المجموع : 36
جَعلَ العِتابَ إِلى الصُدودِ تَوَصُّلا
جَعلَ العِتابَ إِلى الصُدودِ تَوَصُّلا / ريمٌ رَمى فَأَصابَ مِنّي المَقتَلا
أَغراهُ بي واشٍ تَقَوَّلَ كاذِباً / فَأَطاعَهُ وَعَصيتُ فيهِ العُذَّلا
وَرَأى اِصطِباري عَن هَواهُ فَظَنَّهُ / مَلَلاً وَكانَ تقيةً وَتَجَمُّلا
هَيهاتَ أَن يَمحو هَواهُ الدَهرُ مِن / قَلبي وَلَو كانَت قَطيعَتُهُ قِلى
ما عَمَّهُ بِالحُسنِ عَنبَرُ خالِهِ / إِلّا لِيُصبِحَ بِالسَوادِ مجمَّلا
صافي أَديم الوَجهِ ما خَطَّت يَدا ال / أَيّامِ في خَدَّيهِ سَطراً مشكلا
كُلٌّ مُقِرٌّ بِالجَمالِ لَهُ فَما / يَحتاجُ حاكِمُ حسنه أَن يُسجلا
يَفتَرُّ عَن مِثلِ الأَقاحِ كَأَنَّما / عَلَّت مَنابِتُهُ رَحيقاً سَلسَلا
تَرِفٌ تخالُ بَنانَهُ في كَفِّهِ / قُضُبَ اللُجَينِ وَلا أَقولُ الإِسحِلا
ما أَرسَلَت قَوسُ الحَواجِبِ أَسهُماً / مِن لَحظِهِ إِلّا أَصابَت مَقتَلا
فَكَأَنَّ طرَّتَهُ وَضَوءَ جَبينِهِ / وَضَحُ الصَباحِ يَقِلُّ لَيلاً أَليَلا
عاطَيتُهُ صَهباءَ كَلَّلَ كَأسَها / حَبَبُ المِزاجِ بِلُؤلُؤٍ ما فُصِّلا
تَبدو بِكَفِّ مُديرِها أَنوارُها / فَتُعيدُ كافورَ الأَنامِلِ صَندَلا
في رَوضَةٍ بِالنَيربَينِ أَريضَةٍ / رَضَعَت أَفاويقَ السَحائِبِ حُفَّلا
أَنّى اِتَّجَهتَ رَأَيتَ ماءً سائِحاً / مُتَدَفِّقاً أَو يانِعاً مُتَهَدِّلا
فَكَأَنَّما أَطيارُها وَغُصونُها / نَغَمُ القِيانِ عَلى عَرائِسَ تُجتَلى
وَكَأَنَّما الجَوزاءُ أَلقَت زُهرَها / فيها وَأَرسَلَتِ المجرَّةُ جَدوَلا
وَيَمُرُّ مُعتَلُّ النَسيمِ بِرَوضِها / فَتَخالُ عَطّاراً يُحَرِّقُ مَندَلا
فَكَأَنَّها اِستَسقَت عَلى ظَمَأٍ نَدى / موسى فَأَرسَلَ عارِضاً مُتَهَلِّلا
وَلَرُبَّ لائِمَةٍ عَلَيَّ حَريصَةٍ / باتَت وَقَد جَمَعَت عَلَيَّ العُذَّلا
قالَت أَما تَخشى الزَمانَ وَصَرفَهُ / وَتُقِلُّ مِن إِتلافِ مالِك قُلتُ لا
أَأَخافُ مِن فَقرٍ وَجودِ الأَشرَفِ ال / سُلطانِ في الآفاقِ قَد مَلا المُلا
الواهِبِ الأَمصارَ مُحتَقراً لَها / إِن غَيرَهُ وَهب الهِجانَ البُزَّلا
ما زارَ مغناهُ فَقيرٌ سائِلٌ / فَيَعودُ حَتّى يُستَماحَ وَيُسأَلا
مَلكٌ غَدا جيدُ الزَمانِ بِجودِهِ / حالٍ وَلَولاهُ لكانَ مُعَطَّلا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي إِنعامُهُ / لَم يُبقِ في الدُنيا فَقيراً مُرمِلا
