القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَحمود سامِي البارُودِي الكل
المجموع : 35
قَلَّدْتُ جِيدَ الْمَعَالِي حِلْيَةَ الْغَزَلِ
قَلَّدْتُ جِيدَ الْمَعَالِي حِلْيَةَ الْغَزَلِ / وَقُلْتُ فِي الْجِدِّ مَا أَغْنَى عَنِ الْهَزَلِ
يَأْبَى لِيَ الْغَيَّ قَلْبٌ لا يَمِيلُ بِهِ / عَنْ شَرْعَةِ الْمَجْدِ سِحْرُ الأَعْيُنِ النُجُلِ
أَهِيمُ بِالْبِيضِ فِي الأَغْمَادِ بَاسِمَةً / عَنْ غُرَّةِ النَّصْرِ لا بِالْبِيضِ فِي الْكِلَلِ
لَمْ تُلْهِنِي عَنْ طِلابِ الْمَجْدِ غَانِيَةٌ / فِي لَذَّةِ الصَّحْوِ مَا يُغْنِي عَنِ الثَّمَلِ
كَمْ بَيْنَ مُنْتَدِبٍ يَدْعُو لِمَكْرُمَةٍ / وَبَيْنَ مُعْتَكِفٍ يَبْكِي عَلَى طَلَلِ
لَوَلا التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْخَلْقِ مَا ظَهَرَتْ / مَزِيَّةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَلْيِ وَالْعَطَلِ
فَانْهَضْ إِلَى صَهَوَاتِ الْمَجْدِ مُعْتَلِياً / فَالْبَازُ لَمْ يَأْوِ إِلَّا عَالِيَ الْقُلَلِ
وَدَعْ مِنَ الأَمْرِ أَدْنَاهُ لأَبْعَدِهِ / فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ مَا يُغْنِي عَنِ الْوَشَلِ
قَدْ يَظْفَرُ الْفَاتِكُ الأَلْوَى بِحَاجَتِهِ / وَيَقْعُدُ الْعَجْزُ بِالْهَيَّابَةِ الْوَكَلِ
وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ تَسْلَمْ فَرُبَّ فَتىً / أَلْقَى بِهِ الأَمْنُ بَيْنَ الْيَأْسِ وَالْوَجَلِ
وَلا يَغُرَّنْكَ بِشْرٌ مِنْ أَخِي مَلَقٍ / فَرَوْنَقُ الآلِ لا يَشْفِي مِنَ الْغَلَلِ
لَوْ يَعْلَمُ الْمَرْءُ مَا فِي النَّاسِ مِنْ دَخَنٍ / لَبَاتَ مِنْ وُدِّ ذِي الْقُرْبَى عَلَى دَخَلِ
فَلا تَثِقْ بِوَدَادٍ قَبْلَ مَعْرِفَةٍ / فَالْكُحْلُ أَشْبَهُ فِي الْعَيْنَيْنِ بِالْكَحَلِ
وَاخْشَ النَّمِيمَةَ وَاعْلَمْ أَنَّ قَائِلَهَا / يُصْلِيكَ مِنْ حَرِّهَا نَاراً بِلا شُعَلِ
كَمْ فِرْيَةٍ صَدَعَتْ أَرْكَانَ مَمْلَكَةٍ / وَمَزَّقَتْ شَمْلَ وُدٍّ غَيْرِ مُنْفَصِلِ
فَاقْبَلْ وَصَاتِي وَلا تَصْرِفْكَ لاغِيَةٌ / عَنِّي فَمَا كُلُّ رَامٍ مِنْ بَنِي ثُعَلِ
إِنِّي امْرُؤٌ كَفَّنِي حِلْمِي وَأَدَّبَنِي / كَرُّ الْجَدِيدَيْنِ مِنْ مَاضٍ وَمُقْتَبَلِ
فَمَا سَرَيْتُ قِنَاعَ الْحِلْمِ عَنْ سَفَهٍ / وَلا مَسَحْتُ جَبِينَ الْعِزِّ مِنْ خَجَلِ
حَلَبْتُ أَشْطُرَ هَذَا الدَّهْرِ تَجْرِبَةً / وَذُقْتُ مَا فِيهِ مِنْ صَابٍ وَمِنْ عَسَلِ
فَمَا وَجَدْتُ عَلَى الأَيَّامِ بَاقِيَةً / أَشْهَى إِلَى النَّفْسِ مِنْ حُرِّيَّةِ الْعَمَلِ
لَكِنَّنَا غَرَضٌ لِلشَّرِّ فِي زَمَنٍ / أَهْلُ الْعُقُولِ بِهِ فِي طَاعَةِ الْخَمَلِ
قَامَتْ بِهِ مِنْ رِجَالِ السُّوءِ طَائِفَةٌ / أَدْهَى عَلَى الْنَّفْسِ مِنْ بِؤْسٍ عَلَى ثَكَلِ
مِنْ كُلِّ وَغْدٍ يَكَادُ الدَّسْتُ يَدْفَعُهُ / بُغْضاً وَيَلْفِظُهُ الدِّيوانُ مِنْ مَلَلِ
ذَلَّتْ بِهِمْ مِصْرُ بَعْدَ الْعِزِّ وَاضْطَرَبَتْ / قَوَاعِدُ الْمُلْكِ حَتَّى ظَلَّ فِي خَلَلِ
وَأَصْبَحَتْ دَوْلَةُ الْفُسْطَاطِ خَاضِعَةً / بَعْدَ الإِبَاءِ وَكَانَتْ زَهْرَةَ الدُّوَلِ
قَوْمٌ إِذَا أَبْصَرُونِي مُقْبِلاً وَجَمُوا / غَيْظاً وَأَكْبَادُهُمْ تَنْقَدُّ مِنْ دَغَلِ
فَإِنْ يَكُنْ سَاءَهُمْ فَضْلِي فَلا عَجَبٌ / فَالشَّمْسُ وَهيَ ضِيَاءٌ آفَةُ الْمُقَلِ
نَزَّهْتُ نَفْسِيَ عَمَّا يَدْنَسُونَ بِهِ / وَنَخْلَةُ الرَّوْضِ تَأْبَى شِيمَةَ الْجُعَلِ
بِئْسَ الْعَشِيرُ وَبِئْسَتْ مِصْرُ مِنْ بَلَدٍ / أَضْحَتْ مُنَاخاً لأَهْلِ الزُّورِ وَالْخَطَلِ
أَرْضٌ تَأَثَّلَ فِيهَا الظُّلْمُ وَانْقَذَفَتْ / صَوَاعِقُ الْغَدْرِ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْجَبَلِ
وَأَصْبَحَ النَّاسُ فِي عَمْيَاءَ مُظْلِمَةٍ / لَمْ يَخْطُ فِيهَا امْرُؤٌ إِلَّا عَلَى زَلَلِ
لَمْ أَدْرِ مَا حَلَّ بِالأَبْطَالِ مِنْ خَوَرٍ / بَعْدَ الْمِرَاسِ وَبِالأَسْيَافِ مِنْ فَلَلِ
أَصَوَّحَتْ شَجَرَاتُ الْمَجْدِ أَمْ نَضَبَتْ / غُدْرُ الْحَمِيَّةِ حَتَّى لَيْسَ مِنْ رَجُلِ
لا يَدْفَعُونَ يَداً عَنْهُمْ وَلَوْ بَلَغَتْ / مَسَّ الْعَفَافَةِ مِنْ جُبْنٍ وَمِنْ خَزَلِ
خَافُوا الْمَنِيَّةَ فَاحْتَالُوا وَمَا عَلِمُوا / أَنَّ الْمَنِيَّةَ لا تَرْتَدُّ بِالْحِيَلِ
فَفِيمَ يَتَّهِمُ الإِنْسَانُ خَالِقَهُ / وَكُلُّ نَفْسٍ لَهَا قَيْدٌ مِنَ الأَجَلِ
هَيْهَاتَ يَلْقَى الْفَتَى أَمْناً يَلَذُّ بِهِ / مَا لَمْ يَخُضْ نَحْوَهُ بَحْراً مِنَ الْوَهَلِ
فَمَا لَكُمْ لا تَعَافُ الضَّيْمَ أَنْفُسُكُمْ / وَلا تَزُولُ غَوَاشِيكُمُ مِنَ الْكَسَلِ
وَتِلْكَ مِصْرُ الَّتِي أَفْنَى الْجِلادُ بِهَا / لَفِيفَ أَسْلافِكُمْ فِي الأَعْصُرِ الأُوَلِ
قَوْمٌ أَقَرُّوا عِمَادَ الْحَقِّ وَامْتَلَكُوا / أَزِمَّةَ الْخَلْقِ مِنْ حَافٍ وَمُنْتَعِلِ
جَنَوْا ثِمَارَ الْعُلا بِالْبِيضِ وَاقْتَطَفُوا / مِنْ بَيْنِ شَوْكِ الْعَوَالِي زَهْرَةَ الأَمَلِ
فَأَصْبَحَتْ مِصْرُ تَزْهُو بَعْدَ كُدْرَتِهَا / فِي يَانِعٍ مِنْ أَسَاكِيبِ النَّدَى خَضِلِ
لَمْ تَنْبُتِ الأَرْضُ إِلَّا بَعْدَمَا اخْتَمَرَتْ / أَقْطَارُهَا بِدَمِ الأَعْنَاقِ وَالْقُلَلِ
شَنُّوا بِهَا غَارَةً أَلْقَتْ بِرَوْعَتِهَا / أَمْناً يُؤَلِّفُ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْحَمَلِ
حَتَّى إِذَا أَصْبَحَتْ فِي مَعْقِلٍ أَشِبٍ / يَرُدُّ عَنْهَا يَدَ الْعَادِي مِنَ الْمِلَلِ
أَخْنَى الزَّمَانُ عَلَى فُرْسَانِها فَغَدَتْ / مِنْ بَعْدِ مَنْعَتِهَا مَطْرُوقَةَ السُّبُلِ
فَأَيَّ عَارٍ جَلَبْتُمْ بِالْخُمُولِ عَلَى / مَا شَادَهُ السَّيْفُ مِنْ فَخْرٍ عَلَى زُحَلِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ بِهِ / فَإِنَّمَا هُوَ مَعْدُودٌ مِنَ الْهَمَلِ
فَبَادِرُوا الأَمْرَ قَبْلَ الْفَوْتِ وَانْتَزِعُوا / شِكَالَةَ الرَّيْثِ فَالدُّنْيَا مَعَ الْعَجَلِ
وَقَلِّدُوا أَمْرَكُمْ شَهْماً أَخَا ثِقَةٍ / يَكُونُ رِدْءاً لَكُمْ فِي الْحَادِثِ الْجَلَلِ
مَاضِي الْبَصِيرَةِ غَلَّابٌ إِذَا اشْتَبَهَتْ / مَسَالِكُ الرَّأْيِ صَادَ الْبَازَ بِالْحَجَلِ
إِنْ قَالَ بَرَّ وَإِنْ نَادَاهُ مُنْتَصِرٌ / لَبَّى وَإِنْ هَمَّ لَمْ يَرْجِعْ بِلا نَفَلِ
يَجْلُو الْبَدِيهَةَ بِاللَّفْظِ الْوَجِيزِ إِذَا / عَزَّ الْخِطَابُ وَطَاشَتْ أَسْهُمُ الْجَدَلِ
