القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : كاظِم الأُزْري الكل
المجموع : 18
حارت عقول البرايا فيك والفكر
حارت عقول البرايا فيك والفكر / فلم تكن بك بعد اليوم حكم
أتيتنا بنظام كله حكم / وجئتنا بكتاب ما به نكر
لو كان في زمن جاءت به نذرال / باري إلى الناس لاستغنت به النذر
هذي قصيدتك الغراء قد لبست / ثوباً بديعاً تمنى وشبه الزهر
لم يتلها أحد إلا وكان له / بكلّ لفظ ومعنى معجب سكر
جلت فليست من الأفكار ناشئة / لكنها ىية جاءت بها الزبر
تاهت بها زمر تحت السماء كما / تاهت على الفلك الأعلى بها زمر
ما دار في العالم العلويّ من فلك / إلا ولاح به من وجهها قمر
ما أبصرت مثلها الدنيا ولا سمعت / ببعض آياتها القدسية البشر
هذي هي الشمس لا تكثر لها نظراً / يوماً فيلحقك الأعياء والضرر
شمس بأفق سماء القلب مشرقها / تجلى بأنوارها الأحزان والكدر
وليس نعجب إلا أن يقال لنا / قد أطلعت هذه السيارة الفكر
كم أرشدت حائراً أنوارها وهدت / فلا تضل وهذي العين والأثر
هذا كتاب هدى فانشر طويته / وانظر بما تنبىء الآيات والسور
واضرب به المثل الأعلى فإن له / فينا عجائب لا تحصى وتنحصر
فنحن نكتب في الدنيا عجائبه / وكان يكتبها من قبلنا القدر
هذي بشائره نادت مبلغة / وافتكم آية الرحمن فاعتبروا
والمجد يخطب لا مجد ولا شرف / إلا لدى سيد سادت به مضر
فما رأينا له وصفا يحيط به / كالماء ليس يرى لوناً به النظر
يا صاحب الشرف الأعلى الذي افتخرت / به قريش وأهل الفضل تفتخر
فقد سدت نظماً على من جاء قبلك أو / يجيء بعدك والقف كلما سحروا
فإن نظمك لم تبلغ أوائله / ايدي الركائب إلا وانتهى السفر
بمدحك الزاهر الزاهي المديح غدا / يزهو وفي وجهه من نوره غرر
نجابه معشر طابت عناصرهم / وأهلك اللَه أقواماً به كفروا
دانت له شعراء العصر قاطبة / وكم أثاروا له حرباً فما انتصروا
قالوا أشرت بأدنى ما ادعيت به / سيعلمون غداً من ذلك الأشر
لا تبتئس بالذي أخفوه بينهم / فلن يضروك أن أخفوا وأن جهروا
يخشون منك كما يخشى الجبان من ال / قرم الجسور فيقضي أمره الحذر
ويعرفونك من بعد كما عرفت / قرب الضياغم من أنفاسها الحمر
فإن فخرت به الآداب فيه فقد / سادوا بشعرك في الدنيا وما شعروا
نذكر بالرقاع إذا نسينا
نذكر بالرقاع إذا نسينا / ونطلب حين تنسانا الكرام
لأن الأم لم ترضع فتاها / مع الاشفاق إن سكت الغلام
ليت الكناس تراجعت آرامها
ليت الكناس تراجعت آرامها / فاخضرّ واديها وشفّ وسامها
من لي برجع مرابع موشية / بنيت بأقمار الوجود خيامها
وأظنها غابت كواكبها التي / كانت تضيء بها فشاط ظلامها
عهدي بهم والدار غير بعيدة / ومسارح الوادي يروق بشامها
إن أقفرت تلك العِراص فربما / رقصت بهم وهداتها وأكامها
بعد المزار وفرقت ما بيننا / خيفانة بيد الزمان زمامها
من آخذ بيد العليل تذيبه / لفحات وجدٍ لا يبوخ ضرامها
علقت يداه من الحسان بناعم / خشن العريكة لا يرام مرامها
ولقد سقاني في اليمامة ريمها / مسكية الأنفاس ينفح جامها
كأس ترقرقها لنا يد شادن / فضحت برقّة سالفيه مدامها
راح يشعشعها النديم كأنها / زهر الشقائق فتحت أكمامها
نام الزمان فقم لنا يا صاحبي / يهنيك من مقل الخطوب منامها
أدر الكؤوس لنا فما من أمة / للّهو إلّا والمدام إمامها
قم فاسقني الاثم التي من شابها / بمراشف المحبوب زال أثامها
ما العيش إلا زورة من قهوة / ينسيك كل ملمة إلمامها
شمطاء أولدها المزاج فواقعاً / عن مثل ذوب التبر فضّ ختامها
حمراء يكنفها اخضرار زجاجة / شبه السماء توقّدت أجرامها
وتديرها ذات السوار كأنها / من صورة القمر المنير تمامها
يا جيرة العلمين هل من جيرة / أو ليس حقّ ذوي الهوى اكرامها
كم بت بعد نزوحكم في ليلة / هي ليلة الملسوع ليس ينامها
من عاذري في وجنة موشية / كالقهوة الحمراء رقّ قوامها
أيام كان من الرحيق رضاعنا / والكأس مرضعة يعز فطامها
هل تعلمون بأن وجدي كلّما / شابت نواصيه يشب ضرامها
منعت طروقك يا ديار محجر / سود المحاجر لا تطيش سهامها
من كل لدّاغ بفرع ذؤابة / كالأفعوان مضيضة آلامها
حيّ تلثّم سالفاه بصبية / بيض يماط عن الحياة لثامها
لم أنس معترك العيون ودونه / تنقد أفئدة الكماة ولامها
ووراء ذاك الفتك من لحظاتهم / حلبات عادية يصل لجامها
هبوات نقع لا يشق أهابها / وعقود طعن لا يفل نظامها
للَه ما بين الكماة محجب / يلتذ للأرواح فيه حمامها
تندى بريّ الغوث منه مراشف / نديّة يشفي الكليم كلامها
حيّتك يا سمراتِ وادي ضارج / وطفاء لا ينفك عنك سجامها
كم زرت حيّك ضاحكاً في ساعة / لسّاعة يبكي بها ضرغامها
لم أنس مطلك بالديون لعصبة / عذريّة كان الغريم غرامها
فاظت نفوسهم عليك خلاعة / للَه أدمية يباح حرامها
عصب أبت إلّا الفناء بحبكم / فعليكم وعلى الحياة سلامها