لَقَد اِتَّقَيتَ اللَهَ حَقَّ تُقاتِهِ / وَنَهَجتَ لِلنّاسِ الطَريقَ الأَمثَلا
وَعَدَلتَ حَتّى لَم تَجِد مُتَظَلِّماً / وَأَخَفتَ حَتّى صاحَبَ الذِئبَ الطَلا
وَرَفَعتَ لِلدينِ الحَنيفِ مَنارَهُ / فَعَلا وَكُنتَ بِنَصرِهِ مُتَكَفِّلا
لَولاكَ لانفَصَمَت عَرى الإِسلامِ في / مِصرٍ وَأُخمِل ذِكرهُ وَتَبَدَّلا
وَتَحَكَّمَت فيها الفرنجُ وَغادَرَت / أَعلاجُها مِحرابَ عَمروٍ هَيكَلا
حاشا لِدينٍ أَنتَ فيهِ مُظَفَّرٌ / أَن يُستَباحَ حِماهُ أَو أَن يُخذَلا
أَنتَ الَّذي أَجليتَ عَن حَلبَ العدى / وَحَميتَ بِالسُمرِ اللِدانِ الموصِلا
كَم مَوقِفٍ ضَنكٍ فَرَجتَ مَضيقَهُ / وَطَريقُهُ لِخَفائِهِ قَد أَشكَلا
كَم يَومِ هَولٍ قَد وَرَدتَ وَطَعمُهُ / مُرُّ المَذاقِ كَريه نارِ المُصطَلى
وَنَثَرتَ بِالبيضِ المُهَنَّدَةِ الطُلى / وَنَظَمتَ بِالسُمرِ المُثَقَّفَةِ الكُلى
فَاللَهُ يَخرقُ في بَقائِكَ عادَةَ الد / نيا وَيُعطيكَ البَقاءَ الأَطوَلا
لا تَعرِضَنَّ لِضيّقِ المُقَلِ
لا تَعرِضَنَّ لِضيّقِ المُقَلِ / فَتَبيتَ مِن أَمنٍ عَلى وَجَلِ
وَاترُك ظِباءَ التُركِ سانِحَةً / لا تَعتَرِض لِحَبائِلِ الأَجَلِ
فَمَتى يفيقُ وَقيذُ نافِذَةٍ / مَشحوذَةٍ بِالسِحرِ وَالكحَلِ
لا يُوَقِّعَنَّكَ عَذبُ ريقَتِها / أَنا مَن سُقيتُ السُمَّ في العَسَلِ
مِن كُلِّ مائِسَةٍ مُنَعَّمَةٍ / غَرثى الأَياطِلِ فَعمَةِ الكَفَلِ
خَطَرَت بِمِثلِ الرُمحِ مُعتَدِلٍ / وَرَنَت بِمِثلِ الصارِمِ الصَقِلِ
وَتَنَفَّسَت عَن عَنبَرٍ عَبقٍ / وَتَبَسَّمَت عَن واضِحٍ رَتِلِ
خَودٌ تَعَثَّرُ كُلَّما رَقَصَت / مِن شعرِها بِمُسَلسَلٍ رَجِلِ
بَيضاءُ تَنظُرُ مِن مُضَيَّقَةٍ / سَوداءَ تَهزَأُ مِن بَني ثُعَلِ
وَبَلِيَّتي مِن ضيقِ مُقلَتِها / إِن خيفَ فَتكُ الأَعيُنِ النُجُلِ
تَسعى بِصافيةٍ مُعَتَّقَةٍ / تَبدو لَنا في الكَأسِ كَالشُعَلِ
هَجَرَت بَلوذانا مُهاجِرَةً / وَتَنَصَّلَت مِن غلظَةِ الجَبَلِ
وَتَعتَّقَت في آبِلٍ حُقُباً / لَم تُمتَهَن مَزجاً وَلَم تُذَلِ
وَدَنَت كَأَنَّ شُعاعَها قَبسٌ / بادٍ وَإِن جَلَّت عَنِ المَثَلِ
في رَوضَةٍ عُنِيَ الرَبيعُ بِها / فَأَبانَ صنعَةَ عِلَّةِ العِلَلِ
وَكَأَنَّ آذاراً تَنَوَّقَ في / ما حاكَ مِن حُلَلٍ لَها وَحُلي
وَكَأَنَّما فَرَشَت بِساحَتِها / فُرُشَ الزُمُرُّدِ راحَةُ النَفَلِ
وَكَأَنَّ كَفَّ الجَوِّ مِن طَرَبٍ / نَثَرَت عَلَيها أَنجُمَ الحَمَلِ
