المجموع : 12
إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ حَادِثِ الدَّهْرِ مَوْئِلُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ حَادِثِ الدَّهْرِ مَوْئِلُ / وَلَمْ يُغْنِ عَنْكَ الْحُزْنُ فَالصَّبْرُ أَجْمَلُ
وَأَهْوَنُ مَا لاَقَيْتَ مَا عَزَّ دَفْعُهُ / وَقدْ يَصْعُبُ الأَمْرُ الأَشَدُّ فَيَسْهُلُ
وَمَا هذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ إِقَامَةٍ / فَيَحْزَنَ فِيهَا الْقَاطِنُ الْمُتَرَحِّلُ
هِيَ الدَّارُ إِلاَّ أَنَّها كَمَفازَةٍ / أَنَاخَ بِها رَكْبٌ وَرَكْبٌ تَحَمَّلُوا
مُنِينَا بِهَا خَرْقَاءَ لاَ الْعَذْلُ تَرْعَوِي / إِلَيْهِ وَلاَ مَحْضَ النَّصِيحَة تَقْبَلُ
لَنَا وَلَهَا فِي كلِّ يَوْمٍ عَجَائِبٌ / يَحَارُ لَهَا لُبُّ اللَّبِيبِ وَيَذْهَلُ
يَطُولُ مَدَى الأَفْكَارِ في كُنْهِ أَمْرِها / فَيَنْكُصُ عَنْ غَايَاتِه الْمُتَوَغِّلُ
وَإِنَّا لَمِنْ مَرِّ الْجَدِيدَيْنِ في وَغىً / إِذَا فَرَّ مِنْهَا جَحْفَلٌ كَرَّ جَحْفَلُ
تُجَرِّدُ نَصْلاً وَالْخَلاَئِقُ مَفْصِلٌ / وَتُنْبِضُ سَهْماً وَالْبَرِيَّةُ مَقْتَلُ
فَلاَ نَحْنُ يَوْماً نَسْتَطِيعُ دِفَاعَهَا / وَلاَ خَطْبُهَا عَنَّا يَعِفُّ فَيُجْمِل
وَلاَ خَلْفَنَا مِنْهَا مَفَرٌّ لِهَارِبٍ / فَكَيْفَ لِمَنْ رَامَ النَّجَاةَ التَّحَيُّلُ
وَلاَ نَاصِرٌ إِلاَّ التَّمَلْمُلُ والأَسى / وَمَاذَا الَّذِي يُجْدِي الأَسى وَالتَّمَلْمُلُ
نَبيتُ عَلَى وَعْدٍ مِنَ الْمَوْتِ صَادِقٍ / فَمِنْ حَائِنٍ يُقْضى وَآخَرَ يُمْطَلُ
وَكُلٌّ وَإِنْ طَالَ الثَّوآءُ مَصِيرُهُ / إِلى مَوْرِدٍ مَا عَنْهُ لِلْخَلْقِ مَعْدٍلُ
فَوَا عَجَبا مِنْ حَازِمٍ مُتَيَقِّنٍ / بِأَنْ سَوْفَ يَرْدى كَيْفَ يَلْهُو وَ يَغْفُلُ
أَلاَ لاَ يَثِقْ بِالدَّهْرِ مَا عَاشَ ذُو حِجَىً / فَمَا وَاثِقٌ بِالدَّهْرِ إِلاَّ سَيَخْجَلُ
نَزَلْتُ عَلَى حُكْمِ الرَّدَى في مَعاشِرِي / وَمَنْ ذَا على حكم الردى ليس ينزل
تبدلت بالماضين منهم تعلة / وأين من الْماضِينَ مَنْ أَتَبَدَّلُ
إِذَا مَاءُ عَيْنِي بانَ كَانَ مُعُوَّلِي / عَلَى الدَّمْعِ إِنَّ الدَّمْعَ بِئْسَ الْمُعوِّلُ
كَفى حَزَناً أَنْ يُوقِنَ الْحَيُّ أَنَّهُ / بِسَيْفِ الرَّدَى لاَ بُدَّ أَنْ سَوْفَ يُقْتَلُ
لِبَيْكِ جَمَالَ الدَّوْلَةِ الْبَأْسُ وَالنَّدَى / إِذَا قَلَّ مَنَّاعٌ وَأَعْوَزَ مُفْضِلُ
فَتىً كَانَ لاَ يُعْطِي الْسَّوَاءَ قَسِيمَهُ / إِباءً إِذَا مَا جَاشَ لِلْحَرْبِ مِرْجَلُ
وَلاَ يَعْرِفُ الإِظْمَاءَ فِي الْمَحْلِ جَارُهُ / سَمَاحاً وَلُوْ أَنْ الْمَجَرَّةَ مَنْهَلُ
فَمَنْ مُبْلِغُ الْعَلْياءِ أَنِّيَ بُعْدَهُ / ظَمِئْتُ وَأَخْلاَفُ السّحَائِبِ حُفَّلُ
فَوَا أَسَفَا مَنْ لِلطَّرِيدِ يُجِيرُهُ / إِذَا ناشَهُ نَابٌ مِنَ الْخَوْفِ أَعْصَلُ
وَوَا أَسَفَا مَنْ لِلْفَقِيرِ يَمِيرُهُ / إِذَا شَفَّهُ دَاءٌ مِنَ الْفَقْرِ مُعْضِلُ
تَهَدَّمَ ذَاكَ الْبَاذِخُ الْشَّامِخُ الذُّرى / وأَقْلَعَ ذَاكَ الْعَارِضُ الْمُتَهَلِّلُ
فَيَا مَانِعَ اللاَّجِينَ هَا أَنَا مُسْلَمٌ / وَيَا مُمْطِرَ الرَّاجِينَ هَا أَنَا مُمْحِلُ
أَحِينَ احْتَبى فِيكَ الْكَمَالُ وَخُوِّلَتْ / يَدَاكَ مِنَ الْعَليْاءِ مَا لاَ يُخَوَّلُ
