المجموع : 18
ما حُرِّكَتْ سَكَناتُ الأعيُنِ النُجُلِ
ما حُرِّكَتْ سَكَناتُ الأعيُنِ النُجُلِ / إلّا وقد رشقَتها أسهمُ الأجَلِ
رَنَتْ إلينا عُيونُ العِينِ من مُضَرٍ / فاِستهدَفَتنا رُماةُ النَّبْلِ من ثُعَلِ
وهزّتِ الخُرَّدُ الهيفُ الحِسانُ لَنا / قاماتهِنّ فخِفنا دولةَ الأسَلِ
بمُهجتي رَبْرَب السّربِ المُخيّم في / قلبي هِلالَ نُجومِ الحيّ من ذُهلِ
تاللَّهِ لم أنسَ بالزّوراءِ زَورتَه / والليلُ خامرَ عينَ الشمس بالكَحَلِ
أمَا وزَنْجِ لَيالينا الّتي سلَفتْ / والسادةِ الغُرِّ من أيّامنا الأُوَلِ
لولا هوى ثغرِه الدُرّيّ ما اِنتشرتْ / تلك اليواقيتُ من عيني على طلَلِ
ولا شجانِيَ برقٌ في تبسُّمه / ولا جَنَيْتُ بسمعي شهدَةَ الغزَلِ
إنّا لَقومٌ تقُدُّ البيضَ أنصُلُنا / وما لَنا في لقاءِ البيضِ من قِبَلِ
نَغشى النِصال من الأجْفانِ إن برزَتْ / ونَختَشيها إذا اِنسلّت من المُقَلِ
ويَصدرُ النّبْلُ عنّا ليس يَنفذُنا / إلّا إذا كان مطبوعاً من الكحَلِ
وشَمسِ خِدرٍ بأوجِ الحُسنِ مَطلِعُها / في دارةِ الأسدِ الضّرغامِ لا الحَمَلِ
شمسٍ من الذهب الروميّ قد حُرِست / بأنجُمٍ من حَديد الهِندِ لم تَحُلِ
مخمورةَ الجَفنِ لا تنفكّ مُقلَتُها / يردّدُ الغُنجُ فيها حيرةَ الثَمِلِ
تَحولُ من دونِها لجُّ النِصال فلو / رامَ الوصولَ إليها الطّرْفُ لم يصِلِ
خَرَقْتُ سَجْفَ الضِيا عنها وجُزتُ إلى / كِناسِها فوقَ هاماتِ القَنا الذُبُلِ
حتّى إذا ما لَثَمتُ الوردَ واِنفتحَتْ / من مُقلتَيْها جُفونُ النرجسِ الكَسَلِ
قامتْ فعانَقَني ظبيٌ فقبّلَني / برقٌ ومال عليّ الغُصنُ في الحُلَلِ
واِستقبلَتني ببِشرٍ وهيَ قائلةٌ / والذُعرُ يصبُغُ منها وردةَ الخجَلِ
أمَا خشيتَ المنايا من مَناصلِها / فقلتُ والقلبُ لا يُطوى على وَجلِ
لو أتّقي الرّجْمَ من شُهبِ النِصالِ لَما / في الليلِ نلتُ عِناقَ الشمسِ في الكُلَلِ
لا يُدرك الأملَ الأسنى سوى رجلٍ / يشقُّ بحرَ الرّدى عن جوهرِ الأملِ
ولا ينالُ المعالي الغُرَّ غيرُ فتًى / يدوسُ شوكَ العَوالي غيرَ مُنتعِلِ
يولي النُضارَ إذا ضنّ الحيا كرَماً / ويعصِمُ الرأيَ أن يُفضي إلى الزّلَلِ
متوَّجُ السُمْر عالي البيضِ مجتمعٌ / مفرَّقُ الطّعمِ بين الصّابِ والعسلِ
قِرنٌ إذا ما اِكفهرّ الخطبُ سلَّ له / رأياً كمُنصُلِ منصورِ اللّوا البطلِ
قاني الصّوارمِ مُسودُّ الملاحمِ مُبْ / يَضُّ المَكارمِ مخضَرُّ الندى الخَضلِ
قُطبُ الفَخارِ شِهابُ الرّجم يوم وَغىً / بدرُ الممالك شمسُ الأرضِ والحللِ
الخائضُ الغَمراتِ السودِ حيثُ به / فَوقَ النواصي المواضي البيضُ كالظُّلَلِ
عِقدٌ تقلّدَ جيدُ الدّهرِ جوهرَهُ / فأصبحَ الدّهرُ فيه حاليَ العَطَلِ
قرّتْ به مُقَلُ الأيّامِ واِبتَسمتْ / به الثّغورُ وزانت أوجُهَ الدولِ
هو الجوابُ الّذي ردّ السؤالَ به / لسائلٍ مَن كعبدِ اللَّهِ أو كعَلي
معرَّفُ البأسِ لا ينفكّ يبرزُ في / ضميرِ جَفنٍ بقلبِ القِرن متّصلِ
يا مَنْ يشبَّهُ بالأمطار نائِلُهُ / أقصِرْ فما لُججُ الأبحارِ كالوَشَلِ
اِنظُرْ إليه ترى ليثاً وشمسَ عُلاً / وبحرَ جودٍ بَراها اللَّهُ في رجلِ
هيهاتَ يَلقى العُلا قِرناً يماثلُه / إلّا إذا غضَّ عينيهِ على حوَلِ
إذا أعدَّ قِسيُّ الجودِ يومَ ندىً / رمى بسهمِ العطايا مهجةَ البُخُلِ
منَ الألى المُكرِمي الجارِ الملمِّ بهمْ / والمُنزليهِ هِضابَ العزِّ والجَذَلِ
أمَا وبارقِ هنديٍّ وطلعتهِ / بعارِضٍ من نجيع القومِ منهمِلِ
لولاك حلّتْ بأرض الحَوزِ زلزلةٌ / ترمي دعائمَ دينِ اللّهِ بالخذَلِ
أتيتَها بعد أن كادتْ تَميدُ بنا / وكاد يُقرعُ سنُّ الأمرِ بالخبَلِ
قرّتْ بحُكمكَ حتّى قال قائلُها / قُدِّسْتَ يا عرَفات المجدِ من جبَلِ
ثقّفْتَ ميلَ قناةِ المُلكِ فاِعتدلتْ / قسراً وقوّمْتَ ما بالحقِّ من مَيَلِ
كم قد رمى إِذ نفى الأعرابُ مجدَك في / قوسِ الخِلاف سِهامَ الغيّ والجدَلِ
فلم تُصِبْكَ وما أشوَتْ سهامُهُمُ / بل أثخنَتهُمْ جِراحُ الخِزْيِ والفشَلِ
سلّوا من البغي سيفاً فانتضَيْتَ لهم / حِلماً أعادَ حُسامَ البغي في الخلَلِ
ألقيتَ فيهم عصا الرّأي المُسَدَّد إذ / ألقَوْا إليكَ حِبالَ المَكرِ والحِيَلِ
تاللّهِ لو لم يُردّوا عن ضَلالَتِهم / لأصبحَ الجيشُ فيهم أوّلَ السَّفَلِ
فاِصْلِحْ بتَدبيركَ السامي فسادَهمُ / واِسْدُدْ برأيكَ ما تَلقى من الخَلَلِ
أنت الرّجاءُ لرفعِ النازلاتِ بنا / إذ يَكشِرُ الدهرُ عن أنيابه العُضَلِ
قد خصّنا اللَّهُ من تقديس ذاتِك في / سَمحٍ يجلُّ عنِ الأندادِ والمثَلِ
مولايَ لا برِحتْ يُمناكَ هاميةً / على المُوالينَ في غَيثِ الندى الهَطِلِ
أمطرْتَنا خِلَعاً حتّى ظننْتُ بِها / قد أمطرَتْنا عُيونُ الوَبْلِ بالبَدَلِ
شُكراً لِصُنعِكَ من غَيثٍ هَمى فَبدا / روضُ الحرير على الأجسامِ والمُقَلِ
لقد كفى العِيدَ فخراً أن يُقال به / هُنّيتَ يا سيّدَ الأيّامِ والأزَلِ
العيدُ في العامِ يومٌ عُمْرُ عودتِه / وأنت عيدٌ مدى الأيّام لم تزَلِ
