المجموع : 9
جاءَ المَسِيحُ مِنَ الإلهِ رَسُولا
جاءَ المَسِيحُ مِنَ الإلهِ رَسُولا / فأبَى أَقَلُّ العالَمِينَ عُقُولا
قَوْمٌ رَأَوْا بَشَرَاً كريماً فادَّعَوْا / مِنْ جَهْلِهِمْ للَّهِ فيهِ حُلولا
وَعِصَابَةٌ ما صَدَّقَتهُ وَأَكثَرَت / بالإِفكِ والبُهْتانِ فيهِ القِيلا
لَمْ يَأْتِ فيهِ مُفْرِطٌ ومُفَرِّطٌ / بالحَقِّ تَجرِيحاً وَلا تَعدِيلا
فكَأَنَّما جاءَ المَسِيحُ إليهمُ / لِيُكَذِّبُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلا
فاعجَب لِأُمَّتِهِ الّتي قد صَيَّرَتْ / تَنْزِيهَها لإِلهِها التَّنْكِيلا
وإِذا أرادَ اللَّهُ فِتْنَةَ مَعْشَرٍ / وَأَضَلَّهُمْ رَأَوُا القَبِيحَ جَمِيلا
هُمْ بَجَّلوهُ بِباطِلٍ فابْتَزَّهُ / أَعْداؤُهُ بالباطِلِ التَّبجِيلا
وتَقَطَّعُوا أَمْرَ العَقائِدِ بينهم / زُمَراً ألَم تَرَ عِقدَها مَحْلُولا
هَوَ آدَمٌ فِي الفَضْلِ إِلَّا أنّهُ / لَمْ يُعْطَ حالَ النَّفْخَةِ التَّكْمِيلا
أسَمِعْتُمُ أنَّ الإِلهَ لحَاجَةٍ / يَتَنَاوَلُ المَشْرُوبَ وَالمَأْكُولا
ويَنَامُ مِنْ تَعَبٍ وَيَدْعُو رَبَّهُ / ويَرُومُ مِنْ حَرِّ الهَجِيرِ مَقِيلا
ويَمَسُّهُ الألَمُ الَّذِي لَمْ يَسْتَطِع / صَرْفَاً لَهُ عنهُ ولا تَحْوِيلا
يا ليتَ شِعْرِي حِينَ ماتَ بِزَعْمِهِم / من كانَ بالتَّدْبِيرِ عنه كَفِيلا
هَلْ كانَ هذا الكَوْنُ دَبَّرَ نَفْسَهُ / مِنْ بَعْدِهِ أَمْ آثَرَ التَّعْطِيلا
اجْزُوا اليَهُودَ بِصَلْبِهِ خَيْراً ولا / تُخْزُوا يَهُوذَا الآخِذَ البِرْطِيلا
زَعَمُوا الإلهَ فَدَى العَبيدَ بِنَفْسهِ / وأراهُ كانُ القاتِلَ المَقْتُولا
أيَكونُ قَوْمٌ في الجَحِيمِ ويَصْطَفِي / منهم كَلِيماً رَبُّنا وخَلِيلا
وإذا فَرَضْتُمْ أنَّ عيسى ربّكُمْ / أفَلَمْ يَكُنْ لِفِدَائِكُمْ مَبْذُولا
وأُجِلُّ رُوحاً قامَتِ المَوْتَى بهِ / عَنْ أَنْ يُرَى بِيَدِ اليَهودِ قَتِيلا
فَدَعُوا حديثَ الصَّلْبِ عَنْهُ ودُونكُمْ / مِن كُتبِكُم ما وافَقَ التَّنْزِيلا
شَهِدَ الزَّبُورُ بِحِفْظِهِ ونَجاتِهِ / أَفَتَجْعَلُونَ دَلِيلَهُ مَدْخُولا
أَيَكُونُ مَنْ حَفِظَ الإلهُ مُضَيَّعاً / أَوْ مَنْ أُشِيدَ بِنَصْرِهِ مَخْذُولا
أَيَجُوزُ قَوْلُ مَنَزِّهٍ لإِلههِ / سبحانَ قاتِلِ نَفْسِهِ فأَقُولا
أَو جَلَّ مَنْ جَعَلَ اليَهُودُ بِزَعمِكُمْ / شَوْكَ القَتادِ لِرَأْسِهِ إكلِيلا
ومَضَى بِحَمْلِ صَلِيبِهِ مُستَسلِماً / لِلموتِ مَكتُوفَ اليَدَينِ ذَلِيلا
كَم ذا أُبَكِّتُكُم وَلَمْ تَستَنكِفُوا / أنْ تَسْمَعُوا التَّبْكِيتَ والتَّخجِيلا
ضَلَّ النَّصارَى في المَسِيحِ وَأَقْسَمُوا / لا يَهْتَدُونَ إلَى الرَّشادِ سَبِيلا
جَعَلُوا الثَّلاثَةَ واحِداً وَلوِ اهتَدَوا / لَمْ يَجْعَلوا العَدَدَ الكَثيرَ قليلا
عَبَدُوا إلهاً مِنْ إلهٍ كائِناً / ذَا صُورَةٍ ضَلّوا بها وهَيُولَى
ضَلَّ النَّصارَى واليَهُودُ فلا تَكُنْ / بِهِم عَلَى سُبُلِ الهُدَى مَدلُولا
والمُدَّعُو التَّثلِيث قَوْمٌ سَوَّغُوا / ما خالف المنقولَ والمَعْقُولا
والعابِدُونَ العِجْلَ قد فُتِنُوا به / ودُّوا اتِّخاذَ المُرْسَلِينَ عُجُولا
فإذا أتَتْ بُشْرَى إليهِم كَذَّبُوا / بِهَوَى النُّفُوسِ وقُتِّلُوا تَقْتِيلا
وَكَفَى اليهودَ بأنهم قد مَثَّلُوا / مَعْبُودَهمْ بِعِبادِهِ تَمثيلا
وبأَنَّ إسرائيلَ صارعَ رَبَّهُ / ورَمَى به شُكْراً لإِسْرائيلا
وبأنَّهم رحَلُوا به في قُبَّةٍ / إذْ أَزْمَعُوا نَحْوَ الشآمِ رَحِيلا
وبِأنَّهمْ سَمِعُوا كلامَ إلهِهِمْ / وسَبِيلُهُم أنْ يَسْمَعُوا المَنْقُولا
وبِأنَّهمْ ضَرَبُوا لِيَسْمَعَ ربُّهُمْ / في الحَربِ بُوقاتٍ لَهُ وَطُبُولا
وبأَنَّ رَبَّ العالَمِينَ بَدا لَهُ / في خَلْقِ آدَمَ يَا لَهُ تَجْهِيلا
وبَدا لَهُ في قَوْمِ نوح وانثَنَى / أسَفاً يَعُضُّ بَنَانَهُ مَذْهُولا
وبِأَنَّ إبراهيمَ حاولَ أَكْلَهُ / خُبْزَاً وَرامَ لِرِجلِهِ تَغْسِيلا
وبأَنَّ أموالَ الطَّوائِفِ حُلِّلَتْ / لهُمُ رباً وخيانَةً وَغُلولا
وبِأنَّهم لَم يَخْرُجُوا مِنْ أَرضِهِم / فكأنّهم حسِبُوا الخُروجَ دُخُولا
وحَدِيثُهُم في الأَنبِياءِ فلا تَسَل / عنه وخَلِّ غِطاءهُ مَسْدُولا
لَم يَنتَهُوا عَن قَذفِ دَاوُودَ وَلا / لوطٍ فكيفَ بِقذْفِهِمْ رُوبِيلا
وَعَزَوْا إلَى يَعقُوبَ مِن أَولادِهِ / ذِكْراً مِنَ الفِعْلِ القَبِيحِ مَهولا
وَإلى المَسِيحِ وَأُمِّهِ وَكَفَى بها / صِدِّيقَةً حَمَلَتْ به وَبَتُولا
وَلِمَنْ تَعَلَّقَ بالصَّلِيبِ بِزَعمِهِم / لَعْناً يَعُودُ عليهمُ مكفولا
وَجَنَوْا عَلَى هارونَ بالعِجْلِ الّذي / نَسَبُوا لَهُ تَصْوِيرَهُ تَضْلِيلا
وَبأنَّ موسى صَوَّرَ الصُّوَرَ التي / ما حَلَّ منها نَهْيُهُ مَعْقُولا
ورَضُوا لهُ غَضَبَ الإِلهِ فلا عَدا / غَضَبُ الإلهِ عَدُوَّهُ الضِّلِّيلا
وبأنَّ سِحْراً ما اسْتطاعَ لآيَةٍ / منه وَلا اسطاعَتْ لهُ تَبْطِيلا
وبأنَّ ما أبْدَى لهُمْ مِنْ آيَةٍ / أبْدَوا إلَيهِ مْلَها تَخييلا
إِلَّا البَعُوضَ ولا يَزالُ مُعانِداً / لإِلهِهِ بِبَعُوضَةٍ مَخْذُولا
ورَضُوا لِمُوسى أنْ يقولَ فواحِشاً / خَتَمَتْ وَصِيَّتُهُ لهنَّ فصُولا
نَقَلوا فَواحِشَ عَن كليمِ اللَّهِ لَم / يَكُ مِثلُها عَنْ مِثلِهِ مَنُقُولا
وأَظُنُّهُمْ قد خالفوه فعجَّلتْ / لهُمُ العُقوبة بالخنا تعْجِيلا
وَشَكَتْ رِجالُهُمُ مَصادِرَ ذَيْلِها / ونِساؤُهُمْ غيرَ البُعُولِ بُعولا
لُعِنَ الَّذينَ رَأوْا سَبِيلَ مُحَمَّدٍ / وَالمُؤْمِنِينَ بِهِ أضَلَّ سَبِيلا
أَبْناءُ حَيَّاتٍ ألَم تَرَ أنّهم / يَجِدُونَ دِريَاقَ السُّمومِ قَتولا
مُذْ فارَقوا العِجْلَ الّذي فُتِنُوا به / وَدُّوا اتِّخاذَ الأنبياءِ عُجُولا
فإِذا أتَى بَشَرٌ إليهم كَذَّبُوا / بِهَوَى النُّفُوسِ وقُتِّلُوا تَقْتِيلا
أَخلَوا كِتابَ اللَّهِ مِن أَحكَامِهِ / عَدواً وَكانَ العامِرَ المَأهُولا
جَعلوا الحَرامَ بهِ حَلالاً وَالهُدَى / غَيّاً وَمَوْصولَ التُّقَى مَفْصُولا
وَدَعَاهُم ما ضَيَّعُوا مِنْ فَضْلِهِ / أنْ يَمْلَؤُوهُ مِنَ الكلامِ فُضُولا
كَتَمُوا العِبَادَةَ والمعادَ وَما رَعَوْا / لِلحَقِّ تَعجِيلاً وَلا تَأجِيلا
عَجَباً لَهُم وَالسَّبتُ بَيعٌ عِندَهُم / لَم يَلقَ منهُ المُشتَرُون مَقِيلا
هَلَّا عَصَوا في السَّبتِ يُوشَعَ إذ غَدا / يَدْعُو جُنُوداً للوَغَى وخُيُولا
أَو خالَفُوا هارُونَ في ذبحٍ وَفي / عَجْنٍ به لَمْ يُبْدِ عنهُ نُكُولا
أو أَلْحَقُوا بهما المَسِيحَ وَسَوَّغُوا ال / تَحْرِيمَ في الحالَيْنِ والتَّحْلِيلا
