المجموع : 7
فلمَّا بَدا فيهِمْ سُلَيْمانُ عِنْدَها
فلمَّا بَدا فيهِمْ سُلَيْمانُ عِنْدَها / وصاحَ ابْنُ ذَكْوانٍ فثارَ رِجالُ
هَدَى من ضَلالِ الحائِرِينَ مُحَمّدٌ / وأَذَّنَ بالبَيْتِ العَتِيقِ بِلالُ
وقامَ أَبُو عِمْرَانَ يَرْأَبُ صَدْعَها / بسَعْيٍ تَجَلَّى عن هُداهُ ضَلالُ
وَزِيرٌ متى يَسْتَوْزِرِ المَلْك رأيَهُ / أُمِرتْ له في النَّائِباتِ حِبالُ
ولَيْسَ كمَنْحُوسٍ مِن القَوْمِ مُنْحِسٍ / تَعاظَمَ حتى قِيلَ لَيْسَ يُنالُ
أَعانَتْهُ أَمْوالٌ تَخوَّنَ عَيْنَها / وأَعْلَتْهُ غُثْرٌ سُوقةٌ وسِفالُ
له كَعْبُ نَحْسٍ لم يُصاحِبْ به امْرءاً / على الدَّهْرِ إِلا رُدَّ وَهْوَ خَيالُ
فَفي كُلِّ عَصْر مِن عُصُور حَياتِهِ / تُثَلُّ عُرُوشٌ أَوْ تُدَكُّ جِبالُ
هُوَ الدَّاءُ فاسْتأَصِلْه تَلْبَسْ جَمالَها / وَداءُ كُعُوبِ المُنْحِسِينَ عُضالُ
وفِتْيةٍ كالنُّجُومِ حُسْناً
وفِتْيةٍ كالنُّجُومِ حُسْناً / كُلُّهُمُ شاعِرٌ نَبِيلُ
مُتَّقِدُ الجانِبَيْنِ ماضٍ / كأَنَّهُ الصّارِمُ الصّقِيلُ
راموا انْصِرافي عنِ المَعالي / والغَرْبُ مِن دُونِها فليلُ
فاشتَدَّ في إِثْرِها مِسَحٌّ / كُلُّ كَثِير بها قَلِيلُ
في مَجْلِسٍ شابَهُ التَّصابي / وطارَدَتْ وَصْفَه العُقُولُ
كأَنَّما بابُهُ أَسيرٌ / قد عَرَضَتْ وَسْطَه نُصُولُ
يُرادُ منه المَقال قَسراً / وهْو على ذاكَ لا يَقُولُ
يَنْظُرُ مِنْ لِبْدِهِ لَدَيْنَا / بَحْرُ دَمٍ تَحْتَه يَسِيلُ
كأَنَّ أَخفافَنا علَيْه / مَراكِبٌ ما لها دَلِيلُ
ضَلَّتْ فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ تَجْرِي / فَهْيَ على شطِّهِ تُقِيلُ
هل أَبْصَرَتْ عَيْناكَ يا خَلِيلي
هل أَبْصَرَتْ عَيْناكَ يا خَلِيلي / قَنَافِذاً تُباعُ في زَنْبِيلِ
من حَرْشَفٍ مُعْتَمدٍ جَلِيلِ / ذِي إِبَرٍ تَنفُذُ جِلْدَ الفِيلِ
كأَنَّها أَنْيَابُ بِنْتِ الغُولِ / لَوْ نُخسَتْ في استِ امرئ ثَقِيلِ
لَقَفَّزتْهُ نَحْوَ أَرْضِ النِّيلِ / لَيْسَتْ تُرى طَيَّ حَشا مِنْدِيلِ
نُقْلُ السّخِيفِ المائِنِ الجَهُولِ / وأَكْلُ قَوْمٍ بارِحِي العقُولِ
أُقْسِمُ لا أَطعَمْتُها أَكيلِي / ولا طَعِمْتُها على شَمُولِ
أَمِن رَسْمِ دارٍ بالعَقِيقِ مُحيلِ
أَمِن رَسْمِ دارٍ بالعَقِيقِ مُحيلِ /
وَلمّا هَبَطْنَا الغَيْثَ تُذْعَرُ وحْشُهُ / على كُلِّ خَوَّارِ العِنانِ أَسِيلِ
وَثارَتْ بَناتُ الأَعْوَجِيّاتِ بالضُّحَى / أَبابِيلَ مِن أَعْطَافِ غَيْرِ وَبِيلِ
مُسَوَّمةً نَعْتَدُّها مِن خِيارِها / لطَرْدِ قَنِيصٍ أَوْ لطَرْدِ رعِيلِ
إِذا ما تَغَنَّى الصَّحْبُ فَوْقَ مُتُونها / ضُحيّا أَجابَتْ نَحْتَهُمْ بصَهِيلِ
نَدُوسُ بها أَبْكارَ نَوْرٍ كأَنَّهُ / رِداءُ عَرُوسٍ أُوذِنَتْ بحَلِيلِ
