المجموع : 19
سَأَلنا الرَبعَ لَو فَهِمَ السُؤالا
سَأَلنا الرَبعَ لَو فَهِمَ السُؤالا / مَتى عَهِدَ الغَزالَةَ وَالغَزالا
وَما نَعني الظِباءَ لَهُ وَلَكِن / عَنَينا شَمسَ رامَةَ وَالهِلالا
هِلالٌ مِن هِلالٍ غَيَّبَتهُ / جِمالٌ أُوقِرَت مِنهُ جَمالا
كَساهُ اللَيلُ فَرعاً وَالثُرَيّا / سِخاباً وَالرُدَينيُّ اِعتِدالا
كَأَنَّ الدِعصَ يَحمِلُ منه غُصناً / إِذا هَبَّت بِهِ النَكباءُ مالا
يَرى وَصلي بِنائِلِهِ حَراماً / وَقَتلي في مَحَبَّتِهِ حَلالا
تَنَقّى الضالَ وَالعُبرِيَّ داراً / سَقاهُ اللَهُ عُبرِياً وَضالا
وَجَرَّ عَلى شِمالِ الرِيحِ رُدناً / فَطَيَّبَ رِيحُهُ الريحَ الشَمالا
لَقَد طَرَقَ الخَيالُ فَهاجَ شَوقاً / فَدَت رُوحي خَيالَكُم خَيالا
تَعَلَّمَ مِنكُمُ طُولَ التَجافي / وَصارَ يَغِبُّ مِثلَكُمُ الوِصالا
خَليليَّ انظُرا لَمَعانَ بَرقٍ / كَأَنَّ عَلى الرُبا مِنهُ ذُبالا
تَأَلَّقَ مِن دُوَينِ حَزيزِ خَبتٍ / فَأَذكَرَني بِهِ الحَيَّ الحَلالا
إِذا نَزَلُوا حِبالَ الرَملِ قُلنا / سَقى دَرُّ الحَيا تِلكَ الحِبالا
بِحَيثُ يَسيلُ مَدفَعُ كُلِّ وَادٍ / فَرَوى سَيلُهُ ذاكَ السِيالا
وَتُمرِعُ غِبَّهُ قُلَلُ الرَوابي / فَيَكتَهِلُ النَباتُ بِها اِكتِهالا
إِذا هَبَّت رِياحُ الصَيفِ باتَت / تُفَوِّقُ مِن سَفا البُهمى نِبالا
وَمائِرَةِ الأَزِمَّةِ مُبرَياتٍ / كَأَنَّ عَلى غَوارِبِها صِلالا
شَربنَ الخِمسَ بَعدَ الخِمسِ حَتّى / ظَمِئنَ فَكِدنَ يَشرَبنَ العُلالا
كَأَنَّ الكُدرَ باتَت حَيثُ باتَت / تُلَبِّدُ في مَبارِكِها الرِمالا
شَكَت فَرطَ الكَلال فَقُلتُ أُميِّ / ثِمالاً تَحمَدي هَذا الكَلالا
وَحُطّي الرَحلَ عَنكِ بِخَيرِ أَرضٍ / يَحُطُّ المُعتَفونَ بِها الرَحالا
لَدى مَلِكٍ إِذا أَعطى العَطايا / حَقَرنا عِندَها السُحُبَ الثِقالا
أَنالَ فَنالَ غايَةَ كُلِّ حَمدٍ / وَكَم مَن لا يَنالُ وَقَد أَنالا
كَريمُ الخِيَمِ تَصحَبُهُ طَويلاً / فَتَصحَبُ خَيرَ مَن صَحِبَ الرِجالا
إِذا كَشَّفتَ عَنهُ وَجَدتَ فيهِ / خِلالاً لا تَرى فيها اِختِلالا
أَبادَ المالَ حَتّى لَيسَ تُلفي / لَهُ إِلّا جَميلَ الذِكرِ مالا
إِذا ما أَمحَلَت أَرضٌ لِقَومٍ / وَلَم يَجِدوا الحَيا نَجَعوا ثِمالا
فَتىً سَمحُ اليَدَينِ إِذا أَراقَت / سِجالاً كَفُّهُ مَلَأت سِجالا
إِذا عِفنا مَوارِدَ كُلِّ بَحرٍ / شَرَعنا بَحرَهُ العَذبَ الزُلالا
وَأَصدَرنا الرَكائِبَ حامِداتٍ / إِلَيهِ النَصَّ وَالرَكبَ العِجالا
مُحَمَّلَةً ثَناً لَو حُمِّلَتهُ / جِبالُ تِهامَةٍ أَوهى الجِبالا
إِذا صُفَّ المُلوكُ غَدا يَميناً / لِكُلِّ فَضيلَةٍ وَغَدَوا شِمالا
مِنَ القَومِ الَّذينَ إِذا أَنالوا / نَوالاً عَلَّموا الناسَ النَوالا
طِوالٌ يَحمِلونَ إِلى الأَعادي / طِوالاً تَحمِلُ الأَسَلَ الطِوالا
عَلى قُبِّ الأَياطِلِ حامِلاتٍ / بِحَيثُ يُضيِّقُ الخَوفُ المَجالا
إِذا خاضُوا النَجيعَ بِها ثَنَوها / بِشُهبٍ في سَنابِكَها تَلالا
كَأَنَّ أَهِلَّةَ الظَلماءِ صيغَت / لِأَيديها وَأَرجُلِها نِعالا
مَعَوَّدَةٌ بِهِم خَوضَ المَنايا / فَقَد عَرَفَت كَما عَرَفُوا القِتالا
إِذا فَكَّرتُ في الدُنيا وَفيهِم / وَجَدتُ مُلوكَها لَهُمُ عِيالا
رُبوعٌ لَكُم بِالأَجرِ عَينٌ وَأَطلالُ
رُبوعٌ لَكُم بِالأَجرِ عَينٌ وَأَطلالُ / سَقاهُنَّ مُنهَلُّ الشآبيبِ هَطّالُ
بِحَيثُ يَبيتُ الطَلحُ وَالضالُ مِنكُمُ / قَريباً بِنَفسي ذَلِكَ الطَلحُ وَالضالُ
مَنازِلُ آجالٍ مِنَ العيسِ لَم يَطُل / لَهُنَّ وَلا لِلعيسِ فيهِنَّ آجالُ
لَقَد أَنهَجَت بَعدي كَما أَنهَجَ الصِبا / فَهُنَّ وَأَيّامُ الشَبيبَةِ أَسمالُ
أَيا رَبعُ أَضناكَ البِلى وَلِيَ الهَوى / فَما لَكَ إِبلالٌ وَلا لِيَ إِبلالُ
وَقَفنا وَأَوقَفنا الدُموعُ حَبيسَةً / عَلَيكَ وَإِنّا بِالدُموعِ لَبُخّالُ
سَقَتكَ العِهادُ الغُرُّ هَل أَنتَ مُخبِرٌ / عَنِ الحَيِّ إِنّي عَنهُمُ لَكَ سَآلُ
أَمُزمِعَةٌ بِالبَينِ قَتلي تَرَفَّقي / فَفي الرِفقِ إِحسانٌ لَدَيكِ وَإِجمالُ
سَلَبتِ الدُجى ما فيهِ حَتّى نُجُومُهُ / لِنَحرِكِ عِقدٌ وَالأَهِلَّةُ أَحجالُ
تَفاءَلَتُ في وادي الأَراكِ لَعَلَّني / أَراكِ فَلَم يَصدُق بِرُؤيَتِكَ الفالُ
أَحِنُّ إِلى أَهلِ الحِجازِ وَدُونَهُم / مَفاوِزُ فيها لِلتَعامُلِ إِعمالُ
وَأَنظُرُ خَفقَ الآلِ مِن نَحوِ أَرضِكُم / فَيَخفِقُ قَلبي كُلَّما خَفَقَ الآلُ
وَإِنّي لَمُشتاقٌ وَعِندي صَنيعَةٌ / تَغُلُّ رِكابي وَالصَنائِعُ أَغلالُ
لَدى مَلِكٍ أَنسى الأَحِبَّةَ حُبُّهُ / فَأَصبَحَ لي عَنهُم بِنُعماهُ إِشغالُ
كَريمٌ أَقَلُّ الكَسبِ في أَرضِهِ الغِنى / وَأَيسَرُ شَيءٍ في مَواهِبِهِ المالُ
مَناقِبُهُ مِثلُ النُجومُ زَواهِرٌ / وَأَفعالُهُ عِندَ الأَماثِلِ أَمثالُ
إِذا نَزَلَ الأَضيافُ أَو نُوزِلَ القَنا / تَساوى نَزيلٌ في ذُراهُ وَنَزّالُ
لَهُ صارِمٌ دَلَّت فُلولٌ بِحَدِّهِ / عَلى أَنَّهُ لِلجَيشِ بِالجَيشِ فَلّالُ
إِذا سَلَّهُ في مَعرَكٍ مِن قِرابِهِ / تَشابَهَ مَسلولٌ هُناكَ وَسَلّالُ
وَما السَيفُ إِلّا دُونَهُ وَهُوَ بِالنَدى / لِراجِيهِ مُحيٍّ وَالمُهَنَّد قَتّالُ
أَبا صالِحٍ حُزتَ المَكارِمَ وَالتَقَت / إِلى الفَخرِ أَعمامٌ عَلَيكَ وَأَخوالُ
لِيَهنِكِ تَشريفُ الإِمامِ بِسُبَّقٍ / مِنَ الخَيلِ في قانٍ مِنَ التِبرِ تَختالُ
خَبَطنَ إِلَيكَ اللَيلَ حَتّى تَكَلَّلَت / لَهُنَّ هَوادٍ بِالنُجومِ وَأَكفالُ
كُسينَ أَجَلَّ العَبقَريّ أَجِلَّةً / تَدُلُّ وَتُنبي أَنَّ ذَلِكَ إِجلالُ
هِيَ القُبُّ بارَتها قِبابٌ كَأَنَّها / عَلى حُتُفِ الأَحمالِ في العَينِ أَجمالُ
وَأَعلامُ عِزٍّ أَعلَمَت كُلَّ حاسِدٍ / بِأَنَّكَ لا يَعدُوكَ سَعدٌ وَإِقبالُ
وَمِن خالِصِ العِقيانِ ثَوبٌ لَبِستَهُ / تُجَرُّ لَهُ فَوقَ المَجَرَّةِ أَذيالُ
كَأَنَّكَ لَم تَقنَع بِسِربالِ غازِلٍ / فَوافاكَ مِن نُورِ الغَزالَةِ سِربالُ
وَقُلِّدَت عَضباً مُذ حَمَلتَ نِجادَهُ / تُحَمِّلُ عَنكَ الدَهرُ ما أَنتَ حَمّالُ
لَقَد فازَ مَسعى صالِح بِنِ مُحَمَّدٍ / وَفازَت ظُنونٌ صادِقاتٌ وَآمالُ
يَرى ما يُرى في الغَيبِ حَتّى كَأَنَّهُ / عَلى كُلِّ شَيءٍ في ضَميرِكَ نَزّالُ
صَفا لَكُمُ صَفوَ الغَمامِ وَأَخلَصَت / سَرائِرُهُ إِنَّ السَرائِرَ أَعمالُ
لَقَد عَزَّ قَومٌ شايَعوكَ وَحُصِّنَت / ثُغورٌ عَلَيها مِن سُيُوفِكَ أَقفالُ
