المجموع : 13
يا بِأَبي مَن وَصَلا
يا بِأَبي مَن وَصَلا / وَمَلَّ مِمّا مَطَلا
زارَ وَقَد خاطَ الدُّجَى / على حُلاهُ حُلَلا
فَكِدْتُ إِجلالاً لَهُ / أُدْمِي يَدَيْهِ قُبَلا
فَقُلتُ مَولايَ أَلا / غَيرَ اليَدينِ قالَ لا
وَدارَ ماءُ الحُسْنِ فَو / قَ وَجْنَتَيْهِ خَجلا
حَتّى إِذا سَرَّى سَرى / وَحينَ أَحْيَا قَتَلا
كَما حَلا طيفُ الخَيا / لِ نَفساً ثُمَّ اِنْجَلا
يا حَبّذا ذاكَ الغَزا / لَ لَو شَفاني غَزلا
فَدَيْتُ مَن أَبيتُ مِن / هُ وَعَلَيهِ وَجَلا
بَدرٌ إِذا البَدرُ سَرى / فيهِ المَحاقُ كَملا
شَمسٌ إِذا الشَّمسُ خَبَتْ / تَحتَ الكُسُوفِ اِشتَعلا
إِذا تَلَطَّفْتُ قَسا / وَإِنْ سَأَلتُ بَخلا
لَيتَ اِعتِدالَ قَدِّهِ / عَطَفَهُ فَعَدَلا
بَل لَيتَ صَحْنَ خَدِّهِ / مِن ذَلكَ الخالِ خَلا
فَهوَ الَّذي قَلَّبَ قَل / بي في قَواليبِ البِلا
يا سَائِلي عَنِ الهَوَى / وَطَعمِهِ سَلْ مَن سَلا
أَسكَرني الحُبُّ فَما / أَدري أَمَرَّ أَمْ حَلا
عاتَبْتُهُ فاسْتَطالا
عاتَبْتُهُ فاسْتَطالا / وصَدَّ عنّي دلالا
وهكذا مَن تعالَى / في حُسْنِه يتغالَى
مولايَ قد ذُبْتُ صبراً / وكم تُذيب مطالا
ما كان عهدُك إِلّا / مثل السُّلُوِّ مُحَالا
بَلْ كان زُورَ خضابٍ / نَما وفي الحالِ حَالا
سَلَبْت حبَّة قلبي / وصُغْتُهَا لك خالا
فقد كَسَتْني نحولاً / كما كَسَتْكَ جمالا
يا كاملاً وَجهُهُ عل / لَمَ البدور الكمالا
يا أَحسنَ النّاس وجهاً / صِلْ أَسْوأ النّاسِ حالا
حاشا جَمالكَ مِن أَن / يَستَقبِحَ الإِجمالا
لَم أَحظَ مِنكَ بِسُؤلٍ / وَقَد فَنيت سُؤالا
أَما تعلَّمْتَ شَيئاً / مِنَ الكلام سِوَى لا
أخلَى فَصَدَّ عَنِ الحميمِ وما اِخْتَلَى
أخلَى فَصَدَّ عَنِ الحميمِ وما اِخْتَلَى / ورأى الحِمَامَ يغُصُّهُ فَتَوسَّلا
ما كانَ واديهِ بِأوَّلِ مَرتعٍ / ذَعَرَتْ طُلاوتُهُ طَلاهُ فَأجْفلا
وإذا الكريمُ رأى الخُمُولَ نَزِيلَهُ / في بَلدةٍ فالحَزْمُ أن يترحَّلا
كَالبدرِ لَمّا أَنْ تَضاءَلَ جَدَّ في / طَلَبِ الكَمالِ فَحازَهُ متَنقّلا
سفَهَاً لحلْمِكَ إِنْ رَضِيتَ بمشْرَبٍ / رَنِقٍ ورزقُ اللَّه قَد مَلأَ المَلا
ساهمتَ عِيسَك مُرَّ عيشكَ قاعداً / أَفَلا فَلَيْتَ بِهِنَّ ناصِيةَ الفَلا
