المجموع : 35
مُنىً نِلتَها يا لابِسَ المَجدِ مُعلَماً
مُنىً نِلتَها يا لابِسَ المَجدِ مُعلَماً / أَديناً وَدُنيا زادَكَ اللَهُ أَنعُما
فَلِلَّهِ ما أَبهاكَ في مِصرَ حالِياً / وَلِلَّهِ ما أَتقاكَ في البَيتِ مُحرِما
أَقولُ وَقَد شاهَدتُ رَكبَكَ مُشرِقاً / وقَد يَمَّمَ البَيتَ العَتيقَ المُحَرَّما
مَشَت كَعبَةُ الدُنيا إِلى كَعبَةِ الهُدى / يَفيضُ جَلالُ المُلكِ وَالدينِ مِنهُما
فَيالَيتَني اِسطَعتُ السَبيلَ وَلَيتَني / بَلَغتُ مُنى الدارَينِ رَحباً وَمَغنَما
وَفي الرَكبِ شَمسٌ أَنجَبَت أَنجَبَ الوَرى / فَتى الشَرقِ مَولانا الأَميرَ المُعَظَّما
تَسيرُ إِلى شَمسِ الهُدى في حَفاوَةٍ / مِنَ العِزِّ تَحدوها الزَواهِرُ أَينَما
فَلَم أَرَ أُفقاً قَبلَ رَكبِكَ أَطلَعَت / جَوانِبُهُ بَدراً وَشَمساً وَأَنجُما
وَلَو أَنَّني خُيِّرتُ لَاِختَرتُ أَن أَرى / لِعيسِكَ وَحدي حادِياً مُتَرَنِّما
أَسيرُ خِلالَ الرَكبِ نَحوَ حَظيرَةٍ / عَلى رَبِّها صَلّى الإِلَهُ وَسَلَّما
إِلى خَيرِ خَلقِ اللَهِ مَن جاءَ ناطِقاً / بِآياتِهِ إِنجيلُ عيسى بنِ مَريَما
حَلَلتَ بِأَكنافِ الجَزيرَةِ عابِراً / فَأَنضَرتَ واديها وَكُنتَ لَها سَما
وَأَشرَقتَ في بَطحاءِ مَكَّةَ زائِراً / فَباتَ عَلَيكَ النيلُ يَحسُدُ زَمزَما
وَما ظَفِرَت مِن بَعدِ هارونَ أَرضُها / بِمِثلِكَ مَيمونَ النَقيبَةِ مُنعِما
وَلا أَبصَرَ الحُجّاجُ مِن بَعدِ شَخصِهِ / عَلى عَرَفاتٍ مِثلَ شَخصِكَ مُحرِما
رَمَيتَ فَسَدَّدتَ الجِمارَ فَلَم تَكُن / جِماراً عَلى إِبليسَ بَل كُنَّ أَسهُما
وَإِنَّ الَّذي تَرميهِ وَقفٌ عَلى الرَدى / وَإِن لاذَ بِالأَفلاكِ يا خَيرَ مَن رَمى
وَبَينَ الصَفا وَالمَروَةِ اِزدَدتَ عِزَّةً / بِسَعيِكَ يا عَبّاسُ لِلَّهِ مُسلِما
تُهَروِلُ لِلمَولى الكَريمِ مُعَظِّماً / وَكَم هَروَلَ الساعي إِلَيكَ وَعَظَّما
وَطُفتَ وَكَم طافَت بِسُدَّتِكَ المُنى / وَكَم أَمسَكَ الراجي بِها وَتَحَرَّما
وَلَمّا اِستَلَمتَ الرُكنَ هاجَت شُجونُهُ / فَلَو أَنَّهُ اِسطاعَ الكَلامَ تَكَلَّما
تَذَكَّرَ زَينَ العابِدينَ وَجَدَّهُ / وَما كانَ مِن قَولِ الفَرَزدَقِ فيهِما
فَلَو يَستَطيعُ الرُكنُ أَمسَكَ راحَةً / مَسَحتَ بِها يا أَكرَمَ الناسِ مُنتَمى
دَعَوتَ لَنا حَيثُ الدُعاءُ إِجابَةٌ / وَأَنتَ بِدَعوى اللَهِ أَطهَرُنا فَما
أَمانِيُّكَ الكُبرى وَهَمُّكَ أَن تَرى / بِأَرجاءِ وادي النيلِ شَعباً مُنَعَّما
وَأَن تَبنِيَ المَجدَ الَّذي مالَ رُكنُهُ / وَأَن تُرهِفَ السَيفَ الَّذي قَد تَثَلَّما
دَعَوتَ لِمِصرٍ أَن تَسودَ وَكَم دَعَت / لَكَ اللَهَ مِصرٌ أَن تَعيشَ وَتَسلَما
فَلَيتَ مُلوكَ المُسلِمينَ تَشَبَّهوا / بِمَلكٍ إِذا ما أَحجَمَ الدَهرُ أَقدَما
سَليلُ مُلوكٍ يَشهَدُ اللَهُ أَنَّهُم / أَقاموا عَمودَ الدينِ لَمّا تَهَدَّما
لَئِن باتَ بِالمَجدِ المُؤَثَّلِ مُغرَماً / لَقَد كانَ إِبراهيمُ بِالمَجدِ مُغرَما
وَإِن تامَ حُبُّ المَكرُماتِ فُؤادَهُ / لَقَد كانَ إِسماعيلُ فيها مُتَيَّما
وَإِن سَكَنَت تَقوى المُهَيمِنِ قَلبَهُ / فَقَد كانَ مِنها قَلبُ تَوفيقَ مُفعَما
وَإِن باتَ نَهّاضاً بِمِصرَ إِلى الذُرا / فَمِن جَدِّهِ الأَعلى عَلِيٍّ تَعَلَّما
حَوى ما حَوى مِن مَجدِهِم وَنِجارِهِم / وَزادَ فَأَعيا المادِحينَ وَأَفحَما
دَعَوا بِكَ وَاِستَسقَوا فَلَبّى دُعاءَهُم / مِنَ الأُفقِ هَتّانٌ مِنَ المُزنِ قَد هَمى
أَلَحَّ عَلى أَوعارِهِم وَسُهولِهِم / وَحَيّا عَبوسَ القَفرِ حَتّى تَبَسَّما
وَلَمّا طَوى بَطحاءَ مَكَّةَ هَزَّهُ / إِلى البَيتِ شَوقُ المُستَهامِ فَيَمَّما
أَطافَ بِهِ ثُمَّ اِنثَنى عَن فِنائِهِ / وَلَو عَبَّ مِنهُ السامِرِيُّ لَأَسلَما
طَلَعتَ عَلَيهِم أَسعَدَ الخَلقِ مَطلَعاً / وَعُدتَ إِلَينا أَيمَنَ الخَلقِ مَقدَما
رَجَعتَ وَقَد داوَيتَ بِالجودِ فَقرَهُم / وَكُنتَ لَهُم في مَوسِمِ الحَجِّ مَوسِما
وَأَمَّنتَ لِلبَيتِ الحَرامِ طَريقَهُ / وَكانَ طَريقُ البَيتِ مِن قَبلِها دَما
وَيَسَّرتَهُ حَتّى اِستَطاعَ رُكوبَهُ / أَخو الفَقرِ لا يَطويهِ جوعٌ وَلا ظَما
وَجُدتَ وَجادَت رَبَّةُ الطُهرِ وَالتُقى / عَلى العامِ حَتّى أَخصَبَ العامُ مِنكُما
فَلَم تُبقِيا فَوقَ الجَزيرَةِ بائِساً / وَلَم تَترُكا في ساحَةِ البَيتِ مُعدِما
فَأَرضَيتُما الدَيّانَ وَالدينَ كُلَّهُ / لَقَد رَضِيَ الدَيّانُ وَالدينُ عَنكُما
لَم نَجِد ما يَفي بِقَدرِكَ في المَج
لَم نَجِد ما يَفي بِقَدرِكَ في المَج / دِ فَيُهدى إِلى حِماكَ الكَريمِ
فَبَعَثنا إِلَيكَ بِاِسمِكَ مَكتو / باً عَلى صَفحَةِ الوَلاءِ المُقيمِ
إِنّي دُعيتُ إِلى اِحتِفالِكَ فَجأَةً
إِنّي دُعيتُ إِلى اِحتِفالِكَ فَجأَةً / فَأَجَبتُ رَغمَ شَواغِلي وَسَقامي
وَدَعَوتُ شِعري يا أَمينُ فَخانَني / أَدَبي وَلَم يَرعَ القَريضُ ذِمامي
فَأَتَيتُ صِفرَ الكَفِّ لَم أَملِك سِوى / أَمَلي بِصَفحِكَ عَن قُصورِ كَلامي
واخَجلَتي أَيَكونُ هَذا مَوقِفي / في حَفلَةِ التَوديعِ وَالإِكرامِ
وَأَنا الخَليقُ بِأَن أُرَتِّلَ لِلوَرى / آياتِ هَذا المُصلِحِ المِقدامِ
وَأَقومُ عَن نَفسي وَعَن غَيري بِما / يَقضي الوَلاءُ وَواجِبُ الإِعظامِ
بِنها لَقَد وُفّيتِ قِسطَكِ مِن مُنىً / وَسَعادَةٍ وَرِعايَةِ وَنِظامِ
فَدَعي سِواكِ يَفُز بِقُربِ مُوَفَّقٍ / هُوَ في الحُكومَةِ نُخبَةُ الحُكّامِ
لَبِسَ التَواضُعَ حُلَّةً وَمَشى إِلى / رُتَبِ الجَلالِ مُسَدَّدِ الأَقدامِ
وَغَدا بِأَبراجِ العُلا مُتَنَقِّلاً / كَالبَدرِ يُسعِدُهُ السُرى بِتَمامِ