إن كان يُدعى بعيدِ الفِطرِ تسميةً / فأنتَ تُدعى بعيدِ الجود والخَوَلِ
فلتَهْنَ غرّتُهُ من بِشرِ وجهكَ في / هِلال تِمٍّ بنورِ الفضل مكتَملِ
واِستَجْلِها حرّة الألفاظِ واحدةً / بالحُسن تَسمو جمال السّبعةِ الأُوَلِ
فلا بَرحْتَ بأوج العزّ مرتَفِعاً / تجرّ ذيلَ المعالي من على زُحَلِ
تلثّمَ بالعقيقِ على اللآلي
تلثّمَ بالعقيقِ على اللآلي / فغشّى الفجرَ من شفَقِ الجمالِ
وقنّعَ بالدُجى شمسَ المُحيّا / فبرقَعَ بالضُحى ليلَ القَذالِ
وهزّ قَوامَهُ فثَنى قضيباً / إليهِ تنقّلتْ دولُ العوالي
ودبّ عِذارُهُ فسعتْ إلينا / أفاعي الموتِ في صُوَر النِّمالِ
بَدا فتقطّعتْ مُهَجُ الغواني / وخاضَتْ فيه أحداقُ الرجالِ
وخُتِّمَ بالعقيقِ فزان عندي / بمعصَمِ وعدِه حَليَ المِطالِ
لقد جرَحَتْ نواظِرُه فؤادي / فما لَك يا صَوارمَها وما لي
عمِلْتِ الجزْمَ بي وخفضْتِ منّي / محلّ النّصبِ ثمّ رفَعْتِ حالي
بروحي منه شخصاً جُؤذَريّاً / يَصيدُ الأُسْدَ في فعلِ الغَزالِ
تَزاوَر عن خِباهُ فثمَّ شمسٌ / تبلّجَ حولَها فجرُ النِّصالِ
وخُذْ عن وجنتَيْهِ فثمَّ وردٌ / حَماهُ الهُدْبُ من شوكِ النِّبالِ
إلامَ أُلامُ فيه ولا أُحاشي / ويرقُبُني الحِمامُ ولا أُبالي
أورّي عنْ هواهُ بحبِّ ليلى / وفيه تغزُّلي وبهِ اِشتغالي
وليلٍ كالبنفسجِ باتَ فيهِ / ينشّقُني رَياحينَ الوِصالِ
دخلْتُ عليه والظُلُماتُ تُرخي / ذَوائِبَها على صَلْتِ الهِلالِ
فقدّم لي العَقيقَ قِرىً لعَيني / وقرّطَ سَمعي الدُرَرَ الغَوالي
وبات ضجيعهُ الضرغامُ منّي / ومنهُ مُضاجعي ريمُ الحِجالِ
وقام لديهِ من وَرَعي وعيظٌ / يعرّفُني الحَرامَ من الحَلالِ
إذا اِمتدّتْ إليه يَمينُ نَفسي / ثنَيْتُ عنانَها بيَدي الشِّمالِ
وإنّي فتىً أميلُ بلحْظِ طَرْفي / لمَنْ أهوى ويُغْضي عنهُ بالي
وإنْ قامتْ إلى الفَحْشاءِ يوماً / بي الشّهواتُ تُقعِدُني خِصالي
أحبُّ الكِذْبَ في التشبيهِ هَزْلاً / وأهوى الصِّدقَ في جِدِّ المَقالِ
فلي وَعْظٌ أشدُّ من الرّواسي / ولي غزَلٌ أرقُّ من الشَّمالِ
أنا الهادي إذا الشُعراءُ هامُوا / بوادي الشِّعرِ في ليلِ الضّلالِ
مُجَلّي السابقين إلى المَعاني / وفارسُ بحثِها يومَ الجِدالِ
تدلُّ لدى النّشيدِ بناتُ فِكري / على أذُني وتُنسيني فِعالي
ويشهدُ لي بدعْوى الفضلِ قُربي / لدى برَكاتِ نقّادِ المعاني
تملّكَني هواهُ فزِدْتُ فضلاً / وفضلُ العبدِ من شرَفِ المَوالي
جمالُ الفضلِ مركزُ نيّرَيْهِ / كمالُ بُدورِ أبناءِ الكَمالِ
رفيعُ عُلاً إلى هامِ الثُريّا / رَقي بسلالِم الهِمَمِ العَوالي
موقّى العِرضِ في سَنَنِ السّجايا / مُبيدُ المالِ في سَبْقِ النّوالِ
شُجاعٌ فيه تتّسعُ المنايا / إذا ما كرّ في ضيقِ المجالِ
إذا بدُجى القَتامِ بَدا بدِرْعٍ / أرانا الشمسَ في ثوبِ الهِلالِ
هو العدلُ الّذي بالوَصْفِ يعنو / له العلَمُ المعرَّفُ بالجَلالِ
فكمْ لعِداهُ فيه منَ الصّياصي / بُروجٌ من كَواكبِها خوالِ
غَوامضُ فِكرِه تَحكي الدَّراري / وطيبُ ثَناهُ يَرخُصُ بالغوالي
يرى الدُنيا وإنْ عظُمَتْ وجلّت / لديه أقلَّ من شِسْعِ النِّعالِ
به اِنطلقَ السّماحُ وكان رَهْناً / وأضحى البُخْلُ مَشدودَ العِقالِ
تَزينُ به عواطِلها القوافي / كما تتزيّنُ البيضُ الحوالي
فلوْ مسّ الصّخورَ الصُّمَّ يوماً / لفجَّرَهُنَّ بالعَذْبِ الزُلالِ
كَميٌّ لا تُقاتِلُهُ الأعادي / بأمضى من سُيوفِ الإبتهالِ
إذا رَويَتْ صَوارِمُهُ نَجيعاً / ورَتْ بحُدودِها نارَ الوَبالِ
كأنّ دَمَ القُرونِ لها سَليطٌ / وحُمرَ شِفارِها شُعَلُ الذُبالِ
منَ القومِ الّذين سَمَوْا وسادوا / على العَرَبِ الأواخِرِ والأوالي
مُلوكٌ كالملائكِ في التّلاقي / عَفاريتٌ جِيادُهُمُ السّعالي
أثيلُ المجدِ منصورٌ عليهمْ / وصارَ العزُّ مَمدودَ الظِلالِ
تبيّن لي الحِجى والجودُ فيه / ونورُ المجدِ من قبلِ الفِصالِ
غَنيتُ عن الكِرامِ به جميعاً / وصُنْتُ الوجهَ عن بذْلِ السّؤالِ
أأسْتَسقي السّحائِبَ نازِحاتٍ / وهذا البحرُ معترِضاً حِيالي
وألقَيْتُ السِلاحَ وما اِحتِياجي / وفيه تدرُّعي وبه اِعتِقالي
ألا يا أيُّها البطَلُ المُرَجّى / لدَفعِ كتائِبِ النوَبِ العُضالِ
ويا سَيفَ المَنونِ وساعِدَيْها / وباري قَوسِها يومَ النِّضالِ
ويا قمَر الزّمانِ ولا أُكَنّي / وشمسَ ضُحى المُلوكِ ولا أغالي
لقد غُبِطَ العُلا بخِتانِ شِبلٍ / أبوهُ أنت يا ليثَ النِّزالِ
شَقيقُ الرُشْدِ تَسمِيةً وفألاً / سَليلُ المجدِ خيرُ أبٍ وآلِ
نشا فنَشا لنا منه سُرورٌ / يكادُ يهزُّ أعطافَ الجِبالِ
وحَمْحَمَتِ الجِيادُ مهلِّلاتٍ / وصالَ مكَبِّراً يومَ القِتالِ
وقرّتْ أعيُنُ البيضِ المواضي / ومِسْنَ معاطِفُ السُّمرِ الطِوالِ
هو الولَدُ الّذي بأبيهِ نالَتْ / خُلودَ الأمْنِ أفئِدَةُ الرّجالِ
فدامَ ودُمْتَ ما اِكتَسَبَتْ ضِياءً / نُجومُ الليلِ من شمسِ النّوالِ
