المجموع : 23
أَأَحِلفُ لا أَنسى وَإِن شَطَّتِ النَوى
أَأَحِلفُ لا أَنسى وَإِن شَطَّتِ النَوى / ذَواتِ الثَنايا الغُرِّ وَالأعيُنِ النُجلا
وَلا الِمسكَ مِن أَعراضِهِنَّ وَلا البُرى / جَواعِلَ في أوضَاحِهِ قَصَباً خَدلا
قِطافَ الخُطى مُلتَفّةً رَبَلاتُها / مِنَ اللَّفّ أفخاذاً مؤزَّرةً كِفلا
أَراحَ فَريقُ جيرَتِكَ الِجمالا
أَراحَ فَريقُ جيرَتِكَ الِجمالا / كَأَنَّهُم يُرُيدونَ اِحتِمالا
فَبِتُّ كَأَنَّني رَجُلٌ مَريضٌ / أَظُنَّ الحَيَّ قَد عَزَموا الزِيَالا
وَباتوا يبُرِمونَ نَوىً أَرادَت / بِهِم لِسَواءِ طَيَّتِكَ اِنفِتالا
وَذِكرُ البَينِ يَصدَعُ في فُؤادي / وَيُعِقبُ في مَفاصِلي امِذِلالا
فَأَرغَوا بالسَوادِ فَذَرَّ قَرنٌ / وَقَد قَطَعوا الِزيارَةَ وَالوِصالا
فَكِدتُ أَموتُ مِن شَوقٍ عَلَيهِم / وَلَم أَرَ نأويُ الأَظعانِ بالا
فَأَشرَفتُ الغُزالَةَ رَأسَ حَوضى / أُراقِبهُمُ وَما أَغنى قِبالا
كَأَنّي أَشهَلُ العينَينِ بازٍ / عَلى عَلياءَ شَبَّهَ فَاِستَحالا
رَأَيتُهُمُ وقَدَ جَعَلوا فِتاخاً / وَأجرَعَهُ المُقَابَلَةَ الشِمالا
وَقَد جَعَلوا السَبِيَّةَ عَن يَمينٍ / مَقادَ المُهرِ وَاِعتسَفَوا الرِمالا
كَأَنَّ الآلُ يرَفَعُ بيَن حزُوى / وَرابِيَةٍ الخَويِّ بِهِم سَيالا
وَفي الأَظعانِ مِثلُ مَها رُماح / عَلَتهُ الشَمسُ فَاِدَّرَعَ الظِلالا
تَجَوَّفَ كُلَّ أَرطَاةٍ رَبوضٍ / مِن الدَهنا تَفَرَّعَتِ الحِبالا
أُولاكَ كَأَنَّهُن أوَّلاُكَ إِلاّ / شوًى لِصَواحِبِ الأرطى ضِئالا
وَأَنَّ صَواحِبَ الأظعانِ جُمٌّ / وَأَنَّ لَهُنَّ أَعجازاً ثِقالا
وَأَعناقَ الِظباءِ رَأَينَ شَخصاً / نَصَبنَ لَهُ السَوالِفَ أَو خَيالا
رَخيماتُ الكَلام مُبَطَّناتٌ / جَواعِلُ في البُرى قَصَباً خِدالا
جَمَعنَ فَخامَةً وَخُلوصَ عِتقٍ / وَحُسناً بَعدَ ذَلِكَ وَاِعتِدالا
كَأَنَّ جُلودَهُنَّ مُمَوَّهاتٌ / عَلى أَبشارِها ذَهَباً زُلالا
وَمَيَّةَ في الظَعائِنِ وَهيَ شَكَّت / سَوادَ القَلبِ فَاِقتَتَل اِقتِتالا
عَشِيَّةَ طالَعَت لِتَكونَ داءً / جَوى بَينَ الجَوانِحِ أَو سُلالا
تُريكَ بَياضَ لِبَّتِها وَوَجهاً / كَقَرنِ الشَمسِ أَفتَقَ حينَ زالا
أَصابَ خَصاصَةً فَبَدا كَليلاً / كَلا وَاِنغَلَّ سائِرُهُ اِنغِلالا
وَأَشنَبَ واضِحاً حَسَنَ الثَنايا / تَرى مِن بَينِ ثَنِيَّتِهِ خِلالا
كَأَنَّ رِضابَهُ مِن ماءِ كَرمٍ / تَرَقرَقَ في الزُجاجِ وَقَد أَحالا
يُشَجُّ بِماءِ سارِيَةٍ سَقَتهُ / عَلى صَمّانَةٍ رَصَفاً فَسالا
وَأَسحَمَ كَالأَساوِدِ مُسبَكِراً / عَلى المَتنَينِ مُنسَدِلاً جُفالا
وَمَيَّةُ أَحسَنُ الثَقَلَينِ خَدّاً / وَسالِفَةً وَأَحسَنُهُ قَذالا
وَلَم أَرَ مِثلَها نَظَراً وَعَيناً / وَلا أُمَّ الغَزالِ وَلا الغَزالا
هِيَ السُقمُ الَّذي لا بُرءَ مِنهُ / وَبُرءُ السُقمِ لَو رَضَخَت نَوالا
كَذاكَ الغانِياتُ فَرَغنَ مِنّا / عَلى الغَفلاتِ رَمياً وَاِختِيالا
فَعَدِّ عَنِ الصِبا وَعَلَيكَ هَمّاً / تَوَقَّشَ في فُؤادِكَ وِاِختِبالا
فَبِتُّ أَروضُ صَعبَ الهَمِّ حَتّى / أَجَلتُ جَميعَ مِرَّتِهِ مَجالا
إِلى اِبنِ العامِريِّ إِلى بِلالٍ / قَطَعتُ بِنَعفٍ مَعقُلَةَ العِدالا
قَرَوتُ بِها الصَريمَةَ لا شِخاتاً / غَداةَ رَحيلِهِنَّ وَلا حِيالا
نَجائِبَ مِن نِتاجِ بَني غَريرٍ / طِوالَ السَمكِ مُفرِعَةً نِبالا
مُضَبَّرةً كَأَنَّ صَفا مَسيلٍ / كَسا أَوراكَها وَكَسا المَحالا
يَخدنَ بكُلِّ خاوِيِة المَبادي / تَرى بيضَ النَعامِ بِها حِلالا
كَأَنَّ هَويَّهُنَّ بِكُلِّ خَرقٍ / هَوِيُّ الرُبدِ بَادَرَتِ الرِئالا
مُذَبَّبةً أَضَرَّ بِها بكُوري / وَتَهجيري إِذا اليَعفورُ قالا
وَإدلاجي إِذا ما اللَيلُ أَلقى / عَلى الضُعَفاءِ أَعباءً ثِقالا
إِذا خَفَقَتَ بِأمقَهَ صَحصَحانٍ / رُؤوس القَوم وَالتَزَموا الرِحالا
فَلَم تَهبِط عَلى سَفوانَ حَتّى / طَرَحنَ سِخالَهُنَّ وَإِضنَ آلا
وَرُبَّ مَفازَةٍ قَذَفٍ جَموحٍ / تَغولُ منَحِّبَ القَرَبِ اِغتِيالا
قَطَعتُ إِذا تَجَوَّفَت العَواطي / ضُروبَ السِدرِ عُبرّياً وَضالا
عَلى خَوصاءَ يَذرفُ مَأقياها / مِن العِيديِّ قَد لَقيِت كَلالا
إِذا بَرَكَت طَرَحتُ لَها زِماماً / وَلَم أَعقل بِرُكبَتها عِقالا
وَشَعر قَد أَرقتُ لَهُ غَريبٍ / أُجَنِّبُهُ المَساند وَالمَحالا
فَبِتَّ أُقيمُهُ وَأَقُدُّ مِنهُ / قَوافي لا أُعِدَّ لَها مِثالا
غَرائِبُ قَد عُرِفنَ بِكُلِّ أُفقٍ / مِنَ الآفاقِ تُفتَعلُ اِفتِعالا
فَلَم أَقذِف لِمؤُمِنَةٍ حَصَانٍ / بِحَمدِ اللهِ موجِبِةً عضُالا
وَلَم أَمدَح لأُرضِيَهُ بِشِعري / لَئيماً أَن يَكونَ أَصابَ مالا
وَلكِنَّ الكِرامَ لَهمُ ثَنائي / فَلا أَخزى إذا ما قيلَ قالا
سَمِعتُ الناسُ ينَتَجِعونَ غَيثا / فَقُلتُ لِصَيدَحَ اِنتَجِعي بِلالا
تُناخي عِندَ خَير فتًى يَمانٍ / إِذا النَكباء ناوَحَت الشَمالا
نَدىً وَتَكَرُّماً وَلُبابَ لُبّ / إِذا الأَشياءُ حَصَّلَتِ الرِجالا
وَأَبعَدِهِم مَسافَةَ غَورِ عَقلٍ / إِذا ما الأَمرُ ذو الشُبُهاتِ عالا
وَخَيرِهُم مآثَر أَهلِ بَيتٍ / وَأَكَرمِهِم وَإِن كَرُموا فِعالا
بَنى لَكَ أَهلُ بَيتِكَ يا اِبنَ قَيسٍ / وَأَنتَ تَزيدُهُم شَرَفاً جُلالا
مَكارِمَ لَيسَ يُحصيِهنَّ مَدحٌ / وَلا كَذِباً أَقولُ وَلا اِنتِحالا
أَبو موسى فَحَسبُكَ نِعمَ جَدا / وَشَيخُ الرَكبِ خَالُكَ نِعمَ خالا
كَأَنَّ الناسَ حينَ تَمُرُّ حَتّى / عَواتِقَ لَم تَكُن تَدَعُ الحِجالا
قِياماً يَنظُرونَ إِلى بِلالٍ / رِفاقُ الحَجِّ أَبصَرت الهِلالا
وَقَد رَفَعَ الإِلَهُ بِكُلِّ أَرضٍ / لِضوئِكَ يا بِلالُ سَناً طِوالا
كَضَوءِ البَدرِ لَيسَ بِهِ خَفاءُ / وَأُعطيتَ المَهابَةَ وَالجَمالا
تَزيدُ الخَيزُرانَ يَداه طيباً / وَيَختالُ السَريرُ بِهِ اِختِيالا
أَشَمُّ أَغَرُّ أَزهَرُ هِبرِزِيَّ / يَعُدُّ الراغِبينَ لَهُ عِيالا
تَرى مِنهُ العِمامَةَ فَوقَ وَجهٍ / كَأَنَّ عَلى صَفيحَتِهِ صِقالا
يُقَسِّمُ فَضلَهُ وَالسِرُّ مِنهُ / جَميعُ لا يُفَرِّقُهُ شِلالا
يُضَمِّنُ سِرَّهُ الأَحشاءَ إِلّا / وَثوبَ اللَيثِ أَخدَرَ ثُمَّ صالا
وَمَجدٍ قَد سَمَوتُ لَهُ رَفيعٍ / وَخَصمٍ قَد جَعَلَت لَهُ خَبالا
وَمُعتَمِدٍ جَعَلَت لَهُ رِبيعاً / وَطاغِيَةٍ جَعَلَت لَهُ نَكالا
وَلَبسٍ بَينَ أَقوامٍ فَكُلُّ / أَعَدَّ لَهُ الشَغازِبَ وَالمَحالا
فَكُلُّهُم أَلَدُّ أَخو كَظاظٍ / أَعَدَّ لِكُلِّ حالِ القَومِ حالا
أَبَرَّ عَلى الخُصوم فَلَيسِ خَصمٌ / وَلا خَصمانِ يَغلبُهُ جِدالا
قَضَيتَ بِمَرَّةٍ فَأَصَبتَ مِنهُ / فُصوصَ الحَقِّ فَاِنفَصَلَ اِنفِصالا
وَحُقَّ لِمَن أَبو موسى أَبوهُ / يُوَقِّقُهُ الَّذي نَصبَ الجِبالا
حَواريُّ النَبِيِّ وَمِن أُناسٍ / هُمُ مِن خَيرِ مَن وَطِئَ النِعالا
هُوَ الحَكَمُ الَّذي رَضِيَت قُرَيشٌ / لِسَمكِ الدينِ حينَ رَأَوهُ مالا
وَمُنتابٍ أَناخَ إِلى بِلالٍ / فَلا زَهِداً أَصابَ وَلا اِعتِلالا
وَلا عَقِصاً بِحاجَتِهِ وَلَكِن / عَطاءً لَم يَكُن عِدَةً مِطالا
يُعَوِّضُهُ الأُلوفُ مُصَتَّماتٍ / مَعَ البيضِ الكَواعِبِ وَالحِلالا