جازَ بي عَرفُها فَهاجَ الغَراما
جازَ بي عَرفُها فَهاجَ الغَراما / وَدَعاني فَزُرتُها إِلماما
جَنَّةٌ تَبعَثُ الحَياة وَتَجلو / صَدَأَ النَفسِ رَونَقاً وَنِظاما
زُرتُها مَوهِناً وَفي طَيِّ نَفسي / ذِلَّةَ الصَبِّ وَاِنكِسارُ اليَتامى
وَتَنَقَّلتُ في خَمائِلِها الخُض / رِ يَميناً وَيَسرَةً وَأَماما
فَإِذا رَوضَتانِ في ذَلِكَ الرَو / ضِ تَميسانِ تَحتَ ريحِ الخُزامى
جاءَتا تَخطِرانِ وَالنَجمُ ساهٍ / وَعُيونُ الأَزهارِ تَبغي المَناما
جازَتا مَوضِعي فَهَبَّ نَسيمٌ / أَذكى مِنّي الأَسى وَهاجَ الهُياما
فَتَرَسَّمتُ مِنهُما أَثَرَ الخَط / وِ وَخافَتُّ في المَسيرِ اِحتِشاما
وَتَسَمَّعتُ عَلَّني أُطفِئُ الشَو / قَ وَأَروي مِنَ الفُؤادِ الأَواما
فَإِذا لَهجَتانِ مِن لَهَجاتِ ال / شَرقِ قَد شاقَتا فُؤادي فَهاما
تِلكَ سورِيَّةٌ تَفيضُ بَياناً / تِلكَ مِصرِيَّةٌ تَسيلُ اِنسِجاما
فِطنَةٌ عِندَ رِقَّةٍ عِندَ ظَرفٍ / عِندَ رَأيٍ تَخالُهُ إِلهاما
مالَتا نَحوَ دَوحَةٍ تُرسِلُ الأَغ / صانَ وَاِختارَتا لَدَيها مُقاما
ثُمَّ أَلقَت قِناعَها بِنتُ مِصرٍ / وَأَماطَت بِنتُ الشَآمِ اللِثاما
فَتَوَهَّمتُ أَن قَدِ اِنفَلَقَ البَد / رُ وَقَد كُنتُ أُنكِرُ الأَوهاما
فَتَوارَيتُ ثُمَّ عَلَّقتُ أَنفا / سِيَ ما اِسطَعتُ وَاِرتَدَيتُ الظَلاما
ظَنَّتا ذَلِكَ المَكانَ خَلاءً / لا رَقيباً يُخشى وَلا نَمّاما
فَجَرى فيهِ ما جَرى مِن حَديثٍ / كانَ بَرداً عَلى الحَشا وَسَلاما
حينَ قالَت لِأُختِها بِنتُ مِصرٍ / إِنَّكُم أُمَّةٌ أَبَت أَن تُضاما
صَدَقَ الشاعِرُ الَّذي قالَ فيكُم / كَلِماتٍ نَبَّهنَ مِنّا النِياما
رَكِبوا البَحرَ جاوَزوا القُطبَ فاتوا / مَوقِعَ النَيِّرَينِ خاضوا الظَلاما
يَمتَطونَ الخُطوبَ في طَلَبِ العَي / شِ وَيَبرونَ لِلنِضالِ السِهاما
فَاِنبَرَت ظَبيَةُ الشَآمِ وَقالَت / بَعضَ هَذا فَقَد رَفَعتِ الشَآما
أَنتُمُ الأَسبَقونَ في كُلِّ مَرمىً / قَد بَلَغتُم مِن كُلِّ شَيءٍ مَراما
إِنَّما الشامُ وَالكِنانَةُ صِنوا / نِ رَغمَ الخُطوبِ عاشا لِزاما
أُمُّكُم أُمُّنا وَقَد أَرضَعَتنا / مِن هَواها وَنَحنُ نَأبى الفِطاما
قَد نَزَلنا جِوارَكُم فَحَمِدنا / مِنكُمُ الوُدَّ وَالنَدى وَالذِماما
وَحَلَلنا في أَرضِكُم فَأَصَبنا / مَنزِلاً مُخصِباً وَأَهلاً كِراما
وَغَشينا دِيارَكُم حَيثُ شِئنا / فَلَقينا طَلاقَةً وَاِبتِساما
وَشَرِبنا مِن نيلِكُم فَنَسينا / ماءَ لُبنانَ سَلسَلاً وَالغَماما
وَقَبَسنا مِن نورِكُم فَكَتَبنا / وَأَجَدنا نِثارَنا وَالنِظاما
وَتَلَونا آياتِ شَوقي وَصَبري / فَرَأَينا ما يَبهَرَ الأَفهاما
مَلَآ الشَرقَ حِكمَةً وَأَقاما / في ثَنايا النُفوسِ أَنّى أَقاما
غَنَّيا المَشرِقَينِ ما تَرَكَ الأَف / لاكَ حَيرى وَأَذهَلَ الأَجراما
وَأَعادا عَهدَ الرَشيدِ لِعَبّا / سٍ فَكانا يَراعَهُ وَالحُساما
فَأَشارَت فَتاةُ مِصرَ وَقالَت / قَدكِ لَم تَترُكي لِمِصرَ كَلاما
أَنتُمُ الناسُ قُدرَةً وَمَضاءً / وَنُهوضاً إِلى العُلا وَاِعتِزاما
أَطلَعَت أَرضُكُم عَلى كُلِّ أُفقٍ / أَنجُماً إِثرَ أَنجُمٍ تَتَرامى
تَركَبُ الهَولَ لا تَفادى وَتَمشي / فَوقَ هامِ الصِعابِ لا تَتَحامى
قَد سَمِعنا خَليلَكُم فَسَمِعنا / شاعِراً أَقعَدَ النُهى وَأَقاما
وَطَمِعنا في شَأوِهِ فَقَعَدنا / وَكَسَرنا مِن عَجزِنا الأَقلاما
نَظَمَ الشامَ وَالعِراقَ وَمِصراً / سِلكُ آياتِهِ فَكانَ الإِماما
فَمَشى النَثرُ خاضِعاً وَمَشى الشِع / رُ وَأَلقى إِلى الخَليلِ الزِماما
وَرَأى فيهِ رَأيَنا صاحِبُ الني / لِ فَأَهدى إِلَيهِ ذاكَ الوِساما
شارَةً زانَتِ القَريضَ فَكانَت / شارَةَ النَصرِ زانَتِ الأَعلاما
فَعَقَدنا لَهُ اللِواءَ عَلَينا / وَاِحتَفَلنا نَزيدُهُ إِكراما
ذاكَ ما دارَ مِن حَديثٍ شَهِيٍّ / يَستَفِزُّ النُهى وَيَشجي النَدامى
قَد تَسَقَّطتُهُ وَخالَفتُ فيهِ / مَن يَرى النَقلَ سُبَّةً وَاِجتِراما
فَمِنَ النَقلِ ما يَكونُ حَلالاً / وَمِنَ النَقلِ ما يَكونُ حَراما
صَدَقَ الغادَتانِ يا لَيتَ قَومَي / نا كَما قالَتا هَوىً وَاِلتِئاما
نَحنُ في حاجَةٍ إِلى كُلِّ ما يُن / مي قُوانا وَيَربِطُ الأَرحاما
فَاِجعَلوا حَفلَةَ الخَليلِ صَفاءً / بينَ مِصرٍ وَأُختِها وَسَلاما
وَاِسأَلوا اللَهَ أَن يُديمَ عَلَينا / مُلكُ عَبّاسَ ناضِراً بَسّاما
هُوَ آمالُنا وَحامي حِمانا / أَيَّدَ اللَهُ مُلكَهُ وَأَداما
وَسِعَ الفَضلَ كُلَّهُ صَدرُكَ الرَح
وَسِعَ الفَضلَ كُلَّهُ صَدرُكَ الرَح / بُ فَمَن شاءَ فَليُهَنِّئ وِسامَه
لَم يَزِدكَ الوِسامُ قَدراً وَلَكِن / زادَ قَدرَ العُلا وَقَدرَ الكَرامَه
كَم وِسامٍ كَم حِليَةٍ كَم شِعارٍ / فيكَ كَم شارَةٍ وَكَم مِن عَلامَه
لِإِباءٍ وَحِكمَةٍ وَإِخاءٍ / وَصَفاءٍ وَهِمَّةٍ وَشَهامَه
يُحَيّيكَ مِن أَرضِ الكِنانَةِ شاعِرٌ
يُحَيّيكَ مِن أَرضِ الكِنانَةِ شاعِرٌ / شَغوفٌ بِقَولِ العَبقَرِيّينَ مُغرَمُ
وَيُطرِبُهِ في يَومِ ذِكراكَ أَن مَشَت / إِلَيكَ مُلوكُ القَولِ عُربٌ وَأَعجَمُ
نَظَرتَ بِعَينِ الغَيبِ في كُلِّ أُمَّةٍ / وَفي كُلِّ عَصرٍ ثُمَّ أَنشَأتَ تَحكُمُ
فَلَم تُخطِئِ المَرمى وَلا غَروَ أَن دَنَت / لَكَ الغايَةُ القُصوى فَإِنَّكَ مُلهَمُ
أَفِق ساعَةً وَاُنظُر إِلى الخَلقِ نَظرَةً / تَجِدهُم وَإِن راقَ الطِلاءُ هُمُ هُمُ
عَلى ظَهرِها مِن شَرِّ أَطماعِهِم دَمٌ / وَفَوقَ عُبابِ البَحرِ مِن صُنعِهِم دَمُ
تَفانَوا عَلى دُنيا تَغُرُّ وَباطِلٍ / يَزولُ إِلى أَن ضَجَّتِ الأَرضُ مِنهُمُ
