المجموع : 20
لَكَ اللهُ بِالنَّصْرِ العزيزِ كَفيلُ
لَكَ اللهُ بِالنَّصْرِ العزيزِ كَفيلُ / أَجَدَّ مُقامٌ أَم أَجدَّ رَحيلُ
هوَ الفتحُ أَمَّا يَومُهُ فَمُعَجَّلٌ / إليكَ وَأَمَّا صُنعُهُ فَجزِيلُ
وآياتُ نصرٍ مَا تزالُ وَلَمْ تزَلْ / بهنَّ عماياتُ الضَّلالِ تَزولُ
سيوفٌ تنيرُ الحقَّ أنَّى انْتَضَيْتَها / وخيلٌ يجولُ النصرُ حَيْثُ تَجولُ
أَلا فِي سبيلِ اللهِ غزوُكَ من غَوى / وَضلَّ بِهِ فِي النَّاكثينَ سَبِيلُ
لئِنْ صَدِئَتْ أَلبابُ قومٍ بمكرِهِمْ / فسيفُ الهدى فِي راحَتَيْكَ صَقيلُ
فَإِنْ يَحْيَ فيهم بَغْيُ جالُوتَ جَدِّهِمْ / فَأَحجارُ دَاودٍ لَديْكَ مُثُولُ
هُدىً وَتُقىً يُودِي الظلامُ لَدَيْهِما / وحقٌّ بدفعِ المُبْطِلينَ كَفيلُ
بجمعٍ لَهُ من قائدِ النصرِ عاجِلٌ / إِلَيْهِ ومن حَقِّ اليقينِ دَليلُ
تحمَّلَ منه البحرُ بحراً من القَنَا / يروعُ بِهَا أَمواجَهُ وَيَهُولُ
بِكُلِّ مَعَالاةِ الشِّرَاعِ كَأَنَّها / وَقَدْ حملَتْ أُسْدَ الحَقائِقِ غِيلُ
إِذا سَابَقَتْ شَأْوَ الرِّيَاحِ تخَيَّلَتْ / خيولاً مدى فُرْسَانِهِنَّ خُيُولُ
سحائبُ تزجيها الرياح فإِنْ وَفَتْ / أَنافَتْ بِأَجْيَادِ النعامِ فُيُولُ
ظباءُ سِمَامٍ مَا لَهُنَّ مَفَاحِصٌ / وزُرْقُ حَمامٍ مَا لَهُنَّ هَدِيلُ
سَوَاكِنُ فِي أَوْطانهنَّ كَأَنْ سَمَا / بِهَا الموجُ حَيْثُ الرَّاسِيَاتُ تَزُولُ
كما رفع الآلُ الهوادجَ بالضُّحى / غَداةَ استَقَلَّتْ بالخليطِ حُمُولُ
أَراقِمُ تَقْرِي ناقعَ السّمِّ مَا لَهَا / بما حَملت دون الغواة مقيلُ
إِذا نَفَثَتْ فِي زوْرِ زِيري حُماتَها / فَوَيْلٌ لَهُ من نَكْزِها وأَليلُ
هنالك يَبْلُو مرتعَ المكْرِ أَنَّهُ / وخِيمٌ عَلَى نفس الكَفُورِ وَبِيلُ
كَتائبُ تعتامُ النفاقَ كَأَنَّها / شآبيبُ فِي أَوطانه وَسُيُولُ
بكُلِّ فتىً عارِي الأَشَاجِع مَا لَهُ / سِوَى الموت فِي حَمْيِ الوطيسِ مَثِيلُ
خفيفٌ عَلَى ظهرِ الجواد إِذَا عدا / ولكن عَلَى صَدْرِ الكَمِيِّ ثقيلُ
وجرداءَ لَمْ تبخل يداها بغايةٍ / ولا كَرُّها نحو الطعان بخيلُ
لها من خوافي لَقْوَةِ الجَوِّ أَرْبَعٌ / وَكَشحانِ من ظبي الفَلا وَتَلِيلُ
وَبيضٍ تَرَكْنَ الشِّرْكَ فِي كل مُنْتَأىً / فُلُولاً وَمَا أَزرى بهنَّ فُلُولُ
تمورُ دماءُ الكُفرِ فِي شَفَراتِها / ويرجعُ عنها الطرفُ وهوَ كليلُ
وأَسمرَ ظمآنِ الكعوبِ كَأَنَّما / بِهِنَّ إِلَى شُرْبِ الدماءِ غليلُ
إِذا مَا هوى للطعنِ أَيقنتَ أَنه / لصرف الرَّدَى نحو النفوس رسولُ
وَحنَّانَةِ الأَوتَارِ فِي كلِّ مهجةٍ / لعاصيكَ أَوْتَارٌ لَهَا وَذُحُولُ
إِذا نَبْعُها عنها أَرَنَّ فإنما / صداه نحيبٌ فِي العدى وعويلُ
كَتائبُ عِزُّ النصرِ فِي جَنَبَاتِها / فكلُّ عزيزٍ يمَّمَتْهُ ذليلُ
يُسَيِّرُها فِي البرِّ والبحر قائدٌ / يسيرٌ عَلَيْهِ الخطبُ وَهْوَ جليلُ
جوادٌ لَهُ من بهجة العزِّ غُرَّةٌ / ومن شِيَمِ الفضلِ المبينِ حُجولُ
به أَمِنَ الإسلامُ شرقاً ومغرباً / وغالت غواياتِ الضلالةِ غُولُ
يَصُولُ بسيفِ اللهِ عَنَّا وإنما / بِهِ السيف فِي ضَنْكِ المقام يصولُ
حُسامٌ لداءِ المكر والغدر حاسمٌ / وظلٌّ عَلَى الدين الحنيف ظليلُ
إِذا انْشَقَّ ليلُ الحربِ عن صُبحِ وجههِ / فقد آن من يوم الضلالِ أَصيلُ
كَريمُ التأَنِّي فِي عِقَابِ جُنَاتِهِ / وَلَكِنْ إِلَى صوت الصَّرِيخ عَجُولُ
لِيَزْهُ بِهِ بحرٌ كَأَنَّ مُدُودَدُ / نوافلُ من معروفه وفضُولُ
ويا رُبَّ نجمٍ في الدُّجى وَدَّ أَنَّه / من المركَبِ الحاوي سناه بديلُ
تهادت بِهِ أَنفاسُ رَوْحٍ من الصَّبا / وَخَدٌّ من البحر الخِضَمِّ أَسيلُ
وقد أَوْمَتِ الأَعلامُ نحوَ حُلُولِهِ / وحنَّ من الغُرِّ الجياد صهيلُ
فجلّى سناه العدْوَتَيْنِ وَبَشَّرَتْ / خوافقُ راياتٍ لَهُ وَطبولُ
وأَيقنَ باغِي حتفِه أَنَّ أُمَّه / وَقَدْ أَمَّهُ الليثُ الهصورُ هَبُولُ
فواتحُ عِزٍّ مَا لَهَا دونَ زمزمٍ / وَلا دُونَ سَعْي المروتَيْنِ قُفُولُ
وهل عائقٌ عنها وكلّ سَنِيَّةٍ / إليك تَسَامى أَوْ إليكَ تَؤولُ
سيوفٌ عَلَى الجُرْدِ العِتاقِ عَزِيزَةٌ / وَأَرْضٌ إِلَى البَيْتِ العَتيقِ ذَلُولُ
فقد أَذِنتْ تِلْكَ الفِجَاجُ وَدُمِّثَتْ / حُزونٌ لِمَهوَى مَرِّهَا وسُهولُ
وقامَ بِهَا عند المقامِ مُبَشِّرٌ / وشَامَ سناها شَامَةٌ و طَفِيلُ
فيَهنيك يَا منصورُ مبدأُ أَنْعُمٍ / عَوائدُه صنعٌ لديكَ جَمِيلُ
وفرعان من دوح الثناء نمتهما / من المجد فِي التُّرْبِ الزَّكِيِّ أُصولُ
عقيبان بَيْنَ الحربِ وَالمُلْكِ دولة / وعزٌّ مُدَالٌ منهما ومُديلُ
مليكانِ عَمَّ السّلمَ والحربَ منهما / غِنىً وَغَنَاءٌ مُبْرَمٌ وَسحيلُ
وَيَهْنِيكَ شَهْرٌ عند ذي العرش شاهِدٌ / بأَنك بَرٌّ بالصيام وَصُولُ
فَوُفِّيتَ أَجرَ الصابرين ولا عَدَا / مساعِيكَ فَوزٌ عاجلٌ وَقَبُولُ
محلُّك بالدنيا وبالدينِ آهِلُ
محلُّك بالدنيا وبالدينِ آهِلُ / فعِيدٌ وأَعيادٌ وعامٌ وقابلُ
وسعدٌ وإِقْبَالٌ ويمنٌ وغبطةٌ / ونصرٌ وفتحٌ عاجلٌ ثُمَّ آجلُ
وصومٌ كريمٌ بالمَبَرَّةِ رِاحِلٌ / وفِطرٌ عزيزٌ بالمَسَرَّةِ نازِلُ
ورَفْعُ لواءٍ شَدَّدَ اللهُ عَقْدَهُ / ليعلُوَ حَقٌّ أَوْ ليَسْفُلَ باِطلُ
أَلا فِي سبيلِ اللهِ عَزْمَتُكَ الَّتِي / عَلَى الدينِ والإِسلامِ منها دلائلُ
فقد نَطَقَتْ بالنصرِ فِيهَا شواهدٌ / وَقَدْ وَضَحَتْ للفتح منها مَخَائِلُ
فأَبْشِرْ فنجمُ الدين بالسَّعْدِ طالِعٌ / وأَيْقِنْ فنجم الشِّرْكِ بالخزيِ آفِلُ
وقد أُصحِبَ التسديد مَا أَنت قائلٌ / وَأُيِّدَ بالتوفيقِ مَا أَنتَ فاعِلُ
وساعَدَ صُنْعُ اللهِ مَا أَنت طالبٌ / وَأَسْعَدَ جُودُ الله مَا أنتَ سائلُ
فما تَصِلُ الأَيامُ من أَنت قاطِعٌ / ولا تقطع الأَيامُ من أنت واصلُ
وهل خَيَّبَتْ يمناك مَنْ جاءَ آمِلاً / فيُكْذِبَ ربُّ العرش مَا أَنت آملُ
وقد أفطر الإسلامُ والسيف صائِمٌ / وَعَلَّتْ ظِمَاءٌ والرماحُ نواهلُ
فأَوْرِدْ صواديها فقد طاب مَشرَعٌ / وَقَدْ حان مأْكُولٌ وَقَدْ حَنَّ آكِلُ
فما أَنتَ إِلَّا الشمسُ تطلع للعِدَى / فظِلُّهُمُ حَتْماً بِنُورك زائِلُ
كَرُمْتَ فما يَعْيَا بِحَمْدِكَ مُفْحَمٌ / وسُدْتَ فما يَغبَى بِقَدْرِكَ جاهلُ
وجودُك فِي سلْمٍ وبأَسُك فِي وَغىً / بُحُورٌ طوامٍ مَا لَهُنَّ سواحلُ
فَلا خَذْلَ الرحمنُ مَنْ أَنت ناصرٌ / ولا نصر الرحمنُ من أنت خاذلُ
ونَيْلُوفَرٍ قَمِنٍ بالذُّبُولِ
ونَيْلُوفَرٍ قَمِنٍ بالذُّبُولِ / يَرُوقُ فيذبلُ عَمَّا قليلِ
يلاقي الصَّباحَ بيمنى جَوَادٍ / ويُخْفِي الظَّلاَمَ بيمنى بخيلِ
يُبيحُ الضُّحى مَا حَوى من نسيمٍ / ويمنعُهُ عند وقتِ الأُفُولِ
أَلَمْ يَرَ عبدَ المليكِ المليكَ / مجيبَ الرَّجاءِ ومُعْطِي الجَزيلِ
لو ازدادَتِ الأرضُ عَرْضاً بَعَرْضٍ / ولو وصل الدهرُ طولاً بطولِ
لما زال يُوسِعُ هَذَا وتلكَ / بفعلٍ كَريم وذكرٍ جميلِ
أَفي مثلِها تنبو أَياديك عن مثلي
أَفي مثلِها تنبو أَياديك عن مثلي / وهذِي الأماني فيك جامِعةُ الشَّمْلِ
وقد أَوفتِ الدُّنيا بعهدِكَ واقْتَضَتْ / وفاءَك أَلا زِلْتَ تُعْلي وتَسْتَعْلِي
وَقَدْ أَمَّنَ المقدارُ مَا كنتُ أَتَّقِي / وأَرخَصَتِ الأَيَّامُ مَا كنتُ أَسْتَعْلِي
وأَذعَنَ صرفُ الدَّهْرِ سمعاً وطاعةً / لما فُهْتَ من قولٍ وأَمضَيْتَ من فعلِ
وناديتَ بالإنْعَامِ فِي الأرضِ فالْتَقَتْ / بيمناك أَشتاتُ الطَّرَائِقِ والسُّبْلِ
وَحَلَّتْ بِكَ الآمالُ فِي عَدَدِ الدَّبى / فوافَت أَيادٍ منكَ فِي عَدَدِ الرَّمْلِ
وهذا مُقامي منذُ تِسْعٍ وأَرْبَعٍ / رجائِيَ فِي قيدٍ وَحَظِّيَ فِي غُلِّ
كأَنِّيَ لَمْ أَحْلُلْ ذَرَاكَ وَلَمْ أُقِمْ / مُناخَ العطايا فيك مُرْتَهَنَ الرَّحْلِ
وأُغْضِ عن البرق الَّذِي شِيمَ لِلحيا / وأَعقِدْ بِحَبْلٍ منكَ بَيْنَ الورى حَبْلي
ولم أدَّخِرْ من راحَتَيْكَ وسائلاً / رضيتُ بِهَا كُفءاً عن المالِ والأَهْلِ