شَقَّ الشَقيقُ بِها مَلابِسَهُ / حُزناً عَلى ديباجَةِ الأُصُلِ
فَكَأَنَّهُ قَلبٌ تَصَدَّعَ عَن / سَودائِهِ فَبَدَت مِنَ الخَلَلِ
خَطبَ الهَزارُ عَلى مَنابِرِها / فَاعجَب لِأَعجَمَ مُفصِحٍ غَزَلِ
وَدَعَت حَمائمُها مُرَجّعَةً / فَوَقَفتُ في شُغلٍ بِلا شُغُلِ
فَكَأَنَّ في أَغصانِها سَحَراً / ثاني الثَقيلِ وَمُطلَقَ الرَمَلِ
وَكَأَنَّما أَغصانُها طَرِبَت / فَتَأَوَّدَت كَالشارِبِ الثَمِلِ
جَرَّ النَسيمُ بِها مَطارِفَهُ / فَتَنَفَّسَت عَن عَنبَرٍ شَمِلِ
هَمَّ الأَقاحُ بِلَثمِ نَرجسِها / فَثَنى لَهُ ليتاً وَلَم يَطُلِ
وَتَنَظَّمَ المَنثورُ وَافتضحَ النَ / مامُ وَاِنقَبَضَت يَدُ الطَفَلِ
وَأَسالَ باناسٌ ذَوائِبَهُ / فَتَجَعَّدَت في ضَيِّقِ السُبُلِ
أَنّى اِتَّجَهتَ لَقيتَ مُنبَجِساً / مُتَدَفِّقاً في يانِعٍ خَضِلِ
فَكَأَنَّها اِستَسقَت فَباكرها / كَفُّ العَزيزِ بِمسبلٍ هَطِلِ
مَلِكٌ زَهَت أَيّامُ دَولَتِهِ ال / غَرّاءِ وَاِفتَخَرَت عَلى الدُوَلِ
يَغشى الوَغى وَالحَربُ قَد كَشَرَت / لِلمَوتِ عَن أَنيابِها العُصُلِ
وَالشَمسُ كَالعَذراءِ كاسِفَةٌ / مَحجوبَةٌ بِالنَقعِ في كِلَلِ
مَلِكٌ صَوارِمُهُ رَسائِلُهُ / إِنَّ الصَوارِمَ أَبلَغُ الرُسلِ
مَلِكٌ قَصَرتُ عَلى مَدائِحِهِ / شِعري وَعِندَ نَوالِهِ أَمَلي
لا أَبتَغي مِن غَيرِهِ نِعَماً / كَم عُفتُ مِن بِرٍّ تَعَرَّضَ لي
عَثَّرتَ خَلفَكَ كُلَّ ذي كَرَمٍ / يَجري وَراكَ وَأَنتَ في مَهَلِ
وَمَتى يَنالُ عُلاكَ مُجتَهِدٌ / هَيهاتَ أَينَ التُربُ مِن زُحَلِ
سَفَهاً بِحلمي إِن تَرَكتُ أَتِ / يَّ السَيلِ وَاِستَغنَيتُ بِالوَشَلِ
ريحَ الشَمالِ عَساكِ أَن تَتَحَمَّلي
ريحَ الشَمالِ عَساكِ أَن تَتَحَمَّلي / خِدَمي إِلى المَولى الإِمامِ الأَفضَلِ
وَقِفي بِواديهِ المُقَدَّسِ وَانظُري / نورَ الهُدى مُتَأَلِّقاً لا يَأتَلي
مِن دَوحَةٍ فَخرِيَّةٍ عُمَرِيَّةٍ / طابَت مَغارِسُ مَجدِها المُتَأَثِّلِ
مَكِيَّةِ الأَنسابِ زاكٍ أَصلُها / وَفُروعُها فَوقَ السِماكِ الأَعزَلِ
وَاِستَمطِري جَدوى يَدَيهِ فَطالَما / خَلَفَ الحَيا في كُلِّ عامٍ مُمحِلِ
نِعَمٌ سَحائِبُها تَعودُ كَما بَدَت / لا يُعرَفُ الوَسمِيُّ مِنها وَالوَلي
بَحرٌ تَصَدَّرَ لِلعُلومِ وَمَن رَأى / بَحراً تَصَدَّرَ قَبلَهُ في مَحفِلِ