فَلَيتَكَ تَحيا يا أَبا الشِعرِ ساعَةً / لِتَنظُرَ ما يُصمى وَيُدمى وَيُؤلِمُ
وَقائِعَ حَربٍ أَجَّجَ العِلمُ نارَها / فَكادَ بِها عَهدُ الحَضارَةِ يُختَمُ
وَتَعلَمُ أَنَّ الطَبعَ لازالَ غالِباً / سَواءَ جَهولُ القَومِ وَالمُتَعَلِّمُ
فَما بَلَغَت مِنهُ الحَضارَةُ مَأرَباً / وَلا نالَ مِنهُ العِلمُ ما كانَ يَزعُمُ
أَهَبتَ بِهَذا مِن قُرونٍ ثَلاثَةٍ / وَكُنتَ عَلى تِلكَ الطَبائِعِ تَنقِمُ
وَما هَدَمَ التَجريبُ رَأياً بَنَيتَهُ / وَلا زالَتِ الآراءُ تُبنى وَتُهدَمُ
أَلا إِنَّ ذِكرى شِكسِبيرَ بَدَت لَنا / بَشيرَ سَلامٍ ثَغرُهُ يَتَبَسَّمُ
فَلَو أَنصَفوا أَبطالَهُم لَتَهادَنوا / قَليلاً وَحَيَّوا شِعرَهُ وَتَرَنَّموا
وَلَم يُطلِقوا في يَومِ ذِكراهُ مِدفَعاً / وَلَم يُزهِقوا نَفساً وَلَم يَتَقَحَّموا
لَهُ قَلَمٌ ماضي الشَباةِ كَأَنَّما / أَقامَ بِشِقَّيهِ القَضاءُ المُحَتَّمُ
طَهورٌ إِذا ما دُنِّسَت كَفُّ كاتِبٍ / وَثَوبٌ إِذا ما قَرَّ في الطِرسِ مِرقَمُ
وَلوعٌ بِتَصويرِ الطِباعِ فَلَم يَجُز / بِعاطِفَةٍ إِلّا حَسِبناهُ يَرسُمُ
أَرانِيَ في ماكبيثَ لِلحِقدِ صورَةً / تَكادُ بِها أَحشاؤُهُ تَتَضَرَّمُ
وَمَثَّلَ في شَيلوكَ لِلبُخلِ سِحنَةً / عَلَيها غُبارُ الهونِ وَالوَجهُ أَقتَمُ
وَأَقعَدَني عَن وَصفِ هَمليتَ حُسنُها / وَفي مِثلِها تَعيا اليَراعَةُ وَالفَمُ
دَعِ السِحرَ في رُميو وَجوليتَ إِنَّما / يُحِسُّ بِما فيها الأَديبُ المُتَيَّمُ
أَتاهُم بِشِعرٍ عَبقَرِيٍّ كَأَنَّهُ / سُطورٌ مِنَ الإِنجيلِ تُتلى وَتُكرَمُ
نَدِيٍّ عَلى الأَيّامِ يَزدادُ نَضرَةً / وَيَزدادُ فيها جِدَّةً وَهوَ يَقدُمُ
يُؤَتّى إِلى قُرّائِهِ أَنَّ نَسجَهُ / لِيَومٍ وَأَنَّ الحائِكَ اليَومَ فيهِمُ
كَتِلكَ النُقوشِ الزاهِياتِ بِمَعبَدٍ / لِفِرعَونَ لا زالَت عَلى الدَهرِ تَسلَمُ
فَلَم يَدنُ مِن إِحسانِهِ مُتَأَخِّرٌ / وَلَم يَجرِ في مَيدانِهِ مُتَقَدِّمُ
أَطَلَّ عَلَيهِم مِن سَماءِ خَيالِهِ / وَحَلَّقَ حَيثُ الوَهمُ لا يَتَجَشَّمُ
وَجاءَ بِما فَوقَ الطَبيعَةِ وَقعُهُ / فَأَكبَرَ قَومٌ ما أَتاهُ وَأَعظَموا
وَقالوا تَحَدّانا بِما يُعجِزُ النُهى / فَلَسنا إِذَن آثارَهُ نَتَرَسَّمُ
وَلَم يَتَحَدَّ الناسَ لَكِنَّهُ اِمرُؤٌ / بِما كانَ في مَقدورِهِ يَتَكَلَّمُ
لَقَد جَهِلوهُ حِقبَةً ثُمَّ رَدَّهُم / إِلَيهِ الهُدى فَاِستَغفَروا وَتَرَحَّموا
كَذاكَ رِجالُ الشَرقِ لَو يُنصِفونَهُم / لَقامَ لَهُم في الشَرقِ وَالغَربِ مَوسِمُ
أَضاءَ بِهِم بَطنُ الثَرى بَعدَ مَوتِهِم / وَأَعقابُهُم عَن نورِ آياتِهِم عَموا
فَقُل لِبَني التاميزِ وَالجَمعُ حافِلٌ / بِهِ يُنثَرُ الدُرُّ الثَمينُ وَيُنظَمُ
لَئِن كانَ في ضَخمِ الأَساطيلِ فَخرُكُم / لَفَخرُكُمُ بِالشاعِرِ الفَردِ أَعظَمُ
أَقَصرَ الزَعفَرانِ لَأَنتَ قَصرٌ
أَقَصرَ الزَعفَرانِ لَأَنتَ قَصرٌ / خَليقٌ أَن يَتيهَ عَلى النُجومِ
كِلا عَهدَيكَ لِلأَجيالِ فَخرٌ / وَزَهوٌ لِلحَديثِ وَلِلقَديمِ
ثَوى بِالأَمسِ فيكَ عُلاً وَمَجدٌ / وَأَنتَ اليَومَ مَثوىً لِلعُلومِ
فَمِن نُبلٍ إِلى مَجدٍ أَثيلٍ / إِلى عِلمٍ إِلى نَفعٍ عَميمِ
أَضَفتَ إِلى صُروحِ العِلمِ صَرحاً / بِزَورَةِ ذَلِكَ المَلِكِ الحَكيمِ
فَيالَكَ مَنزِلاً رَحباً سَرِيّاً / بَنَتهُ أَنامِلُ الذَوقِ السَليمِ
وَحاطَتهُ بِبُستانٍ أَنيقٍ / يُريكَ جَمالُهُ وَجهَ النَعيمِ
أَبا فاروقَ أَنتَ وَهَبتَ هَذا / لِمِصرَ وَهَكَذا مَنحُ الكَريمِ
وَلا عَجَبٌ فَمِصرُ عَلى وَلاءٍ / وَمالِكُها عَلى خُلُقٍ عَظيمِ
يُطالِعُها بِبَرٍّ كُلَّ يَومٍ / وَيَرعاها بِعَينِ أَبٍ رَحيمِ
وَيُرهِفُ مِن عَزائِمِ آلِ مِصرٍ / إِذا خارَت لَدى الخَطبِ الجَسيمِ
كَسَوتَ الأَزهَرَ المَعمورَ ثَوباً / مِنَ الإِجلالِ وَالعِزِّ المُقيمِ
قَضَيتَ بِهِ الصَلاةَ فَكادَ يُزهى / بِزائِرِهِ عَلى رُكنِ الحَطيمِ
رَأى فيكَ المُعِزُّ زَمانَ أَعلى / قَواعِدَهُ عَلى ظَهرِ الأَديمِ
فَهَشَّ وَهَزَّهُ طَرَبٌ وَشَوقٌ / كَما هَشَّ الحَميمُ إِلى الحَميمِ
وَهَلَّلَ كُلُّ مَن فيهِ وَدَوَّت / بِهِ أَصواتُ شَعبِكَ كَالهَزيمِ
كَذا فَليَحمِلِ التاجَينَ مَلكٌ / يُعِزُّ شَعائِرَ الدينِ القَويمِ
وَيَخشى رَبَّهُ وَيُطيعُ مَولىً / هَداهُ إِلى الصِراطِ المُستَقيمِ
أَيَأذَنُ لي المَليكُ البَرُّ أَنّي / أُهَنِّئُ مِصرَ بِالأَمرِ الكَريمِ
فَيا مِصرُ اِسجُدي لِلَّهِ شُكراً / وَتيهي وَاِقعُدي طَرَباً وَقومي
فَقَد تَمَّ البِناءُ وَعَن قَريبٍ / تُزَفُّ لَكِ البَشائِرُ مِن نَسيمِ
فَدارُ البَرلَمانِ أَعَزُّ دارٍ / تُشادُ لِطالِبِ المَجدِ العَميمِ
بِها يَتَجَمَّلُ العَرشُ المُفَدّى / وَتَحيا مِصرُ في عَيشٍ رَخيمِ
فَشَرِّفها بِرَبِّكَ وَاِختَتِمها / وَأَسعَدِها بِدُستورٍ تَميمِ
بِآيِ مُحَمَّدٍ وَبِآيِ عيسى / فَعَوِّذهُ وَآياتِ الكَليمِ
أَبا فاروقَ خُذ بِيَدِ الأَماني / وَحَقِّقها عَلى رَغمِ الخَصيمِ
أَفَقنا بَعدَ نَومٍ فَوقَ نَومٍ / عَلى نَومٍ كَأَصحابِ الرَقيمِ
وَأَصبَحنا بِيُمنِكَ في نُهوضٍ / يُكافِئُ نَهضَةَ النَبتِ الجَميمِ
فَحُطنا بِالرِعايَةِ كُلَّ يَومٍ / نَحُفُّكَ بِالوَلاءِ المُستَديمِ
أَحيَيتَ مَيتَ رَجائِنا بِصَحيفَةٍ
أَحيَيتَ مَيتَ رَجائِنا بِصَحيفَةٍ / أَثنى عَلَيها الشَرقُ وَالإِسلامُ
أَضحَت مُصَلّىً لِلبَلاغَةِ عِندَما / سَجَدَت بِرَحبِ فَنائِها الأَقلامُ
فَعَلى مُؤَيَّدِكَ الجَديدِ تَحِيَّةٌ / وَعَلى مُؤَيَّدِكَ القَديمِ سَلامُ
أَثَرتَ بِنا مِنَ الشَوقِ القَديمِ
أَثَرتَ بِنا مِنَ الشَوقِ القَديمِ / وَذِكرى ذَلِكَ العَيشِ الرَخيمِ
