القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صُرَّدُر الكل
المجموع : 21
من علَّم القلبَ ما يُملى من الغَزَلِ
من علَّم القلبَ ما يُملى من الغَزَلِ / نوحُ الحمام له أَمْ حَنَّةُ الإبلِ
لا بل هو الشوقُ يدعو في جوانحنا / فيستجيبُ جَنانُ الحازم البطلِ
لكلِّ داء نِطاسىٌ يلاطفهُ / فهل شفاك طبيبُ اللوم والعذلِ
بيْنٌ وهجرٌ يَضيع الوصلُ بينهما / فكيف أرجو خِصام الحبِّ بالملَلِ
يُميت بثِّىَ في صدرى ويَدفِنه / أنى أرى النَّفث بالشكوى من الفشلِ
هن اللآلىء حازتها حمولُهمُ / وإنما أبدلوا الأصداف بالكِلل
ولستُ أدرِي أبا الأصداغِ قد كَحَلا ال / أجفان أم صبغوا الأصداغَ بالكَحَلِ
ما يستريب النقا أنَّ الغصون خطت / عليه لكن بأوراقٍ من الحُللِ
من يشهد الركبَ صرعىَ في محلّهِمُ / يدعوه رَمْسا ولا يدعوه بالطلل
قد أَلِفَ الحىُّ من مسراكِ طارقةً / تبيتُ أحراسُهم منها على وجلِ
أمسى شجوبى وإرهافي يُدلِّسنى / على الرقيب بسُمرٍ بينهم ذُبُلِ
لم يسألوا عن مقامي في رحالِهمُ / إلا أتيتُ على الأعذارِ والعِللِ
لله قومٌ يُبيحون القِرَى كرما / وينهرون ضيوفَ الأعينِ النُّجُلِ
لو عِدموا البيَض والخَطِّىَّ أنجدَهم / ضربٌ دِراكٌ ورشْقاتٌ من المُقلِ
كأنما بين جَفْنَىَ كلّ ناظرةٍ / ترنوِ كنانةُ رامٍ من بنى ثُعَلِ
لا روضُ أوجههم مَرعىَ لواحظنا / ولا اللَّمَىَ مَوردُ التجميش والقُبَلِ
تحكى الغمامةَ إيماضا مباسمُهم / وليس يحكينها في جَوْدها الهطِلِ
خافوا العيونَ على ما في براقعهم / من الجمال فشابوا الحسنَ بالبَخَل
يا رائد الركب يستغوى لواحظَهُ / برقٌ يلاعب ماءَ العارض الخَضِلِ
هذا جَمال الورى تُطفى مناصلُه / نارَ القِرَى بدماء الأينُق البُزُلِ
لا يسأل الوفدَ عمّا في حقائبهم / إن لم يوافوا بها ملأى من الأملِ
وما رعين المطايا في خمائله / إلآ سخَطن على الحَوْذانِ والنَّفَلِ
إنِ امتنعتَ حياءً من مواهبه / أولاكها بضروب المكرِ والحيلِ
قصَّرتِ يا سحبُ عن إدراك غايتهِ / فما بروُقك إلا حُمرةُ الخجلِ
ومصلح بين جدواه وراحته / يسعى ويكَدح في صلح على دَخَلِ
سيفٌ لهاشمَ مسلولٌ إذا خشُنتْ / له الضرائبُ لم يَفرَقْ من الفَلَلِ
في قبضة القائم المنصور قائمُهُ / وشَفرتاهُ من الأعداء في القُللِ
بيضُ القراطيس كالبِيِض الرِّقاق له / وفي اليراع غِنّى عن اسمرٍ خطِلِ
وطالما جدَّلَ الأقرانَ منطقُه / حتى أقرُّوا بأنّ القولَ كالعملِ
يوَدُّ كلُّ خصيم أن يعمِّمهُ / فضلَ الحسام ويُعفيه من الجدَلِ
ما البأس في الصَّعدة الصَّماَّء أجمعه / في القول أمضَى من الهندىِّ والأسلِ
ومستغرِّين بالبغيا مزجتَ لهمْ / كيدا من الصَّابِ في لفظٍ من العسلِ
ما استعذبت لَهَوَاتُ السمع مشربَهُ / حتى تداعت بناتُ النفسِ بالهبَلِ
أطعتَ فيهم أناةً لا يسوِّغها / حلمٌ وقد خُلق الإنسانُ من عجلِ
ثم اشتَمَلْتَهُمُ الصَّماَءَ فانشعبوا / أيدِى سَبَا في بطون السهل والجبلِ
ليس الرُّقَى لجميع الداء شافيةً / الَكُّى أشفَى لجلدِ الأجربِ النَّغِلِ
قل للُعريبِ أنيبى إنها دولٌ / والطعنُ في النحر دون الطعنِ في الدولِ
هيهات ليس بنو العباس ظلُّهمُ / عن ساحة الدين والدنيا بمنتقلِ
حَمَى حقيقتَهم مُرٌّ مَذاقَتُهُ / موسد الرأى بين الرَّيثِ والعجلِ
موطَّأُ فإذا لُزَّت حفيظتُه / تكاشر الموتُ عن أنيابهِ العُصُلِ
إيها عقيل إذا غابت كتائبُهُ / فُزتم وإن طلعتْ طِرتم مع الحَجَلِ
هلاَّ وقوفا ولو مقدار بارقةٍ / وما الفِرار بمنَجاةٍ من الأجلِ
فالهَىْ عن الرِّيف يا فَقْعاً بقَرقَرةٍ / وابغى النزولَ على اليَربوع والوَرَلِ
نسجُ الخَدَرنَقِ من أغلى ثيابكُمُ / وخيرُ زادِكُمُ دَهُريَّة الجُعَلِ
إن يعَهدوا العزَّ في الأطنابِ آونةً / فذا أوانُ حُلول الذلّ في الحُلَلِ
ترقَّبوها من الجُودى كامنةً / في نقعها ككمون الشمس في الطَّفلِ
إن عُطفتْ عنكُمُ يوما فإنَّ غداً / مع الصباح توافيكم أو الأُصُلِ
بكلّ مرتعدِ العِرنين ما عرَفَتْ / حَوْباؤه خُلُقَ الهيّابةِ الوَكَلِ
تدعُو على ساعديه كلَّمَا اشتملتْ / على حنِيتَّه الأرواحُ بالشَّللِ
في جَحفلٍ كالغمام الجَوْنِ ملتبسٍ / بالبرق والرّعد من لَمعٍ ومن زَجَلِ
يُزجِى قَوارحَ فاتت باعَ مُلجمِها / كأَنَّ راكبَها موفٍ على جبلِ
