المجموع : 97
لِمَنِ الشَوازِبُ كَالنَعامِ الجُفَّلِ
لِمَنِ الشَوازِبُ كَالنَعامِ الجُفَّلِ / كُسِيَت حِلالاً مِن غُبارِ القَسطَلِ
يَبرُزنَ في حُلَلِ العَجاجِ عَوابِساً / يَحمِلنَ كُلَّ مُدَرَّعٍ وَمُسَربَلِ
شِبهَ العَرائِسِ تُجتَلى فَكَأَنَّها / في الخِدرِ مِن ذَيلِ العَجاجِ المُسبَلِ
فَعَلَت قَوائِمُهُنَّ عِندَ طِرادِها / فِعلَ الصَوالِجِ في كُراتِ الجَندَلِ
فَتَظَلُّ تَرقُمُ في الصُخورِ أَهِلَّةً / بِشَبا حَوافِرِها وَإِن لَم تُنعَلِ
يَحمِلنَ مِن آلِ العَريضِ فَوارِساً / كَالأُسدِ في أَجَمِ الرِماحِ الذُبَّلِ
تَنشالُ حَولَ مُدَرَّعٍ بِجِنانِهِ / فَكَأَنَّهُ مِن بَأسِهِ في مَعقِلِ
مازالَ صَدرَ الدِستِ صَدرَ الرُتبَةِ ال / عَلياءِ صَدرَ الجَيشِ صَدرَ المَحفَلِ
لَو أَنصَفَتهُ بَنو مَحاسِنَ إِذ مَشَوا / كانَت رُؤوسُهُمُ مَكانَ الأَرجُلِ
بَينا تَراهُ خَطيبَهُم في مَحفَلٍ / رَحبٍ تَراهُ زَعيمَهُم في جَحفَلِ
شاطَرتُهُ حَربَ العُداةِ لِعِلمِهِ / أَنّي كِنانَتُهُ الَّتي لَم تُنثَلِ
لَمّا دَعَتني لِلنِزاِلِ أَقارِبي / لَبّاهُمُ عَنّي لِسانُ المُنصُلِ
وَأَبَيتُ مِن أَنّي أَعيشُ بِعِزِّهِم / وَأَكونَ عَنهُم في الحُروبِ بِمَعزِلِ
وافَيتُ في يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ / أَغشى الهِياجَ عَلى أَغَرَّ مُحَجَّلِ
ثارَ العَجاجُ فَكُنتُ أَوَّلَ صائِلٍ / وَعَلا الضِرامُ فَكُنتُ أَوَّلَ مُصطَلِ
فَغَدا يَقولُ كَبيرُهُم وَصَغيرُهُم / لا خَيرَ فيمَن قالَ إِن لَم يَفعَلِ
سَل ساكِني الزَوراءَ وَالأُمَمَ الَّتي / حَضَرَت وَظَلَّلَها رِواقُ القَسطَلِ
مَن كانَ تَمَّمَ نَقصَها بِحُسامِهِ / إِذ كُلُّ شاكٍ في السِلاحِ كَأَعزَلِ
أَو مَن تَدَرَّعَ بِالعَجاجَةِ عِندَما / نادى مُنادي القَومِ يا خَيلُ اِحمِلي
تُخبِركَ فُرسانُ العَريكَةِ أَنَّني / كُنتُ المُصَلّي بَعدَ سَبقِ الأَوَّلِ
ما كانَ يَنفَعُ مَن تَقَدَّمَ سَبقُهُ / لَو لَم تُتَمِّمها مَضارِبُ مُنصُلي
لَكِن تَقاسَمنا عَوامِلَ نَحوِها / فَالإِسمُ كانَ لَهُ وَكانَ الفِعلُ لي
وَبَديعَةٍ نَظَرَت إِلَيَّ بِها العِدى / نَظَرَ الفَقيرُ إِلى الغَنِيِّ المُقبِلِ
وَاِستَثقَلَت نُطقي بِها فَكَأَنَّما / لَقِيَت بِثالِثِ سورَةِ المُزَّمِّلِ
حَتّى اِنثَنَت لَم تَدرِ ما تَتَّقي / عِندَ الوَقائِعِ صارِمي أَم مِقوَلي
حَمَلوا عَلَيَّ الحِقدَ حَتّى أَصبَحَت / تَغلي صُدورُهُمُ كَغَليِ المِرجَلِ
إِن يَطلُبوا قَتلي فَلَستُ أَلومُهُم / دَمُ شَيخِهِم في صارِمي لَم يَنصُلِ
ما لي أُسَتِّرُها وَتِلكَ فَضيلَةٌ / الفَخرُ في فَصدِ العَدُوِّ بِمِنجَلِ
قَد شاهَدوا مِن قَبلِ ذاكَ تَرَفُّعي / عَن حَربِهِم وَتَماسُكي وَتَجَمُّلي
لَمّا أَثاروا الحَربَ قالَت هِمَّتي / جَهِلَ الزَمانُ عَلَيكَ إِن لَم تَجهَلِ
فَالآنَ حينَ فَلَيتُ ناصِيَةَ الفَلا / حَتّى تَعَلَّمَتِ النُجومُ تَنَقُّلي
أَضحى يُحاوِلُني العَدُوُّ وَهِمَّتي / تَعلو عَلى هامِ السِماكِ الأَعزَلِ
وَيَرومُ إِدراكي وَتِلكَ عَجيبَةٌ / هَل يُمكِنُ الزَرزورَ صَيدَ الأَجدَلِ
قُل لِلَّيالي وَيكِ ما شِئتِ اِصنَعي / بَعدي وَلِلأَيّامِ ما شِئتِ اِفعَلي
حَسبُ العَدُوِّ بِأَنَّني أَدرَكتُهُ / لَمّا وَليتُ وَفُتُّهُ لَمّا وَلي
سَأَظَلُّ كُلَّ صَبيحَةٍ في مَهمَهٍ / وَأَبيتُ كُلَّ عَشِيَّةٍ في مَنزِلِ