فارِقْ تَرُقْ كالسَّيف سُلَّ فبان في / مَتْنَيْهِ ما أَخفى القرابُ وأَخملا
لا تَحْسَبَنَّ ذهابَ نفسكَ مِيتَةً / ما الموتُ إلّا أن تعيش مُذَلّلا
للقَفْر لا للفَقْر هبها إنَّما / مَغناك ما أَغناك أَن تَتَوسَّلا
لا تَرْضَ مِن دُنْياكَ ما أَدناكَ مِن / دَنَسٍ وَكُن طَيْفاً جَلا ثُمَّ اِنجَلا
وصِلِ الهجيرَ بهجرِ قومٍ كُلَّما / أَمطَرتَهم عَسلاً جَنَوْا لك حَنْظَلا
من غادِرٍ خبُثَتْ مَغَارِسُ وُدِّهِ / فإذا مَحَضْتَ له الودادَ تأَوَّلا
أو حِلْفِ دهرٍ كيف مالَ بِوجهِهِ / أَمْسَى كذلك مُدْبِراً أو مُقْبِلا
للّهِ عِلْمِي بالزَّمان وأهْلِهِ / ذَنْبُ الفضيلةِ عندَهُم أَنْ تكملا
طُبِعُوا على لُؤْم الطِّباع فخَيْرُهُم / إنْ قلتُ قال وإنْ سكَتُّ تَقَوَّلا
أنا مَن إذا ما الدَّهْرُ هَمَّ بخَفْضِهِ / سامَتهُ هِمَّتُهُ السِّماكَ الأَعْزَلا
واعٍ خطابَ الخَطْبِ وهو مجمجمٌ / راعٍ أَكلَّ العيسَ من عَدَم الكلا
لا أَسْتَكينُ لحادثٍ فإذا طَغَى / غامرتُ فيه مُشَمِّراً إنْ ذَبَّلا
زَعمٌ كمُنْبَلج الصَّباح وراءَهُ / عَزْمٌ كَحَدِّ السَّيْف صادف مَقْتَلا
مُتَنَطّسٌ ركضَ الأُمُور أوابِيا / شُمساً فَرَاضَ صعابَهُنَّ وذلَّلا
سل بي فكم بؤسٍ أغرّ مُحَلَّجٍ / أقبلتُه يأساً أَغَرَّ مُحَجَّلا
وَإِذا أَطالَ لدى ابن محمودٍ يدي / صاحبتُ أَيْمانَ النَّدَى مُتَطَوِّلا
مَلِكٌ كَفَتني كَفُّهُ أَنْ أَجْتَدِي / وأَجَلَّني فأبيتُ أن أَتَبَدَّلا
يَمَّمْتُ جانبَهُ جَنيبَ خَصاصةٍ / فرحلتُ مَرْعِيَّ الجناب مُخَوَّلا
فَقْرٌ تَبَسَّمَ عن غِنىً ومُؤَمّلٍ / صَدَقَتْ فَرَاسَتُهُ فَآبَ مُمَوَّلا
يا بَرقُ هَل لَكَ في اِحتِمالِ تَحِيَّةٍ / عَذُبَتْ فكانتْ مثلَ مائكَ سَلْسَلا
باكِرْ دمشقَ بمشقِ أقلامِ الحَيا / زُبُرَ الرِّياض مُرْصَّعاً ومكلَّلا
وَاجْرُرْ بجَيْرُونَ ذُيولكَ وَاِختَصِصْ / مغَنىً تأزَّرَ بالعُلَى وتَسَرْبَلا
قِفْ مِن بَني شَيْبَانَ حينَ تَقبَّلَتْ / نجوَى المُنَى وتقابلتْ شُهُبُ العُلَى
حيث النَّدَى الربعيُّ محلولُ الحُبَى / والوابِلُ الرَّبعيُّ مَفْرِيُّ الكُلَى
عَرِّضْ لِذِي المَجْدَيِن بي وأَبِنْ لَهُ / جُمَلاً أَبَت لي أَنْ أُرَى مُتَجَمّلا
فَهُناكَ تلقى العَيشَ أخضَرَ ناضراً / والعزّ أقعسَ والحباءَ مُكَمَّلا