عوَّدها الكرَّ والإقدامَ فارسُها / فأنت تحسَبُها صدرا بلا كَفَلِ
أمَا سمعتم لبولاذٍ وأسرتِهِ / أحدوثةً شَرَدت فوضَى مع المَثَلِ
إذ حطَّه الحَيْنُ من صمَّاء شاهقةٍ / لايلحَق الموتُ فيها مهجةَ الوَعِلِ
فخرَّ للفمِ والكفَّين منعفراً / إنّ السيوفَ لمن يَعصيك كالقُبَلِ
تعافه الطيرُ أن تقتاتَ جثَّتَهُ / لعلمها أنه من أخبث الأُكُلِ
الأرضُ دارُك والأيامُ تُنفقها / على بقائك والأملاكُ كالخَوَلِ
متِّع لواحظّنا حتّى نقولَ لها / لقد رأيتِ جميعَ الناس في رجلِ
أَلَكم إلى ردِّ الشباب سبيلُ
أَلَكم إلى ردِّ الشباب سبيلُ / أم عندكم لمشيبه تأويلُ
نُورٌ من الشعَراتِ ليتَ افولَه / فيها طلوعٌ والطلوعَ أفولُ
ما كان يشفع لى فجدَّد هِجرةً / فِقدانُهُ لكنّه تعليلُ
يا ليته جَنَبَ الغرامَ وراءه / فيقالَ لا غِرٌّ ولا معذولُ
ها تلك أشجانى كما خلَّفتها / لعبَ الزمانُ بها وليس تحولُ
يقتادُنى البرقُ اليمانِ كأنه / من عند إيماضِ الثغور رسولُ
وكأَنَّ قلبي والمهامهُ بيننا / جىٌّ على وادى العِضاهِ حُلولُ
تُفتِى براقِعُهم وما استفتيتُها / أنّ اللِّحاظَ إذا اختُلسنَ غُلولُ
اُنظر خليلى من قَرَارٍ هل ترى / قَطَنا فطَرفُ العامرىِّ كليلُ
وحلفتُ ما بَصِرى بأصدقَ منكما / نظرا ولكنَّ الغرامَ دليلُ
قالوا الديارُ وقد وقفت فزدانى / بثًّا رسومٌ رثَّةٌ وطلولُ
ونَشِقتُ خفّاقَ النسيم فما شفا / دائى وهل يشفِى العليلَ عليلُ
وكَرعتُ سَلسالَ الغدير وليس ما / بُلّ الشفاهُ به يُبَلُّ غليلُ
يا ضالة الوادى أَحُثّ مطيَّتى / أم عند ظبِيِك في الكناسِ مَقيلُ
عيناه أسلمُ لي ويُعجِبُ ناظرى / مُقَلُ كأن لحاظَهنُّ نُصولُ
مُقَلٌ لغِزلانِ الحِجازِ وسِحرُها / من بابلٍ مستجلَبٌ منقولُ
ولقد طرقتُ البيتَ يُكره ربُّه / والشوقُ ليس يَعيبه التطفيلُ
أيظُنُّ من عَقَر النجائبَ قومُه / أ الدماءَ جميعَها مطلولُ
من دون سفكِ مدامعى ما شئت من / حِلْم ودون دمىِ تغولك غولُ
وأنا امرؤٌ لو مُدَّ من غُلوَائه / نطقى لقيل كلامُه تنزيلُ
لا يطمع العظماءُ في مدحى ولا / طمَعى على أبوابهم معقولُ
ولو استطعتُ لما اغتبقتُ بشَربةٍ / مما يَمُدُّ فُراتُهم والنيلُ
وإذا تأملتُ الرجالَ تفاوتت / قِيَما وميَّز بينها التحصيلُ
بعضٌ همُ غُرر الجيادِ وبعضُهم / بين السنابك والصِّفاقِ حُجولُ
مِثل الِّحُلى دمالجٌ وخلاخلٌ / منه ومنه التاجُ والإكليلُ
لولاهُمُ غرَبتْ شموسُ محاسنٍ / وهوَى ببدر المكرمَات أُفُولُ
تبًّا لهذا الدهر لا مِيزانُه / قِسْطٌ ولا في قَسمه تعديلُ
جَوْرٌ يساوى عالما متعالمٌ / فيه ويُشبِهُ فاضلا مفضولُ
لا درَّ دَرُّ المرء يقطعُ دهرَه / رِخوَ الإزارِ وعزمُه مفلولُ
الَبيدُ تزرعُها المناسمُ وهي لا / تدرى أعرضُ شَوطُها أم طولُ
واليَعْمَلاتُ سياطُها وحذاؤها / نسبٌ نماه شَدقُم وجديلُ
فإذا كمالُ الملكِ سَحّ سحابُهُ / نبتَ الرجاءُ وأثمر المأمولُ
سبقت مواهبُه المديحَ فظنَّ مَن / عجِلتْ إليه أنها بِرطيلُ
عجِلٌ إلى المعروف يَحسبَ أنه / ظلٌّ إذا لم يغتنمه يزول
كثُر الكلامُ به وفي أمثالهم / من قبله أ الكرام قليلُ
وإذا جرى في غايةٍ شهِدت له / أن لا مخلِّقَ في مَداه رسيلُ
ضلَّتْ ركائبُ من يؤمُّ طريقَه / إنّ العلاءَ سبيلهُ مجهولُ
يتوارث المجدَ التليدَ بمعشر / أدنَتْ فروعَهمُ إليه أُصولُ
جازوا على عَنَت الحسودِ فلم يجد / عيبا وماذا في النجوم يقولُ
لهمُ إذا كرمُ الطباعِ هززْتَهُ / نصلٌ وأنت الرونقُ المحلولُ
وإذا انتهى نسبٌ إليك فإنه / فَلَقُ الصباح مع الضُّحى موصولُ
ولقد شددتَ وَثَاقَ كلِّ مُلَّمةٍ / يُلوَى عليها مُبَرمٌ وسحيلُ
وحمَيت أوطانَ الأمور وإنما / كانت غماما بالدماء تسيلُ
وإذا التقت حِلَقُ البِطان فإنما / يكفيك ثَمَّ رسالةٌ ورسولُ
بدلا من القُب العِتاق ضوامرٌ / رُقشُ المتونِ صريرُهن صهيلُ
يَنبُتنَ مثل الروض إلا أنّه / ترعاه أسماعٌ لنا وعقولُ
ومن الصِّفاح البِيض كل صحيفةٍ / لنزاعها بالراحتين صليلُ
سحَبت لكَ الأيامُ ردائها / مَرَحا يدوم بقاؤه ويطولُ
وتتابعت حِججٌ يؤرِّخ عصرَها / عُمرٌ به خُلدُ الزمان كفيلُ
ينتابك النوروز يجنُب إِثَرهُ / أعوامَ سعدٍ كلُّهن صقيلُ
هو خطةٌ همَّ المُصيفُ بقصدها / شوقا ونادى بالشتاء رحيلُ