وَلا تَلجُّوا إِذَا مَا الرَّأْيُ لاحَ لَكُمْ / إِنَّ اللَّجَاجَةَ مَدْعَاةٌ إِلَى الْفَشَلِ
قَدْ يُدْرِكُ الْمَرْءُ بِالتَّدْبِيرِ مَا عَجَزَتْ / عَنْهُ الْكُمَاةُ وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَى بَطَلِ
هَيْهَاتَ مَا النَّصْرُ فِي حَدِّ الأَسِنَّةِ بَلْ / بِقُوَّةِ الرَّأْيِ تَمْضِي شَوْكَةُ الأَسَلِ
وَطَالِبُوا بِحُقُوقٍ أَصْبَحَتْ غَرَضاً / لِكُلِّ مُنْتَزِعٍ سَهْماً وَمُخْتَتِلِ
وَلا تَخَافُوا نَكَالاً فِيهِ مَنْشَؤُكُمْ / فَالْحُوتُ فِي الْيَمِّ لا يَخْشَى مِنَ الْبَلَلِ
عَيْشُ الْفَتَى فِي فَنَاءِ الذُّلِّ مَنْقَصَةٌ / وَالْمَوْتُ فِي الْعِزِّ فَخْرُ السَّادَةِ النَّبَلِ
لا تَتْرُكُوا الْجِدَّ أَوْ يَبْدُو الْيَقِينُ لَكُمْ / فَالْجِدُّ مِفْتَاحُ بَابِ الْمَطْلَبِ الْعَضِلِ
طَوْراً عِرَاكاً وَأَحْيَاناً مُيَاسَرَةً / رِيَاضَةُ الْمُهْرِ بَيْنَ الْعُنْفِ وَالْمَهَلِ
حَتَّى تَعُودَ سَمَاءُ الأَمْنِ ضَاحِيَةً / وَيَرْفُلَ الْعَدْلُ فِي ضَافٍ مِنَ الْحُلَلِ
هَذِي نَصِيحَةُ مَنْ لا يَبْتَغِي بَدَلاً / بِكُمْ وَهَلْ بَعْدَ قَوْمِ الْمَرْءِ مِنْ بَدَلِ
أَسْهَرْتُ جَفْنِي لَكُمْ فِي نَظْمِ قَافِيَةٍ / مَا إِنْ لَهَا فِي قَدِيمِ الشِّعْرِ مِنْ مَثَلِ
كَالْبَرْقِ فِي عَجَلٍ وَالرَّعْدِ فِي زَجَلٍ / وَالْغَيْثِ فِي هَلَلٍ وَالسَّيْلِ فِي هَمَلِ
غَرَّاءُ تَعْلَقُهَا الأَسْمَاع مِنْ طَرَبٍ / وَتَسْتَطِيرُ بِهَا الأَلْبَابُ مِنْ جَذَلِ
حَوْلِيَّةٌ صَاغَهَا فِكْرٌ أَقَرَّ لَهُ / بِالْمُعْجِزَاتِ قَبِيلُ الإِنْسِ وَالْخَبَلِ
تَلُوحُ أَبْيَاتُهَا شَطْرَيْنِ فِي نَسَقٍ / كَالْمَشْرَفِيَّةِ قَدْ سُلَّتْ مِنَ الْخِلَلِ
إِنْ أَخْلَقَتْ جِدَّةُ الأَشْعَارِ أَثَّلَهَا / لَفْظٌ أَصِيلٌ وَمَعْنىً غَيْرُ مُنْتَحَلِ
تَفْنَى النُّفُوسُ وَتَبْقَى وَهْيَ نَاضِرَةٌ / عَلَى الدُّهُورِ بَقَاءَ السَّبْعَةِ الطُوَلِ
طَرِبْتُ وَلَوْلا الْحِلْمُ أَدْرَكَنِي الْجَهْلُ
طَرِبْتُ وَلَوْلا الْحِلْمُ أَدْرَكَنِي الْجَهْلُ / وَعَاوَدَنِي مَا كَانَ مِنْ شِرّتِي قَبْلُ
فَرُحْتُ كَأَنِّي خَامَرَتْنِي سَبِيئَةٌ / مِنَ الرَّاحِ مَنْ يَعْلَقْ بِهَا الدَّهْرَ لا يَسْلُو
سَلِيلَةُ كَرْمٍ شَابَ فِي الْمَهْدِ رَأْسُهَا / وَدَبَّ لَهَا نَسْلٌ وَمَا مَسَّهَا بَعْلُ
إِذَا وَلَجَتْ بَيْتَ الضَّمِيرِ رَأَيْتَهَا / وَرَاءَ بَنَاتِ الصَّدْرِ تَسْفُلُ أَوْ تَعْلُو
كَأَنَّ لَهَا ضِغْناً عَلَى الْعَقَلِ كَامِناً / فَإِنْ هِيَ حَلَّتْ مَنْزِلاً رَحَلَ الْعَقْلُ
تُعَبِّرُ عَنْ سِرِّ الضَّمِيرِ بِأَلْسُنٍ / مِنَ السُّكْرِ مَقْرُونٍ بِصِحَّتِهَا النَّقْلُ
مُحَبَّبَةٌ لِلْنَّفْسِ وَهْيَ بَلاؤُها / كَمَا حُبِّبَتْ فِي فَتْكِهَا الأَعْيُنُ النُّجْلُ
يَكَادُ يَذُودُ اللَّيْثَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ / إِذَا مَا تَحَسَّى كَأْسَهَا الْعَاجِزُ الْوَغْلُ
تَرَى لِخَوَابِيهَا أَزِيزاً كَأَنَّهَا / خَلايَا تَغَنَّتْ فِي جَوَانِبِهَا النَّحْلُ
سَوَاكِنُ آطَامٍ زَفَتْهَا مَعَ الضُّحَى / يَدَا عَاسِلٍ يَشْتَارُ أَوْ خَابِطٍ يَفْلُو
دَنَا ثُمَّ أَلْقَى النَّارَ بَيْنَ بُيُوتِهَا / فَطَارَتْ شَعَاعاً لا يَقِرُّ لَهَا رَحْلُ
مُرَوَّعَةٌ هِيجَتْ فَضَلَّتْ سَبِيلَهَا / فَسَارَتْ عَلَى الدُّنْيَا كَمَا انْتَشَرَ الرِّجْلُ
فَبِتُّ أُدَارِي الْقَلْبَ بَعْضَ شُجُونِهِ / وَأَزْجُرُ نَفْسِي أَنْ يُلِمَّ بِهَا الْهَزْلُ
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي وَالشَّبَابُ مَطِيَّةٌ / إِلَى الْجَهْلِ أَنَّ الْعِشْقَ يَعْقُبُهُ الْخَبْلُ
رَمَى اللَّهُ هَاتِيكَ الْعُيُونَ بِمَا رَمَتْ / وَحَاسَبَهَا حُسْبَانَ مَنْ حُكْمُهُ الْعَدْلُ
فَقَدْ تَرَكَتْنِي سَاهِيَ الْعَقْلِ سَادِراً / إِلَى الْغَيِّ لا عَقْدٌ لَدَيَّ وَلا حَلُّ
أَسِيرُ وَمَا أَدْرِي إِلَى أَيْنَ يَنْتَهِي / بِيَ السَّيْرُ لَكِنِّي تَلَقَّفُنِي السُّبْلُ
فَلا تَسْأَلَنِّي عَنْ هَوَايَ فَإِنَّنِي / وَرَبِّكَ أَدْرِي كَيْفَ زَلَّتْ بِيَ النَّعْلُ
فَمَا هِيَ إِلَّا أَنْ نَظَرْتُ فُجَاءَةً / بِحُلْوانَ حَيْثُ انْهَارَ وَانْعَقَدَ الرَّمْلُ
إِلَى نِسْوَةٍ مِثْلِ الْجُمَانِ تَنَاسَقَتْ / فَرَائِدُهُ حُسْنَاً وَأَلَّفَهُ الشَّمْلُ
مِنَ الْمَاطِلاتِ الْمَرْءَ مَا قَدْ وَعَدْنَهُ / كِذَابَاً فَلا عَهْدٌ لَهُنَّ وَلا إِلُّ
تَكَنَّفْنَ تِمْثَالاً مِنَ الْحُسْنِ رَائِعاً / يُجَنُّ جُنُونَاً عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْعَقْلُ
فَكَانَ الَّذِي لَوْلاهُ مَا دُرْتُ هَائِمَاً / أَرُودُ الْفَيَافِي لا صَدِيقٌ وَلا خِلُّ
فَوَيْلُمِّهَا مِنْ نَظْرَةٍ مَضْرَحِيَّةٍ / رُمِيتُ بِهَا مِنْ حَيْثُ وَاجَهَنِي الأَثْلُ
رُمِيتُ بِهَا وَالْقَلْبُ خِلْوٌ مِنَ الْهَوَى / فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى اسْتَقَلَّ بِهِ شُغْلُ
لَقَدْ عَلِقَتْ مَا لَيْسَ لِلنَّفْسِ دُونَهَا / غَنَاءٌ وَلا مِنْهَا لِذِي صَبْوَةٍ وَصْلُ
فَتَاةٌ يَحَارُ الطَّرْفُ فِي قَسَمَاتِهَا / لَهَا مَنْظَرٌ مِنْ رَائِدِ الْعَيْنِ لا يَخْلُو
لَطِيفَةُ مَجْرَى الرُّوحِ لَوْ أَنَّهَا مَشَتْ / عَلَى سَارِبَاتِ الذَّرِّ مَا آدَهُ الْحِمْلُ
لَهَا نَظْرَةٌ سَكْرَى إِذَا أَرْسَلَتْ بِهَا / إِلَى كَبِدٍ فَالْوَيْلُ مِنْ ذَاكَ وَالثُكْلُ
تُريقُ دِمَاءٌ حَرَّمَ اللَّهُ سَفْكَهَا / وَتَخْرُجُ مِنْهَا لا قِصَاصٌ وَلا عَقْلُ
لَنَا كُلّ يَوْمٍ فِي هَوَاهَا مَصَارِعٌ / يَهِيجُ الرَّدَى فِيهَا وَيَلْتَهِبُ الْقَتْلُ
مَصَارِعُ شَوْقٍ لَيْسَ يَجْرِي بِهَا دَمٌ / وَمَرْمَى نُفُوسٍ لا يَطِيرُ بِهِ نَبْلُ
هَنِيئاً لَهَا نَفْسِي عَلَى أَنَّ دُونَهَا / فَوَارِسَ لا خُرْسُ الصِّفَاحِ وَلا عُزْلُ
مِنَ الْقَوْمِ ضَرَّابِي الْعَرَاقِيبِ وَالطُّلَى / إِذَا اسْتَنَّتِ الْغَارَاتُ أَوْ فَغَرَ الْمَحْلُ
إِذَا نَامَتِ الأَضْغَانُ عَنْ وَتَرَاتِهَا / فَقَوْمِيَ قَوْمٌ لا يَنَامُ لَهُمْ ذَحْلُ
رِجَالٌ أُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَنَجْدَةٍ / فَقَوْلُهُمُ قَوْلٌ وَفِعْلُهُمُ فِعْلُ
إِذَا غَضِبُوا رَدُّوا إِلَى الأُفْقِ شَمْسَهُ / وَسَالَ بِدُفَّاعِ الْقَنَا الْحَزْنُ وَالسَّهْلُ
