المجموع : 35
لي صديقٌ محْضُ النصيحة كالمر
لي صديقٌ محْضُ النصيحة كالمر / آه إذ لا تريك منها اختلالا
فَتُريكَ اليمينَ منك يميناً / بالمحاذاةِ والشمالَ شمالا
وساحبةٍ ليلاً من الشّعَرِ الجَثْلِ
وساحبةٍ ليلاً من الشّعَرِ الجَثْلِ / لها مَثَلٌ في الحسن جلّ عن المثلِ
تمجّ فتيتْ المسك منه أساودٌ / مُعَقْرَبَةٌ أَذنابُهُنَّ على النعلِ
تُديرُ الهوى مِن مُقْلَةٍ بابِلِيَّةٍ / لَها نَجَلٌ يغني الجفونَ عَنِ الكُحلِ
وتَمكُثُ بِينَ اللَّحظِ وَاللَّفظِ فِتنَةٌ / تحلّ عقالاً للتصابي عنِ العَقْلِ
وَما رَوضَةٌ يُهدي النسيمُ أَريجَها / مَحا عَن ثَراها القَطْرُ سَيِّئةَ المَحلِ
بِأَطيَبَ من فيها محادثَةً إِذا / حَلا النومُ عِندَ الفجرِ في الأَعيُنِ النجلِ
عَوِّلْ على العَزْمِ إنّ العزْمَ منقطعٌ
عَوِّلْ على العَزْمِ إنّ العزْمَ منقطعٌ / عنه الخمولُ وموصولٌ به الأمَلُ
لو لم تُسَلّ سيوفُ الهندِ ما ضُرِبَتْ / يومَ القراعِ بها الأجيادُ والقُلَلُ
وَغَيدَاءَ لا تَرضى بِلَثمِيَ خدّها
وَغَيدَاءَ لا تَرضى بِلَثمِيَ خدّها / إذا لم أُلاطفْ عِزّهَا بتذَلّلِ
لَها حُمرَةُ الياقوتِ في خَدِّ مخْجَلٍ / وَقَسوَته منها بِقَلبِ مُدَلّلِ
كَأنِّي أَرى هاروتَ مِنها مُصَوَّراً / على صورتي في كلِّ طرْفٍ مكحَّلِ
وذاتِ دلالٍ لا يزالُ مُسَلَّطاً
وذاتِ دلالٍ لا يزالُ مُسَلَّطاً / لها خُلُقٌ وَعرٌ على خُلُقْي السّهْلِ
لَها بِقَضيبِ البانِ نَهْضٌ يَزِينُها / مُعينٌ ونهضٌ خاذلٌ بِنَقا الرَّملِ
إِذا ما تَمادَتْ في الصُّدودِ وَلَم تملْ / إِلى الوَصلِ إِشفاقاً تَماديتُ في الوصلِ
وَقُلتُ لَعَلَّ الهجرَ يُعْقِبُ عَطْفَةً / فيا رُبّ خصبٍ جاء في عَقِبِ المحلِ
أَمَن حَرَّمتْ نَومي وَمَن سَفَكَتْ دَمي / وَمَن صَرَمَتْ حبلي ومن حَلَّلَت قتلي
بِمُقلَتِكِ النَّجلاءِ عَمداً قَتَلتِني / ولا قَوَدٌ في القتل بالأعيُنِ النجلِ
متى ينال لديكم ما يُؤمّلُهُ
متى ينال لديكم ما يُؤمّلُهُ / مُتيَّمٌ ذو تباريحٍ تُبَلبِلُهُ
ما ظَنَّ مَن قَبِلَ تَعذيبِ الهوى أسَدٌ / أَنَّ التَّدَلُّلَ من رئمٍ يُذَلّلُهُ
ولا درى أن سهم الخيف يقصدُهُ / حتَّى رَأَى ساحرَ الأَلحاظِ يُرْسِلُهُ
مُضنىً رَماهُ بِكَربٍ كُلُّ ذي فَرَحٍ / كَأَنَّما ناقِلٌ عَنهُ يُنَقِّلُهُ
فالطبّ يُسْقِمُهُ والماءُ يُعطشُهُ / والقربُ يبعدُهُ والصّوْنُ يَبذُلُهُ
ذاتُ لَفظٍ تَجني بِسَمعِكَ منه
ذاتُ لَفظٍ تَجني بِسَمعِكَ منه / زَهَراً في الرياضِ نَدّاهُ طَلُّ
لا يُمَلّ الحديثُ منها مُعَاداً / كانتشاقِ الهواء ليس يُمَلُّ
يَنطَوي جَفْنُها عَلى سَيفِ لَحظٍ / تُغْمَدُ المُرهَفاتُ حِينَ يُسَلُّ
كُلُّ عَتْبٍ سَمِعتَ مِنها وَمِنِّي / فهو منها دَلٌّ ومنّيَ ذُلُّ
أجمْلٌ على بُخْلِ الغواني وإجمالُ
أجمْلٌ على بُخْلِ الغواني وإجمالُ / تفاءلتُ باسمٍ لا يصحّ به الفالُ
وحَلّيْتُ نفسي بالأباطيلِ في الهوَى / ونفسٌ تُحَلّى بالأباطيل مِعْطالُ
وكنتُ كصادٍ خالَ رِيّاً بقفرةٍ / وقد غيضَ فيها الماءُ واطّرَد الآلُ
أيَشْكو بِحَرِّ الشوقِ مِنكَ الصّدى فَمٌ / وَماءُ المآقي فَوقَ خَدِّكَ هَطّالُ
وَتَغْرِسُ مِنكَ العينُ في القلبِ فتنةً / وَوَجْدٌ جَناها بِالضميرِ وبلبالُ
وَلا بُدَّ مِن أمنيَّةٍ تَخدَعُ الهوى / لِتُدْرَكَ منها بالتعلّلِ آمالُ
فَمَثِّلْ لِعَينَيكَ الكرى فَعَسى الكرى / يزورُكَ فيه من حَبيبِكِ تِمثالُ
وَسَلْ أَرَجَ الريحِ القبولَ لَعَلَّهُ / لِمعرِضَةٍ عَطْفٌ عَلَيكَ وَإِقبالُ
وَإِن لم تَفُزْ فوزَ المُحِبِّينَ بِالهَوى / فقد نِلْتَ من بَرْحِ الصّبابةِ ما نالوا
وليلٍ حكى للناظرين ظَلامُهُ / ظَليماً له من رَوْعَةِ الصبحِ إِجفالُ
كَأَنَّ لَهُ ثَوباً عَلى الأفقِ جَيبُه / وقد سُحِبَتْ مِنهُ على الأَرضِ أَذيالُ
