المجموع : 48
إِنَّ الهَوى إِن كُنتَ عَنهُ تَسأَلُ
إِنَّ الهَوى إِن كُنتَ عَنهُ تَسأَلُ / مَعنىً يَزيدُ بِما يَقولُ العُذَّلُ
تَجني العُيونُ ثِمارَهُ لَكِنَّها / تَجني بِهِنَّ عَلى القُلوبِ فَتَقتُلُ
فَحَذارِ مِنهُ حَذارِ مِنهُ فَإِنَّني / مِنهُ عَلى قَلبي الجَريحِ لأَوجَلُ
لأُعَذِّبَن عَينَيَّ إِن جَنَتا الهَوى / بِسُهادِ لَيلِهِما وَدَمعٍ يَهمُلُ
يا مَن نَأى عَن ناظِري لَكِن ثَوى / في القَلبِ فَهوَ كَحبِّهِ لا يَرحَلُ
فَكَأَنَّهُ إِنسانُ عَيني لا أَرى / جُثمانَهُ وَبِهِ أَرى ما يَمثُلُ
وَكَذاكَ قَلبي غائِباً مَع قَرنِهِ / وَبِهِ إِلى ما أَبتَغي أَتَوَصَّلُ
هَذا وَلِلشَوقِ المُبَرِّحِ في الحَشا / حُرَقٌ بِحَيثُ هَوى الحَبيب يُغَلغِلُ
لا دَرَّ درُّ البَينِ كَم مِن مُقلَةٍ / مِنهُ بِإِثمِدِ نَومِها ما تُكحَلُ
ما لِلفِراقِ تَقَطَّعَت أَوصالُهُ / عَنّا بِبَينٍ قَطعُهُ لا يوصَلُ
أَجرى العُيونَ مِنَ العُيونِ وَغَيَّض ال / صَبرَ الجَميلَ فَتَركُهُ بِيَ أَجمَلُ
يا لَلرِّجالِ لجائِرٍ في حُكمِهِ / ما بالُهُ عَن جَورِهِ لا يَعدِلُ
في دَولَةٍ سارَت بِأَجمَل سيرَةٍ / فينا فَما لِلعَدلِ عَنها مَعدِلُ
أَبكي وَيَضحَكُ مِن بُكايَ فَيَلتَقي / مِنّي وَمِنهُ مُدَلَّهٌ وَمُدَلَّلُ
حَجَبَ الكَرى ضَنّاً وَظَنّاً أَنَّهُ / سَيَجودُ بِالطَّيفِ الَّذي لا يَبخَلُ
وا غَيرَتا مِن خَصرِهِ وَجُفونِهِ / أَلِعِشقِها مِثلي لَهُ هِيَ نُحَّلُ
في كُلِّ عُضوٍ مِنهُ بَدرٌ طالِعٌ / في غَيرِ قَلبٍ خافِقٍ لا يَنزِلُ
نَشوانُ هَزَّ قَوامَهُ بِصَبا الصِبى / فَلَهُ شَمولٌ مِن صَباهُ وَشَمأَلُ
لَئِنِ اِدَّعَت سِحرَ اللَّواحِظِ بابِلٌ / فَكَما اِدَّعَت خَمرَ اللَّمى قُطرُبُّلُ
فَالخَصرُ يُنحِلُ عاشِقيهِ نُحولُهُ / وَالبُرءُ في خَصرِ اللَّمى لَو يُنحَلُ
أَو ما رَأَيتَ الأَشرَفَ القَيلَ الَّذي / أَغنى الأَنامَ جَداهُ عَن أَن يَسأَلوا
أَولى المُلوكِ بِأَفعُلِ التَفضيلِ في / كُلِّ المَآثِرِ فَهوَ فيها الأَكمَلُ
وَهوَ الجَديرُ بِكُلِّ مَدحٍ سائِرٍ / كَنَوالِهِ وَالأَطوَلُ المتَطَوِّلُ
وَتَجورُ سيرَتُهُ عَلى أَموالِهِ / كَرَماً وَلَكِن في الرَعِيَّةِ تَعدِلُ
رَقَمَت لَهُ المُدّاحُ في حُلَلِ العُلا / طُرُزاً تَمَنّاها الطِرازُ الأَوَّلُ
بَيتٌ إِذا هَفَتِ الحُلومُ تَخالُهُ / ثَهلانَ ذا الهَضَباتِ لا يَتَحَلحَلُ
ما اللَيثُ يَنفُضُ لبدَتَيهِ مُغضَباً / في الغيلِ يَزأَرُ وَهوَ فيهِ مُشبِلُ
شَثنُ البَراثِنِ قالِصاً عَن نابِهِ / دامي الأَظافِرِ واثِباً لا يُمهِلُ
صَخِبُ الشَوارِبِ كالِئاً أَشبالَهُ / شَرِساً تَكادُ الأَرضُ مِنهُ تَزَلزَلُ
يَوماً بِأَفتَكَ مِنهُ بَأساً في الوَغى / وَالمَوتُ يَعلو في الكُماةِ وَيَسفُلُ
يَسقي العِدا بِسِنانِهِ وَحُسامِهِ / كَأسَ الرَّدى فَيَعُلُّ مِنهُ وَيُنهِلُ
وَإِذا يُجادِلُ في العُلومِ بُزاتَها / كانوا بُغاثاً وَهوَ فيهِم أَجدَلُ
في تاجِهِ قَمَرٌ وَفي ثِنتَي مُفا / ضَتِهِ هِزَبرٌ بِالحَديدِ مُسَربَلُ
سحان يُقدِمُ وَحدَهُ يَومَ الوَغى / فَيَعودُ بِالإِحجامِ عَنهُ الجَحفَلُ
فَالبِيضُ تَركَعُ وَالرُؤوسُ سَواجِدٌ / في التُربِ مِن حَرِّ الظُبى تَتَمَلمَلُ
حَيثُ الحَنايا بِالسِّهامِ قَواذِفٌ / حُتُفاً تُكَبِّرُ في العِدا وَتُهَلِّلُ
فَبِسَيفِهِ مَجَّ الفِرَنجُ دِماءهُم / في البَحرِ حَتّى الماءُ مِنهُ أَشكَلُ
وَالمُسلِمونَ بِيُمنِ غُرَّتِهِ وَجو / دِ يَمينِهِ وَصَلوا إِلى ما أَمَّلوا
مَلكٌ عُفاةُ الطَيرِ مِن ضيفانِهِ / وَضيافِنٌ غُبشٌ تَخوتُ وَتَعسِلُ
وَإِذا المُلوكُ رَقَوا إِلى دَرَجِ العُلى / رُتَباً تَناوَلهنَّ موسى مِن عَلُ
أَغنى الرِجال المُقتِرين نَوالُهُ / غَيري لِحِرمانٍ عَلَيَّ يُوَكَّلُ
وَلَو اَنَّ أَربابَ القريضِ تَسابَقوا / في مَدحِهِ لَأَتَيتُ وَحدي أوَّلُ
قَد آن أَن أَرِدَ الفُراتَ فَأَرتَوي / مِنها فَكَم أَظماوكُم أَتَوَشَّلُ
وَالعَجزُ أَوجَبَ لي الخُمولَ وَقَد أَرى / بابَ الغِنى فَتحاً فَلم لا أَدخُلُ
فَلَأَقصُدَن مَلِكاً يَجودُ بِرِفدِهِ / لِلسائِلينَ وَوَجهُهُ يَتَهَلَّلُ
أَسعى إِلَيهِ مُؤَمِّلاً فَأَعودُ عَن / هُ مُمَوَّلاً خَصبَ الجنابِ أُؤَمَّلُ
ما ذاكَ إِلّا الأَشرَفُ المَلكُ الَّذي / مَنصورُهُ في دَهرِهِ لا يُخذَلُ
وَبِحَسبِ عافيهِ بَشيراً بِشرُهُ / فَبِغَيرِ ذاكَ إِلَيهِ لا يُتَوَسَّلُ
نَهَضَت بِعِبءِ المُلكِ مِنهُ سِياسَةٌ / أَضحى الأَخَفّ عَلى عُلاها الأَثقَلُ
أَمُظَفَّرَ الدينِ اِستَمِعها مِدحَةً / كَالعِقدِ بِالدُرِّ الثَمينِ يُفَصَّلُ
فَكَأَنَّها لِلسامِعيها رَوضَةٌ / أُنُفٌ تَوَسَّطَها غَديرٌ سَلسَلُ
لأَجفانُكَ المَرضى الصِحاحُ القَواتِلُ
لأَجفانُكَ المَرضى الصِحاحُ القَواتِلُ / فَواتِكُ فينا وَهيَ لِلسِّحرِ بابِلُ
بِها كحلٌ هاروتُ يَنفُثُ سِحرَهُ / وَماروتُ لا ما أَودَعَته المَكاحِلُ
وَأَهيَفَ يَحكِي السَّمهَرِيَّ قَوامُهُ / وَبَدرَ الدَياجي وَجهُهُ وَهوَ كامِلُ
غَدا مِن بَديعِ الخَلقِ وَالخُلقِ حالِياً / وَلَكِنَّهُ مِن رَحمَةِ الصَبِ عاطِلُ
سَخِيٌّ بِتَعذيبِ المُحِبِّ وَإِنَّهُ / عَلى عاشِقِيهِ بِالوِصالِ لَباخِلُ
مِنَ التُركِ تَبري أَسهُماً لَحَظاتُهُ / إِذا ما رَنا أَصمى بِها مَن يُناضِلُ
وَيُغنيهِ عَمّا في الكنانَةِ لَحظُهُ / فَما هُوَ يَوماً لِلكَنانَةِ ناثِلُ
يُديرُ كُمَيتاً في الزُجاجِ كَأَنَّما / هِيَ الشَمسُ قَد ضُمَّت عَلَيها أَنامِلُ
فَما الدُرُّ إِلّا لَفظُهُ وَحَبابُها / وَمبسِمُهُ في سِلكِهِ إِذ يُغازِلُ
فَما إِن لَها في الأَشرِباتِ مُماثِلٌ / وَلَيسَ لَهُ في الناسِ حُسناً مُماثِلُ
فَلِم حارَبَتني في هَواهُ عَواذِلي / فَلَمّا رَأَتهُ سالَمَتهُ العَواذِلُ
وَكَم أَتَقاضاهُ دُيوناً سَوالِفاً / فَيُمطِلُني وَهوَ الغَنِيُّ المُماطِلُ
أَهونُ هَوانَ الفَضلِ بِالشامِ عِندَهُ / أَلا إِنَّ ذِكرَ الفَضلِ بِالشامِ خامِلُ
وَهَلّا وَقَد حَلَّت بِمِصرَ حُماتُهُ / وَفارَقَهُ المَلكُ الهُمامُ الحُلاحِلُ
سَأَرحَلُ عَزمي عَنهُ بِالمَدحِ وافِداً / إِلى مِصرَ كَي أَلقى بِها ما أُحاوِلُ