وَمُشَمَّرٌ في اللَهِ يَسحَبُ لِلتُّقى / وَالدينِ سِربالَ العَفافِ المُسبَلِ
ماتَت بِهِ بِدَعٌ تَمادى عُمرُها / دَهراً وَكانَ ظَلامُها لا يَنجَلي
فَعَلا بِهِ الإِسلامُ أَرفَعَ هَضبةٍ / وَرَسا سِواهُ في الحَضيضِ الأَسفَلِ
غلِطَ اِمرُؤٌ بِأَبي عَلِيٍّ قاسَهُ / هَيهاتَ قَصَّرَ عَن مَداهُ أَبو عَلي
لَو أَنَّ رَسطاليسَ يَسمَعُ لَفظَةً / مِن لَفظِهِ لَعَرَتهُ هزةُ أَفكَلِ
وَلَحارَ بطليموسُ لَو لاقاهُ مِن / بُرهانِهِ في كُلِّ شَكلٍ مُشكِلِ
فَلَو اَنَّهُم جَمَعوا لَدَيهِ تَيَقَّنوا / أَنَّ الفَضيلَةَ لَم تَكُن لِلأَوَّلِ
وَبِهِ يَبيتُ الحلمُ مُعتَصِماً إِذا / هَزَّت رِياحُ الشَوقِ رُكني يَذبُلِ
يَعفو عَنِ الذَنبِ العَظيمِ تَكُرُّماً / وَيَجودُ مَسؤولاً وَإِن لَم يُسأَلِ
أَرضى الإِلهَ بِفِعلِهِ وَدِفاعِهِ / عَن دينِهِ وَأَقَرَّ عَينَ المُرسَلِ
يا أَيُّها المَولى الَّذي دَرَجاتُهُ / تَرنو إِلى فَلكِ الثَوابِتِ مِن علِ
ما مَنصِبٌ إِلّا وَقَدرُكَ فَوقَهُ / فَبِمَجدِكَ السامي يُهَنَّأُ ما تَلي
فَمَتى أَرادَ اللَهُ رِفعَةَ مَنصِبٍ / أَفضى إِلَيكَ فَنالَ أَشرَفَ مَنزِلِ
لا زالَ ربعُكَ لِلوُفودِ مَحَطَّةً / أَبَداً وُجودُكَ كَهفَ كُلِّ مُؤَمّلِ
حَنينٌ إِلى الأَوطانِ لَيسَ يَزولُ
حَنينٌ إِلى الأَوطانِ لَيسَ يَزولُ / وَقَلبٌ عَنِ الأَشواقِ لَيسَ يَحولُ
أَبيتُ وَأَسرابُ النُجومِ كَأَنَّها / قُفولٌ تَهادى إِثرَهُنَّ قُفولُ
أُراقِبُها في اللَيلِ مِن كُلِّ مَطلَعٍ / كَأَنّي بِرَعيِ السائِراتِ كَفيلُ
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ نَأى عَنهُ صُبحُهُ / فَلَيسَ لَهُ فَجرٌ إِلَيهِ يَؤولُ
أَما لِعُقودِ النجمِ فيهِ تَصَرُّمٌ / أَما لِخضابِ اللَيلِ فيهِ نُصولُ
كَأَنَّ الثُرَيّا غُرَّةٌ وَهوَ أَدهَمٌ / لَهُ مِن وَميضِ الشِعريينِ حَجولُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً / وَظِلُّكَ يا مَقرى عَلِيَّ ظَليلُ
وَهَل أَرَيني بَعدَما شَطَتِ النَوى / وَلي في رُبى رَوضٍ هُناكَ مَقيلُ
دِمَشقُ فَبي شَوقٌ إِلَيها مُبَرَّحٌ / وَإِن لَجَّ واشٍ أَو أَلَحَّ عَذولُ
دِيارٌ بِها الحَصباءُ دُرٌ وَتُربها / عَبيرٌ وَأَنفاسُ الشَمالِ شَمولُ
تَسَلسلَ فيها ماؤُها وَهوَ مُطلقٌ / وَصَحَّ نَسيمُ الرَوضِ وَهوَ عَليلُ
فَيا حَبَّذا الرَوضُ الَّذي دونَ عزَّتا / سُحَيراً إِذا هَبت عَلَيهِ قَبولُ