عَطاءُ فَتىً بَنى وَبَنى أَبوهُ / فَأَعرَضَ في المَكارِمِ وَاِستَطالا
يَرى مِدَحَ الكِرامِ عَلَيهِ حَقّاً / وَيُذهِبُهُنَّ أَقوامٌ ضَلالا
فَما الوَسمِيُّ أَوَّلُهُ بِنَجدٍ / تَهَلَّلَ في مَسارِحِهِ اِنهِلالا
بِذي لَجَبٍ تُعارِضُهُ بُروقٌ / شُبوبُ البُلقِ تَشتَعِلُ اِشتِعالا
فَلَم تَدَعِ البَوارِقَ بَطنَ عَرضٍ / رَغيبِ سَيلَهُ إِلّا مُسالا
أَصابَ الأَرضَ مُنقَمَسَ الثُرَيّا / بِساحَيةٍ وَأَتبَعَها طِلالا
تُكَعكِعُهُ يَمانِيَةٌ قَبولٌ / عَلى الغُدرانِ تَعتَفِقُ الرِمالا
وَأَردَفَتِ الذِراعُ لَها بِعَينٍ / سَجومِ الماءِ فَاِنسَحَلَ اِنسِحالا
وَنَثَرتُها وَجَبهَتُها هَراقَت / عَلَيهِ الماءَ فَاِكتَهَلَ اِكتِهالا
أَبَت عَزلاءُ كُلِّ نَشاصِ نَجمٍ / عَلى آثارِها إِلّا اِنحِلالا
فَصارَ حَيّاً وَطَبَّقَ بَعدَ خَوفٍ / عَلى حُرِّيَةِ العَرَبِ الهُزالى
كَأَنَّ مُنَوِّرَ الحَوذانِ يُضَحّي / يَشُبُّ عَلى مَسارِبِهِ الذُبالا
بِأَفضَلَ في البَرِيَّةِ مِن بِلالٍ / إِذا مَيَّلتَ بَينَهُما مَيالا
أَبا عَمرٍو وَإِن حارَبتَ قَوماً / فَأَنتَ اللَيثُ مُدَّرِعاً جُلالا
إِذا لَقِحَت بِشِرَّتِها فَشالَت / بِأَطرافِ القَنا لِمَن اِستَشالا
فَأَنتَ أَشَدُّ إِخوَتِها عَلَيها / وَأَحسَنُهُم لِدَرَّتِها اِئتِيالا
إِذا اِجتَلَدوا بِمُعتَرَكٍ قِياماً / عَلى الشُعثِ العَوابِسِ أَو نِزالا
تُسَعِّرُها بِأَبيَضَ مَشرَفِيٍّ / كَضَوءِ البَرقِ يَختَلِسُ القِلالا
خَليلَيَّ اِسأَلا الطَلَلَ المُحيلا
خَليلَيَّ اِسأَلا الطَلَلَ المُحيلا / وَعوجا العيسَ وَاِنتَظِرا قَليلا
خَليلُكُما يُحَيّي رَسمَ دارٍ / وَإِلّا لَم يَكُن لَكُما خَليلا
فَقالا كَيفَ في طَلَلٍ مُحيلٍ / تَجُرَّ المُعصِفاتُ بِهُ الذُيولا
تَحَمَّلَ أَهلُهُ هَيهاتَ مِنهُ / وَأَوحَشَ بَعدَهُم زَمَناً طَويلا
بَوادي البَينِ تَحسَبُنا وُقوفاً / لِراجِعَةٍ وَلَستَ تُبينُ قيلا
فَمَهلاً لا تَزِد جَهلاً وَتَأمُرُ / بِهِ وَتُطاوِعُ العَينَ الهَمولا
فَإِنَّكَ لَستَ مَعذوراً بِجَهلٍ / وَقَد أَصبَحتَ شايَعتَ الكُهولا
سَقى مَيّاً وَإِن شَحَطَت نَواها / وَلَم يَكُ قُربُها يُجدي فَتيلا
أَهاضيبُ الرَوائِحِ وَالغَوادي / وَلَو كانَت مَلَوِيَّةً مَلولا
أَلَيسَ مُبَلَّغي مَيّاً يَمانٍ / يُبينُ العِتقَ مَكسوٌّ شَليلا
رَباعٌ مُخلِصٌ شَهمٌ أَريبٌ / عَلى مَن كانَ يُبصِرُ لَن يَفيلا
عُمارِيُّ النُجارِ كَأَنَّ جِنّاً / يُعاوِدُهُ إِذا خافَ الرَحيلا
إِذا ما خَفَّضَ الأَقوامَ يَوماً / عَلى المَوضوعِ وَاِطَّرَدَ الجَديلا
أَبانَ السَبقَ إِن لَم يَرفَعوها / عَلى المَرفوعِ ميلاً ثُمَّ ميلا
وَإِن رَفَعوا الذَميل لَقينَ مِنهُ / هَواناً حينَ يَرتَكِبُ الذَميلا
بِذَلِكُمُ أُطالِبُ وَصلَ مَيٍّ / وَأَكسو الرَحلَ ذِعِلبَةً عَسولا
مُعاوِدَةَ السِفارِ تَرى نُدوباً / بِحارِكِها وَصَفحَتِها سُحولا
مِنَ اآثار النُسوعَ زَمانَ مَيٍّ / صَديقٌ لا تُحِبُّ بِهِ بَديلا
فَإِذ هِيَ عَوهَجٌ أَدماءُ تَكسو / بِنَظمِ جُمانِها جيداً أَسيلا
كَجيدِ الرَئمِ أَتلَع لا قَصيراً / لَهُ غُضنٌ وَلا قَفراً عَطولا
وَأَحوى لا يُعابُ وَذا غُروبٍ / عَلَيهِ شُنبَةٌ أضلمى صَقيلا
وَمُقلَةَ شادِنٍ أَحوى مَروعٍ / يُديرُ لِرَوعَةٍ طَرفاً كَليلا
بِحَمّاءَ المَدامِعِ لَم تُكَلِّف / لَها كُحلاً وَتَحسِبُهُ كَحيلا
أتتنا من نداك مبشرات
أتتنا من نداك مبشرات / ونأمل سيب غيثك يا بلال
دَعا لَكُم الرَسولُ فَلَم تَضِلوا / هُدىً ما بَعدَ دَعوَتِهِ ضَلال
بَنى لَكُم المَكارِمَ أَوَّلوكُم / فَقَد خَلَدَت كَما خَلَدَ الجِبال
عَفا الزُرقُ مِن أَطلالِ مَيَّةَ فَالدَحلُ
عَفا الزُرقُ مِن أَطلالِ مَيَّةَ فَالدَحلُ / فَأَجمادُ حَوضى حَيثُ زاحَمَها الحَبلُ
سِوى أَن تَرى سَوداءَ مِن غَيرِ خِلقَةٍ / تَخاطَأَها وَاِرتَثَّ جاراتِها النَقلُ
مِنَ الرَضَماتِ البيضِ غَيَّرَ لَونَهُ / بَناتُ فِراضِ المَرخِ وَاليابِسُ الجَزلُ
كَجَرباءَ دُسَّت بِالهَناءِ فَأُقصِيَت / بِأَرضٍ خَلاءٍ أَن تُفارِقَها الإِبلُ
كَأَنّا وَمَيّاً بَعدَ أَيّامِنا بِها / وَأَيّامِ حُزوى لَم يَكُن بَينَنا وَصلُ
وَلَم يَتَرَبَّع أَهلُ مَيٍّ وَأَهلُنا / صَرائِمَ لَم يُغرَس بِحافاتِها النَخلُ
بِها العائِذُ العَيناءُ يَمشي وَراءَها / أُصَيبِحُ أَعلى اللَونِ ذو رُمَلٍ طِفلُ
وَأَرفاضُ أُحدانٍ تَلوحُ كَأَنَّها / كَواكِبُ لا غَيمٌ عَلَيها وَلا مَحلُ
أَقامَت بِها حَتّى تَصَوَّحَ بِاللِوى / لِوى مَعقُلاتٍ في مَنابِتِها البَقلُ
وَأَرفَضَتِ الهَوجُ السَفا فَتَساقَطَت / مَرابِعُهُ الأُولى كَما يَنصُلُ النَبلُ
وَشاكَت بِهِ أَيدي الجِمالِ كَأَنَّما / يَعَضُّ بِهِ أَعلى فَراسِنِها النَملُ
فَلَيسَ لِشاوِيٍّ بِها مَتَعَرَّجٌ / إِذا اِنجَدَلَ اليَسروعُ وَاِنعَدَلَ الفَحلُ
وَأَصبَحَتِ الجَوزاءُ تَبرُقُ غَدوَةً / كَما بَرَقَ الأُمعوزُ أَو وَضَحَ الإِجلُ
فَلاةٌ يَنِزُّ الرِئمُ في حَجَراتِها / نَزيزَ خِطامِ القَوسِ يُحدى بِها النَبلُ
فَلَمّا تَقَضَّت حاجَةً مِن تَحَمُّلٍ / وَأَظهَرنَ وَاِقلَولى عَلى عودِهِ الجَحلُ
وَقَرَّبنَ لِلأَحداجِ كُلَّ اِبنِ تِسعَةٍ / تَضيقُ بِأَعلاهُ الحَوِيَّةُ وَالرَحلُ
إِلى اِبنِ أَبي العاصي هِشامٍ تَعَسَّفَت / بِنا العيسُ مِن حَيثُ اِلتَقى الغافُ وَالرَملُ
إِذا اِعتَرَضَت أَرضٌ هَواءٌ تَنَشَّطَت / بِأَبواعِها البُعدَ اليَمانِيَةُ البُزلُ
غُرَيرِيَّةٌ صُهبُ العَثانينَ يَرتَمي / بِنا النازِحُ المَوسومُ وَالنازِحُ الغُفلُ
بِلادٌ بِها أَهلونَ لَيسوا بِأَهلِها / وَأُخرى مِنَ البُلدانِ لَيسَ بِها أَهلُ
سِوى العينُ وَالآرامُ لا عِدَّ عِندَها / وَلا كَرَعٌ إِلاّ المَغاراتُ وَالرَبلُ
تَمُجُّ اللُغامَ الهَيَّبانَ كَأَنَّهُ / جَنى عُشرٍ تَنفيهِ أَشداقُها الهُدلُ
أَلِلرَبعِ ظَلَّت عَينُكَ الماءَ تَهمُلُ
أَلِلرَبعِ ظَلَّت عَينُكَ الماءَ تَهمُلُ / رِشاشاً كَما اِستَنَّ الجُمانُ المُفَصَّلُ
لِعِرفانِ أَطلالٍ كَأَنَّ رُسومَها / بِوَهبينَ وَشيٌ أَو رِداءٌ مُسَلسَلُ
أَرَبَّت بِها الهَوجاءُ وَاِستَوفَضَت بِها / حَصى الرَملِ نَجرانِيَّةٌ حينَ تَجهَلُ
جَفولٌ كَساها لَونَ أَرضٍ غَريبَةٍ / سِوى أَرضِها مِنها الهَباءُ المُغَربَلُ
نَبَت نَبوَةً عَيني بِها ثُمَّ بَيَّنَت / يَحاميمُ جونٌ أَنَّها الدارُ مُثَّلُ
جُنوحٌ عَلى باقٍ سَحيقٍ كَأَنَّهُ / إِهابُ اِبنِ آوى كاهِبُ اللَونِ أَطحَلُ
وَلِلنُؤيِ مَجنوباً كَأَنَّ هِلالَهُ / وَقَد نَسَفَت أَعضادَهُ الريحُ جَدوَلُ
مُقيمٌ تُغَيِّبُهُ السَواري وَتَنتَحي / بِهِ مَنكِباً نَكباءُ وَالذَيلُ مُرفِلُ
عَهِدتُ بِهِ الحَيَّ الحُلولَ بِسَلوَةٍ / جَميعاً وُآياتُ الهَوى ما تُزَيِّلُ
وَبيضاً تُهادي بِالعَشِيِّ كَأَنَّها / غَمامُ الثُرَيّا الرائِحُ المُتَهَلِّلُ
خِدالاً قَذَفنَ السورَ مِنهُنَّ وَالبَرى / عَلى ناعِمِ البَردِيِّ بَل هُنَّ أَخدَلُ
قِصارَ الخُطى يَمشينَ هَوناً كَأَنَّهُ / دَبيبُ القَطا بَل هُنَّ في الوَعثِ أَوجَلُ
إِذا نَهَضَت أَعجازُها حَرِجَت بِها / بِمُنبَهِراتٍ غَيرَ أَن لا تَخَزَّلُ
