القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ عُنَيْن الكل
المجموع : 36
جَعلَ العِتابَ إِلى الصُدودِ تَوَصُّلا
جَعلَ العِتابَ إِلى الصُدودِ تَوَصُّلا / ريمٌ رَمى فَأَصابَ مِنّي المَقتَلا
أَغراهُ بي واشٍ تَقَوَّلَ كاذِباً / فَأَطاعَهُ وَعَصيتُ فيهِ العُذَّلا
وَرَأى اِصطِباري عَن هَواهُ فَظَنَّهُ / مَلَلاً وَكانَ تقيةً وَتَجَمُّلا
هَيهاتَ أَن يَمحو هَواهُ الدَهرُ مِن / قَلبي وَلَو كانَت قَطيعَتُهُ قِلى
ما عَمَّهُ بِالحُسنِ عَنبَرُ خالِهِ / إِلّا لِيُصبِحَ بِالسَوادِ مجمَّلا
صافي أَديم الوَجهِ ما خَطَّت يَدا ال / أَيّامِ في خَدَّيهِ سَطراً مشكلا
كُلٌّ مُقِرٌّ بِالجَمالِ لَهُ فَما / يَحتاجُ حاكِمُ حسنه أَن يُسجلا
يَفتَرُّ عَن مِثلِ الأَقاحِ كَأَنَّما / عَلَّت مَنابِتُهُ رَحيقاً سَلسَلا
تَرِفٌ تخالُ بَنانَهُ في كَفِّهِ / قُضُبَ اللُجَينِ وَلا أَقولُ الإِسحِلا
ما أَرسَلَت قَوسُ الحَواجِبِ أَسهُماً / مِن لَحظِهِ إِلّا أَصابَت مَقتَلا
فَكَأَنَّ طرَّتَهُ وَضَوءَ جَبينِهِ / وَضَحُ الصَباحِ يَقِلُّ لَيلاً أَليَلا
عاطَيتُهُ صَهباءَ كَلَّلَ كَأسَها / حَبَبُ المِزاجِ بِلُؤلُؤٍ ما فُصِّلا
تَبدو بِكَفِّ مُديرِها أَنوارُها / فَتُعيدُ كافورَ الأَنامِلِ صَندَلا
في رَوضَةٍ بِالنَيربَينِ أَريضَةٍ / رَضَعَت أَفاويقَ السَحائِبِ حُفَّلا
أَنّى اِتَّجَهتَ رَأَيتَ ماءً سائِحاً / مُتَدَفِّقاً أَو يانِعاً مُتَهَدِّلا
فَكَأَنَّما أَطيارُها وَغُصونُها / نَغَمُ القِيانِ عَلى عَرائِسَ تُجتَلى
وَكَأَنَّما الجَوزاءُ أَلقَت زُهرَها / فيها وَأَرسَلَتِ المجرَّةُ جَدوَلا
وَيَمُرُّ مُعتَلُّ النَسيمِ بِرَوضِها / فَتَخالُ عَطّاراً يُحَرِّقُ مَندَلا
فَكَأَنَّها اِستَسقَت عَلى ظَمَأٍ نَدى / موسى فَأَرسَلَ عارِضاً مُتَهَلِّلا
وَلَرُبَّ لائِمَةٍ عَلَيَّ حَريصَةٍ / باتَت وَقَد جَمَعَت عَلَيَّ العُذَّلا
قالَت أَما تَخشى الزَمانَ وَصَرفَهُ / وَتُقِلُّ مِن إِتلافِ مالِك قُلتُ لا
أَأَخافُ مِن فَقرٍ وَجودِ الأَشرَفِ ال / سُلطانِ في الآفاقِ قَد مَلا المُلا
الواهِبِ الأَمصارَ مُحتَقراً لَها / إِن غَيرَهُ وَهب الهِجانَ البُزَّلا
ما زارَ مغناهُ فَقيرٌ سائِلٌ / فَيَعودُ حَتّى يُستَماحَ وَيُسأَلا
مَلكٌ غَدا جيدُ الزَمانِ بِجودِهِ / حالٍ وَلَولاهُ لكانَ مُعَطَّلا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي إِنعامُهُ / لَم يُبقِ في الدُنيا فَقيراً مُرمِلا
