المجموع : 129
عفا اللهُ عنها هل يُلمُّ خَيالُها
عفا اللهُ عنها هل يُلمُّ خَيالُها / فيُقْضى على رغم وصالُها
وما مُلتقى الطيفِ المُلمِّ بناقعٍ / غَليلاً ولكن مُنيةٌ وضَلالُها
تذكَّرتُها والحيُّ للحيِّ جِيرَةٌ / يهونُ تلاقيها ويدنو مَنالُها
وقومي وقومُ العامريَّةِ عُصبةٌ / كذاتِ البنانِ ما يُرامُ انْفصالُها
رفاق ندىً لا يُستقلُّ نوالُها / وأحلافُ رُوعٍ لا يفلُّ نزالُها
وفي أَلسُنِ الواشين صحتٌ عن الخنا / إذا أَرشقتْ بالقولِ طاشت نبالُها
فبتُّ كأني شاربٌ قَرْقَفيَّةً / من الراح لم يفْلِلْ شباها زُلالها
أبي حبُّها إِلا غَرامي وأَصبحَتْ / تقطَّعُ إلا من فراقِي حبالُها
كأنَّ خوافي ناهضٍ متمطَّرٍ / غدتْ بفؤادي يومَ زُمَّتْ حبالُها
عدمتُ اصْطباري والنوى مطمئنةٌ / فكيف احتمالي حين جدَّ احْتمالها
ومما شجاني أنَّ حبي سالمٌ / من الفحشِ والدنيا كثيرٌ وبالُها
إذا رفثَ العشَّاقُ ساهرتُ عفَّةً / سواءٌ عليها حِرْمُها وحلالُها
تجنبُ بي عن مَحرم اللهِ خشيةٌ / وتكبرُ عندي رخصةٌ واخْتلالُها
ومن رامَ ما أبغيه فالحربُ عنده / فتاةٌ وتحطيمُ العوالي بعالُها
ستسفرُ لي تلكَ الدُّمى مستذمةً / إذا هلكت تحتَ العجاج رجالُها
لدنْ غدوةً لا أَمنعُ السيف حقهُ / من الهام أو يُبدي شعاري مقالُها
بفتانِ صدقٍ من ذؤابة دارمٍ / مواضٍ إذا أعيا الكماةَ اقتتالُها
عثرنَ جيادي بالوشيج وربما / أعيدتْ وتيجانُ الملوك نِعالُها
وغيً ضاق عنها القاع طرداً وكثرةً / فشاركتِ البيداءَ فيها جبالها
أذَلتُ مديحي والحوادثُ جمَّةٌ / بأعراضِ لؤمٍ من أَذاها نوالُها
ودونَ مديحي كلُّ دهياءَ لو رمتْ / دعائمَ رَضْوى لاسْتمرَّ انهيالُها
فإن تجهلوني فالقنا ومجاشعٌ / وعزمي وحزمي والعلى واحتلالُها
وإنْ صدئَتْ أعراضُهم فصوارمي / بماءِ طُلاهم سوف يصدا صقالُها
وإنَّ مُقامي في فناءِ ابن خالدٍ / لأولُ حربٍ عاثَ فيهم صِيالُها
هو المرءُ يُعطي مُغنياً عن سؤاله / إذا شابَ بيضَ الأُعطياتِ سؤالها
منيعُ الحمى لو ساور الموتُ جارهُ / لردَّ المنايا الحمرَ تنبو نصالُها
مرائر عَهدٍ لا يُرامُ انتقاضُها / وعجلى عطايا لا يُخافُ مطالُها
وأبلجُ سامي الطَّرف لا تستفزُّه ال / دَّنايا ولو زان الدَّنايا جمالُها
تطيشُ الرَّزايا وهو ثبْتُ كأنما / جرت بِشَرَوْرى نسمة واعتلالها
إذا عُدِّدَ الأجوادُ فهو كريمُها / وإن ذُكر الأطوادُ فهو بجالُها
شِملَّتُها أن كان للخير مطلبٌ / وفي معرض الشيء الخبيث ثقالُها
وما مقبلٌ من قُنَّة الطَّود زاخرٌ / له صخباتُ الأسْد عَنَّ مَصالُها
تَظَلُّ له عُصْمُ اليَفاع غَريقةً / ويتبعُها ضبُّ الفلا وغَزالُها
إذا مرَّ بالوِعساءِ وهو مزمجرٌ / تَدهدى له كثبانُها ورمالُها
ترى شجرَ الغُلان فيه كأنَّها / سفائنُ يمٍّ أسلمتها رجالُها
كأنَّ بياضاً راغياً في عُبابه / لغامُ المطايا أثقلتها رحالُها
أفادته غِبِّ المحْل وطفاءُ جوْنةٌ / أقامت نُعاماها وغابت شمالُها
سَرت لبني الآمالِ من بعدِ هجعةٍ / إلى الصبح سحّاً ودْقُها وانْهمالُها
بأغزرَ من يمناهُ جوداً إذا همى / على معتفيه رفدها ونوالها
ترومُ العِدى ما نلْته من مفاخرٍ / وقد خاب باغي غايةٍ لا ينالها
لكَ القومُ تهمي النَّوال أكفُّهم / إذا السنَّةُ الشهباء أودت إفالها
أناملكم آباءُ جودٍ ورحمةٍ / إذا ما انتديتم والعفاةُ عيالها
لِنَهْنِ هلال العيدِ كونُك سالماً / فإنَّك في أفق المعالي هلالها
أيا شرف الدين ارعني سمع عارفٍ / بقولي إذا الأقوال ضاق مجالها
شكرتُك للنُّعمى التي ملأت يدي / وشكرُ أيادي المنعمين عِقالها
وأجممتُ عن جلِّ الرجال مدائحي / وفيك غدا فكريُّها وارتجالها
ألا رَجلٌ أُلقي إليه عظيمةً / وهيهات أعيتْ عقدةٌ وانحلالها
فيغضب لي حتى أدير رحى وغىً / يكون ديار الناكثين ثفالُها
لمعت كتلويح الرداء المُسبَل
لمعت كتلويح الرداء المُسبَل / والليل صبغ خضابه لم ينصل
نار كسَحْر العَوْد أرشد ضوؤها / بالبيد أعناق الركاب الضُّلل
طابت لمعتسف الظلام كأنما / شبت على قنن اليفاع بمندل
فعلمت أنَّ بني تميم عندها / يتقارعون على الضيوف النُزَّل
العاقرين الكومَ وهي منيفة / والضاربين الهام تحت القسطل
والسائسين الملك لا آراؤهم / تهفو ولا معروفهم بمقلل
قومي وأين كمثل قومي والقنا / والبيض بين مقصَّدٍ ومفلل
نجلوا أخا وجدٍ بغير خريدةٍ / جعل النسيب لذابل أو منصل
شغلته عن وصف الهوى ذِكَرُ العلى / فنضا شعار الشاعر المتغزل
قضَّى شبيبته بمجد مشيبه / فإذا المشيب بدا له لم يوْجَل
لا عزَّ في سراة مُطهَّمٍ / ولباس سابغةٍ وهبَّة مقْصل
وطلوعها شعثاً كأنَّ عجاجَها / بالقاع أسنمةُ الغمام المُثقل
هيم إلى رود القلات فإن غزت / أغنى النجيع عن البرود السلسل
يلحظن مخترق الرماح كأنما / في لبَّة الغطريف مجرى جدول
من كل مقلاق العنان طِمِرَّةٍ / تنزو بهفهاف القميص شمردل
يحملن فرساناً كأنَّ دروعهم / سُنَّت على مثل الجبال المُثَّل
صُبراً تلاقوا حاسراً لمدججٍ / منهم ويطرد ذو السلاح بأعزل
قوماً إذا طبعت نصول سيوفهم / قام النجيعُ لها مقام الصَّيقل
يتفارطون إلى مساورة الرَّدى / كمتفارط الكدري نحو المنهل