وَيا حَبَّذا الوادي إِذا ما تَدَفَّقَت / جَداوِلُ باناسٍ إِلَيهِ تَسيلُ
وَفي كَبِدي مِن قاسِيونَ حَزازَةٌ / تَزولُ رَواسيهِ وَلَيسَ تَزولُ
إِذا لاحَ بَرقٌ مِن سَنير تَدافَقَت / لِسُحبِ جُفوني في الخُدودِ سُيولُ
فَلِلَّهِ أَيّامي وَغُصنُ الصِبا بِها / وَريقٌ وَإِذ وَجهُ الزَمانِ صَقيلُ
هِيَ الغَرَضُ الأَقصى وَإِن لَم يَكُن بِها / صَديقٌ وَلَم يُصفِ الوِداد خَليلُ
وَكَم قائِلٍ في الأَرضِ لِلحُرِّ مَذهَبٌ / إِذا جارَ دَهرٌ وَاِستَحالَ مَلولُ
وَما نافِعي أَنَّ المِياهَ سَوائِحٌ / عِذابٌ وَلَم يُنقع بِهنَّ غَليلُ
فَقَدتُ الصِبا وَالأَهلَ وَالدارَ وَالهَوى / فَلِلَّهِ صَبري إِنَّهُ لَجَميلُ
وَوَاللَهِ ما فارَقتُها عِن مَلالَةٍ / سِوايَ عَنِ العَهدِ القَديمِ يَحولُ
وَلَكِن أَبَت أَن تَحمِلَ الضَيمَ هِمَّتي / وَنَفسٌ لَها فَوقَ السِماكِ حُلولُ
فَإِنَّ الفَتى يَلقى المَنايا مُكَرَّماً / وَيَكرَهُ طولَ العُمرِ وَهوَ ذَليلُ
تعافُ الوُرودَ الحائِماتُ مَع القَذى / وَلِلقَيظِ في أَكبادِهِنَّ صَليلُ
كَذلِكَ أَلقى اِبنُ الأَشَجِّ بِنَفسِهِ / وَلَم يَرضَ عمراً في الإِسارِ يَطولُ
سَأَلثُمُ إِن وافيتُها ذلِكَ الثَرى / وَهَيهاتَ حالَت دونَ ذاكَ حُؤولُ
وَمُلتَطِمُ الأَمواجِ جَونٌ كَأَنَّهُ / دُجى اللَيلِ نائي الشاطِئَينِ مَهولُ
يُعانِدُني صَرفُ الزَمانِ كَأَنَّما / عَلَيَّ لِأَحداثِ الزَمانِ ذُحولُ
عَلى أَنَّني وَالحَمدُ لِلَّهِ لَم أَزَل / أَصولُ عَلى أَحداثِهِ وَأَطولُ
أَيَعثُرُ بي دَهري عَلى ما يَسوءُني / وَلي في ذَرا المُلكِ العَزيزِ مَقيلُ
وَكَيفَ أَخافُ الفَقرَ أَو أُحرمُ الغِنى / وَرَأيُ ظَهيرِ الدينِ فِيَّ جَميلُ
مِنَ القَومِ أَمّا أَحنَفٌ فَمُسفَّهٌ / لَدَيهِم وَأَمّا حاتِمٌ فَبَخيلُ
فَتى المَجدِ أَما جارُهُ فَمُمَنَّعٌ / عَزيزٌ وَأَمّا ضدُّهُ فَذَليلُ
وَأَمّا عَطايا كَفِّهِ فَسَوابِغٌ / عِذابٌ وَأَمّا ظِلُّهُ فَظَليلُ
وَما حائِماتٌ تَمَّ في الصَيفِ ظَمؤُها
وَما حائِماتٌ تَمَّ في الصَيفِ ظَمؤُها / فَجاءَت وَلِلرَمضاءِ غَليُ المَراجِلِ
فَلَمّا رَأَينَ الماءَ عَذباً وَأَقبَلَت / عَلَيهِ رَأَينَ المَوتَ دونَ المَناهِلِ
فَعادَت وَلَم تَنقَع غَليلاً وَقَد طَوَت / حَشاها عَلى سمِّ الأَفاعي القَواتِلِ
بِأَكثَرَ مِن شَوقي إِلَيكَ وَلَوعَتي / عَلَيكَ وَإِن لَم أَحظَ مِنكَ بِطائِلِ
يا سَيِّدي وَأَخي لَقَد أَذكَرتَني
