القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الملك الأَمجَد الكل
المجموع : 15
يميناً لقد بالغتَ يا خِلَّ في العذلِ
يميناً لقد بالغتَ يا خِلَّ في العذلِ / وما هكذا فِعْلَ الأخلاءِ بالخِلَّ
اِذا أنتَ لم تُسعِدْ خليلكَ في الهوى / فَذَرْهُ لقد أمسى عنِ العَذْلِ في شُغْلِ
فلا تحسبنَّ العذلَ يُذهِبُ وجدَه / فلومُكَ بالمحبوبِ يُغري ولا يُسلي
وما كنتُ مِمَّنْ يُذهِبُ الوجدُ حزمَه / لعمرُكَ لولا أسهُم الأعينِ النُّجلِ
ولا كنتُ مِمَّنْ يشتكي جُمْلَةَ الهوى / وتفصيلَهُ لولا أليمُ هوى جُمْلِ
فمَنْ لمشوقٍ دمعُهُ بعدَما نأتْ / مُذالٌ على الأطلالِ يسفحُ كالوَبْلِ
يُسَقّي دياراً طالما عرصاتُها / تشكَّتْ اليه ما تُعانيهِ مِن مَحْلِ
تناءَى بهِ عن أربُعِ الجِزعِ أهوجٌ / يُباري الرياحَ الهوجَ في الحَزْنِ والسهلِ
يخوضُ الدجى والقفرَ لا يعرفُ الوَجا / اِذا ما اشتكاه العيسُ في لاحبِ السُّبلِ
وينصاعُ في ثِني الزمامِ كأنَّه / يحاذِرُ صلاً منه أو نهشةَ الصَّلِ
واِنْ أسدلَ الليلُ البهيمُ ستورَه / سَرَى عَنَقاً في البيدِ يَعْسِلُ كالطَّملِ
اِذا رامتِ البزلُ الصَّعابُ لحاقَه / وقد ذرعَ الموماةَ أعيا على البزلِ
فترجِعُ دونَ القصدِ وهي طلائحٌ / سواهمَ مثلَ الجِذْلِ تنفخُ في الجُدْلِ
فهل يُبْلِغَنَّي دار هندٍ واِنْ نأتْ / وأصبحَ منها الوصلُ منصرِمَ الحبلِ
لئن جئتُها مِن بَعْدِ بُعْدٍ فظهرُه / حرامٌ على الكُورِ المبرَّحِ والرَّحْلِ
فما ذكرتْها النفسُ إلا تحدَّرتْ / مدامعُ تُغني الأرضَ عن ساجمِ الهَطْلِ
تجودُ عليها بالعشيَّ وبالضحى / فتزهو بمخضرًّ مِنَ النبتِ مُخضلَّ
حَيَّ عنّي مُنحني الوادي وأثلَه
حَيَّ عنّي مُنحني الوادي وأثلَه / ورُبَى سَلْعٍ على النأي ورَمْلَهْ
فبه ملعبُ أنسٍ صرتُ مذْ / بانَ أهلوه مِنَ التبريح مُثْلَه
لا عدا بانَ اللَّوى مِن أدمعي / صيَّبٌ يسقيهِ مِن جفني ونَخْلَه
فلكمْ لي في ظلالِ البانِ مِن / موقفٍ بكَّيتُهُ وجداً وأهلَه
ولكمْ لي نحوَ سكانِ الحِمى / مِن حنينٍ كلَّما استغشيتُ ظِلَّه
حنَّةٌ أُعقِبُها مِن أَلَمٍ / أنَّةً لو أنّها تنقعُ غُلَّه
كيف أرجو راحةً مِن بعدِما / سدَّدَ التفريقُ نحوَ القلبِ نَصلَه
أو أُرى بعدَهمُ مبتسماَ / جَذِلاً والبينُ قد ازمعَ رحلَه
فوَّقَ البينُ اليهمْ سهمَهُ / ليتَه كفَّ عنِ الأحبابِ نَبْلَه
فكأنَّي بأُهيلِ المُنحنى / للنوى والبينِ قد شَدُّوا الأكِلَّهْ
لم يُبَقَّ الهجرُ لي مِن أدمُعي / لِودَاعِ القومِ والتفريقُ فَضْلَه
أيُّ صبرٍ يومَ تنأَى بهمُ / عيسُهمْ ينأَى عنِ الصبَّ المولَّه
أينُقٌ كم ذرعتْ مَرْتاً وكم / قطعتْ حَزْنَ الفلا وخداً وسَهْلَه
تَتهادى في البُرى مُرقِلَةً / كالحنايا تنهبُ الخرقَ وهَجْلَه
عُقِرَتْ كم مِن فلاةٍ جبتُها / بعدَها فوقَ شِمِلًّ أو شِمِله
ليس يثنيها زمامٌ كلَّما / جاذبتينهِ ولا ترهبُ صَلَّه
ترتمي كالهيَْقِ بي معنِقَةً / فوقَها حِدْنُ سِفارٍ لنْ يَملَّه
كلَّما أومضَ برقٌ خالَه / ثغرَ سلمَى حينَ حيَّتْه بِقُبْلَه
بارقٌ كالسيفِ أمضى مُصْلَتاً / يتراءَى أسهرَ المضنَى المُدَلَّه
ذكرَ العهُدَ بهِ لمّا انتضَى / سيفَهُ في حِندسِ الليلِ وسَلَّه
ورضَابٍ شَبِمٍ مُنَّيتُه / منه بعدَ البينِ في أيسرِ نَهْلَه
خَصِرٍ بُغْيَتُه في وِرْدِه / حبَّذاهُ منعَ التَّرحالُ عَلَّه
فعسى يُنقِذُه البعدُ وقد / ذاقَ منه ما كفاه ولعلَّه
اِنْ يمتْ مِن فرطِ وجدٍ وهوىً / هذه سنَّةُ أهلِ الحبَّ قبلَه
مغرمٌ يسأَلُ ربعاً دائراً / قد محاهُ دمعُهُ إلا أقلَّه
لا تلُمْهُ في غرامٍ نالَهُ / فخليلُ المرِء مَنْ أنجدَ خِلَّه
أَتُرَجَّي طمعاً أن يهتدي / في دجى الحبَّ مَنِ الشوقُ أضلَّه
ما سرتْ ريحُ الصَّبا مِن نشرِها / نحوَه إلا وقد راجعَ خبلَه
تنتجيهِ بحديثٍ حَس / أحسنتْ عن ظبيةِ الوعساءِ نقلَه
يا نسيماً هبَّ مِن روضِ الِحمى / حَيَّ مَنْ بانَ عنِ الجِزعِ وحلَّه
عثرَ الدهرُ بهِ بعدَهمُ / ليته قالَ وقد زلَّ لعاً لَه
غدروا مِن بعدِ عهدٍ أحكموا / عقدَهُ كيف تولَّى البعدُ حلَّه
شيمةٌ للدهرِ لا أُنكِرُها / عُرِفَتْ منه فما أجهَلُ فِعْلَه
كم دمٍ راحَ جُباراً في الهوى / عندَهُ أجراهُ في الوجدِ وطلَّه
هوَّنَ الحبَّ على أربابِهِ / فلكم يصحَبُ للعشّاقِ ابلَه
اِبِلاً ذَلَّلَها قهراً فكمْ / فوقَها للمتطَيها مِن مَذَلَّه