وتقارب الأبطال حتى استمسكوا / بالمشرفي عن الوشيج الذُّبَلّ
فكأن حربهم أوارُ ضريمةٍ / بالقاع أو بأس الوزير أبي علي
ندب إذا ذلَّ الخميسُ عن العدا / قام الكتاب له مقام الجحفل
غمر الرداء كأن سح بنانه / بالجود شؤبوب الحيا المتهلل
هتنٌ إذا سئل الغمامُ بأزمةٍ / أعطى ذوي الحاجات ما لم يسئل
فيبيت هو مؤمل إحسانه / وعظيمُ ما يوليه غير مؤمل
عفُّ الإزار يظلُّ من شعف العُلى / خلو الفؤاد عن الغزال الأغزل
فرسوم منزلةٍ إلى أسماعه / أحلى وأعذب من رسوم المنزل
جارٍ إلى حرب العدا فإذا انتدى / لقي الصعاب بحبوة لم تحلل
أقدام ذي لبدٍ وهمةُ أَعْصَمٍ / وإباءُ بازي ويقظة أجْدل
وأغر فضفاض الرداء كأنما / نيطت عمامته بقُنَّة يذبل
شهمٌ يبيتُ عدوهُ في غمرةٍ / من خوفه ونزيله في معقل
نعمى جلال الدين غير منيعةٍ / وحمى جلال غيرُ مبذَّل
يا فارعاً بالعزم كل منيفةٍ / وعرٍ تزلُّ بأخمص المتوقِّلِ
أنظر إلى حلل القريض يَفوفُها / نشوان من غاير العُلى لم ينهل
يلقى الخصوم مُنازلاً ومجادلاً / ثبت الجنان بصارمٍ وبمقول
سبقَ الأخير إلى معاني علمه / طبعاً وزاد على معاني الأول
لولا تضمُّن ما أقول من العُلى / وثناك كنتُ عن المديح بمعزل
ملكٌ ثوى بالجاهلية رمسُهُ / فبعثته مني ببركة زلزل
ووراء ليل الحظ صبحُ سعادةٍ / فارغب بنفسك عن خليقة مهمل
أقول لركبٍ كالقداح تعاقروا
أقول لركبٍ كالقداح تعاقروا / كؤوس السرى والليل مرخي الذلاذل
خفافٍ على أكوار خوصٍ كأنها / أهلَّةُ جوٍّ أو قسيِّ مَعابلِ
تكاد مطايا العزم تخطو إلى العُلى / بهم قبل عصف الناجيات الذوامل
إذا نشقوا من ناسم العز نفْحةً / أمالوا إليها من صدور الرواحل
جنابَ بهاء الدين أَمُّوا فإنه / ظهيرٌ لمخذولٍ ونجْحٌ لآمل
فتىً غير ممنوع الغنى عن عُفاتِه / ولا لكريم العِرْض منه بباذل
جريءُ على حرب الخطوب فؤادهُ / إذا ما رمت أحداثهُ بالزلازل
عصامٌ لملهوفٍ وحلمٌ لجاهلٍ / وعنُفٌ لأعداءٍ وجودٌ لسائلِ
إذا صالَ أرْدى قرنه وحسامهُ / ويُزري نَداهُ بالحيا والحوافل
وما خزريٌ لهْذمٌ هجمَتْ به / صناعُ يدٍ في رأس أغيْدَ ذابل
طريرٌ كناب الأفعوان مؤُلَّلٌ / أُمرَّ وأمْهَتْهُ أكفُّ الصياقل
يؤمُّ به طعن النحور حين تنتضى / إلى رفد معدام وحرب منازل
إذا ما غزوتم مُعْلمين فراوحوا
إذا ما غزوتم مُعْلمين فراوحوا / بني دارمٍ بين الظُّبى والمخائل
ففي الحي بسَّامون لا عن بشاشةٍ / يردُّون ظمآن القنا غير ناهل
مخاويف من حرِّ القراع وحربهم / نفاقُ أبيٍّ أو خداعُ مُصاولِ
تمادى وعيدٌ واستريبت بسالةٌ / وربَّ قضاءٍ طاب من كفِّ ماطلِ
فمشَّوا بأعراف الجيادِ أكُفَّكم / إلى غارةٍ تشفي نجيَّ البلابلِ
ولا توردوها آجنَ القاع إنما / مواردها ماءُ الطُّلى والأكاحل
فقد هَمَّ سيفي أن يخف بجفنه / إلى الهام لولا حبسه بالحمائل
أنا المرءُ لا قولُ الأعادي بمزعجٍ / أناتي ولا الليثُ الهصور بآكلي
جريٌّ على حرب الملوك مشمرٌ / إذا زلَّ قولٌ بالألدِّ المُجادل
لساني وسيفي مغمدان فإن أُهَجْ / أسلتُ الشعاب من دمٍ ودلائل
تكاثر حُسادي وفضلي ناصري / فكيف إذا ما راح سيفي كافلي
يودون لو يهفو بي القولُ هفوةً / وتلك طريقٌ ظلَّلتْ كل فاضل
إذا وهموا في نقل ما يدرسونه / شآهم فصيحٌ قائلٌ قبل ناقلِ
هلموا بها قبَّ البطون كأنها / أهلَّةُ جو أو قسيُّ معابلِ
سراعاً كأعواد السهام تقاذفت / خوارج من أيدي العليم المُناضل
لهن على خدِّ الفلاة من السُّرى / لدامٌ كأيدي الفاقدات الثَّواكل
رثَمْنَ الحصى حتى كأن رضاضه / جني البُسْر شظَّتْه أكفُّ الأواكل
يُخلْن سفيناً والتَّنائفُ لُجَّةً / إذا اضطرب الآل اضطراب العواسل
ترامى بشعْثِ مُحرِمين كأنهم / على شُعبِ الأكوار شُهْم الأجادل
مداليجُ لا الليلُ البهيم بحاجزٍ / عليهم ولا الوعر العسوفُ بحائل
جعادُ لمامٍ لم تُنلْ بمرجِّلٍ / وغُبرُ برودٍ لم تمرَّسْ بغاسِل
لأبتدرن الحي عز حَريمه / بجيش كرمل الأنعم المتهايل
صخوب التناجي يرهب الموت بأسه / إذا قُرعت خرصانُه بالمناصلِ
ظلوم يعيد الصبح ليلاً بجوْره / ويلفظُ هاماً في مكان الجَنادل
يكاد دلاص السَّرد يجري لحره / على القاع لولا برد نقض الطَّوائل
كأن ابن خطَّاب تجول بطرْسه / عراكُ المذاكي واطِّرادُ الجحافل
شَحافاهُ يومٌ دارميٌّ ولم يكن / لغير حُشاشاتِ الملوك بآكل
ورامُ ذمامي معشرٌ فأبحتُهُ / لأبْلجَ من آل النبي حُلاحِلِ
لغمر الندى لا يخمد القُرُّ نارهُ / ولكنه حتفُ الصفايا لنازل
زهيد الكرى جم الروي كأنه / يخفَّان ذو أجرٍ كريم المأكل
فتىً يشفع الوفر الجزيل بعُذره / ويعصي إلى المعروف قولَ العواذل
ويحتقر الهول المخوفِ وإنه / لراكبهُ والليل مرخي الذلاذل
ويهتز من غير اغتباقِ مُدامةٍ / وخمر المعالي غير خمر النَّياطل
ينام عن الفحش الخدوع بنجوةٍ / إذا ما استفز الليل قلب المُغازل
ويدلج موفور التُّقى طاهر الخطى / لحاجة من أمسى بها غير كافل
كأن أتيَّاً عن رعْنِ أيْهمٍ / تمطُّره إِثر العدو المُباسل
فما يأخذ الآرابَ غير مسارعٍ / ولا يضربُ الأعداءَ غير مُعاجل
تظنُّ به من حقَّه العزم لوثةٌ / إذا شدَّ في حرب الألدِّ المُنازل