مَسَاعِيرُ حَرْبٍ لا يَخَافُونَ ذِلَّةً / أَلا إِنَّ تَهْيَابَ الْحُرُوبِ هُوَ الذُّلُّ
إِذَا أَطْرَقُوا أَبْصَرْتَ بِالْقَوْمِ خِيفَةً / لإِطْرَاقِهِمْ أَوْ بَيَّنُوا رَكَدَ الْحَفْلُ
وَإِنْ زَلَّتِ الأَقْدَامُ فِي دَرْكِ غَايَةٍ / تَحَارُ بِهَا الأَلْبَابُ كَانَ لَهَا الْخَصْلُ
أُولَئِكَ قَوْمِي أَيَّ قَوْمٍ وَعُدَّةٍ / فَلا رَبْعُهُمْ مَحْلٌ وَلا مَاؤُهُمْ ضَحْلُ
يَفِيضُونَ بِالْمَعْرُوفِ فَيْضَاً فَلَيْسَ فِي / عَطَائِهِمْ وَعْدٌ وَلا بَعْدَهُ مَطْلُ
فَزُرْهُمْ تَجِدْ مَعْرُوفَهُم دَانِيَ الْجَنَى / عَلَيْكَ وَبَابَ الْخَيْرِ لَيْسَ لَهُ قُفْلُ
تَرَى كُلَّ مَشْبُوبِ الْحَمِيَّةِ لَمْ يَسِرْ / إِلَى فِئَةٍ إِلَّا وَطَائِرُهُ يَعْلُو
بَعِيدُ الْهَوَى لا يَغْلِبُ الظَّنُّ رَأْيَهُ / وَلا يَتَهَادَى بَيْنَ تَسْرَاعِهِ الْمَهْلُ
تَصِيحُ الْقَنَا مِمَّا يَدُقُّ صُدُورَهَا / طِعَانَاً وَيَشْكُو فِعْلَ سَاعِدِهِ النَّصْلُ
إِذَا صَالَ رَوَّى السَّيْفُ حَرَّ غَلِيلِهِ / وَإِنْ قَالَ أَوْرَى زَنْدَهُ الْمَنْطِقُ الْفَصْلُ
لَهُ بَيْنَ مَجْرَى الْقَوْلِ آيَاتُ حِكْمَةٍ / يَدُورُ عَلَى آدَابِهَا الْجِدُّ وَالْهَزْلُ
تَلُوحُ عَلَيْهِ مِنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ / مَخَايِلُ سَاوَى بَيْنَهَا الْفَرْعُ وَالأَصْلُ
فَأَشْيَبُنَا فِي مُلْتَقَى الْخَيْلِ أَمْرَد / وَأَمْرَدُنَا فِي كُلِّ مُعْضِلَةٍ كَهْلُ
لَنَا الْفَضْلُ فِيمَا قَدْ مَضَى وَهْوَ قَائِمٌ / لَدَيْنَا وَفِيمَا بَعْد ذَاكَ لَنَا الْفَضْلُ
مَضَى اللَّهْوُ إِلَّا أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ
مَضَى اللَّهْوُ إِلَّا أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ / وَوَلَّى الصِّبَا إِلَّا بَوَاقٍ قَلائِلُ
بَوَاقٍ تُمَارِيهَا أَفَانِينُ لَوْعَةٍ / يُؤَرِّثُهَا فِكْرٌ عَلَى النَّأْيِ شَاغِلُ
فَلِلشَّوْقِ مِنِّي عَبْرَةٌ مُهرَاقَةٌ / وَخَبْلٌ إِذَا نَامَ الْخَلِيُّونَ خَابِلُ
أَلِفْتُ الضَّنَى إِلْفَ السُّهَادِ فَلَوْ سَرَى / بِيَ الْبُرْءُ غَالَتْنِي لِذَاكَ الْغَوَائِلُ
فَلِلَّهِ هَذَا الشَّوْقُ أَيَّ جِرَاحَةٍ / أَسَالَ بِنَا حَتَّى كَأَنَّا نُقَاتِلُ
رَضِينَا بِحُكْمِ الْحُبِّ فِينَا وَإِنَّنَا / لَلُدٌّ إِذَا الْتَفَّتْ عَلَيْنَا الْجَحَافِلُ
وَإِنَّا رِجَالٌ تَعْلَمُ الْحَرْبُ أَنَّنَا / بَنُوهَا وَيَدْرِي الْمَجْدُ مَاذَا نُحَاوِلُ
إِذَا مَا ابْتَنَى النَّاسُ الْحُصُونَ فَمَا لَنَا / سِوَى الْبِيضِ وَالسُّمْرِ اللِّدَانِ مَعَاقِلُ
فَمَا لِلْهَوَى يَقْوَى عَلَيَّ بِحُكْمِهِ / أَلَمْ يَدْرِ أَنِّي الشَّمَّرِيُّ الْحُلاحِلُ
وَإِنِّي لَثَبْتُ الْجَأْشِ مُسْتَحْصِدُ الْقُوَى / إِذَا أَخَذَتْ أَيْدِي الْكُمَاةِ الأَفَاكِلُ
إِذَا مَا اعْتَقَلْتُ الرُّمْحَ وَالرُّمْحُ صَاحِبِي / عَلَى الشَّرِّ قَالَ الْقِرْنُ إِنِّيَ هَازِلُ
لَطَاعَنْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مِنْ مُطَاعِنٍ / وَنَازَلْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مَنْ يُنَازِلُ
وَشَاغَبْتُ هَذَا الدَّهْرَ مِنِّي بِعَزْمَةٍ / أَرَتْنِي سَبِيلَ الرُّشْدِ وَالْغَيُّ حَائِلُ
إِذَا أَنْتَ أَعْطَتْكَ الْمَقَادِيرُ حُكْمَهَا / فَأَضْيَعُ شَيءٍ مَا تَقُولُ الْعَوَاذِلُ
وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا أَنْ يَعِيشَ مُحَسَّدَاً / تَنَازَعُ فِيهِ النَّاجِذَيْنِ الأَنَامِلُ
لَعَمْرُكَ مَا الأَخْلاقُ إِلَّا مَوَاهِبٌ / مُقَسَّمَةٌ بَيْنَ الْوَرَى وَفَوَاضِلُ
وَمَا النَّاسُ إِلَّا كَادِحَانِ فَعَالِمٌ / يَسِيرُ عَلَى قَصْدٍ وَآخَرُ جَاهِلُ
فَذُو الْعِلْمِ مَأْخُوذٌ بِأَسْبَابِ عِلْمِهِ / وَذُو الْجَهْلِ مَقْطُوعُ الْقَرينَةِ جَافِلُ
فَلا تَطْلُبَنْ فِي النَّاسِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ / مِنَ الْوُدِّ أُمُّ الْوُدِّ فِي النَّاسِ هَابِلُ
مِنَ الْعَارِ أَنْ يَرْضَى الْفَتَى غَيْرَ طَبْعِهِ / وَأَنْ يَصْحَبَ الإِنْسَانُ مَنْ لا يُشَاكِلُ
بَلَوْتُ ضُرُوبَ النَّاسِ طُرّاً فَلَمْ يَكُنْ / سِوَى الْمَرْصَفِيِّ الْحَبْرِ فِي النَّاسِ كَامِلُ
هُمَامٌ أَرَانِي الدَّهْرَ فِي طَيِّ بُرْدِهِ / وَفَقَّهَنِي حَتَّى اتَّقَتْنِي الأَمَاثِلُ
أَخٌ حِينَ لا يَبْقَى أَخٌ وَمُجَامِلٌ / إِذَا قَلَّ عِنْدَ النَّائِبَاتِ الْمُجَامِلُ
بَعِيدُ مَجَالِ الْفِكْرِ لَوْ خَالَ خِيْلَةً / أَرَاكَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مَا الدَّهْرُ فَاعِلُ
طَرَحْتُ بَنِي الأَيَّامِ لَمَّا عَرَفْتُهُ / وَمَا النَّاسُ عِنْدَ الْبَحْثِ إِلَّا مَخَايِلُ
فَلَوْ سَامَنِي مَا يُورِدُ النَّفْسَ حَتْفَهَا / لأَوْرَدْتُهَا وَالْحُبُّ لِلنَّفْسِ قَاتِلُ
فَلا بَرِحَتْ مِنِّي إِلَيْهِ تَحِيَّةٌ / تَنَاقَلُهَا عَنِّي الضُّحَى وَالأَصَائِلُ
وَلا زَالَ غَضَّ الْعُمْرِ مُمْتَنِعَ الذُّرَا / مَرِيعَ الْفِنَا تُطْوَى إِلَيْهِ الْمَرَاحِلُ
عَصَيْتُ نَذِيرَ الْحِلْمِ فِي طَاعَةِ الْجَهْلِ
عَصَيْتُ نَذِيرَ الْحِلْمِ فِي طَاعَةِ الْجَهْلِ / وَأَغْضَبْتُ فِي مَرْضَاةِ حُبِّ الْمَهَا عَقْلِي
وَنَازَعْتُ أَرْسَانَ الْبَطَالَةِ وَالصِّبَا / إِلَى غَايَةٍ لَمْ يَأْتِهَا أَحَدٌ قَبْلِي
فَخُذْ فِي حَدِيثٍ غَيْرَ لَوْمِي فَإِنَّنِي / بِحُبِّ الْغَوَانِي عَنْ مَلامِكَ فِي شُغْلِ
إِذَا كَانَ سَمْعُ الْمَرْءِ عُرْضَةَ أَلْسُنٍ / فَمَا هُوَ إِلَّا لِلْخَدِيعَةِ وَالْخَتْلِ
رُوَيْدَكَ لا تَعْجَلْ بِلَوْمٍ عَلَى امْرِئٍ / أَصَابَ هَوَى نَفْسٍ فَفِي الدَّهْرِ مَا يُسْلِي
فَلَيْسَتْ بِعَارٍ صَبْوَةُ الْمَرْءِ ذِي الْحِجَا / إِذَا سَلِمَتْ أَخْلاقُهُ مِنْ أَذَى الْخَبْلِ
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ ابْنَ كَأْسٍ وَلَذَّةٍ / لَذُو تُدْرَإٍ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ وَالأَزْلِ
وَقُورٌ وَأَحْلامُ الرِّجَالِ خَفِيفَةٌ / صَبُورٌ وَنَارُ الْحَرْبِ مِرْجَلُهَا يَغْلِي
إِذَا رَاعَتِ الظَّلْمَاءُ غَيْرِي فَإِنَّمَا / هِلالُ الدُّجَى قَوْسِي وَأَنْجُمُهُ نَبْلِي
أَنَا ابْنُ الْوَغَى وَالْخَيْلِ وَاللَّيْلِ وَالظُّبَا / وَسُمْرِ الْقَنَا وَالرَّأْيِ وَالْعَقْدِ وَالْحَلِّ