في ظلِّ أَرْوَعَ ما تبسَّمَ ضاحكاً / لعُفَاتِهِ إلّا غَدَوْتَ مُبَجَّلا
كَالغَيثِ غَوثاً والحِمامِ حَميّةً / وَالبَحرِ بَحراً والهلالِ تَهَلّلا
مَولايَ عبدُكَ ما أقام لأن رَجا / مَولىً سِواكَ ولا تَجلَّدَ أنْ سَلا
أدعوكَ دعوةَ واحدٍ لا واجِدٍ / بدلاً إذا الكَلِفُ المَشُوقُ تبدَّلا
قد كان جَدّي مُقْبلاً لو أَنَّني / مُذْ غبتُ عنك وجدتُ وجهاً مُقْبِلا
خَوَّلتني وعمَّمتني وعشيرتي / قُلٌّ فَصرتُ بك المعمَّ المُخْوِلا
وغَدَوْتَ أحفَى بي وأرأفَ مِن أبي / وأَبَرَّ من أَخي الشقيق وأَوْصَلا
أَشكو نَواكَ إِلى سِواكَ وَأَنثني / مِن حَملِ صَدّك بَعدَ فقْدِكَ مُثْقلا
أَنا غَرسُ أَنْعُمِكَ الّذي غذَّيْتَهُ / خَطَراتِ عَطفِكَ فَارتَوى وتَهَلَّلا
أصبحتُ تلفِظُني البلادُ كأنَّني / لفظُ البليدِ أَكنَّ لفظاً مُشْكِلا
وأشدُّ ما أشكوه أنّك مُعْرِضٌ / وا ضَيْعَتي إنْ كان ذلك عن قِلَى
نبئي تبلَّج فجرُهُ عن أَبلجٍ / خُتلتْ به ثوبُ الزّمان ليختِلا
قالوا الخِضَمُّ أتى بأَنْفَسِ دُرَّةٍ / قدراً فقلتُ بل الغَضَنْفَرُ أَشبَلا
صَدقَ القَريضُ وما جرى فَألٌ بِهِ / هَذا نَصيرُ المُلْكِ فَلتَطُلِ الطُّلَى
هَذا الَّذي يَغشى السَّوابقَ في غدٍ / كَأَبيهِ وَهو اليومَ أَكرمُ مَنْ تَلا
عُرِفَتْ سِماتُ سَمِيِّهِ في وجههِ / رأياً شِهابيّاً وَعَزْماً قَلْقَلا
يا كافلي بنَدَى أبيه أَبْقِهِ / حتّى تَكونَ بِوارثي مُتَكفِّلا
ومُنيلَ محمودٍ به أقضي المنى / بلِّغْهُ في مَحمودِهِ ما أَمَّلا
وأَدِمْ على الأيّام مجدَ مُؤمّلي / حتّى تَراهُ مُفَرِّعَاً ما أَصَّلا
لا زلتَ تُزْجي كلَّ يومٍ عارضاً / وتسُلّ أَبيض في النوائبِ مِفْصَلا
يدعو إليّ وما يهشُّ إلى أبٍ / ويزلُّ عن أيدي القوابلِ مُقْبلا
مهديُّ دولته نتيجةُ مهدِهِ / وفِصَالُهُ في أنْ يُشيرَ فَيفصِلا
يسمو إلى جدبِ العيانِ وما جنى / ويقولُ أوَّلَ ما يقول فيفعلا
ضَمِنَتْ لَهُ أَجدادُهُ وَجدودُهُ / عَدَمَ النظيرِ فَجاءَ أَوحَدَ أَكمَلا
كَالسَّيْفِ جَوهَرُهُ وَعُنصُر ذاتِهِ / صفواً فأغْنَتْهُ الصِّفاتُ عن الكُلَى
إن كول شَأوك فَهوَ كملُ سَوابِقٍ / ما زال آخِرُهُم يقوّي الأوَّلا
نَسَبٌ كَما اِتّسقَتْ أنابيبُ القَنَا / كسبَ العلاءَ صغيرُهَا لمّا عَلا
وا رَحتمي لِلحاسِدينَ فَإِنَّهم / قَرَعُوا إلى الآمال باباً مُقْفَلا