فَلا يَجزَعِ الإِرلامُ ما دُمتَ سالِماً / فَقَد عَزَّ غَيلٌ فيهِ مِثلُكَ رِئبالُ
وَمِن دُونِ هَذا الشامِ أَنتَ وَفِتيَةٌ / مَرادِسَةٌ شَمُّ العَرانينِ أَبطالُ
إِذا أَشرَعوا زُرقَ الأَسِنَّةِ حَرَّموا / مَوارِدَهُم وَالماءُ أَزرَقُ سَلسالُ
أَولوا الحِلمِ إِلّا في الكَريهَةِ إِنَّهُم / إِذا شَهِدوا يَومَ الكَريهَةِ جُهّالُ
أَنالُوا فَنالوا مُنتَهى الحَمدِ إِنَّني / رَأَيتُ رِجالاً قَد أَنالوا فَما نالوا
وَما الناسُ عِندَ الناسِ إِلّا مَعاشِرٌ / إِذا وُزِنُوا بِالناسِ كُلِّهِم مالُوا
بُحُورٌ بُدُورٌ وَالدُسُوتُ مَطالِعٌ / غُيُوثٌ لُيوثٌ وَالذَوابِلُ أَغيالُ
إِذا لَمَسوا شَطراً مِنَ الأَرضِ لَمسَةً / بِأَيمانِهِم لَم يُفسِدِ الأَرضَ إِمحالُ
إِذا العارِضُ الوَسمِيُّ جادَ فَأَسبَلا
إِذا العارِضُ الوَسمِيُّ جادَ فَأَسبَلا / فَقُل سَقِّ بِالحِزانِ رَبعاً وَمَنزِلا
وَمَهما تَبَخَّلتَ الرَبابَ فَزُر بِهِ / طُلُولاً بَصَحراءِ النُخَيلَةَ مُثَّلا
يُفَرِّقُ في الغَبراءِ ظَبياً وَمِكنَساً / وَيَرمي مِنَ الشَغواءِ وَكراً وَأَجدَلا
وَرَوّى شَماريخَ المَضيقِ بِصَيّبٍ / يُرى مِنهُ أَسرابُ الأَياييلِ جُفَّلا
إِذا وَأَلَت مِن رَيِّقِ الوَبلِ لَم تَجِدِ / لَها غَيرَ أَهدابِ الطَرافيِّ مَوئلا
تَشابَكنَ بِالأَفنانِ عُصلاً كَأَنَّما / تَحَمَّلنَ مِنهُنَّ النَخيلَ المُنَخَّلا
وَعُج عَوجَةً بِالرقَّتَينِ فَسَقِّها / حَياءً إِذا ما جَلجَلَ الرَعدُ أَسبَلا
يُغادِرُ مِن كُلِّ النَواحي بِأَرضِها / غَديراً كَذَيلِ السابِرِيِّ وَجَدوَلا
وَإِن كانَ يَغنيها المُعِزُّ بنُ صالِحٍ / عَن العارِضِ الوَسميِّ أَن يَتَهَلَّلا
فَتىً طالَ بِالإِحسانِ وَالطَولِ قَدرُهُ / وَما طالَ قَدرُ المَرءِ حَتّى تَطَوَّلا
لَهُ راحَةٌ في أَن يَرى كُلَّ راحَةٍ / بِلا رَاحَةٍ مِن أَن تَجودَ وَتُفضِلا
وَلَيلٍ نَضَينا العِيسَ فيهِ إِلى فَتىً / هُدى العِيسِ فيهِ بَعدَ أَن كُنَّ ضُلَّلا
وَجُبنا إِلَيهِ كُلَّ تَيهاءَ لا تَرى / بِها غَيرَ سِيدانِ الظَهيرَةِ عُسَّلا
إِذا جُعنَ أَدمَنَّ العُواءَ كَأَنَّما / ثَمِلنَ فَأَكثَرنَ الغناءَ المُرَتَّلا
خِماصٌ إِذا ما رُحنَ كُلَّ عَشِيَّةٍ / إِلى الوُجرِ أَشبَهنَ الدِمَقسَ المبقِّلا
وَغُبرُ النَعامِ الرُبدِ يَرقُصنَ كُلَّما / تَوَجَّسنَ في الظَلماءِ لِلرَكبِ أَزمَلا
كَأَنَّ قُسوساً بِالأَداحيِّ أَصبَحَت / مُكَوَّسَةً تَتلو الكِتابَ المُنزَّلا
وَحِقبٌ إِذا ما لاحَ إِيماضُ بارِقٍ / نَجَعنَ الحَيا مِن أَيِّ صَوبٍ تَخَيَّلا
وَرُحنَ يُرَجِّعنَ السَحيلَ تَوالياً / إِلى حَيثُ يَتلو ساطِعُ البَرقِ مِسحَلا
وَخَيلٍ يُحَفِّرنَ الصَفا بِحَوافِرٍ / يُلَقِّينَ مِنها جَندَلَ القاعِ جَندَلا
إِذا ما قَدَحنَ النارَ مِن كُلِّ جَروَلٍ / يُضِئنَ بِها في ظُلمَةِ اللَيلِ مِشعَلا
عَوايِدُ مَيمُونِ النَقيبَةِ لا يَرى / عَلى نَيلِهِ في الناسِ أَن يَتَنَيَّلا
فَلَمّا وَصَلنَ المُدرِكي ابنَ صالِحٍ / وَصَلنَ أَجَلَّ الناسِ قَدراً وَأَفضَلا
فَتى كَرَمٍ لا يُقفَلُ الرِزقُ دُونَهُ / إِذا باتَ بابُ الرِزقُ دُونَكَ مُقفلا
مَتى ما يُؤمَّل لَم يَزُل مِن جَنابِهِ / مُؤَمِّلُهُ حَتّى يَصيرُ مُؤَملا
فَزُرهُ تَزُر مَن لا يُخلّيهِ مُرمِلا / مِنَ المالِ إِلا سائِلٌ جاءَ مُرمِلا
بَنى لِبَني الشَدّادِ فَخراً مُوَطَداً / عَلى كُلِّ مَخلوقٍ وَمَجداً مُؤَثَّلا
بِعَزمٍ ثَنى صَدرَ القَناةِ مُحَطَّماً / وَرَدَّ غِرارَ المَشرَفيّ مُفَلَّلا
نَسِينا بِهِ مَن كانَ في الدَهرِ قَبلَه / وَكَم قَد رَأَينا آخِراً فاقَ أَوَّلا
وَقَد فَضَّلَ اللَهُ الرَسولَ مُحَمَّداً / عَلى كُلِّ مَن قَد كانَ مِن قَبلُ مُرسَلا
وَإِن طاعَنَ الأَقرانَ لَم يقبقِ حَلقَةً / عَلى دارِعٍ إِلّا وَيُوضِحُ مَقتَلا
يَخَوضُ بِهِ الطِرفُ الأَغَرُّ دَمَ العِدى / وَلا يَنثَني إِلّا أَغَرَّ مُحَجَّلا
وَنَظما رِماحُ الخَطِّ حَتّى يَمَسَّها / يَمينُ ثِمالٍ ثُمَّ تُشرَعَ مَنهَلا
أَبا صالِحٍ لا خَلقَ إِلّاكَ مُحسِناً / وَلا مَلِكٌ إِلّاكَ في الناسِ مُفضِلا
شَجُعتَ فَصَيَّرتَ الشُجاعَ مُرَوَّعاً / وَجُدتَ فَغادَرتَ الجَوادَ مُبَخَّلا
وَحَمَّلتَني ما لَو تَحَمَّلَ بَعضَهُ / ثَبيرٌ لَأَوهى رُكنَهُ ما تَحَمَّلا
فَلا زِلتُ أُثني فيكَ مَدحاً مُحَبّراً / وَأَنظِمُ عِقداً مِن ثَناكَ مُفَصَّلا
ما ضَرَّ مَن حَدَتِ النَوى أَجمالَها
ما ضَرَّ مَن حَدَتِ النَوى أَجمالَها / لَو أَنَّها أَهدَت إِلَيكَ خَيالَها
ضَنَّت عَلَيكَ بِوَصلِها في قُربِها / أَفَتَبتَغي بَعدَ النُزُوحِ وِصالَها
نَزَلَت جِبالَ تِهامَةٍ فَلِأَجلِها / يَهوى الفُؤَادُ تِهامَةً وَجِبالَها
وَتَدَيَّرَت مَنشَا السَيالِ فَلَيتَني / رَوَّيتُ مِن سَيلِ الدُموعِ سَيالَها
يا صاحِبَيَّ قِفا عَليَّ بِقَدرِ ما / أَسقي بِواكِفِ عَبرَتي أَطلالَها
فَلَطالَما مَلَأت سُعادُ عِراصَها / طيباً إِذا سَحَبَت بِهِ أَذيالَها
وَمَشَت عَلى تِلكَ الرُبوعِ فَصَيَّرَت / أَغلى مِنَ الدُرِّ الثَمينِ رِمالَها
صَرَمَت حِبالَك فَاستَرَبتَ وَإِنَّما / صَرَمَت حِبالَكَ إِذا صَرَمتَ حِبالَها
وَلَقَد سَرَت بِكَ وَالرِكابُ لَواغِبٌ / مِرقالَةٌ شَكَت الفَلا إِرقالَها
مَذعُورَةٌ ذُعرَ النَعامَةِ أُلهِبَت / لَما أَضَلَّت بِالعَشِيِّ رِئالَها
لَعِبَت بِنُمرُقِها الشَمالُ وَمَزَّقَت / في البيدِ أَنيابُ العَضاهِ جِلالَها
وَكَأَنَّ مِشفَرَها عَلى مِعوالَةٍ / مَتَحَ الرِجالُ مِنَ القَليب سِجالَها
وَكَأَنَّما لَطَخَ الدَبا بِلُعابِهِ / أَرفاغَها وَحِجالَها وَقِلالَها
صَهباءُ أَدمَتها السِياطُ فَأَشبَهَت / صَهباءَ سَيَّلَتِ الأَكُفُّ بُزالَها
بَرَكَت حِيالي كَالحَنِيَّةِ في الدُجى / وَهَجَدتُ مِثلَ المَشرَفيّ حِيالَها
مِثلُ الهِلالِ مِنَ الوَجيفِ تَؤُمُّ بي / مِصباحَ قَيسٍ كُلِّها وَهِلالَها
مَلِكٌ أَنالَ فَنالَ أَبعَدَ غايَةٍ / في المَجدِ لَم تَرَ مَن أَنالَ مَنالَها
وَعَدَ الذَوابِلَ أَن يُهينَ صُدورَها / لِتُعِزَّهُ فَوَفَت لَهُ وَوَفى لَها
مُتَمَكِّنٌ في الحِلمِ لَو وازَنتَهُ / بِالشامِخاتِ الباذِخاتِ أَمالَها
ضَلَّت رَكائِبُنا فَأَوضَحَ سُبلَها / مَلِكٌ أَزالَ ضَلالَنا وَضَلالَها
وَشَكَت إِلَيهِ كَلالَها فَأَنالَها / نَيلاً يَزيدُ لَغوبَها وَكَلالَها
حَمَلَت لهُاهُ وَمَن تَحَمَّلَ شُكرَهُ / منّاً فَكَثَّرَ فَضلُهُ أَحمالَها
