المجموع : 14
لِطَيبَةَ ميثاقٌ عَلَيَّ قَديمُ
لِطَيبَةَ ميثاقٌ عَلَيَّ قَديمُ / إِذا ذُكِرَت يَوماً لَدَيَّ أَهيمُ
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّ فيها مُحَمَّداً / رَسولَ الهُدى روحَ الوُجودِ مُقيمُ
هُوَ الشَمسُ إِلّا أَنَّ في الكَونِ نُورهُ / يَدومُ وَنورُ الشَمسِ لَيسَ يَدومُ
هُوَ البَحر عَمَّ الكائِناتِ بِفَضلِهِ / بِساحِلِهِ كُلُّ الكِرامِ تَعومُ
هُوَ الدَهرُ عَمَّ الخَلقَ شامِلُ حُكمِهِ / وَما عَهدُهُ في النائِباتِ ذَميمُ
هُوَ العَبدُ عَبدُ اللَهِ سَيِّدُ خَلقِهِ / لَهُ الكَونُ عَبدٌ وَالزَمانُ خَدومُ
نَبِيّ الهُدى يا أَعظَمَ الناسِ نائِلاً / وَمَن جودُهُ في العالَمينَ عَميمُ
وَمَن هُوَ في الدارَينِ خَيرُ وَسيلَةٍ / شَفيعٌ لَدى الرَبِّ الكَريمِ كَريمُ
تَدارك أَغثني في أُموري فَإِنَّني / عَرَتني هُمومٌ مَسُّهُنَّ أَليمُ
وَما ذِكرُ تَفصيلاتها لَكَ لازِمٌ / فَأَنتَ بِأَسرار الغُيوبِ عَليمُ
لِطيبةَ مِيثاقٌ عليَّ قديمُ
لِطيبةَ مِيثاقٌ عليَّ قديمُ / إِذا ذُكرت يوماً لديّ أهيمُ
وَما ذاكَ إلّا أنّ فيها محمّداً / رسولَ الهُدى روحَ الوجود مقيمُ
هوَ الشمسُ إلّا أنّ في الكونِ نورهُ / يدومُ وَنورُ الشمس ليس يدومُ
هوَ البحرُ عمّ الكائناتِ بفضلهِ / بِساحلهِ كلّ الكرامِ تعومُ
هوَ الدهرُ عمّ الخلقَ شاملُ حكمهِ / وما عهدهُ في النائبات ذميمُ
هوَ العبدُ عبدُ اللَّه سيّد خلقهِ / لهُ الكونُ عبدٌ والزمان خدومُ
نبيّ الهدى يا أعظمَ الناس نائلاً / وَمَن جودهُ في العالمين عميمُ
وَمَن هو في الدارَين خيرُ وسيلةٍ / شَفيعٌ لدى الربِّ الكريم كريمُ
تَدارَك أَغثني في أموري فإنّني / عَرَتني همومٌ مسُّهنَّ أليمُ
وَما ذكرَ تَفصيلاتها لكَ لازمٌ / فأنتَ بأسرارِ الغيوبِ عليمُ
كتابٌ تسمّى حجّة اللَّه من وعى
كتابٌ تسمّى حجّة اللَّه من وعى / مُسمّاه فَهماً يُلفهِ طابَقَ الإسما
أَتى جامِعاً مِن معجزاتِ محمّدٍ / نبيّ الهُدى خيرِ الورى عدداً جمّا
نُجومٌ بأفقِ الدين كم ذا اِهتدى بها / بَصيرٌ وكَم أودى ولم يرَها أعمى
وَمُعجزةُ القُرآن كالشمسِ أَشرقت / وَدامَت وَسارت عمّتِ العربَ والعجما
هوَ الحجّةُ الكبرى على كلّ جاحدٍ / نبوّة خيرِ الخلقِ والآية العظمى
وَربَّ اِمرئٍ من نوره متضرّرٍ / يَرى الشركَ والخفّاشُ تعجبه الظلما
وَواللَّه لولا اللَّهُ قاضٍ على الورى / قَضاءً بعدلٍ وافقَ القدر الحتما
لما اِختارَ ذو عقلٍ سوى دين أحمدٍ / وَلكن قضاءُ اللَّه في خلقه تمّا
عليكَ بِهذا السفرِ إن كنت شيّقاً
عليكَ بِهذا السفرِ إن كنت شيّقاً / لِخيرِ الوَرى لازمه أيّ لزامِ
فإنّك إِن لازمتهُ بمحبّةٍ / تَرى المُصطفى في يقظةٍ ومنامِ
الحمدُ للَّه الغنيّ الأحدِ
الحمدُ للَّه الغنيّ الأحدِ / الواحدِ الفردِ العليّ الصمدِ
السيّدِ المطلقِ خير سيّدِ / مولي أَسامي عبدهِ محمّدِ
خيرِ الورى ذاتاً ووصفاً وسُما /
صلّى عليهِ ربّنا وشرّفا / والآلِ والصحبِ وكلّ الحُنفا
وَبعدُ فاِسمع يا محبَّ المُصطفى / نظمَ أساميهِ تجد فيها الشفا
نظمتُ مِنها فيه ما قد عُلِما /
أَبلغتُها الثماني المِئينا / بالنظمِ والنيّفَ والعشرينا
نَظَمتُها عقداً له ثَمينا / زيّنَ صدرَ عصرِنا تَزيينا
بِحُسنهِ فاقَ اللآلي قيما /
سمّيتُها بأحسنِ الوسائلِ / في نظمِ أسماءِ النبيّ الكاملِ
أَبغي رِضا اللَّه لهذا القائلِ / وكلِّ قارئٍ لها وقابلِ
ممّن غَدا لهُ محبّاً مُسلما /
وكلُّها أوصافُ مدحٍ بَهرت / وَبعضُها مع شبهها تكرّرَت
أَكثرُها معرّفاتٍ ذُكرت / وَجُلّ ما عندَ الجزولي نُكرت
لِكَونِها وَصفاً له لا علما /
مِنها منَ الحُسنى حباهُ اللَّه / فوقَ ثَمانينَ بها حلّاهُ
علامة منهُ على رضاهُ / وَأنّه نائبهُ ولّاهُ
على البَرايا حاكِماً مُحكّما /
وَكلُّ شَطرٍ جاءَ مُستقلّا / لا بعدهُ يحتاجهُ لا قبلا
تناسبُ الأسماءِ عمّ الكلّا / وَالفهمُ بالتركيبِ صارَ سَهلا
وَاِئتلفَت أسماءُ خيرِ من سما /
لَم أتصرّف بِسوى القليلِ / مِن نحوِ وصفٍ جاء بالتطويلِ
أَو عدّةٍ شبيهة التفصيلِ / أَجمَلتُها فيه بلا تبديلِ
فهيَ صفاتهُ على ما رُسما /
ما كانَ مِنها موهماً للسامعِ / مَعنىً سوى المعنى الصحيح الناصعِ
كالناصبِ المجادل المصارعِ / قَرنتهُ باِسمٍ ووصفٍ ساطعِ
في مدحهِ أوضحَ ما قَد أوهما /
محمّدٌ في كلّ دورٍ أوّلُ / لأنّه القطب عليه العملُ
دلالةُ الذاتِ لديه أكملُ / وَغيرهُ وصفٌ له مجمّلُ
فَحملهُ عليهِ كانَ أقوَما /
عَلى حروفٍ لِلقوافي تُسطرُ / الرفعُ فالنصب فخفضٌ يذكرُ
آخرُها ساكنُها والأكثرُ / رويّه مقدّمٌ فالأكثرُ
والفضلُ واحدٌ بهِ قد عظُما /
وهيَ أسامٍ كلّها رفيعه / ضمّنتُها أرجوزةً بديعه
كانَت لَعمري صعبةً مَنيعه / فَرُضتها حتّى أتت مطيعه
أَحكمتُ مدحهُ بها فاِستَحكما /
نَظمتُها في مدحهِ المسمّى / بلا تكلّفٍ يشينُ النظما
ليسَت كنظمِ العلَماء الأسما / ليَضبطوها وَيُفيدوا العلما
محبّه يعشقُها إِن فَهِما /
جاءَت قَوافيها صنوفاً بَهِجه / أَربعةً أربعةً مُزدوجَه
وهيَ الّتي فيها الأسامي مُدمَجه / وَخامِساً جعلتُ ميماً منهجَه
كَيما يصلّي سامعٌ مسلّما /
قُلها تَفُز بأنجحِ الوسائلِ / تَنل رِضا اللَه بخيرٍ شاملِ
واِصعد بِها لذروة الفضائلِ / تَشهد علا هذا النبيِّ الكاملِ
فَقَد حَكت إِلى علاه سلّما /
نَظمتُها في سبعةٍ أيّامِ / هذّبتها في نحو نصف عامِ
حتّى غَدت في غاية الإحكامِ / نعمَ المسمّى نعمت الأسامي
عَليه مولاهُ بها قد أنعما /
أكرِم بِها منظومةً رشيقَه / بليغةً فصيحةً رقيقَه
أهديتُها لسيّد الخليقَه / مَن بحرهُ وهيَ به خليقَه
فدُرُّه عادَ له مُنتظما /
قلّبتها لمّا تبدّت جوهَرا / مُناسباً مكبّراً مصغّرا
وَلَم أَزل مقدّماً مؤخّرا / حتّى غَدا في سلكهِ محرّرا
وَصارَ عِقداً لعلاهُ مُحكما /
فَهاكَها عِقداً فريداً زاهياً / بزينةِ الدينِ القويمِ وافيا
وَكافلاً لكَ الغنى وكافيا / كُن واعِياً له وكن لي داعيا
وَاِشرَع وقُل بمدحهِ معظّما /
محمّدٌ أحمدُ طه الملجأُ / السيّدُ المقدّس المبرّأُ
وهوَ المضيءُ والضياء المقرئُ / النورُ نور اللَّه ليس يطفأُ
مِن نورِ مولاهُ بدا مجسّما /
محمّد العاقبُ والمعقّبُ / الغالبُ الراغبُ والمرغّبُ
الشهمُ ذو المدينةِ المشذّبُ / وَصاحبُ المدينةِ المنتخبُ
قَد فاخَرت به السماكَ والسما /
محمّدُ النجيبُ والمنتجبُ / ذو طيبةَ المقتصدُ المهذّبُ
وَهو أبو الطيّب وهو الطيّبُ / وَأطيبُ الناسِ الصفيّ الأطيبُ
عَلى البَرايا طيبهُ تنسّما /
محمّدُ المجابُ والمجيبُ / المستجيبُ المخبتُ الرقيبُ
المُصطفى والصفوة الحبيبُ / القانتُ الأوّاه والمنيبُ
ما اِنفكّ للرحمنِ عبداً قيّما /
محمّدُ النقيُّ والنقيبُ / المضريُّ المنتقى اللبيبُ
القرشيُّ المرتضى النسيبُ / الهاشميُّ المُجتبى الحسيبُ
أَشرفُ كلّ العالمين مُنتمى /
محمّدُ المهيبُ والمهابُ / شمسٌ وبدرٌ قمرٌ شهابُ
النجمُ نجمٌ ثاقبٌ رهّابُ / فَجرٌ منيرٌ كوكبٌ وهّابُ
وَنورهُ أزالَ عنّا الظُلَما /
محمّدُ المكّيُّ عزّ العربِ / الحرميُّ الزمزميُّ اليثربي
وَهو الحجازيُّ التهاميُّ النبي / الأبطحيُّ المدنيُّ العربي
لِخير جنسٍ ومكانٍ اِنتمى /
محمّدٌ بالفضل سابق العرب / وَأنفسُ العُربِ ورافع الرتَب
خُصّ بعزٍّ شرفٍ مجدٍ وجب / عن كلِّ خلق اللَّه كاشف الكرَب
مفرِّجٌ للهمّ مَهما عَظما /
محمّد الدليلُ لِلخيراتِ / وَهوَ العفوُّ مصحّح الحسناتِ
وَهوَ الصفوحُ لنا عن الزلّات / الآخرُ الآخذُ بالحجزاتِ
لكلّ مُسلمٍ غدا مسلِّما /
محمّدُ السابقُ بالخيراتِ / ذو المعجزاتِ صاحب الآياتِ
وَصاحبُ العلوّ في الدرجاتِ / قاري القِرى وآخذُ الصدقاتِ
لِلبذلِ أكلُها عليه حرُما /
محمّدُ هو المقيلُ العثَرات / وَصاحبٌ لِلدرجاتِ العاليات
وَلِلعلاماتِ الحسانِ الباهرات / وَصاحب الأزواجِ هنّ الطاهرات
لِلمُصطفى أكرم بهنّ حَرما /
محمّدُ الباهي البهيّ الأدعجُ / الأزهرُ الأشنبُ والمفلّجُ
السابطُ الرجلُ الأزجُّ الأبلجُ / أَبيضُ قد زانَ سناه البلجُ
بذاتهِ الحسنُ بدا متمّما /
محمَّدٌ هوَ الرسولُ الراجي / المُرتَجي وصاحبُ المعراجِ
وَهوَ زعيمُ الأنبيا ذو التاجِ / سمّيَ بِالإكليل والسراجِ
إِذ فوقَ كلِّ الخلقِ قَد تسنّما /
محمّد المصافحُ الصفوحُ / ذو الحرمةِ الأرجحُ والرجيحُ
الصالحُ الناصح والنصيحُ / الواعظُ الموعظة الفصيحُ
وَأبلغُ الناس إِذا تكلّما /
محمّدُ الصاحبُ والصبيحُ / نعمَ الخليلُ المانحُ الممنوحُ
الروحُ روحُ القدسِ المسيحُ / القائلُ المبينُ والمبيحُ
أَبانَ مِن شرعِ الهُدى ما كُتِما /
محمّدُ المفلحُ والفلاحُ / وَذو الفتوحِ الفاتحُ الفتّاحُ
فَواتحُ النورِ هو المفتاحُ / وَهوَ السناءُ والسنا المصباحُ
وَنورهُ طبّقَ أَرضاً وَسما /
محمّدُ المُنتصرُ الصنديدُ / الناصرُ المنصورُ والرشيدُ
العاضدُ الشديدُ والسديدُ / الشاهدُ الشهيرُ والشهيدُ
شاهدَهُ الخلقُ سوى أهلِ العَمى /
محمّدُ المسعودُ والسعيدُ / عبدُ الحميدِ الحامد الحميدُ
عبدُ المجيدِ الماجد المجيدُ / الأمجدُ المتهجّدُ الهجودُ
لربّهِ إن جنحُ ليلٍ أظلَما /
محمّدٌ هوَ الأغرّ القائدُ / للخيرِ والغرّ الكرامِ قائدُ
خازنُ مالِ اللَّه نعم الواجدُ / نعَم وُمستغنٍ غنيٌّ زاهدُ
لنفسهِ لَم يُبقِ يوماً دِرهما /
محمّدُ المُسبّحُ الحمّادُ / حمدٌ أحيد أحدٌ أحادُ
العدّةُ العُمدةُ والعمادُ / الهمّةُ الهمامُ والجوادُ
أَعظمُ كلّ العالمينَ هِمَما /
محمّدُ المؤيِّدُ المؤيّدُ / السندُ الأسد والمسدّدُ
وَهوَ الوحيدُ والنجيد المنجدُ / أبو الأراملِ الثمالِ الأجودُ
يا خجلَ السحابِ منهُ إِن همى /
محمّدُ الهادي الهُدى علمُ الهدى / مُهدٍ ومهدىً مهتدٍ كم ذا هدى
الكافّة الكافُ الّذي كفّ العدا / وَكافّةُ الناسِ له الكلّ فِدا
لأنَّ كلَّ خيرِهم منه نما /
محمّدٌ خيرُ اِمرئٍ مشهود / وصاحبٌ للمظهر المشهودِ
وَلِلمقامِ الأرفع المحمودِ / وَصاحبٌ لحوضهِ المورودِ
لا يعرفُ الشاربُ بعدهُ الظما /
محمّدٌ خير اِمرئٍ محمودِ / صاحبُ قولِ كلمة التوحيدِ
وَصاحبُ السجودِ للمعبودِ / وَصاحب الحجّة والتوحيدِ
ما خاطبَ الجاحدَ إلّا سلّما /
محمّد الصابرُ والصبورُ / الحاشرُ المظفّرُ الظفورُ
الناشرُ المهاجرُ البصيرُ / وهوَ السراجُ الأنور المنيرُ
أَعظمُ نورٍ قد أنارَ الأمما /
محمّدُ المبشّرُ البشيرُ / البشرُ المنذرُ والنذيرُ
الغيثُ والغياثُ والمجيرُ / عبدُ الغياثِ واِسمه أجيرُ
أَجارَنا مِن كلّ هولٍ دَهما /
محمّد المشيحُ والمشيرُ / المخبرُ المشاور الخبيرُ
الذاكرُ التذكرةُ المذكورُ / الساجدُ المُستغفرُ الغفورُ
مَع أنّه مِن كلّ ذنبٍ عُصما /
محمّدُ المتوسّطُ الموقّرُ / الواسطُ الأوسطُ والميسّرُ
الباطنُ الظاهرُ وهو المظهِرُ / الزاجرُ المحرِّضُ المذكّرُ
كأنّه منذرُ جيشٍ هَجما /
محمّدٌ لهُ اللوا والمحشرُ / شفاعةٌ مقامهُ والكوثرُ
صاحبُها اِختصّت به والمشعرُ / وَمنبرٌ ومغفرٌ ومئزرُ
وَكلُّ ما له اِنتَمى قَد عَظُما /
محمّدٌ ذو القوّة الجبّارُ / عبدُكَ يا قدّوس يا جبّارُ
يا ربِّ يا رزّاقُ يا قهّارُ / يا ربِّ يا وهّابُ يا غفّارُ
هَبنا لهُ واِغفِر لِمن قَد أَجرما /
محمّدُ الكنزُ المليءُ الذخرُ / وهوَ المثيبُ الخيّرُ المبرُّ
الخيرُ خيرُ الأنبياء الفخرُ / السودُ من أمّته والحمرُ
هَدى البَرايا عرباً وعَجَما /
محمّدٌ أرجحُ عقلاً أحرى / أَحيا منَ العذراء حلّت خِدرا
وَأكثرُ الناسِ تبيعاً برّا / لهُ شفاعاتٌ ومنها الكُبرى
بِجاههِ كلّ رسولٍ اِحتمى /
محمّدُ الذكرُ الرفيعُ الذكرِ / يس عينُ العزّ عين الغرِّ
وَأُذنُ الخيرِ إمام الخيرِ / وَصاحبٌ لفرَجٍ وخيرِ
وَغيثُ خيرهِ عَلينا اِنسَجما /
محمّدٌ خيرُ اِمرئٍ ذكّارِ / خيرُ شكورٍ شاكرٍ شكّارِ
خيرُ نبيٍّ صالحٍ مختارِ / وصاحبُ الرداءِ والإزارِ
علامةُ العربِ بها قد علّما /
محمّدٌ أحسنُ زاهٍ زاهر / زينٍ بهاءٍ باهرٍ ناضرِ
مطهِّرٍ مطهَّرٍ طاهرِ / وهوَ الطهورُ وأبو الطاهرِ
قد طهّرَ اللَّه بهِ مَن أَسلما /
محمَّدُ الناس وخيرُ الناسِ / وَأَحسنُ الناسِ إمام الناسِ
وَأشجعُ الناسِ وأَتقى الناسِ / وَأكرمُ الناسِ وأوفى الناسِ
أَكرمُهم في كلِّ وصفٍ كرما /
محمّدُ المُقسط روحُ القسطِ / وهوَ الرِضا الراضي بغير سخطِ
وَلِلعطايا صاحبٌ ومعطي / وَناطقٌ بالحقِّ ليسَ يُخطي
لأنّه وَحيٌ بحقٍّ أُلهِما /
محمّدٌ مبلِّغٌ وشارعُ / وَعاملٌ بشرعهِ وواضعُ
وَناصبٌ وخافضٌ ورافعُ / عَن دينهِ مجادلٌ مصارعُ
كَم مُشركٍ جدّلهُ وأَفحما /
محمّدُ البحرُ العظيمُ الواسعُ / البرُّ خيرُ العالمين الجامعُ
الزلِفُ الداني القريبُ الخاضعُ / في الدينِ والدنيا وجيهٌ بارعُ
قَد فاقَ أهلَ الأرضِ طرّاً والسما /
محمّدُ المُطاعُ والمطيعُ / الخالصُ المخلصُ والسميعُ
الضابطُ الحفيظُ والسريعُ / الحافظُ المحفوظُ والممنوعُ
بربّهِ مِن كلِّ سوءٍ عُصما /
محمّدُ الشريفُ والشفيعُ / الفردُ ذو السكينة المشفوعُ
الصيّنُ المصونُ لا يضيعُ / الغوثُ عبد القادر البديعُ
سُبحانَ مَن أبدعهُ وأكرما /
محمّدٌ هوَ التقيّ الورعُ / وهوَ المقفّي المقتفى المتّبعُ
المُستعيذُ الضارعُ المتضرّعُ / الفرطُ الشافعُ والمشفّعُ
فَجاههُ لِلخلقِ ما زالَ حِمى /
محمّدُ العفيفُ والرؤوفُ / ذو الخلُقِ العظيم والعطوفُ
العارفُ المطّلعُ المعروفُ / وَخيرُ هذي الأمّة الحنيفُ
