مخفّي ما / كتمت وبدّلَ دمعي بدم
وهل يكتم الحب من دمعه / أبى أن يرى سرّه مكتتم
فسل جيرة الحيّ عن مغرم / أضاع الفؤاد ولم يغترم
وقل للزمان أفق إنّني / لدى حرمان نزيل الحرم
لدى اسد الدين ذي المكرما / ت مردي الكماة مفيض الكرم
وأحمد أنزلني نعمة / من العيش أتبعها بالنعم
وغادرني من ندى كفّهِ / قسيم العلى وهو أوفى القسَم
وعم من الجود حتى اغتدى / حسودي أخ وابن عمّ وعم
وأرغم من نيله حسّدي / فراحوا وكل نديم الندم
فماذا أرسم في مدحه / ويمتثل الدهر ما قد رسم
فلو أوتيَ البحر من جوده / لأمّ ورود جداه الأمَم
ولو أنّ للغيث جدوى يدي / م به أفعمَ بالكسب حقّا وعم
مليك غدا في الورى شامة / بطيب الخلال وحسن الشيم
فقد قسّم العمر للجود وال / نزال كأنّ عليه قسم
فبالمعتدين نزول النقم / وللقاصدين حلول النعم
سل الكرح والروم عن فتكه / فأبطالهم منه راحت رمم
أزال لدى الحرب هاماتهم / بضربٍ تحيّرُ فيه الهمم
ففي رمحه الكدن فري الكلى / وفي قائم السيف برى القمم
يدين له القرم خوف الرد / كأنّ به نحوه من قرم
فقد أعرب العرب عن وصفه / وأعجم بالمدح فيه العجم
فلو أنّ للشمس أنواره / لفما ظلمت بدياجي الظلم
ولو أنّ للأمم الهالكا / ت آراءَه لنجت عن أمم
أيا أسد الدين إن الال / حكمته إذ بكم قد حكم
هنيء لك الصوم إذ شرّفت / لياليه منك بعزم أصم
لزمت عرى الدين حتى غدت / حبال التقى بكم تلتزَم
فدمت وبارت فداك العدى / وإن فنى الناس طرّا فدم
هذه الدار والخيام الخيام
هذه الدار والخيام الخيام / فسلام على الحبيب سلام
فله عندنا بدلا تؤدّي / ووداد مؤكّد وذمام
وعجيب لقاؤه مستحيل / وقريب مزاره والمقام
فلقلبي وقد تعذّر لقيا / ه التهاب وللدموع انسجام
صاح قف بالكثيب نندب أيا / ما تقضّت والحادثات نيام
فزمان الوصال بدل بالتف / ريق حتى كأنه أحلام
يا عذولي مهلا فأين محبّ / مذنف ذو صبابة والملام
كلما لمت هجت مني غراما / كامنا والكلام فيه كلام
ويك إن لم تكن رأيت الذي أه / واه فاسمع يصيبك فيه الكلام
فعليّ العذاب فيه حلال / وعليّ السلوّ عنه حرام
كل يوم بزداد حسنا فيزدا / د بقلبي منه الظنا والهيام
راح جسمي كخصره وفؤادي / مثل جفنيه ملؤهنّ سقام
أين منّي القيام بالأجرع الفر / د تنادت بل أين تلك الخيام
فبأثنائها فؤاد قتيل / رشقته من العيون سهام
من لليلي الطويل لا القلب يصبو / الاصطبار ولا العيون تنام
يا محلاوي ترفق بصبّ / قد يراه لما نابت الغرام
إن تعوّضت عن هواك فلا يتج / مع ببني وبينك الأيام
أو تسلى قلبي فلا جاد ربعي / من ندى أحمد غمام سجام
ملك لو أردت حصر معالي / ه لكلّت عن ذلك الأقلام
وغذا حاول الورى الفكر في جد / وى يديه تقصّر الأفهام
قد أعادت شيب الزمان عطايا / ه شبابا فراح وهو غلام
وقلّت غياهب البخل إذ كا / ن تغشّى من اللئام ظلام
عجبا للأنام إذ لم يصيروا / شعراءً إذ علّم الإنعام
قسم الجود أولا فخلا النا / س جميعا وعنده الأقسام
أسداً راح في الحقيقة فعلا / ومجازاً إن لقّب الأقوام
لو خلا منه عصره لو هى الدي / ن ذهابا وبدل الإسلام
يضحك السيف إذ يعبس والأي / وال تبكي إذا عراه ابتسام
أي حرب لم يلف في هبويتها / منه جيش ملء الفضاء لهام
بأسه قبل سيفه يهلك الأع / داء حتى لا يشهر الصمصام
إن تسالم تسلم وأنى تحارب / تحترب عن رؤوسها الأجسام
ضل حساوه الذي طلبوا مس / عاه راموا الحاق ما لا يرام