وَلاعَيبَ فيها غَيرَ أَنَّ سَريعَها / قَطوفٌ وَأَن لا شَيءَ مِنهُنَّ أَكسَلُ
نَواعِمُ رَخصاتٌ كَأَنَّ حَديثَها / جَنى النَحلِ في ماءِ الصَفا مُتَشَمَّلُ
رِقاقُ الحَواشي مُنفِذاتٌ صُدورُها / وَأَعجازُها عَمّا بِهِ اللَهوُ خُذَّلُ
أُولئِكَ لا يوفينَ شَيئاً وَعَدنَهُ / وَعَنهُنَّ لا يَصحو الغَوِيُّ المُعَذَّلُ
فَما أُمُّ أَولادٍ ثَكولٌ وَإِنَّما / تَبوءُ بِما في بَطنِها حينَ تَثكَلُ
أَسَرَّت جَنيناً في حَشاً غَيرَ خارِجٍ / فَلا هُوَ مَنتوجٌ وَلا هُوَ مُعجَلُ
تَموتُ وَتَحيا حائِلٌ مِن بَناتِها / وَمِنهُنَّ أُخرى عاقِرٌ وَهيَ تَحمِلُ
عُمانِيَّةٌ مَهرِيَّةٌ دَوسَرِيَّةٌ / عَلى ظَهرِها لِلحِلسِ وَالكورِ مِحمَلُ
مُفَرَّجَةٌ حَمراءُ عَيساءُ جَونَةٌ / صُهابِيَّةُ العُثنونِ دَهماءُ صَندَلُ
تَراها أَمامَ الرَكبِ في كَلِّ مَنزِلٍ / وَلَو طالَ إيجافٌ بِها وَتَرَحُّلُ
تَرى الخِمسَ بَعدَ الخِمسِ لا يَفتِلانِها / وَلَو فارَ لِلشِعرى مِنَ الحَرِّ مِرجَلُ
تُقَطِّعُ أَعناقَ الرِكابِ وَلا تَرى / عَلى السَيرِ إِلاّ صِلدِماً ما تُزَيِّلُ
تَرى أَثَرَ الأَنساعِ فيها كَأَنَّهُ / عَلى ظَهرِ عادِيٍّ يُعاليهِ جَندَلُ
وَلَو جُعِلَ الكورُ العِلافِيُّ فَوقَها / وَراكِبُهُ أَعيَت بِهِ ما تُحَلحِلُ
يَرى المَوتَ إِن قامَت وَإِن بَرَكَت بِهِ / يَرى مَوتَهُ عَن ظَهرِها حينَ يَنزِلُ
تُرى وَلَها ظَهرٌ وَبَطنٌ وَذُروَةٌ / وَتَشرَبُ مِن بَردِ الشَرابِ وَتَأكُلُ
عَفا الزُرقُ مِن مَيٍّ فَمَحَّت مَنازِلُه
عَفا الزُرقُ مِن مَيٍّ فَمَحَّت مَنازِلُه / فَما حَولَهُ صَمّانُهُ فَخَمائِلُه
فَأَصبَحَ يَرعاهُ المَها لَيسَ غَيرُهُ / أَقاطيعُهُ دُرّاؤُهُ وَخَواذِلُه
يَلُحنَ كَما لاحَت كَواكِبُ شَتوَةٍ / سَرى بِالجَهامِ الكَدرِ عَنهُنَّ جافِلُه
فَلَم يَبقَ إِلاّ أَن نَرى مِن مَحَلِّهِ / رَماداً نَفَت عَنهُ السُيولَ جَنادِلُه
كَأَنَّ الحَمامَ الوُرقَ في الدارِ جَثَّمَت / عَلى خَرِقٍ بَينَ الأَثافي جَوازِلُه
أَقولُ لِمَسعودٍ بِجَرعاءِ مالِكٍ / وَقَد هَمَّ دَمعي أَن تَسُحَّ أَوائِلُه
أَلا هَل تَرى الأَظعانَ جاوَزنَ مُشرِفاً / مِنَ الرَملِ أَو حاذَت بِهِنَّ سَلاسِلُه
فَقالَ أَراها بِالنُمَيطِ كَأَنَّها / نَخيلُ القُرى جَبّارُهُ وَأَطاوِلُه
تَحَمَّلنَ مِن حُزوى فَعارَضنَ نِيَّةً / شَطوناً تُراخي الوَصلَ مِمَّن يُواصِلُه
فَوَدَّعنَ مُشتاقاً أَصَبنَ فُؤادَهُ / هَواهُنَّ إِن لَم يَصرِهِ اللَهُ قاتِلُه
أَطاعَ الهَوى حَتّى رَمَتهُ بِحَبلِهِ / عَلى ظَهرِهِ بَعدَ العِتابِ عَواذِلُه
إِذِ القَلبُ لا مُستَحدِثٌ غَيرَ وَصلِها / وَلا شَغلُهُ عَن ذِكرِ مَيَّةَ شاغِلُه
أَخو كُلِّ مُشتاقٍ يَهيمُ فُؤادُهُ / إِذا جَعَلَت أَعلامُ أَرضٍ تُقابِلُه
أَلا رُبَّ خَصمٍ مُترَفٍ قَد كَبَتُّهُ / وَإِن كانَ أَلوى يُشبِهُ الحَقَّ باطِلُه
وَمَخشِيَّةِ العاثورِ يَرمي بِرَكبِها / إِلى مِثلِهِ خِمسٌ بَعيدٌ مَناهِلُه
سَخاوِيَّ أَفلالِ تَبيتُ بِجَوزِها / مِنَ القَفرِ وَالإِقواءِ تَعوي عَواسِلُه
قَطَعتُ بِنَهّاضٍ إِلى صُعُداتِهِ / إِذا شُمِّرَت عَن ساقِ خِمسٍ ذَلاذِلُه
أُكَلِّفُهُ أَهوالَ كُلِّ تَنوفَةٍ / لَموعٍ وَلَيلٍ مُطلَخِمِّ غَياطِلُه
خِدَبُّ الشَوى لَم يَعُد في آلِ مُخلِفٍ / أنِ اِخضَرَّ أَو أَن زَمَّ بِالأَنفِ بازِلُه
عَريضُ بِساطِ المِسحِ مِن صَهَواتِهِ / نَبيلُ العَسيبِ أَصهَبُ الهُلبِ ذابِلُه
غَميمُ النَسا إِلّا عَلى عَظمِ ساقِهِ / مُشَرِّفُ أَطرافِ القَرا مُتَماحِلُه
يَمُدُّ حِبالَ الأَخدَعَينِ بِسَرطَمٍ / يُقارِبُ مِنهُ تارَةً وَيُطاوِلُه
وَرَأسٍ كَقَبرِ المَرءِ مِن قَومِ تُبَّعٍ / غِلاظٍ أَعاليهِ سُهولٍ أَسافِلُه
كَأَنَّ مِنَ الديباجِ جِلدَةَ رَأسِهِ / إِذا أَسفَرَت أَغباشُ لَيلٍ يُماطِلُه
رَخيمُ الرُغاءِ شَدقَمٌ مُتَقارِبٌ / جُلالٌ إِذا اِنضَمَّت إِلَيهِ أَياطِلُه
بَعيدُ مَسافِ الخَطوِ غَوجٌ شَمَردَلٌ / تُقَطِّعُ أَنفاسَ المَطِيِّ تَلاتِلُه
خَروجٌ مِنَ الخَرقِ البَعيدِ نِياطُهُ / وَفي الشَولِ نامي خَبطَةِ الطَرقِ ناجِلُه
سَواءٌ عَلى رَبِّ العِشارِ الَّتي لَهُ / أَجِنَّتُها سُقبانُهُ وَحَوائِلُه
إِذا نُتِجَت مِنهُ المَتالي تَشابَهَت / عَلى العوذِ إِلاّ بِالأُنوفِ سَلائِلُه
قَريعُ المَهارى ذاتِ حينٍ وَتارَةً / تَعَسَّفُ أَجوازَ الفَلاةِ مَناقِلُه
إِذا لَعِبَت بُهمى مَطارِ فَواحِفٍ / كَلِعبِ الجَواري وَاِضمَحَلَّت ثَمائِلُه
وَظَلَّ السَفا مِن كُلِّ قِنعٍ جَرى بِهِ / تَخَزَّمَ أَوتارَ الأُنوفِ نَواصِلُه
كَأَنَّ جَريري يَنتَحي فيهِ مِسحَلٌ / رَباعٌ طَوَتهُ القودُ قُبٌّ حَلائِلُه
مِنَ الأَخدَرِيّاتِ اللَواتي حَياتُها / عُيونُ العِراقِ فَيضُهُ وَجَداوِلُه
أَقولُ لِنَفسي لا أُعاتِبُ غَيرَها / وَذو اللُبِّ مَهما كانَ لِلنَفسِ قائِلُه
لَعَلَّ اِبنَ طُرثوثٍ عُتَيبَةَ ذاهِبٌ / بِعادِيَتي تَكذابُهُ وَجَعائِلُه
بِقاعٍ مَنَعناهُ ثَمانينَ حِجَّةً / وَبِضعاً لَنا أَحراجُهُ وَمَسائِلُه
جَمَعنا بِهِ رَأسَ الرِبابِ فَأَصبَحَت / تَعَضُّ مَعاً بَعدَ الشَتيتِ بَوازِلُه
وَفي قَصرِ حَجرٍ مِن ذُؤابَةِ عامِرٍ / إِمامُ هُدىً مُستَبصِرُ الحُكمِ عادِلُه
كَأَنَّ عَلى أَعطافِهِ ماءَ مُذهَبٍ / إِذا سَمَلُ السِربالِ طارَت رَعابِلُه
إِذا لَبَّسَ الأَقوامُ حَقاً بِباطِلٍ / أَبانَت لَهُ أَحناؤُهُ وَشَواكِلُه
يَعِفُّ وَيَستَحيي وَيَعلَمُ أَنَّهُ / مُلاقي الَّذي فَوقَ السَماءِ فَسائِلُه
تَرى سَيفَهُ لا يَنصُفُ الساقَ نَعلُهُ / أَجَل لا وَإِن كانَت طِوالاً مَحامِلُه
يُنيفُ عَلى القَومِ الطِوالِ بِرَأسِهِ / وَمَنكِبِهِ قَرمٌ سِباطٌ أَنامِلُه
لَهُ مِن أَبي بَكرٍ نُجومٌ جَرى لَهُ / عَلى مَهَلٍ هَيهاتَ مِمَّن يُخايِلُه
مَصاليتُ رَكّابونَ لِلشَرِّ حالَةً / وَلِلخَيرِ حالاً ما تُجازى نَوافِلُه
يَعِزُّ اِبنَ عَبدِ اللَهِ مَن أَنتَ ناصِرٌ / وَلا يَنصُرُ الرَحمانُ مَن أَنتَ خاذِلُه
إِذا خافَ قَلبي جَورَ ساعٍ وَظُلمَهُ / ذَكَرتُكَ أُخرى فَاِطمَأَنَّت بَلابِلُه
تَرى اللَهَ لا تَخفى عَلَيهِ سَريرَةٌ / لِعَبدٍ وَلا أَسبابُ أَمرٍ يُحاوِلُه
لَقَد خَطَّ رومِيٌّ وَلا زَعَماتِهِ / لِعُتبَةَ خَطّاً لَم تُطَبَّق مَفاصِلُه
بِغَيرِ كِتابٍ واضِحٍ مِن مُهاجِرٍ / وَلا مُقعِدٍ مِنّي بِخَصمٍ أُجادِلُه
تَفادى شُهودُ الزورِ عِندَ اِبنِ وائِلٍ / وَلا تَنفَعُ الخَصمَ الأَلَدَّ مَجاهِلُه
يَكُبُّ اِبنُ عَبدِ اللَهِ فا كُلِّ ظالِمٍ / وَإِن كانَ أَلوى يُشبِهُ الحَقَّ باطِلُه
ما هاجَ عَينَيكَ مِنَ الأَطلالِ
ما هاجَ عَينَيكَ مِنَ الأَطلالِ / المُزمِناتِ بَعدَكَ البَوالي
كَالوَحيِ في سَواعِدِ الحَوالي / بَينَ النَقا وَالأَجرَعِ المِحلالِ
وَالعُفرِ مِن صَريمَةِ الأَدحالِ / غَيَّرَها تَناسُجُ الأَحوالِ
وَغِيَرُ الأَيّامِ وَاللَيالي / وَهَطَلانُ الهَضبِ وَالتَهتالِ
مِن كُلِّ أَحوى مُطلَقِ العَزالي / جَونِ النِطاقِ واضِحِ الأَعالي
فَاِستَبدَلَت وَالدَهرُ ذو اِستِبدالِ / مِن ساكِنيها فِرَقَ الآجالِ