وَأَيّامٍ كَسَوناها جَمالاً / وَأَرقَصنا لَها فَلَكَ النَعيمِ
مَلَأناها بِنا حُسناً فَكانَت / بِجيدِ الدَهرِ كَالعِقدِ النَظيمِ
وَفِتيانٍ مَساميحٍ عَلَيهِم / جَلابيبٌ مِنَ الذَوقِ السَليمِ
لَهُم شِيَمٌ أَلَذُّ مِنَ الأَماني / وَأَطرَبُ مِن مُعاطاةِ النَديمِ
كَهَمِّكَ في الخَلاعَةِ وَالتَصابي / وَإِن كانوا عَلى خُلُقٍ عَظيمِ
دَعَوتُهُمُ إِلى أَنسٍ فَوافَوا / مُوافاةَ الكَريمِ إِلى الكَريمِ
وَجاؤوا كَالقَطا وَرَدَت نَميراً / عَلى ظَمَإٍ وَهَبّوا كَالنَسيمِ
وَكانَ اللَيلُ يَمرَحُ في شَبابِ / وَيَلهو بِالمَجَرَّةِ وَالنُجومِ
فَواصَلنا كُئوسَ الراحِ حَتّى / بَدَت لِلعَينِ أَنوارُ الصَريمِ
وَأَعمَلنا بِها رَأيَ اِبنِ هاني / فَأُلحِقنا بِأَصحابِ الرَقيمِ
وَظَبيٍ مِن بَني مِصرٍ غَريرٍ / شَهِيِّ اللَفظِ ذي خَدٍّ مَشيمِ
وَلَحظٍ بابِلِيٍّ ذي اِنكِسارِ / كَأَنَّ بِطَرفِهِ سيما اليَتيمِ
سَقانا في مُنادَمَةٍ حَديثاً / نَسينا عِندَهُ بِنتَ الكُرومِ
سَلامُ اللَهِ يا عَهدَ التَصابي / عَلَيكَ وَفِتيَةِ العَهدِ القَديمِ
أَحِنُّ لَهُم وَدونَهُمُ فَلاةٌ / كَأَنَّ فَسيحَها صَدرُ الحَليمِ
كَأَنَّ أَديمَها أَحشاءُ صَبٍّ / قَدِ اِلتَهَبَت مِنَ الوَجدِ الأَليمِ
كَأَنَّ سَرابَها إِذ لاحَ فيها / خِداعٌ لاحَ في وَجهِ اللَئيمِ
تَضِلُّ بِلَيلِها لِهبٌ فَتَحكي / بِوادي التيهِ أَقوامَ الكَليمِ
وَتَمشي السافِياتُ بِها حَيارى / إِذا نُقِلَ الهَجيرُ عَنِ الجَحيمِ
فَمَن لي أَن أَرى تِلكَ المَغاني / وَما فيها مِنَ الحُسنِ القَديمِ
فَما حَظُّ اِبنِ داوودٍ كَحَظّي / وَلا أوتيتُ مِن عِلمِ العَليمِ
وَلا أَنا مُطلَقٌ كَالفِكرِ أَسري / فَأَستَبِقُ الضَواحِكَ في الغُيومِ
وَلَكِنّي مُقَيَّدَةٌ رِحالي / بِقَيدِ العُدمِ في وادي الهُمومِ
نَزَحتُ عَنِ الدِيارِ أَرومُ رِزقي / وَأَضرِبُ في المَهامِهِ وَالتُخومِ
وَما غادَرتُ في السودانِ قَفراً / وَلَم أَصبُغ بِتُربَتِهِ أَديمي
وَها أَنا بَينَ أَنيابِ المَنايا / وَتَحتَ بَراثِنِ الخَطبِ الجَسيمِ
وَلَولا سَورَةٌ لِلمَجدِ عِندي / قَنِعتُ بِعيشَتي قَنَعَ الظَليمِ
أَيا اِبنَ الأَكرَمينَ أَباً وَجَدّاً / وَيا اِبنَ عُضادَةِ الدينِ القَويمِ
أَقامَ لِدينِنا أَهلوكَ رُكناً / لَهُ نَسَبٌ إِلى رُكنِ الحَطيمِ
فَما طافَ العُفاةُ بِهِ وَعادوا / بِغَيرِ العَسجَدِيَّةِ وَاللَطيمِ
أَتَيتُكَ وَالخُطوبُ تَزِفُّ رَحلي / وَلي حالٌ أَرَقُّ مِنَ السَديمِ
وَقَد أَصبَحتُ مِن سَعيي وَكَدحي / عَلى الأَرزاقِ كَالثَوبِ الرَديمِ
فَلا تُخلِق فُديتَ أَديمَ وَجهي / وَلا تَقطَع مُواصَلَةَ الحَميمِ
مُلِكَت عَلَيَّ مَذاهِبي
مُلِكَت عَلَيَّ مَذاهِبي / وَعَصانِيَ الطَبعُ السَليمُ
وَجَفا يُراعي الصاحِبا / نِ فَلا النَثيرُ وَلا النَظيمُ
أَشقى وَأَكتُمُ شِقوَتي / وَاللَهُ بي وَبِها عَليمُ
حَلِمَ الأَديمُ وَما الَّذي / أَرجو وَقَد حَلِمَ الأَديمُ
لا مِصرُ تُنصِفُني وَلا / أَنا عَن مَوَدَّتِها أَريمُ
وَإِذا تَحَوَّلَ بائِسٌ / عَن رَبعِها فَأَنا المُقيمُ
فيها صَحِبتُكَ وَاِصطَفَي / تُكَ أَيُّها الخِلُّ الحَميمُ
أَنا مَن عَرَفتَ وَمَن خَبَر / تَ وَمَن مَوَدَّتُهُ تَدومُ
لِلَّهِ ذَيّاكَ الجِوا / رُ وَذَلِكَ العَيشُ الرَخيمُ
بِالجانِبِ الغَربِيِّ فَو / قَ النيلِ وَالدُنيا نَعيمُ
أَيّامَ يَعرِفُنا السُرو / رُ بِها وَتُنكِرُنا الهُمومُ
أَيّامَ نَلهو بِالظِبا / ءِ وَفي مَسارِحِها نَهيمُ
لا أَنتَ تُصغي لِلعَذو / لِ وَلا أُبالي مَن يَلومُ
لِلَّهِ أَندِيَةٌ لَنا / قَد زانَها الخُلُقُ الكَريمُ
لَم يَغشَها وَغدٌ وَلَم / يَنزِل بِساحَتِها لَئيمُ
تَمشي الخَلاعَةُ في نَوا / حيها تُراقِبُها الحُلومُ
لَهوٌ كَما شاءَ الصِبا / وَحِجاً كَما شاءَ الحَكيمُ
وَمُدامَةٌ يَسعى بِها / مُتَأَدِّبٌ وَيَطوفُ ريمُ
يَجري عَلى كاساتِها / أُنسٌ يَخِفُّ لَهُ الحَليمُ
لا تَشتَكي مِنّا وَلا / يَشكو عَواقِبَها النَديمُ
وَالنيلُ مِرآةٌ تَنَف / فَسَ في صَحيفَتِها النَسيمُ
سَلَبَ السَماءَ نُجومَها / فَهَوَت بِلُجَّتِهِ تَعومُ
نُشِرَت عَلَيهِ غِلالَةٌ / بَيضاءُ حاكَتها الغُيومُ
شَفَّت لِأَعيُنِنا سِوى / ما شابَهُ مِنها الأَديمُ
وَكَأَنَّنا فَوقَ السَما / ءِ وَتَحتَنا ذاكَ السَديمُ
تَجري الحَوادِثُ حَيثُ تَج / ري لا نُضامُ وَلا نَضيمُ
لا الصُبحُ يُزعِجُنا بِأَن / باءِ الزَمانِ وَلا الصَريمُ
يا لَيتَ شِعري كَيفَ أَن / تَ وَكَيفَ حالُكَ يا زَعيمُ
أَمّا أَنا فَكَما أَنا / أَبلى كَما يَبلى الرَديمُ
لا خِلَّ بَعدَكَ مُؤنِسٌ / نَفسي وَلا قَلبٌ رَحيمُ
كادَ الزَمانُ لَنا وَلا / عَجَبٌ إِذا كادَ الغَريمُ
أَمسى اِحتَواكَ الزَمهَري / رُ وَظَلَّ يَصهَرُني الجَحيمُ
فَشَرابُكَ الماءُ الشُنا / نُ وَشُربِىَ الماءُ الحَميمُ
وَمُناكَ لَو طَلَعَت ذُكا / ءُ عَلَيكَ في يَومٍ يَصومُ
وَمُنايَ لَو مُحِقَت ذُكا / ءُ وَغالَها لَيلٌ بَهيمُ
فَبَلِيَّتي الحَرُّ الأَلي / مُ وَخَطبُكَ القُرُّ الأَليمُ
فَكَأَنَّني فِرعَونُ مِص / رَ وَأَنتَ شَيطانٌ رَجيمُ
فَاِبعَث إِلَيَّ بِنَفحَةٍ / بَرَداً بِها يَحدو الهَزيمُ
أَبعَث إِلَيكَ بِلَفحَةٍ / حَرّى بِها تَجري السَمومُ
أَمّا تَحِيَّتُنا إِلَي / كَ فَسَوفَ يَشرَحُها الرَقيمُ
مِن واجِدٍ مُنَقِّرِ المَنامِ
مِن واجِدٍ مُنَقِّرِ المَنامِ /
طَريدَ دَهرٍ جائِرِ الأَحكامِ /
مُشَتَّتِ الشَملِ عَلى الدَوامِ /
مُلازِمٍ لِلهَمِّ وَالسِقامِ /
إِلَيكُمُ يا نُزهَةَ الأَنامِ /
وَفِتيَةَ الإيناسِ وَالمُدامِ /
