المجموع : 6
افضض لنا من ريقك المختوم
افضض لنا من ريقك المختوم / جاما تضمن نشوة التسنيم
ريقية نثر الشباب حبابها / تلقاء لؤلؤ ثغرك المنظوم
شرع الهوى رشفاتها واساغها / ورمى ابنة العنقود بالتحريم
فضلت نطاف الخمر في مشمومها ال / عباق فهي لطيمة المشموم
ظمأ لثغرك يا رشوف مدامة / إن لم تكن مزجت بريق نديم
قم زفها كالشمس حلت كوكبا / في كف بدر كللت بنجوم
رقت فكاد الوهم يشرب كأسها ال / مظنون ظرف رحيقها الموهوم
مهما طغى فرعون حزنك فاقتبس / جذوات فرقد جامها المضروم
سطعت على طور الغرام فآنست / عيناي منها جذوة التكليم
فهناك قد صعق الزفير بجانبي / قلب بأسياف الجفون كليم
أمديرها من فيك حي براحها / فم سائل من روحها محروم
واستجلها حيث الخميلة معجم / نوارها قلم الندى برقوم
والليل حف هزيعه بزنوجه / والصبح زاحفه بجحفل روم
هذي اويقات السرور فطف بها / راحا تروح خاطر المهموم
فسقى الحيا الهتان مسكب زقها / بأجش رجاف العشي هزيم
وسرى بمجلاها النسيم فإنه / مجلى بنات الشيح والقيصوم
تسري لتنزله العريب ركابها / من كل فج تنائف وحزوم
المدلجون العيس تحمل غلمة / أجفانهم مالت إلى التهويم
من كل محلول الوشاح من السرى / داجي مشق المقلتين رخيم
عقد الكرى أجفانهم فكأنها / قطع الدجى معقودة بنسيم
عذب الخطاب كأن مخرج نطقه / عن صوت خشف في السروح بغوم
لهب الجمال ذكاً بجنة خده / فأعادها محفوفة بجحيم
يا قلب خلفك عن مثقف قده / وحذار مرهف طرفه المسموم
بي منه مخلف وعده أني يفي / ذو الدل في ميعاده لغريم
رقت شمائله فكاد شبابه / فيها يسيل برقة ونعيم
ملك الجمال بأسره فشذا الكبا / وسنا الغزالة والتفات الريم
أمشبهي ضعفاً بدقة خصره / من شبه الموجود بالمعدوم
من مبعدي عنه بمتن شملة / أو أحزنت ركبت جناح ظليم
ترنو كساخطة إلى أمد السرى / في مقلتي خشن المشافر ايم
لو كنت أملكها تلوت بسمعها / يا ناق في لجج الدجنة عومي
لا تنتحي شقق الغميم وحاجر / فالكرخ حاجر لذتي وغميمي
قمرية الدوح يا ذات الترانيم
قمرية الدوح يا ذات الترانيم / مع النسور على ورد الردى حومي
سيري مع الجحفل الجرار خافقة / وسابقي فوقه سرب القشاعيم
وناوحي الأمة الثكلى فقد رزئت / بلادها بالمطاعين المطاعيم
وذكريها عهود البيض ماضية / فإن عهد المواضي غير مذموم
خلت بلادك من قوم فرائسهم / ملء البسيطة من فرس ومن روم
قمرية الدوح ما في الدوح من ثمر / إلا تعاليل محزون لمهموم
طيري إلى الأفق الأعلى فليس على / وجه الثرى وكر طير غير محطوم
وباعدي الأرض إن الجور ارهقها / ووحد الضعف في هذي الأقاليم
ما في العواصم من ضيق ومن نوب / أضعافه في الفيافي والدياميم
فناشدي العرب كم دانت لهم دول / وكم جبوها بتحبير المراسيم
وأبني أسر التيجان مذ نزلوا / عن العروش باذعان وتسليم
مخدمين بأمثال الدمى صوراً / وارحمتا للسلاطين المخاديم
أهل الأكاليل لا تأسوا فما عقدت / إلا إلى أجل في اللوح مرقوم