فَقُلْ لِلَّذِي ظَنَّ الْمَعَالِي قَرِيبَةً / رُوَيْدَاً فَلَيْسَ الْجِدُّ يُدْرَكُ بِالْهَزْلِ
فَمَا تَصْدُقُ الآمَالُ إِلَّا لِفَاتِكٍ / إِذَا هَمَّ لَمْ تَعْطِفْهُ قَارِعَةُ الْعَذْلِ
لَهُ بِالْفَلا شُغْلٌ عَنِ الْمُدْنِ وَالْقُرَى / وَفِي رَائِدَاتِ الْخَيْلِ شُغْلٌ عَنِ الأَهْلِ
إِذَا ارْتَابَ أَمْرَاً أَلْهَبَتْهُ حَفِيظَةٌ / تُمِيتُ الرِّضَا بِالسُّخْطِ وَالحِلْمَ بِالْجَهْلِ
فَلا تَعْتَرِفْ بِالذُّلِّ خَوْفَ مَنِيَّةٍ / فَإِنَّ احْتِمَالَ الذُّلِّ شَرٌّ مِنَ الْقَتْلِ
وَلا تَلْتَمِسْ نَيْلَ الْمُنَى مِنْ خَلِيقَةٍ / فَتَجْنِي ثِمَارَ الْيَأْسِ مِنْ شَجَرِ الْبُخْلِ
فَمَا النَّاسُ إِلَّا حَاسِدٌ ذُو مَكِيدَةٍ / وَآخَرُ مَحْنِيُّ الضُّلُوعِ عَلَى دَخْلِ
تِبَاعُ هَوَىً يَمْشُونَ فِيهِ كَمَا مَشَى / وَسُمَّاعُ لَغْوٍ يَكْتُبُونَ كَمَا يُمْلِي
وَمَا أَنَا وَالأَيَّامُ شَتَّى صُرُوفُهَا / بِمُهْتَضِمٍ جَارِي وَلا خَاذِلٍ خِلِّي
أَسِيرُ عَلَى نَهْجِ الْوَفَاءِ سَجِيَّةً / وَكُلُّ امْرِئٍ فِي النَّاسِ يَجْرِي عَلَى الأَصْلِ
تَرَكْتُ ضَغِينَاتِ النُّفُوسِ لأَهْلِهَا / وَأَكْبَرْتُ نَفْسِي أَنْ أَبِيتَ عَلَى ذَحْلِ
كَذَلِكَ دَأْبِي مُنْذُ أَبْصَرْتُ حُجَّتِي / وَلِيداً وَحُبُّ الْخَيْرِ مِنْ سِمَةِ النُّبْلِ
وَرُبَّ صَدِيقٍ كَشَّفَ الْخُبْرُ نَفْسَهُ / فَعَايَنْتُ مِنْهُ الْجَوْرَ فِي صُورَةِ الْعَدْلِ
وَهَبْتُ لَهُ مَا قَدْ جَنَى مِنْ إِسَاءَةٍ / وَلَوْ شِئْتُ كَانَ الْسَّيْفُ أَدْنَى إِلَى الْفَصْلِ
وَمُسْتَخْبِرٍ عَنِّي وَمَا كَانَ جَاهِلاً / بِشَأْنِي وَلَكِنْ عَادَةُ الْبُغْضِ لِلْفَضْلِ
أَتَى سَادِراً حَتَّى إِذَا قَرَّ أَوْجَسَتْ / سُوَيْدَاؤُهُ شَرّاً فَأَغْضَى عَلَى ذُلِّ
وَمَنْ حَدَّثَتْهُ النَّفْسُ بِالْغَيِّ بَعْدَ مَا / تَنَاهَى إِلَيْهِ الرُّشْدُ سَارَ عَلَى بُطْلِ
وَإِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنَ الْمَجْدِ أَنْ أُرَى / صَرِيعَ مَرَامٍ لا يَفُوزُ بِهَا خَصْلِي
أَقُولُ وَأَتْلُو الْقَوْلَ بِالْفِعْلِ كُلَّمَا / أَرَدْتُ وَبِئْسَ الْقَوْلُ كَانَ بِلا فِعْلِ
أَرَى السَّهْلَ مَقْرُوناً بِصَعْبٍ وَلا أَرَى / بِغَيْرِ اقْتِحَامِ الصَّعْبِ مُدَّرَكَ السَّهْلِ
وَيَوْمٍ كَأَنَّ النَّقْعَ فِيهِ غَمَامَةٌ / لَهَا أَثَرٌ مِنْ سَائِلِ الطَّعْنِ كَالْوَبْلِ
تَقَحَّمْتُهُ فَرْدَاً سِوَى النَّصْلِ وَحْدَهُ / وَحَسْبُ الْفَتَى أَنْ يَطْلُبَ النَّصْرَ بِالنَّصْلِ
لَوَيْتُ بِهِ كَفِّي وَأَطْلَقْتُ سَاعِدِي / وَقُلْتُ لِدَهْرِي وَيْكَ فَامْضِ عَلَى رِسْلِ
فَمَا يَبْعَثُ الْغَارَاتِ إِلَّا مُهَنَّدِي / وَلا يَرْكَبُ الأَخْطَارَ إِلَّا فَتىً مِثْلِي
رُدُّوا عَلَيَّ الصِّبَا مِنْ عَصْرِيَ الْخَالِي
رُدُّوا عَلَيَّ الصِّبَا مِنْ عَصْرِيَ الْخَالِي / وَهَلْ يَعُودُ سَوَادُ اللّمَّةِ الْبَالِي
مَاضٍ مِنَ الْعَيْشِ مَا لاحَتْ مَخَايِلُهُ / فِي صَفْحَةِ الْفِكْرِ إِلا هَاجَ بَلْبَالِي
سَلَتْ قُلُوبٌ فَقَرَّتْ في مَضَاجِعِهَا / بَعْدَ الْحَنِينِ وَقَلْبِي لَيْسَ بِالسَّالِي
لَمْ يَدْرِ مَنْ بَاتَ مَسْرُوراً بِلَذَّتِهِ / أَنِّي بِنَارِ الأَسَى مِنْ هَجْرِهِ صَالِي
يَا غَاضِبينَ عَليْنَا هَلْ إِلَى عِدَةٍ / بِالْوَصْلِ يَوْمٌ أُنَاغِي فِيهِ إِقْبَالِي
غِبْتُمْ فَأَظْلَمَ يَوْمِي بَعْدَ فُرْقَتِكُمْ / وَسَاءَ صُنْعُ اللَّيَالِي بَعْدَ إِجْمَالِ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي مِنْكُمْ عَلَى ثِقَةٍ / حَتَّى مُنِيتُ بِمَا لَمْ يَجْرِ فِي بَالِي
لَمْ أَجْنِ فِي الْحُبِّ ذَنْبَاً أَسْتَحِقُّ بِهِ / عَتْبَاً وَلَكِنَّهَا تَحْرِيفُ أَقْوَالِ
وَمَنْ أَطَاعَ رُوَاةَ السُّوءِ نَفَّرَهُ / عَنِ الصَّدِيقِ سَمَاعُ الْقِيلِ وَالْقَالِ
أَدْهَى الْمَصَائِبِ غَدْرٌ قَبْلَهُ ثِقَةٌ / وَأَقْبَحُ الظُّلْمِ صَدٌّ بَعْدَ إِقْبَالِ
لا عَيْبَ فِيَّ سِوَى حُرِّيَّةٍ مَلَكَتْ / أَعِنَّتِي عَنْ قَبُولِ الذُّلِّ بِالْمَالِ
تَبِعْتُ خُطَّةَ آبَائِي فَسِرْتُ بِهَا / عَلَى وَتِيرَةِ آدَابٍ وَآسَالِ
فَمَا يَمُرُّ خَيَالُ الْغَدْرِ فِي خَلَدِي / وَلا تَلُوحُ سِمَاتُ الشَّرِّ فِي خَالِي
قَلْبِي سَلِيمٌ وَنَفْسِي حُرَّةٌ وَيَدِي / مَأْمُونَةٌ وَلِسَانِي غَيْرُ خَتَّالِ
لَكِنَّنِي فِي زَمَانٍ عِشْتُ مُغْتَرِبَاً / فِي أَهْلِهِ حِينَ قَلَّتْ فِيهِ أَمْثَالِي
بَلَوْتُ دَهْرِي فَمَا أَحْمَدْتُ سِيرَتَهُ / فِي سَابِقٍ مِنْ لَيَالِيهِ وَلا تَالِي
حَلَبْتُ شَطْرَيْهِ مِنْ يُسْرٍ وَمَعْسرَةٍ / وَذُقْتُ طَعْمَيْهِ مِنْ خِصْبٍ وَإِمْحَالِ
فَمَا أَسِفْتُ لِبُؤْسٍ بَعْدَ مَقْدرَةٍ / وَلا فَرِحْتُ بِوَفْرٍ بَعْدَ إِقْلالِ
عَفَافَةٌ نَزَّهَتْ نَفْسِي فَمَا عَلِقَتْ / بِلَوْثَةٍ مِنْ غُبَارِ الذَّمِّ أَذْيَالِي
فَالْيَوْمَ لا رَسَنِي طَوْعُ الْقِيَادِ وَلا / قَلْبِي إِلَى زَهْرَةِ الدُّنْيَا بِمَيَّالِ
لَمْ يَبْقَ لِي أَرَبٌ فِي الدَّهْرِ أَطْلُبُهُ / إِلا صَحَابَةُ حُرٍّ صَادِقِ الْخَالِ
وَأَيْنَ أُدْرِكُ مَا أَبْغِيهِ مِنْ وَطَرٍ / وَالصِّدْقُ فِي الدَّهْرِ أَعْيَا كُلَّ مُحْتَالِ
لا فِي سَرَنْدِيبَ لِي إِلْفٌ أُجَاذِبُهُ / فَضْلَ الْحَدِيثِ وَلا خِلٌّ فَيَرْعَى لِي
أَبِيتُ مُنْفَرِدَاً فِي رَأْسِ شَاهِقَةٍ / مِثْلَ الْقَطَامِيِّ فَوْقَ الْمِرْبَإِ الْعَالِي
إِذَا تَلَفَّتُّ لَمْ أُبْصِرْ سِوَى صُوَرٍ / فِي الذِّهْنِ يَرْسُمُهَا نَقَّاشُ آمَالِي
تَهْفُو بِيَ الرِّيحُ أَحْيَانَاً وَيَلْحَفُنِي / بَرْدُ الطِّلالِ بِبُرْدٍ مِنْهُ أَسْمَالِ
فَفِي السَّمَاءِ غُيُومٌ ذَاتُ أَرْوِقَةٍ / وَفِي الْفَضَاءِ سُيُولٌ ذَاتُ أَوْشَالِ
كَأَنَّ قَوْسَ الْغَمَامِ الْغُرِّ قَنْطَرَةٌ / مَعْقُودَةٌ فَوْقَ طَامِي الْمَاءِ سَيَّالِ
إِذَا الشُّعَاعُ تَرَاءَى خَلْفَهَا نَشَرَتْ / بَدَائِعَاً ذَاتَ أَلْوَانٍ وَأَشْكَالِ
فَلَوْ تَرَانِي وَبُرْدِي بِالنَّدَى لَثِقٌ / لَخِلْتَنِي فَرْخَ طَيْرٍ بَيْنَ أَدْغَالِ
غَالَ الرَّدَى أَبَوَيْهِ فَهْوَ مُنْقَطِعٌ / فِي جَوْفِ غَيْنَاءَ لا رَاعٍ وَلا وَالِي
أُزَيْغِبَ الرَّأْسِ لَمْ يَبْدُ الشَّكِيرُ بِهِ / وَلَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ مِنْ كَيْدِ مُغْتَالِ
كَأَنَّهُ كُرَةٌ مَلْسَاءُ مِنْ أَدَمٍ / خَفِيَّةُ الدَّرْزِ قَدْ عُلَّتْ بِجِرْيالِ
