المجموع : 30
لا تَطلُبوا ثَأري فَلا حَقَّ لي
لا تَطلُبوا ثَأري فَلا حَقَّ لي / عَلى لِحاظِ الرِئمِ مِن مَقتَلِ
سَمَحتُ في سَفكِ دَمي راضِياً / بِرَشفَةٍ مِن ريقِكَ السَلسَلِ
وِصالُ موسى لَحظَةٌ صَفوُها / يُشابُ بِالواشينَ وَالعُذَّلِ
قَصيرَةٌ تُضرِمُ نارَ الهَوى / كَأَنَّها قَبسَةُ مُستَعجِلِ
لَحظٌ يَرى القَتلَ مُنى نَفسِهِ / وَالعارَ أَن يَترُكَ قَلبَ الخَلي
غَضُّ الصِبا يُسفِرُ عَن مَنظَرٍ / أَحسَنَ مِن عَصرِ الصِبا المُقبِلِ
صُوِّرَ مِن نورٍ وَمِن فِتنَةٍ / وَالناسُ مِن ماءٍ وَمِن صَلصَلِ
شاكي سِلاحِ القَدِّ وَاللَحظِ في / حَربِ شَجٍ عَن صَبرِهِ أَعزَلِ
مُنسَلِبِ الحيلَةِ وَالصَبرِ لا / يَأوي إِلى عَقلٍ وَلا مَعقِلِ
ذو ضِنَّةٍ يَمنَعُ بَذلَ المُنى / قَولاً وَمَهما قالَ لَم يَفعَلِ
يَنفي لِيَ الحالَ وَلَكِنَّهُ / يُدخِلُ لا في كُلِّ مُستَقبَلِ
أَحَلتُ أَشواقي عَلى ذِكرِهِ / أُسَلِّطُ النارَ عَلى المَندَلِ
يا شَرَكَ الأَلبابِ كُن مُجمِلاً / وَاِستَحيِ مِن مَنظَرِكَ الأَجمَلِ
أَخشى عَلَيكَ العارَ مِن قَولِهِم / مُعتَدِلُ القامَةِ لَم يَعدِلِ
أَبيتُ فَرداً مِنكَ لَكِنَّني / مِنَ المُنى وَالذِكرِ في مَحفِلِ
وَقَد رَثى مِن سَهَري في الدُجى / شَقيقُكَ البَدرُ وَلَم تَرثِ لي
أَخَذوا مَوثِقَ العِذارِ عَلى الخَدِّ
أَخَذوا مَوثِقَ العِذارِ عَلى الخَدِّ / اِتِهَاما مِنهُم لِعَهدِ الجَمالِ
إِنَّما خَدُّهُ الحُسامُ فَظُلمٌ / حَملُهُ لِلنِجادِ في كُلِّ حالِ
طالَما زانَتِ اللَيالي بُدورٌ / مِنهُ ما زانَتِ البُدورُ اللَيالي
كانَ في شَمسِ خَدِّهِ الوَردُ ضاحٍ / فَهوَ الآنَ قَد أَوى لِظِلالِ
نَطَقَ الشِعرُ حينَ لاحَت وَلِم لا / تَسجَعُ الطَيرُ في رَبيعِ الجَمالِ
راقَ خَلقاً وَفاقَ خُلُقاً فَقُلنا / أَنجُمُ الأُفقِ أَم نُجومُ المَعالي
فَدَيتُكَ جَنِّب مَطمَعَ الحَينِ مِن فَتىً
فَدَيتُكَ جَنِّب مَطمَعَ الحَينِ مِن فَتىً / كَليلِ سِلاحِ الصَبرِ بادي المَقاتِلِ
جَلَستُ مِنَ الإِدلالِ جِلسَةَ عاتِبٍ / فَأَعقَبَني لِلحالِ مَوقِفَ سائِلِ
وَما كانَ إِلّا هَفوَةً زَيَّنَ الهَوى / بِها عِندِيَ الأَمرَ الَّذي هُوَ قاتِلي
لِأَعلَمَ كَيفَ اِستَهلَكَ الهَجرُ مَعشَراً / وَكَيفَ قَضوا يَأساً بِهَذي البَلابِلِ
يا مُرهِبي دونَ سُلطانٍ يَصولُ بِهِ
يا مُرهِبي دونَ سُلطانٍ يَصولُ بِهِ / وَمُخجِلي دونَ ذَنبٍ لا وَلا زَلَلِ
إِلّا هَوىً رَدَّ حَقّي عِندَ باطِلِهِ / حَتّى يَرى الظُلمُ لي مِنهُ يَداً قِبَلي
إِن جُدتَ لي فَبِحَقٍّ أَو بَخِلتَ فَما / أَكونُ أَوَّلَ صَبٍّ ماتَ عَن أَمَلِ
مَتى تَرى مِنكَ نَفسي ما تُؤَمِّلُهُ / وَحاجَتي فيكَ بَينَ اليَأسِ وَالأَمَلِ
عَليلٌ شاقَهُ نَفَسٌ عَليلُ
عَليلٌ شاقَهُ نَفَسٌ عَليلُ / فَجادَ بِدَمعِهِ أَمَلٌ بَخيلُ
أَعَدَّ الصَبرَ لِلأَشواقِ جَيشاً / فَأَدبَرَ حينَ أَقبَلَتِ القَبولُ
وَأَبكاني فَبَلَّ الريحَ دَمعي / ضُحىً فَلِذاكَ قيلَ لَها البَليلُ
وَكَم بِالخَيفِ مِن خَدٍّ صَقيلٍ / يُحَرِّمُ لَثمَهُ ماضٍ صَقيلُ
تَرى العُشّاقَ بَينَ قِبابِ قَومٍ / يُجيبُ أَنينَهُم فيها الصَهيلُ
تُهَزُّ بِها المَعاطِفُ وَالعَوالي / وَتَبتَسِمُ الثَنايا وَالنُصولُ
فَكَم أَمَلٍ طَويلٍ في حِماهُم / يُزَعزَعُ دونَهُ لَدنٌ طَويلُ
وَمَعشوقِ الشَبابِ لَهُ جُفونٌ / تُعَلِّمُ كَيفَ تُختَلَسُ العُقولُ
يَهابُ اللَيثُ غُرَّتَهُ وَيَهفو / بِذاتِ الصَونِ مَنظَرُهُ الجَميلُ