أَسيرُ بِعَزمي لا بِجِسمي فَها أَنا ال / مُقيمُ بِأَرضِ الشامِ وَالعَزمُ راحِلُ
إِلى مَلكٍ تَعنو المُلوكُ لِبَأسِهِ / أَخي عَزمَةٍ ذَلَّت لَدَيها القَبائِلُ
هُوَ المَلكُ عِندَ السِّلمِ حُلوٌ مَذاقُهُ / وَلَكِنَّهُ في حَومَةِ الحَربِ باسِلُ
إِذا ما بَدا خَرَّت إِلى الأَرضِ سُجَّداً / لَهُ عَن ظُهورِ الصّافِناتِ الجَحافِلُ
فَلَو كانَ كِسرى فارِساً ملك فارِسٍ / لَوافاهُ إِعظاماً لَهُ وَهوَ راجِلُ
تَظَلُّ مُلوكُ الأَرضِ خاضِعَةً لَهُ / فَكُلُّ عَظيمٍ عِندَهُ مُتَضائِلُ
جَحافِلهُ أسدٌ تزَأَّرُ في الوَغى / وَما غيلها إِلا القَنا وَالقَنابِلُ
يَسيرُ بِجَيشٍ يُرجِفُ الأَرضَ بَأسُهُ / وَتَبدو لَها في كُلِّ قُطرٍ زَلازِلُ
خَميسٌ لَهُ الراياتُ ظِلٌّ وَفَوقَهُ / مِنَ الطَيرِ ظِلّ يحجُبُ الشَّمسَ سادِلُ
تَراطَنُ فيهِ العُجمُ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَتَرتَجِزُ العُربُ الكِرامُ البَواسِلُ
دُروعُهُمُ سُحبٌ تَلوحُ خِلالَها / وُجوهُهُم فَهيَ البُدورُ الكَوامِلُ
هُمُ الأُسدُ إِلّا أَنَّ عيصَهُمُ إِذا / سَرَوا مَشرَفِيّاتٌ وَسُمرٌ ذَوابِلُ
أَسِنَّتُهُم وَاللَيلُ نَقعٌ نُجومُهُ / رُجومٌ بِأَكبادِ الأَعادي أَوافِلُ
إِذا ما اِشتَكَت يَوماً أَسِنَّتُهُم صَدىً / فَلَيسَ لَها إِلّا الدِماءَ مَناهِلُ
مَتى عايَنتهُ المُشرِكونَ تَقَطَّعَت / لِهَيبَتِهِ أَكبادُهُم وَالمَفاصِلُ
وَلا غَروَ أَن عادَ الفِرَنجُ هَزيمَةً / وَلَو لَم تَعُد لَم يَبقَ لِلشِركِ ساحِلُ
وَقَد عَلِموا لَو أَنَّهُم ثَبَتوا لَهُ / لَكانوا كَلاً قَسراً رَعَتهُ المَناصِلُ
وَطارَت رُؤوسٌ مِنهُمُ وَقَوانِسٌ / إِلى حَيثُ صارَت في الهِياجِ القَساطِلُ
فَقَد أَيقَنَت أَعداؤُهُ أَنَّ حَظَّهُم / لَدَيهِ رِماحٌ أُشرِعَت وَسَلاسِلُ
وَلما أَتَوا دِمياطَ كَالبَحرِ طامِياً / وَلَيسَ لَهُ مِن كَثرَةِ القَومِ ساحِلُ
يَزيدُ عَنِ الإِحصاءِ وَالعَدِّ جَمعُهُم / أُلوفُ أُلوفٍ خَيلُهُم وَالرَّواحِلُ
رَأَوا دونَها أُسداً بِأَيديهِمُ القَنا / وَبيضاً رِقاقاً أَحكَمَتها الصَّياقِلُ
ضُيوفُهُمُ فيها نُسورٌ قَشاعِمٌ / وَغُبشٌ لِأَشلاءِ المُلوكِ أَواكِلُ
وَداروا بِها في البَحرِ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَمِن دونِها سدٌّ مِنَ المَوتِ حائِلُ
رَجا الكَلبُ مَلكُ الرومِ إِذ ذاكَ فَتحَها / فَخابَ فَأُمُّ المُلكِ وَالرومِ هابِلُ
فَأَضحى عُقابُ الجَوِّ دونَ مَرامِها / وَأَنّى يَنالُ المِرزَمَ المُتَناوِلُ
فَعادوا عَلى الأَعقابِ مِنها هَزيمَةً / كَأَنَّهُمُ ذُلاً نِعامٌ جَوافِلُ
فَلا رَأسَ إِلّا فيهِ بِالضَربِ صارِمٌ / وَلا صَدرَ إِلّا فيهِ بِالطَعنِ عامِلُ
إِذا اللَهُ يَوماً كانَ ناصِرَ مَعشَرٍ / فَلَيسَ لَهُم في سائِرِ الخَلقِ خاذِلُ
وَما أَمَّلوا أَن يَلحَقوا بِبِلادِهِم / لِتَعصِمَهُم مِمّا رَأَوهُ المَعاقِلُ
فَيا أَيُّها البَحرُ الَّذي عَمَّ جودُهُ / وَقامَ بِما لَم تَستَطِعهُ الأَوائِلُ
وَحارَبَ حَتّى قيلَ أَفنى عِداتَهُ / وَنَوَّلَ حَتّى قيلَ لَم يَبقَ سائِلُ
وَطَبَّقَ سَهلَ الأَرضِ وَالحزنِ عَدلُهُ / بِمِصرَ فَقالوا لَم يَكُن قَبلُ عادِلُ
سَحابٌ عَلى الأَعداءِ تُمطِرُ نقمَةً / وَفيهِ لِمَن والاهُ جودٌ وَنائِلُ
فَكُلُّ لِسانٍ دارَ في فَمِ ناطِقٍ / لَهُ بِالدُعا وَالشُكرِ لِلَّهِ جائِلُ
فَيوسُفُ أَيّوبٍ بِمِصرَ سَماحَةً / ليوسُفَ يَعقوبِ النَّبِيِّ مُساجِلُ
فَما نَيلُ مِصرٍ جارِياً غَيرُ كَفِّهِ / وَإِحسانُهُ إِن ضَنَّتِ السُّحبُ وابِلُ
هُوَ السَيفُ لا تُخشى لَهُ الدَهرَ نَبوَةٌ / وَلا مِثلُهُ يَوماً يُقَلَّبُ ذابِلُ
حَليمٌ عَليمٌ بِالدِياناتِ مِدرَهٌ / فَقسٌّ لَدَيهِ إِن تَكَلَّمَ باقِلُ
لَهُ في سُوَيدا كُلِّ قَلب مَحَبَّةٌ / فَما أَحَدٌ في حُبِّهِ الدَّهرَ عاذِلُ
وَإِنَّ الَّذي سَمّاهُ مَلكاً وَناصِراً / لَهَ شَرَفٌ فَوقَ السِماكينَ نازِلُ
إِمامٌ لَنا نَرجو شَفاعَةَ جَدِّهِ / وَتَغمُرُنا آلاؤُهُ وَالفَواضِلُ
فَما الحَقُّ إِلّا حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ / وَكُلُّ اِعتِقادٍ غَيرَ ذَلِكَ باطِلُ
إِلَيكَ صَلاحَ الدينِ سارَت مَدائِحي / وَمِثلُكَ مَن تَزكو لَدَيهِ الفَواضِلُ
أَجِرنِيَ مِن فَقرٍ مُلِحٍّ وَإِن أَقُل / أَجِرني فَكُلٌّ مِنكَ لا شَكَّ حاصِلُ
إِذا السَّنَةُ الغَبراءُ أَنحَت لَها عَلى / رِقابِ الوَرى في الخافِقَين كَلاكِلُ
وَقَد كَلَحَت عَن عُصلِ أَنيابِ بَأسِها / كَما يَكشِرُ الضِرغامُ فَالخَطبُ هائِلُ
فَلَيسَ لَها في جُودِ غَيرِكَ مَطمَعٌ / وَلا عِندَ مَن تَرجوهُ غَيرَكَ طائِلُ
غَدَوتُم بَنو شاذي أَجَلَّ مَعاشِرٍ / مَدائِحُنا فيهِم إِلَيهِم وَسائِلُ
فَما اِنفَكَّ شَملُ المَجدِ مُلتَئِماً بِكُم / فَمَوطِنُكُم فيهِ الذُرا وَالكَواهِلُ
وَلا زالَ مَمدوداً رِواقُ سُعودِكُم / وَظِلُّ أَعاديكُم مَدى الدَهرِ زائِلُ
دَعِ النَسيبَ وَقَولَ اللَّهوِ وَالغَزَلِ
دَعِ النَسيبَ وَقَولَ اللَّهوِ وَالغَزَلِ / وَلا تُعَرِّج عَلى رَبعٍ وَلا طَلَلِ
وَاِرفَع عَقيرَةَ شادٍ وَسطَ أَندِيَةٍ / وَصَوتَ حادٍ بِبيدٍ مُطرِبِ الإِبِلِ
بِمَدحِ خَيرِ مُلوكِ الأَرضِ قاطِبَةً / قُل ذاكَ في كُلِّ إِقليمٍ وَلا تُبَلِ
فَالعادِلُ المَلِكُ المَيمونُ أَجدَرُ بِال / مَدحِ المُحَبَّر مِن حافٍ وَمُنتَعِلِ
هُوَ المَليكُ الَّذي في الدَهرِ سيرَتُهُ / أَزرَت بِسيرَةِ أَهلِ الأَعصرِ الأُوَلِ
وَأَصبَحَت بِعَميمِ العَدلِ دَولَتُهُ / غَرّاءَ باسِقَةً تَسمو عَلى الدُّوَلِ
يَسيرُ فيها أَبو بَكرٍ بِدينِ أَبي / بَكرٍ وَعَدلِ أَبي حَفصٍ وَبَأسِ عَلي
مِنهُ رَأَينا مُلوكَ الأَرضِ في مَلِكٍ / لا بَل رَأَينا عِبادَ اللَهِ في رَجُلِ
فَالعَفوُ شيمَتُهُ في عِزِّ قُدرَتِهِ / فَفيهِ يوجَدُ طَبعُ السَهلِ وَالجَبَلِ
سَهلُ الخَلائِقِ صَعبٌ في الوَغى شَرِسٌ / في المُلكِ يَجمَعُ بَينَ الصابِ وَالعَسَلِ
يَرمي العِدا بِوُجودِهِ الخَيل ساهِمَةً / يَومَ الوَغى وَصُدورِ البيضِ وَالأَسَلِ
تَكادُ تُغنيهِ في الهَيجاءِ هَيبَتُهُ / عَنِ الصَوارِمِ وَالعَسّالَةِ الذُبُلِ