رَمَيْنا بها عرْضَ الصُّوارِ فأَقْعَصَتْ / أَغَنَّ قَتَلْنَاهُ بغَيْرِ قَتِيلِ
وبادَرَ أَصْحابي النُّزُولَ فأَقَبَلَتْ / كَرادِيسُ من عَضِّ الشَّواءِ نَشِيلِ
نُمَسِّحُ بالجودان مِنه أَكُفَّنا / إِذا ما اقْتَنَصْنا منه غَيْرَ قَلِيلِ
فقُلْنا لساقِيها أَدِرْها سُلافةً / شَمُولاً ومِن عَيْنَيْكَ صِرْفَ شَمُولِ
فقامَ بكأسَيْهِ مُطيعاً لأَمْرِنا / يَمِيلُ به الإِدْلالُ كُلَّ ممِيلِ
وشَعْشَعَ راحَيْه فَمازالَ مائِلاً / برأَسٍ كَرِيمٍ منهُمُ وتَلِيلِ
إِلَى أَن ثَناهُمْ راكِدِينَ لِما احْتَسوا / خَلِيعِينَ مِن بَطْشٍ وفَضْلِ عُقُولِ
نَشاوَى على الزَّهْراءِ صَرْعَى كأَنَّهُمْ / أَساطِينُ قَصْرٍ أَوْ جُذُوعُ نَخِيلِ
أَبَرْقٌ بَدا أَمْ لَمْعُ أَبْيَضَ قاصِلِ
أَبَرْقٌ بَدا أَمْ لَمْعُ أَبْيَضَ قاصِلِ / ورَجْعُ صَدى أَمْ رَجْعُ أَشْقَرَ صَاهِلِ
أَلا إِنَّهَا حَرْبٌ جَنَيْتُ بِلَحظَةٍ / إِلى عُرُبٍ يَوْم الكَثِيبِ عَقَائِلِ
هَوى تَغْلِبِيٌّ غالَبَ القَلْبَ فانْطَوَى / على كَمَدٍ مِن لَوْعةِ القَلْبِ داخِلِ
رِدي تَعْلَمِي بالخَيْلِ مَا قَرَّبَ النَّوى / جِيَادَكِ بالثَّرْثَارِ يا ابْنَةَ وائِلِ
جَزَيْنَا بِيَوْمِ المَرْجِ آخَرَ مِثْلَهُ / وغُصْناً سَقَيْنا نَابَ أَسْمَرَ عاسِلِ
تَرَدَّدَ فيها البَرْقُ حتَّى حَسِبْتُهُ / يُشِيرُ إِلى نَجْمِ الرُّبَى بالأَنامِلِ
رُبىً نَسَجَتْ أَيْدي الغَمامِ لِلِبسِها / غَلائِلَ صُفْراً فَوْقَ بِيضِ غلائِلِ
سَهِرْتُ بها أَرْعَى النُّجُومَ وأَنجما / طَوالعَ للرّاعِينَ غَيْرَ أَوافِلِ
وقد فَغَرَتْ فاها بها كُلُّ زَهْرة / إِلى كُلِّ ضَرْعٍ للغَمَامةِ حافِلِ
وَمَرَّتْ جُيوشُ المزْنِ رَهْواً كأَنَّها / عَسَاكِرُ زَنْجٍ مُذْهَبَاتُ المناصِلِ
وحَلَّقَتِ الخَضْراءُ في غُرِّ شُهْبِها / كَلُجَّةِ بَحْرٍ كُلِّلَتْ باليَعالِلِ
تخالُ بها زُهْرَ الكَوَاكِبِ نَرْجِساً / على شَطِّ وادٍ للمَجَرّةِ سائِلِ
وتلْمَحُ مِن جَوزائِها في غُرُوبِها / تَساقُطَ عَرْشٍ واهِن الدَّعْمِ مائِلِ
وتَحْسَبُ صَقْراً واقِعاً دَبَرانَهَا / بعُشِّ الثُّرَيّا فَوْقَ حُمْرِ الحَوَاصِلِ
وبَدْرَ الدُّجَى فيها غَدِيراً وحَوْلَهُ / نُجُومٌ كطَلْعَاتِ الحَمَامِ النَّواهِلِ
كأَنَّ الدُّجَى هَمّي ودَمْعِي نُجُومُهُ / تَحَدَّرَ إِشْفَاقاً لدَهْرِ الأَراذِلِ
هَوَتْ أَنْجُمُ العَلْيَاءِ إِلا أَقلّهَا / وغِبْنَ بما يَحْظَى به كُلُّ عاقِلِ
وأَصْبَحْتُ في خَلْفٍ إذا ما لَمَحْتَهُم / تَبَيَّنْتَ أَنَّ الجَهْلَ إِحْدَى الفَضَائِلِ
وما طابَ في هَذِي البَرِيَّةِ آخرٌ / إِذا هُو لم يُنْجَدْ بطِيبِ الأَوائِلِ