خير البَرايا رسلاً وأمما /
محمّدُ الماءُ المَعين الشافي / عينُ النعيمِ والشفاءُ العافي
وَهو الحفيُّ والوفيُّ الوافي / وهوَ السميُّ المُكتفي والكافي
كَفى الورى خَيراً ووفّى كرما /
محمّدٌ هو الكفيلُ المَكفي / ناظرُ مَن وراءُه من خلفِ
الشثنُ ذو الجهادِ رحب الكفِّ / للمُعجزات صاحبٌ والسيفِ
كِلاهُما بصدقهِ قد حَكما /
محمّدُ الفارقُ والفاروقُ / النبأُ الصادق والمصدوقُ
وهوَ اللسانُ اللسنُ الصدوقُ / مصدِّقٌ مصدَّقٌ صدّيقُ
أَصدقُ خلقِ اللَّه فِعلاً وفَما /
محمّدٌ حَقٌّ وحقِّ الحقِّ / ودامغُ الباطل روح الحقِّ
وَأصدقُ الناس وعين الصدقِ / وقدمُ الصدقِ وخير الخلقِ
مِن كلِّ خلقِ اللَّه أعلى قَدَما /
محمّدُ السابقُ خير سابقِ / السائقُ الفائقُ عبد الخالقِ
الندبُ سعدُ الخلقِ والخلائقِ / وَحجّةُ اللَّه على الخلائقِ
مَن لَم يطِعه حلّ في جهنّما /
محمّدُ القاسمُ للأرزاقِ / وَصاحبُ المعراجِ والبراقِ
وَراكبُ الناقة والبراقِ / متمّمٌ مكارمَ الأخلاقِ
وَلِلكرامِ قَد أَتى متمّما /
محمّدُ المدثّرُ المزمّلُ / مُسرىً بهِ موحى إليه مرسلُ
عليهِ متلوٌّ مصلّى منزلُ / عَليه مقصوصٌ هو المرتّلُ
كَم رتّلَ الذكرَ وكم ترنّما /
محمّدُ المتربّصُ المتوكّلُ / الناسكُ المباركُ المبتهلُ
الخاشعُ التنزيلُ والمتبتّلُ / وَالٍ وللرسلُ إمامٌ أوّلُ
وَكلُّهم به اِقتدى له اِنتمى /
محمّدٌ هو الملبّي الأوّلُ / ذو الفضلِ مفضالٌ وفضلٌ مفضلُ
وليُّ فَضلٍ فاضلٌ مفضّلُ / الواعدُ الناجزُ والمؤمّلُ
ما قالَ قَولاً قطّ إلّا تمّما /
محمّدُ الخليفةُ الحلاحلُ / خليفةُ اللَّه الوصيُّ الكاملُ
وَصاحبُ التاجِ الإمامُ العادلُ / وَذو المَقامِ للّواءِ حاملُ
وَتحتهُ كلّ نَبيٍّ أَكرما /
محمّدُ الموصلُ الموصولُ / البالغُ الواصل والوصولُ
النابذُ القتّالُ والقتولُ / للَّه سيفٌ في العدا مسلولُ
فَكم أراقَ من بني الشركِ دَما /
محمّدُ الأزكى الزكيُّ المَولى / وَهوَ المزكّي والوليُّ الأولى
قطبُ الهُدى المرتفعُ المعلّى / خيرُ البريّة العليُّ الأعلى
فَليسَ غير اللَّه منه أعظما /
محمّدٌ ذو الحوضِ ذو الوسيله / وَصاحبُ القضيبِ وَالوسيله
وَذو القضيبِ صاحبُ الفَضيله / وَذو مكانةٍ هو الوَسيله
ما خابَ مَن أملهُ وأمّما /
محمّدُ المرءُ الجليلُ والأجل / وَصاحبُ النَعلينِ صاحبُ الحمل
وَراكبُ النجيب راكب الجمل / وَراكبُ البعيرِ في الصحفِ الأُوَل
وهيَ علاماتٌ بها قَد عُلما /
محمّدُ المحجّةُ المؤمّمُ / الحجّةُ البيّنةُ الميمّمُ
مثبِّتٌ مثبَّتٌ محكّمُ / عدلٌ ومنصفٌ ونعمَ الحكمُ
ما قطُّ منه أَحدٌ تظلّما /
محمّدُ الملكُ المليكُ الأعظمُ / ركنُ التواضع النبيُّ الأرحمُ
وصاحبُ المغنمِ وهو المغنمُ / سيّدُ وُلدِ آدمٍ وأكرمُ
أَكثرُهم منهم عليهِم نِعَما /
محمّدٌ هو العزيزُ الأكرمُ / أعزُّ عين العزّة المكرّمُ
ذو عزّةٍ معزّزٌ مكرّمُ / ليثٌ قويٌّ ذكرٌ مصمّمُ
لَم يُرَ في الهيجاء إلّا مُقدما /
محمّدٌ سيفُ الهدى المخذّمُ / وَذو الهراوةِ الزعيمُ الضيغمُ
وَصاحبُ الهراوة المفخّمُ / وصاحبُ الخاتمِ والمختّمُ
بخاتمينِ قَد غدا مختّما /
محمّدُ الضحّاكُ والمتبسّمُ / وهوَ الضحوكُ والحييّ الأحشمُ
عبدُ السلام والسلامُ الأدومُ / المصلحُ المسلّمُ المسلَّمُ
لكلِّ مُسلمٍ غدا مُسلِّما /
محمّدُ المقسمُ وهو القسمُ / وهوَ كثيرُ الصمتِ والمكلّمُ
وَأفصحُ العُربِ البليغُ الشذقمُ / وَهو المُنادي والمنادى العلمُ
روحي فداهُ فردَ فضلٍ عَلما /
محمّدُ المُقدِّمُ المقدَّمُ / لهُ على كلِّ البرايا قدمُ
وَصاحبُ الحطيمِ والمزمزمُ / وهوَ نبيُّ الحرمين القيّمُ
قامَ بأمرِ الدينِ حتّى اِستحكما /
محمّدُ المعلّمُ المعلَّمُ / مدينةُ العلمِ الطراز المعلمُ
العالمُ القائمُ والمقوّمُ / في الدينِ لا الدنيا حريص مغرمُ
وَلَم يَزل باللَّه صبّاً مُغرما /
محمّدٌ هوَ الحليمُ الدهتمُ / اللوذعيُّ الألمعيُّ الجهضمُ
القثمُ القثومُ والغطمطمُ / الفدعمُ المخضمُ وهو المضخمُ
غريبُ مدحٍ في حلاه نُظما /
محمّدٌ ذو الميسمِ الوسيمُ / عبدُ الكريم العابد الكريمُ
معلِّمٌ أمّته عليم / وهوَ بحقٍّ عالمٌ معلومُ
مِن ربِّه لا الدرس قد تعلّما /
محمّدُ العصمةُ والمعصومُ / الرحمةُ المهداةُ والرحيمُ
عبدُ الرحيم الرحمة المرحومُ / ودرُّ تاجِ الشرف اليتيمُ
بحُسنهِ الكونُ غدا متيّما /
محمّدٌ دعوةُ إِبراهيما / وَهو أبو القاسم واِبراهيما
بُشرى لِعيسى واِسأل الكَليما / تجدهُ في توراتهِ مَرقوما
قَد عظّما مِن شأنهِ ما عظّما /
محمّدٌ صاحبُ بئرِ زمزمِ / وَذو الحطيمِ وخطيبُ الأممِ
خيرُ محلّلٍ لنا محرّمِ / وَدعوةُ التوحيدِ نور الأممِ
لَولاه دامَ الشرك ليلاً مُظلما /
محمّدُ الضاربُ بالحسامِ / السيفُ سيفُ اللَّه والإسلامِ
ذو السيفِ والماحي الملاذُ الحامي / وَهو صحيحُ الدين والإسلامِ
للَّه درّ دينه ما أقوَما /
محمّدُ المشرِّدُ الملاحمي / وهوَ رسول ونبي الملاحمِ
وَللنبيّينَ أجلُّ خاتمِ / وَخير حاكمٍ وخير حاتمِ
أعدلَ مَن بِحُكمه قد حَتما /
محمّدُ المبعوثُ بالحقِّ الفَهم / الناسخُ المؤتى جوامع الكلِم
وَأرحمُ الناس به الكلُّ رُحم / وَأجودُ الناسِ كغيثٍ مُنسجِم
أَجدى الوَرى جوداً وأَوفى كَرما /
محمّدُ الحكيمُ دارُ الحكمَه / وَناصرُ الدينِ مُزيلُ الغمّه
نبيُّ راحةٍ نبيُّ الرحمَه / رسولُ راحةٍ رسولُ الرحمَه
قَد رحمَ اللَّه بهِ من رَحما /
محمّدٌ مترحّمٌ ومرحمَه / نبيُّ توبةٍ نبيُّ المرحمَه
ملحمَةٌ وهو نبيُّ الملحمَه / ورحمَةُ الأمّةِ وهوَ المرغمَه
أنفُ عدوِّهِ بهِ قد رُغِما /
محمّدُ المُختصُّ بالكرامَه / وَصاحبُ المدرعةِ العلامَه
وَصاحبُ السلطانِ والعلامَه / وَزينُ مَن وافى إِلى القِيامَه
قَد كانَ للكلِّ الطرازَ المُعلما /
محمّدٌ هو الصراطُ المُستقيم / المستقيمُ ذو الصراطِ المُستقيم
وهوَ المحيدُ صاحبُ الشرعِ القويم / قد حادَ بالأمّة عن نارِ الجَحيم
مَن سارَ في سبيلهِ قد سَلما /
محمّدُ المكينُ والمتمكّنُ / العروةُ الوثقى المتينُ المعلنُ
الحيُّ والمحيي الطبيبُ الفطنُ / قامَت بهِ بعدَ الممات السننُ
وَكَم أَتى مِن تابعيهِ حُكَما /
محمّدٌ علمُ اليقينِ الموقنُ / العبدُ عبد المؤمن المهيمنُ
عبدُ المهيمن الأمين المؤمنُ / وَعلمُ الإيمانِ والمؤتمنُ
أَضحى فَريداً في البرايا عَلما /
محمّد الحنانُ والأمانُ / وَصاحبُ البيان والبيانُ
وَصاحبُ البرهان والبرهانُ / الحجّةُ البالغة الميزانُ
قد رَجحَ الحقّ به حتّى طما /
محمّد المبعوثُ رحمةً لنا / مِفتاحُ رحمةٍ وجنّةٍ لنا
أوّل مَن تنشقُّ عنه أرضنا / أوّل شافعٍ مشفّعٍ بنا
والرسلُ كلٌّ نفسهُ قد لَزِما /
محمّدُ الحبيبُ للرحمن / خليله مطهّرُ الجنانِ
وَهو فصيحُ القلب واللسانِ / وَهوَ ملقّى سورِ القرآنِ
ما زاغَ فيه فهمهُ ما وَهِما /
محمّدٌ خيرُ معين عين / خيرُ شفيقٍ ورفيقٍ هينِ
وسيّدُ الكونين والثقلينِ / الخاتمُ البدءُ وثاني اِثنينِ
أَثنى عليهِ ربّه وعظَّما /
محمّدٌ مبشّرٌ لليائسين / الأمّةُ الأميُّ حرز الأميين
لِلمُسلمين أوّلٌ والمؤمنين / وخاتمٌ للأنبِيا والمرسلين
أَلا اِعجبوا مِن أوّلٍ قد خَتما /
محمّدٌ رحمةُ كلِّ العالمين / وَهوَ خطيبُ الأنبيا والوافدين
الجَدُّ والجِدُّ أبٌ للمؤمنين / وَفئةٌ أي مرجعٌ للمسلمين
مُردي الرَدى ماحي العدى حامي الحِمى /
محمّدُ الداعي إمامُ النبيّين / دَعوتُهم وسيّدٌ لِلمُرسلين
المتّقي الأتقى إمامُ المتقين / وهوَ إمامُ العالمينَ العاملين
مَن بحرهِ كان اِغترافُ العُلَما /
محمّدٌ هو الدليلُ الأمَنه / لصحبهِ من العذابِ أَمنه
الآمنُ المأمونُ كلٌّ أمِنَه / وهوَ ضمينٌ منقذٌ مَن ضَمِنه
مَنِ اِلتَجا لجاههِ لن يُحرما /
محمّدٌ آمرُنا والناهي / وَآيةُ اللَّه وذكرُ اللَّهِ
تالٍ ومتلوٌّ وحبُّ اللَّه / قاضٍ وصادعٌ بأمر اللَّهِ
عَن ربّه قد ناب فيما حَكما /
محمَّدُ النعمةُ فضلُ اللَّهِ / وَنعمةُ اللَّه سبيل اللَّهِ
وَأنعمُ اللَّه صراطُ اللَّهِ / صراطُ من أنعمتَ يا إِلهي
ما زالَ للَّه صراطاً أقوَما /
محمّدُ المُنجي نجيُّ اللَّهِ / هديّةُ اللَّه حبيبُ اللَّهِ
وَمنّةُ اللَّه خليل اللَّهِ / وَعصمةُ اللَّهِ كليم اللَّهِ
عِصمتُنا لولاهُ كنّا عَدَما /
محمّدُ المُغني الغني باللَّهِ / وَسيّدُ الناسِ وعبد اللَّهِ
أَخشى الوَرى أصدقُهم في اللَّهِ / أَبرّهُم أعلمُهم باللَّهِ
لَم يخلُقِ الخلّاقُ منه أَعلما /
مُحمّدُ المدعوُّ داعي اللَّهِ / وَهوَ رسولُ اللَّه سعد اللَّهِ
وخيرةُ اللَّه نبيُّ اللَّهِ / رضوانهُ وخيرُ خلق اللَّهِ
توّجهم بخيرهِ وعمّما /
محمّدُ السخيُّ ذو العطايا / وَصاحبُ الجهادِ والسرايا
بجاههِ اِغفر ربّنا الخطايا / بلّغ مُنانا واِكفنا الرزايا
ما بُدئَ الخيرُ بهِ واِختُتما /
عُج بِالمدينةِ تلقَ ثمّ كَريما
عُج بِالمدينةِ تلقَ ثمّ كَريما / خيرَ الوَرى نَسباً وأكرم خيما
هوَ مَن قَد غدا بالمُؤمنينَ رَحيما / هو خيرةُ اللَّهِ القديمِ قديما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
أَقبِل عَلى أعتابهِ متأدّبا / مُستعطفاً متلطّفاً مُتحبّبا
مُتنظّفاً متطهّراً متطيّبا / وَمُصلّياً ومسلّماً تسليما
صلّوا عليه وسلّموا تَسليما /
وَاِسكُب هناكَ محاسن العبراتِ / وَاِغسل مَساوي سالف الزلّاتِ
وَاِخلع ذُنوبكَ واِلبس الخلعاتِ / فَلَقد قَصدتَ أخا الرجاءِ كريما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تَسليما /
اِقصد بِصدقٍ والقبولُ محقّق / وَإِذا قُبلت فبدرُ سعدك مشرقُ
وَعُصمتَ مِن نارٍ تشبّ فتحرقُ / إِذ قَد أتيت السيّد المَعصوما
صلّوا عليه وسلّموا تسليما /
وَاِذكر فديتكَ لَوعَتي وتلهّفي / وَتفرّقي وتحرّفي وتأسّفي
وَقلِ السلامُ عليكم من يوسف / يا خيرَ مَن أروى العطاشَ الهيما
صلّوا عليه وسلّموا تسليما /
فَإذا أَجابَ فذاكَ غايات المنى / زالَ الصدى زالَ الردى زالَ العنا
حصَل الرِضا حصلَ الجَدى حصلَ الهنا / وأحوزُ مِن إكرامهِ التَكريما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
هوَ سيّدُ الرسلِ الكرام الأكرمُ / أَرقاهمُ رُتباً وأعلى أعلمُ
وَعليهمُ في المكرُمات مقدّمُ / وَاللَّه أولى ذلكَ التقديما
صلّوا عليهِ وسلِّموا تَسليما /
هوَ صفوةُ الرحمنِ خيرةُ خلقهِ / في علوهِ في سفلهِ في أفقهِ
في أرضهِ في غربهِ في شرقهِ / عظّمهُ جهدكَ لَن تكون مَلوما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
حَسدَ السماءُ الأرضَ منذ ولادته / أَسفاً عليه فأكرمت بوفادَتِه
فَتَساوَتا بعدَ السرى بسعادته / سُبحانَ مَن أَسرى بهِ تَعظيما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
الأنبياءُ جَميعُهم أحياءُ / لمّا أَتى البيتَ المقدّس جاؤوا
صلّى بِهم وهمُ لديه ولاءُ / كانَ الإمامَ وكلّهم مأموما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
شَرُفت بهِ الأرضونَ حين وجودهِ / وسَمت بهِ الأفلاك حين صعودهِ
وَهُما ومَن حَوتا بحكم حسودهِ / لمّا رأى لا كيفَ لا تَجسيما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
تاللَّه ما في الخلقِ أصدق لهجةً / منهُ ولا أَبهى وأبهرُ بهجة
كلّا وَلا أَقوى وأثبتُ حجّةً / منهُ ولا أسمى علاً وعلوما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
قُرآنهُ شهدَ الجميعُ بأنّهُ / لَم يحكِ حُسن القول أجمع حسنه
فاقَ الفنونَ فلم تُشابه فنّه / وَالكتب طرّاً حادثاً وقديما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
هذا كلامُ اللَّه جلّ جلالهُ / مَعدومةٌ أشباههُ أمثالهُ
خيرُ الكلامِ ولا يحدُّ كماله / وبهِ حبيبُ اللَّه كان كليما
صلّوا عليه وسلّموا تسليما /
خصُّوا أبا جهلٍ بذمٍّ يفضحُ / وهو الحريُّ بكلّ وصفٍ يقبحُ
وَهوَ الجهولُ وجهلهُ لا يشرحُ / بِعدواةِ المختارِ حلَّ جَحيما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تسليما /
لكنّهُ قَد سادَ في أزمانهِ / مِن قبلِ بعثتهِ على أقرانهِ
فَاِستاءَ من حَسدٍ برفعةِ شانهِ / فَغَدا بجحدِ محمّدٍ مَذموما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تسليما /
وَأشدُّ منهُ جَهالةً من يكفرُ / بِمحمّدٍ والحقُّ أبلج أظهرُ
وَتَرى الكثيرَ قُلوبهم لا تنكرُ / صدقَ النبيِّ ويلزمونَ اللوما
صلّوا عليه وسلّموا تسليما /
عمّم أبا جَهلٍ فكلٌّ جاهل / ظنَّ الإقامةَ وهو سارٍ راحلُ
وإِلى لَظى عمّا قريبٍ واصلُ / وَيكون فيها بالنبيّ عليما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
جمعَ التليدَ مِن الضلالِ وطارفا / وَتراهُ مِن بحرِ الغِوايةِ غارفا
ومنَ الهدايةِ عارياً لا عارفا / لَم يعرفِ الهادي فعاشَ بَهيما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تسليما /
تاللَّه إنّ البهمَ أحسنُ حالةً / ممّن حَوى بالهاشميّ جهالةً
وَالبهمُ أعظمُ حُرمةً وجلالةً / ممّن يَرى من هدبهِ مَحروما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
هَذي الغزالةُ خاطبتهُ وسلّمت / شهدَت له أَثَنت عليه تألّمت
فَأجابَها وكذا البعيرُ قد اِنفلت / فَأجارهُ لمّا أَتى مَظلوما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
وَالعنكبوتُ حبتهُ دِرعاً مُحكما / ردَّ السيوفَ كليلةً والأسهما