ولم تُصْفِني خُلقاً أَرَقَّ من الهوى / وَلَمْ تُولِني نُعْمى أَلَذَّ من الوَصْلِ
ولم تَثْنِ عنِّي فِي مواطِنَ جَمَّةٍ / سُيوفاً حِدَاداً قَدْ سُلِلْنَ عَلَى قَتْلي
ولم أَطْوِ سِنَّ الاكْتِهَالِ مُحاكِماً / إليك خُطُوباً شَيَّبَتْ مَفْرِقَ الطفلِ
وكُنتَ ومِفْتاحُ الرغائبِ ضائِعٌ / ملاذي فهذا بابُها ضائعُ القُفْلِ
وكم مُرْتَقىً وعرٍ جَذَبْتَ بساعِدي / إِلَيْهِ فقد أَفْسَحْتَ بالأَفْيَحِ السَّهْلِ
وأَنهارِ راحٍ فِي رياضٍ أَنِيقَةٍ / مُوَطَّأَةِ الأَكْنَافِ للنَّهْلِ والعَلِّ
حَرَامٍ عَلَى وِرْدِي حِمىً دونَ مَرتَعي / وَقَدْ بَرَّحَتْ فِي الناس بالطَّيِّبِ الحِلِّ
وقد شَفَّني رَشْفُ الثِّمارِ أَوَاجِناً / وأَنْضى رِكابي مجْذِبُ المرتَع المَحْلِ
وإِنَّ عَجيباً أَنَّ عِزَّكَ مَوْئِلِي / وأَكْظِمُ أَنْفاسي عَلَى غُصَصِ الذُّلِّ
وأَنِّيَ من ظُلمِي بِعَدْلِكَ عَائِدٌ / وكم مطلبٍ أَسلمتَهُ فِي يَديْ عَدْلِ
وأَنِّيَ فِي أَفياءِ ظِلِّكَ أَشْتَكِي / شَكِيَّةَ مُوسى إِذْ تولَّى إِلَى الظِّلِّ
ففي حُكمِكَ الماضي وَسُلْطَانِكَ العَدْلِ / تُمِرُّ لِيَ الدنيا وطَعْمِي لَهَا مُحْلِ
وتقلِبُ لي ظهرَ المِجَنِّ تَجَنِّياً / فَمَوْتِي بما يُحيي ومَوْتِي بما يُسْلِي
أَلَمْ تَرَنِي يومَ الرِّهَانِ مُبَرِّزاً / أَمامَ الأُلى جاؤوا إِلَى الحَظِّ مِنْ قَبْلِي
فكَمْ باتَ هَذَا الملكُ منّي مُعرِّساً / بِفَتّاَنَةٍ بكْرٍ وبتُّ عَلَى الثُّكْلِ
وأَثقَلْتُ أوتارَ الرِّكابِ جَوَاهِراً / عَلَى ثَمنٍ يَعْدُو بِهِ مُحْوِلُ النَّمْلِ
وها أَنذَا مَا إِنْ أَموت من الأسى / بوَقْرٍ عَلَى وَقْرِ وثِقْلٍ عَلَى ثقْلِ
وَليَّ النَّدى أَصْبَحتُ فِي دَوْلَةِ النَّدى / كَأَنِّي عَدُوُّ البخل فِي دَوْلَةِ البُخْلِ
يُقَتِّلُ أَخْفى اليَأْسِ أَحْيى مَطالِبي / لَيَالِيَ جلَّ الْوَعْدُ عن ريبةِ المَطْلِ
وأُبْدي لِلَسْعِ الدَّبْر وَجْهي مُنازعاً / وَقَدْ فازَ غيري سالِماً بجنى النَّحْلِ
ومَولىً يَجِرُّ البأْسُ والحَمْدُ ساجداً / إِلَى سيفِهِ الماضي ونائلِهِ الجَزْلِ
سَريع إِلَى داعي النَّدى وشَفِيعِهِ / وبَحْرُ عطاياهُ أَصمُّ عن العَذْلِ
تَذكَّرني فِي ساعة العلم والنُّهى / وأُنْسِيَني فِي ساعة الجود والبَذْلِ
وَبَوَّأَنِي فِي قَصْرِهِ أَعْلَ مَنْزِلٍ / وَحَظِّيَ مُلقىً يسْتغيثُ من السُّفْلِ
فَأَكْسُو لَهُ الأَيَّامَ مِنْ حُرِّ مَا أَشِي / وَأَمْلأُ سَمْعَ الدهرِ من سِحْرِ مَا أُملِي
أُوَاصِلُ آناءَ الأَصائِلِ بالضُّحى / وزادِيَ من جُهدِي وراحِلَتي رِجْلي
إِذا أَحْفَتِ الفُرْسانُ غُرَّ جِيادِهِ / خَصَفْتُ بوجهي مَا تَمزَّقَ من نَعْلِي
وإِنْ أَقْبَلُوا والمِسْكُ يندى عَلَيْهِمُ / أَتَيْتُ وَقَدْ ضُمِّخْتُ مِسْكاً من الوحْلِ
وإِنْ شُغِلوا لَهْواً بأَنْعُمِ كفِّهِ / فخِدْمَتُه لَهْوي وطَاعَتُهُ شُغْلي
أُقِرُّ عيونَ الشامِتينَ ولَيتَنِي / أُبَرِّدُ مَا تطوي الضلوع من الغِلِّ
أَمُرُّ بِهِمْ أَلقى الثَّرى وكأنَّمَا / فؤادِيَ من أحداقِهِمْ غَرَضُ النَّبلِ
إِذا الأَسد الضِّرغامُ أَنْفَذَ مقتَلي / فما فَزَعِي إِلّا إِلَى الأَرْقَمِ الصّلِّ
وإِن ذابَ حُرُّ الوجْهِ من حَرِّ نارِهِمْ / فما مُسْتَغَاثِي منهُ إِلّا إِلَى المُهْلِ
ومن شيمة الماء القراح وإن صفا / إذا اضطرمت من تحته النار أن يغلي
ولا وَزَرٌ إِلّا وزيرٌ لَهُ يدٌ / تُمِلُّ عَلَى أَيْدِي الربيع فيَسْتَمْلِي
أَبا الأصبَغ المَعْنيَّ هل أَنت مُصْرِخِي / وهلْ أَنتَ لي مُغْنٍ وهل أَنتَ لي مُعْلِ
وهل مَلِكُ الإِنعامِ والجودِ عائدٌ / بإِحسانِ مَا يُولي عَلَى حُسْنِ مَا أُبْلي
وهل لرياض الملك في نفحة الصبا / وهل لسماء المجد في كوكب النُّبلِ
وحتَّى مَتى أُعْطِي الزمانَ مقادَتِي / وَقَدْ قَبَضَتْ كَفّي عَلَى قائِمِ النَّصلِ
ونادَيْتُ من عُلْيا الوزارَةِ ناصِراً / يَرى خاطفاتِ الشُّهْبِ تمشي عَلَى رِسْلِ
فلا يَغْبِطِ الأَعداءَ مَا طُلَّ من دَمي / ولا يَهْنئِ الأَيَّامَ مَا فاتَ من ذَحْلي
عسى مجدُ عيسى أَن ينوءَ ببارِقٍ / يُسِحُّ حَيا الإِفضالِ فِي روضةِ الفَضْلِ
فيا ابْنَ سعيدٍ هل لِسَعْدِكَ كَرَّةٌ / عَلَى الهِمَّةِ العَلْياءِ فِي الأُفُقِ الغُفْلِ
طَوَتْ زَفَراتِ البَثِّ حَتَّى لقد أَنى / لذات مَخاضٍ أَن تُطَرِّقَ بالحَمْلِ
مطالبُ أبقى الدهرُ منها مَظالِماً / تُنادِيكَ بالشكْوى وتدعُوك للفَضْلِ
وكُلٌّ عليها شاهِدٌ غيرُ شاهِدٍ / وَلَيْسَ لَهَا حاشاكَ من حَكَمٍ عَدْلِ
أَيَحْتَقِبُ الركبانُ شرقاً ومغرِباً / غرائِبَ أَنفاسي وأَلقاكَ فِي الرَّجْلِ
ويَنْتَقِلُ الشَّرْبُ الندامى بدائِعي / وهَيهَاتَ لي من لَذَّةِ الشُّرْبِ والنُّقْلِ
وضَيفٌ بحيثُ الطَّيْرُ تُدْعى إِلَى القِرى / يضيقُ بِهِ رَحْبُ المَباءةِ والنُّزْلِ
طَوٍ وَوُجُوهُ الأَرْضِ خِصْبٌ ومَطْعَمٌ / وعيمانُ والجُلمُودُ يَفَهَقُ بالرِّسْلِ
وحَرَّانُ أَوْفى ظِمءَ تِسْعٍ وأَرْبعٍ / بحيثُ تَلاقى دافِقُ البحرِ والوَبْلِ
وسَيفٌ يقُدُّ البَيْضَ والزَّغْف مقدِماً / يروحُ بلا غِمْدٍ ويغدُو بلا صَقلِ
وذُو غُرَّةٍ معروفَةِ السبق فِي المدى / وَقَدْ قَرِحَ التَّحجيلُ من حَلَقِ الشُّكْلِ
ودَوحَةُ عِلمٍ فِي السماءِ غُصُونُها / تَرفُّ بلا سُقْيا سوى بَغَش الطَّلِّ
لَعَلَّكِ يَا شمسُ عند الأصيلِ
لَعَلَّكِ يَا شمسُ عند الأصيلِ / شَجِيتِ لِشَجْوِ الغرِيبِ الذَّليلِ
فكونِي شَفيعي إِلَى ابْنِ الشَّفِيعِ / وكُونِي رَسُولِي إِلَى ابن الرَّسُولِ
فإمَّا شَهِدْتِ فأَزْكى شَهيدٍ / وإِمَّا دَلَلْتِ فأَهدى دَليلِ
عَلَى سابِقٍ فِي قُيودِ الخُطُوبِ / ونجمِ سَناً فِي غُثاءِ السُّيولِ
يُنادِي النَّدى لِسقامِ الضَّياعِ / ويشكو إِلَى المُلْكِ داءَ الخُمُولِ
وعزَّ عَلَى العِلْمِ مَثوَاهُ أَرْضاً / عَلَى حُكمِ دَهْرٍ ظَلومٍ جَهولِ
ويَعجَبُ كَيْفَ دنا من عَليٍّ / وَلَمْ تنفصِمْ حَلَقاتُ الكُبولِ
وكَيْفَ تَنَسَّمَ آلَ النَّبيِّ / وأَبْطأَ عنهُ شِفاءُ الغَليلِ
وأَطودُ عِزّهِمُ مائِلاتٌ / لَهُ وَهْوَ يَرْنو بطَرفٍ كَليلِ
وأَبحُرُهُمْ زاخراتٌ إِلَيْهِ / ويَرْشُفُ فِي الثَّمَدِ المُسْتحيلِ
وَقَدْ آذَنُوهُ الخصِيبَ المَريعَ / ومَرْتَعُهُ فِي الوَخيم الوَبيلِ
تَجزَّأَ من جَنَّتَيْ مأْرَبٍ / بِخَمْطٍ وأَثْلٍ وسِدْرٍ قليلِ
غَريبٌ وكم غَرَّبَتْ رَاحَتا / هُ فِي الأَرْضِ من وَجْهِ بكْرٍ بَتُولِ
مُكَرَّمَةٍ مَا نَأَتْ عَنْ بلادٍ / ولا قَرُبَتْ من شَبيهٍ مَثيلِ
تُضيءُ لَهَا مُظلِمَاتُ النُّفُوسِ / وتُروى بِهَا ظامِئاتُ العُقُولِ
وتطلُعُ فِي زاهراتِ النُّجومِ / ومُطلِعُها جانِحٌ لِلأُفُولِ
شَريدُ السُّيوفِ وفَلُّ الحُتوفِ / يَكيدُ بأَفْلاذِ قَلبٍ مَهولِ
تهاوَتْ بِهِمْ مُصعِقاتُ الرَّوَاعِ / دِ فِي مُدْجِناتِ الضحى والأَصيلِ
بوارِقُ ظَلْمَاءِ ظُلْمٍ تُبيحُ / دُمىً مِنْ حِمىً أَوْ دماً من قَتيلِ
فأذْهَلَ مُرْضِعةً عَنْ رَضيعٍ / وأَنسى الحَمائمَ ذِكْرَ الهَديلِ
وشَطَّ الصَّريخُ عَلَى ذي الصُّراخ / وفاتَ المُعَوَّلُ ذاتَ العَويلِ
فما تهتَدي العَيْنُ فِيهَا سَبيلاً / سِوى سَبَلِ العَبَراتِ الهُمُولِ
ولا يَعْرِفُ المَوْتُ فِيهَا طَريقاً / إِلَى النَّفْسِ إِلّا بعَضبٍ صَقيلِ
رَكِبتُ لَهَا مَحْمَلاً للنَّجَاةِ / وصيَّرْتُ قصدَكَ فِيهِ عَديلي
فَرَدَّتْ عَلَى عَقِبَيها المَنونُ / بِواقٍ مُجيرٍ ورأْيٍ أَصِيلِ
وَقَدْ سُمْتُها بِنفيسِ التِّلادِ / عَلَى أَنْفُسٍ ضائِعَاتِ الذُّحُولِ
فَهِلتُ اليسارَ بيُسرى جَوادٍ / وحُطْتُ الذِّمَارَ بيُمْنى بَخيلِ
نُفُوساً حَنَتْ قَوسُ عَطفي عليها / فَكُنَّ سِهامَ قِسِيِّ الخُمُولِ
ومِنْ دوننا آنِساتُ الدِّيارِ / نِهابَ الحِمى مُوحِشاتِ الطُّلُولِ
يُهَيِّجُ فِيهَا زَفيرُ الرِّياحِ / مدامِعَ شَجوِ السَّحابِ المُخيلِ
وتلطِمُ فِيهَا أَكُفُّ البُرُوقِ / خُدُودَ عِرَاصٍ علينا ثُكُولِ