وَشَايَعَكَ العَزْمُ الْفَتِيُّ وَنَاضَلَ النَّ / وَائِبَ عَنْكَ السُّؤْدَدُ الْمُتَكَهِّلُ
وَلَمْ تُبْقِ حَظّاً مِنْ عُلاً تَسْتَزيدُهُ / وَلاَ حُلَّةً مِنْ مَفْخَرٍ تَتَسَرْبَلُ
رَمَاكَ فَأَصْمَاكَ الزَّمَانُ بِكَيْدِهِ / كَذَا تَنْقُصُ الأَقْمَارُ أَيّانَ تَكْمُلُ
وَمَا كُنْتُ أَخْشى أَنْ يَفُوتَ بِكَ الرِّدى / وَلَمَّا يَكْنْ يَوْمٌ أَغَرُّ مُحَجَّلُ
وَلَمَّا يَقُمْ مِنْ دُونِ ثَأْرِكَ مَعْشَرٌ / إِذَا عَزَمُوا فِي النَّائِبَاتِ تَوَكَّلُوا
مَنَاجِيدُ وَثَّابُونَ فِي كُلِّ صَهْوَةٍ / مَنَ الْعِزِّ قَوَّالُون لِلْمَجْدِ فُعَّلُ
أَتَذْهَبُ لَمْ يُشْرَعْ َأَمَامَكَ ذَابِل / لِمَنْعٍ وَلَمْ يُشْهَرْ وَرَاءَكَ مُنْصُلُ
فَهَلاَّ بِحيْثُ الْمَشْرَفِيَّةُ رُكَّعٌ / تُكَبِّرُ فِي هَامِ الْعِدى وَتُهَلِّلُ
وَأَلاَّ بِحَيْثُ السَّمْهَرِيَّةُ شُرَّعٌ / تُعَلُّ مِنَ الأَكْبَادِ رَياً وَتُنْهَلُ
كَدَأْبِكَ أَيَّامَ الْحَوَادِثُ نُوَّمٌ / وَجَدُّكَ يَقْظَانٌ وَحَدُّكَ مِقْصَلُ
فَهَلْ عَالِمٌ جَيْهَانُ أَنَّكَ بَعْدَهُ / رَمى بِكَ مَرْمَاهُ الْحِمَامُ المُعَجَّلُ
سَلَكْتَ وَإِيَّاهُ سَبيلاً غَدَا بِهِ / زَمَانُكُمَا في قِسْمَةِ الْجَوْرِ يَعْدِلُ
سَقَاكَ وَإِنْ لَمْ يُرْضِنِي فِيكَ وَابِلٌ / وَلَوْ حَلَّ لِي قُلْتُ الرَّحِيقُ الْمُسَلْسَلُ
مِنَ الْمُزْنِ مَشْمَولٌ يَرِفُّ كَأَنَّهُ / بِجُودِ جَلاَلِ الْمُلْكِ يَهْمِي وَيَهْطِلُ
وَمَهْمَا هَفَتْ يَوْماً مِنَ الْجَوِّ نَفْحَةٌ / فَهَبَّ بِحِضْنَيْكَ النَّسِيمُ الْمُمَنْدَلُ
وَلاَ عَدِمَ الْمَوْلى مِنَ الأَجْرِ خَيْرَهُ / وَبُلِّغَ فِي أَعْدَائِهِ مَا يُؤَمِّلُ
فِدَىً لَكَ مَنْ تَحْتَ السِّماءِ وَلاَ تَزَلْ / وَمجْدُكَ مَرْفُوعُ الْبِنَاءِ مُؤَثِّلُ
إِذَا جَلَّ خَطْبٌ غَالَ همَّكَ عِنْدَهُ / نُهمىً تَسَعُ الْخَطْبَ الْجَلِيلَ وَتَفْضُلُ
وأَرْغَمْتَ أَنْفَ النَّائِبَاتِ بِوَطْأَةٍ / تَخِفُّ عَلَى ظَهْرِ الزَّمَانِ وَتَثْقُلُ
وَأَيُّ مُلِمٍّ يزدهيك وإنما / بحملك في أمثاله يتمثل
غنيت بِمَا تَقْضِي بِهِ عِنْدَكَ النُّهى / وَفَضْلِكَ عَنْ تَعْرِيف مَا لَسْتَ تَجْهَلُ
وَمَاذَا يَقُولُ الْقَائِلُونَ لِمَاجِدٍ / أَصِيلِ الْحِجى فِي لَفْظَةٍ مِنْهُ فَيْصَلُ
أَرى الْعَلْياءَ واضِحَةَ السَّبِيلِ
أَرى الْعَلْياءَ واضِحَةَ السَّبِيلِ / فَما لِلْغُرِّ سالِمَةَ الْحُجُولِ
إِلى كَمْ يَقْتَضِيكَ الْمَجْدُ دَيْناً / تُحِيلُ بِهِ عَلَى الْقَدَرِ الْمَطُولِ
وَأَيُّ فَتىً تَمرَّسَ بِالْمعالِي / فَلَمْ يَهْجُمْ عَلَى خَطَرٍ مَهُولِ
وَإِنَّ عَناقَ حَرِّ الْمَوْتِ أَوْلى / بِذِي الإِمْلاقِ مِنْ بَرْدِ الْمَقِيلِ
وَما كانَتْ مُنىً بَعُدَتْ لِتَغْلُو / بِطُولِ مَشَقَّةِ السَّيْرِ الطَّويلِ
فَكَيْفَ تَخِيمُ وَالآمالُ أَدْنى / إِلَيْكَ مِنَ الْقِداحِ إِلى الْمُجِيلِ
وَقَدْ نادى النَّدى هَلْ مِنْ رَجاءٍ / وَقالَ النَّيْلُ هَلْ مِنْ مُسْتَنِيلِ
وَلَمْ أَرَ قَبْلَهُ أَمَلاً جَواداً / يُشارُ بِهِ إِلى عَزْمٍ بَخِيلِ
عَلامَ تُرَوِّضُ الْحَصْباءُ خِصْباً / وَتَجْزَعُ أَنْ تُعَدَّ مِنَ الْمُحُولِ
وَكَيْفَ تَرى مِياهَ الْفَضْلِ إِلاّ / وَقَدْ رُشِفَتْ بِأَفْواهِ الْعُقُولِ