أسد الدين والذي ملكته ال / حمد من كفه العطايا الجسام
لي ودّ إن أخلق الدهر في القل / ب جديد مؤكّد وذمام
لم يكن للزمان لولاك عنديَ / رونق إذ تروقني الأيّام
كان لي من ندى أياديك طرف / مستجاد ويقلة وغلام
خانني الدهر في الجميع فشاني / عبرات حرّى ودمع سجام
فاكبت الحاسدين منك بطرف / تمطاه سرج وفيه لجام
يسبق البرق إن جرى يدرك الفا / ية من قبل تنتهي الأوهام
أذناه مثل الفناتين عالي ال / متن رحب الإهاب فيه اضطرام
لونه كالنضار أو كمحبّ / قد براه الهوى وشفّ السقام
وبرىء مما يشين فلا الإخ / طاف فيه وليس فيه انهضام
شاهدُ لي فيما أحدث من نع / ماك عدل إذا رآه الأنام
وإذا ما أكرمت فاكرم فتى يز / كو لديه الإحسان والإكرام
مالكي جلّ قدركم عن شبيهٍ / من جميع الورى وعزّ المرام
لا أهنّي بالصوم لكن يهنّى ال / صوم بمجدكم والصيام
فهناء للدهر منك مليك / حظ هذا الورى لديه الدوام
قف العيس هذا ربع سلمى فسلّم
قف العيس هذا ربع سلمى فسلّم / وإن لم تجب رجعا ولم تتكلم
ولكنه عهد الصريم وأهله / تصرّم والأشواق لم تتصرّم
وما الدار إلا بالقطين فإن يبن / أقل لجفوني بعد فرقته اسجمي
لقد علم الجفن المحبين بعدهم / بكاء على الأحباب في كل معلم
عذولي اصح أخبرك بالحب كي ترى / عذيري لقد ألمتيني بالتلوم
أرى الحب في بدء المحبة طعمه / لذيذ وعقباه مرارة علقم
وأوله أن يطمع المرء في الهوى / فتدخله الأطماع تحت التحكم
ألم تر أني ظلت في رسم منزل / أسحّ سحاباً من دموعي ومن دمي
وأندب دارا باللوى غير أنني / اقول لها يا دار سلمى ألا اتتلكي
أيا ساكني أطلال منبج إن لي / إليكم جوى نيرانه في تضرّم
عليّ وقد جرتم مدى البعد لذتي / حرام ورفق العيش غير محرم
وليلي كما نام السليم ولم يجز / بشرع الهوى أن تسفكوا دم مسلم
أرجم في سلمى ظنوني ضلة / وما نافعي من أمر ظن مرجم
أروم الكرى علي أرى زور طيفهم / وما زوره إلا الجفن مهوم
خفوا الله في إظهار ما ظلت جاهدا / من الحب أخفيه لدائي المكتّم
ضننتم بتكليم وقد خالط الهوى / هواكم أضاميم الفؤاد المكلم
كما خالطت نعمى أبي اسحق والندى / بمعظمه روحي ولحمي وأعظمي
فاصبحت مرجوا وقد كنت راجياً / يسير الندى عند البخيل المذمّم
ومذ عمت بحرا من عطاياه أخرجت / له فكري درّ المديح المنظّم
كريم السجايا طاب فرعا وأصله / زكيّ من البيت الرفيع المكرم
سمي خليل اللّه أرسل للهدى / وأرسلت للجدوى بمال مقسّم
رأيت الورى عبّاد أصنام عسجد / فحطّمتها من سيب حور محطم
بك اكتسبت الأيام نورا وقبلها / غدت في دجى ليل من اللوم مظلم
وألقت لك الدنيا مقاليد أمرها / ورحت بعلم بالفواضل معلم
ودبّرت أمرا الملك بالدين والحجا / ورأي اصيل في الملمات محكم
نصرت ابن نصر من حمى الدين ما اغتدى / بعصرك فخذ ولا لدى كل مسلم
وأوقدت نارا للمكارم والعلى / فأسرج كل من غنيّ ومقدم
إذا ادخر المال البخيل فإنما / ذخيرته من كل صيبٍ معظم
وعصمته الذكر الجميل وإنه / حليّ علاً في كل حيد ومعصم
له قلم كلت لهيبته الظبا / إذا ما انتضاه مصلتا فاغر الفم
يفلّ به الجييش اللهام ويغتدى / به كهم في جانبي كل لهذم
فطورا تراه مجتني النحل سائلا / وطورا تراه سائلا سمّ أرقم
إليك وزير الملكِ أعملت همّتي / فعمت بتيّار من الجود مفعمِ
ولم أر أهلا في الأنام سواكمُ / لنظم قريضٍ من فصيحٍ وأعجم