تظلَّمُ من هاطِلاتِ الغَمامِ / وتَشكو مِنَ الريحِ جَرَّ الذُّيولِ
مغاني السُّرور لَبِسنَ الحِدَادَ / عَلَى لابسَاتِ ثِيابِ الذُّهولِ
خطيباتِ خَطبِ النَّوى والمُهورِ / مَهارى عليها رِحالُ الرَّحيلِ
فَمِنْ حُرَّةٍ جُلِيتْ بِالجلاءِ / وعَذْرَاءَ نُصَّتْ بنصِّ الذَّميلِ
ولا حَلْيَ إِلّا جُمانُ الدُّموعِ / يَسيلُ عَلَى كُلِّ خَدٍّ أَسِيلِ
فَبُدِّلْنَ مِنْ بَعدِ خفضِ النَّعيم / بشَقِّ الحُزُونِ وَوعْثِ السُّهولِ
ومِنْ قِصَر اللَّيلِ تَحْتَ الحِجال / بِهَوْلِ السُّرى تَحْتَ ليلٍ طويلِ
وَمِنْ عَلَلِ الماءِ تَحْتَ الظِّلالِ / صِلاءَ القُلوبِ بحَرِّ الغليلِ
ومن طيب نفحٍ بنَوْر الرِّياضِ / تَلظِّيَ لفحٍ بنار المَقيلِ
ومن أُنسِها بَيْنَ ظِئْرٍ وتِربٍ / سُرى لَيْلها بَيْنَ ذيبٍ وغوْلِ
ومن كُلِّ مَرْأَىً مُحيَّا جَميلٍ / تَلقِّي الخُطُوبِ بصبْرٍ جميلِ
لَعَلَّ عواقِبَهُ أَنْ تَتِمَّ / فَيُهدى الغريبُ سَواءَ السَّبِيلِ
إِلي الهاشِميّ إِلَى الطَّالِبيِّ / إِلَى الفاطِميِّ العَطُوفِ الوَصُولِ
إِلَى ابنِ الوَصِيِّ إِلَى ابن النَّبيِّ / إِلَى ابن الذَّبيح إِلَى ابن الخَليلِ
إِلَى المُستجَار من المُستَجيرِ / إِلَى المُستَقَال مِنَ المُستَقِيلِ
إِلَى المُستضاف المَلِيكِ العزيزِ / من المُسْتَضيفِ الغريب الذليلِ
سلامٌ وأَنتَ ابنُ بَدْءِ السَّلا / مِ منْ ضيفِهِ المكرَمِينَ الدُّخولِ
غَدَاةَ يُضيِّفُ أَهْلَ السَّماءِ / إِلَى منزِلٍ آلفٍ للنَّزيلِ
فَرَدَّ سَلامَ حَليمٍ مُنيبٍ / وجاءَ بعِجْل كريمٍ عَجولِ
وأَعطانُهُ مَأْلفٌ للضُّيوفِ / ومَوْطِنُ ذي عَيْلَةٍ أَوْ مُعيلِ
شرائِعُ خَلَّدَها فِي الأَنَا / مِ من كُلِّ أَرْضٍ وَفِي كلِّ جيلِ
وَمَا زَالَ من آلِهِ حافِظٌ / معالِمَها حِفظَ بَرٍّ وَصُولِ
بأنفُسِ مَجدٍ سِرَاعٍ إليها / وأَيدٍ عليها شُهودٍ عُدُولِ
فسُمِّيَ جدُّكَ عَمْرَو الكِرام / بهَشمِ الثريد زَمانَ المُحُولِ
و شَيْبَةُ ساقي الحَجيجي الكَفيل / بمأوى الغريب وقوت الخليلِ
وضيَّفَ حَتَّى وحوش الفَلاةِ / وأَهْدى القِرى لهِضَاب الوُعُولِ
وإِنَّ أَبا طالِبٍ للضُّيوفِ / لأَطْلَبُ من ضَيفِهِ للحُلولِ
ولا مِثلَ والِدِكَ المُصطَفى / لِرَكْبٍ وُفودٍ وَحَيٍّ حُلُولِ
يبادِرُهُمْ بابْتِناءِ القِبابِ / ويُكرِمُهُمْ بدُنُوِّ النُّزُولِ
ويَخْلَعُ عن مَنكِبَيهِ الرِّدَاءَ / سُروراً وفَرْشاً لضَيفِ القُيولِ
يروحُ عَلَيْهِم بغُرِّ الجِفانِ / ويغدو لهم بالغَريضِ النَّشيلِ
قِرىً عاجِلاً يقتَضي شربهُ / من الكَوْثَرِ العَذْبِ والسَّلْسَبيلِ
فأَنتُمْ هُدَاةُ حياةٍ ومَوْتٍ / وأَنْتُمْ أَئِمَّةُ فِعلٍ وقيلِ
وساداتُ من حَلَّ جَنَّاتِ عَدْنٍ / جميع شبابهِمُ والكُهُولِ
وَأَنْتُمْ خلائِفُ دُنيا ودينٍ / بحُكْم الكِتابِ وحُكْم العُقولِ
ووالِدكُم خاتَم الأَنبياءِ / لكُم منه مجدُ حَفِيٍّ كَفيلِ
تَلَذُّ بحَمْلِكُمُ عاتِقاهُ / عَلَى حَمْلِهِ كُلَّ عِبءٍ ثقيلِ
ورحْبٌ عَلَى ضَمِّكُمْ صَدْرُهُ / إِذَا ضاقَ صَدْرُ أَبٍ عن سَليلِ
ويطرُقُهُ الوحيُ وَهنَاً وأَنتُم / ضَجيعَاهُ بَيْنَ يَدَيْ جِبرَئيلِ
وَزَوَّدَكُم كُلَّ هَدْيٍ زَكِيٍّ / وأَوْدَعَكمْ كُلَّ رَأْيٍ أَصِيلِ
عَجَباً لِغَيِّ الحُبِّ لاح سَبِيلُهُ
عَجَباً لِغَيِّ الحُبِّ لاح سَبِيلُهُ / ولِرُشْدِ حِلْمِكَ كَيْفَ ضَلَّ دَليلُهُ
ولِعَيْشِ صَبٍّ لا يَرِقُّ حَبِيبُهُ / مِمَّا شَجَاهُ ولا يُفيقُ عَذُولُهُ
ولِقَاتِلٍ بِالهَجْرِ غَيْرِ مُقَاتِلٍ / يَفْدِيهِ مِنْ مَضَضِ العِتَابِ قَتِيلُهُ
إِنْ خَطَّ فِي جَوِّ السَّماءِ مِثَالَهُ / بَدْراً فَبَيْنَ جَوَانِحِي تَمْثِيلُهُ
أَوْ شَرَّدَ التَّسْهِيدَ طَيْفُ خَيالِهِ / عَنْ ناظِرَيَّ فَفِيهِمَا تَخْيِيلُهُ
وَلَهَانَ فِيهِ مَا فَقَدْتُ مِنَ الْكَرى / لَوْ كَانَ من نَظَرِي إِلَيْهِ بَديلُهُ
أَوْ كَانَ حُكْمُ هَوَاهُ لا تَحْرِيمُهُ / وَصْلِي عَلَيْهِ وَلا دَمِي تَحْلِيلُهُ
غُصْنٌ يَمِيسُ بِهِ الصِّبَا فَيُقِيمُهُ / طَوْراً وتُوهِمُهُ الصَّبا فَتُمِيلُهُ
فَكَأَنَّهُ فِي لَمْحِ طَرْفِيَ عائِرٌ / وتَقيه تَفْدِيَتِي لَهُ فَتُقِيلُهُ
وتَكادُ أَنْفاسِي تُزَايِلُ مَتْنَهُ / لَوْلا كثيبٌ منهُ لَيْسَ يُزِيلُهُ
فكأَنَّما يُشْتَقُّ من حَرَكَاتِهِ / نَغَمُ الغِناءِ خفيفُهُ وثقيلُهُ
لَوْ أَنَّهُ يُشْتَقُّ مِنْ أَعْطَافِهِ / عَطْفٌ يُعَلِّلُ لَوْعَتي تَعْلِيلُهُ
وعَلِيلُ لَحْظِ الطَّرْفِ أَعدى طَرْفُهُ / قَلْبي بداءٍ لا يُفيقُ عليلُهُ
سَلَبَ المَلاحَةَ فِي الظِّباءِ وَفِي المَهَا / حَتَّى اسْتَبَدَّ بجِزْئِها تكميلُهُ
أَنَفاً لِمَنْ سَكَنَ التَّرَائِبَ أَنْ يُرى / يَطَأُ التُّرابَ شَبِيهُهُ ومَثيلُهُ
ولقد حَفِظْتُ لَهُ أَمانَةَ لاعِجٍ / بالشَّوْقِ يَغْلي فِي الفؤادِ غليلُهُ
وضَرَبْتُ من دَمْعِي عَلَى خَدِّي لَهُ / غُرْماً غرامِي بالقَضَاءِ كَفِيلُهُ
فَلَئِنْ صَبَوْتُ فَلسْتُ أَوَّلَ عاشِقٍ / تَبعَ الهَوى فَهَوى بِهِ تضليلُهُ
ولئِنْ صبرْتُ فلَسْتُ بِدعَ مُفَارِقٍ / غَالَتْ حَبِيبَ النَّفْسِ عَنْهُ غُولُهُ
ولئِنْ سَلَوْتُ فَأَيُّ أُسْوَةِ واعِظٍ / أَلْهاهُ عن قَمَرِ السَّمَاءِ أُفُولُهُ
فَسَما إِلَى الْمَلأِ الأَجَلِّ بِهِجْرَةٍ / وَافى بِهَا الرَّحْمنُ وَهْوَ خَلِيلُهُ
وهُناكَ يَا مَنْصُورُ هِمْتَ بِهِمَّةٍ / فِيهَا سُلُوُّ المُسْتَهامِ وَسُولُهُ
طَلَباً لِحَظٍّ لا يَذِلُّ عَزِيزُهُ / من حَظِّ غَيٍّ لا يَعِزُّ ذَلِيلُهُ
فَهَدى وَأَهْدَانِي إِلَيْكَ مُبَرِّزاً / شَهِدَتْ لَهُ فِي السَّابِقَاتِ عُدُولُهُ
وَجَلا عَلَيْكَ بِهِ الجَلاءُ مُهَنَّداً / صَدَقَتْكَ عَنْ قَرْعِ الحُرُوبِ فُلُولُهُ
وعَفَتْ مَحاسِنه العِدى فكأَنَّها / فِي مَعْهَدِ الْوَطَنِ الفَقيدِ طُلُولُهُ
إِنْ يُصْدِهِ رَهَجُ الوغى فَشُعاعُهُ / بالعِلْمِ لَمَّاعُ الجِلاءِ صَقِيلُهُ
أَوْ تُخْلِقِ البَلْوَى حَمائِلَ حَلْيِهِ / فَعَلَى التَّجَمُّلِ والمُنى تَجْمِيلُهُ
أَو تَقْطَعِ الأَيَّامُ عَهْدَ ذِمامِهِ / فالصَّبْرُ واصِلُ حبلِهِ مَوْصُولُهُ
فأَتاكَ يَا مَنْصُورُ فاقِدَ غِمْدِهِ / بِرَجَاءِ مَجْرُورٍ إِلَيْكَ ذُيُولُهُ
رَسْفَ المُقَيَّدِ فِي أَضاليلِ الدُّجى / والقَفْرُ والبَحرُ المُحِيطُ كُبُولُهُ
كُرَباً كَمَوْجِ البَحْرِ لا إِهْلالُهُ / إِلّا إِلَيْكَ بِهَا وَلا تَهْلِيلُهُ
فَلْيَهْنِ ذَا أَمَلٍ إِلَيْكَ مآلُهُ / وجَلاءَ مُرْتَحِلٍ إِلَيْكَ رَحِيلُهُ
وظلامَ لَيْلٍ فِي جَبِينِكَ صُبْحُهُ / وهَجيرَ قَيْظٍ فِي ذَرَاكَ مَقِيلُهُ
ولْيَهْنِنَا وَلْيَهْنِكَ العيدُ الَّذِي / بِسَنَاكَ أَشْرَقَ صُبْحُهُ وأَصِيلُهُ
عِيدٌ إِلَيْكَ سَلامُهُ وقِوامُهُ / ونظامُهُ وزِحامُهُ وحُفُولُهُ
وعلى الإِلهِ مَعَادُهُ وعَتادُهُ / وإِيابُهُ وثوابُهُ وقَبُولُهُ
ولْيَهْنِ كُلَّ مليكِ شِرْكٍ عِيدُهُ / يَوْمٌ إِلَيْكَ بُلُوغُهُ وَوُصُولُهُ
ضَلَّتْ بِهِ سُبُلُ الشَّرائِعِ واهْتَدَتْ / بشَرِيعَةِ الزُّلفى إِلَيْكَ سَبِيلُهُ
نَاشٍ عَلَى دِينِ السُّجُودِ وَمَا دَرى / قَبْلَ السُّجودِ إِلَيْكَ مَا تأْوِيلُهُ
أَنْسَاهُ قَدْرُكَ مَا أَضَلَّ صَلِيبُهُ / وأَراهُ سَيْفُكَ مَا حَوى إِنْجِيلُهُ
فأَجَازَ مَحْياهُ إِلَيْكَ نِزَاعُهُ / وأَغَرَّهُ بِكَ فِي الوَرى تَذْلِيلُهُ
ولَئِنْ حَمى عَنْكَ ابْنُ مِيرُ مَحَلَّةً / فِي شامِخٍ أَعْيا النُّجُومَ حُلُولُهُ
ونَماه مُلْكٌ لا يُضَعْضَعُ تاجُهُ / ووَقاهُ عِزٌّ لا يُخافُ خُمُولُهُ
فلقَد دَعَاكَ إِلَى رِضاكَ وَدُونَهُ / غَوْلُ الضَّلالِ حُزُونُهُ وسُهُولُهُ
أَصْبى إِلَيْكَ من الصَّبا وأَحنُّ مِنْ / أُفْقٍ وَنَتْ عَنْهُ إِلَيْكَ قَبُولُهُ
وأَجَلَّ قَدْرَكَ عن سِواهُ وقَدْرَ مَا / أَخْفى إِلَيْكَ نَجِيُّهُ ودَخِيلُهُ