لَقَدْ أَعْطَتْكَ صِحَّتَها الأَمانِي / فَلا تَعْتَلَّ بِالْحَظِّ الْعَلِيلِ
وَما لَكَ أَنْ تَسُومَ الدَّهْرَ حَظّاً / إِذا ما فُزْتَ بِالذِّكْرِ الْجَمِيلِ
إِذا أَهْلُ الثَّناءِ عَلَيْكَ أَثْنَوا / فَسِرْ فِي الْمَكْرُماتِ بِلا دَلِيلِ
أرى حُلَلَ النَّباهَةِ قَدْ أَظَلَّتْ / تُنازِعُ فِيَّ أَطْمارَ الْخُمُولِ
فَيا جَدِّي نَهَضْتَ وَيا زمَانِي / جَنَيْتَ فَكُنْتَ أَحْسنَ مُسْتَقِيلِ
وَيا فَخْرِي وَفَخْرُ الْمُلْكِ مُثْنٍ / عَلَيَّ لَقَدْ جَرَيْتُ بِلا رَسِيلِ
تَفَنَّنَ فِي الْعَطاءِ الْجَزْلِ حَتّى / حَبانِي فِيهِ بِالْحَمْدِ الْجَزِيلِ
فَها أَنا بَيْنَ تَفْضِيلٍ وَفَضْلٍ / تَبَرُّعُ خَيْرِ قَوّالٍ فَعُولِ
غَرِيبُ الْجُودِ يَحْمَدُ سائِلِيهِ / وَفَرْضُ الْحَمْدِ أَلْزَمُ لِلسَّؤُولِ
سَقانِي الرِّيَّ مِنْ بِشرٍ وَجُودٍ / كَما رَقَصَ الْحَبابُ عَلَى الشَّمُولِ
وَأَعْلَمُ أَنَّ نَشْوانَ الْعَطايا / سَيَخْمَرُ بِالْغِنى عَمّا قَلِيلِ
أَما وَنَداكَ إِنَّ لَهُ لَحَقًّا / يُبِرُّ بِهِ أَلِيَّةَ كُلِّ مُولِ
لَئِنْ أَغْرَبْتَ فِي كَرَمِ السَّجايا / لَقَدْ أَغْربْتَ عَنْ كَرَمِ الأُصُولِ
أَلا أَبْلِغْ مُلُوكِ الأَرْضِ أَنِّي / لَبِسْتُ الْعَيْشَ مَجْرُورَ الذُّيُولِ
لَدى مَلِكٍ مَتى نَكَّبْتَ عَنْهُ / فَلَسْتَ عَلَى الزَّمانِ بِمُسْتَطِيلِ
وَلَمّا عَزَّ نائِلُهُمْ قِياداً / وَهَبْتُ الصَّعْبَ مِنْهُمْ لِلذَّلُولِ
وَطَلَّقْتُ الْمُنى لا الْعَزْمُ يَوْماً / لَهُنَّ وَلا الرَّكائِبُ لِلذَّمِيلِ
وَلُوْلا آلُ عَمّارِ لَباتَتْ / تَرى عَرْضَ السَّماوَةِ قِيدَ مِيلِ
أَعَزُّونِي وَأَغْنَوْنِي وَمِثْلِي / أُعِينَ بكُلِّ مَنّاعٍ بَذُولِ
وَحَسْبُكَ أَنَّنِي جارٌ لِقَوْمٍ / يُجِيرُونَ الْقَرارَ مِنَ السُّيُولِ
أَلا للهِ دَرُّ نَوىً رَمَتْ بِي / إِلى أَكْنافِ ظِلِّهِمِ الظَّلِيلِ
وَدَرُّ نَوائِبٍ صَرَفَتْ عِنانِي / إِلى تِلْقائِهِمْ عِنْدَ الرَّحِيلِ
أُسَرُّ بِأَنَّ لِي جَدّاً عَثُوراً / وَعَمّارُ بْنُ عَمّارٍ مُقِيلي
وَلَوْلا قُرْبُهُ ما كُنْتُ يَوْماً / لأَشْكُر حادِث الْخَطْبِ الْجَلِيلِ
وَقَدْ يَهْوى الْمُحِبُّ الْعَذْلَ شَوْقاً / إِلى ذِكْرِ الأَحِبَّةِ لا الْعَذُولِ
لَهُ كَرَمُ الْغَمامِ يَجُودُ عَفْواً / فَيُغْنِي عَنْ ذَرِيعٍ أَوْ وَسِيلِ
وَما إِن زِلْتُ أَرْغَبُ عَنْ نَوالٍ / يُقَلِّدُنِي يَداً لِسَوى الْمُنِيلِ
تَجُودُ بِطِيبِ رَيّاها الْخُزامى / وَيَغْدُو الشُّكْرُ لِلرِّيحِ الْقَبُولِ
وَغَيْرِي مَنْ يُصاحِبُهُ خُضُوعٌ / أَنَمُّ مِنَ الدُّمُوعِ عَلَى الْغَلِيلِ
يَعُبُّ إِذا أَصابَ الضَّيْمُ شَرْباً / وَبَعْضُ الذُّلِّ أَوْلى بِالذَّلِيلِ
تَرَفَّعَ مَطْلَبِي عَنْ كُلِّ جُودٍ / فَما أَبْغِي بِجُودِكَ مِنْ بَدِيلِ
وَمالِيَ لا أَعافُ الطَّرْقَ وِرْداً / وَقَدْ عَرَضَتْ حِياضُ السَّلْسَبِيلِ
وَقَدْ عَلَّمْتَنِي خُلُقَ الْمَعالِي / فَما أَرْتاحُ إِلاّ لِلنَّبِيلِ
وَلِي عِنْدَ الزَّمانِ مُطالَباتٌ / فَما عُذْرِي وَأَنْتَ بِها كَفيلي
وَإِنَّ فَتىً رَآكَ لَهُ رَجاءَ / لأَهْلٌ أَنْ يُبَلَّغَ كُلَّ سُولِ
وَرُبَّ صَنِيعَةٍ خُطِبَتْ فَزُفَّتْ / إِلى غَيْرِ الْكَفِيءِ مِنَ الْبُعُولِ
