القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صَريعُ الغَوانِي الكل
المجموع : 34
أُجرِرتُ حَبلَ خَليعٍ في الصِبا غَزِلِ
أُجرِرتُ حَبلَ خَليعٍ في الصِبا غَزِلِ / وَشَمَّرَت هِمَمُ العُذّالِ في العَذَلِ
هاجَ البُكاءُ عَلى العَينِ الطَموحِ هَوَىً / مُفَرَّقٌ بَينَ تَوديعٍ وَمُحتَمَلِ
كَيفَ السُلُوُّ لِقَلبٍ راحَ مُختَبَلاً / يَهذي بِصاحِبِ قَلبٍ غَيرَ مُختَبَلِ
عاصى العَزاءَ غَداةَ البَينِ مُنهَمِلٌ / مِنَ الدُموعِ جَرى في إِثرِ مُنهَمِلِ
لَولا مُداراةُ دَمعِ العَينِ لَاِنكَشَفَت / مِنّي سَرائِرُ لَم تَظهَر وَلَم تُخَلِ
أَما كَفى البَينُ أَن أُرمى بِأَسهُمِهِ / حَتّى رَماني بِلَحظِ الأَعيُنِ النُجُلِ
مِمّا جَنى لي وَإِن كانَت مُنىً صَدَقَت / صَبابَةً خُلَسُ التَسليمِ بِالمُقَلِ
ماذا عَلى الدَهرِ لَو لانَت عَريكَتُهُ / وَرَدَّ في الرَأسِ مِنّي سَكرَةَ الغَزَلِ
جُرمُ الحَوادِثِ عِندي أَنَّها اِختَلَسَت / مِنّي بَناتِ غِذاءِ الكَرمِ وَالكِلَلِ
وَرُبَّ يَومٍ مِنَ اللَذّاتِ مُحتَضَرٍ / قَصَّرتُهُ بِلِقاءِ الراحِ وَالخُلَلِ
وَلَيلَةٍ خُلِسَت لِلعَينِ مِن سِنَةٍ / هَتَكتُ فيها الصِبا عَن بَيضَةِ الحَجَلِ
قَد كانَ دَهري وَما بي اليَومَ مِن كِبَرٍ / شُربَ المُدامِ وَعَزفَ القَينَةِ العُطُلِ
إِذا شَكَوتُ إِلَيها الحُبَّ خَفَّرَها / شَكوايَ فَاِحمَرَّ خَدّاها مِنَ الخَجَلِ
كَم قَد قَطَعتُ وَعَينُ الدَهرِ راقِدَةٌ / أَيّامَهُ بِالصِبا في اللَهوِ وَالجَذَلِ
وَطَيِّبِ الفَرعِ أَصفاني مَوَدَّتَهُ / كافَأتُهُ بِمَديحٍ فيهِ مُنتَخَلِ
وَبَلدَةٍ لِمَطايا الرَكبِ مُنضِيَةٍ / أَنضَيتُها بِوَجيفِ الأَينُقِ الذُلُلِ
فيمَ المُقامُ وَهَذا النَجمُ مُعتَرِضاً / دَنا النَجاءُ وَحانَ السَيرُ فَاِرتَحِلِ
يا مائِلَ الرَأسِ إِنَّ اللَيثَ مُفتَرِسٌ / ميلَ الجَماجِمِ وَالأَعناقِ فَاِعتَدِلِ
حَذارٍ مِن أَسَدٍ ضِرغامَةٍ بَطَلٍ / لا يولِغُ السَيفَ إِلّا مُهجَةَ البَطَلِ
لَولا يَزيدُ لَأَضحى المُلكُ مُطَّرَحاً / أَو مائِلَ السَمكِ أَو مُستَرخيَ الطِوَلِ
سَلَّ الخَليفَةُ سَيفاً مِن بَنى مَطَرٍ / أَقامَ قائِمُهُ مَن كانَ ذا مَيَلِ
كَم صائِلٍ في ذَرا تَمهيدِ مَملَكَةٍ / لَولا يَزيدُ بَني شَيبانَ لَم يَصُلِ
نابُ الإِمامِ الَّذي يَفتَرُّ عَنهُ إِذا / ما اِفتَرَت الحَربُ عَن أَنيابِها العُصُلِ
مَن كانَ يَختِلُ قِرناً عِندَ مَوقِفِهِ / فَإِنَّ قِرنَ يَزيدٍ غَيرُ مُختَتَلِ
سَدَّ الثُغورَ يَزيدٌ بَعدَما اِنفَرَجَت / بِقائِمِ السَيفِ لا بِالخَتلِ وَالحِيَلِ
كَم أَذاقَ حِمامَ المَوتِ مِن بَطَلٍ / حامي الحَقيقَةِ لا يُؤتى مِنَ الوَهَلِ
أَغَرُّ أَبيَضُ يُغشى البَيضَ أَبيَضُ لا / يَرضى لِمَولاهُ يَومَ الرَوعِ بِالفَشَلِ
يَغشى الوَغى وَشِهابُ المَوتِ في يَدِهِ / يَرمي الفَوارِسَ وَالأَبطالَ بِالشُعَلِ
يَفتَرُّ عِندَ اِفتِرارِ الحَربِ مُبتَسِماً / إِذا تَغَيَّرَ وَجهُ الفارِسِ البَطَلِ
موفٍ عَلى مُهجٍ في يَومِ ذي رَهَجٍ / كَأَنَّهُ أَجَلٌ يَسعى إِلى أَمَلِ
يَنالُ بِالرِفقِ ما يَعيا الرِجالُ بِهِ / كَالمَوتِ مُستَعجِلاً يَأتي عَلى مَهَلِ
لا يُلقِحُ الحَربَ إِلّا رَيثَ يُنتِجُها / مِن هالِكٍ وَأَسيرِ غَيرِ مُختَتَلِ
إِن شيمَ بارِقُهُ حالَت خَلائِقُهُ / بَينَ العَطِيَّةِ وَالإِمساكِ وَالعِلَلِ
يَغشى المَنايا المَنايا ثُمَّ يَفرُجُها / عَنِ النُفوسِ مُطِلّاتٍ عَلى الهَبَلِ
لا يَرحَلُ الناسُ إِلّا نَحوَ حُجرَتِهِ / كَالبَيتِ يُضحي إِلَيهِ مُلتَقى السُبُلِ
يَقري المَنِيَّةَ أَرواحُ الكُماةِ كَما / يَقري الضُيوفَ شُحومَ الكُومِ وَالبُزُلِ
يَكسو السُيوفَ دِماءَ الناكِثينَ بِهِ / وَيَجعَلُ الهامَ تيجانَ القَنا الذُبُلِ
يَغدو فَتَغدو المَنايا في أَسِنَّتِهِ / شَوارِعاً تَتَحَدّى الناسَ بِالأَجَلِ
إِذا طَغَت فِئَةٌ عَن غِبِّ طاعَتِها / عَبّا لَها المَوتَ بَينَ البيضِ وَالأَسَلِ
قَد عَوَّدَ الطَيرَ عاداتٍ وَثِقنَ بِها / فَهُنَّ يَتبَعنَهُ في كُلِّ مُرتَحَلِ
تَراهُ في الأَمنِ في دِرعٍ مُضاعَفَةٍ / لا يَأمَنُ الدَهرَ أَن يُدعى عَلى عَجَلِ
صافي العِيانِ طَموحُ العَينِ هِمَّتُهُ / فَكُّ العُناةِ وَأَسرُ الفاتِكِ الخَطِلِ
لا يَعبَقُ الطيبُ خَدَّيهِ وَمَفرِقَهُ / وَلا يُمَسِّحُ عَينَيهِ مِنَ الكُحُلِ
إِذا اِنتَضى سَيفَهُ كانَت مَسالِكُهُ / مَسالِكَ المَوتِ في الأَبدانِ وَالقُلَلِ
وَإِن خَلَت بِحَديثِ النَفسِ فِكرَتُهُ / حَيى الرَجاءُ وَماتَ الخَوفُ مِن وَجَلِ
كَاللَيثِ إِن هِجتَهُ فَالمَوتُ راحَتُهُ / لا يَستَريحُ إِلى الأَيّامِ وَالدُوَلِ
إِنَّ الحَوادِثَ لَمّا رُمنَ هَضبَتَهُ / أَزمَعنَ عَن جارِ شَيبانٍ بِمُنتَقَلِ
فَالدَهرُ يَغبِطُ أُولاهُ أَواخِرَهُ / إِذ لَم يَكُن كانَ في أَعصارِهِ الأُوَلِ
إِذا الشَريكِيُّ لَم يَفخَر عَلى أَحَدٍ / تَكَلَّمَ الفَخرُ عَنهُ غَيرَ مُنتَحِلِ
لا تُكذِبَنَّ فَإِنَّ الحِلمَ مَعدِنُهُ / وِراثَةٌ في بَني شَيبانَ لَم تَزَلِ
سَلّوا السُيوفَ فَأَغشَوا مَن يُحارِبُهُم / خَبطاً بِها غَيرَ ما نُكلٍ وَلا وُكُلِ
الزائِدِيّونَ قَومٌ في رِماحِهِمُ / خَوفُ المُخيفِ وَأَمنُ الخائِفِ الوَجِلِ
كَبيرُهُم لا تَقومُ الراسِياتُ لَهُ / حِلماً وَطِفلُهُمُ في هَدى مُكتَهِلِ
إِسلَم يَزيدُ فَما في الدينِ مِن أَودٍ / إِذا سَلِمتَ وَما في المُلكِ مِن خَلَلِ
أَثبَتَّ سوقَ بَني الإِسلامِ فَاِطَّأَدَت / يَومَ الخَليجِ وَقَد قامَت عَلى زَلَلِ
لَولا دِفاعُكَ بَأسَ الرومِ إِذ بَكَرَت / عَن عِترَةِ الدينِ لَم تَأمَن مِنَ الثَكَلِ