وقد تُولعُ العُقْبى / ولا كولوع الضَّيم بالمُتثاقل
وما عزَّ غرب السيف إلا لكونه / قليلُ التأني ماضياً في المقاتل
سما بابن عدنانٍ عطاءٌ ونجدةٌ / فحتفٌ لأعداءٍ وجودٌ لسائل
بأروعَ هفهاف القميص يَسرُّه / ضجيجُ القوافي والتفافُ الوسائل
نمته رجالٌ من ذؤابة هاشمٍ / طوالُ العَوالي والطُّلى والمَقاولِ
مواردُ جودٍ لا تُمِرُّ لشاربٍ / وأسدٌ غوادٍ لا تَلذُّ لآكل
إذا سحبوا فضل البرود تأرج ال / صَّعيدُ وأهدى نشرهُ بالأصائل
وإن آنسوا من جو أرضٍ مخافة / طَهورِ الثَّرى لوَّاحةٍ للمناهل
بحيث اصطفى الرحمن منزل وحيه / وألقى سجلِّيْ عِلمهِ والرسائل
وأنزع من شرك الإله مُبَرَّؤٌ / بطينٌ من الأحكام جَمُّ النَّوافل
شديد مضاءِ البأس يُغني بلاؤهُ / إذا رجموهُ بالقَنا والقنابل
له عَصْفةٌ بالمشركين كأنها / زعازعُ خَرقٍ سوِّفت القَلاقل
صدوف عن الزاد الشهي فؤاده / رغيب إلى زاد التقى والفضائل
جرى إلى قول الصواب لسانه / إذا ما الفتاوى أفحمت بالمسائل
أعيدت له شمس الأصيل جلالة / وقد حال ثوب الصبح في أرض بابل
ونص حديث بالغدير دلالة / على نفي أضراب وبعد مساجل
وفي هل أتن لم يعلم الناس أوه / ثناء لواصف ومدح لقائل كذا
لمن الخيلُ كأمثالِ السَّعالي
لمن الخيلُ كأمثالِ السَّعالي / عادياتٍ تتمطَّى بالرجال
ماعجاتٍ بغَطاريفِ وغىً / جلبوا الموت بأطراف العوالي
حَظَرَ الغِمْرُ عليهم دَعَةً / فأباحوا غارةَ الحيِّ الحِلالِ
لغلامٍ هَتفَ المجدُ به / فهفا يَفرعُ غايات القِلال
حالفَ الدَّهر بأيْمانِ العُلى / ليلُفَّنَّ رِعالاً برعالِ
ويعيدُ الصُّبحَ ليلاً بمثارٍ / من عجاجٍ ونجومٍ من نصال
فاتَّقوا وثْبة ليثٍ خادرٍ / أكلُهُ الموتُ إذا يُدعى نَزالِ
ففؤادي من أذى مصركُم / شارةٌ أودى بها كرُّ النبال
كلما أوسعتُ حلمي جاهلاً / أوسع الجهلُ له فحشَ المقال
كل يوم حسنُ صفحٍ مُطْمِعٌ / يُشْمتُ الفتك بلين الإِحمال
يا بني الأشعار كفُّوا سَفهاً / واقْتصروا أنَّ بنا مُجْدَيَ عالِ
فالقوافي لكمُ مُسترزقٌ / ومطايا أملي نحو المعالي
لكم البُلْغة من مكسبها / وليَ الحالان من مجدٍ ومالِ
أنني مَلْكٌ وأنتم سُوقةٌ / فات وقت النِّيب تجليح الرئالِ
وإذا شاردةٌ فُهْتُ بها / سبقت مرَّ النُّعامى والشَّمال
توميءُ الأيدي إذا لُحْتُ كما / أومأتْ غِبَّ صيامٍ لهلال
أنني سلمٌ لمن سالمني / وفتى الروع لمن رامَ قتالي
عزَّ بأسي أن أرى مضطهداً / وأبي لي غربُ عزمي أنْ أبالي
دارمٌ جدِّي ومني حاجبٌ / ولقيطٌ والزَّميع ابن عِقال
ودفينٌ مُلجيء الجاني إذا / أسْلمتهُ ذممُ الصيدِ المَوالي
معشر حازوا المعالي بالظُّبى / وأذلوا الصعب بالسمر الطوالِ
كعَموا شاحيةَ الضَّيم وقد / فغرتْ للشرِّ أفواهُ الليالي
واستمر الخطبُ إذا ها هوْابه / حائراً يخطب في قعر الضَّلال
صُبُرٌ أن هجهج الخطبُ بهم / بسطُ الأيمانِ غُرانُ المجالي
تشتكي ليلاً وصُبحاً سُمرهمْ / ثغرُ الصيد ولبَّاتُ المَتالي
دعُ هذاءً ولِعَ القومُ به / جَلَّ هذا المجدُ عن قيلٍ وقال
لا كرىً أو أبعث الخيل ضُحىً / كالدَّبى زفزفهُ عصفُ الشمال
آخذاً حقّاً لواني زمني / بمقاديمَ إلى الطعن عِجال
لا تلمني في شقائي بالعُلى / رغدُ العيش لربَّاتِ الحجال
أنني في المجد أعصي عاذلي / كظهير الدين في بذل النَّوال
قاتل المَحْل إذا عزَّ الحَيا / بصدوق الشيم مستن التَّوالي
بسحوحٍ من نَدى راحتهِ / يغمرُ المعدومَ من غير سُؤالِ
يلمعُ البشرُ على أرجائه / لمعانَ البرق في الجَوْنِ الثِّقال
سيف عزٍّ زانهُ رونقهُ / فهو بالطبع غني عن صِقالِ
أسدٌ يقتل بالخوف العدى / فهو بالزأر غنيٌّ عن صِيال
كلما كفكف من وثبتهِ / ذهب الخوفُ بألبابِ الرجال
فاصلٌ للحكم لا يُجزهُ / شغبُ الخصْم ولا طولُ الجدال
لو تَلا حجته في مَعْركٍ / صرع الأبطال من غير نزال
كرمٌ كالغيث يهمي وَدْقُهُ / للمفاليس وحلمٌ كالجبالِ
فطلوبُ الرزق يحدو بشمالٍ / وجهولُ الحي يحدو بثَفالِ
يسهرُ الليل بعيداً صبحهُ / طاهرُ البردةِ من عيب الفِعالِ
فالمعالي جذلاتٌ بالوصال / والغواني باكياتٌ للتَّقالي
وإذا أوجَفَ في طِلبته / هَدم العيسَ بإدمانِ الكَلالِ
أينما حلَّ الوزير المُرتجى / عارضٌ هامٍ سريعُ الإنهمال
وارثٌ للفخر من أشياخهِ / أخذ بِجالاً عن بِجال
هب العذر في نطل الرغيبة أقبلت
هب العذر في نطل الرغيبة أقبلت / شواهده وضَّاحةً ودلائلهْ
فما العذر عن جارٍ يبيت بأرضكم / معطَّلةً أحشاؤه ومراجلُهْ
وشر قرىً ما شابه مطلُ قادرٍ / وأتعبُ رزقٍ ما الموفَّقُ باذلُه
أي الخطوب من الزمان أزلُ
أي الخطوب من الزمان أزلُ / كل الزمان كتائبٌ وجحافلُ
دهرٌ بتقديم الأديب مُكاذبٌ / وهوىً بإسعاف الحبيبِ مُباخِلُ
إِنَّ الكواعبَ والمآربَ والمُنى / نهضت بهن حوادثٌ ورواحل
فأخو الغَرام من القَطيعة والهٌ / وأخو المرام عن العزيمة ذاهلِ
فبأيما جَلدٍ يعيشُ مُتيَّمٌ / جارتْ عليه مَنازلٌ ومُنازل
يا حرَّةَ الأخوين إنَّ صَبابتي / عظمت وما أن في وصالك طائل
سد العفاف علي كل ثنية / فالهجر عندي للوصال مماثل
عبقت بنشرك في الدجى ريح الصبا / فتضوعتْ بالطيب منكِ أصائلُ