أخذ الربيعُ زمامه حتى استوى / في عارضيه نبتُه المطلولُ
بك أشرقت إيّامه فكأننا / في عصِر كِسرَى يَزْدَجِرْدَ نُزولُ
ما فاز بالحمدِ ولا نالَهْ
ما فاز بالحمدِ ولا نالَهْ / من عِشقتْ راحتُه مالَهْ
لا والذي يرضَى لمعروفهِ / أن يفتح السائلُ أقفالَهْ
تِرْبُ المعالي من له في النَّدَى / بادرةٌ تُخرِسُ سُؤَّالَهْ
بفاجىء الراجي بأوطارِه / كأنّه وسوَس آمالَهْ
مُنْيتُهُ للطارق المجتدى / أن يُدرجَ الأرضَ فتُطوَى لَهْ
مثل عميدِ الدولةِ المرتقِى / بحيثُ أرسَى المجدُ أجبالَهْ
ذو الرأى قد شدَّ حيازيمَهُ / يصارع الدهرَ وأهوالَهْ
إذا عَرا خطبٌ تصدَّى له / يوقدُ في جُنحِيْه أجذالَهْ
مُصيبُ سهم الظنِّ لا ينطوى / غيبُ غدٍ عنه إذا خالَهْ
كأنَّ في جنبيه ماويَّةً / تريه مما غاب أشكالَهْ
بازلُ عامين ارتضَى وخدَه / في طَرْقه العزَّ وإقبالَهْ
لا يشهدُ المغنمَ إلا لكي / يقسِمَ في الغازين أنفالَهْ
إذا زعيمُ الجيش حامَى على / مِرباعه أنهبَ أموالَهْ
فعادةُ الجود وإسرافُه / قد كثرَّا بالشكر إقلالَهْ
سامٍ إذا تِهتَ عليه وإن / وادعتَه طأطأ شِملالَهْ
كأنما أقسمَ حبُّ العلا / عليه أن يُتعِب عُذّالَهْ
فلا يَنْوا عنه عتابا ولا / أقوالُهم تزجُر أفعالَهْ
كم قد عرَتْه من يدٍ أتلفتْ / درهمَه فيه ومثقالَهْ
خرَّفَ حتى حقروا عنده / مَنْ وزَن المالَ ومَن كالَهْ
مشتبهُ الأطرافِ أعمامُهُ / يظنُّها القائفُ أخوالَهْ
إن جذَب الفخرُ بأبرادهِم / فكلُّهم يسحبُ سِربالَهْ
في كلِّ جمعٍ صالحٍ هاتفٌ / ما يأتلِى يضربُ أمثالَهْ
أما ترى الرقشاءَ في كفَّه / كأنها سمراءُ ذَبَّالَهْ
إذا تثنَّتْ فوق قِرطاسِها / رأيتَها بالفضلِ مختالَهْ
فتارةً تشَفِى بِدرياقِها / وتارةً بالسُّمِّ قتَّالَهْ
ينِفُثُ في أطرافِها رُقيةً / تعالجُ العِىَّ وأغلالَهْ
قد صيَّرت سحبانَ في وائلٍ / كأنّه عَجماءُ صَلصالَهْ
لا رجَعتْ نُعماه حَسرَى كما / راجعَ هذا القلبُ بَلبالَهْ
عاودَه من دائه نَكسُهُ / من بعد أن شارف إبلالَهْ
ولو صحا طورا لعنَّفتُه / في حبّه بيضاءَ مِكسالَهْ
أو رشأً قد لثَّموا وجهَه / فجاء مثلَ البدر في الهالَهْ
أبعْدَ ما عمَّم كافورُهُ / رأسى وأعفَى الرأسُ صَقَّالَهْ
أجيبُ طيفا زار عن زروةٍ / وأسأل الربعَ وأطلالَهْ
ويطرُدُ التحصيلَ من خاطري / صهباءُ أو صفراءُ سلسالَهْ
وليس خِدْنى بالهِدانِ الذي / هجوعُه يألفُ آصالَهْ
لا يترجَّى الضيفُ إمراعَهُ / ولا يخاف الجارُ إمحالَهْ
لكنّه الأشعثُ في سِربهِ / يحدو إلى العلياء أجمالَهْ
يبيت ضبُّ القاع من خوفهِ / مستثفرا دهماءَ شوَّالَهْ
أشهَى له من قَينةٍ مطربٍ / عناقُهُ جرداءَ صَهَّالَهْ
قد عاشر الوحشَ بأخلاقه / وباين الحيَّ وجُهَّالَهْ
كلٌّ له في سعيِه مَذهبٌ / وكلُّ عيشٍ فله آلَهْ
وهذه الأيامُ إن حُقِّقت / شرّابَةٌ للخلق أكَّالَهْ
لا مِرَيةٌ في الردَى ولا جدَلُ
لا مِرَيةٌ في الردَى ولا جدَلُ / العمر دَيْنٌ قضاؤه ألأجلُ
للمرء في حتفِ أنِفه شُغُلٌ / فما تريد السيوف والأسلُ
يَفرِى الدجىَ والضّحى بأسلحةٍ / سِيّانِ فيها الدروعُ والحُلَلُ
فأنجمُ الليل كالأسنةِ والصُّ / بحُ حسامٌ له الورى خِلَلُ
يا ليت عمرَ الفتى يُمَدُّ له / ما امتدّ منه الرجاءُ والأملُ
مواردٌ هذه الحياةُ وما / نصدُرُ عنها إلاّ بنا غُلَلُ
نكرَعُ في حَوضها ونحن كما / تُذاد من بَعد خمسها الإبلُ
كأسٌ أدرَّت على لذاذتها / عُدّل فيها الزُّعافُ والعسلُ
كلٌّ إلى غايةٍ يصير ولا / تمييزَ إلا الإسراعُ والمَهَلُ
والناسُ ركبٌ يَهووْن حثَّهمُ / ولا يُسَرُّون أنّهم نزلوا
وسوفَ تُطوَى مسافةٌ ذَمَلتْ / بقاطعيها ركائبٌ ذُلُلُ
كيف يَعُدُّ الدنيا له وطنا / من هو ينأَى عنها وينتقلُ
نسْخوا بأعمارنا ونبخل بال / مال فتَبَّ السخاءُ والبَخَلُ
ونبتغى البرءَ من يُسرع السُّ / قمُ إليه وتَصرعَ العِللُ
أضاع راقي الداءِ العضالِ كما / ضُيِّع في سمعِ عاشقٍ عذَلُ
ولو نجا الهائبُ الجبانُ من ال / حتف تحامىَ إقدامَه البطلُ
ما أسلموا هذه النفوسَ إلى ال / أجداث إلا إذ ضاقت الحيلُ
ضرورةٌ ذلَّت القُرومُ لها / وقد تقودُ المَصاعبَ الجُدُلُ
وخفَّف الخطبَ بعد شدّته / أَنْ كُلُّ حىّ لأمِّه الهَبَلُ
ومن حِذارٍ تبوّأَ الكُديْةَ الض / بُّ وأوفىَ في الشاهقِ الوَعِلُ