فسقَى الله على علاتِهِ / زمنَ الوصلِ حَيا الدمعِ ووَبْلَه
أرى العيشَ بعدَ المالكيَّةِ لا يحلو
أرى العيشَ بعدَ المالكيَّةِ لا يحلو / وقلبي مِنَ الشوقِ المبرَّحِ لا يَخْلو
ومَنْ عرفَ الأحبابَ والوصلَ والهوى / فهيهاتَ أن ينسى على النأي أو يَسْلو
جزى اللهُ حينَ الوصلِ خيراً وعصرَهُ / وجادَ دياراً فارقوا أرضَها الوَبْلُ
منازلُ كانتْ بالغواني حوالياً / فمذْ بِنَّ عنها فهي مِن أُنسِها عُطْلُ
وحيّا ثراها مِن دموعي مواطرٌ / على عَرَصاتِ الدارِ سحّاحةٌ هُطْلُ
يوشَّعُ أقطارَ الخمائِل ماؤها / اِذا ما مضى سَجْلٌ تلا اِثْرَهُ سَجْلُ
وما الدمعُ مِن الحبائبِ سُبَّةً / وقد باعدتْهنَّ المخزَّمَةِ البُزلُ
نأينَ فلي عندَ الخدورِ لبانةٌ / تذكَّرُنيها دونَها الحَدَقُ النُّجْلُ
سأطلبُها بالعيسِ تَنتهِبُ الفلا / سِراعاً إذا ما هابتِ المهمةَ الاِبْلُ
نواحلُ أنضاها الوجيفُ إذا انبرتْ / تَراقَلُ في ارسانِها خَجِلَ الهِقْلُ
نمتْها كما اختار الرَّكابُ جوانحاً / على مضضِ السيرِ الغريريَّةُ الهُدْلُ
نجائبُ مِن نسلِ الجَديلِ وشَدْقَمٍ / تَطيرُ بنا لولا الأزِمَّةُ والجُدْلُ
اِذا ما رأتْ برقاً وقد عَسْعَسَ الدُّجى / يلوحُ على بُعدٍ كما لمعَ النَّصْلُ
تُراعُ كأنَّ البرقَ جرَّدَ سيفَه / عليها إذا امتدَّتْ بركبانِها السُّبْلُ
فتعسِلُ تحتَ الليلِ والليلُ عاتمٌ / الى الغرضِ النائي كما يَعْسِلُ الطَّمْلُ
تَغُذُّ بركبانِ الغرامِ إلى الحِمى / وقد شاقَها مِن دونِه الضَّالُ والأثْلُ
الى أن وصلتُ الحيَّ مِن دونِ سربهِ / محامونَ قد أحمى صدورَهمُ الغَلُّ
مساعيرُ قد أنضجتُ غيظاً كبودَهمْ / فكلُّ فتًى منهمْ يضرَّمُهُ الذَّحْلُ
يغضُّونَ دوني الطرفَ وهو مردَّدٌ / اليَّ اختلاساً مثلما نظرَ الصَّلُّ
صغيرُهمُ يُدمي عليَّ بنانَه / فكيفَ تراه يصنعُ الرَّجُلُ الكَهْلُ
فكشَّفْتُ أستارَ الحِجابِ كأنَّني / لِمَنْ دونَها بَعْلٌ واِن كَرِهَ البَعْلُ
بعزمٍ يعيدُ اليومَ أسودَ قاتماً / يخوضونَهُ الخيلُ الكرائمُ والرَّجْلُ
وجَدًّ إذا أضحتْ كتائبُ خيلِهم / كثيراً ولاقيناهمُ في الوغى قلُّوا
واِن هيَ أمستْ في الديارِ عزيزةً / غزونا مغانيها فحلَّ بها الذُّلُّ
فلا ظلَّ إلا ما تظلَّلُه القنا / أو النقعُ أن الموتَ تحتَهما فَضْلُ
وما روضةٌ سقَّى الغمامُ نباتَها / وبدَّدَ فيها عِقْدَ أدمعِه الطَّلُ
غدا النَّوْرُ في أرجائها متبسَّماً / اِذا ما اعترى أرضاً سوى أرضِها المَحْلُ
تفتَّحُ عن مِثِل الثغورِ أقاحُها / فأصبحَ لي فيها بأشباهِها شُغْلُ
كسعدي وقد أبدتْ شتيتاً مؤشَّراً / غداةَ التقينا بعدَما افترقَ الشَّمْلُ
وما المزنُ أرخى وبلَهُ فسقَى الرُّبى / كدمعي عُقَيْبَ البينِ أن النوى ثُكْلُ
فيا عاذليَّ الآمِرَىَّ على الهوى / بما لستُ أرضاهُ لقد برَّحَ العّدْلُ
أأسلو وقد جادَتْ بطيبِ وصالِها / لقد شابَ مِن امر ترومانِه الطَّفْلُ
فأين التذاذي بالتداني وطيبِه / ثَكِلْتُكُما أم أين ما أتقنَ الرُّسْلُ
وأين الشُّعورُ السودُ تبدو كأنَّها / أساوِدُ يُبديها لي الشَّعَرُ الجَثْلُ
اِذا كنتُ لا ارعى العهودَ فخانني / نَسيبي على الأحبابِ والمنطقُ الجَزْلُ
أراها عنِ الجِزعِ تبغي عُدولا
أراها عنِ الجِزعِ تبغي عُدولا / وكانتْ تَمنَّي اليه وصولا
وما ذاكَ إلا لأنَّ سُعادَ / قد أزمعتْ عن رُباهُ رحيلا
أطعتُ الغَوايةَ في حبَّها / غراماً بها وعصيتُ العّذولا
كفى حَزَناً أننَّي لم أجدْ / لتوديعِها بومَ بانتْ سبيلا
وماذا على سائقِ اليَعْمَلاتِ / لو عطفَ العيسَ نحوي قليلا
لعلي اخالِسُها نظرةً / على القربِ تشفي فؤاداً عليلا
وأنظُر مِن بينِ سَجْفِ الحدوجِ / طرفاً كحيلاً وخداً أسيلا
وهيهاتَ يومَ النوى ما ظفِرْتُ / بخلٍ شفيقٍ يُراعي الخليلا
يَبُلُّ الأُوامَ بحبسِ المطيَّ / لعلّي أراها ويَروى الغليلا
اِذا لم أجدْ نحوها مُرسَلاً / بعثتُ النسيمَ اليها رسولا
يُخَبَّرُها أنَّني بعدَها / أذوبُ اشتياقاً وأفنى نُحولا
وما كنتُ أحسبُ أن الفراقَ / أراهُ ولو متُّ منهُ مَهُولا
كفاها دليلاً سقامي اِذا / أردتْ على الحبَّ منَّي دليلا
ومِن فرطِ وجدي غَداةَ الرحيلِ / أُسائلُ رسماً تعفَّى مَحيلا
وأندبُ ارسمَها الماثلا / ت وجداً عليها وابكي الطُّلُولا
وأسفحُ مِن فوقِها أدمعاً / تُخَدَّدُ في صَحْنِ خدَّي مَسيلا