ما يَعرِفُ الأَمنَ في الدُّنيا مُحارِبُهُ / وَلا يَبيتُ مُواليهِ عَلى وَجَلِ
قَد جَرَّدَ الدينَ سَيفاً مِن عَزائِمِهِ / مُهَنَّداً حَدُّهُ أَمضى مِنَ الأَجَلِ
إِذا اِنتَضاهُ عَلى الأَعداءِ في رَهَجٍ / أَبارَهُم فَهوَ فيهِم سابِقُ العَذَلِ
لِلثَغرِ مِنهُ شُجاعٌ فارِسٌ بَطَلٌ / ناهيكَ مِن فارِسٍ نَدبٍ وَمِن بَطَلِ
قَواعِدُ المُلكِ مِن تَدبيرِهِ اِطَّأَدَت / مُذ ضَمَّ بِالعَذلِ قُطريهِ بِلا خَلَلِ
يَرُدُّ رُسلَ مُلوكِ الأَرضِ مُدهَشَةً / فَما يُبَرهِنُ قَولاً أَفصَحُ الرُّسُلِ
وَعايَنوا مَلِكاً في دِرعِهِ أَسَدٌ / غَضبانُ مُفتَرِسٌ بِالقَولِ وَالعَمَلِ
وَعايَنوا مِنهُ مُردي كُلِّ ذي لِبَدٍ / في الغيلِ يَكشِرُ عَن أَنيابِهِ العُصُلِ
يَجتابُ دِرعاً دِلاصاً وَالفُؤادُ لَهُ / دِرعٌ عَلى الدِّرعِ ملبوسٌ بِلا فَشَلِ
فَكَفُّهُ البَحرُ فيهِ جَدوَلٌ وَبِهِ / نارٌ تَوَقَّدُ في الهَيجاءِ بِالشُّعَلِ
وَالدِّرعُ مِثلُ غَديرٍ حَرَّكَتهُ يَدُ ال / صَبا وَلَمّا يُصِبها مِنهُ مِن بَلَلِ
ما أَشرَعَ الرُمحَ إِلّا غاصَ ثَعلَبُهُ / يَومَ الوَغى والِغاً في مُهجَةِ البَطَلِ
وَقَوسُهُ تَنبُضُ الأَنباء صارِخَةً / عَن كِبدِها وَعَنِ الأَكبادِ لَم تَزُلِ
كَأَنَّما صَوتُها البازي يُصَرصِرُ فَال / فُرسانُ تَنفُرُ مِنهُ نَفرَةَ الحَجَلِ
يا آمِلَ الخَيرِ يَمِّمهُ تَجِد مَلِكاً / مُحَقِّقَ الظَنِّ في جَدواهُ وَالأَمَلِ
تَزدادُ أَيامُهُ حُسناً وَمَكرُمَةً / كَأَنَّها مِلَّةُ الإِسلامِ في المِلَلِ
أَبناؤُهُ الصّيدُ سُحبٌ عِندَ جودِهِمُ / غَيثٌ وَهُم أُسُدٌ في الحادِثِ الجَلَلِ
فَكُلُّ أَيّامِهِم مِثلُ العَرائِسِ إِذ / تَبدو لأَعيُنِنا في الحَليِ وَالحُلَلِ
هُم حِليَةُ المُلكِ لا زالوا بِهِ أَبَداً / لَولا هُمُ فيهِ كانَ المُلكُ ذا عَطَلِ
أَنا بِالغِزلانِ وَبِالغَزَلِ
أَنا بِالغِزلانِ وَبِالغَزَلِ / عَن عَذلِ العاذِلِ في شُغُلِ
ما تَفعَلُ بيضُ الهِندِ بِنا / ما تَفعَلُهُ سودُ المُقَلِ
بِأَبي وَسنانُ أَغَنُّ كَحي / لُ الطَرفِ غَنِيٌّ عَن كَحَلِ
وَثَنايا أَحوى أَلعَسَ لي / جادَت بِالخَمرِ وبِالعَسَلِ
يَمشي فَيَكادُ يَقُدُّ الخَص / رَ لِدِقَّتِهِ ثِقلُ الكَفَلِ
مَن كانَ الخَمرُ جَنى فَمِهِ / لِمَ لا يَمشي مَشيَ الثَّمِلِ
تَجني مِن وَجنَتِهِ لَحَظا / تُ العاشِقِ تُفّاحَ الخَجَلِ
هاروتُ وَماروتٌ في با / بِلَ مِن جَفنَيهِ عَلى وَجَلِ
في الحَربِ سِهامُ لَواحِظِهِ / يَهجُمنَ عَلى قَلبِ البَطَلِ
وَثِمارُ عُقودِ الدُرِّ إِذا / ما اِفتَرَّ عَنِ الثَغرِ الرَتِلِ
أَتَقاضاهُ فَيُماطِلُني / ظُلماً بِذُنوبي وَهوَ مَلي
تَبّاً لِرَقيبي بَل رُمِيَت / يَدُ كُلِّ رَقيبٍ بِالشَلَلِ
لَولاهُ رَعَت شَفَتايَ مِنَ ال / مَعشوقِ حِمى رَوضِ القُبَلِ
بي أَسمَرُ إِن يَتَثَنَّ يَبِن / خَجَلٌ بِالسُمرِ مِنَ الأَسَلِ
أَغمِد في الحَربِ السَيفَ فَمِن / لَحَظاتِكَ يُشهَرُ سَيفُ عَلي
لا تَبلُغُ عِدَّةَ مَن قَتَلَت / قَتلى صِفّينَ وَلا الجَمَلِ
سَأُؤَذِّنُ في حُبّيكَ جِها / راً حَيّ على خَيرِ العَمَلِ
يا جائِرُ حينَ عَلَيَّ وَلي / هَلّا أَصبَحتَ عَلَيَّ وَلي
يا بَدرَ تَمامٍ مَطلِعُهُ / بِسَوادِ القَلبِ فَلَم يَغِلِ
سُلطانُ جَمالِكَ دَولَتُهُ / تَنقادُ لَها كُلُّ الدُوَلِ
آهاً مِن هَجرِكَ وَالإِعرا / ضِ وَطولِ صُدودِكَ وَالمَلَلِ
لا بَل واهاً لِسَجايا المَل / كِ الأَفضَلِ نورِ الدينِ عَلي
مَلكٌ نَصَرَ الإِسلامَ بِبي / ضِ الهِندِ وَبِالسُّمرِ الذُّبُلِ
بِمقانِبِهِ وَمناقِبِهِ / في الدَهرِ حَوى أَقصى الأَمَلِ
جَلّى الغَمَراتِ بِغُرَّتِهِ / كَأَبيهِ فَجَلّا عَن مَثَلِ
وَرَمى الأَقيالَ عَلى الصَهَوا / ت إِلى الأَقتابِ عَلى الإِبِلِ
فَالخَيلُ تَعَثَّرُ بِالتيجا / نِ وَبِالأَشلاءِ وَبِالقُلَلِ
أَجرى بِالساحِلِ بَحرَ دَم / فَالبَحرُ لَدَيهِ كَالوَشَلِ
وَسَطا التَأييدُ بِأَظفارٍ / حُجنٍ وَبِأَنيابٍ عُصُلِ
فَالشِركُ مُذالٌ مُنخَذِلٌ / وَالسِّلمُ مُدالٌ ذو جَدَلِ
يا لَلأَقوامِ لِمَلحَمَةٍ / أَزرَت بِأُولي الدُوَلِ الأُوَلِ
تَرَكَ الإِخبارَ الخُبرُ بِها / كَالذَّرَّةِ جيبَت مِن جَبَلِ
مَلِكٌ في العِلمِ لَهُ قَدَمٌ / رَسَخَت لَم يَخشَ مِنَ الذَّلَلِ
أَهلُ الآدابِ لَدَيهِ بُغا / ثٌ وَهوَ الأَجدَلُ في الجَدَلِ
لَو زادَ البَحرُ فَغَطّى السَّه / لَ مِنَ الأَرضين مَعَ الجَبَلِ
لَثَناهُ جودُ أَنامِلِهِ / لا يَرفَعُ رَأساً مِن خَجَلِ
نورَ الدُنيا وَالدينِ أَصِخ / لِقَريضٍ لَيسَ بِمُنتَحَلِ
كَالنورِ يَروقُكَ مَنظَرُهُ / في الرَوضَةِ غِبَّ حَياً هَطِلِ
فيهِ مِن ذِكرِكَ طيبُ نَثاً / كَالمِسكِ يَضوعُ مِنَ الحُلَلِ
صاغَتهُ قَريحَةُ ذي نَهَل / مِن جَورِ الدَهرِ وَذي عَلَلِ
لَولا غَدرُ الأَيّامِ بِهِ / لَم يُهدِ المَدحَ مَعَ الرُسُلِ
وَأَقامَ بِحَيثُ يُفَضِّلُ بُر / جَ الشَمسِ عَلى بُرجِ الحَمَلِ
لا زالَت دَولَتُكُم تَسمو / بِالنَصرِ عَلى كُلِّ الدُّوَلِ
ما لاحَ صَباحٌ وَاِنتَزَحَت / أَوقاتُ ضُحاهُ عَنِ الأُصُلِ
كَفى حزناً أَنّي عَنِ الحَيِّ سآّلُ
كَفى حزناً أَنّي عَنِ الحَيِّ سآّلُ / وَقَد أَقفَرَت مِنكُم رُبوعٌ وَأَطلالُ
وَكانَت بِها الآجالُ تُحضِرُ غيرَةً / فَصارَت بِها في الحَيِّ تَحضُرُ آجالُ
أَسَرّوا النَّوى لَولا غَرابيبُ وُقَّعٌ / أَلا إِنَّما الغِربانُ لِلسِّرِّ غِربالُ
لَقَد سارَ إِذ ساروا الجَمالُ بِأَسرِهِ / تَخُبُّ بِهِ تَحتَ الهَوادِجِ أَجمالُ
سَفَرنَ بدوراً وَاِنتَقَبنَ أَهِلَّةً / وَمِسنَ غُصونَ البانِ وَالبانُ مَيّالُ
فَهُنَّ بِأَصدافِ الهَوادِجِ لُؤلُؤٌ / سَفائِنُهُنَّ النوقُ وَالأَبحُرُ الآلُ
فَكَم ظَبيَةٍ أَلحاظُها في اِصطِيادِها ال / أُسودَ نِشاطٌ وَهيَ في الخِدرِ مِكسالُ
تَوَدُّ الدَراري وَالأَهِلَّةُ أَنَّها / عُقودٌ بليتَيها وَلِلسُّوقِ أَحجالُ
سُعادٌ وَسُعدى جادَتا لي مِنَ اللَمى / بِما كُنتُ أَبغيهِ لَقَد سَعِدَ الفالُ
كَما أَسعَدَ الرَحمَنُ جِلَّقَ إِذ غَدَت / تُرى وَهيَ دارٌ لِلمعُظَّمِ مِحلالُ
دِمشقُ هِيَ الفِردَوسُ وَالمِسكُ تُربُها / وَحَصباؤُها الياقوتُ وَالماءُ جِريالُ