عَجِبتُ لِطَودٍ مِن دُجاهُ تَهيلُهُ / لَطائفُ أَنفاسِ الصباحِ فَيَنهالُ
وقد نَشَرَتْ في جانبيه ليَ النّوى / قِفاراً طَواها بي طِمِرٌّ وَشملالُ
وَدونَ مَصُوناتِ المَها بَذلُ أَنفُسٍ / تُريكَ ولوعَ البيضِ فيهِنَّ أبطالُ
وَفي مُضمَرِ الظلماءِ كالِئُ ظَبيَةٍ / بِثَعلَبةٍ يُسقى بها المَوتَ رِئبالُ
فصيحٌ بأسماءِ الكماةِ مبارزاً / لِتُعْملَ فيها بالمهنَّدِ أَفعالُ
فيا بُعْدَ قُرْبٍ لم يبتْ فيه نافعاً / بسيرك بالبزلِ الرّواسمِ إيغالُ
وَيا بِأَبي مَن لَم يَزَلْ مِن حُلِيِّها / لَدى الغيدِ غَرثانانِ قَلبٌ وَخلخالُ
فَتاةٌ تداوي كلَّ حين بِصحَّتي / سقامَ جفونٍ ما لها منه إبلالُ
منعَّمةٌ سَكْرَى بصهباءِ ريقةٍ / لها في اللمى طعمٌ وفي الخدّ جريالُ
نَظرتُ إِلَيها نَظرَةً عَرَفَتْ بِها / إشارةَ لحظٍ بالصبابةِ عُذّالُ
فَقَالوا لَأدْمَى خَدَّها وَحْيُ طَرْفِهِ / فَقُلتُ لَعَمري فَتَّحَ الوردَ إِخجالُ
فَلَجُّوا وقَالوا جَنَّةٌ كَذَّبَتْ بِها / ظنونٌ ظنَنّاها ويا صِدْقَ ما قالوا
أَبِنتَ كريمِ الحيِّ هل من كرامةٍ / تُرَفّعُ مَخفوضاً بِهِ عِندكِ الحالُ
نَهَضتِ إِلى هَجْرِ الوصالِ نَشيطَةً / وَأَنتِ أَناةٌ في النواعِمِ مِكْسالُ
أَرى العِينَ مِن عَينَيكِ جانَسْنَ خِلْقةً / فَمِن أَجلِها حَوليكِ تَرتَعُ آجالُ
فَما لكِ عنّا تَنفُرينَ نِفَارَهَا / أَفي الخَلْقِ مِنَّا عِندَ شَكلِك إِشكالُ
متى نَتَلَقّى منكِ إنجازَ مَوْعِدٍ / وفِعلُكِ ذو بُخلٍ وقَولُكِ مِفضالُ
وفيكِ الرُّوَّاضِ إدلالُ صعبةٍ / ينالُ بها عزَّ امرئ القيس إذلالُ
ويُقْسمُ للتقبيلِ فوكِ مُصَدَّقاً / بِأَنَّ الَّتي تَحوي القَسيمَةَ مِتْفَالُ
وَلَو سُلَّ روحي مِن عُروقي لَرَدَّهُ / إِلَيَّ رُضابٌ مِن ثَناياكِ سِلسالُ
أَرى الوَقْفَ أضحى مِنكِ في الزندِ ثابِتاً / وَلَكِنْ وِشاحٌ منك في الخَصرِ جَوّالُ
وَأَنتِ كَعَذبِ الماءِ يُحْيي وَرُبَّما / غدا شَرَقٌ مِن شربه وهوَ قَتّالُ
أَيُؤمَن مِنك الحَتفُ وَالكَيدُ في الهَوى / وطرفُكِ مُغْتالٌ وعِطْفُك مُخْتالُ
حبيسٌ عليكِ العُجْبُ إذْ ما لبستِهِ / مِنَ الحُسْنِ نَعلاً عند غَيركِ سِربالُ
وَلابِسةٍ ظِلَّيْ دُجاها وَأَيْكِها / وللسجع منها في القلائد أَعمالُ
تَكَفّلَ في الوادي لها بنعيمها / رياضٌ كوَشيِ العبقريّ وأوشالُ
شَدَت فانثَنى رَقصاً بكلِّ سَميعةٍ / مِنَ الطيرِ مُهتزٌّ مِنَ القضب ميَّالُ
فهل علماءٌ في الشوادي مصيخةٌ / إليهنّ خُرْسٌ بالتّرنّم جُهّالُ
فورقاءُ لم تأرقْ بحزنٍ جفونُها / وبلبلةٌ لم يدرِ منها الأسى بالُ
وَأَذكَرتِني عَصْرَ الشبابِ الذي مضى / لِبرديَ فيه بالتَّنَعُّمِ إِسبالُ
ونضرةَ عيشٍ كان همّيَ جامداً / بِهِ حَيثُ تَبري في الزجاجَةِ سَيّالُ
وَدارٍ غَدَونا عَن حِماها وَلَم نَرُحْ / وَنَحنُ إِلَيها بِالعَزائِمِ قُفّالُ
بها كنتُ طفلاً في ترعرع شِرّتي / أُلاعبُ أيّام الصّبا وهي أطفالُ
كستني الخطوبُ السودُ بيضَ ذوائبٍ / ففي خلّتي منها لدى البيض إخلالُ
أبعد أنسياتِ الهوى أقطعُ الفلا / ويسنحُ لي منْ وحشها الجأبُ والرّالُ
وَمِن بَعدِ وَردٍ في مقيلي وَسَوْسَنٍ / أقيلُ ومشمومي بها الطّلْحُ والضالُ
أُخالفُ كُورَ الحرفِ من كلّ مهمهٍ / تَوَارَدَ فيه الماءَ أطْلَسُ عَسّالُ
له في حِجاجِ العين ناريّةٌ لها / إذا طُفِئَتْ ناريّةُ الشَّمسِ إِشعالُ
وَيَهديهِ هادٍ مِن دَلالَةِ مَعْطِسٍ / إلى ما عليه من ظلامِ الفلا خالُ
إِذا جاءَ في جنح الدجى نحو غيله / تَصَدّى له في القوس أسمَرُ مُغْتالُ
تطيرُ معَ الفولاذِ والعُودِ نحوَهُ / مِنَ الموتِ في الريشِ الخفائِفِ أثقالُ
وَلي عَزْمَةٌ لا يَطْبَعُ القَيْنُ مثلَها / وَلَو أَنَّهُ في الغمدِ لِلهامِ فَصّالُ
وَحَزمٌ يَبيتُ العَجزُ عَنهُ بمعزلٍ / ورأيٌ به في اللبس يُرْفَعُ إشكالُ