اللَّهُ أَحْوَطُ للعُلَى من أنْ يرى / ساحاً معطَّلَةً وسَرْجاً مُهْمَلا
يا مُوطِئي عُنُقَ الزَّمانِ وقد لقي / عنّي فصرتُ من المتونِ كلاكلا
ومُسَرْبلي من وفرِهِ وولائِهِ / بُرداً بتيجانِ النُّجومِ مُذَيَّلا
أَصْفَيْتَني فَحَبَاكَ صفْوُ خواطري / مدحاً تخالُ من الجلال تَغَزُّلا
وكَذاكَ أصبح فيك شِعري كلُّه / قَوْلاً وأصبح في سواك تَقَوُّلا
أفدي عُلاك منادياً ومناجياً / وأَقي حِماكَ مُخاطِباً وَمُراسِلا
لاحَ لَنا عاطِلاً فَصِيغ لَهُ
لاحَ لَنا عاطِلاً فَصِيغ لَهُ / مَنَاطِقٌ من مَرَاشِقِ المُقَلِ
حياةُ رُوحي وفي لواحِظِهِ / حَتْفيَ بين النَّشاطِ والكَسَلِ
ما خالُهُ من فَتيتِ عنبرِ صُدْ / غَيْهِ ولا قطْرِ صبغة الكَحَلِ
لكنْ سُوَيْدَاء قلبِ عاشقِهِ / طَفَتْ على نارِ ورْدَةِ الخَجَلِ
تُرَى أَراكَ وَأَنتَ في دَسْتِ العُلَى
تُرَى أَراكَ وَأَنتَ في دَسْتِ العُلَى / كَالبَدرِ في هالاتِهِ المُتَهلِّلهْ
فَهُناكَ أَنشرُ مِن مَدائِحِك الّتي / شَهِدَت بِها سُوَرُ القُرآنِ مُرَتَّلَهْ
وَأُجيل عَيني في علائك ناظِراً / فأَخِيطُ منه على الثَّنا ما فَصَّلَهْ
يا اِبْنَ النّبيِّ وتلك أشْرَفُ رُتْبَةٍ / كانَت مِنَ اللَّه المُهَيْمِنِ مُنَزَّلَهْ
إنّ المدايح في ثناك وإنْ أَتَتْ / غاياتها وفْقاً أراها مُجَمَّلَهْ
أَرَقُّ من الماء لولا الشُّعَاع
أَرَقُّ من الماء لولا الشُّعَاع / لأَفْنَتْهُ رَشْفاً شفاه المُقَلْ
وكالنّار من وَهَج تِيه الصَّبا / فلولا تبسُّمه لاشْتَعَلْ
أيا مِلكاً ألقى على الشِّرْك كلكلاً
أيا مِلكاً ألقى على الشِّرْك كلكلاً / أَناخَ عَلى أماتِه كِلكَلَ الثَّكلِ
جَمَعْتَ إلى فتح الرُّها سدّ بابهِ / بِجَمعكَ بينَ النَّهْب والأسر والقتْلِ
هُو الفَتح أَنسى كُلَّ فَتحٍ حَديثُهُ / وَتَوَّجَ مَسطورَ الروايَةِ والنَّقْلِ
فَضَضْتَ بِهِ نَقشَ الخَواتِمِ بَعدَه / جُزِيتَ جزاء الصّدق عن خاتَم الرُّسْلِ
تَجرَّدتَ للإِسلامِ دونَ ملوكِهِ / تُبَتِّكُ أسباب المَذَلَّةِ والخَذْلِ
أَخو الحَربِ غذَّتْهُ القراع مفطَّماً / يَشوبُ بِإِقدامِ الفتى حنكَةَ الكهلِ
وما يومُ كلبِ الرُّومِ إلّا أخو الّذي / أَزحتَ بهِ ما في الجَناجنِ مِن نبلِ
أَتاكَ بِمِثلِ الرّومِ حَشداً وإنّهُ / لَيَفْضُلُ أضعافاً كثيراً عن الرملِ