عَنْ صِدْقِ غَيْبٍ بالكِتَابِ يَبُثُّهُ / أَوْ بَرْحِ شَوْقٍ بالرَّسُولِ يَقُولُهُ
فَهَوى وصَفْحَتُهُ إِلَيْكَ كِتابُهُ / وهَفا ومُهْجَتُهُ إِلَيْكَ رَسُولُهُ
عَجِلاً إِلَى أَمَلٍ دَنَا تَعْجِيلُهُ / وَجِلاً بِهِ أَجَلٌ نَأَى تَأْجِيلُهُ
للهِ مَا رَحَلَتْ إِلَيْكَ رِحَالُهُ / طَوْعاً وَمَا حَمَلتْ إِلَيْكَ حُمُولُهُ
غازٍ وناصِرُهُ عَلَيْكَ خُضُوعُهُ / سارٍ وَطَاعَتُهُ إِلَيْكَ دَلِيلُهُ
نَشَرَ اللِّواءَ زَمَاعُهُ وَنِزاعُهُ / فَطَوى المَهَامِهَ نَصُّهُ وذَمِيلُهُ
ولقد خَلَعْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ / بُرْداً تَفِيضُ عَلَى الفَضَاءِ فُضُولُهُ
لَجباً من الحَلَقِ المُضَاعَفِ نَسْجُهُ / أَشِباً من الأَسَلِ المُثَقَّفِ غِيلُهُ
شَرِقاً بِهِ لَوْحُ الْهَوَاءِ وَجَوُّهُ / غَرِقاً به عَرْضُ البِلادِ وطُولُهُ
مُسْتَقْبِلاً بِجُنُودِهِ وبُنُودِهِ / مَلِكاً يُهِلُّ إِلَيْكَ حِينَ تهُولُهُ
ولَشَدَّما مَاجَتْ بِهِ أَمْواجُهُ / حَتَّى أَسالَتْهُ إِلَيْكَ سُيُولُهُ
بصَوَارِمٍ فِي طَيِّهِنَّ تِرَاتُهُ / وذَوابِلٍ فِي لَمْعِهِنَّ ذُحُولُهُ
غابٌ تُساوِدُ ناظِرَيْهِ أُسُودُهُ / مِنْ بَعْدِ مَا اخْتَالَتْ عَلَيْهِ خُيُولُهُ
فَمشى إِلَيْكَ بِهِ الزِّحَامُ كَأَنَّهُ / عَانٍ يُقَصِّرُ خَطْوَهُ تَكْبِيلُهُ
مَبْهُورُ أَنْفَاسِ الحَياةِ كَظِيمُها / وغَضِيضُ لَحْظِ النَّاظِرِينَ كَلِيلُهُ
حَتَّى تَنَفَّسَ رُوحُهُ فِي رَاحَةٍ / عَلْياءَ مَقْبُولاً بِهَا تَقْبِيلُهُ
وَرَفَعْتَ ناظِرَهُ بِنَظْرَةِ باسِطٍ / لِلأَمْنِ مَبْلُوغاً بِهَا تَأْمِيلُهُ
فَأَرَيْتَهُ كيْفَ ارتِجَاعُ حَياتِهِ / ولَتِلْكَ أَيْسَرُ مَا بَدَأْتَ تُنِيلُهُ
من فَيْضِ عُرْفٍ تَسْتَقِلُّ كَثِيرَهُ / ولَقَدْ يزيدُ عَلَى الرَّجَاءِ قلِيلُهُ
نُزُلاً يُذَكِّرُهُ العِراقَ ومِصْرَهُ / مُلْكاً ودِجْلَتُهُ يَدَاكَ وَنِيلُهُ
وشُرُوقُ شَمْسٍ لا يَحينُ غُرُوبُها / فِي بَرْدِ ظِلٍّ لا يَحُورُ ظَلِيلُهُ
ورأى صَريعَ الخَطْبِ كيْفَ تُقِلُّهُ / ورَأَى عُثُورَ الجَدِّ كيْفَ تُقِيلُهُ
ورأى ذَليلَ الحَقِّ كيْفَ تُعِزُّهُ / ورأَى عَزِيزَ الشِّرْكِ كيْفَ تُدِيلُهُ
ورأَى صُدُوعَ الدِّينِ كيْفَ تَلمُّها / ورأى كَثِيبَ الكُفْرِ كيْفَ تُهِيلُهُ
ولَئِنْ تَقَدَّمَ فِي رِضَاكَ قُدُومُهُ / فَلَقَدْ تَزَوَّدَ من نَداكَ قُفُولُهُ
بِخَلائِقٍ من طِيبِهِنَّ خَلُوقُهُ / وشمائِلٍ من صَفْوِهِنَّ شَمُولُهُ
ومعالِمٍ لِعُلاكَ لا تَعْظِيمُهُ / لِسِوى مَشاهِدِها ولا تَبْجِيلُهُ
فَلَهَا بِقَدْرِ الرُّومِ وَهْيَ أَرُومُهُ / وزَرى بِمُلْكِ الصُّفْرِ وَهْيَ أُصُولُهُ
لِمَنِ اصْطَفى قَحْطَان عِزَّةَ مُلْكِهِ / ومنَ التَّبابِعِ جِذْمُهُ وقَبِيلُهُ
ولِمَنْ نمى سبأٌ بِسَبْيِ مُلُوكِها / واسْتَخْلَفَتْ أَذْوَاؤُهُ وقُيُولُهُ
ولِمَنْ تَتَوَّجَ بِالمَكَارِمِ تاجُهُ / عُلْواً وكُلِّلَ بالهُدى إِكْلِيلُهُ
سَطَعَتْ عَلَى الأَمْلاكِ غُرَّةُ وَجْهِهِ / نُوراً وأَشْرَقَ بالنَّدى تحْجِيلُهُ
فالله يُعْلِي قَدْرَهُ ويَزِيدُهُ / صُنعاً ويُنْسِئُ عُمْرَهُ ويُطِيلُهُ
في عِزِّ نَصْرٍ لا زَمَانَ يَخُونُهُ / وبقاءِ مُلْكٍ لا مُدِيلَ يُديلُهُ
أَخَفْضاً نَوَتْ فِينا النَّوى ولَعَلَّها
أَخَفْضاً نَوَتْ فِينا النَّوى ولَعَلَّها / أَجَدَّ بِهَا طُولُ السُّرى فأَمَلَّها
وَحاشَ لأَصْدَاءِ الفَلا أن تَصُدَّها / بِنا أَوْ أَضَالِيلِ الدُّجى أَنْ تُضِلَّها
وأَحْقِرْ بِهَوْلِ البَحْرِ أَنْ يَسْتَكِفَّها / وأَهْوِنْ بِغَوْلِ القَفْرِ أَنْ يَسْتَزِلَّها
ولكِنْ أَيادِي مُنْذِرٍ نَذَرَتْ بِهَا / فكانَتْ لَنَا مِنْها قَذىً وشَجاً لَهَا
فحازَتْ إِلَى عِزِّ الحَياةِ رِحالَنا / وَزَمَّتْ عَلَى خِزْيِ المَتالِفِ رَحْلَها
نَحاها مُقِيلُ العاثِرِينَ بِعَثْرَةٍ / لَعاً لِيَ مِنْها والنَّوى لا لَعاً لَهَا
فكَمْ أَقْفَرَتْ مِنَّا مَحَلّاً وغَرَّبَتْ / وُجُوهاً أَجَدَّتْ فِي الفُؤادِ مَحَلَّها
ويا رُبَّ بَلْهاءِ الصَّبا عن جَوى الهوى / لَبِسْتُ بِهَا عَيْشَ الصَّبابَةِ أَبلَها
كَشَفْتُ لِسَهْمَيْ طَرْفِها عن مَقاتِلِي / مِجَنَّ تُقىً لَمْ يَمْنَعِ النَّفْسَ قَتْلَها
وشَكَّكَني وَجْدِي بِهَا وَصَبابَتِي / أَنَفْسِيَ لِي إِنْ أَخْطَأَ الحَيْنُ أمْ لَهَا
وَحَسْبِي بِهَا عَذْلاً عَلَى سَلْوَةِ الهَوى / وعُذْراً كفانِي العاذِلاتِ وعَذْلَها
بِقَدٍّ إِلَى مُسْتَوْدَعِ القَلْبِ قادَها / ودَلٍّ عَلَى مُسْتَوْطَنِ النَّفْسِ دَلَّها
ولِلْخَفَرِ السَّحَّارِ فِي وَجَناتِها / خَوَاتِيمُ لا يَخْفِرْنَ مِنِّيَ وَصْلَها
وما خَفَرَتْ بِيضُ الصَّوارِمِ والقَنا / مَحاسِنَها مِمَّا أَصابَ فَأوْلَها
فَلِلَّهِ مِنْ بَيْنٍ تَقَسَّمَ طُرْقَهُ / طَوَارِقُ لا يُلْهِينَ عَنْ لَهْوِ مَنْ لَهَا
عَلاقَةُ حُبٍّ شَدَّ مَا عَلِقَتْ بِهَا / حَبائِلُ بَيْنٍ بَتَّ مِنِّيَ وَصْلَها
وَصَفْوَ هَوىً مَا قَرَّ حَتَّى هَوَتْ بِهِ / حوادِثُ تفريقِ القُلُوبِ هَوىً لَهَا
فكُنَّا لَهَا نَبْلاً أَصَابَتْ بِنا الصَّبا / وَمَا عَدَلَتْ عَنْ رَمْيِ قَلْبِيَ نَبْلَها
جُسُوماً أَقَلَّتْها الرِّياحُ فَلَمْ تَدَعْ / لَهُنَّ مِنَ الأَرواحِ إِلّا أَقَلَّها
نَجائِبُ وَصَّاها الجَدِيلُ وشَدْقَمٌ / بأَلّا تَمَلَّ اللَّيلَ حَتَّى يَمَلَّهَا
فَتُخْلِقُ بالإِرْقَالِ ثَوْبَ شَبابِهِ / وتَتْرُكُهُ بالأُفْقِ أَشيَبَ أَجْلَها
تُرَاوِحُهُ مِنْ خِلْفَةِ الفَجْرِ طُرَّةٌ / كَمُعْتَرَضِ الشَّقْرَاءِ تَنفُضُ جُلَّها
فكَمْ حَمَلَتْ مِنْ حُرِّ قَلْبٍ مُولَّهٍ / يُبَلِّغُ عَنْهُ النَّجْمُ قَلْباً مُوَلَّها
وكم ضَمَّ ذَاكَ اللَّيْلُ مِنْ أُمِّ شادِنٍ / أَضَلَّتْهُ فِي جَوْفِ الفَلا وأَضَلَّها
وَقَدْ بَلَّغَ الجَهْدُ القُلُوبَ حَناجِراً / تُبَشِّرُها أَنَّ التَّناهِي مَدىً لَهَا
فَوَشْكانَ يَا مَنْصُورُ مَا نُصِرَ الأَسى / بِرَدِّ أَقاصي الأَرْضِ نَحْوَكَ سُبْلَها
ونادى نَدَاكَ الرَّكْبَ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ / أَلا بَلِّغُوا هَدْيَ الرِّكابِ مَحِلَّها
فَلَبَّتْكَ مِنْ غَوْرِ الجَلاءِ أَهِلَّةٌ / أَهَلَّ بِهَا مَأْوَاكَ حَتَّى أَهَلَّها
كَأَنَّا نَذَرْنا مَطْلَعَ الشَّمْسِ مَنْزِلاً / أَلِيَّةَ حَلْفٍ كَانَ وَجْهُكَ حِلَّها
فآوَيْتَ فَلَّ النَّائِبَاتِ وَطَالَما / أَبَرْتَ العِدى قَتْلاً وآوَيْتَ فَلَّها
ونادَيْتَها أَهْلاً وسَهْلاً وَلَمْ تَزَلْ / أَحَقَّ بِهَا فِي النَّازِلِينَ وأَهْلَها
فَظَلَّلْتَ مَنْ لَمْ يُدْرِكِ اللَّيْلُ ظِلَّهُ / وأَغْدَقْتَ مَنْ لَمْ تُلْحِقِ المزْنُ طَلَّها
وعَوَّضْتَنا من رَاحَةِ المَوْتِ رَاحَةً / سَكَنَّا بِهَا بَرْدَ الحياةِ وَظِلَّها
وأَعْمَرْتَ مِنَّا فِي ذَرَاكَ منازِلاً / تَفَقَّدْتَ مَثْواها وأَرْغَدْتَ نُزْلَها
وَلَمْ تَبْدَ مِنْ نُعْمَاكَ إِلّا بِبَعْضِها / وَلَكِنَّهُ عَمَّ الرَّغائِبَ كُلَّها
فَرُحْنا شُرُوباً قَدْ تَأَنَّقَ رَوْضُها / وأَنْهَلَها كَأْسُ السُّرُورِ وَعَلَّها
نَدَامَى ولكِنْ مِنْ عَطايَاكَ راحُها / وَقَدْ جَعَلَتْ من طِيبِ ذِكْرِكَ نُقْلَها
وَخَفَّتْ عَلَى يُمْناكَ مِنَّا مطالِبٌ / تَشَكَّى إِلينا البَرُّ والبَحْرُ ثِقْلَها
وما تَوَّجَتْ هَذِي الرِّياسَةُ سَيِّداً / أَكالِيلَها حَتَّى تَحَمَّلَ كَلَّها
هِيَ البِكْرُ مَجْلاهَا حَرَامٌ مُحَرَّمٌ / فَيا مَنْ بِمَهْرِ المَكْرُماتِ اسْتَحَلَّها
فَتاةٌ دَعَتْ مَنْ للحروبِ وللنَّدى / فما وَجَدَتْ إِلّا ابْنَ يَحْيَى فَتىً لَهَا
مَنِ اخْتَرَقَ الدُّنْيَا لأَوَّلِ دَعْوَةٍ / إِلَى دَعْوَةِ الإِسلامِ فافْتَكَّ غُلَّها
وشَرَّدَ أَحْزابَ العِدى عَنْ حَرِيمِها / وأَدْرَكَ منْ مُسْتَأْسِدِ الكُفْرِ ذَحْلَها
ودَوَّحَ فِي جَوِّ السَّماءِ غُصُونَها / وأَثْبَتَ فِي بَحْبُوحَةِ العِزِّ أَصْلَها