قضي الزمان وما انقضى أرب لهم / غرّت عيون معاشر أحلامها
ومواعد الدنيا تسير إلى الورى / كالسحب إلا أنهن جهامها
تعِد المنى صبحاً وتنقضه ضحىً / وبمثل ذلك تنقضي أيامها
كلّ يميل بصفحتيه إلى غلنى / حطم الورى ياللرجال حطامها
أمن المروءة أن يذلّ نضارها / ويعزّ رغماً للنضّار رغامها
كن كيف تهوى يا زمان فإنما / بدر الدجنّة لم يشنه ظلامها
يا دهر مالك في السقام واسعد / برء اللواتي لا يصح سقامها
قم راجياً منه الشفاء فإنما / يقضي مهمات الأمور همامها
ضخم الدسيعة غير مهزول السطا / هزلت لديه من الحروب ضخامها
ملك تعانق سيفه وسنانه / ربت على عنق الزّمان مقامها
لا يفررنّك ورد غير حياضه / ما كل واردة يبل أوامها
فهناك من ماء السماح مناهل / لو شارفتها الهيم زال هيامها
لا تطمع الأموال منه بخلّة / هيهات أن يرعى لديه ذمامها
ملك متى يممته للبانة / ضربت بأودية النجاح خيامها
ومتى رمى جيشاً بلحظة مغضب / غضبت على شوس الفوارس هامها
تزن البسيطة راسيات حلومه / وتخف دون علومه أعلامها
علم كملتطم العباب وحكمة / حطمت أنابيب القنا اقلامها
وشذاً لو انتشقته أصداء البلى / طارت بأجنحة الحياة رمامها
سبقت به همم كأنّ فعالها / حلفت به أن لا ينال قنامها
لم تنقض الدنيا عقود سياسة / إلا وكان بسيفه إبرامها
وإذا توالت موبقات قطّبت / منها الوجوه فإنّه بسّامها
ولذكره تهتز بانات النقا / طرباً ويهتف بالثناء حمامها
ويمر بالوادي فترقص كثبه / وتقر آنسة به آرامها
حسن الخلال متم كلّ صنيعة / وزكاة كل صنيعة إتمامها
سهل خلائقه وفيه شراسة / لم يرضها أن الزمان غلامها
من معشر للَه فيهم نفحة / يجلو غموم العالمين غمامها
فئة كأرواح العناصر لامست / رمم الثرى فتحركت أجسامها
شرف توهمت الكواكب أنها / تنتاشه فكبت بها أوهامها
جردت آراء ملكت بها العلى / إن السيوف نوافذ أحكامها
ولو أن دائرة الثريا حاولت / أدنى علاك لسفّهت أحلامها
هذي المنابر والمحابر والقنا / غرثى ومجدك قوتها وجمامها
ونفائس الدنيا لديك دنية / سيّان عندك ماسها ورخامها
وكذا المروءة والفتوة والحجى / لولا نهاك لأعقمت أرحامها
فاسلم ودم في عيشة ملكية / يهني جميع العالمين دوامها
أي عذر لمن رآك ولاما
أي عذر لمن رآك ولاما / عميت عنك عينه أم تعامى
أو لم ينظر اللواحظ تهدي / سقماً والشفاه تشفى السقاما
أو يرى ذلك القوام المفدّى / خيزرانا يقل بدراً تماما
لا هنيئاً ولا مريئاً لقوم / شربوا من سوى لماك المداما
أتراهم توهموها عصيراً / من محياك حين شبت ضراما
ما لمن يترك السلافة في في / كَ حلالا ويستحل الحراما
إن للناس حول خدّيك حوماً / كالفراش الذي على النار حاما
إي وعينيك ما المدام مدام / يوم تجفو ولا الندامى ندامى
أيها الريم ما ذكرتك إلا / واحتقرت الأقمار والآراما
لست أدري والحر بالصدق أحرى / إضراما قدحت لي أم غراما
بأبي أنت من خليل ملول / لم يدع عهده إذا الظل داما
لك خد ومبسم علّم الور / د ابتهاجاً والاقحوان ابتساما
لا تقسني بالورق يا غصن إني / أنا من علّم النواح الحماما
ليس من يشرب المدامة أحيا / ناً كمن يشرب المدام دواما
إن تصلني فصل وغلا فعدني / ربّما علّل السراب الاواما
لو ملكنا ملك العراق ومصر / دون رؤياك ما بلغنا المراما
يا لقومي من لي بخلّ وفيّ / لا يرى القتل في الغرام حراما
يا مديراً ما لم تشب بالثنايا / أحميماً أدرتها أم حماما
وعدونا فأخلونا وخانوا / أنّهم اخلفوا الوعيد أثاما
ظعن الركب بغتة واستهاما
ظعن الركب بغتة واستهاما / يقطعون الأوهاد والآكاما
فمن المبلغ الأحبّة عنّي / أنني ما برحت فيهم هياما
ومذ استقبلوا متالعَ نجد / وتلقّوا شمالها والخزامى
حجبوها عن الرياح لأنّي / قلت يا ريح بلغيها السلاما
وبنفسي ركائب أدلجوها / آل ميّ قد أرقلت تتراما
لو رضوا بالحجاب هان ولكن / منعوها يوم الوداع الكلاما
فتنفست ثم قلت لطيفي / ويكَ إنزرت طيفها إلماما
دعهم يمنعونها ما استطاعوا / لن يسدوا الأفكار والافهاما
هي منّي برغمهم نصب عيني / فليؤموا نجداً وينحو شآما
وسألناهم الرقاد فشحّوا / يا جفوني بالدمع كوني كراما
كنت أدري من قبل يوم نواهم / أنّ للدهر مقلةً لن تناما
لم أزل برهةً أجاذب نفسي / ثم ألقيت للزمان الزّماما
كلما قلت مر عنّي سهم / فوّقت لي أيدي الليالي سهاما
فتيقظ إذا رأيت عيون ال / حظّ يقظى ونم إذا الحظّ ناما
وتلقّ المنى بصحّة عزم / صحّة البري تصلح الأقلاما
لم يعودوا إلّا بعتبٍ علينا / زار ذاك الغمام لكن جهاما
وأبوا أن يفوا لنا فوفينا / إن للخلف عند قوم ذماما
ولنا العذر ان ندر حيث داروا / فهوى النفس ينقل الاقداما
ليت شعري أنحن بالوجد همنا / ساعة النفر أم بنا الوجد هاما
قد ينال المرام غير مجدّ / بل وقد يحرم المجد المراما
ذكراني يوم العقيق فقد عبّ / عقيق الدموع منّي انسجاما