وسرى النسيم على المَلا فتفاوحتْ / بالحزن منه منابتٌ وخمائلُ
علَّمْتِ رشق اللحظ كل مناضلٍ / فغدت له الشاراتُ وهي مَقاتل
وزعمتِ أنَّكِ بالمحب رؤوفةٌ / والغدرُ يخبرُ أنَّ زعمكِ باطل
منعتْ حِماكِ صوارمٌ وذوابلٌ / ونهى هَواكِ لوائمٌ وعواذلُ
ولقد غَنيتِ عن اللَّوائم بالقِلى / وكفاكِ منعَ حِماكِ أنكِ باخلُ
لا تحسبي صبري لحادثِ سَلْوةٍ / قد تصمتُ الأشياءُ وهي قوائل
وسلي بوجْدي تُخبرني عن جلُه / قد يدركُ الخبر الخفيَّ السَّائلُ
إنَّ المياه حسدْنَ صفو مدامعي / فصفتْ لورَّادِ المياهِ مناهلُ
وتأوَّهي أعْدى الحمامَ وبانَهُ / فالبانُ مُهتزٌ وهُنَّ هَوادلُ
ولقد علمتُ بأنَّ نفسي صارمٌ / والحادثات وإن كرهتُ صياقلُ
صبري على الازمِ الصعاب مُخبرٌ / أني إلى الشَّرف المُحسَّدِ آيلُ
قد لاحَ في أفق السعادة بارقٌ / إنْ لم أبادرهُ فأمِّي هابلُ
تسمو إليه محاربٌ ومَنابرٌ / وتُفلُّ فيه صوارمٌ وذوابلُ
بمدجَّجين كأنَّ لمْعَ حديدهم / برقٌ تلاهُ من السَّحابِ الحافلُ
خلعَ الغُبارُ عليهمُ من نسجه / فكأنما فوق الدروع غلائلُ
جلبوا الصفاح إلى الكفاح صَوادياً / وثَنوا وهُنَّ من النفوس نواهِلُ
ثمَّ استمرَّ طِرادهمْ فلو أنه / في قعر دجلة ثار منه قَساطل
وعلتْ رؤوسٌ بالضراب صواعداً / ثم انثنتْ في الجو وهي نوازلُ
فكأنما هي في الظَّلام كواكبٌ / طلعَ الصباحُ فهن منه أوافِلُ
لا تُنكري ذكري حديثَ مطالبي / إنَّ العتيق من السَّوابق صاهل
هي عزًّةٌ تعْتادُ كل مُمجَّدٍ / فتقولُ عنه قصائدٌ ورسائل
طربي بها ما يستفيقُ وفي الحَشا / منها فُضولُ لواعجٍ وبلابلُ
طربَ ابن خالدٍ الكريم إذا طَرا / عافٍ أو التفَّتْ عليه وسائل
شهمٌ أعارَ الصَّقر حدَّة لحظِه / فقضت على مُهج الطيور أجادل
ماضٍ إذا ضَنَّ الجبانُ بنفسهِ / يقظٌ إذا نام الذهولُ الغافلُ
وله إذا حبسَ الغمامُ نوالَه / عن مُعتفيه وقيلَ عامٌ ماحلُ
جودٌ تمازجهُ البشاشةُ للَّذي / يرجو ويشفعه السرورُ الكاملُ
فكأنهُ غيثُ الربيع لناظِرٍ / الشمس مشرقةٌ هي وورق هاطل
وخلائقٌ رقَّتْ فلولا أنهُ / بشر لقلت هي الفرات السائل
ودمائه لطفت فلولا هجره / للخمر قلت الشاربُ المتمايلُ
لو يهجرُ القومُ الذنوبَ كهجره / للكِبْر ما وافى جهنَّم داخلُ
و لو استفادوا بُلغْةً من حلمه / ما قِيدَ يوماً بالقتيل القاتلُ
وإذا تنكَّر للأعادي مُغْضباً / فالسيف يَهْبُرُ والهزبر يُصاولُ
وقف الحياةَ على اللَّذيْن تكفَّلا / بالحمد وهو بما أرادَ الكافلُ
فلِعِرْضه هو بالشَّراسة مانعٌ / ولمالهِ هو بالبشاشةِ باذلُ
قد صحَّ أنَّ بنانهُ بحرٌ وإنْ / لم يُلْفَ عبرٌ عندهُ وسواحلُ
فعلى الطُّروس لآليءٌ وجَواهرٌ / وعلى العُفاة ربابُ جودٍ هاطلُ
قد لفَّها الليلُ بمدلاج الليلْ
قد لفَّها الليلُ بمدلاج الليلْ / ألَفَّ هفْهافِ الإزار والذيل
ليس بِرعديدٍ ولا بزُمَّيلْ / جلْد السرى مُعودٍ طرد الخيل
إلى الكمال الدَّارمي ذي النِّيلْ / إلى الغمام المُعْتفى ليْث الغيلْ
نماهُ للعلياء قَيْلٌ عن قَيْلْ / يغنيه لفح الحر عن شرب القيْل
كأنما عطاؤه مَدُّ السَّيلْ /
أقولُ لقلب هاجهُ لاعجُ الهوى
أقولُ لقلب هاجهُ لاعجُ الهوى / بصحراء مرْوٍ واستشاطت بَلابلُهْ
لدن غدوةً حالت شطون من النوى / وأقتم نائي الغور تُخشى مراحلهْ
وضاقت خراسانٌ على معرق الهوى / كما أحرزتْ صيد الفلاةِ حبائلهْ
أعِني على فعل التَّصبر أنني / رأيت جميل الصبر يُحمدُ فاعلهْ
فلما أبى إلا غَراماً وصَبْوةً / أطعت هواكم واستمرت شواغلهْ
وأجريت دمعاَ لو أصاب بسحِّه / رُبى المحل يوماً أنبت العشب هاطلهْ
هبوني أمرتُ القلب كتمان حبُكم / فكيف بجسم باح بالوجد ناحله
وكنت أمرت العزم أن يخذل الهوى / وكيف اعتزام المرء والقلب خاذلُه
تعلَّقتكم والعمرُ غَضٌّ نباتُهُ / وشرخ شبابي يغلب الحقَّ باطله
فكيف التِّسلي بعد عشرٍ وأربعٍ / أبى لي وفاءٌ لا تدبُّ مخاتلهْ
أنا ابنُ مُثير العاطشات نهوضةً / بكل كميٍّ يسبقُ الموتَ بازلُهْ
ومُوردها ماءَيْ غديرٍ وأنفُسٍ / مع الصبح حتى أسلمتهُ أصائله
وكاشف ذيل النقع عن بكر وائلٍ / وقد بَشمَ الشِّلو المعفَّرَ آكلُهْ
نمتني ملوكٌ من تميم بن خنْدفٍ / كرامٌ إذا ما الغيث أمسكَ وابله
غطاريف أقيالٌ كأنَّ أكفَّهمْ / سحاب شتاءٍ أغفلته شمائله
إذا ما احتبوا يوم الخصام حسبتهم / هضاب شرورى راسياتٍ كلاكله
وإن سحبوا خرصانهم لكريهةٍ / تباشر طُيَّارُ المَلا وعواسله
لهم كلُّ حمراءٍ على مُشْمَخِرةٍ / يشيمُ سناها ابن السبيل وعادله
لبوسهُم في السَّلم ريْطٌ معسجد / وفي الحرب زغْفٌ سابغات ذلاذله
كانَّ رباطَ الخيل حول بُيوتِهم / مُعرَّسُ حيٍّ قد أماطت عقائلهْ
ترى كل منَّاعِ الحريم ببأسِه / كأنَّ هدير الراغياتِ مراجله
نموني ولي ثارٌ أرومُ دِراكَهُ / بأرْعَن تهمي بالدماء مناصله
سلوت العلى إن لم أرق علق الظبى / على القاع حتى تستحيل مناهله
بكل غلام يُنغِضُ العزُّ عِطفهُ / يموت به قبل الجراجِ مُنازله
وأقتحمُ الحيَّ اللَّقاح بجحفلٍ / تمطَّرُ ما بين البيوتِ صواهله
يلوذُ بعفوي والشَّرى من خلاله / مُرمَّلةٌ تحت الظُّبى وأرامله