مَن أَقسَموا بِأَلزَمِ الأَقسامِ /
بِأَن يُقَضّوا دَولَةَ الظَلامِ /
ما بَينَ بِنتِ الحانِ وَالأَنغامِ /
وَمُطرِبٍ مِن خيرَةِ الأَقوامِ /
أَرَقَّ مِن شِعرِ أَبي تَمّامِ /
وَمَجلِسٍ في غَفلَةِ الأَيّامِ /
قَد مَلَّ فيهِ كاتِبُ الآثامِ /
تَحِيَّةٌ كَالوَردِ في الكِمامِ /
أَزهى مِنَ الصِحَّةِ في الأَجسامِ /
يَسوقُها شَوقٌ إِلَيكُم نامي /
تَقصُرُ عَنهُ هِمَّةُ الأَقلامِ /
يا لَيتَ شِعري بَعدَ هَذا العامِ /
إِلَيكُمُ تَرمي بِيَ المَرامي /
أَم يَنتَويني رائِدُ الحِمامِ /
فَأَنطَوي في هَذِهِ الآكامِ /
وَتولِمُ الضَبعُ عَلى عِظامي /
وَلائِماً لِلوَحشِ في الإِظلامِ /
فَإِن أَتى يَومي وَأَودى لامي /
وَباتَ زادَ الدودِ وَالرَغامِ /
بِاللَهِ أَدعوكُم وَبِالإِسلامِ /
أَن تَذكُروا ناظِمَ ذا الكَلامِ /
إِذا جَلَستُم مَجلِساً لِلجامِ /
وَكانَ ساقيكُم مِنَ الآرامِ /
في لَيلَةٍ وَالبَدرُ في تَمامِ /
إِنَّ عَضّيكَ يا أَخي بِالمَلامِ
إِنَّ عَضّيكَ يا أَخي بِالمَلامِ / لا يُؤَدّي لِمِثلِ هَذا الخِصامِ
أَنتَ وَالشَمسِ وَالضُحى وَاللَيالي ال / عَشرِ وَالفَجرِ غَيرُ راعي الذِمامِ
ما عَهِدناكَ يا كَريمَ السَجايا / تَصرِفُ النَفسَ عَن هَناتِ الكِرامِ
لَيسَ في كُتبِنا سُؤالُ نَوالٍ / مِنكَ حَتّى خَشيتَ رَدَّ السَلامِ
نَحنُ نَرضى بِالقوتِ مِن هَذِهِ الدُن / يا وَإِن باتَ دونَ قوتِ النَعامِ
وَإِذا خانَ قِسمُنا ما شَكَونا / لِسِوى اللَهِ أَعدَلِ القُسّامِ
كَيفَ تَنسى يا بابِلِيُّ غَريباً / باتَ بَينَ الظُنونِ وَالأَوهامِ
وَحَزيناً إِذا تَنَفَّسَ عادَت / فَحمَةُ اللَيلِ جَمرَةً مِن ضِرامِ
وَإِذا أَنَّ كادَ يَنصَدِعُ الأُف / قُ وَتَعتَلُّ دَورَةَ الأَجرامِ
باتَ تَحتَ البَلاءِ حَتّى تَمَنّى / لَو يَكونُ المَبيتُ تَحتَ الرَغامِ
تَمَثَّلي إِن شِئتِ في مَنظَرٍ
تَمَثَّلي إِن شِئتِ في مَنظَرٍ / يا جولِيا أُنكِرُ فيهِ الغَرام
أَو فَاِبعَثي قَلباً إِلى أَضلُعٍ / راحَ بِهِ الوَجدُ وَأَودى السَقام
أَذِنتُكِ تَرتابينَ في الشَمسِ وَالضُحى
أَذِنتُكِ تَرتابينَ في الشَمسِ وَالضُحى / وَفي النورِ وَالظَلماءِ وَالأَرضِ وَالسَما
وَلا تَسمَحي لِلشَكِّ يَخطِرُ خَطرَةً / بِنَفسِكِ يَوماً أَنَّني لَستُ مُغرَما
صَفحَةُ البَرقِ أَومَضَت في الغَمامِ
صَفحَةُ البَرقِ أَومَضَت في الغَمامِ / أَم شِهابٌ يَشُقُّ جَوفَ الظَلامِ
أَم سَليلُ البُخارِ طارَ إِلى القَص / دِ فَأَعيا سَوابِقَ الأَوهامِ
مَرَّ كَاللَمحِ لَم تَكَد تَقِفُ العَي / نُ عَلى ظِلِّ جِرمِهِ المُتَرامي
أَو كَشَرخِ الشَبابِ لَم يَدرِ كاسي / هِ تَوَلّى في يَقظَةٍ أَو مَنامِ
لا يُبالي السُرى إِذا اِعتَكَرَ اللَي / لُ وَخانَت مَواقِعُ الأَقدامِ
يَقطَعُ البيدَ وَالفَيافي وَحيداً / لَم تُضَعضِعهُ وَحشَةُ الإِظلامِ
لَيسَ يَثنيهِ ما يُذيبُ دِماغَ الضَب / بِ يَومَ الهَجيرِ بَينَ المَوامي
لا وَلا يَعتَريهِ ما يُخرِسُ النا / بِحَ في الزَمهَريرِ بَينَ الخِيامِ
هائِمٌ كَالظَليمِ أَزعَجَهُ الصَي / دُ وَراعَتهُ طائِشاتُ السِهامِ
فَهوَ يَشتَدُّ في النَجاءِ وَيَهوي / حَيثُ تُرمى بِجانِبَيهِ المَرامي
يا حَديداً يَنسابُ فَوقَ حَديدٍ / كَاِنسِيابِ الرَقطاءِ فَوقَ الرَغامِ
قَد مَسَحتَ البِلادَ شَرقاً وَغَرباً / بِذِراعَي مُشَمِّرٍ مِقدامِ
بَينَ جَنبَيكَ ما بِجَنبَيَّ لَكِن / ما بِجَنبَيَّ مُستَديمُ الضِرامِ
أَنتَ لا تَعرِفُ الغَرامَ وَإِن كُن / تَ تُرينا زَفيرَ أَهلِ الغَرامِ
أَنتَ لا تَعرِفُ الحَنينَ إِلى الإِل / فِ فَما هَذِهِ الدُموعُ الهَوامي
أَنتَ قاسي الفُؤادِ جَلدٌ عَلى الأَي / نِ شَديدُ القُوى شَديدُ العُرامِ
لا تُبالي أَرُعتَ بِالبَينِ أَحبا / باً وَأَسرَفتَ في أَذي المُستَهامِ
أَم جَمَعتَ الأَعداءَ فَوقَ صَعيدٍ / وَخَلَطتَ الأُسودَ بِالآرامِ
إِنَّني قَد شَهِدتُ فيكَ عَجيباً / ضاقَ عَن وَصفِهِ نِطاقُ الكَلامِ
جُزتَ يَوماً بِنا وَنَحنُ عَلى الجِس / رِ قِيامٌ وَاللَيلُ لَيلُ التَمامِ
وَإِذا راكِبٌ إِلى الجِسرِ يَهوي / بَينَ صَفَّينِ مِن مَماتٍ زُؤامِ
مَرَّ كَالسَهمِ بَينَ تِلكَ الحَنايا / قَد رَماهُ مِنَ المَقاديرِ رامي
فَتَرَدّى في الماءِ وَالماءُ غَمرٌ / يَتَّقيهِ القَضاءُ وَالنَهرُ طامي
وَإِذا سابِحٌ قَدِ اِنقَضَّ في الما / ءِ اِنقِضاضَ العُقابِ فَوقَ الحَمامِ
غاصَ في لُجَّةِ الحُتوفِ بِعَزمٍ / لَم يُعَوَّد مَواقِفَ الإِحجامِ
غابَ فيها وَعادَ يَحمِلُ جِسماً / سَلَّهُ مِن يَدِ الهَلاكِ اللِزامِ
كافَحَ المَوجَ صارَعَ الهَولَ أَبلى / كَبَلاءِ المُهَنَّدِ الصَمصامِ
وَاِنثَنى راجِعاً إِلى شاطِئِ النَه / رِ رُجوعَ الكَمِيِّ غِبَّ اِغتِنامِ
وَقَفَ الناسُ ذاهِلينَ وَصاحوا / تِلكَ إِحدى عَجائِبِ الأَيّامِ
أَنَجاةٌ مِنَ القِطارِ مِنَ الجِس / رِ مِنَ النَهرِ جَلَّ رَبُّ الأَنامِ
وَإِذا صَيحَةٌ عَلَت مِن فَتاةٍ / بَرَزَت مِن صُفوفِ ذاكَ الزِحامِ
وَقَفَت مَوقِفَ الخَطيبِ وَنادَت / تِلكَ عُقبى رِعايَةِ الأَيتامِ
بَسَطَت تَحتَهُ أَكُفّاً تَلَقَّت / هُ وَحاطَتهُ رَغمَ أَنفِ الحِمامِ
دَعوَةُ البائِسِ المُعَذَّبِ سورٌ / يَدفَعُ الشَرَّ عَن حِياضِ الكِرامِ
وَهيَ حَربٌ عَلى البَخيلِ وَذي البَغ / يِ وَسَيفٌ عَلى رِقابِ اللِئامِ
إِنَّ هَذا الكَريمَ قَد صانَ عِرضي / وَحَماني مِن عادِياتِ السَقامِ
عالَ طِفلي وَعالَني وَحَباني / بِكِساءٍ وَبِدرَةٍ وَطَعامِ
وَهوَ مِن مَعشَرٍ أَغاثوا ذَوي البُؤ / سِ وَقاموا في اللَهِ خَيرَ القِيامِ
وَأَقاموا لِلبِرِّ داراً فَكانَت / خَيرَ وِردٍ يَؤُمُّهُ كُلُّ ظامي