يوم ملنا من شدّة السكر صرعى / تحسب القوم وهي يقضى نياما
يا طبيب الآلام هل من علاج / إن آمالنا بكت آلاما
إن تزر ساعة فلسنا نبالي / بافتقاد الأقمار عاما فعاما
كل فجّ خلا محيّاك منه / أذن اللَه أن يكون ظلاما
مثل دار السلام لولا سليما / ن لما اوشكت تنال السلاما
علم يحمل العلوم بجنبي / ه كما تحمل الثرى الاعلاما
وأخو النائل العجيب بأدنى / مدد منه يعدم الاعداما
ناظم بالسنان عينا فعينا / نائر بالحسام لاما فلاما
إن في برده لدى السر منه / جوهارً ليس يقبل الانقساما
مصدر الخيل بعد ورد المنايا / لابسات من أعين الصيد لاما
هو معطي السيوف إحكام فطع / وهي تعطيه من علا أحكاما
وهو أنموذج المعارف والعر / ف ويدعونه المليك الهماما
كلما مسّ مائلات أمور / قوّم اللَه ميلها فاستقاما
لا تسل غير رأيه عن عويص / ثاقب الرأي ليس يخطى مراما
مدرك كلّ ما رماه برأي / رب رأي تخاله إلهاما
وتمام الآداب والعقل أسنى / من بلوغ الإنسان حظا تماما
إن للسعد من كلا ساعديه / اسهماً قبل رميه تترامى
راكب من عزائم الأمر خيلا / لا تمل السراج والألجاما
ثابت حيث للكماة اختلاج / كلما أفطروا عن الذعر صاما
وإذا ما اعتبرت قتلى يديه / تلف إمّا لهىً وإما لهاما
ممطر بالنجيع كلّ رعيل / طبقت سحبه فكانت ركاما
إن في لبدتيه للَه أسداً / تحجم الخيل دونه إحجاما
هازمٌ كلّ هازمٍ لا يبالي / قوض الموت رحله أم أقاما
كلما استمطت الرقاب ظباه / رجّلت من فوارس الدهر هاما
وإذا قامت الصفوف أمام ال / حرب صلّى بالدارعين إماما
لا ترم شأوه الملوك وأنّى / يطمع الخفّ أن يكون سناما
ما رآه الراءون إلا وعادوا / بقلوبٍ من العقول يتامى
أودع اللَه فيه للحرب أقسا / ماً وللعلم والنهى أقساما
صيغ تمثاله نعيماً لقوم / ولقوم إهانةً وانتقاما
بأبي العوذة التي عوّذ الل / ه بها المسلمين والإسلاما
صاحب الدولة التي أزكت الوس / طى الذي عزّ جارها أن يضاما
دولة كلها عقود معالٍ / أحكمتها له العوالي نظاما
دولة مطمئنة ضربت في / كلّ واد من الجميل خياما
مكرمات لبيت حمير تترى / ما تريك الكرام إلا لئاما
هممٌ يتحدن في جوهر المج / د اتحادا ويلتحمن التحاما
سل به الوفد كيف منّ عليهم / بمنىً كنّ قبله أوهاما
جامع الخيل للرجال ومخلي / من جموع الضراغم ألا جاما
كذب الباسل المسامي سطاه / إن كيوان كوكب لا يسامى
كلما أخصبت مراعي ملوك / أرسل المرهفات فيها سواما
وإذا أخر الفوارس إقدا / م المنايا وجدته المقداما
واسع الصدر واسع الدار يقري / الضيف وفراً وعزّة واحتشاما
قل لمن ظنّ أن في المال غنماً / حلية الغمد لا تفيد الحساما
يا أبا أحمد لجودك زوّج / ت ركابي دكادكا وأكاما
هادياً من لواقح عاصفاتٍ / ملأت عقوة الثريّا قتاما
ولكَ الصاحالت تصلح فيها / مفسدات الدنيا وتحييى الرماما
إن نظرت الحطام كان جنيّاً / أو نظرت الجنيَّ كان حطاما
كم عصرنا ماء الغِنى من أياديك / كما تعصر الرياح الغماما
ووردنا ما لم يخض شامخ الأع / لام في لجه ولا النجم عاما
إن للعيد في مغانيك عيداً / يسع الناس نشره أعواما
أقصرَ الحاسدين منك كمال / أمسكت دونه العقول هياما
وجرت للورى غواديك جرباً / بنعيمٍ كما تهب النعامى
كم رفعنا إليك عذراء مدح / أصبحت عندها العذارى أيامي
فأتت كالفتاة طاب افتتاحاً / نشر ديباجها وطاب اختتاما
محمد قد عرفت مكان ودّي
محمد قد عرفت مكان ودّي / وإخلاصي منا لزمن القديم
عهود فيك سالمة الهوادي / سلامة صاحب القلب السليم
أنخت قلائصي بحماك غرثى / فسرّحها بأودية النعيم
وسقت منا لرحال إليك ركبا / فسيّره على النهج القويم
فرد لبانتي للعهد نقض / ونقض العهد من شيم اللئيم
لك النسب المؤثل من أهال / أضاءوا في دجى الزمان إليهم
جحاجحة بهم تحيا المعالي / كما تحيا القرائح بالعلوم
تدب هباتهم في كل عدم / دبيب البرء في جسد السقيم
أتتك مآربي تبغي نجاحا / فلا تصن المدام عن النديم
وكيف نعود عنك بغير ريّ / وأنت البحر ذو المدد العظيم
وكم لي فيك من أفلاك شعر / مطرزة المطارف بالنجوم
تطوف بمدحكم شرقاً وغرباً / طواف السحب بالغيث العميم
أنيخاها بمنعرج الغميم
أنيخاها بمنعرج الغميم / فثم ملاعب الرشأ الرخيم
منازل سالمتني في رباها / أسرة ذلك الزمن القديم
وما أنسى الغوير وإن سقاني / نواح حمامه كأس الحميم
وتطرب مسمعي نغمات ورق / تردد نوحها بدجىً بهيم
متى تصحوا ليالينا وهلا / أفاق الدهر من سكر قديم
يعنفني اللحاة بغير علم / وكم كلمٍ أشد من الكلوم
يجلّي العين بعدكم بكاها / وتجلى المزن بالمطر العميم
محب ما استفال ولا تصدى / لزجر الطير من رخم وبوم
كأني يوم نشداني المغاني / سقيم يستغيث إلى سقيم
ويرفع لي على طور التجلي / سنى نار تبل صدى الكليم
وتسنح لي القلائص قد تلتها / عتاق الخيل تمرح بالشكيم
أرشنا نبل أقواس التصابى / فما أخطأت أفئدة الهموم