أو أثبَتُوا النَّسخَ الَّذي في كُتبِهم / قد نُصَّ عنْ شَعْيا وعَنْ يُوئِيلا
أوَ لَمْ يَرَوْا حُكْمَ العَتِيقَةْ ناسِخاً / أحكامَ كُتْبِ المُرْسَلِينَ الأُولى
أفَيَأنَفُ الكُفَّارُ أنْ يَستَدرِكُوا / قَوْلاً عَلَى خيرِ الوَرَى مَنحُولا
لا دَرَّ دَرُّهُمُ فإنَّ كلامَهم / يذَرُ الثَّرَى مِنْ أَدْمُعِي مَبْلولا
فكأنَّني ألفَيْتُ مُقْلَةَ فاقِدٍ / ثَكْلَى ومُوجَعَةٍ تُصِيبُ عَوِيلا
ظَنُّوا بربِّهِمُ الظُّنُونَ ورُسْلِهِ / وَرَمَوْا إناثاً بالأَذَى وَفُحُولا
إن يَبخسُوهُ بِكَيْلِ زُورٍ حَقَّهُ / فَلأُوسِعَنَّهُمُ الجزاءَ مَكِيلا
وَمِنَ الغَبِينَةِ أنْ يُجازي إفْكَهُم / صِدْقِي ولَسْنا في الكَلامِ شُكُولا
لَو يَصْدُقُونَ لَمَا أتَت رُسُلٌ لهُمْ / أتَرَى الطَّبِيبَ غَدَا يَزورُ عَلِيلا
إنْ أنكَرُوا فضلَ النبيِّ فإنّما / أرخَوا عَلَى ضَوءِ النَّهارِ سُدُولا
اللَّه أَكبَرُ إنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ / وكتَابَهُ أَقْوَى وَأَقْوَمُ قِيلا
طَلَعَت بهِ شمسُ الهِدَايَةِ لِلوَرَى / وَأبى لَها وصْفُ الكمالِ أُفُولا
والحَقُّ أَبْلَجُ في شريعَتِهِ الّتي / جَمَعَتْ فروعاً لِلْوَرَى وأُصُولا
لا تَذْكُروا الكتبَ السَّوالِفَ عندَهُ / طَلَعَ النَّهارُ فأَطْفِئُوا القِنْدِيلا
دَرَسَت معالِمُها ألا فاستَخبِرُوا / منها رُسوماً قد عَفَتْ وطُلُولا
تُخبِركُمُ التَّوراةُ أنْ قد بَشَّرَتْ / قِدْماً بأَحْمَدَ أَمْ بإسْماعِيلا
وَدَعَتهُ وَحشَ النَّاسِ كلُّ نَدِيَّةٍ / وَعَلَى الجَمِيعِ لَهُ الأَيادِي الطُّولَى
تَجِدُوا الصحيحَ مِنَ السَّقِيمِ فطالما / صَدَقَ الحَبِيبُ هَوَى المحِبِّ نُحولا
مَنْ مِثْلُ موسَى قد أُقِيمَ لأَهْلِهِ / مِنْ بَيْنَ إخْوَتِهِمْ سِواهُ رَسولا
أَو أنَّ إخْوَتَهمْ بنو العِيصِ الّذي / نُقِلَتْ بَكارَتُهُ لإِسْرائيلا
تَاللَّهِ ما كانَ المُرادُ به فَتَى / موسَى ولا عِيسَى وَلا شَمْوِيلا
إذْ لَنْ يَقُومَ لَهُمْ نَبِيٌّ مِثْلُهُ / منهم ولو كانَ النَّبِيُّ مَثيلا
طوبى لِمُوسى حينَ بَشَّرَ باسمِهِ / ولِسامِعٍ مِنْ فَضْلِهِ ما قيلا
وَجِبالُ فارانَ الرَّواسِي إنّها / نالت عَلَى الدُّنيا به التَّفضيلا
واستَخبِرُوا الإِنْجِيلَ عنه وحاذِرُوا / مِنْ لَفْظِهِ التَّحْرِيفَ والتَّبْدِيلا
إنْ يَدْعُهُ الإِنْجِيلُ فارِقْلِيطَهُ / فلَقَدْ دَعاهُ قبلَ ذلكَ إيلا
ودَعاهُ رُوحَ الحَقِّ لِلوَحيِ الّذي / يُتْلَى عَليه بُكْرَةً وَأَصِيلا
وأراهُ لا بِتَكلُّمٍ إِلَّا إذا / أرفَعتُ عنكم للإِلهِ مَقُولا
إنْ أنْطَلقْ عنكم يَكُنْ خيرٌ لكم / لِيَجِيئَكُمْ مَنْ تَرْتَضُوهُ بَدِيلا
يَأتِي على اسْمِ اللَّهِ منه مُبارَكٌ / ما كانَ مَوْعِدُ بَعْثِهِ مَمْطُولا
يَتْلُو كِتَابَ البَيِّنَاتِ كِتابُهُ / ويَرُدُّ أَمْثالِي به التَّأوِيلا
وَيُفَنِّدُ العُلَماءَ تَوْبِيخاً لَهُم / وكَفَاهُمُ بِخَطِيئَةٍ تَخْجِيلا
ويُزِيحُ مُلْكَ اللَّهِ منكم عَنوَةً / لِيُبيحَهُ أهلَ التُّقَى ويُنيلا
وكما شَهِدْتُ لهُ سَيَشهَدُ لِي إذا / صار العليمُ بما أتَيْتُ جَهُولا
يُبْدِي الحوادِثَ والغُيُوبَ حَدِيثُهُ / وَيسوسُكُمْ بالحَقِّ جِيلاً جِيلا
هُوَ صَخْرَةٌ ما زُوحِمَتْ صَدَمَتْ فلا / تَبْغُوا لها إلَّا النُّجُومَ وُعُولا
والآخِرونَ الأَوَّلونَ فَقَوْمُهُ / أَخَذُوا عَلَى العَمَلِ القَلِيلِ جَزِيلا
والمُنْحَمنَّا لا تَشْكُّوا إنْ أتَى / لَكُمُ فليسَ مَجِيئُهُ مَجْهُولا
وَهُوَ المُوَكَّلُ آخِراً بالكَرمِ لا / يَخْتَارُ مالِكُهُ عليه وكيلا
وَهوَ الَّذي مِن بعدِ يَحيَى جاءهم / إذْ كانَ يَحيَى لِلْمَسِيحِ رَسيلا
وَسَلُوا الزَّبورَ فإنَّ فيه الآن مِن / فصْلِ الخطابِ أوامِراً وفصولا
فهوَ الَّذي نَعَتَ الزَّبورُ مُقَلَّداً / ذا شَفْرَتَيْنِ مِنَ السُّيوفِ صَقِيلا
قُرِنَت بِهَيبَتِهِ شَريعَةُ دِينِهِ / فَأَراكَ أَخْذَ الكافِرِينَ وبِيلا
فاضَت عَلَى شَفَتَيْهِ رَحْمَةُ رَبِّهِ / فاستَشْفِ مِنْ تِلْكَ الشِّفاه عَلِيلا
وَلِغالِبٍ مِنْ حَمْدِهِ وَبَهَائِهِ / مَلأَ الأَعادِي ذِلَّةً وخُمولا
فِي أُمَّةٍ خُصَّتْ بِكلِّ كَرَامَةٍ / وتَفَيَّأَتْ ظِلَّ الصَّلاحِ ظَلِيلا
وَعَلَى مَضاجِعهِم وكلِّ ثَنِيَّةٍ / كلٌّ يُسِرُّ وَيُعلِنُ التَّهْلِيلا
رُهْبانُ لَيْلٍ أُسْدُ حَرْبٍ لم تَلِج / إِلَّا القَنا يَوْمَ الكَرِيهَةِ غِيلا
كم غادَروا الملك الجليلَ مُقَيَّداً / والقَرْمَ مِنْ أشْرَافِهِمْ مَغْلُولا
فاللَّهُ مُنتَقِمٌ بِهِم مِن كُلِّ مَنْ / يَبْغِي عَلَى الحَقِّ المُبينِ عُدُولا
أَعَجِبْتَ مِنْ مَلكٍ رَأَيْتَ مُقَيَّداً / وَشرِيفِ قَوْمٍ عِنْدَهمْ مَغْلولا
خَضَعَتْ مُلوكُ الأرضِ طائِعَةً لَهُ / وغَدا به قرْبانُهُمْ مَقْبُولا
ما زَالَ لِلمُستَضعَفِينَ مُؤَازِراً / وَأُلي الصَّلاحِ وَلِلعُفاةِ بَذُولا
لمْ يَدْعُهُ ذُو فاقَةٍ وضَرُورَةٍ / إِلَّا ونالَ بِجُودِهِ المَأْمُولا
ذاكَ الَّذِي لم يَدعُهُ ذُو فاقَةٍ / إِلَّا وكانَ لهُ الزَّمانُ مُنِيلا
تَبْقَى الصَّلاةُ عليهِ دائمَةً فَخُذ / وَصْفَ النبيِّ مِنَ الزُّبُورِ مَقُولا
وَكِتابُ شَعْيا مُخْبِرٌ عَنْ رَبِّهِ / فاسْمَعْهُ يُفْرِحُ قَلْبَكَ المَتْبُولا
عَبْدِي الَّذي سُرَّتْ به نَفسِي وَمَن / وَحْيِي عليه مُنزَّلٌ تَنزِيلا
لَمْ أُعْطِ ما أَعْطَيْتُهُ أَحَداً مِنَ ال / فَضْلِ العظيمِ وحَسْبُهُ تَخْوِيلا
يَأتِي فَيُظهِرُ في الوَرَى عَدْلِي وَلم / يَكُ بالهَوَى في حُكْمِهِ لِيَمِيلا
إنْ غَضَّ مِنْ بَصَرٍ وَمِنْ صَوْتٍ فما / غَضَّ التُّقَى والفَضلُ مِنهُ كلِيلا
فَتَحَ العُيُونَ العُورَ لكنَّ العِدا / عَنْ فضلِهِ صَرَفُوا العُيُونَ الحُولا
أَحيا القلوبَ الغُلفَ أَسمَعَ كلَّ ذِي / صَمَمٍ وَكَمْ داءٍ أزالَ دَخِيلا
يُوصِي إلى الأُمَمِ الوصايا مِثْلَمَا / يُوصِي الأَبُ البَرُّ الرَّحِيمُ سَلِيلا
لا تُضْحِكُ الدُّنيا لهُ سِنّاً وَما / لَمْ يُؤْتَ منها عَدَّهُ تَنوِيلا
منْ غيرُ أحمدَ جاءَ يَحْمَدُ رَبَّهُ / حَمْداً جَدِيداً بالمزِيدِ كَفِيلا
وَكِتابُهُ ما ليسَ يُطْفَأُ نُورُهُ / والحَقُّ مُنْقَادٌ إليه ذَلولا
خَصَمَ العِبادَ بِحُجَّةِ اللَّهِ الَّتي / أمْسَى بها عُذْرُ الوَرَى مَتْبُولا
فَرِحَتْ بهِ البَرِّيَّةُ القُصْوَى وَمَنْ / فيها وفاضَلَتِ الوُعُورُ سُهولا
فَزَهَت وَنالَت حُسنَ لُبنانَ الَّذي / لَولا كَرامَةُ أَحمَدٍ ما نِيلا
مُلِئت مَساكِنُ آلِ قَيْدارٍ به / عِزّاً وطابَتْ مَنْزِلاً ونَزِيلا
جَعَلُوا الكَرامَةَ لِلإِلهِ فَأُكرِمُوا / فاللَّه يَجْزِي بالجَمِيلِ جَمِيلا