يَظَلُّ فِي نَصَبٍ حَرَّانَ مُرْتَقِباً / نَقْعَ الصَّدَى بَيْنَ أَسْحَارٍ وَآصَالِ
يَكَادُ صَوْتُ الْبُزَاةِ الْقُمْرِ يَقْذِفُهُ / مِنْ وَكْرِهِ بَيْنَ هَابِي التُّرْبِ جَوَّالِ
لا يَسْتَطِيعُ انْطِلاقاً مِنْ غَيَابَتِهِ / كَأَنَّمَا هُوَ مَعْقُولٌ بِعُقَّالِ
فَذَاكَ مِثْلِي وَلَمْ أَظْلِمْ وَرُبَّتَمَا / فَضَلْتُهُ بِجَوَى حُزْنٍ وَإِعْوَالِ
شَوْقٌ وَنَأْيٌ وَتَبْرِيحٌ وَمَعْتَبَةٌ / يَا لَلْحَمِيَّةِ مِنْ غَدْرِي وَإِهْمَالِي
أَصْبَحْتُ لا أَسْتَطِيعُ الثَّوْبَ أَسْحَبُهُ / وَقَدْ أَكُونُ وَضَافِي الدِرْعِ سِرْبَالِي
وَلا تَكَادُ يَدِي تُجْرِي شَبَا قَلَمِي / وَكَانَ طَوْعَ بَنَانِي كُلُّ عَسَّالِ
فَإِنْ يَكُنْ جَفَّ عُودِي بَعْدَ نَضْرَتِهِ / فَالدَّهْرُ مَصْدَرُ إِدْبَارٍ وَإِقْبَالِ
عَلامَ أَجْزَعُ وَالأَيَّامُ تَشْهَدُ لِي / بِصِدْقِ مَا كَانَ مِنْ وَسْمِي وَإِغْفَالِي
رَاجَعْتُ فِهْرِسَ آثَارِي فَمَا لَمَحَتْ / بَصِيرَتِي فِيهِ مَا يُزْرِي بِأَعْمَالِي
فَكَيْفَ يُنْكِرُ قَوْمِي فَضْلَ بَادِرَتِي / وَقَدْ سَرَتْ حِكَمِي فِيهِمْ وَأَمْثَالِي
أَنَا ابْنُ قَوْلِي وَحَسْبِي فِي الْفَخَارِ بِهِ / وَإِنْ غَدَوْتُ كَرِيمَ الْعَمِّ والْخَالِ
وَلِي مِنَ الشِّعْرِ آيَاتٌ مُفَصَّلَةٌ / تَلُوحُ فِي وَجْنَةِ الأَيَّامِ كَالْخَالِ
يَنْسَى لَهَا الْفَاقِدُ الْمَحْزُونُ لَوْعَتَهُ / وَيَهْتَدِي بِسَنَاهَا كُلُّ قَوَّالِ
فَانْظُرْ لِقَوْلِي تَجِدْ نَفْسِي مُصَوَّرَةً / فِي صَفْحَتَيْهِ فَقَوْلِي خَطُّ تِمْثَالِي
وَلا تَغُرَّنْكَ فِي الدُّنْيَا مُشَاكَلَةٌ / بَيْنَ الأَنَامِ فَلَيْسَ النَّبْعُ كَالضَّالِ
إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَوْلا عَقْلُهُ شَبحٌ / مُرَكَّبٌ مِنْ عِظَامٍ ذَاتِ أَوْصَالِ
سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلُ
سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلُ / وَعَادَتْ بِكَ الأَيَّامُ وَهْيَ أَصَائِلُ
رَبَأْتَ مِنَ الْعَلْيَاءِ قُنَّةَ سُودَدٍ / يُقَصِّرُ عَنْهَا صَاغِراً مَنْ يُطَاوِلُ
وَأَدْرَكْتَ فِي عَصْرِ الشَّبِيبَةِ غَايَةً / مِنَ الْفَضْلِ لَمْ يَبْلُغْ مَدَاهَا الأَفَاضِلُ
فَخَيْرُكَ مَأْمُولٌ وَفَضْلُكَ وَاسِعٌ / وَظِلُّكَ مَمْدُودٌ وَعَدْلُكَ شَامِلُ
مَسَاعٍ جَلاهَا الرَّأْيُ فَهيَ كَوَاكِبٌ / لَهَا بَيْنَ أَفْلاكِ الْقُلُوبِ مَنَازِلُ
يُقَصِّرُ قَابُ الْفِكْرِ عَنْهَا وَيَنْتَهِي / أَخُو الْجِدِّ عَنْ إِدْرَاكِهَا وَهْوَ ذَاهِلُ
وَكَيْفَ يَنَالُ الْفَهْمُ مِنْهَا نَصِيبَهُ / وَأَقْرَبُهَا لِلنَّيِّرَاتِ حَبَائِلُ
إِلَيْكَ تَنَاهَى الْمَجْدُ حَتَّى لَوَ انَّهُ / أَرَادَ مَزِيداً لَمْ يَجِدْ مَا يُحَاوِلُ
فَمُرْ بِالَّذِي تَهْوَاهُ فَالسَّعْدُ قَائِمٌ / بِمَا تَشْتَهِي وَاللَّهُ بِالنَّصْرِ كَافِلُ
فَقَدْ تَصْدُقُ الآمالُ وَالْحَزْمُ رائِدٌ / وَتَقْتَرِبُ الْغَايَاتُ وَالْجِدُّ عَامِلُ
وَأَيُّ صَنِيعٍ بَعْدَ فَضْلِكَ يُرْتَجَى / وَأَنْتَ مَلِيكٌ فِي الْبَرِيَّةِ عَادِلُ
يَعُمُّ الرِّضَا مَا قَامَ بِالْحَقِّ صَادِعٌ / وَتَبْقَى الْعُلا مَا دَامَ لِلسَّيْفِ حَامِلُ
فَيَا طَالِباً مَسْعَاتَهُ لِيَنَالَهَا / رُوَيْدَكَ إِنَّ الْحِرْصَ لِلنَّفْسِ خَاذِلُ
فَمَا كُلُّ مَنْ رَاضَ الْبَدِيهَةَ عَاقِلٌ / وَلا كُلُّ مَنْ خَاضَ الْكَرِيهَةَ بَاسِلُ
وَلَوْلا اخْتِلافُ النَّاسِ فِي دَرَجَاتِهِمْ / لَعَادَلَ قُسّاً فِي الْفَصَاحَةِ بَاقِلُ
هُوَ الْمَلِكُ الْمَكْفُولُ بِالنَّصْرِ جُنْدُهُ / إِذَا احْمَرَّ بَأْسٌ أَوْ تَنَمَّرَ بَاطِلُ
لَهُ بَدَهَاتٌ لا تَغبُّ وَعَزْمَةٌ / مُؤَيَّدَةٌ تَعْنُو إِلَيْهَا الْجَحَافِلُ
فَآرَاؤُهُ فِي الْمُشْكِلاتِ كَوَاكِبٌ / وَهِمَّاتُهُ فِي الْمُعْضِلاتِ مَنَاصِلُ
تَدُلُّ مَسَاعِيهِ عَلَى فَضْلِ نَفْسِهِ / وَلِلشَّمْسِ مِنْ نُورٍ عَلَيْهَا دَلائِلُ
فَيَا مَلِكاً عَمَّتْ أَيَادِيهِ وَالْتَقَتْ / بِهِ فِرَقُ الآمَالِ وَهْيَ جَوَافِلُ
بِكَ اخْضَرَّتِ الآمَالُ بَعْدَ ذُبُولِهَا / وَحَقَّتْ وُعُودُ الظَّنِّ وَهْيَ مَخَايِلُ
بَسَطْتَ يَدَاً بِالْخَيْرِ فِينَا كَرِيمَةً / هِيَ الْغَيْثُ أَوْ فِي الْغَيْثِ مِنْهَا شَمَائِلُ
وَأَيْقَظْتَ أَلْبَابَ الرِّجَالِ فَسَارَعُوا / إِلَى الْجِدِّ حَتَّى لَيْسَ فِي النَّاسِ خَامِلُ
وَمَا مِصْرُ إِلا جَنَّةٌ بِكَ أَصْبَحَتْ / مُنَوِّرَةً أَفْنَانُهَا وَالْخَمَائِلُ
طَلَعْتَ عَلَيْهَا طَلْعَةَ الْبَدْرِ أَشْرَقَتْ / بِلأْلائِهِ الآفَاقُ وَاللَّيْلُ لائِلُ
وَأَجْرَيْتَ مَاءَ الْعَدْلِ فِيهَا فَأَصْبَحَتْ / وَسَاحَاتُهَا لِلْوَارِدِينَ مَنَاهِلُ
وَلَمْ يَأْتِ مِنْ أَوْطَانِهِ النِّيلُ سَائِحاً / إِلَى مِصْرَ إِلا وَهْوَ حَرَّانُ سَائِلُ
فَيَا أَيُّهَا الصَّادِي إِلَى الْعَدْلِ وَالْنَّدَى / هَلُمَّ فَذَا بَحْرٌ لَهُ الْبَحْرُ سَاحِلُ
مَلِيكٌ أَقَرَّ الأَمْنَ وَالْخَوْفُ شَامِلٌ / وَأَحْيَا رَمِيمَ الْعَدْلِ وَالْجَوْرُ قَاتِلُ
فَسَلْهُ الرِّضَا وَانْزِلْ بِسَاحَةِ مُلْكِهِ / فَثَمَّ الأَمَانِي وَالْعُلا وَالْفَوَاضِلُ
رَعَى اللَّهُ يَوْماً قَرَّبَتْنِي سُعُودُهُ / إِلَى سُدَّةٍ تَأْوِي إِلَيْهَا الأَمَاثِلُ
لَثَمْتُ بِهَا كَفّاً هِيَ الْبَحْرُ فِي النَّدَى / تَفِيضُ سَمَاحاً وَالْبَنَانُ جَدَاوِلُ
نَطَقْتُ بِفَضْلٍ مِنْكَ لَوْلاهُ لَمْ يَدُرْ / لِسَانِي وَلَمْ يَحْفِلْ بِقَوْلِيَ فَاضِلُ
وَلا أَدَّعِي أَنِّي بَلَغْتُ بِمِدْحَتِي / عُلاكَ وَلَكِنْ جُهْدُ مَا أَنَا قَائِلُ
وَكَيْفَ أُوَفِّي مَنْطِقَ الشُّكْرِ حَقَّهُ / وَدُونَ ثَنَائِي مِنْ عُلاكَ مَرَاحِلُ
وَحَسْبِيَ عُذْرَاً أَنَّكَ الشَّمْسُ رِفْعَةً / وَكَيْفَ يَنَالُ الْكَوْكَبَ الْمُتَنَاوِلُ
لِتَهْنَ بِكَ الدُّنْيَا فَأَنْتَ جَمَالُهَا / فَلَوْلاكَ أَمْسَى جِيدُهَا وَهْوَ عَاطِلُ
وَدُمْ لِلْعُلا مَا ذَرَّ بِالأُفْقِ شَارِقٌ / وَمَا حَنَّ مِنْ شَوْقٍ عَلَى الأَيْكِ هَادِلُ
وَلا زَالَتِ الأَيَّامُ تَتْلُو مَدَائِحِي / عَلَيْكَ وَيُمْلِيهَا الضُّحَى وَالأَصَائِلُ
أَلا حَيِّ مِنْ أَسْمَاءَ رَسْمَ الْمَنَازِلِ
أَلا حَيِّ مِنْ أَسْمَاءَ رَسْمَ الْمَنَازِلِ / وَإِنْ هِيَ لَمْ تَرْجِعْ بَيَانَاً لِسَائِلِ
