القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ زَمرَك الأَندَلُسي الكل
المجموع : 13
لك الخير شأنُ الجفن يحرسُ عينَه
لك الخير شأنُ الجفن يحرسُ عينَه / وهذا بعين الله يحرس دائماً
تبيتُ له خمسُ الثريا مُعيذةً / تُقلِّدُه زُهرُ النجوم تمائما
فيا جفنُ لا تنفك في الحفظ دائما / وإن كنتَ في لجٍ من البحر عائما
تأمّل أطلال الهوى فَتألَّما
تأمّل أطلال الهوى فَتألَّما / وسيما الجوى والسقم منها تعلَّما
أخو زفرة هاجتْ له نارَ ذكرةٍ / فأنجدَ في شِعبِ الغرام وأتهما
توَّجْتَني بعِمامهْ
توَّجْتَني بعِمامهْ / تُوِّجْتَ تاجَ الكرامَهْ
فَرَوْضُ حمدك يُزهى / مني بسجع الحمامَهْ
هناء له ثغر الهدى يتبسَّمُ
هناء له ثغر الهدى يتبسَّمُ / وبشرى بها عَرْفُ الرضا يتنسَّمُ
تبسم ثغر الثغر عنها بشارة / فأَعْدَى ثغورَ الزهر منه التبسُّمُ
ولا عجب من مَبْسمِ الزهر في الربا / فللبرق من خلف السّحائب مَبْسِمُ
عنايةُ من أعطى الخليفة رتبةً / عليها النجومُ النَّيِّراتُ تُحَوِّمُ
فمنه استفاد الملك كلَّ غريبةٍ / تُخطَّ على صفح الزمان وتُرسَمُ
ومنه تلقى الهديَ كلُّ خليفةٍ / كأنّهُمُ ممّا أفاد تعلّموا
وكم من لواء في الفتوح نشرتَهُ / وللرعب جيش دونه يتقدَّمُ
فقل لملوك الأرض دونكمُ فقد / أُعَلَّم ما لا زال بالنصر يُعْلَمُ
تسامتْ به للنصر أشرفُ ذمةٍ / لها من رسول الله عهد مُكرَّمُ
وكم من جهادٍ قد أقمتَ فروضَهُ / يُزارُ به البيت العتيق وزمزمُ
وكم عزمةٍ جردت منها إلى العدا / حساماً به داءُ الضلالةِ يُحْسَمُ
وكم بيتِ مالٍ في الجهادِ بذلتَه / وأقرضت منه اللهَ ما اللهُ يَعْلمُ
وكم ليلةٍ قد جئت فيها بليلةٍ / من النَّقع فيها للأسنّة أَنْجُمُ
سهرتَ بها والله يكتب أجرَها / تُؤمِّن فيها الخلْق والخلق نُوَّمُ
وفوقك من سعدٍ لواءٌ مُشَهَّرٌ / ودونك من عزم حسامٌ مُصمِّمُ
إذا أنت جهزت الجياد لغارة / فإن صباح الحي أغبرُ أقتمُ
فَمن أشهبٍ مهما يكُرُّ رأَيتَهُ / صباحاً بليل النقع لا يُتكتَّمُ
وأحمرَ قد أذكى به البأسُ جذوةً / إذا ابتل النقع لا يُتكتَّمُ
وأَشقرَ أعدى البرقَ لوناً وسرعةً / ولكنْ له دون البروق التقدُّمُ
وأصفرَ في لون العشيِّ وذيلُهُ / وَلَوْنُ الذي بعد العشيةَ يُعلَمُ
وأدهمَ مثلِ الليل والبدرُ غُرّةٌ / وبالشهب في حَلْي المقلَّد مُلْجَمُ
وأشهبَ كالقرطاس قد خطَّ صفحَهُ / كتابٌ من النصر المؤزَر مُحكَمُ
ورُبَّ جلادٍ في جدالٍ سطرتَهُ / يراعُ القنا فيه تخطُّ وترسُمُ
وقام خطيب السيف فوق رُؤوسهم / فأعجب منه أعجمٌ يتكلَّمُ