أَبِنْ قَدْرَ اصْطِناعِكَ لِي بِنُعْمى / تَبُوحُ بِسِرِّ ما تُسْدِي وَتُولِي
إِذا ما رَوَّضَ الْبَطْحاءَ غَيْثٌ / تَبَيَّنَ فَضْلُ عارِضِهِ الْهَطُولِ
وَأَعْلِنْ حُسْنَ رَأْيِكَ فِيَّ يَرْجَحْ / عَدُوِّي فِي الْمَوَدَّةِ مِنْ خَلِيلِي
فَلَيْسَ بِعائِبِي نُوَبٌ أَكَلَّتْ / شَبا عَزْمِي وَلَمْ يَكُ بِالْكَلِيلِ
فَإِنَّ السَّيْفَ يُعْرَفُ ما بَلاهُ / بِما فِي مَضْرِبَيْهِ مِنَ الْفُلُولِ
وَكَائِنْ بِالْعَواصِمِ مِنْ مُعَنّىً / بِشِعْرِي لا يَرِيعُ إِلى ذُهُولِ
أَقَمْتُ بأَرْضِهِمْ فَحَلَلْتُ مِنْها / مَحَلَّ الْخال فِي الْخَدِّ الأَسِيلِ
وَلكِنْ قادَنِي شَوْقِي إِلَيْكُمْ / وَحُبِّي كُلَّ مَعْدُومِ الشُّكُولِ
فَأَطْلَعَ فِي سَمائِكَ مِنْ ثَنائِي / نُجُومَ عُلىً تَجِلُّ عَنِ الأُفُولِ
سَوائِرُ تَمْلأُ الآفاقَ فَضْلاً / تُعِيدُ الْغُمْرَ ذا رَأْيٍ أَصيلِ
قَصائِدُ كالْكَنائِنِ فِي حَشاها / سِهامٌ كَالنُّصُولِ بِلا نُصُولِ
نَزائِعُ عَنْ قِسِيِّ الْفِكْرِ يُرْمى / بِها غَرَضُ الْمَوَدَّةِ وَالذُّحُولِ
وَكُنَّ إِذا مَرَقْنَ بِسَمْعِ صَبٍّ / أَصَبْنَ مَقاتِلَ الْهَمِّ الدَّخِيلِ
إِذا ما أُنْشِدَتْ فِي الْقَوْمِ رَقَّتْ / شَمائِلُ يُوْمِهِمْ قَبْلَ الأَصِيلِ
تزُورُ أَبا عَلِيٍّ حَيْثَ أَرْسَتْ / هِضابُ الْغِزِّ وَالْمَجدْ الأَثِيلِ
ومن يجزيك عن فعل بقول / لقد حاولت عين المستحيل
وَكَيْفَ لِيَ السَّبِيلُ إِلى مَقالٍ / يُخَفِّفُ مَحْمِلَ الْمَنِّ الثَّقِيلِ
فَلا تَلِمُ الْقَوافِيَ إِنْ أَطَالَتْ / قَطِيعَةَ بِرَّكَ الْبَرِّ الْوَصُولِ
هَرَبْتُ مِنَ ارْتِياحِكَ حِينَ أَنْحى / عَلَى حَمْدِي بِعَضْبِ نَدىً صَقِيلِ
وَلَمّا عُذْتُ بِالْعَلْياءِ قالَتْ / لَعَلَّكَ صاحِبُ الشُّكْرِ الْقَتِيلِ
فَيا لَكِ مِنَّةً فَضَحَتْ مَقالِي / وَمِثْلِي فِي الْقَرِيضِ بِلا مَثِيلِ
فَعُذْراً إِنْ عَجَزْتُ لِطُولِ هَمِّي / عَنِ الإِسْهابِ وَالنَّفَس الطَّوِيلِ
فَإِنْ وَجى الْجِيادِ إِذا تَمادى / بِها شَغَلَ الْجِيادَ عَنِ الصَّهِيلِ
يا فَرْحَةَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ إِذا
يا فَرْحَةَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ إِذا / ما قِيلَ هذا أَحْمَدُ بْنُ عَلِي
وافاهُ خَيْرُ مُعَرِّسٍ وَثَنى / عَنْهُ الأَزِمَّةَ خَيْرُ مُحْتَمِلِ
فَكَأَنَّنِي بِالْعِيسِ قافِلةً / بِأَبَرِّ نَزّالٍ وَمُرْتَحِلِ
سِرْ فِي ضَمانِ اللهِ مُكَتَنَفاً / حَتّى تَعُودَ مُبَلَّغَ الأَمَلِ
فَلَكَمْ حَجَجْتَ بِما تُنَوِّلُهُ / وَأَرَحْتَ أَيْدِي الْخَيْلِ وَالإِبِلِ
لوْ كانَ يَغْنى عَنْ تَيَمُّمِهِ / أَحَدٌ غَنِيتَ بِصالِحِ الْعَمَلِ
صُرُوفُ الْمَنايا لَيْسَ يُودِي قَتِيلُها
صُرُوفُ الْمَنايا لَيْسَ يُودِي قَتِيلُها / وَدارُ الرَّزايا لا يَصِحُّ عَلِيلُها
مَنِيتُ بِها مُسْتَكْرَهاً فَاجْتويْتُها / كَما يَجْتَوِي دارَ الْهَوانِ نَزِيلُها
يُشَهِّي إِلَيَّ الْمَوْتَ عِلْمِي بِأَمْرِها / وَرُبَّ حَياةٍ لا يَسُرُّكَ طُولُها
وَأَكْدَرُ ما كانَتْ حَياةُ نُفُوسِها / إِذا ما صَفَتْ أَذْهانُها وَعُقُولُها
وَمَنْ ذا الّذِي يَحْلُو لهُ الْعَيْشُ بَعْدَما / رَأَتْ كُلُّ نَفْسٍ أَنَّ هذا سَبِيلُها