تَجِدُ المُلوكَ إِذا عَدَدتَ كَثيرَةً / وَترى الكَبيرَ إِذا عَدَدتَ ثِمالِها
أَلقى النِجادَ عَلى مَناكِبِ ماجِدٍ / أَلقَت إِلَيهِ المَكرُماتُ رِحالَها
مِنَ مَعشَرٍ يَتَغايَرونَ عَلى العُلى / وَيَرونَ أَنكَرَ مُنكَرٍ إِغفالَها
وَإِذا تُلِمُّ مِنَ الزَمانِ مُلِمَّةٌ / حَمَلَت ظُهُورُ جِيادِهِم أَثقالَها
قَومٌ إِذا سَلّوا السُيوفَ رَأَيتَها / أَمثالَهُم وَرَأَيتَهُم أَمثالَها
لَكِنَّهُم أَحسابُهُم مَصقُولَةٌ / وَسُيوفُهُم يَتَعاهَدونَ صِقالَها
رَجَحَت حُلومُهُمُ وَفي يَومِ الوَغى / تَلقاُهُمُ حُلَماؤُها جُهّالَها
أُسدٌ تَعَوَّدَتِ الجَميلَ وَعَوَّدَت / فِعلَ الجَميلِ مِنَ الصِبا أَشبالَها
غالَت أَعاديها وَغالَت في العُلى / وَحَمَت بِأَطرافِ القَنا أَغيالَها
يا مَن أَراحَ مِنَ المَذمَّةِ راحَةً / أَضحى جَميعُ العالمينَ عِيالَها
أَنعِل جِيادَكَ بِالأَهِلَّةِ إِنَّها / لَتَجِلَّ أَن تَلقى الحَديدَ نِعالَها
عَوَّدتَها أَن لا تَصونَ صُدورَها / وَتَصونُ مِن وَقعِ القَنا أَكفالَها
في مَأزِقٍ لا يَستَقِرُّ بِهِ الطُلى / لَو طالَعتَ فيهِ المَنونَ لَهالَها
حُزتَ العُلى حَتّى غَدَوتَ يَمينَها / وَغَدا المُلوكُ بَنو المُلوكِ شِمالَها
وَرَدَدتُ بِالبيضِ الصَوارِمِ دَولَةً / لَولاكَ ما كانَ الزَمانُ أَدالَها
فَأَقمتَ أَركانَ الشَريعَةِ بَعدَما / كانَ الزَمانُ بِمَنكِبيهِ أَمالَها
وَحَمَلتَ عَنها النائِباتِ وَلَم تَزَل / كَشّافَ كُلِّ مُلِمَّةٍ حَمّالَها
وَكَذاكَ كانَ أَبوكَ يَكشِفُ ضُرَّها / وَيَفُكَّ مِن أَعناقِها أَغلالَها
لِلّهِ عاقِبَةُ الشِهابِ فَإِنَّها / ما بَلَّغَت فينا العِدا آمالَها
وَلَقَد تَأَلَّمَتِ المَكارِمُ وَاِغتَدى / إِبلالُهُ مِمّا شَكا إِبلالَها
يا مَن تَجَمَّلَتِ العُصورُ بِوَجهِهِ / لا أَعدَمَ اللَهُ القُصورَ جَمالَها
إِنّي حَبَستُ عَلى عُلاكَ مَدائِحي / وَحَلَلتُ عَنها في البِلادِ عِقالَها
لا تَحمَدَني في مَقالِ قَصيدَةٍ / وَاحمَد نَداكَ فَإِنَّ فَضلَكَ قالَها
يا خَليلَيَّ هَل تَجيبُ الطُلولُ
يا خَليلَيَّ هَل تَجيبُ الطُلولُ / إِن سَأَلنا أَينَ الخَليطُ نُزولُ
دِمَنٌ مِثلُنا يُقَلقِلُها الشُو / قُ وَيَعتادُها الجَوى وَالغَليل
قَد بَراها كَما بَرانا التَنائِي / وَعَراها كَما عَرانا النُحولُ
باكِياتٍ وَما لَهُنَّ دُموعٌ / مُغرَماتٍ وَما لَهُنَّ عُقولُ
دَرَسَتها الجنوبُ وَالشَمأَلُ الزَع / زَعُ وَاستَأصَلَت قُواها القَبولُ
أَسعَدَتنا فيها المَطايا عَلى الوَخ / دِ فَظَلّت مِثلَ المَطايا الخُيولُ
فَلَنا في النَوى زَفيرٌ وَلِلعِي / سِ حَنينٌ وَلِلجِيادِ صَهيلُ
يا خَليلَيَّ ساعِداني عَلى الوَج / دِ كَما يُسعِدُ الخَليلَ الخَليلُ
وَاِنظُرا البَرقَ كَيفَ تَنزِلُهُ الجِن / نُ كَما تَنزِلُ السُلافُ الشَمولُ
مُستَطيراً لَهُ عَلى جانِبِ الغَو / رِ طُلوعٌ مُرَدَّدٌ وَأُفُولُ
فيهِ ما في المُتيَّمينَ مِنَ العِشقِ / خُفوقٌ وَصُفرَةٌ وَنُحولُ
لاحَ مِن خَلفِنا وَسِرنا وَأَعنا / قُ المَطايا إِلَيهِ في الجَوِّ مِيلُ
في ظَلامٍ تَساوَت الهَضَباتُ الشمُ / مُ فيهِ وَالغامِضاتُ الهُجولُ
خَبَطَتهُ مَناسِمُ العِيسِ حَتّى / طارَ فيها عَنِ الخِدامِ النَقيلُ
بِشُخوصٍ كَأَنَّها صُرَدُ اللَي / لِ كَما ضَمَّتِ الأَسيرَ الكُبولُ
أَشحَبَتهُم غُبرُ الفَيافي وَأَزرَت / شُقَّةُ البِيدِ عِيسَهُم وَالذَميلُ
أَو أَناخُوا بِخَيرِ مَن باتَ لِلوَف / دِ لَدَيهِ إِناخَةٌ وَرَحيلُ
مَلِكٌ مِن بَني المُلوكِ وَقَيلٌ / رَهِبَتهُ في الخافِقينِ القُيولُ
وَرِثَ الفَخرَ عَن أَبيهِ وَأَعطَتهُ / المَعالي رِماحُهُ وَالنُصولُ
نَزلَ النَجمُ عَن مَعاليهِ فَالعَيّوقُ / في الجَوِّ نازِلٌ لا يَزولُ
شَبَّ مِن نَبعَةِ المَكارِمِ وَالمَجدِ / وَطابَت فُروعُهُ وَالأُصولُ
إِنَّما آلُ صالِحٍ غُرَرُ الدَه / رِ وَما في الوَرى الشَوى وَالحُجولُ
سَبَقُوا الناسَ بِالمَكارِمِ وَالفَخ / رِ كَما يَسبِقُ الصِحابَ الدَليلُ
وَاستَعادَ المُعِزّ عِزّهُمُ الذا / هِبَ مِن بَعدِ ما اِعتَراهُ الخُمولُ
بَعدَ أَن حَطَّمَ الرِماحَ وَرَدَّ ال / بِيضَ قَد خَرَّبَت ظُباها الفُلولُ
ولُهامٌ يَسُدُّ عِثيَرُهُ الجَوَّ / وَيَخفى عَنِ الرَعيلِ الرَعيلُ
صَحَّ فيهِ القَنا وَظَلَّ عَلى ها / مِ الأَعادي لِلمُرهَفاتِ صَليلُ
أَيُّها الماجِدُ الَّذي ضاقَ بِالمَج / دِ إِلى غَيرِهِ الهُدى وَالسَبيلُ
إِنَّما أَنتَ نِعمَةٌ نَشكُرُ اللَ / هَ عَلَيها وَعِصمَةٌ لا تَزولُ
لا خَلا مِنكَ مَعشَرٌ أَنتَ بالخَي / رِ لَهُم ما حَيِيتَ بَرٌّ وَصُولُ
بِنتُ بِالأَمسِ عَن فَتىً طالَما با / تَ بِخَيرٍ وَالغائِبونَ قَليلُ
حامِلٌ مِنكُمُ الجَميلَ وَما ضا / عَ لَكُم في أَبي المَنيعِ جَميلُ
إِن تَحَمَّلتَ ثِقَلهُ فَكَذا أَن / تَ لِأَثقالِنا صَبورٌ حَمولُ
أَنتُمُ إِخوَةُ الصَفاءِ كَما كا / نَ عَلِيٌّ وَجَعفَرٌ وَعَقيلُ
لا عَدِمناكُمُ فَما نَعدَمُ الخَي / رَ وَلا غالَكُم مِنَ الدَهرِ غُولُ
لازالَ سَعيُكَ مُقبِلاً مَقبولا
لازالَ سَعيُكَ مُقبِلاً مَقبولا / وَمَحَلُّ عِزِّكَ عامِراً مَأهولا
أَمَّلتُ فيكَ بِأَن يَكونَ كَما أَرى / فَبَلَغتُ فيكَ السُؤلَ وَالمَأمُولا
أَغنَيتَني مِمّا بَذَلتَ فَلَم تَدَع / وَجهي إِلى وَجهِ امرِئٍ مَبذولا
وَعَتَبتَ لي صَرفَ الزَمانِ فَأَعتَبَت / أَخلاقُهُ وَتَبَدَّلَت تَبديلا
المَنعُ بَذلاً وَالقَساوَةَ رَأفَةً / وَالعُسرَ يُسراً وَالقَبيحَ جَميلا
لا أَشتَكي بُؤسَ الحَياةِ وَلا تَرى / نُوَبُ الزَمانِ لَها إلَيَّ سَبيلا
وَقَد اِنتَجَعتُ لِفاقَتي هَذا الحَيا / وَهَزَزتُ هَذا الصارِمَ المَصقولا
أَمِنَ الإِمامُ عَلى الثُغورِ وَأَهلِها / مُذ حَلَّ هَذا اللَيثُ هَذا الغيلا
مُتَبَهنِساً بَعدَ القَتامِ نَعُدُّهُ / في الجَيشِ جَيشاً وَالرَعيلِ رَعيلا
مَن لِلخَليفَةِ أَن يَراكَ فَلا يَرى / لَكَ في مُلوكِ بَني الزَمانِ عَديلا
مُستَحقِراً لَكَ شُهبَةً وَلَو أَنَّها / شُهبُ النُجومِ مَراكِباً وَخُيولا
وَلَو اِستَطاعوا مِن عُلاكَ لَصَيَّروا / نُورَ الغَزالَةِ ثَوبَكَ المَعمولا
ولَأَكبَروكَ عَنِ العِمامَةِ وَاِرتَضَوا / أَن يُلبِسوكَ التاجَ وَالإِكلِيلا
أَمّا العَلامَةُ فَهِيَ خَيرُ عَلامَةٍ / لَكَ أَنَّ قَدرَكَ لَم يَكُن مَجهولا
بَعَثوا بِها وَكَأَنَّ ما في صَدرِها / قَوسُ الغَمامِ مُلَوَّناً مَفتولا
بَيضاءُ باتَ بَياضُ عِرضِكَ مِثلَها / لَوناً وَباعُكَ في المَكارِمِ طُولا