فثم أكون أطرب من مشيب / أحس من الشبيبة بالقدوم
فمن ورق على ورق تغني / ومن طلّ على روض جميم
ويوم فاختي الظل ينفي / ببرد نسيمه حر السموم
وفي النادي الحرام لنا أحلت / يد الزمن الكريم دم الكروم
أظلتنا مدامته بوشي / منالعقبان مصقول الأدبم
إذا غضبت شكوناها سريعا / إلى ابن المزن ذي الطبع السليم
لها في الكأس ان سكبت أريج / يضيع نوافح المسك الشميم
أبت أرواحنا الا بقاء / وان وقع الفناء على الجسوم
ولي قمر سماوي المعانيي / تشكل للعيون بشكل ريم
على عينيه عنوان المنايا / وفي خديه ترجمة النعيم
ومن لي أن أكون له شهيدا / عسى يبكي على الجسد الرميم
وما أنسى على خديه مسكا / تعلل منه أنفاس النسيم
وأرقني على الآثار برق / الح مكررا خبر الصريم
ألا يا برق كيف عهدت حيا / نزولا بين زمزم والحطيم
وهل قبّلت عني ثغر خشف / كأن الريق منه رقى السليم
وهل انبا طروق الطيف ليلا / بما عندي من النبأ العظيم
أعد يا برق ذكر نجوم حيّ / رماني البين عنها بالرجوم
ولم يترك من العشاق ألا / بقايا من جسوم كالرسوم
هم جاروا وما عدلوا وقالوا / لمن ظلموه ويحك من ظلوم
وخذ خبر الرضاب ففيه شرح / لجالينوس في برء السقيم
لقد كانت لنا تلك المغاني / نتاج اللهو في الزمن العقيم
تقاسمت النوى نفسي فشطر / بذي سلم وشطر بالغميم
أضعت الحزم ألا بامتداحي / أبا داود ذا الحزم الجسيم
أعد الوصال ولو بطيف منام
أعد الوصال ولو بطيف منام / فالصد دلّ عليّ طيف حمامي
من منجدي من ركب حيّ منجد / وصلوا سرى الأنجاد بالأنهام
أن ينكروا دائي الخفي فرما / جهل الطبيب مكامن الاسقام
أين الديار وأين زمرة أهلها / ما أشبه اليقظات بالأحلام
ولرب عصر للشباب قضيته / برضاب أشنب أو رضاب مدام
حيث الشبيبة غضة أعطافها / والعيش أترف من عذار غلام
في ليلة نادمت بدر كمالها / بالشمس تطلع من سماء الجام
وتلوح من خلل الكؤوس كأنها / سيف يطل به دم الآلام
لا تحسب الورقاء وجدي وجدها / شتان بين غرامها وغرامي
باتت على غصن وبت مكابدا / نارين نار هوى ونار هيام
لا ينكر اللاحي بحبك نسبتي / إن الهوى رحم من الأرحام
أي والعيون سقيمة أحداقها / ضمنت على غيظ الشفاه سقامي
لأذب عن حرم الجمال بصارمي / حتى تحل به عقود الهام
ولقد وقفت وللصوارم رنة / غنى الحمام بها غناء حمام
فأنمت بالأسل المثقف والظبى / قوما عن الغارات غير نيام
والبأس حلية كل شيء عاطل / كالملح يصلح طعم كل طعام
وسنام ليل بالحسام ركبته / فقطعت منه أعنة الأظلام
مكنت ثغر مهندي من ثغره / فافتر عن مثل الفم البسام
وطرقت عادية الأسود فرعتها / ما راعني إلا هوى الآرام
إياك من نظر الملاح فإنما / نظر الملاح عبادة الأصنام
شمر ذراعك ان هممت بنية / فالني لم ينضج بغير ضرام
لا ترض إلا بالسيوف أدلة / حيث الأمور شديدة الإبهام
خذ من زمانك حذر لا متجاهل / بمكان حادثة ولا متعام
فالدهر في فلك التقلب دائر / كالبدر بين نقيصة وتمام
زعم ابن آدم ان ينعم دائما / أين الدوام من القوام الدامي
ما الأم الأيام ليس متاعها / الإكمال في أكف لئام
ضاع الغنى بيد الليم وما عسى / أن ينفع الجبناء حمل حسام
وعقول أكثر من رأيت مطاشة / لو يعقلون تفكهوا بحطام
سفهاً لهذا الدهر حذوة سائل / ما يصنع الرامي بغير سهام
أيروعني الزمن الذي لا جوده / جودي ولا أقدامه أقدامي
لم يعيني طلب ولكن ربما / أتت السهام خلاف قصد الرامي
وإذا طلبت منىً ولم أظفر بها / فالعضب قد ينبو نبو كهام
ومتى وصلت إلى سليمان العلى / عرفته بمقامه ومقامي
ملك نزلت جواره فأجارني / ورعى بروض المكرمات سوامي
فوردت بحر المجد غير مكدر / يرزجي سحاب الجود غير جهام
ومكوكب من نيرات أثيره / سيارة النقمات والأنعام
ملك بطالعه السعود مدارة / ألقى الزمان إليه كل زمام
حامي الحقيقة ليس يخفر عهده / إن الذميم يضيع كل ذمام
ومتى أطل على الوجود بجوده / خرقت يداه صحيفة الأعدام
ويضم منه السابري غضنفرا / في لبدتيه تصرف الأيام
وجلاله كنواله متفاقم / تهتز منه رواسخ الأحلام
وترى رؤوس الصيد حول قبابه / تضع الوجوه مواضع الأقدام
وتسير منه المغنيات إلى الورى / كالريح حاملة جبال غمام
أيد تفجّر من جوانب قطرها / ذات القطار تبل كل أوام
لو شاء وافته النجوم جحافلا / والليل كان لها مكان اللام
انظر إلى أسد العزائم رابضا / من راحتيه بأشرف الآجام
وإذا دعاك إلى الإغاثة غيثه / فاذهب مخافة فيضه بسلام
ماذا ينال الوصف من شرف امرىء / سامي المحلّ على الثناء السامي
يا صقيل العقلاء بالهمم التي / مسحت عن الأيام كل قتام
ذللت بالقلم الحسام فأصبحت / زبر الحديد تلين للأقلام
ما أنت إلا حتف كل معاند / لا يهتدي وسلامة الإسلام
لك راحة خير العطاء عطاؤها / وكذا مدام الكرم خير مدام
لولا نداك تعطلت ملل الندى / إنالزمان سدى بغير إمام
كم من صنائع حكمة قلدتها / من عقد علمك جوهر الأحكام