ومَدَّ هوادِي الخَيْلِ فِي طَلَبِ العِدى / فأَوْطَأَها حَزْنَ البِلادِ وسَهْلَها
وكَمْ قَدْ فَدى أَدنى النُّفُوسِ مِنَ القَنا / بِنَفْسٍ نُفُوسُ العالَمِينَ فِدىً لَهَا
فَلَوْ كَانَ للشَّمْسِ المنيرَةِ دُولَةٌ / بأُخْرى لَقِيلَ اصْعَدْ فَحِلَّ مَحَلَّها
ولَوْ لَحِقَتْ مَجْرى الكواكِبِ خَلَّةٌ / لَقِيلَ لَهُ سُسْتَ العُلا فَتَوَلَّها
ولَوْ قِيلَ زِدْها فِي هِباتِكَ واسْتَزِدْ / بِهَا الحَمْدَ من هَذَا الوَرى لاسْتَقَلَّها
ولَوْ كَانَ يَرْضاها نِظاماً لِزِينَةٍ / لَقِيلَ تَتَوَّجْ زُهْرَها وتَحَلَّها
وأَغْنِ بِهِ عنها وَفِي مَنْطِقِي لَهُ / قلائِدُ لا يَرْضى الكَوَاكِبَ بَدْلَها
جواهرُ لَمْ يَذْخَرْ لَهَا الدَّهْرُ مِثْلَهُ / مَلِيكاً ولا أَهْدى لَهُ البَحْرُ مِثْلَها
أُخَلِّدُ فِيهَا مِنْ نداهُ وبَأْسِهِ / خلائِقَ تَسْتَمْلِي الخلائِقُ فَضْلَها
فتُحْبي لَهَا حُسْنَ الأَحادِيثِ بَعْدَها / بإِحْيائِها أَيَّامَ مَنْ كَانَ قَبْلَها
وأُمْلي عَلَى الأَيَّامِ آثارَ مُنْعِمٍ / عَلَيَّ بِعَيْنِ المَكْرُمَاتِ أَمَلَّها
قضى اللهُ لي منها وسائِلَ نِسْبَةٍ / فَأَلَّفَ فِي الأَحْقابِ قَوْلي وفِعْلَها
ثنائي وعَلْياها ومَدْحِي وفَخْرَها / وشُكْرِي ونُعْماها وحَمْدي وبَذْلَهَا
ويَا عِيدَ أَعْيادٍ توافَتْ فأَشْرَقَتْ / عَلَى الدِّينِ والدُّنيا وكُنتَ أَجَلَّها
تُخَبِّرُ عن جَمْعِ المُنى فَتَهَنَّها / وعن عَوْدِ أَعْيادٍ بِهَا فَتَمَلَّها
وبِرُّكَ للأَضْيافِ قَرَّبَ بُعْدَها / وبِشْرُكَ بالزُّوَّارِ أَلَّفَ شَمْلَها
سلامٌ عَلَى الأَيَّامِ تسليمَ إِقْبالِ
سلامٌ عَلَى الأَيَّامِ تسليمَ إِقْبالِ / بآمالِ تحقيقٍ وتحقيقِ آمالِ
بمَقْدَمِ فتحٍ من مليكٍ مُظَفَّرٍ / وأَوْبَةِ نَصْرٍ فِي تباشِيرِ إِقْبالِ
وشاهدِ مُلْكٍ لاحَ فِي تاجِ مَفْرِقٍ / مُحَيَّاً بإِعظامٍ مُحَلَّىً بإِجلالِ
ذخيرةُ أَملاكٍ وعِلْقُ تَبابِعٍ / وصفوةُ أَذْواءٍ وميراثُ أَقْيالِ
فبُشْرَاكِ يَا دُنيا سَمِيُّ الَّذِي بِهِ / عَلا صوتُ جِبْرِيلٍ بَشيراً ومِيكالِ
وبشراكِ باستقبالِ أَرضٍ حَياتُها / بما فِي اسمِهِ من صادِقِ الظَّنِّ والفالِ
فَهَذِي رِياضُ الأَمنِ تُزْهِرُ بالمُنى / وهذِي سماءُ الفضلِ تَهْمِي بإِفْضالِ
وهذا سناءُ الفخرِ يُشْرِقُ بالسَّنا / وهذا جمالُ الدهرِ يُزْهى بإِجْمالِ
بِمَنْ كَشَفَ الخَطْبَ الَّذِي أَظْلَمَ الضُّحى / وأَلقى عَلَى الأَلبابِ حَيْرَةَ إِضْلالِ
ومن رَتَقَ الفتْقَ الَّذِي أَعْجَزَ الورى / وأعْدَمَ فِيهِ الدَّهْرُ حِيلَةَ مُحْتالِ
ومن رَدَّ فِي جسمِ المكارِمِ رُوحَهُ / فلا عُذْرَ للباكِي ولا ذَنْبَ للسَّالي
ومَنْ وَسِعَ الإسلامَ رَأْفَةَ مُنْعِمٍ / وهيَّأَ للإِشراكِ عَدْوَةَ رِئْبَالِ
ومن ركِبَ الفُلْكَ السَّوابِحَ فِي الوغَى / إِلَى كلِّ هَوْلٍ ينتحيهِ بأَهوالِ
ورفَّعَ أَعلاماً كَأَنَّ خفوقَها / عَلَى عَلَمِ الإِشراكِ إِرجافُ زِلْزَالِ
وسامَرَ بالشِّعْرى خيولاً كَأَنَّما / تَمَشَّى بِهِنَّ الأَرضُ مِشْيَةَ مُختالِ
سرى ليلَ كانُونَيْنِ والدَّجْنُ ذائِبٌ / عَلَيْهِ بحمدٍ فِي دُجى الليلِ مُنْهَالِ
وَلَيْسَ سِوى نارِ الطِّعانِ لَهُ صِلىً / ولا غَيْرُهُ فِي حَرِّ أَوَّلِها صالِ
بجمعٍ كَأَنَّ الجَوَّ مرآةُ عَيْنِهِ / إِذَا مَا سَرى أَوْ بالغُدُوِّ والآصالِ
فَتِمْثالُ أَطرافِ العوالي نُجُومُهُ / وشَمْسُ ضحاهُ منكَ أَبْيَنُ تِمْثَالِ
كَأَنَّكَ عَوَّضْتَ الأَباطِحَ والرُّبى / وشيجَ القنا من مَنْبِتِ السِّدْرِ والضَّالِ
كما عَمَّها جَدْوى يَدَيْكَ فوصَّلَتْ / مساءً بإِصباحٍ وسَهْلاً بأَجْبالِ
فكَمْ أَلبَسَتْ شُمَّ الرُّبى من عمائِمٍ / وجَرَّتْ عَلَى البيداءِ من فَضْلِ أَذْيالِ
حدائِقُ ماذِيٍّ يُضاحِكُ فِي الدُّجى / حبيكاً كَلَمْعِ الشمسِ فِي رَيِّق الآلِ
إِذَا هَبَّ ريحُ النصرِ فِيهَا تَفَتَّحَتْ / بأَبْيَضَ قَضَّابٍ وأَسْمَرَ عَسَّالِ
وطاقَةِ نَبعٍ في بنانِ مُوَتِّرٍ / وَزَهْرَةِ نَوْرٍ فِي كِنانَةِ نَبَّالِ
تجارَةُ غَزْوٍ نَقْدُها البِيضُ والقنا / قضاءَ حُقوقٍ واقتِضاءً لآجالِ
فلِلَّهِ كم أَغلَيْتَ من دَمِ مُسْلِمٍ / وأَرخَصْتَ فِي أَعدائِهِ من دَمٍ غالِ
وأَسلَمْتَ للإِسلامِ فِيهَا بضاعَةً / تعود بأَضعافٍ وتوفي بأَمثالِ
وحسبُكَ فِيهَا بِابْنِ شَنْجٍ وجُنْدِهِ / من السَّبْيِ أَبْدالاً وأَيَّةُ أَبدالِ
مليكاً وَمَا يحوي شَرَيْتَ بِبَعْضِهِ / وأَرْبِحْ بِقِنطارٍ يُباعُ بمثقالِ
فما حازَ غازٍ مثلَهُ فَيْءَ مَغْنَمٍ / ولا نالَ سابٍ مثلَها سَبْيَ أَنفالِ
وما بعتَ رِقَّ المُلكِ مِنْهُمْ نَسِيئَةً / ولا مُستجِيزَاً كالِئَ الدَّيْنِ بالكَالي
ولكنَّ نقداً ناجِزاً فِي رِقابِهِمْ / بإِذْعانِ تَمْلِيكٍ وإِذْعانِ إِذلالِ
وإِقرارِ من لا يبتغي عنكَ مَوْئِلاً / وَلَيْسَ لَهُ من دونِ سيفِكَ مِنْ والِ
فَعُدْ بمفاتِيحِ الفتوحِ الَّتِي شَفَتْ / عَلَى غَلَقٍ من غَدْرَةٍ تحتَ أَقفالِ
بمَنْ لَمْ يُسِغْهُ كَرُّهُ بَعْدَ فَرِّهِ / ولا رَدَّ من عَيْنَيْهِ نَظْرَةَ إِجفالِ
غداةَ تقاضى منه أَكفالَ خيلِهِ / بأَجيادِ خيلٍ لا تَقَرُّ بأَكفالِ
وأُلقِحَ منهُ بَطْنُ أُمٍّ طَوَتْ بِهِ / مَشِيمَةُ شُومٍ جَالَ فِي سُخْدِ أَوْجالِ
إِذَا أَسْقَطَتْهُ رَوْعَةٌ منكَ راعَهُ / هشيمُ رياضٍ فِي دوارِسِ أَطلالِ
شَفا جَنَّةٍ لَمْ تُجْنَ حَتَّى جَنى لَهَا / حروباً جَناها من جحيمٍ وأَنْكالِ
يقلِّبُ كفَّيْهِ بحَسْرَةِ حاسِرٍ / عَلَيْها وعيْنَيْهِ بعبرةِ إِعْوالِ
مصانِعُ رَوْضاتٍ رَعى البَغْيُ نَبْتَها / فعَوَّضَهُ منها شواهِقَ أَوْعالِ
فأَيَّةُ أَسوارٍ ونُصْحُكَ سِرُّها / إِلَى أَن طوى غِلّاً فأَيَّةُ أَغلالِ
وأَيَّةُ أَشجارٍ وسَلْمُكَ سَقْيُها / إِلَى أَنْ بَغى فِيهَا فأَيَّةُ أَجْذالِ
حَماها فأَعْلاها بِناءً وَمَا رأى / مكانَكَ يَعْلُو كُلَّ ذي شَرَفٍ عالِ
وشيَّدَها عُجْباً ويا رُبَّ مِثْلِهِ / عَلَى مِثلِها أَبكيْتَ من طلَلٍ بالِ
وعَطَّلَها من حَلْيِ نُصْحِكَ باغِياً / فيا عَجَبَ الأَيامِ للعاطِلِ الحالي
يُتَوِّجُها بالنَّقْعِ نَظْمُكَ حولَها / مجالَ عُقُودٍ من خيولٍ وأَبطالِ
فيُمْسي لَهَا منهُ لِحافٌ ومِلْحَفٌ / وتُصْبِحُ منه بَيْنَ دِرْعٍ وسِرْبالِ
كما وَصَفَ الكِنْدِيُّ بَعْلَ فَتاتِهِ / عَلَيْهِ القَتامُ سَيِّءَ الظَّنِّ والبالِ
فأَبْقِ لَهَا بأْسَ ابْنِ باقٍ ونُصْحَهُ / فما لَمَسَ الجَرْباءَ مِثْلُ يَدِ الطَّالِي
ولا أَحْصَنَ الحربَ العوانَ كَبَعْلِها / ولا راعَ آساداً كغاصِبٍ أَشْبَالِ
ولاسِيَّما حُرٌّ جَلا لَكَ غَيْمُهُ / نصيحةَ لا وانٍ وإِشفاقَ لا آلِ
وشِيعِيَّةٌ لا مُقْصِراً عن غُلُوِّها / ولا مُشْكِلاً بَيْنَ المقصِّرِ والغالي
وطائرُ يُمْنٍ لا تَزَالُ تَرِيشُهُ / قوادِمَ إِقدامٍ ونَهْضَةَ إِعجالِ
بِهَا رَدَّ خيلَ البغيِ تَدْمى كُلُومُها / وَقَدْ يَئِسَتْ من نُصْرَةِ العَمِّ والخالِ
وأَمَّنَ من عُدوانِها كُلَّ خائِفٍ / وأَثكلَها مُسْتَوْدَعَ الأَهلِ والمالِ
وإِنَّ هلالاً لاح من حَدِّ سيفِهِ / لمضمونُ إِتمامٍ عَلَيْهِ وإِكمالِ
فهاكَ نجومَ السَّعْدِ من كُلِّ مطلعٍ / تُوالي بتكبيرٍ إِلَيْكَ وإِهلالِ
فلا عَرِيَتْ منكَ الجيادُ إِلَى الوغى / ولا العيسُ من حِلٍّ إِلَيْكَ وتَرْحالِ
إِقبالُ جَدِّكَ للإِسلامِ إِقبالُ
إِقبالُ جَدِّكَ للإِسلامِ إِقبالُ / وعزُّ نصرِكَ للإِشراكِ إِذْلالُ
ولا مُعَقِّبَ لِلْحُكْمِ الَّذِي سَبَقَتْ / بِهِ من اللهِ أَحكامٌ وأَفعالُ
أَحَقَّ حقَّكَ فِي الملكِ الَّذِي ضَمِنَتْ / ميراثَهُ لَكَ أملاكٌ وأَقيالُ
وحَقَّ لِلْمَفْخَرِ المرفوعِ مَعْلَمُهُ / حَقٌّ وللباطِلِ المَجْهُولِ إِبْطالُ
فاسْعَدْ بِمِلْكِ مفاتِيح الفتوحِ ولا / خابَتْ بِسَعْيِكَ للإِسلامِ آمالُ