لَقَد اِتَّقَيتَ اللَهَ حَقَّ تُقاتِهِ / وَنَهَجتَ لِلنّاسِ الطَريقَ الأَمثَلا
وَعَدَلتَ حَتّى لَم تَجِد مُتَظَلِّماً / وَأَخَفتَ حَتّى صاحَبَ الذِئبَ الطَلا
وَرَفَعتَ لِلدينِ الحَنيفِ مَنارَهُ / فَعَلا وَكُنتَ بِنَصرِهِ مُتَكَفِّلا
لَولاكَ لانفَصَمَت عَرى الإِسلامِ في / مِصرٍ وَأُخمِل ذِكرهُ وَتَبَدَّلا
وَتَحَكَّمَت فيها الفرنجُ وَغادَرَت / أَعلاجُها مِحرابَ عَمروٍ هَيكَلا
حاشا لِدينٍ أَنتَ فيهِ مُظَفَّرٌ / أَن يُستَباحَ حِماهُ أَو أَن يُخذَلا
أَنتَ الَّذي أَجليتَ عَن حَلبَ العدى / وَحَميتَ بِالسُمرِ اللِدانِ الموصِلا
كَم مَوقِفٍ ضَنكٍ فَرَجتَ مَضيقَهُ / وَطَريقُهُ لِخَفائِهِ قَد أَشكَلا
كَم يَومِ هَولٍ قَد وَرَدتَ وَطَعمُهُ / مُرُّ المَذاقِ كَريه نارِ المُصطَلى
وَنَثَرتَ بِالبيضِ المُهَنَّدَةِ الطُلى / وَنَظَمتَ بِالسُمرِ المُثَقَّفَةِ الكُلى
فَاللَهُ يَخرقُ في بَقائِكَ عادَةَ الد / نيا وَيُعطيكَ البَقاءَ الأَطوَلا
لا تَعرِضَنَّ لِضيّقِ المُقَلِ
لا تَعرِضَنَّ لِضيّقِ المُقَلِ / فَتَبيتَ مِن أَمنٍ عَلى وَجَلِ
وَاترُك ظِباءَ التُركِ سانِحَةً / لا تَعتَرِض لِحَبائِلِ الأَجَلِ
فَمَتى يفيقُ وَقيذُ نافِذَةٍ / مَشحوذَةٍ بِالسِحرِ وَالكحَلِ
لا يُوَقِّعَنَّكَ عَذبُ ريقَتِها / أَنا مَن سُقيتُ السُمَّ في العَسَلِ
مِن كُلِّ مائِسَةٍ مُنَعَّمَةٍ / غَرثى الأَياطِلِ فَعمَةِ الكَفَلِ
خَطَرَت بِمِثلِ الرُمحِ مُعتَدِلٍ / وَرَنَت بِمِثلِ الصارِمِ الصَقِلِ
وَتَنَفَّسَت عَن عَنبَرٍ عَبقٍ / وَتَبَسَّمَت عَن واضِحٍ رَتِلِ
خَودٌ تَعَثَّرُ كُلَّما رَقَصَت / مِن شعرِها بِمُسَلسَلٍ رَجِلِ
بَيضاءُ تَنظُرُ مِن مُضَيَّقَةٍ / سَوداءَ تَهزَأُ مِن بَني ثُعَلِ
وَبَلِيَّتي مِن ضيقِ مُقلَتِها / إِن خيفَ فَتكُ الأَعيُنِ النُجُلِ
تَسعى بِصافيةٍ مُعَتَّقَةٍ / تَبدو لَنا في الكَأسِ كَالشُعَلِ
هَجَرَت بَلوذانا مُهاجِرَةً / وَتَنَصَّلَت مِن غلظَةِ الجَبَلِ
وَتَعتَّقَت في آبِلٍ حُقُباً / لَم تُمتَهَن مَزجاً وَلَم تُذَلِ
وَدَنَت كَأَنَّ شُعاعَها قَبسٌ / بادٍ وَإِن جَلَّت عَنِ المَثَلِ
في رَوضَةٍ عُنِيَ الرَبيعُ بِها / فَأَبانَ صنعَةَ عِلَّةِ العِلَلِ
وَكَأَنَّ آذاراً تَنَوَّقَ في / ما حاكَ مِن حُلَلٍ لَها وَحُلي
وَكَأَنَّما فَرَشَت بِساحَتِها / فُرُشَ الزُمُرُّدِ راحَةُ النَفَلِ