وَببيضِها ستَرته ورقاءُ الحما / كرَماً وأكرِم بالحِمام كَريما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
وَالضبُّ أفصحُ بالرسالةِ يشهدُ / وَتعجّبَ السرحانُ ممّن يجحدُ
يا ليتَ مَن جَحدوه بالبهمِ اِقتدوا / فَقدِ اِهتدت وهمُ أضلُّ حلوما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
يا لَيتَهم كانوا اِقتدوا بالحجرِ / يا لَيتَهم كانوا اِقتدوا بالشجرِ
هذا أَطاع أَتى بدون تأخّر / وَدَعاه ذاكَ مسلّماً تسليما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
بعدَ الغروبِ الشمسُ عادَت أذرعا / وَالبدرُ خرَّ على الجبالِ مصدّعا
وَغَدا الغمامُ مصاحباً أنّى سَعى / فَوقاهُ من حرِّ الهجيرِ سموما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
وَالجذعُ حنَّ لبعدهِ متضرّراً / حتّى أتاهُ فضمّه فتصبّرا
وَحَكى الذراعُ لهُ الحديثَ كما جرى / إِذ أَحضروه لأكلهِ مَسموما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
وَرَمى قُريشاً بالترابِ وقد سرى / عَلَناً فمَا أحدٌ هنالكَ أبصرا
وَرَمى بكفّ حصاً فبدّد عَسكرا / وَاِرتدّ جيشُ عدوّه مَهزوما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
وَبكفّهِ الحصباءُ كانت تفصحُ / عَن صدقهِ فيما اِدّعى فتسبّحُ
قَد صمَّ جاحدهُ فأنّى يفلحُ / وَعَماهُ كانَ عن النبيّ عَميما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تسليما /
وَالماءُ مِن بينِ الأصابعِ نابع / أَروى الخميسَ ولَم يزل يتتابعُ
وَكَفى المئينَ بصاعهِ فَتراجعوا / لَم يَفقدوا مِن صاعهِ مَطعوما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
وَأعادَ عينَ قتادةٍ نجلاء / مِن بعدِ ما ساءَت وسالت ماءَ
وشَفى عليّاً إِذ حباهُ لواءَ / وَبِفتحِ خيبرَ كان عنهُ زَعيما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تَسليما /
اِذكُر شَفاعتهُ بيوم المحشرِ / وَالخلقُ في كَربٍ هنالك أكبر
قَصدوا أباهُ آدماً بتحيّر / موسى وَعيسى نوحاً اِبراهيما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تسليما /
كلٌّ تذكّرَ منهُ فعلاً ماضيا / فأَجابَهم نَفسي اِذهبوا لِسوائِيا
حتّى أتَوا هذا النبيّ الماحيا / فَدَنا فحكّمَ فيهمُ تَحكيما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
وَأجابَهم غضب الإلهِ قدِ اِنتهى / وَأَنا لَها وَأَنا لَها وأنا لَها
بِمحامدٍ حمدَ الإله أتى بِها / بِفتوحهِ لا حفظَ لا تَعليما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
وَأَطالَ سجدتهُ وقد قيلَ اِرفعِ / سَل تُعط واِشفع في الجميع تشفّعِ
اللَّه ميّزهُ بذاك المجمعِ / وَأنالهُ شَرفاً هناك عَميما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
أَبدى الإلهُ مقامهُ المَحمودا / يومَ القِيامة ظاهِراً مَشهودا
أَبداهُ بينَ العالمين فريدا / قَد سلَّموا تَفضيلهُ تَسليما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
أَولاهُ مَولاهُ اللِواءَ الأعظما / مِن تحتهِ جعلَ الجميعَ وآدما
أَخفاهُ في ذا الكونِ عن أهلِ العَمى / وَهُناكَ أظهرَ قدرهُ المَعلوما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تَسليما /
أَرجو وَآملُ أَن أكونَ بظلِّهِ / في ذلكَ اليومِ العظيمِ وهولهِ
وَأنالَ مِن جدواهُ خالصَ فضلهِ / فَأفوزَ فَوزاً بالنبيِّ عَظيما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تسليما /
وَأنالَ منهُ شَفاعةً لا تنكرُ / عندَ الكريمِ وَنعمةٍ لا تحصرُ
فَأروحَ مِن بعدِ الشكايةِ أشكرُ / وبهِ أكونُ المذنبَ المَرحوما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تَسليما /
وَأَرى المساويَ ثمَّ صرنَ مَحاسنا / وَمخاوِفي في الحشرِ عُدنَ مآمِنا
وَيُقالَ لي بمحمّدٍ كُن آمِنا / فَبهِ لَقد نلتَ النعيمَ مُقيما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
يا ربِّ بِالمُختارِ عبدك أسألُ / منكَ الرِضا وَبجاههِ أتوسّلُ
لا تَفضحنّي إِنّ ستركَ أجملُ / وَبِحقّهِ اِغفِر ذنبيَ المَكتوما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تَسليما /
يا ربِّ هَبني يا رحيمُ مَراحما / فَقد اِقترفتُ جَرائراً وجَرائما
كَم ذا ظُلمتُ وكَم أتيتُ مظالِما / بِحياتهِ اِرحم ظالِماً مَظلوما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تَسليما /
يا ربِّ هذا العبدُ بابك يقرعُ / وَبخيرِ مَن شفّعته يتشفّعُ
خصّصتهُ بشفاعَةٍ لا تُدفعُ / وَجَعلتهُ بِالمؤمنين رَحيما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تَسليما /
يا ربِّ رُبَّ فتىً جَنى فاِستَأمنا / بِمحمَّدٍ قَد قال غاياتِ المُنى
فَبِجاههِ اِغفِر ما جنيتُ فَها أنا / لِندامَتي قَد صرتُ ربِّ نَديما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تَسليما /
يا ربِّ إنّي في جواركَ لائذ / وَبحصنِ عفوكَ من عذابك عائذُ
ولَديكَ جاهُ المُصطفى هو نافذ / وَله اِلتجأتُ فَلن أُرى مَحروما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
يا ربِّ صلّ عليهِ والآلِ الأُلى / حازوا بِنسبتهِ المقامَ الأفضلا
وَعلى صَحابتهِ الكرامِ وَزِد عَلى / أَتباعهِ حتّى المعادِ عُموما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تَسليما /
وَاِخصُص بِها يا ربّنا الصدّيقا / خيرَ الجميعِ وبعدهُ الفاروقا
عثمانَ مَن بالحقِّ كان حَقيقا / وَأبا بنيهِ السيّدَ المَعلوما
صلّوا عليهِ وَسلّموا تسليما /
فَعَلى الجميعِ وآله الرضوانُ / وَعَلى البغيضِ وحزبه الخذلانُ
ما زالَ حبُّ الكلِّ وهو أمانُ / مَع حبِّ طه لازماً ملزوما
صلّوا عليهِ وسلّموا تسليما /
قَد كنتُ قبلَ مديحِ أحمدَ مُجرما / وَبهِ غدوتُ بحمدِ ربّي مُسلما
فَاِجعَل إِلهي منّةً وتكرّما / أَجَلي بدينِ محمّدٍ مَختوما
صلّوا عليهِ وسلّموا تَسليما /
سيّدُ الرسلِ قدرهُ معلومُ
سيّدُ الرسلِ قدرهُ معلومُ / أينَ منهُ المسيحُ أين الكليمُ
أينَ نوحٌ وأين إبراهيمُ / كلّهم عن مقامهِ مفطومُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
أَينَ جبريلُ أين إسرافيلُ / أَين ميكالُ أين عزرائيلُ
فَعليهم طرّاً له التفضيلُ / وَبِمعراجهِ دليلٌ قويمُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
أَينَ كلُّ العلوالمِ العلويّه / أَينَ كلّ العوالمِ السفليّه
أَينَ كلّ الوَرى بكلِّ مزيّه / إنّما فوقهُ العليُّ العظيمُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
أوّل الخلقِ نورهُ كانَ قدماً / منهُ عرشُ الرحمنِ ثمّ وثمّا
وَهو للأنبياءِ قد جاء ختما / فهوَ الكلُّ خاتمٌ مختومُ
فَعليهِ الصلاةُ والتسليمُ /
عنهُ نابوا في قومِهم فرسول / لكثيرٍ وقومُ بعضٍ قليلُ
وَهوَ كلُّ الورى إليه تؤولُ / وَلهُ مِن إلههِ التعميمُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
حلَّ نورٌ لهُ بظهر أبيهِ / آدمٍ ثمّ في كرام بنيهِ
كلُّ مولىً أَوصى به من يليهِ / فهوَ الكنزُ حفظه محتومُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
حلّ في الطاهرينَ والطاهراتِ / وَتَجلّى تجلّيَ النيّراتِ
بِبروجِ الساداتِ والسيّداتِ / فهوَ الشمس سائراً لا يقيمُ
فَعليهِ الصلاةُ والتسليمُ /
قَد تَحرّى أماثلَ الأنجابِ / وَأجلَّ البطونِ والأصلابِ
وَأَبرّ الأحسابِ والأنسابِ / عَن شَبيهٍ له الزمان عقيمُ
فَعَليهِ الصلاةُ والتسليمُ /
جاءَ وَالكونُ مدلهمُّ الذواتِ / غارقٌ في حوالك الظلماتُ
فَاِستَنارت به جميع الجهاتِ / إِذ تجلّت شموسه والنجومُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
أمّهُ خيرُ حرّةٍ ذات بعل / وَأبوهُ في الناس أكرم فحلُ
لَيسَ بدعاً أن كان أنجبَ حمل / وَرضيعٍ وسادَ وهو فطيمُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
أَرضَعته حَليمةٌ فتجلّى / عندَها الخصبُ بعدَ أَن كانَ مَحلا
وَبدرٍّ شياهُها صرنَ حُفلا / حينَما أرضعته وهو يتيمُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
شقَّ منهُ الأملاكُ أَفديه صدرا / غَسلوهُ وأَخرجوا منهُ أَمرا
وَحشَوهُ الإيمانَ سرّاً وجهرا / وَأعادوهُ وهو صدرٌ سليمُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
ثمَّ بعدَ الّتي وبعد اللّتيّا / جاءَ كلّ الوَرى رسولاً نبيّا
سالِكاً في الهُدى صراطاً سويّا / فَاِستَشاطَت حسّادهُ والخصومُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
جاءَ بِالمُعجزاتِ والقرآنِ / عاجِزاً عن أقلّه الثقلانِ
وَلهُ البدرُ شقَّ فهو اِثنانِ / فرأوه وليس ثمّ غيومُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
فَأصرّوا على الضلالِ وَداموا / غيرَ قومٍ لهم عتيقٌ إمامُ
وَشَكا منهمُ الأذى الإسلامُ / وَجَفاه خصوصهُم والعمومُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
وَهوَ ما زالَ راغِباً في هداهُم / صابِراً غير نافرٍ من أذاهُم
كلّما كذّبوهُ جاءَ حِماهم / وَدَعاهم وهوَ الرؤوفُ الرحيمُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
حبّذا حينَ صدّق الصدّيقُ / ثمَّ مِن بعدُ آمنَ الفاروقُ
قبلهُ حمزةُ الشجاعُ الحقيقُ / أسدُ اللَّه للرسولِ حميمُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
وَابنُ عفّانَ وَهو ذو النورينِ / وعليُّ المَولى أبو الحسنينِ
وَالحواريُّ صاحب الرمحينُ / والّذي قد علاه وهو كليمُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
وَالأميرُ الأمينُ سعدٌ سعيدُ / واِبن عوفٍ والكلُّ ليثٌ شديدُ
وَسِواهم حتّى فَشا التوحيدُ / وَعليهِ أَذى العدى مستديمُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
وَصَفوهُ بكاهنٍ وبسحرِ / وَبكذبٍ يوماً ويوماً بشعرِ
وَأَرادوا كيداً وهمّوا بنكر / فَحَماه منهم عليٌّ عليمُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
ثمّ كانَت سَعادةُ الأنصارِ / وَحَماهم بهجرة المختارِ
وَتذكّر رفيقهُ في الغارِ / شيخَ تيمٍ صديقه المعلومُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
نَسَجَ العنكبوتُ أحصنَ درع / حينَ باضَت حمامةٌ ذات سجع
قومهُ جَمعوا له شرّ جمع / وَأتاهُ من الحَمام حميمُ
فَعليهِ الصلاةُ والتسليمُ /
وَقَفاهُم سراقةُ المفتونُ / وَهوَ لو نالَ جعلهُ مغبونُ
فَدَعاه إِلى الغنى قارونُ / واِحتوتهُ الغبراء لولا الحليمُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
ثمَّ جاءَت بشاتها أمُّ معبَد / وَهي جَهدى وَالناسُ بالمحلِ أجهَد
فَمَرى ضرعَها فسالَ وأزبَد / وَسقاهُم الدرّ غيثٌ سجومُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
وَأَتى طيبة فَصادفَ أهلا / مَرحباً مرحباً وأهلاً وسهلا
وَسُيوفاً بيضاً وسمراً ونبلا / وأُسوداً كما يشا ويرومُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
فَثَوى بينهُم على خير نزل / وَنِزالٍ في يوم سلمٍ وقتلِ
وَفَدَوه بكلّ نفسٍ وأهلِ / حينَ يَغدو محارباً أو يقيمُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
وَلديهِ مِن قومه كلُّ قرم / قرشيِّ الجدّين خالٍ وعمِّ
هَجَروا قومَهم لكفرٍ وظلم / وَأطاعوهُ والمنايا تحومُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
وَسِواهم مِن كلّ ليث قتال / عَربٌ بعضهم وبعضٌ موالي
أيّدوا الدينَ بالظُبا والعوالي / عندَهم للرسول حبٌّ صميمُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
كلُّ فردٍ منهم جليلٌ فضيل / ليسَ فيهم بينَ الورى مفضولُ
قُل لِقومٍ ضلّت لديهم عقول / كلُّ أصحابهِ هداةٌ قرومُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
قادَ مِنهم إِلى الوغا أبطالا / لا يَملّون غارةً وقتالا
سَلّموهُ الأرواحَ والأموالا / في رِضا اللَّه وهو طبٌّ حكيمُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
وَرَمتهم قبائلُ الجاهليّه / باِتّفاقٍ عَن قوسِ حربٍ قويّه
وَأشدُّ الأعداءِ طرّاً حميّه / قَومهُ الصيدُ حين ضلّت حلومُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
حيِّ بَدراً ما كانَ أحسنَ بدرا / طَلَعت في سَما الفتوحات بدرا
هيَ بكرُ الإسلامِ عزّاً ونصرا / بعد وعدٍ له حباها الكريمُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
كانَ جيشُ الكفّار جيشاً متينا / بِعديدٍ وعدّةٍ مَشحونا
كانَ أضعاف ثلّةِ المُسلمينا / وَلهُ منه مقعدٌ ومقيمُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
فَدعا فاِستُجيبَ بالأملاكِ / جِبرئيل وجيشه الفتّاكِ
وَرَماهم بالتربِ فالكلُّ شاكي / وَبهِ جمعُ كُفرهِم مهزومُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
قَد تَوالَت عليهمُ المُهلكاتُ / وَتَولّت أحلامُهم والحياةُ
وَالطغاةُ العتاةُ ماتوا وفاتوا / طبقَ ما كان أخبر المعصومُ
فَعليهِ الصلاة والتسليمُ /
قَد نَفى البيت منهم مُجرمينا / وَصَلوا في قليبِهم سجّينا
وَأَبو الجهلِ حازَ علماً يقينا / أنّه في خلافه مذمومُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
ثمّ عادَ النبيُّ والأصحابُ / وَالأسارى والفيء والأسلابُ
ونَحا طيبةً فَطاروا وطابوا / رزقهُ تحت رُمحهِ مقسومُ
فعليه الصلاة والتسليمُ /
ثمّ داموا على الجهادِ سِنينا / أُحداً خَندقاً وفتحاً حُنينا