ولا كَفَتْحٍ غَدَتْ أَعلامُ دعوتِهِ / ترسو بِهِ وَكَثِيبُ الشِّرْكِ يَنْهالُ
فَتْحٌ كفاتِحِهِ فِي الخلْقِ لَيْسَ لَهُ / مِمَّا خَلا من فتوحِ الأَرضِ أَشكالُ
أَضْحَتْ بِهِ حُلَلُ الدُّنيا لَنَا جُدُداً / ولِبْسُ والي العِدى والغَدْرِ أَسْمالُ
وشَبَّ شيبانُنا من ذِكْرِهِ فَرَحاً / وشابَ من خِزْيِهِ فِي الشِّرْكِ أَطفالُ
وغَنَّتِ الطيرُ فِي أَغصانِها طرباً / وشَدْوُ طَيرِ العِدى والكفرِ إِعوالُ
فَقُلْ لرافِعِها بالغَدْرُ أَلْويَةً / حَسْبُ الرَّدى والأَعادِي منك مَا نالوا
وقُلْ لمن أَخْلَفَتْهُ الوَعْدَ غَدْرَتُهُ / أَنْ يُخْلِفَ القَمَرَ الوَضَّاحَ إِكْمالُ
هيهاتَ أَشرقَ فِي جوِّ العُلا مَلِكٌ / بالعَدْلِ والفَضْلِ قَوَّالٌ وفَعَّالُ
وللمُنى كاسمِهِ مُحْيٍ ومُنْتَعِشٌ / وللأَسى والعِدى والبَغْيِ قَتَّالُ
فَذُّ المكارِمِ لا شِبْهٌ ولا مَثَلٌ / والناسُ من بَعْدُ أَشباهٌ وأَمثالُ
وَقَدْ تَجَلَّى إِلَى العلياءِ فِي حُلَلٍ / للملكِ منهنَّ إِعظامٌ وإِجلالُ
وقابَلَ الدينَ والإِسلامَ فِي شِيَمٍ / فِي عفوِها من مُنى الإِسلامِ مَا سَالُوا
وقُلْ لِمَنْ قَصَّرَتْ بالأُسْدِ خِبْرَتُهُ / فشَكَّ أَن يخلُفَ الرئبالَ رئبالُ
صَبْراً لموقِعِ أَظفارِ المُظَفَّر هَلْ / يُحِيلُها عن حشاكَ اليومَ مُحْتالُ
وَقَدْ طَمَتْ فَوْقَه أَمواجُ أَبْحُرِهِ / حَتَّى تَيَقَّنَ أَنْ قَدْ غَرَّهُ الآلُ
سفائِنٌ من خيولٍ مَا لَهَا شُحَنٌ / إِلّا سيوفٌ وأَرماحٌ وأَبطالُ
أَبناءُ رَوْعٍ وأَهوالٍ لِمَقْدَمهِمْ / فِي أَعْيُنِ الموتِ أَذْعارٌ وأَهوالُ
ثُبْتُ المواقِفِ لَوْ زالت بأَرْجُلِهِمْ / تَحْتَ العجاجِ متونُ الأَرضِ مَا زالوا
دَعَوْا إِلَيْكَ حصونَ الغَدْرِ فاسْتَبَقَتْ / مثل النجومِ عَلَى يُمْناكَ تنثالُ
والموتُ قَدْ عَدَّهُمْ أُكْلاً لَهُ فَفَدَتْ / أَعدادَهُمْ من بنِي الإِشراكِ أَبْدَالُ
معاقِلٌ عَرَفَتْ يمناكَ فَاعْتَرَفَتْ / بذنْبِ مَا فَعَلَ الغاوونَ أَوْ قالُوا
مُقِرَّةٌ أَنَّكَ المَوْلى المليكُ لَهَا / وأَنَّها منكَ إِنعامٌ وإِفضالُ
عَلَى الَّذِي احتازَها مِنَّا فأَوْدَعَها / غِلّاً فعادَتْ عَلَيْهِ وَهْيَ أَغلالُ
ذو حُرْمَةٍ فالَ منها فَأْلُ طائِرِهِ / قَلْبٌ غَوى بحجاهُ عنكَ تَذْهَالُ
وَكَانَ فَأْلُ وقارٍ صَدَّ عنكَ بِهِ / فارْتَدَّ طائِرَ طَيْشٍ ذَلِكَ الفالُ
صَعَقْتَ بالنَّصْرِ مثواهُ ومَوْطِنَهُ / فَضُعْضِعَتْ منه غِيطانٌ وأَجْبَالُ
صَعْقاً رَمَتْ كُلَّ كُفْرٍ منه راجِفةٌ / وهَبَّ فِي كلِّ غدرٍ منه زِلْزالُ
وحَكَّمَ اللهُ يَا يَحْيَى سيوفَكَ فِي / إِحياءِ حَقِّكَ والموتورُ صَوَّالُ
فما يبيتُ نَجيُّ الكفرِ مُرْتَقِباً / إِلّا خيولَكَ فِي جفنَيْهِ تَخْتَالُ
ولا يراعِي نجومَ الليلِ ذو حَذَرٍ / إِلّا وقِرْناهُ آجالٌ وأَوجالُ
يبيتُ يُسْهِدُهُ لَيلُ السليمِ أَسىً / بصاعِ خوفِكَ يَسْتَوْفِي ويَكْتالُ
فإِنْ تَخَطَّتْهُ منكَ اليومَ بائِقَةٌ / ففي غدٍ بَعْدُ حالٌ بعدَها حالُ
وإِنَّ أَقطعَ وَصَّالٍ لواصِلِهِ / غَدْرٌ لطاغِيَةِ الإِشراكِ وَصَّالُ
فَافْخَرْ فما فَوْقَ ظهرِ الأَرضِ من حَسَنٍ / فِي الذِّكْرِ إِلّا عَلَيْهِ منك تِمْثَالُ
وابْشِرْ فإنكَ رُوحُ الحقِّ لَيْسَ لَهُ / إِلّا مِنَ النصرِ أَعضاءٌ وأَوصالُ
واللهُ يحرُسُ مولىً مَا يزالُ لَنَا / بِهِ إِلَى الفَتْحِ بعدَ الفتحِ إِهْلالُ
قُلْ لِلْهَوى حُكِّمْتَ فَاحْكُمْ لي
قُلْ لِلْهَوى حُكِّمْتَ فَاحْكُمْ لي / لا تَصْلَ حَرَّ الهَجْرِ من أَجْلِي
لا يَغْلِبْنَ خصمايَ عندكَ فِي / عَيْنِ الرَّقِيبِ وأَلْسُنِ العَذْلِ
وأَصِخْ لِمَظْلَمَتِي فقد وَضَحَتْ / واسمَعْ فعندِي شاهِدا عَدْلِ
أَأَجُودُ بالنَّفْسِ الَّتِي كَرُمَتْ / لِرَشاً يَضِنُّ عَلَيَّ بالوَصْلِ
وشمائِلُ المنصورِ قَدْ قَطَعَتْ / ظُلْمَ الظَّلُومِ وسُنَّةَ البُخْلِ
مَلِكٌ أَجارَ الدِّينَ مَوْقِفُهُ / بالسيفِ بَيْنَ الخَيْلِ والرَّجْلِ
وأَجارَ خلقَ اللهِ فاعْتَرَفُوا / عِوَضاً من الأَوْطَانِ والأَهْلِ
وَوَفَتْ بعهدِ العِلْمِ ذِمَّتُهُ / إِذ لَمْ يُضَيِّعْ مثلُهُ مِثْلِي
إِلَيْكَ منكَ فرارُ الخائِفِ الوَجِلِ
إِلَيْكَ منكَ فرارُ الخائِفِ الوَجِلِ / وَفِي يَديكَ أَمانُ الفارِسِ البَطَلِ
تقابَلَتْ نحوَكَ الآفاقُ واجْتَمَعَتْ / عَلَى يمينِكَ شَتَّى الطُّرْقِ والسُّبُلِ
ويَمَّمَتْكَ ملوكُ الأَرضِ مُعْمِلَةً / إِلَيْكَ نَصَّ نجاءِ الخيلِ والإِبلِ
فالبَرُّ والبحرُ مِنْ آتِيكَ فِي شُغُلٍ / والشَّرْقُ والغربُ من راجِيكَ فِي جَذَلِ
قَدْ ساعَدَتْكَ نجومُ السَّعْدِ طالِعةً / فاسْعَدُ وأُعْطِيتَ غاياتِ المُنى فَسَلِ
وأَسْلَمَتْ لكَ أَملاكُ البلادِ مَعاً / أَعِنَّةَ المُلْكِ والأَيامِ والدُّوَلِ
وفازَ قِدْحُكَ إِذ قارَعْتَ أَرْؤُسَها / بطاعَةِ الدهرِ والأَديانِ والمِلَلِ
وَقَدْ تَيَمَّمَ شَنْجٌ منكَ عائِدَةً / تُجِيرُهُ من سيوفِ الكَرْبِ والوَهَلِ
وقادَ نحوَكَ والتَّوْفِيقُ يَقْدُمُهُ / جيشاً من الذُّلِّ مِلْءَ السهل والجبلِ
مستعْطِفاً لحياةٍ جَلَّ مَطْلَبُها / عن مُبْلِغِ الكُتْبِ أَوْ مُسْتَعْطِفِ الرُّسُلِ
مستخذياً لسيوفِ النصرِ حين أَبَتْ / من دينِ طاعَتَهِ قولاً بلا عَمَلِ
خلَّى الكتائِبَ قَسْراً والظُّبى وغَدا / عن الأَحِبَّةِ والأَشياعِ فِي شُغُلِ
مُذِلَّ صفحَةِ عانٍ جَلَّ مطلَبُهُ / داعٍ إِلَى صَفْحِكَ المأْمولِ مُبْتَهِلِ
في شِيعَةٍ مَلأَتْ ذُلّاً قُلُوبَهُمُ / نُهُوجُ سُبْلٍ إِلَيْها لِلْقَنَا ذُلُلِ
مُحَكِّمِينَ يسوقونَ النفوسَ إِلَى / إِنفاذِ حُكْمِكَ سَوْقَ السَّبْيِ والنَّفَلِ
مُسْتَبْشِرِينَ بِما أَحْيَيْتَ من أَمَلٍ / مُستَسْلِمِينَ لما أَمضَيْتَ من أَجَلِ
خاضُوا إِلَيْكَ بحارَ الموتِ زاخِرَةً / يمورُ فيهنَّ موجُ النَّقْعِ كالظُّلَلِ
وأَضْحَتِ الأَرضُ فِي رَحْبِ المَلا لُجَجَاً / سالَتْ عَلَيْهِمْ بِبِيضِ الهندِ والأَسَلِ
والأُسْدُ بارِقُةُ الأَلحاظِ فِي أَجَمٍ / من القنا بِحَبِيكِ البَيْضِ مُشْتَعِلِ
رَقَّتْ غلائِلُهُمْ سَرْداً كَأَنَّهُمُ / تَسَرْبَلُوا لُبْسَ رقراقٍ من الغُلَلِ
والصَّافِناتُ تَهادَى فِي أَعِنَّتِها / كالغِيدِ يرفُلْنَ بَيْنَ الحَلْيِ والحُلَلِ
وخافِقاتٌ كأَمثالِ الحَشا خَفَقَتْ / رَوْعاتِها خَطَرَاتُ الذعرِ والوَجَلِ
تزَيَّنَتْ بسُكونِ الجأْشِ ثابِتَةً / واسْتَشْعَرَتْ هَفَواتِ الطائِشِ الوَجِلِ
حَتَّى انْتَهى يَدَكَ العُلْيا وَقَدْ قُسِمَتْ / أَحشاؤُهُ بَيْنَ أَيْدِي الرَّيْثِ والعَجَلِ
إِذَا وَنَتْ بِخطاهُ هَيْبَةٌ حَكَمَتْ / عَلَيْهِ ثارَ بِهِ مُسْتَعْذَبُ الأَمَلِ
فوافَقَ البحرَ والآفاقُ تَكْنُفُهُ / من الرياحِ ووافى الشَّمْسَ فِي الحَمَلِ
وقابَلَ المجدَ والإِعظَامَ فِي مَلِكٍ / بالسعدِ مُسْتَقْبَلٍ للسعدِ مُقْتَبِلِ
مُتَوَّجٍ ببهاءِ الملكِ مُعْتَصِبٍ / ومُحْتَبٍ فِي رداءِ العزِّ مُشْتَمِلِ
بالجودِ مُغْتَبِقٍ بالحمدِ مُصْطَبِحٍ / فِي السَّبقِ منقطعٍ بالحِلْمِ مُتَّصِلِ
للهِ يومٌ من الأَيامِ فُزْتَ بِهِ / فَرْداً من المِثْلِ فِيهَا سائِرَ المَثَلِ
من بعدِ مَا وَعَظَتْهُ الحادِثاتُ بِمَنْ / أَرْدَتْ سيُوفُكَ من أَشياعِهِ الأُوَلِ
وكم تأَسَّفَ مِنْهُمْ فِي معاهِدَ قَدْ / آلَتْ معاهِدَ للأَحزانِ والهَبَلِ
وأَخضَلَ الدمعُ من أَجفانِ مُقْلَتِهِ / مجالَهُ فِي نجيعٍ منهُمُ خَضِلِ
فَلْتَهْنِكَ الرُّتَبُ العُلْيا الَّتِي قَصُرَتْ / عنهُنَّ سامِيَةُ البِرْجِيسِ أَوْ زُحَلِ
فاسْلَمْ ولا زَالَ عِزُّ الملكِ مُتَّصِلاً / من يَعْرُبٍ وبنيهِ حَيْثُ لَمْ يَزَلِ
في خَفْضِ عَيشٍ ومُلْكٍ غيرِ مُنْفَصِمٍ / وظلِّ عزٍّ وأَمنٍ غيرِ مُنْتَقِلِ
كُفِّي شُئُونَكِ ساعَةً فَتَأَمَّلِي
كُفِّي شُئُونَكِ ساعَةً فَتَأَمَّلِي / فِي لَيْلِها بُشْرَى الصَّباحِ المُقْبِلِ
وتَنَجّزِي وَعْدَ المشارِقِ وانظُرِي / واستَخْبِري زُهْرَ الكواكِبِ واسْأَلِي