مُلِئَت رَحمَةً وَفاضَت حَناناً / فَهيَ لِلبائِساتِ دارُ السَلامِ
زُرتُها وَالشَقاءُ يَجري وَرائي / وَشُعاعُ الرَجاءِ يَسري أَمامي
لَم يَقولوا مَنِ الفَتاةُ وَلَكِن / سَأَلوني هُناكَ عَن آلامي
ثُمَّ أَهوَت إِلى الغَريقِ تُواسي / هِ بِأَحلى مِن مُنعِشاتِ المُدامِ
قَبَّلَت راحَتَيهِ شُكراً وَصاحَت / قَد نَجا صاحِبُ الأَيادي العِظامِ
قَد نَجا المُنعِمُ الجَوادُ مِنَ المَو / تِ بِفَضلِ الزَكاةِ وَالإِنعامِ
فَأَطَفنا بِها وَقَد مَلَأَ الأَن / فُسَ مِنّا جَلالُ ذاكَ المَقامِ
وَشَهِدنا ثَغرَ الوَفاءِ تَجَلّى / إِذ تَجَلّى في ثَغرِها البَسّامِ
وَرَأَينا شَخصَ المُروءَةِ وَالبِر / رِ تَبَدّى في شَخصِ ذاكَ الهُمامِ
وَعَلِمنا أَنَّ الزَكاةَ سَبيلُ اللَ / هِ قَبلَ الصَلاةِ قَبلَ الصِيامِ
خَصَّها اللَهُ في الكِتابِ بِذِكرٍ / فَهيَ رُكنُ الأَركانِ في الإِسلامِ
بَدَأَت مَبدَأَ اليَقينِ وَظَلَّت / لِحَياةِ الشُعوبِ خَيرَ قِوامِ
لَو وَفى بِالزَكاةِ مَن جَمَعَ الدُن / يا وَأَهوى عَلى اِقتِناءِ الحُطامِ
ما شَكا الجوعَ مُعدَمٌ أَو تَصَدّى / لِرُكوبِ الشُرورِ وَالآثامِ
راكِباً رَأسَهُ طَريداً شَريداً / لا يُبالي بِشِرعَةٍ أَو ذِمامِ
سائِلاً عَن وَصِيَّةَ اللَهِ فيهِ / آخِذاً قوتَهُ بِحَدِّ الحُسامِ
لَم أَقِف مَوقِفي لِأُنشِدَ شِعراً / صُبَّ في قالَبٍ بَديعِ النِظامِ
إِنَّما قُمتُ فيهِ وَالنَفسُ نَشوى / مِن كُؤوسِ الهُمومِ وَالقَلبُ دامي
ذُقتُ طَعمَ الأَسى وَكابَدتُ عَيشاً / دونَ شُربي قَذاهُ شُربُ الحِمامِ
فَتَقَلَّبتُ في الشَقاءِ زَماناً / وَتَنَقَّلتُ في الخُطوبِ الجِسامِ
وَمَشى الهَمُّ ثاقِباً في فُؤادي / وَمَشى الحُزنُ ناخِراً في عِظامي
فَلِهَذا وَقَفتُ أَستَعطِفُ النا / سَ عَلى البائِسينَ في كُلِّ عامِ
كَم تَحتَ أَذيالِ الظَلامِ مُتَيَّمُ
كَم تَحتَ أَذيالِ الظَلامِ مُتَيَّمُ / دامي الفُؤادِ وَلَيلُهُ لا يَعلَمُ
ما أَنتَ في دُنياكَ أَوَّلُ عاشِقٍ / راميهِ لا يَحنو وَلا يَتَرَحَّمُ
أَهرَمتَني يا لَيلُ في شَرخِ الصِبا / كَم فيكَ ساعاتٍ تُشيبُ وَتُهرِمُ
لا أَنتَ تَقصُرُ لي وَلا أَنا مُقصِرٌ / أَتعَبتَني وَتَعِبتَ هَل مَن يَحكُمُ
لِلَّهِ مَوقِفُنا وَقَد ناجَيتُها / بِعَظيمِ ما يُخفى الفُؤادُ وَيَكتُمُ
قالَت مَنِ الشاكي تُسائِلُ سِربَها / عَنّي وَمَن هَذا الَّذي يَتَظَلَّمُ
فَأَجَبنَها وَعَجِبنَ كَيفَ تَجاهَلَت / هُوَ ذَلِكَ المُتَوَجِّعُ المُتَأَلِّمُ
أَنا مَن عَرَفتِ وَمَن جَهِلتِ وَمَن لَهُ / لَولا عُيونُكِ حُجَّةٌ لا تُفحَمُ
أَسلَمتُ نَفسي لِلهَوى وَأَظُنُّها / مِمّا يُجَشِّمُها الهَوى لا تَسلَمُ
وَأَتَيتُ يَحدو بي الرَجاءُ وَمَن أَتى / مُتَحَرِّماً بِفِنائِكُم لا يُحرَمُ
أَشكو لِذاتِ الخالِ ما صَنَعَت بِنا / تِلكَ العُيونُ وَما جَناهُ المِعصَمُ
لا السَهمُ يَرفُقُ بِالجَريحِ وَلا الهَوى / يُبقي عَلَيهِ وَلا الصَبابَةُ تَرحَمُ
لَو تَنظُرينَ إِلَيهِ في جَوفِ الدُجى / مُتَمَلمِلاً مِن هَولِ ما يَتَجَشَّمُ
يَمشي إِلى كَنَفِ الفِراشِ مُحاذِراً / وَجِلاً يُؤَخِّرُ رِجلَهُ وَيُقَدِّمُ
يَرمي الفِراشَ بِناظِرَيهِ وَيَنثَني / جَزِعاً وَيُقدِمُ بَعدَ ذاكَ وَيُحجِمُ
فَكَأَنَّهُ وَاليَأسُ يُنشِفُ نَفسَهُ / لِلقَتلِ فَوقَ فِراشِهِ يَتَقَدَّمُ
رُشِقَت بِهِ في كُلِّ جَنبٍ مُديَةٌ / وَاِنسابَ فيهِ بِكُلِّ رُكنٍ أَرقَمُ
فَكَأَنَّهُ في هَولِهِ وَسَعيرِهِ / وادٍ قَدِ اِطَّلَعَت عَلَيهِ جَهَنَّمُ
هَذا وَحَقِّكَ بَعضُ ما كابَدتُهُ / مِن ناظِرَيكَ وَما كَتَمتُكَ أَعظَمُ
قالوا أَهَذا أَنتَ وَيحَكَ فَاِتَّئِد / حَتّامَ تُنجِدُ في الغَرامِ وَتُتهِمُ
كَم نَفثَةٍ لَكَ تَستَثيرُ بِها الهَوى / هاروتُ في أَثنائِها يَتَكَلَّمُ
إِنّا سَمِعنا عَنكَ ما قَد رابَنا / وَأَطالَ فيكَ وَفي هَواكَ اللُوَّمُ
فَاِذهَب بِسِحرِكَ قَد عَرَفتُكَ وَاِقتَصِد / فيما تُزَيِّنُ لِلحِسانِ وَتوهِمُ
أَصغَت إِلى قَولِ الوُشاةِ فَأَسرَفَت / في هَجرِها وَجَنَت عَلَيَّ وَأَجرَموا
حَتّى إِذا يَئِسَ الطَبيبُ وَجاءَها / أَنّي تَلِفتُ تَنَدَّمَت وَتَنَدَّموا
وَأَتَت تَعودُ مَريضَها لا بَل أَتَت / مِنّي تُشَيِّعُ راحِلاً لَو تَعلَمُ
أَقسَمتُ بِالعَبّاسِ إِنّي صادِقٌ / فَمُريهِمُ بِجَلالِهِ أَن يُقسِموا
مَلِكٌ عَدَوتُ عَلى الزَمانِ بِحَولِهِ / وَغَدَوتُ في آلائِهِ أَتَنَعَّمُ
النَجمُ مِن حُرّاسِهِ وَالدَهرُ مِن / خُدّامِهِ وَهوَ العَزيزُ المُنعِمُ
هَلَّلتُ حينَ رَأَيتُ رَكبَكَ سالِماً / وَرَأَيتُ عَبّاساً بِهِ يَتَبَسَّمُ
وَحَمِدتُ رَبّي حينَ حَلَّ عَرينَهُ / مُتَجَدِّدَ العَزَماتِ ذاكَ الضَيغَمُ
خَفَقَت قُلوبُ المُسلِمينَ وَأَشفَقَت / دارُ الخِلافَةِ وَالمَليكُ الأَعظَمُ
وَدَعا لَكَ البَيتُ الحَرامُ فَأَمَّنَت / بَطحاءُ مَكَّةَ وَالحَطيمُ وَزَمزَمُ
وَدَوى بِمِصرَ لَكَ الدُعاءُ فَنيلُها / وَسُهولُها وَفَصيحُها وَالأَعجَمُ
وَمَشى الصَغيرُ إِلى الكَبيرِ مُسائِلاً / يَتَسَقَّطُ الأَخبارَ أَو يَتَنَسَّمُ
حَتّى اِطمَأَنَّت بِالشِفاءِ نُفوسُهُم / وَطَلَعتَ بِالسَعدِ العَميمِ عَلَيهِمُ
مَولايَ أُمَّتُكَ الوَديعَةُ أَصبَحَت / وَعُرا المَوَدَّةِ بَينَها تَتَفَصَّمُ
نادى بِها القِبطِيُّ مِلءَ لَهاتِهِ / أَن لا سَلامَ وَضاقَ فيها المُسلِمُ
وَهمٌ أَغارَ عَلى النُهى وَأَضَلَّها / فَجَرى الغَبِيُّ وَأَقصَرَ المُتَعَلِّمُ
فَهِموا مِنَ الأَديانِ ما لا يَرتَضي / دينٌ وَلا يَرضى بِهِ مَن يَفهَمُ
ماذا دَها قِبطِيَّ مِصرَ فَصَدَّهُ / عَن وُدِّ مُسلِمِها وَماذا يَنقِمُ