فَرائِداً تَحنو عَلى أَطفالِ / وَكُلَّ وَضّاحِ القَرى ذَيّالِ
فَردٍ مُوَشّىً وَشيَةَ الأَرمالِ / كَأَنَّما هُنَّ لَهُ مَوالي
فَاِنظُر إِلى صَدرِكَ ذا بَلبالِ / صَبابَةً بِالأَزمُنِ الخَوالي
شَوقاً وَهَل يُبكي الهَوى أَمثالي / لَمّا اِستَرَقَّ الجَزءُ لِانزِيالِ
وَلا هِزاتُ الصَيفِ بِاِنفِصالِ / وَلَيسَ إِذ حاذَينَ بِالأَقوالِ
أَيّامَ هَمَّ النَجمُ بِاِستِقبالِ / أَزمَعَ جيرانُكَ بِاِحتِمالِ
وَالبَينُ قَطّاعُ ذَوي الأَوصالِ / وَقَرَّبوا قَياسِرَ الجِمالِ
مِن كُلِّ أَجأى مُخلِفٍ جُلالِ / ضَخمِ التَليلِ نابِعِ القَذالِ
صُباصِبٍ مُطَّرِدٍ مِرسالِ / ما اِهتَجتَ حَتّى زُلنَ بِالأَحمالِ
مِثلَ صَوادي النَخلِ وَالسَيالِ / ضَمَّنَّ كُلَّ طَفلَةٍ مِكسالِ
رَيّا العِظامِ وَعثَةِ التَوالي / لَفّاءَ في لينٍ وَفي اِعتِدالِ
كَأَنَّ بَينَ القُرطِ وَالخَلخالِ / مِنها نَقاً نُطِّقَ في الرِمالِ
في رَبرَبٍ رَوائِقِ الأَعطالِ / هِيفِ الأَعالي رُجَّحِ الأَكفالِ
إِذا خَرَجنَ طَفَلَ الآصالِ / يَركُضنَ رَيطاً وَعِتاقَ الخالِ
سَمِعتَ مِن صَلاصِلِ الأَشكالِ / وَالشَذرِ وَالفَرائِدِ الغَوالي
أَدباً عَلى لَبّاتِها الحَوالي / هَزَّ السَنى في لَيلَةِ الشَمالِ
وَمَهمَهٍ دَوِّيَّةٍ مِثكالِ / تَقَمَّسَت أَعلامُها في الآلِ
كَأَنَّما اِعتَمَّت ذُرى الجِبالِ / بِالقَزِّ وَالإِبرَيسَمِ الهَلهالِ
قَطَعتُها بِفِتيَةٍ أَزوالِ / عَلى مَهارى رُجَّفِ الأَنعالِ
يَخرُجنَ مِن لَهالِهِ الأَهوالِ / خوصاً يَشُبنَ الوَخدَ بِالإِرقالِ
ميلُ الذُرى مَطوِيَّةُ الآطالِ / إِلى الصُدورِ وَإِلى المَحالِ
طَيَّ بُرودِ اليَمَنِ الأَسمالِ / يَطرَحنَ بِالمَهارِقِ الأَغفالِ
كُلَّ جَهيضٍ لَثِقِ السِربالِ / حَيِّ الشَهيقِ مَيِّتِ الأَوصالِ
مَرتِ الحَجاجَينِ مِنَ الإِعجالِ / فَرَّجَ عَنهُ حَلَقَ الأَقفالِ
قَبلَ تَقَضّي عِدَّةِ السِخالِ / طولُ السُرى وَجِريَةُ الحِبالِ
وَنَغَضانُ الرَحلِ مِن مُعالِ / عَلى قَرا مَغمومَةٍ شِملالِ
مِن طولِ ما عَلى الكَلالِ / في كُلِّ لَمّاعٍ بَعيدِ الجالِ
تَسمَعُ في تَيهائِهِ الأَفلالِ / عَنِ اليَمينِ وَعَنِ الشِمالِ
فَنَّينِ مِن هَماهِمِ الأَغوالِ / وَمَهمَهٍ أَخوَقَ خافٍ خالي
وَرَدتُهُ قَبلَ القَطا الأَرسالِ / وَقَبلَ وِردِ الأَطلَسِ العَسّالِ
وَشَحشَحانِ الباكِرِ الحَجّالِ / في أُخرَياتِ حالِكٍ مُنجالِ
عَنّي وَعَن شَمَردَلٍ مِجفالِ / أَعيَطَ وَخّاطِ الخُطى الطِوالِ
وَالصُبحُ مِثلُ الأَجلَحِ البَجالِ / في مُسلَهِمّاتٍ مِنَ التَهطالِ
خَليلَيَّ عوجا عَوجَةً ناقَتَيكُما
خَليلَيَّ عوجا عَوجَةً ناقَتَيكُما / عَلى طَلَلٍ بَينَ القَرينَةِ وَالحَبلِ
لِمَيٍّ تَرامَت بِالحَصى فَوقَ مَتنِهِ / مَراويدُ يَستَحصِدنَ باقِيَةَ البَقلِ
إِذا هَيَّجَ الهَيفُ الرَبيعَ تَناوَحَت / بِها الهوجُ تَحنانَ المُوَلَّهَةِ العُجلِ
بِجَرعائِها مِن سامِرِ الحَيِّ مَلعَبٌ / وَآرِيُّ أَفراسٍ كَجُرثومَةِ النَملِ
كَأَن لَم يَكُنها الحَيُّ إِذ أَنتَ مَرَّةً / بِها مَيِّتُ الأَهواءِ مُجتَمِعُ الشَملِ
بَكَيتُ عَلى مَيٍّ بِها إِذ عَرَفتُها / وَهِجتُ الهَوى حَتّى بَكى القَومُ مِن أَجلي
فَظَلّوا وَمِنهُم دَمعُهُ غالِبٌ لَهُ / وَآخَرُ يَثني عَبرَةَ العَينِ بِالهَملِ
وَهَل هَمَلانُ العَينِ راجِعُ ما مَضى / مِنَ الوَجدِ أَو مُدنيكِ يا مَيُّ مِنَ أَهلي
أَقولُ وَقَد طالَ التَداني وَلبَّسَت / أُمورٌ بِنا أَسبابَ شَغلٍ إِلى الشَغلِ
أَلا لا أُبالي المَوتَ إِن كانَ قَبلَهُ / لِقاءٌ بِمَيٍّ وِاِرتِجاعٌ مِنَ الوَصلِ
أَناةٍ كَأَنَّ المِرطَ حينِ تَلوثُهُ / عَلى دِعصَةٍ غَرّاءَ مِن عُجَمِ الرَملِ
أَسيلَةِ مُستَنِّ الوِشاحَينِ قانِئُ / بِأَطرافِها الحِنّاءُ في سَبطٍ طَفلِ
وَحَليُ الشَوى مِنها إِذا حُلّيَت بِهِ / عَلى قَصَباتٍ لا شِخاتٍ وَلا عُصلِ
مِنَ الأَشرَفاتِ البيضِ في غَيرِ مُرهَةٍ / ذَواتِ الشِفاهِ الحُوِّ وَالأَعيُنِ النُجلِ
إِذا ما اِمرُؤٌ حاوَلنَ أَن يَققَتِلنَهُ / بِلا إِحنَةٍ بَينَ النُفوسِ وَلا ذَحلِ
تَبَسَّمنَ عَن نَورِ الأَقاحي في الثَرى / وَفَتَّرنَ مِن أَبصارِ مَضروجَةٍ كُحلِ
وَشَفَّفنَ عَن أَجيادِ غِزلانِ رَملَةٍ / فَلاةٍ فَكُنَّ القَتلَ أَو شَبَهَ القَتلِ
وِإِنّا لَنَرضى حينَ نَشكو بِخَلوَةٍ / إِلَيهِنَّ حاجاتِ النُفوسِ بِلا بَذلِ
وَما الفَقرُ أَزرى عِندَهُنَّ بِوَصلِنا / وَلَكِن جَرَت أَخلاقُهُنَّ عَلى البُخلِ
وَغَبراءَ يَقتاتُ الأَحاديثَ رَكبُها / وَتَشفي ذَواتِ الضِغنِ مِن طائِفِ الجَهلِ
تَرى قورَها يَغرَقنَ في الآلِ مَرَّةً / وَآوِنَةً يَخرُجنَ مِن غامِرٍ ضَحلِ
وَرَملٍ عَزيفُ الجِنِّ في عَقِداتِهِ / هُدوءاً كَتَضرابِ المُغَنّينَ بِالطَبلِ
قَطَعتُ عَلى مَضبورَةٍ أُخرَياتُها / بَعيدَةِ ما بَينَ الخِشاشَةِ وَالرَحلِ
غُرَيرِيَّةٍ كَالقَلبِ أَو داعِرِيَّةٍ / زَجولٍ تُباري كُلَّ مُعصَوصِبٍ هِقلِ
إِذا اِستَردَفَ الحادي وَقَد آلَ صَوتُهُ / إِلى النَزرِ وَاِعتَمَّت نَدى قَزَعٍ شُكلِ
شَريجٍ كَحُمّاضِ الثَماني عَمَت بِهِ / عَلى راجِفِ اللَحيَينِ كَالمِعوَلِ النَصلِ
تَمادَت عَلى رَغمِ المَهارى وَأَبرَقَت / بِأَصفَرَ مِثلِ الوَرسِ في واحِفٍ جَثلِ
أَفانينَ مَكتوبٌ لَها دونَ حَقِّها / إِذا حَملُها راشَ الحِجاجَينِ بِالثُكلِ
إِذا هُنَّ جاذَبنَ الأَزِمَّةَ سَيَّلَت / أُنوفُ المَهارى فَوقَ أَشداقِها الهُدلِ
أَعاذِلَ عوجي مِن لِسانِكِ عَن عَذلي / فَما كُلُّ مَن يَهوى رَشادي عَلى شَكلي
فَما لائِمٌ يَوماً أَخٌ وَهوَ صادِقٌ / إِخائي وَلا اِعتَلَّت عَلى ضَيفِها إِبلي
إِذا كانَ فيها الرِسلُ لَم تَأتِ دونَهُ / فِصالي وَلَو كانَت عِجافاً وَلا أَهلي
وَإِن تَعتَذِر بِالمَحلِ عَن ذي ضُروعِها / إِلى الضَيفِ يَجرَح في عَراقيبِها نَصلي
وَقائِلَةٍ ما بالُ غَيلانِ لَم يَنِح / إِلى مُنتَهى الحاجاتِ لَم تَدرِ ما شُغلي
وَلَو قُمتُ مُذ قاَم اِبنُ لَيلى لَقَد هَوَت / رِكابي بِأَفواهِ السَماوَةَ وَالرِجلِ
وَلَكِن عذَاني أَن أَكونَ أَتَيتُهُ / عَقائِلَ أَوصافٍ يُشَبَّهنَ بِالخَبلِ
أَتَتني كِلابُ الحَيِّ حَتّى عَرَفتَني / وَمُدَّت نُسوجُ العَنكَبوتِ عَلى رَحلي
فَهَلّا قَتَلتُم ثَأرَكُم مِثلَ قَتلِنا
فَهَلّا قَتَلتُم ثَأرَكُم مِثلَ قَتلِنا / أَخاكُم رَضَخنا رَأسَهُ بِالجَنادِلِ
خَليلَيَّ عوجا مِن صُدورِ الرَواحِلِ
خَليلَيَّ عوجا مِن صُدورِ الرَواحِلِ / بِجُمهورِ حُزوى فَاِبكِيا في المَنازِلِ
لَعَلَّ اِنحدارَ الدَمعِ يُعقِبُ راحَةً / مِنَ الوَجدِ أَو يَشفي نَجِيَّ البَلابِلِ
وَإِن لَم تَكُن إِلّا رُسوماً مُحيلَةً / وَرُمكاً عَلى وُرقٍ مَطايا مَراجِلِ
كَأَنَّ قَرا جَرعائِها رَجَّعَت بِهِ / يَهودِيَّةُ الأَقلامِ وَحيَ الرَسائِلِ
دَعاني وَما داعي الهَوى مِن بِلادِها / إِذا ما نَأَت خَرقاءُ عَنّي بِغافِلِ
لَها الشَوقُ بَعدَ الشَحطِ حَتّى كَأَنَّما / عَلاني بِحُمّى مِن ذَواتِ الأَفاكِلِ
وَما يَومُ خَرقاءَ الّذي نَلتَقي بِهِ / بِنَحسٍ عَلى عَيني وَلا مُتَطاوِلِ
وَإِنّي لَأُنحي الطَرفَ مِن نَحوِ غَيرِها / حَياءً وَلَو طاوَعتُهُ لَم يُعادِلِ