وَكَأَنَّ كَفَّ الجَوِّ مِن طَرَبٍ / نَثَرَت عَلَيها أَنجُمَ الحَمَلِ
شَقَّ الشَقيقُ بِها مَلابِسَهُ / حُزناً عَلى ديباجَةِ الأُصُلِ
فَكَأَنَّهُ قَلبٌ تَصَدَّعَ عَن / سَودائِهِ فَبَدَت مِنَ الخَلَلِ
خَطبَ الهَزارُ عَلى مَنابِرِها / فَاعجَب لِأَعجَمَ مُفصِحٍ غَزَلِ
وَدَعَت حَمائمُها مُرَجّعَةً / فَوَقَفتُ في شُغلٍ بِلا شُغُلِ
فَكَأَنَّ في أَغصانِها سَحَراً / ثاني الثَقيلِ وَمُطلَقَ الرَمَلِ
وَكَأَنَّما أَغصانُها طَرِبَت / فَتَأَوَّدَت كَالشارِبِ الثَمِلِ
جَرَّ النَسيمُ بِها مَطارِفَهُ / فَتَنَفَّسَت عَن عَنبَرٍ شَمِلِ
هَمَّ الأَقاحُ بِلَثمِ نَرجسِها / فَثَنى لَهُ ليتاً وَلَم يَطُلِ
وَتَنَظَّمَ المَنثورُ وَافتضحَ النَ / مامُ وَاِنقَبَضَت يَدُ الطَفَلِ
وَأَسالَ باناسٌ ذَوائِبَهُ / فَتَجَعَّدَت في ضَيِّقِ السُبُلِ
أَنّى اِتَّجَهتَ لَقيتَ مُنبَجِساً / مُتَدَفِّقاً في يانِعٍ خَضِلِ
فَكَأَنَّها اِستَسقَت فَباكرها / كَفُّ العَزيزِ بِمسبلٍ هَطِلِ
مَلِكٌ زَهَت أَيّامُ دَولَتِهِ ال / غَرّاءِ وَاِفتَخَرَت عَلى الدُوَلِ
يَغشى الوَغى وَالحَربُ قَد كَشَرَت / لِلمَوتِ عَن أَنيابِها العُصُلِ
وَالشَمسُ كَالعَذراءِ كاسِفَةٌ / مَحجوبَةٌ بِالنَقعِ في كِلَلِ
مَلِكٌ صَوارِمُهُ رَسائِلُهُ / إِنَّ الصَوارِمَ أَبلَغُ الرُسلِ
مَلِكٌ قَصَرتُ عَلى مَدائِحِهِ / شِعري وَعِندَ نَوالِهِ أَمَلي
لا أَبتَغي مِن غَيرِهِ نِعَماً / كَم عُفتُ مِن بِرٍّ تَعَرَّضَ لي
عَثَّرتَ خَلفَكَ كُلَّ ذي كَرَمٍ / يَجري وَراكَ وَأَنتَ في مَهَلِ
وَمَتى يَنالُ عُلاكَ مُجتَهِدٌ / هَيهاتَ أَينَ التُربُ مِن زُحَلِ
سَفَهاً بِحلمي إِن تَرَكتُ أَتِ / يَّ السَيلِ وَاِستَغنَيتُ بِالوَشَلِ
ريحَ الشَمالِ عَساكِ أَن تَتَحَمَّلي
ريحَ الشَمالِ عَساكِ أَن تَتَحَمَّلي / خِدَمي إِلى المَولى الإِمامِ الأَفضَلِ
وَقِفي بِواديهِ المُقَدَّسِ وَانظُري / نورَ الهُدى مُتَأَلِّقاً لا يَأتَلي
مِن دَوحَةٍ فَخرِيَّةٍ عُمَرِيَّةٍ / طابَت مَغارِسُ مَجدِها المُتَأَثِّلِ
مَكِيَّةِ الأَنسابِ زاكٍ أَصلُها / وَفُروعُها فَوقَ السِماكِ الأَعزَلِ
وَاِستَمطِري جَدوى يَدَيهِ فَطالَما / خَلَفَ الحَيا في كُلِّ عامٍ مُمحِلِ
نِعَمٌ سَحائِبُها تَعودُ كَما بَدَت / لا يُعرَفُ الوَسمِيُّ مِنها وَالوَلي
بَحرٌ تَصَدَّرَ لِلعُلومِ وَمَن رَأى / بَحراً تَصَدَّرَ قَبلَهُ في مَحفِلِ