ولولا الهوى وأليمُ النوى / لقد كنتُ بالدمعِ فيها بخيلا
وما ذاتُ طوقٍ على بانَةٍ / تَبيتُ بشجوٍ تُداعي الهديلا
يُؤرَّقُها بُعْدُهُ فوقَها / اِذا غابَ عن ناظِرَيْها طويلا
فتسجعُ شوقاً إلى قربهِ / اِذا الليلُ أرخى عليها السُّدولا
بأوجدَ منّي على أربُعٍ / عَهِدْتُ الأحبَّةَ فيها حُلُولا
ومعتدلِ القدَّ ميّادُة / يُعيرُ الذوابلُ منه الذُّبُولا
يَمَلُّ هوايَ وبي لوعةً / تكلَّفُني أن أُحبَّ المَلُولا
تناءىَ ولولا نوًى غربةٌ / به طوَّحتْ لهجرتُ الرحيلا
سرى وهوايَ إلى أرضِه / ينازِعُني أن أشدَّ الحمولا
فيا عزمُ أين المَضاءُ الذي / يُري السيفَ في مضربيهِ فُلولا
ويا ناقتي كم يكونُ المُقام / لقد أن انْ أقتضيكِ الذَّميلا
أأنكرتِ شدقمَ حتى ألفتِ / لذيذَ المُناخِ به والجديلا
ألم تألفي لا عثرتِ الحزونَ / اِذا الاِبْلُ أنكرنَها والسُّهولا
وجبتِ الظلامَ واهوالَهُ / متى أجتابتِ النُّجبُ فيه الشَّليلا
أرى العزَّ فوقَ ظهورِ النياقِ / اِذا كانَ غيري عليها ذليلا
يهابُ الهِدانُ صريرَ القُتودِ / فيحسبُ ما صَرَّ منها صليلا
خَدَى بي سريعاً إلى حاجرٍ / ففيه الظعائنُ أمستْ نزولا
واِنْ أوجسَ النَّكْسُ خوفاً اِذا / أجشُّ الجيادِ يَجُشُّ الصهيلا
وعاينَ آسادَ فرسانِها / وقد تَخِذَتْ مِنْ قنا الخَطَّ غِيلا
هنالكَ أُلقي بعزمي الغيورَ / وحُمْسَ مداعيسِهِ والرعيلا
ومَنْ لم تكنْ نفسُه حُرَّةً / سترعى مِنَ الضيمِ مرعًى وبيلا
ماذا الوقوفُ وقد بانوا على الطلل
ماذا الوقوفُ وقد بانوا على الطلل / الاّ اشتياقٌ إلى أيامِكَ الأُوَلِ
أبلاكَ بعدَ رحيلِ الحيِّ عنهُ بما / يُبليكَ مِن ذِكَرٍ بعد النوى وبلي
ووافقتكَ الأماني وهي باطلةٌ / بعدَ الفراقِ على التشبيبِ والغزلِ
أكلَّما بانَ حَيٌّ عن مرابعِه / تبكي بدمعٍ مِنَ التَّرحالِ منهملِ
وكلَّما أومضتْ في الجوِّ بارقةٌ / قابلتَ مشتعِلاً منها بمشتعِلِ
فلستَ تنفكُّ ذا نارٍ يضرِّمُها / برقٌ ودمعٌ على آثارِ مُرتحِلِ
مغرًى بتسآلِ أطلالٍ تحيفَّهَا / مرُّ الرياحِ وصَوْبُ العارضِ الهَطِلِ
ومستهاماً بأقمارٍ مغاربُها / بينَ السُّجوفِ سُجُوفِ الوشي والكُلَلِ
مِن كلِّ هيفاءَ ما مالتْ ولا خطرتْ / اِلاّ أغارتْ غصونَ البانِ بالمَيَلِ
ولا رمتْ بسهامِ المقلتينِ حشاً / اِلاّ استطيشتْ نبالُ الحيِّ مِن ثُعَلِ
ترمي فتُصمي واِنْ لم تَنْكِ أسهمُها / جَلْدَ الرميَّةِ أن الفخرَ للمقلِ
أقولُ والركبُ قد أعياهمُ سَهَري / فوقَ الرِّحالِ على المُهْريّة الذُّلُلِ
أسري عليهنَّ لايعتادُني مَذَلَ / وليس بالخِرْقِ مَنْ يُعزى إلى المَذَلِ
مالي وللربعِ قد أقوتْ معالِمُه / بعدَ الخليطِ وما للهاتفاتِ ولي
بانتْ أوانسُه عنه وبدَّلَهُ / بعدَ التحلّي بهنَّ الدهرُ بالعَطَلِ
وأذ كَرتَني زماناٌ بانَ منفصِلاً / عنّي ووجدي عليه غيرُ منفصِلِ
رعايةً أندبُ الأطلالَ دارسةً / لعهدِهنَّ وأنحوهنَّ بالاِبِلِ
وفي الوقوفِ إذا حيَّيتُ أرسمَها / معنىً تولَّدَ بينَ الحُزنِ والجَذَلِ
حتى كأنَّ ليالي الوصلِ ما برحتْ / اوقاتُها وزمانَ البُعدِ لم يَزُلِ
وروضةٍ قد سقَى أزهارَها عَلَلاً / ماءٌ تقطَّعَ بينَ النَّوْرِ والنَّفَلِ
مالتْ عليها غصونُ البانِ مونعةً / خُضْراً مطارِفُها مِن ادمُعِ الطَّفَلِ
روَّى أقاحيَّها ماءُ الغمامِ وقد / امسى يَرِفُّ على خِيرِيِّها الخَضِلِ
تميلُ مِن نسماتِ الريحِ نافحةً / نَشوى الهبوبِ كميلِ الشاربِ الثَّمِلِ
سرَّحتُ أسودَ طرفي في خمائِلها / والشمسُ رافلةٌ في حُلَّةِ الأصُلِ
فما اطَّباني مرآها وقد نزحتْ / عنها الظباءُ ذواتْ الأعينِ النُّجُلِ
هِيفُ القدودِ إذا ما الدَّلُ رنَّحَها / لاحَ الخمولُ على العسّالةٍ الذُّبُلِ
بُدِّلتُ بالهجرِ بعدَ الوصلِ فاندفعتْ / عينايَ تهمي على التعويضِ والبَدَلِ
فما الحياةُ واِنْ أمستْ مساعِفَةً / اِلاّ اِذابِتُّ مِن وصلٍ على أمَلِ
فلا تلُمني على وجدي الوشاةُ فما / وقفتُ سمغي على التعنيفِ والعَذَلِ
حالَ الزمانُ وحالَ العيدُ وانفصمتْ / عُرى الوصالِ وحالي فيه لم يَحُلِ
يسائلُها والبينُ ترغو رواحِلُهْ
يسائلُها والبينُ ترغو رواحِلُهْ / أيرجِعُ مِن عهدِ الكثيبِ أوائلُهْ
اِذا مرَّ يومٌ لا أراكِ فاِنَّهُ / هو الموتُ أو أسبابُهُ أو دلائلُهْ
يسائلُ ربعاً بعدَ بينكِ كلَّما / ألمَّ يُحييَّهِ شجتْهُ منازلُهْ
وماذا عسى يُجدي عليه سؤالُهُ / وقد كادتِ الأطلالُ شوقاً تسائلُه