أَرَى حُمُراً فَوْقَ الصَّواهِلِ جَمّةً / فأَبْكي بعَيْنِي ذُلَّ تِلْكَ الصَّواهِلِ
ورُبَّت كُتَّابٍ إِذا قِيل زَوِّرُوا / بَكَتْ مِنْ تَأَنِّيهِمْ صُدُورُ الرَّسائِلِ
ونَاقِلِ فِقْهٍ لم ير اللَّه قَلْبُهُ / يظُنّ بأَنَّ الدِّين حِفْظُ المسائِلِ
وحامِلِ رُمْحٍ راح فَوْقَ مضَائِهِ / بِه كاعِباً في الحيّ ذات مغَازِلِ
حُبوا بالمُنَى دُونِي وغُودِرْتُ دُونَهُمْ / أَرُودُ الأَمانِي في رِياضِ الأَباطِلِ
وما هِي إِلا هِمَّةٌ أَْشجعِيَّةٌ / ونَفْسٌ أَبتْ لِي مِن طلابِ الرَّذائِلِ
وفَهْمٍ لَوِ البِرْجِيس جِئْتُ بجدِّهِ / إِذاً لَتَلَقَّانِي بنَحْسِ المقَاتِلِ
وكَيْف ارْتِضَائِي دارةَ الجهْلِ منْزِلاً / إِذا كانَت الجوْزاءُ بعْض منَازِلي
وصبْرِي على محْضِ الأَذَى مِن أَسافِلٍ / ومجْدِي حُسامِي والسّيادةُ ذابِلي
ولمّا طَما بحْرُ البيانِ بفِكْرتِي / وأَغْرقَ قَرْنَ الشَّمْسِ بعْضُ جداوِلي
زَفَفْتُ إِلى خَيْرِ الورى كُلَّ حُرّةٍ / مِن المدْحِ لم تَخْمُلْ برعِي الخَمائِلِ
وما رمْتُهَا حتَّى حطَطْتُ رِحالَهَا / على ملك منهم أَغَرَّ حُلاحِلِ
وكِدْتُ لفَضْلِ القَوْلِ أَبْلُغُ ساكِتاً / وإِن ساءَ حُسّادِي مدى كُلِّ قائِلِ
أَنُوحُ على نَفْسِي وأَندبُ نُبْلَهَا
أَنُوحُ على نَفْسِي وأَندبُ نُبْلَهَا / إِذا أَنا في الضَّرَّاءِ أَزمعْتُ قتلَهَا
رضيتُ قضاءَ اللَّهِ في كُلِّ حالة / عليَّ وأَحكاماً تيقَّنْتُ عدلَهَا
أَظلُّ قَعيد الدّارِ تجنُبُني العصا / على ضَعْفِ ساقٍ أَوْهَن السُّقْمُ رِجلَهَا
وأَنْعى خسيساتِ ابْنِ آدم عاملاً / براحَةِ طِفْل أَحكم الضُّرُّ نَصْلَهَا
أَلا رُبَّ خَصمٍ قد كفيت وكُرْبةٍ / كشفْتُ ودارٍ كُنْتُ في المحْلِ وبلُهَا
ورُبَّ قَريضٍ كالجرِيضِ بعثْتهُ / إِلى خُطْبةٍ لا يُنْكِرُ الجمْعُ فَضْلَهَا
فمن مُبْلِغُ الفِتْيانِ أَنَّ أَخاهُمُ / أَخُو فَتكةٍ شَنْعَاءَ ما كانَ شكْلَهَا
علَيْكُمُ سلامٌ مِن فَتًى عضَّهُ الرَّدى / ولم ينْس عينْاً أَثْبتَتْ فيه نَبْلَهَا
يُبِينُ وكَفُّ الموْتِ يَخْلَعُ نَفْسه / وداخلُهَا حُبٌّ يهوِّنُ ثُكْلَها
يا سيِّداً أَرِجتْ طِيباً شمائِلُهُ
يا سيِّداً أَرِجتْ طِيباً شمائِلُهُ / وشاكَلَتْ شِعْرَهُ حُسْناً رَسَائِلُهُ
وسَائِلاً لِيَ عَمَّا لَيْسَ يَجْهَلُهُ / ولا الَّذِي كُلِّفَ التَّفْصِيلَ جاهِلُهُ
الوَرْدُ عَهْداً ونَشْراً صِنْوُ عهْدِكَ لا / تُنْسِي أَواخِرَهُ طِيباً أَوائِلُهُ
ووَصْلُه في كِلا الحالَيْنِ مُفْتَرَضٌ / سِيّانِ قاطِعُهُ جَهْلاً وواصِلُهُ
فالعُودُ يَخْفُقُ والمِزْمَارُ يَتْبَعُهُ / وهاجِرُ الرّاحِ قد هاجَتْ بَلابِلُهُ
تُخْبِرْ بِمِثْلِ الَّذِي أَنْتَ العَلِيمُ به / أَيَّامُنَا والصِّبَا تُعْصَى عواذِلُهُ