وَمِن شَرَفِ الدينِ المُعَظَّمِ أَصبَحَت / عَلى المُدنِ في وَشيِ التَبَجُّحِ تَختالُ
لَقَد خَصَّها مُذ حَلَّ فيها وَعَمَّها / جَمالٌ وَإِجمالٌ وَفَضلٌ وَإِفضالُ
أَلا أَيُّها المَلكُ المُعَظَّمُ نِعمَةٌ / بِجِلَّقَ حَلَّت فَاِستَقامَت بِها الحالُ
وَلَيسَ يَليقُ المَلكُ فيها بِغَيرِهِ / أَيُغني غَناءَ الشَمسِ في الأُفقِ ذُبّالُ
فَفي صَدرِهِ بَحرٌ مِنَ العِلمِ زاخِرٌ / وَخاطِرُهُ إِذ يَنظِمُ الشِعرَ لآّلُ
وَما أَسَدٌ دامي الأَظافِرِ كاسِرٌ / وَفي الغيلِ أَعراسٌ لَدَيهِ وَأَشبالُ
هِزَبرٌ تَحامَتهُ الحُماةُ وَكَعَّتِ ال / كُماةُ وَخامَت خِيفَةً مِنهُ أَبطالُ
وَآضَت فُحولُ الخَيلِ مُقرَبَةَ الكُلا / وَقَد كُلِمَت مِنها صُدورٌ وَأَكفالُ
بِأَشجَعَ مِنهُ حينَ يُشهِرُ سَيفَهُ / وَيَهتَزُّ في يُمناهُ لِلطَّعنِ عَسّالُ
وَلا الغَيثُ مُنهَلَّ العَزالي مُجَلجِلاً / وَقَد سُحِبَت لِلسُحبِ في الأَرضِ أَذيالُ
فَما زَعزَعَتهُ الريحُ حَتّى تَعادَلَت / سُهولٌ بِدُفّاعِ السُيولِ وَأَجبالُ
بِأَغزَرَ مِن يُمناهُ تَنهَلُّ بِالنَدى / فَلَيسَ بِأَرضٍ حَلَّها الدَهر إِمحالُ
وَقورٌ مَهيبٌ في النُفوسِ وَخُلقُهُ / بِهِ سَلسَبيلٌ لِلجَليسِ وَسَلسالُ
إِذا اِشتَغَلَت شوسُ المُلوكِ بِلَهوِها / فَلَيسَ لَهُ إِلّا المَكارِمَ أَشغالُ
تَقَمَّصَ أَثوابَ المَعالي قَشيبَةً / وَهَل يَستَوي بُردٌ قَشيبٌ وَأَسمالُ
هَنيئاً لَهُ الحَولُ البَشيرُ حُؤولُهُ / بِمُلكٍ مُقيمٍ لَم تُحَوِّلهُ أَحوالُ
وَلا بَرِحَت فيهِ مَساعيهِ تَجتَلي / وُجوهَ المُنى بيضاً فَتُدرَكَ آمالُ
مَتى قابَلَ العافونَ غُرَّةَ وَجهِهِ / تَلَقّاهُمُ مِنهُ قَبولٌ وَإِقبالُ
وَكَم مُعسِرٍ وافاهُ يَرجو نَوالَهُ / فَعادَ مُرَجّي جودِهِ وَلَهُ مالُ
فَلا زالَ ذا مُلكٍ تُمَدُّ ظِلالُهُ / عَلَيهِ وَبِالنَّعماءِ تَقصُرُ أَسجالُ
عَلى حُبِّكُم عادِلي عاذِلي
عَلى حُبِّكُم عادِلي عاذِلي / عَذيراً يَحَظُّ وَلا ياتَلي
فَأَمرَحَني في رُبوعِ الهَوى / وَأَلقى بِحَبلي عَلى كاهِلي
وَأَقسَمَ لي أَنَّ مَن لامَ في / مَحَبِّتِكُم لَيسَ بِالعاقِلِ
هَلُمّوا انظُروا تَعجَبوا مِن بُكا ال / قَتيلِ اِشتِياقاً إِلى القاتِلِ
فَمِن وَجدِهِ هُوَ في دَهرِهِ / عَنِ العَذلِ في شُغُلٍ شاغِلِ
وَمِن حُسنِهِ حِصنُهُ لَم يُرَع / بِجَيشِ وَغىً لَجِبٍ حامِلِ
فَبِالقَدِّ كَم دونَهُ طاعِناً / وَكَم بِاللَواحِظِ مِن نابِلِ
وَعَن قَوسِ حاجِبِهِ فُوِّقَت / سِهامُ اللَواحِظِ لِلناضِلِ
وَأَجفانُهُ مُشهِراتٌ ظُباً / قَواطِعَ كَالقَدَرِ النازِلِ
عَلَيَّ جَنى ما جَنى رِدفُهُ ال / ثَقيلُ عَلى خَصرِهِ النَّاحِلِ
وَما خافَ مَن أَنا مَملوكُهُ / وَلَيسَ سِوى المَلِكِ الكامِلِ
شَديدُ الحَياءِ عَتيدُ الحِباءِ / أَعَمُّ مِنَ الوابِلِ الهاطِلِ
لَهُ هَيبَةٌ تَحتَها هَبَّةٌ / تَفُتُّ حَشا الأَسَدِ الباسِلِ
يَحُلُّ لَدى الرَوعِ مِن جَيشِهِ / مَحَلَّ السِّنانِ مِنَ العامِلِ
تَفِرُّ العِدا مِنهُ يَومَ الوَغى / فِرارَ نَعامِ الفَلا الجافِلِ
وَكَم عَسكَرٍ حازَهُ جَيشُهُ / فَفازَ بِإِحسانِهِ الشامِلِ
عَفا عَنهُمُ وَتَوَلّاهُمُ / بِراحَتِهِ الجَمَّةِ النائِلِ
لَقَد عَضَدَ اللَهُ سُبحانَهُ / بِهِ دَولَةَ المَلِكِ العادِلِ
فَلِلمُلكِ مِنهُ شَبا صارِمٍ / لِهامِ العِدا قاطِعٍ قاصِلِ
فَلا تَكتُموا الحَقَّ يا حاسِديهِ / وَلا تُلبِسوا الحَقَّ بِالباطِلِ
إِلَيهِ المَمالِكُ مُشتاقَةٌ / تَمُدُّ يَدَ المُرتَجي الآمِلِ
سَرَرتَ دِمَشقَ بِهَذا القُدوم / فَأَهدَيتَ حَلياً إِلى عاطِلِ
وَآنَسَ إِخوَتَكَ السادَةَ ال / شُموسَ سَنا بَدرِكَ الكامِلِ
فَلا كانَ نورُكُما ساعَةً / عَنِ الناسِ في الدَهرِ بِالآفِلِ
وَبورِكتَ مِن قائِلٍ فاعِلٍ / وَكَم قائِلٍ لَيسَ بِالفاعِلِ
أَصِخ لاستِماعِ القَصيدِ الَّتي / تُعَبِّرُ عَن سُؤدَدِ القائِلِ
وَتُخجِلُ قُسّاً إِذا قامَ في / عُكاظَ وَسَحبانَ في وائِلِ
مُحَمَّدُ يا اِبنَ أَبي بَكرٍ اِب / قَ في المُلكِ يا كَعبَةَ السائِلِ
فَيُمناكَ لا عَدِمَتكَ النَدى / لِعافيكَ بَحرٌ بِلا ساحِلِ
أَلا هَل إِلى بابِ البَريدِ سَبيلُ
أَلا هَل إِلى بابِ البَريدِ سَبيلُ / فَلَيلي بِزَوراءِ العِراقِ طَويلُ
مَتى تَلتَقي أَجفانُ عَينَيَّ وَالكَرى / وَهَل يَتَلاقى بُكرَةٌ وَأَصيلُ
سَلامٌ عَلى أَكنافِ جِلَّقَ إِنَّها / لأَوطارِ قَلبي مَسرَحٌ وَمَقيلُ
رُبوعُ الهَوى أَمّا الهَواءُ فَشَمأَلٌ / بِهِنَّ وَأَمّا الماءُ فَهوَ شَمولُ
وَأَهيَفَ أَمّا خَصرُهُ فَمُخَصَّرٌ / خَفيفٌ وَأَمّا رِدفُهُ فَثَقيلُ
فَفيهِ يَحارُ الغُصنُ وَهوَ مُهَفهَفٌ / وَمِنهُ يَغارُ الظَّبيُ وَهوَ كَحيلُ
هَلُمّوا اِنظُروا حالي وَفي خَدِّهِ دَمي / شَهيدٌ فَقولوا قاتِلٌ وَقَتيلُ
أَزيدُ لَهُ ذُلّاً وَيَزدادُ عِزَّةً / وَكُلُّ مُحِبٍّ لِلحَبيبِ ذَليلُ
فَوَجدي كَثيرٌ مِثلُ أَيّامِ بُعدِهِ / وَصَبري كَأَيّامِ الدُّنُوِّ قَليلُ
وَما حَسَنٌ عَن ذَلِكَ الحُسنِ سَلوَةٌ / وَلا الصَّبرُ عَن ذاكَ الجَمالِ جَميلُ
أَبى أَن يُوافيني بِسُؤلي رَسولُ مَن / رِضاهُ لِقَلبي يا عَذولِيَ سولُ
فَدَمعي مُطيعٌ لي مَتى ما دَعوتُهُ / وَصَبري لَدَيهِ لا يُطاعُ عَذولُ
وَكَم لَيلَةٍ باتَ الحَبيبُ مُنادِمي / فَأَنجَزَني فيها الوُعودَ مَطولُ
فَباتَ يُعاطيني المُدامَ كَريقِهِ / وَدَمعي عَلى الخَدِّ الأَسيلِ يَسيلُ
إِذا الخَمرُ حَلَّت في اللَّهى اِرتاعَ هَمُّنا / لَها فَدَعاهُ فَاِستَجابَ رَحيلُ
تَبيتُ كُؤوسُ الراحِ تَطلُعُ أَنجُماً / لَها في اللَّهى حَتّى الصَّباحِ أُفولُ
يَطوفُ بِها وَسنانُ لِلوَردِ خَجلَةٌ / إِذا ما بَدا مِن خَدِّهِ وَذُبولُ
تُخالِسُهُ اللَّحظَ العُيونُ مَهابَةً / فَهُنَّ صَحيحاتُ النَواظِرِ حُولُ
لَنا سَفَرٌ بِاللَّحظِ في وَجَناتِهِ / وَلَيسَ لَهُ حَتّى يَغيبَ قُفولُ
تَبَدَّلت مِن سُودٍ بِبيضٍ لَهُنَّ في / فُؤادي وَفَودِي صَولَةٌ وَصَليلُ
لِشَيبي نُصولٌ مِن فُؤادي خِضابُها / بِما مالَهُ حَتّى المَماتِ نُصولُ
تَنَكَّرَ شَيبي مُذ تَوَلَّت شَبيبَتي / فَلي أَسَفٌ بَعدَ الشَبابِ يَطولُ