لا الجوّ يُنجِى الشغواءَ حائمةً / ولا سبوحٌ في لُجّةٍ يئلُ
يُقتادُ في عزِّه الخُبَعْثِنةُ الض / ارِى ويُدهَى في ذلّه الجُعَلُ
والحافظو عَورِة العشيرةِ للدّ / هر إذا شنَّ غارةً عُزُلُ
أيّ ديارٍ تُحمَى وقد راع تا / جَ الدِّين خطبٌ أنيابهُ عُصُلُ
مستلِبا من يديه لؤلؤةَ ال / غوّاصِ أدنَى أصدافِها الكِلَلُ
ما كان يُدرَى من قبلِ ما غرَبتْ / أنَّ الثريّا إلى الثرى تصِلُ
يا بؤس للنائبات كيفَ أرت / أُخوّة الفرقديْنِ تنفصلُ
وإن عجِبنا منها فلا عجبٌ / للشمسِ وارَى جبينَها الطَّفَلُ
لم يرتد المجدُ إذ أصيبَ بها / ولا مشى العزُّ وهو منتعلُ
سليلَةٌ من سوابق دَرَجوا / أمامَها فاستخفَّها العجَلُ
من الخدورِ التي بها احتجبوا / إلى القبور التي بها نزلوا
تُنحرُ في مكّة العِشارُ ولا / تُنحرُ إلا عليهم المُقَلُ
مهلا فما يربح الحزينُ ولا / يخشرُ إلا غناءَه الجَذِلُ
وهل يُردُّ الأحبابَ إن رحلوا / على محبٍّ أن يُندَب الطَلُل
حُوشيتَ من جلسةِ العزاءِ وأن / يُضربَ في أسوةٍ لك المثلُ
كم قد هَوَى من سمائكم قمرٌ / وغار في الأرضِ منكُمُ جبلُ
فما سكبتم له ذنَوبا من الد / مع ونارُ الأحزان تشتعلُ
ودّعتُموه كأنكم شُمُتُ / أو العِدَى عنكُمُ قد ارتحلوا
إذا مَراثى أحبابكم تُليتْ / سمعتموها كأنها غَزلُ
فليس ندرِى من صخرةٍ نُحتتْ / قلوبُكم أم دموعُكم وَشَلُ
وأنتمُ هَجْمَة تقاربتِ ال / أسنانُ فيها فكلُّها بُزُلُ
فظاعنٌ عنكُمُ له خَلَفٌ / وذاهبٌ منكُمُ له بدلُ
للدهر نُعمى ومنَّةٌ ويدٌ / ما قام في الناس منْكُمُ رجلُ
رأيت الحُبَّ ليس يُنال إلا
رأيت الحُبَّ ليس يُنال إلا / بحظٍّ من جَمالٍ أو نوالِ
وأنت من القباحةِ ذو نصيب / حقيق بالتصارم والتقالى
وما ستَرتْ عيوبَك عن عيونٍ / بَصيراتٍ يداك ببذلِ مالِ
فأيّة خَلّةٍ غرّتك حتى / خطبتَ بِها مَودّاتِ الرجالِ
شُدُّوا على ظهر الصِّبا رَحلى
شُدُّوا على ظهر الصِّبا رَحلى / إن الشبابَ مطيَّةُ الجهلِ
إن أُحرِزتْ نفسي إلى أمدٍ / دبَّرتُها في الشَّيبِ بالعقلِ
إن المغرَّبَ في مواطنه / من عاش في الدنيا بلا خِلِّ
وإذا الفؤاد ثوى بلا وطر / فكأنه ربعٌ بلا أهلِ
من للظباء سواى يقنِصُها / إن أسكرتني خمرةُ العذلِ
أوغلتُ في خوض الهوى أنَفاً / للقلب أن يبقىَ بلا شُغلِ
وحِذرتُ سُلوانا فسُمتُهُمُ / أن يَحرِمونى لذّةَ الوصلِ
فضَلَتْ دموعى عن مدَى حزَنىَ / فبكيتُ مَن قَتَل الهوى قبَلى
ما مرّ ذو شَجنٍ يكتِّمه / إلا أقول متيمَّ مثلى
يُخفى ولا يَخفىَ على نظرى / عَلمَ الخضوع ومِيسَم الذلِّ
يا فاتكا أضراه أنَّ له / قَتْلَى بلا قَوَدٍ ولا عَقْلِ
لِمَ لا تُريُق دَماً وصاحبُه / لك جاعلٌ في أوسع الحِلِّ
بُعداً لغِزلان الخدور لقد / كُحِلَتْ مَحاجرُهنَّ بالخَتْلِ
يرمين في ليلِ الشبابِ لكى / تَخفَى علىَّ مواقعُ النبلِ
لو لم يُردْ بي السوءَ خالقُها / ما ضمَّ بين الحسن والبخلِ
غِقذف عدوَّك إن أردتَ به / دهياءَ بين الأعين النُّجل
يبلُغنَ كلَّ العُنفِ في لَطَفٍ / ويَنلنَ أقصى الجِدِّ بالهزلِ
هبْهم لَوَوْا وعدِى فطيفهُمُ / من ذا يجسِّره على مطلى
قد كدتُ أُنهِكهُ معاقَبةً / لولا ادّكارى حُرمَة الرُّسْلِ
وعهودُكم بالرَّمل قد نُقضتْ / وكذاك من يبنى على الرملِ
إن ازمعوا صرما فلِمْ عَقدوا / يومَ الكثيب بحبلهم حبلى
لا يوثِق الأُسراءَ بينهُمُ / إلا رِشاءُ الفاحِم الرَّجْلِ
كيف الخلاصُ ومن قدودهِمُ / وخدودهم ونهودهم عقلى
وإذا الهوى ربَط النفوسَ فما / يُغنيك حَلُّ يدٍ ولا رِجْلِ
صحبى الألى أزجَوْا مطيَّهُمُ / حتى أناخوها بذى الأَثْلِ
من يطَّلِعْ شَرَفا فيعلمَ لي / هل روَّح الرُّعيانُ بالإبلِ
أم قعقَعتْ عَمَدُ الخيام أم ار / تفعَتْ قِبابهُمُ على البُزْلِ
أم غرَّد الحادى بقافيةٍ / منها غرابُ البين يستملى
إنى أحاذر من رحليهمُ / ما حاذَرَتْ أُمٌّ من الثُّكلِ
إن كان ذاك فصادَفوا لقَمَا / يعمَى الدليلُ به عن السُّبْلِ
رفقا فلست أُطيق أحملُ ما / حَمَلَ الأجلُّ لنا في الثِّقلِ
وهو الذي كلٌّ يُقرّ له / يومَ الفخار عليهِ بالفضلِ
أَغلتْ مكارمُه المهورَ على / تزويج بِكرِ القول بالفعلِ
وحَبا العفاةَ وهم بدارهمُ / حتى دَعَوه جامعَ الشملِ