فَقاتَلتَهُ بِاللَّه ثمَّ بِعَزمةٍ / تصُكُّ قلوبَ العاشقين بما تسلي
تَوهَّمَ أنَّ الشامَ مَرعىً وما دَرَى / بِأَنّكَ أَمضى مِنهُ في الشزرِ وَالسجلِ
فَطارَ وَخَيرُ المَغْنَمَيْنِ ذِمَاؤُه / إذا ردَّ عنه مغنمُ المال والأهلِ
بنور الدّين رُوِّض كُلُّ مَحْلٍ
بنور الدّين رُوِّض كُلُّ مَحْلٍ / من الدُّنيا وجُدِّد كلُّ بالِ
أقام على ثنيّة كلِّ خوفٍ / سُهاداً بات يكْلأُ كُلَّ كالِ
وَصَوَّبَ عدلُهُ في كلِّ أوْب / فعَوَّض عاطلاً منه بحالِ
يُنَكِّسُ رأيُهُ رأيَ المحامي / ويَقْتُلُ خوفُهُ قبل القتالِ
لَقَد أَحصدْتَ للإِسلامِ عِزّاً / يفوت سَنَامُه يَدَ كلِّ قالِ
وَأَصبَحتِ العَواصمُ مُلحفاتٍ / عصاماً غير مُنْتَكِثِ الحبالِ
فِدَاكَ مَن صامَ وَمَن أَفطَرا
فِدَاكَ مَن صامَ وَمَن أَفطَرا / وَمَن سَعى سَعْيَكَ أَو قصّرا
وَما الوَرَى أَهلاً فتُفْدَى بِهِم / وَهَل يُوازي عَرَضٌ جَوهرا
عَدْلٌ تَساوى تَحتَ أَكنافِهِ / مطافلُ العِين وأُسْدُ الشَّرَى
يا نورَ دينِ اللَّهِ كَم حادِثٍ / دَجا وَأَسْفَرْتَ لَهُ فَاِنْشَرَى
وَكَم حِمىً لِلشِّرْكِ لا يَهتدي ال / وَهْمَ لَه غادَرتَهُ مَجزرا
يا مَلكَ العصر الّذي صدرُه / أَفسحُ مِن أَقطارِها مَصدرا
وَاِبْنَ الَّذي طاوَلَ أَفلاكَها / فَلَم يَجِد مِن فَوقِهِ مَظهرا
مَناقِبُ تَكْسِرُ كِسْرَى كَما / تُقصِرُ عَن إِدراكِها قَيصَرا
ما عامَ في أَوصافِها شاعِرٌ / إِلّا رَأَى أَوصافَها أَشعرا
للَّهِ أصْلٌ أَنتَ فَرعٌ لهُ / ما أَطيَبَ المَجنى وَما أَطهرا
ما حَلَبُ البَيضاءُ مُذ صُنْتَها / إِلّا حَرامٌ مثل أُمّ القُرَى
شِيدَتْ في مَعمورِ أَرجائِها / لكلّ باغي عُمْرة مِشْعَرا
فَأَصبَحَ الشادي إِذا ثوَّبَ الد / داعي له هلّل أو كَبَّرا
لا عَدمَ الإسلامُ مَنْ كَفُّهُ / كَهْفٌ لِمَنْ أُرهق أو أُحْصِرا
كأنّما ساحتُه جَنَّةٌ / أجْرَتْ بها راحتُه كوثَرا
تَصرَّم الشّهر الَّذي كنت في / أَوقاتِهِ مِن قَدرِهِ أَشْهُرا
جِهادُ لَيلٍ في نَهارٍ فَفُزْ / إذْ كنت فيه الأصْبَرَ الأَشكَرا
أَصدَقُ ما يَرشُفُهُ سامع / ما هزَّ مِن أوصافكَ المِنبرا
أبقاك للدُّنيا وللدّين مَنْ / خَلّاكَ في لَيلِهما نيِّرا
حتَّى نَرى عيسى مِنَ القُدسِ قَد / لَجا إِلى سَيفِكَ مُستَنصِرا