بَديعُ الحُسنِ تَعشَقُهُ حَلاهُ / أَحَتّى الحُسنُ يَعشَقُ أَو يَميلُ
أَظُنُّ وِشاحَهُ يَهذي خَبالاً / وَما تَدري الخَلاخِلُ ما يَقولُ
عُهودُ الحُسنِ لَيسَ تَدومُ حيناً / فَأوقِنُ أَنَّها ظِلٌّ يَزولُ
وَشَخصي في الهَوى طَلَلٌ فَأَنّى / يُجاوِبُ عاذِلاً طَلَلٌ مُحيلُ
فَلَيتَ السُقمَ دامَ فَدُمتُ لَكِن / مَتاعُ السُقمِ مِن جَسَدي قَليلُ
كَأَنَّ القَلبَ وَالسُلوانَ ذِهنٌ / يَحومُ عَلَيهِ مَعنىً مُستَحيلُ
أَموسى عاشِقٌ يَظما وَيَضحى / وَأَنتَ الماءُ وَالظِلُّ الظَليلُ
أَجِب داعيهِ أَو ناعيهِ إِمّا / يَموتُ غَليلُ نَفسٍ أَو عَليلُ
أَنا العَبدُ الذَليلُ وَلا فَخارٌ / أَتَمنَعُني أَقولُ أَنا الذَليلُ
إِذا نادَيتُ أَنصاري لِما بي / تَبَرَّأَ مِنيَ الصَبرُ الجَميلُ
يَجِدُّ الرَدى فينا وَنَحنُ نُهازِلُه
يَجِدُّ الرَدى فينا وَنَحنُ نُهازِلُه / وَنَغفو وَما تَغفو فُواقاً نَوازِلُه
بَقاءُ الفَتى سُؤلٌ يَعِزُّ طِلابُهُ / وَرَيبُ الرَدى قِرنٌ يَزِلُّ مُصاوِلُه
وَأَنفَسُ حَظَّيكَ الَّذي لا تَنالُهُ / وَأَنكى عَدُوَّيكَ الَّذي لا تُقاتِلُه
أَلا إِنَّ صَرفَ الدَهرِ بَحرُ نَوائِبٍ / وَكُلُّ الوَرى غَرقاهُ وَالقَبرُ ساحِلُه
تَرِثُّ لِمَن رامَ الوَفاءَ حِبالُهُ / وَتُغرى بِمَن رامَ الخَلاصَ حَبائِلُه
وَأَكثَرُ مِن حُزنِ الجَزوعِ خُطوبُهُ / وَأَكبَرُ مِن حَزمِ اللَبيبِ غَوائِلُه
فَما عَصَمَت نَفسَ المُقَدَّسِ دِرعُهُ / وَلا قَصَّرَت بِالمُستَكينِ عَلائِلُه
وَهَل نافِعٌ في المَوتِ أَنَّ اِختِيارَنا / يُنافِرُه وَالطَبعُ مِمّا يُشاكِلُه
وَكَيفَ نَجاةُ المَرءِ أَو فَلَتاتُهُ / عَلى أَسهُمٍ قَد ناسَبَتها مَقاتِلُه
وَأَمّا وَقَد نالَ الزَمانُ اِبنَ غالِبٍ / فَقَد نالَ مِن هَضمِ العُلى ما يُحاوِلُه
أَلَيسَ المَساعي فارَقَتهُ فَأَظلَمَت / كَما فارَقَت ضَوءَ النَهارِ أَصائِلُه
لَقَد لُفَّ في أَكفانِهِ الفَضلُ كُلُّهُ / وَساقَ العُلا جَهراً إِلى التُرَبِ حامِلُه
فَإِن ضَمَّهُ مِن مُستَوي الأَرضِ ضَيِّقٌ / فَكَم وَسِعَ الأَرضَ العَريضَةَ نائِلُه
وَكَم ساجَلَت فيها البِحارَ يَمينُهُ / وَكَم جانَسَت فيها الرِياضَ شَمائِلُه
لَئِن سَوَّدَ الآفاقَ يَومُ حِمامِهِ / لَقَد بَيَّضَت صُحُفَ الحِسابِ فَضائِلُه
وَإِن سَدَّ بابَ الصَبرِ حادِثُ فَقدِهِ / لَقَد فَتَحَت بابَ الجِنانِ وَسائِلُه
وَإِن صَنيَّعَت ماءَ العُيونِ وَفاتُهُ / لَقَد حَفِظَت ماءَ الوُجوهِ نَوائِلُه
وَكَم أَحيَتِ اللَيلَ الطَويلَ صَلاتُهُ / وَكَم قَتَلَت مَحَلَّ السِنينَ فَواضِلُه
فَخَلَّفَ في مُرِّ المُصابِ قُلوبَنا / وَزُفَّت إِلى بَردِ النَعيمِ رَواحِلُه
عَزاءً أَبا بَكرٍ فَلَو جامَلَ الرَدى / كَريمَ أُناسٍ كُنتَ مِمَّن يُجامِلُه
وَما ذَهَبَ الأَصلُ الَّذي أَنتَ فَرعُهُ / وَلا اِنقَطَعَ السَعيُ الَّذي أَنتَ واصِلُه
أَبوكَ بَني العَليا وَأَنتَ شَدَدتَها / بِمَجدٍ يُقَوّي ما بَنى وَيُشاكِلُه
كَما تَمَّ حُسنُ البَدرِ وَهوَ مُكَمَّلٌ / وأَيَّدَهُ دُرّيُّ سَعدٍ يُقابِلُه
وَإِن أَصبَحَ المَجدُ التَليدُ لِفَقدِهِ / يَتيماً فَلا يَحزَن فَإِنَّكَ كافِلُه
إِذا ثَبَتَت أُخرى النَدى في مُحَمَّدٍ / فَلَم تَتَزَحزَح بِالحِمامِ أَوائِلُه
فَتىً كَثَّرَ الحُسّادَ في مَكرُماتِهِ / كَما قَلَّ فيها شِبهُهُ وَمُماثِلُه
حَليفُ جِلادٍ لَيسَ تُكسى سُيوفُهِ / وَثَوبُ طِرادٍ لَيسَ تَعرى صَواهِلُه