وَمُشَمَّرٌ في اللَهِ يَسحَبُ لِلتُّقى / وَالدينِ سِربالَ العَفافِ المُسبَلِ
ماتَت بِهِ بِدَعٌ تَمادى عُمرُها / دَهراً وَكانَ ظَلامُها لا يَنجَلي
فَعَلا بِهِ الإِسلامُ أَرفَعَ هَضبةٍ / وَرَسا سِواهُ في الحَضيضِ الأَسفَلِ
غلِطَ اِمرُؤٌ بِأَبي عَلِيٍّ قاسَهُ / هَيهاتَ قَصَّرَ عَن مَداهُ أَبو عَلي
لَو أَنَّ رَسطاليسَ يَسمَعُ لَفظَةً / مِن لَفظِهِ لَعَرَتهُ هزةُ أَفكَلِ
وَلَحارَ بطليموسُ لَو لاقاهُ مِن / بُرهانِهِ في كُلِّ شَكلٍ مُشكِلِ
فَلَو اَنَّهُم جَمَعوا لَدَيهِ تَيَقَّنوا / أَنَّ الفَضيلَةَ لَم تَكُن لِلأَوَّلِ
وَبِهِ يَبيتُ الحلمُ مُعتَصِماً إِذا / هَزَّت رِياحُ الشَوقِ رُكني يَذبُلِ
يَعفو عَنِ الذَنبِ العَظيمِ تَكُرُّماً / وَيَجودُ مَسؤولاً وَإِن لَم يُسأَلِ
أَرضى الإِلهَ بِفِعلِهِ وَدِفاعِهِ / عَن دينِهِ وَأَقَرَّ عَينَ المُرسَلِ
يا أَيُّها المَولى الَّذي دَرَجاتُهُ / تَرنو إِلى فَلكِ الثَوابِتِ مِن علِ
ما مَنصِبٌ إِلّا وَقَدرُكَ فَوقَهُ / فَبِمَجدِكَ السامي يُهَنَّأُ ما تَلي
فَمَتى أَرادَ اللَهُ رِفعَةَ مَنصِبٍ / أَفضى إِلَيكَ فَنالَ أَشرَفَ مَنزِلِ
لا زالَ ربعُكَ لِلوُفودِ مَحَطَّةً / أَبَداً وُجودُكَ كَهفَ كُلِّ مُؤَمّلِ
حَنينٌ إِلى الأَوطانِ لَيسَ يَزولُ
حَنينٌ إِلى الأَوطانِ لَيسَ يَزولُ / وَقَلبٌ عَنِ الأَشواقِ لَيسَ يَحولُ
أَبيتُ وَأَسرابُ النُجومِ كَأَنَّها / قُفولٌ تَهادى إِثرَهُنَّ قُفولُ
أُراقِبُها في اللَيلِ مِن كُلِّ مَطلَعٍ / كَأَنّي بِرَعيِ السائِراتِ كَفيلُ
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ نَأى عَنهُ صُبحُهُ / فَلَيسَ لَهُ فَجرٌ إِلَيهِ يَؤولُ
أَما لِعُقودِ النجمِ فيهِ تَصَرُّمٌ / أَما لِخضابِ اللَيلِ فيهِ نُصولُ
كَأَنَّ الثُرَيّا غُرَّةٌ وَهوَ أَدهَمٌ / لَهُ مِن وَميضِ الشِعريينِ حَجولُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً / وَظِلُّكَ يا مَقرى عَلِيَّ ظَليلُ
وَهَل أَرَيني بَعدَما شَطَتِ النَوى / وَلي في رُبى رَوضٍ هُناكَ مَقيلُ
دِمَشقُ فَبي شَوقٌ إِلَيها مُبَرَّحٌ / وَإِن لَجَّ واشٍ أَو أَلَحَّ عَذولُ
دِيارٌ بِها الحَصباءُ دُرٌ وَتُربها / عَبيرٌ وَأَنفاسُ الشَمالِ شَمولُ
تَسَلسلَ فيها ماؤُها وَهوَ مُطلقٌ / وَصَحَّ نَسيمُ الرَوضِ وَهوَ عَليلُ
فَيا حَبَّذا الرَوضُ الَّذي دونَ عزَّتا / سُحَيراً إِذا هَبت عَلَيهِ قَبولُ