وَمِن الحَريرِ الجَونِ عَمّارِيَّةً / يَفري العَواصِفَ ذَيلُها مَسبولا
مُخَضَرّةَ الجَنَباتِ تُحسَبُ رَوضَةً / باتَت تُعانِقُ شامِلاً وَقُبولا
كادَ الحَمامُ الورق في شَجراتِها / يُبدي عَلى تِلكَ الغُصونِ هَديلا
وَالسَيفُ مَشحُوذُ الغِرارِ كَأَنَّهُ / جِسمُ المُحِبّ نَحافَةً وَنُحولا
ما عَوَّلَت شَفراتُهُ في مَعركٍ / إِلّا وَأَحدَثَ رَنّةً وَعَويلا
هُوَ أَبيَضٌ مِثلُ القِرابِ يَظُنّه / ظَنّ الحَقيقة مُغمَدا مَسلولا
قَد طالَما فَل الجُيوشُ وَغادَرَت / تِلكَ الفُلولُ بِمضرِبَيهِ فُلولا
جادَ الإِمامُ بِها لِرَبِّ فضائِلٍ / لَم يُلفِهِ بفَضيلَةٍ مَفضولا
مَلِكٌ إِذا وَقَفَ المُلوكُ أَمامَهُ / وَسَمَت شِفاهُهُمُ الثَرى تَقبيلا
إِن تَلقَهُ تَلقَ الجَنابَ مُوَسَّعا / وَالوَجهَ طَلقاً وَالعَطاءَ جَزيلا
أَعلى مِنَ الشُهبِ المُنيرةِ مَنزِلا / وَأَعَزَّ مِن مَأوى اللُيوثِ نَزيلا
يا عاشِقَ الرُمحِ الأَصَمِّ كُعوبُهُ / يَومَ الوَغى لا الكاعِبَ العُطبولا
في كُلِّ يَومٍ أَنتَ باعِثُ تُحفَةٍ / تُفني اللُها وَتُحَيِّر المَعقولا
خَيلٌ تُقادُ وَجُنَّفٌ قَد أَوقِرَت / زِنَةَ الجِبالِ سُرادِقاً مَحمولا
بَهَرَ العُيونَ وَحَيَّرَت حَجَواتُهُ / أَهلَ البِلادِ خَلائِقاً وَقُيولا
حَسبُ الإِمامِ فَضيلَةً مِن شَدِّها / ظِلاً عَلى رَأسِ الإِمامِ ظَليلا
بُنِيَت إِزا تِلكَ القُصورِ وَأَكثَروا / مِن حَولِها التَكبيرَ وَالتَهليلا
هِيَ جُنَّةٌ نُصِبَت هُناكَ وَذُلِّلَت / حَولَ الإِمامِ قُطوفُها تَذليلا
وافَت وَقَد وُلِدَ السَليلُ فَبَشَّروا / بِمَسَرَّتَينِ هَدِيّةً وَسَليلا
كانَت مُبارَكَةَ الحُلول وَأَعقَبَت / شَرَفاً أَحِلَّ مِنَ النُجومِ حُلولا
إِن جَل ما أَهدى الأَميرُ فَإِنَّهُ / أَهدى جَليلاً وَاستَعادَ جَليلا
واصَلتَهُم بِحُباكَ حَتّى إِنَّهُم / حَقَروا بِهَذا النَيلِ ذاكَ النِبلا
وَرَأَوكَ أَوفى أَهلِ دَهرِكَ ذِمَّةً / وَأَصَحَّ مِيثاقاً وَأَصدَقَ قِيلا
لَو أَنَّهُم جَعَلوكَ في أَبصارِهم / شُحاً عَلَيكَ لَكانَ فيكَ قَليلا
لِلّهِ دَرُّكَ أَيُّ سَيِّد مَعشَرٍ / سُعدوا بِسَعدِكَ صِبيَةً وَكُهولا
أَلبَستَهُم مِما صَنَعتَ جَلائِباً / سَحَبوا لَها فَوقَ النُجومِ ذُيولا
فَاسلَم لَهُم فَلَقَد بَنيتَ عَروشَهُم / لا باتَ عَرشُكَ فِيهِمُ مَثلولا
لَو شِئتِ أَقصَرتِ مِن لَومي وَمِن عَذَلي
لَو شِئتِ أَقصَرتِ مِن لَومي وَمِن عَذَلي / فَالدَهرُ قَسَّمَ يَومَيهِ عَلَيَّ وَلي
لا تَحسَبِيني أَغُضُّ الطَرفَ مِن جَزَعٍ / فَالحُزنُ لِلخَودِ لَيسَ الحُزنُ لِلرَّجُلِ
كَم قَد عَرَتني مِنَ الأَيّامِ نائِبَةٌ / فَما اكتَرَثتُ لِرَيبِ الحادِثِ الجَلَلِ
إِنّا لَقَومٌ إِذا اِشتَدَّ الزَمانُ بِنا / كُنّا أَشَدَّ أَنابيباً مِن الأَسَلِ
يُبكى عَلَينا وَلا نَبكي عَلى أَحَدٍ / لَنَحنُ أَغلَظُ أَكباداً مِنَ الإِبِلِ
مِن مَعشَرٍ تَعصِفُ الأَهوالُ حَولَهُمُ / فَما يُراعُونَ عَصفَ الريحِ بِالجَبَلِ
خَيرُ الوَرى آلُ مِرداسٍ وَأَطهَرُهُم / مِنَ العُيوبِ وَأَبراهُم مِنَ الزَلَلِ
إِن تَلقَهُم تَلقَ مِنهُم في مَجالِسِهِم / شُمَّ العَرانين ضَرّابينَ لِلقُلَلِ
بِيضُ الوُجُوهِ إِذا لاحَت وَجُهوهُهُمُ / في حِندِسِ اللَيلِ جَلَّوا ظُلمَةَ الطَفَلِ
لا يَقلَقُونَ لِخَطبٍ مِن زَمانِهُم / ولا يَبيتُونَ سُهّاداً مِنَ الوَجَلِ
وَلا تَراهُم وَنارُ الخَطبِ مُوقَدَةٌ / صُمّاً إِذا ما دَعى الداعي مِنَ الفَشَلِ
رُوحي فِدىً لَهُمُ قَوماً إِذا وُزِنُوا / مالوا عَلى الناسِ مَيلَ الحَلي بِالعَطَلِ
يا أَكرَمَ الناسِ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمٍ / وَأَشجَعَ الناسِ مِن حافٍ وَمُنتَعِلٍ
أَنتَ الغَمامُ الَّذي يَهمي بِلا ضَجَرٍ / أَنتَ الجَوادُ الَّذي يُعطي بِلا بُخُلِ
أَنتَ الَّذي ما جَلَبتَ الخَيلَ ساهِمَةً / إِلّا وَزَلزَلتَ أَهلَ السَهلِ وَالجَبَلِ
لَو كانَ يُمكِنُ أَن نَخباكَ مِن أَلَمٍ / يُخشى خَبَيناكَ في الأَحداقِ وَالمُقَلِ
يَفدي المُعِزَّ رِجالٌ قَلَّ خَيرُهُمُ / كَما يَقِلُّ نَباتُ الماءِ في الوَشَلِ
لَيتَ المُلوكَ لَهُ مِمّا عَرا بَدلٌ / وَإِن هُمُ لَم يُساوُوا قِيمَةَ البَدَلِ
أَبى قَلبُهُ مِن لَوعَةِ الحُبِّ أَن يَخلُو
أَبى قَلبُهُ مِن لَوعَةِ الحُبِّ أَن يَخلُو / فَلا تَعذِلُوا مَن لَيسَ يَردَعُهُ العَذلُ
وَلا تَطلُبُوا مِنّي مَدى الدَهرِ سَلوَةً / فَما يَرعوِي عَنكُم فُؤادي وَلا يَسلُو
ضَنِيتُ فَلَو أَنّي عَلى رَأسِ شَعرَةٍ / حُمِلتُ وَمالَت لا يَنُوءُ بِها الحَملُ
كَأَنَّ اللَيالي طالَبَتني لِقُربِكُم / بِتَبلٍ فَلَمّا بِنتُمُ ذَهَبَ التَبلُ
خَلِيليَّ ما لِلرَّبعِ يَخلُو وَلَيسَ لي / فُؤادٌ مِنَ التَبريحِ يَخلُو كَما يَخلُو
وَمالي إِذا ما لاحَ إِيماضُ بارِقٍ / مِنَ العَلَمِ النَجدِيِّ داخَلَني الخَبلُ
لَئِن كانَ جَهلاً ما بِقَلبي مَنَ الجَوى / فَمَن لِي بِقَلبٍ لا يُفارِقُهُ الجَهلُ
وَمَن لي بِوَصلٍ مِن أُمامَةَ بَعدَما / تَقَطَّعَ مِنها اليَأسُ أَن مُنِعَ الوَصل
أَيا قَلبُ كَم لا تَستَفيقُ مِنَ الجَوى / وَكَم أَنتَ ما يَخلو غَرامُكَ ما يَخلو
تَحِنُّ إِلى نُعمٍ وَجُملٍ كِلَيهِما / وَما أَنعَمَت نُعمٌ وَلا أَجمَلَت جُملُ
فَأُقسِمُ لَولا أَنتِ لَم يُخلَقِ الجَوى / وَلَولا أَبُو العُلوانِ ما خُلِقَ الفَضلُ
فَتىً أَتعَبَ البِيضَ الصَوارِمَ في العُلى / وَجَرَّبَ فيها ما يَمُرُّ وَما يَحلُو
فَلا تَحسَبُوا أَنَّ المَعالي رَخيصَةٌ / وَلا أَنَّ إِدراكَ العُلى هَيِّنٌ سَهلُ
فَما كُلُّ مَن يَسعى إِلى المَجدِ مُدرِكاً / وَلا كُلُّ مَن يَهوى العُلى نَفسُهُ تَعلُو
وَفوقَ سَريرِ المُلكِ مِن آلِ صالِحٍ / فَتىً مالَهُ عَن شُغلِهِ بِالعُلى شُغلُ
حَليمٌ إِذا وازَنتَ بِالهَضبِ عَقلَهُ / هَفا الهَضبُ مِن ميزانِهِ وَرَسا العَقلُ
لَهُ نَصلُ سَيفٍ يَقطَعُ الهامَ حَدُّهُ / وَأَقطَعُ مِنهُ حامِلُ النَصلِ لا النَصلُ
إِذا سَلَّهُ سَلَّ العَزيمَةَ قَبلَهُ / فَلَم يُدرَ أَيُّ الضارِبَينِ لَهُ الفِعلُ
فَتىً خَلقُهُ خُلقُ الغَمامِ فَعِندَهُ / لِطالِبِهِ إِمّا الوَبالُ أَوِ الوَبلُ
أَبا صالِحٍ حَمَّلتَني كُلَّ مِنَّةٍ / فَرِفقاً بِما تُسدي فَقَد أُثقِلَ الحِملُ
نَظمتُ لَكَ الدُرَّ الَّذي لَيسَ مِثلُهُ / وَأَنتَ الَّذي ما في المُلوكِ لَهُ مِثلُ
بَلَوتَ القَوافي عِندَ مَن لَو بَلَوتَهُ / بِغَيرِ القَوافي لابتَهَجن بِما تَبلُو