وَأَذاق اليهودَ والعربَ هونا / وَتَبوكاً إذ أغضبتهُ الرومُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
وَبِكلٍّ أوله مولاهُ فتحا / إِن يكُن عنوةً وإلّا فَصُلحا
عالجَ الدينَ بالجهادِ فصحّا / وَبهِ الكفرُ عادَ وهو سقيمُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
وَأتاهُ مِن كلّ قومٍ وفودُ / حين عمّ القبائل التوحيدُ
فَهداهُم وبالمرادِ أعيدوا / وحَباهُم وهو الجواد الكريمُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
أَرسلَ الرسلَ داعياً للملوكِ / وَأبانَ اليقينَ ماحي الشكوكِ
وَهَدى كلَّ واحدٍ بألوك / قال خلّوا الجحيم هذا النعيمُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
فَسَرى دينهُ بكلِّ البلادِ / وَدَروا أنّه نبيّ الجهادِ
وَلهُ كتبهُم منَ الأشهادِ / حسَدوهُ واللؤمُ داءٌ قديمُ
فعليه الصلاة والتسليمُ /
رَهِبوهُ فَصانَعوا بالهدايا / كي يُنحّي عنهم جيوشَ المنايا
إِذ يعمُّ الإسلام كلّ البرايا / وهوَ جبّارُهم فأين الفهيمُ
فعليه الصلاة والتسليمُ /
ثمَّ مِن بعدُ حجَّ حجَّ الوداعِ / معَ كلِّ الأصحاب والأتباعِ
أَكملَ اللَّه دينهُ وهو داعي / قالَ بلّغتُ فاِشهدوا واِستَقيموا
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
ثمَّ أَوصى بالأهلِ والقرآنِ / قالَ هذان فيكمُ ثقلانِ
لَن تضلّوا يا عصبةَ الإيمانِ / ما مَسكتُم وهو الصدوق العليمُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
وَأَتى طيبةً فطابَت وطابا / ثمّ مِن بعدِ ودّع الأحبابا
وَدعاهُ إلههُ فَأَجابا / وَهوَ جَذلانُ والمحيّا بسيمُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
زلزلَ الخطبُ عندَها الأرواحا / جُنَّ بعضُ الأصحابِ والبعضُ ناحا
وَالفراديسُ نالتِ الأفراحا / منهُ إِذ عمّتِ الأنام الغمومُ
فعليهِ الصلاة والتسليمُ /
هوَ في القبرِ كاملُ العرفانِ / وهوَ حَيٌّ وجسمهُ غير فاني
وَلهُ القبرُ روضةٌ من جنانِ / دامَ فيها له نعيمٌ مقيمُ
فعَليه الصلاة والتسليمُ /
نَظرةً يا أبا البتولِ إليّا / وَبِهذا الخطاب خاطبتُ حيّا
فَتلطّف باللَّه واِعطف عليّا / كلُّ عبءٍ به الشفيع يقومُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
هوَ شمسُ الهدى وبحر السخاءِ / دائمُ النورِ مُستمرّ العطاءِ
هوَ مِسكٌ لسائر الأنبياءِ / خاتمٌ طيبهم به مختومُ
فَعليه الصلاة والتسليمُ /
أُمّوا المدينةَ حيثُ جلّ المغنمُ
أُمّوا المدينةَ حيثُ جلّ المغنمُ / حيثُ الهُدى حيث النبيُّ الأكرمُ
وَمَتى فَقدتُم عينَها فتيمّموا / بِمديحهِ وتنعّموا وتَرنّموا
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
مَأوى النبوّةِ والفتوّةِ والهدى / مَأوى الرِسالةِ والبسالةِ والندى
مَأوى أجلّ الرسل طرّاً أحمدا / مهما تَعالَوا فهوَ أعلى منهمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
العرشُ كانَ لَها أجلّ الحُسّدِ / لمّا حَوَت جسدَ النبيّ محمّدِ
روحُ الوجودِ وَروح كلّ موحّد / لَولاه ما عرف الهداية مسلمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
أَكرِم بمعهدِ أحمدٍ وعهودهِ / وَبدارِ هجرتهِ وأرض جنودهِ
وَمحلِّ نُصرتهِ وعقد بنودهِ / كَم سارَ مِنها في رضاه عرمرمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
هيَ بَلدةٌ للنصرِ والأنصارِ / دارُ الهدى أكرم بها من دارِ
شرُفَت على الأمصارِ بالمختارِ / وَعَلَت بروضته فأين الأنجمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
كَم كانَ فيها للنبيّ مسارح / في كلِّ يومٍ ثمَّ غادٍ رائحُ
وَبكلِّ وَقتٍ مِن شذاهُ نوافح / حتّى القيامة وهو فيها قيّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
هيَ طيبةٌ حوتِ النبيّ الطيّبا / فَسَمت وكانت قبلُ تُدعى يثربا
كَرمت بهِ تلكَ الوهادُ مع الربا / وَكذاكَ مَن صحبَ الأكارم يكرمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
هيَ معهدُ التشريعِ والتنزيلِ / هيَ موطنُ التحريم والتحليلِ
أحظَى البلاد بوصلِ جبرائيل / هو للنبيّ مصاحبٌ ومعلّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
مِن طيّها سننُ الشريعةِ فرضها / نُشِرَت وطيُّ الباطلاتِ وَدَحضها
فَغَدت مُشرّفةً وهذي أَرضُها / حرمٌ كما قال النبيُّ محرّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
أَكَلت كَما قَد أخبرَ الهادي القرى / وَسَرى الهُدى مِنها إلى كلِّ الورى
وَاِستَحكمت فيها لِملّتهِ العُرى / وَبهِ أساسُ الدينِ فيها محكمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
حُرِسَت منَ الطاعونِ والدجّالِ / وَنَفت إليهِ الخبثُ بالزلزالِ
خَيرٌ لأهليها وللنزّالِ / لَو يعلمونُ وهل سواه يعلمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
وَإِلى حِماها يأرزُ الإيمانُ / ينضمُّ يَأتي حرزها فيُصانُ
وَمِثالهُ بحديثهِ الثعبانُ / فاِنظره تفهَم والموفّق يفهمُ
بِحياته صلّوا عليه وسلّموا /
للَّه درُّ عِصابةٍ حلّوا بها / حازوا بِقربِ المُصطفى كلّ البها
تاللَّه قَد هامَ الكرامُ بحبِّها / وَالقصدُ ساكنُها الحبيب الأعظمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
مَن لي بأن أَحظى بقربِ المنزلِ / وَأكونَ ضيفاً للكريم المُفضلِ
وَأنالَ مِن جدواهُ غاية مأملي / مِن فضلهِ فهوَ الجواد الأكرمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
مَن لي بِأن أَحظى بلثمِ ترابهِ / وَأُرى عزيزاً واقفاً في بابهِ
وَأفوزَ بِالغفران في أحبابهِ / فيقولَ لي قَد فُزتَ إنّك منهمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
مَن لي برؤيةِ ذلك الشبّاكِ / وَأَرى هنالكَ مهبط الأملاكِ
وَالنورَ أشهدهُ بطرفٍ باكي / وَالثغر من فرحٍ به مبتسمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
مَن لي بِأن أَغدو بِروضة قربهِ / وَأَروحَ فيها هائماً في حبّهِ
وَيجودَ لي بمروّقٍ من شربهِ / فَأظلَّ ثمَّ بمدحهِ أترنّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
وَأَرى ضجيعيهِ وأكرِم بهما / الخيرُ كلّ الخير في حبّهما
وَاِنظر إذا وُفّقتَ في قُربهما / هَذاك ساعدهُ وهذا المعصمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
مَن لي بِأكنافِ المدينةِ زائرا / روضاتِ جنّات سمين مَقابرا
حازَت منَ القوم الكرامِ مَعاشرا / هوَ شمسُهم وهمُ لديه أنجمُ
بِحياتِهِ صلّوا عليه وسلّموا /
مَن لي بميتةِ صادقٍ في حبّهم / في حبِّ أحمدَ حِبّهم ومُحبّهم
وَأكونَ مدفوناً هناكَ بقربِهم / ضَيفاً له وهوَ الكريمُ المكرمُ
بحياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
لا تَنسَ مَسقطَ رأسهِ أمَّ القرى / مهدَ النبوّة والرسالةِ والقِرى
مِنها بَدا الدينُ المبينُ وأَسفرا / بدرُ الهوى والكون ليلٌ مظلمُ
بِحياته صلّوا عليه وسلّموا /
في حِجرِها وُلدَ النبيُّ المرسلُ / خيرُ النبيّين الختام الأوّلُ
رَبّته طفلاً وهيَ تَكفي تكفلُ / وَبدرّها قَد أرضعته زمزمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
فيها مَعاهدهُ وجلُّ حياتهِ / ما بينَ أهليهِ وبين لداتهِ
واللَّه أنزلَ مُبتدا آياتهِ / فيها فَقال اِقرأ وربّك أكرمُ
بِحَياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
فيها الصَفا والبيت ذو الأستارِ / فيها وفيها سيّد الأحجارِ
وَمناسكُ الحجّاجِ والعمّارِ / كَم قَد أتاها وَهو داعٍ محرمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
فيها أجلُّ مَساجدِ الرحمنِ / في القدسِ ثالثُها وطيبة ثاني
طهَ لهُ قد كان أوّل باني / فلهُ على التقوى أساسٌ محكمُ
بحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
بلدُ الإلهِ وأهلها بجوارهِ / وهوَ الّذي يدعو الحجيج لدارهِ
حظرَ الجدالَ ومَن أساءَ فدارهِ / وَلَكم أساؤوا الهاشميّ فيحلمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
حرمُ الإلهِ بهِ الأمان لداخلِ / مِن نابتٍ أو طائرٍ أو جافلِ
حَرُمَ القتالُ لظالمٍ ولعادل / وَأُبيحَ وَقتاً للنبيّ بها الدمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وَسلّموا /
اللّهُ فيها ضاعفَ الأعمالا / وَأزالَ عمّن حلّها الأهوالا
وَعلى الإرادةِ آخذَ الجهّالا / وَسِوى مُتابعِ شرعه لا يسلمُ
بحَياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
فَمَتى يَراني اللَّه فيها مُحرما / وَمُبَجِّلاً حُرماته ومعظّما
لا رافثاً لا فاسقاً لا مجرما / وَلشرعِ أحمدَ تابعاً لا أظلمُ
بِحَياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
فَأنالَ سَعياً عندهُ مَشكورا / وَأحجَّ حَجّاً كامِلاً مَبرورا
وَيَكون بيتُ هِدايتي مَعمورا / وَأزورَ آثارَ النبيّ فأغنمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
وأزورَ بالمعلاةِ كلَّ سميدع / راضٍ قرير العين غير مروّعِ
مَن يثوِ فيهم يلقَ كلّ مشفّع / وَأبو البتولِ هو الشفيع الأعظمُ
بِحَياته صلّوا عليهِ وَسلّموا /
للَّه مكّةُ ما أجلَّ بهاءَها / وجَمالها وَجلالها وَسناءَها
وَلَها فضائلُ لا أرى إحصاءَها / مِنها النبيُّ وحزبهُ المتقدّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
مِنها الّذينَ إِلى المدينةِ هاجروا / قَد جاهَدوا قَد رابطوا قد صابروا
هَجَروا الجميعَ وبالعداوةِ جاهروا / في حبِّ أحمدَ وهو أيضاً منهمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
مِنها الّذين بهم سَما الإيمانُ / صدّيقهُ فاروقهُ عثمانُ
وأبو بنيهِ عليهمُ الرضوانُ / فبهِ لَهم قبل الجميع تقدّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
مِنها نساءُ المُصطفى وبناتهُ / أَعمامهُ أخواله خالاتهُ
أَصهارهُ أختانه ختنانهُ / كَم ذا له رحمٌ هنالك محرمُ
بِحياتهِ صلّوا عليه وسلّموا /
مِنها نَحا المختارُ بيت المقدسِ / وَسَرى عَلى متنِ البراق الأنفسِ
أَسرى بهِ الربّ الجليل بحندسِ / جبريلُ صاحبه رفيقٌ يخدمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
أَمَّ النبيّين الكرامَ هنالكا / ثمَّ اِرتقى معهُ فشقَّ حوالكا
كَم مِن نَبيٍّ في السما وملائكا / قالوا لهُ أهلاً فنعم المقدمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
حتّى اِنتَهى معهُ لسدرةِ منتهى / قالَ السفيرُ هنا المقام قدِ اِنتهى
بِمحمّدٍ في النورِ زُجَّ وفي البها / فرَأى وشاهدَ والمكتّمُ أعظمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
نالَ الصلاةَ مكبّراً ومسبِّحا / وَثَنى الرِكابَ وبالأباطحِ أصبحا
وَحَكى فصدّقهُ اللبيبُ فَأفلحا / وَالحقُّ عندَ العاقلين مسلّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
أَكرِم بمكّةَ والمدينة أكرم / وَاِنثُر بِمدحِهما اللآلئَ واِنظمِ
مَهما اِستطعتَ القول قُل وترنّم / فاللَّه يَرضى والنبي يتبسّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
للَّه درُّ الواصلينَ إليهما / حَسدَتهما الأقطارُ في فضليهما
لولا النبيُّ لَما رأيتَ عليهما / هَذي الفضائل فهو أَفضلُ أكرمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
وَنَعَم فضائلُ مكّةٍ لا تنكرُ / لكِن محاسنُ طيبةٍ لا تحصرُ
الفضلُ أكثرُ والذكي يتحيّرُ / قِف عندَ أحمدَ فالتوقّف أسلمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
عَجَزَ الورى عَن مُعجزات جنابهِ / وَالكونُ مَهما شاء طوع خطابهِ
وَصوابُ كلِّ الخلقِ بعضُ صوابهِ / قرآنهُ مُتشابهٌ أو محكمُ
بحياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
اللَّه أنزلَهُ عليه نُجوما / فَغَدا لأصنامِ الضلال رجوما
طفَحَت مَبانيهِ هدىً وعلوما / غيرُ النبيِّ بسرّه لا يعلمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
عَجزَ الوَرى كلُّ الورى عن بعضهِ / عَن نهيهِ عَن نفلهِ عن فرضهِ
عَن قصّهِ عن وعظهِ عن حضّهِ / لَو كانَ مِن تلقائهِ ما أحجموا
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
العربُ أوّل مَن هداهُ فأُسعدا / وَالعجمُ خيرهمُ الّذي قَد قلّدا
وَهُناكَ حِزبٌ للجحيمِ تولّدا / غَلبت هُدى الهادي عليه جهنّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وَسلّموا /
هوَ سيّدُ الرسلِ الكرامِ إمامهم / سُلطانُهم مِقدامُهم علّامُهم
سَبَقوا وَمِن أيّامه أيّامهم / هُم قادةٌ وهو المليكُ الأعظمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
أَنا قَد لجأتُ إِلى فسيح رحابهِ / وَحططتُ أثقالي على أعتابهِ
وَلَزمتُ بعدَ اللَّه وجهة بابهِ / فَهوَ الكريمُ ومن أتاه يكرمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
حَسَدتنيَ الأفلاكُ في أمداحهِ / في بَلدتيهِ أرومَتَي أفراحهِ
إِن كانَ إسمي عدَّ في مدّاحهِ / فَأنا السعيدُ وبالسعادة أختِمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
صلّى عليهِ اللَّه ما شادٍ شدا / صلّى عليه اللَّه ما سُمعَ الندا
صلّى عليهِ فهوَ أوّل مُبتدا / خَبرٌ لفائدةِ الوجود متمّمُ
بِحياتهِ صلّوا عليهِ وسلّموا /
مقامُ أجلِّ الرسلِ أعلى وأعظمُ
مقامُ أجلِّ الرسلِ أعلى وأعظمُ / فَماذا يقولُ المادحون ومن همُ
نَعم جئتُ أَحكي بعض ما نحن نفهمُ / لِكَيما يصلّي سامعٌ ويسلّمُ
عَليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَإِلّا فَما للذرّ أَن يصفَ العرشا / وَهل يصفُ الأكوانَ ذو مقلةٍ عَمشا
هنالكَ أسرارٌ لأحمد لا تُفشى / خُلاصتها محبوبُ مولاه فاِفهموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
أتى شاهِداً قولُ المؤذّن أشهدُ / بأنَّ أجلَّ الخلقِ قدراً محمّدُ
قران تَعالى اللَّهُ باللَّهِ أسعد / على أنّه للَّه عبدٌ مكرّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
عَلى العرشِ مَكتوبٌ وكلِّ المعالمِ / وَجُدرانِ جنّاتٍ بدت قبل آدمِ
شهادةُ حقٍّ بالنبيّ ابن هاشمِ / أَلا فاِعجبوا من أصلهِ الفرعُ أقدمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بهِ آدمٌ والرسل كلٌّ توسّلا / فأَعطى لهُ مولاه ما كانَ أمّلا
وَلولاهُ دامَ الكونُ بالكفر مثقلا / وَلكن بهِ الرحمن ما زال يرحمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بهِ بشّرَ الإنجيلُ قوماً فحرّفوا / وَبشّرتِ التوارةُ قوماً فأجحَفوا
وَلَو كانَ موسى والمسيحُ تخلّفوا / لَما اِستَنكفوا أن يتبعوهُ ويَخدموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَموسى كليمُ اللَّه في أفق السفرِ / رَأى أمّةَ المُختار كالأنجم الزهرِ
فَقالَ له الرحمنُ هم أمّةُ البدرِ / محمّدنا قال اِجعلنّي منهمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَعيسى سَيأتي تابِعاً شرع أحمد / يُصلّي بهِ مَهديّنا وهو يقتدي
فَأكرِم بِنا مِن أمّةٍ ذات سؤددِ / لَنا البدءُ طه وابن مريم يختمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَيا ليتَ أهلَ الكفرِ قد تَبعوهما / وَيا لَيتَهم في ديننا قلَّدوهما
فَإنّهمُ في جحدهِ أغضبوهُما / فَيا وَيحهم ماذا عليهم لو اِسلموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَما الخاسرُ المغبونُ إلّا جحودهُ / وَما الرابحُ المغبوط إلّا شهيدهُ
وَلا فعلَ خيرٍ للجحود يفيدهُ / وَليس يبالي ميّتٌ وهو مسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَلو عبدَ اللَّه الفَتى ألف حجّةٍ / وَلَم يعصهِ في أمره قدر ذرّة
وَلَم يَعترف في دهره بنبوّةٍ / لهُ فَله دارُ الخلود جهنّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَما العقلُ إلّا ما يري ربّه الهدى / فَينُقذه من هوّة الكفر والردى
وَمَهما سَما نوراً إذا هو ما اِهتدى / إِلى دينِ طه فهو بالكفر مظلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
ولا فرقَ بين المدركينَ زمانَهُ / وَمَن سمِعوا في سائر الدهر شانهُ
فمَن جَحدوه لن يَنالوا أمانهُ / وَجاحدهُ مهما اِتّقى فهو مجرمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
أَتى شرعهُ كلَّ الشرائع ينسخُ / وَيثبتُ في كلّ البلاد ويرسخُ
وَربُّك يَهدي مَن يشاءُ ويمسخُ / وحسّادهُ الأحبار بالمسخِ أعلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَما مسخَ الرحمنُ من بعد بعثته / بِأمّته شَخصاً وأمّة دعوته
لِتَعميمهِ للعالمينَ برَحمته / بهِ اللَّه يُردي مَن يشاء ويرحمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
نعَم مسَخَ اللَّه القلوبَ ولا بدعا / نعَم مُسخت صَخراً وما نَبَعت نبعا
وَقَد عميَت لا تُدركُ الضرّ والنفعا / فَلَم ترَ نورَ المُصطفى وهو أعظمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
تَرى المرءَ في دنياهُ أعلمُ عالم / وَفي الدينِ أَغبى من ضعاف البهائمِ
فلَو كانَ مطويّاً على قلب آدمي / لَما ضلّ عنه والبهائم تفهمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَكَم مِن بهيمٍ قال إنّيَ أشهدُ / بأنَّ رسولَ اللَّه حقّاً محمّدُ
وَكانَ يغيثُ المستجيرَ فيسعدُ / وَبَعضٌ يدلُّ الناس والبعض يخدمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَكَم مِن جمادٍ لانَ إذ نال قلبه / محبّة طهَ حينما شاء ربّهُ
وَأَمّا قلوبُ الكافرين فحربهُ / وَإنّ لها لو تعقلُ السلم أسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بودّي لو خلّى الفتى دين أمّهِ / وَحكّمَ في الأديان صادق فهمهِ
إذاً لاِرتَضى الإسلام ديناً بعلمهِ / وَقال أبو الزهراءِ أصدق أعلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَلكِن رَأى ديناً تهيّأ قبلهُ / رَأى أصلهُ فيه يتابع أصلهُ
فَعاشَ عليهِ فرعهُ جاء مثله / وَما حقّقوا دينَ الحبيبِ ليفهموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَقَد غرّ قَوماً دهرُهم فهو مسعد / لِبعضٍ وبعضٌ بين قومٍ مسوّدُ
وَلو كانتِ الدُنيا حكاه محمّد / وربّكَ يُعطي من يشاء ويحرمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
عَلى أنَّ هَذا الكون أضغاثُ حالم / وَلذّته تَحكي سموم الأراقمِ
مُخالفُ طهَ في لظى غير رائم / وتابعُهُ في جنّةٍ يتنعّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَيا عَجباً للناسِ أينَ عقولهم / لَقَد غَفلوا عَن شأنِ يومٍ يهولهم
وَلَو صدّقوا المختارَ كانَ رَحيلهم / إِلى جنّةٍ أو لا فتلكَ جهنّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
أَما قرأوا قرآنهُ وعجائِبه / أَما سَمِعوا أخباره وغرائبه
أَما عَلِموا أتباعهُ وأصاحبه / فَعنهم جميعُ الكائناتِ تترجمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
رووا دينهُ بالصدقِ عن كلِّ صادق / وَلَم يَأخذوهُ هكذا نطق ناطقِ
لَقَد أَوضحوا منه دقيقَ الحقائقِ / فَبانَ لديهِ صدقه المتحتّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَمَهما يزِد علماً به المرء يشرحُ / بهِ صدرهُ يزدَد يقيناً ويفرحُ
وَدينُ سِواه العلمُ فيه يوضّحُ / شكوكاً فدينُ المُصطفى هو أسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَدينُ سواهُ لا ترى برواتهِ / عليماً صدوقاً سالماً من هناتهِ
وَدامَ بجهلِ القومِ في ظلماتهِ / عُصوراً ودينُ المُصطفى ليس يُظلِمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَهَذا بيانٌ مجملٌ فمنِ اِهتدى / يَرى كلّ يومٍ منه نوراً مجدّدا
وَيشكرهُ واللَّه شُكراً مؤبّدا / عَلى نعمةِ الإسلامِ واللَّه منعمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
لَقَد بَعَث اللَّه النبيَّ محمّدا / إِلى كلِّ خلقِ اللَّهِ أحمرَ أسودا
فَمَن كانَ مِنهُم تابعاً دينهُ اِهتدى / وَساواهُ فيهِ المسلمُ المتقدّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
نَعَم صحبهُ خيرُ القرونِ الأخايرِ / وَبعدهُمُ القرنان خير الأواخرِ
وَعُنصرهُ أَسنى وأَسمى العناصرِ / فَقَد ذهبَ الرحمنُ بالرجس عنهمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَبعدُ فكلُّ الناسِ أولادُ آدم / كَأسنانِ مشطِ العربُ مثلُ الأعاجمِ
وَقَد جعلَ التَقوى أجلّ المكارمِ / فَمَن كانَ أَتقى فهو أفضل أكرمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَإِنّا بحمدِ اللَّه أفضل أمّةٍ / بِنا كلُّ علمٍ نافعٍ كلّ حكمة
عَلَينا منَ الخلّاقِ أكبر نعمةٍ / بملّة خيرِ الرسل والفضل أعظمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَكَم جاءَ منّا واحدٌ مثل عالم / إمامٌ شهيرُ الفضلِ بين العوالمِ
بِمُفردهِ يَسمو على كلّ عالم / ومِن بحرِ طه طالبٌ يتعلّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَمَن كأَبي بكرٍ رأى الناس في الورى / وَمَن كَأبي حفصٍ إماماً غضنفرا
وَمَن كاِبن عفّانٍ مضى أو تأخّرا / وَمَن كأخيهِ حيدرٍ يتقدّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَمَن كنِساءِ المصطفى كلُّ فاضِله / وَمَن كاِبن مسعودٍ ومَن كالعباد له
وَمَن كمعاذٍ في الفضائل شاكله / وَأحبار أنصارِ النبيّ هم همُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَفي تابعيهم كلُّ أروعَ علّام / حَوى كلّ فضلٍ باِكتسابٍ وإلهامِ
فَأَحكَمَ أمرَ الدينِ أكملَ إحكام / وكانَ لربِّ الشرع والشرع يخدمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَمِنهم أُويسٌ والسعيدانِ والحسن / وَخيرُ بَني مروان مستأصلُ الفِتن
وَصاحبهُ الزهريُّ مَن حَفظَ السنن / وَدامَ لشرعِ الهاشميّ يعلّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَأَتباعُهم مِنهم شموسُ المذاهبِ / طوالعُ في الآفاق غير غواربِ
بحورٌ لدَيها البحرُ جرعة شارب / وَمِن عذبِ بحرِ المصطفى قطرةٌ همُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَنُعمانُهم في الفقهِ صاحب تأسيسِ / وَمالكُهم والشافعيُّ بن إدريسِ
وَأَحمدُهم في الدين أصبرُ محبوس / وَفي شرعهِ كلٌّ إمامٌ مقدّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
مَذاهِبهُم جاءَت أجلَّ وأوسعا / عَليها مدارُ الأمرِ في الناس أجمعا
لذلكَ قَد كانَت أعمّ وأنفعا / بِها شرعهُ في الكائنات معمّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وأَتباعُهم مثلُ النجومِ وأنورُ / بِهم يهتدي في الظلمة المُتحيّرُ
وَأمّةُ طهَ بينَهم تَتخيّر / فَما شذَّ عن أقوالهم قطُّ مسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَأكرِم بحفّاظِ الحديث الأكارمِ / أئمّة أصلِ الدين بين العوالمِ
جَهابذ أخبارِ النبيِّ الأعاظمِ / وَبينهمُ اِمتازَ البخاري ومسلمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَكَم مِن وليٍّ بينَ مَن قد تَقدّما / هو النيّرُ الأعلى إِذا الكون أظلما
بهِ الدينُ والدنيا بهِ الأرضُ والسما / تُصانُ ومنه يستمدّ فيغنمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بَدا منهمُ الجيلي وأحمدُ أحمد / عليٌّ وإبراهيم والكلّ سيّدُ
أُلوفُ ألوفٍ عدّهم ليس ينفدُ / خلائفه في الكون كلٌّ محكّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَفي كلِّ عصرٍ من وليٍّ وعالم / ألوفٌ لحفظِ الدين حفظ العوالمِ
رَقَوا فوقَ فوق الخلق دون سلالم / بَلى باِتّباعِ المصطفى فهو سلّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
وَعَن نورِ خيرِ الخلقِ كلٌّ تفرّعا / ولولاهُ ما نالوا منَ الفضلِ أصبعا
أَرادَ بِهم خيراً فنادى فأسمعا / أَجابوهُ يا لبّيك قال ألا اِسلموا
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
فَدونكَ فاِعلم فضل خير أئمّةٍ / همُ السادةُ القادات من خير أمّة
عَلى أمّة المختارِ هم خير رحمةٍ / بِها أنفُ أهل الكفر ما زال يرغمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
بهِ وبِهم أرجو السماحَ من الباري / وَإِن عظُمت في سالف العمر أوزاري
ذُنوبيَ أوساخٌ وهو مثل أمطارِ / وطهَ هو البحر المحيط وأعظمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
عليهِ صلاةُ اللَّه تَترى تردّدُ / عَلى قدرهِ ليست تعدُّ فتنفدُ
عليهِ سلامُ اللَّه فهو المجدِّدُ / مَكارمَ أخلاقِ الورى والمتمّمُ
عليهِ عبادَ اللَّه صلّوا وسلّموا /
رَأى مدحَ خيرِ الخلقِ صَعباً فَأَحجما
رَأى مدحَ خيرِ الخلقِ صَعباً فَأَحجما / وَقادتهُ أنوارُ المَعاني فأَقدما
بَدا بدرهُ والكونُ يعبسُ مُظلما / فبثَّ بهِ نورَ الهدى فتبسّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
بَرا نورَهُ الخلّاق قبل العوالمِ / ونبّأهُ مِن قبلِ طينة آدمِ
وَشفّعهُ فيهِ وَفي كلِّ آثم / وَحكّمهُ في ملكهِ فتحكّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَمِن نورهِ كانَ الوجودُ بأسرهِ / وَلولاهُ ما بانَت حقيقة سرّهِ
وَما زالَ مطويّاً بعالمِ أمرهِ / وَلكِن عليهِ الحقُّ بالخلقِ أنعما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
أَبو الناسِ طرّاً أعرفُ الناسِ أرفعُ / أبو كلِّ هَذا الخلقِ والفضل أوسعُ
وَلا عَملٌ واللَّه للَّه يرفعُ / إِذا لَم يكُن من بابه قد تقدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
مُقدّم كلِّ الأنبياءِ خِتامهم / معوَّلُهم في المعضلات إمامهُم
فَلا فضلَ جلّت فيه حظّاً سهامُهم / على الخلقِ إلّا سهمهُ كان أعظما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
محمّدٌ المختارُ من آل هاشم / وَمِن كلّ أهلِ الأرض أولاد آدمِ
وَأهلِ السما طرّاً وكلّ العوالمِ / فَما مثلهُ خلقٌ بأرضٍ ولا سما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
تَشرّفتِ الكتبُ القديمةُ باِسمهِ / وَوصفِ مَزاياه وإظهار حكمهِ
نَعَم هيَ كانت من أبيه وأمّهِ / بِأوصافهِ العلياء أدرى وأعلما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
تَناقلهُ الأخيارُ من عهد آدم / كرامُ الورى في الطاهرات الكرائمِ
بكلِّ نكاحٍ من صحيحٍ ولازم / وَما اِقترفوا فيه سفاحاً محرّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
لَقَد شرّف اللَّه الجدودَ بسرّهِ / بُطوناً ظهوراً والوجودَ بأسرهِ
تَولَّد مِن شمسِ الكمال وبدرهِ / فحلَّ بِهذا الكون نوراً مجسّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَكَم مُعجزاتٍ أعجزَ الخلقَ دحضُها / أَطاعَت فأبدَتها سَماها وأرضُها
بِليلةِ ميلادٍ له كانَ بعضُها / ومِن بعدها بعضٌ وبعضٌ تقدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
سَلِ الفيلَ ما هذا الحرانُ الّذي جرى / أَرادوا لهُ التقديمَ وهو تأخّرا
أَكانَ لنورِ المصطفى شاهداً يرى / وَتضليلُ كيدِ الجندِ كان لهم عَمى