وَيا حَبَّذا الوادي إِذا ما تَدَفَّقَت / جَداوِلُ باناسٍ إِلَيهِ تَسيلُ
وَفي كَبِدي مِن قاسِيونَ حَزازَةٌ / تَزولُ رَواسيهِ وَلَيسَ تَزولُ
إِذا لاحَ بَرقٌ مِن سَنير تَدافَقَت / لِسُحبِ جُفوني في الخُدودِ سُيولُ
فَلِلَّهِ أَيّامي وَغُصنُ الصِبا بِها / وَريقٌ وَإِذ وَجهُ الزَمانِ صَقيلُ
هِيَ الغَرَضُ الأَقصى وَإِن لَم يَكُن بِها / صَديقٌ وَلَم يُصفِ الوِداد خَليلُ
وَكَم قائِلٍ في الأَرضِ لِلحُرِّ مَذهَبٌ / إِذا جارَ دَهرٌ وَاِستَحالَ مَلولُ
وَما نافِعي أَنَّ المِياهَ سَوائِحٌ / عِذابٌ وَلَم يُنقع بِهنَّ غَليلُ
فَقَدتُ الصِبا وَالأَهلَ وَالدارَ وَالهَوى / فَلِلَّهِ صَبري إِنَّهُ لَجَميلُ
وَوَاللَهِ ما فارَقتُها عِن مَلالَةٍ / سِوايَ عَنِ العَهدِ القَديمِ يَحولُ
وَلَكِن أَبَت أَن تَحمِلَ الضَيمَ هِمَّتي / وَنَفسٌ لَها فَوقَ السِماكِ حُلولُ
فَإِنَّ الفَتى يَلقى المَنايا مُكَرَّماً / وَيَكرَهُ طولَ العُمرِ وَهوَ ذَليلُ
تعافُ الوُرودَ الحائِماتُ مَع القَذى / وَلِلقَيظِ في أَكبادِهِنَّ صَليلُ
كَذلِكَ أَلقى اِبنُ الأَشَجِّ بِنَفسِهِ / وَلَم يَرضَ عمراً في الإِسارِ يَطولُ
سَأَلثُمُ إِن وافيتُها ذلِكَ الثَرى / وَهَيهاتَ حالَت دونَ ذاكَ حُؤولُ
وَمُلتَطِمُ الأَمواجِ جَونٌ كَأَنَّهُ / دُجى اللَيلِ نائي الشاطِئَينِ مَهولُ
يُعانِدُني صَرفُ الزَمانِ كَأَنَّما / عَلَيَّ لِأَحداثِ الزَمانِ ذُحولُ
عَلى أَنَّني وَالحَمدُ لِلَّهِ لَم أَزَل / أَصولُ عَلى أَحداثِهِ وَأَطولُ
أَيَعثُرُ بي دَهري عَلى ما يَسوءُني / وَلي في ذَرا المُلكِ العَزيزِ مَقيلُ
وَكَيفَ أَخافُ الفَقرَ أَو أُحرمُ الغِنى / وَرَأيُ ظَهيرِ الدينِ فِيَّ جَميلُ
مِنَ القَومِ أَمّا أَحنَفٌ فَمُسفَّهٌ / لَدَيهِم وَأَمّا حاتِمٌ فَبَخيلُ
فَتى المَجدِ أَما جارُهُ فَمُمَنَّعٌ / عَزيزٌ وَأَمّا ضدُّهُ فَذَليلُ
وَأَمّا عَطايا كَفِّهِ فَسَوابِغٌ / عِذابٌ وَأَمّا ظِلُّهُ فَظَليلُ
وَما حائِماتٌ تَمَّ في الصَيفِ ظَمؤُها
وَما حائِماتٌ تَمَّ في الصَيفِ ظَمؤُها / فَجاءَت وَلِلرَمضاءِ غَليُ المَراجِلِ
فَلَمّا رَأَينَ الماءَ عَذباً وَأَقبَلَت / عَلَيهِ رَأَينَ المَوتَ دونَ المَناهِلِ
فَعادَت وَلَم تَنقَع غَليلاً وَقَد طَوَت / حَشاها عَلى سمِّ الأَفاعي القَواتِلِ
بِأَكثَرَ مِن شَوقي إِلَيكَ وَلَوعَتي / عَلَيكَ وَإِن لَم أَحظَ مِنكَ بِطائِلِ
يا سَيِّدي وَأَخي لَقَد أَذكَرتَني