أَقِمْ مَأْتَماً قَدْ أُثْكِلَ الْفَضْلُ أَهْلَهُ / وَبَكّ الْمَعالِي قَدْ أَجَدَّ رَحِيلُها
إِذا أَنْتَ كَلَّفْتَ المَدامِعَ حَمْلَ ما / عَناكَ مِنَ الأَحْزانِ خَفَّ ثَقِيلُها
وَيا باكِيَ الْعلْياءِ دُونَكَ عَبْرَةً / مَلِيّاً بِإِسْعادِ الْخَلِيلِ هُمُولها
وَمُهْجَةَ مَحْزُونٍ تَخَوَّنَها الضَّنا / فَلَمْ يَبْقَ إِلاّ وَجْدُها وَغَلِيلُها
ألا بِالتُّقى وَالصّالِحاتِ مُفارِقٌ / طَوِيلٌ عَلَيْهِ بَثُّها وَعَوِيلُها
أَصابَ الرَّدى نَفْساً عَزِيزاً مُصابُها / كَرِيماً سَجاياها قَلِيلاً شُكُولُها
فَأَقْسَمْتُ ما رامَتْ مَنِيعَ حِجابِها الْ / مَنُونُ وَفي غَيْرِ الْكِرامِ ذُحُولُها
وَما زالَ ثَأْرُ الدَّهْرِ عِنْدَ مَعاشِرٍ / يَشِيمُ النَّدى أيْمانَهُمْ وَيُخِيلُها
فَمَنْ يَكُ مَدْفُوعاً عَنِ الْمَجْدِ قُوْمُهُ / فَإِنَّ قَبِيلَ الْمَكْرُماتِ قَبِيلُها
وَمَنْ يَكُ مَنْسِيَّ الْفِعالِ فَإِنَّهُ / مَدى الدَّهْرِ بِالذِّكْرِ الْجَمِيلِ كَفِيلُها
يَطِيبُ بِقَدْرِ الْفائِحاتِ نَسِيمُها / وَتَزْكُو الْفُرُوعُ الطَّيِّباتُ أُصُولُها
سَحابَةُ بِرٍّ آنَ مِنْها انْقِشاعُها / وَأَيْكَةُ مَجْدٍ حانَ مِنْها ذُبُولُها
أَوَدُّ لَها سُقْيا الْغَمامِ وَلَوْ أَشا / إِذاً كَشَفتْ صَوْبَ الْغَمامِ سُيُولُها
وَكَيْفَ أُحَيِّي ساكِنَ الْخُلْدِ بِالْحَيا / وَما ذُخِرَتْ إلاّ لَهُ سَلْسَبِيلُها
سَيشْرُفُ فِي دارِ الْحِسابِ مَقامُها / وَيَبْرُدُ فِي ظلِّ الْجِنانِ مَقِيلُها
نَلُوذُ بِأَسْبابِ الْعَزاءِ وَإِنَّهُ / لَيَقْبُحُ فِي حُكْمِ الْوَفاءِ جَمِيلُها
وَهَلْ يَنْفَعُ الْمَرْزِيَّ أَنْ طالَ عَتْبُهُ / عَلَى الدَّهْرِ وَالأَيّامُ صَعْبٌ ذَلُولُها
فَلا يَثْلِمَنَّ الْحُزْنُ قَلْبَكَ بَعْدَها / فَقِدْماً أَبادَ الْمُرْهَفاتِ فُلُولُها
وَماذا الَّذِي يَأْتِي بِهِ لَكَ قائلٌ / وَأَنْتَ قَؤُولُ الْمَكْرُماتِ فَعُولُها
إِذا ابْنُ عَلِيٍّ رامَ يَوْماً بَحِزْمِهِ / لِقاءَ خُطُوبِ الدَّهْرِ دَقَّ جَلِيلُها
وَما زِلْتَ مَمْلُوءًا مِنَ الْهِمَمِ الَّتي / تُقَصِّرُ أَيّامَ الرَّدى وَتُطِيلُها
يَنالُ مَدى الْمَجْدِ الْبَعِيدِ رَذِيُّها / وَيَقْطَعُ فِي حَدِّ الزَّمانِ كَلِيلُها
فَقَدْتَ فَلَمْ تَفْقَدْ عَزاكَ وَإِنَّما / يُضَيِّعُ مَأْثُورَ الأُمُورِ جَهُولُها
عَلَى أَنَّ مَنْ فارَقْتَ بِالأَمْسِ لا تَفِي / بِحَقٍّ لَهُ أغْزارُ دَمْعٍ تُسِيلُها
وَما عُذْرُها أَنْ لا يَشُقَّ مُصابُها / عَلَى الدِّينِ وَالدُّنْيا وَأَنْتَ سَلِيلُها
لَعَمْرِي لَئِنْ شَرَّفْتَنِي بِصَنِيعَةٍ
لَعَمْرِي لَئِنْ شَرَّفْتَنِي بِصَنِيعَةٍ / وَحَلِّيْتَ مِنِّي بِالنَّدى راحَةً عُطْلاً
فَلَمْ يَأْتِ عِنْدِي غَيْرُ ما أَنْتَ أَهْلُهُ / وَلا عَجَبٌ لِلْغَيْثِ أَنْ رَوَّضَ الْمَحْلا
سِوى باكِيكَ مَنْ ينْهى الْعَذُولُ
سِوى باكِيكَ مَنْ ينْهى الْعَذُولُ / وَغَيْرُ نَواكَ يَحْمِلُها الْحَمُولُ
أَيُنْكَرُ يا مُحَمَّدُ لِي نَحِيبُ / وَقَدْ غالَتْكَ لِلأَيَّامِ غُولُ
أذا الوَجْهِ الْجَمِيلِ وَقَدْ تَوَلَّى / قَبِيحٌ بَعْدَكَ الصَّبْرُ الْجَمِيلُ
رَحَلْتَ مُفارِقاً فَمَتى التَّلاقِي / وَبِنْتَ مُوَدِّعاً فَمَتى الْقُفُولُ
وَكنْتَ يَقِينَ مَنْ يَرْجُوكَ يَوْماً / فَأَنْتَ الْيَوْمَ ظَنٌّ مُسْتَحِيلُ