وَلِبَيتِهِ الحَرَمِ الحرامِ طَرِيقُهُ / يَتْلُو رَعِيلَ المخلِصِينَ رَعِيلا
لا تَخطُرُ الأَرجاسُ فيهِ وَلا يُرَى / لِخُطاهُمُ في أَرْضِهِ تَنقِيلا
كَتِفاهُ بينهما علامَةُ مُلكِهِ / للَّهِ مُلكٌ لا يَزالُ أثيلا
مَن كانَ مِن حِزبِ الإلهِ فَلَم يَزَل / منه بِحُسْنِ عِنايَةٍ مَشْمُولا
هُوَ راكِبُ الجَمَل الَّذي سَقَطَتْ بهِ / أصْنامُ بابِلَ قد أتاكَ دَلِيلا
وَالغَرْسُ في البَدْوِ المُشار لِفَضْلِهِ / إنْ كُنْتَ تَجْهلُهُ فَسَلْ حِزْقِيلا
غُرِسَتْ بأَرْضِ البَدْوِ منه دَوْحَةٌ / لَمْ تَخْشَ مِنْ عَطَشِ الفَلاةِ ذُبُولا
فَأَتَتْكَ فاضِلَةَ الغُصُونِ وأَخرَجَت / ناراً لِمَا غَرَسَ اليَهُودُ أَكُولا
ذَهَبَتْ بِكَرْمَةِ قَوْمِ سَوءٍ ذُلِّلَتْ / بِيَدِ الغُرورِ قُطُوفُها تَذلِيلا
وَسَلو المَلائِكَةَ التي قد أَيَّدَتْ / قَيْدارَ تُبْدِي العِلَّةَ المَعْلولا
وسَلنَّ حَبقُوقَ المُصَرِّحَ بِاسمِهِ
وسَلنَّ حَبقُوقَ المُصَرِّحَ بِاسمِهِ / وَبِوَصْفِهِ وَكَفَى به مَسؤولا
إذْ أوْصَلَ القَوْلَ الصَّريحَ بذِكْرِهِ / للسَّامِعِينَ فأَحْسَنَ التَّوصِيلا
والأرضُ مِنَ تَحمِيدِ أحمدَ أَصبَحَت / وبِنُورِهِ عَرْضاً تُضِيءُ وطُولا
رَوِيَتْ سِهَامُ مُحَمَّدٍ بِقِسِيِّهِ / وغَدا بها مَن ناضَلَت مَنضُولا
وَاسمَع بِرُؤيا بُخْتَنَصَّرَ وَالتَمِس / مِنْ دانِيالَ لها إذَنْ تَأْوِيلا
وَسَلُوهَ كَمْ تَمْتَدُّ دَعْوَةُ باطِلٍ / لتُزِيحَ عِلَّةَ مُبطِلٍ وَتُزِيلا
وَارمِ العِدا بِبَشائِرٍ عَن أَرمِيا / إذ كَفَّ نَبلُ كِنانِهِ مَتبُولا
إذ قالَ قد قَدَّستُهُ وعَصَمتُهُ / وَجَعَلتُ لِلأَجْناسِ منهُ رَسُولا
وَجَعَلتُ تَقْدِيسِي قُبَيْلَ وُجُودِهِ / وَعداً عَلَيَّ كَبَعثِهِ مَفعُولا
وحَدِيثُ مَكَّةَ قد رواهَ مُطَولاً / شَعْيا فخُذهُ وَجَانِبِ التَّطوِيلا
إذْ راحَ بالقَوْلِ الصَّرِيحِ مُبَشِّراً / بالنَّسلِ مِنها عاقِراً مَعضولا
وتَشَرَّفَت باسمٍ جَدِيدٍ فادعُها / حَرَمَ الإِلهِ بَلَغْتَ منه السُّولا
فَتَنَبَّهَت بعدَ الخُمولِ وَكُلِّلَت / أَبوابُها وسُقُوفُها تَكلِيلا
وَنَأَت عَنِ الظُّلمِ الّذي لا يَبتَغِي / لِخضابِهِ شَيْبُ الزَّمانِ نُصولا
حَرَمٌ عَلَى حَمْلِ السِّلاحِ مُحَرَّمٌ / فكأنّما يَسْقِي السُّيُوفَ فُلولا
وَتَخَالُ مِن تَحرِيمِ حُرمَتِهِ العِدا / عُزلاً وإن لَبِسُوا السِّلاحَ ومِيلا
لَمْ يُتَّخذ بَيْتٌ سِواهُ قِبْلةً / فازدَد بِذَاكَ لِمَا أَقُولُ قَبُولا
وبَنُو نَبايُتَ لَمْ تَزَل خُدَّامُها / لا تَبْتَغِي عنها لَهُمْ تَحوِيلا
جُمِعَت لَهُ أَغنامُ قَيدارَ الَّتي / قد كانَ منها ذِبحُ إِسْمَاعِيلا
فَنَمَتْ وأُمِّنَ خَوْفُها وَعَدُوُّها / قد باتَ منها خائفاً مَهْزُولا
وَكَلامُ شَمْعُونَ النبيِّ تَخالُهُ / لكلامِ موسى قد أتى تَذْيِيلا
وَجَمِيعُ كُتبِهِمُ على عِلَّاتِها / نَطَقَت بِذِكر مُحَمَّدٍ تَعلِيلا
لَم يَجهَلوهُ غَيرَ أنَّ سُيُوفَهُ / أَبقَت حُقُوداً عِنْدَهُم وذُحُولا
فاسمَع كلامَهُمُ ولا تَجعَل عَلَى / ما حَرَّفُوا مِنْ كُتبِهِم تَعوِيلا
لولا استِحَالَتُهُم لَمَا ألفَيتَنِي / لَكَ بالدَّليلِ عَلَى الغَرِيمِ مُحِيلا
أوَ قَد جَهِلتَ مِنَ الحَدِيثِ رِوايَةً / أمْ قد نسيتَ مِنَ الكتاب نُزُولا
فاترُك جِدَالَ أخِي الضَّلالِ ولا تكُن / بِمِراءِ مَنْ لا يَهْتَدِي مَشْغُولا
ما لي أُجادِلُ فيهِ كلَّ أخِي عمىً / كَيْمَا أُقِيمَ عَلَى النَّهارِ دَلِيلا
واصْرِفْ إلى مَدْحِ النبيِّ مُحَمَّدٍ / قَولاً غَدا عَن غَيرِهِ مَعدُولا
فإذا حَصَلتَ عَلَى الهُدَى بِكِتابِهِ / لا تَبْغِ بَعْدُ لِغَيْرِهِ تَحْصِيلا
ذِكْرٌ بهِ تَرْقَى إلَى رُتبِ العُلا / فَتَخالُ حامِلَ آيِهِ مَحْمُولا
يَذَرُ المُعارِضَ ذا الفصاحَةِ أَلْكَناً / في قولِهِ وأخا الحِجا مَخْبُولا
لا تَنْصِبَنَّ لَهُ حِبالَ مُعانِدٍ / فَتُرَى بِكفَّةِ آيةٍ مَحبُولا
إن كُنتَ تُنكِرُ مُعجِزاتِ مُحَمَّدٍ / يَوْماً فَكُنْ عَمَّا جَهِلْتَ سَؤولا
شَهِدَت لهُ الرُّسلُ الكِرامُ وَأَشفَقَوا / مِن فاضِلٍ يَستَشهِدُ المَفضُولا
قارَنتُ نُورَ النَّيِّرَينِ بِنُورِهِ / فَرَأَيتُ نُورَ النَّيِّرَيْنِ ضَئيلا
ونَسَبتُ فضلَ العالَمِينَ لفضلِهِ / فَنسَبتُ مِنهُ إِلى الكَثيرِ قَليلا
وَأرانِيَ الزَّمَنُ الجَواد بجودِهِ / لَمَا وَزَنتَ بِهِ الزَّمانَ بَخِيلا
ما زالَ يَرقَى فِي مَواهِبِ رَبِّهِ / وَيَنالُ فضلاً مِن لَدُنهُ جَزِيلا
حتَّى انْثَنَى أَغْنَى الوَرَى وَأَعَزُّهم / يَنْقادُ مُحْتاجاً إليهِ ذَليلا
بَثَّ الفضائِلَ فِي الوجودِ فَمَنْ يُرِد / فضلاً يَزِدْهُ بِفَضلِهِ تفصيلا
فالشَّمسُ لا تُغنِي الكَواكِبُ جُمْلَةً / فِي الفَضْلِ مَغْناها وَلا تفضيلا
سَلْ عَالَمَ المَلكُوتِ عنهُ فَخيرُ ما / سأَلَ الخَبِيرُ عَنِ الجَليلِ جَليلا
فَمَنِ المُخَبِّرُ عَن عُلاً مِن دونِها / ثَنَتِ البُراقَ وَأَخَّرَت جِبرِيلا
فَلوِ استَمَدَّ العالمونَ عُلومَهُ / مَدَّتهُمُ القَطَراتُ منهُ سُيولا
فَتَلَقَّ ما تَسطِيعُ مِنْ أَنْوَارِهِ / إنْ كانَ رَأْيُكَ فِي الفَلاحِ أَصيلا
فَلرُبَّمَا أَلْقَى عليكَ كِتابُهُ / قَولاً مِنَ السِّرِّ المَصُونِ ثَقِيلا
ذاكَ الَّذِي رفَعَ الهُدَى بيمينِه / عَلَماً وجَرَّدَ صارِماً مَصْقُولا
أوَ ما تَرَى الدِّينَ الحَنِيفَ بِسَيْفِهِ / جَعَلَ الطّهورَ لهُ دَماً مَطلولا
وَالشِّركُ رِجسٌ فِي الأَنامِ وخيرُ ما / أَلفَيتَهُ بِدَمِ العِدَا مَغْسولا
داعٍ بِأَمرِ اللَّهِ أَسمَعَ صَوتُهُ ال / ثقلينِ حتى ظُنَّ إسْرافِيلا
لَم يَدعُهُم إِلَّا لِمَا يُحييهُمُ / أبداً كما يَدعُوا الطَّبِيبُ عَليلا
تَحْدُوا عَزَائمُهُ العِبادَ كأنَّما / تَخِذَتْ عزائِمُهُ الفضاءَ سَبيلا
يُهْدِي إلى دار السَّلامِ مَنِ اتَّقَى / وغَدا بِنُورِ كِتابِهِ مَكْحُولا
وَيَظَلُّ يُهْدِي لِلجَّحِيمِ بِسَيفِهِ / مِمَّنْ عَصَى بعدَ القتيلِ قتيلا
حتّى يقولَ النّاسُ أَتْعَبَ مالِكاً / بِحُسامِهِ وأَراحَ عِزرِيلا
فَاسمَع شَمائِلَهُ الَّتي ذِكري لَها / قدْ كادَ تَحْسِبُهُ العُقُولُ شَمُولا
مَن خُلقُهُ القرآنُ جَلَّ ثَناؤُهُ / عَن أَن يَكُونَ حَدِيثُهُ مَملولا
وَإِذا أتَت آياتُهُ بِمَدِيحِهِ / رَتَّلتُ منها ذِكرَهُ تَرتِيلا
إنَّ امرَأً مُتَبَتِّلاً بِثَنائِهِ / مُتَبَتِّلٌ لِإلهِهِ تَبتِيلا
إِنّي لَأُورِدُ ذِكرَهُ لِتَعَطُّشِي / فإخالُ أنّي قَد وَرَدتُ النِّيلا
وَالنِّيلُ يُذكِرُني كَرِيمَ بَنانِهِ / فأُطِيلُ مِن شَوقِي لهُ التَّقبِيلا
مَن لِي بِأَنّي مِن بَنانِ مُحَمَّدٍ / بِاللَّثمِ نِلتُ المَنهَلَ المَعسُولا