وَأَسيرُ فَرداً في البِلادِ وَإِنَّني / مِن حَشدِ جَيشِ عَزائِمي في جَحفَلِ
أَجفو الدِيارَ فَإِن رَكِبتُ وَضَمَّني / سَرجُ المُطَهَّمِ قُلتُ هَذا مَنزِلي
لا تَسمَعَنَّ بِأَن أُسِرتُ مُسَلَّماً / وَإِذا سَمِعتَ بِأَن قُتِلتُ فَعَوِّلِ
ما الاِعتِذارُ وَصارِمي في عاتِقي / إِن لَم يَكُن مِن دونِ أَسري مَقتَلي
ما كانَ عُذري إِن صَبَرتُ عَلى الأَذى / وَرَضيتُ بَعدَ تَدَلُّلي بِتَذَلُّلي
فَإِذا رُميتَ بِحادِثٍ في بَلدَةٍ / جَرِّد حُسامَكَ صائِلاً أَو فَاِرحَلِ
فَلِذاكَ لا أَخشى وُرودَ مَنِيَّتي / وَأَرى وُرودَ الحَتفِ عَذبَ المَنهَلِ
فَإِذا عَلا جَدّي فَقَلبي جُنَّتي / وَإِذا دَنا أَجَلي فَدِرعي مَقتَلي
ما تِهتُ بِالدُنيا إِذا هِيَ أَقبَلَت / نَحوي وَلا آسى إِذا لَم تُقبِلِ
وَكَذاكَ ما وَصَلَت فَقُلتُ لَها اِقطَعي / يَوماً وَلا قَطَعَت فَقُلتُ لَها صِلي
صَبراً عَلى كَيدِ العُداةِ لَعَلَّنا / نَسقي أَخيرَهُمُ بِكَأسِ الأَوَّلِ
يا عُصبَةً فَرِحوا بِمَصرَعِ لَيثِنا / ماذا أَمِنتُم مِن وُثوبِ الأَشبُلِ
قَومٌ يُعِزّونَ النَزيلَ وَطالَما / بَخِلَ الحَيا وَأَكُفُّهُم لَم تَبخَلِ
يَفنى الزَمانُ وَفيهِ رَونَقُ ذِكرِهِم / يَبلى القَميصُ وَفيهِ عَرفُ المَندَلِ
وَعَدتَ جَميلاً وَأَخلَفتَهُ
وَعَدتَ جَميلاً وَأَخلَفتَهُ / وَذَلِكَ بِالحُرِّ لا يَجمُلُ
وَقُلتَ بِأَنَّكَ لي ناصِرٌ / إِذا قابَلَ الجَحفَلَ الجَحفَلُ
وَكَم قَد نَصَرتُكَ في مَعرَكٍ / تَحَطَّمُ فيهِ القَنا الذُبَّلُ
وَلَستُ أَمُنُّ بِفِعلي عَلَيكَ / فَأُعجِبُ بِالقَولِ أَو أُعجِلُ
بِذا يَتَفاوَتُ قَدرُ الرِجا / لِ فَتَعلَمُ أَيُّهُمُ الأَكمَلُ
كَما قالَهُ الصَقرُ في عِزَّةٍ / بِهِ حينَ فاخَرَهُ البُلبُلُ
وَقال أَراكَ جَليسَ المُلوكِ / وَمِن فَوقِ أَيديهِمُ تُحمَلُ
وَأَنتَ كَما عَلِموا أَخرَسٌ / وَعَن بَعضِ ما قُلتُهُ تَنكُلُ
وَأُحبَسُ مَع أَنَّني ناطِقٌ / وَقَدرِيَ عِندَهُمُ مُهمَلُ
فَقالَ صَدَقتَ وَلَكِنَّهُم / بِذاكَ دَروا أَنَّني الأَفضَلُ
لِأَنّي فَعَلتُ وَما قُلتُ قَطُّ / وَأَنتَ تَقولُ وَلا تَفعَلُ
قَبيحٌ بِمَن ضاقَت عَنِ الأَرضِ أَرضُهُ
قَبيحٌ بِمَن ضاقَت عَنِ الأَرضِ أَرضُهُ / وَطولُ الفَلا رَحبٌ لَدَيهِ وَعَرضُهُ
وَلَم يُبلِ سِربالَ الدُجى فيهِ رَكضُهُ / إِذا المَرءُ لَم يَدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ /
إِذا المَرءُ لَم يَحجُب عَنِ العَينِ نَومَها / وَيُغلي مِنَ النَفسِ النَفيسَةِ سَومَها
أُضيعَ وَلَم تَأمَن مَعاليهِ لَومَها / وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ /
وَعُصبَةِ غَدرٍ أَرغَمَتها جَدودُنا / فَباتَت وَمِنها ضِدُّنا وَحَسودُنا
إِذا عَجِزَت عَن فِعلِ كَيدٍ يَكيدُنا / تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا
فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ /
رَفَعنا عَلى هامِ السَماكِ مَحَلَّنا / فَلا مَلِكٌ إِلّا تَفَيّأَ ظِلَّنا
فَقَد خافَ جَيشُ الأَكثَرينَ أَقَلَّنا / وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا
شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ /
يُوازي الجِبالَ الراسِياتِ وَقارُنا / وَتُبنى عَلى هامِ المَجَرَّةِ دارُنا