نَضَتْ بِكَ ثَوْبَ بَهْجَتِها اللَّيالِي / وَغالَ بَهاءَهُ الدَّهْرُ الْجَهُولُ
وَلَوْ تَدْرِي الْحَوادِثُ ما جَنَتْهُ / بَكَتْكَ غَداةُ دَهْرِكَ والأَصِيلُ
أَيا قَمَرَ الْعُلى بِمَنِ التَّسَلِّي / إِذا لَمْ تَسْتَنِرْ وَمَنِ الْبَدِيلُ
مَتى حالَتْ مَحاسِنَكَ اللَّواتِي / لَها في القَلْبِ عَهْدٌ لا يَحُولُ
مَتى صالَ الْحِمامُ عَلى ابْنِ بَأْسٍ / بِهِ فِي كُلِّ مَلْحَمَةٍ يَصُولُ
مَتى وَصَلَ الزَّمانُ إِلى مَحَلٍّ / إِلى دَفْعِ الزَّمانِ بِهِ الْوُصُولُ
سَأُعْوِلُ بِالْبُكاءِ وَأَيُّ خَطْبٍ / يَقُومُ بِهِ بُكاءٌ أَوْ عَوِيلُ
فإِمّا خانَنِي جَلَدٌ عَزيزٌ / فَعِنْدِي لِلأَسى دَمْعٌ ذَلِيلُ
وَما أُنْصِفْتَ إِنْ وَجِلَتْ قُلُوبٌ / مِنَ الإِشْفاقِ أَوْ ذَهِلَتْ عُقُولُ
وَهَلْ قَدْرُ الرَّزِيَّةِ فَرْطُ حُزْنٍ / فَيُرْضِيَ فِيكَ دَمْعٌ أَوْ غَلِيلُ
لَقَدْ أَخَذَ الأَسى مِنْ كلِّ قَلْبٍ / كَما أَخَذَتْ مِنَ السَّيْفِ الفُلُولُ
وَما كَبِدٌ تَذُوبُ عَلَيْكَ وَجْداً / بِشافِيَةٍ ولا نَفْسٌ تسِيلُ
فَيا قَبْراً حَوى الشَّرَفَ الْمُعَلَّى / وَضُمِّنَ لَحْدَهُ الْمَجْدُ الأَثِيلُ
أُحِلَّ ثَراكَ مِنْ كَرَمٍ غَمامٌ / وأُودِعَ فِيكَ مِنْ بَأْسٍ قَبِيلُ
حُسامٌ أَغْمَدَتْهُ بِكَ اللَّيالِي / سَيَنْحَلُّ فِيكَ مَضْرَبُهُ النَّحِيلُ
وَكانَ السَّيْفُ يُخْلِقُ كُلَّ جَفْنٍ / فَأَخْلَقَ عِنْدَكَ السَّيْفُ الصَّقِيلُ
تَخَرّمَهُ الحِمامُ وَكُلُّ حَيٍّ / عَلَى حُكْمِ الْحِمامِ لَهُ نُزُولُ
فَيا لِله أَيُّ جَلِيلِ خَطبٍ / دَقِيقٌ عِنْدَهُ الْخَطْبُ الْجَلِيلُ
أَما هَوْلٌ بِأَنْ يُحْثى وَيُلْقى / عَلَى ذاكَ الْجَمالِ ثَرىً مَهِيلُ
أَما انْدَقَّتْ رِماحُ الْخَطِّ حُزْناً / عَلَيْكَ أَما تَقَطَّعَتِ النُّصُولُ
أَما وَسَمَ الْجِيادَ أَسىً فَتُحْمى / بِهِ غُرَرُ السَّوابِقِ وَالْحُجُولُ
أَما ساءَ الْبُدُورَ وَأَنْتَ مِنها / طُلُوعٌ مِنْكَ أَعْقَبَهُ الأُفُولُ
أَما أَبْكى الْغُصُونَ الْخُضْرَ غُصْنٌ / نَضِيرُ الْعُودِ عاجَلُه الذُّبُولُ
أما رَقَّ الزَّمانُ عَلى عَلِيلٍ / يَصِحُّ بِبُرْئِهِ الأَمَلُ الْعَلِيلُ
تَقَطَّعَ بَيْنَ حَبْلِكَ وَاللَّيالِي / كَذاكَ الدَّهْرُ لَيْسَ لَهُ خَلِيلُ
وَأَسْرَعْتَ التَّرَحُّلَ عَنْ دِيارٍ / سَواءٌ هُنَّ بَعْدَكَ وَالطُّلُولُ
وَمِثْلُكَ لا تَجُودُ بِهِ اللَّيالِي / وَلكِنْ رُبَّما سَمَحَ الْبَخِيلُ
أَنِفْتَ مِنَ الْمُقامِ بِشَرِّ دارٍ / تَرى أَنَّ الْمُقامَ بِها رَحِيلُ
وما خَيْرُ السَّلامَةِ فِي حَياةٍ / إِذا كانَتْ إِلى عَطَبٍ تَؤُولُ
هِيَ الأَيّامُ مُعْطِيها أَخُوذٌ / لِما يُعْطِي وَمُطْعِمُها أَكُولُ
تَمُرُّ بِنا وَقائِعُ كُلِّ يَوْمٍ / يُسَمّى مَيِّتاً فِيها الْقَتِيلُ
سَقاكَ وَمَنْ سَقى قَبْلِي سَحاباً / تُرَوَّضُ قَبْلَ مَوْقِعِهِ الْمَحُولُ
غَمامٌ يُلْبِسُ الأهْضامَ وَشْياً / تَتِيهُ بِهِ الْحُزُونَةُ وَالسُّهولُ
كَأَنَّ نَسِيمَ عَرْفِكَ فِيهِ يُهْدى / إِذا خَطَرَتْ بِهِ الرِّيحُ الْقَبُولُ
كَجُودِكَ أو كَجُودِ أَبِيكَ هامٍ / عَميمُ الْوَدْقِ مُنْبَجِسٌ هَطُولُ
وَلَوْلا سُنَّةٌ لِلْبِرِّ عِنْدِي / لَقُلْتُ سَقَتْكَ صافِيَةٌ شَمُولُ