ولا زالَتْ لك الأيّامُ تَدعو / ولا بَرِحَتْ تُهنّيكَ اللّيالي
أمَا ومَواضي مُقلتَيْها الفواصِلِ
أمَا ومَواضي مُقلتَيْها الفواصِلِ / لَتَشبيهُها بالبدرِ تَحصيلُ حاصِلِ
وياقوتِ فِيها إنّ جوهرَ جِسمِها / لَكَالماءِ إلّا أنّه غيرُ سائلِ
ووَردِ مُحيّاها النّضيرِ لقدّها / هو الرُمحُ إلّا أنّه غيرُ ذابلِ
من العِين إلّا أنّها في كِناسِها / تُظلّلُها أُسْدُ الشّرى بالمَناصِلِ
كَعابٌ تمدّ الحَتفَ في أيّ ناظرٍ / منَ الغُنْجِ إذ ترنو لمُقلةِ خاذِلِ
ذكاءٌ حمَتْها الشمسُ وهْي أسنّةٌ / وقامت لديْها نَيّراتُ المَشاعِلِ
تظنّ رُغاءَ الرّعدِ زفرَة مُدنَفٍ / فترشُقُه حُرّاسُها بالمَعاسِلِ
وتحرُسُ عن مرِّ النّسيم توهّماً / بأنّ الصَّبا تُهدي إليها رَسائلي
بروحيَ منها حاجباً غُنجُ قوسِه / تسلَّمَه من طَرْفِها أيُّ نابِلِ
وقُضبانَ بلّورٍ بدَتْ في خَواتِم / وأعمدةً من فضّةٍ في خَلاخِلِ
وزَنْدَينِ لو لم يُمسَكا في دَمالجٍ / لَسالا من الأكمامِ سَيلَ الجَداوِلِ
فَما اِختالَ ظبيٌ قبلَها في مَدارِعٍ / ولا مالَ غُصنٌ يانعٌ في غَلائِلِ
أحنّ لمرأى خدِّها وهْو مصرَعي / وأعشَقُ منها الطَّرْفَ والطّرفُ قاتِلي
فوَا عجَبا أشقى بها وهْي جنّتي / ولم أقتنِصْها والظُّبى من حَبائِلي
وليلٍ غُرابيّ الخِضابِ كفَرْعِها / طويل كحَظّي لونُه غيرُ ناصِلِ
كأنّ الدّياجي منهُ سودٌ عَوابسٌ / وأنجمُه بيضُ الحِسانِ الثّواكلِ
قضى فجرُه نحباً فأحيَتْهُ فِكرَتي / وتَرمي الحَصى باليَعْملاتِ الذّوابلِ
وبتُّ وصَحبي كالقِسيّ من السُّرى / تجافَى الكَرى ميلُ الطُّلى والكَواهِلِ
وظِلْنا نُساقي في زُجاجاتِ ذِكرِها / حُميّا هَواها في نديِّ الرّواحِلِ
فمنْ مُدنفٍ صاح بنا مثل شارِبٍ / ومن معشرٍ منّا له زيُّ ذاهِلِ
فلَولا هَواها ما صبَوْتُ إلى الصّبا / ولا رحِمَتْ دَمعي رُعاةُ المَنازلِ
ولا قنَصَتْ أختُ الغَزالِ جوارِحي / ولا هيّجَتْ وُرْقُ الحَمامِ بَلابِلي
ولَولا رُقى السِحرِ المُبينِ بلَفظِها / لَما اِلتَذّ سَمْعي في أحادِيث بابِلِ
أيَلحَقُني في حُبِّها نقصُ سَلْوةٍ / إذاً فارَقَتْني نِسبَتي للفَضائِلِ
ولا صافَح الخطّيُّ منّي يَدَ النّدى / ولا عانَقَتْ جِيدَ المَعالي حَمائِلي
ولا نصَبَ البيضُ الجَوازِمُ رُتْبَتي / ولا رفعَتْها هِمّتي بالعَوامِلِ
وإنّي لظَمآنٌ إلى عذبِ منهَلٍ / حمَتْ شهدَهُ نُجْلُ الرِماحِ النّواهلِ
بحيثُ تَحوطُ الأُسْدُ مربَضَ باغِمٍ / وتوقِظُ طرْفَ المَوتِ دعوَةُ صاهِلِ
وما مَوْرِدي عذْبٌ إذا لم أرَ الظُّبى / تَشوبُ نُضاراً في لُجَينِ المَناهِلِ
سقى اللّه قوماً خيّموا أيمنَ الحِمى / وحيّا بشَرقيِّ الغَضا كُلَّ وابِلِ
وللّهِ أيّامُ السُرورِ وحبّذا / مَواسِمُ لذّاتِ الليالي الأوائِلِ
أمَا آنَ أن تَدنوا الديارُ فينجَلي / ظلامُ التّنائي في صباحِ التّواصُلِ
فحتّام تستَجْدي النّوى يمَّ مُقلَتي / فيرفِدُها دُرُّ الدُموعِ الهَوامِلِ
أكانَتْ جُفوني كلّما اِعترَض النّوى / بَنانَ عليٍّ والنّوى كفَّ سائِلِ
جَوادٌ إذا ضنّ الغَمامُ على الوَرى / تَوالَتْ يَداهُ بالغُيوثِ الهَواطِلِ
شريفٌ مُحلّى التّاجِ في حَلْي فضلِهِ / تُزانُ صُدورُ المَكْرُماتِ العَواطِلِ
له راحةٌ لو تَرضَع المُزنُ دَرَّها / سمَتْ باللآلي مُعْصِراتُ الحَوامِلِ
أحاطَتْ بأوساط الدُهورِ ووشّحَتْ / حُظوظَ الوَرى منها خُطوطُ الأنامِلِ
تلَذُّذُه بالبأسِ والعَفْو والتُقى / وبَذْلِ العَطايا لا بطِيبِ المآكِلِ
يهزّ اِفعُوانَ الرُمحِ في كفِّ ضيغَمٍ / ويُمسِكُ هزَّ السيفِ في بحرِ نائِلِ
يُقلِّبُ فيه الدّهْرُ أجفانَ حائِرٍ / ويرنو إليه الغيثُ في طَرْفِ آمِلِ
هُمامٌ يَصيدُ الأُسْدَ ثعلبُ رُمحِه / إذا الرُّبْدُ زُفَّتْ في بِرازِ الجحافِلِ
فما صارَ شيءٌ من عِداهُ بأرضِه / سِوى ما سَرى من لحمِهم في الحَواصِلِ
لطاعَتِه قامَتْ على ساقِها الوَغى / ونكّسَ ذُلّاً رأسَه كلُّ باسِلِ
وشُدّت على الأوساطِ من خدَمِ القَنا / لدَيْهِ زنانِيرُ الكُعوبِ العَوامِلِ
وليس اِضطِرابُ الريحِ خُلْقاً وإنّما / رمَتْها دَواعي ذُعْرِه بالأفاكِلِ
يرى زَورَة العافي ألَذَّ منَ الصَّبا / وأحسنَ من وَصْلِ الحبيبِ المُماطِلِ
هو المِصقَعُ اللَّسْنُ الّذي لبَيانِه / بنَظْمِ القَوافي مُعجِزاتُ الفَواصِلِ
وموضوعُ علمِ الفضلِ والعَلَمُ الّذي / عليهِ وُجوباً صحّ حملُ الفَواضِلِ
يُعدّي فِعالَ المَكرُمات بنَفسِها / إلى آملِيه لا بجَرِّ الوَسائلِ
مضى فعلُه المُشتَقُّ من مصدَر العُلا / فصحّ له منهُ اِشتِقاقُ اِسمُ فاعِلِ
تكادُ القَنا قَسراً بغيرِ تثقّفٍ / يقوّمُ منها عدلُه كلَّ مائِلِ
وإنْ تنحَني حَنيَ الأساوِر قُضبُه / لِما أثقلَتْها من دُخولِ القَبائِلِ
فلا تطلبوا يا حاسِدِيه اِغتيالَه / فتخطفكُم غُولُ الخُطوبِ الغَوائِلِ
ولا تنزِلوا أرضاً بها حلّ سُخطُه / فتنزِلَ فيكم صاعِقاتُ النّوازِلِ
تولّى بلادَ الحَوْزِ فلْيَخْلُ بالُها / وتفْرَغَ من بعدِ الهُمومِ الشّواغِلِ