فَما خَمرُهُ إِلّا دِماءُ عُداتِهِ / وَلا طَرَبٌ حَتّى تُغَنّي مَناصِلُه
تُضَمُّ عَلى لَيثِ الكِفاحِ حُروبُه / وَتُسفِرُ عَن بَدرِ التَمامِ مَحافِلُه
سَما بِعُلىً لا يَستَريحُ حَسودُها / وَسادَ بِجودٍ لَيسَ يَتعَبُ آمِلُه
تَوَدُّ الغَوادي أَنَهُنَّ بَنانُهُ / وَتَهوى الدَراري أَنَهُنَّ شَمائِلُه
تَساوى مَضاءً رَأيُهُ وَحُسامُهُ / وَلانَ مَهَزّاً مِعطَفاهُ وَذابِلُه
رُبوعُ المَساعي عامِراتٌ بِسَعيِهِ / وَيُقفِرُ مِنهُ غِمدُهُ وَحَمائِلُه
وَفَلَّلَ حُبُّ الهامِ شَفرَةَ عَضبِهِ / وَإِن لَم تَزَل في كُلِّ يَومٍ تُواصِلُه
تَوَقَّدَ ذِهناً حينَ سالَ سَماحَةً / كَما شَبَّ بَرقاً حينَ فاضَت هَواطِلُه
تَلَوذَعَ حَتّى يُحسَبَ الأُفقُ مَنشأً / لَهُ وَالنُجومُ النَيِّراتُ قَبائِلُه
تَحَيَّرتُ فيهِ وَالمَعاني غَرائِبٌ / أَأَفكارُهُ أَمضى شَباً أَم عَوامِلُه
إِذا كانَ خَطبٌ أَو خِطابٌ فَأَينَ مَن / يُجالِدُهُ في مَشهَدٍ وَيُجادِلُه
تَرى فيهِ فَيضَ النيلِ وَالبَدرَ كامِلاً / إِذا لاحَ مَرآهُ وَجادَت أَنامِلُه
كَريمٌ إِذا ما عُمِّرَ الوَعدُ ساعَةً / أُتيحَ لَهُ مِنهُ اِبتِسامٌ يُعاجِلُه
لَئِن سَبَقَتهُ بِالزَمانِ مَعاشِرٌ / فَكَم سَبَقَت فَرضَ المُصَلّي نَوافِلُه
وَإِن شارَكَتهُ في العُلى هَضبَةٌ فَقَد / تَبايَنَ زُجُّ الرُمحِ قَدراً وَعامِلُه
حَجَرتَ أَبا بَكرٍ عَلى الدَهرِ جانِبي / وَوَطَّنتَني إِذ أَزعَجَتني زَلازِلُه
فَلا شارِدٌ إِلّا نَداكَ عِقالُهُ / وَلا خائِفٌ إِلّا عُلاكَ مَعاقِلُه
وَكُنتَ العِياذَ الأَمنَ كَالمُزنِ إِنَّهُ / يُظِلُّ وَتُروي العاطِشينَ هَواطِلُه
وَإِن كُنتَ سَيفاً لِلمُريبينَ مُرهَفاً / فَبورِكتَ مِن سَيفٍ وَبورِكَ حامِلُه
أَراكَ بِعَينَي مَن أَقَلتَ عِثارَهُ / بِسَعيِكَ وَالهادي إِلى الخَيرِ فاعِلُه
كانَ مُحَيّاكَ لَهُ بَهجَةٌ
كانَ مُحَيّاكَ لَهُ بَهجَةٌ / حَتّى إِذا جاءَكَ ماحي الجَمال
أَصبَحتَ كَالشَمعَةِ لَمّا خَبا / مِنها الضِياءُ اِسوَدَّ فيها الذُبال
يَخِفُّ بِشراً إِذا اِنهَلَّت أَنامِلُهُ
يَخِفُّ بِشراً إِذا اِنهَلَّت أَنامِلُهُ / وَالسُحبُ توصَفُ إِذ تَنهَلُّ بِالثِقَلِ
أَغَرُّ يَكتُمُ مِن جودٍ عَوارِفَهُ / وَيَشهرُ البيضَ بَأساً شُهرَةَ المَثَلِ
فَيَنشُرُ الحَمدُ ما أَخفاهُ مِن مِنَنٍ / وَيَكتُمُ الضَربُ بيضَ الهِندِ في القَلَلِ
يَأوي لِعُلياهُ مَحمِيٌّ وَمُضطَهَدٌ / كَالماءِ فيهِ ورودُ اللَيثِ وَالحَمَلِ
وَيَشتَهي نَيلَهُ مُثرٍ وَذو عَدَمٍ / كَالراحِ تَصلُحُ لِلصاحي وَلِلثَمِلِ
ذو عَزمَةٍ كَاِلتِماعِ البَرقِ واقِدَةٍ / تَجيءُ مِن نَصرِهِ بِالعارِضِ الهَطِلِ
لَولا السُعودُ الَّتي نيطَت بِهِمَّتِهِ / لَكُنتُ أَحسَبُها بُعداً إِلى زُحَلِ
أَبو طالِبٍ في كَفِّهِ وَبِخَدِّهِ
أَبو طالِبٍ في كَفِّهِ وَبِخَدِّهِ / أَبو لَهَبٍ وَالقَلبُ مِنهُ أَبو جَهلِ
وَبِنتا شُعَيبٍ مُقلَتاهُ وَخالُهُ / إِلى الصُدغِ موسى قَد تَوَلّى إِلى الظِلِّ
وَلَمّا تَبَرَّجَ خُضرُ البِطاحِ
وَلَمّا تَبَرَّجَ خُضرُ البِطاحِ / تَوَهَّمتُها جُهِّزَت حَجَّلا
وَهَزَّ الرِياحُ مِنَ القُضُبِ فيهِ / قَناً لَم يُثَقَّف وَلا نُصِّلا
وَلَولا دَليلٌ مِنَ الرِيِّ لَم / أُمَيِّز مِنَ الصارِمِ الجَدوَلا
وَقَد سَقَطَ النورُ فَوقَ الغَديرِ / فَأَثبَتَت في دِرعِهِ أَنصُلا
وَقابَلَتِ الكاسُ وَجهَ الرَبيعِ / وَسَجعَ الحَمامِ فَما أَجمَلا