وَيَأمَنُ مِن صَرفِ الزَمانِ جِوارُنا / وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا
عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ /
وَلَمّا حَلَلنا الشامَ تَمَّت أُمورُهُ / لَنا وَحَبانا مَلكُهُ وَأَميرُهُ
وَبِالنَيرَبِ الأَعلى الَّذي عَزَّ طورُهُ / لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نِجيرُهُ
مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهوَ كَليلُ /
يُريكَ الثَرَيّا مِن خِلالِ شِعابِهِ / وَتُحدِقُ شُهبُ الأُفقِ حَولَ هِضابِهِ
وَيَعثُرُ خَطوُ السُحبِ دونَ اِرتِكابِهِ / رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِهِ
إِلى النَجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طَويلُ /
وَقَصرٍ عَلى الشَقراءِ قَد فاضَ نَهرُهُ / وَفاقَ عَلى فَخرِ الكَواكِبِ فَخرُهُ
وَقَد شاعَ ما بَينَ البَرِيَّةِ شُكرُهُ / هُوَ الأَبلَقُ الفَردُ الَّذي شاعَ ذِكرُهُ
يَعُزُّ عَلى مَن رامَهُ وَيَطولُ /
إِذا ما غَضِبنا في رِضى المَجدِ غَضبَةً / لِنُدرِكَ ثَأراً أَو لِنَبلُغَ رُتبَةً
نَزيدُ غَداةَ الكَرِّ في المَوتِ رَغبَةً / وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً
إِذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلولُ /
أَبادَت مُلاقاةُ الحُروبِ رِجالَنا / وَعاشَ الأَعادي حينَ مَلّوا قِتالَنا
لَأَنّا إِذا رامَ العُداةُ نِزالَنا / يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا
وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ /
فَمِنّا مُعيدُ اللَيثِ في قَبضِ كَفِّهِ / وَمورِدُهُ في أَسرِهِ كَأسَ حَتفِهِ
وَمِنّا مُبيدُ الأَلفِ في يَومِ زَحفِهِ / وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ
وَلا ضَلَّ يَوماً حَيثُ كانَ قَتيلُ /
إِذا خافَ ضَيماً جارُنا وَجَليسُنا / فَمِن دونِهِ أَموالُنا وَرُؤوسُنا
وَإِن أَجَّجَت نارَ الوَقائِعِ شوسُنا / تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُباتِ نُفوسُنا
وَلَيسَت عَلى غَيرِ الظُباتِ تَسيلُ /
جَنى نَفعَنا الأَعداءُ طَوراً وَضَرَّنا / فَما كانَ أَحلانا لَهُم وَأَمَرَّنا
وَمُذ خَطَبوا قِدماً صَفانا وَبِرَّنا / صَفَونا وَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا
إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ /
لَقَد وَفَتِ العَلياءُ في المَجدِ قِسطَنا / وَما خالَفَت في مَنشَأِ الأَصلِ شَرطَنا
فَمُذ حاوَلَت في ساحَةِ العِزِّ هَبطَنا / عَلَونا إِلى خَيرِ الظُهورِ وَحَطَّنا
لِوَقتٍ إِلى خَيرِ البُطونِ نُزولُ /
تُقِرُّ لَنا الأَعداءُ عِندَ اِنتِسابِنا / وَتَخشى خُطوبُ الدَهرِ فَصلَ خِطابِنا
لَقَد بالَغَت أَيدي العُلى في اِنتِخابِنا / فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا
كَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ /
نُغيثُ بَني الدُنيا وَنَحمِلُ هَولَهُم / كَما يَومُنا في العِزِّ يَعدِلُ حَولَهُم
نَطولُ أُناساً تَحسُدُ السُحبُ طَولَهُم / وَنُنكِرُ إِن شَيئاً عَلى الناسِ قَولَهُم
وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ /
لِأَشياخِنا سَعيٌ بِهِ المُلكَ أَيَّدوا / وَمِن سَعيِنا بَيتُ العَلاءِ مُشَيَّدُ
فَلا زالَ مِنّا في الدَسوتِ مُؤَيَّدُ / إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدُ
قَؤولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعولُ /
سَبَقنا إِلى شَأوِ العُلى كُلَّ سابِقِ / وَعَمَّ عَطانا كُلَّ راجٍ وَوامِقِ
فَكَم قَد خَبَت في المَحلِ نارُ مُنافِقِ / وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقِ
وَلا ذَمَّنا في النازِلينَ نَزيلُ /
عَلَونا مَكانَ النَجمِ دونَ عُلُوِّنا / وَسامَ العُداةَ الحَسفَ فَرطُ سُمُوِّنا
فَماذا يَسُرُّ الضِدَّ في يَومِ سَوَّنا / وَأَيّامُنا مَشهورَةٌ في عَدُوِّنا
لَها غُرَرٌ مَعلومَةٌ وَحُجولُ /
لَنا يَومَ حَربِ الخارِجِيِّ وَتَغلِبٍ / وَقائِعُ فَلَّت لِلظُبى كُلَّ مَضرِبِ
فَأَحسابُنا مِن بَعدِ فِهرٍ وَيَعرُبِ / وَأَسيافُنا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبِ
بِها مِن قِراعِ الدارِعينَ فُلولُ /
أَبَدنا الأَعادي حينَ ساءَ فِعالُها / فَعادَ عَلَيها كَيدُها وَنِكالُها
وَبيضٌ جَلا ليلَ العَجاجِ صِقالُها / مَعَوَّدَةٌ أَلا تُسَلَّ نِصالُها
فَتُغمَدَ حَتّى يُستَباحَ قَبيلُ /
هُم هَوَّنوا في قَدرِ مَن لَم يُهِنهُمُ / وَخانوا غَداةَ السِلمِ مَن لَم يَخُنهُمُ
فَإِن شِئتِ خُبرَ الحالِ مِنّا وَمِنهُم / سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُ
فَليسَ سَواءً عالِمٌ وَجُهولُ /
لَئِن ثَلَمَ الأَعداءُ عِرضي بِسَومِهِم / فَكَم حَلِموا بي في الكَرى عِندَ نَومِهِم
وَإِن أَصبَحوا قُطباً لِأَبناءِ قَومِهِم / فَإِنَّ بَني الرَيّانِ قُطبٌ لِقَومِهِم
تَدورُ رَحاهَم حَولَهُم وَتَجولُ /
وَما كُنتُ أَرضى بِالقَريضِ فَضيلَةً
وَما كُنتُ أَرضى بِالقَريضِ فَضيلَةً / وَإِن كانَ مِمّا تَرتَضيهِ الأَفاضِلُ
وَلَستُ أُذيعُ الشِعرَ فَخراً وَإِنَّما / مُحاذَرَةً أَن تَدَّعيهِ الأَراذِلُ
وَلَقَد أَسيرُ عَلى الضَلالِ وَلَم أَقُل
وَلَقَد أَسيرُ عَلى الضَلالِ وَلَم أَقُل / أَينَ الطَريقُ وَإِن كَرِهتُ ضَلالي
وَأَعافُ تَسآلَ الدَليلِ تَرَفَّعاً / عَن أَن يَفوهَ فَمي بِلَفظِ سُؤالِ
مَولايَ إِنّي عَلَيكَ مُتَّكِلُ
مَولايَ إِنّي عَلَيكَ مُتَّكِلُ / وَأَنتَ عَمّا أَرومُ مُشتَغِلُ
وَكَيفَ يُخطي رَأيي وَلي مَلِكٌ / يُضرَبُ في حُسنِ رَأيِهِ المَثَلُ
فَقُم بِنَصري فَقَد تَقاعَدَ بي / دَهري وَقَد ضاقَت بَعدَكَ الحِيَلُ
وَلا تَكِل حاجَتي إِلى رَجُلٍ / وَمِنكَ في كُلِّ شَعرَةٍ رَجُلُ
أَميرَ المُؤمِنينَ أَراكَ إِمّا
أَميرَ المُؤمِنينَ أَراكَ إِمّا / ذَكَرتُكَ عِندِ ذي حَسبٍ صَغا لي
وَإِن كَرَّرتُ ذِكرَكَ عِندَ نَغلٍ / تَكَدَّرَ سِترُهُ وَبَغى قِتالي
فَصِرتُ إِذا شَكَكتُ بِأَصلِ مَرءٍ / ذَكَرتُكَ بِالجَميلِ مِنَ المَقالِ
فَلَيسَ يُطيقُ سَمعَ ثَناكَ إِلّا / كَريمُ الأَصلِ مَحمودُ الحِلالِ
فَها أَنا قَد خَبَرتُ بِكَ البَرايا / فَأَنتَ مَحَكُّ أَولادِ الحَلالِ
فَوَاللَهِ ما اِختارَ الإِلَهُ مُحَمَّداً
فَوَاللَهِ ما اِختارَ الإِلَهُ مُحَمَّداً / حَبيباً وَبَينَ العالَمينَ لَهُ مِثلُ
كَذَلِكَ ما اِختارَ النَبِيُّ لِنَفسِهِ / عَلِيّاً وَصِيّاً وَهوَ لِاِبنَتِهِ بَعلُ
وَصَيَّرَهُ دونَ الأَنامِ أَخاً لَهُ / وَصِنواً وَفيهِم مَن لَهُ دونَهُ الفَضلُ
وَشاهِدُ عَقلِ المَرءِ حُسنُ اِختِيارِهِ / فَما حالُ مَن يَختارُهُ اللَهُ وَالرُسلُ
تَوالَ عَلِيّاً وَأَبناءَهُ