زففت إلى الجدوى كريمة خاطري / هديّا ولم اختر لها غير مكرم
فأنكحتها علياك إذ لم أجد لها / من الناس كفؤا غير مجدك فاعلم
فخذ بكر فكر لا يقوم بمهرها / سواك ولا تسخر به كفّ منعم
أمن منزل بالجق أقوت معالمه
أمن منزل بالجق أقوت معالمه / ففاض بمغناها من الدمع ساجمه
تحمّلت عبئا أم من البين والجوى / غدا القلب والوجد القديم يلازمه
وما الوجد إلا ما عدو الفتى به / إذا آن تفريق الأحبّة راحمه
وما الحب إلا ما يؤنّب غازل / عليه فيعصى أو تلوم لوائمه
وكيف يطيق الصبر صب جفونه / تنم بما يخفيه والقلب كاتمه
ألا قاتل الله الجمال فإنها / أقلّ جمالا مبدعا فيه واسمه
نأت بهم والليل مرح سدوله / بفوديّ حتى أبيض للبعد فاحمه
ولم تدر ليلى ما الهوى وعذابه / ولا علمت منه الذي أنا عالمه
نسيم الصبا بلغ إلى جيرة الغضا / سلام مشوق وجده ما يسالمه
وصف لهم ما بي من الوجد والأسى / وما ضمّنته من فؤادي حيازمه
أول وقد كنت العزيز وكيف لا / يذلّ فتى قاضيه في الحب ظاله
وأعجب ما لاقيت في مذهب الهوى / محب يروم العدل والخصم حاكمه
فيا صاحبي اليوم عوجا لتسألا / فريق الحمى أمن استقلّت عزائمه
وقولا لهم أن ضل بالبعد عنهم / غرام فإنّ القلب مني غارمه
سلوا النجم يخير عن سهادى وموقع / لجفنيّ لم ينجم مع الدهر ناجمه
فأعجب بحب لا يساب بسلوة / لقد عمرت في القلب مني معالمه
لحا الله دهري كيف سلت من النوى / علي لتفريق الجيب صوارمه
وكيف أخاف الدهر في وقع حادث / ملم وابراهيم بالجود حاسمه
وزير رست للملك من طود رأيه / قواعده حين اطمأنّت دعائمه
إذا نظرت آراؤه الأمر أدركت / غرائبه والمشكلات عزائمه
ومالا أحاط العالمون بأسرهم / به فأبوا إسحق بالوهم عالمه
يرى الجود من بعد السؤال مذمّة / فتوليك ما لا ترتجيه مكارمه
وإن ضن صوب الغيث جادت يمينه / على الناس ما لم تستطعه سواجمه
فلو لم يجد شيئا ينيل لقاصد / فبالنفسِ مسرورا بذاك يقال
ففي كل كف من نداه غنائم / وكل مديح فهو لا شك غانمه
به غفرت للدهر كلّ إساءة / وعاد له بالعذر من هولائمه
أبا إسحق شيدت المعالي وفتقت / بجودك عن لب السماح كمائمه
تكفّلت بالمرين رزق وحكمة / ففضلك يمليها وجودك قاسمه
بكفّ يكفّ الخطب عن سوء فعله / وعن بغيه ذ تضمحلّ جرائمه
يقلّ يراعا أسمر اللون أهيفاً / طلاه دما إذا أحسن الوشم واشمه
تقمّص ثوب الحزن من فرح به / فبيّض حظ المرء إذ ذاك فاحمه
إذا ما مضى ردّ القضاء ولم تكن / لتمنع عن غير الولي مظالمه
إليك جمال الدين حثت عزائمي / فهانت بكم من ذا الزمان عظائمه
تجلّ محلي في الأنام فأنثني / وربعي ربيع إذ تجود غمائمه
وقد سرّني لما رأيتك سالما / وعود شبابي أخضر الغصن ناعمه
وما كان لي لولا مزارك بغية / أو ملها إذ شام غيرك شائمه
وما بفنا الحدباء من يرتجي له / سماح يد إلاك إذ أنت حاتمه
فخذها هديّا بكر فكر زففتها / إليك بعرف يملأ الأرض فاعمة
لئن حسنت منها فواتح نظمها / لقد عذبت بالمدح فيك خواتمه
فمتّعت يا خير الورى ببقائها / مع الدهر كي لا تستباح محارمه
لعمرك أضحت للوزير دلائل
لعمرك أضحت للوزير دلائل / كموسى وعيسى فهو يعلو ويعظم
غدا بيمينه بياض وقد أتى / بغير أب فهو الرسول المذمّم
ثلاثة لم يرها ناظر
ثلاثة لم يرها ناظر / لكنها تذكر في العالم
الغول والعنقاء بين الورى / وبعدها خبر أبي القاسم
إنّ العوانيّ إبراهيم درهمه