مِن رَاحَةٍ هِيَ فِي السَّماحَةِ كَوثَرٌ / لكِنَّ وارِدَها يَزِيدُ غَلِيلا
سارَت بِطاعَتِها السَّحاب كَأَنَّما / أمَرَتْ بما تَختارُ مِيكائيلا
أنَّى دَعَا وأشارَ مُبْتَهِلاً بها / لِمِياهِ مُزْنٍ ما يَزالُ هَطُولا
وَأَظُنُّه لو لَمْ يُرِدْ إِقْلاعَهُ / لأَتَى بِسَيْلٍ ما يُصِيبُ مَسِيلا
وَكَم اشْتَكَتْ بَلَدٌ أذاهُ فأُلْبِسَت / بِدُعائِهِ مِنْ صَحْوَةٍ إكليلا
يا رَحْمَةً لِلعَالَمِينَ أَلَم يَكُن / طِفلاً لِضُرِّ العالَمِينَ مُزيلا
إذ قامَ عَمُّكَ فِي الوَرَى مُستَسقِياً / كادَتْ تَجُرُّ عَلَى البِطَاحِ ذُيُولا
وَرَفَعتَ عَامَ الفِيلِ عَنهُم فِتنَةً / أَلْفَيْتَ فيها التابِعينَ الفِيلا
بِسَحائِبِ الطَّيْرِ الأَبَابِيلِ الّتي / جَادَتْهُمُ مَطَرَ الرَّدَى سِجِّيلا
فَفَدَوكَ مَولوداً وَقَيتَ نُفُوسَهُم / شِيباً وَشُبَّاناً مَعاً وَكُهُولا
حتّى إِذا ما قُمتَ فيهِم مُنْذِراً / أَبدَوا إِلَيكَ عَداوَةً وذُحولا
فَلَقِيتَهُم فَرْداً بِعَزْمٍ ما انْثَنَى / يَوْماً وَحُسْنِ تَصَبُّرٍ ما عِيلا
وَوَكَلْتَ أَمْرَكَ لِلإلهِ وَيا لَها / ثِقَةً بَنَصْرِ مَنِ اتَّخَذْتَ وَكِيلا
وَأَطَلْتَ فِي مَرْضاةِ رَبِّكَ سُخْطَهُم / فَجَرَعتَ مِنهُم عَلقَماً مَغسُولا
وَطَفِقتَ يَلقاكَ الصَّدِيقُ مُعادِياً / والسِّلْمُ حَرْباً والنَّصِيرُ خَذُولا
ودَعَوتَهُم بالبَيِّنَاتِ مِنَ الهُدَى / وَهَزَزْتَ فيهمْ صارماً مَسْلولا
وَأَقَمْتَ ذاكَ العَضْبَ فيهمْ قاضِيا / ونَصَبْتَ تلكَ البيِّنَاتِ عُدولا
فَطَفِقْتَ لا تَنْفَكُّ تَتْلو آيةً / فيهمْ وَتَحْسِمُ بالحُسامِ تَلِيلا
حتَّى قضَى بالنَّصْرِ دينُكَ دِينهُ / وغَدَا لِدِينِ الكافِرِين مُزيلا
وعَنَتْ لِسَطْوَتِكَ المُلوكُ وَلَمْ تَزَل / بَرّاً رَحِيماً بالضَّعِيفِ وَصُولا
لَم تَخشَ إِلَّا اللَّهَ فِي أَمرٍ وَلَم / تَملِك طِبَاعَكَ عادَةٌ فَتَحُولا
اللَّه أَعْطَى المصطفى خُلقَاً عَلَى / حُبِّ الإلِهِ وَخَوْفِهِ مَجْبولا
غَمَرَ البَرِيَّةِ عَدلُهُ فَصَدِيقُهُ / وعَدُوُّه لا يُظْلَمُونَ فَتِيلا
وَإذَا أرَادَ اللَّهُ حِفظَ وَلِيِّهِ / خَرَجَ الهَوَى مِنْ قَلْبِهِ مَعْزُولا
عُرِضَتْ عليهِ جبالُ مكَّةَ عَسْجَداً / فأبى لِفَاقَتِهِ وكانَ مُعِيلا
أَمُعَنَّفِي أَنِّي أُطِيلُ مَدِيحَهُ / مَنْ عَدَّ مَوجَ البَحرِ عَدَّ طَوِيلا
إنِّي تَرَكْتُ مِنَ الكلامِ نُخَالَهُ / وأَخَذْتُ منه لُبابَهُ المَنْخُولا
ماذا عَلَى مَنْ مَدَّ حَبْلَ مدائحٍ / فيهِ بحَبْلِ مَوَدَّةٍ مَوْصولا
قَيَّدتُهُ بالنَّظمِ إِلَّا أَنَّهُ / سَبَقَ الْجِيادَ إلى المَدَى مَشْكُولا
وأَضاءَتِ الأَيّامُ مِنْ أنوارِهِ / فَاستَصحَبَت غُرَراً بها وحُجُولا
إنّي امرُؤٌ قَلبي يُحِبُّ مُحَمَّداً / ويَلومُ فيهِ لائِماً وَعَذُولا
أَأُحِبُّهُ وَأَمَلُّ مِن ذِكرِي لَهُ / ليسَ المُحِبُّ لِمَنْ يُحِبُّ مَلُولا
يا لَيْتَنِي مِنْ مَعْشَرٍ شَهِدُوا الوغَى / مَعَهُ زَماناً والكِفاحَ طَوِيلا
فَأَقُومَ عنه بِمِقْوَلٍ وبصارِمٍ / أبَداً قَؤُولا فِي رِضاهُ فعُولا
طَوْراً بِقَافِيةٍ يُرِيكَ ثَباتُها / كَفَّ الرَّدَى عَن عِرضِهِ مَشلولا
وبِضَرْبَةٍ يَدَعُ المُدَجَّجَ وِترُها / شَفْعاً كما شاء الرَّدَى مَجدُولا
وبِطَعْنَةٍ جَلَتِ السِّنانَ فَمثَّلَت / عَيناً لِعَيْنِكَ فِي الكَمِيِّ كَحِيلا
فِي مَوقِفٍ غَشِيَ اللِّحَاظَ فلا يرَى / لَحْظٌ بهِ إِلَّا قَناةً مِيلا
فَرَشَفتُ ثَغرَ المَوتِ فيهِ أَشنَبا / وَلَثَمْتُ خَدَّ المَشْرَفِيِّ أَسِيلا
والخَيْلُ تَسْبَحُ فِي الدِّماءِ وَتَتَّقِي / أَيْدِي الكُمَاة مِنَ النَّجِيعِ وُحُولا
فاطرَب إِذَا غَنَّى الحَدِيدُ فخيرُ ما / سَمِعَ المَشُوقُ إلى النِّزالِ صَليلا
تاللَّهِ يُثْنَى القلْبَ عنه ما ثَنَى / خَوْفُ المَنِيَّةِ عامِراً وَسَلولا
أَيَضِنُّ عَنهُ بِمالِهِ وَبِنَفسِهِ / صَبٌّ يَرَى لَهُما الفَواتَ حُصُولا
فَلأَقطَعَنَّ حِبالَ تَسْوِيفِي الّتي / مَنَعَت سِوَايَ إِلى حِماهُ وُصولا
وَلأَمنَعَنَّ العَينَ فيهِ مَنامَها / وَلأَجْعَلَنَّ لها السُّهَادَ خَلِيلا
وَلأَرْمِيَنَّ لهُ الفِجاجَ بِضُمَّرٍ / كالنَّبْلِ سَبْقاً والقِسِيِّ نُحولا
مِن كلِّ دامِيَةِ الأَيَاطِلِ زِدتُها / عَنَقاً إذا كلَّفْتُها التَّمهِيلا
سارَتْ تَقِيسُ ذِرَاعُها سَقفَ الفَلا / فكأنَّما قاسَتْ بِمِيل مِيلا
حَتَّى تُرِيكَ الحرْفَ مِن صَلدِ الصَّفا / أَخفافُها بدِمائِها مَشْكُولا
وَكأنَّما ضَرَبَت بِصَخرٍ مِثلَهُ / مِن مِبسمٍ فتكافئا تَقتيلا
قَطَعَت حِبالَ البُعْدِ لَمَّا أَعمَلَت / شَوْقاً لَطَيْبَة ساعِداً مَفْتُولا
حتّى أَضُمَّ بِطَيبَةَ الشَّملَ الَّذي / أنْضَى إليها العِرْمِسَ الشِّملِيلا
وَأُرِيحَ مِنْ تَعَبِ الخَطايا ذِمَّةً / ثَقُلَت علَيها لِلذُّنوبِ حُمُولا
وَيُسَرُّ بالغُفرانِ قلبٌ لَمْ يَزَل / حِيناً بِطُولِ إساءَتي مَشكولا
وأَعُودَ بالفضلِ العظيمِ مُنَوَّلاً / وَكَفَى بِفضلٍ منه لي تَنْوِيلا
وإذا تعَسَّرَتِ الأُمورُ فإنّني / راجٍ لها بِمُحَمَّدٍ تَسْهِيلا
يا رَبِّ هَبنا للنبيِّ وَهَب لنا / ما سَوَّلَتهُ نُفُوسُنا تَسوِيلا
واستُر علينا ما عَلِمتَ فَلَم يُطِق / مِنَّا امْرُؤٌ لِخَطِيئَةٍ تَخجِيلا
وَاعطِف عَلَى الخَلقِ الضَّعِيفِ إِذَا رَأى / هَولَ المَعادِ فأَظهَرَ التَّهوِيلا
يَوْمٌ تَضِلُّ به العُقُولُ فَتَشْخَصُ ال / أَبْصَارُ خَوْفاً عندهُ وَذُهولا
وَيُسِرُّ فيهِ المُجرِمُونَ نَدَامَةً / حيناً وحيناً يُظْهِرُونَ عَوِيلا
وَيَظَلُّ مُرْتَادُ الخَلاصِ مُقَلِّباً / فِي الشَّافِعِينَ لِحَاظَهُ وَمُجِيلا
لِتنالَ مِنْ ظَمَإ القيامَةِ نفسُهُ / رِيّاً ومِن حَرِّ السَّعِيرِ مَقيلا
وَاجعَل لنا اللَّهُمَّ جَاهَ مُحَمَّدٍ / فَرَطاً تُبَلِّغُنَا بهِ المَأْمولا
واصرِف بِهِ عنَّا عَذابَ جَهَنَّمٍ / كَرَماً وكُفَّ ضِرامَها المَشْعُولا
واجعَل صَلاتَكَ دائِماً مُنهَلَّةً / لَم تُلفِ دونَ ضَرِيحِهِ تَهْلِيلا
ما هَزَّتِ القُضبَ النَّسِيمُ وَرَجَّعَتْ / وَرقَاءُ فِي فَنَنِ الأَراكِ هَدِيلا
إلى متى أنتَ باللَّذَّاتِ مَشغُولُ
إلى متى أنتَ باللَّذَّاتِ مَشغُولُ / وَأنتَ عن كلِّ ما قَدَّمْتَ مَسؤُولُ
فِي كلِّ يَوْمٍ تُرَجِّي أن تتوب غداً / وَعَقدُ عَزمِكَ بالتَّسوِيفِ مَحْلُولُ
أما يُرَى لَكَ فيما سَرَّ مِنْ عَمَلٍ / يَوْماً نَشاطٌ وعَمَّا ساءَ تَكسِيلُ
فَجَرِّدِ العَزْمَ إنَّ الموتَ صارِمُهُ / مُجَرَّدٌ بِيَدِ الآمالِ مَسْلُولُ