وسيوف لا هلع الفؤاد سللتها / فأرتك كيف بلوغ كل مرام
هي عزمة من نفحة قدسية / جعلت نعالك تاج كل همام
ونشرت في ناديك أجنحة الندى / فرفعن أقواما على أعلاما
إن غاص رأيك في الغيوب فإنما / بعض القلوب معادن الإلهام
يجري ذكاؤك في العلوم كأنه / مدد من الأرواح للأجسام
إن نلتم عظم المحل فعنكم / كانت تحدث السن الأعظام
وأوائل الغيث العميم إذا انقضت / أبقت من النوار خير ختام
قوم هم مفتاح كل ملمة / كالضوء يفتح باب كلّ ظلام
عثرت بمعناك العقول كأنها / رجل البعوض تعثرت بأكام
وشكا إليك الدهر ثقل مكارم / وقعت بأجسام عليه جسام
فاهنأ بناشئة العلى وانحر لها / من شانئيك بهيمة الإنعام
واغنم ثنائي فالثناء غنيمة / لأحلي أزين من عقود كلام
للَه أنملك اللواتي ألحمت / بسدى منائحها العظام عظامي
وأنا النزيل فكن لعهدي راعيا / إن النزيل أحق بالإكرام
لمن الحدوج تخب بالآرام
لمن الحدوج تخب بالآرام / موصولة الأنجاد بالاتهام
للَه ما حملته من تلك المها / أنجوم سعد أم بدور تمام
ولرب عصر للشباب طويته / برضاب أشنب أو رضاب مدام
أجريت حكم شبيبتي في مثله / حتى رأيت الدهر من خدامي
أيام لم ترم السعود مواردي / منها ولم يفم الزمان مقامي
حيث المدامة كالنسيم لطافة / تنثي من الأقوام كل قوام
والمزج ينسج عن يدي ندمانها / حلق الفواقع محكم الإبرام
وتلوح من خلل الكؤوس كأنها / مال يشاب حلاله بحرام
لا تحسب الورقاء وجدي وجدها / شتان بين غرامها وغرامي
باتت على غصن وبت مكابدا / نارين نار هوى ونار هيام
إن ينكروا دائي الخفي فربما / جهل الطبيب مكامن الاسقام
يكفيك يا قمر الهوى مني حشاً / صيرتها بالهجر شبه ظلام
وليهن منظرك المورد ناظر / وردّته بدم ودمع هام
لا ينكر اللاحي بحبك نسبتي / إن الهوى رحم من الأرحام
أي والعيون سقيمة لحظاتها / ضمنت على غيظ الشفاه سقامي
لأذب عن حرم الجمال بصارمي / حتى تحل به عقود الهام
ولقد وقفت وللصوارم رنة / غنى الحمام بها غناء حمام
فأثرت هاجعة المنون وقد كبت / خيل العزائم من خيال قتامي
والجبن للإنسان أخبث صاحب / لم يخل منه كواذب الأوهام
والبأس ينفع في الأمور جميعها / كالملح يصلح طعم كل طعام
وسنام ليل بالحسام ركبته / فقطعت منه أعنة الأظلام
لما رأيت البرق يضعف دونه / أتبعته بالبرق برق حسامي
ووضعت ثغر السمهري بثغره / فافتر عنه بأشنب بسام
وطرقت كل قبيلة في حيها / ما راعني إلا هوى الآرام
إياك من نظر الملاح فإنما / نظر الملاح عبادة الأصنام
شمر ذراعك ان هممت بنية / فالنيّ لم ينضج بغير ضرام
وإذا سمعت صدى الكريم فلبّه / إن الكريم أحق بالإكرام
وإذا دعاك إلى المزاح فم امرىء / فلقد دعاك إلى أشد خصام
كم سبة للمزح كانت أولا / ثم انثنت للرمح والصمصام
خذ من زمانك حذر لا متجاهل / بمكان حادثة ولا متعام
فالدهر في فلك التقلب دائر / كالبدر بين نقيصة وتمام
لا ترض إلا بالسيوف أدلة / حيث الأمور شديدة الإبهام
لا تحسبنّ الدهر بعدك خالدا / إن الحمام سينتهي لحمام
زعم ابن آدم ان ينعم دائما / أين الدوام من القوام الدامي
ما الأم الأيام ليس نعيمها / إلا كمال في أكفّ كرام
ضاع الغنى بيد الليم وما عسى / أن ينفع الجبناء حمل حسام
ذهب الشباب كأن ذلك لم يكن / ما أشبه اليقظات بالأحلام
ذهبت مرابع للسرور أنيقة / بعذار كأس أو عذار غلام
في ليلة نادمت بدر كمالها / بالشمس تطلع من سماء الجام
فكأن تلك الشهب بيض كواعب / تمشي الهوينا تحت زرق خيام
أيام ما غير المدامة مشربي / فيها ولا غير العناق طعامي
كم بت أشرفها ودون رضابها / برء السقيم وريّ قلب الظامي
حتى رأيت الشمس وهي كأنها / خدّ الفتاة تلثمت بلثام
خير المودة ما أتت من ماجد / وأشر كل الود ود لئام
لا يحسب الإنسان غايته الفنا / فالذكر يلبسه لباس دوام
يرجو الحريص بلوغ كلّ لبانة / والكل راجعة إلى أقسام
أجهل لعلك أن تنال بعجزه / ما لم تنل من قوة الإفهام
وإذا صحبت الحلم لم تر صاحبا / هيهات أين ترى ذوي الأحلام
وترى المروة والفتوة والندى / لم يبق منها الدهر غير أسام
لو كان قسم الدهر عدلا في الورى / ما كان مأوى الأسد في الآجام
فقد الورى قدر العقول لأنهم / لو يعقلون تفكهوا بحطام
لم يعيني طلب ولكن ربما / أتت السهام خلاف قصد الرامي
أيروعني الزمن الذي لا جوده / جودي ولا أقدامه أقدامي
أو ما درى أني إذا نازلته / بندى عليّ قدته بزمام
ملك نزلت جواره فأجارني / ورعى بروض المكرمات سوامي
فوردت بحر المجد غير مكدر / يزجي سحاب الجود غير جهام
بينٌ براني بري العضب للقلم
بينٌ براني بري العضب للقلم / وسلّ من جفن عيني صارم الحلم
للَه فرقة أحبابي الألى هجروا / من الوجود أحالتني إلى العدم
يا أهل ودّي أعيدوا لي زمان هوى / كان العناق به يدني فماً لفم
بنات نعش تفرّقنا وكان لنا / شمل كشمل الثريا أي ملتئم