وَمالي إِذا ما عَضَّني الدَهرُ ظالِماً / فَأَعرَضَ عَنّي صاحِبٌ وَخَليلُ
سِوى المَلِكِ اِبنِ الناصِرِ الظاهِرِ الَّذي / نَداهُ بِإِدراكِ النَّجاحِ كَفيلُ
إِذا ما غِياثُ الدينِ غاثَ بِجودِهِ / جَرَت فَوقَ أُكمِ المُعتَفينَ سُيولُ
مَواهِبُهُ كومُ الذُرى وَسَلاهِبٌ / فَفيها رُغاءٌ مُطرِبٌ وَصَهيلُ
إِذا ما غَزا غازي الأَعادي فَكُلُّهُم / بُغاثٌ عَلَيها بِالبُزاةِ يَصولُ
تَحُلُّ مُلوكُ الأَرضِ مِن دونِ شَأوِهِ / فَفيهِم لَدَيهِ دِقَّةٌ وَخمولُ
هُوَ اللَّيثُ في يَومِ الكَريهَةِ مُقدِماً / لَهُ الدَّمُ غَيلٌ وَالذَوابِلُ غيلُ
فَكُلُّ شُجاعٍ مِن سُطاهُ ذَليلُ / وَكُلُّ جَوادٍ مِن نَداهُ بَخيلُ
وَتَقصُرُ مِن جَدواهُ أَعمارُ مالِهِ / وَلَكِنَّ أَعمارَ الثَناءِ تَطولُ
فَأَيّامُهُ بيضٌ وُصِلنَ بِمِثلِها / لَها غُرَرٌ مَعلومَةٌ وَحُجولُ
بِهِ نُصِرَ الإِسلامُ حَتّى كَأَنَّما / أَتى الناسَ مِن بَعدِ الرَّسولِ رَسولُ
وَطُلَّ دَمُ الأَعداءِ حَتّى دِيارُهُم / رُسومٌ عَوافٍ بَعدَهُم وَطُلولُ
وَحامى عَنِ المَعروفِ حَتّى كَأَنَّهُ / حَليفٌ يُحامي دونَهُ وَقَبيلُ
أَأَرهَبُ مِن رَمضاءِ عُسرٍ وَظِلُّهُ / مَديدٌ لِمَن يَأوي إِلَيهِ ظَليلُ
لَقَد أَبَتِ الأَيّامُ إِلّا خَصاصَتي / بِهِنَّ فَهَل عِندي لَهُنَّ ذُحولُ
وَلا بُدَّ أَن آوي إِلى ملكٍ بِهِ / عَلى جَيش لَزباتِ الزَمانِ أَصولُ
وَيَكفيهِ أَنَّ الناسَ قَد مَنَعوا الحَبا / فَلَيسَ لَهُ إِلّا إِلَيهِ سَبيلُ
أَلا أَيُّها المَلكُ الَّذي مَكرُماتُهُ / لَها خَطَرٌ في العالَمينَ جَليلُ
شَأَوتَ مُلوكَ الأَرضِ شَرقاً وَمَغرِباً / فَما لَكَ في كُلِّ المُلوكِ عَديلُ
وَلَو أَنَّني أَسطيعُ زُرتُ مُمَلَّكاً / جَداهُ عَلى عافي نَداهُ هطولُ
وَلاطَمتُ بِالوَجناءِ وَجنَةَ مَهمَهٍ / تَلا وَخدَها وَسطَ الفَلاةِ ذَميلُ
تَعَدّى إِلَيها مِن نُحولي زِمامَها / بِإِدمانِيَ السَيرَ الحَثيثَ نُحولُ
فَيَمَّمتُ مِنهُ البَحرَ بِالدُّرِّ قاذِفاً / وَمِنهُ فُراتٌ لِلعُفاةِ وَنيلُ
وَلَكِنَّ ضَعفَ الحالِ أَوهى عَزيمَتي / فَسُقتُ إِلَيهِ الشِّعرَ وَهوَ رَسولُ
وَذَلِكَ مَلكٌ كُلُّ صَعبٍ مُمَنَّعٍ / جَموحٍ لَهُ في العالَمينَ ذلولُ
وَقَد عَلِمَت أَعداؤُهُ أَنَّ أُمَّهُم / مَتى أَمَّهُم مِن بَأسِهِ لَثكولُ
يُقَصِّرُ عَنهُ مادِحوهُ فَكُلُّهُم / لَهُ بِالتِماسِ العُذرِ مِنهُ سَؤولُ
إِلى دَوحَةِ المَجدِ المُؤَثَّلِ يَنتَمي / وَفيها فُروعٌ دونَهُ وَأُصولُ
تَقومُ مُلوكُ الأَرضِ في الأَرضِ مُثَّلاً / لَهُ وَلَهُ فَوقَ السِّماكِ مُثولُ
وَقافِيَةٍ حَبَّرتُها فَبَعَثتُها / عَسى أَن يُوافيها لَدَيهِ قَبولُ
فَفيها مَفاعيلٌ وَهُنَّ هَناتُهُ / يُقَدِّمُها الإِحسانُ وَهوَ فَعولُ
وَثِقتُ بِرِزقٍ مِنهُ يَأتي مُعَجَّلاً / كَذَلِكَ مَن أُعنى بِهِ وَأَعولُ
إِذا ما اِعتَرى كُلّاً ذُهولٌ عَنِ العُلا / فَأَنتَ الَّذي لا يَعتَريهِ ذُهُولُ
غَدا زَمَني جَوراً عَلَيَّ فَمُرهُ أَن / يَعودَ لَعَلَّ الحالَ فيهِ تَحولُ
فَأَنتَ الَّذي في جودِهِ لَم يَقُم لَهُ / عَلى كَثرَةِ الإِسرافِ فيهِ عَذولُ
وَهَل تُعذَلُ السُّحبُ المَواطِرُ في الحَيا / وَقَد طَبَّقَت مِنها التِلاعَ سُيولُ
فَفي حَلَبٍ رُسلُ المُنى حَلَبٌ فَما / لَها غَيرَ ما دار السَلامِ رَسيلُ
لِشَهبائِها الشُّهبُ الثَّواقِبُ حُسَّدٌ / تَمَنّى لِغازٍ أَنَّهُنَّ خُيولُ
هُوَ السالِبُ الجَبّارِ بَيضَةَ مُلكِهِ / يَرى أَنَّ حِرمانَ العُفاةِ غُلولُ
فَما الرَّوضُ كَالدّيباجِ يَبدو نَباتُهُ / وَقَد سُحِبَت للسُّحبِ فيهِ ذُيولُ
بِأَطيَبَ نَشراً مِنكَ في كُلِّ مَحفلٍ / يَقومُ بِهِ المُطري لَهُ فَيَقولُ
فَلا زالَ ذا مُلكٍ عَقيمٍ مُؤَبَّدٍ / تَزولُ الرَّواسي وَهوَ لَيسَ يَزولُ
في عُنفُوانِ الصِبا ما كُنتُ بِالغَزِلِ
في عُنفُوانِ الصِبا ما كُنتُ بِالغَزِلِ / فَكَيفَ أَصبو وَسِنِيّ سِنُّ مُكتَهِلِ
كَأَنَّني بِمَشيَبي وَهوَ مُشتَعِلٌ / بَياضُهُ بِسَوادِ الفاحِمِ الرَّجِلِ
إِنَّ الحِسانَ يَرَينَ الشَيبَ أَقبَحَ مِن / شَينِ البَياضِ عَثا في أَسوَدِ المُقَلِ
لَم أُمسِ في غَمراتِ العِشقِ مُنغَمِساً / وَلَم تُؤَنِّفنِيَ العُذّالُ بِالعَذَلِ
وَأَخفَقُ الناسِ مَسعىً كُلُّ مُختَبِلٍ / يَهذي بِصاحِبِ قَلبٍ غَيرِ مُختَبِلِ
مَن يَهوَ يَهوِ إِلى قَعرِ الهَوانِ عَمىً / شَتّانَ بَينَ شَجٍ عانٍ وَبَينَ خَلي
وَما اِزدَهاني سَرابُ المَكرِ وَالحِيَلِ / وَلا دَهاني شَرابُ الكَرمِ بِالخَبَلِ
وَالنَفسُ تَوّاقَةٌ لَكِن يُطامِنُها / إِذا اِشرَأَبَّت حِجىً أَرسى مِنَ الجَبَلِ
فَالعُمرُ ظِلٌّ عَلى الإِنسانِ مُنتَقِلٌ / وَلَيسَ في الأَرضِ ظِلٌّ غَيرُ مُنتَقِلِ
وَخَيرُ ما نِلتَ مِن دُنياكَ مُقتَبِساً / عِلمٌ وَلَكِن إِذا ما زِينَ بِالعَمَلِ
لا تَترُكَنَّ التُّقى يَوماً فَتُهمِلَهُ / نَوماً فَلَستَ بِمَتروكٍ وَلا هَمَلِ
واهاً لِمُستَيقِظٍ مِن نَومِ غَفلَتِهِ / لِفَهمِ آدابِ أَهلِ الأَعصُرِ الأُوَلِ
هُمُ الأُلى زَيَّنوا الدُنيا بِفَضلِهِمُ / وَاِستَبدَلوا مِن قَشيبِ العَيشِ بِالسَّمَلِ
فَما اِستَمالَتهُم الدُّنيا بِزُخرُفِها / وَلا اِزدَهَتهُم بِتَفصيلٍ وَلا جُمَلِ
قالوا اِمتَدِح عُظَماءَ الناسِ قُلتُ لَهُم / خوفُ الزَنابيرِ يَثنيني عَنِ العَسَلِ
وَالأُسدُ تَهرُبُ مِن قَرصِ الذُّبابِ وَما / أَغرى خِساسَ الوَرى بِالسادَةِ النُّبُلِ
سَوءاتُهُم هَزَمَت مَجدي وَلا عَجَبٌ / عَمرٌو بِسَوءَتِهِ في الحَربِ رَدَّ عَلي
إِن ضِقتَ ذَرعاً بِأَقوامٍ سَواسِيَةٍ / فَما الكَريمُ بِأَن يُؤذى بِمُحتَمِلِ
أَمسى قَرارَةُ سَيلِ الخُرءِ يَعبَثُ بي / فَهوَ السُّها إِذ يُعيدُ الشَمسَ في الحَمَلِ
هَذا مِنَ الدَّهرِ مَشهورٌ وَما بَرِحَت / أَهلُ المَعالي ذُرابى أَلسُنِ السفلِ
بَينَ الصِّحاحِ وَبَينَ العورِ لا سَلِموا / بَونٌ وَما حَوَرُ العَينَينِ كَالكَحَلِ
تَبّاً لِكُلِّ غَريقٍ في مَعايِبِهِ / يَعيبُ خَلَّةَ مَن ما فيهِ مِن خَلَلِ
وَلَيسَ ذَنبي سِوى طولِ الثَّواءِ وَمَن / طالَ الثَّواءُ عَلَيهِ رِيعَ بِالمَلَلِ