خَلاءٌ تَعَفَّتْهَا الرَّوَامِسُ وَالْتَقَتْ / عَلَيْهَا أَهَاضِيبُ الْغُيُومِ الْحَوَافِلِ
فَلأْياً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَرَسُّمٍ / أَرَانِي بِهَا مَا كَانَ بِالأَمْسِ شَاغِلِي
غَدَتْ وَهْيَ مَرْعَىً لِلظِّبَاءِ وَطَالَمَا / غَنَتْ وَهْيَ مَأْوَىً لِلْحِسَانِ الْعَقَائِلِ
فَلِلْعَيْنِ مِنْهَا بَعْدَ تَزْيَالِ أَهْلِهَا / مَعَارِفُ أَطْلالٍ كَوَحْيِ الرَّسَائِلِ
فَأَسْبَلَتِ الْعَيْنَانِ فِيهَا بِوَاكِفٍ / مِنَ الدَّمْعِ يَجْرِي بَعْدَ سَحٍّ بِوَابِلِ
دِيارُ الَّتِي هَاجَتْ عَلَيَّ صَبَابَتِي / وَأَغْرَتْ بِقَلْبِي لاعِجِاتِ الْبَلابِلِ
مِنَ الْهيفِ مِقْلاقُ الْوِشَاحَيْنِ غَادَةٌ / سَلِيمَةُ مَجْرَى الدَّمْعِ رَيَّا الْخَلاخِلِ
إِذَا مَا دَنَتْ فَوْقَ الْفِرَاشِ لِوَسْنَةٍ / جَفَا خَصْرُهَا عَنْ رِدْفِهَا الْمُتَخَاذِلِ
تَعَلَّقْتُهَا فِي الْحَيِّ إِذْ هِيَ طِفْلَةٌ / وَإِذْ أَنَا مَجْلُوبٌ إِلَيَّ وَسَائِلِي
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْحُبُّ فِي الْقَلْبِ وَانْجَلَتْ / غَيَابَتُهُ هَاجَتْ عَلَيَّ عَوَاذِلِي
فَيَا لَيْتَ أَنَّ الْعَهْدَ بَاقٍ وَأَنَّنَا / دَوَارِجُ فِي غُفْلٍ مِنَ الْعَيْشِ خَامِلِ
تَمُرُّ بِنَا رُعْيَانُ كُلِّ قَبِيلَةٍ / فَمَا يَمْنَحُونَا غَيْرَ نَظْرَةِ غَافِلِ
صَغِيرَيْنِ لَمْ يَذْهَبْ بِنَا الظَّنُّ مَذْهَباً / بَعِيداً وَلَمْ يُسْمَعْ لَنَا بِطَوَائِلِ
نَسِيرُ إِذَا مَا الْقَوْمُ سَارُوا غَدِيَّةً / إِلَى كُلِّ بَهْمٍ رَاتِعَاتٍ وَجَامِلِ
وَإِنْ نَحْنُ عُدْنَا بِالْعَشِيِّ أَضَافَنَا / إِلَيْهِ سَدِيلٌ مِنْ نَقاً مُتَقَابِلِ
فَوَيْلٌ لِهَذَا الدَّهْرِ مَاذَا أَرَادَهُ / إِلَيْنَا وَقَدْ كُنَّا كِرَامَ الْمَحَاصِلِ
عَلَى عِفَّةٍ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا / مُبَرَّأَةٌ مِنْ كُلِّ غَيٍّ وَبَاطِلِ
وَلَكِنَّهَا الأَيَّامُ لَمْ تَأْتِ صَالِحَاً / مِنَ الأَمْرِ إِلا أَعْقَبَتْ بِالتَّنَازُلِ
إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ الزَّمَانَ الَّذِي مَضَى / تَسَاقَطُ نَفْسِي إِثْرَ تِلْكَ الْقَبَائِلِ
قَبَائِلُ أَفْنَتْهَا الْحُرُوبُ وَلَمْ تَكُنْ / لِتَفْنَى كِرَامُ النَّاسِ مَا لَمْ تُقَاتِلِ
قَضَتْ بَعْدَهُمْ نَفْسِي عَزَاءً وَأَصحَبَتْ / عَشَوْزَنَتِي وَانْقَادَ لِلذُّلِّ كَاهِلِي
وَأَصْبَحْتُ مَغْلُولَ الْيَدَيْنِ عَنِ الَّتِي / أُحَاوِلُهَا وَالدَّهْرُ جَمُّ الْغَوائِلِ
صَرِيعَ لُبَانَاتٍ تَقَسَّمْنَ نَفْسَهُ / وَغَادَرْنَهُ نَهْبَ الأَكُفِّ الْخَواتِلِ
كَأَنِّيَ لَمْ أَعْقِدْ مَعَ الْفَجْرِ رَايَةً / وَلَمْ أُدْعَ بِاسْمِي لِلْكَمِيِّ الْمُنَازِلِ
وَلَمْ أَبْعَثِ الْخَيْلَ الْمُغِيرَةَ فِي الضُّحَا / بِكُلِّ رَكُوبٍ لِلْكَرِيهَةِ بَاسِلِ
نَزَائِعَ يَعْلُكْنَ الشَّكِيمَ عَلَى الْوَجَى / إِذَا عُرِّيَتْ أَمْثَالُهَا فِي الْمَنَازِلِ
مِنَ الْقَوْمِ بَادٍ مَجْدُهُمْ فِي شِمَالِهِمْ / وَلا مَجْدَ إِلا دَاخِلٌ فِي الشَّمَائِلِ
إِذَا مَا دَعَوْتَ الْمَرْءَ مِنْهُمْ لِدَعْوَةٍ / عَلَى عَجَلٍ لَبَّاكَ غَيْرَ مُسَائِلِ
يُكَفْكِفُ أُولَى الْخَيْلِ مِنْهُ بِطَعْنَةٍ / تَمُجُّ دَمَاً مَطْعُونُهَا غَيْرُ وَائِلِ
يَكُونُ عَشَاءَ الزَّادِ آخِرَ آكِلٍ / وَيَوْمَ اخْتِلاجِ الطَّعْنِ أَوَّلَ حَامِلِ
قَضَوْا مَا قَضَوْا مِنْ دَهْرِهِمْ ثُمَّ فَوَّزُوا / إِلَى دَارِ خُلْدٍ ظِلُّهَا غَيْرُ زَائِلِ
رَدَّ الْصِّبَا بَعْدَ شَيْبِ اللِّمَّةِ الْغَزَلُ
رَدَّ الْصِّبَا بَعْدَ شَيْبِ اللِّمَّةِ الْغَزَلُ / وَرَاحَ بِالْجِدِّ مَا يَأْتِي بِهِ الْهَزَلُ
وَعَادَ مَا كَانَ مِنْ صَبْرٍ إِلَى جَزَعٍ / بَعْدَ الإِبَاءِ وَأَيَّامُ الْفَتَى دُوَلُ
فَلْيَصْرِفِ اللَّوْمَ عَنِّي مَنْ بَرِمْتُ بِهِ / فَلَيْسَ لِلْقَلْبِ فِي غَيْرِ الْهَوَى شُغُلُ
وَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي بَعْدَ مَا ذَهَبَتْ / يَوْمَ الْفِرَاقِ شَعَاعاً إِثْرَ مَنْ رَحَلُوا
تَقَسَّمَتْنِي النَّوَى مِنْ بَعْدِهِمْ وَعَدَتْ / عَنْهُمْ عَوَادٍ فَلا كُتْبٌ وَلا رُسُلُ
فَالصَّبْرُ مُنْخَذِلٌ وَالدَّمْعُ مُنْهَمِلٌ / وَالعَقْلُ مُخْتَبِلٌ وَالْقَلْبُ مُشْتَغِلُ
أَرْتَاحُ إِنْ مَرَّ مِنْ تِلْقَائِهِمْ نَسَمٌ / تَسْرِي بِهِ فِي أَرِيجِ الْعَنْبَرِ الأُصُلُ
سَارُوا فَمَا اتَّخَذَتْ عَيْنِي بِهِمْ بَدَلاً / إِلا الْخَيَالَ وَحَسْبِي ذَلِكَ الْبَدَلُ
فَخَلِّ عَنْكَ مَلامِي يَا عَذُولُ فَقَدْ / سَرَّتْ فُؤَادِي عَلَى ضَعْفٍ بِهِ الْعِلَلُ
لا تَحْسَبَنَّ الْهَوَى سَهْلاً فَأَيْسَرُهُ / خَطْبٌ لَعَمْرُكَ لَوْ مَيَّزْتَهُ جَلَلُ
يَسْتَنْزِلُ الْمَلْكَ مِنْ أَعْلَى مَنَابِرِهِ / وَيَسْتَوِي عِنْدَهُ الرِّعْدِيدُ وَالْبَطَلُ
فَكَيْفَ أَدْرَأُ عَنْ نَفْسِي وَقَدْ عَلِمَتْ / أَنْ لَيْسَ لِي بِمُنَاوَاةِ الْهَوَى قِبَلُ
فَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى شَيءٍ هَمَمْتُ بِهِ / فِي الْحُبِّ لَكِنْ قَضَاءٌ خَطَّهُ الأَزَلُ
وَلِلْمَحَبَّةِ قَبْلِي سُنَّةٌ سَلَفَتْ / فِي الذَّاهِبِينَ وَلِي فِيمَنْ مَضَى مَثَلُ
فَإِنْ تَكُنْ نَازَعَتْنِي النَّفْسُ بَاطِلَهَا / وَأَطْلَعَتْنِي عَلَى أَسْرَارِهَا الْكِلَلُ
فَقَدْ أَسِيرُ أَمَامَ الْقَوْمِ ضَاحِيَةً / وَالْجَوُّ بِالْبَاتِرَاتِ الْبِيضِ مُشْتَعِلُ
بِكُلِّ أَشْقَرَ قَدْ زَانَتْ قَوَائِمَهُ / حُجُولُهُ غَيْرَ يُمْنَى زَانَهَا الْعَطَلُ
كَأَنَّهُ خَاضَ نَهْرَ الصُّبْحِ فَانْتَبَذَتْ / يُمْنَاهُ وَانْبَثَّ فِي أَعْطَافِهِ الطَّفَلُ
زُرْقٌ حَوَافِرُهُ سُودٌ نَوَاظِرُهُ / خُضْرٌ جَحَافِلُهُ فِي خَلْقِهِ مَيَلُ
كَأَنَّ فِي حَلْقِهِ نَاقُوسَ رَاهِبَةٍ / بَاتَتْ تُحَرِّكُهُ أَوْ رَاعِدٌ زَجِلُ
يَمُرُّ بِالْوَحْشِ صَرْعَى فِي مَكَامِنِهَا / فَمَا تَبِينُ لَهُ شَدّاً فَتَنْخَذِلُ
يَرَى الإِشَارَةَ فِي وَحْيٍ فَيَفْهَمُهَا / وَيَسْمَعُ الزَّجْرَ مِنْ بُعْدٍ فَيَمْتَثِلُ
لا يَمْلِكُ النَّظْرَةَ الْعَجْلاءَ صَاحِبُهَا / حَتَّى تَمُرَّ بِعِطْفَيْهِ فَتُحْتَبَلُ
إِنْ مَرَّ بِالْقَوْمِ حَلُّوا عَقْدَ حَبْوَتِهِمْ / وَاسْتَشْرَفَتْ نَحْوَهُ الأَلْبَابُ وَالْمُقَلُ
تَقُودُهُ بِنْتُ خَمْسٍ فَهُوَ يَتْبَعُهَا / وَيَسْتَشِيطُ إِذَا هَاهَى بِهِ الرَّجُلُ