فكم من رؤوس عن جسوم أزالها / فأثكلَ منها كل باغٍ يُجَسَّمُ
وزرقِ عيونِ للأسنة قد بكت / ولا دمعَ إلاّ ما أسيل به الدمُ
ونهر حسامٍ كلما أغرق العدا / تلقتهم منه سريعاً جهنّمُ
فأصْلَيْتَ عُبَّادَ المسيح من الوغى / سعيراً به يرضى المسيحُ ومريمُ
أبرَّ من التثليث بالله وحَدَه / فمن يعتصمُ بالله فالله يعصِمُ
ونَبِّهُ سيوفاً ماضيات على العدا / وخَلِّ جفونَ المرهفات تُهَوِّمُ
ولله من شهر الصيامِ مُوَدعٌ / على كلِّ محتوم السعادة يكرُمُ
تنزًّل فيه الذكْرُ من عنْدِ ربّنا / فَيُبْدَأُ بالذكر الجميل ويُخْتَمُ
ولله فيه من ليال منيرةٍ / أضاء بنور الوحي منهن مظلمُ
وصابت سحاب الدمع يُمْحَى بمائها / من الصُّحف أوزار تُخطُّ ومأثمُ
ولله فيه ليلة القدر قد غدت / على ألف شهر في الثواب تُقَدَّمُ
تبيتُ بها حتى الصباح بإذنه / ملائكةُ السَّبعِ الطباقِ تُسلِّمُ
وبشرى بعيد الفطر أيمن قادم / عليك بمجموع البشائر يَقْدّمُ
جعلتَ قراه سنة نبويّة / لها في شعار الدين قدر معظّمُ
وفي دعواتٍ للإله رفعتَها / تُسَّدُ منها للإجابة أَسهُمُ
وفي كلّ يمنٍ من محيَّاك قرةٌ / وفي كلِّ كفٍّ من نوالِكَ أَنعُمُ
إذا أنت لم تفخرْ بما أنت أهلُه / فلا أبصرَ المصباحَ من يتوسمُ
فما مهّدَ الإسلام غير خليفة / على عطفه دُرُّ المحامد يُنظَمُ
فكم بيت شعر قد عمرتُ بذكره / فبات به حادي السُّرى يترنَّمُ
وَلسْنَ بيوتاً بل قصوراً مَشِيْدَةً / تُطِلُّ على أوج العلا وتُخَيّمُ
وما ضرها أن قد تأخر عهدُها / إذا طال مبناها الذين تقدّمُوا
وإذْ أنت مولاها وعامر ربعها / فكلُّ فخار تدعيه مُسَلَّمُ
أنا العبد قد أسكنته جنة الرضا / فلا زلتَ فيها خالداً تَتَنَعَّمُ
ولا زلتُ في الأعياد ساجعَ روضها / إذا احتفلت أشرافُها أترنّمُ
بقيتَ متى يبلَ الزمان تجُدَّهُ / وفي كل يوم منك عيدٌ وموسمُ
ودمتَ لألفٍ مثلِهِ في سعادةٍ / وفي كل يوم منك عيدٌ وموسمُ
ولما رأيتُ الفرخ جهدَ مقصِّر / وأَنك أعلى من مديحي وأعظمُ
ختمتُ ثنائي بالدعاء وها أنا / أُقلِّبُ في كفِّ النّدى وأُسلِّمُ
رضيتُ بما تقضي عليَّ وتحكمُ
رضيتُ بما تقضي عليَّ وتحكمُ / أُهان فأُقصى أمْ أعزُّ فأُكْرَمُ
إذا كان قلبي في يديَك قياده / فمالي عليه في الهوى أتحكّمُ
على أن روحي في يديك بقاؤها / بوصلك تُحيي أو بهجرك تعدمُ
وأنت إلى المشتاق نار وجنّةٌ / ببعدِك يشقى أو بقربك ينعَمُ
ولي كبد تندى إذا ما ذُكرتُمُ / وقلب بنيران الهوى يتضرّمُ
ولو كان ما بي منك بالبرق ما سرى / ولا استصحب الأنواء تبكي وتبسم