أُصَيِّرُ أَخفافَ النجيب مفاتحاً / لِهَمٍّ عليه للتنائف أقْفالُ
وَأَركَبُ إِذ لا أَرض إلّا غُطامِطٌ / مطيّةَ ماءٍ سَبْحُها فيه إرقالُ
حمامةَ أيْكٍ ما لها فوق غُصْنها / غِناءٌ له عند المعرِّيّ إِعوالُ
وأُقسمُ ما هوّمتُ إلّا وَزَارَني / عَلَى بُعْدِهِ الوادي الَّذي عِندَهُ الآلُ
بِأَرضٍ نَباتُ العزِّ فيها فَوارِسٌ / تَصولُ المنايا في الحروبِ إِذا صَالوا
تُظِلُّهمْ والرَوعُ يشوي أُوارهُ / ذوابلُ فيها للأسنّة ذُبّالُ
إذا أطفأ الدجنُ الكواكبَ أسرجوا / وجوهاً بها تُهْدَى المسالكَ ضُلّالُ
فَمِن كُلِّ قَرْمٍ في الندِيِّ هَديرُهُ / إِذا ما احتَبى قيلٌ مِنَ المجدِ أَو قالُ
شُجاعٌ يَصيدُ القِرْنَ حَتَّى كَأَنَّهُ / إِذا ما كَساهُ الرمحُ أحقبُ ذَيّالُ
وَمَوسومَةٌ بالبِيضِ وَالسمرِ هُلْهِلَتْ / عَلَيهِنَّ من نَسْجِ العجاجاتِ أجلالُ
فَقُرّحُهَا يوْمَ الوغى وَمِهَارُهَا / فوارسُها منهم ليوثٌ وأشبالُ
أَلا حَبّذا تِلكَ الدِّيارُ أواهلاً / ويا حبّذا منها رُسومٌ وأَطلالُ
وَيا حَبّذا مِنها تَنَسُّمُ نَفحَةٍ / تُؤَدّيهِ أَسحارٌ إِلَينا وَآصالُ
وَيا حَبّذا الأحياءُ مِنهُم وَحَبَّذا / مفاصلُ منهم في القبور وأوْصَالُ
وَيا حَبّذا ما بَينَهُمْ طولُ نَوْمَةٍ / تُنَبّهُني منها إلى الحشْرِ أهوالُ
ما صدّ عنّي بوجهِهِ ولَها
ما صدّ عنّي بوجهِهِ ولَها / إلا لأزدادَ في الهوى وَلهَا
رِئْمٌ إِذا ما تَغَزّزَتْ أُسُدٌ / عاجلَهَا دلُّهُ فَذَلَّلَها
راشَ بسحرٍ سهامَ مُقْلَتِهِ / بالحِمامِ المريجِ نَصّلَها
كَأَنَّما جَنَّةٌ بِوَجنَتِهِ / وَبِالعذار يكونُ جَدولها
كأنّما مَدّ هُدْبَ مُقْلَتِهِ / صَوناً لَها ظِلُّهُ فَظلّلها
كأنَّما انسابَ من ذَوائِبِهِ / سودُ أَفاعٍ عَلَيَّ أَرسَلَها
أَو دَبَّ بِالحسنِ فَوقَ عارِضِهِ / نَملٌ أَصابَ المدادُ أَرجُلَها
وَلَيلٌ كَأَنّي أَجتَلي مِن نُجومِهِ
وَلَيلٌ كَأَنّي أَجتَلي مِن نُجومِهِ / حريقَ ذُبالٍ أوْ بريقَ نصال
أشيمُ الثريّا فيه طالعةً كما / ثَنَيْتَ نظاماً فيه سَبْعُ لآل
وناطقةٍ بالرّاءِ سَجْعاً مُرَدَّداً
وناطقةٍ بالرّاءِ سَجْعاً مُرَدَّداً / كحُسْنِ خريرٍ من تكَسّرِ جَدْوَلِ
مُغَرّدةٍ في القُضْبِ تحسَبُ جيدَها / مقلَّدَ طوْقٍ بالجمانِ المُفَصَّلِ
إذا ما امّحى كُحلُ الدجى من جفونها / دَعَتْكَ إِلى كَأسِ الغَزالِ المُكَحَّلِ
مَلَأتُ لها كَفَّ الصبوحِ زُجاجةً / مُذَهِّبَةً بالرّاح فضّةَ أَنمُلِ
كَأَنَّ بَياضَ الصّبْحِ حُجَّةُ مُؤمنٍ / عَلَتْ من سوَادِ الليل حُجّةَ مبطلِ
كأنّ شعاعَ الشمسِ في الأفقِ إذ جلتْ / به صدأ الإظلام مِدْوَس صَيْقَلِ
أَدِمْ لَذّةً ما مَتّعَتكَ بساعةٍ / وما دمتَ عن عرق بِغَيرِ تَرَحُّلِ
فَما عيشَةُ الإِنسانِ صَفوٌ جميعُها / ولا آخرٌ من عمره نِدّ أوّلِ
وباكيةٍ بعيونِ الجراحِ
وباكيةٍ بعيونِ الجراحِ / إذا ضحكت عن ثغور الأسَل
لبستُ الغمامَ لها نَثْرَةً / وجرّدْتُ بارقها المشتعِل
قددتُ بها الدرعَ فوق الكميّ / كما شُقّ مَتْنُ غديرٍ غلَل
بأدهمَ يَسْقُطُ من ذِمْرِهِ / على عُمْرِ كلّ شجاعٍ أجَل
يَطير به حافرٌ رَيْثُهُ / شأى البرْقَ في خَطْفَةٍ عن عَجَل
فَمُبيضُّ عضبي بِمُسوَدِّهِ / وأحمرُه بنجيع القُلَل
ولو غُمِستْ فيه زُرْقُ العيون / لَعُوّضَ من زَرَقٍ بالكحَل
ولي عزمة لم تبعْ في السُّرَى / نشاط السّهادِ بنومِ الكسلْ
إذا ما قذفْتُ ظلاماً بها / تَفَرّتْ جوانبُهُ عن شُعَل
ويفتكُ بالمالِ للمعتفينَ / عطاءُ يمينيَ فَتْكَ البطل
وأسبقُ صوبَ الحيا بالنّدى / بكفّيْ جوادٍ وخدَّيْ خَجِل
إذا شمل القوْلُ حسنَ البديع / فأين المروّي من المرتجِل
ويْلي على مملوكةٍ مَلَكَتْ
ويْلي على مملوكةٍ مَلَكَتْ / رقّي بحُسْنِ مَقالها وَيْلي