وَيوسُفُ البَرمَ قَد صَبَّحتَ عَسكَرَهُ / بِعَسكَرٍ يَلفِظُ الأَقدارَ ذي زَجَلِ
غافَصتَهُ يَومَ عَبرِ النَهرِ مُهلَتَهُ / وَكانَ مُحتَجَزاً في الحَربِ بِالمُهَلِ
وَالمارِقَ اِبنَ طَريفٍ قَد دَلَفتَ لَهُ / بِعَسكَرٍ لِلمَنايا مُسبِلٍ هَطِلِ
لَمّا رَآكَ مُجِدّاً في مَنِيَّتِهِ / وَأَنَّ دَفعَكَ لا يُسطاعُ بِالحِيَلِ
شامَ النِزالَ فَأَبرَقتَ اللِقاءَ لَهُ / مُقدِّمَ الخَطوِ فيها غَيرَ مُتَّكِلِ
ماتوا وَأَنتَ غَليلٌ في صُدورِهِمُ / وَكانَ سَيفُكَ يُستَشفى مِنَ الغُلَلِ
لَو أَنَّ غَيرَ شَريكي أَطافَ بِهِ / فازَ الوَليدُ بِقَدحِ الناضِلِ الخَصِلِ
وَقُمتَ بِالدينِ يَومَ الرَّسِّ فَاِعتَدَلَت / مِنهُ قَوائِمُ قَد أَوفَت عَلى مَيَلِ
ما كانَ جَمعُهُمُ لَمّا لَقيتَهُمُ / إِلّا كَمِثلِ نُعامٍ ريعَ مُنجَفِلِ
تابوا وَلَو لَم يَتوبوا مِن ذُنوبِهِمُ / لابَ جَيشُكَ بِالأَسرى وَبِالنَفَلِ
كَم آمِنٍ لَكَ نائِيَ الدارِ مُمتَنِعٍ / أَخرَجتَهُ مِن حُصونِ المُلكِ وَالخَوَلِ
يَأبى لَكَ الذَمَّ في يَومَيكَ إِن ذُكِرا / عَضبٌ حُسامٌ وَعِرضٌ غَيرُ مُبتَذَلِ
وَمارِقينَ غُزاةٍ مِن بُيوتِهِمُ / لا يَنكُلونَ وَلا يُؤتونَ مِن نَكَلِ
خَلَّفتَ أَجسادَهُم وَالطَيرُ عاكِفَةٌ / فيها وَأَقفَلتَهُم هاماً مَعَ القَفَلِ
فَاِفخَر فَمالَكَ في شَيبانَ مِن مَثَلٍ / كَذاكَ ما لِبنى شَيبانَ مِن مَثَلِ
كَم مَشهَدٍ لَكَ لا تُحصى مَآثِرُهُ / قَسَمتَ فيهِ كَرِزقِ الإِنسِ وَالخَبَلِ
لِلَّهِ مِن هاشِمٍ في أَرضِهِ جَبَلٌ / وَأَنتَ وَاِبنُكَ رُكنا ذَلِكَ الجَبَلِ
قَد أَعظَموكَ فَما تُدعى لِهَيِّنَةٍ / إِلّا لِمُعضِلَةٍ تُستَنُّ بِالعَضَلِ
يا رُبَّ مَكرُمَةٍ أَصبَحتَ واحِدَها / أَعيَت صَناديدَ راموها فَلَم تُنَلِ
تَشاغَلَ الناسُ بِالدُنيا وَزُخرُفِها / وَأَنتَ مَن بِذَلِكَ المَعروفَ في شُغُلِ
أَقسَمتُ ما ذُبَّ عَن جَدواكَ طالِبُها / وَلا دَفَعتَ اِعتِزامَ الجِدِّ بِالهَزَلِ
يَأبى لِسانُكَ مَنعَ الجودِ سائِلُهُ / فَما يُلَجلِجُ بَينَ الجودِ وَالبُخلِ
صَدَّقتَ ظَنّي وَصَدَّقتَ الظُنونَ بِهِ / وَحَطَّ جودُكَ عَقدَ الرَحلِ عَن جَمَلي
سَرَت بِمَلامٍ حينَ هَوَّمَ عُذَّلي
سَرَت بِمَلامٍ حينَ هَوَّمَ عُذَّلي / مَلامَةَ لا قالِ وَلا مُتَبَدِّلِ
رَأَت رَجُلاً خاضَ الغِنى ثُمَّ أَعقَبَت / حَوادِثُ تُفني عِفَّةَ المُتَجَمِّلِ
كِليني إِلى هَمٍّ كَفى العَذلَ أَهلُهُ / قَرينَةِ عَزمٍ بِالهُمومِ مُوَكَّلِ
يُصيبُ أَخو العَجزِ الغِنى وَهُوَ وادِعٌ / وَيُخطِئُ جُهدَ القُلَّبِ المُتَحَيِّلِ
دَعيني أَقِف عَزمي مَعَ العُدمِ قانِعاً / وَوَجهي جَديدُ الصَونِ لَم يَتَبَذَّلِ
فَإِنَّ الفَتى ما عاشَ رَهنُ تَقَلُّبٍ / مُدالٌ بِصَرفى دَهرِهِ المُتَحَوِّلِ
أَقولُ لِمَأفونِ البَديهَةِ طائِرٍ / مَعَ الحِرصِ لَم يَغنَم وَلَم يَتَمَوَّلِ
سَلِ الناسَ إِنّي سائِلُ اللَهَ وَحدَهُ / وَصائِنُ عِرضي عَن فُلانٍ وَعَن فُلِ
إِذا رَكِبَ اللَيلُ الضِعافَ رِكبتُهُ / زَميلي السُرى وَالرِدفُ عَزمي وَمُنصُلي
وَقَد عَجَمَت مِنّي الخُطوبُ اِبنَ هِمَّةٍ / مَتى ما يُرِبهُ مَنزِلُ السوءِ يَرحَلِ
إِذا ضافَهُ هَمُّ قَراهُ عَزيمَةً / هِيَ الهَمُّ ما لَم يَغشَ وِرداً فَيَنزِلِ
أَخو العَزمِ لا يَبني عَلى الهَونِ بَيتَهُ / عَروفَ السُرى في كُلِّ بَيداءَ مَجهَلِ
إِذا شاءَ قادَتهُ إِلى حَمدِ ماجِدٍ / عَزائِمُ لَم تُزجَر بِطائِرِ أَخيَلِ
بَلَغنا بِسَهلِ ثَروَةٍ وَوَسيلَةٍ / إِلى وَفرِ مالٍ واسِعٍ وَتَفَضُّلِ
كَفى غَيرَ أَنَّ الحادِثاتِ تَخَرَّمَت / طَريفَ الغِنى وَاِستَأثَرَت بِالمُؤَثَّلِ
وَعِندَ أَبي يَحيى غِناً لا يَمُنُّهُ / وَعَودٌ مَتى ما يُدبِرِ المالُ يُقبِلِ
عَرَضتُ لَهُ عَرضَ الإِخاءِ فَرَبَّهُ / بِنِعمَةِ مَحمودِ الصَنائِعِ مُجمِلِ
جَوادٌ تَغاواهُ العَواذِلُ بَينَها / وَيُقصِرنَ عَنهُ هَيبَةَ المُتَذَلِّلِ
يَرَينَ مَكانَ اللَومِ ثُمَّ يَهَبنَهُ / فَيُمسِكنَ عَن غاوٍ لَدَيها مُعَذَّلِ
لَهُ بَدَهاتٌ مِن فِعالٍ وَقَولُهُ / هُوَ الفِعلُ إِلّا رَيثَ وَعدٍ مُعَجَّلِ
فَتى كَرَمٍ يُعطي وَإِن قَلَّ مالُهُ / وَلا يَتَّقي طُلّابَهُ بِالتَعَلُّلِ
طَليقٌ إِذا المَعروفُ أَصبَحَ أَهلُهُ / كَأَنَّ بِهِم مِن حَملِهِ مَسَّ أَفكَلِ
تَرى الجودَ يَجري في صَفيحَةِ وَجهِهِ / وَإِن كانَ في جَدبٍ مِنَ الأَرضِ مُمحِلِ
تَضَيَّفَني مَعروفُهُ فَقَرَيتُهُ / ذَخيرَةَ مَضمونِ الثَناءِ المُنَخَّلِ
هُوَ المَرءُ إِن تُرهِقهُ يَرجِعكَ شَأوُهُ / بَهيراً وَإِن تَنزِل عَلى القَصدِ يَنزِلِ
يَقولُ فَيَعلو قَولُهُ وَهوَ مُنصِفٌ / وَيَمنَعُ مَحموداً وَإِن يُعطِ يُجزِلِ
وَإِن خَصَّ لَم تَعدُ الصَنيعَةُ أَهلَها / وَإِن عَمَّ أَعطى غَيرَ نَزرٍ مُقَلَّلِ
فَجاوِر بَني الصَبّاحِ تَعقِد بِذِمَّةٍ / وَتَأوِ إِلى حِصنٍ مَنيعٍ وَمَعقِلِ
تَعَلَّم بِأَنّي لَم أُغالِكَ مِدحَةً / وَلَم أَتَعَرَّض نائِلاً مِن مُمَوَّلِ
وَلَستُ بِهَجّاءٍ إِذا السَيبُ راثَني / وَلا حامِلٍ مَدحي عَلى غَيرِ مَحمِلِ
سَبَقتَ إِلى شُكري وَكُنتَ مُفَوَّهاً / فَلَم أَجحَدِ النُعمى وَلَم أَتَقَوَّلِ
أُقَصِّرُ عَن أَشياءَ وَالشُكرُ جاهِدٌ / وَحَسبُكَ مِن شُكرِ اِمرِئٍ غَيرَ مُؤتَلِ
حَلَفتُ لَقَد أَعطَيتَني غَيرَ سائِلٍ / وَأَعذَرتُ في المَعروفِ غَيرَ مُبَخَّلِ
وَإِنّي لَمَغبوطٌ بِقُربِكَ ذو غِنىً / وَإِن عَرَكَتني الحادِثاتُ بِكَلكَلِ
مَعاريضُ لا الشَكوى يُحاوِلُ رَبُّها / وَلا أَنتَ فيها لِلثَناءِ بِمَعزِلِ
أَديرا عَليَّ الراحَ لا تَشرَبا قَبلي