كَما قابَلَ العيدُ وَجهَ الوَزيرِ / وَسَجعَ ثَناءٍ لَهُ رُتِّلا
مَضى رَمَضانُ كَثيرَ الثَناءِ / عَلَيكَ وَوَدَّعَ لا عَن قِلى
فَلَو كانَ يَنطِقُ شَهرُ الصِيامِ / لَقامَ بِشُكرِكَ بَينَ المَلا
وَلَو صافَحَ العيدُ شَخصاً إِذَن / لَصافَحَكَ العيدُ إِذ أَقبَلا
أَسَلتَ الدُموعَ بِهِ خاشِعاً / وَصَوبَ اللُهى مُنعِماً مُفضِلا
هُما لِلهُدى وَالتُقى ديمَتانِ / فَغَرسُ الفَضائِلِ لَن يَذبُلا
وَأَحيا قِيامُكَ لَيلَ التَمامِ / وَأَحيا نَداكَ الثَرى المُمحَلا
عَلى الحَسَنِ بنِ خَلاصٍ جَلَت / مَعاني الكَمالِ الَّذي أَشكَلا
تَسَمّى مُدِلّاً بِأَفعالِهِ / وَساعَدَهُ الجَدُّ فَاِستَرسَلا
وَحَتمٌ مُضاءُ ظُبى ذي الفَقارِ / فَكَيفَ إِذا وافَقَ المُنصُلا
تَرى بِشرَهُ في أَوانِ اللِقا / جَميلاً وَما بَعدَهُ أَجمَلا
وَتُبصِرُ أَرماحَهُ في الوَغى / أَطوَلا وَأَسعُدَهُ أَتوَلا
يُمَيِّلُ مِنهُ اِرتِياحُ النَدى / مَعاطِفَ ما مَيَّلَتها الطَلا
فَما يَتَّقي الدينُ أَن يَعتَدي / وَما يَتَّقي المالُ أَن يَعدِلا
سَبيلُ الوَرى وَسَبيلُ الوَزيرِ / أَن يَسأَلوهُ وَأَن يَبذُلا
وَما يَمنَعُ الغَيثُ مِن أَن يَجودَ / وَلا يَأنَفُ الرَوضُ أَن يُسأَلا
لَهُ هِمَمٌ فُتنَ عِزَّ النُجومِ / وَمالٌ عَلى الذُلِّ قَد عَوَّلا
يَقولُ نَعَم وَهيَ دَأبٌ لَهُ / فَيُثمِرُ أَسرَعَ مِن لا وَلا
وَيا رُبَّ نارٍ مِنَ الحادِثاتِ / أَطفا وَنارِ قِرىً أَشعَلا
هُمامٌ مَحاريبُهُ وَالحُروبُ / تُسقى المُفَصِّلَ وَالفَيصَلا
يَشُلُّ الكَتائِبَ عِندَ النِزالِ / وَيَتلو الكِتابَ كَما نُزِّلِا
لَهُ دَعوَةُ الأَمرِ في حَفلِهِ / وَأُخرى إِلى اللَهِ مَهما خَلا
يَصولُ بِهَذي لِكَي تُقتَفى / وَيَخضَعُ في ذي لِكَي تُقبَلا
فَهَذي تُفَتِّحُ بابَ السَما / وَذي تَفتَحُ البَلَدَ المُقفَلا
لَكَ اللَهُ فَاِنهَض بِجَيشِ القَضا / وَحارِب عِداكَ بِهِ أَعزَلا
إِذا خَرَجَت عَن يَدَيكَ السِهامُ / غَدا كُلُّ عُضوٍ لَها مَقتَلا
تَدارَكتَ سَبتَةَ مِن بَعدِ ما / وَأَحيَيتَها حينَ أَشفَت عَلى
وَلَحتَ وَمَغرِبُنا مُدبِرٌ / فَصارَ بِكَ المَشرِقَ المُقبِلا
وَلِم لا وَحِكمَةُ لُقمانَ فيكَ / وَهَيبَةُ كِسرى قَدِ اِستُكمِلا
فَلَو أَنَّ بَطشَكَ يَومَ الهِياجِ / لَدى النارِ ما سَكَنَت جَندَلا
وَلَو أَنَّ نَيلَكَ عِندَ الصَبا / لَما هَزَّتِ الغُصُنَ المُخضَلا
وَلَو دَبَّ ريقُكَ في حَيَّةٍ / لَعادَ بِهِ سَمُّها سَلسَلا
تَكادُ تُرَغِّبُ بِالعَفوِ في الذُ / نوبِ وَحاشاكَ أَن تَفعَلا
فَأَيُّ اِمرِىءٍ لَم يَذُق شيمَتَيكَ / لَم يَعرِفِ الشَهدَ وَالحَنظَلا
جَرَت مِن بَنانِكَ لي بِالغِنى / بُحورٌ يُسَمّونَها أَنمُلا
فَلَو أَدرَكَ المُزنُ تِلكَ البَنانِ / لَقَبَّلَها مَعَ مَن قَبَّلا
دَعوا حِمصَ تَفعَلُ أَفعالَها / فَقَلبي بِسَبتَةَ عَنها سَلا
نَسيتُ بِمَوطِنِ عِزّي الأَخيرِ / مَوطِنَ نَشأَتِيَ الأَوَّلا
كَما يَألَفُ السَيفُ كَفَّ الكَمِيِّ / وَيَطَّرِحُ القينَ وَالصَيقَلا
وَقَد يَهجُرُ الطَيرُ أَوكارَهُ / إِذا وَجَدَ الأَمنَ وَالسُنبُلا
كَأَنِّيَ جَمَّعتُ مِن خاطِري / وَمِن ذِكرِكَ النارَ وَالمَندَلا
فَقَد سارَ صيتُكَ سَيرَ الصَباحِ / يَجِدُّ مَعَ المُعَلِّمِ المُجهَلا
وَعَمَّ جَداكَ عُمومَ السَحابِ / يَسقي البِلادَ وَيَسقي الفَلا
تَفَصَّلَ وَصفُ العُلا في الكِرامِ / وَجِئتَ بِتَفصيلِهِ مُجمَلا
فَكُن مَعَ أَعمَرِهِم آخِراً / وَكُن في مَراتِبِهِم أَوَّلا