وَإِنّي لَباقي الوُدَّ مِجذامَةُ الهَوى / إِذا الإِلفُ أَبدى صَفحَةً غَيرَ طائِلِ
إِذا قُلتِ وَدِّع وَصلَ خَرقاءَ وِاَجتَنِب / زِيارَتَها تُخلِق حِبالَ الوَسائِلِ
أَبَت ذِكَرٌ عَوَّدنَ أَحشاءَ قَلبِهِ / خُفوقاً وَرَفضاتُ الهَوى في المَفاصِلِ
هَلِ الدَهرُ مِن خَرقاءَ إِلّا كَما أَرى / حَنينٌ وَتَذرافُ العُيونِ الهَوامِلِ
وَفي كُلِّ عامٍ رائِعُ القَلبِ رَوعَةً / تَشائي النَوى بَعدَ اِئتِلافِ الجَمائِلِ
إِذا الصَيفُ أَجلى عَن تَشاءٍ مِنَ النَوى / أَمَلنا اِجتِماعَ الحَيِّ في صَيفِ قابِلِ
أَقولُ بِذي الأَرطى عَشِيَّةَ أَتلَعَت / إِلى الرَكبِ أَعناقُ الظِباءِ الخَواذِلِ
لَأُدمانَةٍ مِن وَحشٍ بَينَ سُوَيقَةٍ / وَبَينَ الحِبالِ العُفرِ ذاتِ السَلاسِلِ
أَرى فيكِ مِن خَرقاءَ يا ظَبيَةَ اللِوى / مَشابِهِ جُنِّبَتِ اِعتِلاقَ الحَبائِلِ
فَعَيناكِ عَيناها وَلَونُكِ لَونُها / وَجيدُكِ إِلّا أَنَّها غَيرُ عاطِلِ
وَأَروَعَ مِهيامِ السُرى كُلَّ لَيلَةٍ / بِذِكرِ الغَواني في الغِناءِ المُواصِلِ
إِذا حالَفَ الشَرخَينِ في الرَكبِ لَيلَةٍ / إِلى الصُبحِ أَضحى شَخصُهُ غَيرُ مائِلِ
جَعَلتُ لَهُ مِن ذِكرِ مَيٍّ تَعِلَّةً / وَخَرقاءَ فَوقَ الواسِجاتِ الهَواطِلِ
إِذا ما نَعِسنا نَعسَةً قُلتُ غَنِّنا / بِخَرقاءَ وَاِرفَع مِن صُدورِ الرَواحِلِ
وَنَومٍ كَحَسوِ الطَيرِ قَد باتَ صُحبَتي / يَنالونَهُ فَوقَ القِلاصِ العَياهِلِ
وَأَرمي بِعَينَيَّ النُجومَ كَأّنَّني / عَلى الرَحل طاوٍ مِن عِتاقِ الأَجادِلِذ
وَقَد مالَتِ الجَوزاءُ حَتّى كَأَنّها / صِوارٌ تَدَلّى مِن أَميلٍ مُقابِلِ
وَمُستَخلِفاتٍ مِن بِلادِ تَنوفَةٍ / لِمُصفَرَّةِ الأَشداقِ حُمرِ الحَواصِلِ
صَدَرنَ بِما أَسأَرتُ مِن ماءِ آجِنٍ / صَرىً لَيسَ مِن أَعطانِهِ غَيرَ حائِلِ
سِوى ما أَصابَ الذِئبُ مِنهُ وَسُربَةً / أَطافَت بِهِ مِن أُمَّهاتِ الجَوازِلِ
إِلى مُقعَداتٍ تَطرَحُ الريحُ بِالضُحى / عَلَيهِنَّ رَفضاً مِن حَصادِ القُلاقِلِ
يَنُؤنَ وَلَم يُكسَينَ إَلّا قَنازِعاً / مِنَ الريشِ تَنواءَ الفِصالِ الهَزائِلِ
كَأَنّا عَلى حُقبٍ خِماصٍ إِذا حَدَت / سَواديَها بِالواخِطاتِ الزَواجِلِ
سَماحيجَ يَحدوهُنَّ قِلوٌ مُسَحَّجٌ / بِليتَيهِ نَهشٌ مِن عَضاضِ المَساحِلِ
رَباعٌ أَقَبُّ البَطنِ جَأبٌ مُطَرَّدٌ / بِلَحيَيهِ صَكُّ المُغزِياتِ الرَواكِلِ
نَضا البُردَ عَنهُ فَهوَ ذو مِن جُنونِهِ / أَجارِيِّ تَسهاكٍ وَصَوتٍ صُلاصِلِ
تُهاوي السُرى في البيدِ وَاللَيلُ حالِكٌ / بِمُقوَرَّةِ الأَلياطِ شُمِّ الكَواهِلِ
مَهارى طَوَت أَمشاجَ حِملٍ فَبَشَّرَت / بِأُملودَةِ العُسبانِ مِثلِ الخَصائِلِ
يُطَرِّحنَ بِالأَولادِ أَو يَلتَزِمنَها / عَلى قُحَمٍ بَينَ الفَلا وَالمَناهِلِ
إِذا هُنَّ بَعدَ الأَينِ وَقَّعنَ وَقعَةً / عَلى الأَرضِ لَم يَرضَخنَها بِالكَلاكِلِ
أَعاذِلَ قَد أَكثَرتِ مِن قَولِ قائِلٍ / وَعَيبٌ عَلى ذي اللُبِ لَومُ العَواذِلِ
أَعاذِلَ قَد جَرَّبتُ في الدَهرِ ما كَفى / وَنَظَّرتُ في أَعقابِ حَقٍّ وَباطِلِ
فَأَيقَنَ قَلبي أَنَّني تابِعٌ أَبي / وَغائِلَتي غَولُ القُرونِ الأَوائِلِ
قِفِ العيسَ في أَطلالِ مَيَّةَ فَاِسأَلِ
قِفِ العيسَ في أَطلالِ مَيَّةَ فَاِسأَلِ / رُسوماً كَأَخلاقِ الرِداءِ المُسَلسَلِ
أَظُنُّ الَّذي يُجدي عَلَيكِ سُؤالُها / دُموعاً كَتَبذيرِ الجُمانِ المُفَصَّلِ
وَما يَومُ حُزوى إِن بَكَيتُ صَبابَةً / لِعِرفانِ رَبعٍ أَو لِعِرفانِ مَنزِلِ
بِأَوَّلَ ما هاجَت لَكَ الشَوقَ دِمنَةٌ / بِأَجرَعِ مِرباعٍ مَرَبٍّ مُحَلَّلِ
عَفَت غَيرَ آرِيٍّ وَأَعضادِ مَسجِدٍ / وَسُفعٍ مُناخاتٍ رَواحِلَ مِرجَلِ
تَجُرُّ بِها الدَقعاءَ هَيفٌ كَأَنَّما / تَسُحُّ التُرابَ مِن خَصاصاتِ مُنخَلِ
كَسَتها عَجاجَ البُرقَتَينِ وَراوَحَت / بِذَيلٍ مِنَ الدَهنا عَلى الدارِ مُرفَلِ
دَعَت مَيَّةَ الأَعدادُ فَاِستَبدَلَت بِها / خَناطيلَ آجالٍ مِنَ العَينِ خُذَّلِ
تَرى الثَورَ يَمشي راجِعاً مِن ضَحائِهِ / بِها مِثلَ مَشيِ الهِبرِزي المُسَروَلِ
إِلى كُلِّ بَهوٍ ذي أَخٍ يَستَعِدُّهُ / إِذا هَجَرَت أَيّامُهُ لِلتَحَوُّلِ
تَرى بَعَرَ الصيرانِ فيهِ وَحَولَهُ / جَديداً وَعامِيّاً كَحَبِّ القَرَنفُلِ
أَبَنَّ بِهِ عَودُ المَباءَةِ طَيِّبٌ / نَسيمَ البِنانِ في الكِناسِ المُظَلَّلِ
إِذا ذابَتِ الشَمسُ اِتَّقى صَقَراتِها / بِأَفنانِ مَربوعِ الصَريمَةِ مُعبِلِ
يُحَفِّرُهُ عَن كُلِّ ساقٍ دَفينَةٍ / وَعَن كُلِّ عِرقٍ في الثَرى مُتَغَلغِلِ
تَوَخّاهُ بِالأَظلافِ حَتّى كَأَنَّما / يُثيرُ الكُبابَ الجَعدَ عَن مَتنِ مِحمَلِ
وَكُلَّ مُوَشّاةِ القَوائِمِ نَعجَةٍ / لَها ذَرَعٌ قَد أَحرَزَتهُ وَمُطفِلِ
تَريعُ لَهُ رَيعَ الهِجانِ وَأَقبَلَت / لَها فِرَقُ الآجالِ مِن كُلِّ مَقبَلِ
وَكُلُّ أَحَمِّ المُقلَتَينِ كَأَنَّهُ / أَخو الإِنسِ مِن طولِ الخَلاءِ المُغَفَّلِ
يُصَرِّفُ لِلأَصواتِ جيداً كَأَنَّهُ / إِذا بَرَقَت فيهِ الضُحى صَفحُ مُنصَلِ
وَآدَمَ لَبّاسٍ إِذا وَضَّحَ الضُحى / لِأَفنانِ أَرطى الأَقدَحَينَ المُهَدِّلِ
فَيا أَكرَمَ السَكنِ الَّذينَ تَحَمَّلوا / عَنِ الدارِ وَالمُستَخلَفِ المُتَبَدِّلِ
وَأَضحَت مَباديها قِفاراً بِلادُها / كَأَن لَم سِوى أَهلٍ مِنَ الوَحشِ تُؤهِلِ
كَأَن لَم تَحُلَّ الزُرقَ مَيٌّ وَلَم تَطَأ / بِجَرعاِء حُزوى ذَيلَ مَرطٍ مُرَجَّلِ
إِلى مِلعَبٍ بَينَ الحِواءَينِ مَنصَفٍ / قَريبِ المَزارِ طَيِّبِ التُربِ مُسهَلِ
تَلاقى بِهِ حورُ العُيونِ كَأَنَّها / مَها عَقَدٍ مُحرَنجِمٍ غَيرِ مُجفِلِ
ضَرَجنَ البَرودَ عَن تَرائِبِ حُرَّةٍ / وَعَن أَعيُنٍ قَتَّلنَنا كُلَّ مَقتَلِ
إِذا ما اِلتَقَينَ مِن ثَلاثٍ وِأَربَعٍ / تَبَسَّمنَ إيماضَ الغَمامِ المُكَلَّلِ
يُهادينَ جَمّاءَ المَرافِقِ وَعثَةً / كَليلَةَ حَجمِ الكَعبِ رَيّا المُخَلخَلِ
أَناةً بَخَنداةً كَأَنَّ إِزارَها / إِذا اِنجَرَدَت مِن كُلِّ دِرعٍ وَمِفضَلِ
عَلى عانِكٍ مِن رَملِ يَبرينَ رَشَّهُ / أَهاضيبُ تَلبيداً فَلَم يَتَهَيَّلِ
هَضيمَ الحَشى يَثني الذِراعَ ضَجيعُها / عَلى جيدِ عَوجاءِ المُقَلَّدِ مُغزِلِ
تُعاطيهِ أَحياناً إِذا جيدَ جَودَةً / رُضاباً كَطَعمِ الزَنجَبيلِ المُعَسَّلِ
وَتَأتي بِأَطرافِ الشِفاهِ تَرَشُّفاً / عَلى واضِحِ الأَنيابِ عِذبِ المُقَبَّلِ
رَشيفَ الهِجانَينِ الصَفا رَقرَقَت بِهِ / عَلى ظَهرِ صَمدٍ بَغشَةٌ لَم تُسَيِّلِ
عَقيلَةُ أَترابٍ كَأَنَّ بِعَينِها / إِذا اِستَيقَظَت كُحلاً وَإِن لَم تُكَحِّلِ
إِذا أَخَذَت مِسواكَها صَقَلَت بِهِ / ثَنايا كَنَورِ الأُقحُوانِ المُهَطَّلِ
لَيالِيَ مَيٌّ لَم يُحارِبكَ أَهلُها / وَلَم يَزحَلِ الحَيُّ النَوى كُلَّ مَزحَلِ
تُقارِبُ حَتّى تُطمِعَ التابِعَ الصِبا / وَلَيسَت بِأَدنى مِن إِيابِ المُنَخَّلِ
أَلا رُبَّ ضَيفٍ لَيسَ بِالضَيفِ لَم يَكُن / لِيَنزِلَ إِلّا بِامرِئٍ غَيرِ زُمَّلِ
أَتاني بِلا شَخصٍ وَقَد نامَ صُحبَتي / فَبِتُّ بِلَيلِ الآرِقِ المُتَمَلمِلِ