يا سَيِّدي وَأَخي لَقَد أَذكَرتَني / عَهدَ الصِبى وَوَعَظتَني وَنَصَحتَ لي
أَذكَرتَني وادي دِمَشقَ وَظِلَّهُ ال / ضافي عَلى صافي البَرودِ السَلسَلِ
وَوَصَفتَ لي زَمَنَ الرَبيعِ وَقَد بَدا / هرمُ الزَمانِ إِلى شَبابٍ مُقبِلِ
وَتَجاوَبَ الأَطيارِ فيهِ فَمُطرِبٌ / يُلهي الشَجِيَّ وَنائِحٌ يُشجي الخَلي
يُغني النَديمَ عَنِ القِيانِ غِناؤُها / فَالعَندَليبُ بِها رسيلُ البُلبُلِ
فَكَأَنَّها أَخَذَت عَن اِبنِ مقلّدٍ / قَولَ المُسَرَّجِ في الثَقيلِ الأَوَّلِ
وَمدامَةً مِن صَيدِنا يا نَشرُها / مِن عَنبَرٍ وَقَميصُها مِن صَندَلِ
مِسكِيَّةَ النَفحاتِ يَشرُفُ أَصلُها / عَن بابِلٍ وَيجلُّ عَن قُطرَبُّلِ
وَتَقولُ أَهلُ دِمَشقَ أَكرَمُ مَعشَرٍ / وَأَجَلُّهُم وَدِمَشقُ أَفضَلُ مَنزِلِ
وَصَدَقتَ إِنَّ دِمَشقَ جَنَّةُ هَذِهِ ال / دُنيا وَلكِنَّ الجَحيمَ أَلَذُّ لي
لا الحاكِمُ المصرِيُّ يَنفُذُ حُكمُهُ / فيها عَلَيَّ وَلا العَواني الموصِلي
هَيهاتَ أَن آوي دِمَشقَ وَمُلكُها / يُعزى إِلى غَيرِ المَليكِ الأَفضَلِ
وَمِنَ العَجائِبِ أَن يَقومَ بِها أَبو / بَكرٍ وَقَد عَلِمَ الوَصِيَّةَ في عَلي
مَهلاً أَبا حَسنٍ فَتِلكَ سَحابَةٌ / صَيفِيَّةٌ عَمّا قَليلٍ تَنجَلي
سامَحتُ كُتبَكَ في القَطيعَةِ عالماً
سامَحتُ كُتبَكَ في القَطيعَةِ عالماً / أَنَّ الصَحيفَةَ أَعوَزَت من حامِلِ
وَعَذَرتُ طَيفَكَ في الجَفاءِ لِأَنَّه / يَسري فَيُصبِحُ دونَنا بِمَراحِلِ
سَواءٌ عَلَينا نلتَ ما نلتَ مِن عُلاً
سَواءٌ عَلَينا نلتَ ما نلتَ مِن عُلاً / إِذا لَم تُنل أَو كُنتَ ما كُنتَ مِن قَبلُ
وَما نافِعي أَن يَبلُغَ العَرشَ صاحِبي / وَيَنحَطَّ قَدري في الثَرى مِثلَ ما يَعلو
وَقالوا غَدَت بَغدادُ خِلواً وَما بِها
وَقالوا غَدَت بَغدادُ خِلواً وَما بِها / جَميلٌ وَلا مَن يُرتَجى لِجَميلِ
وَكَيفَ اِستَجازوا قَولَ ذاكَ وَقَد حَوَت / أَخا الفَضلِ شَمسَ الدَولَةِ بن جَميلِ
ما لِلمُحِبِّ وَلِلعَواذِل
ما لِلمُحِبِّ وَلِلعَواذِل / لَو أَنَّهُم شُغِلوا بِشاغِل
ما أَنكَروا أَعَجيبَةٌ / أَن يُصبِحَ الهِندِيُّ قاتِل
وَأَهيَفَ كَم مِن مُبتَلىً فيهِ قَد بُلي
وَأَهيَفَ كَم مِن مُبتَلىً فيهِ قَد بُلي / لَهُ جُمَلٌ مِن حسنِهِ لَم تُفَصَّلِ
صَبَرتُ عَلَيهِ وَاِنتَظَرتُ زِيارَةً / وَقُلتُ الهَوى يَومانِ يَومٌ لَهُ وَلي