فلَعَلَّ غاياتِ الدُّجى أَن تَنْتَهِي / وعَسى غياباتُ الأَسى أَن تَنْجَلِي
لا تَخْدَعِي بدموعِ عَيْنِكِ فِي الورى / قَلْباً يعِزُّ عَلَيْهِ أَن تَتَذَلَّلِي
وتَجَمَّلِي لِشَجا النَّوى لا تُمْكِني / أَيدي الصَّبابَةِ من عِنانِ تَجَمُّلِي
لا تَخْذلي بالعَجْزِ عَزْمِي بَعْدَمَا / شافَهْتُ أَعجازَ النُّجُومِ الأُفَّلِ
فَلَيُسْعِدَنَّ الحزمُ إِن لَمْ تُسْعِدِي / ولَيَفْعَلَنَّ الجِدُّ إِنْ لَمْ تَفعلِي
ولأَعْسِفَنَّ الليلَ غَيْرَ مُشَيَّعٍ / ولأَرْكَبَنَّ الهولَ غَيْرَ مُذَلَّلِ
ولأَسْطُوَنَّ عَلَى الزمانِ بِعَزْمَتِي / ولأَنْحِيَنَّ عَلَى الخطوبِ بكَلْكَلِي
ولأَرمِيَنَّ مقاتلَ النُّوَبِ الَّتِي / وَلِعَتْ مع المُتَخَلِّفِينَ بِمَقْتَلِي
فإِذا رأَيْتِ النجمَ يُبْدِي أُفْقُهُ / منه بقيَّةَ جَمْرِ نارِ المُصْطَلِي
وتَخلَّفَ العَيُّوقُ فَهْوَ كَأَنَّهُ / سارٍ تَضَلَّلَ فِي فضاءٍ مَجْهَلِ
وتعرَّضَ الدَّبَرَانِ بَيْنَ كواكِبٍ / مِزَقٍ كَسِرْبِ قَطاً ذُعِرْنَ بأَجْدَلِ
وكواكِبَ الجوزاءِ تَهْوِي جُنَّحاً / مِثْلَ الخوامِسِ قَدْ عَدَلْنَ لِمَنْهَلِ
وكأنما الشِّعْرَى سِراجُ تَوَقُّدٍ / وَقْفٌ عَلَى طُرُقِ النجومِ الضُّلَلِ
وكأَنَّ مُلتَزِمَ الفراقِدِ قُطْبَها / رَكْبٌ عَلَى عِرْفانِ دائِرِ مَنْزِلِ
وتحوَّلَتْ أُمُّ النجومِ كَأَنَّها / زَهَرٌ تراكَمَ فَوْقَ مَجْرى جَدْوَلِ
ورأَيتِ جُنْحَ الليلِ ناطَ رِواقَهُ / من كُلِّ أُفْقٍ بالسِّماكِ الأَعْزَلِ
فَهُناكَ وافَتْكِ السعودُ طوالِعاً / تَقْضِي لِصِدْقِ تَيَمُّنٍ وتفاؤُلِ
فَهِيَ المُنى فتيقَّنِي وَهُوَ السُّرو / رُ فأَبْشِرِي وهُوَ الصباحُ فأَمِّلِي
وتَجَرَّعِي غُصَصَ التنائِي واجْمَعِي / بَيْنَ المَطِيِّ ولَيْلهِنَّ الأَليَلِ
واستوطِني وَحْشَ الفلاةِ وَوَطِّنِي / نفساً لِبَرْحِ تَوَدُّعٍ وتَرَحُّلِ
فلأَعْقِدَنَّ عَلَيْكِ أَكرَمَ ذِمَّةٍ / ولأَبْنِيَنَّ عَلَيْكِ أَشْيَدَ مَعْقِلِ
بعزائمٍ لا تنثنِي وبصائرٍ / لا تنتهي ووسائلٍ لا تَأْتَلِي
حَتَّى رأَيْتُ العِيسَ وَهْيَ لواغِبٌ / يَشْرَعْنَ فِي نهرِ الصَّباحِ الأَوَّلِ
والفجرَ يرفعُ جفنَ طرفٍ أَدْعَجٍ / والليلَ يُغْضِي جفْنَ طَرفٍ أَكحَلِ
فكأنما فِي الجَوِّ فارِسُ أَبْلَقٍ / يشتدُّ فِي آثارِ فارِسِ أَشْعَلِ
ولَدَيَّ لِلمَنصورِ شكرُ صنائِعٍ / تنأَى الرِّكابُ بِعِبْئِها المُتَحَمَّلِ
نَشرٌ ينمُّ من الحقائِبِ عَرْفُهُ / أَرَجاً ويُشْرِقُ من خلالِ الأَرْحُلِ
يُهْدِي ثناءَ المُمْحِلاتِ إِلَى الحَيا / وثَنا الرياضِ إِلَى الغمامِ المُسْبِلِ
بكرائِمٍ لم تُمْتَهَنْ وعقائِلٍ / لَمْ تُمْتَثَلْ ومَصُونَةٍ لَمْ تُبْذَلِ
حَمَلَتْ بِهَا أُمُّ العلومِ وأُرْضِعَتْ / من دَرِّ أَخلافِ الربيعِ الحُفَّلِ
وكفيلَةٍ بالحمدِ تُهْدِيهِ إِلَى / مَلِكٍ بغاياتِ المنى مُتَكَفِّلِ
حَتَّى تُؤَدِّي الحمدَ عندَ مُسَوَّفٍ / وتَفِي بعهدِ الشكرِ عند مُؤَجِّلِ
وتنيخَ رَكْبَ النَّازِلِ المُتَوَسِّلِ / فِي ظِلِّ عفوِ المُنْعِمِ المُتَفَضِّلِ
وتَحُطَّ رحلَ المُذْنِبِ المُتنَصِّلِ / فِي ظِلِّ عُقْرِ العائِدِ المُتَطَوِّلِ
فَلأُسْلِمَنَّ إِلَيْهِ هِمَّةَ نازِعٍ / وحبالَ منقطعٍ وكفَّ مُؤَمِّلِ
مَلِكٌ توسَّطَ من ذؤابَةِ يَعْرُبٍ / فِي الجَوْهَرِ المُتَخَيَّرِ المُتَنَخَّلِ
بَسَقَتْ بِهِ أَعراقُ مُلْكٍ أَشْرَقَتْ / بعلاهُ فِي شرفِ المحلِّ المعتلي
عن كُلِّ معدومِ القرِينِ مُكَرَّمٍ / ومعظَّمٍ فِي المالكينَ مُبجَّلِ
وغمامُ عُرْفٍ فِي الزمانِ المُمْحِلِ / وسراجُ نورٍ فِي الكريهَةِ مُشْعَلِ
يختالُ تاجُ الملكِ فوقَ جبينهِ / لما تَبوَّأَ منه أكرَمَ منزِلي
فكأَنَّ صفحةَ وجهِهِ شمسُ الضُحَى / وُصِلَتْ ببدرٍ بالنجومِ مُكَلَّلِ
العائِدُونَ بكُلِّ فَضلٍ مُعْجِزٍ / والدَّافِعُونَ لكل خطبٍ مُعْضِلِ
وَرِثُوا السيادَةَ كابِراً عن كابِرٍ / واستوجَبُوها آخِراً عن أَوَّلِ
وتَبَوَّأُوا دارَ النبوةِ والهُدى / صُنْعاً وتفضيلاً من المَلِكِ العَلي
فَتَخَيَّرَ الرحمنُ طِيبَ ثَراهُمُ / داراً وقبراً للنَّبيِّ المُرْسَلِ
وتَفَرَّدُوا بالمَكْرُماتِ وأَحرَزُوا / جزلَ الثناءِ من الكتابِ المُنْزَلِ
هم أَنجَبُوكَ وقلَّدَوكَ سيوفَهُمْ / للنصرِ تُبْلِي فِي الإِلهِ وتَبْتَلِي
فَضَرَبْتَ أَشياعَ الضلالِ بعَزْمَةٍ / عَجِلَتْ إِلَيْهِمْ بالحِمامِ المُعْجَلِ
فأَعَدْتَ أَرضَهُمُ وَلَيْسَ لِمَعْقِلٍ / قَصْدٌ وَلَيْسَ لِمُفْلِتٍ من مَعقِلِ
بعزائِمٍ ومخائلٍ أَعْيَتْ عَلَى / بأْس الشجاعِ وحِيلَةِ المُتَحَيِّلِ
فتركْتَ حزْبَ الشِّرْكِ بَيْنَ مُصَرَّعٍ / ومُعَفَّرٍ ومُجَدَّلٍ ومُرَمَّلِ
وثَنَيْتَ حزبَ الدينِ بَيْنَ مُملَّكٍ / ومظفَّرٍ ومُغَنَّمٍ ومُنَفَّلِ
فاسْعَدْ بعيدٍ عادَ وَهْوَ مُبَشِّرٌ / لَكَ بالنعيمِ وبالبقاءِ الأَطْوَلِ
وبمشهدٍ للمُلْكِ أَعيا دُونَهُ / فِكْرُ اللبيبِ ومُقْلَةُ المتأَمِّلِ
أَمَّتْكَ أَبصارُ الخلائِقِ واصِلِي / نُورٍ بتعجيلِ السرورِ الأَعْجَلِ
وتَيَمَّمُوكَ من المُصَلَّى فانثَنَوْا / ساعِينَ بَيْنَ مُكَبِّرٍ ومُهَلِّلِ
مُتَزاحِمينَ عَلَى يمينٍ أَصْبَحَتْ / مبسوطَةً لمُؤَمِّلٍ ومُقَبِّلِ
وتواضَعَتْ صِيدُ الملوكِ مهابَةً / يَضَعُونَ أَوْجُهَهُمْ مكانَ الأَرْجُلِ
ورأَوْا هِلالَ الملكِ فَوْقَ سَريرِهِ / بسنا المكارِمِ والهدى المُتَهَلِّلِ
عَزْمٌ حَدَاهُ السَّعْدُ والإِقبالُ
عَزْمٌ حَدَاهُ السَّعْدُ والإِقبالُ / وعُلاً تَضَعْضَعُ دونَها الآجالُ
وعوائِدٌ للهِ مَا زالتْ لكُمْ / بالنَّصْرِ عائِدَةً وَلَيْسَ تَزَالُ
وكتائِبٌ لليُمْنِ يومَ رَحِيلِها / بالفتحِ فِي جَنَباتِها اسْتِهْلالُ
وعبيدُ مملكَةٍ وشِيعَةُ دَوْلَةٍ / قَدْ أَيْقَنُوا أَنَّ الحياةَ قِتالُ
صُبُرٌ إِذَا انْتَضَوا السيوفَ تَبيَّنَتْ / أَعداؤُهُمْ أَنْ الليوثَ رِجالُ
مستأْنِسِينَ إِلَى الهواجِرِ مَا لَهُم / إِلّا متون المشرفِيِّ ظِلالُ
لهجُوا بيَا منصورُ فَهْوَ شِعارُهُمْ / نَغَمٌ تعوَّدَ صِدْقَهُنَّ الفالُ
وصوارِمٌ جَلَتِ الظَّلامَ وَمَا لَهَا / بِسِوى الجماجِمِ والنحورِ صِقالُ
مِمَّا انْتَمى حَيْثُ انْتَمَيْتَ وأَوْرَثَتْ / آباؤُكَ الأَذواءُ والأَقيالُ
من كُلِّ مشحوذِ الغِرارِ كَأَنَّهُ / للشمسِ فِي ظُلَمِ العَجاجِ خَيالُ
وقَناً إِذَا اقْتَضَتِ العُدَاة نفوسَها / لَمْ يعتَلِلْ بأَدائِهِنَّ مِطالُ
سُلُبٍ إِذَا أَشْرَعْتَهُنَّ تقاصَرَتْ / أَعمارُ مَطْلَبِهِنَّ وَهْيَ طِوالُ
بَهَرَتْ مناقِبُكَ الضُّحى وتقاصَرَتْ / عن كُنْهِها الأَشباهُ والأَمثالُ
نفسِي فداؤكَ والنفوسُ هَفَتْ بِهَا / نارُ الوَغى وتصادَمَ الأَجبالُ
والبِيضُ تلمَعُ والأَسِنَّةُ تَلْتَظِي / والخَيلُ فِي ضنكِ الوغى تختالُ
ومجالُ وجهِكَ فِي مواقِفَ للرَّدى / مَا للخواطِرِ بَيْنَهُنَّ مَجالُ
ونفيسَةٍ أَقْحَمْتَ نفسَكَ دُونَها / إِنَّ النفائِسَ بالنفوسِ تُنَالُ
أهِلِّي قَدْ أنى لكِ أن تُهِلِّي
أهِلِّي قَدْ أنى لكِ أن تُهِلِّي / إلى صَوبِ الغمامِ المُسْتَهِلِّ
فَمُدِيّ طرفَ ناظرةٍ تَرَيْني / تَمَكَّنَ مَغَرِسي فِيهِ وأصْلي
سنا برقٍ تلألأَ عن ذِماِمِي / وصوبُ حياً تجلَّى عن مَحَلِّي
ودونَكِ مَبْركاً فِي فَيْءِ ظِلٍّ / يُريكِ بأنَّهُ فَيئي وظِلِّي
هُوَ الظِلُّ الَّذِي قارَعتِ عنهُ / حَصى الرَّمضاءِ دامِيةَ الأظلِّ
وهذا موعدُ الأَملِ المنادي / سُراكِ سُرورُهُ ألّا تَمَلِّي
ونورُ الفجرِ من إظلامِ لَيلٍ / أضاءَ نجومَهُ لَكِ أن تَضِلِّي
أوانَ يُفَتِّرُ الإِمساءُ جهدي / فأطلُبُ فِي سنا الإصباحِ ذَحْلي
ويَرْمَدُ فِي هجيرِ القيظِ جفني / فأجعلُ من سوادِ الليلِ كُحْلي
لكيما تعلَمي فِي أيِّ مأوىً / من الملكِ الرفيعِ وضعتُ رَحْلي
ويَصدُقَكِ العيانُ بأي حبلٍ / من ابن العامِرِيِّ وصلتُ حبلي