أَعَضْبَ الدَّوْلَةِ الْمَأْمُولَ صَبْراً / وَكَيْفَ وَهَلْ إِلى صَبْرٍ سَبيلُ
وَما فارَقْتَ مَنْ يُسْلى وَلكِنْ / سِوى الآسادِ تُحْزِنُها الشُّبُولُ
وَما فَقْدُ الْفُرُوعِ كَبيرُ رُزْءٍ / إِذا سَلِمَتْ عَلى الدَّهْرِ الأُصُولُ
وَما عَزَّاكَ مِثْلُكَ عَنْ مُصابٍ / إِذا ما راضَكَ اللُّبُّ الأَصِيلُ
سَدادُكَ مُقْنِعٌ وَحِجاكَ مُغْنٍ / وَدُونَكَ ما أَقُولُ فَما أَقُولُ
فَلا قَصُرَتْ عَوالِيكَ الأَعالِي / وَلا زالَ الزَّمانُ بها يَطُولُ
لَقَدْ غالَ نَبْلُكَ يا نابِلُ
لَقَدْ غالَ نَبْلُكَ يا نابِلُ / وَقَصَّرَ عَنْ فِعْلِكَ الْقائِلُ
أَسَهْمُكَ حِينَ يُصِيبُ الْقَضا / ءُ أَمْ يَدُكَ الْقَدَرُ النّازِلُ
يَدٌ لِلنَّدى وَالرَّدى صَوْبُها / فَعَزْمُكَ مُحْيٍ بِها قاتِلُ
فَلَيْسَ يَطِيشُ لَها مُْسَلٌ / كَما لا يَخِيبُ لَها آمِلُ
مَهْلاً بَنِي الصّوفِيِّ إِنَّكُمُ
مَهْلاً بَنِي الصّوفِيِّ إِنَّكُمُ / لَيُعَدُّ دُونَ حصاتِكُمْ جَبَلِي
لَوْ تُنْصِفُونَ صَفاءَ نِعْمَتِكُمْ / ما احْتاجَ بَحْرُكُمْ إِلى وَشَلِي
لا يَشْهَرَنَّ عَلَيَّ سَيْفُكُمُ / سَيْفاً بِهِ فِي الْحَقِّ لَمْ يَصُلِ
إِنَّ الْكَرِيمَ الْمَحْضَ سُؤْدَدُهُ / مَنْ لَمْ تَضِقْ بِوَفائِهِ حِيَلِي
وَالْماجِدَ الْمَرْجُوَّ نائِلُهُ / مَنْ لَمْ يَخِبْ فِي وُدِّهِ أَمَلِي
بِئْسَ الْجَزاءُ جَزَيْتُمُ رَجُلاً / لَمْ يَخْفَ مَوْضِعُهُ عَلَى رَجُلِ
دَبَّتْ عَقارِبُكُمْ إِلَيَّ وَقَدْ / تَهْوِي إِلى أَقْدامِكُمْ قُبَلِي
لاحَ الْهِلالُ فَما يَكادُ يُرى
لاحَ الْهِلالُ فَما يَكادُ يُرى / سُقْماً كَصَبٍّ شَفهُ الْخَبْلُ
كَالْفِتْرِ أَوْ كَالْحَجْلِ قَدْ فَتَحَتْ / مِنْهُ الْكَعابُ لِتَدْخُلَ الرِّجْلُ
وَالزُّهْرَةُ الزَّهْراءُ تَقْدُمُهُ / فِي الْجَوِّ وَهْوَ وَراءَها يَتْلُو
كَالْقَوْسِ فُوِّقَ سَهْمُها فَبَدا / مُتَأَلِّقاً فِي رَأْسِهِ النَّصْلُ
أَدْنى اشْتِياقِي أَنْ أَبِيتَ عَلِيلاً
أَدْنى اشْتِياقِي أَنْ أَبِيتَ عَلِيلاً / وَأَقَلُّ وَجْدِي أَنْ أَذُوبَ نُحُولا
كَمْ أَكْتُمُ الشُّوْقَ الْمُبَرِّحَ وَالْهَوى / وَكَفى بِدَمْعِي وَالسَّقامِ دَلِيلا
فَالْيَوْمَ قَدْ أَمْضى الصُّدُودُ تَلَدُّدِي / وَأَعادَ حَدَّ تَجَلُّدِي مَفْلُولا
أَشْكُو فَيَنْصَدِعُ الصَّفا لِيَ رِقَّةً / لَوْ كانَ يَرْحَمُ قاتِلٌ مَقْتُولا
وَأَذِلُّ مِنْ كَمَدٍ وَفَرْطِ صَبابَةٍ / وَالْحُبُّ ما تَرَكَ الْعَزِيزَ ذَلِيلا
يا لَيْتَنِي إِذْ خانَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ / يَوْماً وَجَدْتُ إِلى السُّلُوِّ سَبِيلا
ما لِي شُغِلْتُ بِحُبِّ مَنْ لا يَنْثَنِي / كَلِفاً بِغَيْرِ مُحِبَّهِ مَشْغُولا
ما لِي أَرى بَرْدَ الشَّرابِ مُعَرَّضاً / فأُذادُ عَنْهُ وَما شَفَيْتُ غَلِيلا
مَنْ مُسْعِدِي مَنْ عاذِرِي مَنْ راحِمِي / مَنْ ذا يُعِينُ مُتَيَّماً مَخْبُولا
يا عاذِلِي أَرَأَيْتَ مَغْلُوبَ الْحَشا / يَعْصِي الصَّبابَةَ أَوْ يُطِيعُ عَذُولا
لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ ما لَقِيتُ مِنَ الْهَوى / لَوَجَدْتَنِي لِلنّائِباتِ حَمُولا
ما لِي عَلَى صَرفِ الْحَوادِثِ مُسْعِدٌ / إِلاّ رَجاءُ سَماحِ إِسْماعِيلا
الْماجِدُ الْغَمْرُ الأَبِيُّ الأَوْحَدَ الْ / بَرُّ الْوَفِيُّ الْباذِلُ الْمَأْمُولا