دجا عنده ليلٌ من النَّقْع حالكٌ / فسيحُ النواحي والنجوم عوامله
وفرَّ القطا الكُدريُّ بعد جُثومهِ / فلا طيرَ إلا جارحٌ ومآكلُهْ
فتحمرُّ من بيض السيوف غروبها / وتصفرُّ من حامي الذمار أنامله
فأثوي صريعاً أو تجلَّى عجاجتي / بنصرٍ عن الأمر الذي أنا آمله
عصيت الصبا حتى استُردَّ معارهُ / وكيف تصابي المرء والشيب شامله
وأجممت نفسي عن زخارف منظر / يُخاتلني في عفَّتي وأخاتله
فللغيد هجرٌ مُطْمئنٌ وشاتُه / وللمجد وجدٌ لا تُطاعُ عواذله
كأنَّ ندى وجهي وحر عزيمتي / سُطا شرف الدين الجوادِ ونائله
هُمامٌ يخاف الموت شدَّةَ بطشهِ / ويحسده دَرُّ الغَمام وحافلهْ
أشم تُباري الصبحَ غرةُ وجهه / طروبٌ إذا التفَّت عليه وسائلهْ
يُلاقي غروب البيض منه مُقحِّمٌ / عزائمه مطرورةٌ ومقاولُهْ
سريع القِرى لا تحمد الكوم ضيفه / ولكنه قد يحمدُ العيسَ واصِلهْ
إذا ما سرى نشر الخزامى عشيَّة / تهاداه أرواح الصَّبا وتُناقله
على الخرق من فيحاء يجري نسيمها / رقيق الحواشي لطَّفْتهُ أصائله
أُتيحَ له من تَجْرِ صنعاء حيثما / أناخوا فضيضٌ مفْغماتٌ محاملهْ
ترنَّح مُسْتافٌ له وتضوَّعتْ / بناتُ المَلا كُثبانه وجراولُه
فعِرضُ ظهير الملك أطيب نفحةً / وأذكى إذا ما أحسن القول قائلُه
هو الهاطلُ المدرارُ يغينك سيبهُ / إذا الغيث عادي ساحة الحي سائله
يُرادي عداهُ منه قُنَّة مشرفِ / يُطاول رضوى حلمه ويُثاقله
تُمرُّ سجاياه إذا سِيمَ سُبَّةً / وتعذب في بذل الوداد شمائله
فصيحٌ يَطا وعْرَ المقالة مُسهلاً / يُقرُّ له يوم الجدالِ مُجادله
يضيءُ لأمِّ المُشكلاتِ رويُّهُ / فتُرضى فتاويه وتُرضى مسائله
سكينةُ حلمٍ تُفرش الحيَّ بُرده / وسورةُ بأسٍ يختشيه مُصاولهْ
إذا اللفظةُ العوراءُ ندتْ لسمعهِ / طواها كريمٌ ساحب الذيل رافلهْ
تشدُّ حُباهُ في النَّديِّ بماجدٍ / فواضلهُ فيَّاضةٌ وفضائلهْ
وأغيدُ ميَّاسٌ بعطْفِه / تُخاف عواديه وتُرجى فواضله
يَصفُّ سطورَ النِّقس في مطمئنَّة / كما اصطفَّ للملك المهيب قنابله
كشفت به غمّاً بيومٍ عَصبْصبٍ / وقد فلَّلت حدَّ السيوف معابله
أبا حسنٍ هوْلٌ من الفضل باهرٌ / أتاك به مستفحلُ القول بازلُهْ
على حين جورٍ من زمانٍ مُكلِّحِ / كسحبانه يوم التَّفاخر باقلُهْ
فكن حيث ظنَّ المجد فيك فإنما / تُخبِّرُ عن سحِّ الغَمام مخائله
أجلُّ ما رمتُ في آتٍ مُقْتبلِ
أجلُّ ما رمتُ في آتٍ مُقْتبلِ / أني أراك وقد أُسعفتُ بالأملِ
فما أبالي وقد جادَ الزمانُ به / عُمِّرتُ في الناس ألفاً أو دنا أجلي
أمَنْ أراهُ دُبيس الخير ويْحكم / أم الكرى باعتٌ للطيفِ في المُقَل
لذيذ وصلٍ أراني يقظتي حُلُماً / فالعينُ باكيةٌ من شدَّةِ الجَذَلِ
ما ابنُ المُلوَّح قيسٌ في صبابتهِ / بالعامريَّةِ ذاتِ الدل والكسلِ
يسقي الثرى دمع عينيه وقد حبست / صوائبُ المُزن أن تهمي مع الأصُل
لا زاد يغذوه إلا فضلُ لوعتِهِ / ولا مواطنَ إلا نيَّةُ الرِّحَلِ
مُحذَّرُ الموت معْذولٌ وزورتُه / للحي تعثر بالتعنيف والعَذلِ
ودون ليلى مطاعينُ الضحى غُلْب / حَمَوا كريمتهم حتى من الغزلِ
ما زال جورُ الهوى حتى دعوهُ به / مجنون ليلى وطاب القولُ للرجلِ
يوماً بأوجدَ مني في هوى مَلِكٍ / من آل عوفٍ أبي الضَّيْم مُحتملِ
القاتلُ المحْلَ من معروفِ راحته / ومرسلُ الموت بين البيض والأسل
وباعث الجيش غطى الشمس عثيره / كأنه أسْنِماتُ العارضِ الحفل
وطارد الخيل في ضنك لو اطَّردت / أراقمُ الرمل فيه خِفن من زللِ
لا يُسْتباحُ أسيرٌ في مواكبهِ / ولا يُباحُ دمُ المستأمِن الوجِلِ
تشكو السَّوابق من إدْمان غارتِه / على البهاليل يوم الرَّوْع والحِلل
ظمأى إلى الماءِ تطْويه وتنْظُرُه / مشغولةً بقراعِ القومِ عن بَللِ
حتى إذا هجَّرت شمس الضحى وردت / ماء المفارقِ من عَلٍّ ومن نَهَلِ
يُعيدها بين مخضوبٍ قوائمُه / ولابسٍ لرؤوس الصِّيد مُنْتعلِ
شوك الرماح إذا ترعاهُ في رهَجٍ / أشهى إليها من الحوْذان والنَّفَلِ
أثَّرت في الأرض ذكراً لو تفوز به / شمس الضحى أمنت من ظلمة الطفل
ما خِطَّةٌ في بلادِ اللهِ نازحَةٌ / إلا وذكرك فيها غايةُ المَثلِ
ينمي الوليدُ على ذكراكَ مُعتقداً / في نفسه أنَّكَ العنقاءُ في الجبلِ
ما قارعَ الهام يُروي حدَّ صارمه / يوم الهياج كسيف الدولة البطلِ
يُغْنِي إذا ما غزا إفراطُ هيبتهِ / عن الصَّوارم والعَسَّالةِ الذُبُلِ
فما يُلاقي عِديَ إلا جُسومُهُمُ / من قبل وخز القنا صرعى من الوجل
عليه من صبره في الخطب سابغةٌ / يلقى المُلمات فيها غير مُحتفلِ
يغترُّ مُبتسماً في كل نائبَةٍ / كأنَّ بُشراهُ وقعُ الحادث الجَلل
أغرُّ يجلو سناهُ كل مُظْلمةٍ / عارٍ من الشحِّ مُعرورٍ من البُخلِ
هو الوهوبُ وسحب الجو باخلةٌ / والمستغاثُ وحامي الحي في شُغلِ
مُعاجلٌ بالندى من غير مسألةٍ / وأكرم الناس من أعطى ولم يُسل
إذا الجرائمُ هاجتْهُ تَغمَّدها / بالصفح منه حليمٌ غيرُ ذي فشلِ
تموتُ أضْغانُه إبَّان قُدرتهِ / وقدرة الحُرِّ تنسى فاحش الخطل
يُصيبُ بالرأي ما يَعْيا العيانُ به / في القرب والمنتأى والريث والعجل
فليس يرشقُ مرمىَ سهمُ فكرته / إلا يدُ الغَيْب تحميه من الزَّللِ