أَديرا عَليَّ الراحَ لا تَشرَبا قَبلي / وَلا تَطلُبا مِن عِندِ قاتِلَتي ذَحلي
فَما حَزَني أَنّي أَموتُ صَبابَةً / وَلَكِن عَلى مَن لا يَحِلُّ لَهُ قَتلي
أُحِبُّ الَّتي صَدَّت وَقالَت لِتُربِها / دَعيهِ الثُرَيّا مِنهُ أَقرَبُ مِن وَصلي
أَماتَت وَأَحيَت مُهجَتي فَهيَ عِندَها / مُعَلَّقَةٌ بَينَ المَواعيدِ وَالمُطلِ
وَما نِلتُ مِنها نائِلاً غَيرَ أَنَّني / بِشَجوِ المُحِبّينَ الأُلى سَلَفوا قَبلي
بَلى رُبَّما وَكَّلتُ عَيني بِنَظرَةٍ / إِلَيها تَزيدُ القَلبَ خَبلاً عَلى خَبلِ
كَتَمتُ تَباريحَ الصَبابَةِ عاذِلي / فَلَم يَدرِ ما بي فَاِستَرَحتُ مِنَ العَذلِ
وَمانِحَةٍ شُرّابَها المُلكَ قَهوَةٍ / مَجوسِيَّةِ الأَنسابِ مُسلِمَةِ البَعلِ
رَبيبَةِ شَمسٍ لَم تُهَجنَ عُروقُها / بِنارٍ وَلَم يُقطَع لَها سَعفُ النَخلِ
تَصُدُّ بِنَفسِ المَرءِ عَمّا يَغُمُّهُ / وَتُنطِقُ بِالمَعروفِ أَلسِنَةَ البُخلِ
قَدِ اِستُودِعَت دَنّاً لَها فَهوَ قائِمٌ / بِها شَفَقاً بَينَ الكُرومِ عَلى رِجلِ
بَعَثنا لَها مِنّاً خَطيباً لِبُضعِها / فَجاءَ بِها يَمشي العِرضَنَة في مَهلِ
رَقى رَبَّها حَتّى اِحتَواها مُغالِياً / عَقيلَتَهُ دونَ الأَقارِبِ وَالأَهلِ
فَوافى بِها عَذراءَ كُلَّ فَتى نَدَىً / جَزيلَ العَطايا غَيرَ نِكسٍ وَلا وَغلِ
مُعَتَّقَةً لا تَشتَكي وَطءَ عاصِرٍ / حَرورِيَّةً في جَوفِها دَمُها يَغلي
أَغارَت عَلى كَفِّ المُديرِ بِلَونِها / فَصاغَت لَهُ مِنها أَنامِلَ كالذَّبلِ
أَماتَت نُفوساً مِن حَياةٍ قَريبَةٍ / وَفاتَت فَلَم تُطلَب بِتَبلٍ وَلا ذَحلِ
شَقَقنا لَها في الدَّنِ عَيناً فَأَسبَلَت / كَما أَسبَلَت عَينُ الخَريدِ بِلا كُحلِ
كَأَنَّ حَبابَ الماءِ حينَ يَشُجُّها / لَآلِئُ عِقدٍ في دَماليجَ أَو حِجلِ
كَأَنَّ فَنيقاً بازِلاً شُكَّ نَحرُهُ / إِذا ما اِستَدَرَّت كَالشُعاعِ عَلى البَزلِ
كَأَنَّ ظِباءً عُكَّفاً في رِياضِها / أَباريقُها أَوجَسنَ قَعقَعَةَ النَبلِ
ظَلِلنا نُناغي الخُلدَ في مَشرَعِ الصِبا / عَلَينا سَماءُ العَيشِ دائِمَةُ الهَطلِ
وَدارَت عَلَينا الكَأسُ مِن كَفِّ طَفلَةٍ / مُبتَلَّةٍ حَوراءَ كَالرَشَءِ الطَّفلِ
وَحَنَّ لَنا عودٌ فَباحَ بِسِرِّنا / كَأَنَّ عَلَيهِ ساقَ جارِيَةٍ عُطلِ
تُضاحِكُهُ طَوراً وَتُبكيهِ تارَةً / خَدَلَّجَةٌ هَيفاءُ ذاتُ شَوىً عَبلِ
إِذا ما اِشتَهَينا الأُقحُوانَ تَبَسَّمَت / لَنا عَن ثَنايا لا قِصارٍ وَلا ثُعلِ
وَأَسعَدَها المِزمارُ يَشدو كَأَنَّهُ / حَكى نائِحاتٍ بِتنَ يَبكينَ مِن ثُكَلِ
غَدَونا عَلى اللَذّاتِ نَجني ثِمارَها / وَرُحنا حَميدي العَيشِ مُتَّفِقي الشَكلِ
أَقامَت لَنا الصَهباءُ صَدرَ قَناتِها / وَمالَت عَلَينا بِالخَديعَةِ وَالخَتلِ
إِذا ما عَلَت مِنّا ذُؤابَةَ شارِبٍ / تَمَشَّت بِهِ مَشيَ المُقَيَّدِ في الوَحلِ
فَلا نَحنُ مِتنا ميتَةَ الدَهرِ بَغتَةً / وَلا هِيَ عادَت بَعدَ عَلِّ إِلى نَهلِ
وَساقِيَةٍ كَالريمِ هَيفاءَ طَفلَةٍ / بَعيدَةِ مَهوى القُرطِ مُفعَمَةِ الحِجلِ
تَنَزُّهُ طَرَفَي في مَحاسِنِ وَجهُها / إِذا اِحتُثَّتِ الطاساتُ يُغنى عَنِ النُقلِ
سَأَنقادُ لِلَّذاتِ مُتَّبِعَ الصِبا / لِأُمضِيَ هَمّي أَو أُصيبَ فَتىً مِثلي
هَلِ العَيشُ إِلّا أَن أَروحَ مَعَ الصِبا / وَأَغدوا صَريعَ الراحِ وَالأَعيُنِ النُجلى
هَلّا بَكَيتَ ظَعائِناً وَحُمولا
هَلّا بَكَيتَ ظَعائِناً وَحُمولا / تَرَكَ الفُؤادَ فِراقُهُم مَخبولا
أَمّا الخَليطُ فَزائِلونَ لِفُرقَةٍ / فَمَتى تَراهُم راجِعينَ قُفولا
أَتبَعتُهُم عَينَ الرَقيبِ مُخالِساً / لَحظاً كَما نَظَرَ الأَسيرُ كَليلا
تَاللَهِ ما جَهلَ السُرورُ وَلا الكَرى / أَنَّ الفِراقَ مِنَ اللِقاءِ أُدَيلا
فإِذا زَجَرتُ القَلبَ زادَ وَجيبُهُ / وَإِذا حَبَستُ الدَمعَ فاضَ هُمولا
وَإِذا كَتَمتُ جَوى الأَسى بَعَثَ الهَوى / نَفَساً يَكونُ عَلى الضَميرِ دَليلا
واهاً لِأَيّامِ الصِبا وَزَمانِهِ / لَو كانَ أَسعَفَ بِالمُقامِ قَليلا
سَل عَيشَ دَهرٍ قَد مَضَت أَيّامُهُ / هَل يَستَطيعُ إِلى الرُجوعِ سَبيلا
لَو عادَ آخِرُهُ كَأَوَّلِ عَهدِهِ / فيما مَضى لَم أَشفِ مِنهُ غَليلا
وَلَرُبَّ يَومٍ لِلصِبا قَصَّرتُهُ / بِالمُلهياتِ وَقَد يَكونُ طَويلا
وَسُلافَةٍ صَهباءَ بِنتِ سُلافَةٍ / صَفراءَ لَمّا تُعصَرِ التَسليلا
أُختانِ واحِدَةٌ هِيَ اِبنَةُ أُختِها / كِلتاهُما تَدَعُ الصَحيحَ عَليلا
لا تَسقِني الماءَ القُراحَ وَهاتِها / عَذراءَ صافِيَةَ الأَديمِ شَمولا
خَرقاءَ يَرعُشُ بَعضُها مِن بَعضِها / لَم تَتَّخِذ غَيرَ المِزاجِ خَليلا
سُلَّت فَسُلَّت ثُمَّ سُلَّ سَليلُها / فَأَتى سَليلُ سَليلِها مَسلولا
بَعَثَت إِلى سِرِّ الضَميرِ فَجاءَها / سَلِساً عَلى هَذَرِ اللِسانِ مَقولا
لَطَفَ المِزاجُ لَها فَزَيَّنَ كَأسَها / بِقِلادَةٍ جُعِلَت لَها إِكليلا
قُتِلَت وَعاجَلَها المُديرُ فَلَم تَفِظ / فَإِذا بِهِ قَد صَيَّرَتهُ قَتيلا
وَهَجيرَةٍ كَلَّفتُ طَيَّ مَقيلِها / ظُهراً وَقَد طَلَبَ الكَنيسُ مَقيلا
قوداً نَواجِيَ فَالحَنِيِّ ضَوامِراً / تَرَكَت عَرائِكَها المَهامِهُ ميلا
وَدُجُنَّةٌ ضَمَّنتُ هَتكَ سُتورِها / وَجناءَ صامِتَةَ البُغامِ ذَلولا
حَتّى إِذا الفَجرُ اِستَضاءَ أَنَختُها / لِأَذوقَ نَوماً أَو أُصيبَ مَليلا
وَاللَيلُ قَد رَفَعَ الذُيولَ مُواشِكاً / بِرَحيلِهِ سُلطانَهُ لِيَزولا
حَمَّلتُ ثِقلَ الهَمِّ فَاِنبَعَثَت بِهِ / نَفسي وَناجِيَةَ السِفارِ ذَمولا
حَرفاً إِذا وَنَتِ العِتاقُ تَزَيَّدَت / في سَيرِها التَنعيبَ وَالتَبغيلا