غَيداءُ تَسحَبُ كُلَّما انعَطَفَتْ / مِنْ فرْعها ذيلاً على الذيلِ
وكأنّها شمسٌ على غُصُنٍ / مترنّحَ التقويمِ والميلِ
قالَتْ وَقَد عانَقتُها سَحَراً / لِمْ زُرْتَنا في آخِرِ الليلِ
فأجبتُها وغمرتُها قُبَلاً / هذا أوانُ إغارةِ الخيلِ
حتَّى إذا بَزَغَتْ شبِيهَتُها / كالتاجِ فوْقَ مفارقِ القيلِ
نزَعتْ كنزْع الروح من جسدي / عنّى قلادةَ ساعدٍ غَيْلِ
فنهضتُ أشرَقُ بالدموعِ كما / شَرِقَ الفضاء بكثرةِ السيلِ
مَلَّني مَن لا أمَلّهْ
مَلَّني مَن لا أمَلّهْ / وأذاب القلبَ دَلّهْ
رشأ ينفرُ خَوْفاً / كلَّما مَاشاهُ ظِلُّه
يا عليلَ الطرفِ جسمي / نظرة منك تُعِلّه
نيطَ في خَصْرِكَ رِدْفٌ / عَجَبي كيفَ تُقِلّهْ
يا غزالاً حَرّم ال / لَهُ دَمي وهو يُحلّه
إنّما الحسنُ مَحَلٌّ / لك أو أنت مَحلّه
بَعضهُ في أوجُهِ النّا / سِ وفي وجهِكَ كلّه
نَنامُ من الأيّامِ في غَرَضِ النَّبْلِ
نَنامُ من الأيّامِ في غَرَضِ النَّبْلِ / ونُغْذى بمُرّ الصّاب منها فنستحلي
وقد فَرَغَتْ للقَوْمِ في غَفَلاتهمْ / حتوفٌ بهم تُمسي وتُصبحُ في شُغْلِ
أَرى العالَمَ العلوِيَّ يَفْنى جَميعُهُ / إذا خَلَتِ الدُّنْيا مِنَ العالَمِ السفلي
ويبقى على ما كان من قبل خَلْقِهِ / إلهٌ هَدى أهلَ الضّلالةَ بالرُّسلِ
وَيَبْعَثُ مَنْ تحتَ التراب وفوقه / نشوراً إليه الفضل يا لك من فَضلِ
أَرى الموتَ في عيني تخيّلَ شَخْصُهُ / ولي عُمُرٌ في مثله يَتّقي مثلي
وكادتْ يدٌ منه تشدّ على يدي / ورجلٌ له بالقُرْبِ تمشْي على رجلي
وَفي مَدِّ أَنفاسي لَدَيَّ وجَزرِها / بقاءٌ لنفسٍ غَيرِ متُصّل الحبلِ
ثمانونَ عاماً عِشتُها وَوَجَدتُها / تهدّمُ ما تبني وتخفضُ مَنْ تُعلي
وإنّي لَحَيُّ القوْلِ في الأمل الَّذي / إذا رُمْتُهُ ألفيتُهُ مَيّتَ الفعْلِ
إِذا اللَّه لم يَمنَحكَ خَيراً مُنِعْتَهُ / على ما تعانيه من الحِذْقِ والنُّبلِ
فَيا سائلي عَن أَهلِ ذا العصرِ دعْهُمُ / فبالفَرْعِ منهم يُسْتَدَلّ على الأصْلِ
إذا خَلَلٌ في الحالِ منك وَجَدْتَهُ / فإيّاكَ والتعويلَ منهم على خِلِّ
تأمّلْتُ في عقلي وضعفي فقل إذا / سئلتَ رأيتُ الشيخ في عُمرُ الطفلِ
وَهَمٌّ له حِمْلٌ على الهَمِّ ثِقْلُهُ / فيا ليتَهُ مِنْهُ على كاهِلِ الكَهْلِ
رَجَعتُ إِلى ذِكرِ الحِمام فإنَّهُ / له زَمَنٌ ملآن بالغَدْرِ والخَتْلِ
وكَم لَقوَةٍ من قُلَّةِ النيقِ حَطّها / إلى حيثُ تُفْنيها الذبابَةُ بالأَكلِ
وقَسوَرةٍ أَفضى إِلى نَزعِ روحِهِ / وشقّ إليها بين أنيابه العُصْلِ
فَما لِلرّدى مِن مَنهَلٍ لا نُسِيغُهُ / وواردهُ يَغْنى عن العَلّ بالنّهلِ
فيا غرسةً للأجرِ كنتُ نقلتُها / إلى كَنَفَيْ صَوْني وألحَفتُها ظلِّي
وأنكحتُها من بعد صدقٍ حَمِدْتُهُ / كريماً فلم تَذْمُمْ مُعاشَرَةَ البعلِ
أتاني نعيٌّ عنكِ أذكى جوى الأسى / عليّ اشتعالَ النارِ في الحطبِ الجزلِ
وجاءكِ عنّي نعيُ حيّ فلم يُجِزْ / لك الكُحْلَ فيه ما لبستِ من الكحلِ
عَلى أَنّ أسْماعَ البلادِ تَسامَعَتْ / به وهو يجرْي بين ألْسِنَة السبُّلِ
فَنُحْتِ على حيٍّ أماتَ شبابَهُ / زمانُ مشيبٍ لا يُجدّدُ ما يُبْلي
فمتّ بما شاءَ الإلهُ ولم أمُتْ / لِيَكْتُبَ عمري من حياتي الذي يملي
وفارقت روحاً كان منكِ انْتزاعُهُ / أدقّ دبيباً في الجسومِ مِنَ النملِ
أَراني غَريباً قَد بَكيتُ غريبةً / كِلانا مشوقٌ للمَواطنِ والأهلِ
بكتني وظنّتْ أنّني متّ قبلها / فَعِشتُ وماتت وهيَ مَحزونَة قبلي
أقامتْ على موتي الذي قيل مأتماً / وأبكتْ عيونَ الناسِ بالطّلّ والوَبْلِ
وكُلٌّ على مِقدارِ حَسْرَتِهِ بَكى / عليّ ولاقَى ما اقتضاه مِنَ الشكلِ
أَساكِنَةَ القبرِ الَّذي ضُمَّ قُطْرُهُ / على البرِّ منها والديانة والفضلِ
أصابكِ حزنٌ من مُصَابيَ قاتلٌ / فهل أجلٌ لاقاكِ قد كان من أجلي