لو أنَّ ثَهْلانَ لاقى ما رُميتَ به / من الحوادث يا ابن السادةِ النُبلِ
لا اسْتَفْرشَتْه خفاف العيس مرقلةً / وسال سيل النَّقا في مزلقٍ عَجلِ
ولو أصاب عُباب البحر أيْسرُه / لأصبح البحرُ معدوداً من الوشل
ولو على النار مرَّت منه لافحةٌ / لغالَب النارَ ما فيه من الشُّعلِ
وأنت تحملُ منه كل فادحةٍ / لا بالجبان ولا الهيّابةِ الوكِلِ
وما أزيدُكَ مما قلتُ منْزلةً / في لُجَّة اليمِّ ما يُغْني عن السمل
ولا المديحُ وإنْ أحسنتُ رونقهُ / على الذي فيك من مجدٍ بمُشتمل
أقدمت حتى غروب البيض في حسد / وجُدْت حتى قطار السحب في خجل
أنظر إذ الكُرْج والأبطالُ هاربةٌ / صبر الأمير لضيق الحرب والسُّبل
وهل تجرَّد سيفٌ غيرَ صارمهِ / وزال كل كميٍّ وهو لم يَزُل
ويوم حصن بَشيرٍ حيث غادرهمْ / صرعى على القاع من ثاوٍ ومعتقل
ونُوبةُ البصرة الفيحاء أوردهُمْ / ضرباً من الضرب يُنسي وقعة الجمل
وما اسْتراثكَ في الإقدامِ آونةً / إلا جهولٌ في الأسرار لم يَصلِ
في طاعةِ الله أسْبابٌ مُجَنِّبَةٌ / تَظلُّ منها لُيوثُ الغابِ في وهَلِ
وكم بخيلٍ بتسليمٍ لعزَّتِهِ / يُعفرُ الخد للرحمن في وَجَل
إذا أتى الدينُ فالأقدام مَنْقصةٌ / وما لنا بقراع الله من قِبَلِ
فخرُ المُلوكِ نعيمٌ يرغدونَ بهِ / وأنت في رغَدٍ من هِمَّةٍ خضلِ
وأتعبُ الناس في إنصاف مُحتكمٍ / أحقُّهمْ ببلاد اللهِ والدُّوَلِ
لك الغطاريفُ من دودانَ شأنهُم / ضرب الملوك ورفع النار في القُلل
غُرٌّ بهاليلُ وهَّابونَ ما كَسَبوا / من اللُّهى متلفون المال في النحلِ
لا يحرمونَ إذا ما أزمةٌ نَزلتْ / ولا يجيزون منْع الجودِ بالعِللِ
العاقرون العِدى والنيب في رهجٍ / فالصبحُ للجيش والظَّلماءُ للإبلِ
من كل أغلبَ ملءُ الدهر هيبتهُ / معظَّمٍ في عينِ الحيِّ مُحتفلِ
يسقي البلادَ غمامٌ من أناملِه / فإن سطا فبقاني اللَّون مُنْهملِ
هُمُ الملوكُ وما قولي بمُبْتدَعٍ / في وصف مجدٍ لا مدحي بمرتجل
سقى أبا حسنٍ إذ كانَ مرقدُه / أحق بالدمع من صوب الحيا الهطل
جَوْدٌ إذا عصفت ريح الجنوب به / ذاب الحصى من دوام القطر والبلل
فإنه كان والَّلأْواءُ عارِقَةٌ / والشر يحرق من أنيابه العُصُلِ
يُغني الفقيرَ ويحمي المُستجير به / في زي مُعتذرٍ من فعله خجلِ
ويلتقي الضيف في وجهٍ بشاشتُهُ / تنسي الخميص شهيَّ الزاد والأُكلِ
ما دبَّ في عطفه كبرٌ ولا شمخت / بأنفه كثرةُ الأعْوانِ والخَوَلِ
وكان يهتزُّ للأشعارِ من طَربٍ / هزَّ القضيب بمر العاصف الزجِلِ
كأنما كلُّ بيتٍ كانَ يسمعُهُ / كأس من الخمر أو ضرب من الخبلِ
مُطهَّرُ البُرْد لا يُرتابُ عِفَّته / ولا يُبدل السكر منه الصونِ بالبِذلِ
مضى ولم يمض من كانت ذخيرتُهُ / أبا الأغرِّ دُبيْساً أكرمَ البَدلِ
أنا الذي بعتُ فيك النفس من علق / ولم أخف شرَّ أيامي ولم أُبَلِ
وبُحتُ بالودِّ والأيامُ كاتمةٌ / وكان ذكرك في مدح العِدى غزلي
وقلت ما فيك من مجد ومن شرف / في موقف لو حوى سحبان لم يقُل
ومدح غيرك مني كان عن حَرجٍ / قد يحمد الرشف ممنوعٌ من النَّهلِ
وللفتى حالةٌ تَنْضوهُ شيمتُه / رغماً وما كل إعراضٍ من المَلَلِ
إنَّ الصلات لبيت الله ماضيةٌ / من عازبٍ ببلادِ الصين مُعتزلِ
أنا ابنُ عمِّكَ والأنسابُ شاهدةٌ / لم آتِ إلا ببرهانٍ ولم أقلِ
أما تميمٌ وعوْفٌ ضَمَّها مْضرٌ / فاستخبِرِ القوم عن صَيْفِّينا وسلِ
هذا وإنَّ تميماً كانَ من أسَدٍ / في منزلِ الخالِ والأخبار تشهد لي
إذا المرء لم يستخلص الحزم جُنّةً
إذا المرء لم يستخلص الحزم جُنّةً / ولم تكذب الطَّرف اللموح مخايلهْ
ولم يكُ مشّاءً على الأين راقداً / على البينِ يُخشى فتكُه ومخاتلُهْ
أطاعَ الردى واستوعر السهل وانثنت / مسالمُهُ في الأمرِ وهي مَقاتلهْ
فلا تعجبي إن الحضارة آفةُ ال / صَّريحِ وأنَّ المَجْدَ وعرٌ منازله
وكم خلقٍ شثْنٍ بأول ملمسٍ / ولَيْنٍ إذا يْلوهُ من هو عاقِلهْ
تجنبتُه طوعَ الزمانِ فسرَّني / وللدهر حكمٌ لا تردُّ فواصله
وإني بشكر العُرف مغري كريمة / لديَّ كثيراتُ النَّدى وقلائلهْ
سليم مغيب القول لا تستفزني / لدادةُ لفظٍ أشبه الحق باطلهُ
أكرِّم حتى عرض خصمي وذو النهى / بأفعاله لا بالذي هو قائله
وبالجزع حيٌّ من ذؤابةِ هاشمٍ / سقى دارهم طَلُّ الغمام ووابله
سراعٌ إلى نصر الطريد نوافعُ ال / أكُفِّ إذا ما الجون أخلف حافلهْ
تعلقتهم والخطب مغض عن العُلى / وفارقتهم والدهر جمٌّ غوائلهْ
كأني غداةَ البين ذو خيبريةٍ / تُرنحهُ فوق الفِراشِ أفاكلهْ
وإن لم يكن شعري ظهيري على المنى / إذا كَلَّ عزمٌ فالقوا في صياقله
أطعت ملوك الأرض طاعة جاهلٍ / فأسفرَ حظي واستراحت عواذلُهْ
ولكنني أشدو به فيسرُّني / سرور أخي الصهباء دبَّتْ مفاصله
على أنني بُوِّئتُ منه مواقِفاً / تقاصر عنهن القريضُ وقائله
ولوجي على أسدِ الأسرة مكرماً / يُباذلني مرهوبُهمْ وأباذله
ويومٍ كعمر النَّسرِ نارٌ هجيرهُ / تباعد أدنى صُبحه وأصائله
قطعت به خرقاً كأنَّ سرابهُ / غواربُ يمٍّ ما تُرامُ سواحله
سحيق المدى يستهلك العي خطوه / وتخدع خِرِّيتَ الفَلاة مجاهله