تَوالَ عَلِيّاً وَأَبناءَهُ / تَفُز في المَعادِ وَأَهوالِهِ
إِمامٌ لَهُ عِقدُ يَومِ الغَديرِ / بِنَصِّ النَبيِّ وَأَقوالِهِ
لَهُ في التَشَهُّدِ بَعدَ الصَلاةِ / مَقامٌ يُخَبِّرُ عَن حالِهِ
فَهَل بَعدَ ذِكرِ إِلَهِ السَماءِ / وَذِكرِ النَبِيِّ سِوى آلِهِ
حوشيتَ مِن زَفَراتِ قَلبي الوالِهِ
حوشيتَ مِن زَفَراتِ قَلبي الوالِهِ / وَكُفيتَ ما يَلقاهُ مِن بَلبالِهِ
وَأُعيذُ سِرَّكَ أَن يَكابِدَ بَعضَ ما / لاقَيتُ مِن قيلِ العَذولِ وَقالِهِ
يا مَن يُعيرُ الغُصنَ لينَ قَوامِهِ / وَيُغيرُ بَدرَ التَمَّ عِندَ كَمالِهِ
ما حَلَّتِ الواشونَ ما عَقَدَ الهَوى / تَفنى اللَيالي وَالغَرامُ بِحالِهِ
صِل عاشِقاً لَولاكَ ما ذَكَرَ الحِمى / وَلَما غَدا مُتَغَزِّلاً بِغَزالِهِ
وَاِجعَل كِناسَكَ في القُلوبِ فَإِنَّها / تُغنيكَ عَن شيحِ العَذيبِ وَضالِهِ
لِلَّهِ بِالزَوراءِ لَيلَتُنا وَقَد / جَرَّدتُ غُصنَ البانِ مِن سِربالِهِ
وَرَشَفتُ بَردَ الراحِ مِن مَعسولِهِ / وَضَمَمتُ قَدَّ اللَدنِ مِن عَسالِهِ
رَشَأٌ كَبَدرِ التَمِّ في إِشراقِهِ / وَكَمالِ طَلعَتِهِ وَبُعدِ مَنالِهِ
ما اِهتَزَّ وافِرُ رِدفِهِ في خَطوِهِ / إِلّا تَشَكّىالخَصرُ مِن أَثقالِهِ
ما بالُهُ أَضحى يَشينُ وَعيدَهُ / بِنَجازِهِ وَوُعودَهُ بِمَطالِهِ
وَيُذيقُني طَعمَ المَلالِ تَدَلُّلاً / فَأَذوبُ بَينَ دَلالِهِ وَمَلالِهِ
ما ضَرَّ طَيفَ خَيالِهِ لَو أَنَّهُ / يَسخو عَلَيَّ وَلَو بِطَيفِ خَيالِهِ
ما كانَ مِن فِعلِ الجَميلِ يَضُرُّهُ / لَو كانَ يَجعَلُهُ زَكاةَ جَمالِهِ
قَسَماً بِضادِ ضِياءِ صُبحِ جَبينِهِ / وَوَحَقَّ سينِ سَوادِ عَنبَرِ خالِهِ
لِأُكابِدَنَّ لَهيبَ نارِ صُدودِهِ / وَلَأَركَبَنَّ عُبابَ بَحرِ مَلالِهِ
وَلَأَحمِلَنَّ اليَمَّ فَرطَ عَذابِهِ / وَأَدومُ مُصطَبِراً عَلى أَهوالِهِ
حَتّى تَقولَ جَميعُ أَربانِ الهَوى / هَذا الَّذي لا يَنتَهي عَن حالِهِ
أَفدي الغَزالَ المُستَبيحَ بِلَحظِهِ / قَتَلَ الأُسودِ وَما دَنَت لِقِتالِهِ
رَشأٌ تَفَرَّدَ في المَحاسِنِ فَاِغتَدى / تَفصيلُ رَسمِ الحُسنِ في إِجمالِهِ
ما حُرِّكَت سَكَناتُ فاتِرِ طَرفِهِ / إِلّا وَأَصمى القَلبَ وَقعُ نِبالِهِ
حَكَمَت فَجارَت في القُلوبِ لِحاظُهُ / كَأَكُفِّ نَجمِ الدينِ في أَموالِهِ
المالِكُ المَنصورُ وَالمَلِكُ الَّذي / تَخشى النُجومُ الشُهبُ شُهبَ نِصالِهِ
مَلِكٌ يَسيرُ النَصرُ عَن تَلقائِهِ / وَوَرائِهِ وَيَمينِهِ وَشِمالِهِ
مَلِكٌ تَقولُ الأَرضُ إِذ يَمشي بِها / حَسبي مِنَ التَشريفِ مَسُّ نِعالِهِ
فَإِذا دَعا الدَهرَ العَبوسَ أَجابَهُ / مُتَعَثِّراً بِالرُعبِ في أَذيالِهِ
سُلطانُ عَصرٍ عَزمُهُ راضَ الوَرى / فَكَفاهُ ماضيهِ عَنِ اِستِقبالِهِ
أَضحى حِمى الحَدباءِ عِندَ إِيابِهِ / يَستَنجِدُ الإِقبالَ مِن إِقبالِهِ
ضَرَبَ الخِيامَ عَلى الحِمى فَأَكُفُّهُ / كَمِياهِهِ وَحُلومُهُ كَجِبالِهِ
أَعطى وَأَجزَلَ في العَطاءِ تَبَرُّعاً / حَتّى سَئِمتُ نِزالَهُ بِنَوالِهِ
ذَلَّت صُروفُ الدَهرِ لَمّا عايَنَت / دونَ الأَنامِ تَعَلُّقي بِحِبالِهِ
وافَيتُهُ وَكَأَنَّني مِن رِقَّهِ / فَأَعَزَّني فَكَأَنَّني مِن آلِهِ
يالَيتَ قَومي يَعلَمونَ بِأَنَّني / أَدرَكتُ طيبَ العَيشِ بَعدَ زَوالِهِ
في ظِلِّ مَلكٍ مُذ حَلَلتُ بِرَبعِهِ / جاءَ الزَمانُ يَرومُ حَلَّ عِقالِهِ