وخلّفْتِ في حِجْرِ الكآبةِ للبكا / بناتٍ لأمّ في مفارقةِ الشّمْلِ
يُرَيْنَ كأفْرَاخِ الحمامةِ صَادَها / أبُو ملحمٍ في وكرِهِ كَأَبي الشّبْلِ
بَكَتكِ قَوافي الشعرِ من غزر أدْمُعٍ / بُكاءَ الحَمامِ الوُرْقِ في قُضُبِ الأثْلِ
وكلّ مهاةٍ حَوْلَ قبركِ بالفلا / لما بين عينيها وعينيكِ من شكلِ
فَرَوَّى ضَريحاً من كفاحٍ عن الثرى / له وابلٌ بالخصب ما خُطّ بالمَحلِ
أَيا ربِّ إنَّ الخَلْقَ لا أرتجيهمُ / فكلّ ضعيف لا يُمِرّ ولا يُحلي
بحلمكَ تعفُو عن تَعَاظُمِ زَلّتي / وفضلك عن نقصي وحلمك عن جهلي
بِجُمْلٍ حَدا الغَيْرَانُ بُزْلَ جمائِلهْ
بِجُمْلٍ حَدا الغَيْرَانُ بُزْلَ جمائِلهْ / وأرْقصَ قامات القَنَا في قَنابِلِهْ
فلا عَصَفَتْ ريحُ الفراقِ الَّتي جرتْ / بها في خصمّ الجيش سُفْنُ رَواَحلِه
ودونَ مهاةِ الخدرِ إقدامُ خادرٍ / مبيد الشذا أظفارُهُ من معاقِلِه
حماليقُهُ حُمْرٌ كأنّ جفُونها / حُشِينَ بكحلٍ من نجيعِ عوِامِلِه
يقلّبُ أجفاناً وِراداً كأنّما / تَوَارَدَ يومَ الطعن مُشْرَعُ عامِلِه
وقالوا قِفوا كَي تَسمَعوا حَدوَ عيسِهم / بعاجلِ ما يُرْدي النفوس وآجِلِه
وَقَفْنَا نُرَامي بالهوَى مَقْتَلَ الهوَى / ونقْرأُ في الألحاظ وَحْيَ رسائِلِه
ونَرقبُ سِرْباً في الخدورِ عُقولنا / مبدّدةٌ للبين بين عقائِلِه
أَنيسُ الهوى لِلمَوْتِ حَوْلَيهِ وَحشَةٌ / فَأُسْدُ الشّرَى مَخذولَةٌ عَن خَواذِلِه
وَيَوْمَ صَلِينا فيه نارَ صبابةٍ / فَلا لَفَحَتْ إلّا وجوهَ أَصائِلِه
عَشِيَّةَ أبكى البَين مِن رَحمَةٍ لنا / بكاءَ قتيل الشوقْ في إِثرِ قاتِلِه
وفي صدفِ الأحداجِ مكنونُ لؤلؤٍ / تُكَفّ بأطرافِ الظُّبا كفُّ باذِلِه
طَمَى بِالمَنايا الحُمرِ لَجُّ سرابِهِ / فكم غائصٍ لهفان من دونِ ساحِلِه
فمَن لقتيلٍ بالقَتولِ وقد غدتْ / وسائلُهُ مصرومةً من وَسائلِه
ووقفةِ رودٍ بضّةِ الجسم غَضّةٍ / لتوديع صَبٍّ شاحبِ الجسمِ ناحِلِه
شَجٍ كانَ من قبلِ التفرّق يشتكي / نميمةَ واشيه وتأنيبَ عاذِلِه
وفي بُرْقُعِ الحسناءِ مقلةُ جؤذَرٍ / بها رُدّ كيدُ السحرِ في نَحرِ بابِلِه
ولو شامَ هاروتٌ وماروت طَرْفَهُ / لَما أَصبَحا إِلّا قَنيصيْ حبائِلِه
جَنَى غَيْرَ مُستَبِقٍ ثِمارَ قلوبنا / فَعِنَّابهنَّ الرطبُ مِلء أَنامِلِه
وأغلبُ ظنّي أنّ ما في وشاحهِ / كساهُ نحولاً حبُّ ما في خلاخِلِه
طَوَى ما طوى ذاك النجاءُ من الهوى / فيا مَنْ لقلبٍ مِن نجِيِّ بَلابِلِه
فَجادَ عَلَيهِم كُلُّ باكٍ ربابُهُ / ضَحوكُ المغاني عَن أَقاحي خَمائِلِه
إِذا انهَلَّ فيهِ الوَدقُ عايَنتُ مِنهُما / عطاءَ ابن عبّاد وراحةَ سائِلِه
همامٌ يموجُ البرّ كالبحر حوله / إذا رَفَعَ الرّاياتِْ فوقَ جحافِلِه
وقَلّبَ فيها الموْتُ في لحْظِهِ العدى / عيونَ ذبالٍ في لدان ذوابِلِه
تحملقُ أبصارُ الوَرَى عند ذِكرِهِ / لكيما تَرَى بدر العُلى في منازِلِه
إذاْ جارَ دهرٌ كان منه ملاذُنا / بِحِقْوَي أبيٍّ قيّمِ الملكِ عادِلِه
يصونُ الهدى منه إذا خاف ضَيْمَهُ / بحاميه من كيدِ الضّلالِ وكافِلِه
أخو عَزَماتٍ للهجوع مهاجرٌ / إذا هَجَعَتْ عينُ العُلى عن مواصِلِه
رقيقُ الحواشي أقعسُ العزّ ماجدٌ / كأنّ شَمُولاً رقرقتْ في شمائِلِه
شديدُ عراكِ البأس يَعْقِرُ قِرْنَهُ / إذا استطعم السرحانُ ما في جمائِلِه
وفي غيضةِ الخطيّ ليثٌ كأنما / عليه من الماذيّ لينُ غلائِلِه
تَوَرَّدُ في الأجيادِ صَفحَةُ سَيفِهِ / وتنهشُ في الأكباد حيّةُ عامِلِه
مقيمٌ بأرضِ الرّوْعِ حيثُ سماؤها / تمورُ عليه من مُثار قَسَاطِلِه
كأنّ مقامَ الحربِ أشهى ربوعِهِ / إليه وبيضُ الهند أدنى قبائِلِه
ومخضلّ أوراقِ الصفائح ضُرّجتْ / بكلّ دمٍ أنْدى نباتِ غوائِلِه
لُهامٌ عليه للعجاج غلائلٌ / لها طُرُزٌ من بارقات مناصِلِه
وتَحسَبُه بَحراً تلفُّ عَواصِفاً / أَواخرَه أرواحُهُ بِأَوائِلِه