وَعَلامَ يَخشى المُسلِمينَ وَكَيدَهُم / وَالمُسلِمونَ عَنِ المَكايِدِ نُوَّمُ
قَد ضَمَّنا أَلَمُ الحَياةِ وَكُلُّنا / يَشكو فَنَحنُ عَلى السَواءِ وَأَنتُمُ
إِنّي ضَمينُ المُسلِمينَ جَميعُهُم / أَن يُخلِصوا لَكُم إِذا أَخلَصتُمُ
رَبِّ الأَريكَةِ إِنَّنا في حاجَةٍ / لِجَميلِ رَأيِكَ وَالحَوادِثُ حُوَّمُ
فَأَفِض عَلَينا مِن سَمائِكَ حِكمَةً / تَأسو القُلوبَ فَإِنَّ رَأيَكَ أَحكَمُ
وَاِجمَع شَتاتَ العُنصُرَينِ بِعَزمَةٍ / تَأتي عَلى هَذا الخِلافِ وَتَحسِمُ
فَكِلاهُما لِعَزيزِ عَرشِكَ مُخلِصٌ / وَكِلاهُما بِرِضاكَ صَبٌّ مُغرَمُ
أَيُّها المُصلِحونَ ضاقَ بِنا العَي
أَيُّها المُصلِحونَ ضاقَ بِنا العَي / شُ وَلَم تُحسِنوا عَلَيهِ القِياما
عَزَّتِ السِلعَةُ الذَليلَةُ حَتّى / باتَ مَسحُ الحِذاءِ خَطباً جُساما
وَغَدا القوتُ في يَدِ الناسِ كَاليا / قوتِ حَتّى نَوى الفَقيرُ الصِياما
يَقطَعُ اليَومَ طاوِياً وَلَدَيهِ / دونَ ريحِ القُتارِ ريحُ الخُزامى
وَيَخالُ الرَغيفَ في البُعدِ بَدراً / وَيَظُنُّ اللُحومَ صَيداً حَراما
إِن أَصابَ الرَغيفَ مِن بَعدِ كَدٍّ / صاحَ مَن لي بِأَن أُصيبَ الإِداما
أَيُّها المُصلِحونَ أَصلَحتُمُ الأَر / ضَ وَبِتُّم عَنِ النُفوسِ نِياما
أَصلِحوا أَنفُساً أَضَرَّ بِها الفَق / رُ وَأَحيا بِمَوتِها الآثاما
لَيسَ في طَوقِها الرَحيلُ وَلا الجِد / دُ وَلا أَن تُواصِلَ الإِقداما
تُؤثِرُ المَوتَ في رُبا النيلِ جوعاً / وَتَرى العارَ أَن تَعافَ المَقاما
وَرِجالُ الشَآمِ في كُرَةِ الأَر / ضِ يُبارونَ في المَسيرِ الغَماما
رَكِبوا البَحرَ جاوَزوا القُطبَ فاتوا / مَوقِعَ النَيِّرَينِ خاضوا الظَلاما
يَمتَطونَ الخُطوبَ في طَلَبِ العَي / شِ وَيَبرونَ لِلنِضالِ السِهاما
وَبَنو مِصرَ في حِمى النيلِ صَرعى / يَرقُبونَ القَضاءَ عاماً فَعاما
أَيُّها النيلُ كَيفَ نُمسي عِطاشاً / في بِلادٍ رَوَّيتَ فيها الأَناما
يَرِدُ الواغِلُ الغَريبُ فَيَروى / وَبَنوكَ الكِرامُ تَشكو الأَواما
إِنَّ لينَ الطِباعِ أَورَثَنا الذُل / لَ وَأَغرى بِنا الجُناةَ الطِغاما
إِنَّ طيبَ المُناخِ جَرَّ عَلَينا / في سَبيلِ الحَياةِ ذاكَ الزِحاما
أَيُّها المُصلِحونَ رِفقاً بِقَومٍ / قَيَّدَ العَجزُ شَيخَهُم وَالغُلاما
وَأَغيثوا مِنَ الغَلاءِ نُفوساً / قَد تَمَنَّت مَعَ الغَلاءِ الحِماما
أَوشَكَت تَأكُلُ الهَبيدَ مِنَ الفَق / رِ وَكادَت تَذودُ عَنهُ النِعاما
فَأَعيدوا لَنا المُكوسَ فَإِنّا / قَد رَأَينا المُكوسَ أَرخى زِماما
ضاقَ في مِصرَ قِسمُنا فَاِعذُرونا / إِن حَسَدنا عَلى الجَلاءِ الشَآما
قَد شَقينا وَنَحنُ كَرَّمَنا اللَ / هُ بِعَصرٍ يُكَرِّمُ الأَنعاما
لَقَد كانَ فينا الظُلمُ فَوضى فَهُذِّبَت
لَقَد كانَ فينا الظُلمُ فَوضى فَهُذِّبَت / حَواشيهِ حَتّى باتَ ظُلماً مُنَظَّما
تَمُنُّ عَلَينا اليَومَ أَن أَخصَبَ الثَرى / وَأَن أَصبَحَ المِصرِيُّ حُرّاً مُنَعَّما
أَعِد عَهدَ إِسماعيلَ جَلداً وَسُخرَةً / فَإِنّي رَأَيتُ المَنَّ أَنكى وَآلَما
عَمِلتُم عَلى عِزِّ الجَمادِ وَذُلِّنا / فَأَغلَيتُمُ طيناً وَأَرخَصتُمُ دَما
إِذا أَخصَبَت أَرضٌ وَأَجدَبَ أَهلُها / فَلا أَطلَعَت نَبتاً وَلا جادَها السَما
نَهَشُّ إِلى الدينارِ حَتّى إِذا مَشى / بِهِ رَبُّهُ لِلسوقِ أَلفاهُ دِرهَما
فَلا تَحسَبوا في وَفرَةِ المالِ لَم تُفِد / مَتاعاً وَلَم تَعصِم مِنَ الفَقرِ مَغنَما
فَإِنَّ كَثيرَ المالِ وَالخَفضُ وارِفٌ / قَليلٌ إِذا حَلَّ الغَلاءُ وَخَيَّما
لَقَد نَصَلَ الدُجى فَمَتى تَنامُ
لَقَد نَصَلَ الدُجى فَمَتى تَنامُ / أَهَمٌّ ذادَ نَومَكَ أَم هُيامُ
غَفا المَحزونُ وَالشاكي وَأَغفى / أَخو البَلوى وَنامَ المُستَهامُ
وَأَنتَ تُقَلِّبُ الكَفَّينِ آناً / وَآوِنَةً يُقَلِّبُكَ السَقامُ
تَحَدَّرَتِ المَدامِعُ مِنكَ حَتّى / تَعَلَّمَ مِن مَحاجِرِكَ الغَمامُ
وَضَجَّت مِن تَقَلُّبِكَ الحَشايا / وَأَشفَقَ مِن تَلَهُّفِكَ الظَلامُ
تَبيتُ تُساجِلُ الأَفلاكَ سُهداً / وَعَينُ الكَونِ رَنَّقَها المَنامُ
وَتَكتُمُنا حَديثَ هَواكَ حَتّى / أَذاعَ الصَمتُ ما أَخفى الكَلامُ
بِرَبِّكَ هَل رَجَعتَ إِلى رَسيسٍ / مِنَ الذِكرى وَهَل رَجَعَ الغَرامُ
وَقَد لَمَعَ المَشيبُ وَذاكَ سَيفٌ / عَلى فَودَيكَ عَلَّقَهُ الحِمامُ
أَيَجمُلُ بِالأَديبِ أَديبِ مِصرٍ / بُكاءُ الطِفلِ أَرهَقَهُ الفِطامُ
وَيَصرِفُهُ الهَوى عَن ذِكرِ مِصرٍ / وَمِصرٌ في يَدِ الباغي تُضامُ
عَدِمتُ يَراعَتي إِن كانَ ما بي / هَوىً بَينَ الضُلوعِ لَهُ ضِرامُ
وَما أَنا وَالغَرامَ وَشابَ رَأسي / وَغالَ شَبابِيَ الخَطبُ الجُسامُ
وَرَبّاني الَّذي رَبّى لَبيداً / فَعَلَّمَني الَّذي جَهِلَ الأَنامُ
لَعَمرُكَ ما أَرِقتُ لِغَيرِ مِصرٍ / وَما لي دونَها أَمَلٌ يُرامُ
ذَكَرتُ جَلالَها أَيّامَ كانَت / تَصولُ بِها الفَراعِنَةُ العِظامُ
وَأَيّامَ الرِجالُ بِها رِجالٌ / وَأَيّامَ الزَمانُ لَها غُلامُ
فَأَقلَقَ مَضجَعي ما باتَ فيها / وَباتَت مِصرُ فيهِ فَهَل أُلامُ
أَرى شَعباً بِمَدرَجَةِ العَوادي / تَمَخَّخَ عَظمَهُ داءٌ عُقامُ
إِذا ما مَرَّ بِالبَأساءِ عامٌ / أَطَلَّ عَلَيهِ بِالبَأساءِ عامُ
سَرى داءُ التَواكُلِ فيهِ حَتّى / تَخَطَّفَ رِزقَهُ ذاكَ الزِحامُ
قَدِ اِستَعصى عَلى الحُكَماءِ مِنّا / كَما اِستَعصى عَلى الطِبِّ الجُذامُ
هَلاكُ الفَردِ مَنشَؤُهُ تَوانٍ / وَمَوتُ الشَعبِ مَنشَؤُهُ اِنقِسامُ
وَإِنّا قَد وَنينا وَاِنقَسَمنا / فَلا سَعيٌ هُناكَ وَلا وِئامُ