يا سَيِّدي وَأَخي لَقَد أَذكَرتَني / عَهدَ الصِبى وَوَعَظتَني وَنَصَحتَ لي
أَذكَرتَني وادي دِمَشقَ وَظِلَّهُ ال / ضافي عَلى صافي البَرودِ السَلسَلِ
وَوَصَفتَ لي زَمَنَ الرَبيعِ وَقَد بَدا / هرمُ الزَمانِ إِلى شَبابٍ مُقبِلِ
وَتَجاوَبَ الأَطيارِ فيهِ فَمُطرِبٌ / يُلهي الشَجِيَّ وَنائِحٌ يُشجي الخَلي
يُغني النَديمَ عَنِ القِيانِ غِناؤُها / فَالعَندَليبُ بِها رسيلُ البُلبُلِ
فَكَأَنَّها أَخَذَت عَن اِبنِ مقلّدٍ / قَولَ المُسَرَّجِ في الثَقيلِ الأَوَّلِ
وَمدامَةً مِن صَيدِنا يا نَشرُها / مِن عَنبَرٍ وَقَميصُها مِن صَندَلِ
مِسكِيَّةَ النَفحاتِ يَشرُفُ أَصلُها / عَن بابِلٍ وَيجلُّ عَن قُطرَبُّلِ
وَتَقولُ أَهلُ دِمَشقَ أَكرَمُ مَعشَرٍ / وَأَجَلُّهُم وَدِمَشقُ أَفضَلُ مَنزِلِ
وَصَدَقتَ إِنَّ دِمَشقَ جَنَّةُ هَذِهِ ال / دُنيا وَلكِنَّ الجَحيمَ أَلَذُّ لي
لا الحاكِمُ المصرِيُّ يَنفُذُ حُكمُهُ / فيها عَلَيَّ وَلا العَواني الموصِلي
هَيهاتَ أَن آوي دِمَشقَ وَمُلكُها / يُعزى إِلى غَيرِ المَليكِ الأَفضَلِ
وَمِنَ العَجائِبِ أَن يَقومَ بِها أَبو / بَكرٍ وَقَد عَلِمَ الوَصِيَّةَ في عَلي
مَهلاً أَبا حَسنٍ فَتِلكَ سَحابَةٌ / صَيفِيَّةٌ عَمّا قَليلٍ تَنجَلي
سامَحتُ كُتبَكَ في القَطيعَةِ عالماً
سامَحتُ كُتبَكَ في القَطيعَةِ عالماً / أَنَّ الصَحيفَةَ أَعوَزَت من حامِلِ
وَعَذَرتُ طَيفَكَ في الجَفاءِ لِأَنَّه / يَسري فَيُصبِحُ دونَنا بِمَراحِلِ
سَواءٌ عَلَينا نلتَ ما نلتَ مِن عُلاً
سَواءٌ عَلَينا نلتَ ما نلتَ مِن عُلاً / إِذا لَم تُنل أَو كُنتَ ما كُنتَ مِن قَبلُ
وَما نافِعي أَن يَبلُغَ العَرشَ صاحِبي / وَيَنحَطَّ قَدري في الثَرى مِثلَ ما يَعلو
وَقالوا غَدَت بَغدادُ خِلواً وَما بِها
وَقالوا غَدَت بَغدادُ خِلواً وَما بِها / جَميلٌ وَلا مَن يُرتَجى لِجَميلِ
وَكَيفَ اِستَجازوا قَولَ ذاكَ وَقَد حَوَت / أَخا الفَضلِ شَمسَ الدَولَةِ بن جَميلِ
ما لِلمُحِبِّ وَلِلعَواذِل
ما لِلمُحِبِّ وَلِلعَواذِل / لَو أَنَّهُم شُغِلوا بِشاغِل
ما أَنكَروا أَعَجيبَةٌ / أَن يُصبِحَ الهِندِيُّ قاتِل
وَأَهيَفَ كَم مِن مُبتَلىً فيهِ قَد بُلي
وَأَهيَفَ كَم مِن مُبتَلىً فيهِ قَد بُلي / لَهُ جُمَلٌ مِن حسنِهِ لَم تُفَصَّلِ
صَبَرتُ عَلَيهِ وَاِنتَظَرتُ زِيارَةً / وَقُلتُ الهَوى يَومانِ يَومٌ لَهُ وَلي
فَلَم تَكُ إِلّا مُدَّةٌ إِذ رَأَيتُهُ / وَعِزَّتُهُ قَد بُدِّلَت بِتَذَلُّلِ