ويح المحبين ما يبكون غير دم / كأن في أعين العشاق بحر دم
نحن الألى خانت الأيام ذمتهم / وهل وفي الدهر للأحرار بالذمم
وأبيض الخدّ كالقرطاس بأن به / سطر من الحسن مكتوب بلا قلم
أغنّ لو أنصفته الشمس ما طلعت / والبدر بات له من جملة الخدم
نبهته وعيون الشهب نائمة / وعين من ألف التذكار لم تنم
فقلت قم فحياتي كلها نكد / ما لم تغثني ببنت الكرم والكرم
قم اسقنيها ونغّم لي لاشربها / ما لذة الراح إن وافت بلا نغم
يسعى بها قمر في لحظة أسد / قد حل من هدب الأجفان في أجم
يا ساكنين المصلى إن ريمكم / في القلب يرعى ومرعى الريم في السلم
يصيد كلّ غزال كلّ ذي جبن / إلا غزالكم قد صاد كلّ كمي
دع الأنام فأوفى الناس أخونهم / لا تغترر لا بميثاق ولا قسم
أما ترى الناس من أدنى فعالهم / نقض المواثيق والتضييع للذمم
وبطّنت في بطن البلاد كأنني
وبطّنت في بطن البلاد كأنني / خيال سرى في مقلة المتوهم
وما اليأس إلا الحزم إن كنت عاقلا / وما طمع الإنسان غير التوهم
ذريني وآرائي فلم أر راحة / سوى اليأس من جودي فصيح وأعجم
وقائلة صف لي الكناية واقتصر
وقائلة صف لي الكناية واقتصر / فقلت لها ملزوم عمرو اللازم
ولكن هذي سنة سفلية / تريدين وطء اليوم أمرد ناعم
بسمر القنا والمرهفات الصوارم
بسمر القنا والمرهفات الصوارم / بناء المعالي واقتناء المكارم
وفي صهوات الخيل تدمى نحورها / شفاء لأدواء القلوب الحوائم
وما الفخر إلا الطعن والضرب في الفتى / وخوض المنايا واحتقاب الجرائم
ولفّ السرايا بالسرايا تخالها / على الروس لفّت للتجار العمائم
تقحمهها قدما إلى الموت فتية / ثوى عيشها في الذل حز الغلاصم
وما السمر عندي غير خطية القنا / وما البيض عندي غير بيض اللهاذم
ولا تذكر الصهباء ما لم تكن دما / ولا مسمعي ما لم يكن صوت صارم
وإني أحب الشرب في ظل قسطل / مجالسهم فيه ظهور الصلادم
وأهوى عناق الدارعين وأجتوي / عناق بويضات الخدور النواعم
ومن طلب العلياء جوّد سيفه / وخاض به بحر الوغى غير واجم
وما عظمت قدما قريش ووائل / على الناس إلا بارتكاب العظائم
ومن لم يلج بالسيف في كل مبهم / يعش غرضا للذل عيش البهائم
ومن لم يقدها ضامرات إلى العلى / تقد نحوه عوج البرى والشكائم
وما انقادت الأشرار إلا لغاشم / له فيهم فتك الأسود الضراغم
ومن رام أن يستعبد الناس فليمل / عليهم بأطراف القنا غير راحم
لسمر عواليكم وبيض الصوارم
لسمر عواليكم وبيض الصوارم / أحاديث ترويها أسود الملاحم
أسانيدها بين الكثيبة فاللوى / منقحة من عهد نوح وآدم
إذا خفقت منها البنود كأنها / قوادم عقبان النسور القشاعم
اسنتها الشهب الثواقب للعدى / وأسيافها أيماض برق لغاشم
تحكم في أجسام خيل شوازب / تزابن عن أرواح أسد ضراغم
فوارس شوس يعذب الموت عندهم / ويحلو لديهم صاب مر العلاقم
ينافث منهم كل أروع والدما / مجاسد يعيي صنعها صنع دارم
بجثمانه من عثير النقع والدما / مجاسد يعيي صنعها صنع دارم
تمطاه موار العنان مطهما / من الريح أجرى والغيوث السواجم
يسدده رأي المقيم بأمره / ويزجيه زجرا في مجال التصادم
يشن على الأعداء شعواء غارة / تعيد صباح القوم عصر المآتم
وكان جديرا أن يزلزل أرضها / ويبكي لديها الدهر نوح الحمائم
ولكنها حلم الوزير أجارها / كما حازني عن سوء دهر مخاصم
سمي سليمان النبي ومن له / عنايات لطف عمها روح راهم
وأيده بالفتح والنصر فاستوى / على عرشه رغما على أنف راغم
وقد شد ما أوهى المكاره عزمه / وحل عقود المشكلات اللوازم
ففرج من شداتها كل أزمة / وسرح من أهوالها كل هازم
فقام بإصلاح العباد وبرهم / فكان أبر الخلق من ولد آدم
على أنه للأمر أثبت قائم / وللحكم بالتدبير أحزم حازم
تجلت به بغداد نورا فأشرقت / بطيب مزايا عدله المتقادم
فشيد ركن العدل منها بحلمه / وهدّم ركني جورها والمظالم
وأحيا رسوم الدين بعد أندراسه / وأزهر منه كل أبهم قاتم
ووطد أرجاء البلاد بأمنه / ولم تنكتم منها سريرة كاتم
فأضحى كنور الشمس يعشي شعاعها / بصائر راءٍ لا بصيرة عالم
تشابه سامي قدره بصفاته / فكانا كعقد في قلادة ناظم
حوى من جليل المكرمات مكارما / تقاصر عنها قيصر ذو المكارم
ذكاء وإقداما وحلما ونائلا / يحقّر أدنى سيبه جود حاتم
حكى واكفات المزن جود أكفّه / وساجل طامي لجة المتلاطم
ملاذا وكهفا للأنام وملجا / وغيث ملمات وعصمة عاصم
نهانا النهى إذ لا نحيط لكنهه / بنعت فملنا للظنون الرواجم
فيارتبة عن نيل أدنى محلها / تقاصر سامى عربها والاعاجم
رأتك المعالي نفسها فتطاولت / إليك بأمر اللَه أحكم حاكم
فيا كعبة تسعى الأنام لحجها / ليستمسكوا منها بانعام قاسم
إليك شددت الرحل أزجي مطيتي / تجوب الفلافي سيرها غير سائم
فوافتك تشكو ريب دهر تحكمت / مخالبه من نحرها والحيازم
فمن لها عفوا وفضلا لكي ترى / قريرة عين باكتساب المغانم