يزورُ مِنَ الوجدِ الديارَ واِنَّها / لتضرِمُ نارَ الشوقِ والشوقُ قاتلُه
واِنْ لمعتْ في الليلِ مِن نحوِ ارضِها / بوارقُ مزنٍ فالتصبُّرُ خاذلُه
واِنْ هبَّ عن دارٍ تَحُلُّ ربوعَها / نسيمٌ أبتْ أن تستقرَّ بلابلُه
أليس عجيباً أن يفارقَ اِلفَهُ / وتقوى على نَيْلِ الفراقِ مقاتلُه
اِذا ما اقتضى وعدَ الزمانِ بقربِها / ويا بعده أضحى الزمانُ يماطلُه
تُؤرَّقُه تحتَ الظلامِ حمامةٌ / يُهَيَّجها بانُ الحمى وخمائلُه
لها فيه لمّا أن نأتْ عن جَنابِهِ / هَدِيلٌ تُرَجَّي قُرْبَهُ وتُحاولُه
صبتْ نحوَه والدهرُ قهراً يعوقُها / وأحداثُه عن قصدِهِ وغوائلُه
تُردَّدُ في أعلى الاراكة نوحها / فتقلقه والليل تدجو غياطله
فيبكي على اِلْفٍ رَمتْهُ يدُ النوى / بفائضِ دمعٍ لا تَغُبُّ هواملُه
ويُذْكِرُه البانُ القدودَ إذا انثنتْ / تَرنَّحُ مِن مَرَّ النَّسيمِ موائلُه
كأنَّ النوى والهجرَ قد خُلِقا لهُ / اِذا زالَ ذا عنه فذا لا يُزايلُه
ويكفيهِ شُغلاً بعدَ فُرقةِ بينهِ / سَقامٌ عَنِ العذّالِ واللَّومِ شاغلُهْ
بَرى جسمَه فرطُ الغرامِ وزادَه / غراماً لواحيهِ به وعواذلُه
سقى دمعُه ربعاً لاْسماءَ مُقْفِراً / وروَّى ثرى تلكَ المرابعِ هاطلُه
فاِنَّ بها رسماً يكادُ لأُنسِهِ / به كلَّما حيّاهُ حيّاهُ ماحلُه
اِذا ما أتاهُ بعدَ لاْيٍ وقد عَفا / بكَى عهدَهُ فيه فرقَّتْ جنادِلُه
مرابعُ كم راقتْ بها غَدَواتُهُ / على غِرَّةِ الواشي ورقَّتْ أصائلُه
يعوجُ عليها وهي قفرٌ وما بها / سوى طللٍ بادٍ لعينيهِ ماثلُه
تقضَّى بها الوصلُ القليلُ وزادَه / بها شغفاً والوصلُ تُصبي قلائلُه
أأحبابَهُ غبتمْ فأوحشَ ربعُكمْ / مُحِبَّكمْ والربعُ يُؤْنِسُ آهلُه
وقد كنتمُ هدَّدتُموه ببينِكمْ / مُزاحاً إلى أن حُقَّ لاحُقَّ باطلُه
فعوَّضتُموهُ عن تداني مزارِكمْ / بِعاداً لقد خابَ الذي كانَ يأمُلُه
وكدَّرتُم صفَو الوصالِ فهل تُرى / تعودُ كما كانتْ عِذاباً مناهلُه
ويَرجِعُ عصرُ القربِ يبسِمُ ثغرُهُ / وتُبدي له بُشرى التداني مخايلُه
لئن عُدْنَ أيامُ الأُثيلِ وطيبُها / كميدانِها الماضي فهنَّ وسائلُه
يغازلُ في ظلَّ الكِناسِ غزالَهُ / وترنوا اليه بالعشيَّ مطافلُهْ
ومُنْخَرَقٍ تبقى الرَّكابُ بعَرضِه / مطلَّحةً مما تَمُدُّ مجاهلُه
سرى فيه مغلوبُ التجلُّدِ والِهٌ / يؤمُّ النقا واليومُ تَغلي مراجلُه
على ضامرٍ أودى الكَلالُ بِنَيَّهِ / يَصِرُّ مِنَ الاِعياءِ والجَهدِ بازلُه
يزيدُ على بعدِ المسافةِ وَخْدُهُ / نشاطاً متى شطَّتْ لديهِ مراحلُه
يناحلُ مِن فرطِ الهزالِ زِمامَه / وراكبُه نَصْلُ الحُسامِ يناحلُه
له عزماتٌ في الأمورِ كأنمَّا / حكتْه مُضَاءً وانصلاتاً مناصِلُه
تبيتُ نِهالاً مِن دماءِ عُداتِه / اِذا ما دعتْهُ بالنزالِ ذوابلُه
ولولا تلظَّي البأسِ منه لأورقتْ / وقد لمستْها كفُّه وأناملُه
اِذا خاضَ بالسيفِ العجاجَ حسبتَهُ / أخا لِبَدٍ نيطتْ عليه حمائلُه
لِمَنْ دِمَنٌ بالرقمتينِ وأطلالُ
لِمَنْ دِمَنٌ بالرقمتينِ وأطلالُ / سقاهنَّ سْحاحٌ مِنَ المزنِ هطّالُ
ديارٌ أمحَّ الدهرُ عنها رسومَها / فهنَّ وماعندى مِنَ الصبر أسمالُ
فماليوقد خفَّ القطينُ بأهلِها / ولاللمغاني من جوى البينِ اِبلالُ
وقفتُ بها أبكي ومِن نَفَسي ومِن / دموعيَ مَنهلُّ عليها ومِنهالُ
وأسألهُا عن أهلِها وأخو الهوى / لماثلِ أطلالُِ المنازلِ سآلُ
وقد كانتِ الأوطانُ يصبيكَ أنُسها / زمانَ التداني وهي بالغيدِ مِحلالُ
فماطالَ في تلكَ الديارِ بوجرَةٍ / وآجالِها للوصلِ منهنَّ آحالُ
سقى الغيثُ منها كلَّ عافٍ وان مضتْ / عليه مِنَ الأيامِ والدهرِ أحوالُ
وسَّقى دياراً تُنبتُ الأثلَ أرضُها / واِنْ شاقني مِن دونهِ الطلحُ والضالُ
وأسمرَ مامالَ الدلالُ بقدِّهِ / مِنَ التيهِ اِلاّغار أسمرُعسّالُُ
يروقكَ منه أويروعكَ كلَّما / نأى أوتداني طيبُ قربٍ وترَحالُ
ففي الثغرِ نَبّاذٌ تضُّوعَ خمرُه / عُقَيبَ الكرى طيباً وفي الجفنِ نبّالُ
وفي حالَتَيْ هجرانهِ ووصالهِ / أُراعُ فقلْ لي فيهما كيفَ أحتالُ
وعيسٍ يُناحِلْنَ الأزمَّةَ في البرُى / براهنَّ تخويدٌ ووخد واِرقالُ
سفائرُليلٍ بل سفائنُ مهمهِ / يُرَفِّعُها طوراً يَخفضُها الآلُ
تمدُّ إلى لمعِ السرابِ رقابَها / وقد غرّها فيه مِنَ الماءِ تمِثالُ
وهيهاتَ أن يَروي الهُيامَ زلالُه / وقد صفَّقَتْهُ الريحُ أزرقُ سلسالُ