أَلا هَكَذا تُذكَرُ الصالِحاتُ / وَتُبنى المَعالي وَإِلّا فَلا
خُذها فَصَبغُ الظَلامِ قَد نَصَلا
خُذها فَصَبغُ الظَلامِ قَد نَصَلا / وَذَيلُهُ بِالسَنا قَدِ اِشتَعَلا
وَأُقحُوانُ الرُبى بَدا سَحَراً / وَأُقحُوانُ النُجومِ قَد ذَبُلا
وَالوَردُ مِثلُ الخُدودِ قَد دَمِيَت / مِن نَرجِسٍ حَدَّقَت لَها المُقَلا
يَسقيكَ مِن كاسِهِ وَناظِرِهِ / دُرّاً بِكاسَي صَبابَةٍ وَطِلا
تَختَدِعُ السُكرَ مُقلَتاهُ فَإِن / نَبَت بِهِ الكاسُ كانَ مُستَحِلا
إِن وَعَدَ الوَصلَ سينُ طُرَّتِهِ / قَرَأتُ في عارِضَيهِ لَفظَةَ لا
أَيَّدَ حُبّي كِتابُ عارِضِهِ / كَذلِكَ الكُتبُ تَعضَدُ المَلَلا
لا تَعذُلوني عَلى مَحَبَّتِهِ / فَسَيفُ عَينَيهِ يَسبِقُ العَذَلا
مُسَلَّطٌ لا أَذُمُّ قُدرَتَهُ / وَظالِمٌ أَشكُرُ الَّذي فَعَلا
وَباخِلٌ بِالنَوالِ عادَتُهُ / قَد عَلَّمَتني بِحُبِّهِ البَخَلا
فَهاتِها وَاِسقِني بِراحَتِهِ / وَطاوِعِ اللَهوَ وَاِعصِ مَن عَذَلا
راحٌ يَزينُ الحَبابُ حُمرَتَها / كَما يَزينُ التَبَسُّمُ الخَجَلا
يُقَلِّدُ الماءُ جيدَها دُرَراً / يَنهَبُها الشَربُ بَينَهُم نَقَلا
إِن جَدَّدَت بِالمِزاجِ حِليَتَها / جَدَّدَت شُرباً يَسومُها العَطَلا
حاكِمُها يَظلِمُ العُقولَ وَلا / تَصلُحُ حالُ النُفوسِ إِن عَدَلا
نَجمٌ لِلَيلِ الهُمومِ أَكثَرُ ما / يَكشِفُ تِلكَ الدُجى إِذا أَفَلا
قُلوبُهُم في جَنى النَعيمِ بِها / وَإِن بَدَت في وُجوهِهِم شُعَلا
قَد يَنتُجُ الضِدُّ ضِدَّهُ وَإِذا / شِئتَ فَجودَ الوَزيرِ خُذ مَثَلا
رَفيعَني حَظُّهُ الحِمامَ كَما / قَد صانَ وَجهي بِكُلِّ ما بَذَلا
يَأتي بِلا مَوعِدٍ نَداهُ فَلَو / كانَ كَلاماً لَكانَ مُرتَجَلا
لَوِ اِكتَفى ساطِياً بِهَيبَتِهِ / كَفَتهُ بيضَ السُيوفِ وَالأَسَلا
أَو لَم يُنِل غَيرَ بِشرِهِ صِلَةً / أَرضى بِها كُلَّ سائِلٍ سَأَلا
يَقتَرِعُ البَحرُ وَالغمامَةُ مَن / أَدناهُما مِن سَماحِهِ سُبُلا
تَاللَهِ ما شَرَّفَ السَحابَ سِوى / أَن ضَرَبوها لِجودِهِ مَثَلا
وَلا بِلُجِّ البِحارِ مِن كَرَمٍ / إِلّا جِوارٌ بِدارِهِ اِتَصَلا
كَأَنَّ جَدوى يَدَيهِ مَأدُبَةٌ / دعا إِلَيها بِبِشرِهِ الجَفَلى
لِلنَفعِ وَالضُرِّ عِندَهُ شِيَمٌ / أَمَرَّ فيها لِطاعِمٍ وَحَلا
كَأَنَّما طَعمُ عادَتَيهِ هَوى / بَرَّحَ فيها العِتابَ وَالقُبَلا
لِاِبنِ خَلاصٍ مُحَمّدٍ هِيَ تُهدى / فَقَد حَكَت مَدحَهُ غَزَلا
فاقَت بِهِ سَبتَةُ البِلادَ كَما / دَولَةُ يَحيى قَد فاقَتِ الدُوَلا
وَاِعتَدَلَ الدَهرُ حينَ حَلَّ بِها / فَكانَ شَمساً وَكانَتِ الحَمَلا
أَحَبَّهُ الناسُ دونَ مُختَلِفٍ / كَما أَحَبّوا الشَبابَ مُقتَبَلا
أَجني بِهِ زُخرُفَ المَعيشَةِ إِذ / لَم يُبقِ لي جودُ كَفِّهِ أَمَلا
بَلَّغَهُ اللَهُ في الكَمالِ مَدىً / إِلَيهِ تَصبو الوَرى وَقَد فَعَلا
حَديثُ عَنقاءَ صَبٌّ أَدرَكَ الأَمَلا
حَديثُ عَنقاءَ صَبٌّ أَدرَكَ الأَمَلا / حَظّي مِنَ الحُسنِ أَنّي بَعضُ مَن قَتَلا
حَقّاً لَقَد نَصَحَ العُذّالُ لَو قُبِلوا / السَيفُ مِن لَحظِ موسى يَسبِقُ العَذَلا
طَلَبتُ حيلَةَ بُرءٍ مِن مَحَبَّتِهِ / فَنَصَّ لي لَحظُهُ الأَمراضَ وَالعِلَلا
يا مَن غَدا كُلُّ لَفظي فيهِ مِن طَمَعٍ / عَسى وَلَيتَ وَشِعري كُلُّهُ غَزَلا
مَنَعتَني يَقظَةً رَدَّ السَلامِ فَلَم / أَجرُؤ عَلى الطَيفِ في تَكليفِهِ القُبَلا