لقد قرّ طُورُ المَجدِ فيها مكانَهُ / وقد كان دكّاً قبلَهُ بالمَنازِلِ
وفكّ عن المُلْكِ الوِثاقَ فأصبحَتْ / شَياطينُه من قَهرِه في سَلاسِلِ
وزال ظلامُ الغَيّ عن نيّر الهُدى / وحُكّمَ سيفُ الحقِّ في كلّ باطِلِ
فحسبُك يا بِكْرَ العُلا مَفخراً فقدْ / تزوّجْتَ منه بالكِرامِ الحلائِلِ
فَيا اِبْنَ حُسام المَجد والعامِلِ الّذي / به اِنصرفَتْ قَسْراً جميعُ القَبائِلِ
لقد فُقْتَ آباءَ الكِرامِ بوالِدٍ / به خُتِمَتْ غُرُّ الكِرامِ الأفاضِلِ
محلُّ سِماكِ الفَضْلِ مركزُ شمسِهِ / مقرُّ دَراري غامِضاتِ المَسائِلِ
صَفوحٌ صَدوقٌ حاكمٌ متشرّعٌ / عَفيفٌ شريفٌ ما له من مُماثِلِ
فقيهٌ حكيمٌ عالمٌ متكلّمٌ / ينصُّ على أحكامِه بالدّلائِلِ
مَناقِبُ فخرٍ حُزْتَها يا اِبنَهُ / وحسبُكَ فخراً ما به من شَمائِلِ
فلا زِلْتَ قُطباً ثابتاً في العلا ولا / برِحْتَ هِلالاً كاملاً غيرَ آفِلِ
سفرَتْ فبَرْقَعَها حِجابُ جَمالِ
سفرَتْ فبَرْقَعَها حِجابُ جَمالِ / وصحَتْ فرنّحَها سُلافُ دَلالِ
وجَلَتْ بظُلمةِ فرعِها شمسَ الضُحى / فمَحا نهارُ الشّيبِ ليلَ قَذالِ
وتبسّمَتْ خلفَ اللّثامِ فخِلتُها / غيماً تخلّلَهُ وميضُ لآلي
ورنَتْ فشدّ على القُلوبِ بأسرِها / أسدُ المنيّةِ من جُفونِ غَزالِ
ما كُنتُ أدري قبلَ سودِ جُفونِها / أنّ الجُفونَ مكامِنُ الآجالِ
بِكرٌ تقوّم تحت حُمرِ ثيابِها / عرَضُ الجمالِ كجوهَرٍ سيّالِ
ريّانةٌ وهَبَ الشّبابُ أديمَها / لُطْفَ النّسيمِ ورقّةَ الجِريالِ
عذُبَتْ مراشِفُها فأصبحَ ثغرُها / كالأُقحوانِ على غَديرِ زُلالِ
وسَرى بوجنَتِها الحياةُ فأشبَهَتْ / ورْداً تفتّحَ في نَسيمِ شَمالِ
وسخا الشقيقُ لها بحبّةِ قلبِه / فاِستعمَلَتْها في مكان الخالِ
حتّام يطمعُ في نَمير وصالِها / قلبي فتورِدُه سَرابَ مِطالِ
عُلّتْ بخمرِ رُضابِها فمِزاجُها / لم يصْحُ يوماً من خُمارِ مَلالِ
هي مُنيَتي وبها حُصولُ منيّتي / وضياءُ عَيني وهْي عينُ ضَلالي
أدنو إليها والمنيّةُ دونَها / فأرى مَماتي والحياةُ حِيالي
تخفى فيُخفيني النُحولُ وينجَلي / فيقومُ في الليلِ التّمامِ ظِلالي
علِقَتْ بها روحي فجرّدَها الضّنى / من جِسمِها وتملّقَتْ بمِثالِ
فلوَ اِنّني من غيرِ نومٍ زُرْتُها / لتوهّمَتْني زُرتُها بخيالِ
لم يُبقِ منّي حُبُّها شيئاً سوى / شوقٍ ينازعُني وجذبةِ حالِ
من لم يصِلْ في الحبّ مرتبةَ الفَنا / فوجودُه عدمٌ وفرضُ مُحالِ
فكري يصوّرُها ولم ترَ غيرَها / عَيني ورسْمُ جَمالِها بخَيالي
فوقي وقدّامي وعكسُهُما أرى / منها المِثالَ ويَمنَتي وشمالي
بانت فلا سجَعَتْ بلابلُ بانةٍ / إلّا أبانتْ بعدَها بَلبالي
أنا في غديرِ الكرختَيْن ومُهجَتي / معها بنجدٍ في ظِلالِ الضّالِ
حيّا الحَيا حيّاً بأكنافِ الحِمى / تحميهِ بيضُ ظُباً وسُمرُ عَوالي
حيّاً حَوى الأضدادَ فيه فنَقْعُهُ / ليلٌ يقابلُهُ نَهارُ نِصالِ
تلْقى بكلٍّ من خُدودِ سَراتِه / شمساً قدِ اِعْتَنَقَتْ ببَدْرِ كَمالِ
جمعَ الضّراغِمَ والمَهى فخيامُه / كُنُسُ الغَزالِ وغابةُ الرّئبالِ
وسَقى زَماناً مرّ في ظَهْرِ النّقا / وليالِياً سلَفَتْ بعينِ أثالِ
لَيْلاتِ لذّاتٍ كأنّ ظلامَها / خالٌ على وجهِ الزّمانِ الخالي
نُظِمَتْ على نسَقِ العُقودِ فأشبَهَتْ / بيضَ اللآلي وهْيَ بيضُ لَيالي
خيرُ الليالي ما تقدّم في الصّبا / كم بين منْ جلّى وبين التّالي
للَّهِ كم لكَ يا زَماني فيَّ منْ / جُرحٍ بجارحةٍ وسَهْمِ وَبالِ
صيّرتَني هدَفاً فلو يسْقي الحيا / جدَثي لأرْبَتْ تُربَتي بنِبالِ
ألِفَتْ خُطوبَك مُهجَتي فتوطّنَتْ / نفسي على الإقدامِ في الأهوالِ
وترفّعَتْ بي همّتي عن مِدحةٍ / لسِوى جَنابِ أبي الحُسينِ العالي
وقطعْتُ من كلِّ الأنامِ علائِقي / ووصَلْتُ فيه وفي بَنيه حِبالي
حُرٌّ تولّد طاهِرٌ من طاهِرٍ / فأتى بكلِّ مطهّرٍ مِفضالِ
هو نيّرٌ كم قد أتى من صُلبِه / قمرٌ وكم من كوكبٍ مِفصالِ
من كلّ وضّاحِ الجبينِ كأنّما / مسحَتْ عليهِ راحةُ الإقبالِ
أو كلِّ مأمونِ النجيبةِ ماجدٍ / نَجِسِ الصّوارمِ طاهرِ الأذيالِ
صورٌ علينا بالنّجومِ تشابهَتْ / لتَناسُبِ الآثارِ والأشكالِ
همْ عشرةٌ مثلُ الأصابعِ للعُلا / خُلِقَتْ لضرْبِ طُلىً وبَذْلِ نَوالِ
تَدري الليالي العَشْرُ أنّ بُدورَها / لوجوهِ تلك العَشرةِ الأقيالِ
فدعِ اليَمينَ بها وأقسِمْ فيهم / فلقد تحوّل فضلُها برجالِ
في العالم العُلوي عُقولٌ رُتّبتْ / وهمُ لها في الأرض كالأمثالِ
ساوَتْهُمُ عدداً وساوَوْها عُلاً / فالفرقُ لا يخلو من الإشكالِ
هي ثمَّ أشكالُ السّعادةِ والشّقا / وهمُ نتائجُ تلكُمُ الأشكالِ
جمْعٌ همُ عند الحقيقةِ واحدٌ / كاللّجِّ فُرِّقَ موجُهُ المتوالي
نفرٌ إذا سُئلوا فأبحارٌ وإنْ / حفّ الكُماةُ فراسياتُ جِبالِ
ركبوا الجيادَ فقلتُ رُبْدٌ فوقَها ال / عِقبانُ أو تحتَ الأسودِ سَعالي
ونَضوا السّيوفَ فقلتُ غُرُّ مَلائِكٍ / هزّتْ يَدَيْها أنيبُ الأغوالِ