ولماّ رأيتُ السَّربَ تعطو ظباوءه / وفي السَّربِ مِعطارٌ مِنَ الحَلْيِ معطالُ
رميتُ بطرفي نحوَ وردةِ خدِّها / وأسودِ في الخالِ فانطبعَ الخالُ
فيا نظرةً أهدتْ إلى القلبِ لوعةً / وقد ناسَ مِن تلكَ الغدائرِ أصلالُ
ومُنطمِسٍ للعيسٍ والركبِ عندَه / حنينٌ على بالي الرسومِ واِعوالُ
اِذا نحنُ ملنا نحوهَ وهوداثرٌ / شَجْتنا أمانيُّ تعفَّتْ وآمالُ
وقيدَّنا فيها الحنينُ فلم نُطِقْ / بَراحاً وللذكرى قيودٌ وأغلالُ
ولما تبارى الغيثُ في عرصاتِها / ودمعي فتَهماعٌ ألثَّ وتهمالُ
قضى الشوقُ للغيثينِ أن مدامعي / سيولٌ وأمواه السحائبِ أوشالُ
فواخجلاً للسُّحبِ لمّا تقوَّضتْ / وجفني ودمعي لم تَحُلْ بهما الحالُ
اِذ هبَّ معتلُّ النسيمِ عنِ الحمى / وشاقتكَ أسحارٌ وراقتكَ آصالُ
وميَّلَ أعطافَ الغصونِ هبوبَهُ / كما ماس ميّادُ المهرَّه ميّالُ
فحِّي الحمى عنّي ومَنْ حلَّ بالِحمى / غراماً واِنْ ملُّوا هوايَ واِنْ مالوا
فهمْ موضُع الأهواءِ لم يَثنِ عنهمُ / وعيدُُ كما ظنَّ الوشاةُ وأهوالُ
ومِن عَجَبٍ أن الفراقَ تسوؤني / تصاريفُهُ والقومُ في القلبِ نُزّالُ
فليت جميعَ الناسِ لي في هواهمُ / اِذا ذُكروا عندي وشاةٌ وعذّالُ
وما جالَ ذكرُ البينِ والوصلُ مكثبٌ / حِذارَ النوى إلا عرتنَي أوجالُ
وصالٌ أخافُ البينِ فيه واِنْ غدتْ / تُفطَّعُ منه بالقطيعةِ أوصالُ
لِسرِّي ونارِ الشوقِ ما هبتِ الصَّبا / على الدهرِ اِشعالُ يزيدُ واِشغالُ
وللشِّعرِ منَّي أن أحوكَ بديعَهُ / لتُوصَفَ غِزلانٌ وتُنشَدُ أغزالُ
وقد زعموا أن المحبَّةَ رشدُها / ضلالٌ وهم عندَ المحبينَ ضُلاّلُ
هو الوجدُ ما بالي أنؤُ بحملِه
هو الوجدُ ما بالي أنؤُ بحملِه / ضلالاً كأنَّي ما مُنيتُ بمثلِهِ
هوًى يقتضي كلَّ يومٍ برحلةٍ / على ظهرِ نضوٍ يشتكي ثِقْلَ رحلِهِ
يجاذبُني فضلَ الزمامِ كأنَّه / يحاذِرُ خوفاً منه نهشةَ صِلَّهِ
اِذا ما عداهُ الوِردُ سارَ ميمَّماً / على ثقةٍ مِن وبلِ دمعي وطَلَّهِ
يسابقُ ظِلمانُ النعامِ فكلَّما / عَجَزْنَ انبرى يختالُ في سَبْقِ ظِلَّهِ
خليليَّ ما لي لا أرى غيرَ صاحبٍ / اِذا ما رأى وجدي رماني بعذلِهِ
غدا وهو مشغولٌ بعذْلي فليتَهُ / رثى لي مِنَ الداءَينِ شُغلي وشُغلِهِ
اِذا لم يكن خِلُّ يرجَّى لحادثٍ / يُلِمُّ على مَرَّ الزمانِ فخلَّهِ
وذي عَيَنٍ أبدى نصالَ جفونهِ / فأغنتْهُ يومَ الجِزْعِ عن رَشْقِ نَبْلهِ
غزالٌ غدا قلبي له دونَ حاجرٍ / كِناساً وأين القلبُ مِن قُضبِ أثلِهِ
يَهُزُّ قناةَ القدَّ في مَعْرَكِ النوى / فأُمسي طعيناً بين كُثبانِ رملهِ
وما شاءَ فليزددْ دلالاً فاِنَّني / صبورٌ على حُكْمِ التجنَّي لأجلهِ
فوا عجباً ما لي أهيمُ بكلَّهِ / وتُعجرُني الأسقامُ عن حملِ كَلَّهِ
وكنتُ بِعِدَّ الدمعِ ألقى فراقَهُ / فكيف تراني صانعاً بأقلهِ
رثى لي أناسٌ لا رَثَوا لي مِنَ الجوى / غداةَ النوى مِن فيضِ دمعي وفِعْلِهِ
اِذا هبَّتِ الريحُ الشَّمالُ وجَدْتُني / أسائلُها عن جمعِ شملي بشملِهِ
كأنَّ لهذا البعدِ عندي كما أرى / ذُحولاً فما ينفكُّ طالبَ ذَحلِهِ
إِذا لم يكن في الحبَّ قلبي معذَّباً / فما أنا مِن ركبِ الغرامِ وأهلِهِ
ومرَّ نسيمٌ بتُّ أسألُ نفحَهُ وقد كانَ / لولا الهجرُ مِن بعضِ رُسْلِهِ
تلقَّيتُه أبغي الشفاءَ كعهدِنا / به عند اِهداءِ السلامِ ونقلِهِ
فلم أرَ فيه غيرَ ما يبعثُ الجوى / لقلبي ويكفيهِ تعذُّرُ وصلِهِ
غرامٌ يريني كلَّ يومٍ أدلَّةً / بأنَّ المنايا بينَ ذُلَّي ودَلَّهِ
وقد كانَ قبلَ البينِ بالوصلِ ماطلاً / ومَنْ لي بعصرِ القربِ منه ومطلِهِ
ومَنْ لي بأنْ تدنوا الديارُ وأنْ أرى / يدَ الجَوْرِ قد شُلَّتْ بسلطانِ عدلِهِ
مقالةُ ذي شوقٍ يذوبُ صبابةً / الى شهدِ فيه لا إلى شهدِ نحِلهِ
ومنْ لي بأيامِ النُخَيلِ وطيبِها / حنيناً إلى مَنْ حلَّ أفياءَ نخِلهِ
همُ كلَّفوني جوبَ كلِّ تنوفةٍ / تَشُقُّ على قُبِّ الفريقِ وبُزلِهِ
يُروِّعها منه أعالي هضابِهِ / ويَذعِرُها فيه تباعدُ هَجْلِهِ
يميناً بمجدولِ الذراعينِ تامك / يَرَى غَبنَاً أن يُستضامَ بجَدْلِهِ
اِذا ما سرى والليلُ في لونِ حِلْسهِ / أرتني عيونُ الشوقِ آثارَ سُبلِهِ
وما الشوقُ إلا في فؤادِ علمتُه / وكلُّ سرورٍ عادهُ لم يُسَلِّهِ
حِفاظاً وأيُّ الناسِ تبقى عهودُه / على غدرِ أبناءِ الزمانِ وخَتْلِهِ