وَالعَجزُ أَوجَبَ لي ذُلَّ الخُمولِ وَلَو / أَنّي تَنَقَّلتُ كانَ العِزُّ في النُّقَلِ
لأَنزَعَن في قِسِيِّ الذَّمِّ مُجتَهِداً / فَأُصمِيَنَّ لِئاماً بَعدَ مُرتَحَلي
لا تَحسِبَن أَنَّ نورَ الشَّمسِ يُوهِنُهُ / ما أُلبِسَ الجوُّ مِن غَيم وَمِن طَفَلِ
وَما ألومُ حَسودي في تَقَوُّلِهِ / زوراً عَلَيَّ وَلَم أَفعَل وَلَم أَقُلِ
خَفِّض عَلَيكَ فَما بَدرُ السَماءِ إِذا / ما الكَلبُ أَوسَعَهُ نَبحاً بِمُحتَفِلِ
هُمُ زَوامِلُ ثِقلِ العارِ مُعنقةً / وَهُم عَلى حَملِهِ أَقوى مِنَ الإِبِلِ
حِداؤُها شَتمُهُم في كُلِّ موحِشَةٍ / تُطوى وَتُنشَرُ فيها ألعَنُ السُبُلِ
ما يَقدرونَ عَلى إِخفائِهِم حَسَبي / وَذاكَ أَسيرُ بَينَ الناسِ مِن مَثَلِ
وَلَو دَعَوتُ لَلَبَّتني ضراغمة / تَدأى إِلى جاحِمٍ بِالحَربِ مُشتَعِلِ
كُلٌّ مِنَ القَومِ إِن يَركَب إِلى رَهَجٍ / يَوماً تَرَجَّلَ رَأسُ الفارِسِ البَطَلِ
قَومٌ إِذا حَمَلوا في الرَّوعِ خِلتَهُمُ ال / أَتِيَّ مُنحَدِراً مِن ذِروَةِ الجَبَلِ
معوَّدوا النَّصر مَحمودٌ بلاؤُهُمُ / وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالأَشلاءِ وَالقُلَلِ
أَهلُ الجِفانِ إِذا هَبَّت شَآمِيَةٌ / يَمتارُها الناسُ مِن حافٍ وَمُنتَعِلِ
إِن أَرضَ يَرضَوا وَإِن أَسخَط فَكُلُّهُم / كَاللَيثِ يَكشِرُ عَن أَنيابِهِ العُصُلِ
إِن عابَني أَنَّني مِن بانياسَ فَكَم / عَيشٍ نَعِمتُ بِهِ في ظِلِّها الخَضَلِ
وَأَهلُها كَالدَّنانيرِ الصِحاحِ بِلا / غِشٍّ وَلا بَهرَجٍ فيهِم وَلا زَغَلِ
فَالدُرُّ مِن صَدَفٍ وَالوَردُ يَطلُعُ بَي / نَ الشَوكِ وَالنَرجِسُ الرَيّانُ مِن بَصَلِ
يا رُبَّ بيضٍ سَلَلن البيضَ مِن حَدَقٍ / سودٍ وَمِسنَ بِأعطافِ القَنا الذُّبُلِ
هيفُ الخُصورِ نَقِيّاتُ الثُغورِ أَثي / ثاتُ الشُعورِ هَجَرنَ الكُحل لِلكَحَلِ
مِن كُلِّ مُرتَجَّةِ الأَردافِ إِن نَهَضتَ / شَكَت مَعاطِفُها جَوراً مِنَ الكَفَلِ
مِثلُ الشُموسِ اِنسَرى عَنها الغَمامُ إِذا / غازَلنَنا مِن وَراءِ السِّجفِ وَالكَلِلِ
لَو كانَ حُسنُ زَليخاً حُسنهُنَّ وَقَد / خَلَت بِيوسُفَ قدَّ الثَوبُ مِن قُبُلِ
وَشادِنٍ مِثل بَدرِ التمِّ يَبسِمُ عَن / ثَغرٍ كَلُؤلُؤِ سِمطٍ واضِحٍ رَتلِ
مَتى تَثَنّى وَأَبدى وَجنَتَيهِ لَنا / فَالبانُ مُنخَزِلٌ وَالوَردُ في خَجَلِ
حُمرٌ مَراشِفُهُ نَشوى مَعاطِفُهُ / مُعَربِدٌ لَحظُهُ كَالشارِبِ الثَّمِلِ
يَرمي فَيُصمي وَلا تَنمي لَواحِظُهُ / قُلوبَنا فَهيَ أَرمى مِن بَني ثُعَلِ
رَدَدتُ عَنهُم يَدي رَدَّ العَفافِ بِلا / ضَعفٍ عَراني وَلا خَوفٍ وَلا وَجَلِ
وَكَم قَوافٍ تَروقُ السامِعينَ مَعا / نيها بِلا خَطَأ فيها وَلا خَطَلِ
نَظَمتُها كَعُقودِ الدُرِّ ناصِعَةً / تُحِلُّ مُنشِدَها مِن رِبقَةِ العَطَلِ
إِن قَدَّمَ اللَهُ أَقواماً وَأَخَّرَني / فَالشَمسُ مُنحَطَّةٌ في الأَوجِ عَن زُحَلِ
وَأَينَ راحَةُ روحي مِن زحامِهِمُ / عَلى الرَّكِيِّ البَكِيِّ المَوتُ أَروَحُ لي
تَرَكتُ لِلناسِ بَحرَ الشِّعرِ فَليَرِدوا / وَقَد قَنَعتُ مِنَ الأَمواهِ بِالوَشَلِ
وَالبَحرُ فيهِ لَآلٍ كَالسَماءِ بِها ال / نُجومُ مَن رامَها أَعيا وَلَم يَصِلِ
أَنِفتُ مِن طَمَعٍ مُدنٍ إِلى طَبعٍ / وَعِفتُ لَبسَةَ ذُلِّ الحَرفِ وَالأَمَلِ
إِنَّ القَناعَةَ لَم تَخلَع مَلابِسَها / إِلّا عَلى رَجُلٍ ناهيكَ مِن رَجُلِ
صُن ماءَ وَجهِكَ عَن ذُلِّ السُؤالِ وَلَو / أَتاكَ إِهراقُهُ بِالمالِ وَالخَوَلِ
وَاِستَرزِقِ اللَهَ مِمّا في خَزائِنِهِ / تُدَل بِفَيضِ أَياديهِ وَلَم تُذَلِ
ما يُعطِكَ اللَهُ لا يَمنَعكَهُ أَحَدٌ / وَلَيسَ ما بُتَّ مِن شَيءٍ بِمُتَّصَلِ
فَاِشمَخ بِأَنفِكَ عَن خَزمِ المَطامِعِ لا / تُقِم بِهِ في مَقامِ الآنُفِ الذُّلَلِ
تَخشى عَرانينُها خَرماً إِذا نَفَرَت / فَالذُّلُّ يَسحَبُها في الرَيثِ وَالعَجَلِ
يا نَفسُ صَبراً عَلى ما قَد مُنيتِ بِهِ / فَالحُرُّ يَصبِرُ عِندَ الحادِثِ الجَلَلِ
لا بُدَّ أَن يَستَقيلَ الدَهرُ عَثرَتَهُ / فينا وَفي غَيرِنا وَالدَّهرُ ذو دُوَلِ
يا مَن تَضَلَّعَ رِيّاً إِن ضَمِنتَ فَما ال / حِرصانُ إِلّا عَلى الظامي مِنَ الأَسِلِ
وَما تَرَكتُ مَقالَ الشِّعرِ عَن خَوَرٍ / وَلا اِنتِجاعَ كِرامِ النّاسِ مِن كَسَلِ
لَكِن أَروني كَريماً في الزَمانِ وَما / شِئتُم مِنَ المَدحِ فَاِستَملوهُ مِن قِبَلي
وَاِستَودِعوا مِن فَمي أَصدافَ سَمعِكُمُ / دُرّاً تَنَظَّمَ شِعراً غَيرَ مُنتَحَلِ
إِن كُنتَ مُحتَفِلاً أَو كُنتَ مُرتَجِلاً / فَخَيرُ مُحتَفِلٍ فيهِ وَمُرتَجِلِ
شَمَختُ مِنهُ إِباءً عَنهُ مُزدَرِياً / بِهِ فَلا ناقَتي فيهِ وَلا جَمَلي
وَكَيفَ أَسعى إِلى أَيدٍ أُقَبِّلُها / وَالبَتكُ أَولى بِها عِندي مِنَ القُبَلِ
إِذا يَدٌ لَم تُفِد بِالرِّفدِ مُمتَدِحاً / مَعَ الغِنى فَرَماها اللَهُ بِالشَلَلِ
لَم يَسمَحِ الدَّهرُ مُذ ألفيتُ فيهِ بِأَن / رَأَيتَني راتِعاً في مَرتَعِ الجَذَلِ
أَليَّةً إِن نَأَت عَنّي نَوائِبُهُ / لأَشدُوَنَّ بِأَهزاجي وَبِالرَّمَلِ
وَعَيبُ شِعرِيَ أَنَّ الوَردَ يُشبِهُهُ / وَأَنَّ جُلَّ بَني ذا الدَّهرِ كَالجُعَلِ
لا تَأسَفَنَّ عَلى ما لَم تَنَلهُ مِنَ ال / دُنيا فَلَيسَ يُنالُ الرِّزقُ بِالحِيَلِ
اللَهُ قَدَّرَ لي رِزقاً سَأُدرِكُهُ / لا بُدَّ مِنهُ كَما لا بُدَّ مِن أَجَلي
وَالفَضلُ وَالمالُ مَحبوبانِ ما اِجتَمَعا / وَهَل تُوافي الضُحى يَوماً مَعَ الأَصُلِ
سَرارَةُ القَلبِ مَأوى سِرِّ كُلِّ فَتىً / مُستَحصَفٍ عَقلُهُ لا رَأيَ لِلمَذِلِ
مَن لَم تُجانِسهُ فَاِحذَر أَن تُجالِسَهُ / فَالشَمعُ لَم يَحتَرِق إِلّا مِنَ الفَتلِ
قَد كانَ في قُلَلِ الأَجبالِ مَسكَنُهُ / فَاِعتاضَ بِالنارِ بَعدَ الشَهدِ وَالعَسَلِ
وَالأُنسُ في وَحدَةِ الإِنسانِ مُنفَرِداً / عَنِ الأَخِلّاءِ فَاِهجُرهُم وَلا تُبَلِ
ما في زَمانِكَ مَن تُصفي الودادَ لَهُ / مِنَ الأَخِلّاءِ إِلّا وَهوَ ذو دَخَلِ
يا مَعشَراً نَبَذوا العَلياءَ نَبذَهُمُ / غُرَّ المَحاسِنِ في قَولٍ وَفي عَمَلِ
كَأَنَّهُم في تَعاليهِم حَنابِلَةٌ / يَرَونَ كُلَّ بَني الآدابِ مُعتَزِلي