وَأَصبَحَ مِثلَ الرَسمِ أَقوَت رُسومُهُ / لِما نَسَجَتها مِن جَنوبِ وَشَمأَلِ
فَقُلتُ لِقَلبي بَعدَ ذاكَ وَناظِري / قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ
وَصاحِب قالَ في مُعاتَبَتي
وَصاحِب قالَ في مُعاتَبَتي / وَظَنَّ أَنَّ المَلالَ مِن قِبَلي
قَلبُكَ قَد كانَ شافِعِي أَبَداً / يا مالِكي كَيفَ صِرتَ مُعتَزِلي
فَقُلتُ إِذ لَجَّ في مُعاتَبَتي / ظُلماً وَضاقَت عَن عُذرِهِ حِيَلي
خَدُّكَ ذا الأَشعَرِيُّ حَنَّفَني / فَقالَ مِن أَحمَدِ المَذاهِبِ لي
أَجِدكَ ما تَزالُ بِكَ الرَواحِل
أَجِدكَ ما تَزالُ بِكَ الرَواحِل / تَنَقَّلُ في الهَواجِرِ وَالهَواجِل
إِذا أَمسَيتَ في بَلَدٍ غَريباً / تَرومُ إِقامَةً أَصبَحتَ راحِل
كَأَنَّكَ في الزَمانِ اِسمٌ صَحيحٌ / جَرى فَتَحَكَّمَت فيهِ العَوامِل
مَزيدٌ في بَنيهِ كَواوِ عَمروٍ / وَمُلغى الحُكمِ فيهِ كَراءِ واصِل
وَحَقُّكَ أَن يُلازِمَكَ اِرتِفاعٌ / لِأَنَّكَ لِلنَّدى وَالجودِ فاعِل
لَو كُنتُ أُهدي لِمَولانا مَشاكِلَهُ
لَو كُنتُ أُهدي لِمَولانا مَشاكِلَهُ / لَكُنتُ أُهدي إِلَيهِ السَهلَ وَالجَبَلا
وَإِنَّما العَبدُ أَهدى كُنهَ قُدرَتِهِ / وَالنَملُ يُعذَرُ في القدرِ الَّذي حَمَلا
إِنَّ الجَهولَ إِذا تَصَدَّرَ بِالغِنى
إِنَّ الجَهولَ إِذا تَصَدَّرَ بِالغِنى / في مَجلِسٍ فَوقَ العَليمِ الفاضِلِ
فَهوَ المُؤَخَّرُ في المَحافِلِ كُلِّها / كَتَقَدُّمِ المَفعولِ فَوقَ الفاعِلِ
أَبو الفَضلِ وَاِبنُ الفَضلِ أَنتَ وَتُربُهُ
أَبو الفَضلِ وَاِبنُ الفَضلِ أَنتَ وَتُربُهُ / فَغَيرُ بَديعٍ أَن يَكونَ لَكَ الفَضلُ
أَتَتني أَياديكَ الَّتي لا أَعدُها / لِكَثرَتِها لا كُفرَ عِندي وَلا جَهلُ
وَلَكِنَّني أُنبيكَ عَنها بِطُرفَةٍ / تَروقُكَ ما وافى لَها قَبلَها مِثلُ
أَتاني خَروفٌ ما شَكَكتُ بِأَنَّهُ / حَليفُ هَوىً قَد شَفَّهُ الهَجرُ وَالعَذلُ
إِذا قامَ في شَمسِ الظَهيرَةِ خلتَهُ / خَيالاً سَرى في ظُلمَةٍ ما لَهُ ظِلُّ
فَناشَدتهُ ما تَشتَهي قالَ قَتَّةٌ / وَقاسَمتُهُ ما شَفَّهُ قالَ لي الأَكلُ
فَأَحضَرتُها خَضراءَ مَجّاجَةَ الثَرى / مُسَلَّمَةً ما حَصَّ أَوراقَها الفَتلُ
فَظَلَّ يُراعيها بِعَينٍ ضَعيفَةٍ / وَيُنشِدُها وَالدَمعُ في الخَدِّ مُنهَلُّ
أَتَت وَحِياضُ المَوتِ بَيني وَبَينَها / وَجادَت بِوَصلٍ حينَ لا يَنفَعُ الوَصلُ