أَرِحْها فهيَ أَزلامُ المَعالي
أَرِحْها فهيَ أَزلامُ المَعالي / لهنّ إلى الوغى تَوْقُ المَغَالي
أَقالَ مَقيلَهنَّ بِكلِّ نَقعٍ / يُقَوِّض بِالهدى عمر الضَّلالِ
وَأيّ سُيوفِكَ الحُمرِ الحَواشي / مَنزِلَة مَتى دُعِيَتْ نَزَالِ
مَواضٍ إِنْ سُللنَ سَلكنَ جَزماً / نَفاهُ مِنَ الطّلى لَفْظُ اِعتِلالِ
لَقَد غلتِ الصَّليبَ بحَرِّ حرْبٍ / يُشيب أُوارُها لمم اللَّيالي
وَشِمتَ لِنَصرِ هذا الدينِ بَأساً / تُحرّمُ مِنهُ كُلّ حِمىً حَلالِ
وَقائِعُ أنزعَت في كُلِّ فجٍّ / وَقائِعُ جَوِّها دامي العَزَالِ
تُسائل حمصُ عن منسيّ دين / تقاضاه لك الحِجج الخوالي
فَواتَت وَهيَ أُختُ النجمِ بُعداً / وَوَعداً صيغَ مِن مَطلٍ مطَالِ
تَشَامخَ أَنفُهَا عِزّاً وَشدَّت / عَلى أَن لا تَنالَ يداً يَنالِ
فَما زَالت رقاكَ تَجدُّ نَقضاً / لِما تُثنيهِ مِن مررِ الحِبالِ
إِلى أَن أَطلَقَ الحَسناءَ كُرْهاً / وَآلَ إِلى مُلاوَحَةِ المآلي
يَصدّ الوجهَ عَن شَمّاءَ أَلقَت / يَداً لِأَشَمَّ ذي باعٍ طِوالِ
شَغَلتَ بِها يَمينَك وَالمَواضي / تَكفَّل أنّ مِصْراً للشّمالِ
إِذا فَتَحَ القِتالُ عَلَيكَ أَرضاً / أباحَكَ أُخْتَها لا عَنْ قتالِ
لِعَلائك التّأييدُ والتأميلُ
لِعَلائك التّأييدُ والتأميلُ / ولمُلْكِكَ التَّأْبيدُ والتّكميلُ
أبداً تُهِمّ وتقتفي فَتنالُ ما / عَزَّ الوَرى إدراكُهُ وتُنيلُ
إِمّا كِتابٌ يَستَقيلُ بِهِ الكتا / ئب أَو رَسولٌ لِلنّجاحِ رسيلُ
لَكَ مِن أَبي سعدٍ زَعيمِ سعادة / قمن تَفاءَلَ فيكَ لَيسَ يفيلُ
نِعْمَ الحُسَامُ جَلَوْتَهُ وبَلَوْتَهُ / يُرضيكَ حينَ يصلُّ ثمَّ يَصولُ
سَهمٌ تُعوّدَ في الكنانة عودُهُ / وَيُقصّرُ المطلوبَ وهوَ طَويلُ
سَدَّدتَهُ فَمَضى وَقَرطسَ صادراً / كَالنّجمِ لا وَهْلٌ ولا تَهليلُ
فَثَنا القُلوبَ إِلى وَلائِكَ حُوَّلٌ / مِنهُ بِما يَجني رضاكَ كَفيلُ
وَأَقامَ يَنشُرُ في العراق ودِجلةٍ / آياً تَأَوّلها لمصرَ النّيلُ
وَكَساكَ مِن رأيِ الخليفةَ جُبَّةً / لا النّقصُ يُوهيها ولا التّقْليلُ
كُنتَ الشّريفَ أَفَضت في تَشريفِهِ / ماءٌ عَلَيهِ مِن سَناكَ دليلُ
أَلِيُوسفٍ لَمّا طَلَعتَ مُقَرطقاً / طَمَثت حِصانٌ وَاِستَخفّ أبيلُ
أَم عن سُليمانَ يفرج ضاحِكاً / سجفَ الرواقِ وَضَعضع الكيّولُ