وَلَمّا تَخَيَّرتُ المَديحَ أَوِ الكَرى / حَلا في فَمي مِثلَ الرُقادِ الَّذي يَحلُو
وَكادَت قَوافي الشِعرِ لَمّا دَعَوتُها / إِلَيكَ تُوافي قَبلَ أَن وافَتِ الرُسلُ
لَكَ الفَضلُ لا لِلغَيثِ أَنَّكَ دائِمٌ / وَلا دامَ سَحٌّ لِلغُيوثِ وَلا هَطلُ
وَهَبتَ لِغالي الحَمدِ مالَكَ كُلَّهُ / كَأَنَّكَ لا يَغلو عَلَيكَ الَّذي يَغلُو
وَأَنتَ الَّذي لَولاكَ لَم يُعرَفِ النَدى / وَأَنتَ الَّذي لَولاكَ لَم يَظهَرِ العَدلُ
هاجَ الوُقوفُ بَرَسمِ المَنزِلِ الخالي
هاجَ الوُقوفُ بَرَسمِ المَنزِلِ الخالي / صَبابَةً لَم تَكُن مِنِّي عَلى بالِ
لَولا ظِباءُ رِماحٍ لَم أَمُت شَغَفاً / بِظَبيَةٍ مِن ظِباءِ السِربِ مِعطالِ
لَو شِئتَ نَجَّتكَ مِنها كُلُّ ناجِيَةٍ / مِرقالَةٍ بِنتِ سامي الطَرفِ مِرقالِ
صَهباءَ مالَ مِنَ التَأَويبِ راكِبُها / مِثلَ المُعَلَّلِ مِن صَهباءَ جِريالِ
تَطوي البَعيدَ وَيَطويها فَقَد جُدِلَت / جَدلَ المَريرَةِ مِن حَطٍّ وَتَرحالِ
إِلى فَتىً مِن بَني الشَدادِ هِمَّتُهُ / مَقرُونَةٌ بِشُعاعِ الكَوكَبِ التالي
مُبارَكُ الوَجهِ لا يَخفى تَهَلُّلُهُ / مِثلُ الحُسامِ جَلاهُ الصَيقَلُ الجالي
تَلقى المُعِزَّ وَتَلقى الناسَ كُلَّهُمُ / فَتَزدَري الوَهدَ عِندَ الباذِخِ العالي
صَحِبتُهُ غَيرَ ذِي مالٍ فَصَيَّرَني / مِن جُودِ كَفَّيهِ ذا جاهٍ وَذا مالِ
وَباتَ يُردِفُ لي مِن سَيبِ راحَتِهِ / جُوداً بِجُودٍ وَإِفضالاً بِإِفضالِ
سَجِيَّةٌ مِن كَريمِ الخِيمِ مَنصِبُهُ / مُرَكَّبٌ في كِرامٍ غَيرِ بُخّالِ
أَبطالُ حَربٍ وَإِن حاوَلتَ فَضلَهُمُ / في السِلمِ أَلفَيتَ مِنهُم غَيرَ اِبطالِ
أَمحَلتُ قِدماً فَما زالَت غَمائِمُهُم / تَجُودُ مَغنايَ حَتّى زالَ إِمحالي
فَاللَهُ يَكلَأَهُم مِمّا أُحاذِرُهُ / إِنَّ المُهَيمِنَ نِعمَ الحافِظُ الكالي
عِش مُهناً بِكُلِّ خَيرٍ مُمَلّا
عِش مُهناً بِكُلِّ خَيرٍ مُمَلّا / وَابقَ أَعلى مِنَ السِماكِ مَحَلّا
حَسَدَت نَعلَكَ الوُجُوهُ فَلَو أَر / ضاكَ وَجهي حَذَوتُهُ لَكَ نَعلا
وَوَطِئتَ الثَرى فَلَو قِيسَ بِالعَن / بَرِ ما دُستَ كانَ ما دُستَ أَغلى
قَد سَمِعنا عَنِ الأَوائِلِ قَولاً / وَرَأَينا مِنكَ الَّذي قِيلَ فِعلا
طُلتَ حَتّى أَصبَحتَ لِلفَلَكِ الدا / ئِرِ عُلواً وَأَصبَحَ العُلوُ سُفلا
وَفَضَحتَ الغَمامَ بِالجُودِ حَتّى / صارَ جُودُ الغَمامِ لُؤماً وَبُخلا
وَقَهَرتَ العِدى بِسَيفِكَ حَتّى / قَد غَدا مِنهُمُ الأَعَزُّ الأَذَلّا
كُلَّما حاوَلُوا انحِطاطَ مَبانِي / كَ بَناها لَكَ الإِلهُ وَأَعلى
قَد رَأَينا المُلوكَ في كُلِّ أَرضٍ / وَرَأينا الأَعَزَّ أَنتَ الأَجَلّا
قُمتَ بِالنائِباتِ عَنهُم فَقَد أَص / بَحَ كُلٌّ عَلى الحُمَيدِيِّ كَلّا
لَو عَدَدنا قَطرَ الغَمامِ الَّذي صا / بَ وَمَعرُوفَهُ لَزادَ وَقَلّا
ناهِضٌ بِالخُطوبِ لَو حَمَلَ الشُم / مَ الذُّرى لاستَقَلَّها وَاستَقَلّا
كُلَّما جَلَّ جَلَّ عَن شِيَمِ الكِب / رِ وَمَن جانَبَ التَكَبُّر جَلّا
مُدرِكيُّ النِجارِ أَصبَحَ أَعلى الن / ناسِ قَدراً وَأَرجَحَ الناسِ عَقلا
ساعَدَتهُ نَوائِبُ الدَهرِ حَتّى / طَلَبَ الدَهرُ عِندَ شانيهِ تَبلا
كُلَّما سارَ مُزمِعاً أَزمَعَ المَج / دُ مَسِيراً وَكُلَّما حَلَّ حَلّا
مِثلُ صَوبِ الغَمامِ لا تَشتَكي الأَر / ضُ إِذا ما مَشى عَلى الأَرضِ مَحلا
حَطَّمَ السَمهَرِيَّ طَعناً وَأَفنى السْ / سَيفَ ضَرباً وَأَنفَدَ المالَ بَذلا
عَذَلُوهُ عَلى السَماحِ وَما يَق / بَلُ دَرُّ الغَمامِ لَوماً وَعَذلا
عاشِقٌ لِلنَدى إِذا نالَ حُسنَ الذ / ذكرِ بَينَ المَلا فَقَد نالَ وَصلا
مُرغِبٌ مُرهِبٌ فَقَد مَلَأَ الآ / فاقَ أَمناً وَطَبَّقَ الأَرضَ عَدلا
وَرِكابٍ كَلَّت وَمَلَّت وَكَلَّ الر / ر كبُ مِن طُولِ ما يَسيرُ وَمَلّا
دَلَّهُم في الظَلامِ وَجهُ أَبي العُل / وانِ لَمّا حارَ الدَليلُ وَضَلّا
كُلَّما هَبَّتِ الصَبا شَمَّ رَيّا ال / مِسكِ مِن نَحوِ أَرضِهِ فاستَدَلّا
كَسَبَ الفَخرَ قَومَهُ وَكَسى العُر / يَ ثِياباً مِنَ العُلى لَيسَ تَبلى
وَغَدا النَجمُ وَالشِهابُ يَحُفّا / نِ هِلالاً مِن أُفقِهِ قَد تَجَلّى
خَمسَةٌ كَالأَصابِعِ الخَمسِ وَالوُس / طى فَتىً طالَهُم جَلالاً وَنُبلا
إِن عَلا قَدرُ ما أَنالَ مِنَ الفَض / لِ فَإِنّي مُحِلُّهُ اليَومَ أَعلى
فَردَةٌ أَعلَمَت بِأَنَّكَ فَردٌ / وَسِجلٌّ قُلِّدتَهُ لِيُحَلّى
وَلِواءٌ حَكى الهَدِيَّ عَلَيها ال / وَشيُ قَد أَقبَلَت إِلى البَعلِ تُجلى
ذاتُ فَرعٍ تَلُفُّ أَطرافَهُ الرِي / حُ وَلَكِن بِعاصِفِ الرِيحِ تُعلى
وَمَشَت تَحتَكِ الصَبا تَحمِلُ التِب / رَ وَتَشكُو مِن حَملِها لَكَ ثِقلا
عَجَباً كَيفَ تَستَقِلُّ بِكَ الخَي / لُ إِذا كُنتَ تُثقِلُ الأَرضَ حَملا
وَتَقَلَّدتَ بِالحُسامِ فَقُلنا / هَل رَأَيتُم نَصلاً تَقَلَّدَ نَصلا
وَتَنَطَّقتَ بِالنُجومِ وَسُربِل / تَ بِثَوبٍ يَحكي الغَزالَةَ غَزلا
إِن عَدا مُهجَةَ الإِمامِ فَقَد أَف / ضى إِلى مُهجَةٍ تُحاطُ وَتُكلا
إِنَّما أَنفَذَ الغِلالَةَ لَمّا / لَم يَجِد في فُؤادِهِ لَكَ غِلّا
شَرَفاً زائِداً وَعِزَّاً مِن اللِ / هِ وَفَضلاً مِنَ الخَليفَةِ جَزلا
لَو مَلَكتَ العِبادَ شَرقاً وَغَرباً / وَحَوَيتَ البِلادَ حَزناً وَسَهلا
كُنتَ أَولى بِها وَكُنت لما تَم / لِكُ مِن أَهلِ دُنياكَ أَهلا
خَبَطَ الناسُ حَولَكَ الأَرضَ حَتّى / مَلَؤُوها طُرقاً إِلَيكَ وَسُبلا
مَن بَغى الخَيرَ مِن سِواكَ فَما فا / زَ وَمَن لَم يَلُذ بِغَيرِكَ ذَلّا
لَم تَهبَني حَوادِثُ الدَهرِ إِلّا / مُذ تَعَلَّقتُ مِن حِبالِكَ حَبلا
كُلَّما صُغتُ فيكَ بِكراً مِنَ القَو / لِ أَبَت أَن تُرِيدَ غَيرَكَ بَعلا
يَسمَعُ الدَهرُ ما أَقولُ فَيَروي / هِ وَعَنّي رَوى وَمِنّي استَملى
وَلَقَد طُلتَ عَن مَديحي فَما أَد / رِي أَيُرضِيكَ ما أُحَبِّرُ أَم لا
يا بنَ أَعلى المُلوكِ قَدراً وَيا أَك / رَمَ مَن أَوطَأَ السِماكَينِ رِجلا
إِنَّما أَنتَ نِعمَةٌ يَشكُرُ اللَ / هَ عَلَيها مَن صامَ مِنّا وَصَلّى
لا أَلمَّت بِكَ الخُطُوبُ وَلا ذا / قَت لَكَ المَكرُماتُ في الدَهرِ ثَكلا
أَحسَنتَ ظَنَّك بِالإِلهِ جَميلاً
أَحسَنتَ ظَنَّك بِالإِلهِ جَميلاً / فَبَلَغتَ في أَعدائِكَ المَأمُولا
أَنتَ الجَليلُ فَنَل جَليلاً إِنَّما / يَحوي الجَليلُ مِنَ الأُمورِ جَليلا
وَاِنهَض إِلى الأَعداءِ نَهضَةَ ضَيغَمٍ / لَم يَرضَ إِلا بِالمَمالِكِ غِيلا