مَنْ لا يَرى أَنَّ الْجَوادَ بِمالِهِ / مَنْ لا يَكُونُ عَلَى الْعَلاءِ بَخِيلا
الْجاعِلُ الْفِعْلَ الْجَمِيلَ ذَرِيعَةً / إِبَداً إِلى حَمْدِ الْوَرى وَوَسِيلا
مَنْ لا يَعُدُّ الْبَحْرَ نَهْلَةَ شابِبٍ / يَوْماً وَلا الْخَطْبَ الْجَلِيلَ جَلِيلا
قَدْ نالَ مِنْ شَرَفِ الْفِعالِ ذَخِيرَةً / تَبْقى إِذا كادَ الزَّمانُ يَزُولا
وَاسْتَخْلَصَ الْحَمْدَ الْجَزِيلَ لِنَفْسِهِ / فَحَواهُ وَاتَّخَذَ السَّماحَ خَلِيلا
ما إِنْ تَراهُ الدَّهْرَ إِلا قائِلاً / لِلْمَكْرُماتِ الْباهِراتِ فَعُولا
إِنْ سِيلَ عِنْدَ الْجُودِ كانَ غَمامَةً / أَوْ عُدَّ يَوْمَ الْبَأْسِ كانَ قَبِيلا
هِمَماً تَطُولُ بِحَزْمِهِ وَعَزائِما / بُتْكاً كَما اخْتَرَطَ الْكُماةُ نُصُولا
وَمَناقِباً لا يَأْتَلِينَ طَوالِعاً / أَبَداً إِذا هَوَتِ النّجُومُ أُفُولا
وَإِلى وَجِيهِ الدَّوْلَةِ ابْنِ رَشِيدِها / حَمْداً كَنائِلِهِ الْجَزِيلِ جَزِيلا
مِنْ مَعْشَرٍ كانُوا لأُماتِ الْعُلى / أَبَداً فُحُولاً أَنْجَبَتْ وَبُعُولا
الْباهِرِينَ فَضائِلاً وَالْغامِرِي / نَ نَوافِلاً وَالطَّيِّبِينَ أُصُولا
يَابْنَ الْمُحَسِّنِ طالَ ما أَحْسَنْتِ بِي / كَرَماً يَبِيتُ مِنَ الزَّمانِ مُدِيلا
إِنْ كانَ يَقْصُرُ عَنْكَ ثَوْبُ مَدائِحِي / فَلَقَدْ يَكُنُ عَلَى سِواكَ طَوِيلا
مَنْ ذا يَقُومُ بِشُكْرِ ما أَوْلَيْتَهُ / حَمَّلْتَنِي مَنّاً عَلَيَّ ثَقِيلا
فَلأَشْكُرَنَّكَ ما تَغَنّى تائِقٌ / طَرِبٌ وَما دَعَتِ الْحَمامُ هَدِيلا
ولأَمْنَحَنَّكَ مِنْ ثَنائِي مِقْوَلاً / ما كانَ قَبْلَكَ فِي الزَّمانِ مَقُولا
لا تَسْقِنِي إِلاّ بِكَفِّكَ إِنَّما / خَيْرُ السَّحائِبِ ما يَبِيتُ هَمُولا
قَدْ آمَنَتْكَ الْمَكْرُماتُ الْغُرُّ أَنْ / أُمْسِي لِغَيْرِكَ عافِياً وَنَزِيلا
حاشا لِنائِلِكَ الَّذِي عَوَّدْتَنِي / مِنْ أَنْ أَرى لَكَ مُشْبِهاً وَمَثِيلا
هَبْ لِي نَصِيباً مِنْ شَمائِلِكَ الَّتِي / لَوْ كُنَّ مَشْرُوباً لَكُنَّ شَمُولا
وَاسْلَمْ عَلَى الأَيّامِ تَكبِتُ حاسِداً / وَتُذِلُّ أَعْداءً وَتَبْلُغُ سُولا
ما عَلَى فَضْلِكَ ذا مِنْ مُفْضِلِ
ما عَلَى فَضْلِكَ ذا مِنْ مُفْضِلِ / يا أَبا اليُمْنِ سَعِيدَ بْنَ عَلِي
مَنْ يَكُنِ مِثْلَكَ فِي الْجُودِ يَكُنْ / غايَةَ الضّارِبِ عِنْدَ الْمَثَلِ
أَنْتَ بَدْرُ التِّمِّ فِي السَّعْدِ إِذا / ذُكِرَ السَّعْدُ وَشَمْسُ الْحَمَلِ
مِثْلَ ما كُنِّيتَ أَوْ سُمِّيتَ لا / زِلْتَ محْرُوسَ الْعُلى والأَجَلِ
فابْقَ وَاسْلَمْ واسْمُ وَاسْعَدْ أَبَداً / واعْلُ وافْخَرْ واعْدُ وَاقهَر وَطُلِ
ما هَمى غَيْثٌ حَكى بِرَّكَ بِي / وَصَفا عَيْشُ حَكى وُدِّكَ لِي
كَمْ تَوالَتْ يا سَعِيدُ بْنَ عَلِي
كَمْ تَوالَتْ يا سَعِيدُ بْنَ عَلِي / لَكَ عِنْدِي مِنْ أَيادٍ هُطُلِ
بادِئاتٍ عائِداتٍ أَبَداً / لا تَرى الْوَسْميَّ إِلاّ بِالْوَلِي
كُلَّما وافَتْ يَدٌ بَعْدَ يَدٍ / هَوَّنَ الآخِرُ قَدْرَ الأَوَّلِ
كَرَمٌ يَضْعُفُ شُكْرِي عِنْدَهُ / وَنَدىً يَقْصُرُ عَنْهُ أَمَلِي
وَسَجايا لَوْ عَدَتْ أَخْلاقَهُ / لَمْ تَجِدْها فِي الْغَمامِ الْمُسْبِلِ
شامِلُ الْفَضْلِ غَرِيبُ الْحِلْمِ لا / يَنْظُرُ الْعَلْياءِ إِلاّ مِنْ عَلِ