تَرمي المَهامِهَ وَالقَطيعَ بِطَرفِها / شَزراً كَأَنَّ بِعَينِها تَحويلا
لَو أَنَّ قَوماً يُخلَقونَ مَنِيَّةً / مِن بَأسِهِم كانوا بَني جِبريلا
قَومٌ إِذا حَمِىَ الهَجيرُ مِنَ الوَغى / جَعَلوا الجَماجِمَ لِلسُيوفِ مَقيلا
إِذ لا حِمى إِلّا الرِماحُ وَبَينَها / خَيلٌ يَطَأنَ بِقاتِلٍ مَقتولا
وَلَقَد وَقَعنَ بِأَرضِ كابُلَ وَقعَةً / تَرَكَت إِلَيها لِلغُزاةِ سَبيلا
طَلائِعُ شَيبٍ سَيرُ أَسرَعِها رَسلُ
طَلائِعُ شَيبٍ سَيرُ أَسرَعِها رَسلُ / يُرِدنَ شَبابِيَ أَن يُقالَ لَهُ كَهلُ
نُجومٌ هِيَ اللَيلُ الَّذي زالَ تَحتَها / تَفارَطُ شَتّى ثُمَّ يَجمَعُها أَفلُ
فَإِن تُبقِني الأَيّامُ تَجنُبُني العَصا / وَإِن تُفنِني فَكُلُّ حَيٍّ لَها أَكلُ
وَما ذَمّيَ الأَيّامَ أَن لَستُ حامِداً / لِعَهدِ لَياليها الَّتي سَلَفَت قَبلُ
أَجارَتَنا ما في فِراقِكِ راحَةٌ / وَلَكِن مَضى قَولٌ فَأَنتِ بِهِ بَسلُ
فَبيني فَقَد فارَقتِ غَيرَ ذَميمَةٍ / قَضاءٌ دَعانا لِلقَطيعَةِ لا الخَتلُ
أَما وَاِغتِيالُ الدَهرِ خَلَّةَ بَينَنا / لَقَد غالَ إِلفاً ساكِناً بِهِمُ الشَملُ
فَما بي إِلى مُستَطرَفِ العَيشِ وَحشَةٌ / وَإِن كُنتُ لا مالٌ لَدَيَّ وَلا أَهلُ
بِنا لا بِكِ الأَمرُ الَّذي تَكرَهينَهُ / أَتى الحِلمُ بِالعُتبى وَقَد سَبَقَ الجَهلُ
فَلا شَوقَ إِنَّ اليَأسَ أَعقَبَ سَلوَةً / سَواءٌ نَوى مَن لا يُراجَعُ وَالثُكلُ
عَلَيكِ سَلامٌ لا تَحِيَّةَ ذي قِلىً / حَلا بَعدَكِ العَيشُ الَّذي كانَ لا يَحلو
أَلا رُبَّ يَومٍ صادِقِ العَيشِ نِلتُهُ / بِها وَنَدامايَ العَفافَةُ وَالبَذلُ
عَشِيَّةَ آواها الحِجابُ كَأَنَّها / خَذولٌ مِنَ الغِزلانِ خالِيَةٌ عُطلُ
لَعَمرُ اِبنِها لَولا اِحتِراقُ الحَشا لَهُ / لَماتَ الجَوى أَو لَاِستُفيدَ بِها مِثلُ
سَلَوتُ وَإِن قالَ العَواذِلُ لا يَسلو / وَأَقسَمتُ لا يَرقى إِلى سَمعِيَ العَذلُ
وَبايَنتُ حَتّى صِرتُ لِلبينِ راكِباً / قَرى العَزمِ فَرداً مِثلَ ما اِنفَرَدَ النَصلُ
سَعَت أَلسُنُ الواشينَ فيما يَعيبُني / وَهَل كُنتُ إِلّا ماجِداً عابَهُ وَغلُ
وَكَم عائِبٍ لي وَدَّ أَنّي وَلَدتُهُ / وَلَو كَرُمَت أَعرافُهُ وَزَكا الأَصلُ
وَأَنّي قَصِيُّ الرِحمِ مَجدي لِغَيرِهِ / فَعابَ وَما آلى وَمِن دونِهِ سَدلُ
جَزَأتَ عَنِ الفَضلِ الحَميدِ وَقَلَّصَت / لِنابَيكَ في المَرعى مَشافِرُكَ الهُدلُ
فَأُقسِمُ لَولا حاجِزُ الوُدِّ بَينَنا / وَكانَ مَعَ العُتبى المَوَدَّةُ وَالوَصلُ
وَأَنمُلَةٌ قَدَّمتَها لَكَ لا يَدٌ / لَساءَكَ مِنّي ما سُرِرتَ بِهِ قَبلُ
هَبَلتُكَ حَيّاً لَم تُصِبكَ مَنِيَّةٌ / خَلا أَنَّ وُدّاً ماتَ لَيسَ لَهُ عَقلُ
فَمَهلاً أَما لي مَذهَبٌ عَنكَ واسِعٌ / مُوَطَّأَةٌ في كُلِّ وَجهٍ لَهُ السُبلُ
أَلا رُبَّما اِقتَدتُ الرَجاءَ إِلى المُنى / بِوَعدِكَ حَتّى يَستَبِدَّ بِهِ المَطلُ
وَأَبتَعِثُ الآمالَ ثُمَّ أَرُدُّها / إِلَيكَ لِيَومٍ ما وَمَضرِبُها مَحلُ
فَلا سَلِمَ حَتّى تَستَقيدُ إِلى الرِضى / وَيَحتَرِشُ الغِلَّ المَوَدَّةُ وَالبَذلُ
لَعَمري لَقَد أَعطَيتَ لِلجودِ أُهبَةً / ثَراءً وَهَل يَجري إِذا أُضمِرَ البَغلُ
وَقَفتُ لِساني عَنكَ وَالقَولُ مُفصِحٌ / وَما بِالقَوافي عَنكَ لَو أُهمِلَت مَهلُ
عَليكَ سَلامٌ لَم أَقُل فيكَ ريبَةً / وَلَكِن ثَناءً كانَ أَفسَدَهُ البُخلُ
تَحَمَّلتُ هَجرَ الشادِنِ المُتَدَلِّلِ
تَحَمَّلتُ هَجرَ الشادِنِ المُتَدَلِّلِ / وَعاصَيتُ في حُبِّ الغَرايَةِ عُذَّلي
وَما أَبقَتِ الأَيّامُ مِنّي وَلا الصِبا / سِوى كَبِدٍ حَرّى وَقَلبٍ مُقَتَّلِ
وَيَومٌ مِنَ اللَذّاتِ خالَستُ عَيشَهُ / رَقيباً عَلى اللَذّاتِ غَيرَ مُغَفَّلِ
فَكُنتُ نَديمَ الكَأسِ حَتّى إِذا اِنقَضَت / تَعَوَّضتُ عَنها ريقَ حَوراءَ عَيطَلِ
نَهاني عَنها حُبُّها أَن أَسوءَها / بِلَمسٍ فَلَم أَفتُك وَلَم أَتَبَتَّلِ
أَخَذتُ لِطَرفِ العَينِ مِنها نَصيبَهُ / وَأَخلَيتُ مِن كَفّي مَكانَ المُخَلخَلِ
سَقَتني بِعَينَيها الهَوى وَسَقَيتُها / فَدَبَّ دَبيبُ الراحِ في كُلِّ مَفصَلِ
وَإِن شِئتُ أَن أَلتَذَّ نازَلتُ جيدَها / فَعانَقتُ دونَ الجيدِ نَظمَ القَرَنفُلِ
أُنازِعُها سِرَّ الحَديثِ وَتارَةً / رُضاباً لَذيذَ الطَعمِ عَذبَ المُقَبَّلِ
وَما العَيشُ إِلا أَن أَبيتَ مُوَسَّداً / صَريعَ مُدامٍ كَفَّ أَحوَرَ أَكحَلِ
وَمَمكورَةٍ رَودِ الشَبابِ كَأَنَّها / قَضيبٌ عَلى دِعصٍ مِنَ الرَملِ أَهيَلِ
خَلَوتُ بِها وَاللَيلُ يَقظانُ قائِمٌ / عَلى قَدَمٍ كَالراهِبِ المُتَبَتِّلِ
فَلَمّا اِستَمَرَّت مِن دَجا اللَيلِ دَولَةٌ / وَكادَ عَمودُ الصُبحِ بِالصُبحِ يَنجَلي
تَراءى الهَوى بِالشَوقِ فَاِستَحدَثَ البُكا / وَقالَ لِلَذَّاتِ اللِقاءِ تَرَحَّلي
فَلَم تَرَ إِلّا عَبرَةً بَعدَ زَفرَةٍ / مُوَدِّعَةٍ أَو نَظرَةً بِتَأَمُّلِ
وَقائِلٍ لَيسَت لَهُ هِمَّةٌ
وَقائِلٍ لَيسَت لَهُ هِمَّةٌ / كَلّا وَلَكِن ما لَهُ مالُ
وَهِمَّةُ المُقتِرِ أُمنِيَّةٌ / عَونٌ عَلى الدَهرِ وَإِشغالُ
لا حِدَّةٌ تَنهَضُ في عَزمِها / وَالناسُ سُؤّالٌ وَبُخّالٌ
فَاِصبِر مَعَ الدَهرِ إِلى دَولَةٍ / تَحمِلُ فيها حالِكَ الحالُ
طَرَقَ الخَيالُ فَهاجَ لي بَلبالا
طَرَقَ الخَيالُ فَهاجَ لي بَلبالا / أَهدى إِلَيَّ صَبابَةً وَخَبالا
أَنّى اِهتَدى حَتّى أَتاني زائِراً / مُتَنَكِّراً يَتَعَسَّفُ الأَهوالا
بِأَبي وَأُمّي مَن طَلَبتُ نَوالَهُ / إِذ زارَني فَأَبى عَلَيَّ دَلالا
لَو أَنَّهُ خَلَطَ الدَلالَ بِنائِلٍ / فَأَنالَنا كانَ الدَلّالُ حَلالا