فَلَو رَآهُم أَميرُ المُؤمِنينَ لما / قالَ انحُ ذا النَحوَ يا با الأَسوَدِ الدُّؤَلي
مَن باتَ مُمتَدَحاً فيهِم يَقُل سَفَهاً / تَنَحَّ إِنَّ دِماغي غَيرُ مُنفَعِلِ
لِلحَقِّ قالَ وَهَل تَلقاهُ مُنفَعِلاً / لِلمَدحِ وَهوَ شَديدُ العِشقِ لِلبَخَلِ
فَأَكذَبُ الناسِ في ذا الدَّهرِ مادِحُهُم / فَاِسكُت وَأَصدَقُهُم هاجيهُمُ فَقُلِ
لَم يَرتَفِع فيهِ عِندي غَيرُ ذي سَفَهٍ / في العَينِ مُرتَفِعٍ في القَلبِ مُستَفِلِ
حَتّامَ يا دَهرُ لا أَنفَكّ ذا ظَمَأٍ / وَلا أَراكَ بِوِردٍ ناقِعاً غُلَلي
قَلَبتَ لي عامِداً ظَهرَ المِجَنِّ وَلَم / تَعطِف عَلَيَّ وَلَم تَنفَكَّ ذا مَيَلِ
وَما بَرِحتَ عَلى الأَحرارِ مُجتَرِئاً / لي أُسوَةٌ في ذَراري خاتَمِ الرُّسُلِ
في حُبِّكَ صِرتُ كَالخِلالِ
في حُبِّكَ صِرتُ كَالخِلالِ / وَالصَّبرُ فَلَيسَ مِن خِلالي
واصِل مَن حازَ كُلَّ حُزنٍ / يا حائِزَ غايَة الجَمالِ
فَالعاذِلُ عادَ لي عَذيراً / وَالقَلبُ عَنِ السُّلُوِّ سالِ
عَذِّب بِسوى الصُّدودِ قَلبي / يا مُنيَتَهُ فَما يُبالي
شُربوشُكُ يا صَبِيُّ مِنهُ / تَنكيسُ عَمائِمِ الرِّجالِ
هَذا الحالي بِكُلِّ حُسنٍ / ما أَعجَبَ في هَواهُ حالي
غُصنٌ في الحِقفِ تَحتَ بَدرٍ / يَرنو عَن مُقلَتي غَزالِ
يَرمي عَن قَوسِ حاجِبَيهِ / مِن لَحظِ الطَّرفِ بِالنِّبالِ
أَبكي كَلَفاً بِهِ عَقيقاً / إِذ يَبسِمُ لي عَنِ اللآلي
لا مَتَّع في هَواهُ روحي / ما عِشتُ بِراحَةِ الوِصالِ
إِن كُنتُ عَلى الرُّقادِ أَبكي / إِلّا شَوقاً إِلى الخَيالِ
رُوَيدَكَ كَم تَجني وَكَم تَتَدَلَّلُ
رُوَيدَكَ كَم تَجني وَكَم تَتَدَلَّلُ / عَلَيَّ وَكَم أُغضي وَكَم أَتَذَلَّلُ
لَزِمتَ مَلالاً ما تَمَلُّ لُزومَهُ / فَقَلبي عَلى جَمرِ الغَضا يَتَمَلمَلُ
وَوَكَّلتَني بِاللَيلِ أَرعى نُجومَهُ / وَأَنتَ بِطولِ الصَدِّ عَنّي مُوَكَّلُ
وَلا غَروَ أَن جادَت جُفوني بِمائِها / إِذا كانَ مَن أَهواهُ بِالوَصلِ يَبخَلُ
وَقَد صارَ هَذا السُخطُ مِنكَ سَجِيَّةً / فَلَيتَكَ يَوماً بِالرِضى تَتَجَمَّلُ
تُجَرِّدُ مِن أَجفانِكَ السودِ أَبيضاً / عَلى كُلِّ مَن تَرنو إِلَيهِ فَتَقتُلُ
وَما لَحظَةٌ إِلّا تَهُزُّ مُهَنَّداً / يُصابُ بِهِ مِمَّن يُحِبُّكَ مَقتَلُ
فَكُن سالِكاً حُكمَ الزَمانِ فَإِنَّهُ / يَجورُ مِراراً ثُمَّ يَحنو فَيَعدِلُ
وَقَد كانَ حُسنُ الصَبرِ مِن قَبلُ ناصِري / فَإِن دامَ ذا الإِعراضُ عَنّي سَيُخذَلُ
وَأَحزَمُ خَلقِ اللَهِ رَأياً فَتىً إِذا / نَبا مَنزِلٌ يَوماً بِهِ يَتَحَوَّلُ
فَكَم مَلَّ مِنّي عائِدي وَمَلَلتُهُ / وَعاصَيتُ في حُبِّيكَ مَن كانَ يَعذِلُ
وَأَيّامُنا تُطوى وَلا وَصلَ بَينَنا / وَتُنشَرُ وَالهِجرانُ لا يَتَزَيَّلُ
أَرى الحُسنَ قَد وَلّى عِذارَكَ دَولَةً / وَلَكِنَّهُ عَمّا قَليلٍ سَيُعزَلُ
فَأَحسِن بِنا مادامَ ذَلِكَ مُمكِناً / وَأَجمِل فَقَتلي عامِداً لَيسَ يَجمُلُ
أَما كَفانِيَ طَرفٌ مِنكَ نَبّالُ
أَما كَفانِيَ طَرفٌ مِنكَ نَبّالُ / مَتى رَنا فَهوَ فَتّاكٌ فَقَتّالُ
حَتّى ضَمَمتَ إِلَيهِ شامَةً بَرَزَت / لي يمنَةً فَلَها بِالبالِ بَلبالُ
فَالخَدُّ وَالخالُ في قَتلي قَدِ اِشتَرَكا / وَيلاهُ مِمّا جَناهُ الخَدُّ وَالخالُ
أَنتَ الَّذي سَلَّ مِن جَفنَيهِ صارِمَهُ / وَلَحظُهُ سَهمُهُ وَالقَدُّ عَسّالُ
فَاِعجَب لَهُ قَمَراً لِلناسِ مِنهُ مَتى / بَدا لَهُم كَهِلالِ العيدِ إِهلالُ
مُرَنَّحٌ خَوطُ بانٍ في كَثيبِ نَقاً / يَهُزُّهُ الحُسنُ تيهاً فَهوَ مَيّالُ
عَن عِشقِ وَردٍ بِخَدَّيهِ وَنَرجِسِ عَي / نَيهِ مَدى الدَّهرِ لا حالَت بِيَ الحالُ
بي غُلَّةٌ وَشِفائي بَردُ ريقَتِهِ / مِن أُقحُوانِ الثَنايا فَهوَ سَلسالُ
مِن جيدِهِ تُحضِرُ الآجالُ في خَجَلٍ / عَنهُ وَتَحضُرُ لِلعُشّاقِ آجالُ
ما ضَرَّ مَن بِلِباسِ الحُسنِ جُمِّلَ لَو / أَضحى لَنا مِنهُ إِحسانٌ وَإِجمالُ
بِكُم قَلبي عَليلٌ ما يُبِلُّ
بِكُم قَلبي عَليلٌ ما يُبِلُّ / بِهِ مِنكُم غَليلٌ ما يُبَلُّ
فَطَرفي كاتِبٌ وَالطِّرسُ خَدّي / وَأَشواقي تُمِلُّ وَما تَمَلُّ
وَأَحبابي اِستَقَلّوا ما أُلاقي / مِنَ البُرَحاءِ فيهِم فَاِستَقَلّوا
فَلَو لاقى ثَبيرٌ بَعضَ وَجدي / وَما أَسلوهُمُ مَحَقَتهُ سِلُّ
هُمُ في القَلبِ حَلّوا حينَ ساروا / وَهُم عَقَدوا الهَوى وَالصَّبرَ حَلّوا
وَمِن أَجفانِهِنَّ السودِ يَومَ ال / تَفَرُّقِ لِلسِيوفِ البيضِ سَلّوا
فَأَيُّ حَشىً هُناكَ نَجا سَليماً / وَأَيُّ دَمٍ هُنالِكَ ما أَطَلّوا
رَأَوا قَتلي بِبَينِهِمُ حَلالاً / وَلا وَاللَهِ قَتلي ما يَحِلُّ
كَفى حزَناً بِأَنَّ الوَجدَ نامٍ / بِقَلبي وَالتَجَلُّد مُضمَحِلُّ
وَما يَألوهُمُ جُهداً غَرامي / وَجُهدُ النَفسِ يَبلُغُهُ المُقِلُّ
أَأَستَسقي لِدارِهِمُ وَدَمعي / لَها مِن سَيلِهِ نَهلٌ وَعلُّ
وَفي حبيهُمُ قَدَمي اِستَقامَت / وَآلَت لا تَزولُ وَلا تَزِلُّ
وَلَمّا أَن رَأَوا مِنّا نُفوساً / تَظَلُّ مِنَ المَآقي تَستَهِلُّ
سَقَوا مِن نَرجِسِ الأَحداقِ وَرداً / فَفي وَردِ الخُدودِ الدَّمعُ طَلُّ
لَقَد كُنتُ العَزيزَ وَفي هَواهُمُ / ذَلَلتُ وَكُلُّ من يَهوى يَذِلُّ
أَلا يا حَبَّذا أَعلامُ نَجدٍ / وَوادي الخَيفِ وَالبانُ المُظِلُّ
مَرابِعُ لا أَلَمَّ بِهِنَّ مَحلٌ / فَهُنَّ لِمَن كَلِفتُ بِهِ مَحَلُّ
وَمَملوكٍ لَهُ في التُركِ آلٌ / يَروعُ وَعِندَهُ لَم يُرعَ إِلُّ
يُدِلُّ وَمَن يَكُن في الحُسنِ فَرداً / بِلا شَبَهٍ لَهُ لِم لا يُدِلُّ
هِلالُ السَّرجِ يُطلِعُ مِنهُ شَمساً / عَلَيهِ فَرعُهُ المُسوَدُّ ظِلُّ
وَمِن تَحتِ اللِّثامِ يُرى هِلالاً / بِهِ لِلَهِ إِذ يَبدو نَهِلُّ
وَيُصمي قَوسُ حاجِبِهِ بِنَبلِ ال / لَواحِظِ عاشِقيهِ وَلَم يُوَلّوا
إِذا خَطَفَ القَناةَ فَذاكَ رُمحٌ / بِرُمحٍ في الكَريهَةِ يَشمَعِلُّ
وَإِن هَزَّ الحُسامَ يَكُن حُساماً / تُفَلُّ بِهِ الجُيوشُ وَلا يُفَلُّ
يُرى في سِلمِهِ ظَبياً غَريراً / وَفي الهَيجا هُوَ البازُ المُطِلُّ
فَما أَغناهُ عِندي عَن سِلاحٍ / فَفي حَملِ السِلاحِ عَلَيهِ كَلُّ