عزلوا عنِ السّمعِ المَلامَ وحكّموا / بيضَ العَطايا في رِقابِ المالِ
أُسدٌ لحبّهمِ الصوارمَ والقَنا / قطعوا بأنّ النّقْعَ ليلُ وِصالِ
قبلَ البُلوغِ لقوا العِدا وتقمّصوا / بالزّغفِ وهْيَ طويلةُ الأذيالِ
وتراضَعوا لبنَ الفصاحةِ والنُهى / فتكلّموا بالفصلِ قبل فِصالِ
نُتِجوا نِتاجَ الصّاعقاتِ على العِدا / من صُلبِ ذاكَ العارضِ الجَلْجالِ
فتخلّقوا في خُلقِه فتخلّقوا / بدمِ الأسودِ وأنفُسِ الأبطالِ
وتتبّعوا الآثارَ منهُ فحاولوا / فوقَ النّجومِ مداركَ الآمالِ
ما زالَ يُرسلُهُمْ سَحائِبَ رحمةٍ / طوراً وطوراً بارِقاتِ نَكالِ
فيه على الإجمالِ كلُّ فضيلةٍ / وهمُ مفصّلُ ذلك الإجمالِ
أسرارُ لُطفِ اللَّه قد ظهرَتْ بهم / ومظاهِرُ الأسرارِ في الأفعالِ
من عِترةٍ عندي أعُدُّ ولاءَهم / وثناءَهُم من أعظمِ الأعمالِ
في آية التطهير قد دخلوا ولو / سبقوا لضمَّهُم العَبا في الآلِ
واليتُ والدَهم عليّاً فهو لي / مولىً ولا أحداً سواهُ أوالي
قلبي وكلُّ جوارحي ومفاصلي / تُثْني عليه وما حوى سِربالي
فطِنٌ كأنّي إذ له أُهدي الثّنا / أضعُ اللآلي في يديّ لآلي
سمْحٌ به اِنفرجَتْ عُيونُ قريحَتي / فجرَتْ وحلَّ به الزّمانُ عِقالي
بنداهُ علّمني القريضَ فصُغتُه / فأتيتُ فيه مرصَّعَ الأقوالِ
ولَهجْتُ فيه وكان دهراً عاطِلاً / فأزَنْتُهُ منه بحَلي خِصالِ
ولفظْتُ بعضاً من فرائِدِ لفظِه / فجعلْتُه وسَطاً لعقدِ مَقالي
أتلو مدائحَهُ فيعْبَقُ طيبُها / وكذا القوافي العالياتُ غَوالي
يا زينةَ الدُنيا ولستُ مبالِغاً / وأجلَّ أهليها ولستُ أُغالي
هُنّيتَ بالأفراحِ يا أسدَ الشّرى / بخِتانِ سِبْطٍ أكرمِ الأشبالِ
سِبطٍ تشرّفَ في أبيه وجدّه / ونَجابةِ الأعمامِ والأخوالِ
ما في أبيه السيّدِ اللاوي به / من فتكةٍ وسماحةٍ ومَعالي
منذُ اِستهلّ به تبيّن ذا ولم / تلدِ الأفاعي الرُقْمُ غيرَ صِلالِ
بالمَهْدِ قد أوتي الكَمالَ وإنّما / غلبَتْ عليه عادةُ الأطفالِ
نورٌ أتى من نَيّرَينِ كلاهُما / منكَ اِستفادا أيّ نُورِ جَلالِ
سَعداهُما اِقترَنا معاً فتثلّثا / بجبينِ أيّ فتىً سعيدِ الفالِ
يَجري الصِّبا في عُودِه فتظنُّهُ / نَصْلاً ترقْرَقَ فيهِ ماءُ صِقالِ
ويلوحُ نورُ المَجْدِ وهْوَ بمَهْدِه / فيهِ فتَحْسَبُهُ شُعاعَ ذَبالِ
فعساكَ تختُنُ بعدَه أولادَه / في أحسنِ الأوقاتِ والأعمالِ
وعسى لك الرحمنُ يقبَلُ دعوتي / ويُجيبُ فيكَ وفي بَنيكَ سؤالي
للّهِ قومٌ بأكنافِ الحِمى نزَلوا
للّهِ قومٌ بأكنافِ الحِمى نزَلوا / همُ الأحبّةُ إن صدّوا وإن وصَلوا
ودَرَّ درُّهُمُ من جيرةٍ معهم / لم يبرحِ القلبُ إن ساروا وإنْ نزَلوا
جعلْتُهُم لي وُلاةً واِرتَضَيْتُ بما / يقضون في الحُبِّ إن جاروا وإن عدَلوا
همُ همُ سادتي رقّوا قسَوا عطَفوا / جفَوْا وفَوْا خلّفوني أنجَزوا مطَلوا
ودّوا فلو هجَروا زاروا صفَوْا كدَروا / قد حسّنَ الحُبُّ عندي كلّما فعَلوا
رَعْياً لماضي زَمانٍ فُزْتُ فيه بهم / وحبّذا بالحِمى أيّامُنا الأُوَلُ
عصْرٌ كأنّ الليالي فيهِ بيضُ دُمىً / لُعْسُ الشِّفاهِ وأوقاتَ اللّقا قُبَلُ
إذا الرّواةُ روَوْا عنهُ لنا خبَراً / كأنّهم نقلونا بالّذي نقَلوا
كم في القِبابِ لديهم من محجّبةً / في الحُسنِ والعزِّ منها يُضرَبُ المثَلُ
بِكرٌ هي الشّمسُ في إشراقِ بهجَتِها / لو لم يُجِنَّ سَناها فرعُها الجَثِلُ
ودُميةُ القصر لولا سِمْطُ منطقِها / وظبيةُ القَفْرِ لولا الحَليُ والعطَلُ
سيّان بيضُ ثناياها إذا ضحِكَتْ / ومَبسَمُ البرْقِ لولا النّظمُ والرّتَلُ
يبدو الصّباحُ فيَستَحيي إذا سفرَتْ / عنِ المُحيّا فيعلو وجهَهُ الخَجَلُ
تختالُ في السّعي سُكراً وهْيَ صاحيةٌ / فتنقُضُ الصّبرَ منها وهْيَ تنتَقِلُ
تغزو القلوبَ بلَحظَيْها ومُقلَتها / لولا النُّعاسُ لقُلْنا جفنُها خلَلُ
أفديهِم من سَراةٍ في جواشِنِهم / وفي البراقعِ منهُم تلتَظي شُعَلُ
فُرسانُ طَعْنٍ وضرْبٍ غيرَ أنّهُمُ / أمضى سِلاحِهم القاماتُ والمُقَلُ
شُوسٌ على الشّوسِ بالبيضِ الرِّقاقِ سطَوا / وبالجُفونِ على أهلِ الهَوى حمَلوا
في غِمد كلِّ هزَبْرٍ من ضَراغِمهم / وعَينِ كلِّ مَهاةٍ كامنٌ أجَلُ
لم أدْرِ من قَبلِ ألقى سُودَ أعيُنِهم / أنّ المنيّةَ من أسمائِها الكَحَلُ
كلّا ولا خِلْتُ لولا حَليُ خُرَّدِهم / أنّ الدّنانيرَ ممّا يُثمِرُ الأسَلُ
بالبيضِ قد كلّلوا أقمارَهُم وعلى / شُموسِهم بالدّياجي تُضرَبُ الكُلَلُ
صباحُهُم من وُجوهِ البيضِ منفَلِقٌ / ولَيلُهُم من قُرونِ العِينِ مُنسدِلُ
صانوا من الدُّرِّ ما حازَتْ مباسِمُهُم / وما حوَوا منه في راحاتِهم بذَلوا
سُودُ الذّوائِبِ والأحداقِ تحسَبُهم / تعمّموا بسوادِ الليلِ واِكتَحَلوا
يَروقُ في أُسْدِهم نَظمُ القَريضِ وفي / غِزلانِهم يَحسُنُ التّشبيبُ والغزَلُ
تُمْسي القُلوبُ ضُيوفاً في منازلِهم / ولا لهُنّ سِوى نيْرانِهم نُزُلُ
همُ الأكارمُ إلّا أنّهم عرَبٌ / عندَ الكرائمِ منهُم يحسُنُ البُخُلُ