فَلَم تَكُ إِلّا مُدَّةٌ إِذ رَأَيتُهُ / وَعِزَّتُهُ قَد بُدِّلَت بِتَذَلُّلِ
وَأَصبَحَ مِثلَ الرَسمِ أَقوَت رُسومُهُ / لِما نَسَجَتها مِن جَنوبِ وَشَمأَلِ
فَقُلتُ لِقَلبي بَعدَ ذاكَ وَناظِري / قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ
وَصاحِب قالَ في مُعاتَبَتي
وَصاحِب قالَ في مُعاتَبَتي / وَظَنَّ أَنَّ المَلالَ مِن قِبَلي
قَلبُكَ قَد كانَ شافِعِي أَبَداً / يا مالِكي كَيفَ صِرتَ مُعتَزِلي
فَقُلتُ إِذ لَجَّ في مُعاتَبَتي / ظُلماً وَضاقَت عَن عُذرِهِ حِيَلي
خَدُّكَ ذا الأَشعَرِيُّ حَنَّفَني / فَقالَ مِن أَحمَدِ المَذاهِبِ لي
أَجِدكَ ما تَزالُ بِكَ الرَواحِل
أَجِدكَ ما تَزالُ بِكَ الرَواحِل / تَنَقَّلُ في الهَواجِرِ وَالهَواجِل
إِذا أَمسَيتَ في بَلَدٍ غَريباً / تَرومُ إِقامَةً أَصبَحتَ راحِل
كَأَنَّكَ في الزَمانِ اِسمٌ صَحيحٌ / جَرى فَتَحَكَّمَت فيهِ العَوامِل
مَزيدٌ في بَنيهِ كَواوِ عَمروٍ / وَمُلغى الحُكمِ فيهِ كَراءِ واصِل
وَحَقُّكَ أَن يُلازِمَكَ اِرتِفاعٌ / لِأَنَّكَ لِلنَّدى وَالجودِ فاعِل
لَو كُنتُ أُهدي لِمَولانا مَشاكِلَهُ
لَو كُنتُ أُهدي لِمَولانا مَشاكِلَهُ / لَكُنتُ أُهدي إِلَيهِ السَهلَ وَالجَبَلا
وَإِنَّما العَبدُ أَهدى كُنهَ قُدرَتِهِ / وَالنَملُ يُعذَرُ في القدرِ الَّذي حَمَلا
إِنَّ الجَهولَ إِذا تَصَدَّرَ بِالغِنى
إِنَّ الجَهولَ إِذا تَصَدَّرَ بِالغِنى / في مَجلِسٍ فَوقَ العَليمِ الفاضِلِ
فَهوَ المُؤَخَّرُ في المَحافِلِ كُلِّها / كَتَقَدُّمِ المَفعولِ فَوقَ الفاعِلِ
أَبو الفَضلِ وَاِبنُ الفَضلِ أَنتَ وَتُربُهُ
أَبو الفَضلِ وَاِبنُ الفَضلِ أَنتَ وَتُربُهُ / فَغَيرُ بَديعٍ أَن يَكونَ لَكَ الفَضلُ
أَتَتني أَياديكَ الَّتي لا أَعدُها / لِكَثرَتِها لا كُفرَ عِندي وَلا جَهلُ
وَلَكِنَّني أُنبيكَ عَنها بِطُرفَةٍ / تَروقُكَ ما وافى لَها قَبلَها مِثلُ
أَتاني خَروفٌ ما شَكَكتُ بِأَنَّهُ / حَليفُ هَوىً قَد شَفَّهُ الهَجرُ وَالعَذلُ
إِذا قامَ في شَمسِ الظَهيرَةِ خلتَهُ / خَيالاً سَرى في ظُلمَةٍ ما لَهُ ظِلُّ
فَناشَدتهُ ما تَشتَهي قالَ قَتَّةٌ / وَقاسَمتُهُ ما شَفَّهُ قالَ لي الأَكلُ
فَأَحضَرتُها خَضراءَ مَجّاجَةَ الثَرى / مُسَلَّمَةً ما حَصَّ أَوراقَها الفَتلُ
فَظَلَّ يُراعيها بِعَينٍ ضَعيفَةٍ / وَيُنشِدُها وَالدَمعُ في الخَدِّ مُنهَلُّ