ما ضَلَّ فِكري في جَميلِ صِفاتِهِ / إِلّا اِهتَدى شِعري بِحُسنِ خِلالِهِ
أَو أَصدَأَ الإِيّامُ سَيفَ قَريحَتي / إِلّا جَعَلتُ مَديحَهُ كَصِقالِهِ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي غَدَتِ العُلى / مَقرونَةً بِجِلادِهِ وَجِدالِهِ
أَغرَقتَ بِالإِنعامِ عَبدَكَ فَاِغتَدى / مِن بَحرِكَ التَيّارِ دُرُّ مَقالِهِ
طَوَّقتَهُ بِنَداكَ طَوقَ كَرامَةٍ / وَجَعَلتَ فَيضَ الجودِ مِن أَغلالِهِ
أَصفى لَمَحضِ وَلاكَ عِقدَ ضَميرِهِ / فَسِوى مَديحَكَ لا يَمُرُّ بِبالِهِ
شَمَلتَ جَمعَ صِحابي
شَمَلتَ جَمعَ صِحابي / بِفَيضِ جودٍ وَفَضلِ
فَأَنتَ شامِلُ جَمعي / وَأَنتَ جامِعُ شَملي
سَأُثني عَلى نُعماكَ بِالكَلِمِ الَّتي
سَأُثني عَلى نُعماكَ بِالكَلِمِ الَّتي / بِها تُضرَبُ الأَمثالُ في اللَفظِ وَالفَضلِ
بِها تَطرُدُ السارونَ عَن جَفنِها الكَرى / وَتَجلُبُ طيبَ النَومِ في المَهدِ لِلطِفلِ
سَأُثني عَلى نُعماكِ بِالكَلِمِ الَّتي
سَأُثني عَلى نُعماكِ بِالكَلِمِ الَّتي / مَحاسِنُها تُبلي الزَمانَ وَلا تَبلى
وَأَشكُرُ شُكراً لَيسَ لي فيهِ مِنَّةٌ / وَلا مِنَّةٌ لِلرَوضِ إِن شَكَرَ الوَبلا
إِن قَصَّرَ لَفظي فَإِنَّ طَولَكَ قَد طال
إِن قَصَّرَ لَفظي فَإِنَّ طَولَكَ قَد طال / ما مَن فَعَلَ البِرَّ الجَميلَ كَمَن قال
أَو خَفَّفَ نَهضي جَميلُ صُنعِكَ عِندي / قَد حَمَّلَ ظَهري لِفَرطِ مِنِّكَ أَثقال
يا مَن جَعَلَ البِرَّ لِلعُفاةِ قُيوداً / قَد زِدتَ مِنَ المَنِّ عُنقَ عَبدِكَ أَغلال
أَظهَرتَ عَلَينا مِنَ السَماحِ سِماتٍ / إِن قَصَّرَ نُطقي بِوَصفِها نَطَقَ الحال
شَيَّدتَ بُيوتَ العُلى وَكُنَّ طُلولاً / بِالجودِ فَأَمسَت بُيوتُ مالِكَ أَطلال
ما أَنصَفَ مَن قاسَ راحَتَيكَ بِسُحبٍ / مِن أَينَ لِكَفّيكَ في السَحائِبِ أَشكال
السُحبُ إِذا ما سَخَت تَجودُ وَتَبكي / بِالماءِ وَتَسخو وَأَنتَ تَضحَكُ بِالمال
يا مَن جَعَلَ العالِمَ الفَصيحَ بَليداً / بِالبَحثِ كَما صَيَّرَ الفلاسِفَ جُهّال
لا تَعجَب إِن أَخطَأوا لَدَيكَ بِوَزنٍ / في النَظمِ فَلِلشِعرِ كَالمَعارِكِ أَبطال
لَو لَم يَكُنِ الشِعرُ لِلمُحاوِلِ صَعباً / ما أَصبَحَ مِن دونِهِ البُيوتُ بِأَقفال
سِوى حُسنِ وَجهِكَ لَم يَحلُ لي
سِوى حُسنِ وَجهِكَ لَم يَحلُ لي / وَغَيرُكَ في القَلبِ لَم يَحلُلِ
فَكَيفَ سَلوّي وَلي طينَةٌ / عَلى غَيرِ حُبِّكَ لَم تُجبَلِ
أَتَزعُمُ أَنّي أُطيعُ الوُشاةَ / وَأَصغي إِلى عَذَلِ العُذَّلِ
لَقَد نَصَلَ الدَهرُ صَبغَ الشَبابِ / وَصَبغُ المَحَبَّةِ لَم يَنصُلِ
عَجِبتُ لِقَدِّكَ مَع لينِهِ / يُرينا اِعتِدالاً وَلَم يَعدِلِ
يَلينُ وَفي فَتكِهِ قَسوَةٌ / وَذَلِكَ شَأنُ القَنا الذُبَّلِ
وَعَيناكَ قَد فَوَّقَت أَسهُماً / فَمَن دَلَّهُنَّ عَلى مَقتَلي
وَخَدُّكَ موقَدَةٌ نارُهُ / وَقَلبي بِجُذوَتِها يَصطَلي
أَيا ما طِلاً لِوُعودِ الوِصالِ / وَوَعدُ تَجافيهِ لَم يَمطُلِ
بَخِلتَ وَقَد حُزتَ مُلكَ الجَمالِ / وَمَن مَلَكَ المُلكَ لَم يَبخَلِ
فَهلاً تَعَلَّمتَ فَضلَ السَماحِ / مِن راحَةِ المَلِكِ الأَفضَلِ
مَليكٌ إِذا هَطَلَت كَفُّهُ / تَصاغَرَ قَدرُ الحَيا المُسبِلِ
يَشيدُ العُلى بِاليَراعِ القَصيرِ / وَيَفخَرُ بِالطَرَفِ الأَطوَلِ