ومُمَلَّكٌ في السّرج أمْ ملكٌ سَطَت / لِبَهائِهِ عَقلٌ وَتاهَ عقولُ
وَبَرَزت في لبسِ الخِلافَةِ كَالهِلا / لِ جَلاهُ في حُلَل الدُّجا التهليلُ
خِلَعٌ خَلَعْن على القلوب مَسَرَّةً / سَدكاتُها التَعظيمُ وَالتَبجيلُ
نَثرت نُضاراً جامداً أَعلامها / وَتَكادُ تَجري رِقَّةً وتَسيلُ
لَقَضى لَها أَنْ لا عَديلَ لِفَخْرِها / رَبٌّ بَراكَ فَما تلاكَ عَديلُ
أَنتَ المُهَنَّد مُنذُ سَلَّتْهُ العُلا / لم يَخْلُ من مُهَجٍ عَلَيه تَسيلُ
مُذْ هَزَّ قائمَهُ الإِمامُ تَأَلَّقَتْ / غُرَرٌ شُدِخنَ لِمُلكِهِ وَحجولُ
والَيْتَ دولَته فتِهْتَ بدولةٍ / مُتَكلِّلٌ بِصَعيدِها الإكليلُ
وَنَصرتَهُ فَحلاكَ أَبيضَ دونَهُ / صَرْفُ الزَّمانِ إِذا اِستَكلَّ كليلُ
قُلِّدْتَهُ وكِلاكما مُتَلَهْذِمٌ / عَضْبٌ فزانَ المغمد المسلولُ
وَحَبا رِكابَكَ حينَ قَرَّ بِزَحفِهِ ال / قرآنُ وَاِستَخْذَى له الإنجيلُ
بأَقَبَّ أَصفر مشرف الهادي له الت / تَحْجيل لونٌ واللّما تَحجيلُ
قَسَم الدُّجا بَينَ الغَدائِرِ والشّوى / وَاِعْتامَ رَونَقَهُ الأَصيلَ أصيلُ
وَتَقاسَمَ الرّاؤُوهُ تَحتَكَ أَنَّه / حَيزومُ يصرفُ عطفَهُ جبريلُ
تَختالُ في حُبِّك الحُليّ مُخَيِّلاً / أَنَّ الشّوامِخَ لِلبدورِ خيولُ
مُرْخَى الذَّوائِبِ كَالعَروسِ يزينُهُ / طرْفٌ بِأَطرافِ الرّماحِ كَحيلُ
تَتَصاعَقُ النّعرات تَحتَ لبانه / إنْ شبَّ زفْرٌ واسْتَجَشَّ صهيلُ
لَم يَحْبُ مثلَك مثلَهُ مُهدٍ وَلَم / يَشلُل عَلى سرقٍ سِواهُ شليلُ
كَسا الحَرَمينِ لبسَةَ عَبد شَمسٍ
كَسا الحَرَمينِ لبسَةَ عَبد شَمسٍ / وَهاشمَ غُرَّتي نَسلِ الخَليلِ
وَلِلبَلَدِ الأَمينِ أَجدَّ أَمناً / تَكَنَّفَ مِثلهُ جَدَثَ الرّسولِ
عَشيتُم يا وُلاةَ الأَمرِ عَمّا / أُتيحَ لَهُ مِنَ الأَثرِ الجَميلِ
وَطارَ لَها وَأَشفَقتُم فَشدَّ ال / يَدينِ عَلى عُرى المَجدِ الأَثيلِ
بُيوتٌ بِالحِجازِ مُقدَّسات / رَماها الدَّهْرُ بِالخَطبِ الجَليلِ
وَكانَ أذَالَهُنَّ فَصابَ صَوناً / لِمَن آوَتْهُ مِن وَلَدِ البَتولِ
مَآثِرُ باقِياتٍ يَومَ يَجني ال / مَقال يَداه مِن ريفٍ وَنيلِ
بَرودُ الصّفحِ مُلتَهِبِ الحَواشي / مَهيبُ البَطشِ فَرّاسُ الدّخولِ
يوماك يوم ندى ويوم نزال
يوماك يوم ندى ويوم نزال /