يعطيك في عُسُر وفي يُسُرٍ / ويُنيل من كُثْرٍ ومن قُلِّ
مثل السحابةِ ما تُغبُّك في ال / حالاتِ من وبل ومن طلِّ
فكأنما أوحىَ إلى يده / أن تقتلَ الإملاقَ بالبذلِ
شجر من المعروف أنبتها / تختال في ثمر وفي ظلِّ
ومناهلٌ إن يرضَ واردها / بالنَّهْل يجبُرْهُ على العَلِّ
ظنًّا بأن الفرضَ ليس له / حمدٌ وأن الشكرَ للنَّفلِ
لعدوّه وما للصديق به / والغيثُ رزقُ الحَزِن والسهلِ
وإذا السماء غدت كأنّ على / أبوابها قُفلا من المَحْلِ
وجدوا الغمامَ قلائصا غَرِضتْ / بالسير من جهد ومن هُزْلِ
واستحسن الكرماءُ من سَغبٍ / أن يبعثوا بذخائر النملِ
في شَتوةٍ شمطاءَ عانسةٍ / عزَّ الرَّضاعُ بها على الطفلِ
بكَرت أناملهُ بغاديةٍ / تكسو البلادَ مَلاحفَ البَقْلِ
وكأنما الأنواءُ حائلةٌ / عجفاءُ تَرمحُ حالبَ الرِّسْلِ
بلغَ المدى والتابعون له / متعثرون بزَلّة النعلِ
لو قُلّد الشجعانُ عزمَته / لغَنُوا عن الهِندىِّ ذى الصقلِ
حُنِيتْ أضالعُه على همم / مخلوقة للعَقد والحَلِّ
لا يدّعِى إقدامَه أحدٌ / وإن ادعاه فوالدُ الشِّبلِ
ما يذعَرُ الخصماءُ من فُطُمٍ / ترميهمُ بشقاشقٍ تغّلى
أبدا يفِرُّ صريعُ منطقه / منه إلى الخَطّىّ والنَّصلِ
يرنو الزمان إلى معاندِه / حنَقاً عليه بأعينٍ قُبْلِ
في كفِّه صمَّاءُ ضامرةٌ / سرَقَتْ شمائَلها من الصِّلِّ
سمُّ الأساودِ في نواجذها / وإن اغتذت بمُجاجةِ النحلِ
ما حُكِّمتْ في أمرِ مُشكلةٍ / إلا أتت بقضيَّةٍ فَصلِ
من مثلُه لقراع نائبةٍ / فيها فراق العِرْسِ للبَعلِ
هيهات أن تلقىَ مشابَهه / أمُّ الصقورِ قليلةُ النسلِ
عَتَب الشريفُ لأن نشرتُ محاسنا
عَتَب الشريفُ لأن نشرتُ محاسنا / مرموقةً من خُلقِه وجلالهِ
وزعمتُ حقّا أنّ بدرَ جَماله / زانت مطالعَه نجومُ خِصالهِ
بمحاسنٍ لو كان يمكن صوغُها / أغنت غزال الإنس عن خَلخالهِ
صِفة الهلال بدا أوانَ طلوعه / أن لا يشعَّثَه زمانُ كمالهِ
فضلُ الملاحةِ عند كلّ مصوِّرٍ / في الناس ليس إليه نقصُ مثالهِ
عتبٌ لعمرُك ليس يَعِتب مثلَه / إلا حبيبٌ شاءَ قطعَ حباله
فامسح جفونَك عن عقابيل الكرى / وانظر وصلِّ على النبىّ وآلهِ
أؤَمل بعدَ هذا الأسرِ حَلاَّ
أؤَمل بعدَ هذا الأسرِ حَلاَّ / وجِدِّ نوائب الأيام هَزلا
وأعلم أنّ جَور الدهرِ طوعا / سيُعقب بعدَه بالكُرِه عدلا
يقول ليَ اصطبارى قف رويداً / فأيّ سحائب الغَمَرات تُجلَى
ليالٍ خابطاتٌ في سُراها / وما تَدرِى أصبنَ القَصدَ أم لا
وأيامٌ تَراكضُ في مَداها / كأنّ وراءها طَرْدا وشَلاَّ
فمَن راغَمنَه رجَع الهُويْنا / ومن أخطأنه بلغ المَحلاّ
فكم أفقرن بالبؤسىَ غنيًّا / وكم أغنين بالنُّعمى مُقِلاّ
تُراها خُيِّرت فيما لديها / فما اختارت سواى لهنّ شُغلا
سهامٌ مؤلماتٌ كلَّ يومٍ / تُصيب ولا أرَى ريشاً ونَصلا
ولو كانت نبالُ بنى هُذَيْلٍ / لبِستُ لهن سابغَةً رِفَلاً
وما ذنبى إليها غير أنّى / جمعتُ محاسنا وحويتُ فضلا
فلولا أننى أرِعى فؤادى / بأوديةِ الأمانى متُّ هُزلا
أَعُدُّ ذنوبَها بيدى ومَن ذا / يُعدّ بعالجٍ والخبتِ رملا
إذا ما شئتَ أن تحيا سعيدا / فقل لا تؤِتنى يا ربِّ عقلا
فما عيشُ الوحوش بخير عيشٍ / به طابت به حُمقا وجَهلا
نبُثُّ لها الحبائلَ وهي ولْهَى / تجاوِبُ باغِما وتَرُبُّ طِفِلا
وما للمرء خيرٌ في حياةٍ / إذا أمسى على الإخوان كَلاَّ
لقد خلعَ التصابىَ مستَجدٌّ / نُصولُ هذراه غِمداً مُحلىً
تِقلُّ عن الغرام وأنتَ طِفلٌ / وتكبَرُ عن طلابِ اللهو كهلا
وفيما بين ذاك وذا شبابٌ / تمانعك الأحبَّةُ فيه وصلا
فأيّ زمانك الحُلوُ المُهنَّا / وأي قِداحِك القِدحُ المعُلَّى
لذاك بدأتُ بالهجران هِندا / كما عاجلتُ بالسلوان جُمْلا
وصرتُ إذا رأيتُ الظبَى يرنو / كأنّى ناظرٌ ليثاً مُدِلاّ
إذا ما هزَّ في بُرديْه عِطفا / هززتُ عليه من كفَّىَّ نَصلا
طروبٌ للوشاة إذا أعادوا / علَّى ملامةً فيه وعَذلا
وأحسنُ من قدودِ البِيض تهفو / قدودُ السُّمر في الهيجاء تُجلَى
فلا تُبرِقْ لىَ الحسناءُ ثَغر / ولا تُرِسلْ على المَنيْنْ جَثْلا
ولا تنفُثْ بسِحرٍ في جفونٍ / حلَلْتُ عقودَها كَحَلاً وكُحْلا
على أنّ الهوى في كلّ قلبٍ / ألذُّ من المنَى طَعما وأحلىَ
فلا يغرُرْك من ينجو سليماً / ولا تحسبْ عِلاجَ الحبّ سهلا