بارَزتُهُ وَسِلاحُهُ خَلخالُهُ / حَتّى فَضَضتُ بِكَفِّيَ الخَلخالا
هَذا الخَيالُ فَكَيفَ لي بِمُنَعَّمٍ / رودِ الشَبابِ تَخالُهُ تِمثالا
صَمَتَت خَلاخِلُهُ وَغَصَّ سِوارُهُ / وَالقُلبُ وَاِضطَرَبَ الوِشاحُ وَجالا
ما زالَ يَدعوني بِمُقلَةِ ساحِرٍ / مِنهُ وَيَنصِبُ لِلفُؤادِ حِبالا
حَتّى خَضَعتُ لِحُبِّهِ فَاِقتادَني / وَأَذَلَّني بِصُدودِهِ إِذلالا
جَلَبت دُموعي عَبرَةٌ مِن زَفرَةٍ / شَجَتِ الفُؤادَ فَأَسبَلَت إِسبالا
كَسَبَت لِقَلبي نَظرَةً لِتَسُرَّهُ / عَيني فَكانَت شَقوَةً وَوَبالا
ما مَرَّ بي شَيءٌ أَشَدُّ مِنَ الهَوى / سُبحانَ مَن خَلَقَ الهَوى وَتَعالى
يا رُبَّ خِدنٍ قَد قَرَعتُ جَبينَهُ / بِالطاسِ وَالإِبريقِ حَتّى مالا
أَنهَضتُهُ مِن بَعدِ ما أَسكَرتُهُ / فَمَشى كَأَنَّ بِرِجلِهِ عُقّالا
وَمُهَذَّبينَ أَكارِمٍ لا كارِمٍ / أُدَباءَ حازوا نَجدَةً وَكَمالا
ثاروا إِلى صَفقِ الشَمولِ فَأَشعَلوا / نَيرانَ حَربِ كُؤوسِها إِشعالا
بَوَّأتُهُم غُرَفاً جَعَلتُ تُرابَها / مَدَرَ العَبيرِ وَعَنبَراً قَسطالا
وَخَلَوا بِأَنواعِ النَعيمِ وَلَذَّةٍ / دامَت وَعَيشٍ ما يُريدُ زَوالا
في مَجلِسٍ بَينَ الكُرومِ مُظَلَّلٍ / جُعِلَت لَهُ أَغصانُهُنَّ ظِلالا
وَلَدَيهِمُ حورُ القِيانِ كَأَنَّها / غِزلانُ وَحشٍ يَرتَعينَ رِمالا
قَد حازَ كُلُّ فَتىً لَدَيهِ غادَةً / رُودَ الشَبابِ خَريدَةً مِعطالا
مَمكورَةً عَجزاءَ مُضمَرَةَ الحَشى / قَد حُمِّلَت مِن رِدفِها أَثقالا
كَالشَمسِ تُبصِرُ وَجهَهُ في وَجهِها / تَمشي فَتَسحَبُ خَلفَها أَذيالا
لِلقَصفِ مُتَّكِئينَ فَوقَ نَمارِقٍ / يُسقَونَ بِالطاسِ الرَحيقَ زُلالا
فَإِذا نَظَرتَ رَأَيتَ قَوماً سادَةً / وَنَجابَةً وَمَهابَةً وَجَمالا
رَكِبوا المُدامَ فَأَدبَرَت بِهِمُ عَلى / سُبُلِ السُرورِ وَأَقبَلَت إِقبالا
وَلَدَيهُمُ كَرخِيَّةٌ شَمسِيَّةٌ / قَد خُلِّيَت في دَنِّها أَحوالا
حَتّى إِذا بَلَغَت وَحانَ خِطابُها / ساوَمتُ صاحِبَها البَياعَ فَغالى
مازالَ حَتّى حُزتُها وَخَدَعتُهُ / وَلَقَد أَطَلتُ عَلى الخِداعِ جِدالا
وَأَمَرتُ جالوتَ اليَهودِ بِقَبضِها / وَاِبتَعتُها فَبَذَلتُ فيها مالا
لَم توطَ في حَوضٍ وَلَكِن خُلِّيَت / حَتّى جَرى مِنها السُلافُ فَسالا
خَلَّيتُها وَسطَ الحِجالِ وَلم تَكُن / إِلّا الكُرومِ لَها هُناكَ حِجالا
وَخَزَّنتُها في دَنِّها وَكَسَوتُهُ / مِن خَيشِ مِصرٍ وَالعَباءِ جِلالا
حَتّى إِذا قَرُبَت بِهِ آجالُهُ / وَلَو اِستَطاعَ لَباعَدَ الآجالا
فَطَعَنتُ سُرَّتَهُ فَسالَ دِماؤُها / فَبَزَلتُها في المُذهَباتِ بَزالا
وَكَأَنَّما الساقي لَدى إِبريقِهِ / بَدرٌ أَنارَ ضِياؤُهُ فَتلالا
يَسقيكَ بِالعَينَينِ كَأسَ صَبابَةٍ / وَيُعيدُها مِن كَفِّهِ جِربالا
وَلَنا بِهِ كَأسا هَوىً كِلتاهُما / توهي القِوى وَتُفَتِّرُ الأَوصالا
إِبريقُنا سَلَبَ الغَزالَةَ جيدَها / وَحَكى المُديرُ بِمُقلَتَيهِ غَزالا
بَينا نَرى الساقي بِأَحسَنِ حالَةٍ / إِذ مَدَّ حَبلاً لِلفِرارِ طِوالا
نادَيتُهُ اِرجِع لا عَدِمتُكَ فَاِسقِنا / وَاِرفِق بِكَأسِكَ لا تَكُن مِعجالا
نَفسي فِداؤُكَ مِن صَريعِ مُدامَةٍ / مالَت بِهامَتِهِ الكُؤوسُ فَمالا
فَمَضى عَلى غُلَوائِهِ مُتَحَيِّراً / سُكراً وَما أَلقى لِقَولِيَ بالا
هَذا النَعيمُ فَكَيفَ لي بِدَوامِهِ / أَنّى يَدومُ وَعَيشُهُ قَد زالا
أَصبَحتُ كَالثَوبِ اللِبيسِ قَد أَخلَقَت / جِدّاتُهُ مِنهُ فَعادَ مُذالا
وَبَقيتُ كَالرَجُلِ المُدَلَّهِ عَقلُهُ / أَشكو الزَمانَ وَأَضرِبُ الأَمثالا
سالَمتُ عُذّالي فَآبوا بِالرِضى / مِنّي وَكُنتُ أُحارِبُ العُذّالا
وَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّهُ ما مِن فَتىً / إِلّا سَيُبدَلُ بَعدَ حالٍ حالا
لَمّا رَأَيتُ الناسَ قَد تَرَكوا العُلى / بُخلاً وَبَعضُهُمُ يُريدُ سَفالا
رُعتُ الزَمانَ بِسَيِّدٍ مِن وائِلٍ / وَاِحتَلتُ لِلحَدثانِ لَمّا غالا
فَأَتَيتُ قَوماً مِن حَنيفَةَ لَم يَزَل / يُعطي يَميناً مَرَّةً وَشِمالا
فَإِذا الرِجالُ رَأَتهُ يَوماً بارِزاً / أَغضَت لَهُ أَبصارَها إِجلالا
ذاكَ الَّذي قَمَعَ الزَمانَ بِعِزَّةٍ / وَعَلا بِسَيفِ أَمانِهِ الزَلزَلا
غَلَبَ الرِياحَ فَما تَهُبُّ بِبابِهِ / يَوماً إِذا هَبَّت صَباً وَشَمالا
وَلَو أَنَّ في كِبدِ السَماءِ فَضيلَةً / لَسَما لَها زَيدُ الجَوادُ فَنالا
باقٍ عَلى حَدَثِ الزَمانِ كَأَنَّهُ / ذو رَونَقٍ عَضبٌ أَجيدَ صِقالا
تَلقاهُ في الحَربِ العَوانِ مُشَمِّراً / كَاللَيثِ يَجمَعُ حَولَهُ أَشبالا
حَزِنَت بِلادُ الفُرسِ ثُمَّتَ أَعوَلَت / شَوقاً إِلَيهِ بَعدَهُ إِعوالا
وَتَرَحَّلَت مَعَهُ المَكارِمُ كُلُّها / لَمّا أَجَدَّ فَأَزمَعَ التَرحالا
يا زَيدَ آلِ يَزيدَ ذِكرُكَ سُؤدَدٌ / باقٍ وَقُربُكَ يَطرُدُ الأَمحالا
ما مِن فَتىً إِلّا وَأَنتَ تَطولُهُ / شَرَفاً وَإِن عَزَّ الرِجالُ فَطالا
نَفَحاتُ كَفِّكَ يا ذُؤابَةَ وائِلٍ / تَرَكَت عَلَيكَ الراغِبينَ عِيالا
الناسُ في سَلمٍ وَأَنتَ تَكَرُّماً / لِلمُعتَفينَ تَحارِبُ الأَهوالا
يا اِبنَ الَّذين هُمُ الَّذينَ إِذا اِنتَموا / زادَ الأَفاضِلَ مَجدُهُم إِفضالا
وَإِذا تُعَدُّ خُؤلَةٌ أَلفَيتَهُم / خَيرَ البَرِيَّةِ كُلِّها أَخوالا
لَو كانَ أَدرَكَكَ الأُلى بَذَلوا النَدى / جَعَلوا يَمينَكَ لِلسَماحِ مِثالا
أَحيَيتَ عُثماناً وَمُسلِماً الَّذَي / بَذّا المُلوكَ وَبَدَّدا الأَموالا
وَلَقَد بَنى لَكَ في الذُرى مِن وائِلٍ / أَبياتَ مَجدٍ ما تُرامُ طِوالا