راعي نجوم الأفق في الليل ما دَجا / وأقرب من عينيَّ للنوم أَنجُمُ
وما زلتُ أخفي الحب عن كلّ عاذلٍ / وتبدي دموع الصَّبِّ ما هُوَ يكتمُ
كساني الهوى ثوبَ السقام وإنه / متى صحَّ حبُّ المرء لا شيءَ يُسقمُ
فيا من له الفعل الجميل سجيةٌ / ومن جودِ يُمناه الهوى يُتَعَلَّمُ
وعنه يُروِّي الناسُ كل غريبةٍ / تُخَطُّ على صفح الزمان وتُرْسَمُ
إذا أنت لم ترحمْ خضوعيَ في الهوى / فمن ذا الذي يحنو عليَّ ويرحمُ
وواللهِ ما في الحيّ حيٌّ ولم ينَلْ / رضاك وعمَّتْهُ أيادٍ وأنعُمُ
ومن قبل ما طوقتني كَلَّ نعمةٍ / كأني وإياها سِوَارٌ ومعصمُ
وفتَحت لي باب القبول مع الرضا / فما بال ذاك الباب عَنِّيَ مُبْهَمُ
ولو كان لي نفس تخونك في الهوى / لفارقتها طوعاً وما كنت أندمُ
وأترك أهلي في رضاك إلى الأسى / وأُسلم نفسي في يديك وأسلم
أما والذي أشقى فؤادي وقادني / وإن كان في تلك الشقاوة ينعمُ
لأنتَ مُنَى قلبي ونزهة خاطري / ومورد آمالي وإن كنت أُحرمُ
قيادي قد تملكه الغرام
قيادي قد تملكه الغرام / ووجدي لا يُطاق ولا يُرامُ
ودمعي دونَه صوبُ الغوادي / وشجوي فوق ما يشكو الحمامُ
إذا ما الوجد لم يبرح فؤادي / على الدنيا وساكنها السلامُ
تجلى لنا المولى الإمامُ محمدٌ
تجلى لنا المولى الإمامُ محمدٌ / على أدهم قد راق حُسنُ أديمِهِ
فأبصرتُ صبحاً فوق ليل وقد حكى / مُقَلّدُ ذاك الطِّرف بعضَ نجومِهِ
أللمحةٍ من بارقٍ مُتَبَسِّمِ
أللمحةٍ من بارقٍ مُتَبَسِّمِ / أرسلتَهُ دمعاً تضرَّجَ بالدمِ
وللمحة تهفو ببانات اللوىَ / يهفو فؤادك عن جوانح مغرمِ
هي عادة عذرية من يوم أن / خُلِقَ الهوى تعتاد كلَّ مُتَيَّمِ
قد كنتُ أعذل ذا الهوى من قبل أن / أدري الهوى واليوم أعذلُ لُوَّمي
كم زفرة بين الجوانح ما ارتقت / حَذَرَ الرقيب ومدمع لم يُسجمِ
إن كان واشي الدمع قد كتم الهوى / هيهات واشي السقم لما يكتمِ
ولقد أجدْ هوايَ رسمٌ دارسٌ / قد كان يَخْفَى عن خفيِّ توهُمِ
وذكرت عهداً في حماه قد انقضى / فأطلت فيه تردّدي وتلوُّمي
ولربما أشجى فؤادي عنده / ورقاءُ تَنْفُثُ شجوها بترنُمِ
لا أجدَبَ الله الطلولَ فطالما / أشجى الفصيحَ بها بكاءُ الأعجمِ
يا زاجر الأظعان يحفزها السُّرى / قف بي عليها وقفة المتلوِّمِ
لترى دموع العاشقين برسمها / حمراً كحاشية الرداء المعْلَمِ
دِمَنٌ عهدتُ بها الشبيبة والهوى / سقياً لها ولعهدها المتقدِّمِ
وكتيبةٍ للشوق قد جهزتها / أغزو بها السلوانَ غزوَ مُصمِّم
ورفعت فيها القلبَ بنداً خافقاً / وأريت للعشاق فضلَ تهمّمي
فأنا الذي شاب الحماسة بالهوى / لكنَّ من أهواه ضايق مقدمي