ولكنّى استعنتُ على فؤادي / بأصنافِ الرُّقَى حتى أبَلاّ
وحذَّرنى من الأحبابِ أنّى / رأيتُ دَماً لعُروةَ كيف طُلاَّ
أقلنى من ظباء بنى عَدى / فما أخشى ظباءَ الإنس كلاَّ
فهنّ إذا غَزوْنَ إلى قبيلٍ / أسرن مُعاهِدا وقتلن خِلاّ
وما أهوىَ سوى البَيداء داراً / وأفراساً تَضيعُ بها وإبلا
وأسمرَ يرعُد الأنبوبُ منه / غداةَ الروع خوفا أن يَزلاَّ
وأبيضَ تحسبُ الطُّبَّاعَ بثَّتْ / على مَتنيْه والحَدّين نملاَ
وممشوقٍ من الفِتيانِ يُدعَى / لكلِّ عظيمةٍ فيجيب هَلاَّ
كأنّى في الضحى أَرسَلتُ صَقْرا / وفي جُنح الدجى سِمْعا أزَلاَّ
أشير له ففيهمُ وَحىَ طَرفى / وخيرُ القول ما إن قَلَّ دلاَّ
أنا ابن جلاَ وطلاَّعُ الثنايا / وصاحبُ سيرةٍ تروَى وتُملَى
تحكَّكْ بالرئيِس وفز بشكرى / وحقاً تطلُبُ الجرباءُ جِذْلا
تلاقِ المجدَ بَّراقَ المُحيَّا / وثغرَ الجُود يضحَك مستهِلاّ
ومطروقَ الفِناءِ لزائريه / تقولُ كلابُه أهلا وسهلا
شمائلُ تسِرق الأقوامُ منها / وتَفضَح بامتحانٍ من تحلَّى
وهبْ أنّ الرجالَ حكَتْه قولا / فهل يحكونه قولا وفعلا
يطوفُ الوفدُ في الآفاق حتَى / تُحَطَّ به الرحائل حيث حلاَّ
إذا نزلوا فما لهمُ ارتحالٌ / ومن ذا يجتوى بَرْداً وظِلاَّ
وكلُّ فضيلةٍ ذُكِرَتْ لقوم / رأَوه بذكرِها أحرَى وأولىَ
هو البطلُ الذي خَصَم الليالي / فبيَّن في وقاشعها وأبلىَ
نحيد خُصومه عنه ومَن لا / يخافُ الليثَ أقبلَ مصمئِلاَّ
يَروع بصمتهِ من شاءَ منهم / وتخشَى الطيرُ بازيا تَجلَّى
شهدتُ بأنه الدرُّ المصفَّى / وأنفسُ قيمةً منه وأغلَى
وقالوا هل سواهُ بقِى أناسٌ / يليقُ بها المديح فقلتُ كلاَّ
بل يا ربما نُسِبوا ادعاءً / إلى كرمٍ كما نُسبَ المُعلَّى
أَلا يا أيّها الرحبُ السجايا / ومن يسقىِ بكأسِ الجود عَلاَّ
عهِدتُ نداك يورِقُ منه عُودِى / ويُمرِعُ إن شكت كفَّاىَ مَحْلاَ
وما زالتْ عُلاك أُحِلُّ منها / ربّى من رامنى فيهنّ زلاَّ
وكم لكَ من أيادٍ قد تشكّتْ / إليك مناكبي منهنّ ثِقْلا
نظمتُ من الثناءِ لها زَبورا / لفرطِ الحسن في المِحراب يُتلَى
فما لي يثلِمُ الأعداءُ حدِّى / ويختلق الوشاة عليَّ بُطلا
ويرمونى بزور القول حتّى / تمنَّى جانبي لو كنّ نَبْلا
فيا للهِ حيث وضعتُ جنبى / أمارسُ عَقربا منهم وصِلاَّ
محالُهمُ يمُدّ الىَّ باعا / وباطلُهم يحُطُّ علىَّ رِجلا
خُصومٌ ينظرون إلىَّ شَزْرا / ومن ذا يقهَر الخصمَ المُوَلَّى
ولو لم أشجُهم بدَمِى ولحمى / لقد أفنَوْهما شُربا وأَكلا
ولا واللهِ ما قارفتُ ذنباً / ولا جدَّت يدِى للنصح حَبلا
ولا استذكرتُ ما أوليتَ إلا / رأيتُ خِيانتى والغدرَ بَسْلا
وأُقسم بالمطايا مُشعَراتٍ / غداة النحر قد خُلِخلن عُقْلا
وبالغُبر الأشاعثِ لا دِهانٌ / تُرجِّلهم ولا الهاماتُ تُفلَى
وبالجمرات تحذِفُ أخْشَبَيْها / أناماُ تبتِغي مَنَّا وفَضلا
وبالحَرميْن تَملأُ عَرصَتَيْها / من الآفاقِ ركبانٌ ورَجْلىَ
وبالبيتِ المقدَّسِ والموَفِّى / قِرى الأضيافِ عنه والمصلَّى
بأنى ما لبِستُ الغشَّ ثَوبا / ولا أسكنتُ قلبي فيك غِلاَّ
وما هي غيرُ أقوالٍ تُوشَّى / ولستَ ترى لها فرعا وأصلا
وأنت الحاكم العدلُ القضايا / إذا حار امرؤ فيما تولَّى
أعوذ بحسن رأيك منك فيها / وأن ألقَى من الخُصماء خَبلا
فإن حزَّ الفَوارِى في أديمى / فلا عيبٌ إذا ما السيفُ فُلاَّ
لقاؤك يا لُبنَى خَيالِ
لقاؤك يا لُبنَى خَيالِ / فما منكما إلا غريمُ مِطالِ
مواعيدُ كاليقظَى خوالب بارقٍ / وضُمّانُهُ الوسنَى تخيُّلُ آلِ
وإنى وإن جرّت زمامى عواذلى / لأتبعُ فيكِ باطلى وضَلالى
وأعلمُ أن الحبَّ موقفُ طاعةٍ / يُجاب به للشوق كلُّ سؤالِ
ومن ظنّ أن العذلَ يقتنص الجوى / فقد قاده صعبا بغير عِقالِ
لأنتَ أطبُّ الناس إن كنتَ قادرا / على بُرء داءٍ بالفؤاد عُضالِ
وصفتَ لسقمى قُبلةً واعتناقةً / وذاك شفاهٌ في رؤوس عَوال
إذا لم يذُق شيئا سوى الهجر عاشقٌ / فمن أين يدرى كيفَ طعمُ وصالِ
جهولٌ بشأن الغانياتِ مسَلِّم / عليهنَّ في شَيبٍ ورقّةِ حالِ
لبِسن لنا دِرع الصدود كأنما / نراميهُمُ من شَيبنا بنصالِ
ليالى الشبابِ هنّ أيامُ غُرَّةٍ / وأيامُ شَيبِ المرء هنَّ ليالِ
ودِدتُ وإن كانت من العمر تنقضى / لو أن بواقيها تكون حَوالى
ولي في بيوتِ العامريّةِ حاجةٌ / هي الماءُ في عَضْبٍ حديثِ صِقالِ