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَمِن أَين جاءَتهم طيورٌ أبابيل / رَمَتهم بسجّيلٍ بهِ الكلُّ مقتولُ
أَكانَ دَعاها حين عصيانهِ الفيلُ / عَليهم فلبّتهُ فُرادى وتَوأَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَفي ليلةِ الميلادِ شهبُ الكواكبِ / دَنَت وتدلّت كالسهام الثواقبِ
وَنُكّست الأصنامُ من كلِّ جانب / وَقَد أعظَمت في وقتهِ أن تعظّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
أَضاءَت قصورُ الشامِ مِن ضوء نورهِ / فأبصَرها المكّيُّ من وسط دورهِ
وَقَد فُتحَت في قربِ عهد وزيرهِ / فَكانَ إِليه الدينُ أسرعَ أدوَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَأَطفأَ ذاكَ النورُ ناراً لفارس / فَكَم عابدٍ أبكته عبرة قابسِ
بُحيرتُهم صارَت دموع الأراجسِ / وَمِن بعدهِ أبكاهمُ صبحهُ الدما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَإِيوانُ كِسرى قَد هوت شرفاتهُ / وَصاحبهُ بالشقّ مرّت حياتهُ
وَسارَت برُؤيا الموبذانِ رواتهُ / سَطيحٌ بِبُشرى الهاشميِّ ترنّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَناغاهُ بدرُ التمِّ وهو بمهدهِ / لِيقبسَ نوراً ذاكراً حسن عهدهِ
وَمِن بعدُ قَد ناداهُ من أفق سعدهِ / وَقالَ اِنقَسم قِسمين خرَّ مُقسّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
حَليمةُ سَعدٍ ضاعفَ اللَّه برّها / عَلى حينِ تسقي درّة الكونِ درَّها
وَقَد شاهدَت منهُ نماءً فَسرّها / فيومٌ كشهرٍ وهو كالعام قد نَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَعاشَ يتيماً مِن أبيه وأمّهِ / لَدى جدّهِ حتّى مضى فلعمّهِ
وَما زالَ لطفُ اللَّه أوفر سهمهِ / إِلى أَن نَشا فيهم عَزيزاً مُكرّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَما شاركَ الأقوامَ حيناً بأمرِهم / وَلا سارَ يَوماً في الملاهي بسيرهِم
وَلَم يَرضَ فيما هُم عليه بكفرهِم / وَكانَ بِهم يُدعى الأمينُ المُحكّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَلمّا أرادَ اللَّهُ إظهارَ دينهِ / وَكشفُ المخبّا من خبايا شؤونهِ
حَباهُ علومَ الرسلِ في أربعينهِ / وَجبريلهُ كانَ السفيرَ المعلّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
تخيّرُه الرحمنُ مِن كلّ ناطق / وَأرسلهُ طرّاً لكلّ الخلائقِ
وَأولاهُ علماً في جميع الحقائقِ / فكانَ عَلى الرسلِ الإمامَ المُقدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَكَم طاوعَ الشيطانَ فيهِ حواسد / عليهِ لَهُم مِن كلّ شيءٍ شواهدُ
وَلكنّ أَشقى الناسِ غاوٍ معاند / رَأى نورَ طه ثمّ ما زال مُجرِما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
أَتى وَظلامُ الشركِ في الناسِ حالك / وَشيطانهُ في كلّ دين مشاركُ
وَفي كلِّ قلبٍ للظلامِ مبارك / فَجلّى بنورِ الحقِّ ما كانَ مُظلِما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
فَبعضٌ أصلّتهُ النجومُ الطوالعُ / وَبعضٌ لأصنامِ الغواية راكعُ
وَبعضٌ لأشجارِ الضلالة خاضعُ / هداهُم فَصاروا أعقلَ الناس أفهما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
فَلا عزَّ للعُزّى ولا لِمناتِهم / يغوث يعوق النسرَ إهلاكُ لاتهِم
عَلا دينُهم بالرغم عن سرواتهِم / وَهدّمهُ مِن أصلهِ فَتهدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَعاداهُ مِنهم كلّ شيخٍ مضلّل / عليهِ لأهلِ الشرك كلّ معوّلِ
لَقَد أَقدَموا في حربِ أفضل مرسل / فَما زادهُ الإقدامُ إلّا تقدّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
عليهِ على حكمِ الضلالِ تعصّبوا / وَمِن كلِّ أوبٍ في أذاه تألّبوا
قَدِ اِجتَمعوا في كُفرِهم وتحزّبوا / فَأهلكَ بعضَ القوم والبعضُ أسلما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَكَم مِن رؤوسٍ حانَ وقتُ حَصادها / سَعَت ضدّهُ مِن جهلها بِمعادها
فَحارَبها مِن بعدِ يأسِ رَشادها / وَأَوصلَها بالسيفِ قطعاً جهنّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَأَولاهُ مَولاهُ كرامَ أصاحب / تخيّرهم مِن قومهِ والأجانبِ
أَطاعوهُ حتّى في حروبِ الأقاربِ / فَما سالَموا منهم أباً ضلّ واِبنَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
دَعاهُم أَجابوا واحِداً بعد واحدِ / عَلى خيفةٍ مِن شرِّ كلِّ معاندِ
تنحّى بِهم مِن قلّةٍ في المعابدِ / وَزادوا فَصاروا بعدُ جَيشاً عَرَمرما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
بِهِم أيّدَ الجبّارُ في الأرض دينهُ / أعزَّ بِهم مختارهُ وأمينهُ
فَلَم يَبرَحوا في أمرهِ يتبعونهُ / إِذا شاءَ شيئاً كان أمراً مُحتّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
فَمِنهم بَنو أجدادهِ كلُّ باسل / خَبيرٍ بأحوالِ الوغا غير ناكلِ
يُرى معهُ في الحربِ في زيِّ راجلِ / وَأنتَ إِذا حقَّقت أبصرتَ ضَيغما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
لَقَد هجَروا مِن أجلهِ الدارَ والأهلا / وَقَد قَطعوا في حبّهِ الحَزنَ وَالسهلا
وَقَد لبِسوا العرفانَ إِذ خَلعوا الجَهلا / وَصاروا بهِ أَهدى البريّة أَعلما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَأَنصارهُ الأبطالُ أفضلُ أنصار / جَبانُهم في الحربِ كالأسدِ الضاري
أَطاعوهُ بالأرواحِ والمال والدارِ / فَروحي فِداهم ما أعزَّ وأكرما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَلا تَنسَ صَحباً مِن هُنا وهنالكا / أطاعوهُ خاضوا في رضاهُ المَعاركا
وَمِنهم مَوالٍ ثمّ عادوا موالكا / بأحمدَ نالوا العزّ فذّاً وتوأما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
صحابتهُ كلٌّ عدولٌ أفاضلُ / وَما منهمُ إلّا بهِ الفضل كاملُ
أئمّتَنا مَهما نَفى الحقّ جاهلُ / هَداهُم فكانوا في سما الدينِ أنجُما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
لَقَد جاهَدوا في اللَّه حقّ جهادهِ / وَقَد فتَحوا بالسيف جلَّ بلادهِ
ودينَ الحِجازي عمّموا في عبادهِ / وَلولاهمُ ما جاوزَ الدين زمزما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَلا سيّما الصدّيقُ وَالفاتح الثاني / عليٌّ أبو الأشراف من بعد عثمانِ
عَليهم وكلِّ الصحبِ أفضلُ رضوانِ / فَقَد خَدموا المُختارَ حيّاً وبعدما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَيا حبّذا الأطهارَ آل محمّد / وأكرِم بِزوجات النبيِّ ومجّدِ
حَوَت بنتهُ الزهراءُ أفضل سؤدد / بهِ فاقتِ الزوجات طرّاً ومريَما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَأَبناؤُها حتّى القيامة أفضلُ / منَ الناس طرّاً لا نبيٌّ ومرسلُ
فهُم بضعةٌ للمصطفى من يفضّلُ / سِواها غَدا بالجهلِ لا العلمِ معلما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَطهّرهم مِن كلّ رجسٍ مطهّرُ / هو اللَّه فاِفهم فالمُهيمن أخبرُ
وَعَن جدّهم جاءَ الحديث يبشّرُ / وَفاطمةٌ قَد أَحصنتهُ فحرّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
وَسائرُ زوجاتِ النبيّ كرائمُ / عليهنَّ رضوانُ المهيمن دائمُ
فَضلنَ النِسا والفضل فيهنَّ لازمُ / وَكُنّ لديهِ أقربَ الناس ألزما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
مَواليه كلٌّ منهمُ سادَ قومهُ / وَقَد جعلَ المختارُ كالأهل حكمهُ
فَلا غروَ أَن خلّى أباهُ وعمّه / وَجاءَ له مولاه زيدٌ قد اِنتمى
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
خَوادمهُ والخادمونُ عليهمُ / سَلامٌ منَ الرحمنِ يسري إليهمُ
فَخِدمتهُ كانت فخاراً لديهمُ / وَقَد كانَ حسّادهم أنجمُ السما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
صِفاتكَ يا خيرَ الخلائق تعظمُ / عنِ المدحِ مهما بالغ المتكلّمُ
وَلَكنّ شَرطي فيك عقدٌ منظّمٌ / وَدونكهُ قد تمّ عقداً منظّما
عَلى ذاتِهِ الرحمنُ صلّى وَسَلّما /
أَقبِل عَلى مدحِ النبيِّ مُفخّما
أَقبِل عَلى مدحِ النبيِّ مُفخّما / وَمُنصّصاً ومخصّصاً ومعمّما
وَمبجّلاً ومفضّلاً ومعظّما / وَمُتحّياً ومصلّياً ومسلّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
هوَ سيّدُ الرسلِ الكرام محمّدُ / أَولاهمُ بِعُلا المحامد أحمدُ
وَأجلُّهم قدراً وأمجدُ أسعدُ / وَلَقد عَلاهم فاتِحاً ومتمّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
لا خلقَ أفضلُ منهُ عند الخالقِ / في العالمين مخالفٍ وموافقِ
مِن حاضرٍ من سابقٍ من لاحق / ما ثمّ إلّا اللَّه أعلى أعظما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
خيرُ الوَرى نَسباً وأفضلُ عُنصرا / أَذكاهمُ خَبراً وأطيبُ مَخبرا
أَسماهمُ خُطباً وأرفعُ مِنبرا / يومَ الفخارِ إِذا الحسودُ تكلّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
خلقَ المُهيمنُ نوره من نورهِ / وَالكون منهُ كبيره بصغيرهِ
وَلَقد تأخّر خاتماً بظهورهِ / للرسلِ وهوَ كَما علمت تقدّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
اللَّهُ أكرمهُ بفضلِ نبوّته / مِن قبلِ آدمه وقبل أبوّتِه
وَتشرّفَت أجدادهُ ببنوّته / في عالمِ التجسيمِ حين تجسّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
لا جدَّ إلّا وهوَ فرد زمانهِ / متميّزٌ فضلاً على أقرانهِ
مُتوارثونَ وصيّةً في شانهِ / مِن آدمٍ وإلى الخليل وبعدما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
كانَت وصيّتُهم وقايةَ نورهِ / مِن عارضٍ ببطونهِ وظهورهِ
في كلِّ طاهرةٍ وكلّ طهورهِ / حتَّى بَدا في الكون نوراً أعظما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
أَنبا بهِ تلكَ القرون خبيرُهم / تَوراتهُم إِنجيلُهم وزبورُهم
قَد جاءَ بِالقرآنِ وهو كبيرُهم / لِلخلقِ قاطبةً فزادَ وترجما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
اللَّه أكرمهُ بحفظِ قبيلهِ / مِن كيدِ أبرهة الخبيث وفيلهِ
الفيلُ أحجمَ باركاً بسبيلهِ / نورَ النبيِّ رأى هناكَ فأحجما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
تَعساً لذيّاك اللعينِ وحزبهِ / فازَت أبابيلُ الطيورِ بحربهِ
بلدُ النبيِّ رَمى وكعبة ربّهِ / بجنودهِ فرمتهُمُ طيرُ السما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
فَرمتهمُ بِحجارةٍ سجّيلها / الجيشُ مصروعٌ بها مقتولها
كانَت وقَد أفناهمُ تَنكيلها / نَصراً لأحمدَ جاءَه متقدِّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
أَسَفي لِوالدة النبيِّ ووالده / لَم يَشهَدا في الدين خيرَ مَشاهدِه
عادا فَكانا في عدادِ شَواهدِه / أَحياهُما الربُّ القديرُ فأَسلما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
حَمَلت بهِ تلكَ الأمينةُ آمنه / فَغَدت بهِ من كلّ سوءٍ آمنَه
كانَت بِها خيرُ الجواهرِ كامنَه / وَالنورُ عَن عين الوجودِ مكتّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
حتّى اِستنارَ الكونُ يوم ولادته / وَسَرى السرورُ إلى الورى بوفادته
وَالجنُّ هاتِفُهم بحسنِ شهادته / قَد ظلَّ ينشدُ مدحهُ مترنّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
غارَت بُحيرةُ فارسٍ نيرانها / خَمَدت وشُقَّ وقَد علا إيوانها
وَالموبذانُ رَأى فبان هوانُها / قالَ السطيحُ محمّداً وَعرمرما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
هَذي وِلادته وذلك نورهُ / بانَت بأرضِ الشامِ منه قصورهُ
فَدَنا له ولجيشهِ تسخيرهُ / وَعَلى المَمالك بالفتوح تقدّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
وَتَنكّست لقدومهِ أَصنامُهم / فَتَنكّست مِن بعدها أعلامُهُم
وَعنِ اِستراقِ السمعِ صُدّ إِمامهم / وَجُنوده فَغدا بأحمدَ مُرغما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
يا سَعدَ سعدٍ أرضعتهُ فتاتُها / قويَت مطيّتها ودرّت شاتها
وَأتتهُ يومَ حنينهِ ساداتها / فَعَفا وقد حازَ القبيلةَ مَغنما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
شقّت مَلائكةُ المهيمنِ صدرهُ / شَرفاً وشقّ له المهيمن بدرهُ
ما الكونُ إلّا نهيهُ أو أمرهُ / اللَّه حكّمهُ به فتحكّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
إنّ الملائكةَ الكرامَ جنودهُ / وَالأنبيا إخوانهُ وجدودهُ
خَفَقت على أَعلى السماء بنودهُ / وَسَما صعوداً حيث لا أحدٌ سما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
في الخلقِ ربُّ الخلقِ أنفذ حكمهُ / في الكلِّ كانوا حربهُ أو سلمهُ
لَو لم يرجّح في البرايا حلمَهُ / لَدعا فعاجلتِ الكفورَ جهنّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
جاءَ الوَرى والجاهليّةُ غالبَه / وَالشركُ قَد عمّ البَرايا قاطبَه
فَدعا لِتوحيدِ الإله أقاربَه / وَالخلقَ قاطبةً فخصّ وَعمّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
فَأَجابهُ قَومٌ هناك قرومُ / رَجَحت لهُم بين الأنام حلومُ
ما مِنهمُ إلّا أغرّ كريم / يَفدي النبيَّ بروحهِ إِذ أَسلما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
سَبَقَ الجميعَ خديجةٌ وأبو الحَسن / زيدٌ أبو بكرٍ بلال المُمتَحن
وَهدى سِواهم فتيةً تركوا الفتن / روحي فِداهم ما أبرَّ وأكرما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