أمَا وَلُدْنٍ تثنّتْ في مناطقِهم / تحت الحَديدِ وقُضْبٍ فوقَها حُلَلُ
وبِيضِ حبّاتِ دُرٍّ بعضها لفَظوا / وبعضهُنّ لأعناقِ الدُّمى جعَلوا
لولا عُيونٌ وقاماتٌ بنا فتكَتْ / لم نَخْشَ من وقْعِ ما سَلّوا وما قتَلوا
لا أطْلَعَ اللَّهُ فجراً في مَفارقِهم / ولا اِنجَلى ليلُها عنهُم ولا أفَلوا
ولا صحَتْ من سُلافِ الدَّلِّ أعيُنُهم / ولا سَرى في سِواها منهُمُ الكَسَلُ
لولا هَواهُم لما أبلى الضّنى جسَدي / ولا شجَتْني رُسومُ الدّارِ والطّلَلُ
ولا تفرّقَ قلبي بالرّسومِ كما / تفرّقتْ من عَليٍّ في الوَرى الخَوَلُ
المُوسَويُّ الّذي مِشكاةُ نِسبتِه / أرحامُها بشِهابِ الطّورِ تتّصِلُ
كريمُ نَفْسٍ تُزانُ المَكرُماتُ به / ومنهُ تنشأُ بالدُّنيا وتنتقِلُ
طَوْدٌ لوَ اِنّ سَرَنْدِيباً تبدّلُه / لساكِني الحَوْزِ بالرّاهونِ ما قَبِلوا
ولو إلى أرضه يهوي الهِلالُ دُجىً / لم ترضَهُ أنّه من نَعلِها بدَلُ
قِرنٌ يَميلُ إلى نَحوِ الظُّبا شغَفاً / كأنّهُنّ لديهِ أعيُنٌ نُجُلُ
يغشى العِدا مثلَ ماضيهِ وعاملُه / يهتزُّ بِشراً ويَثني عِطفَهُ الجذَلُ
في طرْفِ هِنديّه من ضَربه رَمَدٌ / وفي عَواليهِ من خَمْرِ الطُّلا ثمَلُ
له سُيوفٌ إذا ما النّصرُ أضحكَها / تَبكي الرِّقابُ وتَنعى نفسَها الظُّلَلُ
جِراحُها وعُيونُ الصّبِّ واحدةٌ / لا تِلْكَ تَرْقا ولا هاتِيكَ تَندَمِلُ
بيضُ الجوانبِ كالأنهارِ من لبَنٍ / تظنّها بالوَفا يَجري بها العسَلُ
حَليفُ بأسٍ إذا اِشتدّتْ حميّتُه / لولا نَدى راحتَيْهِ كادَ يشتعِلُ
يغزو العدوَّ على بُعْدٍ فيُدرِكُه / كالنّجمِ يَسري إليه والدُّجى جمَلُ
يكادُ كلُّ مكانٍ حلَّ ساحتَهُ / يَقفوهُ شَوقاً إليهِ حينَ يرتَحِلُ
تَلقى مراقِدَ نُورٍ في مَواطِئِه / كأنّه بأديمِ الشّمسِ مُنتَعِلُ
لا يُطْمعُ الخصمَ فيه لِينُ جانبِه / فقد تَلينُ الأفاعي والقَنا الذُّبُلُ
ولا يغُرُّ العِدا ما فيهِ من كرَمٍ / فمُحْدِثُ الصّاعِقاتِ العارضُ الهَطِلُ
يمدُّ نحو العُلا والمَكْرُماتِ يَداً / خُطوطُها للمَنايا والمُنى سبُلُ
يدٌ إلى كلِّ مِصْرٍ من أنامِلِها / تَسري الأيادي وفيها ينزِلُ الأملُ
كأنّ خاتَمَهُ يومَ النّوالِ بها / قوسُ السّحابِ الغَوادي حينَ ينهَمِلُ
حازَ الكَمالَ صبيّاً منذُ مولدِه / وقام بالفَضْلِ طِفلاً قبلَ ينفصِلُ
نفْسٌ من القُدْسِ في ذاتٍ مجرّدةٍ / بالعُرْفِ جازَ عليها يصدُقُ الرّجُلُ
ما لاحَ فوقَ سريرٍ مثلَهُ قمرٌ / ولا تمطّى جواداً قبلَهُ جَبَلُ
ولا تنسّكَ زُهْداً غيرَهُ أسَدٌ / ولا تديّن في دينِ الظّبا بَطَلُ
هل عانقَ الشّمسَ إلّا سيفَهُ فلَقٌ / واِستغرَقَ البحرَ إلّا دِرعهُ وشَلُ
باهَتْ مناقبهُ الدُّنيا به فعَلا / قدْراً على سائِر الأيّام واِستفَلوا
حكَوهُ خَلْقاً وما حازوا خلائِقَهُ / والناسُ كالوحْشِ منها الليثُ والوَعلُ
أنّى يحاوِلُ فيه مدّعٍ صفةً / وهل يُحصِّلُ طِيبَ النّرجسِ البصلُ
ما كلُّ ذي كرَمٍ تحوي مكارمُه / والدّرُّ في كلِّ بحرٍ ليسَ يحتَمِلُ
لديه أغلى لِباسِ المرءِ أخشنُه / وأحسَنُ الخزِّ والدّيباجِ مُبتذَلُ
لو باللّباسِ بدونِ البأسِ مفتخَرٌ / فاقَ البُزاةَ بحُسْنِ الملْبسِ الحَجَلُ
يا اِبْنَ الأُسودِ الألى يوماً إذا حملَتْ / بالأفْقِ يُشفِقُ منها الثَّوْرُ والجمَلُ
زانَتْ بأبنائِكَ الدُّنيا وفيكَ ولو / لم يُولَدوا لم تَجِدْ كُفْؤاً لها الدّوَلُ
أنتم شُموسُ ضُحاها بل وأنجُمُها / لَيلاً وأوقاتُها الأسْحارُ والأُصُلُ
عنكم ومنكم رُواةُ المجدِ قد أخذوا / عِلمَ المَعالي ولولاكم به جهِلوا
يدرونَ أنّكُم حقّاً أئِمّتُهُم / ويعلَمون يَقيناً أنّكُم قُبُلُ
إذا العَياءُ كَساكُم فضْلَ ملْبَسِه / فأيُّ فخرٍ عليكُم ليسَ يشتمِلُ
أدواكُمُ لسَقيمِ المجدِ عافيةٌ / لكنّهُنّ لأبحارِ الثّنا عِلَلُ
كأنّما خُلِطَتْ بالطّينِ طينَتُكُم / فنَبْتُها ليس إلّا الوردُ والنّفَلُ
مولايَ ذا الصّومُ أبقى أجرَهُ ومضى / لديكَ والفِطْرُ والإقْبالُ مُقتَبَلُ
واِسعَد بعودةِ عيدٍ عاد فيه لَنا / فيكَ السّرورُ وزال الهمّ والوجَلُ
عيدٌ تشرّفَ يا اِبْنَ الطّاهرينَ بكُم / لِذا به ملّةُ الإسلامِ تحتفِلُ
فاقَ الزّمانَ كما فُقْتَ الملوكَ فَما / كِلاكُما سيّدٌ في قومِه جلَلُ
واِسْتَجْلِ طلعةَ فِطْرٍ فوقَ غُرّتِه / هِلالُ سَعْدٍ سَناهُ منكَ مُنتَحِلُ
شيخاً تأتّاكَ كالعُرْجونِ مُنحنياً / وأنت كالرّمحِ رَطْبُ العودِ مُعتدِلُ
رآكَ بعدَ النّوى ليلاً فعادلَهُ / عُمرُ الشّبيبةِ غضّاً وهْوَ مُكتَحِلُ
ولا برِحْتَ مُطاعَ الأمرِ مقتدِراً / يجري القضاءُ بما تَقْضي ويمتثِلُ
خطَبْتَ المجدَ بالأسَلِ العَوالي
خطَبْتَ المجدَ بالأسَلِ العَوالي / ففُزْتَ بوصْلِ أبكارِ المَعالي
وحاولْتَ العُلا فلذِذْتَ منها / بشهدٍ دونَه لسْعُ النِبالِ
وجُزتَ إلى الثّنا لُجَجَ المَنايا / فخُضْتَ اليمّ في طلبِ اللآلي
وقارَعْتَ الخُطوبَ السودَ حتّى / أرَضْتَ جوامحَ النّوَبِ العُضالِ
وأرْعَشْتَ القَنا حتّى ظننّا / نفَحْتَ بهنّ أرواحَ الصِلالِ