فلا برحت تيجان مجدك بالعلى / مكللة والسعد أنصح خادم
ليلق إليك الدهر طوعا قياده / إطاعة منقاد إلى الأمر قادم
بطاها ختام المرسلين محمّد / واصحابه والآل أهل المكارم
عليهم سلام الله ما هبت الصبا / وما جاد ثغر الروض دمع الغمائم
لمعاليك كلّها يا همام
لمعاليك كلّها يا همام / رقصت في حليها الأيام
ولك الرتبة التي لم يصافح / صفحها قيصر ولا بهرام
طلعت للسخاء منك جوار / منشئات كأنها الأعلام
ولقد زين المكارم مسعا / ك كما زين العقود النظام
حمدتك الحساد كرها فقلنا / ربما جادت النفوس اللئام
وحثثنا المطا إلى ذي محل / باذخ الأوج جاره لا يضام
نمت عن كل ما يسوء ولكن / لك في الخير مقلة لا تنام
قصر الناس عن مساعيك كلا / أنها الغاية التي لا ترام
أنت للوفد مربع وربيع / طرفاه الأكرام والأنعام
لك من رأيك الصقيل حسام / رأي كل امرىء لديه كهام
أنت للعالم الطبيب المداوي / كلما عنّ للجسوم سقام
أنت للملك خاتم الأمن / واليمن وللمجد مبدأ وختام
أنت من عنصر الكرام ولكن / أين من نظرة النضار الرغام
أنبتت كفّك الغنى والمعالي / مثلما ينبت الربيع الغمام
قلّ في المكرمات مثلك يا بحر / كما قلّ في الأنام الكرام
حيثما كنت ليس يألفك / اللؤم وهل يألف الضياء الظلام
أنت يا أحمد الفعال نسيم / بشذاه تروّح الأجسام
أنت للدرع لا محالة درع / يوم روع وللحسام حسام
كل فضل له إليك احتياج / مثلما احتاج للرعاء السوام
كن كما شئت من عطاء ومنع / ليس للجود في سواك مرام
وإذا لم تكن لحاجة مرء / فعليها طول الزمان السلام
لا عذر في اللوم فاعذرني ولا تلم
لا عذر في اللوم فاعذرني ولا تلم / إلمامة المرء في العتبى من اللمم
لا أبرح الحزم أن الحزم عرّفني / بغيره أن يبيت الساقط الهمم
وكم تركت أسوداً لا عرين لها / إلا معششة العقبان والرخم
يا دهر لا تشك من فقدانهم جزعاً / وجود بعض الورى شرّ من العدم
ظنوا الفريسة للطلاب ممكنة / فشاهدوا أسد الآساد في الأجسم
ما ينكر الخبّ من فضلي ومن شرفي / جسم سقيم وصبر غير ذي سقم
أين الخيام بذي الأرطى وربربها / كانت خيامهم نديّة الخيم
ساروا فما تركوا عيشاً بلا كدر / للعاشقين ولا عضواً بلا ألم
وكدت أقرع سني بعدهم ندماً / لو كان ينفع قرع السنّ من ندم
عرب ولكن أضاعوا عهد من صحبوا / فما المظنة بعد العرب بالعجم
وطول تجربة الأصحاب أوجد لي / أن لا أصاحب غير الصارم الخذم
افتوا بفرقتنا ظلماً وليس لنا / سوى المحرم حبس الروح من حكم
نزورهم وإذا ازورت نواظرهم / غيظا علينا كحلناها بفيض دم
لا تحسبن اقتحام الحرب موبقة / ما صح شرط أبي يحيى لمقتحم
يقضي ابن آوى ولم يهرم له عمر / والأسد تدرك أقصى غاية الهرم
لا تركب الأمر حتى تستشير به / شهماً وأن كنت عين الحاذق الفهم
وليقنعنك من خلّ إشارته / وفي الإشارة ما يغني عن الكلم
خلفت خلفي قوماً كلما عزموا / على اصطناع يد خافوا من العدم
وكم شفعت إلى جيل بمنصلت / إن الحسام شفيع غير متهم
تركت نصح سميري غير ملتفت / ورحت اضرب أكباد المطا الرسم
حتى وقفت على أرض مقدسة / يعطّر الافق منها منقب الكرم
أرض لاحمدنا كشّاف معضلنا / فكّاك موثقنا من ربقة اللمم
مفري القبائل من أدنى نحائره / حمرٌ من التبر أو حمر من النعم
أحلى من الماء إلا أن بطشته / لو شابت السحب لم تمطر سوى النقم
تؤمّ كل الورى بالخير أنمله / كأنها وكلاء اللَه في الأمم
وربما خبط الأعناق يوم وغى / خبط العصا ورق البانات والسلم
تنال من بيضه الأيام مأمنها / كأنها ضربت بيضاً على قمم
لا زال يجبر كسراً غير منجبر / منها ويخرم رتقاً غير منخرم
أن قسته بملوك الأرض خلت له / وزن التفاوت بين البهم والبهم
ما للعلى مسكن في غير دارته / هيهات أن تسكن الأرواح في الرمم
جاءت إليه المعالي قبل دعوته / سعيا على الراس لا سعيا على القدم
ترى البلاد نشاوي من مدامته / شرب النديم على الأوتار والنغم
زار الأقاليم جدواه فزينها / يا حسن ما صنعته الشهب في الظلم
لولا مساعيه زاد اللَه حكمتها / لأصبح الملك جرحاً غير ملتئم
إذا المنايا تبدّت وهي كالحة / فاعجب له من بشوش غير مبتسم
لما درت أنه المولى لها وقفت / في الحرب بين يديه موقف الخدم
إذا انبرى لعطا أو مدّ كفّ سطا / فاقرا السلام على الآجال والنعم
لا يمسح اللوم جوداً فيه منطبعاً / وكيف ينمسح المطبوع في الشيم
سمح بخيل بردّ الثلائذين به / والبخل يحسب أحياناً من الحِكم
لا يقبل النصح في اسداء عارفة / وفي النصيحة ما يدعو إلى التهم
إليك يا أحمد المسعى سعت إبلي / تؤمّ رعي أنيق غير منهشم
تشكو إليك زمانا قد أضر بها / كما أضرت بخطٍ عشرة القلم
وأنت أهل بأن ترعى أذمتها / في ذمة اللَه أهل الرعي للذمم
فتّ الأوائل ما قدمت من قدم / في الصالحات وأن فاتوك في القدم
فاهنأ بعيد سعيد عاد عائده / بكل متحد بالخير ملتحم
يهنيك عيد الخير والنعم