وحسبُكِ قولُهُ أهلاً وسهلاً / بما جاوزتِ من حَزْنٍ وسَهلِ
فسِيحي وارتَعِي كلَّاً إليه / عَلَى ظَلَعِ الكلالِ حَمَلْتِ كَلِّي
مدىً لكِ كانَ منكِ مَدى كريمٍ / فَكوني منه فِي حِلٍّ وبلِّ
وَقَدْ قَضَتِ المكارِمُ أن تَعزِّي / كَمَا قَضَتِ المكارِهُ أن تَذِلِّي
فَرَعياً فِي حمى مَلكٍ رَعاني / فَحَلَّ قيودَ تَرْحَالي وحِلِّي
مَدى عبد العزيز وأيُّ عِزٍّ / أنَختُ إليه ذُلّاً فَوْقَ ذُلِّ
فَعَوَّضَ منكِ فِي مثواه بِرِّي / وأذْهَلَ عنكِ فِي مثواهُ نُزْلي
وعن مَثَنى زِمامِكِ فِي يميني / شَبا قَلمٍ عَلَى الدُّنيا مُطِلِّ
يُملُّ عليه مؤتَمَنُ المعالي / مساعيَهُ فيَستَملي ويُملي
ويُسمِعُ فِي صريرِ الخطِّ منهُ / خطاباً لا يُمَلُّ من المُمِلِّ
لِجَدِّكَ كَانَ أوَّلُ سَعْدِ جَدِّي / وأغْدَقُ بارِقٍ فِي جَوِّ مَحلي
وأحنى موتِرٍ برضاه قوسي / وأخفى رائِشٍ بنَدَاهُ نَبْلي
وصَيَّرَ مَا حَمى حَرَمِي حَراَماً / عَلَى عَدْوِ الزمان المستحلِّ
ووطَّأ فِي مكارِمِهِ مِهادِي / وأعْلى فِي مراتِبِهِ مَحَلِّي
وكم حَلَّى يَدِي من ذي عِنانِ / ودَلَّ إلى يَدِي من ذاتِ دَلِّ
فَحَقَّاً مَا تَرَكتُ عَلَيْهِ بَعْدي / ثناءً أعْجَزَ المُثنِينَ قَبلي
فأمطَرْتُ الورى رُطَباً جَنيّاً / وَمَا سُقِيَتْ بغيرِ نداهُ نَخْلي
وسَقَّيتُ النُهى أرْياً مَشَوراً / وَمَا جَرَسَتْ سِوى نُعْمَاهُ نَحْلي
هُوَ المَلِكُ الَّذِي لَمْ يُبقِ مِثلاً / سِواكَ ولا لِنَظْمِ عُلاكَ مِثْلي
ويَبْخَسُني الزمانُ ولو وَفى لي / بِحَظّي لاشتكى جُهْدَ المُقِلِّ
ولو أنِّي سلَلْتُ عَلَيْهِ سَيفاً / تُقَلِّدُني لباءَ بِشِسْعِ نَعلي
وكَمْ من شاهِدٍ عَدْلٍ عَلَيْهِ / بظُلمِي لَوْ قَضى قاضٍ بِعَدْلِ
ولو سَمِ جَدُّكَ المنصورُ أدعُو / إِلَيْهِ لَمَ يَسُمْني سَوْمَ مَطْلِ
وأنتَ ورِثْتَهُ طِفلاً ولكن / رَجَحتَ عَلَى الرجالِ بِحلمِ كَهْلِ
بما رَدَّاكَ من هَدْيٍ وبِرٍّ / وَمَا حلّاكَ من قولٍ وفعلِ
فَغَضَّ من البدورِ سنا هِلالٍ / وهَدَّ من الليوثِ زئيرَ شِبلِ
وأنتَ أمِينُهُ فِي كل سَعْيٍ / سَقى نَهَلاً لِتُتْبِعَهُ بِعَلِّ
محافِظُ عَهدِهِ فِي قَوْدِ جَيْشٍ / بأعباءِ الوقائِعِ مُسْتقِلِّ
وتالي شَأوِهِ فِي كلِّ فَخْرٍ / وثاني سَعْيِهِ فِي كلِّ فَضْلِ
وفَيْضُ يمينِهِ والحمدُ يَغْلُو / ونورُ جبينهِ والحربُ تَغْلي
بكُلِّ أغَرَّ فوقَ أغَرَّ يَصْلى / جَحيم الحرب مُقْتَحِماً ويُصْلي
يلوثُ الدِرْعَ منهُ بِليْثِ بأسٍ / يصولُ عَلَى العِدى بأصمَّ صِلِّ
وكلِّ عُقابِ شاهِقَةٍ تَجَلَّى / أناسيُّ الحتوفِ لما تُجَلِّي
بَرِيُّ السيفِ من دَهَشٍ وجُبْنٍ / وحُرُّ الصدرِ من غَدرٍ وغلِّ
وَمَا يُثنى السِنانُ بغيرِ قَصفٍ / ولا حَدُّ الحُسامِ بغيرِ فَلِّ
جَلوتَ لهُمْ معالِمَ ذَكَّرَتْهُمْ / مَعالِمَ جَدِّكَ الملِكِ الأجلِّ
سلكتَ سبيلَهُ هَدْياً بهديٍ / وقمتَ مقامَهُ مِثْلاً بِمِثلِ
وأخلَصْتَ الصَّلاةَ إلى المَصَلَّى / فَبُورِكَ فِي المُصَلَّى والمُصَلِّي
وَقَدْ خَفَقَتْ عليكَ بنودُ عِزٍّ / عَلَتْ واللهُ أَعلاهَا ويُعلي
كما خَفَقَتْ عَلَيَّ قلوبُ غِيدٍ / أَمَرَّ لَهُنَّ دوني وَهوَ مُحلِ
بما أثبَتَّ فِيهِ من يَقيني / وَمَا حَقَّقْتَ فِيهِ من لَعَلِّي
وما راعيتَ فِيهِ من ذِمامي / وَمَا أدْنَيْتَ فِيهِ من مَحَلِّي
فلا زِلْتَ المُفَدَّى والمُرَجَّى / نَدَاهُ للغريبِ وللمُقِلِّ
ونُوراً فِي الظلامِ لِمُستَنِيرٍ / وظِلّاً في الهجيرِ لِمُسْتَظِلِّ
رُبَّ ظَبيٍ خَنِثٍ ألحاظُهُ
رُبَّ ظَبيٍ خَنِثٍ ألحاظُهُ / كَعَوَالي مُنذِرٍ يَومَ النِّزالِ
أترَعَ الكَأسَ وحَيَّاني بِهَا / فأخذت النَّجمَ من كَفِّ الهِلالِ
فكأنِّي واجِدٌ فِي شُربِها / لَذَّةَ المنصُورِ فِي بَذلِ النَّوالِ
وأيُّ زنادَيْ فتنةٍ أوْرَيا لَهَا
وأيُّ زنادَيْ فتنةٍ أوْرَيا لَهَا / سَنا صُبْحِ حَقٍّ فِي دُجى ليلِ باطِلِ
وسيفَيْنِ رَدَّ اللهُ غَرْبَ شَباهُما / تَلاَقٍ بصَفْحَيْ واصِلٍ لمُواصِلِ
حليفَيْنِ شَدَّا عقدَ مَا احْتلَفا لَهُ / ورَدَّا عليهِ عاطِفاتِ الوَسائِلِ
إزْرَعِ المعروفَ حَزْناً وسَهْلا
إزْرَعِ المعروفَ حَزْناً وسَهْلا / واحصُدِ الكُفَّارَ سَبْياً وقَتْلا
واقْتَضِ الرحمنَ فتحاً قريباً / كُلَّما جَلَّ تَناهى أجَلّا
كْفءَ مَا أَولَيْتَ حمداً وشكراً / وصَدَقْتَ اللهَ قَولاً وفِعْلا
وعَمَمْتَ الخَلْقَ عُرْفاً وَجُوداً / ووَسعْتَ الأرضَ حُكْماً وعَدْلا
وبَهَرْتَ البَرّ والبَحْرَ خُلْقاً / عَمَّ إفضالاً كَمَا خَصَّ فَضْلا
بِجَبينٍ مَا تجَلَّى لخطبٍ / يُظْلِمُ الإصباحَ إلّا تَجَلَّى
ويمينٍ عاهَدَتْ مَنْ سَقاهُ / لا تَمَلُّ السَّقْيَ حتَّى يَمَلّا
وبعَزْمٍ ألبَسَ الدِّينَ عِزّاً / مِثلَما قَدْ ألبَسَ الشِّرْكَ ذُلّا
وهِلالٌ فِي سماءِ تُجيبٍ / حازَ تِمَّ المجدِ يَومَ أَهَلّا
وغَمامٌ لَمْ تكَدْ تَمْتَرِيهِ / منكَ رِيحُ النصرِ حَتَّى اسْتَهَلّا
سَيْفُ ضَرْبٍ لَمْ يَرُقْهُ حُلِيٌّ / وتراهُ بالدِّماءِ مُحَلَّى
وسِنانٌ مَا يَمَلُّ اسْتِناناً / لو تُوَلِّيهِ الرَّدى مَا تَوَلَّى
كَلِفٌ بالطَّعْنِ والضَّربِ تامَتْ / قَلْبَهُ الحربُ جَمالاً وَدَلّا
فَصَبا فِي جاحِمِ الحربِ نَفْساً / وعَصى فِي حاطِمِ الزَّحْفِ عَذْلا
فَتَمَامُ الوَصْلِ ألّا يُخَلِّي / لجسومِ الشِّرْكِ بالهامِ وَصْلا
ونِظامُ الشَمْلِ ألّا يُبَقِّي / فِي ديارِ الكُفْرِ للِكفرِ شَمْلا
ساوَرَ الأسْدَ وَمَا تَمَّ شِبْلا /
طردَ البأساءَ حتَّى سَقاها / بكُؤوسِ الموتِ نَهْلاً وعَلّا
وسَقى ماءَ الفَضاءِ دِماءً / كَنَدى كفَّيْهِ سَحَّاً وَوَبْلا
في مَكَرٍّ قالَ للِرُّمْحِ رِفْقاً / ومَجالٍ قالَ للسيفِ مَهْلا
وتَلَقَّتْهُ العِدى بصدورٍ / خَطَّ بالخَطِّيِّ فِيهَا وأمْلى
وقَضى بالهامِ لِلْجَوِّ عُلْواً / وَعَلَى الأَشلاءِ لِلتُّرْبِ سُفْلا
ورأى أن صدورَ العوالي / من صُدورِ الغَدْرِ بالهامِ أوْلى
فَدَنتْ والسُّورُ يُومي إلَيْها / وينادِيهِنَّ أهْلاً وسَهلا
وعيونُ الخَلقِ تسمُو إليهِ / فَدَنا وَهْوَ من البَدْرِ أعلى
صَلِيَتْ منهُ العِدى بسيوفٍ / حَرُّ نارِ اللهِ فيهِنَّ أصلى
فَبِهِ أُعْلِيَ قحطانُ فَخْراً / وبهِ زُكِّيَ يَعْرُبُ أصْلا
وبه عَرَّفنا اللهُ أنَّا / سَنَرى فِي خَلْفِهِ لَكَ مِثلا
أَصِخْ نحوِي لدعوةِ مُستقلِّ
أَصِخْ نحوِي لدعوةِ مُستقلِّ / يُنادي من غَياباتِ الخُمُولِ
رهَينةِ كلِّ همٍّ مستكينٍ / ونُهزةِ كلِّ خطبٍ مستطيلِ
ومأمونٍ على ظُلْمِ الأعادِي / ونَوَّامٍ على نُوَبِ الذُّحُولِ
تراني منكَ في هِمَمٍ صحاحٍ / نَكَصْنَ على دُجى خَطْبٍ عَليلِ
ولكنْ رُبَّ دهرٍ ساوَرَتْني / غوائِلُهُ على نَهْجِ السَّبيلِ
مُظاهِرِ لامَتَيْ بَغْيٍ ومكرٍ / ومُصْلِتِ صارِمَيْ قالٍ وقيلِ
ورَامٍ عن قِسِيِّ الغِلِّ نَبْلاً / أصَبْنَ مقاتِلَ الأَدَبِ النَّبِيلِ
أباً وبَنِينَ عن عِرْضٍ منيعٍ / لقد أجْلَيْنَ عن أمَلٍ قَتيلِ
فكانَ كأَنَّهُ جَفْنٌ سَخينٌ / أسالَ دماً على خَدٍّ أسيلِ
ومضطَرِمِ الحَشا داءً دَوِيَّاً / تَنَفَّسَ منهُ عن سيفٍ صَقيلِ
فَتِلكَ مَعالِمي عَلَمُ الرَّزايا / وتلكَ وَسائلي دَرَجُ السُّيولِ
وتلكَ مراتِبُ الأخطارِ مِنّي / حمائِمُ يَنْتَحِبْنَ على هَدِيلِ
لَعَلَّ رِضاكَ يا منصورُ يوماً / يَحلُّ بساحَتي عَمَّا قليلِ
ويقرَعُ منكَ أسماعَ المعالي / لنا بِعِثارِ عَبْدٍ مُستَقيلِ
إليكَ جَلَوْتُ أبكارَ المعاني / معاذِيراً بَلألاءِ القَبُولِ
سوارٍ في الظَّلامِ بِلا نجومٍ / هَوَادٍ في الفلاةِ بلا دَليلِ
إذا شَذَّت عن العَرَبِ المَعاني
إذا شَذَّت عن العَرَبِ المَعاني / فَلَيْسَ إلى تَعرُّفِها سَبيلُ
وما يَحْويهِ هذا الدَّهْرُ أنأَى / وأَبْعَدُ من شَبا فِكْرٍ يَجُولُ
ورُبَّتَما بِطُولِ الفكرِ يُدرى / ولكنْ عاجَلَ الفِكرَ الرَّسُولُ
غَريبٌ تَحلَّتْ بآدابِهِ
غَريبٌ تَحلَّتْ بآدابِهِ / بِلادٌ تَوَاصَتْ بِتَعْطِيله