فطُعنتُ من قدِّ القوامِ بأَسمرٍ / ورُميتُ من غنج اللحاظِ بأَسْهُم
يا قاتلَ الله الجفونَ فإنها / مهما رمتْ لم تُخْطِ شاكلةَ الرمي
ظلَمَتْ قتيلَ الحب ثم تَبيَّنتْ / للسقم فيها فترة المتظلّمِ
يا ظبيةٌ سنحت بأكناف الحمى / سُقي الحمى صوبَ الغمام المسجم
ما ضرَّ إذ أرسلت نظرة فاتكٍ / أن لو عطفت بنظرة المترحِّمِ
فرأيت جسماً قد أصيب فؤادُه / من مقلتيك وأنت لم تتأثّمي
ولقد خشيتِ بأن يقادَ بجرحه / فوهبت لحظك ما أحلَّك من دمي
كم خضتُ دونك من غمار مفازةٍ / لا تهتدي فيها الليوث لمجْثَمِ
والنجمُ يسري من دجاه بأدهمٍ / رحب المقلّدِ بالثريا مُلجمِ
والبدرُ في صفح السماء كأنّه / مرآة هندٍ وسط لُجِّ ترتمي
والزُّهرُ زَهُرٌ والسَّماءُ حديقةٌ / فتقتْ كمائمُ جنحها عن أَنجُمِ
والليلُ مربدُّ الجوانح قد بدا / فيه الصباح كغُرّة في أدهَمِ
فكأنما فلق الصباح وقد بدا / مرأى ابن نصر لاح للمتوسِّم
ملك أفاض على البسيطة عدلَهُ / فالشاةِ لا تخشى اعتداء الضَّيْغَمِ
هو منتهى آمال كلّ موفَقٍ / هو مورد الصادي وكنز المعدِم
لاحت مناقبُه كواكبَ أسعُدٍ / فرأت ملامحَ نوره عينُ العمي
ولقد تراءى بأسُهُ وسماحُه / فأتى الجلالُ من الجمال بتوْءَمِ
مثل الغمام وقد تضاحك برقه / فأفاد بين تجهْم وتبسّم
أنسى سماحة حاتم وكذاك في / يوم اللقاء ربيعةَ بن مكدّمِ
سيرٌ تسير النيِّراتُ بهديها / وتُعير عَرفَ الروض طيبَ تنسُّمِ
فالبدر دونك في عُلاّ وإنارةٍ / والبحر دونك في ندى وتكرمِ
ولك القباب الحمرُ تُرفع للندى / فترى العمائمَ تحتها كالأنجمِ
يذكي الكِباءُ بها كأن دخانَهُ / قطعُ السحاب بجوها المتغيّم
ولك العوالي السمرُ تُشرعُ للعدى / فتخرُّ صرعى لليدين وللفَمِ
ولك الأيادي البيضُ قد طوّقتها / صيدَ الملوك ذوي التلاد الأقدمِ
شِيَمٌ يُقرُّ الحاسدون بفضلها / والصبح ليس ضياؤُهُ بمكتّمِ
ورِثَ السماحة عن أبيه وجَدّهِ / فالأَكرمُ ابنُ الأكرم ابنِ الأكرمِ
نقلوا المعالي كابراً عن كابرٍ / كالرمح مطّردِ الكعوبِ مقوَّمِ
وتسنَّموا رُتَبَ العلاء بحقها / ما بين جدٍّ في الخلافة وابنمِ
يا آل نصر أنتم سُرُجُ الهدى / في كلّ خطب قد تجهم مظلم
الفاتحون لكل صعب مقفلٍ / والفارجون لكل خطب مبهم
والباسمون إذا الكماة عوابسٌ / والمقدمون على السوادِ الأعظمِ
أبناء أنصار النَّبيّ وحزبه / وذوي السوابق والحوار الأعصمِ
سلْ عنهمُ أُحُداً وبدراً تلقَهُمْ / أَهلَ الغَناء بها وأهلَ المغنمِ
وبفتح مكَّةَ كم لهم في يومه / بلواء خير الخلق من متقدّمِ
أقسمتُ بالحرم الأمين ومكةٍ / والركنِ والبيتِ العتيقِ وزمزمِ