كَسا خِضابُ اِصفِرارٍ لِلضَنى جَسَدي / لَو كانَ يُنضَحُ مِن ماءِ اللَمى نَصَلا
شَوقي إِلَيكَ وَلا حُمِّلتَ شَوقِيَ قَد / أَفنى القَوافي وَأَفنى الدَمعَ وَالحِيَلا
قَبولُكَ رَيعانُ الشَبابِ فَلا وَلّى
قَبولُكَ رَيعانُ الشَبابِ فَلا وَلّى / وَبِشرُكَ كَالبُشرى عَلى النَعيِ أَو أَحلى
تُنيرُ لِمُستَهدٍ وَتَعصِمُ خائِفاً / فَحيناً تُرى شَمساً وَحيناً تُرى ظِلّا
بَرَعتَ أَبا بَكرٍ فَلَستَ بِمُرتَضٍ / رَوَّيتَهُم شَمساً وَلا طَلَّهُم وَبلا
وَلا خَبَّهُم مَشياً وَلا جِدَّهُم وَنىً / وَلا سَيفَهُم سوطاً وَلا تاجَهُم نَعلا
إِذا نَحنُ مَثَّلناكَ بِالشُهبِ أَطرَقَت / حَياءً وَقالَت بَل لَهُ المَثَلُ الأَعلى
وَبَينَ العَوالي وَاليَراعِ أُخُوَّةٌ / وَفَيتَ لَها وَالشَكلُ لا يَقلَعُ الشَكلا
سَأَشكُرُ ما أَولَيتني وَلَو أَنَّني / سَكَتُّ لَكانَت حالَتي مَنطِقاً فَصلا
وَما الرَوضُ غَضّاً لِلسَحابِ بِشاكِرٍ / وَلَكِنَّهُ بِالحَقِّ يَكتُبُ ما أَملى
عِندي يَدٌ غَرّاءُ أَهدَتها السُرى
عِندي يَدٌ غَرّاءُ أَهدَتها السُرى / بِأَغَرَّ أَهدى قُربُهُ الآمالا
سَفَرَت لَهُ بِكرُ الخُطوبِ بِوَجهِها / فَاِستَحسَنَ الظَلماءَ فيها خالا
جَرَّدتَ عَزمَكَ لَم تَهَب جُنحَ الدُجى / جَيشاً وَلا زُهرَ النُجومِ نِصالا
فَلَو أَنَّ بَدرَ التِمِّ يَحمِلُهُ الدُجى / سِرّاً لَقَد قُلنا طَرَقتَ خَيالا
ما عابَ ساحِرَ طَرفِهِ رَمَدٌ بِهِ
ما عابَ ساحِرَ طَرفِهِ رَمَدٌ بِهِ / كَلّا ولا أَضحى بِذاكَ كَليلا
لا تَأمَنَن فَتَكاتِ لَحظٍ أَرمَدٍ / فَالعَضبُ يَقطَعُ ماضِياً وَصَقيلا
مَه لائِمي عَن مَلامي
مَه لائِمي عَن مَلامي / مَهلاً بِقَلبِيَ مَهلا
تُب لا تَلُم ذا غَرامٍ / إِن لَم تَتُب سَوفَ تُبلى
نَهرٌ كَأَنَّ الشَمسَ تَملَأُ قَلبَهُ
نَهرٌ كَأَنَّ الشَمسَ تَملَأُ قَلبَهُ / فَيُجِنُّ داءً لِلغَرامِ دَخيلا
الريحُ تُبدي الثَوبَ مِنهُ مُعَكَّراً / وَالشَمسُ تُلقي صارِماً مَصقولا
وَكَأَنَّهُ ذو فَجعَةٍ لِفِراقِها / قَد ضَمَّ مِن خَوفِ الوَداعِ غَليلا
سارَ بِصَبري وَبِاِحتِمالي
سارَ بِصَبري وَبِاِحتِمالي / سَيرَ حَمول
يَحمِلُ عَنها شَذا الشَمالِ / عَرفَ الشَمول
في فاضِحِ الدُرِّ وَالدَراري / ثَغرٌ وَنور
ذو غَنَجٍ أَعينُ الصِوارِ / إِليهِ صور
فَرَّ مِنَ السِربِ وَالقِفارِ / إِلى الصُدور
سَطا فَأَعدَدتُ لِلدَلالِ / حِلمَ الذَليل
وَحَسَّنَت فِتنَةُ الجَمالِ / حُبَّ البَخيل
مَلَأتَ بِالشَوقِ صَدرَ مُعَمَّد / صِفرَ اليَدَين
فَدَمعُ عَيني اِنثَنى مُوَرَّد / بِغَيرِ عَين
أَظُنُّ روحي لِلَحظِ أَحمَد / عَلَيَّ دَين
لا تَخشَ لَيَّي وَلا مِطالي / لَستُ أَحول
نَفسِيَ في ذِمَّةِ الخَبالِ / عَلى الحُلول
كَم أَشتَكي رَوعَةَ الشُجونِ / بِلا فُؤاد
عَن لَذَّةِ النَومِ حَدِّثوني / طالَ السُهاد
صامَت بِشَرعِ الهَوى جُفوني / عَنِ الرُقاد
لَو حَلَّلَ الفِطرَ بِالهِلالِ / وَجهٌ جَميل
مَتى أَرى لَيلَةَ الوِصالِ / يالَيلَ صول
مَحَقتَ بِالسُقمِ في ضِياءِ / بَدرَ تَمام
ما عِشتُ حيناً لَولا خَفائي / عَنِ الحِمام
مَحا سَقامُ البُكا ذَمائي / وَلا سَقام
أَأَنسُبُ السُقمَ لِلخَيالِ / ماذا أَقول
غالَطتُ وَاللَهِ في اِنتِحالي / ثَوبَ النُحول
قَدَّمتُ ذِكرَ النَوى وَأَعني / بُخلَ الحَبيب
هُوَ الهَوى وَالمَزارُ مِنّي / دانٍ قَريب
أَظَلُّ في قُربِهِ أُغَنّي / غِنا كَئيب
ياحادِيَ العيسِ وَالجِمالِ / عَرِّج قَليل
عَسى تَرى مُقلَتي غَزالي / قَبلَ الرَحيل