فَلَمّا رَأَيتُ الصُبحَ أَقبَلَ وَجهُهُ / عَلَيَّ كَإِقبالِ الأَغَرِّ المُحَجَّلِ
رَفَعتُ لَهُ رَحلي عَلى ظَهرِ عِرمِسٍ / رُواعِ الفُؤادِ حُرَّةِ الوَجهِ عَيطَلِ
طَوَت لَقَحاً مِثلَ السَرارِ فَبَشَّرَت / بِأَسحَمَ رَيّانِ العَسيبَةِ مُسبِلِ
إِذا هِيَ لَم تَعسِر بِهِ ذَنَّبَت بِهِ / تُحاكي بِهِ سَدوَ النَجاةِ الهَمَرجَلِ
كَما ذَبَّبَت عَذراءُ غَيرُ مُشيحَةٍ / بَعوضَ القُرى عَن فارِسِيٍّ مُرَفَّلِ
بِأَذنابِ طاؤوسَينِ ضَمَّت عَلَيهِما / جَميعاً وَقامَت في بَقيرٍ وَمُرفَلِ
كَأَنَّ حُبابَي رَملَةٍ حَبَوا لَها / بِحَيثُ اِستَقَرَّت مِن مُناخٍ وَمُرسَلِ
مُغارٌ وَمَشزورٌ بَديعان فيهِما / شَناحٍ كَصَقبِ الطائِفِ المُتَنَخَّلِ
تَزُمُّ بِيَ الأُركوبَ أَدماءُ حُرَّةٌ / نَهوزٌ وَإِن تُستَذمَلِ العيسُ تَذمُلِ
سِنادٌ سَبَنتاةٌ كَأَنَّ مَحالَها / ضَريسٌ بِطَيٍّ مِن صَفيحٍ وَجَندَلِ
رَعَت مُشرِفاً فَالأَحبُلَ العُفرَ حَولَهُ / إِلى رِمثِ حُزوى في عَوازِبَ أُبَّلِ
ذَخيرَةَ رَملٍ دافَعَت عَقِداتُهُ / أَذى الشَمسِ عَنها بِالرُكامِ العَقَنقَلِ
مُكوراً وَجَدراً مِن رُخامى وَخِلفَةٍ / وَما اِهتَزَّ مِن ثُدّائِهِ المُتَرَبِّلُ
هَجائِنَ مِن ضَربِ العَصافيرِ ضَربُها / أَخَذنا أَباها يَومَ دارَةِ مَأسَلِ
تُخالُ المَهى الوَحشِيَّ لَولا تُبينُها / شُخوصُ الذُرى لِلناظِرِ المُتَأَمِّلِ
إِذا عارَضَ الشِعرى سُهَيلٌ بِجُهمَةٍ / وَجَوزاءَها اِستَغنَينَ عَن كُلِّ مَنهَلِ
وَعارَضنَ مَيّاسَ الخَلاءِ كَأَنَّما / يَطُفنَ إِذا راجَعنَهُ حَولَ مِجدَلِ
كَأَنَّ عَلى أَنسائِهِنَّ فَريقَةً / إِذا اِرتَعنَ مِن تَرجيعِ آدَمَ سَحبَلِ
بِأَصفَرِ وَردٍ آلَ حَتّى كَأَنَّما / يَسوفُ بِهِ التالي عُصارَةَ خَردَلِ
وَكائِن تَخَطَّت ناقَتي مِن مَفازَةٍ / وَمِن نائِمٍ عَن لَيلِها مُتَزَمِّلِ
وَمِن جَوفِ ماءٍ عَرمَضُ الحَولِ فَوقَهُ / مَتى يَحسُ مِنهُ مائِحُ القَومِ يَتفُلِ
بِهِ الذِئبُ مَحزوناً كَأَنَّ عُواءَهُ / عُواءُ فَصيلٍ آخِرَ اللَيلِ مُحثَلِ
يَخُبُّ وَيَستَنشي وَإِن تَأتِ نَبأَةٌ / عَلى سَمعِهِ يُنصِت لَها ثُمَّ يَمثُلِ
أَفَلَّ وَأَقوى فَهوَ طاوٍ كَأَنَّما / يُجاوِبُ أَعلى صَوتِهِ صَوتُ مُعوِلِ
وَكَم جاوَزَت مِن رَملَةٍ بعد رملة / وَصَحراءَ خَوقاءِ المَسافَةِ هَوجَلِ
بِها رَفَضٌ مِن كُلِّ خَرجاءَ صَعلَةٍ / وَأَخرَجَ يَمشي مِثلَ مَشيِ المُخَبَّلِ
عَلى كُلِّ خَرباءَ رَعيلٌ كَأَنَّهُ / حَمولَةُ طالٍ بِالعَنِيَّةِ مُهمِلِ
وَمِن ظَهرِ قُفٍّ لَم تَطَأهُ رِكابُهُ / عَلى سَفَرٍ في صَرَّةِ القَيظِ يُنعِلِ
تَظَلُّ بِهِ أَيدي المَهارى كَأَنَّها / مَخاريقُ تَنبو عَن سَياسِيَّ قُحَّلِ
تَرى صَمدَهُ في كُلِّ ضِحٍّ تُعينُهُ / حَرورٌ كَتَشعالِ الضِرامِ المُشَعِّلِ
يُدَوِّهُ رَقراقُ السَرابِ بِرَأسِهِ / كَما دَوَّمَت في الخَيطِ فَلكَةُ مِغزَلِ
وَيُضحي بِهِ الرَعنُ الخُشامُ كَأَنَّهُ / وَراءَ الثَنايا شَخصُ أَكلَفَ مُرقِلِ
لَعَلَّكَ يا عَبدَ اِمرِئِ القَيسِ مُقعِياً / بِمَرأَةَ فِعلَ الخامِلِ المُتَذَلِّلِ
مُسامٍ إِذا اِصطِكَ العِراكُ وَأَزحَلَت / أَباكَ بَنو سَعدٍ إِلى شَرِّ مُزحَلِ
بِقَومٍ كَقَومي أَو لَعَلَّكَ فاخِرٌ / بِخالٍ كَزادِ الرَكبِ أَو كَالشَمَردَلِ
وَمُعتَدِّ أَيّامٍ كَأَيّامِنا الَّتي / رَفَعنا بِها سَمكَ البِناءِ المُطَوَّلِ
كَيَومِ اِبنِ هِندٍ وَالجِفارِ وَقَرقَرى / وَيَومٍ بِذي قارٍ أَغَرَّ مُحَجَّلِ
إِذا الخَيلُ مِن وَقعِ الرِماحِ كَأَنَّها / وُعولٌ أُشارى وَالوَغى غَيرُ مُنجَلِ
وَقَد جَرَّدَ الأَبطالُ بيضاً كَأَنَّها / مَصابيحُ تَذكو بِالذُبالِ المُفَتَّلِ
عَلى كُلِّ مُنشَقِّ النَسا مُتَمَطِّرٍ / أَجَشَّ كَصَوبِ الوابِلِ المُتَهَلِّلِ
وَشَوهاءَ تَعدو بي إِلى صارِخِ الوَغى / بِمُستَلئِمٍ مِثلِ البَعيرِ المُدَجَّلِ
مَتى ما يُواكِفها اِبنُ أُنثى رَمَت بِهِ / مَعَ الجَيشِ يَبغيها المَغانِمَ تُثكَلِ
وَنَحنُ اِنتَزَعنا مِن شُمَيطٍ حَياتَهُ / جِهاراً وَعَصَّبنا شُتَيراً بِمُنصَلِ
وَنَحُن اِنتَجَعنا أَهلَنا بِاِبنِ جَحدَرٍ / تُعَنّيهِ أَغلالُ الأَسيرِ المُكَبَّلِ
وَمُلتَمِسٌ يا اِبنَ اِمرِئِ القَيسِ إِذ رَمَت / بِكَ الحَربُ جالَي صَعبَةِ المُتَرَجِّلِ
قَتيلاً كَبِسطامٍ تَرامَت رِماحُنا / بِهِ بَينَ أَقوازِ الكَثيبِ المُسَلسَلِ
وَعَبدَ يَغوثَ اِستَنزَلَتهُ رِماحُنا / بِبَطنِ كُلابٍ بَينَ غابٍ وَقَسطَلِ
عَشِيَّةَ يَدعو الأَيهَمَينِ فِلَم يُجِب / نَدى صَوتِهِ إِلّا بِقَتلٍ مُعَجَّلِ
عَلَيكَ اِمرَأَ القَيسِ اِلتَمِس مِن فَعالِها / وَدَع مَجدَ قَومٍ أَنتَ عَنهُم بِمَعزَلِ
تَجِدهُ بِدارِ الذُلِّ مُعتَرِفاً بِها / إِذا ظَعَنَ الأَقوامُ لَم يَتَحَوَّلِ
دَنا البَينُ مِن مَيٍّ فَرُدَّت جِمالُها
دَنا البَينُ مِن مَيٍّ فَرُدَّت جِمالُها / فَهاجَ الهَوى تَقويضُها وَاِحتِمالُها
وَقَد كانَتِ الحَسناءُ مَيٍّ كَريمَةً / عَلَينا وَمَكروهاً إِلَينا زِيالُها
وَيَومٍ بِذي الأَرطى إِلى بَطنِ مُشرِفٍ / بِوَعسائِهِ حَيثُ اِسبَطَرَّت حِبالُها
عَرَفتُ لَها داراً فَأَبصَرَ صاحِبي / صَفيحَةَ وَجهي قَد تَغَيَّرَ حالُها
فَقُلتُ لِنَفسي مِن حَياءٍ رَدَدتُهُ / إِلَيها وَقَد بَلَّ الجُفونَ بِلالُها
أَمِن أَجلِ دارٍ صَيَّرَ البَينَ أَهلُها / أَيادي سَبا بَعدي وَطالَ اِحتِيالُها
بِوَهبينَ تَسنوها السَواري وَتَلتَقي / بِها الهوجُ شَرقِيّاتُها وَشَمالَها
إِذا صَوَّحَ الهَيفُ السَفا لَعِبَت بِهِذ / صَبا الحافَةِ اليُمنى جَنوبٌ شِمالُها
فُؤادُكَ مَبثوثٌ عَلَيهِ شُجونُهُ / وَعَينُكَ يَعصي عاذِليكَ اِنهِلالُها
تَداوَيتُ مِن مَيٍّ بِهِجرانِ أَهلِها / فَلَم يَشفِ مِن ذِكرى طَويلٍ خَبالُها
تُراجَعُ مِنها أَسوَدَ القَلبِ خَطرَةٌ / بَلاءٌ وَيَجري في العِظامِ اِمذِلالُها
لَقَد عَلِقَت مَيٌّ بِقَلبي عَلاقَةً / بَطيئاً عَلى مَرِّ الشُهورِ اِنحِلالُها
إِذا قُلتُ تَجزي الوُدَّ أَو قُلتُ يَنبَري / لَها الجودُ يَأبى بُخلُها وَاِعتِدالُها
عَلى أَنَّ مَيّاً لا أَرى كَبَلائِها / مِنَ البُخلِ ثُمَّ البُخلُ يُرجى نَوالُها
وَلَم يُنسِني مَيّاً تَراخي مَزارِها / وَصَرفُ اللَيالي مَرُّها وَاِنفِتالُها
عَلى أَنَّ أَدنى العَهدِ بَيني وَبَينَها / تَقادَمَ إِلّا أَن يَزورَ خَيالُها
بَني شُقَّةٍ أَغفوا بِأَرضٍ مُتيهَةٍ / كَأَنَّ بَني حامِ بنِ نوحٍ رِئالُها
لَدى كُلِّ نَقضٍ يَشتَكي مِن خِشاشِهِ / وَنِسعَيهِ أَو سَجراءَ حُرٍّ قَذالُها
وَأَيُّ مَزورٍ أَشعَثِ الرَأسِ هاجِعٍ / إِلى دَفِّ هَوجاءِ الوَنِيِّ عِقالُها
طَواها إِلى حَيزومِها وَاِنطَوَت لَها / جُيوبُ الفَيافي حَزنُها وَرِمالُها
دَروجٌ طَوَت آطالَها وَاِنطَوَت لَها / بَلاليقُ أَغفالٌ قَليلٌ حِلالُها
فَهذي طَواها بُعدُ هذي وَهذِهِ / طَواها لِهذي وَخدُها وَاِنسلالُها
وَقَد سَدَتِ الصُهبُ المَهارى بِأَرجُل / شَديدٍ بِرَضراضِ المِتانِ اِنتِضالُها
إِذا ما نِعاجُ الرَملِ ظَلَّت كَأَنَّها / كَواعِبُ مَقصورٌ عَلَيها حِجالُها