لولا مآثرهم وفضلُ علاهمُ / ما كانََ يُعزى الفضلُ للمتقدِّمِ
ماذا عسى أثني وقد أثنت على / عليائهم آيُ الكتابِ المحكمِ
يا وارثاً عنها مآثرها التي / قد شيَّدَتْ للفخر أشرف معلم
يا فخر أندلسٍ لقد مدَّتْ إلى / عليك كفُّ اللاّئذ المستعصم
أما سعودك في الوغى فتكفَّلتْ / بسلامةِ الإسلامِ فاخلُدْ واسْلَمِ
وافَيْتَ هذا الثغرَ وهو على شفاً / فشفيْتَ معضلَ دائه المستحكمِ
ورعيتَه بسياسةٍ دارتْ على / مُخْتَطِّهِ دورَ السوار بمعصم
كم ليلةٍ قد بتَّ فيها ساهراً / تهدي الآمانَ إلى العيون النُّومِ
يا مظهر الألطاف وهي خفيّةٌ / ومُهِبَّ ريحِ النصر للمتنسِّم
لله دولتك التي آثارها / سِيَرُ الرِّكاب لمنجد أو مُتْهمِ
ما بعد يومك في المواسم بعدما / أَتْبَعْتَ عيد الفطر أكرمَ موسمِ
وافتك أشراف البلاد ليومه / من كل ندب للعلا مُتَسَنِّمِ
صرفوا إليكَ ركابَهم وتيمموا / من بابك المنتاب خير مُيّمَمِ
تَبَوَّأُوا منه بدار كرامةٍ / فالكل بين مقرّبٍ ومنعَّمِ
ودّتْ نجوم الأفق لو مثلت به / لتفوز فيه برتبة المستخدمِ
والروض مختالٌ بحلية سندسٍ / من كل مَوشيِّ الرقوم منمنَمِ
ورياحُهُ نسمت بنشر لطيمة / وأقاحُهُ بسمت بثغر ملثّمِ
وأَرَيْتَنا فيه عجائب جمةٌ / لم تجر في خَلّدٍ ولم تُتَوَهَّمِ
أرسلت سرعان الجياد كأنها / أسرابُ طيرٍ في التنوفة حُوَّمِ
من كل منحفز بخطفة بارق / قد كاد يسبق لمحة المتوهمِ
طرفٌ يشك الطَّرْفَ في استثباتهِ / فكأيْه ظنُّ بصدر مرجِّمِ
ومسافرٍ في الجو تحسبُ أنه / يرقى إلى أوج السماء بسلَّمِ
رام استراق السمع وهو ممنّع / فأصيب من قضب العصي بأسهمِ
رَجَمَتْهُ من شهب النِّصال حواصبٌ / لولا تعرضه لها لَمْ يُرجَمِ
ومدارة الأفلاك أعجز كُنْهُها / إبداعَ كلِّ مهندس ومهندمِ
يمشي الرجال بجوفها وجميعهم / عن مستوى قدميه لم يتقدمِ
ومنوّعِ الحركات قد ركب الهوا / يمشي على خط به متوهّمِ
فإذا هوى من جوّه ثم استوى / أبصرتَ طيراً حول صورة آدم
يمشي على فَنَنِ الرّشاء كأنه / فيه مساور ذابل أو أرقمِ
وإليك من صون العقول عقيلةً / وقفت بِبابِك وِقْفَةَ المسترحمِ
ترجو قَبولك وهو أكبر منحة / فاسمحْ به خُلَّدتَ من متكرْمِ
طاردتُ فيها وصف كل غريبةٍ / فنظمّتُ شاردَهُ الذي لم ينظم
ودعوتُ أرباب البيان أُريهمُ / كم غادرَ الشّعراء من متردِّمِ
ما ذاك إِلاّ بعض أنعُمك التي / قد عَلَّمَتُنا كيف شكر المُنْعِمِ
وَجْهُ هذا اليومِ باسِمْ
وَجْهُ هذا اليومِ باسِمْ / وشَذَا الأزهارِ ناسِمْ
هَاتِهَا صَاحِ كُؤُوسَا / جالباتٍ للسُرورِ