أُمْضِي بِهِ الْهَوْلَ مِقْدَامَاً وَيَصْحَبُنِي / مَاضِي الْغِرَارِ إِذَا مَا اسْتَفْحَلَ الْوَهَلُ
يَمُرُّ بِالْهَامِ مَرَّ الْبَرْقِ فِي عَجَلٍ / وَقْتَ الضِّرَابِ وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ بَلَلُ
تَرَى الرِّجَال وُقُوفَاً بَعْدَ فَتْكَتِهِ / بِهِمْ يُظَنُّونَ أَحْيَاءً وَقَدْ قُتِلُوا
كَأَنَّهُ شُعْلَةٌ فِي الْكَفِّ قَائِمَةٌ / تَهْفُو بِهَا الرِّيحُ أَحْياناً وَتَعْتَدِلُ
لَوْلا الدِّمَاءُ الَّتِي يُسْقَى بِهَا نَهَلاً / لَكَادَ مِنْ شِدَّةِ اللأْلاءِ يَشْتَعِلُ
يَفُلُّ مَا بَقِيَتْ فِي الْكَفِّ قَبْضَتُهُ / كُلَّ الْحَدِيدِ وَلَمْ يَثْأَرْ بِهِ فَلَلُ
بَلْ رُبَّ سَارِيَةٍ هَطْلاءَ دَانِيَةٍ / تَنْمُو السَّوَامُ بِهَا وَالنَّبْتُ يَكْتَهِلُ
كَأَنَّ آثَارَهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ / رَيْطٌ مُنَشَّرَةٌ فِي الأَرْضِ أَوْ حُلَلُ
يَمَّمْتُهَا بِرِفَاقٍ إِنْ دَعَوْتُ بِهِمْ / لَبُّوا سِرَاعَا وَإِنْ أَنْزِلْ بِهِمْ نَزَلُوا
قَصْداً إِلَى الصَّيْدِ لا نَبْغِي بِهِ بَدَلاً / وَكُلُّ نَفْسٍ لَهَا فِي شَأْنِهَا عَمَلُ
حَتَّى إِذَا أَلْمَعَ الرُّوَّادُ مِنْ بعْد / وَجَاءَ فَارِطُهُمْ يَعْلُو وَيَسْتَفِلُ
تَغَاوَتِ الْخَيْلُ حَتَّى كِدْنَ مِنْ مَرَحٍ / يَذْهَبْنَ فِي الأَرْضِ لَوْلا اللُّجْمُ وَالشُّكُلُ
فَمَا مَضَتْ سَاعَةٌ أَوْ بَعْضُ ثَانِيَةٍ / إِلا وَلِلصَّيْدِ فِي سَاحَاتِنَا نُزُلُ
فَكَانَ يَوْماً قَضَيْنا فِيهِ لَذَّتَنَا / كَمَا اشْتَهَيْنَا فَلا غِشٌّ وَلا دَغَلُ
هَذَا هُوَ الْعَيْشُ لا لَغْوُ الْحَدِيثِ وَلا / مَا يَسْتَغِيرُ بِهِ ذو الإِفْكَةِ النَّمِلُ
إِنَّ النَّمِيمَةَ وَالأَفْوَاهُ تُضْرِمُهَا / نَارٌ مُحَرِّقَةٌ لَيْسَتْ لَهَا شُعَلُ
فَاتْبَعْ هَوَاكَ وَدَعْ مَا يُسْتَرَابُ بِهِ / فَأَكْثَرُ النَّاسِ إِنْ جَرَّبْتَهُمْ هَمَلُ
وَاحْذَرْ عَدُوَّكَ تَسْلَمْ مِنْ خَدِيعَتِهِ / إِنَّ الْعَدَاوَةَ جُرْحٌ لَيْسَ يَنْدَمِلُ
وَعَالِجِ السِّرَّ بِالْكِتْمَانِ تَحْمَدُهُ / فَرُبَّمَا كَانَ فِي إِفْشَائِهِ الزَّلَلُ
وَلا تَكُنْ مُسْرِفَاً غِرّاً وَلا بَخِلاً / فَبِئْسَتِ الْخَلَّةُ الإِسْرَافُ وَالْبَخَلُ
وَلا يَهُمَّنْكَ بَعْضُ الأَمْرِ تَسْأَمُهُ / لا يَنْتَهِي الشُّغْلُ حَتَّى يَنْتَهِي الأَجَلُ
وَاعْرِفْ مَوَاضِعَ مَا تَأْتِيهِ مِنْ عَمَلٍ / فَلَيْسَ فِي كُلِّ حِينٍ يَحْسُنُ الْعَمَلُ
فَالرَّيْثُ يُحْمَدُ فِي بَعْضِ الأُمُورِ كَمَا / فِي بَعْضِ حَالاتِهِ يُسْتَحْسَنُ الْعَجَلُ
هَذَا هُوَ الأَدَبُ الْمَأْثُورُ فَارْضَ بِهِ / عِلْماً لِنَفْسِكَ فَالأَخْلاقُ تَنْتَقِلُ
مِنْ كُلِّ بَيْتٍ إِذَا الإِنْشَادُ سَيَّرَهُ / فَلَيْسَ يَمْنَعُهُ سَهْلٌ وَلا جَبَلُ
لَمْ تُبْنَ قَافِيَةٌ فِيهِ عَلَى خَلَلٍ / كَلَّا وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِي رَصْفِهَا الْجُمَلُ
فَلا سِنَادٌ وَلا حَشْوٌ وَلا قَلَقٌ / وَلا سُقُوطٌ وَلا سَهْوٌ وَلا عِلَلُ
تَغَايَرَتْ فِيهِ أَسْمَاعٌ وَأَفْئِدَةٌ / فَكُلُّ نَادٍ عُكَاظٌ حِينَ يُرْتَجَلُ
لا تُنْكِرُ الْكَاعِبُ الْحَسْنَاءُ مَنْطِقَهُ / وَلا يُعَادُ عَلَى قَوْمٍ فَيُبْتَذَلُ
عَمَّ الْحَيَا وَاسْتَنَّتِ الْجَدَاوِلُ
عَمَّ الْحَيَا وَاسْتَنَّتِ الْجَدَاوِلُ / وَفَاضَتِ الْغُدْرَانُ وَالْمَنَاهِلُ
وَازَّيَّنَتْ بِنَوْرِهَا الْخَمَائِلُ / وَغَرَّدَتْ فِي أَيْكِهَا الْبَلابِلُ
وَشَمِلَ الْبِقَاعَ خَيْرٌ شَامِلُ / فَصَفْحَةُ الأَرْضِ نَبَاتٌ خَائِلُ
وَجَبْهَةُ الْجَوِّ غَمَامٌ حَافِلُ / وَبَيْنَ هَذَيْنِ نَسِيمٌ حَائِلُ
تَنْدَى بِهِ الأَسْحَارُ وَالأَصَائِلُ / كَأَنَّمَا النَّبَاتُ بَحْرٌ هَائِلُ
وَلَيْسَ إِلَّا الأَكَمَاتِ سَاحِلُ / وَشَامِخُ الدَّوْحِ سَفِينٌ جَافِلُ
مُعْتَدِلٌ طَوْراً وَطَوْرَاً مَائِلُ / تَهْفُو بِهِ الْجَنُوبُ وَالشَّمَائِلُ
وَالْبَاسِقَاتُ الشُّمَّخُ الْحَوَامِلُ / مَشْمُورَةٌ عَنْ سُوقِهَا الذَّلاذِلُ
مَلْوِيَّةٌ فِي جِيدِهَا الْعَثَاكِلُ / مَعْقُودَةٌ فِي رَأْسِهَا الْفَلائِلُ
لِلْبُسْرِ فِيهَا قَانِئٌ وَنَاصِلُ / مُخَضَّبٌ كَأَنَّهُ الأَنَامِلُ
كَأَنَّهُ مِنْ ذَهَبٍ قَنَادِلُ / مِنَ الْعَرَاجِينِ لَهَا سَلاسِلُ
لِلْمَنْجَنُونِ بَيْنَهَا أَزَامِلُ / تَخَالُهَا مَحْزُونَةً تُسَائِلُ
لَهَا دُمُوعٌ ذُرَّفٌ هَوَامِلُ / كَأَنَّهَا أُمُّ بَنِينَ ثَاكِلُ
فِي جِيدِهَا مِنْ ضَفْرِهَا حَبَائِلُ / مِنَ الْقَوَادِيسِ لَهَا جَلاجِلُ
تَدُورُ كَالشُّهْبِ لَهَا مَنَازِلُ / فَصَاعِدٌ وَدَافِقٌ وَنَازِلُ
وَالْمَاءُ مَا بَيْنَ الْغِيَاضِ سَائِلُ / تَحْنُو عَلى شُطَانِهِ الْغَيَاطِلُ
كَأَنَّهَا حَوَائِمٌ نَوَاهِلُ / وَالطَّيْرُ فِي أَفْنَانِهَا هَوَادِلُ
تَزْهُو بِهَا الأَسْحَارُ وَالأَصَائِلُ / فَانْهَضْ إِلَى نَيْلِ الْمُنَى يَا غَافِلُ
وَانْعَمْ فَأَيَّامُ الصِّبَا قَلائِلُ / وَالْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا خَيَالٌ زَائِلُ
وَالدَّهْرُ لِلإِنْسَانِ يَوْمَاً آكِلُ / وَكُلُّ شَيءٍ فِي الزَّمَانِ بَاطِلُ
وَذِي حَدَبٍ يَلْتَجُّ بِالسُّفْنِ كُلَّمَا
وَذِي حَدَبٍ يَلْتَجُّ بِالسُّفْنِ كُلَّمَا / زَفَتْهُ نَؤُوجٌ فَهُوَ يَعْلُو وَيَسْفُلُ
كَأَنَّ اطِّرَادَ الْمَوْجِ فَوْقَ سَرَاتِهِ / نَعَائِمُ فِي عَرْضِ السَّمَاوَةِ جُفَّلُ
إِذَا شَاغَبَتْهُ الرِّيحُ جَاشَ عُبَابُهُ / وَظَلَّ أَعَالِي مَوْجِهِ يَتَجَفَّلُ
يَهِيجُ فَيَرْغُو أَوْ يَعِجُّ كَأَنَّمَا / تَخَبَّطَهُ مِنْ أَوْلَقِ الضِّغْنِ أَزْفَلُ
تَقَسَّمَهُ خُلْقَانِ لِينٌ وَشِدَّةٌ / بِعَصْفَةِ رِيحٍ فَهْوَ دَاهٍ وَأَرْفَلُ
عَلَوْنَا مَطَاهُ وَهْوَ سَاجٍ فَمَا انْبَرَتْ / لَه الرِّيحُ حَتَّى ظَلَّ يَهْفُو وَيَرْفُلُ
كَأَنَّا عَلَى أُرْجُوحَةٍ كُلَّمَا وَنَتْ / أَحَالَ عَلَيْهَا قَائِمٌ لَيْسَ يَغْفُلُ
فَطَوْرَاً لَنَا فِي غَمْرَةِ اللَّجِّ مَسْبَحٌ / وَطَوْرَاً لَنَا بَيْنَ السِّمَاكَيْنِ مَحْفِلُ
فَلا هُوَ إِنْ رُعْنَاهُ بِالْجِدِّ يَرْعَوِي / وَلا إِنْ سَأَلْنَاهُ الْهَوَادَةَ يَحْفِلُ
عَرَوْنَا فَأَبْخَلْنَاهُ فَضْلَ حِبَائِهِ / وَمِنْ عَجَبٍ إِمْسَاكُهُ وَهُوَ نَوْفَلُ
قَلِيلٌ عَلَى عَهْدِ الإِخَاءِ ثَبَاتُهُ / فَأَسْفَلُهُ عَالٍ وَعَالِيهِ سَافِلُ