تَخَطَّت بِنا جَوزَ الفَلا شَدَنِيَّةٌ / كَأَنَّ الصَفا أَوراكُها وَمَحالُها
حَراجيجُ ما تَنفَكُّ تَسمو عُيونُها / كَرَشقِ المَرامي لَم تَفاوَت خِصالُها
إِلى قُنَّةٍ فَوقَ السَرابِ كَأَنَّها / كُمَيتٌ طَواها القَودُ فَاِقوَرَّ آلُها
إِذا ما حَشَوناهُنَّ جَوزَ تَنوفَةٍ / سَباريتَ يَنزو بِالقُلوبِ اِهوِلالُها
رَهاءٍ بَساطِ الظَهرِ سِيٍّ مَخوفَةٍ / عَلى رَكبِها إِقلاتُها وَضَلالُها
تَعاوى لِحَسراها الذِئابُ كَما عَوَت / مِن اللَيلِ في رَفضِ العَواشي فِصالُها
شَجَجنَ الفَلا بِالأَمِّ شَجّاً وَشَمَّرَت / يَمانِيَةٌ يُدني البَعيدَ اِنتِقالُها
طِوالُ الهَوادي وَالحَوادي كَأَنَّها / سَماحيجُ قُبٌ طارَ عَنها نُسالُها
رَعَت بِأَرضِ البُهمى جَميماً وَبُسرَةً / وَصَمعآءَ حَتّى آنَفَتها نِصالُها
بَرَهبى إِلى رَوضِ القِذافِ إِلى المِعا / إِلى واحِفٍ تَروادُها وَمَجالُها
فَلَمّا ذَوى بَقلُ التَناهي وَبَيَّنَت / مَخاضُ الأَوابي وَاِستُبيِنَت حِيالُها
تَرَدَّفنَ خَشباءَ القَرينِ وَقَد بَدا / لَهُنَّ إِلى أَهلِ السِتارِ زِيالُها
صَوافِنُ لا يَعدِلنَ بِالوِردِ غَيرَهُ / وَلكِنَّها في مَورِدَينَ عِدالُها
أَعَينُ بَني بَوٍّ غُمازَةُ مَورِدٌ / لَها حينَ تَجتابُ الدُجى أَم أُثالُها
فَلَمّا بَدا في اللَيلِ ضَوءٌ كَأَنَّهُ / وَإِيّاهُ قَوسُ المُزنِ وَلّى ظِلالُها
تَيَمَّمنَ عَيناً مِن أُثالٍ نَميرَةً / قَموساً يَمُجُّ المُنقِضاتُ اِحتِفالُها
عَلى أَمرِ مُنقَدِّ العِفاءِ كَأَنَّهُ / عَصا قَسِّ قوسٍ لينُها وَاِعتِدالُها
إِذا عارَضَت مِنها نَحوضُ كَأَنَّها / مِنَ البَغي أَحيانً اِمُدانىً شِكالُها
أَحالَ عَلَيها وَهوَ عارِضُ رَأسِهِ / يَدُقُّ السِلامَ سَحَّهُ وَاِنسِحالُها
كَأَنَّ هَوِيَّ الدَلوِ في البِئرِ شَلُّهُ / بِذاتِ الصِوى آلافَهُ وَاِنِشِلالُها
لَهُ أَزمَلٌ عِندَ القِذافِ كَأَنَّهُ / نَحيبُ الثَكالى تارَةً وَاِعتِوالُها
رَباعٌ لَها مُذ أَورَقَ العودُ عِندَهُ / خُماشاتُ ذَحلٍ لا يُرادُ اِمتِثالُها
مِنَ العَضِ بِالأَفخاذِ أَو حَجَباتِها / إِذا رابَهُ اِستِعصاؤُها وَعِدالُها
وَقَد باتَ ذو صَفرآءَ زَوراءَ نَبعَةٍ / وَزُرقٍ حَديثٍ رَيشُها وَصِقالُها
كَثيرٍ لِما يَترُكنَ في كُلِّ جُفرَةٍ / زَفيرُ القَواضي نَحبُها وَسُعالُها
أَخو شُقَّةٍ يَأوي إِلى أُمِّ صِبيَةٍ / ثَمانِيَةٍ لَحمُ الأَوابِدِ مالُها
يُراصِدُها في جَوفِ حَدباءَ ضَيِّقٍ / عَلى المَرءِ إِلّا ما تَحَرَّفَ جالُها
يُبايِتُهُ فيها أَحَمُّ كَأَنَّهُ / إِباضُ قَلوصٍ أَسلَمَتها حِبالُها
وَقَرناءَ يَدعو بِاِسمِها وَهوَ مُظلِمٌ / لَهُ صَوتُها أَو إِن رَآها زِمالُها
إِذا شاءَ بَعضَ اللَيلِ حَفَّت لِصَوتِهِ / حَفيفَ الرَحى مِن جِلدِ عَودٍ ثِفالُها
فَجاءَت بِأَغباشٍ تَحَرّى شَريعَةً / تِلاداً عَلَيها رَميُها وَاِحتِبالُها
فَلَمّا تَجَلّى قَرعُها القاعَ سَمعَهُ / وَبانَ لَهُ وَسطَ الأَشاءِ اِنغِلالُها
طَوى شَخصَهُ حَتّى إِذا ما تَوَدَّفَت / عَلى هيلَةٍ مِن كُلِّ أَوبٍ تُهالُها
رَمى وَهيَ أَمثالُ الأَسِنَّةِ يُتَّقى / بِها صَفُّ أُخرى لَم يُباحَت قِتالُها
يُبادِرنَ أَن يُبرِدنَ أَلواحَ أَنفُسٍ / قَليلٍ مِنَ الماءِ الرَواءِ دِخالُها
فَمَرَّ عَلى القُصوى النَضِيُّ فَصَدَّهُ / تَلِيَّةُ وَقتٍ لَم يُكَمَّل كَمالُها
وَقَد كانَ يَشقى قَبلَها مِثلُها بِهِ / إِذا ما رَماها كَبدُها وَطِحالُها
فَوَلَّينَ يَذرينَ العَجاجَ كَأَنَّهُ / عُثانُ إِجامٍ لَجَّ فيها اِشتِعالُها
أُولئِكَ أَشباهُ القِلاصِ الَّتي طَوَت / بِنا البُعدَ طَيّاً وَهِيَ باقٍ مِطالُها
وَهَل حَدثانٌ أَن تَجوبَ بِنا السُرى / إِلَيكِ المَطايا نوقُها وَجِمالُها
عَلى كُلِّ حُرجوجٍ يُصافِحُ خَدُّها / مَثاني زِمامِ الوَردِ يَهفو جِلالُها
تَرامى الفَيافي بَينَها قَفَراتُها / إَذا اِسحَنكَكَت مِن عُرضِ لَيلٍ جِلالُها
بِنا وَبِأَطلاحٍ إِذا هِيَ وَقَّعَت / كَسا الأَرضَ أَذقانَ المَهارى كَلالُها
نَواشِطُ بِالرُكبانِ في كُلِّ رِحلَةٍ / تَهالَكَ مِن بَينِ النُسوعِ سِخالُها
أَلَم تَعلَمي يا مَيُّ أَنّي وَبَينَنا / مَهاوٍ يَدَعنَ الجَلسَ نَحلاً قَتالُها
أُمَنّي ضَميرَ النَفسِ إِيّاكِ بَعدَما / يُراجِعُني بَثّي فَيَنساحُ بالُها
سَلي النَاسَ هَل أَرضى عَدُوَّكِ أَو بَغى / حَبيبُكِ عِندي حاجَةً لا يَنالُها
وَمَن يَتَّبِع عَينَيهِ في الناسِ لا يَزَل / يَرى حاجَةً مَمنوعَةً لا يَنالُها
خَليلَيَّ هَل مِن حيلَةٍ تَعلَمانِها / يُدَنّيكُما مِن وَصلِ مَيَّ اِحتِيالُها
فَنَحيا لَها أَم لا فَإِن لا فَلَم نَكُن / بِأَوَّلِ راجٍ حيلَةً لا يَنالُها
إِذَن فَرماني اللَهُ مِن حَيثُ لا أَرى / بِزُرقِ النَواحي لَم تُفَلَّ نِصالُها
وَأَن رَبَّ أَمثالِ البَلايا مِنَ السُرى / مُضِرٌ بِها الإِدلاجُ لَولا نِعالُها
وَخَوصاءَ قَد نَفَّرتُ عَن كورِها الكَرى / بِذِكراكِ وَالأَعناقُ ميلٌ قِلالُها
لَأَلقاكِ قَد أَدأَبتُ وَالقَومُ كُلُّما / جَرَت حَذو أَخفافِ المَطايا ظِلالُها
نَزَلنا وَقَد غارَ النَهارُ وَأَوقَدَت / عَلَينا حَصى المَعزاءِ شَمسٌ تَنالُها
فَلَمّا دَخَلنا جَوفَ مَرأَةَ غُلِّقَت / دَساكِرُ لَم تُرفَع لِخَيرٍ ظِلالُها
بَنَينا عَلَينا ظِلَّ أَبرادِ يُمنَةٍ / عَلى سَمكِ أَسيافٍ قَديمٍ صِقالُها
فَقُمنا فَرُحنا وَالدَوامِغُ تَلتَظي / عَلى العيسِ مِن شَمسٍ بَطيءٍ زَوالُها
وَلَو عُرِّيَت أَصلابُها عِندَ بَيهَسٍ / عَلى ذاتِ غِسلٍ لَم تُشَمَّس رِحالُها
وَقَد سُمِّيَت بِاِسمِ اِمرِئِ القَيسِ قَريَةٌ / كِرامٌ صَواديها لِئامٌ رِجالُها
تَظَلُّ الكِرامُ المُرمِلونَ بِجَوفِها / سَواءٌ عَلَيهِم حَملُها وَحِيالُها
بِها كُلُّ خَوثاءِ الحَشا مَرَئِيَّةٍ / رَوادٍ يَزيدُ القُرطَ سوءاً قَذالُها
إِذا ما اِمرُؤُ القَيسِ اِبنُ لُؤمٍ تَطَمَّعَت / بِكَأسِ النَدامى خَبَّثَتها سِبالُها
فَكَأسُ اِمرِئِ القَيسِ الَّتي يَشرَبونَها / حَرامٌ عَلى القَومِ الكِرامِ فِضالُها
أَفي آخِرِ الدَهرِ اِمرَأَ القَيسِ رُمتُمُ / مَساعِيَ قَد أَعيَت أَباكُم طِوالُها
رَأَيتُكَ إِذ مَرَّ الرِبابُ وَأَشرَفَت / جِبالٌ رَأَت عَيناكَ أَن لا تَنالُها
فَخَرتَ بِزَيدٍ وَهيَ مِنكَ بَعيدَةٌ / كَبُعدِ الثُرَيّا عِزُها وَجَمالُها
أَلَم تَكُ تَدري أَنَمّا أَنتَ مُلصَقٌ / بِدَعوى وَأَنّي عَمُّ زَيدٍ وَخالُها
سَتَعلَمُ أَستاهُ اِمرِئِ القَيسِ أَنَّها / صِغارٌ مَناميها قِصارٌ حِبالُها
أَلا حَيِّ داراً قَد أَبانَ مُحيلُها
أَلا حَيِّ داراً قَد أَبانَ مُحيلُها / وَهاجَ الهَوى مِنها الغَداةَ طُلولُها
بِمُنعَرَجِ الهُذلولِ غَيَّرَ رَسمَها / يَمانِيَةٌ هَيفٌ مَحَتها ذُيولُها
لِمَيَّةَ إِذ لا نَشتَري بِزَمانِنا / زَماناً وَإِذ لا نَصطَفي مَن يَغولُها
وَإِذ نَحنُ أَسبابُ المَوَدَّةِ بَينَنا / دُماجٌ قُواها لَم يَخُنها وُصولُها
قَطوفُ الخُطى عجَزاءُ لا تَنطِقُ الخَنا / خَلوبٌ لأَلبابِ الرِجالِ مَطولُها
فَيا مَيَّ قَد كَلَّفتِني مِنكِ حاجَةً / وَخَطرَةَ حُبٍ لا يَموتُ غلَيلُها
خَليليَّ مُدّا الطَرفَ حَتّى تُبَيّنا / أَظُعنٌ بِعَلياءِ الصَفا أَم نَخيلُها