تَلاقيهِ في الحَربِ صَعبَ المِراسِ / وَفي السِلمِ ذا الخُلُقِ الأَسهَلِ
أَخَفُّ إِلى الحَربِ مِن ذابِلٍ / وَأَثقَلُ في الحِلمِ مِن يَذبُلِ
يُضيءُ لَنا في ظَلامِ الخُطوبِ / وَيُشرِقُ في حِندِسِ القَسطَلِ
فَسَيلُ عَطاياهُ لِلمُجتَدي / وَنورُ مُحَيّاهُ لِلمُجتَلي
يُرَمِّلُ بِالدَمِ شِلوَ الكَمِيِّ / وَيَحنو عَلى البائِسِ المُرمِلِ
مَناقِبُ مَعروفُها تالِدٌ / مُحَمَّدُ أَورَثَها مِن عَلي
إِلى آلِ أَيّوبَ يُغزى الفَخارُ / في كُلِّ ماضٍ وَمُستَقبَلِ
مُلوكٌ لَهُم شَرَفٌ آخَرٌ / يُخَبَّرُ عَن شَرَفٍ أَوَّلِ
يَنُمُّ بِهِم جودُهُم مِثلَما / تَنُمُّ الرِياحُ عَلى المَندِلِ
أَيا ناصِرَ الدينِ يا اِبنَ الَّذي / بِهِ أَصبَحَ المُلكُ في مَعقِلِ
حَباكَ المُؤَيَّدُ تَأيِيدَهُ / كَذا هِمَّةُ اللَيثِ في الأَشبُلِ
وَلَولا وَجودُكَ كانَ السَماحُ / تَحتَ الصَفائِحِ وَالجَندَلِ
فَعَلتَ مِنَ الجودِ ما لَم تَقُل / وَغيرُكَ قالَ وَلَم يَفعَلِ
فَقَلبي بِإِحسانِكُم فارِغٌ / وَكَفّي بِإِنعامِكُم مُمتَلي
سَمَحتَ اِبتِداءً وَلَم أَمتَدِح / وَأَنعَمتَ عَفواً وَلَم أَسأَلِ
وَوالَيتَ بِرَّكَ حَتّى رَحَلتُ / حَياءً وَلَولاهُ لَم أَرحَلِ
وَلَو شِئتُ نَهضي إِلى قَصدِكُم / لَخَفَّفتُ عَن ظَهرِيَ المُثقَلِ
فَأَهمَلتُ واجِبَ سَعيي إِلَيكَ / وَما كُنتُ عِندَكَ بِالمُهمَلِ
وَكَفَّرتُ عَن زَلَّةِ الإِنقِطاعِ / بِأَحسَنِ مَن كانَ في مَنزِلي
فَأَرسَلتُهُ راجِياً أَنَّهُ / يُمَحِّصُ عَن زَلَّةِ المُرسِلِ
فَإِن لاحَظَتهُ عُيونُ الرِضى / لَكَ الفَضلُ في ذاكَ وَالفَخرُ لي
وَإِن لَم يَكُن غايَةً في الجَمالِ / وَبَدرُ مَعانيهِ لَم يَكمَلِ
فَإِنَّ لَهُ غايَةً في الذَكاءِ / وَلُطفَ البَديهَةِ وَالمِقوَلِ
وَبِكرٍ خَدَمتُ بِها عاجِلاً / وَسيفُ القَريحَةُ لَم يُصقَلِ
أَرومُ إِقامَةَ عُذري بِها / وَأُثني عَلى فَضلِكَ الأَكمَلِ
وَمِثلُكَ مَن قَبِلَ الإِعتِذارَ / وَصَدَّقَ قَولَ المُحِبُّ الوَلي
فَوا ضُعفَ حَظّي وَفَوتَ المُنى / إِذا كانَ عُذرِيَ لَم يُقبَلِ
ما زالَ ظِلُّ نَداكَ شامِل
ما زالَ ظِلُّ نَداكَ شامِل / يا مَن يُمَوِّلُ كُلَّ آمِل
يا مَن غَدا كَهفَ الأَيا / مى وَاليَتامى وَالأَرامِل
حُزتَ العُلى وَالجودَ يا / رَبَّ الفَضائِلِ وَالفَواضِل
وَكَمَلتَ كُلَّ فَضيلَةٍ / يا مَلِكاً في الفَضلِ كامِل
أَنتَ أَولَيتَني الجَميلَ وَلَولا
أَنتَ أَولَيتَني الجَميلَ وَلَولا / ضُعفُ حَظّي لَكُنتُ بِالسَعيِ أَولى
لَم تَزَل تَسبُقُ الأَنامِ بِحُسنا / كَ وَتولي العِبادَ لُطفاً وَطولا
قَد تَصَدَّقتَ بِالزِيارَةِ لِلعَب / دِ فَصَدَّقتَ فيكَ ظَنّاً وَقولا
فَإِذا زُرتَ زُرتَ عَبداً وَرِقاً / وَإِذا ذُدتَ ذُدتَ ذُخراً وَمَولى
وُقَّيتَ حادِثَةَ اللَيالي
وُقَّيتَ حادِثَةَ اللَيالي / وَحُرِستَ مِن عَينِ الكَمالِ
يا مالِكاً بِصَنيعِهِ / حازَ المَعاني وَالمَعالي
قَسَماً بِأَنعُمِكَ الجِسا / مِ عَلى المُؤَمِّلِ وَالمَوالي
إِنّي لَمُشتاقٌ إِلى / تِلكَ الشَمائِلِ وَالجَمالِ
وَلَقَد ذَكَرتُ القُربَ مِن / كَ وَطيبَ أَيّامي الخَوالي
فَطَفِقتُ أَصفُقُ راحَتي / وَعِندَ صَفقَتِها مَقالي
كَيفَ السَبيلُ إِلى سُعا / دَ وَدونَها فَلَكُ الحَيالي
أَهلاً بِها قَوادِماً رَواحِلا
أَهلاً بِها قَوادِماً رَواحِلا / تَطوي الفَلا وَتَقطَعُ المَراحِلا