أرى البرقَ خفّاقَ الوميضِ كأنَّه / فؤادي وقد عانيتُ هِزَّةَ نصلِهِ
وما حلَّ مِن خيطِ الغمامِ فأدمعي / تُخَجِّلُ ماجادَ الغمامُ بحلِّهِ
وما زالَ دمعي عندما يَبْخَلُ الحيا / جواداً على بالي الديارِ بهطلِهِ
ومُسخبرِ الرُّكبانِ عَجَّرَهُ الهوى / وناهيكَ عن ثِقْلِ القميص وثِقْلِهِ
تعرَّضَ يبغي في النسيمِ مِنَ الحِمى / سلاماً فما مرَّ النسيمُ بحملِهِ
يشبِّبُ مِن فرطِ الولوعِ بهندِه / وَينسُبُ مِن حرِّ الفراقِ بجُملِهِ
صبورٌ على حكمِ التفرُّقِ والقِلى / شكورٌ لتقليدِ الوصالِ وعزلِهِ
لأفلحُ مَنْ لم يعرفِ الشوقَ دهرَهُ / ولا سارَ في حَزْنِ الغرامِ وسهلِهِ
ولستُ على أزْمِ الفراقِ بآيسٍ / بِانَّ دنواَّ الدارِ يودي بأزلِهِ
فأين رجالُ النقدِ دونهمُ الذي / أنضِّدُ مِن جِدِّ القريضِ وهَزلِهِ
فِانْ لم يكنْ في حَلْبةِ النَّظمِ سابقاً / فما فازَ قدْحي في الَّرهانِ بخَصْلِهِ
وما الشِّعرُ إلا ما يكونُ بديعُه / حبيساً على دِقِّ الكلام وجِلَّهِ
ولولا الهوى أو رتبةُ الفهمِ لم ارُضْ / قرائحَ فكرٍ جَدَّ عفواً بجزلِهِ
وان كنتُ لا أرضى ولم يرضَ أنِّه / يُرى ومحلُّ النجمِ دونَ مَحَلِّهِ
وما الفضلُ إلا مَن يُعبِّرُ شِعرُهُ / بكلِّ لسانٍ عن نباهةِ فضلِهِ
فما بالهمْ عندَ الحقيقةِ أفحِموا / وقد فُزْتُ مِن حرِّ الكلامِ بفصلِهِ
اليهمْ ففكري صيقلُ الشِّعرِ مثلما / يروقكَ متنُ المَشرَفيِّ بصقلِهِ
وما السيفُ إلا فيه للمرءِ روعةٌ / وأعظمُ ما يخشاه ساعةَ سَلِّهِ
لما استحثَّ حداةُ الجيرةِ الاِبِلا
لما استحثَّ حداةُ الجيرةِ الاِبِلا / أقامُ وجدي وصبري بعدهمْ رَحَلا
لا عذرَ لي بعدَ أن غارتْ ركائبُهمْ / وانجدَ الشوقُ بي أن أسمعَ العَذَلا
قد كنتُ أسمعُ قبلَ الحبِّ مثُلَتَهُ / بالعاشقينَ إلى أن ردَّني مَثَلا
وقد نضا الشيبُ عن فَوْدي غياهِبَهُ / والوجدُ مازالَ عن قلبي ولا نَصَلا
يا معهدَ الوصلِ خَبِّرني بسالِفنا / غزالُ ربعِكَ بعدَ البينِ ما فَعَلا
هل غيَّرَ البينُ ما قد كنتُ أعهَدُه / حتى تعاينَ منّي وامقاً خَجِلا
ما زلتُ قبلَ تنائي الدارِ ذا وَجَلٍ / والحبُّ ما كنتُ فيه دائماً وَجِلا
أِشتاقُ ساكنكَ النائي ويُعجِلُني / دمعٌ إذا نَهْنَهَتْهُ راحتي هَمَلا
لا عيشَ يُعجِبُني منه لذاذتُه / اِذا تذكَّرتُ أحباباً لنا أُولاَ
والذكرُ ما زلتُ أخشى مِن نوازعِه / وكلُّ نفسٍ تَهابُ الحادثَ الجَلَلا
يفنى الزمانُ ولا يفنى ادِّكارُهمُ / ولا أرى عنهمُ ما عشتُ لي بَدَلا
فليت أيامنا بالسَّفْحِ راجعةٌ / زمنَ نجمُ اجتماعِ الشملِ ما أفَلا
ميقاتَ حمدٍ ولا انفكُّ أوسِعُهُ / مدحاً وشرخُ شبابي كادَ أو كَمُلا
وربَّ روضٍ أراني حسنَ منظرِه / والشمسُ تَشرُقُ في أرجائهِ أُصُلا
حاكَ الربيعُ عليه مِن سحائبهِ / بَرداً يُوَشِّعُ في ساحاتهِ النَّفَلا
رياضُ أُنسٍ تأملَّنا بدائعَها / فلم تُبَقِّ لنا في غيرِها امَلا
لّلهِ مِن غَزَلٍ فيها أُنظِّمُه / اِذا تقاضى غرامي عندَها الغَزَلا
يهيمُ وجداً بِمَنْ في الرملِ دارُهمُ / فأنثني طالباً من أينقُي الرَّمَلا
نظمٌ يريكَ الثريا دونَ منزلهِ / واِنْ علا رتبةً عن أوجها وَغَلا
متى تقاصرَ ذيلُ الشِّعرِ جلَّلني / منه قميصٌ متى ما اجتبتُه رَفَلا
يعيدُ مَنْ رفضَ الوجدَ القديمَ الى / ساعاتِ لهوٍ تعافى ذكرَها وَسَلا
حاشا وفائي واِن طالَ الزمانُ به / واِن تمادى بنا أنْ يعرفَ الَملَلا
أو أن أرى مَذِلاً مِن بعدِ ما ظعنوا / ولي علائقُ شوقٍ تَرْفُضُ المَذَلا
لما خلا الربعُ مِمَّنْ كان يسكنُه / أمرُّ ما كانَ منه بالدُّنُوِّ حَلا
أرى الطلولَ فتشَجيني مواثلُها / وأنثني ودموعي تُغرِقُ الطَّلَلا
والصبرُ أجملُ ثوبٍ راقَ ملبسُه / اِلاّ مع الهجرِ أوبعدَ البعادِ فَلا
عُلِّقتُ حبَّكمُ قبلَ الشبابِ وقد / أمسيتُ مرتدياً بالشيبِ مُشتمِلا
ما كنتُ مِمَّنْ يرى الأهواءَ مألَفَةً / لولا خِداعُ أمانٍ تسكنُ المُقَلا
أحيا وأيسرُ منها كلَّما رشقتْ مقاتلي / ما أراحَ الصبَّ أو قَتَلا
هيهاتَ أنّي أُرى من بعدِ هجرِكمُ / قريرَ عينٍ ويكفي هجرُكمْ شُغُلا
حالي غدا عاطلاً مِن وصلكِ الحالي
حالي غدا عاطلاً مِن وصلكِ الحالي / فكم أُغالطُ عن ذا الهجرِ آمالي
كتمتُه فوشتْ بي وهي جالهةٌ / مدامعٌ أَرْخَصَتْ مِن سريَ الغالي
يا جيرةَ الحيَّ أشمتُّمْ بهجركمُ / قبلَ التفرُّقِ لُوّامي وعُذّالي