إِذَا حَرَّكَتْهُ غَضْبَةٌ مَاتَ حِلْمُهُ / وَظَلَّ عَلَى أَضْيَافِهِ يَتَأَفَّلُ
شَدِيدُ الْحُمَيَّا يَرْهَبُ النَّاسُ بَطْشَهُ / وَلَكِنَّهُ مِنْ نَفْخَةِ الرِّيحِ يُجْفِلُ
كَأَنَّ أَعَالِي الْمَوْجِ عِهْنٌ مُشَعَّثٌ / بِهِ وَانْحِدَارَ السَّيْحِ شَعْرٌ مُفَلْفَلُ
ذَكَرْنَا بِهِ مَا قَدْ مَضَى مِنْ ذُنُوبِنَا / وَفِي النَّاسِ إِنْ لَمْ يَرْحَمِ اللَّهُ غُفَّلُ
وَكَيْفَ تُرَانَا صَانِعِينَ وَكُلُّنَا / بِقَارُورَةٍ صَمَّاءَ وَالْبَابُ مُقْفَلُ
فَلا تَبْتَئِسْ إِنْ فَاتَ حَظٌّ فَرُبَّمَا / أَضَاءَتْ مَصَابِيحُ الدُّجَى وَهْيَ أُفَّلُ
فَقَدْ يَبْرَأُ الدَّاءُ الْعُضَالُ وَيَنْجَلِي / ضَبَابُ الرَّزَايَا وَالْمُسَافِرُ يَقْفُلُ
وَكَيْفَ يَخَافُ الْمَرْءُ حَيْفَاً وَرَبُّهُ / بِأَحْسَن مَا يَرْجُو مِنَ الرِّزْقِ يَكْفُلُ
أَهِلالٌ بَيْنَ هَالَهْ
أَهِلالٌ بَيْنَ هَالَهْ / أَمْ غَزَالٌ فِي غِلالَهْ
صَادَ بِاللَّحْظِ فؤَادِي / أَتَرَى الْهُدْبَ حِبَالَهْ
غَرَّنِي ثُمَّ تَوَلَّى / لَيْتَ شِعْرِي مَا بَدا لَهْ
أَنَا مِنْ شَوْقِي إِلَيْهِ / وَاقِعٌ بَيْنَ ضَلالَهْ
أَيُّهَا الظَّالِمُ هَبْ لِي / مَرَّةً مِنْكَ الْعَدَالَهْ
وَارْعَ لِي حَقَّ وِدَادٍ / فِيكَ لَمْ أَقْطَعْ حِبَالَهْ
مَنْطِقٌ عَذْبٌ وَمَعْنَىً / يَبْسِمُ السِّحْرُ خِلالَهْ
كُلُّ بَيْتٍ كَنَسِيجِ الرْ / رَوْضِ حُسْنَاً وَطَلالَهْ
أَنَا فِي الشِّعْرِ عَرِيقٌ / لَمْ أَرِثْهُ عَنْ كَلالَهْ
كَانَ إِبْرَاهِيمُ خَالِي / فِيهِ مَشْهُورَ الْمَقَالَهْ
وَسَمَا جَدِّي عَلِيٌّ / يَطْلُبُ النَّجْمَ فَنَالَهْ
فَهْوَ لِي إِرْثٌ كَرِيمٌ / سَوْفَ يَبْقَى فِي السُّلالَهْ
يَا نَاصِرَ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ
يَا نَاصِرَ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ / خُذْ لِي بِحَقِّي مِنْ يَدَيْ مَاطِلِي
جَارَ عَلَى ضَعْفِي بِسُلْطَانِهِ / وَمَا رَثَى لِلْمَدْمَعِ الْهَاطِلِ
أَخْرَجَنِي عَمَّا حَوَتْهُ يَدِي / مِنْ كَسْبِيَ الْحُرِّ بِلا نَاطِلِ
مِنْ غَيْرِ مَا ذَنْبٍ سِوَى مَنْطِقٍ / ذِي رَوْنَقٍ كَالصَّارِمِ الْقَاطِلِ
أَتْلُو بِهِ الْحَقَّ وَأَرْمِي بِهِ / نَحْرَ الْعِدَا فِي الرَّهَجِ السَّاطِلِ
فَإِنْ أَكُنْ جُرِّدْتُ مِنْ ثَرْوَتِي / فَفَضْلُ رَبِّي حلْيَةُ الْعَاطِلِ
لأَمْرٍ مَا تَحَيَّرَتِ الْعُقُولُ
لأَمْرٍ مَا تَحَيَّرَتِ الْعُقُولُ / فَهَلْ تَدْرِي الْخَلائِقُ مَا تَقُولُ
تَغِيبُ الشَّمْسُ ثُمَّ تَعُودُ فِينَا / وَتَذْوَى ثُمَّ تَخْضَرُّ الْبُقُولُ
طَبَائِعُ لا تُغبُّ مُرَدّدَاتٍ / كَمَا تَعْرَى وَتَشْتَمِلُ الْحُقُولُ
فَسِيَّانِ الْجَهُولُ إِذَا تَنَاهَتْ / بِهِ الأَيَّامُ وَالْفَطِنُ الْعَقُولُ
يَزُولُ الْخَلْقُ طَوْرَاً بَعْدَ طَوْرٍ / وَتَخْتَلِفُ الْحَقَائِقُ وَالنُّقُولُ
فَمَا جَرَتِ الظُّنُونُ عَلَى يَقِينٍ / تَفِيءُ بِهِ وَلا صَحَّ الْمَقُولُ
مَا الدَّهْرُ إِلَّا ضَوْءُ شَمْسٍ عَلا
مَا الدَّهْرُ إِلَّا ضَوْءُ شَمْسٍ عَلا / وَكَوْكَبٌ غَامَ وَنَبْتٌ بَقَلْ
وَرَاحِلٌ أَعْقَبَهُ نَازِلٌ / مَا قِيلَ قَدْ خَيمَ حَتَّى اسْتَقَلْ
عَمَايَةٌ يَخْبِطُ فِيهَا النُّهَى / عَجْزاً وَلا تُبْصِرُ فِيهَا الْمُقَلْ
فَبَادِرِ النّقْلَةَ وَاعْمَلْ لَهَا / مَا شِئْتَ فَالدَّهْرُ سَريعُ النُّقَلْ
وَاصْمُتْ عَنِ الشَّرِّ إِذَا لَمْ تُطِقْ / دَفْعاً وَإِنْ صَادَفْتَ خَيْراً فَقُلْ
وَسِرْ إِذَا مَا عَرَضَتْ فُرْصَةٌ / فَالْبَدْرُ قَدْ يَنْمُو إِذَا مَا انْتَقَلْ
مَنْ طَلَبَ الأَمْرَ بِأَسْبَابِهِ / سَاعَدَهُ الْمَقْدُورُ إِمَّا عَقَلْ
قَدْ يَجْبُنُ الأَعْزَلُ وَهوَ الْفَتَى / وَيَشْجُعُ النِّكْسُ إِذَا مَا اعْتَقَلْ
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى الزَّمَانِ فَرُبَّمَا
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى الزَّمَانِ فَرُبَّمَا / خَدَعَتْ مَخِيلَتُهُ الْفُؤَادَ الْغَافِلا
وَاصْبِرْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَكُلَّمَا / ذَهَبَ الْغَدَاةَ أَتَى الْعَشِيَّةَ قَاِفلا
كَفَلَ الشَّقَاءَ لِمَنْ أَنَاخَ بِرَبْعِهِ / وَكَفَى ابْنَ آدَمَ بِالْمَصَائِبِ كَافِلا
يَمْشِي الضَّرَاءَ إِلَى النُّوُسِ وَتَارَةً / يَسْعَى لَهَا بَيْنَ الأَسِنَّةِ رَافِلا
لا يَرْهَبُ الضِّرْغَامَ بَيْنَ عَرِينِهِ / بَأْساً وَلا يَدَعُ الظِّبَاءَ مَطَافِلا
بَيْنَا تَرَى نَجْمَ السَّعَادَةِ طَالِعَاً / فَوْقَ الأَهِلَّةِ إِذْ تَرَاهُ آفِلا
فَإِذَا سَأَلْتَ الدَّهْرَ مَعْرِفَةً بِهِ / فَاسْأَلْ لِتَعْرِفَهُ النَّعَامَ الْجَافِلا
فَالدَّهْرُ كَالدُّولابِ يَخْفِضُ عَالِياً / مِنْ غَيْرِ مَا قَصْدٍ وَيَرْفَعُ سَافِلا
إِن شِئْتَ أَنْ تَحْوِي الْمَعَالِيَ فَادَّرِعْ
إِن شِئْتَ أَنْ تَحْوِي الْمَعَالِيَ فَادَّرِعْ / صَبْراً فَإِنَّ الصَّبْرَ غُنْمٌ عَاجِلُ
وَاحْلُمْ كَأَنَّكَ جَاهِلٌ وَاذْكُرْ كَأنْ / نَكَ ذَاهِلٌ وَافْطُنْ كَأَنَّكَ غَافِلُ
فَلَقَلَّمَا يُفْضِي إِلَى آرَابِهِ / فِي الدَّهْرِ إِلا الْعَالِمُ الْمُتَجَاهِلُ
لا تَحْسَبِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثِقَةٍ
لا تَحْسَبِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثِقَةٍ / مِنْ أَمْرِهِمْ بَلْ عَلَى ظَنٍّ وَتَخْيِيلِ
حُبُّ الْحَيَاةِ وَبُغْضُ الْمَوْتِ أَوْرَثَهُمْ / جُبْنَ الطِّبَاعِ وَتَصْدِيقَ الأَبَاطِيلِ
أَلا إِنَّ أَخْلاقَ الرِّجَالِ وَإِنْ نَمَتْ
أَلا إِنَّ أَخْلاقَ الرِّجَالِ وَإِنْ نَمَتْ / فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا تَفُوقُ عَلَى الْكُلِّ
وَقَارٌ بِلا كِبْرٍ وَصَفْحٌ بِلا أَذَىً / وَجُودٌ بِلا مَنٍّ وَحِلْمٌ بِلا ذُلِّ
تَسَابَقْ فِي الْمَكَارِمِ تَعْلُ قَدْرَاً
تَسَابَقْ فِي الْمَكَارِمِ تَعْلُ قَدْرَاً / فَسَبْقُ النَّاسِ لِلْخَيْرَاتِ نَضْلُ
إِذَا ذَهَبَ الْكِرَامُ فَلا رَجَاءٌ / وَإِنْ ذَهَبَ الرَّجَاءُ فَلَيْسَ فَضْلُ
إِذَا سَتَرَ الْفَقْرُ امْرَأً ذَا نَبَاهَةٍ
إِذَا سَتَرَ الْفَقْرُ امْرَأً ذَا نَبَاهَةٍ / فَلا بُدَّ يَوْماً أَنْ يُشِيدَ بِهِ الْفَضْلُ
فَإِنَّ لَهِيبَ النَّارِ مَهْمَا كَفَأْتَهُ / إِلَى أَسْفَلٍ قَسْراً فَلا بُدَّ أَنْ يَعْلُو

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025