واقطع حِبالَ الأَمانِيِّ الَّتي اتَّصَلَت / فَإِنَّما حَبلُها بِالزُّورِ مَوصُولُ
أَنفَقتَ عُمْرَكَ فِي مالٍ تُحَصِّلُهُ / ومَا عَلَى غيرِ إثْمٍ منكَ تحصيلُ
وَرُحتَ تَعمُرُ داراً لا بَقاءَ لها / وَأَنتَ عَنها وَإِن عُمِّرتَ مَنقُولُ
جَاءَ النَّذيرُ فَشَمِّر لِلمَسِيرِ بِلا / مَهلٍ فَلَيسَ معَ الإِنذارِ تَمهِيلُ
وصُن مَشِيبَكَ عن فِعلٍ تُشَانُ بِهِ / فكلُّ ذِي صَبْوَةٍ بالشَّيبِ مَعْذُولُ
لا تَنكِرَنهُ وفي القَودَينِ قَد طَلَعَت / مِنهُ الثُّرَيَّا وفوْقَ الرَّأْسِ إكليلُ
فَإِنَّ أَروَاحَنا مِثلَ النُّجُومِ لها / مِنَ المَنِيَّةِ تَسْيِيرٌ وَتَرْحِيلُ
وَإنَّ طالِعَها مِنَّا وَغَارِبَها / جِيلٌ يَمُرُّ وَيَأتي بَعْدَهُ جِيلُ
حتّى إِذا بَعَثَ اللَّهُ العِبادَ إلَى / يَوْمٍ بهِ الحكمُ بينَ الخلقِ مَفصُولُ
تَبَيَّنَ الرِّبحُ والخُسْرانُ في أُمَمٍ / تَخالَفَت بَينَنا مِنها الأَقاوِيلُ
فَأَخْسَرُ النّاسِ مَن كانَت عَقِيدَتُهُ / فِي طَيِّها لِنُشُورِ الخَلْقِ تَعْطِيلُ
وَأُمَّةٌ تَعبُدُ الأَوثَانَ قَدْ نُصِبَت / لها التَّصاوِيرُ يَوْماً والتَّماثِيلُ
وأُمَّةٌ ذَهَبت لِلعِجلِ عابِدَةً / فَنالَها مِن عَذابِ اللَّهِ تَعجِيلُ
وأُمَّةٌ زَعَمَتْ أنَّ المَسِيحَ لها / رَبٌّ غَدا وَهوَ مَصلُوبٌ وَمَقْتُولُ
فَثَلَّثت واحداً فَرداً نُوَحِّدُهُ / وَلِلبَصَائِرِ كالأَبْصَارِ تَخْيِيلُ
تبارَكَ اللَّهُ عَمَّا قالَ جاحِدُهُ / وجاحِدُ الحَقِّ عِندَ النَّصرِ مَخذُولُ
وَالفَوْزُ فِي أَمَّةٍ ضَوْءُ الوُضوءِ لها / قَدْ زانَهَا غُرَرٌ منه وَتحْجِيلُ
تَظَلُّ تَتْلو كِتابَ اللَّهِ لَيسَ بِهِ / كسائِرِ الكُتبِ تَحرِيفٌ وَتَبدِيلُ
فالكُتبُ والرُّسلُ من عِندَ الإلهِ أَتَت / ومنهم فاضِلٌ حَقّاً ومَفضولُ
والمُصطفَى خيرُ خلقِ اللَّهِ كُلِّهِمِ / لهُ عَلَى الرُّسلِ تَرجِيحٌ وتَفضِيلُ
مُحَمَّدٌ حُجَّةَ اللَّهِ الّتي ظَهَرَت / بِسُنَّةٍ ما لها فِي الخَلقِ تَحوِيلُ
نَجْلُ الأكارِمِ والقَومِ الَّذين لَهم / عَلَى جمِيعِ الأَنَامِ الطَّوْلُ والطُّولُ
مَنْ كَمَّلَ اللَّهُ مَعناهُ وصورَتَهُ / فَلَم يَفُتهُ عَلَى الحالَيْن تَكْمِيلُ
وخَصَّهُ بِوقَارٍ قَرَّ مِنهُ لَهُ / فِي أَنفُسِ الخَلقِ تَعظِيمٌ وتَبجِيلُ
بادِي السكينةِ فِي سُخْطٍ لهُ ورِضاً / فلَمْ يَزَلْ وَهْوَ مَرْهُوبٌ ومَأْمُولُ
يُقَابِلُ البِشرَ مِنهُ بِالنَّدَى خُلُقٌ / زاكٍ عَلَى العَدْلِ والإِحسانِ مَجبولُ
مِنْ آدَمٍ ولِحِينِ الوَضْعِ جَوْهَرُهُ ال / مَكْنُونُ فِي أَنْفَسِ الأَصدافِ مَحمُولُ
فلِلنُّبُوَّةِ إتْمَامٌ وَمُبْتَدَأٌ / بِهِ وَللفَخرِ تَعجِيلٌ وَتأجِيلُ
أَتَت إِلى النّاسِ مِن آياتِهِ جُمَلٌ / أَعيَت عَلَى النَّاسِ مِنهُنَّ التَّفاصيلُ
أَنْبَا سَطِيحٌ وشِقٌّ وَابْنُ ذِي يَزَنٍ / عنه وقُسٌّ وَأَحبارٌ مَقاوِيلُ
وَعَنهُ أَنْبَأَ موسى وَالمسيحُ وقَد / أَصغَت حَوارِيُّهُ الغُرُّ البَهاليلُ
بِأَنَّهُ خاتَمُ الرُّسْلِ المُبَاحُ لهُ / مِنَ الغَنائِمِ تقسيمٌ وَتَنفِيلُ
وليسَ أَعْدَلَ منه الشاهِدُونَ لهُ / وَلا بِأَعْلَمَ منه إن هُمُ سِيلُوا
وَإِنْ سَأَلتَهُم عَنهُ فَلا حَرَجٌ / إِنَّ المَحَكَّ عَنِ الدِّينارِ مَسْؤُولُ
كم آيةٍ ظَهَرَتْ فِي حين مَولِدِهِ / بهِ البشائرُ منها والتَّهاويلُ
عُلومُ غَيْبٍ فلا الأرصادُ حاكِمةٌ / وَلا التقاوِيمُ فيها وَالتَّحاوِيلُ
إِذِ الهَواتِفُ والأَنوارُ شاهِدُها / لَدى المَسامِعِ وَالأبْصارِ مَقْبُولُ
ونار فارِسَ أَضْحَتْ وَهْىَ خامِدَةٌ / وَنَهْرُهُمْ جامِدٌ والصَّرْحُ مَثْلولُ
ومُذْ هدانا إلى الإسلامِ مَبْعَثُه / دَهَى الشياطِينَ والأصْنامَ تَجْدِيلُ
وَانْظُرْ سماء غَدَتْ مَمْلُوءَةً حَرَساً / كَأَنّها البيْتُ لَمَّا جاءَهُ الفيلُ
فَرَدَّتِ الجِنَّ عَنْ سَمْعٍ ملائكةٌ / إِذْ رَدَّتِ البَشَرَ الطَّيْرُ الأبابِيلُ
كلٌّ غَدا وله مِن جِنسِهِ رَصَدٌ / لِلجِنِّ شُهبٌ وللإِنسانِ سِجِّيلُ
لَوْلا نبيُّ الهدَى ما كانَ فِي فَلَكٍ / عَلَى الشياطينِ للأَملاكِ تَوْكِيلُ
لَمَّا تَوَلَّت تَوَلَّى كلُّ مُسْتَرِقٍ / عَنْ مقْعَدِ السَّمْعِ منها وهْوَ مَعْزُولُ
إِن رُمتَ أَكبرَ آياتٍ وأكمَلها / كفاكَ مِن مُحكَمِ القُرآنِ تَنزِيلُ
وانظُر فَلَيس كَمِثلِ اللَّهِ مِن أَحَدٍ / وَلا كَقَولٍ أَتى مِن عِندِهِ قيلُ
لَو يُسْتَطاعُ لهُ مِثْلٌ لَجِيء بِهِ / والمُسْتطاعُ مِنَ الأَعمالِ مَفْعُولُ
لِلّهِ كمْ أَفْحَمَت أَفهامَنا حِكمٌ / مِنهُ وَكَم أَعجَزَ الأَلْبابَ تَأْويلُ
يَهْدِي إِلى كُلِّ رُشدٍ حِينَ يَبعثُهُ / إِلَى المسامِعِ تَرتِيبٌ وَتَرتِيلُ
تَزدادُ مِنهُ عَلَى تردادِهِ مِقَةً / وكُلُّ قَوْلٍ عَلَى التَّردادِ مُملولُ
وَرُبَّما مجَّهُ قَلبٌ بِهِ رِيَبٌ / كما يَمُجُّ دواءَ الدَّاءِ مَعلولُ
ما بَعْدَ آياتِهِ حَقٌّ لِمُتَّبِعٍ / والحَقُّ ما بَعدَهُ إِلَّا الأباطِيلُ
وما مُحمَّدٌ إِلَّا رَحمَةٌ بُعِثَت / لِلعالَمِينَ وفَضلُ اللَّه مَبْذُولُ
هُوَ الشفيعُ إِذَا كانَ المعادُ غَداً / واشتَدَّ لِلحَشرِ تَخوِيفٌ وتَهوِيلُ
فَما عَلَى غَيرِهِ لِلنَّاسِ مُعْتَمَدٌ / وَلا عَلَى غيرِهِ للناسِ تَعوِيلُ
إِنَّ امْرَأً شَمَلَتْهُ مِن شَفَاعَتِهِ / عِنايَةٌ لَامرُؤٌ بالفَوزِ مَشْمُولُ
نالَ المَقامَ الَّذي ما نالَهُ أَحَدٌ / وطالَمَا مَيَّزَ المِقْدارَ تَنْوِيلُ
وَأَدْرَكَ السُّؤلَ لَمَّا قامَ مُجْتَهِداً / وَما بِكلِّ اجتهادٍ يُدْرَكُ السُّولُ
لو أنَّ كُلَّ عُلاً بالسَّعْيِ مُكْتَسَبٌ / ما جازَ حينَ نُزُولِ الوَحْىِ تَزْمِيلُ
أَعْلَى المَراتِبِ عِنْدَ اللَّهِ رُتْبَتُهُ / فاعلَمْ فما مَوضِعُ المَحْبوبِ مَجهولُ
مِنْ قابِ قَوْسَينِ أوْ أَدْنَى لهُ نُزُل / وحُقَّ منه له مَثوَىً وَتَحلِيلُ
سَرَى إلى المسجِدِ الأَقصَى وَعاد بهِ / ليلاً بُراقٌ يبارِي البَرقَ هُذْلولُ
يا حَبَّذا حالُ قُرْب لا أَكَيِّفُه / وحبَّذا حالُ وصل عَنهُ مغفولُ
وَكَمْ مواهِب لم تَدْرِ العِبادُ بِها / أَتَتْ إِليه وَسِتْرُ اللَّيلِ مَسْدُولُ
هذا هُو الفَضْلُ لا الدُّنيا وما رَجَحَت / به الموازِينُ منها والمكايِيلُ
وَكَمْ أَتَتْ عنْ رسُولِ اللَّهِ بَيِّنَةٌ / فِي فضلها وافَقَ المَنْقُول مَعْقُولُ
نُورٌ فليسَ لهُ ظِلٌّ يُرَى ولهُ / مِنَ الغَمامَةِ أَنَّى سارَ تَظْليلُ
ولا يُرَى فِي الثَّرَى أَثَرٌ لأَخمَصِهِ / إِذا مَشَى وَلهُ فِي الصَّخْرِ تَوْحِيلُ
دنَا إِليه حَنِينُ الجِذْعِ مِنْ شَغَفٍ / إِذْ نالهُ بَعْدَ القُرْبِ تَزْيِيلُ
فَلَيْتَ مِنْ وَجهِهِ حَظِّى مُقابَلةٌ / وَلَيْتَ حَظَّيَ منْ كَفَّيْهِ تَقْبِيلُ