في ذمة المجد مطرودون عن سدد / كانت مواقف تمجيد وتعظيم
كم عاهل يستميح الدهر رحمته / أماته الدهر حيا غير مرحوم
رام الأمان أمان اللَه ملتحقا / بالباحثين علي جذ الجراثيم
وان شعب وحيد الدين انكره / وشعب غليوم لم يرفق بغليوم
أصاب أحمد رب التاج سالبه / منه بسهم من الآجال مسموم
مشى الزمان بأهليه كمضطرب / في المتن مندفع في الصدر ملكوم
فأبصر الخلف قداما لدهشته / وصار يخلط تأخيراً بتقديم
هذي الحوادث جلت ان تكافح في / سيف بمطرقة الأقدار مثلوم
لولا المقادير سالت دون دجلتنا / على الردى أنفس الصيد المقاديم
سلي الفرات ففي أريافه عرب / بيض الظبا والمساعي الغر والخيم
الراصدون على الأعداء مهربهم / والمالكون عليهم مورد الهيم
والسائلات بغدر من دموعهم / نفوسهم لقرارات اللهاميم
كم من عكاظ أقامته سيوفهم / وموسم برذاذ الهام موسوم
سوق من الحد قامت في معارضه / رماحهم وهي لم تعرض لتقويم
أبوا يسومونها إلا بمركزها / من مصرع القرن مطعون الغلاصيم
لو صادموا هضبة الفولاذ لانفلقت / أركانها بالمناجيد المصاديم
قمرية الدوح أضحت أرضه يبساً / ومزهر الغصن أضحى غير مرهوم
قد كان يمتص ضرع الغيث مندفقاً / فعاد يعطب في برحاء مفطوم
تبصري الأرض هل قامت مناكبها / على أساس قديم غير مهدوم
جاء الحديد فقلنا سوف يخلفه / حلاً بحل وتحريماً بتحريم
فأسفر العصر عصر النور عن زمن / بالعسف متقد بالظلم مضروم
سكان جلق ذات المرج جاد كم / بعارض من فتوق السحب مسجوم
ومبهت الزهر زهر الفضل في حلب / لازلت تنفح في شيح وقيصوم
ويا حواضر لبنان تجاور في / بحر بمثل هموم الشعب مفعوم
ويا نزولاً على الخرطوم زاحمكم / في مورد النيل عذباً ألف خرطوم
مدت من الغرب وامتصت موارده / فليت لا كرعت إلا بيحموم
ظما لها ما كفاها البحر ملتطماً / كأن أمواجه موقورة الكوم
حتى أتت لمجاري الشرق دامعة / عيونه بين سلسال وتسنيم
ألقت مبادءها درساً يعرفنا / سوء المبادئ منها والخواتيم
تظاهر الشرق بالحسنى مداجية / وحقدها كامن ملء الحيازيم
وتوضح الشك بالابهام تعمية / واحيرتا بين مشكوك وموهوم
كيف السبيل إلى التطبيق مذ برأت / هذي المصاديق من تلك المفاهيم
يا مصر قولي لوفد العز مذ لبسوا / تلك العواري من لوم ومن لوم
ليس الصعيد صعيدي يا فراعنتي / أما اختلفتم ولا الفيوم فيومي
كونوا من الذهب المسبوك سلسلة / ابريزها غير مفصوم وموصوم
نواصع الحجج اللاتي اذا اطردت / داست جناجن موضوح ومكلوم
نام الخليون حيث الليل يرفع في / سقف بأعمدة الظلماء مدعوم
وأنتم لا حشاياكم ممهدة / ولا جفونكم مالت لتهويم
لو فاض بحر الدجى وامتد زاخره / قلتم لافكاركم في قعره عومي
آراؤكم من حديد الحق ضربتها / تأتي عل كل مكذوب ومزعوم
صرختم ولهيب العزم يلفحكم / كالفحل يهدر من تحت المياسيم
قام الموحد منها وهو مرتعد / واهتز من حولها أهل الأقانيم
قمرية الدوح قومي فانظري أمما / مخنوقة الصوت في أوطانها قومي