تلقونَني ثمَّ القاكمْ ولا عجبٌ / عندَ العتابِ باِدلالٍ واِذلالِ
أبكي على مربعٍ من بعد بينكمُ / عافٍ وجسمٍ على أطلالكمْ بالِ
بأدمعٍ لم يزلْ في الوجدِ صَيَّبُها / وقفاً على جيرةٍ تنأَى وأطلالِ
وزَّعتُه بين هجرٍ أو أليمِ هوًى / ما بين ساكبِ تَهماعٍ وتَهمالِ
في أربعٍ حكمتْ أيدي النوى عبثاً / فيها بما لا جرى منّي على بالي
وقفتُ فيها / وقد سارتْ ركائبُهمْ
على ضِرامٍ لنيرانِ الهوى صالِ /
ما بين ناشدِ قلبٍ ضلَّ من وَلَهٍ / وبين منشدِ أشعارٍ وأغزالِ
منازلٌ طالَ فيها بعدما دَرَستْ / عنِ الحبائبِ تَردادي وتَسآلي
لبئس ما اعتضتُ فيها عن جمالِهمُ / من بعدِ رونقِِ اِحسانٍ واِجمالِ
يا هل يردُّ زماناً بانَ مُذْهَبُه / بكايَ في رسمِ دارٍ غيرِ محلالِ
مررتُ فيها فلم ألمحْ / وقد دَرَسَتْ
سوى رسومٍ كَبُردِ الصَّبرِ اسمالِ /
والدهرُ ما زالَ في حالاتهِ أبداً / مذ كانَ ما بين ادبارٍ واِقبالِ
يا منحنى الجِزعِ لي قلبٌ يطالِبُني / بما تقضَّى لنا في عصرِكَ الخالي
مِن حسنِ اِلفةِ أحبابٍ ومجتمعٍ / وطيبِ أوقاتِ أسحارٍ وآصالِ
تلكَ المنازلُ أبكتنا حمائمُها / وقد تغنَّينَ فوق الطلحِ والضّالِ
أجرينَ بالنوحِ دمعي في ملاعبها / فَنَحْنُ ما بين تغريدٍ واِعوالِ
منازلٌ درستْها الريحُ سافيةً / والقَطرُ ما بين مُنهلًّ ومُنهالِ
يا ريمَ رامةَ قد أمسيتَ تُسلِمُني / الى الممضَّينِ نسياني واِغفالي
قلبي وجسمي هما ما قد عرفتَهما / في النائباتِ لأوجاعٍ وأوجالِ
لا تَبْعُدَنَّ فكم في الحبَّ مِنْ نُغَصٍ / ومِنْ ملامٍ ومِنْ قيلٍ ومِنْ قالِ
تركتُه لأناسٍ يَحفِلُونَ به / وقلَّ بالعذلِ واللوامِ اِحفالي
يا حبذا زمنٌ لم تُمْنَ راحلتي / فيه بشدًّ إلى السرى واِرقالِ
كلاّ ولم أُمْنَ / والأيامُ تجمعُنا
قبلَ الفراقِ / باِزماعٍ وتَرحالِ
ايامَ كان غزالُ الحيَّ مؤتَمناً / على الهوى لم تَشُنْهُ نفرَةُ القالِ
واليومَ أُصبِحُ في وجدي وفي حُرَقي / بمعزلٍ عن جوى قلبي وبَلْبَالي
نبّاذُ فيه حضماهُ مِن لواحظِه / خوفاً عليه بسيّافٍ ونبّالِ
ما في المحبينَ مثلي في صبابتهِ / يا بُعدَ مطلبِ أضرابي وأشكالي
تاللهِ أنسى هواه أو أُرى أبداً / عنه وعن حبَّهِ ما عشتُ بالسالي
ولا أرى عوضاً منه ولو سمحَ / الزَّمانُ عنه بأعراض وأبدالِ
ولستُ أُصبِحُ عنه الدهرَ في شُغُلِ / إِلاّ به فهو أوطاري وأشغالي
يا طالبَ الشَّعرِ تُعييهِ مذاهبُهُ / فينثني منه في ضيق ٍ واِشكالِ
خُذْها فكم مِن فنونٍ في طرائفِه / فيها ومِن حِكَمٍ تسري وأمثالِ
يا أيُّها البدرُ الذي ريقُه
يا أيُّها البدرُ الذي ريقُه / خمرٌ له في فيهِ جِرْيالُ
خدُّكَ أضحى كالشقيقِ الذي / له على وجنتهِ خالُ
وبدرُ تمًّ يحاكي رِيقُ مبسمهِ
وبدرُ تمًّ يحاكي رِيقُ مبسمهِ / خمراً سقِيت به مِن فيهِ جِرْيالا
لو لم يكن خدُّه مثلَ الشقيقِ لما / كان السوادُ الذي يحتلُّه خالا
رحلوا سحراً جلبوا فِكَراً
رحلوا سحراً جلبوا فِكَراً / فِكَراً جلبوا سحراً رحلوا
عدلوا عن عهدِهمُ طوعاً / طوعاً عن عهدِهمُ عدلوا
فعلوا بِدَعاً بمحبتِّهمُ / بمحبتِّهمُ بِدَعاً فعلوا
جَهِلوا كلفي بمحاسنهمْ / بمحاسنهمْ كلفي جَهِلوا
كَمُلوا حسناً طابوا خبراً / خبراً طابوا حسناً كَمُلوا
أبثُّكَ ما بي أم كفاكَ نحولي
أبثُّكَ ما بي أم كفاكَ نحولي / ففيه على وجدي أتَمُّ دليلِ
يُخبَّرُ عما في الضمائرِ صادقاً / بغيرِ كلامٍ لا يُفيدُ طويلِ
ومذ نَمَّ فرطُ السُّقمِ عنه بحالهِ / تَرَفَّعَ عن واشٍ به وعذولِ
فيا أهلَ ودَّي كيفَ حلَّلتمُ النوى / أمِنْ خوفِ مالٍ في الغرامِ وقيلِ
مللتُمْ هوًى ما أن مللتُ عذابَهُ / على أن ما في الغيدِ غيرُ ملولِ
وخلَّفتموني في الديارِ وبنتمُ / بطرفٍ على بالي الديارِ هَمولِ
وتندو دموعي والدموعُ بواعثٌ / دواعي الأسى مِن زفرةٍ وعويلِ
وألفى شجاعُ البينِ منّي تجلداً / بصبرٍ على حكمِ الغرامِ ذليلِ
فما حيلتي ما في الأحبَّةِ راحمٌ / ولا في رجالِ الوجدِ غيرُ جهولِ
وكم لهم في كلَّ ربعٍ ومنزلٍ / حليفَيْ هوًى مِن قاتلٍ وقتيلِ
ولمّا جَزَعنا الجِزعَ قلتُ لناقتي / الى دارِ ليلى بالأجارعِ ميلي
تُراحَيْ مِن الاراقلِ في كلَّ مهمهٍ / وهَجْلٍ إلى سكانِها وذميلِ
مِنَ الهوجِ لم تغلْ واِنْ كظَّها السُّرى / الى كلَّ حيًّ نازحٍ وقبيلِ
اِذا هالَها الاِدلاجُ والخرقُ لم تُرَعْ / واِنْ سمعتْ للموتِ كلَّ أليلِ