وارتقبْ منها شُموسَا / طالعاتٍ في حُبورِ
ما ترى الروض عَروسَا / في حُلى نَوْرٍ ونُورِ
وأَتَتْ رسْلُ النَّواسِمْ / تجتلي هذي النَّواسِمْ
قد أَهَلَّتْ بالبشَائِرْ / أَضْحَكَتْ ثَغْرَ الأَزَاهِرْ
سَنْحَتْ في يُمْنِ طائِرْ / ونظمنَ كالجواهرْ
فانشروها في العَشائِرْ / إنَّ هذا الصنعَ باهرْ
وَأَشِيعُوا في العَوَالمْ / الْغَنِيْ بِاللهِ سَالِمْ
أَيُّ نُورٍ يَتَوَقَدْ / أَيِّ بدرٍ يَتَلاَلاَ
أَيُّ فخر يتخَلَّدْ / أَيُّ غَيْثٍ يَتَوَالى
إِنَّما المولى محمَّدْ / رحمةُ اللهِ تعالى
كَفُّهُ بحرُ المقاسِمْ / وبها حجُ المباسِمْ
خَيْرُ أمْلاَكِ الزَّمانِ / مِنْ بني سَعْدٍ ونَصْرِ
ما تَرَى أَنَّ الشَّواني / في صَعِيد البَرِّ تجري
قَدْ أَطَارَتْها التَّهاني / دونَ بحريِّ وبحرِ
مُذْ رَأَتْ بَحْرَ النعائِمْ / كُلُّها جارٍ وعائِمْ
فَهَنيئاً بالشِّفَاءِ / يا أَمِيرَ المُسْلِمينَا
ولنا حَقُّ الهَنَاءِ / وجميع العَالَمينَا
إن جَهَرْنَا بالدُّعَاءِ / ينطق الدَّهْرُ أَمينَا
دُمْتَ محروسَ المكارِمْ / بِظُبَى البِيضِ الصوارِمْ
أَبْلِغْ لغرناطةٍ سلامي
أَبْلِغْ لغرناطةٍ سلامي / وصِفْ لها عهديّ السليمْ
فَلَوْ رَعَى طيفُها ذمامي / ما بتُّ في ليلة السليمْ
كَمْ بتُّ فيها على اقتراحِ / أُعَلُّ مِن خمرةِ الرُّضَابْ
أُديرُ فيها كؤوسَ راحٍ / قد زانَها الثغرُ بالحَبَابْ
أختال كالمهرِ في الجِماحِ / نشوانَ في روضةِ الشبابْ
أضاحِكُ الزهر في الكِمامِ / مُباهياً روضَهُ الوسيمْ
وأَفضحُ الغصنَ في القوامِ / إِنْ هبَّ من جَوِّها نسيمْ
بَيْنَا أَنّا والشبابُ ضافِ / وظِلُّيهُ فوقَنا مَديدْ
ومورد الأنسِ فيه صافِ / وبُرْدُهُ رائقٌ جديدْ
إِذْ لاحَ في الفَوْدِ غَيْرَ خافِ / صُبْحٌ به نَبَّهَ الوَليدْ
أَيْقَظَ من كانَ ذَا منامِ / لما انْجَلَى لَيْلُهُ البهيمْ
وأرسلَ الدمعَ كالغمامِ / في كلِّ وادٍ به أهيمُ
يا جيرةً عَهْدُهُمْ كريمُ / وفِعْلُهُمْ كُلِّهمْ جميلْ
لا تعذُلُوا الصبَّ إِذْ يهيمُ / فقبلَهُ قد صَبا جميلْ
القربُ من ربعكم نعيمُ / وبُعْدُكم خطبُهُ جَليلْ
كم من رياضٍ به وِسَامِ / يُزهى بها الرائض المسيمْ
غديرها أزرق الجمامِ / ونبتُها كُلُّه جميمْ
أَعِنْدَكُمْ أَنّني بِفاسِ / أُكابدُ الشوقَ والحنينْ
أذكرُ أهلي بها وناسي / واليومُ في الطولِ كالسنينْ
اللهُ حسبي فكم أُقاسي / من وحشةِ الصبحِ والبنينْ
مطارحاً ساجِعَ الحمامِ / شوقاً إلى الإِلْفِ والحميمْ
والدمعُ قد لَجَّ في انسجامِ / وقد وَهَى عِقدُهُ النظيمْ