يظلّلُهُ سِرْبٌ منَ الطيرِ مُلْحِمٌ / يروحُ بأرواحِ العدى في حواصِلِه
إذا ما رمى قُطْراً به عَزْمُهُ اغْتَدَتْ / أعاليهِ بالتدميرِ تَحتَ أَسافِلِه
إِلَيك زَجَرنا الفُلْكَ في كلّ زاخرٍ / معالُمنا مفقودةٌ في مجاهِلِه
مدافعةُ الأهوالِ مدفوعةٌ إلى / جنائبه تجري بها أو شمائِلِه
إلى مَلِكٍ في سيفِهِ وَبَنَانِهِ / جَهنّمُ شانيه وجنّةُ آمِلِه
وَمُعجِزِ آياتِ الندى ذي سَماحَةٍ / مُجانِسِ نَظمِ المكرُمات مقابِلِه
كريمٌ إذا هبّت رياحُ ارتياحه / جَرَتْ سُفُنُ الآمال في بحرِ سائِلِه
رفعنا عقيراتِ القوافي بِمَدْحِهِ / فأطْرَبْنَ أسْماعَ العُلى في محافِلِه
سلونيَ عنه واسْمعوا الصدق إنّني / أُحَدّثُ عن هِمّاتهِ وفواضِلِه
ولا تسألوني عن فرائض طَوْله / إذا غَمَرَ الدنيا ببعضِ نوافِلِه
فَأَنْدى بَني ماءِ السماءِ مُحَمَّدٌ / وهل طَلُّ معروفِ السماء كوابِلِه
ورْدُ الخدودِ ونرجسُ المُقَلِ
ورْدُ الخدودِ ونرجسُ المُقَلِ / عَدَلا بسامِعَتي عَنِ العَذَلِ
ومواردُ الرّشَفاتِ مُرْوِيَتي / حيثُ المياهُ مثيرةٌ غُلَلي
خَذَلَتْكَ باللّحَظاتِ خاذِلَةٌ / في الإجل ترْسل أسهم الأجَلِ
مِنْ مُقْلَةٍ نَقَلَتْك قهوتها / بالسُّكْرِ من خَبَلٍ إلى خَبَلِ
ولَقَلَّما يصحو امرؤ حكَمَت / فيهِ كُؤوسُ الأَعيُنِ النُّجُلِ
إنّي امرؤ ما زلتُ أنظمُ في / جيدِ الغزال قلائدَ الغزلِ
وجنيّةٍ ضَنّتْ على نظري / بِجنيّ وَرْدِ الوجنَةِ الخَضلِ
صَبَغَتْ غلالةَ خدّها بدمي / إن لم يكن فبِعَندَمِ الخجلِ
تعلو بعود أراكةٍ بَرَداً / غَسَلَتْ حَصَاهُ مدامعُ السَّبلِ
وتكفّ عن فَلَقٍ دُجى غَسَقٍ / بِمُضرَّجاتٍ من دَمِ البَطَلِ
وَكَأَنَّما خاضَتْ ذَوائِبُها / من جفنها في صِبْغةِ الكحلِ
يا هَذِهِ استَبقي على رَجُلٍ / أفحمتِهِ بالفاحمِ الرّجِلِ
لا تسأليهِ عن الهوَى وَسَلي / عنه إشارةَ دَمْعِهِ الهَطِلِ
عَطَفَتْ وقالتْ رُبَّ ذي أملٍ / ظفرتْ يداه بطائِلِ الأمَلِ
قِبَلي ديونٌ ما اعترفتُ بها / إلّا لِأَمنَحَ مُجْتَنى قُبَلي
واهاً لأيّامٍ سقُيتُ بها / كأسَ النعيمِ براحةِ الجذَلِ
لَم يَبقَ لي من طيبِهِنَّ سِوى / ما أَبقَتِ الأَحلامُ في المُقَلِ
ثُمَّ اعتَبَرتُ هدايةً زَمني / فإذا تَصَرّفُهُ عليَّ ولي
يا لائمي نَقّلْ ملامَكَ عنْ / نَدْبٍ وصيّرْهُ إلى وَكِلِ
أَعلى الزّماعِ تلومُ مُغترباً / يقري الرّحال غواربَ الإبِلِ
إِنِّي أُقيمُ صُدورَها لِسُرىً / يهدي كلاكِلَها إلى الكَلَلِ
وأروحُ عن وطني إذا دَمِيَتْ / بعدي مدامعُ دُمْيَةِ الكِلَلِ
والسيفُ لا يَفْري ضريبَتَهُ / حَتّى تُجَرِّدَهُ مِنَ الخِلَلِ
سَأُثيرُها مِنْ كُلِّ طاعِنَةٍ / صَدْرَ الفلاةِ بأذْرُعٍ فُتُلِ
فَإِذا بِلَغْنَ مُحَمَّداً أمِنَتْ / غَلَسَ البكور وروحة الأُصُلِ
وإلى ابن عَبّادٍ تَعَبّدها / رَمْلاً قَطَعْنَ مداهُ بالرّمَلِ
ترعَى الرسيمَ إلى الوجيفِ بنا / بَدَلاً من الحَوذانِ والنّفَلِ
صُوْرَ العيونِ إلى سَنَا مَلِكٍ / حيِّ السماحة ميِّتِ البَخَلِ
مَلِكٌ تقابلُ منه أُبَّهةً / تُغْضي العيونُ بها إلى القَبَلِ
فَتُزَرُّ لأمَتُهُ على أسَدٍ / وَتُلاثُ حَبْوَتُهُ على جَبَلِ
لو لم يَزُرْ مغناهُ ذو عَدَمٍ / ألقى نداهُ له على السّبُلِ
أو زاره في الحشر آثَرَهُ / كَرَماً عَلَيهِ بِصالِحِ العَمَلِ
أَحَسِبتَ أنَّ يَمينَهُ فَرَغَتْ / هِيَ للندى والبأسِ في شُغُلِ
أسَدٌ على الفُرْسانِ يَفْرِسُها / عندَ انقِراضِ الأمنِ بالوجَلِ
وكتيبةٍ شهباءَ رانيةٍ / تحتَ العجاج بأعْيُنِ الأسَلِ
جاءَتْ بِها الآسادُ تَزأَرُ في / غيل الصّوارِمِ والقنا الذّبُلِ
والطعنُ يلحقُ من سوابغِهِم / حَدَقَ الجرادِ بأعين الحَجَلِ
وكأنّ سُمْرَ الخطّ في شَرَقٍ / بالعلّ من دمهمْ وبالنّهَلِ