فَدَيتُكَ قُل لِلشَريفِ الشَهابِ
فَدَيتُكَ قُل لِلشَريفِ الشَهابِ / وَإِن شاطَ غَيظاً فَلا تَحتَفِل
تُوالي الحَنابِلَةَ القائِلينَ / بِأَنَّ يَزيدَ إِمامَ عَدَل
وَتَزعُم أَنَّكَ مِن عِترَةِ ال / وَصِيِّ وَأَنتَ تُحِبُّ الجَمَل
قُم فَاِسقِنيها مِن سُلافٍ صانَها
قُم فَاِسقِنيها مِن سُلافٍ صانَها / عَصّارُها في الدَنِّ حَولاً كامِلا
خَمراً تَخالُ شُعاعَها في كَأسِها / بَرقاً تَأَلَّقَ أَو نُضاراً سائِلا
أَوَ ما تَرى الجَوزاءَ كَيفَ تَعَرَّضَت / وَالنَجمَ في أُفقِ المَغارِبِ آفِلا
وَالصُبحَ قَد فَضَحَ الدُجى فَكَأَنَّهُ / شَيبُ اِبنِ عُروَةَ حينَ يُضحي ناصِلا
تَجَنَّب عَنِ الكَهفِ لا تَأتِهِ
تَجَنَّب عَنِ الكَهفِ لا تَأتِهِ / وَإِن راقَ رَوشَنُهُ وَالعَلالي
فَثَمَّ مَصايِبُ لا تُتَّقى / لُزومُ الصَلاةِ وَقَصُّ السِبالِ
لَيلٌ بِأَوَّلِ يَومِ الحَشرِ مُتَّصِلُ
لَيلٌ بِأَوَّلِ يَومِ الحَشرِ مُتَّصِلُ / وَمُقلَةٌ أَبداً إِنسانُها خَضِلُ
وَهَل أُلامُ وَقَد لاقَيتُ داهِيَةً / يَنهَدُّ لَو حَمَلَتها بَعضها الجبُلُ
ثَوى المِصَكُّ الَّذي قَد كُنتُ آملُهُ / عَوناً وَخُيِّبَ فيهِ ذلِكَ الأَمَلُ
لا تَبعُدَن تُربَةٌ ضَمَّت شَمائِلَهُ / وَلا عَدا جانِبَيها العارِضُ الهَطِلُ
لَقَد حَوَت غَيرَ مِكسالٍ وَلا رَعِشٍ / إِن قَيَّدَ القُودَ مِن دونِ السُرى الكَسلُ
قَد كانَ إِن سابَقَتهُ الريحُ غادِرَها / كَأَنَّ أَخمَصَها بِالشَوكِ يَنتَعِلُ
لا عاجِزاً عِندَ حَملِ المُثقِلاتِ وَلا / يَمشي الهُوَينى كَما يَمشي الوَجى الوَجِلُ
مُكَمَّلُ الخَلقِ رَحبُ الصَدرِ مُنتَفِخُ ال / جَنبَينِ لا ضامِرٌ طاوٍ وَلا سَغِلُ
يَطوي عَلى ظَمَأٍ خمساً أَضالِعَهُ / في بيضةِ الصَيفِ وَالرَمضاءُ تَشتَعِلُ
وَيَقطَعُ المُقفِراتِ الموحِشاتِ إِذا / عَن قَطعِها كَلَّتِ المَهرِيَّةُ البُزُلُ
فَفي الأَباطِحِ هَيقٌ راعَهُ قَنَصٌ / وَفي الجِبالِ المُنيفاتِ الذُرى وَعِلُ
يُرَجّعُ النَهقَ مَقروناً وَيُطرِبُني / لَحناً كَما يُطرَبُ المَزمومُ وَالرَمَلُ
لَو كانَ يُفدى بِمالٍ ما ضَنَنتُ بِهِ / وَلَم تُصَن دونَهُ خَيلٌ وَلا خَوَلُ
لكِنَّها خُطَّةٌ لا بُدَّ يَبلُغُها / هَذا الوَرى كُلُّ مَخلوقٍ لَهُ أَجَلُ
وَإِنَّ لي بِنِظامِ الدينِ تَعزِيَةً / عَنهُ وَفي النَجبِ مِن أَبنائِهِ بَدَلُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025