تنكَّر من إيحاشِه كل ساكنٍ / فصوَّانُهُ مرهوبةٌ وجَراولهْ
مياه كأغبار السليط زهيدةٌ / وأثْرُ الورود ينقعُ الصدر سائلهْ
شهيٍّ كأن الوقبَ لجةُ غوره / يسوغُ إذا ما استوخم الماءَ ناهله
كأنَّ هجيري بالفلاةِ وموردي / عِقابُ مطاعٍ ذي كمالٍ ونائله
عجب العاشقون إذ راح عندي
عجب العاشقون إذ راح عندي / غزلٌ موجزٌ وشوقٌ طويلُ
قلت لا تعجبوا فربَّ صَموتٍ / وهو بالحال والفؤاد قؤولُ
إنَّ شرح الإسلام جمٌّ لِواعٍ / وعليه الخفيفتانِ دليلُ
يا كمال الدين المقالةُ تُغني / ك وللعذر في ذراكَ قبولُ
أنت في الخطب جُنَّةٌ تمنع الخطْ / بَ وفي العزْم صارمٌ مسلولُ
رأيك الباسل المقَحِّم في الحر / بِ وقد أحْجَم القَنا والنُّصولُ
تختشي بأسك النفوس فإنْ صَرَّ / حَ جدبٌ فجودكَ المأمولُ
أنت عِيدُ العُلى فهُنِّيتَ بالعي / دِ وكلٌّ بوضعهِ مأهول
غير أن السرور منك مُقيمٌ / وهو يومٌ في العام ثُمَّ يزولُ
زُهيَ المُباسل لانتضاء المقصل
زُهيَ المُباسل لانتضاء المقصل / فاطرْ لعزَكَ بالمعالي واجذلِ
هذا أوان دلفت من شرف العُلى / فترقَّ في شمَّائها وتوقّلِ
نبت الغُمودُ بصارمٍ ذي روْنقٍ / كادَ الإباءُ يموتُ لو لم يُسْللِ
للهِ أيامٌ مُددْنَ لآملٍ / فرأى وضوح الشمس بعد تطفُّلِ
خيرُ الخلائق خِلَّةٌ مُضرية / جُعلَ الوفاءُ بها جزاءَ المُفْضِل
إنَّ الهوى العذريَّ أُودع صفوه / في دارميٍّ ليس بالمُتَنقلِ
غيرانَ يحمي المُنعمين ثناؤُهُ / وافٍ بارعاءِ العهُودِ مُوكَّلِ
لو ساور الموت الزؤامَ لحالةٍ / ضمنتْ بقاءَ ودادهِ لم يحْفلِ
ما مِثل ربِّ العنصرين مُمدَّحٌ / وإذا جهلت دليل شيءٍ فاسألِ
خِرْقٌ توقَّل من مناقب هاشمٍ / حيث المقامُ يزِلُّ بالمتوقِّلِ
غَمرُ الندى يحمي وما استنجدته / لِمُلِمّةٍ ويجودُ إن لم يُسألِ
لبق الشمائل بالنعيم يزينُه / شرَسُ الأبي ولينَةُ المُسترسلِ
ماضٍ إذا خيفَ الردى لم يثنهِ / رعْبٌ وإن بخلَ الحيا لم يبخلِ
تردي عزائمه الصوارمَ والقَنا / وتقومُ هيبتهُ مقامَ الجحفل
شهمٌ يبيت عدوه في غمْرةٍ / من خوفه ونزيلُه في معقلِ
جُمعت مساعي قومه في سعيه / فغدا أخيراً في الزمان الأوَّلِ
وإذا السحائبُ أخلفتْ مستمطراً / قامتْ أناملُه مقامَ الحُفَّلِ
وإذا الأسنَّةُ أحجمت عن مطعنٍ / طعنت به آراؤه في المقتل
وإذا الحُبى طاشت لرائع حادثٍ / أرْبى على رضْوى الجبال ويذبل
وإذا العهود نُقضن أصبح عهدهُ / عند الحوادثِ مُبرماً لم يُحلل
وإذا الحمى المرهوبُ أسلم لاجئاً / أمسى مُجاورهُ بأمْنعِ منزلِ
ومشردٍ ينزو به رقُ الردى / نَزْو المُدامةِ بالنَّزيف المُثْقلِ
جَمُّ الهمومِ كأنما صُعداؤهُ / من فرْط لوعته دخانُ المرجلِ
حظرتْ مخاوفه كراهُ فَجْفنهُ / لو يَستجيلُ رويَّةً لم يُسدلِ
تخفيه أثباجُ الظَّلامِ كأنهُ / سِرٌّ توغَّلَ قلب ثَبْتٍ مُدْغلِ
يتوهمُ الحسكاتِ منه ذواعراً / فرط الحذار فإنْ مشى لم يعْجلِ
بُعِلَ الملوك بنصره ونبَتْ به / شمُّ المعاقل فالحياةُ بمعزلِ
أمَّ الوزير الزينبي ونصرْرهُ / فأحلَّهُ التأميمُ أمنعَ موئلِ
بفناء ضرَّابِ الجَماجم بالضُّحى / قاري العشيَّة في الجديب المُمحلِ
تشكو الغزالةُ والنجوم كسوفَها / من فَرْط رفْع دخانه والقَسْطلِ
لو صافح الرمضاء باطنُ كفهِ / ظهراً لبُدلَ بالربيع المُبْقلِ
وإذا تغيَّرت الفِجاجُ وأعْصفتْ / هُوجٌ تراجَمُ بالقُرومِ البُزًَّلِ
وتصادمت مِزقُ البيوتِ كأنها / في الجو شَغَّاغُ الغمامِ المُثْقَلِ
وتشابه الوحش العزيب ومن هُمُ / تحت الطِّراف بِقَرَّةٍ وبأفْكَلِ
فمجاسد الفتيات أهُبْ كوانِسٍ / والمُطْفلُ الحسناءُ مثلُ المُغْزل
حيث المواقدُ كالمواردِ قَرَّةً / والعائمُ الرِّعْديد مثلُ المُصطلي
من غير ما مطرٍ ولكن لزْبةٌ / أمْهى عوارقَها عُصوفُ الشمألِ
آويتَ ثم قرَيْت غيرَ مُسوِّفٍ / وكففتَ من هَمِّ المُسيفِ المرمل
ولنِعم مُبتدرُ الطِّعان إذا الوغى / حَميتْ بكل مُغامرٍ مُستقتلِ
واستشزبت أُولى الجيادِ فأقبلتْ / مُتفرقاتٍ كالجرادِ المُشْعِلِ
وتبدَّلت أرضُ الطراد سميَّةً / والصبحُ فيها جِنْحُ ليلٍ ألْيَلِ
نهبَ الكماةُ ترابها بسنابكٍ / فتعوضتْ قِمماً مكان الجَنْدلِ
حتى إذا ضاق المكَرُّ وقُسِّمتْ / مُهج الفوارس في الوشيج الذُبَّل
وجلى المسيح مع النجيعِ فأفْعَما / سنن المسايل الأتيِّ المُقْبِلِ
وطوتْ نمير الماء كلُّ طِمِرَّةٍ / وتنكَّبتْ نَفَذَ الغدير المُثمل
شدَّ ابنُ مُستهمي الغَمامَ بحملةٍ / شرفيَّةٍ سُبقت بطعنةِ فيصلِ
وفلا عجاج الطَّرد عن نصرٍ إذا / ما كُرَّ طيبُ حديثهِ لم يُمْللِ
فهو المشارُ إليه حيث لقيتَهُ / صدرُ الخميس له وصدر المحفل
خبرَ الإمام مقامُه من دهْرهِ / فدعاهُ فيه بقُلَّبٍ وبحوِّلِ
وجَلا بحسن الابتلاء فِرنْدهُ / والسيفُ يعرفُ بعد صقل الصيقل
ولو أنَّ يمنك سار تحت لوائه / حطم الأسنَّةَ في حُماةِ المَوْصِلِ
لم يُنجِ منه الهام وهو فتى الوغى / إلى خُلوُّ يمينه من مُنْصُلِ
حاشا مقالي أنْ يُعرض بامرئٍ / ما زالَ أهْلاً للمقام الأفضلِ
لكن ليكبر فضلهُ ومقامهُ / ليس الثريّا كالسِّماكِ الأعْزلِ
فخَرتْ قريش بالوصي عَلِيِّها / ولها فَخارٌ بعد ذلك في عَلي