فَلَقَد كَفَفتَ وَما كَفَفتَ مَهابَةً / وَلَقَد صَبَرتَ وَما صَبَرتَ ذَليلا
وَقَنِعتَ بِالنَزرِ القَليلِ وَلَم تَكُن / عِندَ القَناعَةِ بِالقَليلِ قَليلا
يا مَن حَوى الشُكرَ الجَزِيلَ لِأَنَّهُ / أَعطى جَزيلاً وَاستَعادَ جَزيلا
سِر حَيثُ شِئتَ فَإِنَّ سَعدَكَ لَم يَدَع / في الشامِ دُونَكَ مِنبَراً مَقفُولا
وَاترُك رِماحَ الخَطِّ مِلء كُعُوبِها / عَلَقاً وَمِلء المُرهَفاتِ فُلولا
وَاكسُ المُذاكِيَ مِن أَسِنَّةِ قَعضَبٍ / غُرَراً وَمِن خَوضِ الدِماءِ حُجُولا
حَتّى تَعُودَ وَقَد بَلَوتَ مِنَ العُلى / عُذرَ الكَريمِ وَقَد شَفَيتَ غَليلا
اللَهُ جارُكَ إِن ثَوَيتَ إِقامَةً / وَكَفيلُ عِزِّكَ إِن أَرَدتَ رَحيلا
فَلَقَد فَضَلتَ عَلى المُلوكِ بِهِمَّةٍ / ثَنَتِ المُدِلَّ بِفَضلِهِ مَفضُولا
وَبَذَلتَ مالَكَ دُونَ عِرضٍ لَم يَبِت / لِلذَّمِّ مَرهُوباً وَلا مَبذُولا
وَحَمَلتَ أَثقالَ الزَمانِ وَلَم تَزَل / فِينا لِأَثقالِ الزَمانِ حَمُولا
وَلَكَم جَنى جانٍ عَلَيكَ وَلَم تَكُن / لَمّا قَدِرتَ عَلى العَفافِ عَجُولا
وَعِصابةٍ قَطَعُوا إِلَيكَ مِنَ الفَلا / عَرضاً عَلى بُزلِ الرِكابِ وَطُولا
أَمِنُوا بِطَلعَتِكَ الضَلالَ وَحَسبُهُم / مِن نُورِ وَجهِكَ هادِياً وَدَليلا
وَصَلُوا إلى رَبِّ المَكارِمِ بَعدَما / وَصَلُوا مُعِزَّ الدَولَةِ المَأمُولا
مَلِكاً تَتَوَّجَ بِالثَناءِ فَلَم يُرِد / تاجاً يُجَمِّلُهُ وَلا إِكليلا
وَلَقَد صَحِبتُ فَما صَحِبتُ مُذَمَّما / وَلَقَد سَأَلتُ فَما سَأَلتُ بَخيلا
عَذبَ السَجِيَّةِ وَالعَطِيَّةِ لَم نَزَل / نَمتاحُ نَيلاً مِن لُهاهُ وَنَيلا
يا سَيِّدَ الأُمَراءِ دَعوَةَ شاكِرٍ / لِجَمِيلِ فِعلِكَ بُكرَةً وَأَصِيلا
قَدِمَت بِمَقدَمِكَ السُعُودُ وَأَدرَكَت / مِنكَ الرَعايا السُؤلَ وَالمَأمُولا
يَستَقبِلوُنَكَ في الدُنُوِّ وَوُدُّهُم / مَشياً إِلَيكَ عَلى النَواظِرِ مِيلا
عِلماً بِأَنَّكَ قَد مَدَدتَ عَلَيهِمُ / ظِلّاً مِنَ الرَأيِ الجَميلِ ظَلِيلا
وَالقَصرُ يَهوى أَن يَسيرَ مُسَلِّماً / لَو كانَ وافى لِلمسيرِ سَبِيلا
جَمَّلتَهُ لَمّا قَدِمتَ وَلَم يَكُن / مُذ غِبتَ عَنهُ في العُيونِ جَميلا
لا تَعدَمِ الدُنيا بَقاءَكَ إِنَّما / طُولُ السَعادَةِ أَن تَعيشَ طَويلا
إِنَّ الأَرانِبَ لَم تَفتُك لِأَنَّها
إِنَّ الأَرانِبَ لَم تَفتُك لِأَنَّها / عَلِمَت بِأَنَّكَ مالِكٌ آجالَها
وَلَعَلَّها اِشتَهتِ الحَياةَ وَعاوَدَت / فَرأَت بِصَيدِكَ مَوتَها أَشهى لَها
صِيامُكَ لِلمُهَيمِنِ ذِي الجَلالِ
صِيامُكَ لِلمُهَيمِنِ ذِي الجَلالِ / وَفِطرُكَ لِلمَكارِمِ وَالمَعالي
فَيَومٌ لِلتُقى وَلِنَيلِ أَجرٍ / وَيَومٌ لِلمَواهِبِ وَالنِزالِ
فَأَنتَ مِنَ المَناسِكِ غَيرُ عارٍ / وَأَنتَ مِنَ المَحامِدِ غَيرُ خالِ
تَبِيتُ وَأَنتَ غَيرُ عَدِيمِ حَمدٍ / إِذا ما أَنتَ بِتَّ عَدِيمَ مالِ
وَصَفتُ فَجازَ وَصفُكَ قَدرَ وَصفِي / وَقُلتُ فَزادَ فَضلُكَ عَن مَقالي
فِدىً لِلعامِرِيِّ أَبِي وَأُمّي / وَما ثَمَّرتُ مِن نَشَبٍ وَمالِ
فَلولا فَضلُهُ ما راشَ سَهمِي / وَلا وَقَعَت مَواقِعَها نِصالي
مَحا بِنَدى يَدَيهِ البُؤسَ عَنّي / فَأَحسَنَ بَعدَ قُبحِ العَيشِ حالي
جَزاهُ اللَهُ خَيراً عَن رِكابِي / وَعَن شَدّي إِلَيهِ وَارتِحالي
فَمُنذُ لَقِيتُهُ لَم أَلقَ بُؤساً / وَلا خَطَرَ التَغَرُّبُ لِي بِبالِ
أَبا العُلوانِ فَضلُكَ قالَ شِعرِي / وَلِلفَضلِ اِشتِهارُ أُولِي الفِضالِ
فَلا تَحمَد مَقالِي وَاطَّرِحنيِ / سُدىً وَاحمَد فَعالَكَ لا فَعالِي
وَعِش لِلمَكرُماتِ أَسَرَّ عَيشٍ / بِأَيمَنِ طائِرٍ وَأَصَحِّ فالِ
فَإِنَّكِ قَد فَضُلتَ عَلى البَرايا / كَما فَضُلَ اليَمِينُ عَلى الشِمالِ
أَجِدَّكُما لَو أَنصَفَ الصَبَّ عاذِلُهُ
أَجِدَّكُما لَو أَنصَفَ الصَبَّ عاذِلُهُ / لَأَقصَرَ لَكِن عادِمُ الشَيءِ جاهِلهُ
يَلُومُ وَما أَجرى الفِراقُ دُمُوعَهُ / وَلا هيَّجَتهُ بِالعَشِيِّ بَلابِلُه
وَهَل يَرعَوِي أَو يَسمَع العَذلَ في الهَوى / كَئِيبٌ لَهُ شغلٌ مِنَ البَينِ شاغِلُه
أَحَبُّ حَبيبٍ عِندَهُ رَسمُ مَنزِلِ / يُناجِيهِ أَو رَبعٌ مُحِيلٌ يُسائِلُه
إِذا هَتَفَت قَمرِيَّةٌ هَيَّجَت لَنا / جَوىً وَرَسيساً مِن هَوى هُوَ قاتِلُه
كَأَنَّ الحَمامَ الوُرقَ حادٍ يَشُوقُهُ / تَرَنُّمُهُ وَالدارُ حِبُّ يُواصِلُه
خَلِيلَيَّ ما لِي أَصطفي بَينَ أَضلُعي / أَخاً لَيسَ يَخلو أَن تَغُولَ غَوائِلُه
أَعِفُّ وَلا أَجزِيهِ جَهلاً بِجَهلِهِ / وَلا آكُلُ اللَحمَ الَّذي هُوَ آكِلُه
وَيُصبِحُ مَطوِيّاً عَلى الغِلِّ قَلبُهُ / فَلا الوَعظُ يَثنِيهِ وَلا الزَجرُ عاذِلُه
لَعَمرُكَ ما لِلمَرءِ في المَرءِ حِيلَةٌ / إِذا باتَ صَدرُ المَرءِ تَغلِي مَراجِلُه
سَيَزدادُ غَيظَاً كُلَّما مَدَّ باعَهُ / فَقَصَّرَ عَن إِدراكِ ما أَنا نائِلُه
وَقَد باتَ ضَوءُ الصُبحِ مِن ظُلمَةِ الدُجى / فَما اِشتَكَلَت أَنوارُهُ وَأَصائِلُه
فَيا مَنطِقِي أَطلِق عِنانَكَ إِنَّما / يُعِدُّ الحُسامَ العَضبَ لِلضَربِ حامِلُه
وَيا خاطِري لَجِّج إِلى الدُرِ إِنَّني / أَرى البَحرَ لا يُستَودَعُ الدُرَّ ساحِلُه
وَجازِ ابنَ فَخرِ المُلكِ بِالشُكرِ إِنَّنِي / أَرى الشُكر لا يَجزِي الَّذي هُوَ فاعِلُه
فَتىً عِندَهُ عَفوٌ وَنَفلٌ لِسائِلٍ / وَجانٍ فَإِمّا عَفوُهُ أَو نَوافِلُه
فَلا مُذنِبٌ إِلّا وَأَعطاهُ صَفحَهُ / وَلا سائِلٌ إِلّا وَأَغناهُ نائِلُه
هُوَ البَدرُ لا يَخفى عَلَيكَ ضِياؤُهُ / هُوَ الغَيثُ لا تَخفى عَلَيكَ مَخايِلُه
تَرَكنا الغَوادِي وَاِنتَجَعنا بَنانَهُ / فَأَغنَت عَنِ السُحُبِ الغِزارِ أَنامِلُه
تُغَلُّ بِنُعماهُ الرِقابُ كَأَنَّما / صَنائِعُهُ أَغلالُهُ وَسَلاسِلُه
وَما تَصِلَ الأَيدي وَلَو نالَتِ السُها / إِلى الشَرَفِ الأَدنى الَّذي هُوَ واصِله
وَقَد طاوَلَتهُ النَيِّراتُ فَطالَها / وَأَيُّ امرِئٍ بَعدَ النُجومِ يُطاوِلُه
فَلا تَحسَبُوا أَنَّ الغَمامَ يَفُوتُهُ / بِشَيءٍ وَلا أَنَّ الجِبالَ تُعادِلُه
فَما وَلَدَت حَوّاءُ مِن صُلبِ آدَمٍ / وَلا قَبِلَت مِن كُلِّ حَيٍّ قَوابِلُه
فَتىً كَأَبِي العُلوانِ تَندى يَمِينُهُ / وَيَندى مُحَيّاهُ وَتَندى ذَوابِلُه
وَلا مِثلُهُ في العُسرِ وَاليُسرِ باذِلاً / يَزيدُ لَجاجاً كُلَّما لَجَّ عاذِلُه
إِذا سِيلَ أَغنى السائِلِينَ بِمالِهِ / فَلَيسَ يَرى أَن يَسألَ الناسَ سائِله