وَلَقَد بَنى لَكَ أَرقَمٌ وَمُطَرِّفٌ / بَيتاً رَفيعَ السَمكِ عَزَّ فَطالا
أَفتى حَنيفَةَ أَنتَ أَجوَدُ واحِدٍ / كَفّاً وَأَكرَمُ مَن يُعَدُّ فَعالا
ما قُلتُ في أَحَدٍ سِواكَ عَلِمتُهُ / إِلّا رَأَيتُ القَولَ فيهِ مُحالا
إِنَّ الخَليفَةَ بَدرُ آلِ مُحَمَّدٍ / وَلِوائِلٍ أَصبَحتَ أَنتَ هِلالا
وَإِذا سَماءُ ذَوي السَماحَةِ لَم تَجُد / جادَت سَماؤُكَ مَسبِلاً هَطّالا
كَم مِن أَسيرٍ قَد دَعاكَ مُكَبَّلٍ / فَفَكَكتَ عَنهُ القَيدَ وَالأَغلالا
إِنَّ السُيوفَ إِذا الحُروبُ تَسَعَّرَت / بِكَ توعِدُ الفُرسانَ وَالأَبطالا
وَلَقَد تَعَرَّضَ قَبلَ أَن أَلقاكَ لي / بَحرُ النَدى مِن راحَتَيكَ فَهالا
وَكَّلتَ نَفسَكَ بِالمَحامِدِ وَالعُلى / فَجَعَلتَها لَكَ دَهرَها أَشغالا
أَقسَمتُ لَولا أَنَّ نَيلَكَ واسِعٌ / ذَهَبَ النَوالُ فَلَم نُحِسَّ نَوالا
بِكَ أَستَطيلُ عَلى الزَمانِ وَرَيبِهِ / وَلَرُبَّما بَذَخَ الزَمانُ وَصالا
أَمَّلتُ مِنكَ نَوافِلاً فَأَصَبتُها / إِنَّ اليَقينَ يُصَدِّقُ الآمالا
وَوَعَدتَني وَعداً فَقَد أَنجَزتَهُ / وَفَتَحتَ عَن أَبوابِكَ الأَقفالا
إِنّي رَماني الدَهرُ مِنهُ بِنَكبَةٍ / حَتّى حَمَلتُ مِنَ الدُيونِ ثِقالا
وَأَرى الحَوادِثَ ما تَزالُ تَنوبُني / غَرَضاً وَتَقصِدُ في الفُؤادِ نِبالا
بَلاءَكَ إِنّي غَيرُ مُستَعِبِ الرِضى
بَلاءَكَ إِنّي غَيرُ مُستَعِبِ الرِضى / وَلا مُستَقِلِّ القوتِ مِن مُعذِرٍ مُبلِ
أَعافُكَ إِن لَم يَصفُ عِندَكَ مَشرَبي / وَأَرعاكَ إِن أَمرَعتَ في جانِبٍ سَهلِ
وَإِنّي لَأَستَحيِيكَ بِالغَيبِ أَن أَرى / خِلافَكَ مَطوَيَّ الضَميرِ عَلى ذَحلِ
سَخاءَكَ إِنّي لَم أُناجيكَ في المُنى / فَتُرجِعَني إِلّا بِنائِلِكَ الجَزلِ
سَيَخلُفُنا فيكَ الثَناءُ إِذا رَمى / بِنا غِبُّهُ وَالنَأيُ واسِطَةُ الرَحلِ
وَسامَحتَني بِالقَولِ حَتّى إِذا سَخَت / لَكَ النَفسُ عَن آمالِها ضِقتَ بِالبَذلِ
وَشِمتُكَ إِذ أَبرَقتَ لي عارِضَ المُنى / فَأَقبَلتَ لَم تُبضِض بَرَيٍّ وَلا ضَحلِ
وَإِنَّ اِمرِءاً نالَ العُلا ثُمَّ أَصبَحَت / صَنائِعُهُ تَفتَرُّ عَنّي وَعَن مِثلي
لَغَيرُكَ إِلّا أَنَّ مَنبَتَ عودِهِ / وَعودِكَ فَرعا نَبعَةٍ طَيِّبا الأَصلِ
ذَكَرتُ أَبا يَحيى فَخاضَت بِيَ المُنى / بُحورَ الغِنا حَتّى اِستَرَحتُ إِلى الفِعلِ
قَطَعَت قَتولُ قَرينَةَ الحَبلِ
قَطَعَت قَتولُ قَرينَةَ الحَبلِ / وَنَأَت بِقَلبِ مُتَيَّمِ العَقلِ
سَبَقَت رُجوعَ السَجفِ نَظرَتُهُ / فَأَصابَ غِرَّةَ شادِنٍ طِفلِ
لَولا تَخَفُّرُها لَأَطعَمَنا / فيها مَعارِضُ ضَحكَةِ البَذلِ
رَفَعَت بِمَنكِبِها الشَمالُ ذُيو / لَ الخِدرِ دونَ نَواعِمٍ نُجلِ
فَاِرتَعنَ مُبتَدِراتٍ مُثقَلَةَ ال / أَردافِ فَعمَةَ مَكمَنِ الحِجلِ
أَنهَضنَها مَثنى خَلاخِلِها / مَثنى غَدائِرِ فاحِمٍ جَثلِ
فَسَتَرنَها بِأَكُفِهِنَّ وَقَد / نَفَذَت مَرامِيَ صائِبِ النَبلِ
تَبِعَ الصِبا وَقَضى بِنَظرَتِهِ / وَطَراً وَساوَرَ خُطَّةَ القَتلِ
وَفَتىً يَعُدُّ اللَيلَ رَوحَتَهُ / سَبعُ الهُمومِ لِذِكرِها مُشلِ
كَلَّفتُهُ ما فَوقَ طاقَتِهِ / دُلَجاً تَنالُ حَفيظَةَ الفَسلِ
فَتَنَجَّزَ الهِمّاتِ مَوعِدَها / وَاللَيلُ مُعتَكِفٌ عَلى رِجلِ
أَخَذَ السُرى وَكَبا النُعاسُ بِهِ / فَكَأَنَّهُ رَحلٌ عَلى الرَحلِ
وَهَجيرَةٍ أَدرَجتُ مَوقِدَها / وَبُطونُها وَظُهورُها تَغلي
بِنَجاءِ ناجِيَةٍ يَسورُ بِها / هادي النَجيبِ وَهامَةُ الفَحلِ
تَنجو بِجَنَّةِ أَولَقٍ وَخُطىً / عَجَلَ الصِبا وَدِلالَةَ الهِقلِ
راحَت فَما عَرَضَ الصَباحُ لَها / إِلّا وَقَد هَتَكَتهُ مِن قُبلِ
أَدَهراً تَوَلّى هَل نَعيمُكَ مُقبِلُ
أَدَهراً تَوَلّى هَل نَعيمُكَ مُقبِلُ / وَهَل راجِعٌ مِن عَيشِنا ما نُؤَمِّلُ
أَدَهراً تَوَلّى هَل لَنا مِنكَ عَودَةٌ / لَعَلَّكَ يُعدي آخِراً مِنكَ أَوَّلُ
سَلامٌ عَلى اللَذاتِ حَتّى يُعيدَها / خَليعُ عِذارٍ أَو رَقيبٌ مُغَفَّلُ
أَثَرتُ مَطِيَّ القَصفِ في مُستَقَرِّهِ / فَلا القَصفُ مَتبوعٌ وَلا هِيَ تَرحَلُ
وَأَخلَيتُ ميدانَ الصِبا مِن بَناتِهِ / وَإِنّي بِها لَلمُستَهامُ المُوَكَّلُ
أَلا في سَبيلِ اللَهوِ أَيّامُنا الأُلى / أَتَذهَبُ فَوتاً أَو تَعودُ فَتُقبِلُ
كَأَنّي لَم أَشهَد مِنَ الراحِ مَشهَداً / لَذيذاً وَلَم أَستَبقِها وَهيَ تُقتَلُ
وَلَم أَحمَدِ الأَيّامَ وَالعَيشَ بَينَنا / نُعَلُّ مِنَ اللَذاتِ طَوراً وَنُنهَلُ
فَلا رُبَّ حَربٍ لِلمُدامِ أَثَرتُها / وَقَصطَلُها جادِيُّها وَالقَرَنفُلُ
عَلَينا رَياحينُ الحَياةِ وَفَوقَنا / سَحائِبُ بِالعَيشِ المُقارِفِ تَهطِلُ
وَكَأسِ نَدامى يَعشَقُ الشُربُ شَخصَها / لَها مَنظَرٌ دونَ الزُجاجَةِ أَسهَلُ
قَرَنتُ بِها الإِبريقَ فَاِفتَرَّ ضاحِكاً / وَحَلَّ لَها خَلفَ النِقابِ المُقَبَّلُ
وَمُختَلَسٍ مِن شَهرِهِ بِنَعيمِهِ / عَلى غَفلَةٍ مِن شانِئٍ لَيسَ يَغفُلَ
تَلافَيتُهُ بِالقَصفِ فَاِغتَلتُ طولَهُ / وَلا يَومَ في أَيّامِهِ مِنهُ أَطوَلُ
غَدا بِبَناتِ اللَهوِ عَنّي أَميرُها / وَأَثكَلَنيهِنَّ الإِمامُ المُعَذِّلُ
فَما أَذكُرُ اللَذاتِ إِلّا كَأَنَّما / يُمَثِّلُها لي في النَدِيِّ مُمَثِّلُ
لَعُمرُكَ لَو أَحبَبتُ لَم أَدَعِ الصِبا / لِشَيءٍ وَلَكِنَّ التَعَزِّيَ أَجمَلُ
تَعَزَّ فَقَد ماتَ الهَوى وَاِنتَهى الجَهلُ
تَعَزَّ فَقَد ماتَ الهَوى وَاِنتَهى الجَهلُ / فَرَدَّ عَلَيكَ الحِلمَ ما قَدَّمَ العَذلُ
أَحينَ طَوى عَن شِرَّةِ اللَهوِ شِرَّةً / يُطيعُ سَوادَ الرَأسِ إِن قالَ لا تَسلُ
حَماهُ عَلى سَبعٍ وَعِشرينَ حِجَّةً / شَبابٌ فَتِيُّ الغَيبِ شاهِدُهُ كَهلُ