بالمُقتفي أثر السَّراةِ من العُلى / ينْميه منهم كل خِرْقٍ مُفْضلِ
المُنهلين السُّمر من منهج العِدى / حيث السماء بخيلةٌ لم تَهطلِ
قومٌ إذا ضاق القريضُ بمدحهمْ / مُدِحُوا بآياتِ الكتابِ المُنْزلِ
من كل متبوعِ اللواءِ مُقلِّدٍ / في الدينِ أمْرَ مُحَرَّمٍ ومُحلَّلِ
يخضرُّ مغبرُّ الثرى من وطئهِ / وتقومُ أنْملُهُ مقامَ الهُطَّلِ
اشْكر إلهكَ ما استطعتَ فإنه / واقيكَ من داءِ الخطوبِ المُعضلِ
واحلم فإن الحلم من ذي قُدرة / رأسُ العُل وثناء كل مُفضَّلِ
ولقد كرمت عن الإجابة فليكن / منك التَّغَمُّدُ للأغَرِّ الأجْهَلِ
أملي رحيبٌ منك في دركِ العُلى / يا خير مرْجوٍّ وخيرَ مُؤَمَّلِ
ومع اختباري في الولاء فواجبٌ / رفْعي إلى الشَّرف الذي لم يُنزلِ
حيِّ المهابةَ والندى قد أرْبيا
حيِّ المهابةَ والندى قد أرْبيا / يوم الفخار على الحيا والمِقْصل
جُمعاً لشهمٍ في الرجال فلحظُهُ / لتَصَيُّدِ العلياء لحظُ الأجْدلِ
عَمَّ البلاد ثناؤه وفخارهُ / ومقامهُ منها بأرض المَوْصلِ
حسد الملوكُ مقامهُ فتسنَّموا / في ذروةٍ لولاهُ لم تُتوقَّلِ
فإذا هُمُ أصْغوا إلى أخبارهِ / عدل الظَّلومُ وجادَ كلُّ مُبخَّلِ
يحميك قبل الانتصار ببأسهِ / ويجودُ بالنُّعْمى وإنْ لم يُسألِ
ندُسٌ يُناطُ نجادهُ بمُمدَّحٍ / مُستهترٍ بالمكرمات مُعذَّلِ
نارٌ إذا ما هيَّجتهُ حفيظةٌ / ومع الرضا فبرودُ ماءٍ سلْسلِ
فحمى نصير الدين من صرف الردى / رَبُّ الزمان مدى الزمان الأطول
مُرْدي القنا والدارعينَ فبأسُهُ / حتف العادة ضحىً وحتف الذُّبلِ
شكراً لفعلك في ابن عمِّ محمدٍ / تاجِ العُلى وابن الطراز الأولِ
قاظتْ له أحداثهُ وخُطوبهُ / فاحتل منك إلى ربيعٍ مُخْضل
وأريتهُ صُبْح المَسرَّةِ بعدما / ناضَ الهمومَ كجنح ليلٍ ألْيلِ
حدوتُ رجالاً نازحين نأتْ بهم
حدوتُ رجالاً نازحين نأتْ بهم / صروف الليالي والهضيمةُ والقُلُّ
إلى وارفٍ من ظل بِهروز ذي العلى / تجمَّع في أرجائه الجودُ والعدلُ
وقد علم الأقوام صدقي وكل منْ / غدا وهو سفرٌ فهو عن كثبٍ قفل
ولو لم أنادِ القوم نادى بعيدهُمْ / وفاءُ الأمير والتَّعطُّف والفضلُ
ومن كان هذا شأنهُ فهو للعُلى / وطول البقاء نافداً أمْرهُ أهْلُ
لقد عَلِمَ القبائلُ من مَعَدٍّ
لقد عَلِمَ القبائلُ من مَعَدٍّ / مقام بني تميمٍ في المَعالي
إذا غبرتْ فجاجُ الأرض سحَّوا / نوالهم غنياً عن سؤالِ
وإنْ ظمئَ القنا نقعوا صَداهُ / بيوم الرَّوع من مُهجِ الرجالِ
وإنَّ عُلا بهاء الدين منهُمْ / مكان الزُّرْق في قصب العَوالي
يميطُ لثامهُ عن مُستنيرٍ / يضيءُ دُجى المطالب واللَّيالي
أخو سَيْلينِ عند رضاً وسُخْطٍ / لمُعتبرٍ نجيعٍ أوْ نَوالِ
ولما تَمَّ في الميلادِ فَضْلاً / دعوهُ في المبادي بالكمالِ
فجاء كنصلِ سيفٍ هِنْدوانٍ / يفيءُ إليه مُنتصرٌ وحالِ
وتهْنيه المودَّةُ منْ عَشيرٍ / جريءٍ في المعارك والجِدالِ
لا تنكرنَّ لطرْفٍ أنت راكبُهُ
لا تنكرنَّ لطرْفٍ أنت راكبُهُ / فرط العثار ولا الإفراط في الزَّلل
فكيف تجري إلى الغاياتِ سالمةً / ريحٌ تكلَّفُ حمل البحر والجبل
الحمدُ للهِ الذي نصرَ العُلى
الحمدُ للهِ الذي نصرَ العُلى / بعد التَّخاذل في الوزير الفاضلِ
وأماتَ نفس الجور لما أن فشتْ / فينا بعاطفة الكريم العادلِ
وأضاء ليل الحظِّ بعد ظَلامهِ / بأغرَّ فَضْفاضِ الرداءِ حُلاحِلِ
وأعادَ نقص المجد فضْلاً كاملاً / لمَّا تحلَّى بالكمالِ الكاملِ
حامي ذمار الجار قبل صَريخهِ / مُولي مكارمهُ بغير مُسائل
جبَلُ احتمالِ أو رياحُ عزيمةٍ / في يوم أنديةٍ ويوم جَحافلِ
حازَ الثَّناءَ مُجَمِّعاً أشْتاتهُ / بالحزْم من أفعاله والنائلِ
أسىً وسرورٌ ناصِرٌ ومُخذِّلُ
أسىً وسرورٌ ناصِرٌ ومُخذِّلُ / أتاحهما لي عنترٌ ومُهلهلُ
فماضٍ بكت عيني لفقد كمالهِ / وباقٍ لما فيه من المجد أجْذَلُ
سقى عنتراً والدمع لولا حرارةٌ / أحقُّ به هامٍ من المُزن مُسبل
سحوحٌ إذا ما جرَّ فضل ذيولهِ / أُذيب له وانْماع صخرٌ وجندلُ
قضى نحبهُ جمَّ الثَّناءِ كأنما / يشب على النادي بذكراه منْدلُ
فتىً لم يخُن عهداً ولا ملَّ صاحباً / ولا بات عن ودٍّ وإن غاب يزحلُ
ولا بخلتْ كفَّاهُ يوماً بنائلٍ / ولكن ملومٌ في النَّوال مُعَذَلُ
غزيرُ التقى لم يألُ في الله طاعةً / ولا لاقه في غير تقواهُ منزلُ
لِيبْك عليه معْركٌ وكتيبةٌ / ويندبْهُ نادٍ ذو سَراةٍ ومَحْفلُ
وجُرْدٌ تمطَّى في الشكيم كأنها / على القاع مُعْطٌ بالمناكب عُسَّلُ
رعاها رماح الحظ حتى أعادها / ومرتعها روض من العز مخضل
وضيف شتاءٍ بات في حُجُراته / يُطافُ عليه بالنَّعيم ويُكْفلُ
سرى بخفاف العيس عجلى فزادهُ / من الوضع على ظهر المطيَّةِ أعجلُ
وجارٌ تحامته العشائر فانْثنى / يحيدُ به عن واضح السمت أفْكلُ
حمتهُ فحالت دونهُ قسوريَّةٌ / من العزِّ لا تُعْلى ولا تُتوقَّلُ
ولو أنني أنصفتُ في حكم ودِّهِ / لَبِتُّ وكُلي من مراثيهِ مِقْولُ
ناصر الدين والسَّحاب إذا غا
ناصر الدين والسَّحاب إذا غا / با تنادى الأحياءُ بالإمْحالِ
غير أنَّ السَّحابُ يمطرُ أحْيا / ناً ومسعودُ مُستمرُّ النَّوالِ