ذَؤابَتُهُ بِها ذابَت قُلوبٌ / وَفَوقَ السَرجِ مِنها صالَ صِلُّ
يَخوصُ مِنَ المُفاضَةِ في غَديرٍ / تَسَربَلَ مِنهُ رِئبالٌ مُدِلُّ
وَلَكِنَّ الهِزَبرَ يُرى شتيماً / أَزَلَّ وَذا مَليحٌ لا أَزَلُّ
هُوَ الصَّنَمُ الَّذي لَولا اِتِّقائي / إِلَهي لَم أَزَل فيهِ أَضِلُّ
عَذولي لا تَلُمني في هِلالي
عَذولي لا تَلُمني في هِلالي / وَلُم مَن لامَ ظُلماً فيهِ لا لي
لَهُ وَجهُ الغَزالَةِ حينَ تَبدو / ضُحىً وَفُتورُ أَلحاظِ الغَزالِ
وَمِن تَحتِ اللِثامِ هِلالُ عيدٍ / سَناهُ أُعيذُ مِن عَينِ الكَمالِ
وَما قَلبي بِخالٍ مِنهُ يَوماً / فَكَيفَ وَخَدُّهُ بِالخالِ حالي
وَأُقسِمُ لا سَلَوتُ الدَهرَ عَنهُ / وَلَكِنّي عَنِ السُلوانِ سالي
تَمَلَّكَني هَواهُ وَكُنتُ حُرّاً / وَأَرخَصَني الغَرامُ وَكُنتُ غالي
يَسُلُّ مِنَ الجُفونِ السودِ بيضاً / فَما أَنفَكُّ مِنها في قِتالِ
أَنا البالي سَقاماً في هَواهُ / وَحُبُّ سِواهُ لَم يَخطُر بِبالي
مَحاسِنُهُ هَيولي كُلّ شَيءٍ / وَمغناطيسُ أَفئِدَةِ الرِّجالِ
لَهُ بَشَرٌ أَنيقٌ ناعِمٌ كَال / حَريرِ يَشِفُّ لَمّاعَ الصِّقالِ
إِذا هُوَ قابَلَ الديباجَ أَبدى / نُقوشاً مِنهُ مُحكَمَةَ المِثالِ
كَأَنَّ اللَهَ جَمَّعَ فيهِ لَمّا / بَراهُ جَميعَ أَجزاءِ الجَمالِ
تَرى قَوساً بِحاجِبِهِ وَراشَت / لَواحِظُهُ سِهاماً بِالنِّصالِ
فَلِلتُّركِيِّ بَأسٌ أَيُّ بَأسٍ / لَدى تَفويقِهِ عِندَ النِّضالِ
يُرَنَّحُ في الكثيبِ قَضيبَ بانٍ / رَشيقَ القَدِّ أَهيَفَ ذا اِعتِدالِ
وَيَبسِمُ عَن أَقاحٍ فَوقَ راحٍ / وَعَن حبَبِ الكُؤسِ وَعَن لَآلِ
يرى قَتلي الحَرامَ عَلَيهِ فَرضاً / بِحُسنِ كَلامِهِ السِحرِ الحَلالِ
لَهُ نَفسي الفِداءُ وَكُلُّ شَيءٍ / يَعزُّ عَلَيَّ مِن أَهلٍ وَمالِ
ذُؤابَتُهُ أَذابَتني سَقاماً / بِطولٍ وَاِسوِدادٍ كَاللَيالي
وَغادَرَني بِغَدرَتِهِ خَيالاً / وَضَنَّ عَلَيَّ حَتّى بِالخَيالِ
فَعِشقي فَوقَ غايَةِ كُلِّ عِشقٍ / وَلَكِن لا سَبيلَ إِلى الوِصالِ
فَمن عَينَيَّ جارِيَةٌ عُيونٌ / وَلي قَلبٌ بِنارِ الهَجرِ صالي
بِخَدَّيهِ وَوَجنَتِهِ دِماءُ ال / كُماةِ وَطَرفُهُ يَدعو نَزالِ
يُمِلُّ مَقاتِلَ الفُرسانِ قِدماً / بِأَلحاظٍ عَجيباتِ الأَمالي
نَديمي سَقِّني الصَّهباءَ صِرفاً / وَنَزِّهها عَنِ الماءِ الزُّلالِ
وَبادِرني بِها وَالكَأسُ مَلأى / وَلا تَخلِط حَراماً بِالحَلالِ
فَإِنَّ لَها دَبيباً في عِظامِ ال / نَدامى كَالدَّبيبِ مِنَ النِمالِ
بِكِلتا راحَتَيكَ أَدِر عَلَينا ال / حُمَيّا بِاليَمينِ وَبِالشِمالِ
وَإِيّاكَ المِكاسَ لَدى شِراها / فَما غالي مَسَرَّتِها بِغالِ
فَأَبناءُ الهُمومِ دَواهُمُ مِن / أَذى دُنياهُمُ بِنتُ الدَّوالي
شَكَوتُ فَلَم يَرِقَّ لِضَعفِ حالي
شَكَوتُ فَلَم يَرِقَّ لِضَعفِ حالي / حَبيبٌ جِسمُهُ بِالحُسنِ حالي
خَلِيٌّ مِن خِلالِ العَذلِ فيهِ / ضَنَيتُ فَصِرتُ نِضواً كَالخِلالِ
حَلا لي في الهَوى مُرُّ التَجَنّي / بِلَفظٍ مِنهُ كالسِّحرِ الحَلالِ
إِذا ما اِفتَرَّ عَن غُرِّ الثَنايا / ثَنى في خَجلَةٍ غُرَّ اللآلي
بِنَضرَتِهِ وَنَظرَتِهِ إِلَينا / نَرى حُسنَ الغَزالَةِ وَالغَزالِ
وَغانِيَةٍ تَهُزُّ عَلى كَثيبٍ / قَوامَ الخَيزُرانَةِ بِاِعتِدالِ
يَعودُ البَدرُ عَنها ذا مِحاقٍ / إِذا نَظَرَت إِلَيهِ في الكَمالِ
تَضِنُّ بِوَصلِها المَأمولِ عَنّي / وَقَد خَوَّلتُها روحي وَمالي
بُليتُ عَلى اِكتِهالِ السِّنِّ مِنّي / بِمَعشوقِ التَّثَنّي وَالدَّلالِ
بَديعُ الحُسنِ وَالإِحسانُ مِنهُ / بَعيدٌ وَصلُهُ صَعبُ المَنالِ
أَتى شَيبي وَفارَقَني شَبابي / فَواصَلَني اِكتِئابٌ غَيرُ آلي
فَوا أَسَفاً عَلى دَهرٍ جَنَينا / بِأَيدي طيبِهِ ثَمَرَ الوِصالِ
مَضى الأَحبابُ وَاللَذاتُ عَنّي / فَوا أَسَفي عَلى عَيشٍ مَضى لي
لَئِن طالَت بِهَجرِهِمُ لَيالٍ / لَقَد قَصُرَت بِوَصلِهِمُ لَيالي
نَديمي هاتِها راحاً شَمولاً / أَرَقَّ لَدَيَّ مِن رَوحِ الشَمالِ
إِذا صَدَمَت جُيوش الهَمِّ وَلَّت / جيوشُ الهَمِّ إِذ تَدعو نَزالِ
أَدِر كاساتِها ذَهَباً مُذاباً / أَحاطَ بِرَأسِها عِقدُ اللآلي
فَحُلَّ بِها عِقالَ الهَمِّ عَنّي / وَقُم وَاِنشَط لأَنشَطَ مِن عِقالي
أَدِر شَمسَ المُدامَةِ أَو ترانا / نَرى الأَيّامَ سَكرى كَاللَيالي
عَلى وَردٍ كَأَنَّ بِهِ خُدودَ ال / غَواني نافِحاتٌ بِالغَوالي
يَقولُ تَمَتَّعوا بِشُموسِ فَضلي / طَوالِعَ عِندَكُم قَبلَ الزَّوالِ
وَأَيّامي قِصارٌ وَاللَيالي / وَإِلمامي كَإِلمامِ الخَيالِ
فَقَد أَبدى الرَّبيعُ وجوهَ حُسنٍ / أَنيقاتٍ بَديعاتِ الجَمالِ
وَمَنثوراً أَنامِلُهُ رِخاصٌ / بِهِنَّ جَواهِرُ الحُسنِ الغَوالي
المَلِكُ الأَمجَدُ الَّذي شَهِدَت
المَلِكُ الأَمجَدُ الَّذي شَهِدَت / لَهُ مُلوكُ الزَمانِ بِالفَضلِ
أَصبَحَ في السامِرِيِّ مُعتَقِداً / ما اِعتَقَدَ السامِرِيُّ في العِجلِ
وَالسامِرِيّونَ كَالبَرامِكِ مِن / قَبلُ فَأَينَ الرَشيدُ لِلقَتلِ
بِالعَدلِ تَزدانُ المُلوكُ وَما
بِالعَدلِ تَزدانُ المُلوكُ وَما / شانَ اِبنَ أَيّوبَ سِوى العَدلِ
هُوَ دَلوُ دَولَتِهِ بِلا سَبَبٍ / فَمَتى يُرى ذا الدَّلوُ في حَبلِ
صِفرٌ خَلا مِن كُلِّ مَكرُمَةٍ / مَع صيتِهِ في النَّاسِ كَالطَبلِ
هَذا اِبنُ جاموس ضَعوا في أَنفِهِ
هَذا اِبنُ جاموس ضَعوا في أَنفِهِ / بُرَةً وَجُرّوهُ إِلى جَرِّ العَجَل
فَلَعَلَّ بُرجَ السورِ يَثني قَرنَهُ / عَن نَطحِ بُرجِ الثَورِ فَهوَ عَلى وَجَل
وَصارِمٍ إِن هُزَّ في مَحفِلٍ
وَصارِمٍ إِن هُزَّ في مَحفِلٍ / قُطِّعَ بِالخُفِّ وَبِالنَّعلِ
قالَ أَنا العَبدِيُّ قُلنا أَجَل / ما لَكَ في الأَحرارِ مِن أَصلِ
لا مَرحَباً بِالناقِصِ اِبنِ الفاضِلِ
لا مَرحَباً بِالناقِصِ اِبنِ الفاضِلِ / هَذا اِبنُ قُسٍّ في فَهاهَةِ باقِلِ
وَأَجَلُّ قَدراً مِنهُ بَغلَتُهُ الَّتي / أَضحى أَبوها مِنهُ فَوقَ الكاهِلِ
بِاللَهِ يا نَصرُ تُب فَما قَتَلَ ال
بِاللَهِ يا نَصرُ تُب فَما قَتَلَ ال / حَجّاجُ ما قَد قَتَلتَ يا رَجُلُ
طِبُّكَ مِن طاعَةِ الحِمامِ لَهُ / يَقتُلُ مَن لا دَنا لَهُ أَجَلُ