وصافحْتَ الصِّفاحَ فلاحَ فيها / وُجوهُ الموتِ في صوَرِ النِّمالِ
حوَيْتَ المجدَ أجمعَهُ صَبيّاً / تحنّ هَوىً إلى الحربِ السِّجالِ
تُكنّي بالقَريض عن المَواضي / بذِكرِ قِصارِ أيّامِ الوِصالِ
وعن عَذْبِ القَنا بقُرونِ ليلى / فتنسِبُ في لياليها الطِوالِ
فكم أقْرَحْتَ أكبادَ الأعادي / وكم أرْمَدْتَ أجفانَ النِّصالِ
وكم صبّحْتَ بالغاراتِ حيّاً / فأصبح ميّتَ الأطلالِ بالي
وأمسى والدِّيارُ معطّلاتٌ / من الفِتيان والبيضِ الحَوالي
وكم لكَ بالحُوَيْزةِ يومَ حربٍ / تَشيبُ لهولِه لِمَمُ اللّيالي
ويومٍ مثل يومِ الحشْرِ فيه / تَميدُ الرّاسياتُ منَ الجِبالِ
به الأعلامُ كالآرام تَسْري / فتَشْتَبِه الرِّعانُ مع الرِّعالِ
مَهولٌ فيه نارُ الحِقدِ تغلي / مراجلُها بأفئِدَة الرِّجالِ
به اِجتمعَتْ بَنو لامٍ جميعاً / تُستِّرُ جانبَ الطّرفِ الشّمالي
ولاذوا بالحُصونِ فما اِستفادوا / نجاةً بالجِدارِ ولا الجِدالِ
غُواةٌ قامَ بينهُمُ غَويٌّ / يُمنّيهم بأنواعِ المُحالِ
جزى نُعماكَ طُغياناً وكُفْراً / فحلّتْ فيه قارعةُ النّكالِ
تخيّلَ سحرَ باطلِه لديهمْ / وأوهمَهُم بحيّاتِ الحِبالِ
فجِئْتَ ببيّناتِ الحقِّ حتّى / تهدّم ما بَنوهُ على الجِبالِ
تَرومُ رُماتُهم غيّاً وغَدراً / تُصيبُ عُلاكَ في سَهْمِ اِغتيالِ
أمَا علِموا بأنّك يا عليٌّ / لَباري قوسها يومَ النِّزالِ
تناءَوْا بالدّيارِ فكنتُ أسري / إليهم بالخُيولِ من الخَيالِ
ملأتَ الرُّحبَ حولهمُ جُيوشاً / تُكاثرُ عدَّ حبّاتِ الرّمالِ
إلى عقَباتِها العِقبانُ تأوي / وتمدَحُ في ضراغِمِها السّعالي
كتائِبُ للحَديدِ بها وَميضٌ / تمرُّ عليكَ كالسُّحُبِ الثِّقالِ
ولمّا لم تجِدْ للصُّلْحِ وجهاً / ولا للعَفْوِ عنهُم والنّوالِ
قذَفْتَهُمُ بشُهْبٍ من حديدٍ / وأقْمارٍ سَواءٍ في الكَمالِ
بُدورٌ من بَنيك تحفُّ فيها / نجومٌ من بَني عمٍّ وخالِ
سُلالاتٌ إلى المُختار تُعزى / وأرْحامٌ به ذاتُ اِتّصالِ
رَوَوْا سندَ المفاخِر عن أبيهم / وعن أجدادِهم شرفَ الخِصالِ
فِعالهُمُ وأوجُهُهُم سَواءٌ / تَمامٌ بالجميلِ وبالجمالِ
جعلتَهُم أمامكَ في التّلاقي / مقدّمةَ الجُيوشِ وأنت تالِ
فكنتَ كفيلَ أظهُرِهم وكانوا / لك الكُفَلاءَ من قُبُلِ النِّزالِ
إذا جفلَ الخميسُ ثَبتّ حتّى / يعودَ الهاربونَ إلى القِتالِ
كأنّك يا عليَّ المجدِ فِينا / سميُّكَ يومَ أحزابِ الضّلالِ
حمَلْتَ على العِدا وبنوكَ صالوا / فضاقَ بجيشهمْ رَحْبُ المَجالِ
وكانوا كالجوارِحِ كاسراتٍ / فولّوا مثلَ نافِرةِ الرّئالِ
وعن نارِ الظُّبا للشّطِّ فرّوا / فكانَ الماءُ من نارِ الوَبالِ
رأوا أنّ الرّدى بالسّيفِ مُرٌّ / فذاقوا الموتَ بالعَذْبِ الزُّلالِ
فكم صرعَتْ سُيوفُكَ من هِزَبْرٍ / بحيّهم وعفّتْ عن غَزالِ
لَئِنْ أغضَبْتَ بيضَ الشّوسِ منهُم / فقد أرضَيْتَ بيضاتِ الحِجالِ
تركْتَ سُراتَهُم صَرعى غَداةً / وحُزْتَ الحَمدَ في سَتْرِ العِيالِ
ألا يا معشرَ الأعْرابِ كُفّوا / وتوبوا عن خَبيثاتِ الفِعالِ
فإنْ تُبْتُم فبُشْراكُم بعَفوٍ / ومغفرةٍ وحُسْن مآلِ حالِ
وإنْ عُدْتُم يَعُد يوماً بأخرى / تُصبّحُكم أشدَّ من الأَوَالي
ليهنِكَ سيّدي فتحٌ قريبٌ / بَعيدُ الصّيتِ مرتَفعُ المَنالِ
ونصرٌ لا يزالُ الدهرُ منه / عليكَ يزُفُّ ألويةَ الجَلالِ
فلا برِحَتْ ديارُك مؤنِقاتٍ / ورَوْحُ عُلاكَ مَمدودَ الظِّلالِ
ولا زالَتْ شُموسُكَ مُشرِقاتٍ / بدائِرةِ الزّوالِ بلا زَوالِ
فخرُ الوَرى حيدريٌّ عمَّ نائِلُهُ
فخرُ الوَرى حيدريٌّ عمَّ نائِلُهُ / فجرُ الهُدى ذو المَعالي الباهراتِ علي
نجمُ السُّهى فلكيّاتٌ مراتِبُه / بادي السّنا نيّرٌ يسمو على زُحَلِ
ليثُ الثّرى قبَسٌ تَهمي أنامِلُه / غيثُ النّدى مورِدٌ أشهى من العسَلِ
بدْرُ البَها أفُقٌ تَبدو كواكِبُه / شمسُ الدُّنا صُبْحُ ليلِ الحادِثِ الجَلَلِ
سامي الذَرى صاعدٌ تُخشى نوازِلُه / حتفُ العِدا ضارِبُ الهاماتِ والقُللِ
طودُ النُّهى عندَ بيتِ المالِ صاحِبُه / سِمطُ الثّنا زينةُ الأجيادِ والدُّولِ
طِبُّ القِرى كفُّ يُمنِ الدّهرِ كاهِلُهُ / نابُ الرّدى أجلٌ في صورةِ الرَّجُلِ
روضٌ زَها منهلٌ طابَتْ مشارِبُه / روحُ المُنى منبعُ الآلاءِ والخَوَلِ
بحرٌ جَرى علقَميٌّ مُجَّ عاسِلُه / مُروي الصّدى مورِدِ العسّالةِ الذُّبُلِ
مُعطي اللّهى نبويّاتٌ مناقبُه / رحبُ الفنا نجلُ خيرِ الخلْقِ والرُسُلِ
مَقْنى الثّرى فاضلٌ عمّت فواضِلُه / عفُّ الرِّدا علَويٌّ طاهرُ الخُلَلِ
دهرٌ دَها قدَرٌ دارَتْ نوائِبُه / كنزُ الغِنى كهفُ أمْنِ الخائِفِ الوجِلِ
فَخرُ الوَرَى ذو المَعَالي البَاهِرَاتِ عَلِي
فَخرُ الوَرَى ذو المَعَالي البَاهِرَاتِ عَلِي / نَجمُ السُّهَى نَيّرٌ يَسمُو عَلَى زُحَلِ
لَيثُ الثَّرَى مَورِدٌ أَشهَى مِنَ العَسَلِ / بَدرُ البَهَا صُبحُ لَيلِ الحَادِثِ الجَلَلِ
سَامِي الذرَى ضَارِبُ الهَامَاتِ والقُلَلِ / طَودُ النُّهَى زِينَةُ الأَجيَادِ وَالدُّوَلِ