سَعدٌ أبو حفصٍ سعيدٌ حمزتُه / وَأبو عبيدةَ وابن عوفٍ طلحَتُه
زوجُ اِبنتيه والزبيرُ عُبيدَتُه / أَكرِم بهِ ليثاً وحمزة ضيغما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
وَسِواهمُ قوماً دعا فأجيبا / مُستعذبينَ بحبّهِ التَعذيبا
وَالدينُ كانَ كَما أفادَ غَريبا / وَالكفرُ كان مطنّباً ومخيِّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
ثمّ اِنبرى نحوَ القبائل داعياً / وكمِ اِنثَنى لا شاكراً بل شاكيا
ما زالَ أمرُ الدين فيهم واهيا / حتّى اِهتدى أنصارهُ فاِستحكما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
وَعليهِ أحزابُ الضلالِ تحزّبوا / وَتَجمّعوا وتذمّروا وتألّبوا
وَتأزّروا في كُفرِهم وتعصّبوا / هَجَموا عليهِ وَالمهيمن قَد حمى
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
فَرماهمُ مِن أرضِهم بِتُرابهم / أَعمى عيونهمُ عَمى ألبابِهم
ومَضى لِطيبة واِنثنى بِعذابهم / فَسَقى الرَدى قوماً وقوماً علقما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
يا يومَ بدرٍ حينَ بادر نصرهُ / فيهِ بأفقِ الدين أشرق بدرهُ
عيدٌ عَلى بقرِ الضلالة نحرهُ / أهدى بِها وحشَ الفلا طيرَ السما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
أَصحابهُ مِن كلّ ليثٍ كاسر / خاضوا بِسمرٍ في الوَغا وبواترِ
عَبَسوا بوجهِ الكفرِ عبسة خادر / حتّى رأَوا ثغرَ النبيّ تبسّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
ناجى القَنا هاماً ليدروا أمرها / وَاِستَكشَفوا بفمِ الصوارمِ سرّها
نادَتهمُ كفراً فجزّوا شرّها / وَبِأمرِهم أَسروا اِمرءاً مُستسلما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
أَهلُ القليبِ وَما القليبُ لهم مَقر / لكنّه كانَ الطريقَ إلى سقَر
عادوا النبيَّ وهُم أكابرُ مَن كفَر / فيهِم يمينُ الكفرِ أصبَح أجذما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
حَضرَ الوقيعةَ جبرئيلُ بعسكر / وَاللَّه ناصرهُ وإن لم يحضرِ
صلّى الإله عليهِ خيرَ مُبشّر / بِالفتحِ لم يُسلم أَخاه وسلّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
لَو لَم يكُن يوم الوَغا جبريلهُ / لَو لَم يكُن أنصارهُ وقبيلهُ
لَكَفى العدوَّ برميهِ تنكيلهُ / هوَ ما رمى إنّ المُهيمنَ قَد رمى
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
وَاِجتاحَ سائرَ غيّهم في فتحهِ / أمَّ القُرى قهراً بعنوةِ صلحهِ
شرحَ الصدورَ فقُل بهِ وبشرحهِ / ما شئتَ في مدحِ النبيّ معظّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
فَتحٌ به أمرُ النبيِّ اِستَفحَلا / وَبهِ غَدا بابُ الضلالةِ مُقفلا
فَتحٌ بهِ وجهُ النبيِّ تَهلّلا / وَالدينُ مِن بعدِ العبوسِ تبسّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
فَتحٌ سَرى بينَ البسيطةِ نورهُ / البيتُ مَسرورٌ به معمورهُ
فَتحٌ أجلُّ المرسلينَ أميرهُ / قَد كانَ فيه حاكِماً وَمحكّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
فَتحٌ لأسبابِ الرِضا مُستجمعُ / الدينُ عنه مُأصّلٌ ومفرّعُ
فتحٌ بهِ وَبمثلهِ لا يسمعُ / قَد أكرمَ اللَّه النبيّ الأكرما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
فَتحٌ دعا الإسلامَ أزهرَ أنورا / وَأَعادَ وجهَ الكفرِ أشعث أغبرا
شادَ النبيُّ الدينَ في أمِّ القرى / وَالشرك هدّمهُ بِها فتهدَّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
فَتحٌ به الدينُ المبينُ تأيّدا / وَبهِ غَدا الحرمُ الحرامُ مُمهّدا
قَد حلَّ فيهِ له القتالُ معَ العدا / وَقتاً وعادَ على الدوامِ محرّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
قَد قادَ فيهِ منَ الصحابةِ عَسكرا / كَسَروا الضلالَ وَجيشهُ فَتكسّرا
ما بَينَهم قَد كانَ بدراً مُسفِرا / مِن غيرِ تَشبيهٍ وَكانوا أنجُما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
قَد جاءَ نصرُ اللَّهِ فيهِ وفتحهُ / لِمُحمّدٍ والشركُ فرّ وقبحهُ
ساءَ اللعينَ ومُشركيه طرحهُ / بِقضيبهِ أصنامَهم مُتهكّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
كانَ النبيُّ بهِ أجلَّ سموحِ / مِن غيرِ إِسرافٍ ولا تسريحِ
لين المسيحِ به وشدّة نوحِ / خلّى هناكَ وسارَ سَيراً أقوما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
ما كانَ يخطرُ عفوهُ في خاطر / مِن كثرِ زلّاتٍ وعظمِ جرائرِ
لَكِن عَفا عفوَ الكريم القادرِ / وَأراقَ مِن أشرارِهم بعض الدما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
يا فتحَ مكّة فتح فتوحنا / نَفديكَ يا فتحَ الفتوح بروحنا
في حُزنِهم بالغتَ في تَفريحنا / بالنصرِ يا فتحَ النبيّ الأعظما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
ذَلّت قُريشٌ أيَّ ذلٍّ كاسر / عزّت بهِ فاِعجَب لكسرٍ جابرِ
قومُ النبيِّ وبعدَ نبوة باترِ / صارَت لهُ دِرعاً وسيفاً مخذما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
في نُصرةِ الدينِ المُبين بَدا لها / مِن بعدُ آثارٌ أبانَت فَظلها
فَتَحت بلادَ اللَّه حزن وسهلها / وَلدينِ أحمدَ عمّمت فتعمّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
هيَ ذاتُ فَضلٍ في الأنامِ مسلّمِ / خيرُ الورى مِنها وكلّ مقدّمِ
البعضُ مِنها كان أوّل مُسلمِ / بِمحمّدٍ والبعضُ كان متمّما
اللَّهُ قَد صلّى عليهِ وسلّما /
إِلامَ وحتّام هذا المقام
إِلامَ وحتّام هذا المقام / فَقُم واِرخ لليَعمُلاتِ الزِمام
وَسِر نحوَ طيبةَ دارِ الكرام / فَفيها المُشفّعُ خيرُ الأنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
إِليها بنصٍّ تشدُّ الرِحال / وَفيها تحطُّ الذنوبُ الثِقال
وَمِنها تنالُ الأماني الغَوال / وَضيفُ النبيِّ بِها لا يُضام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَخلِّ المَطايا لَدَيها تَجول / تَجوبُ إِليها الحزونَ السُهول
فَما ثمَّ إلّا الرِضا والقَبول / لَدى أكرمِ الخلقِ راعي الذِمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
هُنالكَ تحمدُ غبَّ السُرى / هُناكَ تَرى النيِّر الأكبرا
هُناكَ تشاهدُ خيرَ الورى / وَمنهُ تفوزُ بنيلِ المَرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
أجلُّ الوسائلِ عند المليك / مُحالٌ مع اللَّه ندٌّ شريك
توسّل بهِ للرِضا يَرتضيك / وَلَو كنتَ أسخطتهُ بالأثام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
نبيُّ الهُدى نخبةُ المُرسلين / مبيدُ العِدا رحمةُ العالمين
رَسولُ الإلهِ المُطاعُ الأمين / خُلاصةُ أولادِ سامٍ وحام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
تفرّعَ عَن كلّ أصلٍ أصيل / وَكانَ خُلاصةَ جيلٍ فجيل
فَليسَ لهُ شبهٌ أَو مثيل / وَما فوقهُ غيرُ ربِّ الأنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
دَعاهُ تَعالى لِأسنى تلاق / وَأَرسلَ جِبريلهُ وَالبُراق
فَشاهدهُ بأجلِّ اِشتياق / فَقالَ له اِركَب وأَرخِ الزِمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَسارَ عليهِ إِلى إيليا / فَصلّى هنالكَ بِالأنبياء
وَمِنها إِلى فوقِ أعلى سما / وَمِنها إلى غايةٍ لا ترام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَجازَ عَلى سِدرة المُنتهى / وَعَن سيرهِ جبرئيلُ اِنتهى
وَزجّوه في النورِ حتّى اِنتهى / إِلى رؤيةِ الحقِّ بعدَ الكلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَقَد فازَ ثمَّ بفرضِ الصلاة / وَحازَ مِن اللَّه خيرَ الصلات
وَنالَ القِرى مِن جميعِ الجِهات / وَلا بدعَ والمكرمُ ربّ الكرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
بهِ عالمُ العلوِ قد شُرّفوا / وَآدمُ أَهلاً به يهتفُ
وَإدريسُ هارونُهم يوسفُ / وَموسى وَعيسى ويحيى اِبرَهام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَقَد أَتى مثواهُ في ليلَته / هُبوطهُ قَد زادَ في رِفعَته
وَنالَ ما قَد نالَ في سَفرته / وَطابَ لهُ بعدَ ذاك المُقام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَمِن بعدِ شهرٍ أتى نصرهُ / برعبٍ مَتى جاءَهم ذكرهُ
حُروبٌ بِها قَد علا قدرهُ / بِدونِ قتالٍ ودون قَتام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَحلَّ لهُ بالوَغا المغنمُ / وَكانَ على غيرهِ يحرمُ
وَما زالَ ربّي له يكرمُ / بحلِّ حلالٍ وحظرِ حَرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَأَكرمهُ بخيارِ الرِجال / وَخيرِ النساءِ وخيرِ المَوال
فَكلّهمُ أهلُ خيرِ الخِصال / وَكلٌّ لَدى قومهِ في السَنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَما زالَ أصحابهُ في اِزدياد / وَقَد فتحَ اللّهُ بابَ الجِهاد
وَذلَّ الضلالُ وعزّ الرشاد / وَزادَ الضيا حينَ نقصِ الظلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَأكرِم بِصدّيقهِ الأكبرِ / وَعُثمان والفاتحِ الأشهرِ
عليٌّ أبو الحسنينِ السَري / أَخوهُ الكريمُ وكلٌّ كرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وكلُّ صَحابتهِ كالنجوم / لِقَومٍ هدىً ولقَومٍ رُجوم
بِهِم دينهُ في البرايا يَدوم / وَقام بِهم غالباً منذُ قام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَدوهُ بِأرواحِهم والبَنين / وَكانوا لهُ خيرَ حصنٍ حصين
وَما مِنهمُ غيرُ عدلٍ أمين / بِطهَ لهُم شرفٌ لا يرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
يَروحُ ويَغدو بهِم للقتال / وَقَد لازَموه لزومَ الظلال
مُطيعينَ لا صَخبٌ لا جدال / لديهِ يُرى منهمُ لا خصام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَمَن مِثلُهم جاءَ في العالمين / سِوى الأنبياءِ سِوى المرسلين
لَقَد بلّغوا الناسَ شرعَ الأمين / وقَد أيّدوه بحدِّ الحسام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَقولوا لِمُبغضهم يا غبي / إِلى النارِ فاِذهَب بذا المذهبِ
أَلَم تدرِ أنّك حربُ النبي / بِرفضهمُ لا عليكَ السلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
شَمائلهُ ما نسيمُ الصبا / بِألطفَ مِنها وزهرُ الربا
كَساهُ المحامدَ منذُ الصبا / وعرّاهُ مِن عارِ كلّ المذام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
لِيوسُفَ قَد كانَ شطرُ الجمال / وَطهَ حَواهُ بوجهِ الكَمال
فَليسَ لهُ في البرايا مِثال / وَلا سيّما عندَ كشفِ اللِثام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
مُحيّاه نورٌ وعينُ الضياء / بهِ الكونُ أشرقَ أرضٌ سماء
تَجمّعَ فيهِ جميعُ البهاء / فَما الشمسُ ما البدرُ بدر التمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
حَوى صدرهُ العلمَ علمَ الورى / بِنسبتهِ نُقطةٌ لا تُرى
فَخلِّ غَماماً ودَع أبحرا / فَأينَ البحارُ وأينَ الغمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
تَميّزَ فَرداً بحسنِ البيان / فَلا مثلَ ألفاظهِ والمَعان
لَقَد كانَ أفصحَ أهلِ الزمان / وأُعطي جَوامعَ خيرِ الكلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَكانَ عَلى خيرِ خُلقٍ عَظيم / بِذلكَ أَثنى عليهِ العليم
وَأقسمَ سُبحانهُ في القديم / بِعمرٍ لهُ وهو أعلى اِحتِرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَكَم جاهلٍ قَد أساءَ الأدَب / عَلى المُصطفى مِن جُفاةِ العَرب
فَأَكرمَ مثواهُ حتّى اِقترب / وَراحَ وَلَم يلقَ أَدنى مَلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
جَوادٌ لوَ اِنّ جميعَ البحار / وَكلّ سَحابٍ بكلِّ دِيار
عَلى عددِ القطرِ مِنها نضار / أَتاهُ لأعطاهُ قبلَ المَنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَلَو كانَ مُلكَ أبي القاسمِ / عطاءُ اِبن مامةَ مع حاتمِ
وَكلّ كَريمٍ بذا العالم / لأعطاهُ شَخصاً وخافَ الملام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
شَجاعَتهُ لا يفيها المَقال / وَدركُ الحَقيقةِ مِنها مُحال
تأمَّل حُنيناً وركبَ البِغال / وَإِقبالَه والوغا في ضِرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَقَد هربَ الصحبُ إِذ أعجبوا / وَمِن قبلِها قطّ لم يَهربوا
فَناداهمُ عمّهُ الأنجبُ / فَعادوا سِراعاً لهُ كالنعام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَخاضوا غِمارَ الوَغى في بحار / وَقَد غَسلوا العارَ عارَ الفرار
بِزرقِ القَنا وببيضِ الشِفار / وَكانَ إماماً لهُم في الأمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَصارَت هوازنُ أَشقى العِدا / بِقتلٍ وأسرٍ سَقوها الرَدى
وَساقوا السَبايا وعزَّ الفدا / فَنادوا سَلاماً فنادى سلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
عَفا عنهمُ عفوَ مولىً كريم / بِذكراهُ عهدَ الرضاعِ القديم
وَقالَت له أختهُ يا حميم / تَذكَّر فِعالكَ قبلَ الفِطام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَقالَ لَها أَبشري بالنوال / وأَجلَسَها حيثُ عزّ المنال
وَخيّرَها فَصَبت لِلأهال / وجهّزَها فاِنثَنت لا تُضام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
لأقدامهِ الرملُ صخرٌ صقيل / وَصمُّ الصُخورِ كرملٍ مَهيل