أَلا نادِيَ اليَومَ الَّذي أَعجَلَ النَوى / نَلبُثَها حَتّى اِنطَوى مَعَها الوَصلُ
لَعَلَّ وُجوهَ اللَيلِ تَثنى صُدورَهُ / فَيَخرُجَ مِن حَدِّ السُهادِ بِنا الأَصلُ
تَفَرَّقُ في العَينِ الدُموعُ وَتارَةً / يُؤَلِّفُها الإِلفُ الَّذي حَلَّفَت جُملُ
هُوَ الشَوقُ مَصروفُ السُلُوِّ وَدونَهُ / أَحاديثُ إِذكارِ الفُؤادِ بِها خَبلُ
فَدَع قَلبَهُ وَالنَأيَ لا يَذكُرُ الهَوى / لَيالِيَ يَلقاهُ بِأَترابِهِ الشَملُ
خَرَجنَ خُروجَ الأَنجُمِ الزُهرِ وَاِلتَقَت / عَلَيهِنَّ مِنهُنَّ المَلاحَةُ وَالشَكلُ
تَبَسَّمنَ فَاِستَضحَكنَ طامِسَةَ الدُجا / عَنِ الصُبحِ وَالظَلماءُ أَوجُهُها طُحلُ
خَفينَ عَلى غَيبِ الظُنونِ وَغَصَّتِ ال / بُرَينُ فَلَم يَنطِق بِأَسرارِها حِجلُ
وَلَمّا تَلاقَينا قَضى اللَيلُ نَحبَهُ / بِوَجهٍ لِوَجهِ الشَمسِ مِن مائِهِ المَحلُ
أَرِبنا بِأَلحاظِ العُيونِ وَبَينَنا / عَفافٌ وَتَكذيبٌ لِمّا يَأثُرُ المَحلُ
كَأَنَّ الثُرَيّا فَورَها وَسُكونَها / نُجومٌ جَلاها الفَجرُ فَاِحتازَها أَفلُ
طَوَيتُ بِها شَرخَ الشَبابِ فَحاجَزَت / قَريباً وَجِلبابُ الصِبا خَلَقٌ رَذلُ
وَخَضراءَ يَدعو شَجوَ مُكِّيِّها الصَدى / إِذا نَسَفَتها الريحُ ريحانُها شُعلُ
سَقاها الثَرى ماءَ النَدى وَأَسَرَّها / مِنَ القَيظِ حَتّى أَمرَعَ السارِحَ الرَبلُ
إِذا دَرَجَت فيها الجَنوبُ تَعانَقَت / بِها سامِقاتُ الزَهرِ وَاِصطَحَبَ البَقلُ
كَساها الخَلا الرَسمِيُّ مِن كُلِّ جانِبٍ / طَرائِقَ حَتّى سودُ حَوزاتِها شُهلُ
تَحَلَّبَ مِنها مُستَسِرٌّ مِنَ النَدى / بِريحِ الصِبا وَالرَوضُ أَعيُنُهُ خُضلُ
أَنَختُ بِها وَالشَمسُ تَنعِقُ بِالضُحى / وَما صاحِبي إِلّا المُدامَةُ وَالجَحلُ
إِذا شِئتُ حَيّاني الثَرى بِنَباتِهِ / وَطالَعَني في رَوضِهِ العُصُمُ العُقلُ
تَراخَينَ دوني ثُمَّ أَوجَسنَ وَطأَةً / فَأَتلَعنَ كُحلاً مُستَراباً لَها الكُحلُ
وَغَبراءَ لا يُسقي عَلى الخِمسِ رَكبُها / قَطَعتُ وَريقُ الشَمسِ يَغلي بِهِ السَجلُ
تَجاوَزتُها وَالآلُ مُستَنقِعٌ بِها / كَنَّشرِ القَباطيِّ اِنتَضى ماءَها الغُسلُ
وَمُلتَجِبٍ بِالنَأيِ قَلبُ دَليلِها / يَبيتُ بِها عَن بَيتِهِ الجابُ وَالصَعلُ
لَقَيتُ الدُجى فيها وَلِلأَصلِ قُلعَةٌ / وَمُحتَنِكُ الإِمساءِ مُقتَضَبٌ طِفلُ
وَلَمّا تَعالى اللَيلُ شَقَّت بِنا السُرى / جَلابيبَهُ حَتّى رَأى دُبرَهُ القُبلُ
إِذا شِئتُ خَلَّفتُ الصَبا أَو صَحِبتُها / بِوَجناءَ مَوصولٍ بِغارِبِها الرَحلُ
أَتَتكَ المَطايا تَهتَدي بِمَطِيَّةٍ / عَلَيها فَتاً كَالنَصلِ يُؤنِسُهُ النَصلُ
وَرَدنَ خِلافَ اللَيلِ وَاللَيلُ مُصدِرٌ / أَواخِرُهُ وَالفَجرُ عُريانُ أَو فُضلُ
فَلَمّا نَحَينَ النورَ خَرَّينَ تَحتَهُ / عَلى أَمَلٍ يُشجى بِهِ اليَأسُ وَالمَطلُ
وَرَدنَ رِواقَ الفَضلِ فَضلِ بنِ جَعفَرٍ / فَحَطَّ الثَناءَ الجَزلَ نائِلُهُ الجَزلُ
فَتىً تَرتَعي الآمالُ مُزنَةَ جودِهِ / إِذا كانَ مَرعاها الأَمانِيُّ وَالبُطلُ
تُساقِطُ يُمناهُ نَدىً وَشِمالُهُ / رَدىً وَعُيونُ القَولِ مَنطِقُهُ الفَضلُ
أَلَحَّ عَلى الأَيّامِ يَفري خُطوبَها / عَلى مَنهَجٍ أَلفى أَباهُ بِهِ قَبلُ
عَجولٌ إِلى ما يودِعُ الحَمدَ مالَهُ / يَعُدُّ النَدى غُنماً إِذا اِغتُنِمَ البُخلُ
كَأَنَّ نَعَم في فيهِ يَجري مَكانَها / سُلالَةُ ما مَجَّت لِأَفراخِها النَحلُ
جَرى مُذ حَواهُ المَهدُ في شَأوِ جَعفَرٍ / إِلى غايَةٍ يَتلو المِثالَ الَّذي يَتلو
حَمولاً لِعِبوِ الدَهرِ يَنهَضُ عَفوُهُ / بِهِ مُستَقِلّاً حينَ لا يُحمَلُ الثِقلُ
إِذا أَغمَدَت هِمّاتُهُ خَطباً اِغتَدَت / عَلى مُنتَضى رَأيٍ مُمَرٍّ بِهِ السَحلُ
كَأَنَّ مَجالَ العَينِ مِنهُ وَقَلبَهُ / وَغُرَّتَهُ نَصلٌ حَماهُ الصَدى الصَقلُ
أَنافَ بِهِ العَلياءَ يَحيى وَجَعفَرٌ / فَلَيسَ لَهُ مِثلٌ وَلا لَهُما مِثلُ
فُروعٌ تَلَقَّتها المَغارِسُ فَاِعتَلى / بِها عاطِفاً أَعناقَها قَصدَهُ الأَصلُ
لَهُم هَضبَةٌ تَأوي إِلى ظِلِّ بَرمَكٍ / مَنوطاً بِها الآمالُ أَطنابُها السُبلُ
أَقَرَّت عَلَيهِم نِعمَةَ اللَهِ نِعمَةٌ / لَهُم في رِقابِ الناسِ لَيسَ لَها نَقلُ
وَقَوا حُرَمَ الأَعراضِ بِالبيضِ وَالنَدى / فَأَموالُهُم نَهبٌ وَأَعراضُهُم بَسلُ
حُبّاً لا يَطيرُ الجَهلُ في عَذَباتِها / إِذا هِيَ حَلَّت لَم يَفُت حَلَّها ذَحلُ
جَرى آخِذاً يَحيى مُقَلَّدَ جَعفَرٍ / وَصَلّى إِمامُ السابِقينَ اِبنُهُ الفَضلُ
بِكَفِّ أَبي العَباسِ يُستَمطَرُ الغِنى / وَتُستَنزَلُ النُعمى وَيُستَرعَفُ النَصلُ
وَيُستَعطَفُ الأَمرُ الأَبِيُّ بِحَزمِهِ / إِذا الأَمرُ لَم يَعطِفهُ نَقضٌ وَلا فَتلُ
لَهُ سَطَواتٌ غِبُّها العَفوُ بَينَها / فَوائِدُ يُحصى قَبلَ إِحصائِها الرَملُ
تُسَلُّ سَخيماتُ الأَيّامِ مِن نَشرِ نِعمَةٍ / تَراءَت لَهُ فيها صَنائِعُ ما تَخلو
إِذا خَلَتِ الأَيّامُ مِن نَشرِ نِعمَةٍ / تَراءَت لَهُ فيها صَنائِعُ ما تَخلو
مَواهِبُ لَم تُغصَب فَتُعقَل بِمِثلِها / وَلَكِن بَقِيّاتُ الثَناءِ لَها عَقلُ
يُلَبّى مُنادي جَعفَرٍ وَاِبنِ جَعفَرٍ / إِذا اِعتَرَتِ النَكباءُ وَاِحتَجنَ الوَيلُ
بِعَينَيكَ آمالٌ تَروحُ وَتَغتَدى / عَلى جودِهِ يَقتادُها القَولُ وَالفِعلُ
إِذا ما أَبو العَبّاسِ حَلَّ بِبَلدَةٍ / كَفاها الحَيا وَاِستَجهَلَ الخَوفُ وَالمَحلُ
أَتَتكَ الأَمانِيُّ اِعتِباداً وَرَغبَةً / بِرِجلٍ مِنَ الآمالِ يَتبَعُها رِجلُ
تَبَسَّمَ عَنكَ المَهلُ في غايَةِ النَدى / كَذَلِكَ يَحيى كانَ قَدَّمَهُ المَهلُ