زعمتُ البدورَ والشموسَ ظِباءَهم / فلا تُنكروا فيهنَّ بُعْدَ مَنالِ
تطلَّعنَ من سُود البيوتِ كأنما / تَطلَّعَ بَيْضٌ بينَ زِفِّ رِئالِ
وما حاجةُ الغَيْرَانِ فيهم إلى القنا / وقد منعتْ منهم عِصِىُّ حِجالِ
كما قد حمت نفسُ ابنِ مَروانَ مجدَه / بأبيضِ عزمٍ أو بأحمرِ مالِ
مضىءُ نواحى الوجهِ يُمزجُ بِشره / بخَمرِ حباء فيه ماءُ جَمالِ
نسيبُ المعالى ليس تدعوه حاجةٌ / إلى صيتِ عمٍّ أو نباهةِ خالِ
إذا افتخر الإنسانُ يوما بُبردِه / فما بُرُده إلا كريمُ خصالِ
شبيبةُ عزمٍ واكتهالُ بصيرةٍ / وتحريمُ عِرضٍ وانتهابُ نوالِ
شمائلُ لو يُنظمنَ أغنَى نظامُها / نحورَ الغوانى عن عُقود لآلى
وما جاذبوه الفخرَ إلا وحازه / بأيدٍ إلى نَيل العلاء طِوالِ
صنائعه في الناس ترعَى سَوامُها / أزاهيرَ شكرٍ في رياضِ مَعالِ
ومِن عشقهِ المعروفَ أعطَى قيادَه / سؤالَ تجنٍّ أو سؤالَ دلالِ
كذا السُّحْبُ يَسقِى كلَّ أرض قِطارُها / بريح جَنوبٍ مرَّةً وشَمالِ
ليهنِك آلاءٌ ضمِنتَ وفاءَها / من الجود حتى بات ناعمَ بالِ
وأنك بالنُّعمَى التي قد بثثتَها / ملكتَ من الأحرار رِقَّ مَوالِ
فلله ماضٍ من لسانك إنه / لنعمَ لِزازُ الخصم يومَ جِدالِ
والله ما ضمَّت بنانُك إنها / قناةُ طِعانٍ أو خبيثةُ ضالِ
فِناؤك للعافين بَعلُ أراملٍ / ونارُك للسّارينَ أُمُّ عيالِ
عهدتُك تلقَى كلَّ مرء بقيمةٍ / وما كلُّ أعلاقِ الرجال غَوالِ
فلْمِ أنا في ميزان عدلك كِفَّتِى / تشِفُّ إذا قابلتَها بمثالِ
ويرجحُ أوقامٌ كأن جباهَهم / نِعالٌ لما زيَّنتها بقِبالِ
نصيبي من الأموال ما يُمسك الدَّبَى / وحظِّى من النيران حَظُّ ذُبالِ
ولولاك ما كانت لطآبا موقفى / ولا أرضُ بَاجِسْرا محطَّ رحالى
مقيما بها كالسيفِ أُلزِمَ غِمدَه / وقد كان يرجو الرىَّ يوم نزالِ
ولو أُطلقت حدّاه واسُتَّل في الطُّلَى / براها بيمنى ضارب وشمالِ
وما ينفع الطِّرفَ المطهَّمَ سبُقه / إذا كان محبوسا بضيقِ مَجالِ
أرى كلَّ مشنوءِ الخليقةِ واصلا / قِصارَ حبال عجزه بحبالى
تماثيلُ كالأنعام أبقلتِ الربى / لها فغدت في رعيةٍ وصِيالِ
وإنّ زمانا ضمّ شملى وشملَهم / لكالليل مَسرَى ضيغم ونمالِ
ستعلَمُ من منّا إذا بُعد المَدَى / عليه تشكَّى من وجىً وكَلالِ
وتفرُقُ ما بينى هناك وبينهم / وكيف تُسَوّى بُزَّلٌ بفِصالِ
وما كنتُ أرضَى أن تكونَ ديارُها / ديارى ولا تلك الرحالُ رحالى
ولكنّنى ركَّابُ ما أنا قائد / ولو ظهر مجزولِ السَّنامِ ثَفَالِ
وقد يُرتعَى حَمضٌ وفي الأرض خَلَّةٌ / ويُشرَبُ ماءٌ وهو غيرُ زلالِ
وتسكنُ خفضَ الأرض خفيّةٍ / وتسمو الوعولُ في رؤوس جبالِ
وما هو إلا ذنبُ دهر معاندٍ / يَرى بُرءَ أهل الفضل غيرَ حلالِ
ويا ربما أعطَى الأمانىَّ قانطا / فقد تَلقحَ العقماءُ بعد حِيالِ
إذا كان هذا الجهلُ قد شاعَ في الورى
إذا كان هذا الجهلُ قد شاعَ في الورى / فذو العلم فيما بينهم هو جاهلُ
فإن قال مالم يعرفوا قدرَ لفظهِ / ولا قيمةَ المعنَى فما هو قائلُ
وإن هو بالصمت استجارَ لسانُه / ففي الصمتِ ذو نقصٍ سواءٌ وفاضلُ
فليس له غيرَ التجاهل ملجأٌ / وأصعبُ شيء عالمٌ متجاهلُ
وكنَّا سمعنا في الزمان بباقلٍ / وهذا زمانٌ كلُّ أهليهِ باقلُ
تخاوصت الحسناءُ عن شَيب لِمَّتى
تخاوصت الحسناءُ عن شَيب لِمَّتى / ولم تلتفت إلى سنىَّ القلائلِ
وليس بياضا ما رأت من شُعاعِه / ولكنّه نُور النُّهى والفضائلِ
تظنُّ فراقا أن تثارَ حُمولُ
تظنُّ فراقا أن تثارَ حُمولُ / وهل مثلُ إعراض الوجوهِ دليلُ
وإن الصدودَ والتجنِّى وإن دنت / ديارهُمُ وخدٌ لهم وذميلُ
وكان شفاءً لي لو أن طُلولَهم / خُلقنَ ركابا والركابَ طلولُ
كأنَّ الحمامَ الوُرقَ حاد غصونه / ليُدركَهم والبانُ كيف يزولُ
ألا إنهم كالخمر أحسنُ صنعِها / إلى شاربيها أن تزولَ عقولُ
تروّون يا آل المُهيّأ سَرحكم / وبابن أبيكم في الفؤادِ غليلُ
ومالي إلى ماء السحائب حاجةٌ / ولكنْ يبينُ جائدٌ وبخيلُ
أيوعدني الأقوام أن ودَّت المُنَى / بأنّا لبعض الفاركاتِ بُعولُ
يقولون كرُّ الطَّرف في السِّرب غارةٌ / عليه وأطماع النفوس ذُحولُ
فلا تنذروا سفكَ الدماء لنرعوى / فكلُّ صريعٍ باغرام قتيلُ
أبى القلبُ إلا حبَّها عامريَةً / بها السيف واشٍ والسنان عذولُ