فَساءَ مُقامُنا في أَرضِ مِصرٍ / وَطابَ لِغَيرِنا فيها المَقامُ
فَلا عَجَبٌ إِذا مُلِكَت عَلَينا / مَذاهِبُنا وَأَكثَرُنا نِيامُ
حُسَينُ حُسَينُ أَنتَ لَها فَنَبِّه / رِجالاً عَن طِلابِ الحَقِّ ناموا
وَكُن بِأَبيكَ لِاِبنِ أَخيكَ عَوناً / فَأَنتَ بِكَفِّهِ نِعمَ الحُسامُ
أَفِض في قاعَةِ الشورى وِئاماً / فَقَد أَودى بِنا وَبِها الخِصامُ
وَعَلِّمهُم مُصادَمَةَ العَوادي / فَمِثلُكَ لا يُرَوِّعُهُ الصِدامُ
فَفي حِزبِ اليَمينِ لَدَيكَ قَومٌ / وَإِن قَلّوا فَإِنَّهُمُ كِرامُ
وَفي حِزبِ الشِمالِ لَدَيكَ أُسدٌ / كُماةٌ لا يَطيبُ لَها اِنهِزامُ
فَكونوا لِلبِلادِ وَلا يَفُتكُم / مِنَ النُهُزاتِ وَالفُرَصِ اِغتِنامُ
فَما سادوا بِمُعجِزَةٍ عَلَينا / وَلَكِن في صُفوفِهِمُ اِنضِمامُ
فَلا تَثِقوا بِوَعدِ القَومِ يَوماً / فَإِنَّ سَحابَ ساسَتِهِم جَهامُ
وَخافوهُم إِذا لانوا فَإِنّي / أَرى السُوّاسَ لَيسَ لَهُم ذِمامُ
فَكَم ضَحِكَ العَميدُ عَلى لِحانا / وَغَرَّ سَراتَنا مِنهُ اِبتِسامُ
أَبا الفَلّاحِ إِنَّ الأَمرَ فَوضى / وَجَهلُ الشَعبِ وَالفَوضى لِزامُ
فَأَسعِدنا بِنَشرِ العِلمِ وَاِعلَم / بِأَنَّ النَقصَ يَعقُبُهُ التَمامُ
وَلَيسَ العِلمُ يُمسِكُنا وَحيداً / إِذا لَم يَنصُرِ العِلمَ اِعتِزامُ
وَإِن لَم يُدرِكِ الدُستورُ مِصراً / فَما لِحَياتِها أَبَداً قِوامُ
حَمَونا وِردَ ماءِ النيلِ عَذباً / وَقالوا إِنَّهُ مَوتٌ زُؤامُ
وَما المَوتُ الزُؤامُ إِذا عَقَلنا / سِوى الشَرِكاتِ حَلَّ لَها الحَرامُ
لَقَد سَعِدَت بِغَفلَتِنا فَراحَت / بِثَروَتِنا وَأَوَّلُها التِرامُ
فَيا وَيلَ القَناةِ إِذا اِحتَواها / بَنو التاميزِ وَاِنحَسَرَ اللِثامُ
لَقَد بَقِيَت مِنَ الدُنيا حُطاماً / بِأَيدينا وَقَد عَزَّ الحُطامُ
وَقَد كُنّا جَعَلناها زِماماً / فَوا لَهفي إِذا قُطِعَ الزِمامُ
فَيا قَصرَ الدُبارَةِ لَستُ أَدري / أَحَربٌ في جِرابِكَ أَم سَلامُ
أَجِبنا هَل يُرادُ بِنا وَراءٌ / فَنَقضي أَم يُرادُ بِنا أَمامُ
وَيا حِزبَ اليَمينِ إِلَيكَ عَنّا / لَقَد طاشَت نِبالُكَ وَالسِهامُ
وَيا حِزبَ الشِمالِ عَلَيكَ مِنّا / وَمِن أَبناءِ نَجدَتِكَ السَلامُ
بِالَّذي أَجراكِ يا ريحَ الخُزامى
بِالَّذي أَجراكِ يا ريحَ الخُزامى / بَلِّغي البُسفورَ عَن مِصرَ السَلاما
وَاِقطِفي مِن كُلِّ رَوضٍ زَهرَةً / وَاِجعَليها لِتَحايانا كِماما
وَاِنشُري رَيّاكِ في ذاكَ الحِمى / وَاِلثِمي الأَرضَ إِذا جِئتِ الإِماما
مَلِكٌ لِلشَرقِ في أَيّامِهِ / هِمَّةُ الغَربِ نُهوضاً وَاِعتِزاما
أَيُّها القائِمُ بِالأَمرِ لَقَد / قُمتَ في الناسِ فَأَحسَنتَ القِياما
جَرِّدِ الرَأيَ فَكَم رَأيٍ إِذا / سُلَّ مِن غِمدِ النُهى فَلَّ الحُساما
وَاِبعَثِ الأُسطولَ تَرمي دونَهُ / قُوَّةُ اللَهِ وَراءً وَأَماما
يَكلَأُ الشَرقَ وَيَرعى بُقعَةً / رَفَعَ اللَهُ بِها البَيتَ الحَراما
وَثُغوراً هِيَ أَبهى مَنظَراً / مِن ثُغورِ الغيدِ يُبدينَ اِبتِساما
خَصَّها اللَهُ بِأُفقٍ مُشرِقٍ / ضَمَّ في اللَألاءِ مِصراً وَالشَآما
حَيِّ يا مَشرِقُ أُسطولَ الأُلى / ضَرَبوا الدَهرَ بِسَوطٍ فَاِستَقاما
مَلَكوا البَرَّ فَلَمّا لَم يَسَع / مَجدَهُم نالوا مِنَ البَحرِ المَراما
بِجَوارٍ مُنشَآتٍ كَالدُمى / أَينَما سارَت صَبا البَحرُ وَهاما
كُلَّما أَوفَت عَلى أَمواجِهِ / سَجَدَ المَوجُ خُشوعاً وَاِحتِشاما
كانَ بِالبَحرِ إِلَيها ظَمَأٌ / وَعَجيبٌ يَشتَكي البَحرُ الأُواما
فَهيَ في السِلمِ جَوارٍ تُجتَلى / تَبهَرُ العَينَ رُواءً وَنِظاما
وَهيَ في الحَربِ قَضاءٌ سابِحٌ / يَدَعُ الحِصنَ تِلالاً وَرِجاما
ما نُجومُ الرَجمِ مِن أَبراجِها / إِثرَ عِفريتٍ مِنَ الجِنِّ تَرامى
مِن مَراميها بِأَنكى مَوقِعاً / لا وَلا أَقوى مِراساً وَعُراما
وَهيَ بُركانٌ إِذا ما هاجَها / هائِجُ الشَرِّ عِداءً وَخِصاما
جَبَلَ النارِ لَقَد رُعتَ الوَرى / أَنتَ في حالَيكَ لا تَرعى ذِماما
أَنتَ في البَرِّ بَلاءٌ فَإِذا / رَكِبَ البَحرَ غَدا مَوتاً زُؤاما
فَاِتَّقوا الطَودَ مَكيناً راسِياً / وَاِتَّقوا الطَودَ إِذا ما الطَودُ عاما
حَمَلَت حَرباً فَكانَت حِقبَةً / نُذُراً لِلمَوتِ تَجتاحُ الأَناما
خافَها العالَمُ حَتّى أَصبَحَت / رُسُلاً تَحمِلُ أَمناً وَسَلاما
بُعِثَ المَشرِقُ مِن مَرقَدِهِ / بَعدَ حينٍ جَلَّ مَن يُحيي العِظاما
أَيُّها الشَرقِيُّ شَمِّر لا تَنَم / وَاِنفُضِ العَجزَ فَإِنَّ الجِدَّ قاما
وَاِمتَطِ العَزمَ جَواداً لِلعُلا / وَاِجعَلِ الحِكمَةَ لِلعَزمِ زِماما
وَإِذا حاوَلتَ في الأُفقِ مُنىً / فَاِركَبِ البَرقَ وَلا تَرضَ الغَماما
لا تَضِق ذَرعاً بِما قالَ العِدا / رُبَّ ذي لُبٍّ عَنِ الحَقِّ تَعامى
سابِقِ الغَربِيَّ وَاِسبِق وَاِعتَصِم / بِالمُروءاتِ وَبِالبَأسِ اِعتِصاما
جانِبِ الأَطماعَ وَاِنهَج نَهجَهُ / وَاِجعَلِ الرَحمَةَ وَالتَقوى لِزاما
طَلَبوا مِن عِلمِهِم أَن يُعجِزوا / قادِرَ المَوتِ وَأَن يَثنوا الحِماما
وَأَرادوا مِنهُ أَن يَرفَعَهُم / فَوقَ هامِ الشُهبِ في الغَيبِ مَقاما
قُتِلَ الإِنسانُ ما أَكفَرَهُ / طاوَلَ الخالِقَ في الكَونِ وَسامى
أَحرَجَ الغَيبَ إِلى أَن بَزَّهُ / سِرَّهُ بَزّاً وَلَم يَخشَ اِنتِقاما
قُوَّةَ الرَحمَنِ زيدينا قُوىً / وَأَفيضي في بَني الشَرقِ الوِئاما
أَفرِغي مِن كُلِّ صَدرٍ حِقدَهُ / إِملَإِ التاريخَ وَالدُنيا كَلاما
أَسأَلُ اللَهَ الَّذي أَلهَمَنا / خِدمَةَ الأَوطانِ شَيخاً وَغُلاما
أَن أَرى في البَحرِ وَالبَرِّ لَنا / في الوَغى أَندادَ طوجو وَأُياما