علومَ الغيوبِ حباهُ الجَليل / وَكلّ الكمالِ وخير الكلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَأَكرِم بخيرِ رسولٍ كريم / وَبِالمُؤمنين رؤوفٌ رحيم
عَلى أَنّه ربُّ خُلقٍ عظيم / فَيشفعُ لِلكلِّ يوم الزحام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
هوَ اليومُ يومُ العذابِ الأليم / يفرُّ الحميمُ بهِ مِن حميم
يودُّ اِنصِرافاً ولَو لِلجحيم / بهِ الخلقُ قبل حميدِ المَقام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَيَأتونَ والدَهم آدما / وَنوحاً ويأتونَ إبراهَما
وَموسى وعيسى فَكلٌّ رمى / عَليه غيرهِ ثمَّ خيرَ الأنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
يُجيبُ نِداءَهمُ واحدا / يَخرُّ إِلى ربِّه ساجِدا
يكونُ لهُ شاكراً حامداً / محامدَ فَتحٍ تُحاكي المقام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
يُنادي مِنَ اللَّه قُم واِرفعِ / وَسَل ما تريدُ وقل يسمعِ
نُشفّعكَ في خلقِنا فاِشفعِ / فَيشفعُ في الكلِّ ذاك الهمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
هنالكَ يظهرُ فضلُ الحبيب / يَراهُ البعيدُ يراهُ القريب
فَيندمُ إِذ ذاكَ غيرُ المجيب / يقولُ يا ليتهُ لي إِمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَقَد خصّه اللَّه بالكوثرِ / أَجلّ المُنى أفضلِ الأنهرِ
يَصبُّ بِحوضٍ لهُ أكبرِ / عديدُ النجومِ لهُ خير جام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
كَمِسك شَذا مائه أذفر / وَأَذكى وأَحلى من السكّرِ
سَيَسقيهِ كلّاً سِوى المنكرِ / مُحالٌ على شارِبيه الأوام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
إِلَهي بجاهِ أَبي القاسمِ / نبيِّ الهُدى صفوة العالمِ
حَبيبكَ خيرِ بني آدمِ / وَسيّدِ مَن سدتهُ يا سلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
أَنِلني رِضاكَ وحبّبه بي / وَسهّل إِلهي بهِ مَطلبي
وَشفّعه فيَّ وأمّي أبي / وَقَومي وصَحبيَ أهلَ الذمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَمِن حوضهِ يا إِلهي اِسقنا / وَبالبعدِ عنهُ فَلا تُشقِنا
وَتحتَ لِواءٍ له رقّنا / لأعلى فَراديسِ دارِ السلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَحسّن بِفضلكَ أَحوالنا / وَبلّغ منَ الخيرِ آمالنا
وَأَنعِم بِختمكَ آجالنا / عَلى دينِ طهَ بحسن الختام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
يا نَبيّاً لَدى الإلهِ عَظيما
يا نَبيّاً لَدى الإلهِ عَظيما / وَحَبيباً لهُ وعَبداً كريما
أَنتَ فُقتَ المسيحَ فقتَ الكَليما / فُقتَ نوحاً وفقتَ إبراهيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
فُقتَ روحاً وفقتَ إِسرافيلا / فقتَ جِبريلَ فقتَ ميكائيلا
فُقتَ كلَّ الأنامِ فجيلا / ما بَرا مثلكَ الإلهُ زَعيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنت أصلُ الوجودِ ما لكَ مثل / ما لِخلقٍ من دونِ فضلكَ فضلُ
قَد تَساوى لديكَ بعدٌ وقبلُ / سُدتَ كلَّ الوَرى حديثاً قديما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أنتَ نورُ الزمانِ نورُ المكانِ / أَشرَقَت منكَ سائر الأكوانِ
حازَ نَزراً مِن نوركَ النيّرانِ / وَبِنزرٍ منهُ أنَرتَ النُجوما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنتَ لِلجودِ مَظهرٌ في الوجودِ / وَمُمدٌّ بالسعدِ كلّ سعيدِ
سُقتَ خيرَ الدُنيا لخيرِ العبيدِ / وَبِأُخراهُم النعيمَ المقيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أنتَ فردُ الأكوانِ والمجموعُ / أنتَ أَصلٌ والعالمون فروعُ
نوركَ البدرُ والجميعُ زروع / طابَ بَعضٌ والبعضُ صارَ وخيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنتَ بدرُ البدورِ شمسُ الشموس / وَمُمدٌّ بالنورِ خير النفوسِ
مُستمدٌّ مِن حضرةِ القدّوسِ / منهُ نلتَ التَخصيصَ والتعميما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنتَ شمسُ الهُدى وبحرُ العَطايا / قَد حباكَ الوهّاب خيرَ المزايا
لَمحَةٌ مِن سَناكَ تهدي البَرايا / نَفحةٌ مِن نَداكَ تحيي الرَميما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنتَ خيرُ الوَرى على الإطلاقِ / سيّدُ الخلقِ صفوة الخلّاقِ
عَنكَ جبريلُ قائلٌ لِلبراقُ / مِثلهُ ما حملتَ قطّ كَريما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أنتَ عبدٌ للَّه سُدتَ الأَناما / نلتَ حَظّاً مِن قربهِ لَن يُراما
وَعَلى العرشِ قَد حباكَ مَقاما / صَدّ عنهُ في الطورِ موسى الكليما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنتَ في الخلقِ نائبُ الرحمنِ / لكَ أَعطى سيادةَ الأكوانِ
وَلهُ دمتَ مظهرَ الإحسانِ / مُصطفاهُ صِراطهُ المُستقيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنتَ روحُ الأرواحِ علواً وَسُفلا / وَممدَّ الأشباحِ فرعاً وأصلا
إِن حكاكَ الأنامُ يا نورُ شَكلا / فَالحَصى ربّما تُحاكي النُجوما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
قَد رَوَينا عَن جابرٍ مَعناكا / بِحديثٍ أضاءَ فينا سناكا
قبلَ كلِّ الوَرى الإلهُ بَراكا / منهُ نوراً وعمَّهُ تَقسيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
آدَمٌ كان والدَ الأشباحِ / مِثلما أنتَ والدُ الأرواحِ
أنتَ نورٌ بدا لأهل الفلاحِ / وَعنِ العُميِ لَم يَزل مَكتوما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
سيّدُ الخلقِ أنتَ للَّه عبدُ / بعدَ مَولاكَ أنتَ في الكون فردُ
بكرَ هذا الوجودِ كنتَ وبعدُ / صارَ عَن مثلكَ الزمانُ عقيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
لا فَقيرٌ للَّه أفقرُ مِنكا / لا غَنيٌّ منَ الخلائقِ عَنكا
مِن رضاهُ حباكَ مَولاك ملكا / لَم يَكُن للسِوى بوجهٍ مروما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
واحدُ الفضلِ أنتَ لم تُلفِ شِركا / ما زَوى اللَّه قطُّ جدواهُ عنكا
خرَّ موسى بالصعقِ وَالطورُ دُكّا / ولديهِ كنتَ القويَّ القويما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
جُزتَ كلَّ الوَرى وحُزتَ محلّا / صرتَ فيهِ مُجلّياً ومجلّا
ورأيتَ الإلهَ عزّ وجلّا / دونَ كيفٍ لا حصرَ لا تَجسيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
كلُّ مَن رامَ للإلهِ وُصولا / مِن سبيلٍ سواكَ ضلَّ السَبيلا
بابهُ أنتَ مَن أرادَ الدخولا / مِن سِوى بابِه غَدا مَحروما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
ليسَ للَّه مِن طريقٍ سِواكا / حصَرَ الخيرَ فيكَ إِذ سوّاكا
كلُّ مَن أمّه بغيرِ هُداكا / ضلَّ سَعياً وكانَ عبداً ذميما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
لَم تَزَل للإلهِ عَبداً فقيرا / لا شَريكاً لهُ ولستَ وَزيرا
لِعَطاياهُ قاسِماً لن تَجورا / لكَ لَم يخلُقِ الإلهُ قَسيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
جئتَ وَالكونُ غارقٌ في الظلامِ / طافحٌ مِن عبادةِ الأوثانِ
فَجَعلتَ التوحيدَ بدرَ تمام / نورهُ صارَ في البَرايا عَميما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
قَد حَباكَ الرَحمنُ خيرَ كتابِ / مُعجزٍ نظمهُ ذوي الألبابِ
وَهوَ شمسُ الهُدى وبدر الصوابِ / وَمِنَ اللَّه قَد أتاكَ نُجوما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
سيّدُ الكتبِ كلِّها القرآنُ / بينَ حَقٍّ وباطلٍ فرقانُ
هوَ نعمَ المبينُ نعم البيانُ / منكَ أَبدى الحديثُ منهُ القديما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
هوَ والآلُ في الورى ثَقَلانِ / مِن ضلالٍ للناسِ خير أمانِ
وَهُما عنكَ عندَنا نائبانِ / لا يزالانِ لازماً مَلزوما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
غيرُ خَافٍ عليكَ ما حلّ فينا / قَد غَدونا فريسةَ الكافِرينا
سَل لَنا اللَّه منهُ فَتحاً مُبينا / وَعلى الكافِرينَ نَصراً عميما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَهلُ نارِ الجحيمِ ساقوا عَلينا / شرَّ نار منَ الحروبِ اِصطَلينا
وَتَداعَوا مِن كلِّ فجٍّ عَلينا / مِثلَما قلتَ في الحديثِ قديما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
داوَموا حربَنا بكلِّ سلاحِ / وَأَغاروا عَلى جميعِ النواحي
أَبدَلوا بِالفسادِ كلّ صلاحِ / فاِحمِنا واِحمِ دينَنا وَالحَريما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
خَدَعوا بِالمدارسِ الغافِلينا / أَوهَموهُم مُنىً وأعطَوا مَنونا
سَحَروهم بالكفرِ سِحراً مُبينا / فَرأوا دينكَ الصحيحَ سَقيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
نارُ حربٍ ثارَت على المُسلمينا / أَوقَدَتها مدارسُ المُشركينا
أَحرَقت بالضلالِ دينَ البنينا / جَعَلوا حربَ دينكَ التعليما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
دَخلوها بِدينِهم جاهِلينا / وَتغذّوا فيها الضلالَ سِنينا
صاحَبوا المُشركاتِ وَالمُشركينا / وَلدينِ الإِسلامِ صاروا خُصوما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
كلُّ هَذا نتائجُ العصيانِ / شُعَلٌ عُجّلت منَ النيرانِ
أَنتَ مقبولُ حضرةِ الرحمنِ / فَإِذا ما شفعتَ صارَت نَعيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنتَ بحرُ الإحسانِ بالفضلِ طامي / وَفُؤادي لِعذبِ جودِكَ ظامي
فَتكرّم بِما يزيلُ أُوامي / وَيزيدُ التكميلَ وَالتكريما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنتَ أَرجى وَسائلي عندَ ربّي / هوَ ربّي وَأَنت في الخلقِ حَسبي
جلَّ دائي وقَد تعاظمَ ذَنبي / سَلهُ يَعفو عنّي ويَشفي السَقيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
شارَكَ الجسمَ بالسقامِ فُؤادي / صدئٌ بالذنوبِ للخيرِ صادي
وَأُموري عَلى خلافِ مُرادي / لستَ تَرضى لِلعبدِ حالاً ذميما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
جِئتُ أَشكو إِليكَ مَولاي سُقمي / وَهُموماً كموجِ بحرٍ خضمِّ
إِن أقُل قَد تزولُ زادَت بِرغمي / فاِمحُ عنّي جَديدَها والقديما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
صارَ عُمري ستّين عاماً وعاما / مَلأت لي صَحيفَتي آثاما
غيرَ أنّي اِستفدتُ منكَ ذِماما / يَجعلُ السيّئات طرّاً هشيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
قَد مَضى العمرُ حبّذا هو عُمرا / لكَ يا بحرُ منكَ أهديتُ درّا
إِن أَنل في جوارِ قبركَ قَبرا / فزتُ بينَ الأنامِ فَوزاً عظيما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَبتَغي في جوارِ داركَ دارا / لستُ أَرضى سِواك في الخلقِ جارا
أَنا عبدٌ جاروا عليهِ وَجارا / فَتَقبّله ظالِماً مَظلموما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
أَنا ضَيفٌ بالفقرِ جئتُ إليكا / وَاِعتمادي مِن بعدِ ربّي عليكا
فَتَفضّل واِجعل قِرايَ لَديكا / في جنانِ البقيعِ مأوىً كَريما
يا رَؤوفاً بِالمُؤمنينَ رَحيما /
قِف بِذاتِ الطلحِ من إضمِ
قِف بِذاتِ الطلحِ من إضمِ / وَاِنشُد السارينَ في الظلمِ
هَل روَوا عِلماً عن العلمِ / أَم رأَوا سلمى بذي سلمِ
وَمَشوا في ذلكَ الحرمِ /
ليتَ شِعري بعدَ ما رحلوا / أيَّ أكنافِ الحِمى نزلوا
أَبِذاتِ البانِ أَم عدَلوا / يَنشدونَ القلبَ في الخيمِ
وَهوَ في الزوراءِ لَم يَرُمِ /
فَسَقى مَرعاهمُ المطرُ / وسَرى ريحُ الصبا العطِر
في رِياضٍ طلّها دررُ / بينَ منثورٍ ومنتظمِ
كَدموعي هنّ أَو كلمي /
نورُها الفضّيُّ مُلتهب / في رُكومٍ لونُها ذهبُ
فيهِ مِن حبّ الندى حببُ / فوقَ زهرٍ منهُ مبتسمُ
قَد بكتهُ أعين الديمِ /
مُذ تَراءَت لي خُدورهم / وَبَدت للعينِ دورهمُ
هيّجَت وَجدي بُدورهمُ / يا لِقلبٍ بالغرامِ رُمي
عَن سِوى تلكَ البدورِ عَمي /
فَجِهاتُ الصبرِ مُظلمةٌ / وَمرامي الهجر مؤلمة
وَهيَ أَرزاقٌ مقسّمةٌ / هيّجت لعسُ اللَمى ألمي
وَهيَ عينُ البرء للفهمِ /
كَم صَبا قَلبي بِها ولها / كَم أَذابت مُهجَتي وَلها
كَم حَفِظتُ العهدَ لي ولها / قبلَ سنِّ الحُلمِ والحلُمِ
يَومَ أخذِ العهدِ في النسمِ /
أَنا في تَأليفِ قافيتي / غيرُ مُحتاجٍ إلى فئةِ
سَقَمي في الحبّ عافيتي / وَوجودي في الهوى عدمي
وَحَياتي فيهِ سفكُ دَمي /
وَصفُكم صافٍ عن الشُبهِ / يا عزيز الشكلِ والشبهِ
وَعذابٌ ترتَضون بهِ / في فَمي أَحلى من النغمِ
يا سَراةَ الحيِّ من إضمِ /
قَسَماً بالنجمِ حينَ هوى / ما المُعافي والسقيمُ سوا
فاِخلعِ الكونينِ عنك سوى / حبِّ مَولى العربِ والعجمِ
خيرةُ الخلّاقِ من قدمِ /
سيّدُ الساداتِ من مضرِ / غوثُ أهلِ البدو والحضرِ
صاحبُ الآيات والسورِ / منبعُ الأحكام والحكمِ
علمُ الإِرشاد للأممِ /
قَمَرٌ طابَت سريرتهُ / وَسَجاياهُ وسيرتهُ
صَفوةُ الباري وخيرتهُ / فَخرُ أهلِ الحلِّ والحرمِ
خَيرُ مَن يَمشي على قدمِ /
ما رَأت عَيني وليسَ ترى / مثلَ طهَ في الوَرى بشَرا
خيرُ مَن فوقَ الثرى أثَرا / طاهرُ الأخلاقِ والشيمِ
أَصلُ ما في الكونِ من نعمِ /
جاوزَ السبعَ الطباقَ إلى / قابِ قَوسين اِستمرّ علا
وَأحالتهُ الحظوظُ على / سرِّ علمِ اللوحِ والقلمِ
فَغَدا في العلم كالعلمِ /
نالَ عندَ اللَّه موهبةً / لعظيمِ الفضل موجبةً
يا أعزّ الناس مرتبةً / عُد بفضلِ الجود والكرمِ
وَاِجعلِ الإيمانَ مُختَتمي /