ما في العراق إذا استقريت بقعته / إذن تصيخ لأبكار الأناغيم
يد علينا لذات الطوق نشكرها / بذكريات احتفالات وتكريم
إن عاد للعرب الأمحاض ملكهم / وحصنوا الأرض بالبيض المخاذيم
حقاً تناديك والتلقيب أو سمة / يا نغمة الورق بل يا بغمة الريم
إن ترجعيهم إلى أدوار ملكهم / فأنت أنت أصدحي لا أم كلثوم
أجيزك اللؤلؤ المنسوق من كلمي / وأحسن الدر منثوري ومنظومي
تغردين وذي الأقطار ما برحت / تبكي لتذكار توزيع وتقسيم
كم هيأ الظافر المنهوم دعوته / منها لكل عميق الشدق مقروم
تذوقوها ولم تبرد لها مزع / وباغتوها بتحصيص وتسهيم
واضيعة المال والاحلام من نفر / تقاطروا بين مجهول ومعلوم
كأنهم ودواعي اللهو تجذبهم / ركب يخف بمزموم ومخطوم
خالوا مزامير داود لهم خبئت / أنغامها بين أشداق وحلقوم
فصيروا قاعة الألحان جنتهم / فأينها وهي في لغو وتأثيم
فابن الثلاثين حي لا عصام له / وابن الثمانين ميت غير معصوم
سيان للهاجس المحزون في وطني / ترنيمة الورق أو تنعابة البوم
هذي البلاد فمعدوم بلا جدة / ان طفت فيها وموجود كمعدوم
وسافل يتعالى فوق موقفه / وظالم يتردى جلد مظلوم
قالوا الغناء غذاء الروح ينعشه / وان يكن غير مشروب ومطعوم
قلت افحصوا هذه الأرواح ان حييت / وأرشدونا لروح غير مألوم
متى يكون علاج للضنى بضنى / وشارب السم هل يشفى بمسموم
أداجية العينين ليلك مظلم
أداجية العينين ليلك مظلم / وطيفك نمام وقومك نوم
تبيتين لا حول الطراف مذاود / ولا سامر في ندوة الحي منهم
أما ارتعت من موج الدجى وكأنه / وقد زاحف الاقطار جيش عرمرم
أتت زنجه والصبح عبء رومه / فقل أشهب لاقاه في الروع أدهم
إذا اصطدما حول المخيم أفزعا / أوانس مزدانا بهن المخيم
ألا لا تراعي يا بنة القوم واعزمي / على الجلد الموروث فالحزم أحزم
مضارب لا ينفك في عرصاتها / يكاتف فيها مسرج المهر ملجم
عقيلة هذا الحي لو زار ما قضى / أمانيه منك الخيال المسلم
يحوطك خدر بالحفاظ مسردق / كأن الخبا كنز عليك مطلسم
ذكرت ليالي المواضي نواعماً / فأيقنت ان الدهر بؤس وانعم
هل الشفق المكتوم تحت ردائها / إذا طالعته العين ورد مكمم
وكم ليلة منها جلا الدهر غادة / على جيدها عقد الثريا منظم
جرى البدر في بحر الدجى وهو راكد / وشهب الدراري طافيات وعوم
وقد حارت الشعرى فبحر أمامها / يموج ونهر للمجرة مفعم
وحامت على الليل النجوم كأنها / من الطير أسراب على اللج حوم
يعانق منها ذابح نحو رامح / كما اعتنقا يوم سنان ومخذم
كتائب شهب لا تزال جيادها / تكر بميدان السماء وتهزم
محجلها ساوى الأغر فلا يرى / بموكبها إلا الأغر المسوم
فداً لك يا خيل النجوم جواريا / كريم الذاكي والأقب المطهم
تغيرين لا الأرواح تسلب قسوة / ولا المال مغصوب ولا الحق مهظم
ولا حنّ من رعب يتيم ولم تبت / مروعة تبكي فتاة وأيم
مغاران هذا عابس متجهم / عجاجا وهذا ضاحك متبسم
ففي الموكب الأعلى صلاح ومغنم / وفي الموكب الأدنى صياح ومغرم
وفوق السحاب الجون سرب حمائم / قذائفها فوق الربى تترنم