أخافَ الغيورُ السُّبلَ بينى وبينها / فما إن لنا إلا الخيال رسولُ
فياليت أن النجمَ ضلَّ طريقَه / وعُمْر الدُّجَى في الخافقيْن طويلُ
كما طالَ ليلُ الحِبر عندى ومالَه / إلى الضوء من صبح البياض سبيلُ
وظلَّت أنابيبُ اليراع طريحةً / كما يتلوَّى في الفراش عليلُ
تشَهىَّ على كفّى ولو سلخَ أرقمٍ / تبَختَرُ في أعطافه وتجولُ
فمن لي بخزَّانٍ لديه صنيعةٌ / يجودُ بما جادت به فينيلُ
وما أنا باغٍ غيرَ تِسعينَ رَيْطة / تَكافأَ عَرضٌ عندهنَّ وطولُ
نواعمَ قد أفِرغن في قالَب المُنَى / فكلٌّ لكلٍّ في القَوام عديلُ
صحائف لو شئنا لقلنا صفائحٌ / فما منهما إلا أغرُّ صقيلُ
إذا صافَحتْهنَّ النواظرُ عاقها / شُعاعٌ يردُّ الطَّرفَ وهو كليلُ
وإن زَغزغَتهنَّ البنانُ تضاحكتْ / قَهاقِهُ في ترجيعهنَّ صَليلُ
على مثلها يُلقىِ الغَيورُ رداءَه / ويُغلىِ علينا مهرَها فيُطيلُ
ولكن إلى رُّخو المفاضل في الندى / خطبنا فقد جُرَّت لهنَّ ذيولُ
وأفورُ قِدح قِدحُ خِلٍّ رِشاؤه / بحاجاتِنا في الأبعدين كفيلُ
قلتُ لعمرو جَذِلا
قلتُ لعمرو جَذِلا / اُشجُجْ بها هامَ الفلا
فما اجتويتَ منزلا / إلا انتجعتَ منزلا
وإنّ من تسجُنه / أوطانُه لمُبتَلىَ
قعيدةُ الخدرِ فما / تعرِفُ إلا المِغزَلا
أما ترى الطائرَ في / أُفحوصه مقلقَلا
يستخدم الجَنوبَ في / جَناحهِ وَالشَّمأَلا
مخلِّفا وراءَه / حمامةً وجَوْزلا
إما يصيبُ جازئا / من قُوته أو أجدَلا
والقدرَ المحتومُ لا / يحُزُّ إلا المَقِصلا
لما رأيتُ الذلَّ قد / أبرز ناباً أعصَلا
شاورتُ عزمى ما ترى / فقال هاتِ وهَلا
إما عتاقا للنجا / ء أو هجانا بزلا
أرى الأموالَ في اللؤماء تثوِى
أرى الأموالَ في اللؤماء تثوِى / وتجتنبُ الكرامَ من الرجالِ
كذاك الدُّرُّ في مِلحٍ أُجاجٍ / وليس يكون في عَذبٍ زُلالِ
اِرجِعْ إلى ما أنت أهلٌ لهْ
اِرجِعْ إلى ما أنت أهلٌ لهْ / شُدَّ متاعَ القوم أو حُلَّهْ
قد عثَر الدهرُ بكم عثرةً / ودَّ بها لو قطعوا رِجلَهْ
إنّ زمانا لابن دارستَ قد / قُدِّمَ فيه زمنٌ أبلَهْ
قد قال عذرا حين وبَّختُه / لا بدَّ للعالِمِ من زَلَّهْ
ضيوفُ ابن فَضلانٍ سواءٌ نهارُهم
ضيوفُ ابن فَضلانٍ سواءٌ نهارُهم / وليلُهمُ صوما من الشّرب والأكلِ
ويُلزمهم أن يَنكَحوه وعِرسَه / وصعبٌ على مَن شئتَ خَرجٌ بلا دَخلِ
تَزاحَمُ في صدرى القوافى ولا أرى
تَزاحَمُ في صدرى القوافى ولا أرى / لها مستحقًّا في الزمان ولا أهلا
وكيف امتداحى معشرا شجرَاتُهم / عَوارٍ فما تُجدِى ثمارا ولا ظِلاَّ
فلو شَرُفوا بالعلم واطرحوا الندى / تأولتُ فيهم أننى أمدح الفضلا
ولو تركوا الآدابَ عنهم بمعزلٍ / وجادوا لقلت أمدحُ الجود والبذلا
ولكنهم عن ذا وذاك تزحزحوا / فلم أرَ أنى أمدحُ الجهلَ والبخلا
تقاعستُ عن أبناءِ دهرىَ عائفا
تقاعستُ عن أبناءِ دهرىَ عائفا / موارِدَ منهم ضافياتِ الغلائلِ
ولى قُرباتٌ عندهم غير أنني / أضَنُّ على أفضالهم بفضائلي
تُسائلنى دِرعى أهذى هي النَّبْلُ
تُسائلنى دِرعى أهذى هي النَّبْلُ / لعلَّ الذي شبّهتَه الأعينُ النُّجلُ
رَميْنَ سهاما في الجسوم جراحُها / وما أنتَ من سهو به يخرُج العقلُ
متى ما تَجِدْ لي الشمسَ في غسَق الدُّجَى / أجِدْ لك قلبا ماله في الهوى شغلُ
ولولا اتّفاقُ الناس في الحبِّ أنه / قديمٌ لقلتُ لوعتى مالَها قَبْلُ
أيا حادىَ الأظعان أَعجلْ فإنها ال / منايا وبعضُ البِرِّ أن يؤجَرَ القتلُ
ويا قلبُ أقرِرْ بالذي كنتَ جاحدا / فقد ضجِر اللاحى وقد فنِىَ العذلُ
يزيد الحسانَ البيضَ في اللؤم رغبةً / تصوُّرُنا أنْ منهُمُ يحسُن البُخلُ
أتنساها على خَيْفِ
أتنساها على خَيْفِ / مِنىً تَهوِى أبابيلا
وقد ألبسها الوخدُ / مِن المَرْو خلاخيلا
رُبىً فيها ترى الحام / ل قد شابَهَ محمولا
فذا بالنُّسك منحورا / وذا بالحبّ مقتولا
أتدرِى أيّها أَسر / عُ للأرواح ترحيلا
هل البِيضَ المباتيرَ / أم البيضَ العَطابيلا
وليس الخدُّ مصقولا / بدون السيف مصقولا
أمَن يقطعُ في غِمدٍ / كمن يقطع مسلولا
ألا يا زاجرَ السان / ح ما أحسنتَ تأويلا
جرَى اليمنّى وما صادف / تَ حبلَ الوصل موصولا
أرَى الخِدرَ لما يصن / عُ بى سُكَّانُهُ غِيلا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025