رَوضٌ نَضيرٌ وَشادِنٌ وَطِلا
رَوضٌ نَضيرٌ وَشادِنٌ وَطِلا /
فَاِجتَنِ زَهرَ الرَبيعِ واَلقُبَلا / وَاِشرَب
يا ساقِياً لا وُقيتُ فِتنَتَهُ /
حَوى شَفيفُ الكُؤوسِ صورَتَهُ /
فَمَثَّلت ثَغرَهُ وَوَجنَتَهُ /
هَذا حَباباً في الكاسِ مُعتَدِلاً /
وَذا رَحيقاً يَطوي الزُجاجَ عَلا / كَوكَب
أَقَمتُ سوقَ المُنى عَلى ساقِ /
وَبِعتُ عَقلي بِالخَمرِ مِن ساقِ /
أَسهَرَ عَيني بِنَومِ أَحداقِ /
تَمَثَّلَ السِحرُ وَسطَها كَحَلا /
مُعتَلَّةٌ وَهيَ تُبرِئُ العِلَلا / فَاِعجَب
قَلبُكَ صَخرٌ وَالجِسمُ مِن ذَهَبِ /
أَيا سَمِيَّ النَبيِّ يا طَلَبي /
جاوَرتَ مِن أَضلُعي أَبا لَهَبِ /
ياباخِلاً لا أَذُمُّ ما فَعَلا /
صَيَّرتَ عِندي مَحَبَّةَ البُخَلا / مَذهَب
يا مُنيَتي واَلمُنى مِنَ الخِدَعِ /
لا نِلتُ سُؤلي وَلا الفُؤادُ مَعي /
هَل عَنكَ صَبرٌ أَو فيكَ مِن طَمَعِ /
أَفنَيتُ فيكَ الدُموعَ وَالحِيَلا /
فَلا سُلُوٌّ في الحُبِّ نِلتَ وَلا / مَأرَب
أَتَيتُ أَشكوهُ لَوعَةً عَجَبا /
فَصَدَّ عَنّي بِوَجهِهِ غَضَبا /
فَعِندَ هَذا غَنَّيتُهُ طَرَبا /
تَلعَب بِقَلبي وَآخَرَ تَغضَبُ عَلى /
اِن جِئتَ بَعدَكَ كَما لَعِبتَ فَلا / تَغضَب
تَجَلَّى شِهَابُ للسَّعَادَةِ آفِلُ
تَجَلَّى شِهَابُ للسَّعَادَةِ آفِلُ / وأخصَبَ مَرعًى لِلمَكَارِمِ مَاحِلُ
وَرَاقَ مُحَيَّا الدَّهرِ وَافتَرَّ ثَغرُهُ / وَحُلِّيَ جِيدٌ مِنهُ وَاشتَدَّ كَاهِلُ
فَغُرُّ اللَّيَالِي تَسحَبُ الأمنَ حُلَّةً / كَمَا سَحَبَت وَشيَ البُرُودِ عَقَائِلُ
وَقَد أخَذَت كَفُّ الإمَارَةِ فَخرَهَا / كَمَا أخَذَت حُسنَ الحُلِيّ العَوَاطِلُ
بِمَن جَاوَزَ الغَايَاتِ حَتَّى لَوَ أنَّهُ / أرَادَ الدَّرَارِي أمَّهَا وَهوَ نَازِلُ
فَتًى لَم تَنَم إلاَّ بِنَائِلِهِ المُنَى / كَأنَّ أكُفَّ المَانِحِينَ بَوَاخِلُ
وَلَم تَضحَكِ الأيَّامُ إلاَّ لِوَجهِهِ / كَأنَّ اللَّيَالِي السَّالِفَاتِ ثَوَاكِلُ
يَجُوزُ الأمَانِي مِنهُ غَيرُ حَسُودِهِ / وَيُدرِكُ مِنهُ السُّؤلَ إلاَّ المُخَاتِلُ
بِهِمَّتِهِ إلا عَنِ المَجدِ مُعرِض / وَفِي حُكمِهِ إلاّ عَلَى المَالِ عَاذِلُ
أهَانَ وَأعلى وَفدَهُ وتلاده / فَمَا عزّ مَطلُوب وَلاَ ذَلَّ سَائِلُ
يُقِرُّ لَهُ بِالفَضلِ وَافٍ وَنَاقِصٌ / وَيَقضِي لَهُ بِالعِلمِ حَبرٌ وَجَاهِلُ
وَحَتَّى النُّجُومُ الزُّهرُ تَجرِي بِأمرِهِ / وَحَتَّى لِسَانُ الدَّهرِ عَنهُ يُجَادِلُ
ثَنَاءٌ بِزَهرِ الرَّوضِ فِي الأرضِ مُرتَدٍ / وَمَجدٌ بِفَخرِ النَّجمِ في الأفقِ نَازِلُ
وَذِهنٌ هُوَ المِصبَاحُ لَكِن فَرَاشُهُ / صًرُوفُ الدُّنَا وَالحَادِثَاتُ النَّوَازِلُ
تَغُورُ الدَّرَارِي غَيرَةً مِن صِفَاتِهِ / وَتَلبَسُ أثوَابَ الخُمُولِ الخَمَائِلُ
جَزَى السُّوءَ بِالحُسنَى سَمَاحاً كَأنَّمَا / لَدَيهِ ذُنُوبُ المُجرِمِينَ وَسَائِلُ
وَدَاوَى جُنُونَ الحَادثَاتِ وإنَّمَا / تَمَائِمُهَا مِنهُ السَّجَايَا الفَوَاضِلُ
بِمُلكِ أبِي عُثمَانَ أًنشِرَ غَابِرٌ / وَشُيِّدَ مُنهَدٌ وَجُدّدَ مَاثِلُ
تَعَجَّبتُ مِن إيجَازِهِ وَهوَ قَائِلُ / عَلَى كَثرَةِ استِغرَاقِهِ وَهوَ فَاعِلُ
فَلَو لاَ غُرُورُ الدَّهرِ شَبَّهتُهُ بِهِ / وَلَكِنَّ ذَا وَافٍ وَذَلِكَ خَاتِلُ
فَلَو لَم يُفَرَّج عَن قُرَيشٍ قَبِيلَةً / لَكَانَ لَهُ في المُكرَمَاتش قَبَائِلُ
كَمِيُّ تَجَلَّت مِن بَنِي حَكَمٍ بِهِ / ظُباً مَا لَهَا غَيرَ المَعَانِي صَيَاقِلُ