يا ساكني جَنَّةِ العريفِ / أُسْكنْتُمُ جَنَّةَ الخلودْ
كم ثَمَّ من منظرٍ شريفِ / قد حُفَّ باليُمْنِ والسُّعُودُ
وربَّ طودٍ به منيفِ / أدواحُهُ الخضرُ كالبنودْ
والنَّهْرُ قد سُلَّ كالحسامِ / لراحةِ الشَّربِ مستديمْ
والزهرُ قد راقَ بابتسامِ / مُقَبِّلاً راحةَ النديمْ
بَلَّغْ عبيدَ المقامِ صَحْبي / لا زلْتُمُ الدهرَ في هَنَا
لقاكُمُ بُغْيَةُ المُحبِّ / وَقُربُكُمْ غايةُ المنَى
فعندكُمْ قد تركتُ قَلبي / فجدَّدَ اللهُ عَهْدَنَا
ودارك الشمل بانتظامِ / من مُرتجى فضلِهِ العميمْ
في ظلِّ سُلطانِنا الإمامِ / الطاهرِ الظاهرِ الحليمْ
مُؤمِّنُ العُدْوتَيْنِ مِمَّا / يُخَافُ من سطوةِ العِدَى
وفَارجُ الكربِ إِنْ أَلَمَّا / ومُذهبُ الخطب والردَى
قد راقَ حُسناً وفاقَ حِلْمَا / وما عدا غير ما بدا
مَوْلاَي يا نخبةَ الأَنّامِ / وحائزَ الفخر في القديمْ
كَمْ أرقبُ البدرَ في التمامِ / شوقاً إلى وجهِكَ الكريمْ
في طالعِ اليُمْنِ والسُّعودِ
في طالعِ اليُمْنِ والسُّعودِ / قد كَمُلَتْ راحةُ الإمامْ
فأشرقَ النُّورُ في الوجودِ / وابتسمَ الزَّهْرُ في الكِمَامْ
قد طَلَعَتْ رايةُ النجاحِ / وانهزَم البؤسُ والعَنَا
وقال حَيَّ على الفلاحِ / مُؤذِّنُ القوم بالمنَى
فالدهر يأتي بالاقتراحِ / مُسْتَقْبلاً أوجهَ الهنا
تخفقُ منشورةَ البرودِ / والسعدُ يقدمُ من أَمامْ
والأُنسُ مُسْتَجمَعُ الوفودِ / واللطفُ مستعذَبُ الجمامْ
وأكؤسُ الطلِّ مُتْرَعَاتِ / بأنمل السوسَنِ النَّدي
والطيرُ مُفْتَنَّةَ اللغاتِ / تشدُو بأصواتِ مَعْبَدِ
والغصنُ يَذْهبُ ثُمَّ يَاتِي / بالسُّندسِ الغضِّ مرتدي
والدوحُ يُومي إلى السُّجودِ / شكراً لذي الأنعمِ الجسامْ
والريحُ خفَّاقَةُ البنودِ / تباكر الروض بالغَمَامْ
مظاهرٌ للجمالِ تُجْلَى / قد هَزَّ أعطافَها السرورْ
وباهرُ الحسنِ قد تجلَّى / ما بين نَوْرٍ وبين نُورْ
قد هَنَّأَتْ بالشفاءِ مولى / بعصرِهِ تفخرُ العصورْ
ما بين بأسٍ وبين جودِ / قد مَهَّدَ الأمنَ للأنامْ
فالدينُ ذو أَعيُنٍ رقودِ / وكان لا يطعَمُ المنامْ
والكأسُ في راحةِ السقاةِ / تروحُ طوراً وتَغْتَدِي
يهديكها رائقُ السِّماتِ / ما بين برقٍ وفَرْقَدِ
والشمسُ تذهبُ للبياتِ / قد لَبِسَتْ ثوبَ عَسْجَدِ
والزهرُ في اليانعِ المجودِ / يقابلُ الشَّربَ بابتسامْ
والروضُ من حلية الغمودِ / قد جَرَّدَ النهرَ عن حسامْ
مولايَ يا أشرفَ الملوكِ / وعصمةَ الخلقِ أجمعينْ
أُهديكَ من جوهر السلوكِ / يقذفُهُ بحرُكَ المَعينْ
جعلت تنظيمه سلوكي / وأنت لي المنجد المعين