بِيض مَيامِينُ يُستَسقي الغمامُ بِها / للشَّمسِ مِنها وَللأنواءِ تَخجيلُ
ما إِن يَزالُ بِها فِي كلِّ نازِلةٍ / لِلْقُلِّ كُثْرٌ وَلِلتَّصْعِيبِ تَسْهِيلُ
فاعجَبْ لأَفعالِها إِنْ كُنْتَ مُدْرِكَها / واطْرَبُ إِذَا ذُكِرَتْ تِلْكَ الأفاعيلُ
كم عاوَدَ البُرْءُ مِنْ إِعْلالِهِ جَسَداً / بِلَمِسِهِ واسْتَبانَ العَقْلَ مَخْبُولُ
وَرَدَّ أَلْفَيْنِ فِي رِيٍّ وَفي شِبَعٍ / إِذْ ضاق باثْنيْنِ مَشْرُوبٌ ومَأْكُولُ
وَردَّ ماءَ ونُوراُ بَعْدَ ما ذَهَبا / رِيقٌ لهُ بِكِلا العَيْنَينِ مَتْفُولُ
وَمَنْبَعُ الماء عَذْباً مِنْ أصابِعِهِ / وذاكَ صُنْعٌ به فينا جَرَى النيلُ
وَكَمْ دعا وَمُحَيَّا الأرضِ مُكْتَئِبٌ / ثُمَّ انثَنَى وَله بِشْرٌ وتهليلُ
فأصْبَحَ المُحْلُ فيها لا مَحَلَّ لَهُ / وغالَ ذِكْرَ الغَلا مِن خِصْبِها غُولُ
فبِالظِّرابِ ضُرُوبُ لِلْغَمامِ كما / عَنِ البِناءِ عَزالِيها مَعازِيلُ
وآضَ مِنْ رَوْضِها جِيدُ الوجودِ به / مِنْ لُؤلُؤٍ النَّورِ تَرْضِيعٌ وتكلِيلُ
وَعَسْكَرٍ لجَبٍ قَدْ لَجَّ فِي طَلَبٍ / لِغَزوِهِ غَرَّهُ بَأْسٌ وتَرْعِيلُ
دَعَا نزَالٍ فَوَلَّى وَالبَوارُ به / مِنَ الصَّبا وَالحَصَى والرُّعْبِ مَنْزُولُ
واغَيْرَنا حِينَ أَضْحَى الغارُ وهُوَ بِهِ / كِمَثْلِ قَلْبِيَ مَعْمُورٌ وَمَأْهُولُ
كَأَنَّمَا المُصطفَى فيهِ وصاحبُه / الصِّدِّيقُ لَيْثان قَدْ آواهُما غِيلُ
وَجلَّلَ الغارَ نَسْجُ العنكبوتِ عَلَى / وَهْنٍ فيا حَبَّذا نَسْجٌ وَتَجْليلُ
عِنايُةٌ ضَلَّ كَيْدُ المُشْرِكينَ بها / وما مَكايِدُهُم إِلاَّ الأضاليلُ
إِذْ يَنْظُرُونَ وَهمْ لا يُبْصِرونَهُما / كَأَنَّ أَبصارَهمْ مِنْ زَيْغِهَا حُولُ
إِنْ يَقْطَعِ اللهُ عنه أُمَّةٌ سَفِهَتْ / نُفُوسها فلهَا بالكُفْرٍ تَعْليلُ
فإِنَّهَا الرُّسْلُ وَالأَمْلاكُ شافِعُها / لِوُصْلةٍ منه تَسآلٌ وَتَطْفِيلُ
ما عُذْرُ مَنْ مَنَعَ التَّصْدِيقَ مَنْطِقَهُ / وقد نبا منه مُحْسُوسٌ ومعقولُ
والذِّئْبُ والعَيْرُ وَالموْلودُ صَدَّقَهُ / والظّبْىُ أَفْصَحَ نُطْقاُ وَهْوَ مُحْبُولُ
والبَدْرُ بادَرَ مُنْشَقَاً بِدَعْوتِهِ / لهُ كما شُقَّ قَلْبٌ وهْوَ مَتْبُولُ
وَالنَّخْلُ أَثْمَرَ فِي عامٍ وسُرَّ بهِ / سَلْمانُ إِذْ بَسَقَتْ منهُ العثاكِيلُ
إِنْ أَنْكَرَتْهُ النَّصَارَى واليهُودُ عَلَى / ما بَيَّنَتْ منه تَوْراةٌ وإِنْجِيلُ
فقد تَكَرَّرَ منهم فِي جُحُودِهُم / لِلْكُفْرِ كُفْرٌ وَلِلتَّجْهيلِ تَجْهيلُ
قُلْ للنصارى الأُلَى ساءَتْ مَقَالَتُهُمْ / فما لها غير مَحْضٍ الجَهْلِ تَعْلِيلُ
مِنَ اليَهُودِ استَفَدْتُمْ ذَا الجحودَ كما / مِنَ الغُرابِ استفادَ الدَّفْن قابِيلُ
فإِنَّ عِنْدَكُمُ تَوْراتُهُمْ صَدَقَتْ / ولمْ تُصَدَّقْ لكمْ منهمْ أناجِيلُ
ظَلَمْتُمُونا فأضْحَوْا ظالِمينَ لكمْ / وذاكَ مِثْلُ قِصاصٍ فيهِ تَعْدِيلُ
مِنْكُمْ لنا ولكم مِنْ بَعْضِكُمْ شُغُلٌ / والناسُ بالناسِ فِي الدُّنيا مَشاغِيلُ
لقَدْ عَلِمْتُمْ ولكِنْ صَدَّكُمْ حَسَدٌ / أنّا بما جاءَنا قَوْمٌ مَقابِيلُ
أما عَرَفْتُمْ نَبيَّ اللهِ مَعرِفَةَ / الأَبْناء لكنكم قَوْمٌ مناكِيلُ
هذا الذي كنتُم تَسْتَفتِحون بهِ / لولاَ اهْتَدَى منكُمُ لِلرُّشْدِ ضِلِّيلُ
فَلاَ تُرَجُّوا جزِيلَ الأجْرِ مِنْ عَمَلٍ / إِنَّ الرَّجاء مِنَ الكُفَّار مُخْذُولُ
تُؤَذِّنونَ بِزِقٍّ مِنْ جَهالَتِكُمْ / بهِ انْتِفَاخٌ وَجِسْمٌ فيهِ تَرْهِيلُ
مُوتوا بغَيظٍ كما قَدْ ماتَ قَبلَكُمُ / قابِيلُ إِذْ قَرَّب القُرْبانَ هابيلُ
يا خيرَ مَنْ رُوِيَتْ لِلناسِ مَكْرُمُةٌ / عنهُ وفُصَّلَ تَحْرِيمٌ وَتُحْليلُ
كَمْ قَدْ أتتْ عنكَ أخبارٌ مَخبِّرَة / فِي حُسْنِها أَشْبَهَ التَّفْريعَ تَأْصِيلُ
تُسْرِى إِلَى النَّفْسِ منها كلما ورَدَتْ / أنْفاسُ وَرْدٍ سَرَتْ وَالوَرْدُ مَطْلولُ
مِنْ كلِّ لَفْظٍ بَلِيغٍ راقَ جَوْهَرَهُ / كأنَّهُ السَّيْفُ ماضٍ وَهْوَ مَصْقُولُ
لَمْ تُبْقِ ذِكْراً لِذِي نُطْقٍ فَصاحَتُهُ / وهلْ تُضيءُ مَعَ الشِّمْسِ القناديل
جاهَدْتَ في اللهِ أبْطالَ الضَّلاَلِ إِلى / أَنْ ظَلَّ لِلشِّرْكِ بالتَّوحِيدِ تَبْطِيلُ
شَكا حُسامُكَ ما تَشْكو جُمُوعُهُمْ / ففيه منها وفيها منه تَفْلِيلُ
لِلهِ يَوْمُ حُنَينٍ حينَ كانَ بهِ / كساعة البَعْثِ تَهْويلٌ وَتَطْوِيلُ
وَيَوْمُ أقْبَلَتِ الأحزابُ وانْهزَمَتْ / وكُمْ خبا لَهَبٌ بالشِّرْكِ مَشْعُولُ
جاءوا بأسلحَةٍ لَمْ تَحْمِ حامِلَها / إِنَّ الكُماةَ إذا لَمْ يُنصَرُوا مِيلُ
مِنْ بعدِ ما زُلزلتْ بالشِّرْكِ أَبْنِيةٌ / وانْبَتَّ حُبْلٌ بأيْدِى الرَّيْبِ مُفْتُولُ
وظّنَّ كلُّ امرِىءٍ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ / بأنَّ مَوْعِدَهُ بالنَّصْرِ مُمْطُولُ
فأَنْزَلَ اللهُ أَمْلاكاً مُسَوَّمَة / لَبُوسُها مِنْ سَكِيناتٍ سَرابِيلُ
شاكى السِّلاح فما تَشكُوا الكَلالَ وَمِنْ / صنْعِ الإِله لها نَسْجٌ وَتَأْثِيلُ
مِنْ كلِّ مَوْضونَةٍ حَصْداء سابِغَةٍ / تَرُدُّ حَدَّ المَنايا وهْوَ مَفْلولُ
وَكلَّ أَبْتَرَ لِلْحَقِّ المُبِينِ بهِ / وَلِلضَّلالَةِ تَعْدِيلٌ وَتَمْيِيلُ
لَمْ تُبْقِ للشِّرْكِ مِنْ قَلْبٍ وَلا سَبَبٍ / إلاَّ غَدَا وَهْوَ مَتْبُولٌ وَمَبْتُولُ
وَيَومُ بَدْرٍ إِذ الإِسلامُ قَدْ طَلَعَتْ / به بُدُوراً لها بالنصْرٍ تَكمِيلُ
سِيئَتْ بما سَرَّنا الكُفَّارُ منه وَقد / أفْنَى سَراتَهُمُ أَسْرٌ وتَقْتِيلُ
كأَنَّما هُوَ عُرْسٌ فيه قَدْ جُلِيَتْ / عَلَى الظُّبا والقَنا رُوسٌ مَفاصِيلُ
والخَيْلُ تَرْقُصُ زَهْواً بالكُماةِ وما / غيرَ السيوفِ بأيْديِهِمْ منادِيلُ
ولا مُهُور سِوَى الأرْوَاحِ تَقْبَلُها / الْبِيضُ البَهاتِيرُ والسُّمْرُ العَطابِيلُ
فلو تَرَى كلَّ عُضْوٍ مِنْ كُمِاتِهِم / مُفَصَّلاً وهْوَ مَكفُوفُ ومَشْلولُ
كَأَحْرُفٍ أَشْكَلتْ خطاً فأكْثَرُها / بالطَّعْنِ والضَّرْبِ مَنْقُوطٌ ومَشكولُ
وكلُّ بيْتٍ حَكى بَيْتَ العَرُوضِ لهُ / بالبِيضِ والسُّمْرِ تَقْطِيعٌ وتَفْصِيلُ
وداخَلَتْ بالرَّدَى أَجزاءَهمْ عِلَلٌ / غَدَا المُرَفَّلُ منها وهْوَ مَجْزُولُ
وَكلُّ ذِي تِرَةٍ تَغْلِي مَراجلُهُ / غَدَا يُقادُ ذَليلاً وهْوَ مَغْلُولُ
وَكلُّ جُرْحٍ بِجِسْمٍ يَسْتَهِلُّ دُماً / كأَنَّهُ مَبْسَمٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
وعاطلٌ مِنْ سلاحِ قد غَدَا ولهُ / أَساوِرُ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ خَلاخِيلُ
والأرضُ مِنْ جُثَثِ القَتْلَى مُجَلَّلَةٌ / والتُّرْبُ مِنْ أَدْمُعِ الأحياءِ مَبْلولُ