تَغُذُّ بذي وجدٍ براهُ على النوى / نوازعُ شوقٍ في الفؤادِ دخيلِ
فمَنْ لأخِ الوجدِ العليلِ على النوى / بقربِ مزارٍ أو بِبَلَّ غليلِ
معنًّى بأغصانِ القدودِ رشيقةً / كبانِ الحِمى في دِقَّةٍ وذبولِ
يُرنَّحُها سكرُ الصَّبا فيُميلُها / دلالاً على العلاّتِ كلَّ مَمِيلِ
ولمّا وقفنا للوَداعِ اِشارةً / بطرفٍ مِنَ السَّجفِ الخفيَّ كحيلِ
وقد عنَّ مِن سربِ الغواني ربابٌ / سنحنَ لنا في مَرْبَعٍ ومَقيلِ
وقفتُ فلم أملِكْ بوادرَ عبرةٍ / تَسُحُّ على ربعٍ لهنَّ مَحيلِ
وما الدمعُ إلا للفراقِ فيها بأهلِها / وعهدَ الصَّبا في بُكْرَةٍ وأصيلِ
اِذا بَعُدَ الأحبابُ عنّي ولم أجدْ / رسولاً اليهمْ فالنسيمُ رسولي
أسائلُ عنهمْ كلَّ ريحٍ تنسَّمتْ / عليَّ ضُحًى مِن شمأَلٍ وقَبُولِ
فيا حبذا ذاكَ الزمانُ الذي مضى / حميداً باِلْفٍ يُرتضى وخليلِ
زماناً تقضَّى ما رأيناهُ سامنا / على ولَعٍ في الدهرِ غيرَ جميلِ
صَحِبْنا به تلكَ الغواني أوانساً / الى ظِلَّ عيشٍ للشبابِ ظليلِ
سأمدحُ ذيّاكَ الزمانَ بمِقْولٍ / يُريكَ لسانَ الشعرِ غيرَ كليلِ
بمدحٍ إذا فاهَ الرواةُ به غداً / قليلٌ مديحي وهو غيرُ قليلِ
على أن أهلَ الشَّعرِ امْسَوا وأصبحوا / كثيراً وما في الأكثرينَ عديلي
حُيَّيتِ مِن دِمَنٍ ومِن أطلالٍ
حُيَّيتِ مِن دِمَنٍ ومِن أطلالٍ / ومنازلٍ بالرقمتينِ بوالِ
أجَّجنَ بين أضالِعي نارَ الهوى / بمرابعٍ مِن أهلهنَّ خوالِ
فسقى معاهدَها عهادُ مدامعٍ / يغشى الطلولَ بوبلهِ الهطّالِ
يهمي إذا بخلَ السحابُ على الثرى / بسحابةٍ وطفاءَ ذاتِ عزالي
يروي ديارَ الغانياتِ مُلِثُّهُ / وكِناسَ كلَّ غزالةٍ وغزالِ
فيهنَّ مِن عَصْبِ الملاحةِ عصبةٌ / برعوا جمالاً فوقَ كلَّ جمالِ
مِن كلَّ حوراءِ اللحاظِ جفونُها / ترمي فؤادَ محبَها بنبالِ
وقَوامِ ساجي الطرفِ يهزأُ قدُّه / مِن لينهِ بالأسمرِ العَسّالِ
رشقوا فؤادي يومَ رامةَ فانثنى / عنهم بوجدٍ ما ألمَّ ببالي
ولربَّ ليلٍ قد فَرَيتُ أديمَهُ / مِن فوقِ كلَّ نجيبةٍ مِحلالِ
حرّانَ احتثُّ النياقُ سواهماً / في البيدِ بينَ دَكادِكٍ ورِمالِ
أضحتْ تُراعُ مِن السَّياطِ كأنَّما / تلكَ السياطُ قواتلُ الأصلالِ
من كلَّ جائلةِ الوَضينِ أذابَها / الاِعمالُ بينَ النصَّ والاِرقالِ
فتخالُها مثلَ السفائنِ في الضحى / تعلو وترسبُ في بحارِ الآلِ
طمعاً بعودِ الظاعنينَ وعودِ ما / قد ماتَ من قربٍ وطيبِ وصالِ
فلقد حُرِمتُ ببعدِ جيرانِ النقا / نوماً أُواصلَ فيه طيفَ خيالِ
ومِن العجائبِ أن أُعلَّلَ بعدما / بانَ الأحبَّةُ عنهمُ بمحالِ
وأُروَّحَ القلبَ الذي لم ينسَهمْ / بعدَ النوى بكواذبِ الآمالِ
هيهاتَ أن يُسليهِ بعدَ رحيلهمْ / طولُ المدى وتنقُّلُ الأحوالِ
فلَكَمْ سكبتْ على المنازلِ أدمعاً / أرخصتُهنَّ ن وكنَّ قبلُ غوالي
وأذلتُ دمعي في عراصِ ربوعِها / سَحّاً ولم يكُ قبلَهُ بِمُذالِ
وسألتُها عن أهلهنَّ وما الذي أجدى / وقد رحلَ الخليطُ سؤالي
في كلَّ يومٍ لا أزالُ مروَّعاً / بغناءِ حادٍ أو بِزَمَّ جِمالِ
ولهانَ أقلقُ للحمامِ إذا شدا / مِن فوقِ البانةِ الميّالِ
ولبارقٍ ما لاحَ في غَسَقِ الدُّجى / اِلاّ أَرِقْتُ لومضهِ المتعالي
ما لي وما للامعاتِ أَشيمُها / سَفَهاً وما للهاتفاتِ ومالي
يُضْرِمْنَ في قلبي لواعجَ جمرِه / قلبي لها بعدَ التفرُّقِِ صالِ
ما هبَّ معتلُّ النسيمِ عنِ الحِمى / اِلاّ فَزِعتُ إلى صَباً وشَمالِ
وسألتُ نفّاحَ النسيمِ لأنَّهُ / يَدري بِكُنْهِ قضيَّتي وبحالي
عن جيرة لم تخل فكرة خاطري / من ذكر أيام لهم وليال
يا حارِ قد غَدَتِ الديارُ عواطلاً / منهمْ وقد كانت وهنَّ حوالِ
أُرْدُدْ عليَّ الظاعنينَ وخلَّني / وهواهمُ وملامةَ العُذّالِ
ودعِ القريضَ لقائليهِ سوى الذي / يأتيكَ مثلَ الدرَّ مِن أغزالي
فلقد ظَفِرتُ مِن النظيمِ ببحرهِ ال / طامي وغيري منه بالأوشالِ
مِن كلَّ قافيةٍ ترى في طيَّها / ما شئتَ مِن حِكَمٍ ومِن أمثالِ
وعلى جزالتِها وجودةِ سكبِها / لم تمشِ يوماً مِسيةَ المختالِ
ولها المعاني الباهراتُ يَزينُها / لفظٌ كما نَضَّدْتَ سِمْطَ لآلي
شِعرٌ هو السَّحرُ الحلالُ وغيرُه / شِعرٌ إذا ما جاءَ غيرُ حلالِ
سِيّانِ اِكثاري إذا ألفَّتُه / يَحكي النجومَ الزُّهْرَ أو اِقلالي
فالفضلُ تعرفهُ وتعرفُ أهلَه / بأقلَّ شيءٍ مِن بديعِ مقالِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025