تحيةُ الواحدِ المجيدِ / ورحمةُ الله والسلامْ
عليك من راحم ودودِ / يا مُخْجلَ البدرِ في التمامْ
قد أَنْعَمَ اللهُ بالشفاءِ
قد أَنْعَمَ اللهُ بالشفاءِ / واستُكْمِلَتْ راحةُ الإمامْ
فلْتَنْطقِ الطيرُ بالهناءِ / وَلْيَضْحَكِ الزهرُ في الكِمامْ
وجودُهُ بهجةُ الوجودِ / وبُرؤُهُ راحةُ النفوسُ
قد لاحَ في مرقبِ السعودِ / واستبشرت أوجُهُ الشموسْ
فالدوحُ يُومي إلى البنودِ / أكمامُهُ غَطَّتِ الرُؤُوسْ
والزُّهْرُ في روضةِ السماءِ / كالزَّهر قد راق بابتسامْ
والصبحُ مُستشرفُ اللواءِ / والبدرُ مستقبلُ التمامْ
محاسِنُ الكونِ قد تَجَلَّتْ / جمالُها العقلَ يَبْهُرُ
عرائسٌ بالبها تَحَلَّتْ / والطلُّ في الحَلْي جَوْهَرُ
وأَلْسُنُ الوُرْقِ قد أَمَلَّتْ / مدائحاً عنه تشكُرُ
تَستَوْقِفُ الخلْقَ بالغناءِ / كأنَّها تُحسِنُ الكلامْ
تُطْنِبُ للهِ في الثناءِ / تقولُ سُلِّمتَ يا سلامْ
كَمْ مِنْ ثُغورِ لَهَا ثُغُورُ / تَبْسِمُ إِذْ جاءَها البشيرْ
ومن خدور بها بدورُ / يشيرُ منها له المشيرْ
تقولُ إِذْ حَفَّها السرُورُ / تباركَ المنعمُ القديرْ
قد أنعمَ اللهُ بالبقاءِ / في ظلِّ مولّى بِهِ اعتصامْ
قد صادفَ النجحَ في الدَّواءِ / فالداء عَنَّا لَه انفصامْ
يهنيكَ مولايَ بل يُهَنَّى / بِبُرْئِكَ الدينُ والهُدَى
فالغربُ والشرقُ منكَ يُعْنَى / بمذهبِ الخطبِ والردَى
واللهِ لولاكَ ما تَهنّا / ما فيهِ من سطوة الردَى
يا مورِدَ الأَنْفُسِ الظِماءِ / قد كانَ يَشْتَفُّها الأَوامْ
وقرةَ العينِ بالبهاءِ / رَدَدْتَ للأعْيُنِ التمامْ
لَوْ أبذلُ الروحَ في البشارَهْ / بَذَلْتُ بعضَ الذي مَلَكْ
فأنتِ يا نفسُ مُسْتعارَهْ / مولايَ بالفضلِ جَمَّلَكْ
لم أَدْرِ إِذْ سطَّرَ العبارَهْ / أَمَلِكٌ هُوَ أم مَلَكْ
لا زلتَ مولايَ في هَنَاءِ / مُبَلَّغَ القَصْدِ والمرامْ
ودمتَ للملكِ في اعتلاءِ / تسحبُ أَذْيالَهُ الغمامْ
أم الحسن تتكلم
أم الحسن تتكلم / وذا الزهر يتبسّم
والورد فاح وتعطّار /
على الغنا والمزمار /
ومعن مزاج مزنم / من يعشقوا ما يندم
ملال كاسي من راح /
ثم شممت التفاح /
لا توقدوا لي مصباح /
يكفاني ضاوه والشم / لأنها تنفي الهم
مقاتلي لش ترقود /
وجي وأنقر فالعود /
فذا النهار المسعود /
وسوفيه زمّ الزّم / واعمل لي نغم فالبم
العود أخذ وسوّاه /
والدر أنثر من فاه /
لمن دري أني نهواه /
هزّ الوتر وتكلّم / وقلّي جي واتعلّم
قلت اهلال راسلني /
وقولتي اسمع منّي /
واندفع واغنّي /
واسمع غنا أن معلم / وأنزوي واتعتّم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025