وَكَأَنَّما يَلحَسْنَ في غُدُرٍ / مُهَجَ الكماةِ بألسنِ الشُّعَلِ
خَطَبَتْ سيوفُك مِن سَراتِهِمُ / لِعُلاكَ فوق منابِرِ القُلَلِ
يا ماتِحاً بِرِشاءِ صَعْدَتِهِ / بين الأسنّةِ مُهْجَةَ البطلِ
رمحٌ يروقُ الطرفَ مُعْتَقَلاً / في كفِّ غيرك غيرَ مُعتقلِ
أيّ الملوك لك الفداءُ وقد / صَيّرْتَ جِلّتَها من الخَوَلِ
دامَتْ لَكَ الدنْيا وَدُمْتَ لها / وأقامَ سيفُكَ كلّ ذي مَيَلِ
أغُمْرَ الهوى كم ذا تُقَطّعُني عَذْلا
أغُمْرَ الهوى كم ذا تُقَطّعُني عَذْلا / قتلتُ الهوى علماً أتقتلني جهلا
أظنّك لم تُفْتَحْ عليك نواظِرٌ / إذا هي أعْطتْ صبوةً أخذَتْ عقلا
ولا عَرَضَتْ من بيضِهِنَّ سَوافِرٌ / عليكَ الخدودَ الحُمرَ والأعينَ النُّجلا
لم يصبِ منكَ القلبَ مَشْيُ جآذرٍ / يُنَزِّع فيه التّيهَ أقدامَها نَقْلا
ولم ترَ سِحْراً كالعيون تَخالُنا / بِزَعْمِكَ أحياءً ونحنُ بها قتْلى
ومن أعجبِ الأشياءِ أنَّ سُيوفَها / تَعودُ رِماحاً حَيثُ تَلحَظُ أَو نبلا
خَرَجتُ على حَدِّ القياسِ مَعَ الهوى / فقلْ مَن أمَرّ الكأسَ من بعد ما أحلى
ولمّا كَتبتُ الحبَّ في القلبِ وارتَقَى / إلى الطرْفِ ماءُ الشوقِ أنكَر ما أملى
وَبي كُلُّ غَيداءِ القَوامِ كأنّما / يُطَاولُ منها قدُّها شَعَراً جَثْلا
لَها بَلَهٌ بِالحبِّ تَحسَبُ جِدّهُ / إِذا هَزَّ أَعطافي بِنَشوَتِهِ هَزلا
إذا غرَستْ في مسمعِ الصّبِّ موْعِداً / جَنى بِيَدِ التسويفِ مِن غَرْسِها مَطْلا
وإن هي زارَتْ خلتَها مستعيرةً / لَها مِن خَطيبِ الحفلِ جَلسَتَه العَجْلى
أَرى البيضَ مِثلَ البيضِ تَقطعُ وَصْلَ مَن / يُقَطِّعُ في كفَّيهِ مِن غَيرِه وَصلا
فَلا تَأمَنَنْ مِنهنَّ إن كنتَ حازماً / ولا من هواها المرءَ خبلاً ولا ختلا
وساقٍ على ساقٍ يُصرِّفُ بيننا / بكأسٍ نَظَمْنا للسرور بها شَملا
كلؤلؤةٍ بيضاءَ في الكفِّ أقبلتْ / بياقوتةٍ حمراءَ مظهرةً حَمْلا
كأنّ وُثُوبَ السُّكْرِ فيها مُساورٌ / يدبّبُ منه في مفاصلها نملا
تَرَكْنا لها من جَوْرِها ما يُسيئُنَا / فمن مَزْجِهَا بالماءِ قارنَتِ العدلا
وعذراءَ كانت وردةً قبل مزجها / ومن بعده عَنّتْ لِمُبصرها شعلا
إذا واجهتْ كاساتُها الليلَ خلتَها / تهتّكُ من ظلمائه حُجُباً كُحْلا
وتحسبُها تجلو علينا عرائسا / وشاربُها يفتضّ منهُنَّ ما يُجلى
وجدنا نَعَمْ في الناس يُهجرُ قوْلُها / كأنّ على الأفواهِ من لفظها ثِقْلا
ولمّا اجتَواها كُلُّ حَيٍّ تَعَلَّقتْ / بلفظ ابن عبّادٍ فكان لها أهلا
جَوادٌ بما فَوقَ الغنى لَكَ والمُنى / فَهِمَّتُكَ العُلْيا لِهِمَّتِه سُفلى
تَرى الناسَ يَستَصحونَ مِن جودِ كَفِّهِ / إذا الوبلُ منه انهلّ واتّبعَ الوبلا
هِزَبرُ الوغى بالسيفِ والرمح مقدمٌ / له الضربةُ الفرغاءُ وَالطعنةُ النجلا
تنوءُ به غِرّاً حفيظةُ عَزْمِهِ / وترجَحُ أسبابُ الأناةِ بِهِ كَهلا
وحربٍ أذيقتْ في بنيها ببأسِه / مرارةَ كأسِ الثكل لا عَدِمتْ ثكلا
وَكانَتْ عيونُ الماءِ زُرْقاً فَأَصبَحتْ / بما مازَجَتْهُ من دمائهمُ شُهْلا
وما ولدتْ سودُ المنايا وَحُمْرُهَا / عَلى الكرهِ حَتَّى كانَ صارِمُكَ الفحلا
أقائدَها قبَّ الأياطلِ لم تَدَعْ / له عند أعداءٍ إغارتُها ذَحْلا
حمَيتَ حِمى الإِسلام إذ ذدتَ دونه / هِزَبراً ورشَّحْتَ الرشيدَ له شِبلا
لَئِن قلتُ فيه صحّ تأليفُ سُؤدَدٍ / فبارعُ نَقْلٍ من شمائِلِك استملى
أَلا حبَّذا العيدُ الَّذي عكفت به / على كفّك الأمواهُ تُمْطُرها قُبلا
ويا حبّذا دارٌ يدُ اللَّه مَسّحَتْ / عليها بتجديدِ البقاءِ فما تبلى
مُقَدَّسَةٌ لو أنّ موسى كليمَهُ / مَشَى قَدَماً في أرضها خَلَعَ النعلا
وما هيَ إِلّا خطةُ الملِكِ الّذي / يَحُطُّ لَدَيهِ كلُّ ذي أملٍ رَحْلا
إذا فتحت أبوابُها خلتَ أنَّها / تقولُ بترحيبٍ لداخلها أَهلا