إنّ العوانيّ إبراهيم درهمه / وزاده للورى من دونها حرم
فإن أتى الضيف يوما نحو منزله / أحلّه الرحب منه والقرى الحرم
خذ من قياد الدهر خير زمام
خذ من قياد الدهر خير زمام / وابشر بنيل سعادة ومرام
وتهنّ ما أوليته من نعمة / ثبتت قواعدها بخير دعام
نعم حباك بها الإمام فيا لها / من نعمة موصولة بدوام
نشرت عليك من الثناء بروده / وأتت أمانا من ردى الأيّام
جمعت شتائمت كل مجد شارد / فرقت به ما بين كل حرام
نظمت عليك من المودّة ما غدا / عقد القلوب وذاك خير نظام
أهلا بما بعث الإمام ومرحبا / برسوله الآتي بعقد ذمام
حيا من الزوراء زور سعادةٍ / يكسو برونقه بلاد الشام
نور تألق بالعراق فكشّفت / بضيائه أستار كلّ ظلام
فكأنّه لما بدايولي الهدى / ذبرق تألق في متوب غمام
نصر بباب النصر جلل مثله / باب السلامة فادخلو بسلام
يا حسن ألطاف الإمام فإنّها / دبّب دبيب البرء في الأسقام
نعم تحقق شكرها من بعدما / وجب الثناء بها على الأيام
يا نعمة نفعت على طول المدى / من ظامىء الآمال خرّ أوام
بسط الإمام الطهر سابغ طولها / حتى تعيض جامح الإعدام
لله يوم في السعادة لم أطبق / وصفا له يوفي على الأعوام
لم يتضّح فيه النهار لأنّه / قد شيب رونقه بليل قتام
فرأيت آبات الرسالة أقبلت / برسالة من باب خير إمام
فرع زكا من هاشم في دوحة / نبوبّة وهيَ المحلّ السامي
فالسعد في أرجائها متضوّع / قد فضّ عنه لذاك خير ختام
فسيحدث شكرا للإله لنعمة / تولي المعظم غاية الإعظام
فعلى ابن عم محمد وسميته / أزكى صلاة أردفت بسلام
هو كوكب الخلفاء إذ هديت به / لمناهج الإنعام والإكرام
قرأوا صحائف من علاه ثبتت / في المجد وقع مواطىء الأقدام
ولّوا وجاءهم أخيرا بعد ما / قد فاز بالتقديم والإقدام
نفسي فداؤك من إمام عندهُ / إن التقى والدين خير إمام
مستشعر ثوبين يخطر فيها / هدي التقى وسكينة الإسلام
مصغ إلى حكم الندى ولقد غدا / حكم الورى ومسرّع الأحكام
بمآثر لو لم يوغر طرقها / لرأيت للساعين أيّ زحام
ومكارم كرمت أصولاً في العلى / ومناقب لمتوجبن كرام
صلى الإله على قبور ائمة / قد ضمنت منهم عظام عظام
أرباب ميراث النبي وبرده / وقضيبه ومهند صمصام
الدين يعلم انهم أصحابه / والقائمون له بكلّ مقام
أضحى أمير المؤمنين بسيرة / جازت مدى الأوهام والإفهام
ملك تصوّر في القلوب مثاله / فلذاك لا ينجلو من الأوهام
يمضي عزيمة أمره فإذا مضت / أخذت بسمع للعدى وكلام
قد عاد هذا الدهر محمودا به / إذ كان مذموما على الأوغام
شرّفت يا شرفَ الملوك بخلقة / حكمت على الأعداء بالإرغام
وزهابك العهد الذي أوتيتهُ / وتفاخرت بك ألسُنُ الأقلام
وكلت طرفك بالحوادث جاهدا / تأسو بجود يديك كل كلام
فاشحذ غرار عزيمة ما وطئت / إلا على الإسراج والألجام
وزر البلاد محاربا ومحاميا / ومضويا من سدفة الإظلام
اللّه ولاك الرعية بعدما / أولاك فضلاً أوفر الأقسام
قوّمت زائنهم بكلّ مقوّم / وحسمت ما رقهم بكل حسام
نغدوت مثل الدهر يأتي ال / يغظان أو يسري مع الأ
ورأى الخليفة فيك سيما ما رأى ال / آباء في الآباء والأعمام
إني أتشر من بديع ثنائكم / حللا يجلّبها بديع كلامي
وبأيّ وقتٍ لم أقم لك شاكراً / يفنى الزمان وطيب ذكرك نامي
فاسلم لدهر أنت من حسناتهِ / يا مجزل الإحسان والإنعام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025