أَنارَت مَغانِيهِ وَصِينَت بِلادُهُ / وَهِينَت أَعادِيهِ وَعَزَّت مَعاقِلُه
فَما ضاقَ نادِيهِ وَلا ذَلَّ جارُهُ / وَلا ضاعَ راجِيهِ وَلا خابَ آمِلُه
جَلا كَربَةَ الإِسلامِ وَالشِركُ دالِفٌ / بِمَجرٍ تَسُدُّ الخافِقَينِ جَحافِلُه
لُهامٌ يَسُدُّ الجَوَّ بِالنَقعِ زَحفُهُ / وَتَدفَعُ أَوتادَ الجِبالِ زَلازِلُه
إِذا سارَ أَذكى النارَ في حِندِسِ الدُجى / مِنَ الصَخرِ حَتّى لا تَبِينُ مَشاعِلُه
يَسيلُ بَرَجراجِ الحَديدِ كَأَنَّهُ / فُراتٌ جَرَت خُلجانُهُ وَجَداوِلُه
فَأَصبَحَ دِينُ اللَهِ قَد قامَ رُكنُهُ / وَأَنجَحَ مَسعاهُ وَثُقِّفَ مائِلُه
وَأَيُّ فُخُورٍ ما بَنَتها رِماحُهُ / وَأَيُّ ثُغُورٍ ما حَمَتها مَناصِلُه
وَلا عَجَباً أَن يُصبِحَ الماءُ جارِياً / مِنَ الصَخرِ في القَصرِ الَّذي هُوَ نازِلُه
وَأَن يَغتَدِي مِسكاً ثَراهُ وَلُؤلؤاً / حَصاهُ وَياقُوتاً ثَمِيناً جَنادِلُه
زَها بِكَ زَهوَ الرَوضِ دَرَّت غُيُوثُهُ / فَحَيَّت بِوَسمِيِّ النَباتِ خَمائِلُه
كَأَنَّكَ رِضوانٌ وَقَصرُكَ جَنَّةٌ / يَفُوزُ بِرِضوانٍ مِنَ اللَهِ داخِلُه
فَبُورِكَ بانِيهِ وَبُورِكَ عَصرُهُ / وَبُورِكَ مِن قَصرٍ وَبُورِكَ آهِلُه
فَما رُفِعَت إِلّا لِسَعدٍ قِبابُهُ / وَلا اِجتَمَعَت إِلّا لِخَيرِ مَحافِلُه
لَقَد أَنطَقَ اللَهُ الزَمانَ وَأهلَهُ / بِفَضلِكَ حَتّى ما تُعَدُّ أَفاضِلُه
فَأجرى بِكَ الأَرزاق حَتّى كَأَنَّما / جَميعُ البَرايا واحِدٌ أَنتَ عائِلُه
وَما الجَدُّ إِلّا مَورِدٌ لَكَ صَفوُهُ / وَمَشرَبُهُ الأَهنى وَلِلنّاسِ فاضِلُه
يَرى الدَهرُ قَولِي فِيكَ مِمّا يَسُرُّهُ / فَيَكتُبُ فيكَ الدَهرُ ما أَنا قائِلُه
ثَناءً كَنَشرِ المندَلِ الرَطبِ نَشرُهُ / وَحَمداً كَأَبهى حافِلِ الرَوضِ حافِلُه
تَفُوحُ عِيابُ الرَكبِ مِنهُ كَأَنَّما / تُضَمَّخُ بِالمِسكِ الذَكِيِّ رَواحِلُه
وَما الشِعرُ إِلّا مَركَبٌ لِي ظَهرُهُ / وَغارِبُهُ وَمَنكِباهُ وَكاهِلُه
سَبُوقٌ إِلى الغاياتِ مَرّاً أَحُثهُ / وَمَرّاً أُعَفِّيهِ وَمَرّاً أُناقِلُه
بَلَغتُ بِهِ أَقصى مُرادِي مِنَ الغِنى / لَدَيكَ فَأَدرَكتُ الَّذي أَنا آمِلُه
فَمَالي وَلِلحُسّادِ تَغلِي صُدُورُهُم / عَلَيَّ وَهَذا البَحرُ زُرقٌ مَناهِلُه
فَإِن يَصدُقُوا فَليَلحَقُوا شَأَوَ مارِدٍ / مِنَ الجِنِّ لا يَدرُونَ أَينَ مَخاتِلُه
خَلِيلَيَّ أَيُّ الطَيرِ يَحلُو قَنِيصُهُ / أَغِربانُهُ أَم بُومُهُ أَم أَجادِلُه
إِذا قامَ سَحبانٌ خَطِيباً بِمَوقِفٍ / تَبَلَّدَ مَعذوراً عَلى الصَمتِ باقِلُه
سَأَلتُكَ شَرِّفنِي بِسَمعِكَ مُقبِلاً / عَلَيَّ لَيَبدُو حَقُّ أَمرٍ وَباطِلُه
وَحَكِّم عَلى النُطقِ الَّذي أَنتَ سامِعٌ / جَميلَكَ وَالبَذلَ الَّذي أَنتَ باذِلُه
فَما تَخذِلُ الأَيّامُ ما أَنتَ ناصِرٌ / وَلا تَنصُرُ الأَيّامُ ما أَنتَ خاذِلُه
وَهُنِّيتَ بِالعِيدِ الَّذي أَنتَ حُسنُهُ / كَما أَنَّ حُسنَ الذابِلِ اللَدنِ عامِلُه
إِذا ما مَضى عامٌ تَسَربَلتَ سَعدَهُ / وَوافاكَ بِالإِقبالِ وَالسَعدِ قابِلُه
وَلا عَدِمَت خَفقَ البُنُودِ جُيوشُهُ / وَلا فارَقَت عَركَ الوُفودِ مَنازِلُه
ذِكر الصِبا بَعدَ شَيبِ الراسِ تَعليلُ
ذِكر الصِبا بَعدَ شَيبِ الراسِ تَعليلُ / وَالحُبُّ أَكثَرُهُ غَيٌّ وَتَضلِيلُ
هَوى النُفوسِ هَوانٌ لا مِراءَ بِهِ / وَفِي العِبارَةِ تَحسِينٌ وَتَجميلُ
خُذ مِن دُمى الإِنسِ حِذراً أَنَّ كُلَّ دَمٍ / أَرَقنَهُ مِن دِماءِ الإِنسِ مَطلُولُ
بِكُلِّ أَرضٍ قَتِيلٌ يُستَثارُ بِهِ / إِلّا قَتيلٌ بِحُبِّ الغِيدِ مَقتُولُ
هُنَّ البَلِيَّةُ وَالأَرزَاءُ هَيِّنَةٌ / عَلى الفَتى وَالمُلِمُّ الصَعبُ مَحمُولُ
مِن كُلِّ هَيفاءَ مَصقُولٍ تَرائِبُها / في طَرفِها صارِمٌ لِلمَوتِ مَصقُول
ما كُنتُ أَعلَمُ لَولا لَحظُ مُقلَتِها / أَنَّ الحِمامَ غَريرُ الطَرفِ مَكحُولُ
يا حَبَّذا بَلَداً حَلَّت بِجانِبِهِ / بِهنانَةٌ مِن بَناتِ البَدوِ عَطُولُ
كَأَنَّ فاها بِماءِ الكَرمِ خالَطَهُ / ماءُ الغَمامِ قُبَيلَ الصُبحِ مَعلُولُ
مَمكُورَةُ الخَلقِ لا أَقصى بِها قِصَرٌ / مَعَ القِصارِ وَلا أَزرى بِها طُولُ
في الطَرفِ غُنجٌ وَفِيما فَوقَهُ دَعجٌ / وَفِي الحَقِيبَةِ تَدقِيقٌ وَتَجليلُ
كَأَنَّها ظَبيَةٌ بِالقَفِّ مُغزِلَةٌ / لَولا الدَمالِجُ دُرمٌ وَالخَلاخيلُ
حَلَّت بِسَلعٍ فَلا مَرَّ الغَمامُ بِهِ / إِلّا وَلِلقَصرِ عَقدٌ فِيهِ مَحلولُ
تَغدُو الرُبى بِالرِياضِ الغُنِّ حالِيَةً / كَأَنَّهُنَّ عَلَيهِنَّ الأَكالِيلُ
يا رَبعُ ضِفناكَ فافعَل ما سَتَذكُرُهُ / لِسائِلِينَ فَإِنَّ الضَيفَ مَسُؤُولُ
سَقَتكَ غُرُّ الغَوادِي ما الَّذي فَعَلَت / تِلكَ الجَآذِرُ وَالعِينُ المَطافِيلُ
بِنا الَّذي بِكَ مِن أَسماءَ مُذ نَزَحَت / بِها النَوى وَالمَراسِيمُ المَراسِيلُ
لا وَصلُ أَسماءَ مَردُودٌ فَتَطلُبَهُ / يَأساً وَلا الحَبلُ مِن أَسماءَ مَوصُولُ
دَعِ الثَناءَ عَلى مَن لا اِنتِفاعَ بِهِ / إِنَّ الثَناءَ بِفَخرِ المُلكِ مَشغُولُ
هُوَ الجَوادُ الَّذي إِحسانُهُ سَرَفٌ / وَمالُهُ لِذَوي الآمالِ مَبذُولُ
لا الخَلقُ جَهمٌ وَلا الأَخلاقُ كاسِبَةٌ / ذَمّاً وَلا العِرضُ بِالأَفواهِ مَطلُولُ
نَسرِي بِغَيرِ دَليلٍ في مَكارِمِهِ / كَأَنَّهُ في طَرِيقِ المَجدِ مَدلُولُ
يا واصِفِيهِ صِفُوا ما فيهِ مِن كَرَمٍ / لِلمُرمِلِينَ وَيا مُدّاحَهُ قُولُوا
إِنّي أَراهُ غَنِيّاً عَن صِفاتِكُمُ / لا الصُبحُ خافٍ وَلا الدَأماءُ مَجهُولُ
هُوَ السَماءُ الَّتي قامَت جَوانِبُها / فَما يُحَدُّ لَها عَرضٌ وَلا طُولُ
لَيسَ الأَمِيرُ إِلى مَدحٍ بِمُفتَقِرٍ / فَاصمُت فَلَيسَ عَلى ما قُلتَ تَعوِيلُ
وَإِن نَفَعتَ فَنَفعٌ لا اعتِدادَ بِهِ / إِنّ الطِرافَ بِعُودِ النَبعِ مَخلولُ
يا مَن يَرِيشُ وَيَبرِي واهِباً نِعَماً / وَسالِباً فَهوَ مَرهُوبٌ وَمَأمُولُ
قَضى لَكَ اللَهُ سَعداً لا انقِضاءَ لَهُ / وَما لِشَيءٍ قَضاهُ اللَهُ تَبدِيلُ
خُلِقتَ وَجهُكَ لِلأَقمارِ مَعيَرَةٌ / وَجُودُ كَفِّكَ لِلأَنواءِ تَخجِيلُ
فَأَنتَ غُرَّةُ هَذا الدَهرِ مُشرِقَةً / في وَجهِهِ وَبَقايا الناسِ تَحجِيلُ
وَلا كُلَيبٌ وَلا مَعنٌ وَلا هَرِمٌ / بِمُشبِهِيكَ الصَنادِيدُ البَهالِيلُ
وَلَو رَأَوكَ وَما أَودى الزَمانُ بِهِم / لِيَمَّمُوكَ وَسالُوكَ الَّذي سِيلُوا
وَكانَ أَفضَلَ شَيءٍ أَنتَ واهِبُهُمُ / لَثمٌ لِراحَتِكَ اليُمنى وَتَقبِيلُ