طِبُّ القِرَى أَجلٌ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ / رَوضٌ زَهَا مَنبَعُ الآلاءِ والخَوَلِ
بَحرٌ جَرَى مَورِدِ العَسَّالَةِ الذُّبُلِ / مُعطِي اللّهَى نَجلُ خَيرِ الخَلقِ والرُّسُلِ
مَقنَى الثَّرَى عَلَوِيٌّ طَاهِرُ الخُلَلِ / دَهرٌ دَهَا كَهفُ أَمنِ الخَائِفِ الوَجِلِ
حَيدَرِيٌّ عَمَّ نَائِلُهُ
حَيدَرِيٌّ عَمَّ نَائِلُهُ / ذُو المَعَالِي البَاهِرَاتِ عَلِي
فَلَكِيَّاتٌ مَرَاتِبهُ / نَيّرٌ يَسمُو عَلَى زُحَلِ
قَبَسٌ تَهمِي أَنَامِلُهُ / مَورِدٌ أَشهَى مِنَ العَسَلِ
أُفُقٌ تَبدُو كَوَاكِبُهُ / صُبح لَيلِ الحادِثِ الجَلَلِ
صَاعِدٌ تُخشَى نَوَازِلُهُ / ضَارِبُ الهَامَاتِ والقُلَلِ
عِندَ بَيتِ المَالِ صَاحِبُهُ / زِينَةُ الأَجيَادِ والدُّوَلِ
كَفُّ يُمنِ الدَّهرِ كَاهِلُهُ / أَجلٌ في صُورَةِ الرَّجُلِ
مَنهَلٌ طَابَت مَشَارِبُهُ / مَنبَعُ الآلاءِ والخَوَلِ
عَلقَمِيٌّ مُجَّ عَاسِلُهُ / مَورِدِ العَسَّالَةِ الذُّبُلِ
نَبَوِيَّاتٌ مَنَاقِبُهُ / نَجلُ خَيرِ الخَلقِ والرُّسُلِ
فَاضِلٌ عَمَّت فَوَاضِلُهُ / عَلَوِيٌّ طَاهِرُ الخُلَلِ
قَدَرٌ دَارَت نَوَائِبُهُ / كَهفُ أَمنِ الخَائِفِ الوَجِلِ
دَهرٌ دَهَا قَدَرٌ دَارَت نَوَائِبُهُ
دَهرٌ دَهَا قَدَرٌ دَارَت نَوَائِبُهُ / مَقنَى الثَّرَى فَاضِلٌ عَمَّت فَوَاضِلُه
مُعطِي اللَّهَى نَبَوِيَّاتٌ مَنَاقِبُهُ / بَحرٌ جَرَى عَلقَمِيٌّ مُجَّ عَاسِلُهُ
رَوضٌ زَهَا مَنهَلٌ طَابَت مَشَارِبُهُ / طِبُّ القِرَى كَفُّ يُمنِ الدَّهرِ كَاهِلُهُ
طَودُ النُّهَى عِندَ بَيتِ المَالِ صَاحِبُهُ / سَامِي الذَرَى صَاعِدٌ تُخشَى نَوَازِلُهُ
بَدرُ البَهَا أُفُقٌ تَبدُو كَوَاكِبُهُ / لَيثُ الثَّرَى قَبَسٌ تَهمِي أَنَامِلُهُ
نَجمُ السُّهَى فَلَكِيَّاتٌ مَرَاتِبهُ / فَخرُ الوَرَى حَيدَرِيٌّ عَمَّ نائِلُهُ
ذو المَعَالِي البَاهِرَاتِ عَلِي
ذو المَعَالِي البَاهِرَاتِ عَلِي / نَيّرٌ يَسمُو عَلَى زُحَلِ
مَوردٌ أَشهَى مِنَ العَسَلِ / صُبح لَيلِ الحادِثِ الجَلَلِ
ضَارِبُ الهَامَاتِ وَالقُلَلِ / زِينَةُ الأَجيَادِ والدُّوَلِ
أَجلٌ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ / مَنبَعُ الآلاءِ والخَوَلِ
مَورِدِ العَسَّالَةِ الذُّبُلِ / نَجلُ خَيرِ الخَلقِ والرُّسُلِ
عَلَوِيٌّ طَاهِرُ الخُلَلِ / كَهفُ أَمنِ الخَائِفِ الوَجِلِ
فَخرُ الوَرَى حَيدَرِيٌّ عَمَّ نائِلُهُ
فَخرُ الوَرَى حَيدَرِيٌّ عَمَّ نائِلُهُ / كَنزُ الغِنَى كَهفُ أَمنِ الخائِفِ الوَجلِ
نَجمُ السُّهَى فَلَكِيَّاتٌ مَرَاتِبهُ / عَفُّ الرِّدا عَلَوِيٌّ طَاهِرُ الخُلَلِ
لَيثُ الثَّرَى قَبَسٌ تَهمِي أَنَامِلُهُ / رَحبُ الفَنَا نَجلُ خَيرِ الخَلقِ والرُّسُلِ
بَدرُ البَهَا أُفُقٌ تَبدُو كَوَاكِبُهُ / مُروِي الصّدَى مَورِدِ العَسَّالَةِ الذُّبُلِ
سَامِي الذَرَى صَاعِدٌ تُخشَى نَوَازِلُهُ / رُوحُ المُنَى مَنبَعُ الآلاءِ والخَوَلِ
طَودُ النُّهَى عِندَ بَيتِ المَالِ صَاحِبُهُ / نابُ الرَّدَى أَجلٌ في صُورَةِ الرَّجُلِ
طِبُّ القِرَى كَفُّ يُمنِ الدَّهرِ كَاهِلُهُ / سِمطُ الثَّنَا زِينَةُ الأَجيَادِ وَالدُّوَلِ
رَوضٌ زَهَا مَنهَلٌ طَابَت مَشَارِبُهُ / حَتفُ العِدَا ضَارِبُ الهَامَاتِ والقُلَلِ
بَحرٌ جَرَى عَلقَمِيٌّ مُجَّ عَاسِلُهُ / شَمسُ الدُّنا صُبح لَيلِ الحادِثِ الجَلَلِ
مُعطِي اللَّهَى نَبَوِيَّاتٌ مَنَاقِبُهُ / غَيثُ النَّدَى مَورِدٌ أَشهَى مِنَ العَسَلِ
مَقنَى الثَّرَى فَاضِلٌ عَمَّت فَوَاضِلُهُ / بَادِي السَّنَا نَيّرٌ يَسمُو عَلَى زُحَلِ
دَهرٌ دَهَا قَدَرٌ دَارَت نَوَائِبُهُ / فَجرُ الهُدَى ذُو المَعالِي البَاهِرَاتِ عَلِي
يا من بسيف النوال أباد نفس المال
يا من بسيف النوال أباد نفس المال / ومن بعدله لأقطار البسيطة مال
وماجد مذ نشا نحو المكارم مال / ومن بسيفهِ عروش المعتدين أمال
لك راحة من عطاياها الزمان اِمتلا
لك راحة من عطاياها الزمان اِمتلا / وليوث حرب لها ذيب المفاوز تلا
وصوارم كلما عزمك بهنَّ اِمتلا / تدري الأسود جواهرها وهنَّ نمال
والهام تبكي نجيع وتضحك الآمال /
يا فارغ البال اشغل بعدكم بالي
يا فارغ البال اشغل بعدكم بالي / حتى غدا رسم جسمي عندكم بالي
لو كنت عنكم بعيد بسوء إقبالي / شخوصكم نصب عيني دوم واقبالي
كنت أرتجيك إذا جار الزمان علي
كنت أرتجيك إذا جار الزمان علي / بك أستعين وتوطي هامتي نعلي
فعكست ظني وبعض الظن غيّ وليّ / حاشاك حاشاك يا سهمي ترد إليّ
لا الفكر يمكن يصيد لقاك بمراسله
لا الفكر يمكن يصيد لقاك بمراسله / ولا الصبا تستطيع تجيك بمراسله
صبّ يزورك دجى كم باس ومراس له / ومتيمٌ منك يرجو الوصل كم راس له
يا من بشوقِهِ على جيش الهموم نصول
يا من بشوقِهِ على جيش الهموم نصول / حتامَ نصبر وفينا من نواك نصول
تهجر وتقطع وتلقانا بوجه وصول / كالبدر نورك قريب ولا إليك وصول