إِن يَمتَرِ الشُكَّاكُ فيكَ فَإنَّكَ ال / مَهديّ مُطفِئُ جَمرَةَ الدّجّالِ
فَلِعَودَةِ الجَبَلِ الّذي أَضلَلتَهُ / بِالأَمسِ بَينَ عَناطِلٍ وَجِبالِ
مُستَرجِعاً لَكَ بِالسَّعادَةِ آيَةً / رَدَّت مَطَال الفالِ غَير مُطالِ
لَم يُعْطَها إِلّا سُليمان وَقَد / نِلتَ الرقاءَ بِموشكِ الإِعجالِ
زَجرٌ جَرى لِسَريرِ مُلكِكَ أَنَّهُ / كَسَريرِهِ عَن كُلِّ جُدرٍ عالِ
فَلَوِ البِحارُ السَّبعَةُ اِستَهوَينَهُ / وَأَمَرتَهُنَّ قَذَفنَهُ في الحالِ
أَخرَستَ شَقشَقَةَ الضَّلالِ وَقُدْتَهُ / قَودَ الذَّلُولِ أَطاعَ بَعدَ صِيالِ
وَرَمَيتَ دارَ المُشرِكينَ بِصَيلَمٍ / أَلحَفتَ فيها الحَربَ بَعدَ حيالِ
وَسَعَرتَ بَينَ تَريبِهم وَتُرابِهِم / ذُعراً يُشيبُ نَواصِيَ الأَطفالِ
فَوقَ الخَطيمِ وَقَد خَطَمت زَعيمَهم / ضَرْباً سوابِقَه بِغَير تَوالي
ضَرباً مَلأْتَ فِرنجَةً مِن حَرِّهِ / رَهَباً بِهِ سَيفُ الصَّقالِبِ صالي
وَبِفَجِّ حارِمَ أَحرَمتْ لِقراعِهم / هيمٌ أَحَلنَ النّومَ غيرَ حلالِ
عَجَموا عَلى الجِسرِ الحَديدِ حَديدَها / نَبعاً يُعاذِمهُ أدير دُصالِ
زَلزَلْتَ أَرضَهُمُ بِوقعِ صَواعِقٍ / أَعطَينَنا أَمناً مِنَ الزلزالِ
يوماك يوم ندى ويوم نزال /
في مَأزِقٍ شَمَّرْتَ ذَيلَكَ تَحتَهُ / وَالنّصرُ فَوقَكَ مُسبِلُ الأَذيالِ
في دَولَةٍ غَرّاءَ مَحموديّة / سَحَبَت رِداءَ الحَمدِ غَيرَ مُذالِ
تُنْسي الفتوحُ بِها الفُتُوحَ وتَجتَني / زُهرَ المَقال بِبِاهِرِ الأفعالِ
لَبِست بِنورِ الدّينِ نورَ حَدائِقٍ / ثَمراتُهُنَّ غَرائب الأَفضالِ
مَلكٌ تَحَجَّب في السّريرِ بِزَأرَةٍ / زَرَّت حَواشيها عَلى رِئبالِ
تَنجابُ عَن ذي لِبدَتَينِ شَذاتُهُ / في بُردَتَي بَدلٍ مِنَ الأَبدالِ
رَفَع الرّواقَ بِروقِ أَنطاكِيّة / فَرَمى الخَليجَ بِمرهَقِ البلبالِ
بَدرٌ لأَربَع عَشرَة اِقتَبَسَ السّنا / مِن خَمس عَشرة سَورة الأَنفالِ
فَوز المَآلِ أَخاضَهُ ماءَ الطّلى / وَسِواهُ يُقعِدُه اِحتِيازُ المالِ
مُتَقَسِّم بَينَ القَسيمَينِ العُلا / عَن عَمِّ عَمٍّ أَو مخايِلِ خالِ
لازِلتَ تطلعُ مِن ثَنايا جَحفَلٍ / يَقفو لِواءَكَ كَاللِّوى المنهالِ
لَكَ أَن تُطِلَّ عَلى الكَواكِبِ راقِياً / وَلِحاسِديكَ بُكاً على الأَطلالِ