قذائف أما صفحها فمنازع / عليا وأما بطشها فمسلم
فكم بيتت قصراً مشيداً بأهله / فأصبح منها وهو للقاع مسنم
كسرب من العقبان أضحى دليلها / يقحمها النهج الذي ليس يقحم
إلى عالم ما فيه وكر لطائر / ولا حافر يخطو اليه ومنسم
شياطينها حارت فلم تدر أنها / من الأرض ترمي أم من الشهب ترجم
لقد هاجمت من جهلها جبهة السما / كأن أعاديها بدور وأنجم
وفي البلد الأقصى نفوس صحيحة / تعز علينا أنها تتألم
يؤرقها فوق الأداهم معرق / ويقلقها تحت المظالم مشئم
بكتها بذوب القلب أعين مصرها / وناح عليها نيلها والمقطم
متى يصلح المحتج عنه مدافعاً / وفي قبضة الخصم الغلاصم والفم
فيا جائراً عن غيه ليس يرعوي / ويا ظالماً من غيره يتظلم
تروم مصافاتي وسهمك قاتلي / متى اصطفيا يوماً سليم وارقم
سل العربي المحض أين مناخه / ومثواه في الأرض الفضاء مسهم
سرى موبؤ الداء الدفين بسهلها / فأرغمها والأرض كالناس ترغم
وكيف شفاها والمجرب خائف / يلجلج وصفا والطبيب مسقم
يعلل معتل البلاد بشهده / وهل ينفع التعليل والشهد علقم
غدا الخبط في تلك الموارد سارياً / فلا منجد منها يصافيه متهم
غدت لا غدت في القوم نهبا ومغنما / فلله نهب ما أعز ومغنم
لأن سرنا منها مشارع مورث / فقد ساءنا منها تراث مقسم
إذا حاججت أرض بنيها فانكم / أعق بني أم عليها وأظلم
تخالفتم في أمرها وتوافقت / عليها قلوب لا ترّق وترحم
فيا ليت شعري من يؤاخذ غيركم / على الجرم والجانون للذنب أنتم
حان الطعان وصدر الرمح منحطم
حان الطعان وصدر الرمح منحطم / والضرب آن وحد السيف منثلم
وللجماهير آذان مفتحة / كي تسمع النصح لكن باغت الصمم
والنائمين وقد مرت لهم فرص / والنادمين ولم ينفعهم الندم
عافوا مواردهم تجري لشاربها / يا للرجال وفي آل الضحى اختصموا
توسطوا في التراخي عن حقوقهم / وما أفاقوا إلى أن ضاقت الأزم
كانوا إذا همّ قوم غيرهم عزموا / وها هم اليوم ما هموا ولا عزموا
أما رأوا هذه الدنيا وزينتها / لمن على الحزم منهم تقعد الحزم
والناس صنفان صنف للعلاء بنوا / معاقلاً بسماها تزهر الشيم
وآخرون بنوها غير دائمة / وان لها بالرخام الصلب قد دعموا
هذي البنايات في بغداد آخذة / دوراً يهدّ له الايوان والهرم
يروم رافعها لمس السماك أما / درى المصير الذي صارت له ارم
ليس البناء وان رصت قواعده / بثابت واساس العدل منهدم
يا جالبين من الآفاق زخرفها / الشعب يعبس منها وهي تبتسم
لو نتموها فأضحى من خلائقكم / سيان زخرفها المرصوف والكلم
من أي ميراث آباء لكم بلغوا / أمست تناطح أبراج السما الأطم
فهل لكم قد في فتح مملكة / أو موقف فيه منكم تثبت القدم
هذا النعيم الذي انصبت موارده / عليكم واستدارت حوله النعم
من دمعة العامل المحزون زهرتها / ورب نعمة قوم أصلها نقم
وجدتم بزمان كله نوب / ان الوجود الذي جئتم به عدم
سر لبنائكم في الأرض ما شهدت / تأثيره في المراعي قبله الأمم
يرتادها الشعب لكن خاب رائده / لا يظهر الشعب الا وهو منفطم