أُكمِلتَ خُلقاً وَخَلقاً مِثلَهُ حَسَناً / وَالخَلقُ لِلخُلقِ تَتمِيمٌ وَتَكمِيلُ
غُلَّت يَدُ الدَهرِ بِالأَسواءِ عَن مَلِكٍ / مُتَوَّجٍ أَنا فِي نُعماهُ مَغلُولُ
تَزوَرُّ مِن نَحوِهِ الأَعداءُ مُكمَدَةً / كَأَنَّ أَبصارَهُم مِن نَحوِهِ حُولُ
كَأَنَّ أَعلامَ هَذا العِيدِ فَوقَهُمُ / طَيرٌ وَلَكِنَّها طَيرٌ أَبابِيلُ
لا يَبعُدَنَّ رِجالٌ أَنتَ بَعضُهُمُ / بِيضُ الوُجُوهِ مَيامِينٌ مَقابِيلُ
لا نادِمُونَ عَلى آثارِ مَوهِبَةٍ / إِذا أَنالُوا وَلا صُغرٌ إِذا نِيلُوا
لَهُم سَرابِيلُ حَمدٍ غَيرُ بالِيَةٍ / عَلى الزَمانِ إِذا تَبلى السَرابِيلُ
فَضَلتَهُم وَهُمُ شُمٌّ غَطارِفَةٌ / لَهُم عَلى الناسِ تَشرِيفٌ وَتَفضِيلُ
في العالَمينَ أَقاوِيلٌ تُقالُ وَلا / تُقالُ في الصالِحِيِّينَ الأَقاوِيلُ
يا مَن لَنا كُلَّ يَومٍ مِن فَوائِدِهِ / نَيلٌ يُقَصِّرُ عَن مِعشارِهِ النِيلُ
عِش عُمرَ حَمدِي فَحَمدِي غابِرٌ أَبَداً / بَينَ العُرَيبِ وَبَينَ العُجمِ مَنقُولُ
في كُلِّ فِترٍ مِنَ الدُنيا لَهُ وَطَنٌ / كَالصُبحِ كُلُّ مَكانٍ مِنهُ مَحلُولُ
وَاسعَد بِعِيدِكَ إِنَّ السَعدَ لَيسَ لَهُ / إِلى القِيامَةِ عَن مَغناكَ تَحويلُ
مُعِينُكَ اللَهُ فِيما أَنتَ طالِبُهُ / مِنَ العُلى وَأَمِينُ اللَهِ جِبرِيلُ
سُقِيتَ الحَيا أَيُّها المَنزِلُ
سُقِيتَ الحَيا أَيُّها المَنزِلُ / وَجادَتكَ أَنواؤُهُ الهُطَّلُ
وَإِن أَنتَ لَم تُبقِ بَينَ المَلامِ / وَبَينَ الغَرامِ فَتىً يَعقِلُ
تَمَنَّعتَ بُخلاً بِرَدِّ الجَوابِ / وَما زالَ يَأويكَ مَن يَبخَلُ
خَدَلَّجَةُ الساقِ رُعبُوبَةٌ / يُجَلِّلُها وَارِدٌ مُسبَلُ
تَقُولُ ذَهَلتَ غَداةَ الفِراقِ / فَقُلتُ لَها كَيفَ لا أَذهَلُ
وَلِي بَعدَكُم مَدمَعٌ سائِلٌ / وَجِسمٌ كَما شِئتُمُ يَنحَلُ
وَقَد عَذَلُونا عَلى حُبِّكُم / فَما قَبلَ العَذلَ مَن يُعذَلُ
وَما مِن ضَلالٍ جَهلِنا الصَوابَ / وَلَكِن نَلِجُّ فَلا نَقبَلُ
كَمالَجَّ في المَكرُماتِ الأَمِيرُ / فَأَقصَرَ عَن عَذلِهِ العُذَّلُ
لَهُ في أَخيرِ النَدى آخِرٌ / وَفِي أَوَّلِيِّ النَدى أَوَّلُ
إِذا أَمحَلَت بَلدَةٌ حَلَّها / فَيَحيا بِهِ البَلَدُ المُمحِلُ
أَخُو ثِقَةٍ جارُهُ لا يُضامُ / وَداعِيهِ لِلنَصرِ لا يُخذَلُ
إِذا حارَبَ القَومُ خَلّى الفِجاجَ / يَسُدُّ مَذاهِبَها القَسطَلُ
وَخَلّى الرِماحَ أَنابِيبَها / إِزا كُلِّ أُنبُوبَةٍ جَدوَلُ
كَأَنَّ السُيُوفَ وَقَد خُضِّبَت / سَنا النارِ أَوَّلَ ما تُشعَلُ
صَوارِمُ عَوَّدَها أَن تُهانَ / فَلَيسَت تُداسُ وَلا تُصقَلُ
فَوارَحمَتا لِبِلادِ العِدي / إِذا قَلِقُوا وَإِذا زُلزِلُوا
لِأَيِّ هِزَبرِ وَغىً هَيَّجُوا / وَأَيِّ سَنا جَذوَةٍ أَشعَلُوا
وَفِي قَلعَةِ الجِسرِ قَومٌ تَدُوسُ / قَرِيباً جَباهَهُمُ الأَرجُلُ
رِجالٌ تَرِفُّ مَناياهُمُ / عَلَيهِم كَما رَفرَفَ الأَجدَلُ
كَأَنّي بِهِم قُوتُ وَحشِ الفَلا / فَهُنِّيتِ رِزقَكِ يا جَيَأَلُ
فَنِعمَ الدِماءُ الَّتي تُمتَرى / وَنِعمَ اللُحُومُ الَّتي تُؤكَلُ
لَعَمرِي سَتَعلَمُ أُمُّ القَتِيلِ / غَداً أَيَّماً وَلَدٍ تَثكَلُ
تَسَنَّمتَهُم في ذُرى شاهِقٍ / يَزِلُّ عَلى مَتنِهِ المِسحَلُ
فَأَينَ الذَهابُ وَلا مَذهَبٌ / لَكُم في البِلادِ وَلا مَوئِلُ
فَلا تَطلُبُوا العَفوَ عَن جُرمِكُم / فَأَحسَنُ عَفوِكُمُ المُنصُلُ
أَبا صالِحٍ لا عَدَتكَ السُعُودُ / وَلا خانَكَ الزَمَنُ المُقبِلُ
هَنِيئاً بِما خَوَّلتَكَ السُيوُفُ / وَأَعطَتكَ أَرماحُكَ الذُبَّلُ
رَأَوكَ صَحِيحَ عُقُودِ الوَفاءِ / فِيما تَقُولُ وَما تَفعَلُ
فَما اِستَعظَمُوا فِيكَ ما خَوَّلُوا / وَلا استَكثَرُوا فِيكَ ما أَرسَلُوا
وَقَد طَوَّقُوكَ بِأَطواقِهِم / وَلَكِن إِمامِيُّها الأَفضَلُ
بَقِيتَ لَنا وَلِأَهلِ البِلادِ / وَهَذِي العِبادِ الَّتي تَسأَلُ
فَأَنتَ السِراجُ إِذا أَظلَمُوا / وَأَنتَ الرَبيعُ إِذا أَمحَلُوا
لَقَد أَدرَكُوا فِيكَ ما حاوَلُوا / وَنالُوا بِنُعماكَ ما أَمَّلُوا
قَد كانَ صَبرِي عِيل في طَلَبِ العُلا
قَد كانَ صَبرِي عِيل في طَلَبِ العُلا / حَتّى استَنَدتُ إِلى ابنِ إِسماعِيلا
فَظَفِرتُ بِالحَطَرِ الجَليلِ وَلَم يَزَل / يَحوِي الجَلِيلَ مَن استَعانَ جَلِيلاً
لَولا الوَزِيرُ أَبُو عَلِيٍّ لَم أَجِد / أَبَداً إِلى الشَرَفِ العَلِيِّ سَبِيلا
إِن كانَ رَيبُ الدَهرِ قَبَّحَ ما مَضى / عِندِي فَقَد صارَ القَبِيحُ جَميلا
وَأَجَلُّ ما جَعَلَ الرِجالُ صِلاتِهِم / لِلراغِبِينَ العِزَّ وَالتَبجِيلا
اليَومَ أَدرَكتُ الَّذي أَنا طالِبٌ / وَالأَمسِ كانَ طِلابُهُ تَعلِيلا
أَبَت عَبراتُهُ إِلّا انهِمالاً
أَبَت عَبراتُهُ إِلّا انهِمالاً / عَشِيَّةَ أَزمَعَ الحَيُّ اِرتِحالا
أَجَدَّكَ كُلَّما هَمُّوا بِنَأيٍ / تَرَقرَقَ ماءُ عَينِكَ ثُمَّ سالا
تَقاضَينا مَواعِدَ أُمِّ عَمروٍ / فَضَنَّت أَن تُنِيلَ وَأَن تُنالا
وَسارَ خَيالُها السارِي إِلَينا / فَلَو عَلِمَت لَعاقَبَتِ الخَيالا
إِذا وَصَلَت رَكائِبُنا قُرَيشاً / فَقَد وَصَلَت بِنا البَحرَ الزُلالا
فَتىً لَو مَدَّ نَحوَ الجَوِّ باعاً / وَهَمَّ بِأَن يَنالَ الشُهبَ نالا
إِذا انتَسَبَ ابنُ بَدرانٍ وَجَدنا / مَناسِبَهُ العَلِيَّةَ لا تُعالى
تَطُولُ بِها إِذا ذُكِرَت مَعَدٌّ / وَتُكسِبُ كُلَّ قَيسىٍ جَمالا
أَيا عَلَمَ الهُدى نَجوى مُحِبٍّ / يُحِبُّكُمُ اِعتِقاداً لا انتِحالا
مَنَنتَ فَلَم تُجَشِّمِني عَناءً / وَجُدتَ فَلَم تُكَلِّفنِي سُؤَالا
إِذا عَدِمَ الزَمانُ مُسَيِّبِياً / فَساقَ اللَهُ لِلدُنيا الوَبالا
هَوى الشَرَفُ العالِي بِمَوتِ أَبِي يَعلى
هَوى الشَرَفُ العالِي بِمَوتِ أَبِي يَعلى / وَلا غَروَ أَن جَلَّت رَزِيَّةُ مَن جَلّا
سَيَصلى بِنارِ الحُزنِ مَن كانَ آمِناً / بِهِ أَنَّهُ في الحَشرِ بِالنارِ لا يَصلى
تَحَلَّت بِهِ الدُنيا فَحَلَّ بِهِ الرَدى / فَعَطَلَّها مِن ذَلِكَ الحَليِ مَن حَلّى
فَقَدناهُ فَقدَ الغَيثِ أَقلَعَ وَبلُهُ / عَنِ الأَرضِ لَمّا أَمَّلت ذَلِكَ الوَبلا
لَقَد فَلَّ مِنهُ الدَهرُ حَدَّ مُهَنَّدٍ / تَركنا بِهِ في كُلِّ حَدٍّ لَهُ فَلّا
فَلَستُ أُبالِي بَعدَهُ أَيَّ غابِرٍ / مِنَ الناسِ أَملى اللَهُ مُدَّتَهُ أَم لا
تَقِلُّ دُمُوعِي وَالهُمُومُ كَثِيرَةٌ / كَذاكَ دُخانُ النارِ إِن كَثُرَت قَلّا
وَآنَفُ أَن أَبكِي عَلَيهِ بِعَبرَةٍ / إِذا لَم تَكُن غَرباً مِنَ الدَمعِ أَو سَجلا