يهنيك عيد الخير والنعم / بسيادة سادت ذوي الهمم
للَه شيمتك التي جعلت / للمجد بيت قصيدة الكرم
أنت الطبيب المستجار به / مما تلمّ طوارق الألم
داويت أمراض العراق بما / أوتيت من حكم ومن حِكم
طلعت سعود علاك لامعة / لمعان بارقة على علم
إن المآثر ما لها اثر / إلا بأحمد أحمد الأمم
يرد البلاد صنيع نائله / كورود عافية على سقم
رأت الرئاسة منه ذا لبن / ملئت براثنه من الهمم
بأبي الذي ضمنت مواهبه / إن لا بقاء لحادث عمم
فالناس في فرح وفي طرب / والملك في عزّ وفي حشم
والأرض راقصة بساكنها / فرحاً بمالئها من النعم
كل الجميل نتاج همته / أن الرياض ولائد الديم
فطن لكل فضيلة يقظ / لولاه جفن الغيّ لم ينم
رامي العدى في كل بائقة / ملئت كنانتها من النقم
سيف واين السيف من بطل / بطلت لديه شجاعة البهم
آسٍ أتى الدنيا وقد عقمت / طمعاً وأنقذها من العقم
قطب المعالي وابن بجدتها / ربّ القنا والسيف والقلم
ظلّ على الفقراء يسترهم / بسحاب جدواه من العدم
عدل المقام أبت عدالته / إلا ائتلاف الذئب والغنم
ندب جميل الخلق ذو خلق / بالخير متحد وملتحم
تجد الأعادي منه مرغمها / وكذاك رغم الخيل باللجم
شرس العريكة ليس يقنعها / إن الخطوب لها من الخدم
إن الأنام بظل دولته / أمنوا أمان الوحش في الحرم
لك كل رائحة وغادية / أذنت بنشر دوارس رمم
شيم كرائم جلّ منشئها / هي سيدات كرائم الشيم
إن المكارم منطق ذرب / أوتيت منه جوامع الكلم
أطلقتها من أوج دارتها / زهر النجوم فواضح الظلم
لما سمحت بكلّ عارفه / أسدى إليك الشكر كل فم
وإذا الزمان كبا بذي ادب / كنت المعدّ لزلة القدم
لهجت بك الأيام حامدة / كالطير ساجعة على سلم
يا من أباح لعصره مننا / كانت له كالروح للنسم
وأفاك هذا العيد ملتمساً / رفداً فنال الرفد من أمم
وأتيت أطلب منك عائدة / والعود من شأن وأبل الديم
شكراً لما أوتيت من كرم / قلّدتني نعماً على نعم
ألا برق يشام من الشآم
ألا برق يشام من الشآم / فينقع ومضه غلَل الأوام
برغم اللوم بايَعَ كل قلب / غزال الواديين بلا احتشام
غلام في مراشفه نسيم / يعيد الشيخ في سنّ الغلام
أدار لثامه خجلا وصوناً / وما أدراك ما تحت اللثام
يقرب من فمي فمه فأخشى / على برد يذوب من الضرام
وتنذرني محاسنه بوجد / يفاجي الصبر بالموت الزؤام
تبطنت السرى فتعاورتني / مقلبة القلوب على اضطرام
وما ان شبت من كبر ولكن / لواردة الخطوب على ازدحام
وزهدني عن الأموال أني / ارى الأموال أوثان اللئام
أصد عن المثالث والمثاني / وتطربني أحاديث الكرام
ولا يخفى عليّ كلوح قوم / على أفواهها اثر ابتسام
ولا أرضى بأهل الجهل صحباً / ولو أني دفعت إلى الحمام
ولا أنسى جميل الصنع طبعا / ولو أني أعمّر ألف عام
وانطلق بالصواب ولا أبالي / ولو ألقيت في الكرب العظام
إذا كان الكلام لغير غيّ / فما فضل السكوت على الكلام
ولي زمن بذي سلم تقضّى / على أيام ذي سلم سلامي
بحيث الربع موشيّ الحواشي / وذاك الجو نديّ الغمام
قفي يا أمّ عمرو وانظريني / يبن لك كيف عاقبة الغرام
خذي لي من عريب قبا ذماما / فإن العرب تعرف بالذمام
أعيراني قلوصكما لعلّى / أعرّس في حمى ذاك المقام
متى تدنو الخيام بآل ميّ / ونمرح بين هاتيك الخيام
وترفع لي الحدوج مكللات / بحسن وسامة منهم وسام
فهل يا دهر عندك ما تمنت / من الشّبم البرود ذوو الأوام
ومن طلب الشفاء من الأفاعي / فبشّره بموبقة السّقام
ومن يأمل سمواً فليعرّج / بأحمد صاحب الهمم السوامي
أمير في إمارته انتباه / أنام الحادثات عن الأنام
همام لا يغرّك من سواه / فكم تحت الحمائل من كهام
هو الجبل المطلّ على الثريا / كاطلال الجبال على الأكام
أرى العلياء سائرة إليه / كما يسري الهلال إلى التمام
يذود عن الرياسة كل ذود / كليث عن فريسته يحامي
له اطعام عارفة وعز / وللكرماء أطعام الطعام
إذا الآمال لم تستغن عنه / فإن الماء حاجة كل ظام
ترى أهل الممالك في ذراه / تقاد كأنها بعض السوام
وتلقح من عطاياه الأماني / لقاح الأرض من نطف الغمام
وتسخط من قواضبه الهوادي / ولا سخط الجموح على اللجام
متى قيست به الاشراف هانت / وأين الخف من شرف السنام
تيقظت الخطوب فمذ رأته / قليل النوم عدن إلى المنام
لمثلك أيها الملك المفدّى / أطاع الناس من سام وحام
ضربت على الرياسة كل سدّ / يزيف همة الملك الهمام
وحساد دحمتهم حسوماً / بخطب مثل بارقة الحسام
حللت من المكارم والمعالي / محلّ الطوق من عنق الحمام
وكم أنفذت سهمك في عويص / رماه من العناية كل رام
طلعت على العدى كصفيح برق / يشق خطوط دائرة الظلام
رميت بك المنى فأصاب سهمي / وما الشفعاء إلا كالسهام
جمالك لم يزل للعيد عيداً / يعيد شوارد النعم الجسام
إذا الأعياد أطربت البرايا / فأنت مدام هاتيك المدام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025