وما تراكم في الأجواء عارضه / إلا غدا برذاذ الترب ينسجم
جف الثرى وسحاب الموت منهمر / من فوقه والسيول الجارفات دم
همى الرباب حوالينا ومن فزع / كادت تلوذ بسفح الهضبة الاكم
علا وغشى محيا الأرض برقعه / فأصبحت دار أمن الخائف القمم
والجدب أخصب للأرواح من كلأ / تأتي وبيلا به الهتانة الديم
من يفزع الناس في الزورا برحمته / ان باغت الموحشان الظلم والظلم
عصر الرشيد استمع ان كنت ذا اذن / ان الأمين بهذا العصر متهم
احفظ حياتك فيها والحياء معاً / فما بها اليوم مأمون ومعتصم
ياباسطاً بديار العرب مأدبة / تحشى بسم ولكن فوقه الدسم
أكرهت طبعك فيها وهو ينكرها / واين منك يكون العطف والكرم
هذي الوليمة عمر الدهر ما نسيت / وكيف تنسى وفي أطباقها الألم
أريتهم من خيال السحر كاذبه / وعن حقيقة ما نسعى إليه عموا
ومذ نأى الشك منهم هاج شعبكم / وكان ما علموه غير ما علموا
يخلد المجد للأجيال آيته / شعب تضامن فيه الطفل والهرم
ولا تجهم يوماً وجه سيرته / ما دام ينشر فيه العلم والعلم
ماج العراق ببأس الناهضين به / فالخصم مضطرب والعزم مضطرم
وأقدموا فأقامت عرش عاصمة / إيمانهم وبحبل الوحدة اعتصموا
في ذمة العرب الآساد موطنهم / أضحى يصان وفيه تخفر الذمم
وفي الفرات مناجيد مواقفهم / مع العدى بجبين الدهر ترتسم
الباقيات مع الدنيا مخلدة / يخطها لهم في لوخها القلم
تدونت بعواليهم وقائعهم / ومن مراسمها الأشلاء والرمم
ما حصنوا الوطن المحبوب فارتكزت / حرابهم فيه سوراً والضبا الحذم
ومازجوه ثرى طابت منابته / حتى تعانقت الأطواد والهمم
عرب هموا عقدوا الأكليل مؤتلقاً / على مليك له البطحاء والحرم
وسائل وهو يدري حين يسألني / من رصع التاج بالأعمال قلت هم
لكن مع الأسف المبكي تقاطعهم / فثم لا رحمة فيهم ولا رحم
وأصبحوا شيعا للقابضين على / زمامها وبرغم الوحدة انقسموا
حي الفرات وحي النازلين على / ضفافه حيث يعلو العز والشيم
وبين ذي الكفل والفيحاء ملحمة / فيها تباشرت العقبان والرخم
جاء العداة لها عصراً بفيلقهم / فزايلوها فراراً بعدما اعتصموا
والعارضيات فيها عاد خصمهم / يؤمها ناكصاً لما به اصطدموا
أصاخ للمدفع الهدار جمعهم / كأنما الرعد في آذانهم نغم
فاسكتوه بزجر من بنادقهم / فيه شجا ليس يلتئم
والرعب ساق اساراهم وقد قدرت / عيونهم راعها في الهجعة الحلم
تسلسل الجيش مأسوراً وقادته / خافوا مقارنة الاصفاد فانهزموا
مذنبات العوالي في متونهم / فأينما انحرفوا عن شهبها رجموا
وللمئات أمام الغزو هرولة / كما تساق أمام السائق النعم
لا يحسبن العوالي ان دولتنا / فتية فلكم شابت بها لمم
فقل لمن سار عينا في شوارعها / قف بالديار التي لم يعفها القدم
لا ترتبي بالثوى فيها فكم كحلت / فيها عيون عدى كي يبصروا فعموا
أين العتاد الذي أضحى يسوره / شوك الحديد واين الظل والخيم
أما الجبال فسل عنها مساقطها / تجبك من حولها الارسان واللجم