أنَاسٌ هُمُ لِلمُعتَفِينَ نَدَاهُمُ / بُحُورٌ وَلِلمُستَضعَفِينَ سَوَاحِلُ
شَبَابٌ إذَا جَاشَت عَلَيهِم مَلاَحِمٌ / كُهُولٌ إذَا انضَمَّت عَلَيهِم مَحَافِلُ
وَلَولاَ النَّدَى فيهِم لَذَابَت سِلاَحُهُم / فَهُم تَحتَهَا يَومَ الهِيَاجِ مَشَاعِلُ
وَلَولاَ اضطِرَابُ البَأسِ بَينَ بَنَانِهم / إذَن أَثمَرَت فِيهَا الرّمَاحُ الذَوَابِلُ
أمِيرَ الهُدَى إنَّ الزَّمَانَ هَجِيرَةٌ / وَأنتَ مَقِيلٌ غَيرُ ظِلِّكَ زَائِلُ
لِيَهنِكَ عِيدٌ في لِقَائِكَ عَاشِقٌ / وَلَيسَ لِصَبّ هَامَ في المضجدِ عَاذِلُ
رَئِيسٌ مِنَ الأيَّامَ أكرَمَ نُزلَهُ / رَئِيسٌ مِنَ الأملاَكِ ضَخمٌ حُلاَحِلُ
تَلَقَّى بِعِيدِ الفِطرِ دُونَكَ رَاجِعاً / فَأخبَرَهُ مَا أنتَ بِالوَفدِ فَاعِلُ
فَأغرَاهُ مَا أثنَى عَلَيكَ شَقِيقُهُ / فَجَاءَكَ لَم تَبعُد عَلَيهِ المَرَاحِلُ
كَصَادِرِ رَكبٍ عَنكَ لاَقَاهُ وَارِدٌ / فَرَغَّبَ فِيكَ الآخِرِينَ الأَوَائِلُ
ألاَ كُلُ يَومٍ في جَنَابِكَ مَوسِمٌ / جَدِيدٌ وَلَكِن أنتَ لِلضَّيفِ قَابِلُ
بَرَزتَ لَهُ مَا بَينَ بَأسٍ وَزِينَةٍ / وَفي الرُّعبِ عَن أن يَنظُرَ الحُسنَ شَاغِلُ
وَلاَ شَجَرٌ فِي الأرضِ إلاَّ مِنَ القَنَا / وَلاَ أنجُمٌ فِي الأفقِ إلاَّ المَنَاصِلُ
وَحَولَكَ مِن عُوجِ القِسِيّ أهِلَّةٌ / تَوَسَّطَهَا بَدرٌ لِوَجهِكَ كَامِلُ
وَكُلُّ شُجَاعٍ سَيفُهُ حَاسِدٌ لَهُ / وَعاشِقُ هَامٍ فَهوَ مِن ذَينِ ناحِلُ
وُجُوهٌ كَمَا سَلوهُ غُرُّ بَوَاسِمُ / قُدُودٌ كَمَا هَزُّوهُ لُدنٌ مَوَائِلُ
عَزَزتَ فَإن تَخشَع فَمِن كَثرَةِ العُلاَ / وَسِلكُ العُلاَ فِي دُرّةِ مُتَضَائِلُ
وَلَم أدرِ أنَّ الشَّمسَ قَبلَكَ صُورَةٌ / لشَخصٍ وَلاَ أنَّ النُّجُومَ شَمَائِلُ
وَلَولاَكَ لم يسكُن منَ الشِّركِ طَائِشٌ / وَلاَ ذَلَّ مُعتَزُّ وَلاَ لاَنَ صَائِلُ
فَمَن خَذلَتهُ في الحُرُوبِ جُنُودُهُ / فَأنتَ الَّذِي الأعدَاءُ عَنهُ تُنَاضِلُ
وَمَن حَاز لَفظَ النَّصرِ من لَفظِ قَاهِرٍ / فَقَد حُزتَ مَعنَى النَّصرِ وَاسمُكَ فَاضِلُ
وَمَن كَانَ يَسعَى لِلمَقَاتِلِ سَهمُهُ / فَأسهُمُكُم تَسعَى إلَيهَا المَقَاتِلُ
تدَاوي بلين تحته شدّة وَمَا / يدُوم خضابٌ عَن سوَى الشَّيب ناصِلُ
تُضَاهِي فَتُغنِي عن مَقَالِ مُرَجَّحٍ / أيُحكَمُ وَالخَصمَانِ قِسُّ وَبَاقِلُ
هَبِ المُلكَ شَيئاً يُشرِ كُونَكَ في اسمهِ / فَهَل يَستَوِي فِي الرُّمحش زُجُّ وَعَامِلُ
وَلَو كُلُّ حُسنٍ رَاقَ في كلّ مَوضِعٍ / إذَن حَسَدَت سُودَ العُيُونِ المَكَاحِلُ
إذَا مَا جَبَانٌ حُمِّلَ الدّرعَ لَم يُفِد / سِوَى أنَّهُ مِن عَضّهَا مُتَثَاقِلُ
ألاَ كُلُّ مُلكٍ لَم تَسُسهُ مُضَيَّعٌ / وَكُلُّ إحتجَاجٍ لَم يَقُم بكَ بَاطِلُ
وَفِي كُلّ صَدرٍ مِنكَ حُبُّ مُخَامِرٌ / يُمَازِجُهُ رَوعٌ هُنَاكَ مُدَاخِلُ
وَلَو أمِنَ الإنسَانُ مِن شَرّ نَفسِهِ / لَمَا هَابَ حَدَّ المُرهَفِ العَضبِ حَامِلُ
أتَتنَا بِكَ الأيَّامُ عِندَ مَشِيبِهَا / كَمَا جَلَبَت عُرفَ الرّيَاضِ الأصَائِلُ
فَإن يَتَقَدَّم مَن سِوَاكَ فَمِثلَ مَا / تُقَدَّمُ مِن قَبلِ الفًرُوضِ النَّوَافِلُ
وَإن يَتَأخَّر وَهُوَ أخزَى فَإنَّمَأ / تَأخَّرَ لَمَّا قَدَّمَتكَ الفَوَاضِلُ
كَسَوتُ سَوَادَ الحبرِ باسمِكَ رَونَقاً / فَقَالَ الدُّجَى يا صُبحُ لَونُكَ حَائِلُ
وَهَذِي قَضَايَا عَن عُلاَكَ رَوَيتُهَا / فَإنِّي بِهَأ وَهِيَ الكوَاكبُ نَائِلُ