فَقالا عَلى شَكٍ نَرى النَخلَ أَو نَرى / لِمَيَّةَ ظُعناً بِاللِوى نَستَحيلُها
فَقُلتُ أَعيدا الطَرفَ ما كانَ مُنبِتاً / مِنَ النَخلِ خَيشومُ الصَفا وَأَميلُها
وَلكِنَّها ظُعنٌ لِمَيَّةَ فَاِرفَعا / نَواحِلَ كَالحَيّاتِ رَسلاً ذَميلُها
فَأَلحَقنا بِالحَيِّ في رَونَقِ الضُحى / تَغالي المَهارى سَدوُها وَنَسيلُها
فَما لَحِقتَ بِالحَيِّ حَتّى تَكَمَّشتَ / مِراحاً وَحَتّى طارَ عَنها شَليلُها
وَحَتّى كَسَت مَثنى الخِشاشِ لُغامُها / إِلى حَيثُ يَثني الخَدَّ مِنها جَديلُها
وَتَحتَ قُتودِ الرَحلِ حَرفٌ شِمِلَّةٌ / سَريعٌ أَمامَ اليَعمُلاتِ نُصولُها
أَخرَقاءُ لِلبَينِ اِستَقَلَّت حُمولُها
أَخرَقاءُ لِلبَينِ اِستَقَلَّت حُمولُها / نَعَم غَربَةً فَالعَينُ يَجري مَسيلُها
كَأَن لَم يَرُعكَ الدَهرُ بِالبَينِ قَبلَها / لِمَيٍّ وَلَم تَشهَد فِراقاً يُزيلُها
بَلى فَاِستَعارَ القَلبُ يَأساً وَمانَحَت / عَلى إِثرِها عَينٌ طَويلٌ هُمولُها
كَأَنّي أَخو جِريالَةٍ بِابِلِيَّةٍ / مِن الراحِ دَبَّت في العِظامِ شَمولُها
غَداةَ اللِوى إِذ راعَني البَينُ بَغتَةً / وَلَم يودِ مِن خَرقاءَ شَيئاً قَتيلُها
وَلا مِثلَ وَجدي يَومَ جَرعاءِ مالِكٍ / وَجُمهورِ حُزوى يَومَ سارَت حُمولُها
فَأَضحَت بِوَعساءِ النُمَيطِ كَأَنَّها / ذُرى الأَثلِ مِن وادي القُرى وَنَخيلُها
وَفي الجيرَةِ الغادينَ حورٌ تَهَيَّمَت / قُلوبَ الصِبى حَتّى اِستُخِفَّت عُقولِها
كَأَنَّ نِعاجَ الرَملِ تَحتَ خُدورِها / بِوَهبينَ أَو أَرطى رُماحَ مَقيلُها
عَواطِفُ يَستَثبِتنَ في مَكنَسِ الضُحى / إِلى الهَجرِ أَفياءً بَطيئاً ضُهولُها
يَزيدُ التَنائي وَصلَ خَرقاءَ جِدَّةً / إِذا خانَ أَرماثَ الحِبالِ وُصولُها
خَليلَيَّ عُدّا حاجَتي مِن هَواكُما / وَمَن ذا يُؤاسي النَفسَ إِلّا خَليلُها
أَلِمّا بِمَيٍّ قَبلَ أَن تَطرَحَ النَوى / بِنا مَطرَحاً أَو قَبلَ بَينِ يُزيلُها
فَإِن لَم يَكُن إِلّا تَعَلُّلَ ساعَةٍ / قَليلاً فَإِنّي نافِعٌ لي قَليلُها
لَقَد أُشرِبَت نَفسي لِمَيٍّ مَوَدَّةً / تَقَضى اللَيالي وَهوَ باقٍ وَسيلُها
وَلَو كَلَّمَت مُستَوعِلا في عَمايَةٍ / تَصَبّاهُ مِن أَعلى عَمايَةَ قيلُها
أَلا رُبَّ هَمٍّ طارِقٍ قَد قَرَيتُهُ / مُواكِبَةً يَنضو الرِعانَ ذَميلُها
رِتاجَ الصَلا مَكنوزَةَ الحاذِ يَستَوي / عَلى مِثلِ خَلقاءِ الصَفاةِ شَليلُها
وَأَبيضَ تَستَحيي مِن اللَومِ نَفسُهُ / إِذا صَيَّرَ الوَجناءَ حَرفاً نُحولُها
نَدي المَحلِ بَسّامٍ إِذا الرَكبُ قَطَّعَت / أَحاديثَهُم يَهماءُ عارٍ مَقيلُها
إِذا اِنجابَ أَظلالُ السُرى عَن قَلوصِهِ / وَقَد خاضَها حَتّى تَجَلّى ثَقيلُها
غَدا وَهوَ لا يَعتادُ عَينَيهِ كَسرَةً / إذا ظُلمَةُ اللَيلِ اِستَقَلَّت فُضولُها
نَقِيَّ المَآقي سامِيَ الطَّرفِ إِذ غَدا / إِلى كُلِّ أَشباحٍ بَدَت يَستَحيلُها
دَعاني بِأَجوازِ الفَلا وَدَعَوتُهُ / لِهاجِرَةٍ حانَت وَحانَ رَحيلُها
فَقُمنا إِلى مِثلِ الهِلالَينِ لاحَنا / وَإِيّاهُما عَرضُ الفَيافي وَطولُها
وَسوجَينِ أَحياناً مَلوعَينِ بِالَّتي / عَلى مِثلِ حَدِّ السَيفِ يَمشي دَليلُها
وَصافي الأَعالي أَنجَلَ العَينِ رُعتُهُ / بِعانِكَةٍ ثَبجاءَ قَفرٌ أَميلُها
وَأَبيضَ مَوشِيِّ القَميصِ نَصَبتُهُ / عَلى خَصرِ مِقلاتٍ سَفيهٍ جَديلُها
قَذوفٍ بِعَينَيها إِذا اِسوَدَّ غَرضُها / جَؤوبِ المَوامي حينَ يَدمى نَقيلُها
وَبَيضاءَ لا تَنحاشُ مِنّا وَأُمُّها / إِذا ما رَأَتنا زيلَ مِنّا زَويلُها
نَتوجٍ وَلَم تُقرَف لِما يُمتَنى لَهُ / إَذا نُتِجَت ماتَت وَحَيَّ سَليلُها
رَأَيتُ المَهارى وَالِدَيها كِلَيهِما / بِصَحراءَ غُفلٍ يَرمَحُ الآلَ ميلُها
إِذا الشَخصُ فيها هَزَّهُ الآلُ أَغمَضَت / عَلَيهِ كَإِغماضِ المُقَضّي هُجولُها
فَلاةٌ تَقُدُّ الآلَ عَنها وَتَرتَمي / بِنا بَينَ عَبرَيها رَجاها وَجولُها
عَلى حِميَرِيّاتٍ كَأَنَّ عُيونَها / قِلاتُ الصَفا لَم يَبقَ إِلّا سُمولُها
كَأَنّا نَشُدُّ المَيسَ فَوقَ مَراتِجٍ / مِنَ الحُقبِ أَسفى حَزنُها وَسُهولُها
رَعَت واحِفاً فَالجَزعَ حَتّى تَكَمَّلَت / جُمادى وَحَتّى طارَ عَنها نَسيلُها
وَحَتّى اِستَبانَ الجَأبُ بَعدَ اِمتِنائِها / مَنَ الصَيفِ ما اللّاتي لَقِحنَ وَحولُها
أَبَت بَعدَ هَيجِ الأَرضِ إِلّا تَعَلُّقاً / بِعَهدِ الثَرى حَتّى طَواها ذُبولُها
حَشَتها الزُبانى حِرَّةً في صُدورِها / وَسَيَّرَها مِن صُلبِ رَهبى ثَميلُها
فَلَمّا حَدا اللَيلُ النَهارَ وَأَسدَفَت / هَوادي الدُجى ما كادَ يَدنو أَصيلُها
حَداها جَميعُ الأَمرِ مُجلَوِّذُ السُرى / حُداءً إِذا ما اِستَسمَعَتهُ يَهولُها
مِصَكٌّ كَمِقلاءِ الفَتى ذادَ نَفسَهُ / عَنِ الوِردِ حَتّى اِئتَجَّ فيها غَليلُها
تُنَيِّهِ مِن بَينِ الصَبِيَّينِ أُبنَةٌ / نَهومٌ إِذا ما اِرتَدَّ فيها سَحيلُها
فَظَلَّت تَفالى حَولَ جَأبٍ كَأَنَّهُ / رَبيئَةُ أَثآرٍ عِظامٍ ذُحولُها
مَحانيقُ أَمثالُ القَنا قَد تَقَطَّعَت / قُوى الشَكِّ عَنها لَو يُخَلّى سَبيلُها
تُراقِبُ بَينَ الصُلبِ وَالهَضبِ وَالمِعى / مِعى واحِفٍ شَمساً بَطيئاً نُزولُها
تَرى القِلوَةَ القَوداءَ مِنها كَفارِكٍ / تَصَدّى لِعَينَيها فَصَدَّت حَليلُها
فَأَورَدَها مَسجورَةً ذاتَ عَرمَضٍ / تَغولُ سيولَ المُكفَهِرّاتِ غولُها
فَأَزعَجَها رامٍ بِسَهمٍ فَأَدبَرَت / لَها رَوعَةٌ يَنفي السِلامَ حَفيلُها
تَقولُ سُلَيمى إِذ رَأَتني كَأَنَّني / لِنَجمِ الثّريّا راقِباً أَستَحيلُها
أَشَكوى حَمَتكَ النَومَ أَم نَفَّرَت بِهِ / هُمومٌ تَعَنّي بَعدَ وَهنٍ دَخيلُها
فَقُلتُ لَها بَل هُمومٌ تَضَيَّفَت / ثَوِيَّكِ وَالظَلماءُ مُلقىً سُدولُها
أَتى دونَ طَعمِ النَومِ تَيسيرِيَ القِرى / لَها وَاِحتِيالي أَيَّ جالٍ أُجيلُها
فَطاوَعتُ هَمّي فَاِنجَلى وَجهُ بازِلٍ / مِنَ الأَمرِ لَم يَترُك خِلاجاً بُزولُها
فَقالَت عُبيدَ اللَهِ مِن آلِ مَعمَرٍ / إِلَيهِ اِرحَلِ الأَنقاضَ يَرشَد رَحيلُها
مِنَ المَعمَرِيّينَ الَّذينَ تُخُيِّروا / لِرَفدِ القُرى وَالريحِ صافٍ بَليلُها
فَتىً بَينَ بَطحاوَي قُرَيشٍ كَأَنَّهُ / صَفيحَةُ ذي غَربَينِ صافٍ صَقيلُها
إِذا ما قُرَيشٌ قيلَ أَينَ خِيارُها / أَقَرَّت بِهِ شُبّانِها وَكُهولُها
وَما شَنَّتا خَرقاءَ واهٍ كِلاهُما
وَما شَنَّتا خَرقاءَ واهٍ كِلاهُما / سَقى فيهِما مُستَعجِلٌ لَم تَبَلَّلا
بِأَنبَعَ مِن عَينَيكَ للدَمعَ كُلَّما / تَعَرَّفتُ داراً أَو تَوَهَّمتُ مَنزِلا
فَأُصبِحُ أُجلي الطَرفَ ما يَستَزيدُهُ
فَأُصبِحُ أُجلي الطَرفَ ما يَستَزيدُهُ / يَرى الشَهرَ قَبلَ الناسِ وَهوَ نَحيلُ
مَرَرنَ عَلى العَجالِزِ نِصفَ يَومٍ
مَرَرنَ عَلى العَجالِزِ نِصفَ يَومٍ / وَأَدَّينَ الأَواصِرَ وَالجَلالا
أَلَم تَعلَما أَنّا نَبُشُّ إِذا دَنَت
أَلَم تَعلَما أَنّا نَبُشُّ إِذا دَنَت / بِأَهلِكَ مِنّا طِيَّةٌ وَحُلولُ
وَيَشرَبنَ أَجناً وَالنُجومُ كَأَنَّها
وَيَشرَبنَ أَجناً وَالنُجومُ كَأَنَّها / مَصابيحُ دَحّالٍ يُذَكّي ذُبالَها