أَتَت وَحِياضُ المَوتِ بَيني وَبَينَها / وَجادَت بِوَصلٍ حينَ لا يَنفَعُ الوَصلُ
فَدَيتُكَ قُل لِلشَريفِ الشَهابِ
فَدَيتُكَ قُل لِلشَريفِ الشَهابِ / وَإِن شاطَ غَيظاً فَلا تَحتَفِل
تُوالي الحَنابِلَةَ القائِلينَ / بِأَنَّ يَزيدَ إِمامَ عَدَل
وَتَزعُم أَنَّكَ مِن عِترَةِ ال / وَصِيِّ وَأَنتَ تُحِبُّ الجَمَل
قُم فَاِسقِنيها مِن سُلافٍ صانَها
قُم فَاِسقِنيها مِن سُلافٍ صانَها / عَصّارُها في الدَنِّ حَولاً كامِلا
خَمراً تَخالُ شُعاعَها في كَأسِها / بَرقاً تَأَلَّقَ أَو نُضاراً سائِلا
أَوَ ما تَرى الجَوزاءَ كَيفَ تَعَرَّضَت / وَالنَجمَ في أُفقِ المَغارِبِ آفِلا
وَالصُبحَ قَد فَضَحَ الدُجى فَكَأَنَّهُ / شَيبُ اِبنِ عُروَةَ حينَ يُضحي ناصِلا
تَجَنَّب عَنِ الكَهفِ لا تَأتِهِ
تَجَنَّب عَنِ الكَهفِ لا تَأتِهِ / وَإِن راقَ رَوشَنُهُ وَالعَلالي
فَثَمَّ مَصايِبُ لا تُتَّقى / لُزومُ الصَلاةِ وَقَصُّ السِبالِ
لَيلٌ بِأَوَّلِ يَومِ الحَشرِ مُتَّصِلُ
لَيلٌ بِأَوَّلِ يَومِ الحَشرِ مُتَّصِلُ / وَمُقلَةٌ أَبداً إِنسانُها خَضِلُ
وَهَل أُلامُ وَقَد لاقَيتُ داهِيَةً / يَنهَدُّ لَو حَمَلَتها بَعضها الجبُلُ
ثَوى المِصَكُّ الَّذي قَد كُنتُ آملُهُ / عَوناً وَخُيِّبَ فيهِ ذلِكَ الأَمَلُ
لا تَبعُدَن تُربَةٌ ضَمَّت شَمائِلَهُ / وَلا عَدا جانِبَيها العارِضُ الهَطِلُ
لَقَد حَوَت غَيرَ مِكسالٍ وَلا رَعِشٍ / إِن قَيَّدَ القُودَ مِن دونِ السُرى الكَسلُ
قَد كانَ إِن سابَقَتهُ الريحُ غادِرَها / كَأَنَّ أَخمَصَها بِالشَوكِ يَنتَعِلُ
لا عاجِزاً عِندَ حَملِ المُثقِلاتِ وَلا / يَمشي الهُوَينى كَما يَمشي الوَجى الوَجِلُ
مُكَمَّلُ الخَلقِ رَحبُ الصَدرِ مُنتَفِخُ ال / جَنبَينِ لا ضامِرٌ طاوٍ وَلا سَغِلُ
يَطوي عَلى ظَمَأٍ خمساً أَضالِعَهُ / في بيضةِ الصَيفِ وَالرَمضاءُ تَشتَعِلُ
وَيَقطَعُ المُقفِراتِ الموحِشاتِ إِذا / عَن قَطعِها كَلَّتِ المَهرِيَّةُ البُزُلُ
فَفي الأَباطِحِ هَيقٌ راعَهُ قَنَصٌ / وَفي الجِبالِ المُنيفاتِ الذُرى وَعِلُ
يُرَجّعُ النَهقَ مَقروناً وَيُطرِبُني / لَحناً كَما يُطرَبُ المَزمومُ وَالرَمَلُ
لَو كانَ يُفدى بِمالٍ ما ضَنَنتُ بِهِ / وَلَم تُصَن دونَهُ خَيلٌ وَلا خَوَلُ
لكِنَّها خُطَّةٌ لا بُدَّ يَبلُغُها / هَذا الوَرى كُلُّ مَخلوقٍ لَهُ أَجَلُ
وَإِنَّ لي بِنِظامِ الدينِ تَعزِيَةً / عَنهُ وَفي النَجبِ مِن أَبنائِهِ بَدَلُ