ضراغم البأس في آجالها حكمت / والحكم لِلّه فانظر من بها احتكموا
تظلم العربي المحض عندهم / يبقى سدى أتظن القوم ما فهموا
خالوا فصاحته من بينهم وطنا / كأنما العرب في أوطانهم عجم
ونائب يملأ الكرسي قلت له / ماذا السكوت تكلم أيها الصنم
الحامل الراس لم تسمع له اذن / والصاقل الوجه ما في صفحتية فم
بم استحل من العمال راتبه / وفي السكوت انقضت أيامه الحرم
يا قابضين برغم الحق حامته / ومالكم صلة فيه ولا رحم
وهذه الأرض لم تنكر بنوته / ولم يكن راعه لولاكم اليتم
تطلع الحائر النائي باطيبه / وابن البلاد أمام العدل منفطم
خير البلاد التي أحرار بقعتها / بما يطيقون من أعلائها خدم
مراح السرب روّحك النسيمُ
مراح السرب روّحك النسيمُ / وخلَّد زهرك الغيث العميم
ومرتبع الكواعب عاطرات الغلائل / شقَّ حافتك الشميم
سُقيت الوبل من نادٍ نديّ / يموج على جوانبه النعيم
لطبت محط اثقال التصابي / بحيث ثراك مطلول وسيم
أيا ظبي الصريم غضا فؤآدي / مقيلك حيث تأوي لا الصريم
جرى فيك الغرام على اختلافٍ / فصبرٌ ظاعنٌ وجوىً مقيم
وشوق صحَّ في قلب سقيم / به من لحظك الماضي كلوم
سرى من مقلتيك له سقام / فاعداه وقد يعدي السقيم
ايطعنني قوامك وهو خوطٌ / ويصرعني هواك وأنت ريم
الام على عذارك وهو لامٌ / لدمعي حوله دالٌ وميم
الا يالائمين به اعيدوا / له نظر الصبابة ثم لوموا
هضيم الكشح مقلق ما عليه / بنفسي ذلك الكشح الهضيم
ستبعد عنه اشواقي امونٌ / مخط الشهب ادنى ما تروم
تحلق بي وللظلمآء موجٌ / به السَّاري كما يطفو يعوم
مقوَّمة من الذملان تندى / رشيحاً وهي عرجون قديم
عذافرة تفوت البرق شأوا / ويكبو عند مجراها النسيم
اذا اودى الذميل بها كلالاً / يعللها براحتها الرسيم
تناقل خطوها عدواً ورهواً / وتعقد في حيازمها الحزوم
الى الامد البعيد تزف شوقاً / لتبلغه كما زفَّ الظليم
لأرحل عن مراح السرب فيها / ففي جنباته يلوى الغريم
وابلغها ابا الفتح المعلَّى / فثم الأمن والمنّ الجسيم
اعقيق ماشقه الحسن ام فم
اعقيق ماشقه الحسن ام فم / شق قلب البروق حين تبسم
وعلى وجنتيك خط يراع ال / حسن حرفاً بمسكة الخال معجم
سقمي منك بابن كحل سقيم / صحَّ فتكاً ومهجة الصب اسقم
حكمته عليَّ سلطنة ال / حسن فاجرى امر الهوى وتحكم
يلدي المعطى من الانس لكن / وافق الريم طبعه فترَّيم
ناظر فاتر الجفون وخصر / كاد ضعفا بالسلك ينظم بالسم
لم يشنه قيل الحضارة الا / انه عن لواغط السرب يبغم
صيغ في قالب المحاسن معنىً / جسَّمته يد الصبا فتجسم
مبسما ناصعا وجيدا محلّى / وقواما غض الشباب منعم
رقَّ خدًّا حتى خشينا عليه / من خيال الصدغ المرفرف يكلم
وُجناة الهوى على وجنات / منه قد خالسوا الشقيق المكمم
عن دمٍ اشربت باحمر قان / فهي محمرة الحديقة عندم
ناظري في الجنان منها ولكن / كبدي من لهيبها في جهنم
ايها المجتلي المحيا ابدرٌ / مشرق قد جلوت من مطلع التم
ام صفات الرضا تجلت فشمنا / انجما من ثواقب النجم انجم