غَصَّتْ قُلوبٌ كما غَصَّ القَلِيبُ بهم / فللأَسَى فيهِمُ والنارِ تَأْكِيلُ
فأصْبَحَ البِئْرُ إذْ أَهْلُ البَوارِ به / مِثْلُ الوَطيسِ بهِ جُرْزٌ رَعابيلُ
وأصبَحَتْ أيِّماتٍ مًحْصَناتُهُمُ / وأُمَّهاتُهُمُ وهْيَ المثاكِيلُ
لا تُمْسِكُ الدَّمْعَ مِنْ حُزْنٍ عُيُونُهُمُ / إِلاَّ كما يُمْسِكُ المَاءُ الغَرابِيلُ
وصارَ فَقْرَهُم لِلمسلمينَ غِنىً / وفي المَصائِبِ تَفْوِيتٌ وتَحْصِيلُ
ورَدَّ أوْجُهَهُمْ سُوداً وأعْيُنُهُمْ / بِيضاً مِنَ اللهِ تَنكيدٌ وَتَنْكِيلُ
سالتْ وساءتْ عُيونٌ منهمُ مَثَلاً / كَأَنَّما كلُّها بالشَّوْكِ مِسْمُولُ
أبغِضْ بها مُقَلاً قد أَشْبَهَتْ لَبَناً / طَفا الذُّبابُ عليهِ وهْوَ مَمْقولُ
ويَوْمَ عَمَّ قلوبَ المُسْلِمينَ أسىً / بِفَقْدِ عَمِّكَ والمَفْقُودُ مَجْذُولُ
ونالَ إحْدى الثَّنايَا الكَسْرُ في أُحُدٍ / وجاءَ يَجْبُرُ منها الكَسْرَ جِبرِيلُ
وفي مَواطَنَ شَتى كَمْ أتاكَ بها / نَصْرٌ مِنَ اللهِ مَضْمُونٌ وَمَكْفُولُ
ومَلَّكَتْ يَداكَ اليُمْنَى مَلائكَةٌ / غُرٌّ كِرامٌ وَأَبطالٌ بَهَالِيلُ
يُسارِعُون إذا نَادَيْتَهُمْ لِوَغىً / إنَّ الكِرامَ إذا نُودُوا هَذالِيلُ
مِنْ كُلِّ نِضْوٍ نُحولٍ ما يزالُ به / إلى المَكارِمِ جِدُّ وَهْوَ مَهْزولُ
بَنانُهُ بِدَمِ الأبطالِ مُخْتَضِبٌ / وطَرْفُهُ بِسَنا الإِيمانُ مَكْحُولُ
آلَ النبيِّ بِمَنْ أَوْ ما أُشَبِّهُكُمْ / لقدْ تَعَذَّرَ تَشْبِيهٌ وتَمثِيلُ
وَهلْ سَبِيلٌ إلى مَدْحٍ يكونُ بهِ / لأَهْلِ بَيْتِ رَسولِ اللهِ تَأْهِيلُ
يا قَوْمِ بايَعْتُكُمْ أَنْ لا شَبِيهَ لكُمْ / مِنَ الوَرَى فاسْتَقِيلوا البَيْعَ أَوْ قِيلُوا
جَاءَتْ عَلَى تِلْوِ آياتِ النبيِّ لهُمْ / دلائِلٌ هِيَ للتَّارِيخِ تَذْيِيلُ
مَعاشِرٌ ما رَضُوا إنِّي لَمُبْتَهِجٌ / بِهِمْ وما سَخِطُوا إنِّي لَمَثْكُولُ
وإنَّ مَنْ باعَ في الدُّنيا مَحَبَّتُهُمْ / بِبُغْضِهِ اللهَ في الأُخْرَى لَمَرْذُولُ
وَحَسْبُ مَنْ نَكَلَتْ عنهمْ خواطِرُهُ / إنْ ماتَ أَوْ عاشَ تَنكِيلٌ وَتَثْكِيلُ
إنَّ المَوَدَّة في قُرْبَى النبيِّ غِنىً / لا يَسْتَمِيلُ فُؤادي عنهُ تَمْويلُ
وكَمْ لأَصْحَابِهِ الغُرِّ الكِرامِ يَدٌ / عِنْدَ الإلهِ لها في الفضلِ تَخْوِيلُ
قَوْمٌ لهمْ في الوغَى مِنْ خَوْفِ ربِّهِمْ / حُسْنُ ابْتِلاَءٍ وفي الطَّاعاتِ تَبْتِيلُ
كَأَنَّهُمْ في محارِيبِ مَلاَئِكَةٌ / وفي حُروبِ أَعادِيهِمْ رَآبِيلُ
حَكَى العَباءَةَ قَلْبي حينَ كانَ بها / لِلآلِ تَغْطِيَةٌ والصَّحْبِ تَخْلِيلُ
وَلِي فُؤَادٌ ونُطْقٌ بالوِدادِ لَهُمْ / وبالمدَائِحِ مَشْغُوفٌ ومَشْغولُ
فإنْ ظَنَنْتُ بهمِ خَتْلاً لِبَعْضِهِمُ / إني إذنْ بِغُرُورِ النَّفْسِ مُخْتُولُ
أَئِمَّةُ الدِّينِ كلٌّ في محاوَلَةٍ / إلى صوابِ اجتهادِ منه مَوْكُولُ
لِيَقْضِيَ اللهُ أمْراً كانَ قَدَّرَهُ / وكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مفعُولُ
حَسْبي إذا ما مَنَحْتُ المُصْطفَى مِدَحِي / في الحَشْرِ تَزْكِيَةٌ مِنْهُ وتعدِيلُ
مَدْحٌ بهِ ثَقُلَتْ ميزانُ قائِلِهِ / وخَفَّ عنهُ مِنَ الأوْزارِ تثقِيلُ
وكيفَ تَأْبَى جَنَى أَوْصَافِهِ هِمَمٌ / يَرُوقُهَا مِنْ قُطُوفِ العِزِّ تَذْلِيلُ
وَليسَ يُدْرِكُ أَدْنَى وَصْفِهِ بَشَرٌ / أَيَقْطَعُ الأرضَ ساعْ وَهْوَ مَكْبُولُ
كَلُّ الفَصَاحَةِ عِيٌّ في مَناقِبِهِ / إذا تَفَكَّرْتُ والتَّكْثِيرُ تَقْلِيلُ
لو أَجْمَعَ الخَلْقُ أَنْ يُحْصُوا مَحاسِنَهُ / أَعْيَتْهُمُ جُمْلَةٌ منها وتَفْصِيلُ
عُذْراً إليك رسولَ اللهِ مِنْ كَلِمي / إنَّ الكرِيمَ لديْهِ العُذْرَ مَقْبُولُ
إنْ لَم يكنْ مَنْطِقِي في طعمِهِ عَسَلاً / فإنَّهُ بِمَدِيحي فيكَ مَعْسُولُ
ها حُلَّةً بِخِلاَلٍ منكَ قد رُقِمَتْ / ما فِي محاسِنِها لِلْعِيْبِ تَخْلِيْلُ
جاءتْ بِحُبِّي وَتَصْدِيقي إليكَ وما / حُبِّي مَشُوبٌ ولا التَّصْدِيقَ مَدْخُولُ
ألْبَسْتَها منكَ حُسناً فازْدَهَتْ شَرَفاً / بها الخَواطِرُ مِنا وَالمَناوِيلُ
لَمْ أَنْتَحِلْها ولَمْ أَغصِبْ مَعانِيها / وَغيرُ مَدْحِكَ مَغْصُوبٌ وَمَنْحُولُ
وَما على قَوْلِ كَعْبِ أَنْ تُوازِنَهُ / فَرُبَّمَا وَازَنَ الدُّرَّ المَثاقِيلُ
وَهلْ تُعَادِلُهُ حُسْناً وَمَنْطِقُها / عَنْ مَنْطِقِ العَرَبِ العَرْباءِ مَعْدُولُ
وَحَيْثُ كُنَّا معاً نَرْمِي إلى غَرَضٍ / فَحَبَّذا نَاضِلٌ منا وَمَنضُولُ
إنْ أَقْفُ آثارَهُ إني الغَداةَ بها / على طَرِيقِ نَجَاحٍ مِنكَ مَدْلُولُ
لَمَّا غَفَرْتُ لَهُ ذَنْباً وَصُنْتَ دَماً / لولا ذِمامُكَ أَضْحَى وَهْوَ مَطْلُولُ
رَجَوْتُ غُفْرَانَ ذَنْبٍ مُوجِبِ تَلَفِي / لهُ منَ النَّفْسِ إملاءٌ وَتَسْوِيلُ
وليسَ غيرُكَ لِي مَوْلىً أُؤَمِّلُهُ / بَعْدَ الإلهِ وَحَسْبِي مِنكَ تَأْمِيلُ
ولي فُؤَادُ مُحِبِّ ليسَ يُقْنِعُهُ / غيرُ اللَّقاءِ وَلا يَشْفِيهِ تَعْلِيلُ
يَمِيلُ بِي لَكَ شَوْقاً والأَقْدَارُ تُمْسِكُهُ / وَكَيفَ يَعْدُو جَوادٌ وَهْوَ مَشْكُولُ
مَتَى تَجُوبُ رسولَ اللهِ نَحْوَكَ بِي / تِلْكَ الجِبالَ نَجِيبَاتٌ مَراسِيلُ
فَأَنْثَنِي وَيَدِي بالفَوْزِ ظافِرَةٌ / وَثَوْبُ ذَنْبِي مِنَ الآثامِ مَغْسُولُ
في مَعْشَرٍ أَخْلَصوا للهِ دِينُهُمُ / وفَوَّضُوا إنْ هُمُ نالوا وإنْ نِيلُوا
شُعْثٍ لهُمْ مِنْ ثَرَى البَيْتِ الذي شَرُفَتْ / بهِ النَّبِيُّونَ تَطْيِيبٌ وَتَكْحِيلُ
مُحَلَّقي أَرْؤُسٍ يدَتْ وُجُوهُهُمْ / حُسْناً بهِ فكأنَّ الحَلْقَ تَرْجِيلُ
قد رَحَّبَ البيتُ شَوْقاً وَالمَقَامُ بهمْ / والحِجْرُ والحَجَرُ المَلْثُومُ والميلُ
نَذَرَتْ إنْ جَمَعَتْ شَمْلِي لِبَابِكَ أَوْ / شَفَتْ فُؤَادِي بِهِ قَوْداءُ شِمْلِيلُ
أَبُلُّ مِنْ طَيْبَةٍ بالدَّمْعِ طِيبَ ثَرىً / لَغُلَّتِي وغَلِيلِي منه تُبْلِيلُ
دامَتْ عليكَ صلاَةُ اللهِ يَكْفُلُها / مِنَ المَهَيْمِنِ إبلاغٌ وتًوْصِيلُ
ما لاحَ ضَوءُ صَباحٍ فاشْتَسَرَّ به / مِنَ الكَواكِبِ قِنْدِيلٌ فُقِنْدِيلُ
مَدْحُ النَّبيِّ أُمانُ الخائفِ الوجِلِ
مَدْحُ النَّبيِّ أُمانُ الخائفِ الوجِلِ / فامْدَحْهُ مَرْتَجِلاً أَوْ غيرَ مُرْتَجِلِ
وَلا تُشَبِّبْ بأَوْطَانٍ وَلا دِمَنٍ / ولا تُعَرِّجْ عَلَى رَبْعٍ ولا طَلَلِ
وصِفْ جَمالَ حَبيبِ اللهِ مُنْفَرِدَاً / بِوَصْفِهِ فَهْوَ خَيْرُ الوصْفِ وَالغَزَلِ
ريْحانَتاه على زَهْرِ الرُّبا /
رَيْحانَتاهُ مِنَ الزَّهْراءِ فاطِمَةٍ / خَيرِ النِّسَاءِ وَمِنْ صِنْوِ الإِمامِ علي
