ملأ الكونَ بشراً عدلُه واعتداله
ملأ الكونَ بشراً عدلُه واعتداله / وأغنى البرايا برُّه ونوالُهْ
حوى عزمَ كسرى في مهابةِ قيصرٍ / وما اسكندر في هزم دارا مثاله
مَتى قِسْتَه بِفَرْدٍ منهم ظلمته / فقد زينت كلَّ الملوك خلالُه
دلائلُ أخبار الخواقين أجمعتْ / على أنه عنهم منيعٌ مناله
عظيمُ مقالٍ ما كبا زندُ رأيه / سنىُّ فعالٍ لا تُسامى فِعاله
له هيبةٌ عند العدى أصفيةٌ / يَسير به نحو القلوب جلاله
يقول أناسٌ طالعَ السعدُ حظه / وما السعدُ إلا عقله وعِقاله
محا غيْهبَ الأوهام قسراً بمصره / أما تبصرُ العِرفانَ يسمو هلاله
على الدهر نذْرُ قد وفى فيه وعده / ببحرِ خصمٍ قد روتْنا سِجالُه
يغيضُ على العافي الجنوح فراتُه / ويطفو على الجافي الجموحِ زلاله
دفاترُ تاريخ السلاطين سُطرتْ / مناقبُهم فاستجمعتها خِصاله
تلقبهُ ألقابُ فخرٍ وسؤدد / وتروى لنا ما صحَّ عنه اتصاله
مآثره بين الأنام مفاخرٌ / وآثارهُ لا تنتهي وكماله
دَهتْ كلَّ ذي فهم عزائمُ حزمه / وما فوفَتْ إلا أصابت نِباله
نراه دوماً ظافراً بغريمه / ويحنو على من كبلته حِباله
أما أنه مولَى شمائلُه بها / حنانٌ لمن تجنى عليه شِماله
لمصرَ به شأنٌ طريف زهتْ به / وعزٌّ منيف قد أظلت ظِلاله
ألا أيها المرتابُ في أن دارنا / تفوق على كل الرجال رجاله
سلْ المجدَ عن تلك الميادين هل عدا / ببهرتها قرن يباري نضاله
لها الآن في كل النواحي أدلةٌ / بها زال عن ربِّ الجدال جداله
أتاح لها المولى مليكاً قد انتمى / إليها ومن أقصى البلاد ارتحاله
محمدُ أفعالٍ عليُّ مكارم / بديعُ صفاتٍ لا تعدُّ فضاله
وما مثلها مقدونيا إذ أتتْ به / وقد كان فيها حِمله وفصاله
منازلٌ منها اسكندر فاتحُ الورى / إذا لم يكن عمُّ الأمير فخاله
بسيف الخديوي صولةُ البغي قد عفتْ / فلا صائلٌ إلا تداعى صياله
يضاهيه في أوصافه الغُرِّ نجلُه / إذا ما تصدى نحوَ شأوٍ يناله
دماثةُ أخلاق الجميع خليقةٌ / وقد زانهم خلقٌ تجلى جماله
ترى فيهم عباسَهم ذا طلاقةٍ / لدى السلم لكن لا يُطاق نزاله
مساعي سَعيِد في البحار سعيدةٌ / دواعٍ إلى الخيرات والاسم فاله
كفى الدواري فخراً بأن زمانه / غدا عنده عبداً عليه امتثاله
نواصي الأعادي تحتَ قبضةِ كفه / إذا جال في قومٍ تناءى مجاله
أليس منبعُ الشام قد زال شُؤْمُه / وصار سواءً سهلُه وجباله
لئن قام أحياءُ الدروز لحتفهم / فيا ريحَ من أخَنى عليه ضلاله
أينتظرون الحاكم اليوم بعدما / تبين فيما يزعمون محاله
وما يمنٌ عند العزيز عسيرةٌ / ويسرُ عسيرٍ عنده ما تخاله
هنيئاً لمن ألقى السلاحَ بساحةٍ / يُصان بها نفسُ النزيل وماله
ألمَّ حمىً لا ضيمَ فيه لوافدٍ / ولاذ بطود لا تسامى خِلالُه
مناهجُه في حكمه مستقيمةٌ / ملأ الكونَ بِشراً عدله واعتداله