أَسَرَّتكَ آمالٌ فَنالَت بِكَ الغِنى / وَجاءَتكَ أُخرى عَلُّها أَبَداً نَهلُ
وَما خَوَّلَتكَ المَكرُماتُ سَجِيَّةً / حُبيتَ بِها إِلّا وَأَنتَ لَها أَهلُ
أَبوكَ اِستَرَدَّ الشامَ إِذ نَفَرَت بِهِ / مُلَقَّحَةً شَعواءَ لَيسَ لَها بَعلُ
بِجَيشٍ كَأَنَّ اللَيلَ بَعضُ حَديدِهِ / تَهادى الرَدى فيهِ الفَوارِسُ وَالرَجلُ
وَلَمّا تَناءَت بِالقَراباتِ مِنهُمُ / حَوادِثُ تَمريها الوَقائِعُ وَالأَزلُ
وَمالَت قَناةُ الدينِ فيهِم وَثُقِّفَت / قَناةُ الرَدى وَاِستَعذَبَ المُهَجَ القَتلُ
نَضى سَيفُهُ فيهِم بِحَقنِ دِمائِهِم / وَسَفكِ دِماءٍ عِندَها ضَحِكَ التَبلُ
أَقامَ عَلى أَقطارِها شاهِدُ الرَدى / طَلَيعَةَ رَأيٍ غِبُّهُ العَفوُ وَالبَذلُ
إِذا شاءَ أَعطَتهُ الأُنوفَ مَقودَةً / صَوارِمُ بيضٍ أَو رُدَينِيَّةٌ ذُبلُ
هُنالِكَ أَضحَكنَ العِدى عَن نُفوسِها / وَقَد ضَحِكَت دَهياءُ أَنيابُها عُصلُ
مَرى لَهُمُ خِلفَينِ بِالحَتفِ وَالنَدى / لِكُلِّ يَدٍ مِن نَزعِ ساعِدِها سَجلُ
بَعيدُ الرِضى لا يَستَميلُ بِهِ الهَوى / وَلا يَتَعاطى الجِدَّ مِن رَأيِهِ الهَزلُ
إِذا اِفتَرَّتِ الثَغرَ الخُطوبُ اِنبَرى لَها / بِعابِسَةٍ مُفتَرُّها الأَسرُ وَالقَتلُ
وَتَستَغرِقُ الشورى بَديهَةُ رَأيِهِ / وَإِن كانَ مَضروباً عَلى قَلبِهِ الشُغلُ
شِهابُ أَميرُ المُؤمِنينَ الَّذي بِهِ / أَضاءَ عَمودُ القَصدِ وَاِحتَزَبَ العَدلُ
إِذا ضُيِّعَ الرَأيُ اِستَشَفَّ كَأَنَّهُ / شَواهِقُ رَضوى لَيسَ في خُلقِهِ دَخلُ
رَقيبٌ عَلى غَيبِ الأُمورِ وَرَجمِها / بِرَأيٍ قَويمٍ مِنهُ ما الغَصبُ وَالخَتلُ
يَقومُ بِباغي الدينِ يَحيى وَجَعفَرٌ / إِذا لُحِيَ الإِسلامُ وَاِضطَرَبَ الحَبلُ
مَتّى شِئتَ رَفَّعتَ الرِواقَ عَلى الغِنى / إِذا أَنتَ زُرتَ الفَضلَ أَو أَذِنَ الفَضلُ
قَد كُنتُ قَبلَكِ خِلواً فَاِبتُليتُ بِمَن
قَد كُنتُ قَبلَكِ خِلواً فَاِبتُليتُ بِمَن / لا أَحمَدُ الدَهرَ لي في حُبِّها حالا
مِثالُها زَهرَةُ الدُنِّيا مُصَوَّرَةً / في أَحسَنِ الناسِ إِدباراً وَإِقبالا
أَستَودِعُ العَينَ مِنها كُلَّما بَرَزَت / وَجهاً مِنَ الحُسنِ لا تَلقى لَهُ بالا
فَالعَينُ لَيسَت تَرى شَيئاً تُسَرُّ بِهِ / حَتّى تَرينَ لِما اِستَودَعتُ تِمثالا
نامي عَنِ الحُبِّ إِنّي مِنكِ في سَهَرٍ / غالَ الرُقادَ وَأَحذى القَلبَ بَلبالا
ما طالَ لَيلٌ بِهِ ذِكراكِ أَرَّقَني / هَواكِ أَطوَلُ مِن لَيلي وَإِن طالا
تَذَكَّري أَنَّني نَسيتُ العَهدَ لَيلَتَنا / إِذ لا نُراقِبُ في الأَسرارِ خَلخالا
وَلا نَخافُ عَلَينا قَولَ ذي حَسَدٍ / إِلّا الوَساوِسَ مِن حَلى إِذا جالا
غَنائِمُهُ في كُلِّ يَومٍ جَماجِمُ
غَنائِمُهُ في كُلِّ يَومٍ جَماجِمُ / زَمائِلُها أَبناؤُها وَالحَلائِلُ
وَبيضٍ مَصوناتِ الجَلاءِ كَأَنَّها / جِباهُ العَذارى قَرَّطَتها الوَذائِلُ
إِذا خَطَبَتها الحَربُ كانَ مُهورَها / صُبابَةُ ما ضَمَّ الطُلا وَالمَفاصِلُ
خَرَجنَ خُروجَ الأَنجُمِ الزُهرِ فَاِلتَقى
خَرَجنَ خُروجَ الأَنجُمِ الزُهرِ فَاِلتَقى / عَلَيهُنَّ مِنهُنَّ المَلاحَةُ وَالشَكلُ
وَخالٍ كَخالِ البَدرِ في وَجهِ مِثلِهِ / لَقينا المُنى فيهِ فَحاجَزَنا البَذلُ
وَماءٍ كَعَينِ الشَمسِ لا يَقبَلُ القَذى / إِذا دَرَجَت فيهِ الصِبا خِلتَهُ يَعلو
مِنَ الضُحَّكِ الغُرِّ اللَواتي إِذا اِلتَقَت / يُحَدِّثُ عَن أَسرارِها السَبَلُ الهَطلُ
صَدَعنا بِهِ حَدَّ الشَمولِ وَقَد طَفَت / فَأَلبَسَها حِلماً وَفي حِلمِها جَهلُ
وَإِنّي وَإِسماعيلُ يَومَ وَداعِهِ
وَإِنّي وَإِسماعيلُ يَومَ وَداعِهِ / لَكَالغُمدِ يَومَ الرَوعِ فارَقَهُ النَصلُ
أَما وَالحُبالاتِ المُمِراتِ بَينَنا / وَسائِلَ أَدَّتها المَوَدَّةُ وَالوَصلُ
لَما خُنتُ عَهداً مِن إِخاءٍ وَلا نَأى / بِذِكرِكَ نَأيٌ عَن ضَميري وَلا شِغلُ
وَإِنِّيَ في مالي وَأَهلي كَأَنَّني / لِنَأيِكَ لا مالٌ لَدَيَّ وَلا أَهلُ
يُذكِرُنيكَ الدينُ وَالفَضلُ وَالحِجا / وَقيلَ الخَنا وَالحِلمُ وَالعِلمُ وَالجَهلُ
فَأَلقاكَ عَن مَذمومِها مُتَنَزِّهاً / وَأَلقاكَ في مَحمودِها وَلَكَ الفَضلُ
وَأَحمَدُ مِن أَخلاقِكَ البُخلَ إِنَّهُ / بِعِرضِكَ لا بِالمالِ حاشا لَكَ البُخلُ
أَمُنتَجِعاً مَرواً بِأَثقالِ هِمَّةٍ / دَعِ الثِقلَ وَاِحمِل حاجَةً مالَها ثِقلُ
ثَناءً كَعِرفِ الطَيِّبِ يَهدي لِأَهلِهِ / وَلَيسَ لَهُ إِلّا بَني خالِدٍ أَهلُ
فَإِن أَغشَ قَوماً بَعدَهُم أَو أَزُرهُمُ / فَكَالوَحشِ يَستَدنيهِ لِلقَنصِ المَحلُ
أَيا سَهلُ إِنَّ الجودَ خَيرُ مَغَبَّةٍ
أَيا سَهلُ إِنَّ الجودَ خَيرُ مَغَبَّةٍ / وَأَكرَمُ ما يَأتي بِهِ القَولُ وَالفِعلُ
وَما الفَضلُ بِالمَعروفِ فيما هَوِيتَهُ / وَلَكِنَّهُ فيما كَرِهتَ هُوَ الفَضلُ
مَيّاسُ قُل لي أَينَ أَنتَ مِنَ الوَرى
مَيّاسُ قُل لي أَينَ أَنتَ مِنَ الوَرى / لا أَنتَ مَعلومٌ وَلا مَجهولُ
لَو كُنتَ مَجهولاً جَعَلتُكَ مُعلَماً / أَو كُنتَ مَعلوماً لَغالَكَ غولُ
أَمّا الهِجاءُ فَدَقَّ عرِضُكَ دونَهُ / وَالمَدحُ عَنكَ كَما عَلِمتَ جَليلُ
فَاِذهَب فَأَنتَ طَليقُ عِرضِكَ إِنَّهُ / عِرضٌ عَزَزتَ بِهِ وَأَنتَ ذَليلُ
عِندَ الحَوادِثِ مِن أَخيكَ عَزيمَةٌ
عِندَ الحَوادِثِ مِن أَخيكَ عَزيمَةٌ / حَصداءُ مُبرَمَةٌ وَعَقلٌ فاضِلُ
عَرَفَ الحُقوقَ وَقَصَّرَت أَموالُهُ / عَنها وَضاقَ بِها الغَنيُّ الباخِلُ
مَتى ما تَسمَعي بِقَتيلِ أَرضٍ
مَتى ما تَسمَعي بِقَتيلِ أَرضٍ / أُصيبَ فَإِنَّني ذاكَ القَتيلُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025