إذا امْتَدَحْتُ نَسِيباً مِنْ سُلاَلَتِهِ / فهْوَ النَّسِيبُ لِمَدْحِي سَيِّد الرُّسُلِ
مُحَمَّدٌ أَفْضَل الرُّسْل الَّذي شَهِدَتْ / بِفَضْلِهِ أَنبياءُ الأَعْصُرِ الأُوَلِ
لَمْ يَعْدُهُ الحُسْنُ في خَلْقِ وفي خُلُقٍ / وَلَمْ يَزَلْ حُبُّهُ لِكُلِّ خَلِي
وَقِفْ عَلَة سُنَنِ المَرْضِيِّ مِنْ سُنَنٍ / فإنَّ فيها شِفاءَ الخَبْلِ والخَبَلِ
ونَزِّهْ الفِكْرَ في رَوْضاتِ فِكْرَتِها / واجْنِ البَلاغَةَ مِنْ أَغْصانِها الذُّلُلُ
اليَوْمَ قد حَكَمَ الهَوَى بالمَعْدَلَهْ
اليَوْمَ قد حَكَمَ الهَوَى بالمَعْدَلَهْ / وأَراحَ قَلْبِي مِنْ مُكابَدَةِ الوَلَهْ
وتَبَدَّلَتْ مِنِّي الصَّبابَةُ سَلْوَةً / صِينَتْ بها عَبَراتِي المُتَبَذَّلَهْ
مالي وَلِلعُشَّاقِ أَتْبَعُ منهمُ / أُمَماً تَضِلُّ عَنِ الرشادِ مُضَلَّلَهْ
مِنْ كلِّ مَنْ يَشْكُو جِنايَةَ نَفْسِهِ / وَيَرُومُ مِنْ أَحْبَابِهِ ما ليسَ لَهْ
إني امْرُؤٌ أُعْطَى السُّلُوَّ قيادَهُ / وَأًراحَ مِنْ تَعَبِ المَلامَةِ عُذَّلَهْ
وَدَعَا جميلَ ابنِ الزُّبَيْرِ مَدِيحَهُ / فأَطَاعُهُ وعَصَى الهَوَى وتَغَزُّلَهْ
مَوْلَىً عَرَفْتُ بِجاهِهِ وبمالِهِ / عِزَّ الغِنَى وجَهِلْتُ ذُلَّ المَسْأَلَهْ
وأَتَمَّ حَظِّي بَعْدَ نُقْصانٍ فَكَمْ / مِنْ عَائِدٍ لِي من نَدَاهُ ومِنْ صِلَهْ
وَجَبَتْ عليَّ لهُ حُقُوقٌ لَمْ / أَقُمْ منها بماضِيَةٍ ولا مُسْتَقْبِلَهْ
لا أَسْتَطِيعُ جُحُودَها وشُهُودُها / عِنْدِي بما أَوْلَتْ يَداه مُعَدَّلَهْ
ما طالَ صَمْتُ مَدائِحِي عَنْ مَجْدِهِ / إِلاَّ لأَنَّ صِلاتِهِ مُسْتَرْسِلَهْ
فمتى هَمَمْتُ بشُكْرٍ سالفِ نِعْمَةٍ / أَلْفَيْتُ سالِفَتي بأُخْرَى مُثْقَلَهْ
مَنْ مِثْلُ زَيْنِ الدِّيِنِ يَعْقُوبَ الذي / أَضْحَتْ بِهِ رَتَبُ الفَخَارِ مُؤَثَّلَهْ
عَمَّ الخَلائِقَ جُودُهُ فكأَنَّما / يَدُهُ بأَرْزاقِ الوَرَى مُتَكَفَّلَهْ
حَكَمَتْ أَنامِلُها لهُ بالرَّفْعِ مِنْ / أفعالِهِ الحُسْنَى بِخَمْسَةِ أمْثِلَهْ
وأَحَلَّهُ الشَّرَفَ الرَّفِيعَ ذَكاؤُهُ / فرَأَيْتُ منهُ عطارِداً في السُّنْبُلَهْ
سَلْ عنه وَاسْأَلْ عَنْ أبيهِ وجَدِّهِ / تَسْمَعْ أحاديثَ الكرامِ مُسَلْسَلَهْ
إنْ صالَ كانَ اللَّيْثُ منهُ شَعْرَةً / أَوْ جادَ كانَ البحْرُ منه أُنْمُلَهْ
كَمْ أَظْهَرَتْ أَقْلامُهُ مِنْ مُعْجِزٍ / لِلطَّرْسِ لَمَّا أنْ رَأَتْهُ مُرْسَلَهْ
مَلأَتْ بإمْلاَءِ الخواطِرِ كُتْبَهُ / حِكَماً عَلَى وفْقِ الصَّوابِ مُنَزَّلَهْ
وَبَدَتْ فَواصِلُهُ خِلالَ سُطُورِها / تُهْدِي لِقَارِئِها العُقودَ مُفَصَّلَهْ
ما صانَها نَقْصُ الكمال وَلَمْ تَفْتْ / في الحُسْنِ بَسْمَلَةُ الكِتابِ الحَمْدْلَهْ
قد أَغْنَتِ الفَقَراءَ وافْتَقَرَتْ لَهمْ / هِمَمُ الملوكِ فما تَزالَ مُؤَمِّلَهْ
مِنْ مَعْشَرٍ شَرَعُوا المَكارِمَ والعُلَى / وتَبَوَّءُوا مِنْ كلِّ مَجْدٍ أَوَّلَهْ
آلُ الزُّبَيْرِ المَرْتَجَى إِسْعَادُهُم / في كُلِّ نائِبَةٍ تَنُوبُ وَمُعْضِلَهْ
المكْثِرُونَ طَعَامَهُم وَطِعَانُهُمْ / يَوْمَ النَّزالِ وَفي السِّنِينَ المَمْحِلَهْ
قَوْمٌ لِكُلِّهِمُ عَلَى كُلِّ الوَرَى / أَبَداً يَدٌ مَرْهُوبَةٌ ومَنَوَّلَهْ
إنْ يُسْأَلوا كَرَماً وَعِلْماً أُعْجَزُوا / بِبَدِيعِ أَجْوِبَةِ لتلكَ الأَسْئِلَهْ
أنِفُوا ذُنُوباً ودَّ كلُّ مُقَبَّلٍ / لو أنها حسناتُهُ المتَقَبَلَهْ
لولا مَناقِبُكُمْ لَكانت هذه الدُّ / نيا مِنَ الذِّكْرِ الجَميلِ مُعَطَّلَهْ
إنَّ خُلْقَ الشُّهودِ وًَالعُمَّالِ
إنَّ خُلْقَ الشُّهودِ وًَالعُمَّالِ / مِثْلَ خُلْقِ العُشَّاقِ والعُذَّالِ
كلُّ عَدْلٍ مُضايِقِ في وُصولٍ / كَعَذُولٍ مُضايِقِ في وِصالِ
لَسْتُ أَدْرِي معنَى التَّباغُّضِ / ما بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ غيرَ حُبِّ المالِ
فإذا زالتِ المطامِعُ منهمُ / أَذَّنَ الخُلْفُ بينهمْ بالزوالِ
سالَمتْنِي المُسْتَدَمُونَ وكانُوا / قدْ أَعَدُّوا سِلاَحَهُمْ لِقِتالِي
وَرَثى بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَقَدْ با / نَ لَكَ الآنَ شِدَّةُ الأهوالِ
وَرَأى ابنُ الأشَلِّ قد كانَ يبقى / كاتِباً مِثْلَ جَدِّهِ بالشِّمالِ
فالتَجا لِلْعَفَافِ مَنْ كانَ يَوْماً / لا له يَخْطُرُ العَفافُ ببالِ
وَلهُمْ أَعْيُنٌ تَغُضُّ عَنْ / العَيْنِ وَأيْدٍ تُمَدُّ عِنْدَ الغِلالِ
بأبي حَزْمُكَ الذي طَرَّق / الأَنْذَالَ منهم طَرائِقَ الأَبْدَالِ
لا تُوَطِّنْ قلوبَهُمْ بِهِجَاءٍ / إنها منْ سُطاكَ في بَلْبالِ
ما استوَى السِّيْفُ واللِّسَانُ مَضَاءً / أَتُساوَى حَقِيقةٌ بِمُحالِ
إنَّ قَوْلِي هَزْلاً وَفِعْلَكَ جَدَّاً / مِثْلُ نَبْلِ الحَصَى وَرَشْقِ النِّبَالِ
وَلَلَهْفِي وَلِعْتَ بالضَّرْبِ في / الرَّمْلِ لأَحْظَى بأسْعَدِ الأَشْكالِ
فحَمِدْتُ الطَّرِيقَ إذا أِشْهَدَتْ لِي / حينَ عايَنْتُها بِحُسْنِ مآلِ
وَغَدا الاجتماعُ يَضْمَنُ لِي / عَنْكَ بُلوغَ الرَّجاءِ وَالآمالِ
أنْبَتَ العِزُّ منكَ في بَيْتِ نَفْسِي / وَالغِنَى مِنْ يَدَيْكَ في بيتِ مالِي
وإذا كنتَ نُصرَةً لِيَ فِيما / أَرْتَجِيهِ فَذَاكَ عَيْنُ سُؤَالِي
إنَّ النَّصَارَى واليَهودَ مَعاشِرٌ
إنَّ النَّصَارَى واليَهودَ مَعاشِرٌ / جُبِلوا على التَّحْرِيفِ والتبْدِيلِ
لوْ أنَّ فيهمْ عُوَّرٌ عَنْ باطِلٍ / أَبْقَوْا على التَّوراةِ وَالإِنجِيلِ
يا أَيُّها السَّيِّدُ الذي شَهِدَتْ
يا أَيُّها السَّيِّدُ الذي شَهِدَتْ / ألْفاظُهُ لِي بأنَّهُ فاضِلْ
حاشاكَ مِنْ أنْ أَجُوعَ فِي بَلَدٍ / وَأَنْتَ بالرِّزْقِ فيهِ لِي كافِلْ
ألَمْ تكُنْ قد أخَذْتَ عارِيَةً / مِنْ شَرْطِها أنْ تُرَدَّ في العاجِلْ
وَكانَ عَزْمِي عندَ الوصولِ بكُمْ / أجْمَلَ مِنْ أنْ أُساقَ لِلْحاصِلْ
ما كانَ مِثْلِي بُعِيرُهُ أَحَدٌ / قَطُّ وَلكن سَيِّدِي جاهِلْ
لو جرَّسُوهُ علسَّ مِنْ سَفَهٍ / لَقُلْتُ غَيْظاً عليه يِسْتاهِلْ
طالَ بِي شَوْقٌ إلَى وَطَنِي / والشَّوْقُ داءٌ لا ذُقْتَهُ قاتِل
وَبُغْيَتِي أنْ أَكُونَ سائِبَةً / مِنْ بَلَدِي في جَوانِبِ السَّاحِلْ
لا تَطْمَعُوا أنْ أَكونَ عِنْدَكُمْ / فذاكَ ما لا يَرُومُهُ العاقِلْ
وبَعْدَ هذا فما يَحِلُّ لكُمْ / مِلْكِي فإني مِنْ سَيِّدِي حامِلْ
تَجَنَّبْ أَحادِيثَ الحَسُودِ فواجِبُ
تَجَنَّبْ أَحادِيثَ الحَسُودِ فواجِبُ / تَجَنُّبُهُ فِيما يَقُولُ وَيَفْعَلُ
وَكُلُّ حَسُودٍ ما عَدَتْهُ مَلامَةٌ / وَكُلُّ لَئِيمٍ ما عَلَيْهِ مُعَوَّلُ
مَتَى قال عَنِّي السُّوءَ عِنْدَكَ إنَّهُ / كذَاكَ يَقُولُ السُّوءَ عَنْكَ وَيَنْقُلُ