تَذَكَّرَت آكامَ دَربَنداتِها / وَعافَتِ الأَجامَ وَالمَراحِلا
أَذكَرَها عَرفُ الرَبيعِ إِلفَها / فَأَقبَلَت لِشَوقِها حَوامِلا
نَفرَقُ في الجَوِّ بِصَوتٍ مُطرِبٍ / يَشوقُ مَن كانَ إِلَيها مائِلا
هَديَّةُ الصِنفِ وَدَربَندِيَّةٌ / أَو خُزَريّاتٌ بَدَت أَصائِلا
لَمّا رَأَت حَرَّ المَصيفِ مُقبِلا / وَطيبَ بَردِ القَرِّ ظِلّاً زائِلا
أَهمَلَتِ التَخبيطَ في مَطارِها / وَعَسكَرَت لِسَيرِها قَوافِلا
مِن بَعدِ ما مَرَّت بِها أَخياطُها / كَما نَظَمتَ في البُرى البَوازِلا
تَنهَضُ مِن صَرحِ الجَليلِ تَحتَها / بِأَرجُلٍ لِبَردِهِ قَوابِلا
قَد أَنِفَت أَيّامُ كانونٍ لَها / مِن أَن تُرى مِنَ الحِلى عَواطِلا
فَصاغَتِ الطَلَّ لَها قَلائِداً / وَالثَلجَ في أَرجُلِها خَلاخِلا
لَمّا دَعاني صاحِبي لِبَرزَةٍ / وَنَبَّهَ الزَميلَ وَالمَقاوِلا
أَجَبتُهُ مُستَبشِراً بِقَصدِها / نَبَّهتُمُ لَيثَ عَرينٍ باسِلا
ثُمَّ بَرَزنا نَقتَفي آثارَهُ / وَنَقصِدُ الأَملاقَ وَالمَناهِلا
بَينَ قَديمٍ وَزَميلٍ صادِقٍ / لا زالَ شُكري لَهُما مُواصِلا
وَالصُبحُ قَد أَعَمَّنا بِنورِهِ / لَمّا اِنثَنى جِنحُ الظَلامِ راحِلا
تَخالُ ضَوءَ الصُبحِ فَوداً شائِباً / وَتَحسَبُ اللَيلَ خِضاباً ناصِلا
وَقَد أَقَمنا في المَقاماتِ لَها / مَعالِماً تَحسَبُها مَجاهِلا
وَأَعيُنُ الأُسدِ إِذا جَنَّ الدُجى / أَذكَت لَنا أَحداقُها مَشاعِلا
نَرشُقُها مِن تَحتِها بِبُندُقٍ / يَعرُجُ كَالشُهبِ إِلَيها واصِلا
فَما رَقى تَحتَ الطُيورِ صاعِدٌ / إِلّا اِغتَدى بِها البَلاءُ نازِلا
لِلَّهِ أَيّامُ بِهورٍ بابِلٍ / أَضحى بِها الدَهرُ عَلينا باخِلا
فَكَم قَضَينا فيهِ شَملاً جامِعاً / وَكَم صَحِبنا فيهِ جَمعاً شامِلا
فَهَل تُرى تَرجِعُ أَيّامٌ بِهِ / في جَذَلٍ قَد كانَ فيهِ حاصِلا
هَيهاتَ مَهما يَستَعِر مُستَرجِعٌ / أَراجِعٌ لي الدَهرُ حَولاً كامِلا
وَأَهرَتٍ مِنَ الكِلابِ أَخطَلِ
وَأَهرَتٍ مِنَ الكِلابِ أَخطَلِ / أَصفَرَ مَصقولِ الإِهابِ أَشعَلِ
أَعصَمَ مِثلِ الفَرَسِ المُحَجَّلِ / يُخالُ مَرحوضاً وَإِن لَم يُغسَلِ
مُختَصَرِ الشِلوِ ثَقيلِ المَحمَلِ / مُنفَسِحِ الهامَةِ ناتي المُقلِ
إِذ أَنَّهُ كَالسَوسَنِ المُهَدَّلِ / كَأَنَّ فَوقَ عُنقِهِ المُعتَدِلِ
هامَةَ فَهدٍ في صِماخي فُرعُلِ / مُنسَرِحِ الزَورِ فَسيحِ الكَلكَلِ
مِنهَضِمِ الخَصرِ عَريضِ الكِفلِ / ذي أَيطَلٍ خالٍ وَمَتنٍ مُمتَلي
خَصيبِ أَعلى العَضبِ مَحلِ الأَسفَلِ / قَصيرِ عَظمِ الساعِدِ المُفَتَّلِ
مُقتَصَرِ الأَيدي طَويلِ الأَرجُلِ / مُزدَحِمِ الأَظفارِ ثَبتِ العَضلِ
ذي ذَنَبٍ سَبطٍ قَصيرٍ أَفتَلِ / أَسلَسَ مِن دَفَّتِهِ كَالمِغزَلِ
كَثيرِ تَكرارِ نَزاعِ الأَحبُلِ / يَبيتُ غَضبانَ إِذا لَم يُرسِلِ
قَيدِ الأَوادي وَعِقالِ الإِبِلِ / رُعتُ بِهِ سِربَ الظِباءِ الجُفَّلِ
فَاِعتَصَمَت مِنهُ بِأَعلى الجَبَلِ / فَظَلَّ يَنحو قَصدَها وَيَعتَلي
وَخَرَّيَنصَبُّ عَليها مِن كَلِ / شَبيهَ سَهمٍ مَرَقَت مِن عَيطَلِ
يَفوتُ لَمحَ الطَرفِ في التَأَمُّلِ / حَتّى إِذا اِنقَضَّ اِنقِضاضَ الأَجدَلِ
فَما اِرتَضى مِنها بِدونِ الأَوَّلِ / غادَرَهُ مُجَدَّلاً في الجَندَلِ
ذا جُثَّةٍ وافِرَةٍ كَالمِسحَلِ / وَظَلَّ صَحبي في نَعيمٍ مُقبِلِ
لَهُم غَريضُ لَحمِهِ وَالشُكرُ لي /