وقَد نَقَلَتْ صُنّاعُها مِن صِفاتِهِ / إِلَيها أَفانيناً فَأَحسنَتِ النقلا
فَمِن صَدرِهِ رَحباً وَمِن وَجهِهِ سَناً / وَمِن صِيتِهِ فَرعاً وَمِن حِلمِه أَصلا
وأَعلتْ بها في رُتبَةِ الملك نادياً / وقلَّ لَهُ فَوْقَ السماكين أن يُعْلى
نسيتُ به إيوانَ كسرى لأنّه / أراني له مَوْلى من الفضلِ لا مثلا
كَأَنَّ سُلَيمانَ بنَ داودَ لم تُبِحْ / مخافتُه للجنّ في شَيْده مَهْلا
كأنّ عيونَ السحر نافذةٌ له / على كلّ بانٍ غايةً منه أو فضلا
فجاء مكانَ القول نبعثُ وَصْفَهُ / رقيقاً وأذنُ الدهر تَسمَعُهُ جذلى
تجوزُ له الأمواهُ بركةَ جدولٍ / تخالُ الصَّبا منه مُشطِّبةً نصلا
إذا اتّخَذَتْها الشمسُ مرآةَ وجْهِها / أحالت عليها من مداوسِها صَقْلا
تَرى الشمسَ فيه ليقةً تَستَمِدُّها / أكفٌّ أقامتْ من تصاويرها شكلا
لها حركاتٌ أودِعَتْ في سُكونِها / فما تَبِعَتْ في نقلهنّ يدٌ رِجلا
وقَد تُوِّجَ البهوُ البهيُّ بِقُبَّةٍ / فقلْ في عروسٍ في جلابيبها تُجلى
تجمعتِ الأضدادُ فيها مصانعاً / ولم أرَ خَلْقاً قبلها جَمَعَ الشّمْلا
وأغربُ ما أبصرتُ بعد مليكها / بها مُتْرَعٌ يعدي الشجاعةَ والبذلا
تنادمُ في غنّاءَ غنّتْ حَمَامُها / فَوارِسَ أغصانٍ ترجّحها حَمْلا
إذا شَرِبتْ وُدّ المؤيّد صيّرَتْ / خلائقَهُ راحاً ورؤيتَهُ نُقْلا
كَأَنَّ مها الأَحْداجِ حَلَّتْ سماءَها / وَإِن لَم تَكُن إِلّا حنياته بُزْلا
كَأَنَّ سِهاماً أرْسِلَتْ عن قِسِيِّها / فَما عَدِمَتْ عَينُ الحَسودِ بِها سَمْلا
وما شئتُ مما لو عُنيتُ بوَصْفِهِ / سلكتُ إليه كلّ قافيةٍ سبلا
فَتَحسَبُ ما في الأرضِ مِن حَيوانِها / رَقَى شَرَفاً فيه إلى الفلكِ الأعلى
ولمّا عَشينَا من توقّد نورها / تَخِذْنَا سناهُ من نواظرنا كُحْلا
فيا دارُ أغضى الدهرُ عنكِ وأكثرتْ / أُسودُكِ نَسلاً فيه يَختَتِلُ النّسلا
ونوبيّةٍ في الخَلْقِ منها خلائِقٌ
ونوبيّةٍ في الخَلْقِ منها خلائِقٌ / متى ما تَرقّ العينُ فيها تَسَهّلِ
إذا ما اسمُها ألقاهُ في السمع ذاكرٌ / رأى الطرفُ منه ما عناهْ بمقولِ
لها فخذا قَرْمٍ وأظلافُ قَرْهبٍ / وناظِرَنا رِئمٍ وهامةُ أَيّلِ
مُبَطَّنَةُ الأخلاقِ كبراً وعزّةً / فمهما تَجُدْ بالمشيِ في المشيِ تَبخلِ
وكم حَوْلها من سائسٍ حافظٍ لها / يُكرّمها عن خُطّةِ المتبذّلِ
ترى ظِلْفَ رِجْلٍ يَلتقي إن تنقّلَتْ / بظلفِ يدٍ منها عزيزِ التنقّلِ
كأنّ الخطوطَ البيضَ والصّفْرَ أشبهتْ / على جسمها ترصيعَ عاجٍ بِصَندلِ
ودائمةُ الإقْعاءِ في أصْلِ خَلْقها / إذا قابلتْ أدبارها عين مُقْبلِ
تَلفّتُ أحياناً بعينٍ كحيلةٍ / وجيدٍ على طول اللواءِ مظلّلِ
وعرفٍ دقيقِ الشّعْرِ تحسبُ نبتَهُ / إذا الرّيحُ هَزّتْهُ ذوائب سُنْبُلِ
تَنَفّسُ كبراً من يراعٍ مُثَقَّبٍ / فتعطي جَنوباً منه عن أخْدِ شمألِ
وتنفضُ رأساً في الزّمام كأنّما / تريكَ له في الجوّ نفضةَ أجْدَلِ
إذا طلع النطحُ اسجادتْ نطاحَهُ / برأسٍ له هادٍ على السُّحبِ مُعْتَلِ
وقرنين أوْفَتْ منهما كلّ عقدةٍ / كَرُمّانتي بابِ الخباءِ المُقَفَّلِ
إِذا قُمِّعا بِالتبرِ زَادَتْ تَعَزُّزاً / على كلّ خودٍ ذاتِ تاجٍ مُكلَّلِ
وَتَحسَبها من نَفسِها إِن تَبخترَتْ / تُزَفّ إلى بعلٍ عروساً وتَنجلي
وكم منشدٍ قولَ امرئِ القيسِ حَوْلها / أفاطمَ مهلاً بعضَ هذا التدلُّلِ
ومُعَطَّشاتٍ في سُعُورِ قُيونها
ومُعَطَّشاتٍ في سُعُورِ قُيونها / تُسْقى نجيعَ جماجمٍ وكواهِلِ
وَمِنَ البروقِ على الرؤوسِ لِوَقْعِها / رعدٌ يَصُوبُ منَ الدماءِ بِوابِلِ
وَكَأنَّ أَجنِحَةَ الفراشِ تَقَطّعتْ / منثورةً منهنّ فَوقَ جَداولِ
من كلّ أبيضَ راكِضٍ في غِمده / لجّ المنيّة مُعطبٌ بالساحِلِ
يَفري الضرائِبَ في حبائكِ سردِها / بمضاربٍ شهِدتْ وقائعَ وائلِ
وكأنّما قفْرٌ يطولُ بمتنِهِ / في رمله للنملِ إِثرَ أنامِلِ